ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الثلاثاء,
20 أبريل 2010 حازم
صاغيّة الحياة كرّست
مجلة «إيكونوميست» البريطانيّة
تقريراً خاصّاً لما سمته
الإبداع والتجديد، أعطته عنوان
«العالم ينقلب رأساً على عقب».
أمّا الانقلاب الذي قصدته فهو
صعود الدول والاقتصادات
الناشئة في الصين والهند
والبرازيل والذي كثر تناوله في
الآونة الأخيرة، في موازاة
الأزمة التي ضربت الاقتصاد
العالميّ. وأمّا
الموديل الذي اعتبرت المجلّة
البريطانيّة أنّه يشهد التعميم
اليوم فهو الموديل اليابانيّ
القائم على التجديد في مجال
البيزنس. فالمسيرة التي بدأها
في الخمسينات ذاك البلد المهزوم
والمحتلّ في الحرب العالميّة
الثانية، والمضروب بقنبلتين
نوويّتين، أثمرت في 1980: عامذاك
ذُهل صانعو السيّارات
الأميركيّة لاكتشافهم أنّ
زملاءهم اليابانيّين سبقوهم،
وأنّ السبق هذا امتدّ إلى السوق
الأميركيّة نفسها. وإذ
يُلاحَظ اليوم كيف تتنامى حصّة
الصينيّين والهنود والروس
والبرازيليّين في رأس المال
المعولم وشركاته، يُلاحَظ
أيضاً تزايد استثمارات الدول
المتقدّمة في أسواق البلدان
الناشئة. ففي هذه الأخيرة،
تتوافر أسواق احتياطيّة أكبر
بلا قياس ممّا في الولايات
المتّحدة وأوروبا الغربيّة،
تبعاً للفارق في أعداد السكّان.
ثمّ إنّ الصين والهند تخرّجان
سنويّاً ثمانية ملايين خرّيج،
أي أربعة أضعاف النسبة الصينيّة
في العقد السابق وثلاثة أضعاف
النسبة الهنديّة. وإلى هذا
تتّسم النظرة السائدة في تلك
المجتمعات بتفاؤل إجماليّ يسير
في خطّ تدرّجيّ: اليوم أفضل من
الأمس، وغداً سيكون أفضل من
اليوم، والذين سينضمّون إلى
الطبقة الوسطى سيزداد عددهم،
والفقراء ستتراجع نسبتهم. وهذا
لا يعني، بطبيعة الحال، أنّ تلك
البلدان حلّت في قلب المستقبل
وتحوّلت فراديس خلاص. ذاك أنّ
مشكلات ضخمة لا تني تحفّ
بصعودها. فهناك، كأمثلة غير
حصريّة، مسألة البيئة وضبط
التلوّث، ومسألة الملكيّة
والقرصنة، وفي حال الصين
خصوصاً، وجزئيّاً روسيا، مسألة
القانون وتحكيمه المجرّد في
الاجتماع والسياسة. وطبعاً
ودائماً، مسألة التصدّي
للفوارق الاجتماعيّة والحدّ،
ما أمكن، منها. وهي
مشاكل ليست بسيطة بحال، فضلاً
عن اكتسابها أبعاداً عالميّة
صارخة. إلاّ أنّها مشاكل نموّ
تنمو في موازاتها احتمالات
حلولها، كما تتطوّر القدرات،
الانسانيّة كما التقنيّة، على
مواجهتها، تمهيداً لتذليلها. ويُستخلص
من هذا جميعاً أنّ العولمة التي
غالباً ما توصف بالغربيّة،
وبالأميركيّة، كما تُنسب إليها
صفات شيطانيّة، باتت بالقدر
ذاته صينيّة وهنديّة
وبرازيليّة وغير ذلك. والسؤال
المركزيّ هنا لا يطاول العولمة
بقدر ما يطاول طرق استقبالها
والتعامل معها: هل هي
فرصة للإقلاع الاقتصاديّ أم سبب
للتعرّي من الاقتصاد
والرساميل؟، وهل
هناك جهاز دولة متماسك يستفيد
منها أم أن الحروب الأهليّة
والنزاعات الإثنيّة والتوتّرات
على أصنافها حائل دون نشأة
الدولة؟، وهل
ثمّة حرّيّة، أقلّه (كما في حالة
الصين)، في مجال الإبداع
التقنيّ، أم أنّ المسبقات
والمقدّسات تحاصر مساحات
التفكير الحرّ؟، وأخيراً،
هل الشعوب المعنيّة بالأمر
سعيدة بعيشها في هذا العالم،
متفائلة به، أم أنّ التعاسة
تستولي عليها فتتواطأ مع
أزماتها بأن تؤبّدها، ويكون
التذمّر والشكوى شكلها الوحيد
في «الاستفادة» من العولمة؟ وهذه
لم تصبح أسئلة عربيّة لأسباب
وذرائع شتّى يتصدّرها أنّنا
مهمومون، وغيرنا لا يعاني ما
نعانيه. أمّا إطعام مئات
الملايين في الصين والهند
والبرازيل وروسيا، ومجاورة بعض
هذه البلدان لكوريا الشماليّة،
عطفاً على مشاكل التيبت وكشمير
والشيشان وتنظيم تعدّد ثقافيّ
ولغويّ ودينيّ لا حصر له...، فهذا
كلّه، وبالطبع، ممّا لا يستحقّ
الذكر قياساً بتحرير مزارع شبعا
وإنهاء الحصار على غزّة ونصرة
إيران في مشروعها النوويّ!. ===================== نضوج
الوعي الديموقراطي في العالم
العربي الاربعاء,
21 أبريل 2010 خليل
العناني * الحياة يخطئ
من يقلل من شأن الطلب المتزايد
على الديموقراطية في العالم
العربي حالياً، أو من يستخف بما
يحمله في طيّاته من شعور متراكم
بالغبن السياسي والرغبة في
إزالة هذا الغبن وإنجاز التغيير
ولو على الطريقة التايلاندية أو
القرغيزية كما حدث أخيراً. كذلك
يخطئ من يؤمن بنظرية «الاستثناء»
العربي من الديموقراطية، تلك
التي ترى المواطن العربي إما
مجرد «تابع» بالفطرة، أو منقاد
بالسليقة، وكأنها باتت من
المسلمات التي لا تقبل الشك. فقد
بدأت الموجة الأولى للتحول
الديموقراطي أو ما يطلق عليه Democratization في أواخر القرن
الثامن عشر وأوائل القرن التاسع
عشر، وقد شملت فرنسا وما لبثت أن
لحقتها الولايات المتحدة،
وتبعتهما بعض الدول الأوروبية
التي عرفت للمرة الأولى الأحزاب
السياسية كما هي الحال في
هولندا والدنمارك. ومع
بداية القرن العشرين بدأت
الموجة الثانية من التحول
باتجاه الديموقراطية واحترام
حقوق الإنسان، فوضعت فنلندا أول
دستور لها يحترم مبادئ المواطنة
والمساواة عام 1906، وانتقلت
روسيا باتجاه نوع من
الديموقراطية الليبرالية تحت
حكم ألكسندر كرينسكي قبل أن
يستولي لينين على السلطة ويعلن
ثورته البلشفية عام 1917. وبعد
الحرب العالمية الثانية تمت
إزالة أسوأ نماذج الحكم السلطوي
في العصر الحديث ممثلاً بنهاية
الفاشية والنازية وانضواء كل من
ألمانيا وإيطاليا ومعهما
اليابان تحت نوع من الحكم
الديموقراطي الذي أنتج حكومات
تمثيلية يمكن محاسبتها شعبياً.
وهبّت الموجة الثالثة من
الديموقراطية منتصف السبعينات،
على نحو ما أصّل لها المفكر
الأميركي الراحل صمويل
هنتغنتون، وكان يشير من خلالها
إلى عمليات التحول الديموقراطي
التي جرت في بقية بلدان غرب
أوروبا مثل اسبانيا والبرتغال.
وهي مرحلة امتدت إلى منتصف
الثمانينات كي تشمل بعضاً من
دول أميركا اللاتينية، كما حدث
في البرازيل والأرجنتين
والمكسيك. في حين جاءت الموجة
الرابعة من التحول الديموقراطي
أوائل التسعينات بعد سقوط
الاتحاد السوفياتي السابق
وتفكك الكتلة الشرقية، كما حدث
في تشيكوسلوفاكيا وبولندا
ورومانيا والمجر وتحول كثير
منها باتجاه الديموقراطية. في
جميع الحالات السابقة لم يكن
لأحد أن يتنبأ بإمكانية حدوث
تحول ديموقراطي مفاجئ، أو أن
تسقط أعمدة هذه الأنظمة
السلطوية غير مأسوف عليها. صحيح
أن ثمة متطلبات نظرية (أو شروط
بحسب البعض) تقتضي نضوج الحالة
السياسية من أجل حدوث التحول (مثل
نضوج المعارضة، وزيادة الوعي
لدى الطبقة الوسطى، وتنامي
الكتلة الحرجة، وتشكيل
ائتلافات سياسية صلبة .. إلخ)،
بيد أن الصحيح أيضاً هو أن
الخبرة العربية لم تعترف يوماً
بنواميس أو نظريات يمكنها تفسير
الكثير مما يجري على ساحتها
الداخلية والخارجية. (هل يفسر
لنا أحد لماذا طالبت الجماهير
العربية ببقاء عبد الناصر على
رغم نكسة 1967؟ وكيف يمكن تفسير
الانقسام العربي إزاء الغزو
العراقي للكويت عام 1990؟ ومن
لديه القدرة على تفسير تقلبات
وتحولات وليد جنبلاط الأخيرة؟
ولماذا لم يهاجم بن لادن
إسرائيل حتى الآن؟). بالمثل كيف
نفسر حالة الذعر التي أصابت
الحكومة المصرية من حفنة شباب
خرجوا في تظاهرة سياسية؟ ومن
يفسر لنا تفتت وانقسام قوى
المعارضة المصرية على رغم تشابه
أهدافها وطموحاتها؟ الآن
ثمة مدرستان لتفسير الحيوية
السياسية الطارئة على الشارع
العربي، إحداهما تبشيرية
والأخرى تنفيرية. الأولى تقول
باكتمال ونضوج شروط التغيير (الفشل
البيروقراطي والقمع السياسي
وهتك الحقوق، والعوز الاجتماعي)
وتعوّل على الأداة التكنولوجية
فى نشر ثقافة الاحتجاج وتوتير
المناخ العام أو بالأحرى تعمل
على إنضاج الشرط المجتمعي لنجاح
التحول الديموقراطي. لكنها في
النهاية تحيل قرار التغيير إلى
إرادة «فوقية» أو رغبة «سامية»
بإنجاز التغيير، وذلك حقناً
للدماء (الثورة الحمراء)
وحفاظاً على الاستقرار الذي
سيكون حتماً هو الثمن المقابل
للتغيير، أي العودة الى المربع
الأول وإبقاء الحال على ما هو
عليه بانتظار ما قد «يمنحه»
القائد لشعبه. أما
المدرسة الثانية فترى أن ما
يحدث حالياً في الشارع العربي
ما هو إلا مجرد «فضفضة» وتنفيس
معنوي للفئات الغاضبة، ما يعني
عدم وجود أرضية صلبة لأي تغيير
حقيقي. ويرى أصحابها أن وجود
الطبقة الوسطى ليس شرطاً لتحقيق
الديموقراطية الموعودة، ليس
فقط بسبب قدرة الأنظمة العربية
على احتواء هذه الطبقة (سواء من
خلال رشوتها مادياً وخدماتياً
أو إنهاكها وظيفياً)، وإنما
أيضاً بسبب «انحطاط» أخلاق هذه
الطبقة وفقدان الأمل في قيادتها
للتغيير. وهي مدرسة اعتذارية في
طرحها، تقليدية في مفهومها
للتغيير، فهي من جهة تخلط بين
الأسباب والنتائج و «تعلّق
الجرس» في رقبة الطبقة الوسطى،
من دون مساءلة الأنظمة والنخب
الحاكمة عما آلت إليه حال هذه
الطبقة وغيرها من الطبقات. وهي
من جهة ثانية، تدور في نفس الفلك
التقليدي بافتراض أن مناط
التغيير وأداته الوحيدة هي
الطبقة الوسطى (هذا المفهوم فقد
معناه ووظيفته من فرط استخدامه
من دون إحكام، ولا يتسع خيالها
كي يشمل طبقات ومؤسسات أخرى قد
يكون لها دورها في قيادة
التغيير (تجارب البرتغال
وإسبانيا والبرازيل والأرجنتين
تكشف دور الجيش والكنيسة
والانتلجنسيا). وكلا
المدرستين وقعتا في مصيدة «الحتمية
التاريخية»، فإما تغيير فوقي
يقي بلادنا شرور الفتنة والفوضى
بسبب إرثنا الطائفي والعرقي
الثقيل، وإما جمود وقعود عن
التغيير بحجة الاستثناء «التاريخي»
للعرب من التجربة الديموقراطية.
في حين أن الواقع يشي بغير ذلك،
فما يحدث حالياً في أكثر من بلد
عربي هو أكبر من مجرد احتجاجات «مطلبية»
طارئة، وأقل من ثورة تنتظر
الانفجار. وبالأحرى هو صراع
وكفاح بين طرفين متناقضين (الحكم
والمعارضة الجديدة) من أجل
السيطرة على الفضاء الاجتماعي
والسياسي والإعلامي. وهو صراعٌ
يطرح قواعد غير مألوفة للعبة،
ويستند إلى أدوات متغيّرة
بطبيعتها، يحاول من خلالها كلا
الطرفين مفاجأة الطرف الآخر
بضربات جديدة. هذا
الواقع الجديد يمكن تلخيصه في
ثلاث كلمات هي: (نضوج الوعي
الديموقراطي) لدى المعارضات
العربية الجديدة (الكتلة التي
ظلت صامتة لعقود). فإذا تصورنا
أن الطريق إلى الديموقراطية يمر
عبر أربعة مراحل أساسية، أولها
الإحساس بكلفة الاستبداد
سياسياً واقتصادياً وحقوقياً،
وثانيها ظهور الرغبة في مقاومة
مظاهر ورموز هذا الاستبداد،
وثالثها التحرك باتجاه إنهاء
الاستبداد، ورابعها إقامة نظام
ديموقراطي، فإن «الوعي
الديموقراطي» يصبح بمثابة «الحصان»
الذي يجرّ «عربة» الديموقراطية
من مرحلة إلى أخرى أو بالأحرى «الصمغ»
الذي يربطها جميعاً. وما
نقصده بالوعي الديموقراطي
أمران، أولهما إدراك العقل
العربي «المعارِض» لآنية
وحيوية لحظة التغيير، وثانيهما
الإصرار على دفع كلفة هذا
التغيير مهما كان ثمنها. وهو ما
يدفع «طلائع» المعارضة العربية
حالياً إلى إبداع طرق ووسائل
جديدة من أجل التعاطي مع عمليات
المنع والقمع التقليدية التي
تمارسها الأجهزة الأمنية
العربية. ويمكننا
تلخيص أهم ملامح نضوج الوعي
الديموقراطي العربي في أربع
نقاط رئيسية، أولها زيادة الطلب
على منظومة الحريات الأساسية
كحرية التعبير وحرية التجمع
وحرية التظاهر وحرية العمل
السياسي. والمثير هنا أن هذا
المطلب لم يعد مطلباً نخبوياً،
وإنما بات أشبه بثقافة تنتقل من
فئة إلى أخرى ومن طبقة إلى
غيرها، كما لو أنه «بقعة زيت»
تنتشر تدريجياً عبر وسائل
الإعلام ومن خلال الشبكة
العنكبوتية. ثانيها،
الانخراط الثقيل للانتلجنسيا
العربية في عملية التغيير،
ودخول رموز فكرية وثقافية ظلت
لفترة طويلة على الحياد، إلى
ساحة النضال السياسي. بدأها فى
مصر الراحلان عبد الوهاب
المسيري ومحمد السيد سعيد
ويكملها الآن محمد البرادعي
وأسامة الغزالي حرب وحسن نافعة
وغيرهم. واللافت أن هؤلاء
جميعاً دخلوا المعترك السياسي
من الباب «الشعبي» وليس عبر
الأحزاب التقليدية، فضلاً عن
إصرارهم على إكمال «مشوار»
التغيير مهما كان الثمن. النقطة
الثالثة، زيادة المناعة
الاحتجاجية لدى شباب المعارضة
الجديدة، وتراجع ثقافة «الخوف
والرهبة» من السلطة تدريجياً،
وهي مناعة تزداد تجذّراً كلما
زادت درجة القمع وليس العكس.
وهنا لم تسقط وظيفة «الردع»
لعنف الدولة فحسب، وإنما أيضاً
بات اللجوء إليه أشبه بمغامرة
باهظة الثمن. وما تشهده مصر
حالياً يشي بإمكانية حدوث ذلك،
وسيكون خطأ تاريخياً إذا لجأت
الحكومة المصرية الى إطلاق
الرصاص الحيّ على المعارضين على
نحو ما طالب به بعض نواب الحزب
الحاكم قبل أيام، فهذا ما يريده
المعارضون من أجل إشعال ثورتهم
المكتومة. النقطة
الرابعة، وهي الأهم، هي تلك
المسافة الفاصلة بين حركات
المعارضة العربية والدعم
الخارجي من اجل تحقيق
الديموقراطية. وأهمية ذلك ليس
فقط إسقاط أية دعاوى أو اتهامات
بالعمالة والتآمر مع الخارج على
نحو ما جرت العادة، وإنما
بالأساس في إدراك المعارضة
العربية أن مسألة التغيير هي
واجب وطني محض يجب القيام به من
دون التعويل على الدعم الخارجي.
ومن حسن حظ المعارضة المصرية أن
الرئيس الأميركي باراك أوباما
قرر قبل يومين خفض المعونة
المخصصة لدعم برامج
الديموقراطية والمجتمع المدني
لهذا العام. لا
توجد حتمية تاريخية في مسار
الديموقراطية العربية، ولم يعد
ممكناً، ولا مقبولاً، أن يتم
قمع وكبت موجات الغضب المتصاعدة
في الشارع العربي، وعند نقطة
معينة سينقطع الحبل المشدود بين
طرفي الأزمة، وحينها لن يكون
بمقدور الأنظمة السلطوية إعادة
العجلة إلى الوراء. *
أكاديمي مصري - جامعة دورهام،
بريطانيا. ===================== آخر
تحديث:الأربعاء ,21/04/2010 ميشيل
كيلو الخليج لأسباب
كثيرة، اتهم المثقفون، خلال
تاريخ أوروبا الحديث،
بالزئبقية والتذبذب بين
الطبقات الاجتماعية ومواقفها
وأيديولوجياتها ومصالحها . قال
نقاد المثقفين إن هؤلاء لا
يمثلون طبقة اجتماعية ثابتة ولا
ينتسبون إلى أحد قطبي المجتمع
الحديث: قوى رأس المال من جانب،
والعمل من جانب آخر، لذلك تراهم
وسطيين يتأرجحون بلا توقف بين
هذين الطرفين المتصارعين، دون
أن يثبتوا، في الغالب، على رأي
أو موقف، أو يحددوا سمتاً
واضحاً لحركتهم، فهم قريبون من
العمال هنا، ومن رأس المال
هناك، وهم يبتعدون عن الاثنين
وينعزلون دونما سبب واضح عن
الصراع الاجتماعي والفكري، أو
يخوضون صراعات مزيفة مفتعلة هي
بديل ما كان عليهم فعله، لو
كانوا من أصحاب الانتماء الطبقي
الواضح . هذا
الرأي أدى إلى نتيجتين مهمتين،
فقد تعاملت الحركات العمالية مع
المثقفين بالنبذ والاحتقار،
ورفضت ضمهم إلى صفوفها كتكوين
مجتمعي مستقل نسبيا، حتى غدا
لقب المثقف شتيمة، وصارت
الثقافة مذمومة، وانتشر قبول
واسع لضرورة إخضاع الفكر
والمعرفة (أي الثقافة) لضرورات
التكتيك السياسي، ووضع المثقف
تحت سلطان الكادر الحزبي، بحجة
أنه ليس للثقافة هوية طبقية
ثورية، وأنها تضلل العمال وتنشر
أيديولوجيا ضارة في صفوفهم،
تبلبلهم وتشوش عواطفهم
وأفكارهم، فلا مفر من نبذها
والقضاء عليها . بنبذ
المثقفين، انحطت قيمة الثقافة
وانحدر دورها في حياة المجتمع
وعلاقات أطرافه بعضها ببعض،
وحدث تقسيم عمل محدد جعلها في
جانب، والعمال بما هم قوة
مجتمعية صاعدة في جانب مقابل،
وهذا أدى إلى إبعاد الثقافة عن
قطاعات الشعب الواسعة، ووضعها،
من دون رغبة من المثقفين وضد
إرادتهم غالبا، في صف من
اعتبروا أعداءها من قوى
برجوازية ورجعية ومحافظة . في
أجواء كهذه، كان من السهل أن
تنتشر أسطورة “خيانات المثقفين”،
وأن يروج الحديث عن المثقفين
كخونة للقوى العاملة والمحرومة
من الشعب، وأن تصير الثقافة
مسبة وتهمة، ويظهر من يمجد
العفوية على حساب الوعي، ويرى
في الأولى فطرة إنسانية سليمة
تدفع إلى موقف طبقي صحيح،
والثانية تشويها يضلل من يبتلى
به . كما وضع الالتزام في مرتبة
أعلى بكثير من مرتبة حرية
الفكر، التي اعتبرت ضربا من مرض
برجوازي غير إنساني . وعلى
الرغم من أن قيادات الحركة
العمالية الأوروبية كانوا في
معظمهم من الطبقة الوسطى
ومثقفين، فإن أحدا لم يفكر
بتغيير نظرته إلى حملة الثقافة،
وقيل في تبرير هذه المفارقة إن
من انضموا إلى الحركة العمالية
حددوا مواقفهم وانتماءاتهم
وأيديولوجيتهم كعمال، ولم
يعودوا مثقفين، فلا بد من
التعامل معهم بصفتهم الجديدة
كعمال . بذلك تحول رأسمالي مثل
فريدريك إنجلز، صديق ماركس، إلى
عامل، وصار لينين بدوره عاملا
بالاختيار . تلك كانت حقبة تقديس
العامل وتخوين المثقف، الذي ليس
له ما يمكن أن ينجيه غير تغيير
جلده والانتساب إلى العمال
والدخول في فردوسهم . لم يكن
مؤسس ما سمي في ما بعد “الاشتراكية
العلمية” عاملين، بل كانا من
أبرز مثقفي عصرهما وربما
التاريخ، ومع ذلك، فقد تم تخوين
المثقفين وإخراجهم من ملكوت
التقدم والثورة باسم نظريتهما،
التي قيل إنها ترتقي بمعتنقها
إلى مستوى من وعي الواقع يضعه
خارج وفوق شرطه الذاتي
والموضوعي، يقيه التحول من عامل
إلى مثقف، ويجعل منه كادرا، أي
تقني ثورات وحركات اجتماعية،
يختلف عن المثقف اختلاف الأرض
عن السماء . هذه مفارقة عاشت إلى
أمس قريب، شهد مهازل مبدئية
أوهمت العمال والفلاحين وبقية
صنوف الكادحين أن جهلهم خير من
ثقافة المثقف، لأنه لا يحول
بينهم وبين الإسهام المباشر في
معرفة الواقع وتغيير مسار
التاريخ، بينما المثقف تائه
محتار، انتهازي يتربص بحركة
الواقع كي يحدد موقفه منها، بعد
أن تكون قد اكتملت، فيسارع إلى
الانخراط فيها، ويغير جلده في
الوقت المناسب، وينقلب، قبل
فوات الأوان، إلى كادر يجمع بين
الثقافة والعمل الميداني،
ويعرف كيف يحول الرأي إلى قوة
مادية، عبر ربطه بالجماهير
ووضعه في خدمتها . تغيرت
النظرة إلى المثقف، مع تبدل
استراتيجيات الثورة والصراع في
المجتمعات المتقدمة والحديثة،
والقول بإمكانية الانتقال
السلمي إلى الاشتراكية، منذ
منتصف الخمسينات من القرن
الماضي، وفشل الثورات
الاشتراكية والأحزاب الشيوعية
في الغرب، وتهافت الاعتقاد بصحة
وصواب نظرية الطبقتين
المتواجهتين/ المتجابهتين حتما
في كل مجتمع، وحلول نظرية
الطبقات الثلاث محلها، التي
اعتبرت الفئات البينية لاعبا له
دور هائل في تقرير مصير الصراع
الاجتماعي، كما بينت تجربة
الفاشية في إيطاليا والنازية في
ألمانيا على سبيل المثال لا
الحصر، فلا بد من كسبها أو
تحييدها عبر كسب أو تحييد
مثقفيها، أو ضمهم إلى الحركة
العمالية، حتى لا يذهبوا في
الاتجاه الآخر ويصيروا ضدها، هي
التي كانت انقساماتها قد
أضعفتها وأجبرتها على البحث عن
حلفاء يعززون مواقعها . مع القول
بإمكانية الانتقال السلمي إلى
الاشتراكية، وتزايد انتقاد
السياسات العمالية على يد مثقفي
العمال العضويين أنفسهم (جرامشي
مثلا)، اقتربت الحركة العمالية
من المثقفين، وأخذت ترى فيهم “إنتلجنسيا”
تقدمية، إن انحازت إلى العمال
مكنتهم من تعويض بعض ضعفهم
واختراق الخصم بالأسلحة
الثقافية / المعرفية، التي
لطالما أتقن استخدامها ضدهم . سقطت
التحفظات ضد المثقفين مع تعاظم
الثورة العلمية / التقنية،
واتضاح دور الفكر في كشف أسرار
الواقع، وتخلص الرأسمالية من
بعض جوانب أزمتها وتجديد نفسها،
وتعثر تجربة الاشتراكية
السوفييتية وافتضاح أمر الطرق
التي سحقت بواسطتها المثقفين،
وانتصار ثورة العالم الثالث على
الاستعمار الغربي، الذي لعب
المثقفون الدور الأول فيه . . .
أخيرا، مع الانتباه الفائق
والاهتمام الاستثنائي، الذي
أولته الدول الغربية المتقدمة
للثقافة والمثقفين، وترجم نفسه
في عشرات آلاف المؤلفات والكتب
والدراسات عنهم أو بأقلامهم،
استعاد المثقفون مكانتهم
تدريجيا، ووسعوا دائرة حضورهم
ونفوذهم، وأصبحوا ضربا من فرسان
يخوضون معارك نبيلة بالنيابة
عن، وباسم، جيش من المقاتلين لم
يتم بعد تجهيزه وتدريبه للنزال
الأخير، ويعدون العقول والنفوس
لتحقيق الانتصار العملي، الذي
سيلي انتصارهم النظري، فهم إذن
جزء طليعي من الثورة، يرتبط
نجاحها بنجاحه، ما دامت تتكون
من طور أول هم محاربوه، أسلحته
ثقافية أساساً، يستخدمها
المثقف بكل عزيمة ومضاء، ليدك
حصون العدو الأيديولوجية
والفكرية بمعاولها، يليه طور
ثان ستكمل الطبقة العاملة خلاله
مهمة المثقف، بالاستيلاء على
السلطة وإنجاز الانقلاب الحاسم
. في هذا الطور أيضا، يلعب
المثقفون دورا لا يقل أهمية عن
دورهم في الطور الأول، فهم من
يقود الحركة في طوري الثورة،
وعليهم يتوقف الاستيلاء على
الحكم واستمرار ونجاح الثورة . انقلبت
النظرة إلى المثقفين من النقيض
إلى النقيض، وتحول المثقف من
خائن ذميم إلى مناضل ثوري هو
رافعة العمل السياسي والنضالي
والفكري، تتوقف على نشاطه
التبشيري والتوعوي أقدار
المجتمعات والدول، فهو الفاعل
الرئيس في الشأن العام، وصاحب
المشروع الثوري وحامله في
طوريه، ومنتج الفكر الضروري
للانتصار، الذي يتوقف عليه كل
أمر آخر . باكتشاف
المثقف والاعتراف بدوره، صار
صاحب الكلمة خصم النظم، وخاصة
المستبدة منها، والمدافع عن
حقوق الشعب، وداعية المجتمع
المدني، فأقلعت الطبقات
الشعبية عن الحديث حول “خياناته”،
بينما تبنت النظم الخطاب
العمالي السابق، وأخذت تحرض
الشعب عليه، لعلمها أن تغلغل
الثقافة والفكر إلى رؤوس
المواطنين يحولهم قولا وفعلا
إلى قوة مادية يصعب قهرها . لم
يعد المثقف خائنا بل صار
بالأحرى محررا . هل
يقوم المثقف العربي بهذا الدور،
كي يخرج العرب من مأساتهم
الراهنة؟ هذا هو السؤال، الذي
ستقرر الإجابة عليه أشياء كثيرة
. ===================== واشنطن
بوست ترجمة الأربعاء
21-4-2010م ترجمة:
حكمت فاكه الثورة بالرغم
من التطور التكنولوجي الهائل
الذي شهده المجال العسكري،
والأسلحة الفتاكة التي دخلت
الساحة الميدانية، ولاسيما في
العراق وأفغانستان وفلسطين
المحتلة، مازالت
العوامل النفسية ذاتها تتحكم في
النفس البشرية وتساهم إلى حد
كبير في تحديد أنماط سلوكها
وأحياناً تؤثر عليها سلباً،
فمشاعر الخوف والرعب التي
يعانيها الجنود مازالت هي نفسها
لم تخفف منها الآليات المتطورة
التي باعدت بين الجندي وخصمه في
ساحة المعركة، لتبقى الصدمات
نفسها قاسماً مشتركاً بين حروب
الأمس التي كانت تخاض بوسائل
تقليدية وبين حروب اليوم التي
يتم فيها قذف القنابل والصواريخ
على بعد آلاف الأميال. هذا
ماتتحدث عنه الكاتبة الأميركية
نانسي شيرمان في مقال نشرته
صحيفة الواشنطن بوست الأميركية
من خلال عملها الميداني كمحللة
نفسية مع الجنود العائدين من
ساحات القتال، حيث استمعت
لقصصهم وحاولت ترميم ماخربته
صور الحرب المرعبة وإصلاح
الأعطاب النفسية الناتجة عن
أعمال العنف والقتل غير المبررة.
فبين تأنيب الضمير بسبب
التجاوزات التي ارتكبتها
وترتكبها الجيوش في العراق،
وأفغانستان وفلسطين وفي أي مكان
آخر في العالم يتواجدون فيه،
وبين عمليات القتل المرعبة التي
يتعرض لها زملاؤهم والضغوط
النفسية الناتجة عن الإنهاك
الجسدي، تغوص الكاتبة داخل
نفسيات الجنود مسلطة الضوء على
الكاتبة داخل نفسيات الجنود في
عقول الجنود وتؤثر على حياتهم
المستقبلية. والغريب
كما تقول شيرمان التي خبرت
التعامل مع الجنود كمعالجة
نفسية،: إن مظاهر الرجولة التي
يحاول الجنود عادة إسباغها على
العمليات القتالية، غالباً ما
تخفي شعوراً مريراً بالخوف من
الموت ورغبة جامحة للحفاظ على
الذات تتجسد في حالات عدم
الانضباط وعصيان الأوامر عندما
يفوق الخطر طاقة الجنود. ومن
الحالات النفسية المعروفة لدى
العسكريين الذين ينخرطون في
معارك قاسية، تعرضهم لشلل تام
يعوق تحركهم، أو دخولهم في
نوبات هستيرية تخرج عن السيطرة.
لكن
الكاتبة شيرمان لاتقتصر في
أسلوبها على معطيات علم النفس،
بل تتعداها إلى الفلسفة لأن
الفلسفة حسب الكاتبة توفر
الإطار المثالي لتأويل شهادة
الجنود القادمين من ساحات
القتال بفضل قدرتها على إبراز
التناقضات وصياغة المفاهيم
والخروج بخلاصات منظمة ومنطقية
لما يبدو في الوهلة الأولى
مجالاً خارج النظام وغير قابل
للتفسير، كما تحيل إلى ذلك
شهادات الجنود المتشظية
والمستعصية على التحليل، وتقول:إن
الأفكار التي وضعها الفلاسفة
بدءاً من أفلاطون وأرسطو وليس
انتهاء بنيتشه تساعد المحلل في
تتبع قصص الجنود المريرة ووضعها
ضمن سياق التجربة الإنسانية في
أعنف حالاتها الوجودية وأكثرها
كثافة. فلحظة
الحرب لاتشبه في قسوتها لحظات
الحياة الأخرى، رغم الصعوبات
والآلام التي تطفح بها تجربة
الإنسان العادي وهو يعيش حياته
اليومية والمشكلات الكبرى التي
قد تعترضه، لذلك تبقى لحظة
الحرب الأكثر تفرداً في التجربة
الإنسانية عامة، وفيها تبرز
الغرائز البدائية التي تصفها
الكاتبة وتسعى لردها إلى
الأفكار الكبرى في محاولة
لتأصيلها فلسفياً، ليست
بالضرورة سلبية، سواء تعلق
الأمر بمفهوم إرادة القوة عند
نيتشه وبروز شخصية الفرد كفاعل
ومحرك لمصيره، أم تعلق الأمر ب
هيغل المؤمن بالتاريخ وحركة
الأمة. فالحرب
قادرة على إبراز أسوأ ما في
النفس البشرية، كما هي قادرة
على إظهار أحسن مافيها، فالجندي
الذي لايتردد في ممارسة القتل
ويتصرف بأنانية وجبن أحياناً
كان يفر من الجبهة، أو يمتنع عن
تنفيذ الأوامر، هو نفسه الذي قد
يرمي بنفسه في طريق الخطر ويضحي
بحياته من أجل زملائه. وللتأكيد
على واقعية ماتقوله الكاتبة،
تورد نماذج لبعض الجنود
العائدين من ساحات القتال
والذين التقت بهم خلال مسيرتها
مثل لاعب كرة السلة (دون
هالفاكير) الذي ذهب إلى الحرب في
العراق بعد تخرجه من أكاديمية
ويست بوينت العسكرية ليعود وقد
فقد أحد ذراعيه أو (بوب سيتك )
الذي عاد من حرب فيتنام ولم
يستطع التخلص من شعوره بالعار
ليظل ملازماً له طوال حياته. ومن
خلال استحضارها لشهادات الجنود
العائدين من ساحات القتال
والكشف عن وضعهم المرتبك، تسعى
شيرمان إلى أنسنة الجندي
بإبعاده عن الصورة المثالية
التي تصر عليها بعض الدول
والمؤسسات العسكرية، وفي الوقت
نفسه تخليصه من صورة القاتل
المحترف الذي يمارس القتل
بتفويض من بعض الدول أو بعض
المؤسسات العسكرية التي لها
أغراضها وأهدافها الخاصة. ===================== اضاءات الاثنين
19-4-2010م خلف
علي المفتاح الثورة على
الرغم من كل الدعوات والندوات
التي عقدت تحت عنوان حوار
الحضارات بهدف التقريب بين
الشعوب والأمم ومحاربة كل أشكال
التطرف والعنصرية وكراهية
الآخر، والدور الكبير لوسائل
الإعلام في نشر ثقافة التسامح
والمحبة ومد
جسور التعاون بين الشعوب، إلا
أن ما تتناقله وسائل الإعلام في
بعض الدول الغربية لا يبشر
بالخير ويترك انطباعاً أن
الحوارات التي تتم والندوات
التي تعقد في أكثر من مكان حول
الموضوع المشار إليه لاتتجاوز
آذان وعقول المتحاورين، وأن ما
يجري في الواقع هو عكس ذلك وهذا
يعني أن خطابات التسامح ما زالت
نخبوية ولم تصل الى القاعدة
الشعبية وأوساط الرأي العام
وأصحاب القرار لتشكل ثقافة
جديدة تؤسس لعالم خالٍ من العنف
والكراهية، فقد نقلت وسائل
الإعلام أخباراً غير سارة قادمة
من الولايات المتحدة الأمريكية
مفادها أنه تم اعتقال مواطن
أمريكي من أصل سوري والتهمة
الوحيدة الموجهة له أنه ساعد
الغرقى والأطفال وبعض
الحيوانات أثناء الإعصار الذي
ضرب السواحل الأمريكية عام
2005. وتشير
الأنباء الواردة من أميركا أن
سكان المناطق المنكوبة من الذين
ساعدهم المواطن السوري الأصل قد
اتفقوا فيما بينهم على الاحتفاء
به وإقامة تمثال له ليكون
نموذجاً للتسامح والإنسانية
والتضحية، وفجأة وجد هذا الرجل
أن عدداً من رجال المباحث
الفيدرالية الأمريكية تبحث عنه
وتسوقه إلى زنزانة انفرادية
بتهمة أنه من رجال (القاعدة )
ودليلهم على ذلك أنه عربي الأصل
ويدين بالإسلام هو وزوجته
الأمريكية ولم يكن هدفه
إنسانياً وإنما بهدف الدعاية
للإسلام والقاعدة!! إن هذه
الحادثة تعيد للأذهان ما جرى
لشخص باكستاني يحمل جنسية
أمريكية وكان يعيش في نيويورك
فقد شاهد كلباً في إحدى الحدائق
يهجم على طفل صغير فرمى بنفسه
على الطفل ليخلصه من أذية الكلب
،وفجأة تقدم منه شخص وسأله عن
اسمه لينشر عنه خبراً في صحيفة
تصدر في نيويورك يعمل بها فرفض
الرجل ذلك فقال له الصحفي حسناً
سأكتب أن رجلاً أمريكياً من
نيويورك قد خلص طفلاً من كلب
مسعور مع نشر صورة لك ، فقال
الرجل أنا لست أمريكياً وإنما
باكستاني ،وفي اليوم الثاني نشر
الخبر في الصحيفة الأمريكية على
الشكل التالي «باكستاني يهاجم
كلباً في إحدى حدائق نيويورك
والشرطة الفيدرالية تشتبه أنه
من تنظيم القاعدة». هذان
المثالان يدلان دلالة أكيدة على
تجذر حالة العداء للعرب
والمسلمين عموماً في ثقافة
الغرب، ولاسيما الولايات
المتحدة الأمريكية، إلى درجة
أنها تكاد تصبح أقنومية ثنائية
تتحول مع الزمن إلى حالة
تصعيدية بالفعل ورد الفعل، حيث
يبقى السؤال والبشرية تعمل
وتخطط للعيش في قرن جديد يقوم
على روح جديدة توضّح كيف: ستكون
العلاقة بين الشرق والغرب ؟
أصدام هي أم تعاون؟ صراع حضارات
أم سباق حضاري يقوم على التعاون
والتناغم بين بني البشر؟ أسئلة
كثيرة على مفكري وساسة الغرب
الإجابة عنها؟! ===================== لماذا
استذكر أحدهم ما قاله عبد
الناصر قبل أكثر من 45 عاماً ؟ دلالات
سياسية ورسائل في حفل السفارة
السورية سمير
منصور النهار 21-4-2010 لم يكن
استقبالاً عادياً تقيمه سفارة
دولة عربية لمناسبة عيدها
الوطني. كان أكبر بكثير
بدلالاته السياسية، فهي المرة
الاولى في تاريخ العلاقات
اللبنانية – السورية يقام
الاحتفال بعيد الجلاء (جلاء
القوات الفرنسية عن سوريا عام
1946) بهذا الشكل الرسمي والمعبّر
بعدما ارتقت العلاقة اللبنانية
– السورية الى مستوى علاقة بين
دولتين، أو بعدما بدأت ترتقي
الى هذا المستوى في الشكل
والمضمون، بدءاً بالتفاهم على
قرار انشاء السفارتين وتبادل
السفراء. وللمرة الاولى لم يكن
الاحتفال في مناسبة وطنية سورية
في لبنان، على همة جماعة او حزب
او تنظيم او حتى جمعية تقيم
الاحتفال لتحصل على "برافو"
من "المعلم" في اطار تبادل
الخدمات! ولا
مبالغة في القول ان احتفال
السفارة السورية في لبنان
بالعيد الوطني السوري كان
حاشداً، وقد نافس في كثافته
الحضور الرسمي والسياسي
والاعلامي والحزبي من اقصى
اليمين الى اقصى اليسار، احتفال
السفارة الفرنسية في قصر
الصنوبر في ذكرى 14 تموز، او
احتفال السفارة الاميركية في
"عز" سطوتها. ولم
تكن اهمية الحشد في عدد الدعوات
التي وجهت بل في حجم تلبيتها.
وهو ان دلّ على شيء فعلى رغبة
لبنانية في افضل العلاقات، وعلى
تأكيد ان العلاقة بين لبنان
وسوريا يمكن، ويجب ان تكون،
اكثر من طبيعية واكبر بكثير من
حصرها في الامن والمخابرات، او
ان يعهد فيها حصراً الى العسكر،
وقد اثبتت هذه السياسة عقمها
منذ الانقلاب الذي قام به حسني
الزعيم في سوريا عام 1949.
فالسياسة هي التي تأتي بالأمن
وبالاقتصاد وبالازدهار وتؤمّن
المصالح المشتركة بين الشعبين
والدولتين الجارتين الشقيقتين،
شرط حسن الاداء وصفاء النيات
والترفّع عن المآرب والغايات
والمنافع الشخصية. وبدا
واضحاً ان السفير السوري في
لبنان علي عبد الكريم علي نجح في
اعطاء صورة حضارية عما يمكن ان
تكون عليه العلاقة بين البلدين،
ليس فقط من خلال الحشد السياسي
المتنوّع الذي لبى دعوته في
بيروت مساء الاثنين في 19 نيسان،
بل من خلال ادائه وزياراته
المدروسة واطلالاته الاعلامية
الرصينة وغير المبالغ فيها،
والتي لم تبلغ – اقله حتى الآن
– حد الادلاء بتصريحات بمناسبة
وغير مناسبة، تنم عن تدخل في
زواريب السياسة اللبنانية. وبعض
السفراء ولا سيما من ممثلي دول
غربية كبرى لا يترددون في
الادلاء بدلوهم والتدخل حتى في
الانتخابات البلدية
والاختيارية! وبعض
اللبنانيين ممن يعرفون السفير
السوري، يتحدثون عن مزايا عند
الرجل، يمكن ان تساهم في تصحيح
شوائب المراحل الماضية وتخدم
بناء علاقة لبنانية – سورية
ترتقي الى مستوى الصدق
والاحترام المتبادل، بعيداً من
المصالح الشخصية والفردية.
وللرئيس سليم الحص المعروف
بحرصه على افضل علاقات بين
لبنان وسوريا، مقال شهير كتبه
في "النهار" في "عزّ"
الوجود العسكري السوري وما عُرف
ب "زمن الوصاية"، وفحواه ان
"العلاقة بين لبنان وسوريا
اكبر بكثير من ان يوكل امرها الى
ضباط المخابرات" سواء في
لبنان او في سوريا، وبعيداً من
اي تقويم شخصي، ومع عدم تجاهل
اهمية الامن والتنسيق بين
دولتين كلبنان وسوريا، ولكن
العلاقات لا تكون سوية اذا حصرت
بالأمن وتبادل المعلومات. ولعل
الرسالة الأبلغ التي عبّر عنها
الحضور اللبناني الكثيف في حفل
السفارة السورية، هي التعبير عن
طموح الجميع ولا سيما الخصوم،
الى علاقات أفضل مع دمشق. ولم
يكن "مهضوماً" اسلوب
التهكّم السياسي والاعلامي
اللبناني على بعض من لبّوا
الدعوة من خصوم سوريا
السياسيين، اذ انه لم يكن المهم
حضور "اهل البيت" من
الاصدقاء والحلفاء والمؤيدين
وحتى المتملقين، فهم "تحصيل
حاصل"، بل كانت اهمية
المناسبة في هذا الحشد المتنوّع
ولا سيما من المختلفين مع سوريا
او خصومها او حتى "أعداء"
الأمس. فقد "تحوّل" كثيرون
من هؤلاء منذ سنوات بعدما كانوا
في مواقع متقدمة أكثر بكثير في
الحرب على سوريا وجيشها في
لبنان، من هؤلاء الذين بدا
حضورهم مستهجناً، مع ان
المستهجن كان عدم حضورهم وهم
الذين طالبوا بعلاقات "بين
دولة ودولة" وما شابه. وكان
الأهم في معاني الصورة الرمزية
في قاعة "البافيون رويال"
في مجمع "بيال" على شاطئ
بيروت، ان الحشد لم يأت مكرهاً
أو بناء على تعميم أو ايعاز، بل
جاء بملء إرادته بعيداً من أي
ترهيب أو ترغيب. وأفضل العلاقات
هي التي تكون نتيجة اقتناع
وإقبال متبادلين لا تحت الضغط
والإكراه. والأهم ان يكون
الاقبال متبادلاً ولا سيما على
مستوى عامة الناس، ولم يكن
للبنان او سوريا مشكلة على هذا
المستوى. وبدون الشعوب لا
يستطيع الحكام ان يقيموا علاقات
طبيعية بين دولتين، والعكس صحيح.
وثمة
تجربة استذكرها احد السياسيين
على هامش حفل السفارة السورية،
وتروى نقلاً عن الزعيم العربي
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
عندما زاره السياسي اللبناني
العريق "في الظل" حكمت قصير
بناء على طلب من صديقه الرئيس
الموريتاني مختار ولد داده،
للحصول على اعتراف مصري
باستقلال موريتانيا عن المغرب،
يضمن اعتراف سائر الدول
العربية، وقد نجح في وساطته.
ويومها، قبل نحو 45 عاماً، قال
عبد الناصر لحكمت قصير:
العلاقات بين الدول لا تفرض
فرضاً. اما ان تكون نتيجة اقتناع
متبادل واما لا تكون... ولعل
المشهد في مجمع "بيال" مساء
الاثنين، شكّل خطوة صادقة في
هذا الاتجاه! ===================== رجب
أبو سرية الايام
الفلسطينية الرأي
الاردنية 21-4-2010 سعت
حركة حماس، قبل انعقاد القمة
العربية الاخيرة في سرت بليبيا،
أواخر شهر آذار الماضي، الى فرض
شروطها وتصورها الخاص
بالمصالحة الداخلية، محاولة
استثمار ظروف عقد القمة في
ليبيا بالتحديد، والاستفادة من
فاعلية حضور المحور السوري–الليبي،
او الممانع، حيث اعتقدت ان غياب
الملك السعودي والرئيس المصري،
يمكن ان يضعف او حتى «يحشر»
الرئيس ابو مازن في الزاوية،
وقد تجلت هذه المحاولة في
التحركات السياسية التي قام بها
رئيس الحركة خالد مشعل قبل عقد
القمة، ثم محاولات بعض قادتها
لإشاعة «أجواء» التفاؤل بعقد او
إتمام المصالحة على هامش القمة. كواليس
القمة العربية اظهرت تعرض
الرئيس الفلسطيني لضغوط مارسها
المحور الممانع، وصلت في بعض
محطاتها الى عدم استقبال
القذافي للرئيس الفلسطيني فقط،
دوناً عن كل الرؤساء العرب وحتى
الضيوف، لكن شجاعة ابو مازن
ورباطة جأشه، ثم مواقف بعض قادة
الدول، مثل امير الكويت والرئيس
اليمني، فوتت فرصة تمرير الموقف
المزايد، الذي سعت له كل من
سورية وليبيا، على الموقف
الفلسطيني. من
الواضح ان حماس تسعى الى الخروج
من مأزق العزلة الداخلية، وعلى
المستوى الاقليمي العربي،
بالحديث عن ولوج بوابة
المصالحة، من خلال بوابة
مواربة، تسعى الى فتحها، ربما
على شاكلة الأنفاق تحت الارض،
اي انها تسعى الى إحداث بوابة
جانبية او تحت (نفق) البوابة
المصرية، المتمثلة بما يسمى
بالورقة المصرية. وربما
سيمر وقت اضافي حتى «تقتنع»
حماس بأنها قد اضاعت او اهدرت
مسلسلاً من الفرص الضائعة، ليس
فقط بالموافقة على اجراء
المصالحة، التي تحقق لها مخرجاً
من المأزق الذي اوصلها اليه
الانقلاب على السلطة، قبل ثلاث
سنوات، ولكن ايضاً قبل ذلك، من
خلال السير على طريق رهانات
خاسرة، قرأت نتيجة الانتخابات
العام 2006 بشكل مغلوط وبالاتجاه
المعاكس. فبدلاً
من أن تشكل لها تلك النتيجة
مدخلاً واسعاً للشراكة
السياسية وللاعتراف الرسمي
الاقليمي والدولي بها كجزء من
النظام السياسي الفلسطيني،
تصورت ان النتيجة يمكن ان
تؤهلها بديلاً، يقوم النظام
الفلسطيني ومن ثم الاقليمي وحتى
الدولي بتغيير طبيعته بما
يتوافق مع طبيعتها وطموحاتها
الاستراتيجية، وربما كانت
تحالفاتها التي مع مرور الوقت
تحولت الى عبء سياسي عليها،
يحول دون حرية الخيارات أمامها،
احد اهم الاسباب التي حشرتها
الآن في الزاوية الضيقة. ربما
يمر وقت اضافي، وعلى الاغلب
سيكون الاوان قد فات، او كما
يقال، بأنه قد فات الميعاد، حتى
لو قبلت حماس بما كانت ترفضه في
السابق، لأن الظروف قد تغيرت
كثيراً، ولم تعد العروض السابقة
معروضة الآن، كما كان الحال قبل
سنوات. رهن
مستقبل الحركة بمحور الممانعة
الذي تقوده طهران، عملياً يبدد
مستقبلها السياسي بالكامل،
لأنه حتى بعض العقلاء في حماس
باتوا يدركون بأن الحركة ستكون
الضحية الاولى في حالتي حل
المشكلة الايرانية مع الغرب،
فإذا ما جرت حرب اقليمية ستكون
حماس في غزة اول ضحاياها، واذا
ما جرى حل سياسي بين ايران
والغرب، ستكون حماس ايضاً اول
ورقة مساومة على طاولة التفاوض
بين الجانبين. بقاء
حماس بات رهناً باستمرار الحالة
الراهنة على ما هي عليه، او
بتطور الامور باتجاه آخر، يبدو
بعيد المنال، نقصد بذلك ان تكسب
ايران الحرب السياسية مع الغرب،
وتفرض نفسها القوة الاقليمية
الاولى، وهذا يعني نجاحها–اي
ايران–بطرد القوات الاميركية
من المنطقة، رغم انها لا تسعى
الى ذلك على الاقل بشكل معلن،
والدليل ما يحدث في العراق،
كذلك إحداث تحولات لصالحها،
ينجم عنها تغييرات جوهرية في
أنظمة الاعتدال, حتى يمكن لحليف
ايران في فلسطين، حماس والجهاد،
السيطرة على النظام الفلسطيني،
وهذا يعني ان تتحالف ايران مع
اسرائيل لتقاسم النفوذ في
المنطقة العربية بينهما، او ان
تنجح ايران بعزل اسرائيل! يبدو
هذا الخيار ضرباً من ضروب
المستحيل، وحيث ان المصالحة
الممكنة الآن تتطلب «خضوعاً»
تاماً من قبل حماس للسلطة
الفلسطينية، بما يعني نزع حتى
دورها المعطل للعملية
السياسية، والمدخل الصريح لذلك
الانتخابات التي حين تجري في ظل
نظام اقرب للتمثيل النسبي
الكامل، وفي ظل المكانة
المتردية الحالية لها، ستعني ان
تتحول الى منظمة اجتماعية–سياسية،
غير مقررة في السياسة الرسمية
الفلسطينية. لذلك
فإن السلطة الفلسطينية، ومنذ
وقت مبكر، خاصة بعد أن احتوت
المحاولات الاسرائيلية
لاستثمار الانقسام بالوصول الى
فرض الشروط الاسرائيلية
بالتسوية، من اتفاقية الرف، الى
سلام نتنياهو الاقتصادي، اصبحت
اكثر قوة في مواجهة حماس، وغير
قابلة للموافقة على شروطها
بالمصالحة، وهي تعلم–اي السلطة–بأن
المعركة مع اسرائيل على اقامة
الدولة الفلسطينية، انما هي في
الضفة الغربية، وحشر حماس
والقوى المعرقلة للعملية
السياسية في غزة، هو واقع مريح،
رغم أضراره الاجتماعية
والأمنية، خاصة على الجانب
المصري، لذلك قلنا في اكثر من
مناسبة سابقة، ومنذ سنوات بأن
مخاطر غزة باتت بالدرجة الاولى
أمنية وعلى مصر بالدرجة
الاساسية، اكثر منها على
اسرائيل او على السلطة في الضفة
وبرنامجها السياسي الهادف
لاقامة الدولة المستقلة عبر
المفاوضات وباستخدام اوراق
الضغط السياسية المختلفة، بما
فيها المقاومة السلمية. قد
يكون ما تبقى لحماس هو الرهان
فقط، على ان يصبح مستقبلها
جزءاً من مستقبل الاخوان
المسلمين في مصر، وبذلك تراهن
الآن على مرحلة ما بعد مبارك،
لذا فهي تنتظر نتيجة الصراع على
خلافة الرئيس المصري، بين قوة
الاستمرار في الاعتدال، ممثلة
بجمال مبارك، او التغيير إما
بانقلاب إخواني تكون فيه لقوة
حماس العسكرية دور حاسم، لذا
سارعت مصر الى اغلاق الأنفاق،
والى اقامة المصدات الدفاعية
الأمنية بالجدار وغيره، او
باقامة جبهة سياسية يكون
للإخوان فيها دور مقرر، تسعى
الى نقل نظام الحكم في مصر،
باتجاه قوى الرفض والممانعة،
كما يحدث الآن من محاولة كل قوى
المعارضة المصرية التوحد وراء
مرشح آخر كالبرادعي او عمرو
موسى، أملاً في ان يقوم هذا
النظام في حال نجح في مسعاه على
الاقل بإخراج حماس في غزة من
العزلة، بفتح معبر رفح، ومن ثم
إحياؤها من حالة الموت السريري
السياسية القائمة. ===================== اثنان
وستون عاما من الألم، اثنان
وستون عاما من الحقد فؤاد
حسين الرأي
الاردنية 21-4-2010 في
الذكرى الثانية والستين لتأسيس
الكيان الصهيوني، تزداد معاناة
الشعب الفلسطيني عمقا، وتزداد
التهديدات والمخاطر التي يتعرض
لها، من إبادة وتجويع وإعتقال
وتجهيل وليس آخرها التسفير. وفي
المقابل يتعاظم الحقد يوما بعد
يوم على جرائم الإحتلال، والطفل
الفلسطيني الذي لم يرضع الحقد
من ثدي أمه في نعومة أظافره،
سيتشربه وهو يرى جرائم الإحتلال
ضد أصدقائه الأطفال الذين
يفقدهم من مدرسته، سينمو الحقد
معه كل يوم يرى فيه معاول
الإحتلال تهدم بيتا عرفه ،
سيتعاظم الحقد كلما رأى سيل
الدماء يتدفق من شرايين ابناء
وطنه كل يوم، بمناسبة وبدون
مناسبة، وكأنه لم يبق دم مستباح
في هذا العالم الذي لم يزل يوفر
الحماية لاسرائيل، سوى الدماء
الفلسطينية, مما يوسع الحقد
الفلسطيني ليشمل كل من يوفر
الدعم والحماية لإسرائيل. نعم مر
اثنان وستون عاما والكيان
الغاصب ما يزال يجثم فوق الأرض
التي بارك الله فيها وحولها،
لكن بعد كل تلك السنين ، وكل تلك
الجرائم التي ارتكبت، تبقى دولة
الكيان الإسرائيلي هي الوحيدة
بين دول العالم التي يثقلها
ويقض مضجعها، سؤال المصير؛ فكرة
الزوال، لأنها تعلم قبل غيرها
أنها كيان مصطنع، غير أصيل في
المنطقة، وأن زوالها حتمي طال
الزمن أم قصر، فتاريخيا،
منطقتنا هاضمة للأخرين، وهي
عصية على أن تُهضم وتتلاشى
وتذوب بأي قادم من خارج المنطقة.
وحين تحين لحظة الزوال لن
يحميها من مصيرها، لا أسلحتها
النووية، ولا الدلال الغربي لها
الذي وضعها فوق القانون
العالمي،حتى باتت الابنة
المدللة للغرب، مهما ارتكبت من
جرائم وفظائع، لأن الجرائم كلها
تقع على العرب والمسلمين، ولا
بد من الإستمرار في إخضاعهم
وإذلالهم، ولابد من بقاء
إسرائيل قوية لإستمرار الوضع. سؤال
المصير هو الهاجس الأوحد الذي
يقض مضاجع ساسة الصهاينة، كما
يقض مضجع الغرب الذي زرعها بين
ظهرانينا، لأنهم باتوا يدركون
أن المآل قد بلغ الربع ساعة
الأخير، فلم يعد كيانهم المصطنع
كما كان سابقا يملك هالة الرعب
القادرة على تحقيق كل أهدافها
دون مقاومة، فقد شبت شعوب
المنطقة عن عقلة الخوف
والإستسلام، وباتت أكثر
إستعدادا للمواجهة، وأكثر قدرة
على الصمود، مما يجعل أي خطوة
صهيونية أكثر كلفة من ذي قبل. كل دول
العالم، لا يتغير فيها الا شكل
نظم الحكم الذي ترتضيه، ومهما
تغيرت وتقلبت أشكال الحكم، فهي
بحكامها وشعوبها، غير قلقة على
المستقبل، لأن الشعب والوطن
باقيان مهما تغير شكل الحكم،
بينما العبرانيون يدركون أنهم «عابرون
في كلام عابر» ومهما طال عبورهم
أو قصر، فهم ماضون الى حيث
جاءوا، وستبقى الأرض هي الأرض
لأصحابها، وسيبقى الشعب صاحب
الأرض هو صاحبها، مهما غيروا من
أسماء مدنها وحوارييها
وطرقاتها، ومهما بنوا من
مستوطنات وناطحات سحاب، ومهما
قتلوا وهجروا من أهلها، فهم
سيبقون أصحابها وأسيادها، حتى
لو لم نقاتلهم بالحجارة
والرصاص، يكفينا أن تواصل
نساؤنا إنجاب الأشبال سنغرقهم
في النهاية بطوفاننا،
وسينقرضون هم تحت ضغط حقدهم
وإجرامهم وعنصريتهم. ===================== افتتاحية
- «لوس أنجليس تايمز» الدستور 21-4-2010 هذا
الأسبوع وجه مسؤولون
إسرائيليون اتهاما لسوريا
بأنها تزود الجماعة الإسلامية
المسلحة ، حزب الله ، بصواريخ
سكود متوسطة المدى ، وهي
الصواريخ التي ستجعل من
المليشيات اللبنانية أول جيش
غير نظامي يتملك مثل تلك
الأسلحة ، وتمكنها فعليا من
استهداف إسرائيل بأكملها. لم
يتأكد مسؤولو الولايات المتحدة
من أن هذه الأسلحة قد سلمت فعليا
، كما أن سوريا انكرت تماما هذه
التهمة. تحذر كل من إسرائيل
وسوريا من أن الطرف الآخر يعد
لشن حرب ، ما يثير القلق حيال
النزاع العسكري الجديد في
المنطقة ويعزز دعوات
الجمهوريين للرئيس أوباما
بتأجيل إرسال سفير الولايات
المتحدة إلى دمشق لأول مرة منذ
خمس سنوات. قد يكون هذا خطأ.
فالولايات المتحدة لا ترسل
السفراء كمكافأة للدول على
سلوكها ، إنما لتكون لديها
أدوات لنزع فتيل الأزمات بشكل
مسبق ، وتحديدا أزمة كهذه. تقوم
سوريا بتسليح حزب الله منذ عدة
عقود. وعلى أي حال ، تسليم
صواريخ سكود يمكن أن يحدث تقدما
مهما في ترسانته ، وأن يكون له
دور في تقويض الدولة اللبنانية
أكثر ، بالرغم من أن تأثيره
النفسي على إسرائيل سيكون كبيرا
بقدر تأثيره العسكري. خلال حرب
عام 2006 مع إسرائيل ، استخدم حزب
الله صواريخ ذات مدى يزيد على 60
ميلا ، وصواريخ سكود يمكن أن
تضاعف هذا المدى سبعة مرات على
الأقل. لكن الصواريخ الكبيرة من
عهد الخمسينات غير دقيقة ، ولدى
إسرائيل القدرة على صدها. ومع
ذلك ، يمكن لإسرائيل أن تنظر
لهذه المقدمة من جانب سوريا
باعتبارها عملا يروج للحرب. من
الصعب جدا رؤية ما الذي يمكن أن
تجنيه سوريا من تقديم صواريخ
سكود لحزب الله. (وكما اكتشفت كل
من الولايات المتحدة وروسيا ،
فإن جماعات التمرد المسلحة جيدا
لديها الفرصة للإفلات من سيطرة
راعيها). يشير البعض إلى أن
سوريا وحزب الله يعتقدان أن
إسرائيل تخطط لتكرار حرب عام 2006
ضد حزب الله الذي أعيد تسليحه
الآن ، ووفقا لهذه النظرية ،
صواريخ سكود ستساعد على أن تكون
سلاحا رادعا. آخرون ، يشيرون إلى
أن دمشق محبطة من الافتقار
للتقدم في المحادثات مع إسرائيل
حول استرجاع هضبة الجولان ،
وترغب في أن تقلب الضغط ضد
إسرائيل. مع ذلك ، ما زال هناك
آخرون يشيرون إلى أن هذا الأمر
مخطط له من قبل طهران كجزء من
ردة فعل إقليمية محتملة على أي
هجوم إسرائيلي على منشآتها
النووية. مهما كان السيناريو ،
غالبا ما ترد إسرائيل على أي
تهديد ملحوظ ومتصاعد بشن هجوم ،
كما فعلت بخصوص الموقع النووي
المزعوم في سوريا عام ,2007 أفادت
التقارير أن الملك عبدالله
الثاني ، قد أخبر أعضاء
الكونجرس في واشنطن يوم الخميس
الماضي أن هناك تهديدا وشيكا
لحرب في المنطقة. وهذا إثبات آخر
على ضرورة أن تقوم الولايات
المتحدة بالتدخل. بغض النظر عن
النقص الواضح في ظهور أي نتائج
حتى الآن ، على الولايات
المتحدة مواصلة جهودها لإبعاد
سوريا عن طهران. على الإدارة أن
تكون وسيطا بين إسرائيل وسوريا
، وعليها القيام بذلك بكل ما في
ترسانتها من أسلحة الدبلوماسية.
وهذا يعني أن على مجلس الشيوخ أن
يصادق على قرار تعيين روبرت
فورد سفيرا للولايات المتحدة
لدى سوريا. ===================== جرائم
الحرب في العراق وأفغانستان روبرت
دريفوس - "ذي نايشن" الدستور 21-4-2010 جميع
جرائم الحرب والمجازر و"الجرائم
المرافقة" ، كما تسميها
الجزيرة بصورة صحيحة ، تعد جزءا
من التورط الأميركي في العراق
وأفغانستان منذ ,2001 الفيديو
الذي عرض على موقع ويكيليكس
الأسبوع الماضي ، والذي تبلغ
مدته 38 دقيقة مرعبة ، لطيارين
أميركيين وهم يقتلون عرضا اثني
عشر عراقيا في 2007 - - من بينهم
صحافيان في رويترز وضعه في
دائرة الضوء ليس لأنه يُظهر لنا
شيئا لا نعرفه ، ولكن لأن
بإمكاننا أن نشاهده واضحا في
زمن حقيقي. أشخاص حقيقيون ، من
دم ولحم ، تُطلق عليهم النار من
الأعلى ويقتلون بوابل جهنمي من
النيران. الأحداث
في العراق ، عمرها ثلاث سنوات
تقريبا ، تكررت هذا الأسبوع في
أفغانستان ، عندما قام الجنود
الأميركيون ، المولعون بإطلاق
النار ، بقتل خمسة أفغان كانوا
يستقلون حافلة مدنية كبيرة
ومريحة قرب قندهار. كما
ذكرت النيويورك تايمز: "القوات
الأميركية أطلقت النيران
بكثافة على حافلة ركاب كبيرة
قرب قندهار صبيحة يوم الإثنين ،
وأدى ذلك إلى مقتل وجرح مدنيين
وإشعال المظاهرات الغاضبة
المناهضة لأميركا في مدينة
يعتبر كسب تأييد الأفغان فيها
أمرا جوهريا في جهود الحرب". حادثة
قندهار هي مجرد واحدة من حوادث
عديدة. خلال السنة الماضية ، لقي
عشرات الأفغان حتفهم بطريقة
مشابهة عند نقاط التفتيش وعلى
جوانب الطرق. لم تشمل أي من هذه
الجرائم قوات معادية. بكلمات
أخرى ، عندما تلاشى الدخان
والغبار ، في كافة الحالات ، كان
كل الأشخاص الذين تم إنقاذهم
خلال العام الماضي ، أشخاصا
أبرياء. كما
قال الجنرال ماك كريستال بنفسه
مؤخرا: "في الواقع ، نحن نطلب
الكثير من جنودنا اليافعين عند
نقاط التفتيش - لأن هناك خطرا -
المطلوب منهم اتخاذ قرارات
سريعة جدا في حالات شديدة
الغموض غالبا. رغم ذلك ، على حد
علمي ، في فترة تزيد على تسعة
أشهر كنت فيها هناك ، لم تكن
هناك حالة واحدة قمنا فيها
بالتصعيد واستخدام القوة
وإلحاق الضرر بأحدهم كانت فيها
المركبة تحوي أسلحة أو قنبلة
لتنفيذ عملية انتحارية ، وفي
العديد من الحالات ، كانت تُقلّ
عائلات". سؤالي
هو: اذا كان الأمر كذلك ، لماذا
اذن لا يتم تغيير قوانين
الاشتباك؟ لماذا يمكن للقوات
الأميركية إطلاق النار بوحشية
على مركبة تقترب ، اذا لم تشتمل
أي من الحالات التي حدثت حتى
الآن على وجود قوات معادية؟ في
الحادثة الخاصة بالعراق ، كما
ظهر في الشريط المذهل لويكيليكس
، أطلقت النار الكثيفة على
مجموعة من ثمانية رجال في أحد
شوارع بغداد ، في وضح النهار ،
بعد ذلك ، عندما حضرت مركبة تُقل
أربعة أو خمسة رجال آخرين لتحمل
رجلا جريحا كان يزحف متألما
بمحاذاة القناة ، قصفت المركبة
أيضا لتتحول الى فتات عندما طلب
الطيارون الإذن ب"التدخل". التحليل
الذي أجراه موقع "بوليتيفاكت"
الإلكتروني يضع جانبا التأكيد
الخالي من أي مشاعر لوزير
الدفاع ، غايتس ، على أن جرائم
القتل كانت "مدعاة للأسف وما
كان يجب أن ينجم عنها أي عواقب
دائمة". قال: لقد أجرينا
بالتحقيق بالأمر ، لذا ما المهم
في الأمر؟ تبرير
الجيش للمذبحة هو أن القوات
الأميركية القريبة قد تعرضت
لإطلاق النار من أسلحة خفيفة ،
وتبعا لذلك استنتج الطيارون في
طائرات الهيلكوبتر التي كانت
تحلق أن الرجال الذين رأوهم
يحملون ما اعتقدوا أنها أسلحة
وآر بي جي - رغم أنه قد اتضح بأن
"الآر بي جي" كانت كاميرا
تخص أحد المصورين. رجال أشرار
يمكن لهم إطلاق النار عليهم كما
يشاؤون. لم يكن هناك ، بالطبع ،
أي دليل مطلقا على أن الرجال
العراقيين الاثني عشر تقريبا
والذين قتلوا كانوا متورطين
فيما يمكن أن يكون ، أو لا يكون
حادثة إطلاق نار في الجوار. لكن
، كما تعلمون ، الحرب جحيم. بوليتيفاكت
، ولتشويه سمعتها ، تدافع عن
غيتس على هذا الأساس ، مقتبسة
كلام ديفيد فينكل ، مراسل
الواشنطن بوست ومؤلف "كتاب
الجنود الطيبون" ، الذي كتب
في دون مبالاة مدافعا عن
المجزرة: "على العكس من بعض
التأويلات القائلة بأن هذا كان
هجوما على أشخاص يمشون في
الشارع في يوم جميل ، فإنه من
المفيد أن نفهم أن ذلك اليوم لم
يكن كذلك مطلقا. لقد حدث ذلك في
خضم عملية كبيرة لتطهير منطقة
كان الجنود الأميركيون يتعرضون
فيها لإطلاق نار وجرح وقتل
بوتيرة متزايدة. ما كان يفعله
مراسلو رويترز هو الجزء الأسوأ
، حيث جرت في الصباح سلسلة من
الهجمات بالآر بي جي والمعارك
المتواصلة بالأسلحة. الشريط
الكامل أطول بكثير. والجندي لا
يستفيد من التجارب السابقة ،
وهي في هذه الحالة تقريب الصورة
نحو المركبة ورؤية هذين الطفلين.
طائرات الهليكوبتر كانت على بعد
ميل تقريبا. وبعد أن تم كشف
النقاب عن هذا كله ، لم يكن من
الواضح بالنسبة للجنود
المشاركين ما اذا كانت المركبة
تحمل عددا من السامريين الطيبين
أو المتمردين الذين ظهروا
لإنقاذ رفيقهم الجريح. أنا لا
أذكر هذه الأمور لالتماس العذر
للجنود ولكن للتأكيد على بعض
الغموض الذي اكتنف تلك اللحظات
حين حدوثها". "لو
أنكم رأيتم الشريط الكامل ،
كنتم سترون شخصا يحمل قاذفة آر
بي جي أثناء سيره في الشارع كأحد
أفراد المجموعة. كان هناك أيضا
شخص مسلح ، على ما أذكر. كذلك ،
لو أتيحت لكم الفرصة التعسة
للتواجد في الموقع بعد ذلك ،
كنتم سترون أن أحد القتلى من
المجموعة كان يستلقي فوق قاذفة
صواريخ. بسبب ذلك وبعض الأمور
الأخرى ، توجب على فرقة إبطال
المتفجرات ، رجال هيرت لوكر على
ما أعتقد ، الحضور لتأمين
الموقع. ومرة أخرى ، أنا لا
أحاول تبرير ما حدث. ولكن كان
هناك المزيد من الأحداث
لتأخذوها بعين الاعتبار أكثر
مما كان موجودا في الشريط
المعروض". فينكل
، الذي لن يكتب على ما جزءا
ثانيا لكتابه يدعى الجنود
الأشرار ، يهمل ذكر مقتل اثني
عشر عراقيا باعتباره أمرا يحدث
في "الغموض الحقيقي الذي
اكتنف تلك اللحظات". في
أفغانستان ، جرائم القتل
المتكررة للمدنيين الأبرياء
أثارت غضب الرئيس كرزاي المغتاظ
مما يحدث ، والذي أدان بقوة
ومرارا حوادث قتل المواطنين
الأفغان على يد القوات
الأميركية. في قصة إخبارية
للواشنطن بوست اليوم ، بعنوان
"إطلاق النار على يد الجنود
الأميركيين في أفغانستان يُشعل
غضب كرزاي" ، قالت الصحيفة: "قبل
اثني عشر يوما من شجب الرئيس
حامد كرزاي لسلوك الدول الغربية
في أفغانستان ، التقى كرزاي
بطفل في الرابعة من عمره داخل
مستشفى تارن كاوت المدني في
الجنوب". كان
الطفل قد فقد ساقيه في غارة جوية
في شباط نفذتها حوامات قوات
العمليات الخاصة الأميركية
وقتلت أكثر من 20 مدنيا. كرزاي
حمل الفتى من فراشه بين يديه
وخرج الى فناء المستشفى ، وفقا
لثلاثة شهود. سأل الرئيس فيما
حلقت الحوامات في السماء: "من
ألحق بك الأذى؟". أشار الفتى
الى السماء بينما كان يصرخ الى
جانب ذويه. "الدموع
والغضب الذي واجهه كرزاي في ذلك
المستشفى في مقاطعة أوروزغان
ظلت مصاحبة له ، وفقا لعدد من
معاونيه. كان ذلك استفزازا من
بين سلسلة من الإحباطات
السياسية الأخيرة التي قالوا
بأنها ساعدت على شحن تدفق مشاعر
الرئيس ضد الغرب وسببت أزمة
وجيزة في علاقاته مع الولايات
المتحدة. لقد كانت أيضا رسالة
تذكير بأن سقوط ضحايا مدنيين في
أفغانستان له آثار سياسية
تتجاوز كثيرا المواقع التي حدثت
فيها جرائم القتل. ولكني
أعتقد أن فينكل يمكنه أن يبرر
ذلك أيضا. ===================== فضائح
سجن المثنى ليست استثناءا في
عراق دولة القانون جمال
محمد تقي 4/21/2010 القدس
العربي الاعتقالات
الكيفية والكيدية والعشوائية
مازالت تشكل سمة من سمات سلطة
اللا قانون في العراق . اما
حالة السجون والمعتقلات
العراقية فهي لا توصف من كثرة ما
يرتكب فيها من جرائم بأسم
القانون الذي يحلو لحكومات
الاحتلال العزف عليه كلما انجلت
الدوافع السلطوية والطائفية
والعنصرية والانتقامية لسلوكها
وتعاملها غير المسؤول مع
المناوئين وغير المتعاونين
معها . ليست
السلطات الحكومية في العراق اقل
فضائحية من المحتلين الامريكان
في انتهاكاتهم السرية والعلنية
لحقوق الانسان ، ان كان هذا
الانسان العراقي طليقا او سجينا
، واذا كان الامريكان يقتلون
بلا حسيب ورقيب كما شاهدنا ذلك
بالصور الحية التي عرضت مؤخرا
طائرة سمتية امريكية تحصد ارواح
14 عراقي بينهم اثنان من
الصحفيين بدم بارد ، وكأنها
تصطاد طرائد بالقنص الذي لا
يتطلب الضغط على الزناد وانما
الضغط على الازرار كما في حالة
لعبة الاتاري فان القوات
الحكومية قد قتلت وخطفت وعذبت
وماتزال الالاف وبدم بارد ايضا
، ومثال واقعة ملاحقة ما عرف
بمسيرة جند الله قرب النجف حيث
قتلت القوات الحكومية عشوائيا
اكثر من 200 من الابرياء مازال
شاخصا في الذاكرة ، واذا كان
الامريكان قد اجترحوا المآثر في
سجن ابوغريب فان وزارة الداخلية
ايام بيان جبر مثلا قد فعلت
العجائب في سجونها السرية . الان
سلم الامريكان ما في عهدتهم من
سجناء الى الجانب العراقي
والجانب العراقي لا يقصر في
تجاوز الحد الاقصى المقرر
لنماذج التعذيب والاذلال
والاهانة والتغييب ، الحقيقة ان
السجون لا تكفي فهي مكتضة لذلك
يتم تحوير بعض الابنية الغير
مؤهلة لتكون سجونا ، هذا ما
اشارت له تقارير وزارة حقوق
الانسان وايضا تصريحات السيدة
الوزيرة وجدان ميخائيل ، اضافة
لتقارير موثقة من منظمة العفو
الدولية وحقوق الانسان الدولية
والتي اكدت على وجود انتهاكات
لا حصر لها في اثناء المداهمات
والاعتقال والتحقيق والاستجواب
وعملية انتزاع الاعترافات ،
واجرى بعضها مقارنة بين اساليب
نزلاء غوانتنامو ونزلاء السجون
العراقية العلنية ، اما السرية
فان ما خفي فيها كان اعظم لا
يوجد احصاء دقيق وشامل للسجناء
في العراق ، فوزيرة حقوق
الانسان تقول ان العدد المتداول
بحسب كشوفات السجون المعروفة
يقدر بحوالي 55 الف بينهم حوالي
500 أمرأة ويجري مراعاة فصل
الاحداث عن البالغين فيها ، اما
تخمينات الهيئات الاهلية
والمنظمات الدولية فتقدر اعداد
السجناء بحوالي 120 الف موزعين
على سجون بعضها غير معروفة ولا
يسمح بتفتيشها او الاطلاع عليها
، اما موضوع وزارة العدل
واشرافها على المعتقلين
والسجناء فهو عمليا اشراف على
الورق فقط ، وهذا ما كشفته زيارة
طارق الهاشمي لاحد سجون بعقوبة
، فالوزارة مسؤولة فقط على ما
يقدم لها من كشوفات رسمية من قبل
الاجهزة الامنية المختصة اما
اذا وجد معتقلون وسجناء بدون
كشوفات فهي لا تستطيع فعل شيء . كشف
فضيحة سجن المثنى التي ازاحت
الغبار عنها وزارة حقوق الانسان
مؤخرا ، جاء متاخرا لان الوزارة
كانت قد تلقت ومنذ اكثر من سنتين
الكثير من شكاوى اهالي
المفقودين والمختطفين وبعض
الادلة على وجود انتهاكات واسعة
في زنازين مطار المثنى المهجور
والواقع وسط بغداد لكن الوزارة
لم تستطع فتح هذا الملف بسبب رفض
الاجهزة المختصة لتدخلها ، الان
ومع ورود احتمالات التغيير
الحكومي القادم وخشية من
استغلال الفضيحة لاحقا للنيل من
المالكي وحزبه وعناصر مكتبه
كونهم المسؤولين المباشرين على
ما كان يحصل فيه ، وحيث تقتضي
السلامة فتح الملف اثناء وجود
المالكي نفسه ليستطيع هو بنفسه
طمطمة الموضوع وتفريق
المسؤوليات واتخاذ بعض
العقوبات الشكلية بحق عدد من
الاسماء غير المعروفة ممن كانوا
يباشرون عملهم في سجن المثنى ،
بهذا الشكل يتم الان لفلفة
الموضوع حكوميا . كشفت
تقارير الوزارة التي تسربت الى
صحيفة لوس انجلس ونشرتها
بأمتعاض يريد القول ان ما حصل في
ابو غريب لم يكن شاذا لان الجاري
في العراق هو الاسلوب نفسه
بوجود الامريكان او عدمه ، لكن
هذا القول مردود عليه لان
الامريكان هم من يحتلون البلاد
ومازالوا وهم من حلل كل هذه
الاساليب بدلا من محاصرتها ،
وكانت المعلومات الواردة في تلك
التقارير تفصيلية وتثبت تورط
مكتب المالكي بها ! 431 سجين
موزعين على زنازين لا تتجاوز
اصابع اليد الواحدة ، لا توجد
اوامر قضائية باعتقالهم ، بعضهم
خطف خطفا ووضع ومن دون محاكمة في
السجن ولمدد تجاوزت السنتين ،
اغلبهم من محافظة الموصل ،
تعرضوا لتعذيب يومي منوع بواسطة
الصعق الكهربائي ، والغرق
الاصطناعي ، والجلد ، والحرق ،
وتعرض العديد منهم للاغتصاب
ولمرات متعددة ، وكان بعض
الضباط يقيمون حفلات لواط جماعي
لعدد من السجناء تحت التعذيب
والاكراه ، توفي عدد منهم ، وقال
بعض السجناء ان هناك بعض
المعتقلين جرى قتلهم ورميهم في
الطرقات . تسربت
اخبار من مصادر موثوقة تقول بان
المالكي وعلى عجل اصدر قرارا
باغلاق السجن ومعالجة الحالة
بالانسيابية والكتمان . في نفس
الوقت الذي يعلن فيه المالكي
بشرى للعالم المتحضر بالتخلص من
ابو عمر البغدادى وابو ايوب
المصري قادة القاعدة في العراق
بعملية امريكية عراقية مشتركة ،
متظاهرا بكفاءة حكومته الفاشلة
، فان هناك وفي الخفاء وتحت جناح
دولة قانونه ذاتها تقوم تنظيمات
حزبه واجهزته الخاصة باعمال لا
تقل ارهابية وهمجية عن افعال
غير المأسوف عليهم البغدادي
والمصري . كاتب
عراقي ===================== الإسلاميون
والحداثة.. تركيا نموذجا قابلا
للتعميم مروان
العياصرة 4/21/2010 القدس
العربي ثمة
فرق بين ما تعنيه النمذجة
بإطارها العلمي، وما نقصده
معنويا في إطارها الديني،
فنمذجة (الإسلامية التركية)
باتت تشكل مطلبا أمميا بعد أن
خضعت الصيغ الإسلامية أو
الإسلاموية إلى صيرورات عدة،
أخطرها النموذج القائم على
الفكر الجهادي (الثوري)، والذي
ربما تعود بداياته إلى الحرب
الباردة، أو ما بعدها، إذ كان
خروج الغرب الأمريكي وتوسعه
معنويا وعمليا في أنحاء العالم
لا سيما في العالم الإسلامي قوة
دافعة لإنتاج فكر راديكالي،
يكون كمقابل موضوعي للفكر
الليبرالي، المهم لدينا أن
الغرب كان مساهما فاعلا ووحيدا
ربما في إنتاج هذا الفكر أو
إعادة إنتاجه بحكم انه ليس
اختراعا جديدا، بل هو صورة
مستعادة عن الفكر الإسلامي إبان
بداية الدعوة الإسلامية، من غير
أن نفرق هنا بين إنتاج الفكر
الإسلامي في مكة، وتدويل هذا
الفكر في دولة المدينة، لأن
لفكر مكة ودولة المدينة ذات
السمة وذات المنطلقات، ولا يصح
إعادة إنتاج هذا الفكر بشكل كلي
وحصري وبكامل خصوصياته، في أي
لحظة تاريخية لاحقة، ليس تحجيما
لراديكالية الفكر الإسلامي، بل
لأننا نتطلع لأممية هذا الفكر
وصلاحيته لكل عصر وإطلاق
زمانيته من حالة تجميد اللحظة
التاريخية التي تعود إلى ما قبل
أكثر من 1400 عام، وكثير من
الباحثين أكدوا معنى أن النموذج
الإسلامي في إطار العصر النبوي
والخلفاء الراشدين، ليس مقياسا
على كل العصور، وفي ذلك ما ذهب
إليه الباحث والمثقف العضوي سعد
الدين العثماني في كتابه (تصرفات
الرسول بالإمامة.. الدلالات
المنهجية والتشريعية)، والذي
يقول فيه في شأن هذا المعنى (أن
التصرفات النبوية بالإمامة هي
تصرفاته صلى الله عليه وسلم
بوصفه إماما للمسلمين ورئيسا
للدولة، يدير شؤونها بما يحقق
المصالح ويدرأ المفاسد، ويتخذ
الإجراءات والقرارات الضرورية
لتحقيق المقاصد الشرعية في
المجتمع وهي ما يسميها بعض
العلماء تصرفات بالسياسة
الشرعية أو بالإمارة، وبالتالي
والكلام أيضا للعثماني، هي مقام
غير مقام النبوة والرسالة
والفتيا والقضاء...، وبحسب
التصنيف السابق هي تصرفات 'تشريعية
خاصة بزمانها وظروفها، ولذلك
يعبر عنها ابن القيم بأنها 'سياسة
جزئية' بحسب المصلحة، وأنها
مصلحة للأمة في ذلك الوقت، وذلك
المكان، وعلى تلك الحال). هذا
المعنى ما يجب أن يؤخذ في أي
استدعاء للنموذج الإسلامي
الأول، أن مصلحة الأمة هي تبع
لظروفها الموضوعية، واشتراطات
مرحلتها وزمانيتها، وإذا كان
مجال حديثنا عن النموذج التركي،
فقد لاقى هذا النموذج من
التعديل والتبديل ما لاقى، حتى
صار إلى مآله المعاصر، وقد يدرك
الباحث أن هذا النموذج مر
بمخاضات عسيرة ابتداء من تأثره
بالنموذج الراديكالي الخميني
في إيران، حيث ظلت تركيا تحاول
ابتكار رؤية مستعادة عن زمن
خلافتها الذي انقضى مع أفول عام
1924، ولم تجد إلى ذلك سبيلا، حتى
تسربت إليها بعض أفكار الثورة
الخمينية من إيران، بعد أن لاقت
تلك الثورة نجاحا على مستوى
السيطرة الدينية والسياسية على
السواء، ولا نجانب بعض الصواب
في أن الثورة الخمينية كان لها
الاثر الحاسم في قدرة الإسلام
التركي على التحدي، بل وأنها
تشكل مصدرا للتلقي المعنوي الذي
أسهم في نجاح تجربة الإسلاميين
الأتراك الذين أطاحوا التحول من
الفكر العلماني إلى الفكر
الإسلامي، مع ما إيران وتركيا
من خلافات واختلافات في
التصورات والمصالح وعلى مستوى
الاستراتيجيا الفكرية
والسياسية، إلا أن ما قصدناه
معنى من تأثير الثورة الخمينية
ليس سوى تأثير على مستوى تصعيد
الداخل التركي، وان ثمة قدرة
على تحقيق انتصار معنوي إزاء
توجه تركيا العلماني، وبالرغم
من انتصار التيار الإسلامي إلا
أن ثمة حلقات للصراع بين
التوجهين العلماني والإسلامي،
بالرغم من امتلاك تركيا الآن
لما يسهم في تحقيق نجاحات
متصاعدة للنموذج الإسلامي،
سواء من جهة الاقتصاد النشط أو
السياسة المحورية والدور
المتنامي، أو الخلفيات
التاريخية للإسلامية التركية،
ويعمل الإسلاميون الأتراك على
توظيف كل هذه الخيارات لتحقيق
أهداف أوسع مما هو حاصل، حتى لدى
الغرب فكرة أن النموذج الإسلامي
التركي هو الخيار البديل
للراديكالية الإسلامية (الأصولية
الثورية والجهادية)، وليس لأن
هذا الأنموذج بهذه الصورة من
القبول لدى الغرب، يمكن أن يعد
ذلك بابا للجرح ومدخلا للنقد
والهجوم على هذا الأنموذج الذي
عمل على تحقيب الفكر الإسلامي،
وتعزيز ديناميكية النص الديني
دون تعصب أو جمود، بل هو سمة
مميزة وخاصية فريدة من خصائص
التصور والفكر الإسلامي
المنفتح والقابل للتعايش
السلمي على مستوى العقائد
والإيديولوجيات والنظم، وهو
دليل على أن الفكر الإسلامي
المتوافق مع ذاته وتراثه،
والمتوائم مع ظروفه الموضوعية،
المتقاطع مع طبيعة وأصل التصور
الإسلامي للعلاقة مع الآخر،
وفقا لأحكام عصرية هذه العلاقة
وراهنيتها ظروفها، بإمكانه أن
يكون فكرا فاعلا ومسيطرا. من هنا
بنت تركيا (الإسلامية) نموذجية
فذة للتعاطي الإسلامي مع
العالم، بقدر كبيرة على (التوفيق
بين التقاليد الدينية والحداثة)،
حسب (تييري زاركون) في كتابه حول
تركيا بين الإسلام والحداثة،
ومن هنا يمكن للمسلمين إعادة
إنتاج أنفسهم فكرا ودورا
حضاريا، وريادة، وليس هذا فحسب
بل يمكن الذهاب لأبعد من ذلك حيث
أن النموذج التركي أفاد - ابتداء
- من تجربة الثورة الخمينية،
ووظف لاحقا - حداثة المجتمعات
المعاصرة، ولم يخسر - على
الاستمرارية - شيئا من تصوراتها
الدينية، ولم تحط الفكر
الإسلامي بالشبهة أو الشك رغم
بعض الذين يروى في الإسلام
التركي انه مفرغ من الإسلام،
إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون صوتا
ضعيفا منكفئا على ذاته فإن هذا
النموذج قادر أن يعطي قدرة
الفكر الإسلامي على جمع تشظيات
التصورات والإفهام المختلفة
لأتباعه، إن توافرت القدرة على
ضبط إيقاع الحراك الداخلي
للإيديولوجيات والعقائد
الإسلامية، والإرادة لتعظيم
المشتركات بينها، وهذا ما
نحتاجه على الحقيقة، أن نؤسس
لتصور فكري إسلامي شمولي وكلي
بتفرعات جزئية لا تتصارع. ===================== الجامعات
العربيةومأزق التواصل مع
تقنيات المعرفة المستقبل
- الاربعاء 21 نيسان 2010 العدد
3630 - رأي و فكر - صفحة 19 مسعود
ضاهر بعد
الانتقال من المجمتع الزراعي
إلى المجتمع الصناعي شهد العالم
في العقدين الأخيرين ثورات
متواصلة في مجال الجينيوم،
والعلوم العصرية، وثورات
الاتصال، والتواصل، والمعلومات.
وعندما فتحت المواقع
الالكترونية باب التواصل بين
العرب وباقي دول العالم برز حجم
الهوة التي تفصل المجتمعات
العربية عن مجتمعات تقنيات
المعرفة والتكنولوجيا المتطورة. لقد
نشأت أجيال متعاقبة من طلبة
الجامعات العربية، الحكومية
منها والخاصة، على ثقافة
التلقين التي ما زالت تغزو نسبة
كبيرة من الجامعات العربية.
فبرز تفاوت حاد في ثقافة
خريجيها، وعلى مستوى
اهتماماتهم، وتخصصاتهم العلمية
والمهنية في مختلف مجالات
التربية، والطب، والهندسة،
والتكنولوجيا، والعلوم
الإنسانية، والعلوم
الاجتماعية، إضافة إلى
الاهتمامات السياسية والنقابية
والفنية وغيرها. وكانت الغالبية
الساحقة منهم عاجزة عن مواكبة
التطورات العاصفة في مجال
الانفجار التكنولوجي، وثورات
الإعلام والإعلان والتواصل. ولم
تنفع المبادرات الفردية،
ودورات التدريب المتقطعة لصقل
المهارات الأكاديمية وتقديم
بعض الدعم المالي لشراء أحدث
الآلات التقنية، في ردم الهوة
الرقمية التي جعلت الجامعات
العربية كلها تصنف خارج دائرة
الخمسمئة جامعة الأولى في
العالم عام 2006. وذلك وفق التصنيف
الذي أجرته مؤسسة شانغهاي
الدولية لتقييم الجودة
الأكاديمية. دلالة
ذلك أن الدول العربية التي عجزت
عن بناء مجتمع صناعي واحد رغم
مرور اكثر من ثلاثة قرون على
انطلاقته في القرن الثامن عشر،
تواجه اليوم مأزق العجز البنيوي
عن بناء مجتمع المعرفة الذي
يتعثر قيامه عاما بعد عاما. علما
أن الدراسات الإسرائيلية شددت
منذ عقود عدة على أن الصراع بين
العرب والإسرائيليين سيحسم على
مقاعد الجامعات وفي مراكز البحث
العلمي، وليس في الكم المتزايد
من البشر، والمواد الخام التي
تبددت نسبة كبيرة منها دون أن
تحقق نتائج إيجابية على مستوى
التنمية البشرية والاقتصادية
المستدامة على امتداد الوطن
العربي. يحتاج
مجتمع المعرفة إلى متخصصين
يحملون شهادات علمية وأدبية
وفنية عالية، ولديهم خبرة واسعة
في مجال العلوم العصرية
والتكنولوجيا المتطورة.
فالثقافة الالكترونية المتخصصة
شديدة التأثير على سلوك الأفراد
والجماعات، وتساهم بقوة في
تطوير الثقافة العلمية العصرية
في المجتمعات العربية. وقطعت
الثقافة شوطا كبيرا في تقديم
الخدمات الالكترونية لملايين
الناس على امتداد العالم.
بالمقابل، ما زالت غالبية
المواقع المتخصصة العربية
متخلفة جدا، وتعتمد أسلوب النقل
عن المواقع الناجحة عالميا دون
أن تقدم لها معارف إضافية. ولم
تستقطب متخصصين يمتلكون الخبرة
والمعرفة والتخصص العلمي،
ويكرسون أوقاتهم وجهدهم لتقديم
موضوعات علمية رصينة تزود
المجتمعات العربية بمعرفة
دقيقة، وتنشر معلومات نوعية
جديدة. وبعد
أن دخل العالم بقوة عصر التقدم
التكنولوجي وثورة الاتصالات،
فإن نشر ثقافة الكترونية متخصصة
بات مطلبا عربيا حيويا. وهي
بحاجة ماسة إلى كوادر بشرية
عربية مؤهلة علميا وتقنيا، وذات
قدرة عالية على الابتكار
والابداع، وتقيم التواصل
الدائم مع المواقع الالكترونية
العالمية، وتشجع الطلبة
والباحثين العرب على التقدم في
مجال تقنية المعلومات. ولا يمكن
بناء نهضة عربية جديدة وقادرة
على مواجهة تحديات العولمة إلا
عبر مواقع بحثية متقدمة،
وخريجين جدد مزودين بالعلوم
العصرية والتكنولوجيا المتطورة.
فهم يشكلون في الواقع العملي
قوة جديدة تضاف إلى الموارد
الطبيعية العربية التي باتت
معرضة للنضوب. بالإضافة
إلى طلبة البعثات العلمية إلى
الخارج التي تعود مؤهلة بكفاءة
عالية لسد احتياجات التنمية
المستدامة في الوطن العربي، ومد
مؤسسات العمل والإنتاج
والخدمات العربية بمختلف
التخصصات والطاقات البشرية
الشابة التي تتصف بالعلمية
والمهنية. ختاما،
لقد تخلفت الجامعات العربية
كثيرا عن مناهج التعليم
المتطورة على المستوى الكوني.
ورغم هدرها لثروات هائلة لم
تستثمر الدول العربية سوى
الفتات في بناء رأس المال
البشري العربي الذي يشكل
الركيزة الصلبة للتنمية
البشرية المستدامة. وما زال
مجتمع المعرفة المستند إلى
العلوم العصرية وتقنيات
المعرفة مغيبا. كما أن غالبية
برامج التربية في الدول العربية
ما زالت أسيرة التلقين، وهي
بعيدة كليا عن ركائز التربية
المستقبلية التي شهدت تبدلات
عاصفة في العقد الأول من القرن
الحادي والعشرين. وهي تقوم على
تحقيق جودة التعليم في جميع
مراحله، والتكامل بين التعليم
الرسمي والتعليم الخاص، وإحداث
نقلة نوعية من التعليم التقليدي
إلى التعليم العصري، وتوظيف
الخدمات الإلكترونية في عملية
التعلم والتعليم، وإعداد
الكوادر العربية المدربة على
منهج الفكير الرياضي، والمزودة
بتقنيات المعرفة وتكنولوجيا
الاتصالات والتواصل. ===================== ضرورة
نشر حرية الصحافة في أرجاء
العالم ديفيد
إغناتيوس الشرق
الاوسط 21-4-2010 في
الوقت الذي تتطلع فيه إدارة
الرئيس الأميركي باراك أوباما
نحو أفكار كبرى لصياغة سياستها
الخارجية، ينبغي أن يطلع
المسؤولون على كتاب جديد يدور
حول فكرة أن قدر أميركا في القرن
الحادي والعشرين يتمثل في نشر
المعايير التي يتضمنها التعديل
الأول للدستور الأميركي إلى
أجزاء العالم الأخرى. والكتاب،
يدعو بحماس إلى نشر حرية
الصحافة «بلا معوقات وبنشاط
وانفتاح تام»، ووضعه لي
بولينغر، رئيس جامعة كولومبيا.
وقد تحدثت إليه خلال ندوة عقدت
الأسبوع الماضي قائلا إنه إذا
ما نال الصحافيون فرصة المشهد
الإعلامي الآن لكانوا وصفوه على
نحو أكثر قتامة، مثل «متوتر
ومفلس وقابع في مكانه». تدور
وجهة نظر بولينغر حول أنه في ظل
اقتصاد متعولم، نواجه الحاجة
إلى قواعد تكفل الإتاحة الكاملة
للمعلومات. إلا أنه بدلا من ذلك،
نشهد تعمد الحكومات
الاستبدادية، من الصين إلى
إيران، السيطرة على تدفق
المعلومات. ويؤثر هذا الأمر على
شركات خاصة مثل «غوغل» ومنظمات
إخبارية مثل «واشنطن بوست».
لكن، حسبما يقول بولينغر، فإن
هناك مصلحة عامة قوية أمام
الحكومة الأميركية تفرض عليها
العمل على إبقاء تدفق المعلومات
بأكبر قدر ممكن من الحرية. وكتب
بولينغر أن «نشر مبدأ حرية
الصحافة على الساحة العالمية
ينبغي أن يشكل هدفا رئيسا في خضم
جهودنا لبناء أسس مجتمع عالمي».
وأشار إلى أن وحدات بناء مثل هذا
النظام العالمي قائمة بالفعل،
متمثلة في المواثيق الدولية
المعنية بحقوق الإنسان
واتفاقات التجارة الحرة وغيرها
من الاتفاقات. ومع ذلك، نجد أن
الولايات المتحدة قاومت بعض تلك
المنتديات التي يمكنها تحقيق
قدر أكبر من الانفتاح، خشية
إقدام حكومات أخرى على
استغلالها ضدنا. ونظرا
لأننا نتحدث هنا عن الدعوة
للانفتاح، ينبغي أن أشير إلى أن
بولينغر عمل من قبل مديرا ل«ذي
واشنطن بوست كو»، وقد بعث لي
بمسودة للكتاب منذ بضعة أسابيع
للتعليق عليه. الواضح
أن التدفق الحر للمعلومات تحول
إلى عنصر استراتيجي متغير، وهذا
هو السبب وراء شعور الحكام
الاستبداديين بالفزع إزاء البث
الحي ل«الثورات الملونة» عبر
محطة «سي إن إن». ويدرك قادة
إيران جيدا أنه حال اتصال
العالم ببعضه عبر شبكة
الإنترنت، فإنهم سيصبحون
عاجزين عن قمع المتظاهرين في
الشوارع بلا هوادة. ويخشى
القادة الصينيون من أنه إذا بحث
المواطنون بحرية عبر محرك البحث
«غوغل»، فإن الحزب الشيوعي
سيفقد أداة رئيسية للسيطرة. بيد أن
المفارقة تكمن في أن جهود
السيطرة على المعلومات في عصر
الإنترنت تحمل في داخلها عناصر
فشلها، ذلك أنها تستلزم آليات
دقيقة ومتجددة باستمرار لفرض
الرقابة، الأمر الذي من شأنه
عزل الدولة التي تمارس ذلك عن
الاقتصاد العالمي. ربما يفلح
هذا الأمر في دولة مثل كوريا
الشمالية، حيث فرضت على الشعب
منذ فترة بعيدة العزلة عن
العالم بحيث باتوا عاجزين عن
إدراك الصورة التي يبدو عليها
العالم. إلا أنه لن يفلح مع
الإيرانيين أو الصينيين الذين
يروق لهم الاتصال بالعالم
ويرغبون في مزيد من التواصل
معه، وليس أقل. ومع
ذلك، يصر خصوم حرية الصحافة على
موقفهم، رغم علمهم أنهم يخوضون
معركة خاسرة. عام 2001، سألت لي
كوان يو، قائد سنغافورة السابق،
لماذا استغلال قانون التشهير
وأدوات أخرى في قمع منتقديه. وفي
رده، اعترف رئيس الوزراء
السنغافوري بأن الرقابة تؤتي
بنتائج عكسية في عصر الإنترنت.
وقال: «إما أن تستخدم الإنترنت
أو تصبح متخلفا». ومع ذلك، استمر
محامو سنغافورة في استصدار
أوامر قضائية ضد الأخبار التي
لا تروق للقيادة. من
جانبي، يخالجني الحذر حيال دعوة
بولينغر لتوفير الدعم العام
للمنظمات الإخبارية الأميركية
في الفترة العصيبة الراهنة،
وأخشى أن تعني مزيدا من «التداخل»
بين الحكومة والصحافة في وقت
نحتاج فيه لقدر أقل من هذا
التداخل. إن الصحافيين
الأميركيين بحاجة لحماية
صورتهم المستقلة، في الداخل
والخارج. كما أنهم بحاجة لطمأنة
الناس لأنهم عمدوا إلى تفحص
وتطهير قناعاتهم الشخصية -
الوطنية والآيديولوجية
والثقافية والدينية - عندما
انضموا إلى العمل الصحافي. إلا
أن مسألة تلقي إعانات عامة تزيد
من صعوبة هذا الأمر. أيضا،
يساورني قلق حيال التنظيم
الدولي للمعلومات أو جمع
الأنباء والأخبار، حتى وإن كان
هذا باسم الانفتاح. لذلك، أتمنى
أن أرى الصحافيين يقاتلون
بضراوة أكبر عن أنفسهم في هذه
المعركة - عبر التعاون مع
أقرانهم في الصين وإيران، ومئات
الدول الأخرى الأقل رقابة، سعيا
لتحقيق قدر أكبر من الإتاحة
للمعلومات والانفتاح. لكن
مثلما أوضح بولينغر، فإن
الحكومة الأميركية تحمل على
عاتقها اليوم مسؤولية حماية
التدفق الحر للمعلومات
الإلكترونية، مثلما يحمي
الأسطول الأميركي حرية الملاحة
في أعالي البحار. وعليه، لا
ينبغي ترك «غوغل» تخوض معاركها
الرقمية بمفردها أو القلق من
أنها إذا تصدت للرقابة، ستسارع
«مايكروسوفت» لاقتناص الفرص
التجارية منها. الملاحظ
أن دعوة بولينغر لإقرار تعديل
أول عالمي لاقى انتقادات
باعتباره مفرطا في المثالية،
لكن تحرك العالم المستمر نحو
شبكة الإنترنت ينبئني أننا على
الجانب الصحيح من التاريخ حيال
هذه القضية. لقد ولدت شبكة
الإنترنت حرة، وينبغي أن نصر
على ألا تصدر أية حكومة قانونا
ينتهك هذه الحرية. ======================= "1" "الموريسكيون..حقيقة
تاريخية ودرس انساني موجع" العرب
القطرية 9/4/2010 نوال
السباعي - مدريد هذه هي
المرة الاولى منذ ثلاثين عاما
التي أقصد بها منطقة الجنوب
الاسباني آتية من مدريد ،
وبالقطار ، وهذه هي المرة
الاولى التي اعيش فيها هذه
التجربة الغريبة ، مواكبة خطوط
سير سكان شبه الجزيرة الإيبيرية
من المسلمين الذين طردوا من هذه
البلاد واستؤصلوا عن بكرة أبيهم
منها ، وهذه هي المرة الاولى
التي استمع فيها وخلال ثلاثين
عاما في اسبانيا الى برنامج
اذاعي مدته ساعة ونصف بالتمام
والكمال يتحدث جملة وببعض
التفاصيل عن حياة "الموريسكيين"
، ومعاناتهم ، والطرق القذرة
البشعة التي اتبعتها محاكم
التفتيش لإبادتهم واجتثاثهم من
أرضهم ودينهم ووجودهم الإنساني
والحضاري ، تلك الطرق التي نجحت
فيها مملكة" قشتالة "-حيث
لم تكن اسبانيا في حينها تسمى
اسبانيا أصلا ، ولم تكن حدودها
الانسانية والثقافية
والجغرافية معروفة كما هي عليه
اليوم- أيما نجاح في إبادة شعب
كامل ومحوه من الحاضر والمستقبل
، وإلى درجة أن قررت فيها
الامبراطورية القشتالية بقيادة
الكنيسة الكاثوليكية في حينها
تجربة حظها مع شعوب أمريكا
الجنوبية وبنفس الطرق "الناجعة
" التي اتبعتها مع مسلمي
البلاد والذين كانوا سكان هذه
المنطقة من العالم خلال ثمانمئة
عام لاأكثر ولا أقل!! أي عشرة
أجيال !، هكذا استطاع الاستعمار
القشتالي القضاء على حضارة"
المايا" كما
حضارة" الأندلس" ، وبطريقة
فريدة من نوعها في التاريخ ! ،
حيث لم يستطع أي استعمار أو
استيطان أو غزو أو سمه ماشئت
وعلى مر التاريخ استئصال العنصر
الإنساني الديني الحضاري لشعب
من الشعوب على الطريقة "القشتالية"
كما حصل في كل من الأندلس
وأمريكا الجنوبية ، لقد تجاوزت
أعداد الذين تمت إبادتهم على يد
هذا المستعمر المتوحش المسلح
باسم الدين والرب سبعين مليوناً
في أمريكا التي أصبحت اليوم
تسمى باللاتينية ، كما تم تحويل
وقتل وإجلاء الملايين من
المسلمين من الأندلس في حينه !. في
الطريق من "ألكانتة" إلى
"بنيدورم" أحد أهم
المنتجعات الاسبانية شرقي
اسبانيا على شواطيء المتوسط ،
كانت الاذاعة الوطنية
الاسبانية الاولى – راديو
ناثيونال1- تقدم برنامجا
وبالوثائق التاريخية ،
وباستعراض آراء العدديد من
المؤرخين اليهود
والاسبان والفرنسيين
والانكليز ، عن "الموريسكيين"
، وهم المسلمون واليهود الذين
بقوا في الأندلس بعد أن سقطت بيد
القشتاليين ، ومعانتهم خلال
ثلاثمئة عام .. ثلاثة قرون ، تحدث
المذياع عن ذلك الارهاب المنظم
الذي كان يمارس ضد الناس
لإرغامهم على تغيير أسماء
أولادهم وحاراتهم وشوارعهم
ومدارسهم ، ارهاب بقوانين
حكومية تدعمها الكنيسة يحمل
الناس على تغيير ملابسهم ..ألوانها
وأشكالها ، يجبر الناس على ترك
عاداتهم الدينية ، فلاختان ،
ولاأعراس إسلامية أو يهودية ،
ولاغسيل للموتى ، ولادفن على
الطريقة الاسلامية أواليهودية
، ولاغسل من جنابة أو حيض أو
نفاس ، ولاصلوات علنية ولاسرية
، الأبواب يجب أن تبقى مفتوحة
ليُراقب كل ما يجري في بيوت
القوم ، ولاتكفي العين والأذن
للاتهام والريبة والشك ثم
تقديم البلاغ ، فلقد دخل الأنف
كذلك حيز العمل في المخابرات
القشتالية تلك ، فكل من تفوح من
بيته رائحة القلي والطبخ والنفخ
بالزيت هو مسلم أو يهودي
لامحالة ، لقد صدر أمر بإرغام
الناس على الطبخ بدهن الخنزير
وحسب ، وكل من يُضبط متلبسا
بالطبخ بغير هذا الدهن يُساق
الى محاكم التفتيش ليُحرق في
الساحات ، لقد حُرّمَت في مملكة
قشتالة كل روائح العطر والطيب
سواء خرجت من طعام أو إنسان أو
دار ، وعاشت مملكة الرعب تلك على
رائحتين فحسب رائحة دهن الخنزير
ورائحة شواء اللحم الإنساني !!. لاعتب
على المستعمر الأمريكي في
غونتانمو أن لجأ إلى حرمان
المعتقلين من حواسهم الثلاثة ،
ولكن لم يبلغ به الحال أن حرم
الناس من حاسة الشم والذوق ،
فهذه طبقة من التوحش لم نسمع
عنها إلا في مملكة قشتالة التي
كان ملوكها قد وقّعوا على وثيقة
"شرف" يوم تسليم غرناطة
بحماية أعراض الناس ودينهم وعدم
الاساءة إليهم في عاداتهم
المعيشية والحضارية ! لقد كان
حبر الغدر على ورق النصر !!. قرأت
كثيرا عن محاكم التفتيش الكنسية
في مملكة قشتالة
ولكن أن تسمع تلك المعلومات
في الراديو القومي الرئيسي
ولمدة ساعة ونصف في تحقيق علمي
موثق ، فهذا أمر آخر مختلف تماما
!، يقال أن مدينة ألكانتة
الاسبانية الشرقية السياحية
سُميت بهذا الاسم بسبب رجل
مجنون يدعى
"علي" كان
يتجول مؤذنا في الشوارع فظنه
المستأصلون مُغنيا ، وسميت
البلدة باسمه ، "ألي كانتِه"
، تعني بالاسبانية "علي غنِ"
، لاأريد أن أحرف الأسماء على
الطريقة الليبية فأنسب كل لغات
الأرض إلى اللغة العربية ، ولكن
مما لاشك فيه أن 11% بالمائة من
الكلمات في اللغة الاسبانية
الحالية المعاصرة هي كلمات
عربية باللفظ والمعنى ، وحتى
منتجع "بنيدورم" السياحي
على الشاطيء يحمل اسما عربيا
صرفا "بني دورم" ولو أنني
لاأعرف أصل اشتقاق " الدورم"
هذه ، وأترك هذه المهمة
للباحثين المشتغلين في هذه
الآثار اللغوية والكنوز
المعرفية التي تمنحنا بين الحين
والحين مبررات حقيقية لاستئناف
التفكر والتدبر في موضوع
التاريخ الاسلامي في الأندلس ،
نشأته ، قيامه، انحساره ، ومن ثم
سقوطه واستئصاله بأبشع طريقة
ممكنة . هل
ُتُعلمنا هذه الاكتشافات شيئا ؟
هل نفيد مما نتعلمه؟ هل استطاع
"العرب" إدراك ذلك الدرس
التاريخي الرهيب ؟! وماعلاقة
ذلك التاريخ بنا اليوم ،
ومازلنا وبعد مرور خمسمئة عام
عليه نعيشه وكأنه ماثل اليوم
بأشخاصه وأحداثه في ضمائرنا
لايكاد يغيب عنها؟ ، لفت نظري
كثيرا ماكتبه الدكتور زروق في
العرب القطرية يوم الثلاثاء
6\4\2010 تحت عنوان "رمزية المكان
بين العقل والعاطفة" إذ قال:"ان
مسجد قرطبة الذي نشبت فيه مشادة
بين سائحين من الشباب
النمساويين المسلمين وبين قوى
الأمن الاسباني ليس ءاولى
القبلتين ولاثالث الحرمين"!!
، لقد صدق في هذه الملاحظة
التاريخية الى درجة وجب معها أن
نقف لديها وقفة مراجعة شاملة مع
أنفسنا في زمن لايتجرأ فيه مسلم
غير فلسطيني على اختراق الحصار
الاسرائيلي الصهيوني والاقدام
على الصلاة في اولى القبلتين
وثالث الحرمين الأسير !،و في وقت
زالت فيه مملكة قشتالة
وأصبحنا نعيش واقعا تاريخيا
مختلفا عن ذلك الذي كان سائدا
قبل مئات الأعوام، كثير من
الكنائس القديمة أصبحت اليوم
مساجدا ، وكثير من المساجد
القديمة صارت اليوم
كنائس ، بفعل الأعراف
الحربية التي كانت سائدة
في حينه على الرغم من أن عمر
بن الخطاب كان قد تنبه قبل 1500
عام إلى هذا الخطأ الإنساني
الفاحش ، فرفض أن يصلي في كنيسة
القيامة خشية أن يتخذها
المسلمون مسجدا من بعده فيغصبون
النصارى حقا تاريخيا دينيا!. لقد
تبدلت أجيال وأجيال من بني
البشر ، فلا الاسبان اليوم هم
جند قشتالة ولارجال دينها
القساة المتوحشين ولاشعبها
الخانع الذليل المصفق للطغاة
المجعجع للغالبين الواشي
بالضعفاء والمساكين، ولا
المسلمون المقيمون فيها هم من
الموريسكيين الذين غُلبوا على
أمرهم ، وساقتهم أقدارهم إلى
مصير يستعيذ من مثله أهل الأرض
جميعا !. لماذا
حدث ماحدث في قشتالة بعد سقوط
غرناطة؟! ، أظن أن هذا هو السؤال
الذي بقي يتردد منذ خمسمئة عام
على أذهان كثيرين جدا ومن مختلف
أصقاع الأرض ، من مختلف
الانتماآت الدينية والعرقية
والقومية ، ولعل هذه الحال من
الألم التاريخي الموجع لدى
المسلمين كلما ذكروا الأندلس
تتعلق بعدم وجود إجابة شافية
واضحة على هذا السؤال !، لقد
اكتشفت في رحلتي هذه كثيرا من
الأشياء التي لاأستطيع معها أن
أسمي هذه الحالة "حالة
أندلسية" ، إنها "ألم
أندلسي" قديم ، اختلط فيه
الحابل بالنابل ، فلاندري ونحن
نتحدث عنه عن ماذا نتحدث
بالفعل؟ ، عن استئصال ذلك
الشعب؟ ، عن إبادته عن بكرة
أبيه؟ ، عن توحش الانسان باسم
الدين وتغوله إلى درجة تحوله
إلى مصاص دماء يقوم بجرائمه
بتفويض من السماء؟ ، أم عن الحرب
الأهلية الاسبانية التي أحيت
ماأحيته من آلام وجراح ووحشية
بين الأخ وأخيه في نفس المقاطعة
الاسبانية الجنوبية التي تحمل
اسم "أندلوثيا" – الأندلس-؟
، أم أننا نتحدث عن فلسطين اليوم
التي نعيش مأساتها دقيقة فدقيقة
وعلى الهواء مباشرة في حال من
العجز والوهن والخذلان تشبه الى
حد بعيد ماواجه به المسلمون قبل
خمسمئة عام محنة اخوانهم في
الأندلس؟ ، تغير الزمان وتغير
المكان ، ولكن المرض لم يتغير ،
مرض تسليم الأخ أخاه إلى الذبح
صمتا وخذلاناً. تحكي
الوثائق التاريخية أن بعض
الموريسكيين بذل كل مايملك من
مال لتغيير اسم عائلته وتاريخ
شجرتها ، حتى لايعرف له أصل
ولافصل يمت إلى الاسلام أو إلى
اليهودية بصلة ، ولكن وعلى
الرغم من ذلك فان الكنيسة لم
تشفع له ولا لذريته ، وبعد مائة
عام استُأصِلت تلك الأسر التي
ٌيشتبه في أنها من أصل غير
كاثوليكي من البلاد ، وطرد
الناس عبر معابر مخصصة عن طريق
بلنسية وألكانتة وجبل طارق ،
ولما تم الخروج الكبير والأخير
الذي احتفلت به مقاطعة "بالنثية"
قبل أشهر باعتباره عيدا وطنيا ،
خرجت إليهم في الطريق عصابات
منظمة من القشتاليين من قطاع
الطرق واللصوص لتغتصب نساءهم
وصبيانهم وتذبح أطفالهم
ورجالهم ، ثم أغرقت السفن التي
استطاع البعض أن يستأجرها بشكل
سري ونهبت الأموال ، وتم خطف
الاطفال الذين تم بيعهم الى
الأسر القشتالية لاحقا . يتحدث
التاريخ عن فظائع البربر
والمغول والرومان والأتراك
والقياصرة سابقا ، وعن مذابح
اليهود والصرب ووالانكليز
والفرنسيين والأمريكان والهوتو
في حاضرنا الأليم ، يتحدث عن
الجند الذين إذا دخلوا قرية
أفسدوها وجعلوا عالي أهلها
أسافلا ، فهل يمكن للتاريخ أن
يحتمل قدرة الانسان على إعادة
الخطأ ألف مرة ، قاتلا ومقتولا ،
ظالما ومظلوما ، طاغية وراضخا
للطغيان ، رحم الله المورسكيون
، وغفر لهم ، وأعاننا على
استيعاب الدرس التاريخي الأليم
الذي يحلو للبعض أن يدندنوا به
متلاعبين بعواطف الجيل المعاصر
الذي يجب عليه أن يقرا التاريخ
قبل أن يبحث عن مكان له فيه في
المكان الخطأ والزمان الخطأ.
كانت
هذه أول محطة لي مع "الرحلة
الأند...."
والتي لاأستطيع أن أسميها
"الرحلة الأندلسية" ،
لأنها كانت أي شيء إلا أندلسية!!. -يتبع- ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |