ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 08/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا يعود الفلسطينيون الى التفاوض؟

المستقبل - الخميس 6 أيار 2010

العدد 3644 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

إذاً، سيعود الفلسطينيون والاسرائيليون الى التفاوض وإن بطريقة غير مباشرة بمباركة عربية وغطاء عربي لم يعجبا الاطراف التي تراهن على استمرار حال اللاحرب واللاسلم في المنطقة. انها الاطراف العاجزة عن السلم والعاجزة في الوقت ذاته عن الحرب، اذا لم تكن بأجساد اللبنانيين والفلسطينيين. أكدت العودة القريبة الى المفاوضات غير المباشرة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قبل ايام، وهذا ما لمّح اليه غير مسؤول اسرائيلي وفلسطيني. لماذا تلك العودة ؟ الجواب ان الاميركيين، على رأسهم الرئيس باراك اوباما مصرّون على ذلك. والى اشعار آخر، ليس امام الجانب الفلسطيني سوى القبول بما يريده الاميركيون، خصوصا ان الادارة سعت في الفترة الاخيرة الى توفير ضمانات، او على الاصح تطمينات معينة للجانب الفلسطيني. تشمل الضمانات والتطمينات التي حصل عليها رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عبّاس (ابو مازن) تحديد مرجعية للمفاوضات، اي حدود الدولة الفلسطينية، مع تأكيد انها تشمل القدس اضافة الى تجميد الاستيطان، ذي الطابع "الاستفزازي" في المدينة المقدسة، من دون اعلان حكومة بنيامين نتنياهو عن ذلك. الاكيد ان الضمانات الاميركية ليست كافية ولا تعني، بسبب غموضها، ان الجانب الاسرائيلي سيقبل اوتوماتيكيا بقيام دولة فلسطينية "قابلة للحياة" استنادا الى خطوط العام 1967 عاصمتها القدس الشرقية. ولكن ليس امام الجانب الفلسطيني سوى السعي الى تحقيق انجاز ما على طريق اقامة الدولة المستقلة "القابلة للحياة" في ضوء الرغبة الاميركية في الوصول الى هذا الهدف.

هناك في الوقت الراهن وعي فلسطيني لأهمية تفادي اخطاء الماضي. هذا الوعي موجود لدى السلطة الوطنية ولدى الحكومة المنبثقة عنها برئاسة الدكتور سلام فيّاض. وهناك في الوقت ذاته رغبة اسرائيلية في دفع الفلسطينيين الى تكرار اخطاء الماضي وذلك من اجل قطع الطريق على اي تسوية من اي نوع كان تعيد للشعب الفلسطيني بعضا من حقوقه المشروعة في ارضه التاريخية. وهناك ادارة اميركية تدرك اخيرا اهمية التوصل الى حل عادل، الى حدّ ما، في فلسطين. ينبع ذلك من ان القيادة العسكرية تعرف جيدا ان من بين اسباب العداء للوجود الاميركي، في كل المناطق التي تخوض فيها الولايات المتحدة حروبا، الشعور بأنها منحازة الى اسرائيل وأنها تشارك تاليا في اضطهاد الشعب الفلسطيني.

في ظل هذه المعادلة المعقدة تأتي تصريحات الوزيرة كلينتون في شأن العودة الى المفاوضات غير المباشرة. سيذهب الفلسطينيون الى المفاوضات من دون اوهام. سيذهبون الى المفاوضات وهم يعرفون جيدا ان عليهم متابعة ترتيب البيت الداخلي نظرا الى ان لا بديل لديهم من ذلك. تتم عملية ترتيب البيت الداخلي عن طريق متابعة بناء المؤسسات الفلسطينية كي تكون الدولة جاهزة في النصف الثاني من السنة المقبلة، شاءت اسرائيل ذلك ام أبت. على المسؤولين الفلسطينيين تأدية واجبهم تجاه شعبهم اوّلا.

لا شك ان الوضع الداخلي الفلسطيني صعب في ضوء الانقسام الحاد الذي ادى الى قيام كيان مستقل في قطاع غزة تحول "امارة اسلامية" ذات طابع طالباني تحكمها "حماس". لكن ذلك لم يحل، لحسن الحظ ، دون ضبط الاوضاع الامنية في الضفة الغربية ومنع فوضى السلاح فيها. كان مهما ان تكون هناك ارض فلسطينية غير طاردة لأهلها... صارت الضفة الغربية، على العكس من غزة، ارضا تجتذب الفلسطينيين اليها. ولذلك، باشرت حكومة نتنياهو اتخاذ اجراءات تستهدف ابعاد مقيمين في الضفة بحجة انهم ليسوا من اهلها. لم تنجح اسرائيل في حملتها هذه. الكرة لا تزال في ملعبها. لكن السؤال الكبير ما الذي ستفعله ادارة اوباما بعد استئناف المفاوضات وان بطريقة غير مباشرة؟ هل تقف مكتوفة تتفرج على حكومة نتنياهو تفاوض من اجل التفاوض بهدف اضاعة الوقت ام تطرح مشروعا يصلح اساسا لتسوية؟ المؤسف ان ليس امام الجانب الفلسطيني سوى الرهان على الادارة الاميركية. لا مفرّ من الاعتراف بأنّ الوصول الى تسوية يعتمد على ما اذا كانت ادارة اوباما ستقدم على خطوة حاسمة في اتجاه طرح مشروعها الخاص بالتسوية.

باتت الاسس التي يمكن ان يقوم عليها المشروع الاميركي معروفة. ولا شكّ ان "ابو مازن" فعل كل ما يستطيع من اجل تشجيع ادارة اوباما على الاقدام على هذه الخطوة وذلك عندما اختار قبل ايام التوجه الى الاسرائيليين مباشرة عبر التلفزيون الاسرائيلي. طرح رئيس السلطة الوطنية فكرة تبادل الاراضي، هو الذي يعرف جيدا ان لا بديل من خطوط العام 1967 كمرجعية للمفاوضات. لكن الرئيس الفلسطيني يعرف في الوقت ذاته ان لا مفر من تعديلات على هذه الحدود، خصوصا اذا كان مطلوبا حصول الفلسطينيين على ممر يربط بين غزة والضفة. اكثر من ذلك، طمأن الاسرائيليين الى ان الدولة الفلسطينية المستقلة لا تؤمن بالعنف ولا باستمرار النزاع الى ما لا نهاية.

اذا كان مطلوبا التوصل الى تسوية، هناك حلول لكل القضايا المعقدة بما في ذلك القدس واللاجئون والحدود. هناك الاتفاقات التي توصل اليها الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي اواخر العام 2000 وبداية العام 2001 بعد فشل قمة كامب ديفيد. وهناك الاطار العام للتسوية الذي طرحه الرئيس بيل كلينتون قبيل مغادرته البيت الابيض. لا يمكن ان يكسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها التسوية الا ارادة اميركية قوية تستند الى رؤية واضحة لمستقبل الشرق الاوسط. تقوم هذه الرؤية على ان شعوب المنطقة عانت طويلا من حال عدم الاستقرار التي خلقها الاحتلال الاسرائيلي ومن سياسة اسرائيلية تستثمر في تغذية التطرف لتبرير استمرار الاحتلال. لم تنشأ حركة متطرفة او مذهبية في اي بقعة من المنطقة، خصوصا في لبنان وفلسطين، إلا ولقيت تشجيعا مباشرا او غير مباشر من اسرائيل. هل تقدم ادارة اوباما على طرح مشروعها... ام تترك اسرائيل تقرر كيف يجب ان تتصرف القوة العظمى الوحيدة في العالم في الشرق الاوسط؟ ايام قليلة ويتبين هل هناك رئيس اميركي يستطيع القول لاسرائيل انه صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في المنطقة...

=====================

روسيا.. المنتظرة

الافتتاحية

الخميس 6-5-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

الحلم الروسي بالشرق الأوسط «المياه الدافئة» قديم.. منذ القياصرة.. وقد تجسد حقيقة فاعلة على الأرض في الحقبة السوفييتية... ولا سيما في العلاقات المتبادلة مع مصر وسورية.. والعراق أيضاً..

وكانت علاقات سياسية عسكرية اقتصادية ثقافية بأبعاد عريضة وأعماق كبيرة.. وقد تراجعت كثيراً مع انهيار الاتحاد السوفييتي..‏

يرى الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل.. أن بداية سقوط الاتحاد السوفييتي تعود إلى حرب حزيران 1967.. من حيث إن الغرب الذي كان حتى تلك اللحظة يتهيب القوة السوفييتية، ويتذكر جيداً بلاغ «بولغانين» إبان العدوان الثلاثي على مصر، تغيرت نظرته للسوفييت وهو يراهم يتركون حلفاءهم في المنطقة يتعرضون لأسوأ هزيمة في التاريخ.. وبالتالي استضعف الغرب الاتحاد السوفييتي غير القادر على حماية حلفائه وكان ماكان.‏

من سوء حظ مشروع السلام في المنطقة أن ولادته شهدت نهاية الاتحاد السوفييتي، شريك الرعاية الرئيسي منذ كان مشروع السلام مجرد فكرة.. وكان الأمل أن يعيد لأصدقائه في المنطقة الأرض التي احتلت منهم عبر اتفاقية أو أكثر للسلام.‏

في مدريد 1991... حضر الاتحاد السوفييتي.. لكن.. للأسف كان حضوره لإكمال نصاب الرعاية فقط.. وكل ما يجري كان بإدارة الولايات المتحدة الأميركية.. ما خلق منذ تلك اللحظة اتجاهاً للعسف على الحقوق العربية استمر وتعاظم حتى وصل إلى الوضع المخزي الراهن.‏

نحن لا نشك لحظة في أن الغياب الروسي عن متابعة مشروع السلام بصفة الرعاية المشتركة مع الولايات المتحدة قد ساهم في وضع هذا المشروع في حالة العجز الراهن.. على أننا نبحث عن موقف يتجاوز دور شهود الحال على ما يجري، مع بعض تعاطفات منطقية.‏

الامر يتطلب أن تكون المساهمة في مشروع السلام واستعادة الأرض التي احتلت في فترة الصداقة والتعاون، مسؤولية روسية بهذا الحجم أو ذاك.‏

ثم..‏

إن روسيا ما زالت صاحبة مصالح في المنطقة.. وستبقى كذلك طويلاً.. ولديها كل المؤهلات لتقوم بدور حقيقي في إلزام مشروع السلام بالسلام..‏

ولن يكون ذلك أبداً.. ما دامت الولايات المتحدة هي الراعي الوحيد لهذا المشروع..!! وروسيا هي أكثر دولة في العالم مؤهلة لتأخذ دوراً، وهي بالأصل شريكة في الرعاية.‏

بل نرى.. أن روسيا معنية اليوم بالقضية أكثر.. من حيث إن السوفييت في الماضي كانوا يوازنون مواقفهم ودعمهم على أساس عقائدي إلى حد كبير.. ما يجعلهم يترددون حول ما يخدم دول المنطقة ككل.. ويميزون بين دولة وأخرى.. اليوم.. كل دول المنطقة مقبولة عقائدياًَ للروس.. ومعظم دول المنطقة راغبة في الدور الروسي.‏

لكن..‏

إلى اليوم نحن ننتظر دور روسيا في حماية الدول الراغبة في التعاون معها إلى حدود فرض السلام والأمن والاستقرار على المنطقة، بما يرعى مصالح كل الدول في كل العالم.‏

تبدو روسيا لنا «شعوب المنطقة» وكأنها تسأل عن دور الغرب وما يريد.. قبل أن تسأل عن دورها.. في حين نسأل نحن عن الدور الروسي.‏

a-abboud@scs-net.org

=====================

قلق ايراني متزايد

الخميس, 06 مايو 2010

حسان حيدر

الحياة

اللهجة الهجومية الحادة والشاملة التي استخدمها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في خطابه من على منبر الامم المتحدة قبل ايام، واستهدفت في شكل خاص الولايات المتحدة، تمثل الجهد الأخير في محاولات ايران المستمرة لإقناع واشنطن بالتخلي عن تعاملها بالتقسيط مع الملفات الايرانية، ودفعها الى القبول بالتفاوض على صفقة كاملة مع طهران تشمل القدرات النووية والنفوذ في الشرق الاوسط والدور الاقليمي الأوسع، بعدما تبين ان الاميركيين نجحوا في اقناع الدول الكبرى الاخرى، وخصوصاً روسيا والصين، بضرورة معالجة كل قضية عالقة مع ايران على حدة.

لم تستطع بلاغة نجاد اخفاء القلق المتزايد الذي تشعر به طهران مع اقتراب التوافق في مجلس الأمن على تعزيز العقوبات ضدها من خاتمته المتوقعة. فعلى رغم الرفض الايراني العلني والمتكرر، وخصوصاً على لسان المرشد خامنئي، لعرض اليد الممدودة الذي قدمه باراك اوباما فور توليه الرئاسة، قال نجاد ان مضي واشنطن في سياستها لفرض عقوبات جديدة «سيعني نهاية طريق التفاوض، وان العلاقات بيننا لن تتحسن ابداً، وان اوباما الذي يمثل الفرصة الأخيرة لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم يسير في طريق سلفه جورج بوش».

ومنذ أعلنت ادارة اوباما عن مقاربتها الجديدة للأوضاع في منطقتنا، كان واضحاً انها تسعى الى فض نقاط الاشتباك مع ايران واحدة تلو الاخرى وبشكل منفصل، فوضعت جدولاً زمنياً لانسحابها من العراق حيث أدت الانتخابات البرلمانية على رغم التعثر في تجسيد نتائجها الى رفع الضغط عن كاهل الاميركيين، وصار اي تدخل خارجي في شؤون هذا البلد يعني مواجهة مع العراقيين انفسهم. ثم انتقل الجهد الاميركي الى افغانستان، حيث تعمل واشنطن على تقليص دور طهران الثانوي لكن المزدوج في العداء لحركة «طالبان» وفي تقديم السلاح والملاذ الى بعض مكوناتها، سواء عبر النجاحات العسكرية او عبر تحييد اطراف افغانية تعادي نظام كابول.

وقطع الاميركيون ايضاً خطوات على طريق فك الربط الايراني بين الملف النووي وملف التسوية في الشرق الاوسط، فعارضوا في شكل قاطع قيام اسرائيل بأي مغامرة عسكرية لضرب المواقع النووية الايرانية، ليس فقط لان نتائجها غير مضمونة وقد تفجر حرباً واسعة في المنطقة، بل لأنها ستخدم ايضاً هدف طهران في استغلال قضية فلسطين منصة لتبرير دورها، وتلغي مفاعيل العزل الاميركي المتدرج لها.

وفي الاطار نفسه بذلت واشنطن جهوداً مضنية لإعادة اطلاق المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، مع تأكيد التزامها في كل مرة بحل الدولتين الذي يرضي المعسكر العربي ويحاصر الأطراف التي تتبنى الشعارات الايرانية فيه. كما باشرت تقارباً مع دمشق اشترطت لاتمامه خطوات ترسم حدوداً بين الدورين السوري والايراني، وخصوصاً في لبنان، حيث تركز واشنطن على انعكاس تسليح «حزب الله» على أمن ومصالح سورية نفسها.

ولأن ايران تشعر بخطورة التقدم الذي تحققه سياسة المراحل الاميركية وتعامل واشنطن معها بالمفرق، فإنها تصر دوماً على الربط بين قدراتها النووية وبين قضايا المنطقة، فتجري المناورات العسكرية المتتالية في مياه الخليج، وتؤكد في كل مناسبة ان اسرائيل شغلها الشاغل وان الموضوع الفلسطيني يؤرقها، من دون ان ينسيها ذلك انشاء خلايا للتجسس هنا وهناك، في الدول التي يفترض بحسب قولها انها تتشارك معها في القضية نفسها.

=====================

شهداء الصحافة اللبنانية

الاربعاء, 05 مايو 2010

رندة تقي الدين

الحياة

يوم 3 أيار (مايو) جرى إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة في الدول الأوروبية الديموقراطية، فكانت هناك تظاهرات أمام السفارة الإيرانية في باريس تطالب بالإفراج عن الصحافيين المعتقلين في السجون الإيرانية. ويوم غد يحيي لبنان ذكرى شهدائه. فشهداء الصحافة في لبنان كثر ولن ننساهم. ففي 16 أيار (مايو) 1966 نالت يد الغدر من مؤسس جريدة «الحياة» كامل مروة وسقط ضحية كتاباته وآرائه. وبعده طالت يد الغدر أيضاً صحافيين كباراً مثل سليم اللوزي ورياض طه، وأخيراً زملاءنا الأعزاء سمير قصير وجبران غسان تويني وكادت تنال من الزميلة مي شدياق بعد أن شوّهت جسدها.

فالأسلوب الجبان والقاتل لإسكات القلم الحر أو الرأي الصريح هو من اساليب الأنظمة القمعية التي تتخوف من الرأي الآخر ومن حقيقة يكشفها الصحافي الشجاع لشعوب هذه الأنظمة. فالقتل والسجن هما الرادع الأفضل للرأي الآخر.

ان مقاومة الصحافة الحرة وقتلها وإسكاتها تحصل في مناطق عدة من الشرق الأوسط الى روسيا الى أميركا اللاتينية، وطالما هناك أنظمة قمعية سيستمر هذا النوع من التصفيات والأساليب لإسكات الحقائق، ولكن اليوم ومع تطوّر أدوات الصحافة في العالم وانتقال الخبر بواسطة الانترنت أو الأقمار الاطصناعية وقنوات التلفزيون المختلفة يصعب على أدوات القمع أن تحد من كشف الحقائق وإسكات الرأي الآخر مهما حاولت.

اليوم لن ننسى الأصدقاء الأعزاء والزملاء مثل سمير قصير وجبران تويني اللذين سقطا كسائر الصحافيين الشهداء الكبار وفي طليعتهم كامل مروة، فكشف من يقف وراء يد الغدر مفيد جداً لحماية حرية الكلمة والقلم. فالمحكمة الدولية الخاصة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري هي أيضاً بحسب تقارير جميع القضاة الدوليين الذين تعاقبوا على هذا الملف مرتبطة ببقية الجرائم التي تلت اغتياله الوحشي. فسمير وجبران سقطا ضحية ثورة الأرز غداة اغتيال الحريري. ومن يقول اليوم إن المحكمة الدولية تهدد استقرار لبنان ينبغي أن يتحمل مسؤولية استمرار أسلوب القتل لإسكات الرأي الحر وإخفاء الحقائق.

فالشعوب بحاجة الى معرفة الحقيقة ومسؤولية الصحافي أن يعرف ماذا يقول وماذا يكشف. وحرية الصحافة أيضاً لا تعني أن يتجاوز الصحافي حدود احترام القوانين الأخلاقية مثلما حدث في تغطية كارثة طائرة الخطوط الإثيوبية في لبنان عندما كان بعض الصحف اللبنانية يتحدث ويصف مظاهر الكارثة كأنه لا يبالي بأهل الضحايا.

فالصحافي يتحمل مسؤوليات ولكن إسكاته بالقتل أو بالسجن هو عمل جبان ينبغي إيقافه من أجل استقرار المجتمعات. فالذين قُتلوا بيد الغدر من صحافيين وشهداء وفي طليعتهم الرئيس رفيق الحريري ادى اغتيالهم الى زعزعة استقرار البلد. وإذا استمر نهج إسكات الصحافيين بواسطة القتل والتصفية فأين الاستقرار وأمن المجتمع؟ وإذا تخلينا عن المحكمة الدولية لأن احكامها يمكن، كما يقول البعض، أن تهدد أمن واستقرار البلد، فلنغلق الصحف ولنغلق الفضائيات ونمتدح ما تقوم به الحكومات ولنعد الى العصور الوسطى حيث نحاكم بعضنا بالتصفية والإرهاب. فالمطالبة بالمحكمة الدولية مطلب شرعي يندرج في إطار حقوق الشعب اللبناني الذي سقط شهداؤه من صحافيين الى سياسيين ودفنوا ودُفنت قضيتهم معهم في سبيل استقرار صنعته موازين قوى إقليمية ولعبت به كما تشاء. فالمحكمة الدولية هي من أجل أن لا تدفن قضية شهداء لبنان وكي لا يدفن القلم الحر!

=====================

اللبنانيون مُضَلَّلون... بموافقتهم !

سركيس نعوم

النهار

6-5-2010

الاشتراك في الانتخابات اقتراعاً، اختيارية كانت او بلدية او نيابية، ليست واجباً وطنياً في لبنان رغم مبالغة ابنائه بل شعوبه وخصوصاً قادتها في استعمال كلمات الوطن والوطنية والمواطن في كل احاديثهم. بل هي واجب طائفي حيناً، وواجب مذهبي حيناً آخر، وواجب حزبي حيناً ثالثاً، علماً ان الحزبية ليست في معظمها الا ستاراً يغطي الطائفية والمذهبية، وواجب عشائري او قبلي او عائلي حيناً رابعاً، وواجب اقطاعي حيناً خامساً، وواجب "اقتصادي" حيناً سادساً وخصوصاً في المنازلات الانتخابية الكبرى التي يعرف اللبنانيون تكلفتها المالية الباهظة.

انطلاقاً من ذلك يُفترض باللبنانيين على اختلاف "شعوبهم" ان يتخلوا مواطنين وزعماء وقيادات ومسؤولين ومراجع عن الازدواجية التي مارسوا ولا يزالون يمارسون من زمان. ولعل كلمة "انفصام" تعبّر عن الحال اكثر من كلمة ازدواجية. فهم في الظاهر حضاريون وديموقراطيون ويسيرون في سرعة نحو العالم الاول الذي يظنون انهم كانوا منه قبل بدء الحروب عام 1975. وهم في الظاهر ايضاً متقدمون على محيطهم، ولذلك فإنهم يرفعون شعارات ويطرحون مشروعات تحديثية لكنهم يفشلون في تنفيذها بسبب الفساد المتأصل في النفوس والانقسامات التي تكاد ان تصبح ابدية. ولا ينجحون الا في ترجمة اقتراحاتهم "المظهرجية" التي لا تغش العالم المتقدم ولا العالم المتخلف اللذين يعرفان تماماً حقيقة الاوضاع في بلاد الارز. والمشكلة الاهم انهم، كشعوب، يتسابقون للتباهي بعضهم على بعض. وحجة البعض منهم الثقافة، وحجة البعض الآخر النوعية، وحجة البعض الثالث الوطنية، وحجة البعض الرابع الانتماء الى خارج الوطن، وحجة البعض الخامس الانعزال... الى آخر ما هنالك من حجج.

اما ما يدفعنا الى إثارة هذا الموضوع اليوم، فليس فوقية نشعر بها حيال الآخرين. فنحن في النهاية جزء من هذا النسيج الشعبي او الشعبوي او الشعوبي اللبناني "التعيس"، بل التضليل الذي يمارسه ويا للأسف ولمناسبة الانتخابات المذكورة المواطنون وشعوبهم وقادتها والمسؤولون عنهم. ويظهر التضليل في وضوح من خلال امرين. الاول، تركيز كل هؤلاء على ان الانتخابات المشار اليها انمائية بحتة ولا علاقة لها على الإطلاق بالسياسة. وهذا أمر غير صحيح، لأنه لو كان صحيحاً لعنى ان المؤسسات الاخرى مثل الحكومة ومجلس النواب وحتى الرئاسة الاولى فضلاً عن الادارات المدنية لا علاقة لها بالإنماء. ولعنى ايضاً ان مهمتها محصورة بالسيادة والحرية والاستقلال وبالأمن وبالتعيينات وبالإنتماء الوطني او القومي وبتحرير فلسطين وبمساعدة سوريا على استعادة جولانها المحتل وايران الاسلامية على التحول دولة اعظم في الخليج لا بل في المنطقة. علماً ان احدى المهمات الرئيسية لكل هذه المؤسسات هو وضع سياسات اجتماعية واقتصادية وانمائية، وكلها مترابطة كما يعرف الجميع، وتنفيذها وتأمين البيئة الامنية والسياسية والشعبية التي تسهل نجاح التنفيذ وحُسنَه. لا بل ان الشعوب الراقية في العالم الاول تحاسب حكوماتها وحكامها في الدرجة الاولى على هذا النوع من السياسات.

اما الامر الثاني الذي يظهر التضليل فيه ايضاً فهو استمرار هؤلاء المواطنين وشعوبهم وقادتهم والزعماء في اعتبار "التوافقية" حلاً "عجائبياً" لا ينقذ وحدة لبنان وسيادته واستقلاله وديموقراطيته "المبالغ فيها" وعروبته و... فحسب بل ينقذ ايضاً الاقتصاد والإنماء والامن والاستقرار وما الى ذلك. والحقيقة البسيطة اي غير المعقدة ولا المركبة التي يعرفها كل الناس بما في ذلك اكثرهم بساطة ودروشة هي ان التوافقية الحكومية قبل اشهر كانت غطاء لخسارة فريق على الارض وربح فريق آخر، ولخسارة فريق اقليمي – دولي مُتدخِّل في لبنان وربح فريق عربي – اقليمي آخر مُتدخِّل بدوره فيه. وكانت ايضاً فرصة لالتقاط الجميع داخلاً وخارجاً الأنفاس في انتظار انجلاء التطورات الاقليمية والدولية المرتقبة. لكن الحقيقة الابسط والأقل تعقيداً هي ان التوافقية البلدية والاختيارية "المزاجية" اذا جاز التعبير على هذا النحو لا علاقة لها على الاطلاق بالوفاق وبالتوافق ولا بالوطنية وحتى لا بالاخلاق. علاقتها الوحيدة او بالاحرى الاساسية هي بموازين القوى التي فرضت في كل بلدة وقرية إما استمرار التنافس بل التصارع على اساس سياسي – حزبي – مذهبي – طائفي – عشائري – اقطاعي، وإما تحالف الاعداء، وإما تخاصم الحلفاء. علماً ان الانتخابات البلدية والاختيارية تكون عادة في العالم الاول المتقدم طبعاً، وعذراً لتكرار هذه العبارة، مقياساً حقيقياً للمناخات السياسية التي يعيشها المواطنون ولمواقفهم الفعلية من سياسات حكوماتهم المنطلقة اساساً من نظام حزبي جدي.

طبعاً لا يرمي ذلك الى القول ان انتخابات جبل لبنان وبعدها انتخابات المحافظات الاخرى لا تعكس الصورة الحقيقية للبنان المشرذم على كل المستويات ولا تعكس "المصلحية" التي تقود زعاماته والاحزاب والتيارات وان تحدثوا كثيراً عن الوطن والحقوق والفساد والتغيير والاصلاح والمستقبل والسيادة. بل يرمي الى لفت الناس الى ان مهمة التيارات والاحزاب والزعامات "الجبارة" تغيير هذه الصورة عملياً وليس التغطية عليها او تجميلها. والتغطية امر دأبت عليه حكومات بل دول ما قبل الحروب وحكومات ودول ما بعد الحروب اي دول مرحلة الوصاية المباشرة وكذلك دولة وحكومات الاستقلال الثاني الذي قد لا يقدَّر له ان يعيش طويلاً رغم غزارة دماء شهدائه.

=====================

لبنان منهمك بالبلديات دون الملفات الساخنة

في شهر التحديات الإقليمية والقرارات الدولية

هيام القصيفي

النهار

6-5-2010

تشكل زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لدمشق في العاشر من الشهر الجاري، وهي الاولى لرئيس روسي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تحولا اقليميا لافتا في نظر العاصمة السورية، التي تعول عليها بوصفها انعطافة على طريق ما تعتبره عودتها التدريجية لاعبا اساسيا في المنطقة.

وتعتبر دمشق ان الزيارة الروسية - بعيدا عن فتحها آفاق تعاون عسكري بين البلدين، في ظل وجود قطع حربية روسية عند الشواطىء السورية - بمثابة حبل النجاة التي ارسل اليها، فيما لا تزال واشنطن وباريس ومصر والرياض، وان بدرجات متفاوتة، حذرة في مقاربتها الملف السوري. ولا يكتسب الحدث اهميته في نظر دمشق، الا متى قورن بالعاصمة اللبنانية، اذ يكثف المسؤولون اللبنانيون زيارتهم وجولاتهم الخارجية، فيما تتحول دمشق قبلة الاهتمام الاقليمي .

وتفتح الزيارة الروسية بهذا المعنى النافذة على التطورات الاقليمية عبر التقاطعات السورية والايرانية واللبنانية على ابواب الصيف الذي اعتادت المنطقة ولبنان تحديدا ترقبه، ولاسيما في ظل التجاذب الحاد حاليا بين الرغبة في الذهاب الى الحرب او العقوبات الاقتصادية الاقسى على ايران.

العودة السورية وواشنطن

تحاول سوريا ان تتعامل مع وضع المنطقة على قاعدة انها افلتت من الطوق الذي لفها منذ عام 2005، وحتى ما قبل الانتخابات النيابية عام 2009 بقليل. وقد افادت من عاملين مؤثرين، الاول التحول السعودي نحوها بعدما تغلب فيها نهج على آخر في اسلوب مخاطبة سوريا، والثاني التراجع اللبناني الذي بدا واضحا منذ الزيارة الاولى لرئيس الوزراء سعد الحريري لدمشق.

ودمشق التي لا تزال مصر تستمهلها لاستقبال الرئيس السوري بشار الاسد ولقاء الرئيس حسني مبارك الذي لحظ جدول أعماله استقبال عدد من الزوار الكبار، وآخرهم امس الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقبله رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، تنظر الى اي خطوة من خارج حدودها على انها بمثابة افق جديد يفتح امامها بعد اعوام العزلة. فالموقف المصري الذي لم يتزعزع بعد، ساهم تباعا في تكريس جو ضاغط يمتد من مصر الى باريس التي عدلت كثيرا من اندفاعها نحو سوريا، وصولا الى واشنطن. والادارة الاميركية التي تم تعيين سفير لها في دمشق، تحت سقف تجديد العقوبات عليها سنة، لا تزال تتصرف مع سوريا على قاعدة ضرورة التزامها سياسة واضحة في العراق ولبنان وايران وبما يتصل بها مثل"حماس" و"حزب الله".

ولا تنظر واشنطن الى التبدل في الموقف السوري تجاه العراق نظرة ايجابية، وخصوصا بعد التحول الكبير في عدم تقديم اياد علاوي رئيساً للحكومة العراقية، والاتفاق الذي تم بين الكتلتين الشيعيتين "دولة القانون" والائتلاف الوطني" ، وما يمكن اعتباره تراجعا سوريا عن تعهدات كانت تفاهمت عليها مع الرياض، وضمنا واشنطن، الامر الذي سيكون له ارتدادات مستقبلية على العلاقة الرباعية بين العراق وسوريا وتركيا وايران في اتجاهات ومتناقضات.

وبلا شك، لا تبدي واشنطن كثير ارتياح الى عودة سوريا الى الملعب اللبناني ولا حتى الى ما يعتبره بعض المولجين بالملف اللبناني تراجعا سريعا للبنانيين ولا سيما قوى 14 آذار في تقديم تنازلات الى دمشق. وتحاول واشنطن تباعا توجيه رسائل متصاعدة اللهجة الى اصدقائها في لبنان عن طريق اعادة تأكيد غير ملتبس بالتمسك بالمحكمة الدولية عبّر عنه مندوبها الدائم في الامم المتحدة السفير اليخاندرو وولف، وبعدم التضحية باستقلال لبنان وسيادته، والتحذير من خطر سلاح "حزب الله" وهو ما برز في اللقاءات الاعلامية المكثفة التي أجراها اخيرا مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير جيفري فيلتمان، وهو كلام قيل علنا بعدما أبلغ الى عدد من المسؤولين اللبنانيين مباشرة . لكن في المقابل تنتظر واشنطن من اصدقائها اياهم عدم التراخي وتسليف سوريا مسبقا وبلا شروط مواقف وتحركات من المبكر القيام بها. وخصوصا ان بعض هؤلاء غالى كثيرا في اعادة تصويب الموقف من سوريا الى حد مفاجىء ، حتى قبل ان يقوم اي مسؤول سوري بزيارة لبنان عملا بالمثل، في وقت ضاعت اسباب تأجيل زيارة رئيس الوزراء السوري ناجي العطري للبنان . حتى ان بعض المطلعين المباشرين اعتبروا ان حركة مسؤولين وفاعليات لبنانية تزايدت اخيرا الى مقار المسؤولين السوريين، كما كان يحصل قبل خمسة أعوام، الا ان ما تغير هو انهم باتوا يذهبون الى دمشق بدلا من عنجر.

ولذا جاءت خطوة زيارة الوفد الاميركي للحدود، بمثابة رسالة لا يجب الاستخفاف بها لجهة ضرورة منع تهريب السلاح، ولا سيما ان نقطة المصنع تشكّل نقطة التباس حقيقية بالنسبة الى مشروع مراقبة الحدود. ولحظ المشروع الذي سبق ل"النهار" ان نشرته، نقل المعبر الى قرب الحدود السورية، لان المسافة التي تفصل المعبرين السوري واللبناني كفيلة بتسريب السلاح على نحو غير مسبوق. والرسالة الاميركية لم تكن يتيمة، بل تأتي في سياق سلسلة رسائل تحاول واشنطن من خلالها تثبيت موقفها المعارض للعودة السورية الى لبنان، ولوضع "حزب الله" يده على مفاصل اساسية فيه. وهو الامر الذي بدأت سوريا والحزب معاً الرد عليه بسلسلة خطوات اعلامية وسياسية.

والمقاربة الغربية للوضع اللبناني، لا تشبه بشيء النظرة السورية التي يعبر عنها زوار دمشق اخيرا. لكن الخشية الغربية تزايدت حول عدم قدرة لبنان على التأقلم مع المستجدات الاقليمية في حال وقوعها.

تتعامل جملة تقارير غربية واميركية تحديدا مع الوضع اللبناني بوصفه ساحة تترجم فيها المتغيرات الاقليمية. فالاهتمام الاميركي موزع بين حدّين، ايران و"حزب الله" من جهة وتطور وضع المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية من جهة اخرى. ولكلا الملفين تداعياته المباشرة على لبنان.

ويفند احد هذه التقارير انقسام الرأي في الادارة الاميركية بين ثلاثة افرقاء معروفين، حول طريقة التعامل مع الملف الايراني، بين الداعين الى شنّ واشنطن عملية عسكرية رادعة، او التريث والاكتفاء بعقوبات اقتصادية شديدة، اميركية ودولية على السواء، وصولا الى ضرورة حزم الادارة الاميركية قرارها واتخاذه ايا يكن وتحمل عواقبه بدل الدوران في حلقة مفرغة والسماح لايران أكثر فأكثر بلوغ غايتها. لكن يبرز في المقابل، تخوّف من ان يكون ل"حزب الله" ومن ورائه طهران رغبة في القيام بأي عملية استباقية قد يكون لبنان ساحتها كما هو الحال دوما، تحيد الاميركيين عن الهدف الاساسي، وتورط اسرائيل في عمل ما يبعد ايران عن المواجهة المباشرة، وتبعد مهلة الاستحقاقات التي تريدها واشنطن لتطويق القوة الايرانية النووية.

وفي المقابل صار هم المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل طبقا يوميا على المائدة الاميركية، مع الجهد الذي يبذله الموفد الاميركي جورج ميتشل، فيما بدا واضحا ان ثمة مسلمة اساسية تكمن في طريقة تقديم العرض الاميركي بالنسبة الى المفاوضات. ورغم النفي الاميركي فان هذا العرض نشر في احد التقارير الاميركية باسهاب معددا النقاط الحدودية التي تقدم الاميركيون بعرض لانسحاب اسرائيل منها، مرفقة بتفاصيل حول مساوىء اعادة التموضع الاسرئيلي وايجابياته.

وبين الملفّين تكمن قضية قيام اسرائيل بشن عمل عسكري ضد ايران، وخصوصا بعدما لم يمدّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لرئيس الاركان الاسرائيلي غابي اشكينازي غير المتحمس لأي حرب على ايران، في وقت تنشر المراكز المتخصصة بالابحات العسكرية تفاصيل عن القطع العسكرية الكبرى التي تتحرك سواء في بعض دول الخليج، او في مياه المنطقة تحسبا لكل الاحتمالات.

مواكبة لبنانية مترجحة

ومع تشابك هذه الملفات، ثمة سؤال يطرحه المسؤولون عن مركز ابحاث اوروبي، (ومعروف مدى اهمية آرائهم وتأثيرها على قرارات بلادهم)على من يحادثونهم من اللبنانيين المطلعين، هو: كيف يمكن لبنان ان يتعامل مع الاحداث المقبلة، سواء بالنسبة الى اي عمل عسكري محتمل او حتى تداعيات المحكمة الدولية التي يأتي رئيسها انطونيو كاسيزي الى لبنان مرة جديدة وتعقد كذلك مؤتمرها في بيروت، فيما تستمر عملية الاستدعاءات بوتيرة تصاعدية؟

يبدو حتى الآن ان ثمة تفلتا واضحا من كل الضوابط التي كان لبنان يستند اليها في مقاربته الملف الاقليمي، خلال الاعوام الخمسة الماضية.

وفي حلقة نقاش بين سياسيين لبنانيين، بدا واضحاً ان ثمة اجوبة لا تزال مبهمة حول اداء للبنان في هذه المرحلة، وخصوصا في ضوء تقاطع الملفات الاقليمية وتشابكها،مقارنة بين المرحلة التي رافقت حرب تموز 2006 واجتياح لبنان 1982 والمرحلة الحالية.

في النقطة الاولى، يفنّد هؤلاء اسباب القيام بالانتخابات البلدية في وقت كان جميع الافرقاء في مجلس الوزراء يحضّون ضمنا بعضهم البعض على تأجيلها. ويقول احد المشاركين ان الانتخابات البلدية اريد لها ان تكون انصاعا لرغبة رئيس الجمهورية، فيما كان اكثر من طرف ومنهم النائب وليد جنبلاط على استعداد للدعوة علنا الى إرجائها. وقد اثبتت النتائج ولا سيما في جبل لبنان وجبيل تحديدا مغزى هذا الخيار.

وفي حين يمثل ايار شهر القرارات الحاسمة لكل من تل ابيب وواشنطن تجاه ايران، يغرق لبنان لمدة شهر كامل في انتخابات لا لون لها من الجنوب الى الشمال. ورغم ان الانتخابات صرفت نظر الداخل اللبناني عن مقاربة الملفات الداخلية التي باتت معطلة كالموازنة والتعيينات الادارية والعسكرية وغيرها من الملفات الشائكة، حيدت ايضا الانظار عن لب المشكلة وخصوصا بعد الحديث عن تزويد لبنان صواريخ "سكود" وما فتحه هذا الملف من تداعيات.

في النقطة الثالثة لم يكن تفصيلا ما سمعه رئيس الحكومة سعد الحريري من رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني من تحذير مباشر من عودة التوتر الى لبنان عبر البوابة الاسرائيلية. والحركة التي قام بها الحريري على مستوى نظرائه الاوروبيين، انما جاءت لتعكس بعضا من القلق الذي وصل الى لبنان من تهديدات جدية حول عمل ما يمكن ان يستهدف لبنان. لكن المشكلة تكمن في مدى ملائمة لبنان لاي احتمالات. فالحريري الذي سجل له قيامه بحركة شاملة لتخفيف حدة التوتر، قال جملة واحدة عن صواريخ "سكود"، جعلت الاميركيين يبدون عتبهم عليه ويبلغونه، هم الذين ابدوا اكثر من مرة عدم رضاهم على نوعية العلاقة المستجدة بينه وبين سوريا. وهو امر لم يكن ليحصل مع الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة الذي قاد اوسع حملة ديبلوماسية اثناء حرب تموز وبعدها، افضت الى القرار 1701. ناهيك بأن لبنان في حينه كان بقيادة حكومة اكثرية، وبجيش تحت سلطة القيادة السياسية لمجلس الوزراء.

ومعلوم ان الاكثرية اليوم في مجلس الوزراء باتت بعد انقلاب موازين القوى بانتقال النائب وليد جنبلاط الى الضفة الاخرى، في يد المعارضة. وقد أكد الجيش بوضوح انه يقف الى جانب خيار " الجيش والمقاومة والشعب"، وهي العبارة التي شطبت من محضر جلسة الحوار ما قبل الاخيرة على يد السنيورة نفسه. اضافة الى ان سوريا اليوم هي غير سوريا عام 2006. وها هي تستقبل ميدفيديف، وتنسج علاقة مع تركيا وتعيد روابطها في لبنان عبر جنبلاط والحريري الى حد ما، وايران تهدد على لسان رئيسها محمود احمدي نجاد كل من يمس لبنان وسوريا، فيما لبنان يذهب الى اقاصي الارض، ومسؤولوه مشغولون في تحديد أي عائلة ربحت في الانتخابات البلدية تحضيرا للمعركة النيابية سنة 2013.

=====================

العراق من صناعة القانون إلى صناعة الفوضى

آخر تحديث:الخميس ,06/05/2010

الخليج

محمد حمد عمران

العراق، هذا البلد العظيم، بلاد ما بين النهرين، بلاد الرافدين، الضارب عميقاً في الحضارة البشرية منذ ما يزيد على ثمانية آلاف عام تأسست خلالها ممالك وإمبراطوريات ودول وحضارات امتدت إلى أبعد من حدود العراق “الحالي” وأثرت تأثيراً إيجابياً مباشراً في الحضارة الإنسانية كما لم تؤثر أية حضارة أخرى .

 

العراق هو موطن حمورابي الملك صاحب القانون الذي يحمل اسمه، وكذلك مسقط رأس أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ونبوخذنصر الثاني صاحب الحدائق المعلقة إحدى عجائب الدنيا، وقد مر على العراق حضارات مهمة عديدة، من السومرية الى الأكادية والبابلية والآشورية والكلدانية إلى المناذرة وغيرهم، إلى زمن الإسلام وتأسيس الدولة العربية الإسلامية (الخلافة) من عهد الراشدين والخلافة الأموية إلى انتقال الخلافة في العصر العباسي إلى بغداد، وما أسست له من ازدهار كبير تعاظم في عصر هارون الرشيد، وبيت حكمة ابنه المأمون بما أسس له من اهتمام كبير بكافة العلوم والترجمات، وقد رافق ذلك العصر وما تلاه من ازدهار اجتذب العلماء في ميادين مختلفة مثل الطب والفلك وشتى العلوم والمعارف .

 

هذه إضاءة سريعة على حضارة عظيمة أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية، ومع ذلك فهذه الحضارة العظيمة لم تسلم دوماً من عبث العابثين، فبعد أن اجهز هولاكو على ما تبقى من الخلافة العباسية، عاثت جحافل جيشه دماراً وتقتيلاً لا مثيل لهما . ثم جاء بعده تيمورلنك الذي قضى على ما لم يستطع سلفه القضاء عليه، ثم تلاهما التركمان والصفويون إلى حين استقرار الحكم العثماني في المنطقة في القرن السادس عشر .

 

هذا تسلسل مختصر عن فترات من تاريخ العراق وحضارته العظيمة، سنتجاوز بعض الفترات اللاحقة حتى لا تأخذنا عظمة هذا التاريخ بعيداً عن الهدف الذي استفز معالجتنا للمسألة العراقية اليوم بعدما دمرت حرب العام 2003 العراق حضارة وتاريخاً وإنساناً، من خلال التدمير الشامل للدولة العراقية وتنظيم سرقة تاريخها وحضارتها مباشرة بعد سقوط بغداد في التركيز على المتاحف والأرشيف الحضاري والوطني ومراكز الوثائق التاريخية، وهذا ما يضع علامة استفهام كبرى على الهدف الحقيقي لهذه الحرب، هذا إلى جانب المبالغة في تدمير البنية التحتية ونشر العنف والفوضى غير المبررة، وتلك الوحشية التي استخدمتها القوة الغازية ومعها مرتزقة “بلاك ووتر” في الاستخفاف بأرواح العراقيين والتمادي في قتلهم بدم بارد، مما شكل إهانة للروح البشرية .

 

يضاف الى ذلك التفجيرات المتلاحقة من قبل أطراف وعصابات متعددة سهلت لها فوضى الاحتلال ارتكاب جرائمها فعاثت قتلاً وتشريداً للأبرياء من دون رحمة، ما دفع أكثر من ربع سكان العراق إلى الهجرة . ومع تضامننا مع معاناة كافة العراقيين إلا أن تفريغ العراق من غالبية مسيحييه يثير قلقاً مضاعفاً، لأن هذا التفريغ يعطي إشارة واضحة إلى خطة مبرمجة لتخريب الهندسة الاجتماعية لهذا البلد المنكوب .

 

إن حجم الدمار والقتل والإخفاء القسري والاعتقال والتهجير المستمر في العراق من الصعب حصره في ظل هذه الفوضى المستمرة منذ سقوط بغداد عام ،2003 إثر الحرب الأمريكية البريطانية، ولكن الشواهد تثبت بأن التجاوزات لكل الأعراف والقوانين والأخلاق غير مسبوقة في العصر القريب، وأن ماتم تسريبه عن فضائح سجن أبو غريب ثم شريط الفيديو الأخير الذي يصور تلهي الجنود الأمريكيين عام 2007 . وهم في طائرة مروحية بقتل مدنيين عراقيين وكأنهم يقنصون أو يتخلصون من كلاب ضالة، ولو حدث ذلك للكلاب الضالة لهاجت وماجت عليهم جمعيات الرفق بالحيوان، أما هذا المشهد فللأسف لم يثر أية مشاعر تعاطف في الغرب الديمقراطي بشكل جدي . وما خفي من هذه الوحشية لا بد أنه أعظم كثيراً مما أتيح لنا العلم به .

 

هذه السادية في قتل البشر، والتي عكستها هذه المشاهد المناقضة لكافة الأديان والشرائع والقوانين الدولية، لا بد أن تثير الكثير من الأسئلة عن مبررات هذا العنف وأسبابه وحتى أهدافه المعلنة أو الخفية . وبما أن الهدف من هذه الحرب كان تدمير أسلحة الدمار الشامل في العراق، والتي اتضح عدم وجودها باعتراف خبراء التفتيش الأمميين قبل الحرب، وكذلك اعتراف دولتي التحالف بعد الحرب بتلفيق المعلومات الاستخبارية حول وجود هذه الأسلحة، إذاً لماذا شنت الحرب؟ وهل هناك أسباب أخرى خفية أو ظاهرة؟

 

الأسئلة كثيرة ولا بد من طرحها، وقد نجيب عن بعضها، وأخرى تحمل إجابتها في قلبها، وليس في قلب الشاعر كما يقال .

 

الظاهر من الأسباب اثنان . أولهما: القضاء على نظام صدام حسين وأسلحة التدمير الشامل “المفترضة”، وثانيهما إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان .

 

* أولاً: “وبما أن العراق لم يكن يمتلك أسلحة الدمار الشامل على حد علمهم الأكيد”، إذاً ماذا فعل صدام بحق الغرب ليعاقب هو والعراق حضارة وشعباً بهذه الطريقة المهينة للروح البشرية والحضارة الإنسانية؟ صدام، على حد علمنا ومتابعتنا كان حليفاً للولايات المتحدة والغرب بشكل عام، ولم يرتكب جرماً في حقهم، بل ارتكب نظامه الديكتاتوري منذ بداية حكمه نهاية السبعينات، جرائم ضد شعبه، ولم يفرق بين كردي وشيعي أو سني أو مسيحي، وكذلك ارتكب جرائم ضد جيرانه، وخاصة الكويت التي ادعى أنه يعاني من مشكلة معها، فجاء الرد الأمريكي غامضاً أو مورطاً فارتكب حماقته باحتلال الكويت، ومع أنه أجبر على الخروج من الكويت إلا أنه في لحظة يأس ورغبة في كسب الجماهير العربية سهلة التضليل والمتعلقة بقضية فلسطين، أطلق بضعة صواريخ على “إسرائيل” أحدثت دماراً جزئياً (ولحسن حظ الفلسطينيين لم تسقط على رؤوسهم فتضاعف من مآسيهم ومعاناتهم من القهر “الإسرائيلي”)، وكان قد سبق احتلال الكويت بتصريحات “عنترية” بأنه سيحرق نصف “إسرائيل” بالمزدوج، فإذا كان الانتقام من صدام على فعلته هو الهدف، فقد أسقط نظامه وقتل أبناؤه ومن ثم اعتقل شخصياً ووضع حذاء الجندي الأمريكي على خده الأيمن والأيسر انتهاءً بسجنه ومحاكمته الشكلية السريعة وإعدامه يوم عيد الأضحى المبارك وبالتآمر مع عدة أطراف . أي إذلال وانتقام أكثر تعبيراً من ذلك المشهد؟ أليس ذلك كافياً للثأر من صدام ونظامه؟ الواضح أنه لم يكن كافياً أو أن الهدف لم يكن الثأر الشخصي فقط، فهذا ينهي افتراضياً مسألة الثأر، مع ذلك استمرت الانتهاكات والعنف من كافة القوى المتدخلة في شؤون العراق واستمر معها القتل العشوائي المهين سواء المباشر، أو من خلال التفجيرات شبه اليومية التي حصدت ولا تزال الكثير من أرواح الأبرياء .

 

* ثانياً: في ما يخص إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان فلا شك أن ما يحدث من استباحة مستمرة منذ العام 2003 لحضارة العراق وشعبه يؤكد ضرورة الترحم على صدام حسين ونظامه مقارنة بما حدث وبمن جاء بعده، إن كانت تجوز عليهما ولهما الرحمة، ونحن وبقدر إدانتنا لجرائم نظام صدام إلا أن ما يحدث الآن يشكل انتهاكات خطيرة غير مسبوقة لحقوق العراق إنساناً وحضارةً ووطناً، أما الديمقراطية فهي بعيدة المنال بعدما أقحم العراق في نفق الطائفية السياسية، وهذه ستكون أشد خطراً على مستقبل العراق من دمار الحروب، فالطائفية هي مشروع حرب دائمة قد تؤدي إلى تفتيت العراق رسمياً بعد أن تم تفتيته واقعياً، وهل هذا ثمن معقول لهكذا “ديمقراطية”؟

 

إذاً لماذا شُنت هذه الحرب؟ ولماذا هي مستمرة؟ هل هي سياسة ما يسمى الفوضى الخلاقة أو البناءة؟ وكيف تكون الفوضى بناءة أو خلاقة؟ ولو عكسنا تركيب هذا الإصطلاح لحصلنا على نتيجة صحيحة وواقعية بأن نقول إنها سياسة خلق الفوضى أو بناء الفوضى أو صناعة الفوضى، وواقع العراق الآن هو كذلك في حالة فوضى مدمرة .

 

بذلك نستطيع استخلاص نتيجة منطقية مفادها أن الحرب أرادت تدمير العراق واستباحة شعبه وحضارته، وبالتالي تجزئته وخلق فتن طائفية قد تقضي على ما تبقى من هذا البلد العظيم . النتيجة واضحة، ولكن لماذا هذه العدوانية وهذا العنف غير المبرر؟ ولماذا يتم استفزار العنف وما هو الهدف من ذلك؟

 

وهل هي ردة فعل على أحداث 11 سبتمبر المشؤومة، التي ندينها وندين من خطط ونفذ ارتكابها؟ وهل هي النظرية المشؤومة التي فجرت تلك الأكذوبة السخيفة لحتمية صراع الحضارات، بدلاً من التفاعل الإيجابي بين الحضارات؟ وبما أن العراق لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بأحداث 11 سبتمبر وباعتراف الغرب ومن خلال توجيه التهمة إلى الإرهاب القابع في أفغانستان، وكما أكد الجنرال بترايوس مؤخراً بأن الحرب على أفغانستان ذات أهمية للأفغان والمنطقة والعالم، وأن قندهار هي مركز التخطيط والتنفيذ لعملية 11 سبتمبر . (مسكينة أفغانستان فذلك سيزيد بؤسها بؤساً) .

 

إذاً، لماذا العراق؟ وهل هو التعطش إلى مصادر الطاقة؟ قد يكون ذلك أحد الأهداف، ولكن النفط لم يكن بعيداً عن سيطرتهم، وكذلك لا يوجد رابط بين التعطش للنفط والسعي إلى التدمير والقتل الوحشي، أم هي نقمة النفط وليس نعمته .

 

أسئلة أخرى لا بد من استعراضها للاقتراب من الحقيقة أكثر .

 

ماذا كان دور “إسرائيل”؟ وهل كانت هذه الحرب ثأراً من صواريخ صدام إبان حرب تحرير الكويت؟ وهل تندرج هذهِ الحرب ضمن الاستراتيجية الصهيونية (القديمة الثابتة والمتجددة) الهادفة إلى ضرورة تفتيت المنطقة العربية، وإثارة النزاعات الطائفية والعرقية والقبلية وإشغال المنطقة بهذه النزاعات إلى أن تنهار وحدتها وتتفكك، بحيث تصبح “إسرائيل” الدولة الأقوى في “منطقة الشرق الأوسط”؟ إذاً، العراق هي البداية، فأين ستكون النهاية؟

 

ومن أجل أن نختم نرى ضرورة طرح هذه الأسئلة الأخيرة، هل ديكتاتورية صدام كانت أحد أسباب هذا الدمار؟ ربما، لأن الديمقراطية تحمي في أحيان كثيرة الجبهة الداخلية وتحرم المتدخلين من مبررات التدخل . إذاً، هل ديمقراطية نظام الحكم في العراق كان من الممكن أن تجنب العراق هذه الحرب؟ ربما . . لأن قرار الحرب والسلم لن يكون بيد شخص واحد، ثم هل قبول صدام وعائلته ترك العراق كان من الممكن تجنيب العراق كل هذا الدمار؟ وهل تآمرت الجامعة العربية وأطراف عربية أخرى معينة في إهمال مناقشة مبادرة الشيخ زايد (طيب الله ثراه) استضافة صدام في دولة الإمارات حرصاً على تجنيب العراق أهوال الحرب؟

 

أخيراً وليس آخراً وبما أن الإدارة الأمريكية قد تغيرت، فهل ينجح الرئيس باراك حسين أوباما في كبح جماح الساعين إلى الصدامات والحروب؟ لا شك أن هناك صعوبة كبيرة رغم ذكائه واختلافه عن سلفه، ولكننا نأمل له النجاح لأن الولايات المتحدة دولة عظمى تؤثر مباشرة في استقرار العالم أو زعزعته سواء بقوتها العظيمة أو ضعفها المربك، وهذه الحروب لن تزيدها إلا ضعفاً في ديمقراطيتها واقتصادها، وبالتالي في مكانتها العالمية، وقد يكون انتخاب الرئيس أوباما مؤشراً كبيراً ومهماً على تغيير تاريخي حدث في الرأي العام الأمريكي، نرجو أن ينعكس على السياسة الخارجية، ولا شك أن هناك مؤشرات خجولة للتغيير بدأت بالظهور من خلال خطاب الرئيس الأمريكي الموجه للعالم العربي والإسلامي من القاهرة، ونرجو أن يكون تسريب فيديو القنص للعراقيين الأبرياء مؤشراً آخر لاستراتيجية جديدة تسعى للبراءة من أخطاء وجرائم الإدارة السابقة . وهنا لا بد من كلمة أخيرة للعراقيين الذي دفعوا ثمناً باهظاً لهذه الحرب، ويبقى عليهم انتهاج العقلانية للحفاظ على وطنهم وحضارتهم ومستقبل هذا الوطن وأجياله الحاضرة والقادمة، ولا غرابة في ذلك، فهم بكافة أطيافهم أحفاد صانعي تلك الحضارة العريقة، وقد يصدق قول الجواهري فيظل العراق “باق وأعمار الطغاة قصار” .

=====================

دبلوماسية أوباما الصامتة

جاكسون ديل

(محلل سياسي أميركي)

واشنطن بوست الاميركية

الرأي الاردنية

6-5-2010

تميزت سياسة أوباما الخارجية حتى الآن بمحاولات «انخراط» أو احتواء لخصوم أو منافسي الولايات المتحدة مثل إيران أو روسيا، وهي محاولات جاءت بنتائج متفاوتة. غير أن اتجاه تركيز الرئيس بدأ الآن يتغير بكل وضوح؛ ويمكن القول إن سجل أوباما في الخارج، خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة، سينجح أو يفشل حسب قدرته على التعامل مع حليفين اثنين للولايات المتحدة هما: كرزاي ونتنياهو.

ذلك أن كرزاي أصبح يمثل أكبر مشكلة تعترض استراتيجية زيادة عديد القوات التي اتبعها أوباما في أفغانستان، وهي مشكلة يمكن تلخيصها في أنه: «لا يمكن الفوز معه، ولا يمكن الفوز من دونه». هذا بينما يحمل نتنياهو مفتاح ما إن كانت إسرائيل ستصبح مستعدة لقبول دولة فلسطينية في غضون سنتين وفق الإطار الزمني الذي أقره أوباما.

وهذان الرجلان كلاهما صعب المراس وغامض بعض الشيء. وكلاهما يعرف بلده، كما أن مشواريهما يتوقفان على دعم الولايات المتحدة، ولكن كلاً منهما يقاوم في الوقت نفسه عناصر أساسية في سياسات أوباما. وبالتالي، فإن التعاطي الفعال معهما يتطلب دبلوماسية ماهرة وحاذقة من جانب الرئيس الأميركي، ومن جانب أولئك الذين ينفذون سياساته. ولكن أوباما لم يفعل ذلك، بل إن معاملته للزعيمين الأفغاني والإسرائيلي خلال أسبوع واحد أواخر شهر مارس -فوراً بعد الانتصار الذي حققه بخصوص إصلاح الرعاية الصحية- شكل نقطة متدنية في أدائه كرئيس.

أولا، اغتنم أوباما إعلاناً إسرائيليّاً في غير محله حول بناء مساكن في القدس الشرقية من أجل إعادة فتح معركة غير مضمونة النتائج مع نتنياهو. وخلال اجتماع كارثي في 23 مارس بالبيت الأبيض، طالب أوباما إسرائيل -عبثاً- بأن توقف كل أنشطة البناء في القدس؛ وفي لحظة من اللحظات ترك نتنياهو والوفدَ المرافق له يغليان في قاعة روزفلت بينما صعد هو إلى إقامته في الطابق الثاني من أجل العشاء.

وبعد خمسة أيام على ذلك، سافر أوباما إلى كابول من أجل تجرع مرارة اجتماع فاتر آخر، مع كرزاي هذه المرة. وفي إيجاز قدمه للصحافيين في الطائرة، أوضح مستشار الأمن القومي جيمس جونز أن أوباما مستاء بسبب عدم إحراز كرزاي لأي تقدم منذ بداية ولايته الجديدة كرئيس في الخريف الماضي. وحتى لا يكون ثمة أي شك بخصوص ما قاله جونز، عبَّر أوباما عن ذلك الاستياء شخصيّاً في حوار تلفزيوني بعد يوم واحد على عودته إلى الولايات المتحدة.

فهل الشعور بالرضا عن النفس الناتج عن النجاح في تمرير إصلاح نظام الرعاية الصحية هو الذي جلب تفتق الإمبريالية الرئاسية هذا؟ كائناً ما يكون السبب، فالأكيد هو أن النتائج كارثية، على كل حال. فقد عاد نتنياهو إلى إسرائيل حيث أعلن في ما يشبه التحدي، بعد حوالي أسبوعين من الانعزال والاستياء، أن بناء المستوطنات في القدس سيستمر. ومن جهته، وجه كرزاي دعوة لنجاد من أجل زيارة كابول، ثم ألقى خطاباً عنيفاً ضد التدخل الغربي ختمه بالتهديد بالانضمام إلى صفوف «طالبان».

غير أن إدارة أوباما أمضت الشهر الماضي في تنظيف آثار هذه الفوضى؛ فقد غير سيد البيت الأبيض بشكل مفاجئ مقاربته، فأرسل برقية إلى كرزاي مطلع شهر أبريل يشكره فيها على أجواء زيارة كابول، مؤكداً دعوته إياه لزيارة واشنطن في شهر مايو -وهي زيارة كان البيت الأبيض قد ألمح قبل بضعة أيام فقط إلى إمكانية إلغائها. وفي غضون ذلك، أغدق الرئيس وقطاع كبير من إدارته مشاعر المجاملة والود على إسرائيل -وإن لم يكن ذلك على نتنياهو تحديداً- من خلال التعبير عن التزامهم تجاه العلاقة بين البلدين، في خطاب تلو خطاب، أمام منظمات مؤيدة لإسرائيل.

والنتيجة هي أنه بات لدى الإدارة الآن مخطط مفصل للعمل مع كرزاي خلال الأشهر المقبلة؛ هذا بينما من الممكن أن تبدأ أخيراً، هذا الأسبوع، مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، التي تأخرت لشهرين بسبب الإعلان عن بناء وحدات استيطانية في القدس. وبذلك تكون الدبلوماسية الصامتة للمبعوثين الخاصين للإدارة في الشرق الأوسط وأفغانستان، ميتشل وهولبروك، قد حققت ما لم تحققه المحاضرات الرئاسية.

بيد أن المشاكل الجوهرية لم تتغير؛ ذلك أن كرزاي ما زال غير مستعد لمحاربة الفساد في حكومته أو حشد الدعم للحملات العسكرية التي تخوضها القوات الأميركية ضد «طالبان». هذا في حين أن نتنياهو ما زال متعلقاً بائتلاف يميني متطرف لن يسمح له بتقديم تنازلات مهمة في مفاوضات السلام، حتى إن كان يرغب هو في ذلك. وتأسيساً على ما تقدم، يتعين على أوباما أن يجد طريقة لإقناع كل واحد منهما بتغيير المسار الذي يسير فيه حاليّاً. أما التنمُّر العلني، الخِطابي، فلن يجدي نفعاً. كما أن الضمانات بالدعم الأميركي وإرسال المبعوثين الخاصين لن تحقق الكثير. والحقيقة أن ما ينقص هو العلاقة الشخصية والثقة، ونسج وشائج بين الزعماء تستطيع إقناع أي حليف للولايات المتحدة بالمجازفة وركوب الخطر. وبعبارة أخرى، إن المطلوب هو «انخراط» رئاسي. ثم، للتذكير فقط، أليس ذلك هو ما وعد به أوباما أصلاً؟

=====================

خلايا إيران اليقظة

د. عبد الحميد مسلم المجالي

Almajali.abdalhameed@yahoo.com

الرأي الاردنية

6-5-2010

تنشغل الكويت ودول الخليج هذه الايام، بالكشف عن خلية للحرس الثوري الايراني كانت «نائمة « في الكويت، وتقوم بما تقوم به عادة، الخلايا الاستخبارية من جمع للمعلومات والخرائط عن المواقع العسكرية والاستراتيجية، وربما تكون ايضا مدربة على القيام باعمال اخرى اذا صدرت لها الاوامر بذلك.

 

ومن الطبيعي ان تنفي ايران علاقتها بهذه الخلية، وان تشدد على ان الاعلان عنها، ياتي في اطار مخطط لتشويه سمعة الجمهورية الايرانية، تقوده الولايات المتحدة واسرائيل، وقد يجد مثل هذا التبرير اذنا صاغية لدى بعض العرب، الذين يقفون مع ايران، على اعتبار انها الدولة الوحيدة المرشحة لازالة اسرائيل عن الخارطة. وبالتالي فان اي معارضة لانشطتها في العراق والخليج ودول عربية اخرى، تشكل عمالة للغرب واسرائيل. !

 

غير الطبيعي في المسألة، ان يكون الامر مفاجئا لمن يعنيهم الامر، فالخليج الذي تصر ايران على تسميته بالفارسي، وترفض اقتراحا بتسميته بالخليج الاسلامي، كان ولا يزال بيئة خصبة للامتداد الاستخباري الايراني منذ عهد الشاه، وتضاعف هذا الامتداد منذ قيام الثورة، في اطار السعي لتصديرها، ولايزال هذا الهدف قائما اذ يتداخل هذه الايام مع التحضير لاي نزاع عسكري في المنطقة، حول ازمة الملف النووي.

 

المسؤولون الايرانيون يعترفون تلميحا بتواجدهم الاستخباري في دول الخليج، كما ان ما كشف عنه دبلوماسيون ايرانيون منشقون خلال السنوات الاخيرة، يشير الى خلايا ايرانية قد يصل تعداد عناصرها الى اربعين الفا، بعضها يقوم بمهام استخبارية، والاخر حصل على تدريبات عسكرية يقوم بها عادة الحرس الثوري الايراني، وهي بانتظار ساعة الصفر. وتقول هذه المعلومات ان اعدادا كبيرة من الذين يتم تنظيمهم، يتم استقبالهم في ايران باوراق خاصة تصدرها السفارات الايرانية، بحيث لايتم ختم جوازات سفرهم، و يجري تدريبهم بمعسكرات للحرس الثوري، الذي يمتلك ايضا موانئ خاصة على الخليج، لتهريب السلاح الى هذه العناصر، مثل ما جرى مع مجموعات الحوثيين في اليمن. والعناصر المنظمة لاتقتصر على افراد ينتمون الى المذهب الشيعي فقط، بل عناصر من المجموعات السنية المتطرفة التي يجري اقناعها بضرورة محاربة الانظمة الحاكمة.

 

وتوفر الاعداد الكبيرة من الايرانيين او من اصول فارسية في الخليج تسهيلات كبيرة للحرس الثوري بالعمل دون عناء، مما يعطي ايران تفوقا على الدول الاخرى في الجهد الاستخباري في هذه المنطقة.

 

ويجرى عادة تسمية الخلايا الاستخبارية بانها خلايا نائمة، لكن هذه الخلايا في الحقيقة ليست نائمة، بل خلايا يقظة ونشطة، تنتظم في مجموعات معقدة، وتقوم بجمع المعلومات حول المنشآت والاشخاص، وتحلل وتتوقع، ويجري اعادة تاهيلها بين الفينة والاخرى، في حين يتم التغطية على نشاطاتها باعمال مشروعة، وخاصة في مجال قطاع الاعمال.

 

لانزعم ان ايران وحدها من يمارس مثل هذه الانشطة في الخليج، او في اي مكان اخر، فالخليج منطقة حيوية وحساسة، وهي هدف للكثير من الدول الناشطة للحفاظ على مصالحها، واذا كانت اسرائيل قد ارسلت عناصرها من الخارج الى دبي لاغتيال المبحوح، فان ايران لن تكون مضطرة الى هذا الجهد، فلديها في الخليج من العناصر ما يكفيها للقيام بعمل ما.

 

الدول العربية الخليجية، تمارس سياسة ضبط النفس في العلاقة مع ايران، ولا تريد لهذه العلاقة ان تصل الى مستوى النزاع، ومن هنا كان التحفظ الرسمي الكويتي في الاعلان عن خلية الحرس الثوري، وهذه السياسة تجد قبولا عربيا ودوليا وخاصة في منطقة سيكون النزاع فيها مدمرا، رغم الاندفاع الايراني الذي يتصاعد كل يوم، وسيبقى كذلك، الى ان يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، في سجال طهران مع واشنطن.

=====================

الهنود الحمر في غزة والضفة

عميرة هاس

هآرتس 5/5/2010

5/6/2010

القدس العربي

يجتذب بنيامين نتنياهو اليه، وبغير حق، النار لسياسة تنساق قدما بلا تدخل منه أيضا. يحسن أن يعلم المفكرون اليهود، الذين رأوا فجأة الظلام وذعروا، أنه بغير بناء بيت يهودي آخر واحد في المناطق المحتلة (وفيها شرقي القدس)، ما يزال جهاز سيطرة ضخم يعمل فيها بمنطق داخلي منذ سنين عديدة. يتحرك من تلقاء ذاته مثل طائرة ضخمة بلا طيار.

يأتي رؤساء الحكومة ويذهبون، ويقطع التفاوض ويجدد، وتصاغ الائتلافات وهذا الجهاز سادر في غيه. يحفظ وينمي الحقوق المفرطة لليهود في الارض الكاملة. ويثبت حدود محميات الهنود الحمر. اذا شاء ربطها واذا شاء قطعها. وعلى حسب هواه يجعل البطالة إما 52 في المئة وإما 19 في المئة، ويتحكم بالكثافة السكانية في القرى والمدن، وبقطر أنابيب الماء، والانتظار المطلوب للحصول على علاج طبي ينقذ أرواحنا. اذا شاء أصحاب البلاد، فليأخذوا وليتجمعوا في المحميات، واذا لم يشاؤوا فليغادروا.

اليكم أمر هدم مبنى علق في السادس والعشرين من نيسان ( ابريل) 2010 في بلدة أم الخير جنوبي جبل الخليل. وقعت على الأمر العادي اللجنة الثانوية لرقابة مجلس التخطيط الأعلى في الادارة المدنية. نعلم بحسب الأمر أنه قد علقه 'كارلو'، بحضور 'ضابط عمليات من الادارة المدنية في الخليل'. نخمن أن جنوده صحبوهم. ونعلم أن مراقبين ذوي نظر حديديّ حددوا موقع المبنى المخالف للقانون.

نشك في أن يكون رئيس الادارة المدنية، يوآف مردخاي، يعلم ان خط الانتاج الذي يقع تحت مسؤوليته قد أصدر في المدة الاخيرة هذا الامر لهدم 'مبنى خدمات اسمنتي بمساحة نحو من ثلاثة امتار مربعة'. من المحقق ان نتنياهو لا علم له. لكن الأمر يشتمل على فلسفة اسرائيلية قديمة، تحظر على فلسطينيين بناء مراحيض، وحفر آبار لجمع ماء الامطار أو الارتباط بالكهرباء، في أكثر من نصف الأراضي المحتلة.

يشخص الجنود هذه الفلسفة ويعودون معها الى بيوتهم في اسرائيل. وفي هذه الاثناء، يشوش حظر الارتباط بالكهرباء في الضفة على قدرة الاولاد الفلسطينيين على الدراسة. وهكذا تقر اسرائيل حقيقة أخرى على الارض. ليس وقت البناء في المستوطنات ولا محادثات التقارب التي تجدد اليوم ستمنع التشويش على دراسة الاولاد الذي يقوم به الجهاز الاسرائيلي على نحو دائم.

ليس هو في الحقيقة جهازا بل مصنعا ضخما. وليس خط انتاج واحدا بل كثيرا. يقف المخططون من وراء أحدها. أيّ مهندسي عمارة عباقرة، من أفضل ما أخرجت المعاهد في اسرائيل، أبدعوا متاهات مثل شبكة الشوارع المزدوجة والمنفصلة للفلسطينيين والاسرائيليين (وبخاصة اليهود)، او مثل جدار/ سور الفصل، الذي يفصل أحياء مزدحمة عن أراضيها الخالية وعن ماضيها ومستقبلها؟

إن الجدار أشد قبحا وصلابة من هولي لاند. ومتاهات الفصل تنشىء معارضيها. آنذاك يستعمل الجهاز خط انتاج آخر هو الجهاز القضائي العسكري. يجند خريجو معاهد اسرائيلية للحقوق، في الخدمة الاحتياطية او الدائمة كي يبينوا لابناء البلاد ان المقاومة غير ذات جدوى، ويرسلونهم الى السجن ويجبون منهم غرامات باهظة. بعد ذلك يصدرون فلسفة القمع الى المحاكم المدنية وقاعات الدراسة في تل أبيب.

يقف من وراء خطوط الانتاج مندوبون عن جميع شعب اسرائيل، من عشرات آلاف المواطنين والجنود. لكل واحد مصلحة شخصية في بقاء الجهاز، حتى لو غلفت المصلحة بورق فضي وطني أو أمني. ليس نتنياهو هو المسؤول الوحيد. لا يستطيع وحده اطفاء الطائرة الضخمة بلا طيار. كثيرون جدا الناس في اسرائيل الذين ينبغي إرغامهم على محو برامج جهاز السيطرة والهدم، قبل أن يثور بمبدعيه ومستعمليه والرابحين منه أي نحن جميعا.

=====================

نجاح المفاوضات في استئنافها فقط

رأي القدس

5/6/2010

القدس العربي

وصف السناتور جورج ميتشل مبعوث السلام الامريكي لقاءه الذي عقده يوم امس مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بانه مثمر وجيد. بينما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه سيجتمع مع القيادة الفلسطينية يوم السبت للحصول على الضوء الأخضر لاستئناف المفاوضات غير المباشرة.

من الصعب علينا تفهم سر تفاؤل السناتور ميتشل، فربما سمع من نتنياهو كلاماً جديداً بشأن الاستيطان يشجعه على اقناع الطرف الفلسطيني، المقتنع اساساً، بالعودة الى هذه المفاوضات بسرعة.

لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي اجتمعت في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية قبل أربعة أيام، حددت سقفاً زمنياً مدته أربعة أشهر لإنهاء جولات المفاوضات غير المباشرة هذه، ولكن لا نعتقد انها سترفض طلباً امريكياً بتمديدها أربعة أشهر أخرى أو أكثر، فهذه اللجنة تتلقى تعليماتها من السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية وليس من قيادتها العربية.

نطرح مسألة التمديد هذه بشكل مبكر لمعرفتنا بآلية صنع القرار العربي، والاملاءات الامريكية، فيما يتعلق بعملية السلام. فالحكومات العربية تطلق التصريحات القوية، فيما يتعلق بمواقفها هذه تجاه التعنت الاسرائيلي الاستيطاني على سبيل المثال، وتتشدد في دعمها للموقف الفلسطيني الرافض لاستئناف المفاوضات دون تعهد صريح بتجميد الاستيطان، ولكن بعد مضي بعض الوقت يتلاشى هذا التشدد، ويتحول الى اذعان كامل للمطالب والشروط الامريكية والاسرائيلية.

القضايا المطروحة على مائدة البحث في المفاوضات غير المباشرة هي نفسها التي تم طرحها اثناء المفاوضات الماراثونية المباشرة التي انطلقت منذ توقيع اتفاقات اوسلو قبل 17 عاما، اي المستوطنات والحدود النهائية للدولة الفلسطينية المنتظرة وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومن المستبعد كليا ان يتم التوصل الى اتفاقات حول هذه القضايا المعقدة في اربعة اشهر فقط.

نتنياهو يذهب الى المفاوضات غير المباشرة لتجنب الصدام مع الادارة الامريكية الحالية، ولكسب المزيد من الوقت للاعداد، بشكل جيد، وبعيدا عن الضغوط الامريكية، للحرب المقبلة ضد سورية وايران وحزب الله وحماس.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتراجع عن كل مواقفه السابقة المتشددة ويعود الى مائدة المفاوضات، لانه يدرك جيدا ان رفضه لهذه العودة الى المفاوضات يعني نهايته وسلطته، ولذلك يريد كسب الوقت ليس للاعداد لحرب او اشعال فتيل انتفاضة، وانما للبقاء على رأس السلطة لأطول فترة ممكنة، والاستمرار في دفع رواتب موظفيها الذين يزيد عددهم عن مئة الف موظف.

ادارة الرئيس اوباما تريد رعاية هذه المفاوضات غير المباشرة لانها لا تريد استمرار الوضع الحالي، اي جمود كامل على صعيد العملية السلمية، في الوقت الذي تصعد تهديداتها ضد سورية وايران وحزب الله وحماس، لان هذا الجمود يحرج حلفاءها المعتدلين العرب، ويخلق حالة من الفراغ، يمكن ان تسارع تنظيمات اسلامية متشددة لملئها، وحماس على وجه التحديد.

ما نريد استنتاجه من تحليل مواقف الاطراف الثلاثة المشاركة في العملية التفاوضية غير المباشرة، هو ان كل طرف له اهداف، ليس من بينها، او على رأسها، هدف نجاح هذه المفاوضات، وتحقيق تقدم فيها على صعيد القضايا الجوهرية. فما يمكن ان يتمخض عنها مجرد 'اتفاقات' تخدير سطحية هامشية، مثل ازالة بعض الحواجز واعادة سيطرة 'وهمية' على بعض المدن الفلسطينية باعادتها الى قوات امن السلطة التي تنسق بالكامل مع نظيرتها الاسرائيلية.

=====================

العرب وإيران .. هل من سبيل لجوار حسن؟

سمير حباشنة

sfh15@live.com

الدستور

 6-5-2010

نحن والايرانيون ، بيننا الجغرافية والتاريخ والعقيدة ، محطات طويلة من الاتفاق والاختلاف ، من اللقاء والتناحر. الا ان الذي يجمعنا اكبر ، لكنه مكتوب بخطوط فاهية ، تحتاج الى تظهير.

 

1

ماذا لو اتفقنا معا بان معركة القادسية لم تكن انتصارا للعرب وهزيمة للفرس ، وبالمقابل قلنا معا بانها انتصار للحق وللاسلام وهزيمة للباطل وللوثنية؟ الا ينهي هذا المفهوم عقدة القادسية وما يترتب عليها من عنصرة قومية لا تسمن ولا تغني من جوع؟.

 

2

ماذا لو اوقفنا نزاع التسميات فتوقفنا عن القول بانه خليج عربي ، وتوقف الايرانيون عن القول بانه خليج فارسي ، وقلنا معا بانه خليج اسلامي. اوليس الاسلام الحنيف عقيدة توحيد وليس عقيدة خلاف؟.

 

3

ان اهل السنّة كتسمية انما هي دلالة على الالتزام برسالة محمد "عليه السلام" قرآناً وسنة شريفة ، وان الشيعة كتسمية انما تعني الالتفاف حول رسولنا العظيم وآل بيته الاطهار والاقتداء بهم ، وان السنة والشيعة طرائق اسلامية للتقرب الى الله سبحانه وتعالى ، والتشبث بنبيه العربي الامين محمد "صلى الله عليه وسلم". الا ينهي هذا الفهم العام ذلك التناحر الذي لا طائل منه ، وهو الوتر الذي يلعب عليه اعداء العرب واعداء الايرانيين منذ فجر تاريخنا الاسلامي وحتى اليوم. هل يمكن للفرق الاسلامية ان تتحول الى تنوع ايجابي يعطي الاسلام قوة ومنعة ، كبديل لحالة الاختلاف القائمة التي تضعف الاسلام والمسلمين؟.

 

4

وفي ذات السياق ، هل يمكن لايران ان تتقدم ببادرة حسن نية نحو العرب فتذهب الى التحكيم مع دولة الامارات العربية حول مستقبل الجزر الثلاث؟. فلا تعود المقارنة جائزة بين احتلال اسرائيلي وبين احتلال ايراني.

 

5

وفي ذات السياق ايضا ، هل يمكن لايران ان تتوقف عن العبث بالمعادلة العراقية الراهنة ، وان تساعد القوى العراقية على الالتئام والتوافق ، لتحقيق الاستقرار والامن للحفاظ على وحدة العراق الديمغرافية والجغرافية؟ ، باعتبارها المقدمات اللازمة لجلاء الاحتلال عن ارض العراق الذي هو مصلحة للعراق وايران معا؟ وهل يمكن لايران والعرب ان ينسوا آلام الحرب العراقية الايرانية ، ويقلبوا الصفحة نحو قواسم جمع لتعاون بناء يخدم الامتين ويفتح المجال لآفاق التقدم والتكامل؟.

وبعد: يمكن للانسان ان يغير جاره ، ولكن لا يمكن للامة ان تغير جيرانها. فمعادلة الجوار بين الامم محكومة بالجغرافيا والتاريخ ، وان الامم الحية هي التي تخضع تلك العوامل الموضوعية لمصالحها.

لنرَ اوروبا التي تجاوزت نهر الدم الذي سال ابان الحرب العالمية الثانية ، وها هي اليوم ترسم وحدة كبرى لمصلحة كل الامم الاوروبية المتصالحة اليوم ، والمتناحرة في الامس القريب.

=====================

الإعلام العربي في مواجهة المكارثية الأمريكية

آخر تحديث:الخميس ,06/05/2010

الخليج

إميل أمين

إلى متى تبقى الولايات المتحدة مصابة بداء “تكافؤ الأضداد في الروح الأمريكية الواحدة”؟ والمصطلح محل النقاش يعني أن واشنطن كثيراً ما كانت تمضي في الطريق وعكسه في ذات الوقت والشواهد كثيرة بدءاً من العداء الديني البيوريتاني المسيحي لليهود، ومع ذلك دعمهم لاقامة دولتهم المستقلة، وتالياً مساندة “إسرائيل” بإطلاق غير مسبوق جر عليهم وبالاً شديداً، وصولاً إلى التشدق بالحريات وبخاصة حرية الاعلام حول العالم وضمان حرية الرأي والتعبير سعيها في طريق مكارثيتها الفضائية الأخيرة تجاه بعض من وسائل الاعلام العربية .

 

لا ينفك الرئيس الامريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون التشدق بحتمية “ضمان حرية التعبير ورفع القيود المفروضة على حرية الصحافة بل والانترنت”، وفي آن معاً يمضي مجلس النواب الامريكي بأغلبية ساحقة في طريق مشروع قانون يلوح بتطبيق العقوبات التي تطبق على المنظمات الإرهابية كما ترتئيها واشنطن على عدد من القنوات الفضائية العربية المتهمة بالتحريض على معاداة الولايات المتحدة الامريكية بحجة انها تشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي .

 

هل من بعد ذلك تضاد؟ وهل نحن بصدد مكارثية اعلامية جديدة؟

 

يطلق غور فيدال الكاتب والباحث الأمريكي الشهير على أمريكا اسم “الولايات المتحدة فاقدة الذاكرةUnited states of amnesia “ عوضاً عن الولايات المتحدة الامريكية، ومرد ذلك انها تنسى كثيراً، وتتناسى دائماً محطات في تاريخها كانت تشبه فيها ما تسعى لفرض عقوبات عليه اليوم .

 

في اثناء الخمسينات والستينات من القرن العشرين عرف رجال الكونجرس كيف يستخدمون بنجاح أجهزة التلفزة من أجل تعبئة الدعم القومي لقضاياهم وطروحاتهم الخاصة، وقد استطاع جوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ عن ولاية “ويسكونسن” أن يجعل من نفسه شخصية قومية قوية من خلال تحقيقاته التي خطط لها اعلامياً بشكل جيد، والتي تدور حول اختراق شيوعي مزعوم للمؤسسات الأمريكية الرئيسية، ورغم أن تلك الحملة وزعت الاتهامات يميناً ويساراً، وطالت رموز الأدب والفن والسينما في البلاد فان أحداً لم يحجر على حرية محطات التلفزيون الأمريكية، ومنها تيارات ليبرالية هاجمت مكارثي فيما استمر الفرع التنفيذي في الحكومة الأمريكية في استحداث الجزء الأكبر من التغطية الاخبارية كما كانت وسائل الاعلام تشكل حجر الزاوية بالنسبة للسلطة الرئاسية .

 

في المؤلف الأمريكي الشهير “الحكومة الامريكية . . الحرية والسلطة” ل”ثيودور لووي وبنيامين جينسبرج” إشارة إلى أنه في المراحل الأولى من التدخل الأمريكي في فيتنام قام المسؤولون الأمريكيون هناك، والذين رفضوا الطريقة التي تدار بها هذه الحرب، بتسريب معلومات للمراسلين تنتقد السياسة الحكومية، وقد أثار نشر هذه المعلومات غضب البيت الأبيض الذي ضغط على الناشرين ليمنعوا نشرها، لكن وسائل الاعلام الأمريكية المقروءة والمسموعة والمرئية اتفقت على أن هناك جمهوراً يتطلع للتغطية الانتقادية بين شرائح الجمهور المتشكك في سياسة الحكومة ومضت في نقدها لحكومات كيندي وجونسون ونيكسون ولم تشرع قوانين لمعاقبتها .

 

على أن علامة استفهام طرحتها نتيجة التصويت الذي جرى في مجلس النواب الأمريكي في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي حيث وافق 395 من أعضائه على مشروع قانون يطلب من الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يقدم للكونجرس كل ستة أشهر تقريراً عن مؤشرات معاداة الولايات المتحدة والتحريض على معاداة أمريكا وممارسة العنف ضد الأمريكيين في منطقة الشرق الاوسط، وما وراء العلامة سؤال: هل انتكست واشنطن ثانية على اعقابها وتجلت فكرة التضاد في روحها من جديد بعد رفضها لفكرة وجود الاعلام المناوئ أو المعادي؟

 

يلقي الماضي دوماً بظلاله على الحاضر أو هكذا ينبغي أن يكون في كافة حالات القياس السوية، لكن في الحالة الأمريكية لا تستقيم القياسات، ونظرة للتاريخ الأمريكي القريب توضح معنى ما نقول به . . . كيف ذلك؟

 

في الوقت الذي استمر فيه صراع فيتنام، اججت التغطية الاعلامية الانتقادية المشاعر المعادية للحرب، علاوة على ذلك فان المعارضة المتزايدة للحرب من قبل الليبراليين شجعت بعض أعضاء الكونجرس وعلى وجه خاص عضو مجلس الشيوخ “جي وليام فولبرايت” رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، على الانشقاق على الرئيس، وبدروها أدت هذه التغيرات التي طرأت على مشاعر الشعب واعضاء الكونجرس على بعث الجرأة في الصحافيين والناشرين للاستمرار في تقديم التقارير الاخبارية الانتقادية، ومن خلال هذه العملية اختط الصحافيون لانفسهم التزاماً بالصحافة المعادية داخل أمريكا ولا يزال الوضع قائماً حتى الساعة، لكن الازدواجية الأمريكية المعهودة هي الأصل في المشهد الكارثي الجديد بذريعة ووازع الحفاظ على الأمن القومي الامريكي .

 

من يقف وراء المكارثية الامريكية الجديدة؟

 

إذا كان السؤال المطروح في علم الجريمة: ابحث عن المستفيد لتحديد هوية الجاني، فإن القاعدة هنا صحيحية أيضاً في القياس، والبحث يظهر على ساحة الاحداث اسم كل من عضو الكونجرس الجمهوري “جوس بيليراكيس، والنائبة “ايلينا روس” وكلاهما مشهود له بدعم “إسرائيل” على نحو مطلق .

 

بل أكثر من ذلك، فإن الأوراق والابحاث التي قدمت لمجلس النواب لتحفيزه على الموافقة على مشروع القانون أعدت من قبل معهد ابحاث اعلام الشرق الاوسط المعروف اختصاراً باسم “ميمري” والذي يديره في واشنطن ضابط سابق في الموساد “الإسرائيلي” يدعى “ييجال كارمون” يجيد العربية بنفس القدر الذي يتقن فيه زرع بذرور الكراهية في نفوس أعضاء الكونجرس الأمريكي تجاه العرب والمسلمين من خلال النصوص والمقاطع الانتقائية والتي يختارها من وسائل الاعلام العربية بعيداً عن السياقات التاريخية وسير الاحداث .

 

هل ستتوقف المكارثية الاعلامية الجديدة عند حدود العرب؟

 

قطعا لو مرّ اقرار مثل ذلك القانون فلن يمضي وقت طويل حتى تعتبر الولايات المتحدة نفسها رقيباً دولياً على الاعلام في مناطق أخرى حول العالم، بحيث يمكنها التلويح بفرض عقوبات إذا لم يعجبها ما تبثه شبكات التلفزيون في دول بعينها، ثم يمكن فتح شهية الرقابة الأمريكية لتشمل بعد ذلك الصحف والمجلات بل والكتب .

 

ليس الاعلام أو الفضائيات العربية في حقيقة الأمر فقط في مواجهة المكارثية الاعلامية الجديدة إذاً، غير أن العرب بوصفهم الحلقة الحضارية الاضعف على الساحة الدولية اليوم، فلذلك هم البداية . . ومع ذلك ربما كان في الأمر فرصة ذهبية لأن يكونوا رأس حربة في اثارة حملة عالمية دولية ترفض أن تكون فضائيات العرب هي الثور الأبيض في مواجهة الغول الامريكي .

* كاتب مصري

=====================

الشراكة في العملية السياسية.. مطلقة أم مشروطة؟!

طارق الهاشمي

الشرق الاوسط

6-5-2010

منذ أن انطلقت العملية السياسية بعد التغيير بات معلوما للجميع أن قادة كتلة العراقية ورموزها ونخبها السياسية والاجتماعية التي تشكل قاعدة وطنية صلبة وعريضة وراسخة قد تعهدوا منذ عام 2003 بالمشاركة النزيهة والفاعلة في العملية السياسية الجارية، وتحمل مسؤولية هذه المشاركة في سبيل المحافظة على الاندماج الوطني وتحقيق مساهمة فاعلة من كل العراقيين في بناء الدولة وبلورة النموذج الديمقراطي الذي يليق بالشعب العراقي وتاريخه وحضارته.

ومن الثابت أن للعملية السياسية شروطها وأعرافها، وللممارسة الديمقراطية قواعد وآليات معروفة، منها ما هو تاريخي كرسته تجارب الأمم والشعوب، ومنها ما هو مستحدث تبنته التجربة العراقية ودونته في الدستور والوثائق القانونية والأدبيات السياسية وصار الالتزام بها جزءا من المسؤوليات السياسية والأخلاقية والوطنية التي يتحملها كل شريك في هذه العملية، لأن في ذلك مصلحة الشركاء جميعا ومصلحة العراقيين كافة.

واليوم، تتعرض العملية السياسية لتداعيات مقلقة تهدد الاستقرار وتقوض مفهوم الشراكة، على خلفية القرار الذي أصدرته الهيئة القضائية للانتخابات بشأن إلغاء نتائج 52 مرشحا شاركوا في الانتخابات تحت ذريعة شمولهم بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة. ولم تكتف الهيئة القضائية باستبعاد المرشحين، بل قضى قرارها بإلغاء جميع الأصوات التي حصلوا عليها، وعدم احتسابها لقوائمهم. إن شطب أصوات الناخبين هو عقوبة جماعية غير مبررة، فضلا عن عدم وجود أي مسوغ قانوني سليم له. إن هذا القرار هو مخالفة صريحة للدستور الذي نص في المادة 20 على أن «للمواطنين رجالا ونساء، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح»، فالتصويت حق للناخب، والصوت ملك للناخب قبل المرشح. وإذا كان استبعاد المرشح عقوبة، فالعقوبات في الدستور العراقي شخصية، ولا يمكن أن تتعدى إلى أشخاص آخرين، إذ نصت المادة (19)/ ثامنا «العقوبة شخصية».

ومن نافلة القول الإشارة إلى عدم وجود نص دستوري أو قانوني يجرم التصويت للمرشح الذي تنطبق عليه شروط الاستبعاد ليجيز بعدها إلغاء أصوات ناخبيه عقوبة لهم، فالمادة (19)/ ثانيا تنص على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة».

كما يشكل قرار إلغاء الأصوات خرقا واضحا لأحكام قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 وتعديلاته، فليس في شروط الناخب التي نص عليها القانون في الفصل الثاني منه والموسوم «حق الانتخاب» أي إشارة إلى المعايير الواجب توافرها في المرشح الذي يعطيه الناخب صوته، فشروط الناخب تتعلق بالجنسية والأهلية والعمر والتسجيل فقط. كما يتناقض القرار مع بنود أنظمة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي تنص على أن الأصوات التي أدلى بها الناخبون لمرشح مستبعد يجب أن تحتسب للقائمة التي ينتمي إليها، وهو ما ينسجم مع منطق القائمة المفتوحة التي تتيح للناخب التصويت للقائمة وللمرشح معا، فيكون الصوت للقائمة عند استبعاد المرشح.

وبهذا يتضح أن نتيجة هذه القرارات لا يمكن أن تكون سوى حرف الديمقراطية عن مسارها والإضرار بالعملية السياسية السلمية، لتصبح هذه العملية عنوانا بلا مضمون، وخيارا لا يغري العراقيين بالمشاركة المدنية بحثا عن الخلاص والتغيير والرخاء والازدهار. وعلى هذا الأساس تتأكد ضرورة دراسة (العراقية) للخيارات السياسية الهادفة إلى إيقاف التدهور ووضع حد للانحدار فيما لو تسنى لقرارات غير قانونية، كما أنها تفتقر للشرعية أن تمضي وتنفذ لتكون مآلاتها تحريف نتائج الانتخابات.

ومع هذا، فنحن باقون ضمن محيط العملية السياسية التي آلينا على أنفسنا المشاركة الفاعلة فيها كخيار سلمي ديمقراطي للبناء والتغيير، والتي تعيش اليوم انحرافا ملحوظا عن قيمها وأصولها التي تأسست عليها نتيجة الضغط بإخراجها عن مسارها الطبيعي إلى محيط بيئة جديدة غريبة، سمتها الفوضى وانهيار نموذج التعددية والقبول بالآخر، وتعرض القضاء لشبهات التسييس، ومن الواضح أن هذه ليست مواصفات العملية السياسية التي تحملنا مسؤولية الشراكة في تأسيسها ورعايتها منذ عام 2003، وبالتالي سنكون بالتأكيد غرباء عليها كما سيكون حال شركائنا الوطنيين.

أما مسألة الانسحاب من العملية السياسية، فليست «العراقية» اليوم من يدفع باتجاه التفكير في مراجعة جدوى العمل السياسي، وإنما الذي يفرغ البدائل السياسية من محتواها هو تلك العقلية التي لا تحسن إدارة الخلاف بالآليات الديمقراطية، ولم تستوعب ما أفرزته نتائج الانتخابات، وتعمل من أجل إبعاد «العراقية» عن تأدية ما يضعه استحقاقها الانتخابي والدستوري من مسؤوليات على عاتقها. وعليه فإن «العراقية» ستستمر في ممارسة مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية ككتلة فائزة في الانتخابات العامة من خلال مواصلة طرح مجموعة خيارات هدفها إصلاح الخلل وتصحيح الخطأ والعودة بالمشهد السياسي إلى جادة الصواب والمنطق والعدالة.

وفيما يتعلق بالكلام عن «تدويل الأزمة العراقية» فهو مجرد ترويج سياسي وإعلامي. فقد حاولنا وما زلنا نحاول حل المشكلات العالقة في إطار الخارطة السياسية العراقية بهدف تنقية الأجواء وتهيئة الظروف اللازمة لتسريع وتسهيل تشكيل الحكومة، وعلى هذا الأساس بادر قياديون في «العراقية» الاتصال بمختلف الكتل السياسية، ولم نستثن ائتلاف دولة القانون، ومع ذلك جاءت المكافأة مفاجئة باستبعاد مرشحينا ومعاقبة ناخبينا بشطب أصواتهم!

إن خيار طلب المساعدة العربية والدولية يبقى قائما ومشروعا، وسنذهب إليه متحصنين بالشرعية الوطنية إذا ما تواصلت مساعي تغيير نتائج الانتخابات بصورة غير مشروعة كما هو حاصل اليوم. ولكن هذا الخيار سيبقى خيار المضطر ليس إلا، وهو ليس بالضرورة الخيار الأفضل، فالحل الوطني سيبقى مقدما على الخيار الدولي.

أما القول بأن الدعوة لدور أممي في حل المشكلة يعد تدويلا لشؤون البلاد السيادية، وبالتالي انتقاصا من سيادة العراق فهو تصور غير دقيق يعوزه الفهم القانوني وبعد النظر السياسي، فهناك على سبيل المثال قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السادس (1770 و1830 و1883) التي تمنح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وبعثة مساعدة العراق (UNAMI) تفويضا لإسداء الدعم والمساعدة فيما يخص تطوير العملية السياسية وإجراء الانتخابات ومراجعة وتطبيق الدستور. والحكومة المنتهية ولايتها وافقت على هذا التفويض ورحبت به، ودعت إليه وتبنته بصورة رسمية في عدة رسائل ومواقف مختلفة.

إن «العراقية» كتلة وجمهورا بما تمثله من تيار وطني واسع ومشروع عراقي خالص عابر للطوائف والمكونات، يشهد على ذلك حضور ناخبيها المشهود في كل المحافظات العراقية، تشكل المعادل الوطني لكل مشاريع المحاصصة والاستئثار، لذلك فإن استبعاد مرشحيها وشطب أصوات ناخبيها لا يمكن تفسيره إلا بالتضييق عليها ومحاصرتها من أجل اضطرار هذه الكتلة الفائزة إلى خيارات اليائسين وحرف بوصلتها عن استراتيجية التنافس السياسي الشريف والنزيه، لتوضع بعد ذلك في خانة «أعداء» العملية السياسية، ومن ثم تتحول إلى هدف سهل وتقليدي للعنف السياسي بما يؤدي إلى تصفية المشروع الوطني العراقي وإنهاء وجوده. والأمر الذي ينبغي تأكيده في هذا المجال هو التزام «العراقية» بالخيار العقلاني المسؤول في إدارة التنافس والمفاوضات والتحالفات، وحصانتها ضد كل ما من شأنه التأثير في مسار بوصلتها الوطنية الرشيدة الحريصة على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.

إن حال المشروع الوطني العراقي اليوم، بكل تجلياته السياسية، وجمهوره بكل خلفياتهم وانتماءاتهم الاجتماعية، كحال إنسان يعيش حياته الطبيعية حتى يأتي من يتعمد خنقه وقطع أنفاسه. في هذه الحالة لمن نوجه السؤال؟! أنوجهه للإنسان المحروم من التنفس فنقول له: هل تنوي الموت أو تختاره؟! وهل بقي له من خيار؟! أم نوجه السؤال لمن يسعى لموته بحرمانه من ذرة الهواء!. إن السؤال واللوم اليوم ينبغي أن يوجه للظالم عن ظلمه، لا كما درج مراقبون ومحللون على توجيه الأسئلة والاتهامات للمظلوم المسلوب الإرادة.

لقد كنا دائما شركاء فاعلين نزيهين في العملية السياسية التي تستدعي حمايتها وترصينها التزام الشركاء كافة باحترام قواعد اللعبة وأصول الشراكة وآليات التنافس، والانسجام مع ما أجمع عليه العراقيون من مبادئ القبول بالآخر والتعاون البناء والتعامل الدستوري والشفاف مستظلين بظلال المشروع الوطني والتوافق السياسي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا استمرت مشاهد نسف مفهوم الشراكة وتقويض العملية السياسية فكيف يمكن لكتلة العراقية وهي صاحبة مشروع التغيير والإصلاح أن تستمر في استقلال قطار أخرجت عجلاته عن مسارها عن عمد وإصرار؟!

إن حالنا سيكون كمن ينتظر الهلاك لوطنه وشعبه وهو يراه قادما بأم عينه، ليقبل بمشهد مختل يدفع العراقيون ثمنه من حياتهم ومستقبلهم، ويكون وجوده بلا قيمة سوى إضفاء الشرعية على حراك سياسي مقيد وخاضع لتقلبات المناكفة السياسية، إذ تتقلص في ظل ممارساتها مساحة الديمقراطية بمرور الزمن، فيخسر العراق حريته لصالح نمط جديد من الانسداد السياسي، وليس من أجل هكذا نموذج قدم شعبنا الغالي تضحياته الجمة.

وعلى الرغم من كل ما ذكرناه، فإن كتلة العراقية ما زالت ترفع غصن الزيتون، وتقدم مصلحة العراق على ما سواها، وتمد يد الشراكة الوطنية لجميع الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات، لا سيما تلك الكتل التي تتقارب رؤاها وبرامجها السياسية مع مشروع كتلتنا، وإن كنا نختلف معهم في الجانب التنفيذي، وتقف بيننا وبينهم قضايا خلافية تتعلق بالنهج الحكومي، وطريقة إدارة البلاد، وكيفية الاستجابة لتحدي بناء الدولة، وهي وإن كانت مسائل حساسة ومهمة فقد كان بالإمكان التفاهم بشأنها والاتفاق على وضع مقاربات حلول وتوافقات حولها وهو الأمر الذي أعاقه دخول المشهد السياسي متاهة إعادة العد والفرز اليدوي واستبعاد المرشحين وشطب أصوات الناخبين.

إلا أننا ما زلنا نأمل في إذابة الجليد وتجسير الهوة إذا سعت جميع الأطراف بصدق وجدية من أجل ترطيب الأجواء وبناء الثقة، وتوافرت النوايا المخلصة والإرادة العازمة، لتذليل العقبات ورأب الصدع، وفتح قنوات الحوار والتواصل إنهاء لمعاناة شعبنا التي طالت. وهذا لن يتحقق إلا حين نضع مصلحة العراق أولا، وقبل كل شيء.

=======================

يهودية تشرف على إعادة صياغة مناهج التربية الإسلامية بمصر

فلسطين اليوم - القاهرة

http://www.almanar.com.lb/NewsSite/New

sDetails.aspx?id=136006&language=ar

كشف أحمد جبيلي رئيس حزب الشعب الديمقراطي المصري أن خبيرة أمريكية يهودية أسند إليها مهمة إعادة النظر في مناهج التربية الدينية الإسلامية، المقررة على الطلاب بالمدارس الحكومية، ضمن مجموعة من الخبراء الأمريكيين المشاركين في مشروع "الخطة الإستراتيجية لتطوير التعليم في مصر". وأوضح جبيلي لصحيفة "المصريون" أن هذا المشروع الذي أسندته وزارة التربية والتعليم إلى مركز التطوير الأمريكي، يتبع لهيئة المعونة الأمريكية الذي يعمل به نحو 600 خبير أمريكي يعملون في مجال تطوير التعليم.

 

يأتي ذلك في إطار الجدل حول إعلان الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم أنه كلف الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية بمراجعة جميع مناهج التربية الدينية الإسلامية بدءًا من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث الثانوي العام، بدعوى تنقيتها من الموضوعات والعبارات والإشارات التي تحض على "العنف والتطرف".

 

وقال جبيلي :" إن السفارة الأمريكية بالقاهرة تقوم منذ خمسة أعوام بإعداد كتاب لتدريسه على الطلاب المصريين على غرار مادة الأخلاق التي كانت من تأليف وتمويل هيئة المعونة الأمريكية، وذكر أن هذه المادة الجديدة أطلق عليه "الكتاب القومي"".

 

وأضاف أن "ذلك جاء ضمن مشروع أمريكي كبير يهدف إلى توفير الكتب المسلية والممتعة للأطفال، سيتم تطبيعه على ثلاث مراحل في 39 ألف مدرسة حكومية بجميع محافظات مصر، والذي يشترط استبعاد أي كتب دينية أو تاريخية من المدارس، في إطار الخطة الأمريكية ل "تجفيف منابع الإرهاب"، باعتبار أن مناهج التربية الإسلامية والتاريخ الإسلامي أحد روافد الإرهاب من وجهة النظر الأمريكية".

 

وحذر جبيلي من أن مشروع تطوير المناهج في مصر الذي تشرف عليه الولايات المتحدة يهدف إلى تفريغ للمناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية وخاصة من التوجه الديني والتاريخي سواء في التعليم العام أو حتى الأزهري، وذلك لطمس الهوية الدينية والتاريخية لمصر والأمة العربية.

 

وأوضح استنادًا إلى ما قال إنها "دراسات علمية"، إن المادة التاريخية والدينية في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالأزهر الشريف تمَّ تقليصها بنسبة 70%، كما تم حذف 65 % من حصص القرآن الكريم في مرحلة التعليم الابتدائي الأزهري، وحذف 35% من مناهج السيرة خاصة المتعلقة بالغزوات والفتوحات الإسلامية.

 

كما تم حذف 45% من مناهج التفسير وإلغاء 20 معهدًا من معاهد المعلمين الأزهريين، بالإضافة إلى إغلاق أكثر من 170 معهدًا أزهريًا في 1999، كما تم تقليص سنوات الدراسة الأزهرية واختصار جميع المواد الشرعية بنسبة 33% كما تم رفع سن القبول في التعليم الأزهري لصرف التلاميذ عنه إلى التعليم العام، إضافة إلى إلغاء "الكتاتيب" الخاصة بتحفيظ القرآن الكريم.

 

واعتبر أن تغيير المناهج العربية والإسلامية واستبدالها بمناهج علمانية "هدف غربي تتبناه الحكومة الأمريكية" وقال إن هناك ضغوطًا أمريكية على عدد من الدول العربية للاستجابة لهذا الطلب، ففي السعودية قامت الإدارة الأمريكية بالضغط علي مجلس الشورى السعودي لإقرار مشروع قانون يدعو إلى تدريب الطلاب على أساليب الحوار وحذف جميع الآيات والأحاديث التي تحض علي الجهاد ضد اليهود والنصارى.

 

وفي الأردن ذكر جبيلي أن وزارة التربية والتعليم وافقت على استخدام كتب مدرسية جديدة من شأنها تشجيع الطلبة على التمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال و"الإرهاب"، وفي الكويت وافق البرلمان الكويتي علي مقترحات حكومية بنفس المضمون تتعلق بمراجعة المناهج الإسلامية.

===========================

دور الحريات الصحفية في تطور المجتمعات...تجارب عالمية

05 - 05 - 2010

مركز القدس للدراسات

انتقادات واسعة لتصنيف فريدوم هاوس لإسرائيل بالدولة الحرة وهي تمارس الاحتلال

شرايفر : التشريعات ساهمت في تصنيف الاردن دولة غير حرة

انتقد نشطاء سياسيون وحقوقيون وخبراء اعلاميون تصنيف مؤسسة فريدوم هاوس الدولية في تقريرها السنوي حول الحريات الإعلامية ، لإسرائيل على انها دولة حرة في مجال الصحافة وشددوا على انه لا يمكن وصف دولة تمارس الاحتلال والقمع بالحرة . وطالبوا باعتماد معايير خاصة في تقييم مستوى الحريات الاعلامية بخاصة والحريات بعامة في الدول التي ما زالت تمارس الإحتلال لدول وشعوب أخرى كاسرائيل, حيث يتمتع الاسرائيلي بالحرية بينما يعيش الفلسطيني تحت القمع ومصادرة الحريات . وابدى المشاركون إستغرابهم من تصنيف الاراضي الفلسطينية بأنها غير حرة رغم انها تحت الإحتلال الإسرائيلي .

 

 وفي الجلسة الحوارية التي عقدها مركز القدس للدراسات السياسية مساء أمس الاربعاء بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة تحت عنوان ( دور الحريات الصحافية في تطور المجتمعات.. رؤية عالمية ) ، وتحدثت خلالها مدير برامج إستقطاب الراي في فريدوم هاوس بولا شرايفر ، قالت ان الاردن صنفت بأنها دولة غير حرة ولا تتمتع بحرية الصحافة ، وذلك وفق الدراسة السنوية التي تجريها المؤسسة للبيئة الصحافية على مستوى العالم منذ عام 1972 .

وقالت شرايفر بأن الأردن يلزمه ثلاث علامات ليصبح من الدول التي تتمتع صحافتها بحرية جزئية, بناء على الدراسة الهادفة لمتابعة البيئة المساعدة لحرية الصحافة. ذلك ان التقرير يصنف الدول بانها حرة صحافياً وفق معيار من ( صفر – 30) وفوق ذلك تصنف بأنها حرة حزئيا وغير حرة

 

وأضافت, أن الأردن حصلت على علامة 20 من 30 في قياس البيئة القانونية, و24 من 40 في قياس البيئة السياسية, في حين كانت البيئة الأفضل هي الاقتصادية إذ حصل الأردن فيها على 19 من ,30 مبينة أنه كلما حصلت الدولة على علامات أكبر فإن وضح حرية الصحافة فيها يكون للأسوأ. ومن أبرز الأسباب التي أدت لحصول الأردن على علامات متدنية - حسب شرايفر - كان عدداً من القوانين السلبية مثل قانون المطبوعات والنشر والعقوبات, وأضافت أن هناك إرهابا للصحافة في الأردن, إلى جانب الرقابة الذاتية التي يمارسها الصحافي على نفسه خوفاً من العقوبات.

 

ورغم انها اكدت أن إقرار الاردن لقانون حق الحصول على المعلومات كان ايجابياً ، الا انها قالت ان المؤسسة تتطلع لمتابعة كيفية تنفيذ القانون, الذي سيدعم الأردن بعلامتين, إلى جانب ذلك تطرقت لمسألة إلزامية الانضمام إلى نقابة الصحافيين, معتبرة أن ذلك فيه سلب لحرية ورغبة الصحافي في الانضمام أو عدمه.

 

واعتبرت أن الأردن وعبر تعزيز حرية صحف مطبوعة مستقلة, رغم سيطرة الحكومة على القطاع التلفزيوني والاذاعي يمكنه تحصيل النقاط الثلاث التي ستمكنه من خلق بيئة حرة جزئية.

 

مع ذلك بينت أن أداء الأردن أفضل مقارنة مع أفريقيا والشرق الأوسط. إذ انه كان نسبة الدول ذات البيئة الصحافية الحرة في العالم العام الماضي 35%, وذات الحرية الجزئية 33%, وغير الحرة 33%. لتؤكد أنه في السنوات الماضية تم تسجيل تراجع في حرية الصحافة على مدى العام, إذ ان 1 من كل 6 أشخاص يتمتعون بحرية الصحافة في العالم.

 

وشهدت الجلسة التي ادارها مدير مركز القدس عريب الرنتاوي نقاشات حادة بين الحضور وشرايفر حول تصنيف اسرائيل بانها دولة حرة وتساءل عميد كلية الاعلام في جامعة اليرموك الدكتورعزت حجاب عن كيفية وصول إسرائيل لهذه المرتبة, وهي الدول التي تضيق بشكل مستمر على حرية الصحافيين. فيما اكد وزير الخارجية السابق والرئيس السابق للمجلس الاعلى للاعلام الدكتور كامل ابو جابر أن العدالة هي أساس الحرية وإسرائيل دولة تفتقر إلى العدالة وتمارس ابشع انواع القمع بحق الفلسطينيين .

 

وقال مدير مركز القدس إن الحرية قيمة سامية لا تتجزأ ولا يمكن تصنيف دولة حرة, وهي تستعبد شعبا آخر, داعيا الى وضع تصنيف خاص للدول التي لا تمارس استعمارا, وهي الدعوة التي اثارت جدلا ساخنا بين الحضور من جهة والمتحدثة الامريكية التي دافعت عن تقرير منظمتها من جهة أخرى.

 

وتساءل الرنتاوي لماذا لا تتغير منهجية الدراسة, فإسرائيل توصف بالحرة وتمنع الصحافيين من تغطية الأحداث, مطالباً بوضع منهجية خاصة للدول التي ما زالت تعاني من الاستعمار, وأضاف, لا يجوز جعل بربرية اسرائيل ذريعة لتعطيل مسار الاصلاح في بلادنا.

 

الا ان مسئولة فريدوم هاوس تمسكت بتعريف مؤسستها لحرية الصحافة, واكدت أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتمتع بحرية الصحافة ، وقالت نحن نقيم حرية الصحافة ضمن حدود الدولة ، ووفق هذه المعايير فإن اسرائيل دولة حرة وجميع مواطنيها يعيشون ضمن مستوى حريات اعلى من بقية دول المنطقة .. مشددة على انه يتم تصنيف كافة الدول وفق ذات المعايير.. وسط إصرار المشاركين على رفض المعايير التي اعتمدتها المؤسسة لمثل هذا التصنيف .

وبينت شرايفر بأن هناك تراجعا في حرية الصحافة في أغلب الدول في العالم, مبينة أن هناك دولا شيوعية سابقة تشهد تراجعاً كبيراً, إلى جانب دول عرفت بالديمقراطية مثل بريطانيا وإيطاليا بدأت تسجل تراجعاً.

 

وأضافت بأن العالم يشهد تراجعاً في حرية الانترنت, فأصبح هنالك دول تفرض قوانين ضاغطة على الانترنت. واوضحت ان الأعوام الثمانية الماضية شهدت تراجعاً في حرية الصحافة على مستوى العالم .

 

 واشارت الى ان الدراسة اظهرت ان شخص من كل ستة اشخاص على سمتوى العالم يتمتع بحرية صحافية .مشيرة الى ان التعداد السكاني للدول يلعب دورا في هذا المجال . وقالت ان الدول الديمقراطية مثل اوروبا وامريكا الشمالية شهدت ايضاً تراجعاً في مجال الحريات الإعلامية وان التحسن الذي طرا العام الماضي كان في دول جنوب شرق اسيا .

 

 واعربت شرايفر عن اعتقادها ان سبب التراجع الذي حدث في بعض مناطق العالم يعود الى كثرة التشريعات والحدة في تطبيها اضافة الى تزايد النزاعات والحروب .

 

الدراسة ترى أن روسيا من الدول المتهمة بنسخ تشريعاتها إلى دول أخرى, وعليه فإن الصين الشعبية تعد من الدول غير الحرة.

 

يذكر أن مؤسسة فريدوم هاوس تصدر بصورة دورية دراسة مسحية عن حرية الصحافة, كون الصحافة من وجهة نظر المؤسسة تعد مكوناً أساسياً لتأسيس وإدامة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

وتتم دراسة البيئة الصحافية في المؤسسة من خلال متابعة ثلاثة مكونات وهي القانون عبر متابعة الدستور والتشريعات وتطبيقها, السياسة عبر التأثير على الأخبار ومتابعة إرهاب الصحافيين والاقتصاد المتمثل بقدرة الصحافة على الاستقلال المادي وفيما اذا كان يوجد معيقات مادية تمنع صدور وسائل الاعلام.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ