ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إبراهيم أبو عواد 4/24/2010 القدس
العربي لا يملك المتابع لملف إيران النووي إلا أن
يعترف بعبقرية السياسة
الإيرانية في المناورة ، وكسب
الوقت ، والقدرة على التحرك في
أكثر الزوايا ضيقاً ، وإتقان
أساليب اللعب من الدول الكبرى .
وهذا الأداء السياسي ينبع من
القوة الذاتية لإيران التي
استطاعت الاعتماد على نفسها في
تطوير صناعاتها العسكرية ،
وقوتها الصاروخية .ولا يخفى أن
إيران تستغل غرق أمريكا في
العراق وأفغانستان لتعلن
استمرار برنامجها النووي،
ضاربةً بعرض الحائط قرارات
الأمم المتحدة ولهاث المسؤولين
الغربيين . ولو كان الغربُ
قادراً على لوي عنق إيران
وقمعها لفعل ذلك مباشرة دون
الحاجة إلى مفاوضات وتنازلات
ومشاريع بديلة مقدَّمة لإيران .
فما يجري هو كسبٌ للوقتِ من جهة
إيران التي تتقن اللعبة بحرفية
عالية . وهناك قانونٌ أساسي عام في كل مكان وزمان
، وهو أن الغرب لا يُقدِم على
مفاوضات وتقديم عروض وحوافز إلا
إذا كان موقفه ضعيفاً ، فلو كان
قوياً بما فيه الكفاية لأوقف أي
جهة معارِضة له فوراً دون
الحاجة إلى طاولة مفاوضات،
وتقديم بعض الأطعمة والأشربة
على طاولات غداء العمل أو
العشاء ، ونشر بعض الضحكات
والابتسامات الصفراء أمام
كاميرات وسائل الإعلام ، فهذا
كله يعكس المأزق الغربي عموماً،
والأمريكي خصوصاً ، ويطرح
السؤال المتكرر : من الذي أعطى
الحق لأمريكا وأذنابها بامتلاك
عشرات آلاف الرؤوس النووية ،
وإبادة اليابانيين بالأسلحة
النووية ، ومنع باقي الدول من
التسلح نووياً ؟! . ويرافق الارتباك الغربي صعودُ نجم إيران
كقوة نووية ضاربة في المنطقة
وقلعة ضد الإمبريالية ، في ظل
إحالة الدول العربية إلى
التقاعد ، والتي صارت عاطلة عن
العمل ، نتيجة السياسات
الاستبدادية للحكام الأعراب
الذين أعادوا البلاد إلى العصر
الحجري ، وجعلوا منها ظلاً
باهتاً لما يسمى بإسرائيل .
فأضحت الدول العربية الكرتونية
مزرعة للحاكم وعائلته المعصومة
وحاشيته المقدسة ، حيث الفشل
الشامل في السياسة والاقتصاد
والتعليم وباقي المجالات . وهذا
خلق فراغاً هائلاً في المنطقة
أَفسح المجالَ لإيران كي تكون
اللاعب الأساسي . فالفوضى الخلاقة في الوطن العربي منحت
إيران كل الأوراق على طبق من ذهب
، خصوصاً بعد تآمر بعض العرب على
العراق الذي كان البوابة
الشرقية للعالَم العربي .
وبانتحار العراق كُسرت هذه
البوابة. فدخلت إيران لكي تلعب
دور الأب للأمة العربية اليتيمة.ولو
وجدت إيران في طريقها دولاً
سيادية ذات وزن إقليمي وعالمي
لما قدرت على زراعة نفسها في
المحيط العربي. وعلى الرغم من هذه الحقائق فلا فائدة
للعرب في تصنيف إيران كعدو ، فمن
مصلحتهم وجود إيران قوية لا
توسعية . ومن مصلحتهم كذلك
الدخول مع إيران في مظلة أمنية
واحدة ، لأنها القلعة الأخيرة
التي تملك أن تقول : (( لا )) . لكن
البعض يتخوف من سيطرة إيران على
الخليج وابتلاعه . وهذا تحليل
مبالغ فيه . فباكستان دولة نووية
سُنِّية مجاورة لإيران، ومع هذا
لم تسيطر على الشيعة ، وتفرض
نفوذها عليهم . وعندما تمتلك إيران السلاح النووي لن
تقدر على ابتلاع الخليج ، لأنه
بحر النفط . وكما هو معلوم فإن
النفط هو العمود الفقري للحضارة
الغربية . وإذا حدث تهديد لمنابع
النفط فإن الغرب وأوله أمريكا
سوف يتدخل فوراً ، ليس حباً في
دول الخليج ، بل حباً للنفط .
وهذا ما حصل عندما غزا صدام
الكويتَ ، فقد تدخل الغرب ليس
حباً في الكويت ، بل تقديساً
للنفط . وأيضاً وجود إيران نووية سيدفع دول
المنطقة مثل مصر والسعودية
لدخول النادي النووي من أجل
صناعة معادلة الردع النووي
المتبادل وفق منظومة سباق
التسلح . فمثلاً ما كان لباكستان
أن تصبح دولة نووية لولا ظهور
الهند كقوة نووية، مما اضطر
باكستان لإيجاد قود ردع،
فكرَّست وقتَها لامتلاك السلاح
النووي، وهذا ما حصل . فالحاجة
أم الاختراع . أما مبالغة أمريكا في رسم إيران كفزاعة
فيهدف بالدرجة الأولى إلى بيع
دول الخليج أسلحة ، لكي تزدهر
مصانع السلاح الأمريكية ،
ومحاولة دفع دول المنطقة إلى
التكفل بتمويل الحرب على إيران
، كما تكفلت بتمويل الحرب على
العراق ، لأن الحاكم العربي
مستعد أن يُضَحِّيَ بأي شيء
مقابل بقائه على الكرسي . وهذا
هو دَيْدَن الأنظمة
الدكتاتورية في العالَم كله . إن الأمة العربية تقامر بمستقبلها ،
والأمم قد تقامر بأي شيء إلا
مستقبلها . ولكن غياب القائد
الرمز المحوري في العالَم
العربي جعل منه مساحةً جغرافية
لا وزن لها دولياً ولا إقليمياً
. ونحن بحاجة إلى تجمع عربي
إقليمي مُنَظَّم وفاعل يضم
تركيا وإيران لإعطاء زخم للوطن
العربي المهزوم ، وإلقاءِ طوق
النجاة لهذه الكتلة الجغرافية
الضخمة الضائعة في الصحاري ،
وإنقاذِ ما يمكن إنقاذه ،
وتحسينِ صورته في المحافل
الدولية ، لأن الدول العربية
التي انضوت في المحور
الصهيوأمريكي تُنفِّذ أجندةً
خارجية مرسومة في أروقة
الخارجية الأمريكية معادية
للمشروع العربي الإسلامي، وهذا
سيقضي على الحلم العربي في
التحرر والتحرير . فالتحالف مع
إيران هو الخيار الإستراتيجي
للدول العربية إذا أرادت
التخلصَ من قيود عبوديتها
لأمريكا ، مع وجود مسافة وقائية
تردع إيران من تنفيذ مخططاتها
التوسعية . والمؤسف حقاً أن الدول العربية تُلدغ من
نفس الجحر مئات المرات ، فهي
تتعرض لعملية نصب سياسي كما حدث
في " سايكس بيكو " ، وتغرق
في خدعة " الحرب على الإرهاب
" التي كانت عملية احتيال
واضحة لترسيخ عودة الاحتلال
الغربي وتجذيره بشكل متزامن مع
تواطؤ رسمي عربي . ومن المؤكد أن أمريكا لن تأتي لإنقاذ
العرب ، وسوف تخلف وعودها للعرب
كما فعلت بريطانيا أيام الشريف
حسين بن علي . فأمريكا التي
أقنعت دول الخليج بأهمية إزاحة
صدام حسين الذي تم تصويره كخطر
داهم ، قد سلَّمت العراق
لإيران، وها هي تستعد للهرب منه
_ بعد أن أعادت تصميمه وفق
الطراز اللبناني _ ، كما هربت من
الصومال في بداية تسعينات القرن
العشرين ، وبالطبع ستترك العرب
يواجهون مصيرهم المجهول . أضف إلى ما سبق أن إيران قد وصلت في الطريق
النووي إلى نقطة اللاعودة ،
وسوف تستمر حتى امتلاك السلاح
النووي ، ولو استطاع الغرب
إيقافها لأوقفها منذ مدة طويلة
، لكنه لا يملك الأوراق اللازمة
لكبح طموحها النووي . فالغرب
كاملاً برفقة " إسرائيل "
لم يقدروا على منع باكستان (
الدولة الفقيرة ) من التسلح
نووياً، فكيف سيكبحون جماح
إيران ( الدولة الغنية ) ؟!. فعلى العرب أن يتحالفوا مع إيران قبل أن
يخرجوا " من المولد بلا حمص
" ، وتصبح دول الخليج مثل
العراق حيث القبائل والطوائف
تتناحر ، وتتصارع على احتكار
الكراسي الوهمية . ولن تحميَهم
القواعد الأمريكية في الخليج
لأنها في مرمى الصواريخ
الإيرانية . ولا تنفع المشاريع
النووية العربية التي نسمع عنها
هنا وهناك بمساعدة دول غربية ،
لأنها مسرحية مكشوفة لاختراع
حالة توازن فاشلة مع إيران . ولا
ينفع الرهان على ضرب المواقع
الإيرانية النووية لأنها ليست
مفاعل تموز العراقي ، كما أن
إيران قادرة على امتصاص الضربة
الأولى _ في حال وقوعها _ ،
وقادرة كذلك على إعادة بناء
قدراتها الذرية ، لأن التقنية
النووية موجودة ، والإمكانيات
موجودة ، وأسس الصناعة النووية
ثابتة . فلن تتأثر الشجرة بسقوط
أغصانها إذا كانت جذورها راسخة
، وكل ضربة سطحية لا تمس العمود
الفقري للمشروع النووي يمكن
استيعابها بسهولة ، ناهيك عن
ردة الفعل الإيرانية العنيفة
التي تتضمن إغلاق مضيق هرمز تحت
الغطاء الصاروخي الكثيف ، وهو
أهم طريق لإمدادات النفط
العالمية ، إذ تعبره ناقلة نفط
كل ست دقائق تقريباً . بالإضافة
إلى قصف القواعد الأمريكية في
الخليج ، وتحرك رجال إيران
المؤثرين في العراق ، واندفاع
المقاومة اللبنانية في عمق
فلسطين المحتلة . فينبغي على العرب عدم تكرار سيناريو
التآمر على الدولة العثمانية
لصالح القوى الغربية ، لأنهم
بذلك يقامرون بمستقبلهم ،
ويرمون أنفسهم في قيود العبودية
عن سبق الإصرار والترصد . وعلى
الحاكم العربي أن يستيقظ قبل أن
يلاقيَ نفس مصير الرئيس العراقي
السابق صدام حسين . كاتب من الاردن ======================= يا لبؤس حقوق الانسان في
العراق! هيفاء زنكنة 4/24/2010 القدس العربي تقرير مرعب آخر عن حال بلادنا، يكتسب
مصداقيته عبر نشره من قبل
الاعلام الغربي لأن شهادات
العراقيين أنفسهم يندر أن يعتد
بها. نشرت هذا التقرير جريدة
أمريكية هذا الإسبوع عن سجن سري
في مطار المثنى في وسط بغداد قرب
المنطقة الخضراء، ثم تقارير عن
سجون سرية أخرى. إنها فضائح تطفو
على سطح الاحداث، كالاسماك
الميتة في بركة عفنة، جريمة
وحشية جديدة تجمع ما بين انتهاك
حقوق الانسان والهبوط الى قاع
الانحدار في امتهان الكرامة
الانسانية. ولا يعزينا، عند قراءتنا التفاصيل
المروعة، بانها ليست المرة
الاولى التي يتعرض فيها رجالنا
ونساؤنا واطفالنا الى
الانتهاكات الجسدية تحت
الاحتلال وحكوماته المتعاقبة.
ولا يخفف من وطأة البشاعة ان
نقول باننا نعرف بان من يبيع
وطنه لن يخجل من بيع مواطنيه،
وان من يمارس الفساد السياسي
والمالي لن يخجل من ممارسة
الفساد الاخلاقي والجنسي.
فالقيم الاخلاقية والانسانية
تشكل، في تركيبتها، منظومة
متداخلة واحدة فإما ان يمتلكها
المرء او لا يمتلكها. ومن يبرر
فعلا لااخلاقيا واحدا، سيجد ان
بامكانه تبرير كل الافعال
اللااخلاقية. ومن يبرر تعذيب
شخص واحد، حتى ان كان مجرما او
قاتلا، سيمتلك القدرة على تبرير
كل انواع التعذيب. ومن يبرر قتل
شخص واحد، مهما كانت تهمته،
انما يمنح نفسه سلطة ارتكاب
المجازر والإبادة. لم يفقد العراقيون والعالم، بل سيتكلس
ويتصلب فيهم كل ما يشدهم الى
الإقتصاص والعدل، منذ التعذيب
الوحشي في سجن أبو غريب
لمعتقليه من نساء ورجال، وعبر
مذابح حديثة والاسحاقي واغتصاب
الصبية عبير الجنابي وحرقها
وافراد عائلتها في مدينة
المحمودية، وبعد ان اصبح
المواطنون الابرياء أهدافا
متحركة لتسلية جنود الاحتلال في
ارجاء العراق وليس في بغداد
الجديدة فحسب، كما يظهر شريط
الفيديو الذي تم توزيعه اخيرا،
وبعد توالي اعترافات الجنود
الذين ساهموا في ارتكاب المجازر
بان ما ينشر اعلاميا، هو'جزء
بسيط فقط مما ارتكبناه'، بعد هذا
وغيره اعظم. والمعروف ان مدربي
هؤلاء الجنود هم أنفسهم من
يقوم، منذ سبع سنوات، على تدريب
القوات العراقية، والمخابرات
والأمن والفرق الخاصة، في دورات
ومراحل أنتقاء وتقديم متتالية
لمن يتميز في خدمة الإحتلال. ولا
تزال هذه الألوية والسرايا
العراقية بإمرة مستشارين
ورقابة أمريكية وفقا للإتفاقية
الإستراتيجية الطويلة المدى. ولننظر الى تاريخنا الحديث في مجال حقوق
الانسان. لقد عشنا على مدى عشرات
السنين، في ظل ارتكاب
الانتهاكات والجرائم المبررة
أخلاقيا من قبل استعمار (
البريطاني وحكوماته الشكلية)
وحكام دكتاتوريين في الغالب،
واحزاب تدعي لنفسها حق امتلاك
القيم والقانون وتطبيقاتهما.
غير ان كل ما مررنا به منذ تأسيس
الدولة العراقية الحديثة في
عشرينات القرن الماضي، وحتى
الاحتلال، من انتهاكات، على كل
المستويات، في كفة وما يعيشه
اهلنا منذ عام 2003 في كفة أخرى.
وأنا لا اعني انتهاكات وجرائم
قوات الاحتلال لوحدها، بل ومعها
شركاؤها في الجريمة من
العراقيين الذين باتوا، بمرور
الوقت، بحكم تطابق مصالحهم مع
المحتل، مثل النبات الطفيلي
المتسلق على شجرة، يموت بموتها
ويحيا ما دامت باقية. من هنا
برزت حاجة المحتل ومستخدميه على
ديمومة ' العملية السياسية'،
مهما كان الثمن. والثمن، في كل
الاحوال، مدفوع من قبل ابناء
الشعب. وقد اثبتت سيرورة حكومات
'العملية السياسية الديمقراطية'،
بانها مصبوبة جميعا، من ناحية
الفساد بمستوياته، في قالب
واحد، يختلف ظاهريا، بعض الشيء،
في التعبئة، ما بين الطائفي
والعلماني. ولنستعيد معا، بعض ما انجزه العلماني
الديمقراطي، أياد علاوي،
بالمقارنة مع الطائفي نوري
المالكي، مثلا. لقد اصبح علاوي 'صوت
سيده' في حملة الإبادة التي
نفدتها قوات الاحتلال في
الفلوجة وهدمت خلالها 70 بالمئة
من مدينة الجوامع. ففي مقابلة مع
فضائية 'العربية'، في 17 تشرين
الثاني (نوفمبر) 2004، جاء فيها
انه قد تمّ الإعلان عن قتل أكثر
من 1200 'مسلح' في الفلوجة واعتقال
المئات فضلا عن تهجير الآلاف،
أجاب علاوي متفاخرا بانه لم يبق
غير 'أعمال تنظيف بسيطة لبعض
الجيوب هنا وهناك'، مقسما لمن
يتطرق اليه الشك في قدرته على
المساهمة في القتل: 'والله قُتل
الكثير من الإرهابيين في
الفلوجة'. واذا ما أنتقلنا الى المالكي ، رئيس وزراء
'دولة القانون'، لوجدناه يقايض
اطلاق سراح قتلة المثقاب وتقطيع
الاوصال ورمي الجثث في الشوارع
مقابل منصبه في 22 نيسان (ابريل)
2006. ثم عاد ليقايض 'طائفيي الأمس'
مقابل بقائه في منصبه تحت حماية
الجنرال الامريكي ديفيد
بترايوس في حملته ضد أهل بغداد
والبصرة وسامراء والعمارة
والرمادي والموصل وتلعفر،
وبقية ارجاء العراق باستثناء
المحافظات الشمالية الثلاث،
الذين تم تصنيفهم جميعا
كإرهابيين. وفي عهده تمت زيادة
قوات الاحتلال والمرتزقة
وارتكابهم ما يشاؤون من جرائم
بلا محاسبة او عقاب ومن باب
التسلية ودفعا للضجر، حتى بلغ
عدد الضحايا مائة شهيد يوميا،
حسب الامم المتحدة في 18 تموز (يوليو)
2006، وهجرة اكثر من مائة ألف
مواطن، شهريا. وانتشرت
المعتقلات السرية والعلنية
وصار لكل وزارة وجهاز استخبارات
وأمن وحزب وميليشيا أحد
المعتقلات. كل هذا والمالكي يصف
ما حققه الامريكان وقواته
الخاصة بانه 'نجاح ساحق'، فهل
كان اختفاء 'المئات من
المعتقلين السنة لأشهر عديدة في
سجن سري، في مطار المثنى
القديم، الذي يديره 'لواء بغداد'،
وهو وحدة من القوات الخاصة تتبع
بصورة مباشرة مكتب رئيس الوزراء
نوري المالكي، حسب صحيفة 'لوس
انجليس تايمز'، في تقرير نشرته
يوم 12 نيسان، واحدا من نجاحات
المالكي الساحقة؟ أم ان اغتصاب
الرجال، يوميا، من قبل وحدة
المالكي في معتقله الخاص او
غيره من معتقلات الساسة
الآخرين، كما قال احد المعتقلين
لوجدان ميخائيل، وزيرة حقوق
الانسان، وهو يطلعها على ملابسه
الداخلية التي كانت مخضبة
بالدماء، هو الانتصار الساحق
بعينه؟ واذا ما كان هناك قانون
دولي ومنظمات حقوق انسان
عالمية، فكيف التعامل مع ' رئيس
وزراء'، يدعي بانه لاعلم له
بالتعذيب في سجن تشرف عليه
قواته الخاصة؟ وماذا عن نفي
وزير الدفاع عبد القادر العبيدي
الذي يدعي بان نقل السجناء من
الموصل الى معتقل التعذيب جرى 'لتحقيق
ِالحماية الكاملة لهم'، بينما
انهمك بقية الوزراء والساسة
بمناقشة سفسطائية، ولأغراض
دعائية، عن سرية أو علنية
السجون! لقد دعت منظمة العفو الدولية إلى فتح
تحقيق في الفضيحة الجديدة وتورد
المنظمة عن مفتشي وزارة حقوق
الإنسان العراقية قولهم إن ما
يربو على 100 من السجناء، البالغ
عددهم 431، قد تعرضوا للتعذيب
بالصدمات الكهربائية وبالخنق
بأكياس بلاستيكية وبالضرب،
فضلا عن عن وفاة رجل واحد - وكان
ضابطا برتبة عقيد في الجيش
العراقي المنحل - في كانون
الثاني (يناير) نتيجة للتعذيب.
كما قالت نائبة مدير برنامج
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في
منظمة العفو، إن 'ادعاء رئيس
الوزراء المالكي بأنه لا علم له
بالانتهاكات لا يمكن أن يعفي
السلطات من مسؤولياتها... ان
حكومة المالكي دأبت، بشكل
متكرر، على التعهد بالتحقيق في
حوادث التعذيب وغيره من صنوف
الانتهاكات الخطيرة لحقوق
الإنسان على أيدي قوات الأمن
العراقية، بيد أنه لم يتم نشر
نتائج هذه التحقيقات أبداً على
الملأ. وقد أدى هذا إلى تعزيز
ثقافة الإفلات من العقاب
المتفشية على نطاق واسع'. وماذا
عن وزارة حقوق الانسان؟ لقد
عقدت الوزيرة وجدان ميخائيل
مؤتمرا صحافيا اعلنت فيه عن
إغلاق سجن سور نينوى في بغداد
ونقل المعتقلين إلى دائرة
الإصلاح التابعة لوزارة العدل،
وكأن معتقلات وزارة العدل أرحم
من معتقلات رئيس الوزراء
والداخلية والدفاع وغيرها. ثم
اعلنت الوزيرة، وهنا المضحك
المبكي، عن 'تشكيل لجان متخصصة
من مكتب القائد العام للقوات
المسلحة للتحقيق في عمليات
التعذيب التي يقول السجناء إنهم
تعرضوا لها' وهو فعل يشبه ان
تكلف سفاحا بالتحقيق في سلسلة
الجرائم التي ارتكبها، معتبرة
ان 'الضجة' حول وجود السجن لها
ابعاد سياسية. وتخبرنا الوزيرة بانها زارت المعتقل، فهل
نظرت الوزيرة في عيون المعتقلين
لترى ما لحقهم من امتهان
للكرامة وغضب لن يزيله غير
الانتقام؟ هل نقلت الى رئيس
وزرائها مخاوفها عما سيفعله
المعتقلون الذين انتهكت
اعراضهم، مستقبلا؟ أم لعلها
هنأته على كونه قد حقق المساواة
الجنسية بين النساء والرجال، في
مجال الاغتصاب؟ ألا يخشى
الصامتون او المتشدقون
بالألفاظ الرنانة عن حقوق
الانسان ان يصيبهم ما يصيب
المعتقلين الآن، وان يحصدوا، في
القريب العاجل، ثمار بذور العنف
التي يزرعونها؟ أم ان ابناء
حكومات الاحتلال يظنون أن روح
الانتقام حكر عليهم فقط؟ ======================= ماذا تريد إسرائيل من
التصعيد ضد سورية؟ راغدة درغام الدستور
24-4-2010 يستحق التطور ، أو التوتر ، في العلاقة
الأميركية - السورية الناتج من
اتهامات لدمشق بتزويد حزب الله
صواريخ سكود ، وهي اتهامات
نفتها سورية وأكدتها إسرائيل ،
يستحق التوقف عنده لدراسة
خلفيته وأبعاده وإفرازاته على
العلاقة الثنائية وعلى التموضع
السوري اقليمياً. فتحذير إدارة
باراك أوباما للحكومة السورية
من خطورة الخطأ في التقدير ومما
قد ينتج من تصعيد كهذا تلته حملة
عنيفة من الكونغرس على الإدارة
وتبنيها لسياسة الليونة
والانفتاح والتحاور والانخراط
مع دمشق بلا محاسبة على الماضي
وبلا تدقيق في السياسات السورية
الراهنة نحو إيران و حزب الله
والمنظمات الفلسطينية المسلحة
داخل لبنان. تزامنت مع ذلك
تلميحات بأن الإدارة الأميركية
لن تشن معركة خاسرة ومكلفة لها
لمنع اسرائيل من القيام بعملية
عسكرية تشمل سورية ولا تقتصر
على حزب الله بسبب تسريب أسلحة
في انتهاك لقرارات مجلس الأمن.
فالإدارة في صدد معركة مع
إسرائيل بسبب الاستيطان غير
الشرعي والتصعيد في القدس.
والعلاقة بين إدارة باراك
أوباما وحكومة بنيامين
نتانياهو تحتقن فيما يتردد ان
الإدارة الأميركية تقوم بإعداد
خطة لحل النزاع الفلسطيني -
الإسرائيلي والنزاع العربي -
الإسرائيلي تعارضها إسرائيل ،
كما ان الإدارة الأميركية تخوض
أيضاً معركة تعزيز العقوبات على
الجمهورية الإسلامية الإيرانية
وتعمل على كبح إسرائيل عن أية
مغامرة عسكرية ضد ايران. ولأن
هذه المعارك لها الأولوية وهي
أساسية في الاستراتيجية
الأميركية ، لن تعرّضها إدارة
أوباما للهشاشة بإضافة معركة
ليست مقتنعة بها للجم إسرائيل
عن عمليات عسكرية لإزالة صواريخ
حزب الله وقطع طرق تسريب
الإمدادات العسكرية اليه في
سورية ، وبالتالي فالمؤشرات
الآتية من واشنطن تفيد بأن
الإدارة الأميركية لن تقف في
طريق إسرائيل إذا ما ثبت قطعاً
ان الصواريخ المتطورة وصلت الى
حزب الله ، وبغض النظر عما اذا
كانت الصواريخ انطلقت من سورية
أو من إيران ووصلت الى حزب الله
عبر سورية. ففي كلا الحالين ،
سورية في عمق هذه الأزمة. فإذا
كانت الصواريخ انطلقت من إيران
، فإن طهران تنتهك بذلك قرارين
لمجلس الأمن أحدهما يمنعها من
تصدير السلاح والآخر يمنعها من
تسريب أية أسلحة الى أي طرف غير
الجيش في لبنان. أما ناحية سورية
فإنها معقدة وتزداد تعقيداً
بسبب تموضعها وغموض غاياتها
والإسراف في بعض من التكتيك بما
يضع استراتيجيتها تحت الشكوك
والتساؤل. وأول الأسئلة يجول في
حلقة الخيار الاستراتيجي
السوري نحو كل من إسرائيل
وإيران وتداخل هذا الخيار مع
العلاقات المرجوة مع الولايات
المتحدة. في البدء ، وإذا كانت مسألة الصواريخ
مفبركة كما تقول سورية التي
تنفي قطعاً الاتهامات
الإسرائيلية ، يطرح السؤال نفسه
من زاوية: ماذا تريد إسرائيل من
هذا التصعيد ضد سورية ، وليس فقط
ضد حزب الله ؟ إسرائيل اليوم حشرت نفسها في زاوية وأتت
على نفسها بعزلة دولية.
علاقاتها المتدهورة مع الإدارة
الأميركية أسفرت عن انقسام داخل
حلقة المؤيدين لها في المنظمات
الأميركية - اليهودية وتركت
حرارة في حلق جزء من الرأي العام
الأميركي. المؤسسة العسكرية
الأميركية تتململ من إسرائيل
لأنها تجد في رفضها للسلام وفي
إصرارها على المضي بالاحتلال
والاستيطان والقمع والاغتيالات
واستهداف المدنيين وتدمير
البيوت والطرد سياسات مؤذية
للمصلحة القومية الأميركية.
فالمؤسسة العسكرية تخوض الحروب
ضد التطرف في بقع عدة في العالم
الإسلامي ، والإجراءات
الإسرائيلية تغذي التطرف
وتقوّيه وتطلقه ضد الأهداف
الأميركية بسبب استمرار احتضان
اميركا بلا محاسبة لابنتها
المدللة إسرائيل. وبالتالي ،
ازدادت ضغوط المؤسسة العسكرية
والإدارة الأميركية والرأي
العام على إسرائيل كي تكف عن
الاستخفاف بالمصلحة القومية
الأميركية. اختلاق الأزمات أو استدراج الحروب أو
اتخاذ قرارات كانت مؤجّلة حتى
إشعار آخر - على نسق مواجهة
صواريخ حزب الله ، هي إجراءات
تفيد في إخراج إسرائيل من
العزلة الدولية وتساعد في
تملصها من الضغوط الأميركية.
توفير صواريخ متفوقة ل حزب الله
مسألة لا تكسب التعاطف الدولي
بل تستفز الغضب وتضع إسرائيل في
زاوية الضحية التي تدافع عن
نفسها . وهذا ما قد تكون إسرائيل
خططت له باختلاقها أزمة
الصواريخ أو قد تم تقديمه اليها
على طبق من فضة إذا صدقت اتهامات
تسريب هذه الصواريخ الإضافية
الى حزب الله . وهي إضافية لأن حزب الله لا ينفي امتلاكه
صواريخ يتباهى بها علناً.
وإيران تنفي ، عموماً ، انها من
أمَّن هذه الصواريخ ل حزب الله .
وسورية تتظاهر دوماً وكأن
حدودها مع لبنان ليست تحت
سيطرتها الكاملة. وإسرائيل
أوضحت تكراراً انها قد تتعايش
مرحلياً مع سلاح حزب الله على
حدودها ، انما لن تتعايش دائماً
مع هذا السلاح سيما وهو يتكاثر
كماً ونوعاً. وبالتالي ، إذا لم
تعالج طاولة الحوار اللبناني
هذا السلاح أو إذا لم تحتويه
الصفقات الإقليمية ، ان كانت مع
سورية أو مع ايران ، فإن الحرب
المدمرة للبنان كله ستكون
القرار الإسرائيلي في نهاية
المطاف. الجديد ليس في علاقة اسرائيل مع سلاح حزب
الله على الساحة اللبنانية
وانما الجديد هو التهديد
العسكري المباشر لسورية
بتحميلها مسؤولية هذه الصواريخ
بعدما كان وزير الخارجية
أفيغدور ليبرمان تحدث عن إزالة
النظام السوري . الإدارة الأميركية سعت وراء احتواء
التصعيد الإسرائيلي - السوري
وحالت دون تسرّع إسرائيل الى
إجراءات عسكرية بسبب صواريخ
سكود . انما مع ازدياد الغضب
والاتهامات ، شعرت الإدارة انها
قد لا تتمكن من المضي في صد
العمليات الإسرائيلية فصعّدت
التحقيق في المزاعم
الإسرائيلية وأبلغت سورية من
خلال سفيرها في واشنطن وعبر
إفادة وكيل وزير الخارجية جيفري
فلتمان امام الكونغرس بأنه إذا
تم حقاً نقل هذه الأسلحة ، فإن
سورية ارتكبت خطأ. خطأ سيؤدي بنا
الى مراجعة مجموعة كاملة من
الاحتمالات . في البدء ، تصرفت دمشق وكأنها وجدت في
التهديدات الإسرائيلية فرصة
لها لرفع راية الصمود والمقاومة.
قلقت قليلاً من تأثير ذلك في
قرار البيت الأبيض إعادة السفير
الأميركي الى دمشق - بعدما سحبته
إدارة جورج دبليو بوش في أعقاب
اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية
الاسبق رفيق الحريري. انما ما
لبثت أن ارتاحت الى استخلاصها
ان ادارة باراك أوباما لن
تتراجع عن قرارها الاستراتيجي
بالانخراط مع سورية ، وبالتالي
لن تعود عن قرار إرسال السفير
الى دمشق. استرسال دمشق في هذا الافتراض ساهم في
تحذير واشنطن لها قبل ثلاثة
أيام من خطورة الخطأ في التقدير
، وسخونة النقاش بين صفوف أعضاء
الكونغرس في الجلسة العاصفة قبل
يومين مع فلتمان بعثت رسالة الى
دمشق بأن تتنبه كثيراً. فقد برزت مواقف ونُشًرَت مقالات وعُقًدَت
ندوات معظمهما حذّر دمشق من
الافراط في ابتهاجها بالنصر
لدرجة النشوة. البعض ذكّر ان سبب
انزلاق سورية الى العزلة لخمس
سنوات أتى نتيجة ارتكاب خطأ
الإصرار على فرض تعديل في
الدستور اللبناني للتمديد
لرئيس الجمهورية السابق اميل
لحود. كثيرون تحدثوا عن تلك
القشة التي قصمت ظهر البعير .
أشاروا الى قمة المقاومة التي
استضافها الرئيس السوري بشار
الأسد وحضرها الرئيس الإيراني
محمود أحمدي نجاد والأمين العام
ل حزب الله السيد حسن نصرالله ،
والتي ألمحت دمشق عبرها
باستبدال خيارها الاستراتيجي
المعلن القائم على التفاوض
والسلام ليكون خيارها
الاستراتيجي هو المقاومة. إذا فعلت دمشق ذلك حقاً ، أي التخلي عن
عقيدة التفاوض هو خيارنا
الاستراتيجي واستبدلتها ب
المقاومة هي خيارنا
الاستراتيجي ، فما يترتب عليها
اذن هو التالي: الاستعداد
لمواجهة عسكرية مع إسرائيل في
حرب رقعتها سورية ولبنان ، لن
تخوضها إيران ولن تشارك فيها
الجيوش العربية ، والاستغناء عن
علاقة مع واشنطن سعت وراءها
دمشق طويلاً ووصلت الى مرحلة
إعادة السفير الأميركي وغض
النظر عن الماضي والتعاطي مع
القيادة السورية كطرف أساسي في
المنطقة والعمل نحو مفاوضات
سورية - إسرائيلية. أما إذا كانت الدبلوماسية السورية تتبنى
المناورة كي تحصل على أقصى قدر
مما تريده في زمن الارتخاء
الأميركي والأوروبي والعربي
نحوها ، فإن رهانها قد يصيب كما
قد يفشل فشلاً ذريعاً. حتى الآن
حصدت دمشق من دون ان تضطر أن
تدفع أي ثمن ، والشكر يعود في
ذلك الى الدبلوماسية القطرية
والفرنسية والسعودية
والأميركية وكذلك الإسرائيلية.
فعلت دمشق ذلك من دون أن تخسر أو
تغامر جدياً بالعلاقة
الاستراتيجية الإيرانية -
السورية. اليوم ، وبعدما أبلغت دمشق جميع المعنيين
ان رهانهم على سلخها عن إيران
ساذج ، فهي تتصرف بالمغالاة
نفسها التي تميّز التصرفات
الإيرانية ، أي ان دمشق تبدو
وكأنها بدورها تحاول إفشال
باراك أوباما وتعجيز سياسة
الانخراط التي تبناها في الوقت
الذي يسعى فيه الرئيس الأميركي
للضغط على إسرائيل. اللافت هو ان النظامين الحاكمين في
إسرائيل وإيران هما أكثر
المستفيدين من اختلاق حروب - عبر
لبنان - لتحويل الضغوط الدولية
بعيداً عنهما انما تبدو سورية
وكأنها تلعب لعبة خطيرة بينهما. هناك كلام - وإن بدا مستبعداً - عن رغبة
سورية باستدراج ضربة إسرائيلية
عسكرية عليها وعلى لبنان من أجل
إعادة رسم خريطة المنطقة ، بحيث
تحتل سورية مكانة القيادة
العربية في التصدي لإسرائيل
بتحالف مع إيران. هذا السيناريو
يبدو خيالياً لأن كلفة الحرب
وكلفة مثل هذا القرار مصيرية ،
انما في زمن كهذا ، ليس من
الحكمة عدم الأخذ في الاعتبار
حتى السيناريوات الخيالية. واقعياً ، الأرجح ان تتسلق دمشق السلم
هبوطاً لتصون العلاقة مع
الولايات المتحدة وتعيد
العلاقة مع إسرائيل الى ضوابطها.
إلا أن هذه الأزمة وضعتها تحت
مجهر المراقبة. وبالتالي ، من
المفيد لدمشق إبراز حسن نياتها.
ومن الضروري للإدارة الأميركية
أن تكف عن دفن رأسها في الرمال
لجهة العلاقة السورية -
الإيرانية أو السورية -
اللبنانية وان تفعل كل ما في
وسعها لسحب كل الذرائع من
إسرائيل ولمنعها من إشغال
المنطقة بحروب مكلفة. "الحياة" اللندنية ======================= رسائل من تل أبيب الى
طهران .. تمر بعواصمنا أيضا حسين الرواشدة الدستور 24-4-2010 تبدو اسرائيل الآن في اضعف حالاتها ، فقد
خسرت على مدى السنوات الأربع
الماضية حربين ، وحلفاء كثرا ،
ومناطق نفوذ مختلفة ، وسمعة
دولية كشفها تقرير جولدستون ،
ومناخات ملائمة كان يمكن من
خلالها أن تتمدد أكثر ، لكن
احساسها بعمق أزمتها الداخلية
دفعها الى تبني خليط من
الاستراتيجيات والتكتيكات
لاقناع الآخرين - واشنطن
واوروبا تحديدا - بأن دورها ما
زال حاضرا ومؤثرا ، وبأن بيدها
مفتاح الحرب والسلام في المنطقة
، وبأنها "قوتها" الضاربة
تسمح لها ان تخيف الآخرين ،
وتستفز الحلفاء التقليديين ،
وتفرض - بالتالي - أجندتها على من
تريد. هذا بالطبع غير صحيح ، فقد استطاعت ايران
وتركيا مثلا ان تبرزا كقوتين
اقليميتين مهمتين ، وتراجع
النفوذ الاسرائيلي أمامهما في
حسابات الغرب والعرب عموما ،
وأصبح التهديد الايراني يفرض
واقعا جديدا على المنطقة
والعالم ، وشعرت واشنطن ان
خريطة مصالحها قد تعرضت لضربات
من تل ابيب ، كما شعرت اوروبا ان
الحكومة اليمينية أصبحت عبئا
عليها ، الأمر الذي فرض نوعا
جديدا من الايقاعات على السياسة
الاسرائيلية ، فاندفعت لتوجيه
رسائلها "الاستفزازية" الى
اكثر من اتجاه: تارة بالتحريض
على سوريا بحجة "صواريخ"
سكود التي زعمت انها زودت حزب
الله بها ، وتارة بتخويف
الفلسطينيين من فرض ترانسفير
لتفريغهم من وطنهم ، او حرق
مشاعرهم بالاساءة الى مقدساتهم
، وتارة ثالثة باستخدام ورقة
طهران النووية لمقايضة واشنطن
على مواقفها المتحفظة على
الاستيطان واستئناف المفاوضات
، وفي كل هذه الرسائل التي حاولت
فيها تل ابيب خلط الاوراق ،
وارباك المنطقة باشارات حرب
قادمة ، لم تنجح في اقناع أحد ،
لا واشنطن ولا العواصم
الاقليمية ، بأن منطقها يعبر عن
"قوة" حقيقية تستطيع ان
تفعل وتؤثر وتفرض بالتالي ما
تريد ، بل على العكس تماما ، اذ
فهمت هذه التحريضات والتحرشات
في سياق طلب تسديد "الفواتير"
والبحث عن مخارج لازمة حقيقية
تعاني منها وتحاول تصديرها بأي
شكل الى الخارج. لقد انتهت تل ابيب الى قناعة استراتيجية
مفادها ان "نفوذها" قد تقلص
أمام حضور اقليمي مؤثر ومعاد
لها ، سواء تمثل في طهران أو
اسطنبول أو حتى في العواصم
العربية التي كانت تراهن على
التزامها بالتسوية والتهدئة ،
وان صورتها العسكرية والسياسية
قد اهتزت ايضا ، مما أفرز لديها
خيارات جديدة ، وان كانت غير
واضحة ، فهي تريد الحرب التي
عنوانها "طهران" ولكنها
غير متأكدة مما يترتب عليها من
استحقاقات ، ولهذا فهي تريد ان
تبدأ بقص "نفوذ" طهران
وبتهديد سوريا مرة ، وتخويف
لبنان من حرب جديدة ، وهي - ايضا -
تحاول ان تقنع واشنطن أو تغريها
للقيام بهذا الدور ، ولكنها
تبدو عاجزة -الآن- عن ذلك ، ثم
انها تسعى الى "استفزاز" من
حولها واشغالهم بقضايا محددة
تشكل تهديدا مباشرا لهم دون ان
تدخل قراراتها تجاههم حيز
التنفيذ ، لكي تضمن حيادهم - على
الاقل - في أية مواجهة قادمة. في تل ابيب الآن أزمة خيارات ، قد تفضي الى
حرب غير محسومة ، وقد تفضي الى
ترتيبات وتفاهمات لتغيير خريطة
المنطقة ، وهذه الازمة قد تدفع
بعض الاطراف الاقليمية الى "ملء"
الفراغ العربي لتشكيل منطقة
تماس مباشر مع تل ابيب ، سواء
لردعها ان فكرت بالحرب ، أو
استباقها باشهار الحرب ،
والمسألة لا تتعلق - فقط - بما
يدور في فلسطين - الضفة وغزة -
ولا بالمفاوضات التي يبدو انها
تأجلت الى وقت غير معروف ، وانما
تتعلق "بالصراع" على
النفوذ والهيمنة وعنوان ذلك "طهران"
التي تعتقد تل ابيب انها الهدف
الأول ، والعنوان الرئيس لكل ما
تفكر به من مقررات أو تمارسه من
استفزازات وتحرشات. الرسائل التي تصدر من تل ابيب الى طهران ،
تمر في العادة بواشنطن وانقرة ،
وتمر بالعواصم الاوروبية ،
واعتقد انها بالنسبة لهؤلاء
مفهومة ويجري فك شيفرتها
بانتباه ، لكنها - ايضا - تمر
بعواصمنا العربية ، وتتفاعل
داخلها ، وربما تجد من يفهمها ،
لكن ماذا عن الردود والاجابات؟ هذا ما ننتظره وما يبدو غير واضح حتى الآن. ======================= جيفري كمب (مدير البرامج الإقليمية
الاستراتيجية في مركز نيكسون في
واشنطن) الاتحاد الاماراتية الرأي الاردنية 24-4-2010 شكل إغلاق المجال الجوي للعديد من الدول
الأوروبية، بسبب تأثير الدخان
البركاني المنبعث من آيسلندا،
فرصة لتأمل العلاقات المتشابكة
التي أضحت عليها الدول في
عالمنا المعاصر بفعل الاعتماد
المتبادل والتبعية المشتركة
بين بلدان بعيدة جغرافيا في عصر
العولمة بعدما اقتربت المسافات
بسبب تطور وسائل النقل وفي
القلب منها النقل الجوي الذي
بات يربط أصقاعاً متنائية. والأمر هنا لا
يتعلق فقط بالتأثير الواسع
للبركان على المسافرين الذين
وجدوا أنفسهم محاصرين في مطارات
أوروبا والعالم، من بانكوك إلى
نيودلهي ودبي، بل يتعلق أساساً
بحجم الضرر والفوضى اللذين
ألحقهما بركان مجهول في جزيرة
صغيرة ومعزولة عن العالم، ليعطل
قطاعات بأكملها، ولينتقل من بلد
صغير يجاور القطب الشمالي، إلى
أقطار عديدة حول العالم كلها
نالت نصيبها من تداعيات البركان
ومخلفاته التي دفعت بها عواصف
الرياح والثلوج بعيداً عن حدود
آيسلندا لتغشى مدناً بعيدة
وتعيق حركة النقل الجوي بما
ترتب على ذلك من تداعيات وخمية
على الاقتصاد العالمي في وقت
تحاول فيه الدول الغربية الخروج
من أزمة خانقة وتتلمس طريقها
ببطء نحو التعافي ورجوع نسب
النمو إلى سابق عهدها. ولا يمكن أيضاً التقليل من المعاناة
الإنسانية التي تسبب فيها بركان
آيسلندا بالنسبة للمسافرين
بعدما ظلوا عالقين لساعات وأيام
في المطارات، واضطروا لإنفاق
أموال كبيرة بعدما انتهت فترة
إجازاتهم وحل وقت رجوعهم للعمل. ورغم استمرار أغلب عمليات الشحن التي
تجري في معظمها عن طريق البحر،
بحيث تتولى السفن الكبرى نقل
البضائع الصناعية، إلا أن جزءاً
كبيراً من التجارة الدولية تضرر
بفعل الأحوال الجوية السيئة
وتعذر الطيران، لاسيما
المنتجات سريعة التلف
والخفيفة، مثل قطع الغيار وبعض
المنتوجات الزراعية مثل الورود
والمأكولات الطازجة كالفواكه
الاستوائية والأسماك والخضار
التي تحتاج إلى النقل الجوي
والوصول بسرعة إلى البلدان
المستوردة. وفي هذا الإطار
تشير بعض الإحصاءات إلى خسائر
مهمة لحقت بالمزارعين في كينيا
التي توقفت عن تصدير الورود
وباقي المنتجات الزراعية التي
تشحن جواً إلى وجهتها النهائية،
حيث خسرت ما لا يقل عن ثلاثة
ملايين دولار في اليوم طيلة
الفترة السابقة، وبما أن
المنتجات الزراعية تعد المصدر
الأساسي للعملة الصعبة في
كينيا، فإنه يمكن تخيل حجم
الضرر الذي تكبده الاقتصاد
الكيني، ناهيك عن الخسائر
الجسيمة التي لحقت بقطاعات
حيوية أخرى مثل البريد الجوي
وباقي الخدمات المرتبطة
بالطيران. وبالطبع، وكما هو الحال في جميع الكوارث،
لابد أن يكون هناك مستفيدون
يستغلون ظروف الأزمة لتعزيز
أعمالهم، ولعل من أهم القطاعات
التي استفادت من تعطل حركة
الطيران، وسائل النقل الأخرى
على اختلافها؛ سواء البرية منها
أو البحرية، وسواء تعلق الأمر
بالحافلات أو القطارات التي
شهدت إقبالا كثيفاً على خدماتها
في الآونة الأخيرة بعدما غدت
الوسائل الأضمن للرجوع إلى
البلد بعد انقضاء الإجازة، أو
للتنقل داخل أوروبا. وقد حققت شركات سيارات الأجرة أرباحاً
طائلة لاستخدامها في قطع
المسافات الطويلة، فضلا عن
العبارات التي تقطع القنال
الإنجليزي وتربط المملكة
المتحدة بباقي الدول الأوروبية. وفي حال استمرت الاضطرابات البركانية
وتواصل الانبعاث الدخاني من
آيسلندا، حيث لازال يحجب الرؤية
ويعطل النقل الجوي، فستتعمق
الخسائر الاقتصادية حول العالم
وستتضرر صناعات مهمة، لاسيما
تلك المسؤولة عن تزويد الدول
بمكونات حساسة لا يصح نقلها
براً. وفي هذا السياق يمكن الإشارة مثلا إلى
صناعة الأدوية واحتمال تأثرها
سلباً إذا نقصت مخزوناتها وبرزت
الحاجة إلى احتياطيات جديدة.
ومعلوم أن شركات الأدوية تعتمد
بشكل أساسي على النقل الجوي
لإيصال منتجاتها إلى الأسواق
العالمية. ومع أن الكوارث
الطبيعية التي يندرج في إطارها
البركان المسبب لكل هذه الخسائر
غالباً ما يكون مُتحكماً في
تداعياتها، إلا أن البعض منها
يسفر عن قسوة كبيرة مثل كارثة
تسونامي التي ضربت السواحل
الآسيوية في عام 2004، والزلزال
المدمر الذي هز هايتي مؤخراً...
لذا يبقى من المهم دراسة هذه
الكوارث على ضوء التغيرات
المناخية وعواقبها الوخيمة على
دول عديدة، لاسيما تلك التي
جعلها موقعها الجغرافي أكثر
تعرضاً للأذى من غيرها مثل جزر
المالديف وبنجلادش. ولحسن الحظ، يتيح العلم والمعرفة إمكانية
التنبؤ ببعض تداعيات الكوارث
والتحسب لما قد ينتج عنها من
تداعيات خطيرة. وما الاهتمام
العالمي بقضية الاحتباس
الحراري ومسبباته، والمؤتمرات
التي تعقد خصيصاً لهذا الغرض،
سوى دليل على تنامي الوعي لدى
الدول بالتهديد الذي يمثله
التغير المناخي، وبحثها عن
الأسباب الكامنة وراء الكوارث
المتكررة وسبل تجنبها. لكن رغم هذا الوعي، تبقى الدول عاجزة في
كثير من الأحيان عن التعامل مع
الكوارث الطبيعية، وهو ما ظهر
جلياً في كيفية تعاطي الدول
الأوروبية مع بركان آيسلندا
وفشلها في التنبؤ بانتقال
الغبار المندفع عبر الأجواء إلى
دول أخرى في أوروبا، ودراسة
نتائج ذلك على محركات الطائرات
واحتمال تعطيلها. وما لم يخرج
العلماء وخبراء الأرصاد الجوية
بطريقة لمراقبة الغبار المنبعث
من البركان والتحكم في وجهته،
سيظل الخطر قائماً ومحدقاً
بالنقل الجوي، وحتى لو فتحت بعض
المطارات أبوابها أمام حركة
الملاحة الجوية ستستمر الأزمة
لشهور، وهو ما يعني استحكام
حالة انعدام اليقين بالنسبة
لقطاع النقل الجوي في وقت تعاني
فيه شركات الطيران أصلا من
تداعيات الأزمة الاقتصادية. ======================= مصالحة سوريا –
السعودية نهائية أم لا ؟ سركيس نعوم النهار 24-4-2010 اللبنانيون العاديون ارتاحوا في معظمهم
الى المصالحة "التاريخية"
التي حصلت في الكويت بين عاهل
السعودية الملك عبدالله بن عبد
العزيز ورئيس سوريا بشار الاسد،
وذلك انطلاقاً من اقتناع رسّخه
تطوّر الاحداث في بلادهم منذ
عام 2005 بأن هذه المصالحة وحدها
قادرة على وضع فريقي الصراع في
لبنان على سكة الحوار فالتفاهم
ثم التسوية وإن تكن موقتة. وكان
اقتناعهم صائباً، اذ حُلّت عقد
كثيرة وأجريت انتخابات نيابية
"بسلام" وشُكّلت حكومة "توافق
وطني" تضم الجميع. طبعاً لم
يؤد ذلك الى حل كل القضايا
المختلف عليها في لبنان، لكنه
أبعد شبح الاقتتال وأعاد بعض
أمل في امكان الصمود بحد ادنى من
الهدوء ريثما تسمح اوضاع
المنطقة بالعمل الجاد لبناء
الدولة. ولم يقلل الارتياح
المذكور، وهذا ما لاحظه هؤلاء
اللبنانيون، من الدور الذي كان
للمصالحة المشار اليها في تكريس
تحول ميزان القوى في لبنان على
حساب حلفاء المملكة وذلك لأسباب
صارت معروفة. هل ستبقى المصالحة "التاريخية"
تاريخية؟ اي هل ستصمد رغم كل ما
يمكن ان تواجهه من تحديات
داخلية وخارجية؟ "التاريخية" لا تعني النهائية. وعلى
هذا يمكن القول مبدئيا ان لا
وجود لمصالحات نهائية او
لانهائية لعلاقات صداقة وتعاون
تحالف قانون بين دولتين او اكثر
بعد مرحلة من العداء. اما من
الناحية العملية فان المعلومات
المتوافرة لدى لبنانيين قريبين
من دمشق تشير ليس الى انتهاء
مفعول المصالحة، بل الى وجود
اجواء من الشكوك في استمراره.
والسبب الاساسي لذلك قد يكون
إما تباطؤ السعودية في تنفيذ ما
اخذته على نفسها من التزامات
سواء في قمة المصالحة او في
اللقاءات الاخرى التي عقدت
لاحقا. في حين ان سوريا نفذت
تقريبا كل ما التزمته، وإما
تغيير القيادة السعودية رأيها
حيال الالتزامات. وفي الحالين
يمكن ان يهدد ذلك التضامن
العربي الذي كان بدأ يعود
انطلاقا من مصالحة الكويت. كما
يمكن ان يهدد مباشرة الوضع
اللبناني "التعيس". ما هي الالتزامات السعودية والسورية التي
قد تكون السبب في اعادة لبنان
الى الصفر وما دون؟ يقول القريبون
من دمشق انفسهم، جوابا عن ذلك،
ان سوريا بادرت بعد المصالحة
الى المساهمة في حل مشكلة
المملكة مع الحوثيين اليمنيين
الذين هاجموا مناطق حدودية لها
واحتلوا عدداً من القرى فيها. اذ
اتصلت قيادتها بليبيا طالبة
منها او متمنية عليها وقف الدعم
الذي تقدمه الى الحوثيين
وخصوصاً المالي. وحصلت على
تجاوب قوي من القيادة هناك. كما
بحثت ايضا في الموضوع نفسه مع
حليفها الاستراتيجي الجمهورية
الاسلامية الايرانية ولقيت
تجاوباً. وترجم التجاوب عملياً
بتهدئة ذلك الجانب من الحدود
السعودية – اليمنية وبانسحاب
الحوثيين من القرى التي احتلوها. ويقولون ايضا انها بادرت الى ايجاد حل أو
"تسوية" للأزمة اللبنانية
المتفاقمة تراعي اوضاع حلفائها
في لبنان. فسهلت عبرهم طبعاً
وصول الحريري الابن الى رئاسة
الحكومة في مقابل مبادرة حلفائه
الى تحسين ثابت ونهائي للعلاقة
مع سوريا انطلاقاً من اتفاق
الطائف ومن الاتفاقات
اللبنانية – السورية الكثيرة
وابرزها معاهدة الاخاء
والتعاون والتنسيق التي وقّعها
المسؤولون في البلدين بعد
انتهاء الحرب عام 1990. ويكتفي
هؤلاء القريبون بهذين
الالتزامين ليشيروا الى ان
المملكة لم تقم بالالتزامات
التي اخذتها على نفسها، سواء في
ما يتعلق بهما او بقضايا اخرى.
فلبنانياً مثلا لا تزال المملكة
تقدم الدعم المالي، سواء مباشرة
او عبر شقيقات لها في المنطقة
لفريق اساسي في 14 آذار مستمر في
مواجهتها وحلفائها ومتمسك بكل
مواقفه السابقة التي عاد عنها
بعض حلفائه والتي يستعد حلفاء
آخرون له للعودة عنها. فضلا عن
انها لم "تُقنع" في صورة
نهائية حليفها "تيار
المستقبل" بالتوجه الجديد.
فبعض اعضائه لا يزال على مواقفه
المعروفة. وبعض اركانه لا يزال
يعمل داخله لتوظيف المصالحة
للصمود ريثما تتغير الاوضاع في
الخارج لمصلحته. ورئيسه رئيس
الحكومة سعد الحريري لا يبدو
حاسما. اما عربياً، يضيف
القريبون من دمشق انفسهم، فلم
تبادر المملكة او ربما لم تنجح،
في مصالحة مصر وسوريا على نحو
جدي وتحديداً في ايجاد حل
للموضوع الذي يبدو انه السبب
الرئيسي للخلاف وهو صراع "فتح"
و"حماس" والذي ترفض مصر الى
الآن ان يكون لأي من الدول
العربية باستثنائها دور فيه.
طبعاً، يستدرك هؤلاء، لا يعني
ذلك ان دمشق والرياض على ابواب
قطيعة جديدة، لكنه يعني ان
الاولى قد تتصرف بمفردها في عدد
من الموضوعات التي اتُّفق
عليها، وابرزها لبنان في انتظار
إما جلاء الظروف وملابسات عدم
الالتزام ومن ثم تأكيده، وإما
التخلي عنه مع كل المحاذير
المعروفة لذلك. هل ما قاله اعلاه القريبون اللبنانيون من
دمشق انفسهم صحيح؟ جوابا عن ذلك اقول انه لا يمكن الشك في
قربهم من القيادة السورية
وتالياً من معرفتهم. اما مدى صحة
اقوالهم فأمر آخر لا استطيع
الدخول فيه. واقول ايضا انه لا
بد من الحصول على معلومات او
معطيات من السعودية أو قريبين
منها لاجراء تقاطع مع معلومات
هؤلاء وتالياً لمعرفة الصح من
الخطأ. وهذا امر غير سهل لأسباب
عدة. ولذلك لا بد من انتظار
التطورات التي وحدها تستطيع
ربما أن تفصل في هذا الموضوع. ======================= تشييع جنازة «الوحدة
الأوروبية» بقلم :فلاديمير سادافوي البيان 24-4-2010 سجلت وسائل الإعلام الأوروبية باستغراب
إحجام غالبية زعماء العالم عن
المشاركة في تشييع الرئيس
البولندي ليخ كاتشينسكي، الذي
لقي مصرعه في كارثة جوية في
روسيا منذ أيام، هذا على الرغم
من أن بولندا ليست بالدولة
الصغيرة لدرجة التعامل معها
باستهانة، خاصة في ظرف مثل هذا
يستوجب فيه البروتوكول
المشاركة. وقد حضر مراسم تشييع جنازة كاتشينسكي
رؤساء: روسيا وألمانيا وتشيكيا
وليتوانيا وجورجيا وأوكرانيا،
ولم يحضرها الرئيس الأميركي
أوباما والمستشارة الألمانية
ميركل والرئيس الفرنسي ساركوزي
ورئيس الوزراء الإيطالي
برلوسكوني، والكثير غيرهم. وقيل في رواية رسمية إن سحابة ضخمة من
الرماد نجمت عن بركان في
آيسلندا حالت دون وصول ما يزيد
على 30 وفداً رسمياً إلى بولندا،
ولكن هذه الحجة لم تقبلها
الأوساط البولندية، حيث إن هناك
طرقا كثيرة للوصول لبولندا جواً
مع تفادي المرور في مجال
السحابة الرمادية، أو حتى
الاقتراب منها من بعيد. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الروسي
ديمتري ميدفيدف الذي شهدت بلاده
مع بولندا توتراً ملحوظاً في
العلاقات ومشاكل كثيرة على مدى
العقدين الماضيين، وزادت حدتها
مؤخراً مع نية واشنطن نشر أجزاء
من درعها الصاروخية على الأراضي
البولندية، قد وصل إلى بولندا
على متن الطائرة، في حين سار
غالبية السياسيين الأوروبيين
الذين وصلوا للمشاركة في تشييع
جنازة كاتشينسكي عن طريق الطرق
البرية، فالوصول إلى بولندا في
ظل ظروف السحابة الرمادية
المنبعثة من بركان أيسلندا ليس
بالأمر الصعب . كما يتصوره البعض، ويصعب قبول عذر عدم
الحضور بسبب هذه السحابة، بدليل
أن بعض الدول الأوروبية استأنفت
رحلات طيرانها في يوم تشييع
الجنازة. وقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية
أن الرئيس الأميركي باراك
أوباما ذهب إلى ملعب الغولف
بدلاً من السفر إلى بولندا،
وقالت إن الرئيس الأسبق جورج
بوش الأب استاء كثيراً من هذا
التصرف، واعتبر أن أوباما قام
بخطوة في الاتجاه غير الصائب. وفي وارسو كانت الصدمة أكبر لدى الجهات
الرسمية، التي لم تتوقع هذا
التصرف من الرئيس أوباما وغيره
من القادة الأوروبيين، واستنكر
بعض القادة الأوروبيين الذين
حضروا الجنازة موقف القادة
الذين لم يحضروا، واعتبر الرئيس
التشيكي فاتشسلاف كلاوس عدم
حضور رؤساء الدول الأوروبية
وموفدي المفوضية الأوروبية إلى
مدينة كراكوف البولندية
للمشاركة في تشييع كاتشينسكي
بمثابة المؤشر على «أن الكلام
في الوحدة الأوروبية كلام فارغ».
وأشارت صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية
إلى أن الرئيس الروسي ميدفيديف
جاء ليقدم واجب العزاء في وفاة
نظيره البولندي الذي تسبب
جزئياً في التوتر الذي شاب
العلاقات البولندية الروسية. وخرجت صحف بولندية وتشيكية تذكر بقرار
أوباما في 17 سبتمبر الماضي
بالتراجع عن مشروع نشر عناصر
الدرع الصاروخية الأميركية في
أراضي تشيكيا وبولندا. وذلك إرضاء لروسيا، ولم يناقش أوباما
رؤساء بولندا وتشيكيا في الأمر
قبل اتخاذ القرار، بل اكتفى فقط
بالاتصال بهما تليفونياً قبل
القرار بساعات، الأمر الذي
اعتبره البلدان إهانة كبيرة
لهما، في حين رحبت دول أوروبا
مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا
بالقرار، واعتبرته بادرة طيبة
على طريق التغيير السياسي
الأميركي. امتناع كبار قادة الغرب عن حضور جنازة
كاتشينسكي مع حرص الرئيس الروسي
على حضورها أثار ردود فعل قوية
في الشارع البولندي، ووصفتها
بعض الصحف بأنها «جنازة للاتحاد
الأوروبي». وظهرت دعوات قوية تطالب بمراجعة مواقف
بولندا المعادية لموسكو
والمنحازة بلا حدود لواشنطن،
خاصة وأن موقف القيادة الروسية
والشعب الروسي عند وقوع حادث
طائرة الرئيس كاتشنسكي كان
إنسانياً للغاية، ولفت نظر
الجميع، وخاصة عندما أعلنت
روسيا الحداد العام في الدولة. وكان لهذا أكبر الأثر في نفوس الشعب
البولندي، الذي شعر الكثيرون
منه بالندم والاستياء من مواقف
بلدهم تجاه روسيا والتعامل معها
كعدو طيلة العقدين الماضيين،
ويتوقع الكثيرون أن يكون لهذا
الحادث تداعياته في ما بعد على
مواقف السياسة البولندية تجاه
كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي
أيضاً. كاتب أوكراني ======================= بقلم :حسين العودات البيان 24-4-2010 في البداية اتهم شمعون بيريز سورية بأنها
نقلت صواريخ (سكود) إلى لبنان
لصالح حزب الله، واختار العاصمة
الفرنسية لإطلاق تصريحه منها
خلال زيارتها قبل عشرة أيام، ثم
(كرّت) سبحة الاتهامات، فنشرت
صحيفة (وول ستريت) نبأ نقل
الصواريخ، ثم تبعتها صحيفة (ديلي
تلغراف) البريطانية، وبعدها
صحيفة (يديعوت أحرونوت)
الإسرائيلية، وجميعها أشارت
إلى أن مصادر الخبر هي تقارير
استخباراتية. انتقلت التعليقات والآراء من الصحف إلى
الناطقين باسم الحكومات
الأميركية والإسرائيلية
والفرنسية، وإلى ما يسمى
مصادرها المطلعة، فعبّر الناطق
باسم البيت الأبيض ثم الناطق
باسم الخارجية الأميركية عن قلق
الإدارة الأميركية من نقل
الصواريخ، لأنها تغيّر (ميزان
القوى) في المنطقة، وتبع
الناطقين الأميركيين ناطقون
إسرائيليون (سواء باسم الجيش
الإسرائيلي أم باسم الأوساط
السياسية). ولم تنتظر وزارة الخارجية الفرنسية
كثيراً حتى عبرت الناطقة باسمها
عن قلق الحكومة الفرنسية من نقل
الصواريخ المزعوم، وهكذا
تناغمت المقالات الصحفية مع
تصريحات الناطقين الأميركيين
والإسرائيليين والفرنسيين
وتزامنت وكأنها أوركسترا تعزف
لحناً واحداً، وكانوا جميعهم
قلقين، خائفين على إسرائيل،
يخشون تغير ميزان القوى،
وأبلغوا الحكومة السورية قلقهم
واحتجاجهم وإنذاراتهم. أما المسؤولون الإسرائيليون فقد سربوا
للصحافة أنهم أنذروا سورية
بأنهم سيعيدونها (للعصر الحجري
كما هدد وزير الخارجية)
وسيدمرون مراكز توليد الكهرباء
والموانئ والمنشآت الحيوية
إضافة للقواعد الصاروخية
السورية إذا استمرت بنقل هذه
الصواريخ إلى حزب الله. وأُبلغت الحكومة اللبنانية بدورها من قبل
الأطراف نفسها إنذارات
وتهديدات مماثلة، وجددت
الإدارة الأميركية إنذارها
باستدعاء نائب البعثة
الدبلوماسية السورية في واشنطن
وإبلاغه الإنذار. أنكرت الحكومة السورية رسمياً هذه
الاتهامات، وكذبتها تكذيباً
مطلقاً، وأكد وزير خارجيتها قبل
أيام من طهران أنها تهم باطلة،
وذرائع لعدوان محتمل على سورية
أو على لبنان، ولكن إنكارها هذا
لم يحل المشكلة. ولم يسكت أصحاب الإنذارات والتهديدات،
لأن إسرائيل كما يبدو تجمع
الذرائع وتراكمها لتبرير
العدوان، خاصة أن (سلاح الجو
الإسرائيلي وضع خطة لمنع تزويد
سورية لحزب الله بالصواريخ،
ولكنه قرر عدم إخراج هذه الخطة
لحيز التنفيذ) حسب تصريح الناطق
العسكري الإسرائيلي، وليس لهذا
التصريح سوى تفسير واحد هو أن
نية العدوان قائمة وأدواته
مهيأة وإجراءاته جاهزة بانتظار
الظرف المناسب. يقول المطلعون على خلفيات هذه الاتهامات
الإسرائيلية أنها مجرد مزاعم
غير صحيحة، تهدف لرفع سوية
التوتر وإلزام الإدارة
الأميركية على إعادة النظر
بموقفها من الاستيطان ومن تطرف
حكومة نتنياهو، وتغيير ما لوحت
به من سياسة جديدة تجاه الصراع
العربي الإسرائيلي، وخاصة
تلميحات الرئيس أوباما
وتصريحات وزيرة خارجيته هيلاري
كلينتون وتخويف الداخل
الإسرائيلي الذي بدأ يتخوف من
الخلافات التي سببتها حكومته مع
الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته. والتأكيد للجميع أن الخطر يتفاقم على
إسرائيل وأنها مهددة بالتدمير،
وهي الحجة المجربة التي تلجأ
إليها الحكومات الإسرائيلية
كلما واجهتها صعوبات أو تراجعت
الدول الكبرى قليلاً عن دعمها،
أو عندما تنوي العدوان، أو ترغب
بتجديد الدعم الأمريكي
والأوروبي لها، أو حل مشاكل
إسرائيلية داخلية، وهذا كله
يوحي بأن الإدعاءات
الإسرائيلية هي مطلق مزاعم. إضافة إلى أن صواريخ سكود التي تدعي
الأوساط الإسرائيلية أن سورية
هربتها إلى لبنان يصعب تمويهها،
فطول الصاروخ الواحد يتجاوز
عشرة أمتار، واستطلاع الطيران
الإسرائيلي لا ينقطع عن سماء
لبنان إضافة إلى مراقبة الأقمار
الاصطناعية الأميركية. وقد فشلت هذه جميعها في تقديم أي دليل على
انتقال هذه الصواريخ. وتقول
الأوساط العسكرية المطلعة أن
حزب الله لا يحتاج لمثل هذه
الصواريخ، لأنها بعيدة المدى
وهو يملك عشرات آلاف الصواريخ
القادرة على الوصول للمدن
الإسرائيلية الرئيسية، فما
حاجته إذن لصواريخ (سكود) بعيدة
المدى، وأخيراً يعزز هذه الآراء
المكذبة للمزاعم الإسرائيلية
أن السياسة السورية تعرف أبعاد
ردود الفعل العدوانية
الإسرائيلية على نقل هذه
الصواريخ، ولا يبدو أن في نية
سورية التسبب بعدوان إسرائيلي
على منشآتها. من اللافت للنظر تصريح الناطق الرسمي
الأميركي، الذي أشار إلى أن نقل
هذه الصواريخ يخل بموازين
القوى، وكأنه يبلغ السوريين
والعرب علناً بما يعرفونه ضمناً
من أن الإدارة الأميركية تريد
الحفاظ على توازن القوى الحالي
المختل لصالح إسرائيل،
وبالتالي ترفض إيجاد شروط جديدة
للوصول إلى تسوية، مع علمها بأن
خيار السلام هو الخيار
الاستراتيجي لدى العرب، وأن
الإخلال بميزان القوى الحالي
إذا حصل يعزز هذا الخيار وربما
يقنع الأوساط الإسرائيلية
بضرورة قبول التسوية، وليس
العكس. لقد كان للتصريح الأميركي سواء بشقه
القائل بأن الإدارة الأميركية
أبلغت سورية قلقها أم بشقه
الآخر الحريص على استمرار ميزان
القوى الحالي، دلالات سياسية
واضحة وهي أن الولايات المتحدة
لا تريد الآن الوصول إلى أية
تسوية. وأن كل الجهود التي تعلن عنها والتصريحات
التي تبدو معتدلة ما هي إلا لذر
الرماد في العيون وتقطيع الوقت،
ريثما توجد الشروط المناسبة
للسياسة الأميركية نفسها، ولعل
هذه الشروط لن تأتي قبل
الانسحاب من العراق وأفغانستان.
إنه لمن المهم أخذ التهم والتصريحات
الإسرائيلية بمزيد من
الاهتمام، وعدم استبعاد احتمال
أي عدوان إسرائيلي على سورية
ولبنان بعد جمع الحجج المناسبة
مهما كانت ملفقة، والعمل الجاد
من قبل سورية ولبنان والعرب لسد
الذرائع أمام إسرائيل وحلفائها.
======================= آخر تحديث:السبت ,24/04/2010 عصام نعمان الخليج مِن نُصْحِ دمشق وتحذيرها، انتقلت واشنطن
بسرعة الى تخويف سوريا وتخويف
الآخرين بها . النُصح والتحذير ترددا كثيراً، منذ مطلع
العام الجاري، على ألسنة
مسؤولين امريكيين زاروا دمشق
والتقوا الرئيس بشار الأسد،
منهم الموفد الامريكي الخاص الى
الشرق الاوسط جورج ميتشل،
ونائبه فرد هوف، ورئيس لجنة
الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ
جون كيري، ومساعد وزيرة
الخارجية لشؤون الشرق الاوسط
جيفري فيلتمان، ومسؤول الشرق
الاوسط في مجلس الأمن القومي
دانيال شابيرو . كل هؤلاء نصحوا سوريا بأن تبتعد عن ايران،
وان تتوقف عن دعم حزب الله الذي
تعتبره واشنطن “ميليشيا
ارهابية”، وأن تتخلى عن دعم
تنظيمات المقاومة الفلسطينية
التي لها في دمشق مقار لقادتها
لكونها ترفض مبدأ التفاوض مع “إسرائيل”
. ما المقابل؟ وعْدٌ امريكي بإقناع “إسرائيل”
بجدوى التفاوض مع سوريا حول
الجولان المحتل . دمشق تجاهلت نصائح واشنطن وتحذيراتها،
ليس لأن المقابل المعروض سخيف
وهزيل فحسب بل ايضاً لأن سياسة
“إسرائيل” التوسعية في ظل
حكومة بنيامين نتنياهو
اليمينية العنصرية باتت تشكّل
تهديداً خطيراً لوجود الشعب
الفلسطيني في وطنه وشتاته
ولسوريا وللبنان، شعباً ودولةً
ومصيراً . كان بإمكان واشنطن أن تستمر في إسداء
النصائح وابلاغ التحذيرات الى
دمشق لولا أنها شعرت، بعد
انعقاد قمة الرئيسين السوري
والايراني وقائد المقاومة
اللبنانية السيد حسن نصرالله في
العاصمة السورية اخيراً،
بخطورة قيام قوس دفاع استراتيجي
من شواطئ لبنان غرباً الى شواطئ
الخليج شرقاً مروراً ببلاد
الشام . قوس الدفاع هذا لا يحمي ايران وسوريا
والمقاومة اللبنانية من
المخاطر العدوانية الصهيونية
فحسب بل يشكّل ايضاً تهديداً
للمصالح الامريكية في المنطقة .
فهو يمدّ ذراع ايران العسكرية
الى الجوار الجغرافي للكيان
الصهيوني ويتيح لطهران حضوراً
جيوسياسياً واستراتيجياً في
حال قيام واشنطن بإسناد دور
عسكري عدواني له ضدها . دعم ايران وسوريا اللوجستي للمقاومة
اللبنانية ليس سراً، فلماذا
ترفع واشنطن فجأة صوتها ضد دمشق
وتدعوها “الى وقف فوري لنقل أي
أسلحة إلى حزب الله والى غيره من
التنظيمات الارهابية في
المنطقة”؟ ثمة تفسيرات عدة لهذه الغضبة المفتعلة: دمشق، بلسان وزير الخارجية وليد المعلم،
اعتبرتها تهيئة ومقدمة لعدوان
“إسرائيلي” مبيّت على لبنان،
وربما عليها ايضاً . نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم
قاسم عرّج بشكل غير مباشر على
موقف واشنطن في سياق تنديده
بالتقرير الصادر عن تيري رود
لارسن حول تنفيذ القرار الدولي
1559 بقوله، إنه تغطية لإنتهاك “إسرائيل”
سيادة لبنان ولإعطائها الذريعة
للاعتداء عليه وعلى المقاومة . مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون
العامة فيليب كراولي اعترف في
تصريح لصحيفة “واشنطن بوست” :
“اننا لم نتوصل بعد الى أي حكم
معين في ما يتعلق بحصول أي نقل
للأسلحة” (من سوريا إلى
المقاومة في لبنان) . اذا كان الأمر كذلك، فلماذا هذه الحملة
على سوريا؟ يتردد في واشنطن أن “إسرائيل” لفتت
إدارة أوباما إلى أن ايران في
صدد تزويد المقاومة اللبنانية،
عبر سوريا، بصواريخ دفاع جوي
متطورة من شأنها تعطيل قدرة
سلاح الجو “الإسرائيلي” عن
التحليق بأمان في سماء لبنان
لمراقبة تحركات المقاومة، وان
“إسرائيل” قد تضطر الى ضرب
سوريا لإكراهها على وقف تزويد
المقاومة اللبنانية بالاسلحة
المتطورة . دمشق، كما المقاومة اللبنانية، كانا نفيا
نقل صواريخ متطورة من طراز “سكود”
الى لبنان . الى ذلك، فإن “إسرائيل”
نفسها كانت أعلنت منذ ثلاث
سنوات ان حزب الله يمتلك صواريخ
ايرانية الصنع متطورة جداً يصل
مداها الى مدينتي بير السبع
وايلات في اقصى جنوبها، فلماذا
الحديث الآن عن صواريخ سورية
متطورة اقصر مدى من الصواريخ
الايرانية؟ يبدو ان ما تهدف اليه واشنطن من وراء
الحملة على سوريا هو تخويفها
والتخويف بها . تخويفها كي لا
تتمادى في تحالفها مع ايران الى
درجة “المجازفة بحصول سوء
تقدير”، كما جاء في بيان
الخارجية الامريكية، قد يؤدي
الى نشوء “خطر فوري على أمن “إسرائيل”
وسيادة لبنان . وتخويف لبنان
بها، أي تخويفه بردة فعل “إسرائيل”
تجاهه نتيجةَ تزويد سوريا
المقاومة اللبنانية بصواريخ
متطورة . التخويف بسوريا لن يقتصر على لبنان، بل هو
يتناول ايضا السعودية وحتى مصر .
فلبنان، في مفهوم واشنطن،
علاقته وثيقة بالسعودية الأمر
الذي يستوجب ايغار صدر الرياض
ضد دمشق بقصد الضغط عليها لوقف
دعم حزب الله وبالتالي “انقاذ”
لبنان من ضربة “إسرائيلية”
مدمرة . لذا، يجب ألاّ يغيب عن الأذهان أن “إسرائيل”
تفتعل كل هذه التحذيرات
والتهديدات لتفادي تقديم
تنازلات محسوسة تشجّع
الفلسطينيين على استئناف
المفاوضات من جهة، وتحمل واشنطن
على تركيز ضغوطها من جهة اخرى
على ايران “النووية” بما هي،
في نظر الزعماء الصهاينة، مصدر
كل الاخطار على دول الغرب
عموماً وعلى “إسرائيل” خصوصاً
. ربما لهذه الاسباب تم السعي الى ترتيب
لقاء شرم الشيخ بين العاهل
السعودي والرئيس المصري
والرئيس السوري . فوق ذلك، لا
يغيب عن اذهان القادة الثلاثة
ان الولايات المتحدة لم تفلح
بعد، ويبدو انها لن تفلح ابداً،
في حمل “إسرائيل” على وقف
الاستيطان لتسهيل أمر استئناف
المفاوضات مع الفلسطينيين قبل
حلول موعد القمة العربية
الاستثنائية في الخريف القادم .
ألا يفترض بالقادة الثلاثة، بل
بجميع المسؤولين العرب، أن
يعيدوا النظر بسياسة الركون الى
الولايات المتحدة والرهان
عليها في ما يتعلق بالصراعات
الاقليمية ولاسيما بالصراع
العربي الصهيوني؟ هل يعقل ان
تنعقد القمة العربية
الاستثنائية القادمة وليس في
جعبة المسؤولين العرب سوى
المزيد من الشيء نفسه إزاء
أمريكا و”إسرائيل” وسائر
اعداء الأمة في فلسطين والعراق
ولبنان والسودان والصومال؟ أما
آن أوان الإقرار بأن لا حل
سياسياً مع “إسرائيل”؟ متى الاستيقاظ من السبات المزمن؟ ======================= آخر تحديث:السبت ,24/04/2010 غسان العزي الخليج في 12 إبريل/ نيسان المنصرم حوّل أوباما
واشنطن، خلال يومين متتاليين،
إلى عاصمة للعالم قاطبة في لقاء
جمع حوالي أربعين زعيم دولة من
اجل مواجهة مخاطر وصول السلاح
النووي إلى إرهابيين محتملين .
ولم يتوان عن التهويل وتعظيم
الرهانات في محاولة إقناع
الحاضرين بأن تنظيم القاعدة
يسعى للاستحواذ على قنابل “وسخة”
على الأقل هي عبارة عن كمية من
البلوتونيوم في حجم تفاحة
تستطيع قتل مئات الآلاف من
البشر . وهذا، في رأيه، الخطر
الأكبر الذي يواجه البشرية
اليوم . وتقول هيلاري كلينتون في
هذا الصدد إن “قنبلة بقوة عشرة
كيلو طن في تايمز سكوير قد تقتل
مليون شخص” .ويعطيها محمد
البرادعي الحق بقوله “نحن نعلم
أن هناك مواداً غير محمية بشكل
كاف في بعض المناطق تحديداً في
الاتحاد السوفييتي السابق . لا
نستطيع البقاء مكتوفي الأيدي في
انتظار انفجار نووي في وسط
مانهاتن أو بومباي كي نفعل شيئا
ما” . ويقول الخبراء إن هناك 1600
طن من اليورانيوم عالي التخصيب
و500 طن من البلوتونيوم منتشرين
في 50 إلى 60 دولة في العالم، وهذا
يكفي لصناعة 120 ألف قنبلة نووية”
. أما جون برنان، مستشار أوباما
لشؤون الإرهاب فيؤكد أنه “في
العقدين المنصرمين هناك دلائل
لا تقبل الشك على أن جماعات
إرهابية كثيرة حاولت فعلاً أن
تستحصل على أسلحة دمار شامل” . والحقيقة أن هذا الهاجس موجود فعلاً، وإن
كانت الإدارة الأمريكية تسعى
لاستخدامه في سبيل تحقيق مآرب
سياسية وغيرها . فوزير الخارجية
الأمريكي جيمس بيكر أعلن صبيحة
انهيار الاتحاد السوفييتي في
بداية تسعينيات القرن المنصرم
أن ما يهدد العالم هو أن
الإمبراطورية التي انهارت تضم
الآلاف من الرؤوس النووية
ومخازن كبرى من المواد
الانشطارية التي قد يضع
إرهابيون محتملون اليد على
بعضها، ناهيك عن عشرات الآلاف
من العلماء النوويين الذين قد
يهاجرون إلى دول تملك الإمكانات
المادية وتسعى للقوة العسكرية .
لكن تمت السيطرة على هذه
المخاوف وقتها واستقبلت
الولايات المتحدة عشرات الآلاف
من هؤلاء العلماء الذين توزعوا،
في جلهم، بين الدول الغربية
التي تمتلك بنى تحتية متطورة في
مجال الصناعات والأبحاث
النووية . كما انعقدت اتفاقات مع
روسيا الاتحادية في عهد يلتسين
من اجل صيانة ومراقبة المعدات
النووية وساهم حلف الاطلسي
بمبلغ اربعة مليارات دولار
سنوياً لضمان تنفيذها . رغم ذلك لا يزال هاجس استحصال جماعات غير
دولية على مواد نووية خطيرة يقض
مضاجع الاستخبارات الغربية
والأمريكية على وجه التحديد
وكثيراً ما نقرأ في صفحات
المجلات والصحف الغربية
التساؤل ماذا لو حدثت تفجيرات 11
سبتمبر/ أيلول بأسلحة نووية أو
قنابل “قذرة” وسيناريوهات رعب
متخيلة شبيهة بما حصل في ذلك
اليوم من العام 2001 . وتسعى
الإدارة الأمريكية الحالية إلى
استغلال هذا الهاجس مجددا في
سبيل استخدامه من ضمن
الاستراتيجية النووية الجديدة
التي أعلنها أوباما . وفي هذا
الإطار انعقدت قمة الأمن النووي
في واشنطن والتي عقد أوباما
خلالها ثلاث عشرة قمة ثنائية
لاسيما مع زعماء دول كبرى وأخرى
معنية بالأمن النووي وأخرى عضو
في مجلس الأمن الدولي مثل
تركيا، ومع رئيس وزراء باكستان
الذي طمأنه إلى وجود المنشأت
النووية تحت رقابة الدولة
الباكستانية الصارمة وفي مأمن
من إرهابيين محتملين . والحقيقة
أن دولا مثل إيران وكوريا
الشمالية وباكستان هي من قصدها
أوباما بالتحديد في هواجسه
المتعلقة بوصول مواد نووية إلى
جماعات أصولية أو متشددة محتملة
. ويقال ان الولايات المتحدة قد
جهزت كتيبة كوماندوس قوامها
آلاف من الجنود المدربين
للسيطرة على المنشآت النووية
الباكستانية في حالة حصول فوضى
أو فراغ في السلطة المركزية في
باكستان . نجح أوباما في الحصول على توقيع كل
الحاضرين على اتفاق (غير ملزم
قانوناً) لوضع المواد النووية
في مأمن كامل في غضون السنوات
الاربع المقبلة وتدعيم دور
وكالة الطاقة الدولية . كما نجح
في لفت نظر العالم إلى المخاطر
المرتبطة بوجود مخازن من المواد
النووية المتروكة لمراقبة غير
يقظة ما فيه الكفاية .وفي قائمة
النجاحات يسجل له إعلان
أوكرانيا التخلص من مخزونها من
اليورانيوم في غضون السنتين
المقبلتين وقرار تشيلي بتحويل
ما تملكه من يورانيوم مخصب إلى
الولايات المتحدة وإعلان
المكسيك قبولها بإشراك كندا
والولايات المتحدة في إدارة
مفاعل الأبحاث الذي تملكه والذي
ينتج اليورانيوم المخصب . لكن
أوباما فشل في إقناع الهند
وباكستان بوقف الأبحاث في مجال
تطوير الأسلحة النووية ووقف
سباق التسلح، كذلك في إقناع
روسيا والصين بمسألة العقوبات
على إيران . مؤتمر الأمن النووي هذا لم يكن خطوة في
طريق عالم خال من السلاح النووي
لا ينفك يعد أوباما بالعمل على
تحقيقه أكثر مما هو خطوة في سبيل
تركيز وجود هذا السلاح في أيدي
الدول لأن وصوله إلى أيدي
جماعات غير دولية هو ما قد يقود
إلى خلل كبير في ميزان القوى
الدولي بل إلى نظام دولي مختلف
جذرياً عن كل ما عرفناه في تاريخ
البشرية وهذا ما لا يرضى به أحد
من أعضاء النادي النووي في
العالم والساعين إلى إقفال
أبوابه أمام منضوين جدد . هذا هو
الهدف الحقيقي للقمة التي ينبغي
أن يعرف المشاركون فيها أنه ما
هكذا يمكن درء مخاطر الإرهاب
النووي، بل بالتصدي لأسبابه
الحقيقية السياسية والاجتماعية
والاقتصادية وغيرها . ======================= الإرهابيون والمتطرفون
دينياً في إسرائيل الجمعة, 23 أبريل 2010 باتريك سيل * الحياة بالكاد يمرّ أسبوع من دون أن ترد أخبار عن
بعض أعمال العنف التي ينفّذها
المستوطنون اليهود ضد
الفلسطينيين في الضفة الغربية
المحتلة. ويمكن تسمية طريقة
معاملة المستوطنين والناشطين
الدينيين الآخرين للفلسطينيين
بالإرهاب. إلا أنّ هذه الأفعال
تبقى من دون عقاب. يتمّ مراراً وتكراراً تدنيس مقابر ومساجد
المسلمين وحرق المحاصيل وسرقة
المواشي ورمي السيارات
بالحجارة والتسبب بأضرار فيها
واحتلال المحل التجارية عنوة.
كما يتمّ طرد الفلسطينيين من
أرضهم باستخدام نيران المدفعية.
وخلال الأسبوع الماضي، عمد
المستوطنون إلى قطع ثلاثمئة
شجرة زيتون. يبدو أن المستوطنين يعتمدون سياسية جديدة
ووحشية. فقد أعلنوا أنهم
سيجعلون الفلسطينيين يدفعون
الثمن من طريق العنف في حال
حاولت السلطات كبح جماحهم مع
العلم أنهم يطلقون على هذا
الإجراء اسم «التسعيرة». يتمّ في العالم العربي ملاحقة المتشددين
الإسلاميين مثل تنظيم «القاعدة»
أو سجنهم أو قتلهم. فقد تمّ قتل
زعيمين مهمّين تابعين لتنظيم «القاعدة»
في العراق هذا الأسبوع. أما في
إسرائيل، فلا يبدي رئيس الوزراء
بنيامين نتانياهو أي رغبة أو
نية لمواجهة الإرهابيين الذين
ينشأون في بلده. حتى أنّ ممثلي
المستوطنين الدينيين موجودون
في حكومته. وفي العالم العربي، يُعتبر الناشطون
الذين يناضلون من أجل إنشاء
دولة إسلامية أعداءً. أما في
إسرائيل، فان الحركة السرية
المسلحة التي تسعى إلى إنشاء
دولة يهودية تلقى معاملة لطيفة.
ولا تجرؤ الحكومة على مواجهتها
أو هي متواطئة معها سراً. وفي حال لم تتمّ مواجهة المستوطنين
المتشددين في إسرائيل، سواء
القوميين أو الأرثوذكس
المتدينين والمتشددين، ولم
يتمّ تقويض طموحاتهم الدينية،
فلن ينعم الشرق الأوسط بالسلام.
ويعني ذلك وقف وتغيير نزعة قوية
في المجتمع الإسرائيلي وفي صفوف
القوات المسلحة الإسرائيلية،
حيث يحتشد المتشددون ويحرزون
تقدماً. هذا هو الشرط الذي يسبق
أية مفاوضات سلام. فهل يمكن بلوغ
ذلك؟ أم أنه محكوم على المنطقة
أن تعرف المزيد من العنف؟ قامت شخصيتان سياسيتان أميركيتان
بارزتان هما زبيغنيو بريجنسكي
المستشار السابق للرئيس جيمي
كارتر لشؤون الأمن القومي
وستيفن سولارز وهو عضو سابق في
الكونغرس الأميركي عن ولاية
نيويورك، بكتابة مقال مشترك في
صحيفة «واشنطن بوست» في 11 نيسان
(أبريل) حضّا فيه أوباما على
التوجّه إلى المنطقة في «رحلة
سلام» ودعوة الإسرائيليين
والفلسطينيين عبر خطاب يلقيه في
القدس ورام الله إلى بدء
مفاوضات جدية بينهما، واعتبر
الكاتبان أنّ خطوة من هذا النوع
من شأنها خرق جدار الأزمة. إلا أنّ خطابات أوباما مهما كان أسلوبها
منمقاً لن تكفي لإقناع
المتشددين في إسرائيل بتغيير
مجرى الأحداث. فلا شيء سوى
الضغوط الحقيقية كفيل بإنجاز
المهمّة، كأن تلجأ أميركا مثلاً
إلى تهديد إسرائيل بسحب الدعم
الديبلوماسي وإمدادات الأسلحة
والتمويلات السخية التي تقدمها
إليها. إلا أنّ التأثير
الإسرائيلي في الكونغرس
الأميركي وفي منظمات الأبحاث في
واشنطن وفي الصحافة الأميركية
كبير للغاية إلى حدّ أنه من غير
المرجّح أن يجدي ذلك نفعاً. برزت افتراضات عدة في الأسابيع الأخيرة
مفادها أن الرئيس الأميركي
باراك أوباما الذي ضاق ذرعاً
بالأزمة الحالية، قد يكون في
صدد إطلاق خطته للسلام. فقد أوضح
أنّ حلّ النزاع العربي -
الإسرائيلي هو همّ أميركا
الأساسي. ومن الواضح أنه سيلجأ
إلى استخدام النفوذ الأميركي من
أجل إقناع العرب والإسرائيليين
بالتفاوض على أساس خطته. وسبق
لنتانياهو أن رفض علناً أي
إيحاء بالتوصل إلى «اتفاق سلام
مفروض». أما السؤال الذي يطرح
نفسه فهو الآتي: ما مدى النفوذ
الذي بوسع أوباما استخدامه؟ فقد
حذّره اللوبي الاسرائيلي في
الولايات المتحدة وبعض
الشخصيات اليهودية مثل رونالد
لودر، رئيس المؤتمر اليهودي
العالمي من ممارسة الضغوط على
إسرائيل. وأصدرت «مجموعة الأزمات الدولية» (www.crisisgroup.org)
تقريراً بعنوان «حق إسرائيل
الديني ومسألة الاستيطان» يلقي
الضوء على مدى الخطر الذي يفرضه
الإرهابيون المتطرفون دينياً
في إسرائيل على عملية السلام.
ويبدو المشهد غير مشجع على
الإطلاق. فقد نقلت «مجموعة
الأزمات الدولية» أن عشرات
الآلاف من الصهاينة المتدينين
يسكنون في مستوطنات غير شرعية
شرق جدار الفصل في الضفة
الغربية. كما يحتل الآلاف من
الشبان الذين يطلق عليهم «شباب
التلال» نقاطاً استيطانية
مسلحة في عمق الأراضي
الفلسطينية. وتضمّ هذه
المستوطنات والمواقع المسلحة
حوالى مئتي مجموعة شبه عسكرية
مزوّدة بأسلحة أوتوماتيكية (مجهزة
بأحدث عدسات المراقبة عن بعد)
فضلاً عن الآليات المصفحة.
وتنفذ هذه المجموعات أعمال عنف
ضد الفلسطينيين وهي مستعدة
لمواجهة أي محاولة من الدولة
لوقفها. يعتبر المراقبون أنه من الممكن أن تبرز
قوة أكبر ومسلحة في شكل أفضل
ومستعدة للعمل ضمن مجموعة منظمة
في حال تجرّأت الحكومة على
إزالة نقطة استيطانية أو على
التعرّض بأي شكل من الأشكال
لهذه المجموعات التابعة
للمستوطنين. ويسيطر السياسيون الأرثوذكس المتدينون
والمتشددون والقوميون بخُمس
المقاعد في الكنيست ويمثّلون 40
في المئة (26 من بين 65 عضواً في
الكنيست) من قاعدة ائتلاف
نتانياهو الحاكم. كما يسيطرون
على وزارة الإسكان وعلى دائرة
الأراضي في إسرائيل التي تدير
أراضي الدولة. وأصيب هؤلاء
العقائديون، الذين يدافعون عن
فكرة «إسرائيل الكبرى»، بصدمة
عندما قام رئيس الوزراء السابق
آرييل شارون بتفكيك المستوطنات
في قطاع غزة عام 2005. وزعزعت هذه
الخطوة ثقتهم بالدولة وعزّزت
عزمهم على عدم السماح مجدداً
بإجلاء اليهود. فهم يعارضون
بشدة الانسحاب من أي مكان آخر
وإجراء مفاوضات مع الفلسطينيين.
ويذهب بعض الحاخامين القوميين إلى حدّ
الموافقة على السماح لليهودي
بقتل يهودي آخر في حال تنازل عن
أرض إسرائيلية لغير اليهود، مع
العلم أن ييغال عامير استخدم
هذه الذريعة لتبرير اغتياله
رئيس الوزراء إسحاق رابين عام
1995. يخترق المتشددون الدينيون صفوف القوات
المسلحة الإسرائيلية. وتنتشر
كليات تعليم التوراة وأداء
الخدمة العسكرية في إسرائيل حيث
يقوم المجندون بأداء الخدمة
العسكرية وبتعلّم التوراة على
مدى خمس سنوات. ويتواجد نصف هذه
الكليات في الضفة الغربية
ويتخرّج فيها آلاف الجنود. ومن
المتوقع أن يشكّل عدد الضباط
القوميين الدينيين حوالى 30 في
المئة من مجموع الضباط
الإسرائيليين ويتركّز معظمهم
في وحدات القتال. وقال مصدر ل «مجموعة
الأزمات الدولية» أنه «في غضون
بضع سنوات، سيشكل الجنود
الدينيون أكثرية قادة الألوية
في الميادين كافة بدءاً
بالطائرات المقاتلة من طراز «أف
16» وصولاً إلى الغواصات». وقال
ضابط كبير من هؤلاء: «سيساهم
إصدار أمر بالانسحاب من الضفة
الغربية في تدمير إسرائيل.
سيؤدي إلى انقسام الجيش وتحوّل
جزء منه ضد الدولة. قد أكون
قادراً على التخلي عن تل أبيب،
غير أنني لن أتخلى يوماً عن
الخليل. لسنا دولة مؤلفة من يهود
أو من أكثرية يهودية فحسب بل نحن
دولة يهودية تدافع عن الأرض
التي وعدنا بها الله في الكتاب
المقدس. إنها أرض اليهود. سأدافع
عن الأرض اليهودية بكل الوسائل
الشرعية المتاحة وإن لم يكن ذلك
ممكناً فسألجأ إلى الوسائل غير
الشرعية حتى أنني قد أستخدم
القوة». ما هي توصيات «مجموعة الأزمات الدولية»
لوقف هذا التردي الخطير إلى
الهاوية؟ تقترح المجموعة ترسيم
حدود إسرائيلية - فلسطينية يتم
الاتفاق عليها عوضاً عن تركيز
الجهود على تجميد الاستيطان
وإعلان حزمة تعويضات لإقناع بعض
المستوطنين بالخروج من الضفة
الغربية بملء إرادتهم والتقرّب
من الأحزاب الدينية مثل حزب «شاس»
و «أغودات إسرائيل» وإشراكها في
العملية الديبلوماسية، فضلاً
عن مطالبة وكالات الأمن
الإسرائيلية والمحاكم بالتحقيق
في حالات العنف ضد الفلسطينيين
ومقاضاة المتورطين فيها. إلا
أنّ ذلك كلّه لا يبدو كافياً. لقد حان الوقت لتعي الأكثرية العلمانية
في إسرائيل بأنها في خطر أن تجد
نفسها تعيش في دولة يحكمها
الإرهابيون المتطرفون دينياً
الذين يسعى العالم بأسره إلى
تجنبهم. * كاتب بريطاني متخصص في قضايا
الشرق الاوسط ======================= متى تقع في لبنان الحرب
الإيرانية - الإسرائيلية؟ السبت, 24 أبريل 2010 سليم نصار * الحياة هل تنفذ اسرائيل تهديدها لإيران قبل ان
تصنع سلاحها النووي في غضون سنة
او سنتين على ابعد تقدير؟ وهل
يكتفي الرئيس الاميركي باراك
اوباما بفرض عقوبات جديدة على
طهران... ام انه سيدعم خيار
اسرائيل العسكري اذا ثبت ان
ايران قد استكملت برنامجها
النووي؟ وهل تتكرر حرب 2006
بالوكالة، في حال قررت اسرائيل
نسف مشروع السلام مع
الفلسطينيين، ودفع سورية الى
الاشتراك في القتال الى جانب «حزب
الله»؟ مثل هذه الاسئلة وما يرافقها من مضاعفات
امنية وسياسية اصبحت اليوم
الشغل الشاغل لمركز الاجراءات
الوقائية المتخصص في دراسة
النزاعات ذات التأثير الحيوي في
مصالح الولايات المتحدة. وبحسب
تقويمه لاحتمال توجيه ضربة
عسكرية لايران، يرى المركز ان
ازدياد الخوف من نيات ايران
المبيتة يقوي الاتجاه الشعبي
الاسرائيلي المؤيد للحرب. وفي
استطلاع للرأي اجرته القناة
الثانية للتلفزيون الاسرائيلي
تبين ان ثمانين في المئة من
السكان يشعرون بخطر البرنامج
النووي الايراني على وجود
الدولة العبرية. واللافت ان القياديين الاسرائيليين لا
يشاطرون قواعدهم الشعبية هذا
القدر من مشاعر الخوف والخطر.
ففي تصريح ادلى به وزير الدفاع
ايهود باراك، قال ان ايران لا
تشكل خطراً وجودياً على الدولة
العبرية. ووصف باراك التسوية
الاقليمية الشاملة وفق مبدأ
دولتين لشعبين بأنها الضمانة
الوحيدة للحفاظ على غالبية
يهودية داخل اسرائيل. وزير الخارجية افيغدور ليبرمان انتقد
منطق زميله، وادعى ان فكرة «دولتين
لشعبين» غير واقعية، لأنها تمنح
دولة ونصف دولة للفلسطينيين،
بينما تعطي دولة اليهود نصف
دولة. وزعم في حديثه لصحيفة «معاريف»
ان الاحصاءات الرسمية قدرت عدد
سكان اسرائيل بأكثر من سبعة
ملايين ونصف مليون نسمة. لذلك
طالب ليبرمان بضرورة إحياء مبدأ
آرييل شارون «الاردن هو فلسطين».
وحجته ان ارقام النمو السكاني
تعطي الفلسطينيين عشر سنوات فقط
كي يقفز عددهم الى خمسين في
المئة من مجمل عدد سكان اسرائيل.
وهذا يعني في نظره، انتحار
اسرائيل من اجل اقامة كيان
سياسي معاد، الامر الذي يفقدها
هويتها اليهودية. وعليه يعتقد
ليبرمان ان نقل عرب «يهودا
والسامرة» الى الاردن، سيحل
مشكلة ديموغرافية كبرى، لأن
مساحة الاردن اكبر من مساحة
اسرائيل بأربع مرات، خصوصاً ان
اكثر من ستين في المئة هم من
اصول فلسطينية. وبما ان الدولة
الفلسطينية القابلة للبقاء
تحتاج الى مساحة اكبر، فإن
توسعها باتجاه الاردن شرقاً،
يمنحها فرصة التمدد في حال
السماح لمليون وثمانمئة الف
لاجئ بالانتقال اليها من لبنان
وسورية والاردن. وكان من الطبيعي ان يثير العاهل الاردني
هذا الموضوع مع الرئيس اوباما،
اثناء زيارته الاخيرة لواشنطن،
ويحذره من مخاطر عدم الاستقرار
في المنطقة، لأن الجناح المتشدد
في حكومة نتانياهو يسعى الى
تقويض مشروع الدولتين
واستبداله بمشروع شارون. القيادات الفلسطينية تتخوف من التصعيد
الاسرائيلي لأنها تعتبره حلقة
في مسلسل تهويد القدس والضفة
الغربية. وهي ترى ان عملية طرد
الفلسطينيين من القدس الشرقية
ورام الله ليست اكثر من مقدمة
لعملية عسكرية تستغلها حكومة
نتانياهو من اجل طرد
الفلسطينيين باتجاه الاردن،
تماماً مثلما حدث في حربي 1948 و
1967. ومثل هذا التنظيف العنصري –
الديني لا يتم الا ضمن حرب خاطفة
كانت اسرائيل تستعد لها في حال
اقدم «حزب الله» و «حماس» على
الثأر لاغتيال عماد مغنية. ومن
العمليات التي توقعت حدوثها
كانت محاولة تفجير السفارة
الاسرائيلية في باكو (اذربيجان)
او خطف رجال اعمال اسرائيليين
في افريقيا او اغتيال مسؤول
اسرائيلي كبير. كذلك توقعت أن
تقدم «حماس» على الثأر لاغتيال
محمود المبحوح، خصوصاً ان وضعها
الداخلي لا يساعدها على
الانفراج. ذلك انها منذ انتهاء
حملة «الرصاص المصبوب»، وهي
تعاني من حالات الحصار والعزلة. فالخطة الامنية المصرية اوقفت التهريب
عبر صحراء سيناء وأوجدت جداراً
مصفحاً تحت الارض وفوقها. كما
ساهمت شروط القاهرة في افشال «صفقة
شاليط» للإفراج عن الاسرى. لهذا
تعتقد اسرائيل ان «حماس» تتهيأ
لاقتحام الحصار السياسي عبر عمل
عسكري قد يغير ميزان القوى في
المنطقة. وقابلت «حماس» هذه التوقعات بالهدوء وضبط
النفس وعدم الانفعال، كذلك واجه
«حزب الله» الاستفزازات
الاسرائيلية المتكررة بالدعوة
الى الانضباط والتروي. علماً أن
اسرائيل تعمدت استثارة
المقاومة في الجنوب طوال هذا
الاسبوع. وقد اعلن الجيش
اللبناني عن اطلاق قنابل مضيئة
فوق قرى الحدود، واختراق
الاجواء اللبنانية من طيران
العدو. وفي تعليق على هذه التحركات المريبة، قال
وزير الزراعة حسين الحاج حسن («حزب
الله»): «ان العدو الآن في مأزق.
فهو يريد الحرب لبعض الاهداف،
ويواصل التهديد بغرض إبقاء
الوضع متوتراً للتغطية على
تهجير الفلسطينيين وعلى
الارباك الذي اصاب واشنطن بسبب
تجاهلها الترسانة النووية
الاسرائيلية». واللافت في هذا الشأن ان المرشد الاعلى
للجمهورية الاسلامية الايرانية
علي خامنئي، حاول الابتعاد من
اسلوب التحدي الذي يستخدمه عادة
الرئيس محمود احمدي نجاد. ففي
رسالته الى المؤتمر الدولي حول
نزع الاسلحة النووية، قال ان
استعمال هذه الاسلحة «محرّم في
ديننا»، وان اميركا هي الدولة
الوحيدة في العالم التي ارتكبت
جريمة نووية. ومع ان الرئيس نجاد كان يشدد على صنع
القنبلة النووية من اجل اغراض
سلمية، الا ان رسالة خامنئي
سجلت موقفاً مناقضاً للموقف
الذي تنشره اسرائيل من ان قنبلة
ايران ستستخدم من اجل طرد
اليهود من المنطقة. وقد ازعج هذا
التحول نتانياهو، خصوصاً عندما
ابلغته واشنطن انها تعارض
هجوماً اسرائيلياً على المنشآت
الايرانية النووية، لأن هذا
التطور يترك آثاراً سلبية على
مصالح الولايات المتحدة
واستقرار الدول الحليفة. وفي سبيل احتواء ايران وتحييد نشاطها
السياسي، اعتمدت ادارة اوباما
نهج التقارب والمصالحة مع سورية
والانفتاح على برامجها
الاقتصادية والسياحية. وعينت من
اجل نجاح هذا الخط الديبلوماسي
الجديد سفيراً سبق له ان عمل في
البلدان العربية. ويبدو ان
اسرائيل تضايقت من نجاح هذا
التحول، لذلك قررت منعه بمختلف
الوسائل. وكان ان حمل الرئيس
شمعون بيريز الى فرنسا حكاية
تزويد «حزب الله» صواريخ «سكود»،
مدعياً ان سورية تستغل تقاربها
مع الولايات المتحدة من اجل
تطوير ترسانة «حزب الله» وتشجيع
خالد مشعل على رفض خطة مصر
لمصالحة «حماس» والسلطة
الفلسطينية. وفي هذا السياق، انطلقت الصحف الاميركية
المؤيدة للخط الاسرائيلي في
حملة تشويش ضد اوباما خلاصتها
انه سيخسر معركة التمديد، وان
سياسته الخارجية في الشرق
الاوسط اضعفت حلفاءه في العراق
وأفغانستان وباكستان واسرائيل.
كذلك هاجمت سياسة المهادنة مع
سورية التي فسرت في العالم
العربي بأنها مكافأة اميركية
عرفت دمشق كيف توظفها لتقوية
موقفها في لبنان ودول الخليج
والعراق. وقارنت هذه الحملة بين
ضعف اوباما وقوة جورج بوش الذي
اخاف ايران عام 2003، وأجبرها على
تجميد برنامجها النووي عندما
اعلن ان كل الخيارات العسكرية
مفتوحة. يقول المراقبون في العواصم الغربية ان
هدف اسرائيل من اطلاق اشاعات
تتعلق بتزويد ترسانة «حزب الله»
بصواريخ «سكود» هو تحريض
الكونغرس ضد سياسة اوباما، ونسف
جسور المصالحة مع سورية، وإسكات
المؤسسة الامنية الاميركية عن
فكرة التحفظ على ضرب المنشآت
النووية الايرانية. أي المؤسسة
التي اعلنت امام الكونغرس أن
رفض مشروع الدولتين ومهاجمة
ايران يلحقان الضرر بالمصالح
الاميركية في الشرق الاوسط. وواضح من التصريح الذي رددته وزيرة
الخارجية هيلاري كلينتون، ان
ادارة اوباما قد تسكت عن تنفيذ
المشروع النووي الايراني،
بدليل ان الوزيرة وعدت اسرائيل
بمظلة ذرية في مواجهة هجوم ذري
ايراني. كما وعدت دول الشرق
الاوسط بمظلة ايضاً. وقرأ الرئيس نجاد في اعلان كلينتون
مزيداً من الحضور العسكري
الاميركي في المنطقة، الامر
الذي وعد بإبعاده ومحاربته. في
حين قرأ نتانياهو في تطمينات
كلينتون مدخلاً للحصول على
السلاح النووي من جانب كل دول
المنطقة. وتتخوف الحكومة
الاسرائيلية من ان يكون الفلتان
المرتقب، مخططاً اميركياً لنشر
سياسة توازن الرعب، وإسقاط فكرة
حصر السلاح الذري بإسرائيل.
ويتردد في واشنطن ان هذه
المدرسة السياسية استفادت من
حصول الهند وباكستان على السلاح
النووي كي تخفض شروطها، وتباشر
في تجسير هوة الخلافات. في ضوء ما تقدم، يظهر سلاح العقوبات
الاقتصادية امراً صعب التحقيق
بسبب امتناع الصين وروسيا عن
استخدام الصرامة لردع ايران عن
مواصلة مشروعها. وبين اسوأ
السيناريوات ما قد يعرض على
ايران في المرحلة المقبلة، وهو
تمكينها من تخصيب اليورانيوم
على ارضها، شرط ان تكون الرقابة
اقوى والتخصيب في مستوى منخفض
غير عسكري. اما بالنسبة الى ردود فعل اسرائيل على هذا
الاقتراح، فإنها بالتأكيد
سترفضه، وتعمل على تعزيز ضغوطها
السياسية والاعلامية على ادارة
اوباما. واذا فشلت في تغيير
موقفها، فإنها دائماً تجد السبب
الكافي لافتعال حرب مفاجئة،
تماماً مثلما وجدت في محاولة
اغتيال شلومو ارغوف سفيرها في
لندن على باب فندق «الدورشستر»
سبباً لافتعال حرب 1982 في لبنان. * كاتب وصحافي لبناني ======================= التحول الديموقراطي..
شروطه ومعوقاته المستقبل - السبت 24 نيسان 2010 العدد 3633 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد حلمي عبد الوهاب () ثمة تساؤل تزداد وتيرته يوما بعد آخر،
يتعلق بأسباب تعثر التحول
الديموقراطي في عالمنا العربي
مقارنة بالعديد من التجارب
الناجحة في عدد من بلدان أوروبا
الشرقية وأميركا اللاتينية، بل
وفي بعض الدول التي كانت تابعة
للاتحاد السوفياتي السابق؟! وفي
اعتقادي أنّ أي محاولة جادة
لبحث شروط وإمكانات ومعوقات
التحول الديموقراطي في العالم
العربي لا يمكن أن تكلل بالنجاح
ما لم تسع جاهدة لمحاولة
الإجابة على تساؤلات ثلاثة
أولها: هل يشجع النظام العالمي
الجديد، بما هو ترتيب للقوى
الدولية وتنظيم للعلاقات ما بين
الدول، على تحقيق الديموقراطية
(أو بعض عناصرها) في الدول
العربية؟ ثانيها: هل تسمح
البنيات الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية العربية
بولادة نظام ديموقراطي، أو هل
تقبل بوجود حركة ديموقراطية
اجتماعية؟ ثالثها: هل هناك مصدر
ثابت ودائم، داخليا أو خارجيا،
لتغذية المطلب الديموقراطي
والقيم المرتبطة به؟ سنحاول هنا الوقوف على بعض الإشارات التي
تحمل في طياتها إجابة صريحة أو
ضمنية لتلك التساؤلات. فعلى
المستوى الأول يمكننا القول إن
ثمة تناقضا في النظام العالميّ
الجديد الذي اتخذ من احترام
حقوق الإنسان ودفع المجتمعات
المتأخرة في طريق الديموقراطية
شعارا له، ليس بغرض تعميم تلك
القيم، وإنما على العكس من ذلك
تماما بغية توظيفه دعائيا
لتأكيد الحق في السيادة، وضمان
تبعية الآخر، وتأمين أدوات
التحكم بالسياسات الوطنية،
والإشراف على المصير العالمي،
والحصول على حصة الأسد في ما
يتعلق بتوزيع الموارد الدولية...إلخ! أضف إلى ذلك أيضا أنّ مصالح النظام الدولي
تتعارض مع مبدأ صدور السلطة
السياسية عن الإرادة الشعبية في
المنطقة لسببين رئيسيين: الأول
أنّ بناء السلطة فيها على هذه
الإرادة يعني زوال العديد من
نظم الحكم الراهنة وتهديد مصالح
الطبقات التي تعبّر عنها.
الثاني: يتعلق بالمسألة
اليهودية، وتدعيم أسس
الاستيطان الإسرائيليّ، وضبط
الوعي ورد الفعل الوطنيين
العربيين في المنطقة بأكملها،
ما لا يمكن أن يتفق مع تشجيع
التعبير الحر عن الإرادة
الشعبية. يترافق ذلك طبعا مع
إدخال بعض التعديلات الشكلية
للأنظمة الاستبدادية، وتحسين
مظهرها حتى يمكن التغطية على
اغتصابها السلطة الحقيقية. أما على المستوى الثاني، فهناك ما يشبه
الإجماع بأن البنى الفكرية
والسياسية والاجتماعية
العربية، بما تشتمل عليه من قيم
وعادات وتقاليد، لا تقدم فرصا
أفضل من أجل تعميق العملية
الديموقراطية في المجتمعات
العربية. ناهيك بأنّ القيم
الحديثة المرتبطة بالنظم التي
ترسخت أركانها منذ الاستقلال
تعد أكثر بعدا عن الديموقراطية
من القيم التقليدية، فإذا كانت
نقاط الضعف بالنسبة للأخيرة
نابعة مما كانت تعكسه من ذبول
للروح المدنية (الاجتماع المدني
السياسي) فإنّ عيب القيم
الحديثة، كما تجلت في المجتمعات
العربية، نابع من أنها تفتقر
أساسا إلى الجذور الشعورية
والتاريخية العميقة مما يحولها
إلى مجرد قيم استهلاكية لا يؤمن
بها أحد إيمانا حقيقيا، فضلا عن
أن استخدام الأغلبية لها
للتغطية على قيم المنفعة
الشخصية! أخيرا، وعلى مستوى التساؤل الأخير: هل
توجد قوى اجتماعية داخلية حاملة
لمشروع ديموقراطي؟ يمكننا
القول: لم تكن الدولة التمثيلية
التي نتجت عن المبادرات
الديموقراطية التي تبلوت في
حقبة ما بين الحربين
العالميتين، تمثل إلا واجهة
لسلطة اجتماعية واهية حيث كانت
مرتكزات حكمها الحقيقية قائمة
في ظل السيطرة العملية لقوات
الاحتلال، وما إن حصلت الدول
العربية على استقلالها حتى بدأت
هذه النسخة الليبرالية
والشكلية للديموقراطية تترنح
تحت ضربات القوى الاجتماعية
الجديدة التي نشأت في رحمها (الضباط،
الطلبة، المعلمون، الفلاحون
المتحررون) وكانت ردة الفعل من
القوة بحيث كادت أن تقضي على
تراث الليبرالية تماما وتحل
محله فكرا سياسيا جديدا قائما
على استلهام خليط من النظريات
الماركسية والفاشية. وقد أدى إخفاق النظم العربية في تحقيق
الأهداف التي كانت تضعها لنفسها
إلى تغيير عام في المناخ العربي
العقائدي منذ نهاية
السبعينيات، حيث بدأت الردة على
الفكر الشمولي تتخذ طابعا أكثر
عنفا وقوة منذ مطلع الثمانينيات
التي شهدت عودة قوية لقيم الفكر
الليبرالي. ولم يتأخر الواقع
الاجتماعي عن التعبير عن هذا
التحول العميق في الوعي العربي
السياسي كما عكسته أدبيات تلك
المرحلة، بخاصة مع تفاقم سوء
الأوضاع الاقتصادية. ومن ثم كان من نتيجة تفاعل الفكر مع
الواقع أن شهد العالم العربي
أولى حلقات انكسار النظام
المطلق ودخول عصر التحول
الديموقراطي. بيد أنّ هذا
التحول في المناخ الفكريّ
السياسيّ لم يحدث نتيجة تكون
قوى اجتماعية جديدة أكثر صلة
بالفكرة الديموقراطية، بقدر ما
جاء كثمرة طبيعية لتبدّل مزاج
الطبقات الوسطى ذاتها والتي
سادت في العقود الثلاثة من
ستينيات إلى ثمانينيات القرن
الماضي وراء نظام الحزب الواحد
والاستبداد. وفي المحصلة؛ لم يأت التوجه الجديد إذاً
نتيجة قناعات ونضج عام بقدر ما
جاء كحل هامشي أو تعويضي لمشاكل
اقتصادية وأمنية سياسية متأزمة.
ولعل ذلك يفسر بعضا من سوء
التفاهم الحاصل بشأن هذا التحول
منذ البداية بين جميع الأطراف
الاجتماعية المتباينة. وتبعا
لذلك يصح القول إن التجارب
الأخيرة التي قامت في مصر
والجزائر وتونس تدل على أنّ هذه
الطبقات التي تظل متعلقة بحلم
الانتقال إلى الديموقراطية
ليست مستعدة بعد للقبول بمخاطر
كبيرة للانخراط فيها وتحقيق
حلمها، وأنّ تطابق شعار
الديموقراطية مع شعار التغيير
هو الذي يعطي الانطباع السائد
بأنّ العالم العربي قد كسب
نهائيا لصالح الفكرة
الديموقراطية!! () أكاديمي وباحث مصري. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |