ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تركيا ومعايير قوة الدولة الإقليمية

د. أحمد جلال محمود

4/22/2010

القدس العربي

تعد تركيا في الوقت الراهن قوة إقليمية وفقًا للمعايير التى أشارت إليها الأدبيات المتخصصة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فعلى الرغم من اختلاف معايير قوة الدولة الإقليمية من نظرية سياسية إلى أخرى، حيث أن بعضها يرتكز على مؤشرات عن حجم السكان، ومستوى التمدن، والمستوى الصناعي وحجم الناتج الصناعي، في حين يرتكز البعض الآخر على استهلال الطاقة والقوة العسكرية، وكلها عوامل في حقيقة الأمر تؤثر في قوة الدولة الإقليمية، إلا أن المعايير التي أشار إليها أستاذ العلاقات الدولية المعروف 'كينيث والتز' في قياس قوة الدولة تعتبر هي الأساس التى تعتمد عليه مراكز الأبحاث والدراسات في تقييم قوة الدولة في الوقت الراهن وهي:

عدد السكان والامتداد الجغرافي.

الموارد الطبيعية التي تضمها.

وضعها الاقتصادي.

استقرار النظام السياسي.

قوتها العسكرية.

وقبل تطبيق هذه المعايير على الجمهورية التركية، يجدر بنا في بداية التحليل أن نشير إلى مفهوم الدولة الإقليمية (Regional State)، فالدولة الإقليمية هى الدولة التى تشارك بقوة وبشكل مؤثر في كافة التفاعلات الإقليمية المحيطة سواء الحدودية مع دول الجوار أو التفاعلات الإقليمية داخل دائرة المجال الحيوي لها.، حيث أن قوة الدولة الإقليمية تنبع من قوة حضورها الإقليمي في القضايا ذات الاهتمام المشترك في دوائر اهتمامها الإستراتيجي، فقد أدركت النخبة السياسية التركية أهمية الاستفادة من ظاهرة الإقليمية الجديدة (New Regionalism) وقامت بتوظيفها بكفاءة وفعالية وهو ما سيتضح في هذا التحليل.

ويمكن تطبيق المعايير التى أشار إليها 'كينيث والتز' على تركيا، وهي النقطة الأساسية التى يدور حولها التحليل على النحو التالي:

بالنسبة للمعيار الأول وهو عدد السكان والامتداد الجغرافي: يمكن التأكيد على أن تركيا تتوسط قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، أي أنها تقع في قلب المجال الجغرافي المصطلح على تسميته 'أوراسيا' وهي بذلك تعتبر المنطقة الوسطية المتحكمة في منطقة ' قلب العالم' كما أنها دولة قارية وبحرية في نفس الوقت و لها حدود مع العراق وسورية وإيران، كما أنها تطل على البحر الأسود في الشمال والبحر الأبيض المتوسط في الجنوب، وهذا ما يؤكد على أن تركيا دولة محورية في مجالها الجغرافي، وتمتد بسياستها الخارجية إلى الدوائر الإقليمية الخمس وهي (دائرة منطقة البلقان- دائرة منطقة القوقاز وأواسط آسيا دائرة شرقي البحر الأبيض المتوسط دائرة الشرق الأوسط دائرة المنطقة الإسلامية)، فضلاً عن هذا تحتل تركيا المرتبة ال17 عالميًا من حيث تعداد السكان (76 مليون نسمة تقريبًا وفقًا لتقديرات 2009).

أما عن المعيار الثاني وهو الموارد الطبيعية التى تتمتع بها: يتوافر في تركيا الموردان الأكثر أهمية على صعيد المنطقة وهما المياه والغذاء، وهما موردان تتوقّع الدراسات المستقبلية أن يتسببا بصراعات دولية للاستحواذ عليهما في ظل الشح الذي تعاني منه الدول جراء تناقص منسوب المياه والافتقار إلى الاكتفاء الغذائي في ظل تنامي السكان.

أما المعيار الثالث وهو الوضع الاقتصادي: فيمكن القول أن تركيا حققت معدلات نمو مرتفعة منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002 ، حيث مر الاقتصاد التركي بعملية تحول كبيرة طيلة السنوات السبع'الواقعة ما بين الأزمة الاقتصادية الداخلية 2001 والأزمة الاقتصادية العالمية 2008. وكان من نتائج'ذلك أن قفز الناتج المحلي'الإجمالي من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار،'بمعدل نمو بلغ 6.8 ' سنويا، وانعكس ذلك على دخل'الفرد فزاد من 3300 دولار إلى'10.000 دولار، كما'نجحت'الدولة في معالجة مشكلتي'العجز والتضخم وما نجم عنهما من اختلالات، وأصبحت واحدة من أكثر الدول جذبا للاستثمار الخارجي، واحتلت'بذلك كله المرتبة'السادسة عشرة'في ترتيب أكبر الاقتصاديات العالمية'والمرتبة السادسة'أوروبيا.

أما عن المعيار الرابع والخاص باستقرار النظام السياسي الداخلي: هنا نؤكد على أنه لولا السيطرة المدنية من قبل حزب العدالة والتنمية وهو الحزب الحاكم منذ عام 2002 على المؤسسة العسكرية لما تحقق هذا الانجاز السياسي الاقتصادي العسكري، هذا لا ينفي أن هناك أزمة في العلاقات المدنية العسكرية داخل تركيا، وأزمة في النظام السياسي، إلا أنه لم يصل إلى حد الانقلابات على الحكومة كما حدث من قبل، فحكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قامت ببناء علاقات متوازنة من خلال السيطرة على كافة القوى السياسية الداخلية- في الداخل من أجل تحقيق التنمية والإصلاح، وعلاقات أكثر توازنًا في الخارج من أجل صياغة سياسة خارجية حكيمة من أجل تحقيق الأمن والسلام بقيادة أستاذ العلوم السياسية المفكر وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو.

أما عن المعيار الخامس والأخير وهو القوة العسكرية: فقد حققت تركيا إنجازات عسكرية كبيرة على المستوى العسكري حيث أصبحت القوات المسلحة التركيّة ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة الأمريكية وهي ثامن أكبر جيش عالميا من حيث عدد الجنود الموضوعين في الخدمة، وهي أكبر من الجيشين الفرنسي والبريطاني مجتمعين.

هذه هي معايير الدولة الإقليمية، وها هو النموذج التركي الذي يضرب نموذجا في حكمة النخبة السياسية في إدارة إمكانيات الدولة بموقعها، ومواردها، وانتشارها الجغرافي بسياستها الخارجية في المناطق الإستراتيجية من العالم، من أجل تحويل تركيا إلى دولة محورية مركزية في التأثير في جميع التفاعلات الإقليمية المحيطة بها.

ومن مظاهر الدور الإقليمي لتركيا، تبرز منطقة الشرق الأوسط كنموذج واضح، فتركيا حققت نجاحا إستراتيجيا في إدارة العديد من الأزمات السياسية في الشرق الأوسط بفضل تطبيق نظريات وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو وهي نظرية التحول الحضاري ونظرية العمق الإستراتيجية ونظرية تصفير النزاعات وقد انعكس هذا بشكل مؤثر على دور تركيا في الوساطة بين سورية وإسرائيل، والدفاع عن القضية الفلسطينية حتى لو كان على حساب توتر العلاقات التركية الإسرائيلية، فضلاً عن أن تركيا سعت إلى بناء علاقات إستراتيجية مع العراق وسورية وإيران وهذه الدول الثلاث هي دول جوار لتركيا فلا تنظر تركيا إلى إيران على أنها خصم يجب إضعافه بل تقوم بتقوية علاقاتها بإيران من أجل تحقيق الأمن والسلام في الشرق الأوسط.

وفي المقالة القادمة إن شاء الله سوف نوضح سبل نجاح الحزب ولا سيما الثلاثي (أردوغان، غول، أوغلو) في دفع تركيا نحو الارتقاء الإقليمي والدولي عبر تعزيز قوتها الناعمة (Soft Power) وجعلها نموذجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على مستوى المنطقة يلفت الانتباه لجمعه بين القيم الثلاثة وهي الديمقراطية والعلمانية والإسلام.

' باحث دكتوراه في العلاقات الدولية

قسم العلوم السياسية جامعة حلوان

======================

الصين قوة عظمى.. كيف ومتى؟

المستقبل - الخميس 22 نيسان 2010

العدد 3631 - رأي و فكر - صفحة 19

ألبير خوري

"لن ترضخ الصين بعد اليوم. وجب على الولايات المتحدة أن تقتنع، من الآن وصاعداً، أن دورها كقوة عظمى ووحيدة على الساحة الدولية بدأ يتلاشى، ولن يتعدى هذا الدور نهاية العقد الثاني من القرن الحالي في أحسن الأحوال"..

ننقل هذا الكلام عن تصريح أخير أدلى به يانغ يي، الذي يشغل حالياً منصب قائد القوات البحرية الصينية، أكد فيه أن الضغوط الاميركية على بكين "ستنتهي إلى فشل ذريع". أضاف: "تسيء واشنطن الظن، إن هي حاولت بديبلوماسيتها الهادئة والمرنة، استمالة بكين إلى سياستها، أو تجميل صورتها تجاهها، كما تفعل عادة مع معارضيها في الداخل وحلفائها في الخارج، حتى تستقر العلاقات الأميركية الصينية، أو أقله إظهارها على هذه الصورة أمام الرأي العام العالمي". وتساءل يانغ يي: "كيف يمكن لإدارة الرئيس أوباما أن تتجاهل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم منذ بدايات الألفية الثالثة؟ وخصوصاً على الساحة الصينية؟ وكيف للصين أن تتراجع عن مواقفها ووعودها، وهي تستعد إن لم تكن أصبحت دولة عظمى تضاهي الولايات المتحدة بقوتها الاقتصادية ونفوذها الدولي. يجب على واشنطن أن تدفع ثمن أخطائها وتدخلاتها التي وضعت العالم على حافة الانفجار؟".

وزير الخارجية الصيني لم يكن أقل هجوماً. ففي التاسع والعشرين من كانون الثاني الماضي، ورداً على صفقة السلاح الأميركية لتايوان، أعلن وقف المفاوضات العسكرية بين البلدين، ومقاطعة الشركات الأميركية التي تولّت الصفقة. وأكد أن هذه الإجراءات "ليست سوى البداية" وقال: "في حال تمادت الإدارة الأميركية في مواقفها العدائية، فإن بكين ستلجأ إلى إجراءات أخرى قد تؤدي إلى أضرار أميركية فادحة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولدينا القوة الكافية والجرأة الكاملة لتحقيق ذلك بلا أدنى تردد".

ولفت الديبلوماسي الصيني الأول، إلى أن واشنطن اعتادت فرض العقوبات على الآخرين. انقضت هذه السنوات، وباتت الصين قادرة على المبادرات نفسها، ولا بد أن هذا التحوّل سوف يقلب المفاهيم والقناعات الاميركية رأساً على عقب.

وفي الإطار نفسه، توقع أحد المحللين السياسيين في الإدارة الصينية، ألا تؤدي صفقة السلاح الأميركية الأخيرة إلى تايوان، إلى تصعيد الأزمة بين الدولتين، لافتاً إلى استحالة أن تبادر الدولتان إلى قطع علاقاتهما الديبلوماسية". ولاحظ أن المفاوضات العسكرية بين الدولتين "ظرفية"، ولم تكن في يوم من الايام بالمستوى الذي يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام المحلية والدولية، وبالتالي فإن وقف المشاوات حول الحد من الأسلحة وتبادل الخبرات، لن يؤدي إلى انعكاسات تؤثر لا من قريب ولا من بعيد على أي من الطرفين".

وفي المقابل، وصف وزير خارجية الصين هذه التحاليل ب "السطيحة وغير الموضوعية"، مبدياً تخوفه من أن تتمادى الولايات المتحدة في مساعداتها العسكرية لتايوان. وقال: "ما أقدمت عليه الإدارة الأميركية في الفترة الأخيرة، خطيراً جداً. خصوصاً بعدما تبين أن ما تهدف إليه إدارة أوباما، هو التجسس على الصين ومن تايوان تحديداً. فإن استمرت في صفقاتها، فلن تتردد بكين في استخدام كل ما تملكه من وسائل الردع، وهي كثيرة ومتنوعة.

نائب قائد القوات البحرية الصينية يانغ يي يقول ان الأزمة الصينية الأميركية موضوع صفقة السلاح لتايوان إلى قضية سياسية. "فحتى لو باعت واشنطن سكيناً للجيش التايواني، فإن الصين لن تتوالى عن إعلان معارضتها". ورغم أن بكين لم تبادر إلى تسمية المؤسسات الاقتصادية المعنية بمقاطعتها، فإن بعضها أعلن حياديته الكاملة تجاه هذه القضية، لا بل إن بعضها الآخر، أدان صفقة السلاح الاميركية لتايوان.

وسط هذا الصراع يطرح السؤال: هل تبادر الصين إلى الانقضاض؟ بوني غلاستر، الباحث والمحلل في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن، يرى الأمور من وجهة نظر أخرى، ويؤكد أن ما تتخذه بكين من قرارات لن يمنع الولايات المتحدة من بيع أسلحة لتايوان. "ففي الملفات الدولية والإقليمية، مثل التبدلات المناخية والسلاح النووي الإيراني والكوري الشمالي، تبقى المصالح الأميركية فوق كل اعتبار، وكذلك الحال بالنسبة لمصالح وأمن الصين".

يانغ يي من جهته يحيل القضية برمتها إلى الإدارة الصينية، وما تتخذه من قرارات. "فحين تبادر بكين إلى مقاطعة الولايات المتحدة، فإنها بذلك تزاحم الولايات المتحدة على القوة العظمى والوحيدة في العالم. وهذا يتطلب بعض التضحيات في المصالح الآنية الراهنة، إذا ما أردنا كسب رهانات المستقبل. في حين يرى البروفيسور جينع خيانكينغ من معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لكلية وزارة الدفاع الصينية ضرورة أن توقف واشنطن بيع الأسلحة لتايوان، وذلك تنفيذاً للمعاهدة الأميركية الصينية الموقعة في السابع عشر من آب 1982 وفيها "تعمل الولايات المتحدة على خفض بيع الأسلحة لتايوان"، وبالتالي على واشنطن أن تعلن صراحة وفي نهاية المطاف، متى تلتزم بنود الاتفاق فتبادر إلى تنفيذه".

ولكن ماذا لو أصرّت الإدارة الاميركية على مواقفها؟ لا يجد البروفيسور خيانكينغ حرجاً في التأكيد على أن الصين مستمرة في مساعيها لاحتلال موقعها الطبيعي والمتقدم جداً على الساحة الدولية، " ولا بد أنها حين تتعادل عسكرياً مع الولايات المتحدة، فإنها تكون قد امتلكت ما يكفي من القوة والنفوذ لتجعل قراراتها نافذة أمام واشنطن وغيرها من العواصم الدولية الكبرى".

======================

وجه نتنياهو المتجهم

الان فراشون

«لوموند» الفرنسيّة

ترجمة: زهراء مرتضى

الرأي الاردنية

22-4-2010

لم تكن إذاً سوى تمريرةٍ سيّئة. فالقدس وواشنطن تتبادلان منذ بضعة أيّام كلماتٍ معسولة ومهدّئة. يكاد الكلّ يؤكّد أنّ العلاقة الإسرائيليّة الأميركيّة ما زالت على حالها: تملك من القوّة ما يسمح لها بتخطّي بعض العواصف.

كانت الولايات المتّحدة قد عرضت لتوّها على الملأ خلافاً كبيراً لها مع إسرائيل. هي تعترض على مشروع حكومة بنيامين نتنياهو في بناء سلسلة من المجمعات السكنيّة في الجزء العربي من القدس، وتطالب بتأجيله مدّة 4 أشهر حتى تتيح استعادة المحادثات الإسرائيليّة الفلسطينيّة.

وتّرت هذه المسألة الأجواء أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن لإسرائيل أوائل مارس الماضي، وأفسدت على «بيبي» نتنياهو إقامته في واشنطن أواخر الشهر ذاته. أمّا اليوم، فتوتّرٌ حقيقي في الأجواء لكن لا شيء حاسما. والخلاف لم يتمكّن من هدم علاقةٍ متينة استطاعت أن تواجه صراعاتٍ عدّة.

نستطيع أن نقرأ هذا الخلاف بطريقةٍ مختلفة، وأن نقول انّه على العكس، ليس عابراً إطلاقاً. بل هو مفصلٌ حاسم للبلدين، وقد يتحوّل الى صراعٍ سياسي من الدرجة الأولى. فهو يضع وجهاً لوجه رجلين لا يجمع بينهما شيء، وسياستين يصعب التوفيق بينهما. باراك أوباما يريد التهدئة مع العالمين العربي الإسلامي وذلك لا يمرّ الا عبر التطور في المحادثات الإسرائيليّة الفلسطينيّة وإيقاف بناء المستوطنات. زعيم اللّيكود من جهته، مهما كان عملياً، فهو يدير حكومة من اليمين تريد الاستمرار في الاستيطان، وسينفجر عند أوّل تطوّرٍ ممكن في محادثاته مع الفلسطينيّين.

عودةٌ صغيرة الى التاريخ. شأنه شأن قطاع غزّة والضفة الغربية، تمّ احتلال الجزء الشرقي من القدس في العام 1967 خلال الحرب الإسرائيليّة العربيّة. لكن في حين تركت إسرائيل وضع القطاع والضفة من دون تحديد، قامت مباشرةً بإلحاق القدس الشرقيّة بأراضيها. لم تعترف الولايات المتّحدة يوماً بهذا الاستيلاء، كما اعترضت دوماً على عمليّات البناء الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيّة: وهي سياسة الأمر الواقع التي تضيّق إمكانيّات إيجاد حلٍّ جدي.

إسرائيل تريد أن تكون القدس الموحّدة عاصمتها، بينما يطالب الفلسطينيّون بجعل القدس الشرقيّة عاصمةً لهم. لكنّ الاعتراضات الأميركيّة لم تتخطَّ حتى اليوم عتبة الكلام والإثبات على ذلك واضح، حيث انّه بعد 40 سنة من العام 1967، يوجد ما يقارب 300 ألف إسرائيلي يعيشون في الضفّة الغربيّة، و200 ألف في الجزء الشرقي من القدس. لقد تركت الولايات المتّحدة لإسرائيل الحريّة المطلقة. يعود ذلك لسببٍ أساسي: ففي الشراكة التي تربطها بإسرائيل، بقي الخلاف على الأراضي هامشياً.

حيث انّ التحالف الذي أبرمه البلدان ضمنياً أواخر العام 1960 كان قبل كلّ شيء تحالفاً استراتيجياً: خلال الحرب الباردة، كانت اسرائيل تشكّل للولايات المتّحدة محطّة دعمٍ لا تثمّن في الشرق الأوسط. فطالما كانت مصر والعراق وسوريا في معسكر موسكو وحافظت على موقعها المحارب ضدّ اسرائيل. أخذت العلاقات بين الأميركيّين والإسرائيليّين تتوطّد مع مرور السنوات، من الناحية السياسية والعسكرية والثقافية. وما ان طويت صفحة الحرب الباردة، شكّلت الحرب على الحركة الإسلاميّة محرّكاً جديداً.

غير أنّ الأجواء الاستراتيجيّة تتبدّل، وتكاد توّلد اصطداماً بين سياستي أوباما ونتنياهو. حيث ان أوباما يملك صورةً شاملة عن الشرق الأوسط، ويريد تشكيل حلفٍ عربي يعرقل الطموحات النوويّة لإيران. «امبرياليّة» طهران تخيف معظم الزعماء العرب وسيتعلّقون أكثر وأكثر بالولايات المتّحدة اذا ما استطاعت أن تحدث تقدّماً في تحقيق مطالب الفلسطينيين، وخصوصاً تلك المتعلّقة بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ووقف سياسة الأمر الواقع في القدس الشرقيّة.

الولايات المتّحدة ملتزمة بقضايا العالمين العربي الإسلامي، بحسب ما قاله الجنرال ديفيد بتراوس في 17 مارس. هو قائد القيادة الوسطى الأميركيّة والمسؤول عن أفغانستان والعراق ولم يتوانَ في التعبير عن قلقه للجنة القوّات المسلّحة في مجلس الشيوخ معتبراً أنّ الولايات المتّحدة في هذا النطاق تُشبّه بإسرائيل، وتتأثّر سلباً بتصرّفات حليفتها، أكان الأمر في محلّه أو في غير محلّه. الرسالة موجّهة ل«بيبي» نتنياهو: مشاريعكم في القدس تخصّ أيضاً جنودنا المتواجدين على الأرض...

نادراً ما تمّ تناول خلافٍ واضحٍ في المصالح الاستراتيجيّة بين الحليفين بهذه العلنيّة على طاولة النقاش في واشنطن. يطمئن الإسرائيليّون أنفسهم في القدس متحدّثين عن وجهٍ آخر للعلاقة الإسرائيليّة الأميركيّة. هي ليست استراتيجيّة فقط، بل أبعد من ذلك، عاطفيّة. الأميركيّون يحبّون إسرائيل. هم أكثر من الأوروبيّين، يظهرون تعاطفاً طبيعياً مع ما تمثّله إسرائيل ولا حاجة لاستخدام لوبي يهودي أو آخر حتى يتمّ ذلك، لأنّ الأمر أكثر تعقيداً وعمقاً. يجدر البحث في خبايا روح هاتين الدولتين.

هل لأنّ الدولة العبريّة تشكّل الديموقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط؟ هل لأنّ اليهود والبروتستانتيّين يملكون العلاقة ذاتها مع النص الإنجيلي؟ هل لأنّ فكراً رائداً ما يطال نقطةً حساسة في الولايات المتّحدة؟ هل لهذه الأسباب مجتمعة؟ ففي نهاية شهر مارس وبينما كان يحتدم الخلاف حول مسألة القدس، أظهرت نتيجة استطلاع اجرته شركة غالوب نسبة تأييدٍ قياسية لإسرائيل في الولايات المتّحدة بلغت 63%.

لكن هذا الرقم يخفي تطوّراً ما في علاقة الحبّ المتبادلة تلك. من بإمكانه أن يديرها؟ تضع النخب الأميركيّة مسافةً بينها وبين الحكومة الإسرائيليّة ومخزون التعاطف المطلق مع إسرائيل لم يعد موجوداً في معسكر الديموقراطيّين كما لطالما كانت الحال، بل لدى الجمهوريّين. تشنّ موجة البروتستانتيّين الإنجيليّين أكثر المناوشات حماسة وأكثر المتنوّرين بينهم يعتبرون أنّ بناء المستوطنات في الضفّة الغربيّة والقدس أمرٌ إنجيلي، باعتباره دعماً نفسياً وسياسياً لإسرائيل. كنّا لنتوقّع متانة أكبر من ذلك.

كان نتنياهو قد عاد مزهواً من زيارته الأولى لإدارة أوباما لاعتقاده أنّه استطاع أن يقنعه بمسألة توسيع الإستيطان. أما أواخر الشهر الفائت، فقد عاد بوجهٍ متجهّم، كأنّه يلمح غيوماً كثيفة في الافق.

======================

الطبيعة الاسرائيلية: جرائم واكاذيب

د. علي محمد فخرو

4/22/2010

القدس العربي

مسألة الهولوكوست النازية في أوروبا ومسرحية اللاسامية التي تعرض بمليون وجه، يجب أن تصبحا من بين اهتمامات العرب والمسلمين وأن لا تتركا في الساحات الغربية لإبتزاز الضمير الأوروبي المثقل بتاريخ إرتكاب الجرائم والخطايا ثم الشعور بالندم المذل، ولخداع الإنسان الغربي بقصص الأساطير والمبالغات ودموع التماسيح.

هذا الموضوع يهمنا إلى أبعد الحدود لأننا نكتوي بناره، إذ تقابله وتتفوق عليه ممارسة الهولوكوست الصهيوني في أرض فلسطين المحتلة وكذلك ممارسة اللاسامية الصهيونية في حق العرب والمسلمين أينما وجدوا. ذلك أن العالم كله، وبالأخص الأوروبي والأمريكي منه، يجب أن يعرف ويقتنع بأن ضحايا الظاهرتين من يهود الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي أصبحوا جزءاً من التاريخ. أما أبناؤهم وأحفادهم فأنهم لا يحق لهم أن يتحدثوا بانتهازية ووقاحة ضمير عن ظاهرتين تاريخيتين بشعتين وهم الذين يمارسونهما يومياً، وبصور أكثر همجية وإرهابية، في فلسطين المحتلة وفي كل الأرض العربية والإسلامية. إن المجرم لا يحق له التحدث عن أو باسم ضحايا إجرام الآخرين.

مناسبة الحديث عن هذا الموضوع هو قرار احدى المحاكم الألمانية بتغريم كاهن ألماني ثلاثين ألف دولار لأنه أنكر ظاهرة الهولوكوست في احدى المحطات التلفزيونية، مما يعيد طرح مسألة الأخطبوط المالي والإعلامي الصهيوني الذي نجح بامتياز في إبتزاز ضمير المجتمعات الغربية وإدخالها في جهنم سلسلة مشاعر الندم الخوف الاستجداء المذل ووصل الأمر إلى أن تصبح ظاهرتا الهولوكوست واللاسامية قضية مقدسة تعلو فوق حقوق حريات الرأي والاختلاف والشك والتعبير وطرح الأسئلة، بل انها تعلو في قدسيتها فوق قدسية الدين والإله والأنبياء، فأنت تستطيع أن تكفر بالله وبالدين وبالكنيسة وبالرسل وتجاهر بذلك، ولكنك لا تستطيع ممارسة طرح الأسئلة أو الاستفسار أو الشك العقلاني بالنسبة للظاهرتين.

لن تفضح الأكاذيب الصهيونية التي تبتز بها العالم إلا مقارنة علمية موضوعية بين عذابات ضحايا النازية الألمانية في ثلاثينات القرن الماضي وعذابات وآلام ودموع ضحايا الصهيونية في فلسطين وغيرها. فإذا كانت هناك صور أطفال يهود ماتوا جوعاً أو صور ترحيل قسري أو معسكرات اعتقال أو جدران الغيتو أو صور بشر يساقون إلى حتفهم إبان الهولوكوست النازي في ألمانيا، فان هناك صوراً مماثلة، بل أشد بشاعة وأكثر بربرية ولا إنسانية، ترى الموت ومعسكرات الاعتقال وهدم البيوت وحرق الزرع والإعتداء على المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وهي تمارس بتلذذ وصلف من قبل مرتزقة المؤسسة الصهيونية القابضة على رقبة فلسطين وشعبها.

هذه المفارقة بين بكائيات اليهود الصهاينة على تاريخ مضى وبين ما يفعلونه اليوم بحق الضحية الفلسطينية يحتاج لأن يكون مادة لمشروع عربي يطرح على العالم الغربي.

هناك حاجة لتأليف المؤلفات التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية والروائية الأدبية والأفلام الوثائقية والقصص السينمائية ورسائل الانترنت، باللغات الانكليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والصينية والروسية، لإبراز مقارنة علمية موثقة، صورة بصورة وكلمة بكلمة وسياسة عنصرية بسياسة ودمار للأرض والحرث والنسل بدمار مماثل، حتى يعرف العالم بأن دموع اليهود الصهاينة هي دموع كاذبة وطلب الإنصاف التاريخي هو تمثيل المجرم القاتل لدور الضحية وهو الذي يلغ في دماء ضحاياه بدون أدنى شفقة.

لا يوجد جهد أكثر خدمة للقضية الفلسطينية من جهد فضح الإبتزاز الصهيوني السياسي والمالي والأخلاقي للعالم كله عندما تستعمل عذابات يهود الثلاثينات كقميص عثمان ترفعه المؤسسة الصهيونية في وجه كل من تسول له نفسه انتقاد الوجود الاستيطاني الصهيوني في فلسطين وممارساته الهمجية تجاه العزل وتجاه كل من يرفع سلاح المقاومة في وجهه.

إذا كانت مؤسسة القمة العربية صادقة في وقوفها في وجه المشروع الصهيوني - الأمريكي الظالم فأنها، وبالتنسيق مع الدول الإسلامية، وبتجييش لحماس المجتمع المدني العربي وإمكانياته، مطالبة بأن تقدم على إقامة مركز متخصص للقيام بهذه المهمة. عند ذاك يستطيع هذا المركز أن يستعمل كل الإمكانيات البحثية والتأليفية والنشرية عند العرب والمسلمين وعند كثير من أحرار العالم، وذلك من أجل أن يرى العالم، بصورة مستمرة وتراكمية وعبر كل وسيلة ممكنة وفي كل المحافل السياسية والإعلامية والفنية، حقيقة الذين يبتزون ضميره وإنسانيته بينما يمارسون يومياً كل مكونات الهولوكوست والإبادة العرقية ويعبرون في خطاباتهم وأفعالهم أقبح تعبيرات اللاسامية. أمام هذا المركز جهد عظيم بذله الألوف من الكتاب والبحاثة الشرفاء في العالم كله، وما عليه إلا أن ينسق ذلك الجهد مع الجهود العربية لفضح الصهيونية وتعرية أكاذيبها.

======================

ثوب الديموقراطية.. من يفصّله؟

محمود ابراهيم الحويان

 الدستور

22-4-2010

منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر الفين وواحد ، وحتى الان ، وما تزال الولايات المتحدة الامريكية ، تاخذ معها العالم عنوة ، نحو طريقين ، وهي تعرف تماما ، انهما متوازيان لا يلتقيان.

الارهاب والديموقراطية ، فعلى مدى تسع سنوات ، شعرت بها واشنطن ان استهدافها لم يأتً نتيجة صدفة محضة ، بل هناك خلل في سياساتها على المستويين الداخلي والخارجي ، كان ابرز نتائجه ، تفجيرين داخليين.

الاول في عام 1995 عندما تم تفجير المبنى الفيدرالي في اوكلاهوما ، على يدي عسكريين امريكيين ، راح ضحيته عشرات العسكريين من مختلف الرتب ، من جهاز ال(اف بي أي).

 

اما التفجير الاخر ، والذي اصاب امريكا بالجنون ، فهو تدمير برجي نيويورك ، حيث بدأت مرحلة من الانتقام ، كان اول الخيط فيها القاعدة ، وما زالت ، بل تعداه الى العراق وافغانستان والصومال وغيرها من الدول.

وفي كل مرة ، كان الجيش الامريكي يلاحق فلول القاعدة ، يعقد جنرالاته مؤتمرات صحفية متلفزة ، يتحدثون عن تفاصيل كبيرة ، لعملية صغيرة ، وكأنهم يواجهون جيشا حديثا لدولة عظمى.

لا يشك احد ان الجرح الامريكي كان غائرا ، واهينت من خلاله كدولة عظمى ، لها مكانتها ، ولربما ان ما اشعل غضبها هو طريقة التنفيذ ، التي تمت من خلال طائرات مدنية ، وبتوقيت دقيق واتقان عجيب.

ولم يكن لاحد منا ان يتمنى حدوث تلك العملية لعدة اسباب ، لعل اولها ان ديننا الاسلامي الحنيف ، يمنع القتل خاصة المدنيين ولا يقبل سفك الدماء البريئة ، بالاضافة الى ان من نفذوه ، لم يخدموا الاسلام في شيء ، بل اساؤوا له كثيرا من حيث لم يعلموا.

فها هي الدول الاسلامية والعربية ، تدرج ورعاياها على قائمة المشبوهين ، ويتم التدقيق والتضييق عليهم في المطارات الامريكية والاوروبية ، حتى هذه اللحظة ، ووصل الامر الى تجريدهم من ملابسهم ، وعرضهم على اجهزة تصوّر حتى بصيلات الشعر في اجسادهم.

امريكا احسّت ان كل هذا الارهاب الذي اصابها في مقتل ، بحاجة الى دراسة وبحث وتحليل ، لدرجة ان احد مثقفيها قال يوما (لا يهمني ان اعرف من وراء التفجيرين ، بل لماذا تم استهدافنا).

ويتساءل اخر (اين اخطأنا حتى يتم الانتقام منا بهذه الصورة؟) والاجابة عنه نعم ، فرغم ما تتمتع به الولايات المتحدة الامريكية ، من سلطة كبيرة وقوة رادعة وثقل اقتصادي ونفوذ ليس له حدود.

الا ان انتقائيتها في التعامل مع قضايا الشعوب ، لم تكن عادلة او متوازنة ، فهي تتحرك لتحقيق مصالحها هي ، ام تكون منقادة لتحقيق مآرب اسرائيل ، والشواهد كثيرة ، واخرها وليس باخرها ، طريقة تعاملها مع غزوها لغزة وتدميرها ، امام مرأى العالم ومسمعه.

 

ورغم ان الدنيا كلها دانت اسرائيل ، ولامتها وشجبت ما قامت به ، الا ان واشنطن عطلت القرارات الدولية التي صدرت بحق تل ابيب ، وزادت ولا تزال من دعمها ، خاصة هذه الايام ، في مواجهة التطور النووي الايراني.

 

من هنا ، ورغم ان واشنطن لا زالت عالقة في العراق ، رغم كل ما يقال عن الديموقراطية ، التي حققتها لشعبه على حد قولها ، ورغم انها ما زالت تغوص في مستنقع افغانستان ، وها هي في اليمن ، وكأنها ولاية امريكية ، بالاضافة الى السودان والصومال ، الا انها ما زالت مصرّة على تفصيل اثواب الديموقراطية ، لشعوب تلك الدول وغيرها.

 

وما تقوم به خارجيتها ، وما يتردد على ألسنة المسؤولين الامريكيين ، وهم يتحدثون الى الحكومات العربية والاسلامية ، هذه الايام ، من ضرورة الحاجة الى مزيد من الديموقراطية ، وتجذير الحرية وحقوق الانسان.

 

الا انها غفلت ومنذ اكثر من عقدين ، بانها ساهمت بغرس الكراهية لها ، ومارست بتدخلاتها العسكرية احيانا ، والسياسية احايين ، بزيادة الغضب عليها وعلى ممارساتها ، فلا يعقل ان يعطي المسؤول الامريكي نفسه الحق ، بفرض الديموقراطية على الشعوب الضعيفة ، وهي ترى الظلم وعدم العدالة في تصرفاتها.

 

اعتقد ان الادارة الامريكية ، وصلت الى مرحلة ، لم تعد معها قادرة على التمييز بين ان تكون عادلة منصفة بتعاملها ، وبين ان تستخدم نفوذها بفرض الديموقراطية بالسلاح والترهيب ، على الحكومات والشعوب.

 

ان نظرة خاطفة ، لتلك الشعلة في يد ذلك التمثال الجاثم على خليج نيويورك ، والمسمى بتمثال الحرية ، يجعل المرء يضحك في نفسه ، وهو يرى الامريكيين ، يتسابقون الى الصعود اليه ، بينما بلدهم تسوق شعوب الارض بالدم والبطش ، الى التي يسمونها الديموقراطية.

 

لقد فشلت امريكا ، بحل الكثير من قضايا العالم ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، بل انها رفعت يدها تماما عنها ، وهذا ما صرح به رئيسها قبل ايام ، وعلى هامش المؤتمر النووي الدولي الذي عقد في بلاده.

 

فكيف تتوقع ان يكون حديثها مقبولا لدى الحكومات والشعوب ، وهي تدعو الى الديموقراطية ، ولم تتعلم بعد ، المثل الذي يقول (تستطيع ان تأخذ الحصان الى الماء ، لكن ليس بامكانك ان تجبره على الشرب).

 

هل غفلت السيدة امريكا ، معرفة ان الشعوب متعلمة وواعية ومثقفة ، وتعرف ما يفيدها ويناسبها ، حتى انها وان اختلفت مع حكوماتها ، فهي لن تسلم امرها الى العم سام بكل الاحوال ، لانها تدرك انه يعيش حالة عزلة ، وعدم ثقة مع شعوب العالم.

 

الخيّاط الامريكي ، ليس في جيبه الا المقص ، وهو خبير بتمزيق الاثواب فقط ، اما الخيط والابرة ، فقد غرقا مع تمثال الحرية ، في خليج نيويورك ، ولن تستطيع فرق الغطس الامريكي ، العثور عليهما.

======================

الإصلاح السياسي ... أقوى من الثورات الملونة

ميخائيل سكاشفيلي

(رئيس جورجيا)

«كريستيان ساينس مونيتور» والاتحاد الامارتية

الرأي الاردنية

22-4-2010

في عام 2003 كانت «الثورة الوردية» في جورجيا إحدى الانتفاضات الشعبية العديدة على مظاهر الشمولية والخداع والفساد التي سادت في فترة ما بعد العهد السوفييتي. وبعد مضي سبع سنوات، ربما يرى البعض في ما جرى مؤخراً في كل من قرغيزستان وأوكرانيا، ما يساعد على إعادة تقييم ما يسمى بالثورات الملونة، على اعتقاد منهم بفشلها في إحداث تغيير جذري في المنطقة.

 لكن وفي ضوء التحولات الكبيرة التي حدثت في بلادي، فإنني أعرب عن خلافي التام مع وجهة النظر هذه. فليس مستحيلاً تغيير القيادات، وكم هي باهرة سيطرة الشعوب الثائرة على البرلمانات، والتلويح بأعلام الثورة والنصر في الشوارع الغاضبة

ولكن كم هو صعب إعطاء صفة مؤسسية لهذه التغييرات. وعلى رغم هذه الصعوبة فإن عملية الإصلاح هذه هي التي تحقق الثورات الحقيقية في حياة الشعوب، وليست الفقاعات اللونية والأعلام التي تلوح بها المظاهرات الغاضبة عبر شاشات التلفزيون.

وفي جورجيا مضينا قدماً في تنفيذ أجندة الإصلاح الوطني السياسي، في الوقت ذاته الذي تواجه فيه بلادنا مهددات أمنية خارجية، بما فيها الاجتياح الروسي الذي تعرضنا له في شهر أغسطس من عام 2008. وليس أمامنا من خيار آخر سوى أن تنمو ديمقراطيتنا تحت تهديد فوهة البندقية، وفي مواجهة التهديدات المستمرة لحكومتنا.

وحتى اليوم، لا تزال نسبة 20 في المئة من أراضينا تخضع للاحتلال الروسي، بينما تنصب الدبابات الروسية على بعد 30 ميلاً فحسب من العاصمة الجورجية. ولطالما ظل الكريملن على قناعته بضرورة تغيير حكومتنا المنتخبة ديمقراطياً بكل السبل الممكنة.

ولكننا نستطيع القول بقوة ورسوخ مؤسساتنا الديمقراطية، التي يصعب انهيارها. كما أن عزمنا ثابت على المضي في طريق الإصلاح، في ذات الوقت الذي يتعزز فيه اقتصادنا الوطني بقوى جديدة.

وفي الحقيقة، لم تفعل التهديدات التي نواجهها شيئاً سوى أنها جعلتنا أشد عزماً والتزاماً بالديمقراطية وبناء الأمة، ونحن ندرك أن أفضل ما يحفظ لجورجيا أمنها –إن لم يكن الضمانة الوحيدة لذلك- هو بروز جورجيا ديمقراطية جديدة، مضت شوطاً بعيداً في بناء شراكاتها وتحالفاتها مع المؤسسات الغربية.

وبحسب وجهة نظرنا، فإنه يستحيل فصل الأمن الوطني عن الديمقراطية. فهما وجهان لعملة واحدة. وبالنسبة لنا فإن الأمن الوطني ليس شيئاًَ آخر سوى أن تتوفر لنا الحرية التامة في اختيار مستقبلنا. وكذلك يعني الأمن أن نثق في قدرة الحكم المسؤول على إنجاز نتائج ملموسة ومحددة. ومن أهم معاني الأمن في منظورنا، الحد من معدلات الفقر، وتحسين وزيادة الفرص التعليمية، كما أنها تعني توفر الرعاية الصحية اللائقة للمواطنين. إلى ذلك فإن الأمن هو مجموعة من منظومات المسؤولية الاجتماعية، التي توفر الضمانات الكافية لتمتع جميع مواطنينا بثمار التنمية وفوائدها.

ضمن ذلك السياق، فإن من معاني الأمن توفير الفرص الاقتصادية عبر الإصلاحات القوية القادرة على خلق مناخ استثماري يتسم بالشفافية والجاذبية. كما يعني الأمن نشر حرية التعبير وازدهار الصحافة وارتفاع صوت ودور المجتمع المدني. ومن معاني الأمن: التعددية والتسامح. وهذان يتطلبان تبني سياسات تفتح الطريق أمام مشاركة الأقليات، والالتزام بنظام حكم قائم على التعدد الإثني والثقافي، وبإقامة مؤسسات شرطة وجيش وطنيين ونظام قضائي يقوم على التعددية نفسها. وأخيراً، فلا شك أن الأمن يعني قدرة الشعب على تغيير حكامه متى ما فشلوا في الإيفاء بما وعدوا به، دون ما حاجة منه إلى العودة إلى الشوارع والتلويح بأعلام ولافتات الغضب مجدداً. فمتى ما توفر الأمن بمعناه الحقيقي، يستطيع الشعب التعويل على مؤسسات حكم القانون والعمليات الانتخابية التي تؤمن له مطالبه وتطلعاته. وبذلك نستطيع القول إنه ليس لديمقراطيتنا أن تزدهر دون توفر الأمن اللازم لها، وإنه يستحيل لأمننا أن يتحقق في غياب الديمقراطية بالقدر نفسه.

وللسبب عينه، فقد كانت للشراكات التي أقمناها مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أهمية فائقة في ما أحرزناه من تقدم: نعني بذلك أن الإصلاحات الديمقراطية التي قمنا بها قد تعززت بفضل الشراكات التي أقمناها مع الغرب... والعكس صحيح.

وعندما نلاحظ كيف تطورت الديمقراطية الجورجية، فإن من الواضح أن نلحظ كيف ساهمت الإصلاحات في دفع هذه الديمقراطية وتمتينها. فعندما واجهت جورجيا ترسانة من التدابير الاقتصادية التي استهدفت سحق اقتصادنا الوطني وهدمه، فقد استجبنا لتلك الضغوط بتعزيز إصلاحاتنا، مدركين في ذلك القيمة الحقيقية للاستقلال الاقتصادي.

وخلال ست سنوات فحسب، انتقل اقتصادنا الوطني من اقتصاد راكد في مرحلة ما بعد الاشتراكية، إلى اقتصاد حديث تسوده قيم السوق الحرة. وفي السياق نفسه اتخذنا سلسلة من التدابير والإصلاحات وتوفير الشفافية اللازمة وتذليل تسجيلات الاستثمار بما مكن الاقتصاد الجورجي من احتلال المرتبة الحادية عشرة عالمياً من ناحية «سهولة الاستثمار فيها» وفقاً لقائمة البنك الدولي.

وفي الوقت نفسه تصدينا بحزم لممارسات الفساد. وفي ذلك حققت جورجيا تقدماً ملحوظاً في قائمة الشفافية الدولية، بمستوى جعلها تتفوق على أي دولة أخرى غيرها منذ عام 2003. كما استثمرت جورجيا بوضوح في مجال سيادة القانون. واليوم يتولى مجلس مستقل عملية اختيار القضاة. وقد اقترب الوقت الذي يعين فيه قضاتنا في وظائفهم مدى الحياة، وهو ما يؤمن لهم حاجاتهم ويغنيهم عن الخضوع لأي ضغوط خارجية عليهم. في الاتجاه نفسه، نواصل إصلاح قوانيننا الانتخابية وتعميق ديمقراطية المشاركة التي بنيناها. وفي شهر مايو المقبل سوف تجرى أول انتخابات في تاريخ بلادنا لاختيار عمدة العاصمة تبليسي.

ومن بيلاروسيا إلى قرغيزستان، باتت منطقتنا في مفترق طرق. وعلى رغم النجاح الذي حققته جورجيا، فنحن ندرك أن ديمقراطيتنا ليست مثالية ولا خالية من الشوائب والعيوب. بيد أن تعزيزها وتحقيق المزيد من النجاح فيها، يتطلبان النظر إلى أمننا الوطني وديمقراطيتنا باعتبارهما وجهين لعملة واحدة.

======================

أثر الأحزاب السياسية في تكوين الرأي العام

د. عاهد مسلم المشاقبة

ahedalmashaqbah@yahoo.com

الرأي الاردنية

22-4-2010

أرتبط تناول التأثير السياسي للرأي العام بنشأة أو ظهور المجتمع الجماهيري الحديث، ويستخدم الرأي العام في الأدبيات السياسية من خلال التوزيع الثابت الضمني بين أعضاء المجتمع السياسي على المعتقدات الأساسية التي تشكل ضمير هذا المجتمع وذلك من خلال احترام رأي الأغلبية،وكذلك تعبئة الرأي العام نظرا لأهميته السياسية، والبحث في درجة فعالية القيادة والنخب السياسية ودور الاتصال الجماهيري في ترتيب الأجندة السياسية، والتركيز على حالات خاصة في الحقل، كدراسة رأي عام جماعات محددة مثل المثقفين وقادة الرأي وجماعات المصالح أو كدراسة الرأي العام إزاء قضايا معينة كحقوق الإنسان والعلاقة مع العالم الخارجي، والبيئة والمرأة، وأسباب العزوف عن أبداء الرأي كدراسة قطاع الجمهور الصامت وحجمه وديناميات تحريكه واحتمالات تكاثره وتأثيره على الديمقراطية والاستقرار السياسي والاجتماعي والتنمية الاقتصادية.

 

ولكي تستطيع الأحزاب السياسية التأثير في الرأي العام وبلورة الأفكار والمواقف بالشكل الذي يتفق مع مصالحها لا بد من وجود أجهزة حزبية دعائية تتولى مهمة عمل الدعاية للحزب وإقناع الرأي العام بأفضلية مبادئه وأفكاره وممارساته بالنسبة لتلك التي تميز الأحزاب السياسية الأخرى، وبالنظر لأهمية هذه الأجهزة الإعلامية للأحزاب السياسية فأننا نجدها ترتبط بأعلى الهيئات القيادية في الأحزاب . والأحزاب تعمل جاهدة على توفير جميع الإمكانات والمستلزمات المادية والفنية التي تمكنها من أداء دورها الإعلامي على أحسن حال .

 

أننا نعيش عصر المجتمع الإعلامي حيث أثر التطور الكبير في وسائل الإعلام والاتصال على الحياة العامة في شتى مناحيها، كما أثر أيضا على العلوم الاجتماعية ذاتها . ومن ناحية أخرى، أصبح الإعلام مصدرا لاكتساب نماذج سلوكية جديدة، من خلال قيام الإعلام بتوجيه الرأي العام في كافة أنحاء العالم وخاصة الدول النامية تحديدا، سواء لمقاومة التبعية الخارجية أو الانتباه إلى أهمية المتغيرات الدولية المعاصرة وعلاقتها بالمصالح الوطنية للدول النامية .

======================

كلُّنا في الهمّ شرقٌ

"زيّان"

النهار

22-4-2010

لان الشيء بالشيء يُذكر، ولان مواسم التهديدات والتحذيرات تكاد لا تفارق الأجواء اللبنانيّة، نعود الى قضيَّة المنطقة التي كانت أولى، لان بلد الثماني عشرة طائفة منها وفيها.

ولان معظم الأزمات والزلازل التي عصفت بالشرق الاوسط في العقود الخمسة الأخيرة، لطالما عَبَرت لبنان ذهاباً واياباً. ولطالما حلَّت ضيفة عليه وطبقت المَثَل اللبناني القائل يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزل.

لا يحتاج عربي أو أعجمي الى التذكير بأن ورشة الانذارات الأخيرة المتطايرة من واشنطن وتل أبيب في اتجاه المنطقة إنما عبرت فضاء لبنان ثم حلَّت فيه، باعتباره محل اقامة "حزب الله" الذي هو بيت القصيد في "زجليّة" صواريخ "سكود"، او "الصواريخ الضخمة".

الآن، يجد المراقب ان المجتمع الدولي منهمك مع الشرعية الدولية، والشرعية العربية، والمجتمع العربي في الاستفسار من الوزيرة هيلاري كلينتون واستيضاحها مصادر معلوماتها، وأسباب اهداء لبنان هذه الكمية من التهويلات.

حتى ان وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك وجد نفسه يعلن انه ليست في نية اسرائيل القيام بأي هجوم على لبنان، وان لاحرب في المنطقة حتى بعد فصل الصيف.

إذاً، في المسألة "إنَّ" على الطريقة المصريّة.

وفيها ما فيها من الالغاز والتناقضات التي تقول صراحة إن الادارة الأميركيَّة ليست على تفاهم مع الحكومة الاسرائيلية. بل ثمة التباس. ثم خلاف. وثمة موقف أميركي قد يتبلور إصراراً على التسوية السلمية، كما قد تستبقه اسرائيل بمغامرة مجهولة العواقب.

وقد ينقلب السحر على الساحر، وتنقلب المنطقة الى بركان أين منه بركان أيسلندا، اذا ما بقيت الحال على التوقيت الاسرائيلي، والتخطيط الاسرائيلي الذي يكاد يضع يده على كل القدس والضفة.

ولان لبنان متهم بانه هو "بيت الداء"، أو "بيت الصواريخ" الحائرة في اسمها وحجمها وفق الرواية الاميركيَّة، يحاول عَبْر حركة رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان وسعد الحريري أن يوقظ الاهتمام لدى المسؤولين في الدول الفاعلة والمؤثِّرة.

فمن يدري ماذا تخفي الروايات المتناقضة حول القرار الأميركي الاسرائيلي الدولي، والى أي حدٍّ يمكن ضمان الوضع الواقف على صوص ونقطة فيما تشير التصريحات والتسريبات الى ان الاصابع لم تعد بعيدة عن الزناد.

بالطبع، ليس لبنان وحده في هذا الهم الكبير. فبنسبة أقل قليلاً أو كثيراً تتبدَّى المنطقة وكأنها في الوضع ذاته، وإن لم يكن لديها فرع ل"حزب الله"، ولا مخازن اضافية ل"الصواريخ الضخمة".

فكلنا في الهم شرق. بل كلنا في الحيرة شرق. بل كلُّنا في الشكوى من السياسة الأميركيَّة شرق.

من لديه معطيات دقيقة تجعله يؤكد ان كانت هناك حرب، أو لا حرب. وان كانت هناك ضربة، أو لا ضربة. وان كانت هناك صواريخ "سكود"، أو لا صواريخ، وان كانت أميركا قادرة على فرض تسوية أو هي كمن يحمل الماء في يد والنار في الاخرى.

اذاً، ماذا بعد هذا الضجيج؟

هكذا، على هذا النحو والمنوال.

======================

أميركا وإيران: إما حرب وإما تفاهم استراتيجي !

سركيس نعوم

النهار

22-4-2010

لا تزال الادارة الاميركية مصرة على سحب قواتها من العراق بعد أشهر تنفيذاً للاتفاق الموقّع بين واشنطن وبغداد. لكنها في الوقت نفسه تعرف ان انسحابها هذا لا تنظر اليه جهات عراقية عدة وإن متناقضة بكثير من الارتياح، ليس تمسكاً بالاحتلال ولكن خوفاً من المجهول المعلوم الأمني الذي لا بد ان يعقب الانسحاب والذي لا بد ان تكون له آثاره السلبية على العراقيين وعلى الدول المتدخلة في بلادهم. انطلاقاً من ذلك يبحث المسؤولون المعنيون في الادارة المذكورة، في الظروف الواجب توافرها كي يُنجز الانسحاب الاميركي من دون عوائق تذكر. ورغم ان بحثهم هذا لم ينته بعد فان المعلومات الواردة على عدد من المصادر الديبلوماسية الغربية الواسعة الاطلاع تشير الى اقتناع هؤلاء بضرورة توافر امرين لا انسحاب اميركيا من دونهما أو لا انسحاب اميركيا ناجحا أو انسحاب تعقبه فوضى وفتن وعودة للحرب المذهبية. والامران المطلوب توافرهما مترابطان ومتكاملان.

الاول، هو وجود ادارات مدنية وامنية وعسكرية واستخباراتية قوية وكفية ومدرّبة. وهذا الوجود بدأ يتوافر الى حد كبير. ذلك ان الاميركيين بارعون في التدريب. فهم دربوا ولا يزالون الكثير من الكادرات المدنية وأمدّوها بكل الخبرات والإمكانات لإنجاز الاعمال التي يحتاج اليها المواطنون العراقيون. وهم درّبوا ايضا قوات امنية بالآلاف وعسكرية بالآلاف وأجهزة استخباراتية بالآلاف. لكن رغم ذلك كله لا تزال الادارات المدنية عاجزة عن القيام بالمطلوب منها. ولا يزال الامن فالتاً والاعمال الارهابية تُنَفَّذ. ولا احد يعرف بدقة الهوية التفصيلية للقائمين بها رغم ان معظمها ينسب الى "القاعدة" التي "جسمها لبّيس". لكن صار على ما يبدو "لبّيساً" اكثر من اللازم. فقوى الشرطة لا تعمل بتنسيق بعضها مع بعض. واجهزة الاستخبارات لا تبدو ناجحة. والجيش لا يزال قاصرا ولا يستطيع ضمان امن البلاد بعد الانسحاب الاميركي. اما اسباب ذلك فكثيرة منها غياب الانتماء الوطني عند "ابناء" الادارات المذكورة اعلاه رغم وجودهم في عمل واحد وتلقيهم اوامر واحدة وتوزعه على العرق والقومية والدين والمذهب والعشيرة.

ومن الاسباب ايضاً الفساد ورغبة كثيرين من هؤلاء في استغلال مواقعهم لجني المكاسب المادية. ومن الاسباب اخيراً نفوذ الخارج الايراني والسعودي اي الشيعي والسني والنفوذ التركي والنفوذ السوري والاميركي داخل كل الادارات المشار اليها اعلاه، وهذا لا بد ان يصيب الادارات بالشلل والانقسام ويعطل انتاجها.

اما الامر الثاني، فهو قيام دولة عراقية حقيقية ذات نظام مقبول من كل مكوّنات الشعب العراقي وقادر تبعاً لذلك على المساواة بينها رغم تنوعها الديني والمذهبي والعرقي سواء كشعوب او كمواطنين، وعلى تأمين حقوقها و"اقناعها" بالقيام بواجباتها ايضاً حيال الوطن والدولة. هذه الدولة حالياً غائبة على رغم وجود رئيس ومجلس وزراء ومجلس نواب جديد قد يكون التمثيل فيه اكثر عدلاً من المجلس السابق. ونظام الدولة الجديدة لا يزال غائبا على رغم النص عليه في الدستور الموقت. وقد يجعل ذلك الدولة ومؤسساتها الدستورية تشبه الى حد بعيد مؤسساتها المدنية والامنية والعسكرية والاستخباراتية من حيث التشرذم وتنوع الولاء وتالياً من حيث فقدان الفاعلية. ولا يبدو ان قيام هذه الدولة او تأسيسها سيكون سهلا وخصوصا في ظل استمرار عوامل التعطيل التي يراها العراقيون والعالم للانتخابات التشريعية ونتائجها وتاليا عوامل بقاء البلاد من دون مؤسسات على هشاشتها. وبديهي هنا القول انه لو كانت هناك دولة كهذه لكانت هناك ادارات متنوعة مثلها وتالياً خاضعة لها وتنفذ اوامرها وتوجيهاتها.

في حال كهذه ماذا تفعل الولايات المتحدة وتحديدا ادارة باراك اوباما؟ هل تنفذ انسحابها من العراق على رغم كل الاحتمالات السلبية التي قد تسبق الانسحاب او تعقبه؟ أم تضطر الى البقاء لأن آثار هذه السلبيات ستطالها وحلفاءها في المنطقة في حال الانسحاب؟ ام تنتهج استراتيجيا اقليمية اخرى؟

الجواب ليس سهلاً. لكن المصادر الديبلوماسية الغربية الواسعة الاطلاع نفسها تقول أنه لا يمكن ان يكون لأميركا الا جواب من اثنين. الاول، توجيه ضربة عسكرية الى ايران الاسلامية، ووضع حلفائها في المنطقة في دائرة الخطر في الوقت نفسه. والثاني، التفاهم النهائي مع ايران. وللجواب الثاني هذا انصار يتكاثرون داخل اميركا وخصوصاً في ظل رفض غالبية الشعب الاميركي التورط من جديد في الحروب. وكذلك في ظل اصرار الرئيس اوباما على سياسة اليد الممدودة الى ايران والحوار معها على رغم تعنّتها.

======================

خصوم أوباما يستعدون بموجة عنف جديدة

آخر تحديث:الخميس ,22/04/2010

جميل مطر

الخليج

عادت لغة العنف تهيمن على الخطاب السياسي في الولايات المتحدة . أقصد هنا خطاب تيارات اليمين المحافظ واليمين الديني المتطرف، لا أستبعد الخطاب السياسي الرسمي للحكومة الأمريكية . لاحظنا أنه بينما احتفظ أوباما إلى حد كبير بمستوى معقول من الاعتدال وواصل الحديث عن الحلول السلمية للمشكلات الداخلية والخارجية، فإن خطاب إدارته يتدرج نحو مزيد من عنف اللهجة عندما يتعرض للأوضاع في الأقاليم المكسيكية المتاخمة للولايات المتحدة حيث تدور حرب فعلية بين ميلشيات مسلحة تابعة لعصابات تهريب المخدرات من ناحية، وبين القوات الحكومية المكسيكية وقوات مرتزقة ومتطوعة من الولايات المتحدة من ناحية أخرى . وتساعد في هذه الحرب بوسائل أخرى وعلى نطاق واسع أجهزة أمريكية متعددة .

 

نجد أيضاً خطاباً أمريكياً لا يقل عنفاً موازياً للحرب الدائرة في أفغانستان ومتعلقاً بالخطط المعدة للتوسع فيها . يكاد أوباما يكون متمسكاً بخطاب الرئيس بوش ومعظم توجهاته بالنسبة لهذه الحرب، بل وفي العام الأول من عهده نجحت المؤسسة العسكرية الأمريكية في توسيع جبهات القتال لتشمل أجزاء واسعة من باكستان إلى جانب الأقاليم التي تدور فيها رحى الحرب بين قوات الأطلسي وقوات الطالبان في أفغانستان . لاحظنا أيضاً في الأيام الأخيرة، وبخاصة أثناء الإعداد لعقد مؤتمر قمة الإرهاب النووي في واشنطن، نية أوباما في تصعيد لهجة خطابه “الإيراني”، ولم تمض أيام على انتهاء عقد المؤتمر حتى كان البنتاجون يسرب وثيقة “سرية” تنشر الزعم بأن واشنطن تواجه ورطة شديدة التعقيد، فهي لا تملك استراتيجية واضحة المعالم تجاه إيران في حال صعدت هذه الأخيرة جهودها لتطوير خبرتها النووية، وفي الوقت نفسه لن تتخلى عن قرارها إجبار إيران على التخلي عن سياساتها النووية . المعنى واضح، أو هكذا يعتقد محللون أمريكيون . تريد إدارة أوباما تحذير حلفائها بأنهم إذا لم يتدخلوا على الفور للضغط على إيران سياسياً واقتصادياً، فإن مسؤولية حرب جديدة في إيران تقع عليهم جميعاً، ولا يخفى التلميح بأن “إسرائيل” وليست فقط أمريكا قد تجد أنه في غياب استراتيجية بدائل للتعامل مع إيران يصبح من حقها اللجوء إلى أقصى درجات العنف للقضاء على القوة النووية الإيرانية . لم يكن عبثاً أو صدفة أن يركز أوباما في مؤتمر واشنطن على احتمالات نقل التكنولوجيا النووية ومنتجاتها إلى جماعات إرهابية في وقت يستعد فيه زعماء دول ناهضة للاجتماع في البرازيل فيما بدأ يأخذ بالتدريج شكل مجموعة دولية جديدة قرر أعضاؤها سلفاً ممارسة بعض التحفظات على الهيمنة الأمريكية . أعرف أن هناك من يقول إن ما يجمع هذه الدول هو شعورها بأن الهيمنة الأمريكية تتهاوى ضعفا وأن استمرار ضعفها سيخلق فراغاً يهدد الاستقرار العالمي يجب الاستعداد لملء جانب منه، وأعرف آخرين يعتقدون أن هذه الجماعة تحاول تأمين مصالحها الدولية والإقليمية في حال اضطر أوباما أو غيره من قادة أمريكا تصعيد ممارسة العنف لوقف تدهور وضع الهيمنة .

 

تصورت في مرحلة من المراحل أن اعتدال الخطاب الرسمي الأمريكي ونزوعه نحو تشجيع نهج التفاوض سيؤدي بالتدريج إلى هبوط في مستوى العنف في الخطاب السياسي الداخلي المتبادل بين القوى السياسية والاجتماعية الأمريكية . يبدو أنه في أمريكا أيضاً كما في مصر يغلب الطبع على التطبع . إذ عاد الخطاب الداخلي إلى درجة من العنف أعلى بكثير من مستوى العنف الكلامي الذي كان سائداً خلال حكم الرئيس بوش رغم أنه مارس عنفاً هائلاً في الخارج أخفت صوت العنف الداخلي . تابعنا مسيرة العنف في الولايات المتحدة خلال عقدي الثمانينات والتسعينات وكانت عالية المستوى ولاحظنا فترة هدوء نسبي بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول، ونلاحظ الآن عودة مفاجئة وخطيرة إلى خطاب عنيف وتهديد بممارسات عنيفة ضد النواب الذين أيدوا أوباما وضد إعلاميين وأكاديميين يناصرون الفقراء والسود والعدل الاجتماعي .

 

نذكر فترة شهدت طقوس انتحارات جماعية نفذتها جماعات دينية متطرفة واهتز لها العالم بأسره، نذكر كذلك الحادث الرهيب في مدينة “أوكلاهوما سيتي” في عام 1995 عندما قامت جماعة يتزعمها تيموثي ماكفي بتفجير مبنى الأجهزة الفيدرالية والمعروف باسم مبنى “آلفريد مارّا”، وهو الانفجار الذي راح ضحيته 165 فرداً بينهم عدد من الأطفال تركهم أهاليهم من موظفي المبنى في دار حضانة تابعة للدولة . وقد حوكم ماكفي وشريكه تيري نيكولس وأعدم الأول في عام ،2001 بينما أدخل شريكه السجن .

 

كان لهذا الحادث أصداؤه الواسعة لسببين على الأقل . السبب الأول، أنه كشف عن مدى انتشار الجماعات الدينية المتطرفة، وبعضها مخرب أكثر منه متطرفاً، في أنحاء أمريكا وبخاصة في مناطق السهول الوسطى . السبب الثاني أنه أعاد إلى الأذهان مسألة كراهية قطاع كبير من الأمريكيين للحكومة الفيدرالية وما تمثله رغم السياسات اليمينية وبخاصة النقدية التي انتهجها الجمهوريون في عهدي ريجان وبوش الأب، تركزت الكراهية على أجهزة تحصيل الضرائب . في ذلك الوقت كان العنف قد بدأ يتصاعد بشكل مطرد حول قضايا دينية واجتماعية، مثل رفض الإجهاض، وكانت الحادثة الأبرز قيام سكوت ريدر بقتل الطبيب جورج تلير في عيادة يديرها لعمليات الإجهاض . في هذه الحالة كما في حالة تفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي، اتضح أن ريدر كان يقود مع آخرين ميليشيات مسلحة من مواطنين متحمسين وغاضبين “هدفهم الدفاع عن أمريكا ضد غزو كائنات قادمة من عوالم أخرى في الفضاء تحالفت معهم الحكومة الفيدرالية في واشنطن التي كانت قد تحالفت مع قوى معادية للديمقراطية الأمريكية ونظامها الدستوري . هذه القوى الأجنبية تسترت تحت اسم النظام العالمي الجديد” . أذكر أنه قيل وقتها إن الميليشيات “الوطنية” المسلحة كانت مدربة للقتال ضد هجوم تستعد لشنه طائرات مروحية سوداء تحمل علم الأمم المتحدة تقوم بتدمير مؤسسات الدولة الدستورية .

 

يعتقد البعض من الذين قرأت لهم أو تحدثت معهم أن بوش الصغير جاء معبراً بأسلوب دستوري وسياسي عن هذه التيارات والأفكار الدينية المتطرفة، بل إنه شخصياً كان نموذجاً وقدوة وإنه أبقى جذوة التطرف مشتعلة بكثرة ما ردد من عبارات وأفكار دينية متزمتة . كانت هذه الممارسات من جانب بوش سبباً ربما غير مباشر إلى جانب أسباب أخرى مثل اختيار بولتون لمهمة محاربة الأمم المتحدة من داخلها، ومثل شن حرب عنيفة ضد أفغانستان وأخرى ضد العراق، هذه الأسباب وغيرها دفعت الجماعات المتطرفة في أمريكا إلى التخلي نسبياً عن العنف المسلح ونقلت ضغوطها إلى داخل المؤسسات الحكومية واختصت البنتاجون وبعض كبار القادة العسكريين وتسللت إلى المدارس والجامعات . ويظن بعض أصحاب الرأي أن أحداث 2001 نفثت بعض بخار العنف المخزون لدى القيادات اليمينية المتطرفة وأعادت توجيهها نحو الإسلام والعرب كأعداء أكثر إلحاحاً من الكائنات القادمة من الفضاء وإن كان الهدف واحداً وهو تدمير المؤسسات الديمقراطية كما كان يردد الرئيس بوش .

 

سمعت آل جور نائب الرئيس كلينتون يتحدث في إحدى الفضائيات . كان الموضوع عودة العنف إلى الساحة السياسية الأمريكية . فوجئت بأن الرجل لم يذكر عنف الشارع الأمريكي في عقود ما قبل 11 سبتمبر/ أيلول 2001 . العنف حسب الكثير من السياسيين الأمريكيين لم يوجد قبل 2001 . لذلك يبدو الجميع مذهولين بالعنف الرهيب المنبعث من الخطاب السياسي الجديد لليمين المتطرف في أمريكا هذه الأيام . هناك اهتمام حقيقي، وقلق كذلك، من احتمال أن تتطور ظاهرة تيار “حفلات الشاي” إلى معارضة مخربة لاستقرار النظام وليس فقط معارضة لإدارة أوباما . هؤلاء عادوا يذكّرون بثورة اليمين ضد تجاوزات الحكومة الفيدرالية في الحقوق وضد القوة المتزايدة للدولة ممثلة في واشنطن على حساب استقلال الولايات وإراداتها، بمعنى آخر يعودون بالذاكرة إلى ما قبل ،2001 يدفعهم نجاح أوباما في تمرير قانون الرعاية الصحية واستعداده لتنفيذ إصلاحات اجتماعية أخرى، وتدفعهم حماسته لتشريعات ليبرالية أوسع تتعلق بالحق في الإجهاض وعلاقات المثليين .

 

أوباما ليبرالي ويساري ومسلم وأسود . هكذا تصنفه كعدو كامل العداء “جماعة حفلات الشاي” التي لا تضم يساريين أو ليبراليين أو مسلمين أو سوداً، وهكذا تستعد بخطاب سياسي شديد العنف لتعبئة جماهير اليمين والحزب الجمهوري للتأثير في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل .

======================

هل تستحق العلمانية كل هذه "القشعريرة"؟

آخر تحديث:الخميس ,22/04/2010

محمد جابر الأنصاري

الخليج

لا يوجد للعلمانية معادل دقيق في المصطلح الإسلامي، وموقفي الاجتهادي ألا نستخدمها في الخطاب الإسلامي، وإن كان من الضروري تحليلها وتفكيكها في خطابنا العلمي والأكاديمي والثقافي .

 

وبداية أود الإشارة إلى أن العلمانية أصلها “العالمانية” نسبةً إلى مفردة “العالم”، وليس “العلم”، والإيحاء بأنها مرتبطة بالعلم، حتى لغوياً، إيحاء مغرض ولا يجوز، وهو في أحسن أحواله يعاني من “انحياز” أيديولوجي، وأن المطالبة بالعلمانية تزامنت تاريخياً مع انتشار نزعة “العلم” في أوروبا .

 

وفي المصطلح القرآني، والإسلامي بعامة، وردت إشارات إلى ثنائية الآخرة والدنيا، والفارق بينهما . والدنيا بطبيعة الحال مرادف للعالم . و”العالمانية”، أو كما اشتهرت العلمانية “لغة”، معادل لمفهوم الدنيا، وإن كان الانطباق بينهما، من وجهة نظر إسلامية، غير وارد، لكنه مقارب . وقد ساد في الخطاب الإسلامي الحديث، أن الإسلام “وازن” بين الدنيا والآخرة . وهذا غير صحيح . فالقرآن الكريم يقولها بصراحة (وللآخرة خير لك من الأولى)، وهذا موقف طبيعي من الإسلام كدعوة دينية . فالآخرة هي الأبقى . ولكن الفكر الإسلامي الحديث مهووس بفكرة الموازنة الإسلامية بين النقائض والثنائيات، ولأنه فكر “نهضوي” كان هدفه مسابقة العصر وتحقيق نهضة المسلمين “هنا والآن” نظراً لما أصيبوا به من “تواكل” شديد أدى إلى ضعفهم الشامل، فقد كان يريد لهم إعادة “كفة الميزان” إلى شيء من توازنها بعد أن أصابها الاختلال الشديد . ومن مظاهر ذلك الضعف من الناحية المعنوية، إن بعض المفكرين المسلمين بدل أن يدرسوا “العلمانية” مصطلحاً ومفهوماً قابلاً للتفكيك والنقد، نجدهم من موقع انعدام الثقة بأنفسهم وبعقيدتهم، يشنون عليها حرباً شعواء لا تبقي ولا تذر، لا تبقي ولا تذر حتى ذرةً من المعرفة والموضوعية واحترام العقل، وتصل إلى حد الإصابة بالقشعريرة .

 

نعم، العلمانية ومعها الشيوعية والمادية، وغيرها وغيرها مما جاء في تراث الآخرين، ألا يجدر بنا كمسلمين أن نلم بهذه المفاهيم من دون أن نركع لها، وقرآننا الكريم، وحيّ السماء، يورد لنا، على لسان الحق تقدس سره، عقائد الملحدين والمشركين والكفرة، قبل أن يرد عليهم .

 

أجل، فالقرآن الكريم، هو أوثق مصدر، بل المصدر الوحيد، أحياناً، لمعرفة مضمون الكثير من العقائد الباطلة قبل الإسلام، ولكن قومنا لا يفقهون، أفلا نقول لهم، ونحن نشرح مجرد شرح مفهوم العلمانية: “قرآنكم . . . يا مسلمون” .

 

كانت الطبقة الكنسية في أوروبا من أجل ترسيخ هيمنتها وحماية مصالحها “الدنيوية”، تحارب كل فكر تشم منه رائحة الميل إلى الاختلاف والتعارض، ناهيك بالتحرر أو الثورة، كما كانت تحاصر كل سياسي يحاول شيئاً من الاستقلال بشؤون دولته، وتتدخل بفظاظة حتى في زواج هذا . . . وطلاق ذاك! وقد استمر هذا الحال في سيطرة ما عُرف ب”المقدس” على “المدنس” ردحاً طويلاً من الزمن، أي سيطرة الديني على الدنيوي!

 

ولكن بحكم نشوء قوى “مدنسة” أو “دنيوية” في الفكر والمصالح والحياة . وهي قوى (للمفارقة العجيبة) تنامت مع تأثر أوروبا بالمعطيات العلمية للحضارة الإسلامية . فهذا التأثير العلمي للمسلمين هو الذي أسهم في رفد تلك القوى الأوروبية الصاعدة وتحرير عقولها من السطوة الكنسية لترفع في وجهها مطلب “العلمانية” .

 

وبطبيعة الحال لا توجد في الإسلام “علمانية”، ولكن إقحام فكرة شمول الإسلام، بدرجة مساوية، للدنيا والآخرة فكرة غريبة على الإسلام غرابة العلمانية ذاتها . وعندما يقول نبي الإسلام: “أنتم أعلم بشؤون دنياكم”، وهي عبارة دالة وفي غاية الأهمية تشمل شؤون الدنيا بأسرها، ويجب عدم حصرها في مسألة “تأبير النخل” كما فعل الإخباريون وإن يكن قد قيلت فيما يتعلق بالتأبير، فمنطوقها عام وشامل ويمكن سحبه على مجال السياسة من دون تثريب، خاصة أنها تتماشى مع توجهات “صحيفة المدينة” التي وضعها الرسول الأعظم بنفسه كأول تعاقد سياسي في الإسلام، متضمنة التمييز الواضح والحاسم بين “المجتمع الديني” و”المجتمع السياسي” .

 

وعندما يعود الباحث إلى أي مرجع في الفقه الإسلامي يجد أنه من المصادر المهمة لهذا الفقه “العُرف”، أي ما تعارف عليه الناس في مختلف البلدان والأزمان . وهو باختصار مالم تتناوله الشريعة الإسلامية تفصيلاً من حالات كقوانين المرور، والتأمين، وأنظمة العمل والعمال في عصرنا الراهن . . . الخ .

 

وفي تراثنا الإسلامي، نجد أن ابن خلدون في تعريفه للطب يضع هذا التمييز بين جوهر الرسالة الإلهية وعلم الطب النظامي:” . . . وكان عند العرب من هذا الطب المتوارث شعبياً كثير . . . والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل، وليس من الوحي في شيء، وإنما هو أمر كان عادياً للعرب، ووقع في ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم التي هي عادة وجبلّة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل، فإنه صلى الله عليه وسلم إنما بُعث لتعريف الشرائع، ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العادات، وقد وقع له في الأحاديث المنقولة على أنه مشروع، فليس هناك ما يدل عليه، اللهم إلا إذا استعمل على جهة التبرك، وصدق العقد الإيماني، فيكون له أثر عظيم في النفع، وليس ذلك في الطب المزاجي (النظامي)، وإنما هو من آثار الكلمة الإيمانية، كما وقع في مداواة المبطون، بالعسل، والله الهادي إلى الصواب لا رب سواه” المقدمة، الهلال بيروت 1983 ص 309 .

فأية “علمانية” تأثر بها في زمنه عالم الحديث النبوي (المالكي) وقاضي قضاة مصر، عبدالرحمن بن خلدون؟ لقد كان الرجل يفكر بشكل موضوعي، ثم ألا يمكن أن تشمل “العادات” السياسة . . . وإذا لم تكن السياسة من العادات فمن أي شيء تكون؟

======================

«حزب الله» ام سورية؟

الخميس, 22 أبريل 2010

حسان حيدر

الحياة

في أواخر حرب صيف العام 2006، اطلق «حزب الله» صاروخاً من طراز «نور» على بارجة اسرائيلية فأصابها بأضرار بالغة وقتل بعضاً من بحارتها. وقيل يومها ان ظهور الصاروخ الذي طورته ايران من أصله الصيني والذي يزيد طوله على ستة امتار ويصل مداه الى 200 كيلومتر، فاجأ اسرائيل وساهم في قرارها بوقف القتال، علماً ان طائراتها وأقمارها الاصطناعية كانت آنذاك ترصد الاراضي اللبنانية على مدار الساعة كونها في حالة حرب مع البلد الصغير.

وفي تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، نشرت مجلة «جينز ديفنس ويكلي» البريطانية الموثوقة ان دمشق زودت الحزب صواريخ من طراز «أم 600»، وهي نسخة سورية من صاروخ «فتح 110» الايراني الذي يبلغ مداه 250 كيلومتراً ويحمل رأساً تفجيرية وزنها 500 كيلوغرام.

وفي مطلع آذار (مارس) الماضي، ذكرت الصحف الاسرائيلية ان الاستخبارات العسكرية ابلغت لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست بأن سورية قدمت لحليفها الرئيسي في لبنان صواريخ تحمل على الكتف من طراز «ايغلا-اس» المضادة للطائرات والتي يمكنها اسقاط الطائرات الاسرائيلية من دون طيار او تلك الحربية التي تحلق على ارتفاعات منخفضة.

وبعد 2006، اعلن قادة «حزب الله» في تصريحات علنية متكررة انهم اعادوا تسليح انفسهم وأن ترسانتهم الصاروخية زادت أضعافاً عما كانت عليه قبل حرب ذلك العام، وأن استعداداتهم العسكرية مستمرة تحسباً لأي عدوان اسرائيلي جديد.

واذا كانت هذه اموراً معروفة لاسرائيل وشبكاتها التجسسية وكذلك للعالم اجمع بمن فيه الاميركيون انفسهم، فلماذا كل هذه الضجة التي تثار حالياً حول صاروخ «سكود» الذي تقول الدولة العبرية انه صار بحوزة «حزب الله» وانه «يخل بموازين القوى في المنطقة»، وهل يزيد هذا الصاروخ كثيراً حجم التهديد الذي تقول اسرائيل انها تتعرض له، ام ان هناك اسباباً اخرى وراء الازمة المستجدة؟ ومن المستهدف بهذه الضجة: «حزب الله» ام سورية؟

البيان الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية قبل يومين ربما يوضح بعض الامور. يقول البيان انها المرة الرابعة التي تلفت فيها الادارة الاميركية نظر سورية الى موضوع تسليح «حزب الله» في غضون اشهر قليلة. وهذا يعني ان واشنطن سبقت تل ابيب الى اثارة المسألة ولو عبر الطرق الديبلوماسية، ويعني ايضاً ان المعلومات عن السلاح الجديد قد يكون مصدرها الاميركيون، اي انهم قد يكونون وراء الضجة المثارة بهدف ممارسة ضغط ما على سورية.

وتقول مجلة «فورين بوليسي» الاميركية في عددها الاخير ان هناك استياء اميركياً من سلوك دمشق «الاحتفالي» بما يعتبره السوريون «انتصاراً» لهم على اكثر من صعيد. وتوضح ان سورية، وبدلاً من ان تظهر مرونة بعد المبادرات الغربية (الفرنسية والاميركية) والعربية (السعودية) في اتجاهها، اظهرت على العكس قناعة بأن «صمودها» بدأ يعطي ثماره، فصلّبت مواقفها على الصعيد الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، وانه خلال «القمة» التي عقدت في دمشق بين الرئيس السوري بشار الأسد والايراني احمدي نجاد والامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، اعلنت سورية على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم تغييراً كبيراً في عقيدتها الامنية يقحم القوات السورية في اي تجدد للنزاع بين اسرائيل و «حزب الله».

ويعني هذا ان سياسة «الانخراط» التي قررتها واشنطن ازاء دمشق قد تخضع للمراجعة اذا لم تعدل سورية في مواقفها وتبدأ في الابتعاد تدريجاً، كما يأمل الاميركيون، عن العباءة الايرانية ومستلزماتها.

======================

خلق الأزمات من الأمور المفيدة

جورج ويل

الشرق الاوسط

22-4-2010

عندما يدعو ليبراليون إلى فرض ضريبة القيمة المضافة، ينبغي أن تأتي استجابة المحافظين على النحو التالي: فرض ضرائب على الاستهلاك يحمل مزايا، لذا سندرس الأمر.. بعد إلغاء التعديل ال16 للدستور.

وستتركز الدعاوى المناصرة لضريبة القيمة المضافة على حجة أنها ضرورية لاستعادة التوازن المالي، لكن من دون إنهاء ضريبة الدخل، ستشكل ضريبة القيمة المضافة مجرد أداة رهيبة لإخضاع الأميركيين بدرجة أكبر لسيطرة الحكومة. انطلاقا من قناعتها بأن خلق الأزمات من الأمور المفيدة، عمدت إدارة أوباما - التي على ما يبدو لديها قناعة بأنه كلما زادت الأمور سوءا كان ذلك أفضل من المنظور الليبرالي - إلى دفع المشكلات التي أسرعت من وتيرتها فترة «الركود الكبير» نحو مزيد من التفاقم. خلال فترة الانحسار الاقتصادي، انخفضت العائدات الفيدرالية بدرجة بالغة، في الوقت الذي ارتفعت الإنفاقات بحدة. وكما سيحدث يوميا على مدار عقدين، مع صباح كل يوم جديد ينضم 10.000 جدد من أجيال الزيادة السكانية الكبيرة (1946 - 1964) إلى صفوف مستحقي التمتع بخدمات «ميديكير» و«الضمان الاجتماعي»، وهما برنامجان يضمان خصومات غير ممولة بقيمة 107 تريليونات دولار تقريبا.

في هذا الإطار من المشكلات المتراكمة، تمثلت الأولوية الكبرى أمام الإدارة في وضع أعباء جديدة متعلقة بالرعاية الصحية على عاتق نظام دولة الرفاه المثقل بالفعل بالأعباء، لماذا؟ لأن اندفاع الليبراليين الشديد باتجاه الوصول بنمو الحكومة إلى أقصى حد ممكن يعتمد على خلق أزمة بسرعة يمكن وصفها بأنها خطر يتهدد قائمة المستحقات وللعملة كمخزن للقيمة. وبعد ذلك، يمكن دفع الرأي العام المذعور نحو قبول إضافة ضريبة القيمة المضافة إلى القائمة الحالية للضرائب.

يجري جمع قيمة الضريبة المضافة على قيمة جرت إضافتها على مراحل خلال عملية الإنتاج، لكن الجزء الأكبر من عبئها يحمله المستهلكون. إنهم لا يتقدمون ببيانات عن عائدات القيمة المضافة. وعليه، فإن هذه الخلسة التي تتسم بهذه الضريبة هي تحديدا ما يبهج الطبقة السياسية، التي يمكنها زيادة هذه الضريبة على نحو تدريجي صغير لا يكاد يلحظه أحد، مع تحقيق كل زيادة بنسبة 1% فقط 100 مليار دولار أخرى.

رغم أن رفاه الأمة غالبا ما تتنوع بالعكس مع رفاه الطبقة السياسية، فإن ضريبة القيمة المضافة من شأنها تحسين الوضع في ما يخص مشكلة حقيقية: أن استهلاك الأميركيين كبير على نحو مفرط، وادخارهم ضئيل على نحو مفرط أيضا. علاوة على ذلك فإن قانون الضرائب الغريب الراهن يخلق تشوهات اقتصادية ويسمح بالفساد.

في الواقع، لا تسدد الشركات ضرائب، وإنما تجمعها، حيث تمرر عبء الضرائب إلى المستهلكين كجزء من تكلفة الإنتاج. كما أن نظام الضرائب المفروضة على الشركات يضم الكثير من الاعتمادات والإعفاءات وصور الدعم الأخرى الممنوحة للشركات من قِبل الطبقة السياسية إلى الشركات التي توليها هذه الطبقة معاملة تمييزية. ولأن ضريبة الدخل لا تعتمد على أساس واسع، فإنها تنطوي على خطر أخلاقي: أنها تشكل حافزا للسلوك المنحرف. يقدم أعلى 1% من أصحاب الدخول 40% من الإيصالات الخاصة بالضريبة، ويوفر أعلى 5% منهم 61% من الإيصالات، أما ال50% الأدنى فيوفرون 3%. وعليه، تسهم هذه الضريبة في جعل أغلبية كبيرة راضية إزاء نمو حجم الحكومة.

على نحو متزايد، أصبحت هذه الضريبة بمثابة تقنين للحقد والغيرة، حيث تعد ضريبة القيمة المضافة الملاذ الذي تلجأ إليه الطبقة السياسية عندما تصبح موارد الأقلية المستهدفة من قِبل الحاقدين غير كافية لتمويل الحكومة النهمة. ولأن فرض ضريبة القيمة المضافة من شأنه تدمير الوعود التي أطلقها أوباما بعدم إقرار أي زيادة في الضرائب على الأسر التي تقل دخولها عن 250.000 دولار سنويا، فلا بد أنه يأمل في أن توفر لجنة تقليص العجز التي شكلها غطاءً لهذا الحنث. إلا أنه من الضروري موافقة 14 من بين أعضاء اللجنة ال18 على أي توصيات. وعلى أوباما أن يأمل في التمتع بحظ وافر يمكّنه من الفوز لصالح ضريبة القيمة المضافة بين أعضاء اللجنة الجمهوريين الستة: جود غريغ وتوم كوبورن ومايكل كرابو أعضاء مجلس الشيوخ، وبول ريان وديف كامب وجيب هنسارلينغ من مجلس النواب. وانتظروا حتى نسمع آراء أكثر أعضاء الطبقة السياسية سنا، فعندما عملوا كانوا يدفعون ضرائب على دخولهم، لكن بعد تقاعدهم سيمقتون ذلك لكراهيتهم تسديد ضرائب في وقت ينفقون من مدخراتهم.

ولأن ضريبة القيمة المضافة تشمل تقريبا كل شيء، فإنها ستعج بالإعفاءات. وتوفر هذه الضريبة للطبقة السياسية أكبر مساحة ممكنة لممارسة التمييز والمحاباة، مثل إعفاء سلع «خضراء» معينة. كما تسهم هذه الضريبة في تعزيز شعور هذه الطبقة بالرئاسة والتحكم. على سبيل المثال، كما هي الحال مع المطار، تسقط ضريبة القيمة المضافة على عاتق الأثرياء والفقراء على حد سواء، لكن الفقراء يخصصون نسبة أكبر من دخولهم للاستهلاك - لكن الطبقة السياسية توفر إعفاءات لمعظم السلع الغذائية ما عدا تلك التي ترفضها الدولة «الأم»، مثل المشروبات الغازية. إن المال مرتبط بالوقت. وتعد مسألة فرض الضرائب أشبه بمصادرة لوقت الجاني للمال. رغم أن فرض بعض الضرائب يبقى أمرا ضروريا، فإن جميع الضرائب تقلص الحرية. ومن شأن إقرار ضريبة قيمة مضافة من دون خفض ضريبة الدخل فرض مزيد من التقليص لحرية الأميركيين عما فعله قانون الرعاية الصحية. ولأنه لن يتم إلغاء التعديل ال16، فإن فرض ضريبة قيمة مضافة سيجعل من المستحيل إجراء تقليص جاد في النفقات، وبالتالي سيقضي على رؤية الآباء المؤسسين حول خلق حكومة محدودة.

======================

أميركا لا تضغط على الأصدقاء.. والشعوب هي صاحبة القرار

بقلم: عبد الفتاح ماضي

الامان 23/4/2010

هل من مصلحة القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة، تعزيز مساعي الديمقراطية في الدول العربية؟ سؤال جوهري يجب أن يتصدى له كل مؤمن بضرورة التغيير في دولنا العربية.

التغيير في أوروبا وأميركا اللاتينية

أظهرت عدة حالات للانتقال الديمقراطي أهمية وجود عامل خارجي مؤيد للانتقال أو على الأقل غير ممانع له. ففي شرق أوروبا، شكل دعم الغرب وأميركا عاملاً أساسياً للنجاح، الى جانب رفع الهيمنة السوفياتية وإلغاء مبدأ برجنيف.

فاتفاقيات هلسنكي الصادرة عن مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا عام 1975، شكلت أرضية مشتركة استندت إليها قوى الإصلاح والمعارضة في إضعاف شرعية أنظمة الحزب الواحد وتمهيد الطريق أمام التحول الديمقراطي.

جاء في إعلان هلسنكي عشرة تعهدات متبادلة تحتاج دولنا العربية إلى معظمها في علاقاتها بأميركا، وهي: المساواة في التمتع بالسيادة، الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، عدم انتهاك حدود الدول، وحدة أقاليم الدول، التسوية السلمية للمنازعات، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، احترام حقوق الإنسان، حق الشعوب في تقرير مصيرها، التعاون بين الدول، والتقيد بالتزامات القانون الدولي.

أما في أميركا اللاتينية، ففي الحادي عشر من أيلول 2001، وبينما كانت أميركا تتلقى هجمات ذلك اليوم، كان وزير خارجيتها كولن باول يوقع في بيرو مع مسؤولين من دول أميركا اللاتينية الأعضاء في منظمة الدول الأميركية «العقد الديمقراطي الأميركي»، وهو الميثاق الذي دشن مرحلة جديدة في علاقات واشنطن بجيرانها في الجنوب، إذ تخلت واشنطن عن سياسة التدخل وفرض الهيمنة وألزمت نفسها بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام مبدأ السيادة والقانون الدولي، وتجريم كل أنواع التمييز، والتأكيد على حقوق العمال وتقوية المجتمع المدني.

 

وبموجب الميثاق، صارت الديمقراطية -في عبارات قاطعة- حقاً من حقوق شعوب المنطقة، وأمراً أساسيًا للتنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وضرورة حيوية لحماية حقوق الإنسان.

بالطبع تحتاج الدول العربية إلى ميثاق ديمقراطي عربي-أميركي، فتحقيق المصالح الأميركية عن طريق دعم حكومات غير ديمقراطية لن يضمن تلك المصالح. وعلى الإدارة الأميركية إعادة النظر في علاقتها بقوى المعارضة السياسية، بما في ذلك القوى الإسلامية.

 

الأولوية لدعم الوضع العربي

في دولنا العربية، العوامل الخارجية لم تعمل لصالح التغيير، ففي أعقاب أحداث 11/9 تحدثت أميركا عن ضرورة تغيير الأنظمة الحاكمة في المنطقة على اعتبار أنها مسؤولة عن قمع الحريات وزرع التطرف. غير أن الضغوط الأميركية لم تثمر إلا تغييرات شكلية، كتغيير قوانين الأسرة، وتعيين نساء في مناصب سياسية وقضائية، وإجراء انتخابات دون أن يسمح باختبار حقيقي لشعبية الفئات الحاكمة.

ثم تراجعت الضغوط على نحو فهم منه أن الولايات المتحدة لا تريد تغييراً حقيقياً يؤدي إلى تغيير المنظومة الحاكمة بأكملها، لأنها ترى أن ذلك يهدد مصالحها في المنطقة. والأخبار التي تتناقلها بعض الصحف الأميركية مؤخراً عن دعم واشنطن لمخططات التوريث في أكثر من دولة عربية من تجليات ذلك التراجع.

وكان السفير الأميركي الأسبق في مصر، ديفد وولش، قد لخص هذه المعادلة بقوله: «إن أميركا تعد مصر صديقاً.. وأميركا لا تضع ضغوطاً على أصدقائها».

عوامل كثيرة أدت إلى تراجع الضغوط الأميركية، منها تصاعد القوة الانتخابية للإخوان المسلمين في مصر وفوز حماس في الأراضي المحتلة، دون أن تظهر هذه الحركات خطاباً معتدلاً تجاه الغرب بالنظر إلى ازدواجية السياسة الخارجية الأميركية في العراق وفي الأراضي المحتلة.

كما نجحت النخب الحاكمة في بعض الدول العربية في إقناع الغرب بخطورة إتمام عمليات الانفتاح السياسي وإجراء انتقال ديمقراطي حقيقي باعتبار أن ذلك سيفيد الإسلاميين. وتكفي الإشارة هنا إلى تعليق الرئيس المصري لمحرر واشنطن بوست الأميركية في 23 آذار 2003 عن منع عشرات الآلاف من المشاركة في جنازة مرشد الإخوان الراحل مصطفى مشهور، وقوله إن الديمقراطية التي تريدها أميركا «ستوصل الإخوان إلى الحكم في القاهرة وعمان والرياض وفلسطين».

وهناك حالات أخرى أدى فيها تغاضي الخارج عن دول غير تابعة للغرب إلى دعم الأنظمة الحاكمة، فبقاء هذه الأنظمة يعتمد على درجة تماسك الفئة الحاكمة وسيطرتها على المجتمع، وعلى تجاهل القوى الدولية للانتهاكات الضخمة ضد قوى المعارضة. حدث هذا في سوريا والعراق وفي ليبيا وتونس، في كل هذه الحالات لم تتحرك أي قوة دولية ضد قمع الأنظمة، وفي معظم هذه الحالات قاد التمرد تيارات إسلامية مناهضة للغرب.

لقد نسجت الولايات المتحدة علاقات استراتيجية مع حكومات المنطقة، على أساسها التزمت واشنطن بأمن وبقاء هذه الحكومات مقابل قيام هذه الحكومات بمراعاة المصالح الأميركية الاستراتيجية في المنطقة التي تتمثل اليوم في: عدم معاداة إسرائيل وفتح قنوات حوار معها مباشرة أو غير مباشرة، وضمان تدفق النفط إلى الغرب بأسعار معقولة، وضمان صد كل الحركات المناوئة لأميركا، وضمان عدم وجود اقتصاديات مستقلة في المنطقة، وذلك من خلال آليات مختلفة منها فتح الأبواب أمام التجارة الحرة مع منع أي سياسات تحمي الصناعات الوطنية أو تقيم قطاعاً زراعياً يكفي حاجة الأسواق الوطنية، وفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية في قطاعات محددة، بجانب ضمان تدفق الفوائض المالية العربية إلى العواصم الغربية، واستمرار شراء الأسلحة الغربية بالمليارات.

 

الرهان على الداخل

في حالات مشابهة كان الرهان على الداخل هو الحل، فمع أن الضغوط الخارجية على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أسهمت في تعرية هذا النظام وتعزيز جهود القوى التي تكتلت لإسقاطه، فإن النضال السلمي وتوافق القوى الوطنية بقيادة حزب المؤتمر على هدف محدد هو دمج السود من خلال آليات الديمقراطية التمثيلية والمواطنة والحقوق والحريات الأساسية، وكذا استمرار المقاومة المسلحة بكل صورها من تظاهرات واحتجاجات وإضرابات وحركات العصيان المدني، أدت جميعها إلى تصاعد عزلة النظام في الداخل واستمرار الضغوط من الخارج.

فالرهان لا بد أن يكون على الداخل العربي، لدفع الخارج إلى تعديل مواقفه وتغيير موازين القوة المختلة، فالقوة لا يوقفها إلا القوة، أي أن الرهان هو تكتل كل القوى المؤمنة بالتغيير السلمي وتركيزها على هدف محدد لا يجب أن يتجاوز متطلبات تحقيق الانتقال من حكم الفرد إلى الديمقراطية وتعرية مساوئ الاستبداد، مع اعتدال خطابها السياسي تجاه الولايات المتحدة وتركيزه على المطالبة بحسم موقفها من الديمقراطية والحريات بالشكل الذي تم في شرق أوروبا وأميركا اللاتينية، وضرورة دعم القوى التي تنادي بالديمقراطية وتداول السلطة والكف عن دعم منتهكي حقوق الإنسان.

كما يجب ألا يخلط خطاب تلك القوى بين قضية الديمقراطية في الداخل وقضايانا العادلة في العراق وفلسطين. إنّ الحكومات الديمقراطية المنتخبة والمسؤولة أمام مواطنيها هي وحدها القادرة على التعامل مع قضايا الخارج. ويكفي هنا أن نقارن بين مواقف حكومة أردوغان الديمقراطية في تركيا وفشل حكومات المنطقة في الوقوف أمام الاعتداءات الإسرائيلية منذ أكثر من نصف قرن.

لقد جرب العرب الاستبداد فعانوا من التخلف والتبعية والاحتلال، فليجربوا الديمقراطية وحكم القانون والاستقواء بالشعوب والبرلمانات المنتخبة، لعلهم يستردون كرامتهم وهويتهم واستقلالهم.

===========================

العلاقة بين حماس والكيان الصهيوني..

تؤسس لمرحلة جديدة تعود إلى حالة اللاحرب واللاسلم

بقلم: مؤمن بسيسو

الامان 23/4/2010

تعيش حركة حماس في قطاع غزة وضعاً استثنائياً بعد الرد على عملية الاختراق في غزة، فهي تعايش إشكالية العلاقة الميدانية اليومية مع قوات الاحتلال على امتداد الجبهة الحدودية، في ذات الوقت الذي تعايش فيه إشكاليات فلسطينية داخلية داخل إطار العمل المقاوم وتكتيكاته المختلفة.

في سياق العلاقة الممتدة مع الاحتلال، برزت عملية خان يونس البطولية كأول التحديات الكبرى منذ انتهاء الحرب على غزة، وكادت تودي بقواعد اللعبة التي حكمت العلاقة الميدانية بين «إسرائيل» وحماس حتى الآن، وتؤسس لمرحلة جديدة ذات سمت خاص لولا التدخل الأمريكي الذي كبح الاندفاعة الصهيونية العدوانية.

لا جدال في أن حماس تواجه اليوم وضعاً صعباً ومعقداً في ظل انعدام الخيارات تقريباً باستثناء خيار الثبات والصمود، فهي تدرك أكثر من غيرها أن الحفاظ على الحد الأدنى من استمرارها في الحكم داخل القطاع في ظل قسوة واشتداد الحصار، يعتمد على مدى قدرتها على اللعب على وتر التناقضات، ونسج القواسم المشتركة من رحم المتضادات.

يشتد الحصار يوماً بعد يوم، وتسوء الأحوال باطراد، ويقترب بناء الجدار الفولاذي من نهايته ليحكم قبضة الموت على غزة المحاصرة، فيما يتربص جيش الاحتلال أي فرصة لفتح نيران حقده وإرهابه على حماس وأهالي القطاع، وكأنه يُمني نفسه بمواجهة جديدة تحقق له أهدافه التي عجز عن بلوغها إبان الحرب الأخيرة.

معادلة حساسة ومعقدة بلا شك، ومعها تبدو حماس أكثر حساسية إزاء الخروج من محددات وقواعد اللعبة الراهنة، فهي ترغب في تحييد العامل «الإسرائيلي» الضاغط المتربص الذي كاد أن ينفلت من عقاله مؤخراً، كي تتفرغ لمواجهة تداعيات المعضلة السياسية والاقتصادية، ورسم معالجات الحد الأدنى التي تضمن بقاء قطاع غزة على درجة من الكفاية بما يؤهله لتحمل تبعات الهجمة الخارجية أطول فترة ممكنة.

لكن العملية الأخيرة، رغم كل محاولات الضبط، دشنت مرحلة جديدة في مسار حركة حماس التكتيكي الذي يسعى للتوليف بين تعقيدات السلطة والحكم واستحقاقات المقاومة والتحرير.

لم تكن العملية هجومية، واقتصرت على الجانب الدفاعي المحض، ولكنها كانت كافية لتحريك المياه الراكدة في إطار علاقة حماس بالإحتلال ميدانياً، وإدخال تعديلات على طبيعة وآفاق السياسة الأمنية التي حكمت التوجه الصهيوني الرسمي تجاه حماس في قطاع غزة عقب الحرب الأخيرة.

شكل تكريس الهدوء الميداني مصلحة مشتركة للطرفين رغم اختلاف الدوافع والمنطلقات، لكن الوقوع القدَري للعملية مثّل انعطافة جديدة في مسار الوضع الميداني وآفاق العلاقة المتبادلة التي تحكمها مؤشرات الحذر البالغ والترقب الكبير في ظل الخطط العسكرية الصهيونية الجاهزة لضرب حماس وإضعافها.

منذ تنفيذ العملية توالت التصريحات الصهيونية عن بعض المستويات السياسية والعسكرية التي دعا بعضها إلى توجيه ضربة عسكرية مؤلمة إلى حماس في غزة، والعودة إلى أسلوب الاغتيالات النوعية لقياداتها السياسية والعسكرية، فيما دعا البعض الآخر إلى إعادة احتلال القطاع وإسقاط حكم حماس وإنهاء التهديد الاستراتيجي الذي يمثله على الدولة العبرية.

 

تحتوي أدراج وزارة الحرب الصهيونية على عدد من السيناريوهات بشأن ضرب حماس، ومن بينها سيناريو توجيه ضربة جوية قوية بشكل مباغت لنخبة سياسية أو عسكرية أو كلتيهما داخل الصف القيادي لحماس، ومراكز التصنيع ومخازن الأسلحة، ومعالجة الأمر ميدانياً في ما بعد وفقاً لردود الفعل الفلسطينية. وسيناريو ثانٍ يتعلق باغتيال كادر أو كوادر عسكرية في إطار ضربة جوية مفاجئة، والاستعداد للتعامل مع الموقف الميداني على أساس الفعل ورد الفعل، وسيناريو ثالث يتعلق بمعالجة حالات المواجهة وإطلاق الصواريخ كلاً على حدة، وتقدير الرد العسكري الإسرائيلي إزاءها وفقاً لحجمها ونتائجها الميدانية.

ومما يبدو فإن السيناريو الثاني كان هو المفضل للقيادتين السياسية والعسكرية «الإسرائيلية»، خاصة أنه يتكامل مع تصاعد المواجهات، ويحقق إسرائيليا عدداً من الأهداف الداخلية والخارجية، ويحررها من الضغوط والأزمات السياسية والحزبية التي تواجهها حكومة نتن ياهو حاليا.

ومع ذلك فإن الرفض الأمريكي القاطع لإشعال الأوضاع، والتحذيرات الأمريكية التي أُطلقت إزاء أي تغيير إسرائيلي لقواعد اللعبة مع حماس في غزة، حال دون بلوغ أيّ من السيناريوهين الأولين، واضطر حكومة الاحتلال للقبول بالسيناريو الثالث على مضض، وهو ما بدا واضحاً في تصريحات نتنياهو الأخيرة قبل عدة أيام.

لم تقرأ حماس الموقف الصهيوني بشكل تقليدي هذه المرة، وبسطت توقعاتها إزاء طبيعة واحتمالات الرد العسكري الصهيوني، فهناك الكثير من الدوافع والأسباب التي نضجت من زاوية صهيونية لتأديب حماس وإضعافها وتركها تلملم ذاتها وتلعق جراحها فترة من الزمن.

لقد استعادت حماس عافيتها عسكرياً إثر الحرب الأخيرة، وطوّرت منظومة صاروخية تهدد «تل أبيب» وفق اتهامات جيش الاحتلال، وتحدّت العناد والصلف الصهيوني إزاء صفقة شاليط، ولا تزال ترفض الانصياع لشروط «الرباعية»، وتصرّ على تعديل بعض بنود الورقة المصرية للمصالحة الرامية إلى إخراجها من دائرة الشرعية الدستورية عبر البوابة الانتخابية، وتحمي حق المقاومة بمظلة شرعية، وهي أسباب كافية لتعجيل استدعاء ضربة عسكرية صهيونية قوية محفوظة في أدراج وزارة الحرب، وتنتظر الإقرار من المستوى السياسي فحسب.

=======================

"الأجوبة التي تقدمها محاكم "التفتيش الاسرائيلية العسكرية" اليوم عما حدث في الأندلس قبل 500 عام!!"

العرب القطرية /مدريد/ قضايا ورأي

نوال السباعي

الجمعة 16.4.2010

المتباكون على الأندلس وحضارتها ، الحريصون على رثائها والصلاة في مساجدها التاريخية السياحية ، الرائحون الغادون إلى اسبانيا بحجة زيارة الآثار الأندلسية ، وأولئك المجعجعون باستعادة الأندلس بين الحين والحين ، المدلون ببلاغاتهم الغبية عبر الفضائيات التي تجيد الدندنة بهذه التصريحات التي تعتبر أغبى من أصحابها ، الخارجون على القانون والأخلاق والمنطق وزورا وباسم "الجهاد" الذي تم الإجهاز عليه على أيديهم !، أين هم هؤلاء جميعا  مما يحدث تحت صمم العالم وعمى بصره وبصيرته فيم يُطَبَق في فلسطين من تفاصيل المسرحية القشتالية القديمة ؟، التي نشهد هولها في أرض فلسطين الضائعة المستباحة على أيدينا وأيدي الصهاينة ، الذين خلت أمامهم الساحات من المجاهدين الحقيقيين إلا من رحم ربي ، وباع الحكام القضية بأبخس الأثمان وجلسوا يتفرجون على حوبة الشعوب وتخبطها في أقذارها الاجتماعية لايحيرون جوابا ولايحركون ساكنا ، اللهم إلا التنديد غير شديد اللهجة ، والاعتراض غيرعالي النبرة ، ورفع الأمر إلى هيئة الأمم المتحدة ، ولية الأمر ، التي لاتحل ولاتربط إلا بأمر من الصهيونية العالمية التي تحكم أربعا من الدول الخمس التي تتمتع – ولاندري لم ؟؟!- بحق "الفيتو" من دون سائر بني البشر القصر العاجزين عن الحل والربط.

كثيرا من الأسئلة يمكن أن تطرحها عليك رحلة تقوم بها بالقطار من مدريد وحتى " الخثيراس" أو كما كان اسمها بالعربية "الجزيرة الخضراء" مرورا بقرطبة وغرناطة وماربييا، قبل أن تعبر المضيق باتجاه مدينة السبتة أو مليللة المتنازع عليهما منذ خمسمئة عام بين الطرفين ، شمال المضيق وجنوبه ، وهي نفس الأسئلة التي اكتظت بها رواية الأديبة المصرية الدكتورة رضوى عاشور "ثلاثية غرناطة" ، أسئلة لم تخل منها صفحة واحدة من صفحات الرواية التي حكت حياة ثلاثة أجيال متتالية من أسرة "موريسكية" ، والأسر الموريسكية هي تلك التي ثبتت في أرضها ولم ترض الرحيل أو لم تقدر عليه على الرغم من الاستئصال والاقتلاع والزلزلة والامتحان في الارض والعرض والمال والنفس والدين!، كيف ؟! ولماذا؟! ومن؟! وبأية طريقة ؟! إنها أسئلة كبيرة وخطيرة تلح على أي إنسان يسافر في ذلك الطريق ويدخل تلك المخاضة ، لأن مجرد درس الشأن الأندلسي أو التفكير فيه أو استحضاره يعني أنك تبحث عن إجابات ليس لما حدث في الأندلس قبل مئات الأعوام فحسب ، بل لما يحدث اليوم في فلسطين والمنطقة العربية كذلك .

ومن المدهش المعيب حقا أن تقدم لنا بعض هذه الاجابات الصورة الماثلة أمامنا في بث حي ومباشر لما يجري في فلسطين الجريحة ، الضائعة بين تشرذم أبنائها ، وتركهم الجهاد المشروع وتمسكهم بكراسي السلطة التي لم تمنحهم وطنا ولاكرامة ولاحرية لا في الضفة ولا في غزة ، فلسطين المضيعة على أيدي عرب القضية الذين قضوا نصف قرن يندبون باسم القضية ، ويتسولون باسم القضية ، ويذبحون شعوبهم باسم القضية ، اِلتصقوا بالكراسي باسم القضية ، نهبوا أموال الشعوب باسم القضية ، سرقوا حرية الإنسان باسم القضية ، هتكوا عرض الأمة باسم القضية ، استلبوا كرامة الشعوب باسم القضية ولكنهم لم يفعلوا شيئا للقضية ، اللهم إلا بعض المساعدات وبعض الدفع نحو خطط السلام المستعصية بعد أن فقدوا كل شيء ولم يعد أمامهم أي شيء يقايضون عليه باسم القضية إلا ولاءهم لأصحاب الشأن في واشنطن ولندن وباريس!!.

 أما عن الشعوب فحدث ولاحرج ،ماذا فعلت الشعوب في المنطقة العربية بالقضية وأهل القضية ؟ وحتى لحظة كتابة هذه السطور مازال الزواج أو التزويج من وإلى الفلسطينيين عارا في أكثر من بلد عربي تقدمي أو رجعي ، وهذا أمر لاعلاقة للحاكم فيه ، إنها أخلاق المحكومين ، إنها أخلاقنا نحن الذين نأكل ونشرب ونتندر بالقضية مجترين ليلا ونهارا أخبار الجزيرة ليقول الناس عنا أنا مثقفون كبارا نفهم في القضية !!.ناهيك عما فعله "العرب" حكاما ومحكومين بالفلسطينيين لدى نزوحهم الأول والثاني والعاشر ، وكيف استقبلوهم وكيف عاملوهم وعاملوا نساءهم وأطفالهم وعزيز قومهم الذي ذلّ ، ولن نستعرض هنا الهجرة بعد الهجرة ، وكيف استخدمت دول المنطقة الفلسطينيين ورقة للتفاوض والضغط ، يلعبون بأقدارهم من فلسطين إلى فلسطين إلى دول الطوق إلى الخليج ومصر وليبيا ، ثم من دول الخليج وليبيا ومصر إلى حيث لايعلم إلا الله.

هذه هي أندلس اليوم ، فلسطين، التي تُنتَهب من ضمائرنا ، وتُستَل من شرايين عروقنا ، وتنزف من خلايا أدمغتنا ، ونحن نتفرج ببلاهة منقطعة النظير ، غارقون في تخلفنا وتمزقنا وارتكاسنا إلى الأرض ، ثم ..ودون ذرة من حياء ولا خجل نسأل ونتساءل كيف ضاعت أندلس الأمس؟، وكيف دُمرت حضارتها ، وكيف محي العنصر الإنساني فيها ، من ؟ وكيف ؟ ولماذا؟ ، لاتكمن الكارثة في عجزنا عن الإجابة على الأسئلة المطروحة حول ماحدث قبل 500 عام ، ولكن الكارثة حقيقة كامنة في عجزنا عن الإجابة على الأسئلة المطروحة أمامنا اليوم فيم يتعلق بالبحث عن طريق الخلاص ووقف المذبحة والتطهير العرقي واستلاب التاريخ والمقدسات مما يجري تحت سمعنا وبصرنا  ونحن نتفرج!. أمة فقدت الإحساس بالزمن ، أنظمة دمرت كل قدرة ممكنة لدى الشعوب للانتفاض والكفاح ، بل هو الدفاع عن النفس ومقارعة العدو ، شعوب استسلمت لأقدراها وفقدت إحساها بالحياة  ، تحتاج إلى إعادة نظر بمفهومها عن الحياة ، جيوش نزع منها فتيل الكرامة ، وأصبحت صورا متحركة لتقديم السلامات والتحيات لأولياء الأمر كلما ذهبوا إلى أوربة للتفسح أو أمريكا للعلاج  . جيوش وقوى أمن لاتصلح إلا للعروض العسكرية والتمثيلات التهريجية أيام الأعياد الوطنية والمناسبات الأميرية والملكية والسلطانية والثورية والانقلابية ، و...بالطبع قمع الشعوب وقهرها واستعبادها وقطع ألسنتها وكسر أيديها ، هذا إذا لم نتحدث عن صفقات الأسلحة التي تنفق عليها المليارات إرضاء لرؤساء الدول التي تدعم "إسرائيل" والتي تحمي "إسرائيل" والتي ترفد "إسرائيل" بالقوة والمال والسلاح  ، ليتم تكديسها لاحقا في أقبية الإهمال والتضييع .

 

 ، المثير للألم والحسرة فعلا أنك تجد كل الإجابات مجتمعة فيم يجري اليوم فيم تبقى من فلسطين ، ومايجري اليوم أعني به مايجري يوما فيوما منذ ستين عاما وحتى الساعة ، "الكيان الاسرائيلي" أقيم على بقايا مفهوم الشرف "العربي" السخيف ، وبنى دولته على مخلفات الضمير "العربي" المتفسخ ، وزحف باتجاه الفرات والنيل على جثة الكرامة "العربية" الزائفة!، ماكان لهذه الدويلة صنيعة الغرب بامتياز أن تقوم في قلب الأمة لولا أن الأمة كانت قد تفسخت وانهارت ، وبلغ بها السقوط أنها مازالت تهوي منذ سبعين خريفا في هذا الجبّ دون أن تصل قعره ولا أن تمتد إليها يد تنتشلها من هذا السقوط!.

استغلت "اسرائيل" غليان الساحة الأوربية بقضية المهاجرين والهجرة غير الشرعية ، فأصدرت محاكم التفتيش العسكرية الاسرائيلية "قرارالترحيل الثالث" الذي يعتبر عارا في ضمير المجتمع الدولي ، هذا إن كان لهذا المجتمع من ضمير في زمن السطوة الإعلامية الرهيبة التي تذل من تشاء وتعز من تشاء ، أما بالنسبة لنا فماعاد لكلمة عار من معنى عندنا إلا مانستأسد به في جرائم الشرف المضحكة المبكية !، مررت "اسرائيل" قرار محاكم تفتيشها هذا على هامش واقع أوربي أصبحت فيه الهجرة غير القانونية شغل الناس الشاغل ، وفي ظل تعتيم إعلامي مذهل ، بحيث لاتكاد تجد الخبر إلا بصعوبة شديدة ، وفي تغافل مقصود عن التذكير بأن هؤلاء المُرّحلون اليوم هم أبناء الأرض وأصحابها وأبناء أصحابها الشرعيين ، ولم يكن هذا الخبر  ليرد أصلا لولا حياء بعض أجهزة الإعلام وخاصة من كبرى الصحف الأوربية التي كانت معروفة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر والحادي عشر من آذار  بمناصرتها للقضية الفلسطينية ، فأصبحت من الصامتين حتى لاتحسب من أنصار الارهاب العالمي أو الدولي أو الاسلامي !! سمه ماشئت ، فلقد تسبب أولئك القوم بطعن القضية في ظهرها ، وتشويه معاني الجهاد ، في معارك سخيفة لم تسمن ولم تُغْن من جوع!.. ثم نرى ساحة المعركة الحقيقية منهم خالية ، سمعنا كثيرا من جعجعتهم حول "استعادة الأندلس" ، ولكننا لم نر منهم أي طحين يطعم أحدا من جوعنا للانتصار لقضية فلسطين وشعب فلسطين المغلوب على أمره .

إنه زمن أندلسي بامتياز ، ليس أندلسي العزة والحضارة ، ولكنه أندلسي الانكسار والهزيمة والرحيل والاستسلام والانبطاح ، أندلسي التمزق والتشتت والسقوط ، أندلسي ملوك الطوائف الفرحين بكراسيهم وسلطاتهم الورقية الهشة ، اندلسي الشعوب التي أصابها الوهن والضياع بحثا عن هويتها وبحثا عن مستقبلها، إنه زمن أندلسي بامتياز ، مضى منه ستون عاما وبقي ل"موريسكيو الشرق" مائتي عام في نزعهم ومواتهم الأخير ، للبحث عن الإجابات ، ولينهضوا ، فهنا لامرابطون ينقذونهم ، لأنهم هم المرابطون حول أفنية المسجد الأقصى ، هذه الأمة هي أمة الرباط فإن تخلت عن رباطها وأسلحتها تداعت إليها الأمم ، وهاقد حصل، فهل من رجال تقود الناس إلى الخلاص وتوقف عجلة الانهيار العظيم هذه التي ندور منسحقين بين فكي رحاها ولانحسن طرح الأسئلة المؤلمة لنستطيع ايجاد الأجوبة الصادقة الملائمة؟!.

مضى ستون عاما على محنة الفلسطينيين ، وبقيت أمامنا 200 عام لنتفرج ، ومن ورائنا أجيال أخرى ستشهد نهاية هذه المأساة الجديدة  التي ستتباكى عليها الأمة ألف عام أخرى كما نبك اليوم بدموع التماسيح ماضاع من أندلس مازالت تنبض في الضمائر ألما وجراحا.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ