ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تسفي بارئيل هآرتس 18/5/2010 5/19/2010 القدس العربي اذا سار كل شيء على ما يرام، فستخرج من
ايران بعد نحو شهر شاحنة مغلفة
بالاسمنت، تحرسها جيدا قوات
ايرانية وتركية ومراقبون من
الوكالة الدولية للطاقة
الذرية، الى موقع مجهول في
تركيا. لن تحمل الشاحنة على
ظهرها جزءا من ال 1200 كيلوغرام من
اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في
المئة تودع في تركيا فقط بل
الشروط المعوجة في الصفقة التي
أنجزت أول من أمس ليلا في طهران. على حسب الشروط، لن تكون تركيا في دور
الحارس فقط بل في دور المؤتمن
والمراقب، وهي التي ستحكم هل
وفت ايران والقوى الكبرى
بالشروط المتبادلة. والتزمت
تركيا أيضا بأن تعيد الى ايران
على الفور وبلا شرط اليورانيوم
المخصب اذا لم تف القوى الكبرى
التي يفترض ان تزود ايران
بالوقود المخصب، بالشروط. إن الفضل في الصفقة مقسوم بين تركيا
والبرازيل، التي منحت ايران
سلسلة اتفاقات تجارية يفترض ان
تزيد مقدار التجارة بين
الدولتين ليبلغ نحو 10 مليارات
دولار، لكن تركيا هي الرابحة
الكبرى من الموافقة الايرانية. أصبحت تجري بين ايران وتركيا تجارة تقدر
بنحو 10 مليارات دولار، واذا
فرضت على ايران عقوبات فقد تقع
بتركيا خسارة عظيمة لاقتصادها
تنتج عنها أيضا زعزعة سياسية
لحزب اردوغان الحاكم. في مقابلة ذلك اذا أجمعت تركيا على ألا
تتبنى سياسة العقوبات فقد تدفع
الى أزمة في علاقاتها بالولايات
المتحدة وأوروبا. ومن هنا يأتي الجهد الكبير الذي استعملته
تركيا لتقديم الصفقة برغم تحذير
الولايات المتحدة من أن ايران
قد تستغل تركيا لكسب الوقت. لماذا استقر رأي ايران على ان ترى تركيا
خاصة 'وسيطا نزيها' وان تمنحها
الصفقة، لا لاعضاء مجلس الأمن؟
ليست العلاقات الجيدة بين تركيا
وايران بريئة من الشك المتبادل،
لكن ايران وتركيا ايضا تبنتا
سياسة توسيع تأثيرهما في الشرق
الاوسط، كذاك الذي يعتمد على
التعاون بينهما لا على التنافس. ان مقاربة تركيا لسورية، حليفة ايران،
والمعاملة المتشابهة التي
تبديها تركيا وايران لحماس،
والمصالح المشتركة في العراق
والتصور المشترك للارهاب
الاسلامي المتطرف
وفي الان نفسه خيبة الامل
التركية من المواقف الاوروبية
من انضمامها الى الاتحاد
الاوروبي أحدث
لقاء بين مصالح ايران وتركيا،
التي تغطي، في هذه الاثناء على
الأقل على عدم الاتفاقات.ومن
جهة عقائدية أيضا تفضل ايران
تركيا على الولايات المتحدة،
الذي سيرى كل تنازل لها او
لشريكاتها في مجلس الأمن
استسلاما. ان الصفقة تجعل ايران وتركيا شريكتين
استراتيجيتين بغير مس بمكانة
تركيا في حلف شمال الاطلسي او
لكونها حليفا للولايات المتحدة
في افغانستان، ولا تشترط في
مقابلة ذلك قطع العلاقات
باسرائيل، اذا اجتازت الصفقة
التقلبات المتوقعة، فستحظى
تركيا بمكانة جديدة كدولة وسيطة
يمكنها استغلالها في نزاعات
أخرى في المنطقة وفي المسيرة
بين اسرائيل وسورية. واذا
انهارت الصفقة وفرضت عقوبات على
ايران، فستتذكر تركيا بأنها
كادت تنجح في احداث الصفقة
لكنها ستضطر آنذاك الى مواجهة
آثار العقوبات. ========================== الديمقراطية بين شعارات
المعارضة وسياسات الحكم د. سعيد الشهابي 5/19/2010 القدس العربي بعيدا عن تقييم الممارسة الديمقراطية في
الانتخابات البريطانية
الاخيرة، فان ما تمخضت عنه من
تحالف غير متوقع بين حزبين
يختلفان في العديد من السياسات،
أمر يدعو الى امور ثلاثة: التوقف
عند التجربة لقراءتها، وفحص مدى
قدرتها على العمل والصمود، وما
الذي ستؤدي اليه على الصعيد
العملي. هذه الملاحظات تتصل بسؤال اساس حول مدى
امكان تضييق المسافة بين المعلن
من السياسات والمطبق منها، بين
المثل والواقع، وبين صدق
التعامل مع الجماهير واساليب
الخداع. هذا على الصعيد
البريطاني. اما على الصعيد
الاوروبي الاوسع، فان هذه
العوامل مطروحة ايضا ضمن عدد من
الأطر السياسية ومنها الموقف
الاوروبي من الطلب التركي
بالانضمام الى الاتحاد
الاوروبي الذي مضى عليه اكثر من
عشرين عاما. وهنا ايضا يمكن وضع
الشعارات الايديولوجية المتصلة
بالديمقراطية على المحك، خصوصا
في ضوء تعافي الممارسة
الديمقراطية التركية في
الاعوام الاخيرة، واستمرار
التمنع الاوروبي ازاء الطلب
التركي بالانضمام الى الاتحاد.
والسجال هنا متصل بالموضوعة
الديمقراطية وما اذا كانت، في
عمقها الحقيقي، تشرعن لممارسات
تعتبر مرفوضة لدى الذوق البشري
مثل 'التحايل' و'الخداع والتضليل'
و'الاستغلال'. فالفرضيات التي
يقوم عليها المشروع الديمقراطي
عديدة من بينها توفير الفرصة
للناخب لاختيار من يمثله في
السلطة التشريعية التي تنبثق
منها عادة السلطة التنفيذية.
وهذا الاختيار يفترض ان يتحقق
على اساس الشعارات التي يرفعها
المرشحون، وهي التي تحدد
سياساتهم ازاء القضايا المهمة
التي تواجه المجتمعات التي
يتطلعون لحكمها، سياسية
واقتصادية وامنية وعسكرية. غير
ان الواقع الغربي، خصوصا في
العقود الاخيرة، يكشف فجوة كبرى
بين الشعارات الانتخابية التي
يتضمنها 'المانفستو' الحزبي
والسياسات التي تنتهج لاحقا
عندما يصل المرشحون الى مواقع
القرار. ومن بين الوسائل التي
تخدم المشروع الديمقراطي ما
يسمى 'الذاكرة القصيرة للشعوب'.
فالبشر ينسون معاناتهم في ظل
هذا الحزب او ذاك، وما ان يأتي
حزب آخر الى الحكم على انقاض
الدمار الذي خلفه الحزب الذي
خسر الانتخابات بسبب سياساته
وادائه الفاشل او الضعيف ويستمر
في السلطة ردحا من الزمن، حتى
ينسى الناخبون تركة الحزب
الاول، وينتخبوه مجددا، ليعيد
تدحرج الكرة كالسابق. كان واضحا منذ اعلان نتائج الانتخابات
البرلمانية البريطانية ان هناك
أزمة سياسية من بين اسبابها
فقدان الثقة في السياسيين،
لاسباب عديدة من بينها تداعي
الاقتصاد، الفضائح المالية
المتصلة بنفقات البرلمانيين،
التورط البريطاني في حربي
العراق وافغانستان والتضييق
على الحريات العامة بذريعة
مكافحة الارهاب. هذه العوامل
مجتمعة ادت الى حرمان اي من
الاحزاب السياسية الرئيسية من
تحقيق اغلبية برلمانية مريحة.
وبرزت بذلك الحاجة للائتلاف
الحزبي بهدف تشكيل حكومة قادرة
على البقاء في السلطة طوال
الفترة البرلمانية التي تستمر
عادة خمس سنوات. وكان لصعود نجم
زعيم حزب الديمقراطيين الاحرار
دوره في بث التفاعل الشعبي مع
المشروع الانتخابي، خصوصا بعد
السجالات العلنية الثلاثة بين
زعماء الاحزاب الرئيسية. فجاء
الائتلاف الذي تولى تشكيل
الحكومة الحالية متألفا من حزبي
المحافظين والديمقراطيين
الاحرار. هذا برغم شعور
الكثيرين بعدم امكان المواءمة
بين المشروعين السياسيين
للحزبين المذكورين. وكما هو
معلوم فالاحزاب الرئيسية لا
تختلف في الايديولوجيا، بل في
البرامج السياسية التي تعتزم
تنفيذها عندما تصل الى السلطة،
وهي برامج تختلف في طرق اداء
الوظيفة، ولا تهدف لاحداث
تغييرات مجتمعية عميقة. والواضح
ايضا ان الديمقراطية الغربية لا
تنطلق من ثوابت عقيدية او
اخلاقية مقدسة، بل تنطلق بهدف
تنظيم شؤون المواطنين، وما يطرأ
على تلك الشؤون من تطورات
ثقافية وسلوكية. فمثلا يفترض ان
يكون حزب المحافظين اقرب الى
التراث البريطاني وما يحمله من
ارتباط بالتعليمات الاخلاقية
للكنيسة. وانعكس ذلك على
سياساته ومن بينها عدم قبول
الشواذ، ولكن تلك السياسات
تغيرت واصبح الحزب لا يختلف
كثيرا عن الحزبين الآخرين
اللذين يروجان شعاراتهما
الليبرالية بوضوح. واذا كان هذا
'التطور' السلوكي ممكنا في
المشروع الديمقراطي، بمعنى ان
الاحزاب ملتزمة بمسايرة الذوق
الشعبي، مهما كان شكله، وانها
لا تلتزم بثوابت نابعة من دين او
تراث، فان ما ليس مفهوما حدوث
التغيرات في السياسات والمواقف
في فترات وجيزة لا تتعدى الايام
او الاسابيع. فالشعارات التي
ترفع في فترة الدعاية
الانتخابية لا يتم الالتزام بها
بعد الوصول الى السلطة، وكثيرا
ما يتم التحايل عليها او
تحويرها او استغلال ظاهرة 'قصر
ذاكرة الشعوب' لطرح سياسات
مختلفة تماما. بدأ التحالف الحاكم عمله الاسبوع الماضي،
برغم ما كان يبدو من تناقضات في
السياسات والمواقف بين زعيمي
الحزبين اللذين كانا يبدوان على
طرفي نقيض خلال الحملة
الانتخابية، وكان كل منهما
يستهدف شخصية الآخر لتقليص فرص
نجاحه، بل ان رئيس الوزراء،
زعيم حزب المحافظين، ديفيد
كاميرون، أطلق صفة 'مسخرة' على
زعيم حزب الديمقراطيين
الاحرار، خلال الحملة
الانتخابية. ولكن الرجلين وقفا
معا في حديقة مقر رئاسة الوزراء
ليعلنا مشروع الحكم المشترك،
وكأنهما لم يختلفا يوما. هذه
القدرة على تجاوز الاختلافات
السياسية والشخصية تستحق
التأمل، وهي صفة ايجابية ضرورية
لمن يريد ان يمارس الحكم.
فالقائد يجب ان يترفع على قضايا
الذوق الشخصي ليتوفر على قدر من
العدالة والتوازن. ولكن المشكلة
التي من شأنها ان تخدش في
المشروع الديمقراطي تلك الحالة
التي لا يمكن وصفها الا ضمن
الاوصاف غير الايجابية من نوع 'الخداع'
و'التضليل' و'الغش' و'النفاق'.
وبرغم ان هذه صفات ممقوتة،
ولكنها اصبحت، في نظر الكثيرين،
ضرورية او على الاقل مقبولة في
العرف السياسي. واصبح مألوفا
اطلاق مقولات من نوع 'السياسة
كذب ونفاق وغش، ولذلك لا تصلح
للمتدينين'. ولا شك ان 'المتدينين'
يرفضون هذه الصفات، ويعتقدون ان
بامكانهم المشاركة في الحكم
بدون ان يكونوا كذلك. ولكن
التجارب المعاصرة في عدد من
البلدان، تؤكد استعداد البعض
للانسلاخ من جلده الاخلاقي من
اجل المنصب والمال. وفي الحالة
البريطانية بدأت ملامح مقلقة
للمساومة على 'المبادىء' في
التحالف الحاكم، وبدأ بعض نشطاء
الحزبين يعيدون النظر في
مقولاتهم، ويسعون لتسويق
مواقفهم تحسبا لردود الفعل ضدهم.
ومرة اخرى يساهم الاعلام في
تعميق ظاهرة 'قصر ذاكرة الشعور'
بحرف السجال حول هذه القضايا
بعيدا عن انظار الجماهير. ما هو المقدس الثابت، وما هو المتغير
المرن في اجندات الاحزاب
الحاكمة؟ وما مدى قدرة المشروع
الديمقراطي على اقناع الشعوب
بانه البديل الافضل لاي نظام
آخر في ظل التقلبات في امزجة
السياسيين وسياساتهم؟ فاذا كان
الائتلاف الحاكم في بريطانيا قد
قام بدوافع مصلحية لدى قيادات
الحزبين المؤتلفين، فانه سيكون
امام محطات صعبة على طريق صياغة
السياسات العامة، سواء ما يتعلق
منها بالاقتصاد (وما يتطلبه من
زيادة الضرائب وتقليص الانفاق
على الخدمات العامة وتنظيم عمل
المصارف بعد الكارثة المالية
التي عصفت بالعالم)، او السياسة
(العلاقة مع الولايات المتحدة،
ومع اوروبا، ومع الشرق الاوسط
وروسيا وايران) او الامنية (الحرب
ضد الارهاب والبطاقات الشخصية
المقترحة، وقوانين الطوارئ
ومكافحة الارهاب وفترات توقيف
المشتبه بهم). المشكلة ان
الاختلافات بين حزبي الائتلاف
الحاكم تتمحور حول السياسة
البريطانية خارج الحدود، وهي
مسألة لا تهم المواطنين
العاديين الذين تشغلهم بشكل
اساس قضاياهم المعاشية. مع ذلك
فهناك اختلافات تبدو كبيرة جدا.
وقد بدأت ملامح التخلي عن
المواقف المعلنة في البرامج
الانتخابية ازاء الموقف من
ايران. المحافظون معروفون
بمواقفهم المسايرة للولايات
المتحدة الامريكية، وهو امر
مألوف. ولكن حزب الديمقراطيين
الاحرار لديه موقفان متميزان،
ليس معلوما بعد مدى استعداده
للالتزام بهما. اولهما العلاقة
مع الولايات المتحدة
الامريكية، اذ كان يرفض ان تكون
بريطانيا تابعة بشكل اعمى، كما
فعلت الحكومات السابقة، خصوصا
في عهد توني بلير. ثانيهما
السياسة تجاه ايران. فقد نصت
المانفستو الانتخابية لحزب
الديمقراطيين الاحرار على: 'اننا
نعارض اي عمل عسكري ضد ايران،
ونعتقد ان الذين يدعون الى عمل
كهذا يضعفون حركة الاصلاح
الناشئة'. وبسبب قرار وزير
الخارجية الجديد، ويليام هيغ،
السفر الى الولايات المتحدة
لمقابلة نظيرته الامريكية،
قالت المتحدثة باسم زعيم حزب
الديمقراطيين الاحرار: 'ان
الحكومة لا تتحدث عن عمل عسكري
ضد ايران، ولكنه 'زعيم الحزب'
يعتقد انه لا يجب الغاء اي خيار'،
الامر الذي يوحي بعدم معارضة
الحزب للعمل العسكري، حسب ما
جاء في البرنامج الانتخابي. ولو
صح ذلك، فانه ينطوي على عدد من
الابعاد: اولها ان الدعاية
الانتخابية ليست برنامج عمل
حقيقيا يلزم الحزب نفسه بتطبيقه
عند الوصول الى الحكم، ثانيها:
ان قيم الحكم واحكامه وفلسفته
تختلف عن قيم المعارضة وأحكامها
وفلسفتها، وان ما يقال عندما
يكون الحزب في المعارضة يختلف
عما يمارسه في الحكم، ثالثها: ان
الديمقراطية قادرة على استيعاب
المفارقات، مهما اتسعت، بين
الشعار والتطبيق، ولا ترى في
ذلك مشكلة. هذه الاستنتاجات، لو
صحت، تصيب الديمقراطية في مقتل،
لانها تكرس قيما غير مقدسة
كالتحايل والخداع والتضليل
والغش. هذا الشعور ربما بدأ يساور الاتراك الذين
قضوا ردحا من الزمن في سعي
متواصل لنيل عضوية الاتحاد
الاوروبي، الامر الذي ما يزال
يبدو سرابا. والمعروف ان
الحكومة الحالية في الاناضول من
افضل الحكومات التركية في
العقود الثمانية الاخيرة،
التزاما بالقانون والمبادىء
الديمقراطية واحترام حقوق
الانسان، والبناء الاقتصادي،
وفقا للتقييمات الغربية. مع ذلك
فان طموحها في الانتماء
الاوروبي ليس افضل من سابقاتها.
وان طلبها يتعرض للتأجيل
المتواصل. وفي لقائه مع عدد من
الاعلاميين الاسبوع الماضي قال
الرئيس التركي، عبد الله غول في
معرض حديثه عن العلاقة مع
الاوروبيين: 'لقد وصلوا نقطة
عليهم ان يقرروا فيها ما اذا كان
الاتحاد هوية مغلقة، وما اذا
كانت حدود الاتحاد الاوروبي سوف
تحدده الى الابد، ام ان عليه ان
يخطط خمسين عاما الى الامام
ويفكر في اطفال المستقبل'. فبرغم
ما قامت به حكومة حزب العدالة
والتنمية من اصلاحات، فان
المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي
التي بدأت في 2005 لم تصل الى شيء
حتى الآن. وتتصدر كل من فرنسا
وألمانيا رافضي الطلب التركي.
ولذلك بدأ الاتراك يتجهون شرقا،
ويوثقون علاقاتهم مع العالم
الاسلامي خصوصا ايران والعالم
العربي. والواضح ان المشروع
الديمقراطي الذي ركز أسسه حزب
العدالة والتنمية ليس هو
المعيار الوحيد لحسم الموقف
ازاء الطلب التركي. وبرغم علمنة
الدولة الغربية فما يزال الدين
يمثل جانبا من هويتها 'الديمقراطية'
في الجوانب السياسية، وليس في
الجوانب الاخلاقية ومنظومة
القيم التي يفترض ان يستند
اليها المشروع الديمقراطي. حالة
الاستياء التي تعم الاوساط
السياسية التركية ازدادت في
الفترة الاخيرة خصوصا في ضوء
الازمة الاقتصادية في اليونان
التي تعتبر ضمن الفريق المعارض
لتركيا. وثمة فارق كبير بين
الاداءين التركي واليوناني
سواء في مجال التعاون العسكري
والاقتصادي والسياسي ام على
صعيد الامن والاستقرار
الداخليين، وسياسات التنمية
والتوسع في العلاقات الدولية
خصوصا في الشرق الاوسط المهمة
للغرب. وما الوساطة التركية
البرازيلية الاخيرة لحلحلة
الملف النووي الايراني الا مؤشر
للدور التركي المتصاعد. صراع المبادئ والسياسات في المنظومة 'الديمقراطية'
الغربية يزداد حدة مع تفاقم
الازمات الاقتصادية. ولا يمكن
الفصل بين التداعي الاقتصادي في
دول مثل اليونان واسبانيا
وبريطانيا، وازمة المصارف التي
اظهرت ازمة النظام الرأسمالي
نفسه، أم بين ارتفاع معدلات
الجريمة، والنظام الديمقراطي
الذي لا ينتمي لمنظومة قيمية او
اخلاقية او دينية متينة. ويخطىء
السياسيون اذا اعتقدوا ان
بامكانهم الاستمرار في الفصل
بين الاخلاق والسياسة، فمارسوا
السرقة والاختلاس من المال
العام بغير حق، او بين الشعار
والممارسة، كما رشح حول موقف
الحزب الديمقراطي الليبرالي
ازاء ايران، ام بين الانسانية
والمصلحة، في ما يتصل بقضية
فلسطين والاحتلال الاسرائيلي.
وما احتدام الصراع الداخلي في
الغرب مع ثمرات النظام المالي
المؤسس على الرأسمالية، ام مع
الاجراءات 'الديمقراطية' التي
تكرس المفاصلة بين الشعار
والممارسة، الا بعض وجوه الازمة
التي تعصف بعالم اليوم، خصوصا
في ارووبا والولايات المتحدة.
وفي ضوء هذه الازمات يفرض سؤال
مهم نفسه على الذين رقصوا على
اشلاء الاتحاد السوفياتي قبل
عشرين عاما بانتظار جوابهم: هل
حقا انتهى التاريخ بمشروع
الديمقراطية الليبرالية؟ ام ان
الازمات الحالية لهذا النظام
تمثل نهايته وبداية تاريخ
انساني أكثر عدلا وامنا ورخاء؟ ' كاتب وصحافي بحريني يقيم في
لندن ========================== المبالغات في مواجهة
الحقائق حول إيران ستيفن والت - "فورين بوليسي" الدستور 5/19/2010 في السابق عندما بدأت الكتابة في هذا
الموقع ، حذرت من أن فكرة الحرب
الوقائية ضد إيران لن تتلاشى
فقط لأن باراك أوباما أصبح
رئيسا. الموضوع أعيد إنعاشه
خلال الأيام القليلة الماضية ،
كرد فعل على ما يبدو بأنه كان
مذكرة ، تلقت دعاية إعلامية
مبالغ فيها ، كتبها وزيرالدفاع
روبرت غيتس ، وبعض الملاحظات
لرئيس هيئة الأركان المشتركة:
الأدميرال مايكل مولين ، عقب
خطاب ألقاه في جامعة كولومبيا.
على وجه التحديد ، مولين أشار
الى أن العمل العسكري ضد إيران
يمكن أن "يفيد كثيرا" في
تأخير حصول إيران على سلاح نووي
، رغم أنه أشار أيضا الى أن هذا
سيكون فقط "خيارا أخيرا"
وأوضح أنه لا يفضل القيام به. إحدى المزايا الأجدر بالملاحظة المتعلقة
بالتحذيرات اللامتناهية حول
إيران هي أنها لا تبدي اهتماما
فعليا بالقدرات الحقيقية
لإيران ، وتعتمد على جميع أشكال
الافتراضات الأسوأ حيال التصرف
الإيراني. لنتأمل الحقائق
التالية ، معظمها مأخوذة عن
طبعة 2010 من "ميلتري بالانس"
التي ينشرها سنويا المعهد
الدولي للدراسات الاستراتيجية
في لندن والذي يحظى باحترام
كبير: الدخل القومي الإجمالي: الولايات المتحدة
13,8 تريليون إيران 359 مليار دولار (الدخل القومي
الإجمالي للولايات المتحدة
أكبر بحوالي 38 ضعفا من الدخل
الإيراني) الإنفاق على الدفاع (للعام 2008): الولايات المتحدة 692 - مليار دولار. إيران 9,6 مليار دولار (ميزانية الدفاع
الأميركية تزيد عن 70 ضعفا عن
نظيرتها في إيران). عدد أفراد الجيش: الولايات المتحدة - 552,085,1 جندي نظامي: 864,547
جندي احتياط (مدربون بشكل جيد
جدا). ايران 525 ألف جندي نظامي: 350 ألف جندي
احتياط (غير مدربون بشكل جيد). الطائرات المقاتلة: الولايات المتحدة 4090 (تتضمن القوة الجوية
الأميركية وقوات البحرية وقوات
المارينز وقوات الاحتياط). إيران 312 (كفاءتها موضع شك). المدرعات التي يمكن استخدامها في المعارك
الرئيسية: الولايات المتحدة 6251 (الجيش وقوات
المارينز). ايران 1613 (كفاءتها موضع شك). سلاح البحرية: الولايات المتحدة 11 حاملة طائرات ، 99
سفينة حربية رئيسية ، 71 غواصة ،
160 قارب خفر السواحل ، إضافة الى
أسطول احتياطي كبير. إيران 6 سفن حربية رئيسية ، 10 غواصات ، 146
قارب خفر السواحل. الأسلحة النووية: الولايات المتحدة 2702 سلاح جاهز للاستخدام
، ستة آلاف سلاح إحتياطي إيران - صفر يمكن للمرء أن يضيف أن إيران لم تقم
باجتياح أحد منذ قيام الثورة
الإسلامية ، رغم أنها دعمت عددا
من المنظمات الإرهابية وشاركت
في أشكال متنوعة من الأعمال
العسكرية السرية. الولايات
المتحدة دعمت أيضا جماعات
إرهابية وقامت بعمليات سرية
خلال الفترة ذاتها ، وهاجمت
عددا من الدول الأخرى ، منها
بنما وغرانادا وصربيا والسودان
والصومال والعراق (مرتان)
وأفغانستان. تبعا لذلك ، وبأي مقياس موضوعي ، نجد أن
إيران لا تضاهي الولايات
المتحدة فيما يتعلق بالقوة
الكامنة ، والأسلحة الجاهزة
للاستخدام ، أو الرغبة في
استخدامها. في الواقع ، إيران
أضعف بكثير من إسرائيل ، التي
تمتلك العدد نفسه تقريبا من
الجنود النظاميين وجنود
الاحتياط المدربين بشكل أفضل
بكثير. إسرائيل لديها أيضا عدد
أكبر وأحدث من الأسلحة الجوية
والمصفحة ومخزون ضخم خاص بها من
الأسلحة النووية. إيران لا تملك
حلفاء أقوياء ، وتفتقر للقدرة
على شن هجوم عسكري خارجي ،
ولديها القليل من القبول
الأيديولوجي. بالرغم مما يعتقده
بعض مثيري المخاوف ، إيران ليست
تجسيدا لألمانيا النازية كما
أنها ليست على وشك إطلاق محرقة
جديدة ضد أحد. كلما فكر المرء في هذا الأمر ، كلما بدا
هاجسنا بإيران أكثر غرابة.
بالتأكيد ، هي نظام غير محبوب
الى حد ما ، ولكن نظرا للإمكانات
الحقيقية لإيران ، لماذا يكرس
القادة الأميركيون كل هذا الوقت
والجهد في حشد الدعم لفرض
المزيد من العقوبات الاقتصادية
(والتي لن تجدي نفعا) أو استخدام
استراتيجيات "لكبح جماح"
إيران التي لا تبدي أي مؤشر على
كونها قادرة على التوسع بأي
طريقة خطيرة؟ حتى احتمال أن
يشعل صنع قنبلة إيرانية في
المستقبل نوعا من سباق تسلح
إقليمي يبدو مبالغا فيه ، وفقا
لرسالة دكتوراة غير منشورة
كتبها فيليب بليك من جامعة جورج
تاون. أطروحة بليك تبحث في تاريخ
الحصول على الأسلحة النووية منذ
1945 ولم تجد دليلا قويا على ما
يدعى "الانتشار التفاعلي".
اذا كان محقا ، فهي تشير الى أن
الدول المجاورة لإيران قد لا
تحذو حذوها حتى وإن حصلت إيران
على سلاح نووي في مرحلة ما في
المستقبل). من الواضح أن روايات بسيطة كتلك التي سبق
عرضها لا تقول لكم كل شيء عن
الدولتين ، أو عن التحديات
السياسية التي يمكن أن تخلقها
إيران لجاراتها. إيران اشتركت
في عدد من الأعمال التي كانت
مثارا للقلق (مثل دعمها لحزب
الله في لبنان) ، ولديها بعض
القدرة على التأثير على الأحداث
في العراق وأفغانستان. علاوة
على ذلك ، وكما تعلمنا في كلتا
الدولتين ، بناء على الحقائق
الفعلية يمكن أن يشن الخصوم
الأضعف عمليات تمرد خطيرة ضد
محتل غريب. واذا هوجمت إيران فهي
تمتلك خيارات متعددة للانتقام
سنكتشف بأنها بغيضة ، مثل
مهاجمة السفن في الخليج العربي.
لذا فإن الضعف الحالي لإيران لا
ينطوي بصورة بديهية على أن
بإمكان الولايات المتحدة أن
تسير قدما وتقصف دون أن أن تفلت
من العواقب. ما يعنيه ذلك هو أن علينا أن نبقي هذا "التهديد"
غير الخطير نسبيا في أذهاننا ،
وألا نسمح للأشخاص الذين يضخمون
حجم التهديد عادة بأن يدفعوننا
الى حرب أخرى غير ضرورية. رأيي
الشخصي هو أن الأدميرال مولين
ووزير الدفاع غيتس يتفهمان هذا
الأمر. آمل أن أكون مصيبا. ولكني
ما زلت حائرا بسبب عدم محاولة
إدارة أوباما القيام
بالاستراتيجية الوحيدة التي
يمكن بالفعل أن تحرز تقدما:
استثناء التهديد باستخدام
القوة من قائمة الخيارات
المطروحة ، وأن تقول لطهران
بأننا نرغب في الحوار بشكل جدي
حول القضايا التي تزعجهم (بالإضافة
الى الأمور التي تزعجنا) ،
ومحاولة إبرام إتفاق تقر إيران
بموجبه البرتوكول الإضافي
لمعاهدة حظر الانتشار النووي
وتنفذه ، ويُسمح لها بعد ذلك
بتخصيب اليورانيوم لأغراض
مشروعة (ولكن ليس لمستوى صنع
الأسلحة). قد لا ينجح ذلك ،
بالطبع ، ولكن حتى أسلوب عملنا
الحالي أو "الخيار الأخير"
الذي أشار اليه مولين في عطلة
الأسبوع الماضي لن ينجح أيضا. ========================== ضياء الفاهوم الدستور 5/19/2010 هناك من يقول بأنه لا فائدة من المفاوضات
غير المباشرة بين الفلسطينيين
واسرائيل لأن المواقف
الإسرائيلية ما زالت شديدة
التطرف والعنصرية وأن أحدا لا
يستطيع أن يتجاوب مع أطماع
الإسرائيليين غير المحدودة ،
وهناك أيضا من يقول: انتظروا
لتروا ما إذا كان ممكنا إقناع
الإسرائيليين بالجنوح إلى
السلام والاستعداد للتجاوب مع
استحقاقاته رغم كل ما بدر منهم
من عنجهيات ومماطلات وعدم وفاء
بما تعهدوا به من التزامات. ورغم أن جولات جورج ميتشل السابقة لم تحقق
نجاحا يذكر في ثني الإسرائيليين
عن تشددهم في الاستمرار بسرقة
حقوق غيرهم بصلف أصبح ممجوجا من
أغلبية أهل الأرض فإنه يأتي إلى
المنطقة هذه المرة ومعه تعليمات
صارمة من مركز القرار في واشنطن
بإنذار من يعرقل عملية السلام
في الشرق الأوسط وتحميله تبعات
ذلك وما يليها من إجراءات دولية.
يبدو أن الولايات المتحدة
الأميركية لم تعد تستطيع احتمال
المزيد من الجرائم والمماطلات
الإسرائيلية التي فاقت كل تصور
والتي أصبحت تحرجها كثيرا أمام
أصدقائها العرب الذين ينتظرون
منها موقفا منصفا لشعب عربي طال
ظلمه وقهره وحصاره وتعرضه
لاعتداءات غاشمة مريرة. وإن صح ذلك فإن من المفروض أن يبلغ جورج
ميتشل اسرائيل كلها بأن
استمرارها في إدارة ظهرها
للسلام سوف يهدد كافة المصالح
الأميركية في الشرق الأوسط
وربما في العالم بأسره وأنه لا
بد من وضع حد للاستيطان
الصهيوني في الضفة الغربية
المحتلة وخاصة في القدس الشرقية
التي لا يستطيع عربي أو مسلم
شريف أو إنسان حر أن يقبل
بإجراءات تهويدها تحت أية ذريعة
لأنها مدينة الأقصى ومدينة
أهلها العرب ومن يتخلى عنها وعن
مقدساتها الإسلامية والمسيحية
فكأنه يتخلى عن دينه وعروبته
وشرفه وإنسانيته وكل المثل
العليا التي بدونها لا معنى
للحياة. لقد عرف المسؤولون
الأميركيون جيدا الآن أكثر من
أي وقت مضى من يضع العقبات أمام
السلام بعد أن واجهوا تعنتا
إسرائيليا له أول وليس له آخر
طوال الشهور الماضية رافقه
اعتداءات غاشمة وتنكر لحقوق
فلسطينية وعربية واضحة وضوح
الشمس وإهمال لقرارات دولية
وعدم التفات لمبادرة سلام عربية
نالت إعجاب وتقدير الكثير من
الدول والمحافل الدولية. وفي كل
الأحوال فإن على الفلسطينيين
والعرب أن يبقوا مستعدين
لمواجهة أطماع الإسرائيليين
ومماطلتهم في تنفيذ استحقاقات
السلام الشامل المبني على
الانسحاب الكامل من الأراضي
العربية التي احتلوها عام 1967
وكل ما نصت عليه مبادرة السلام
العربية لإنهاء الصراع العربي
الإسرائيلي. كل ذي ضمير في
العالم يعلم علم اليقين أن
العرب قد قدموا في مبادرتهم كل
ما يستطيعون تقديمه من أجل أن
يجنبوا الشرق الأوسط انفجارا ذا
عواقب وخيمة وكوارث لا يعرف
مداها إلا الله ، وأنه قد جاء
دور الطرف الآخر كي يقدم ما عليه
أن يقدمه من أجل أن يصبح الأمن
والسلام للجميع وليس لمن لا
يريد أن يعترف للفلسطينيين
باستعادة حقوقهم وفي إقامة
دولتهم كاملة السيادة على
التراب الوطني الفلسطيني
وعاصمتها القدس الشريف. وإذا لم
ينجح الرجل المحنك "جورج
ميتشل" الذي لم يفقد الأمل في
إيجاد حل مقبول لدى كافة
المعنيين فإن عواقب ذلك ستكون
على درجة عالية من الخطورة
سيحمل التاريخ وزر نتائجها بلا
أدنى شك لأهل الكيان الغاصب في
فلسطين. ========================== الحسن بن طلال الدستور 5/19/2010 عن نهج البلاغة للإمام عليّ بن أبي طالب (كرَّم
الله وَجْهَه): - "إنّ اللهَ
سبحانَه فَرَضَ في أموالً
الأغنياء أقواتً الفقراء. فما
جاعَ فقيرّ إلاّ بما مُتًّع به
غنيّ". - "وقد أصبحتمْ في زمنْ لا يزدادُ
الخيْرُ فيه إلاّ إدْبارًا ،
والشّرّ فيه إلاّ إقبالاً ،
والشّيطان في هلاك النّاس إلاّ
طمعًا... اضْرًبْ بطَرْفًكَ حيث
شئتَ من النّاس: هل تُبصًرُ إلاّ
فقيرًا يكابد فقرًا؟ أو غنيًّا
بدَّل نعمةَ اللهً كُفْرًا؟ أو
بَخيلاً اتّخذ البُخْلَ بحقّ
الله وَفْرًا؟ أو متمرّدًا كأنّ
بأُذنًه عن سَمع المواعظ
وَقْرًا؟ أين خًيارُكُم
وصُلَحَاؤكم ، وأحرارُكم
وسُمَحَاؤكم؟ وأين المتورًّعون
في مكاسًبًهًم ، والمتنزّهُون
في مذاهبهم؟". إنّ الفقرَ لا يَعْني الفقرَ المادّيّ.
فكلّ ما يَحًدّ الطّاقةَ
البشريّةَ ويُقزّمُ الإنسانَ
نفسيًّا أو مادّيًّا أو روحيًّا
أو وجدانيًّا هو فَقْر: وكلّ ما
يستلًبُ حقًّا من حقوقً الإنسان
أو يَكبحُهُ أو يَقمعُهُ هو
فَقْر. فالمفهومُ أوسع من مجرّد الجوعً أو
العطشً أو الضَّنَك تحت سيْفً
المجاعاتً والأوبئةً والتصحّر
، وما إلى ذلك. ولعلّه من نافلة القول إنّ رأس المال
البشريّ هو قوامُ الوطن
والأمّةً والمجتمع. فإذا قُيًّد
واستُنزًف من أجل قُوتً يوْمًه
ولقمة عَيْشه ، تباطأ التّقدّم
برمّتًهً ، وأصبحت التّنميةُ
وَهْمًا في وَهْم. ولا ننسى أنّ الّلاجئين ، والمهجّرين ،
والمهاجًرين ، والمقتلَعين من
أرضهم - أيًّا كانت مصادرُ
الهجرةً والتّهجير ، كتغيُّرً
المُناخً والحروبً والنّزاعات
وضروبً الاستبداد - هم في صُلب
قضيّةً الفَقْرً والفقراء. كيف نُساعد هذا الحَشْدَ من الفقراء؟
بالاكتفاء بالهًباتً
والتّبرّعاتً والعطايا
والتّكايا؟ لا ريْب أنّ
الزّكاةَ بمفهومها الواسع
تُساعدُ أيّما مساعدة: لكنْ في
النّهاية نعودُ إلى المثلً
الصّينيّ القديم الذي يشجّع على
تعليم الفقيرً الصّيْد ، بدلاً
من أنْ يُعطى سمكة. ذاك الحَشْدُ من الفقراء هو - للأسف -
خارجَ الزّمان والمكان ، وعلى
الأخصّ خارجَ خُططً التّنميةً
والاقتصاد. فلن يُساهمَ ، إذًا ،
في أيّةً تنميةْ شاملةْ أو
مستدامة. ويا له من هَدْرْ على
كلّ صعيد، وإيحاءاتُ ذلك
وتداعًيَاتُهُ واضحةّ فيما
يتعلّقُ باستقرارً المجتمعً
وأمانًه. فالكلّ يخسرُ إذا
استمرّ الوضعُ على حالًه. لا يُمكنُ أنْ يتقدّمَ المجتمعُ وأنْ
يُنتًجَ حقًّا من دون أنْ يكونَ
الجميعُ أصحابَ أسهمْ فعليّة.
فهذا مبدأ إنسانيّ عام سَرَى
ويَسْري منذ القًدَم. وإلاّ ،
فكيف ينمو الانتماءُ والولاءُ
للوطن؟ أفلا يتعلّقُ ذلك
بمفهومً المواطَنةً في أُسّ
أساسًه؟ نعم: هي الاعتباراتُ
العمليّة ، التي تُخرجُنا من
دائرةً القوْل إلى دائرةً
الفعلً المؤثّر. هنا يأتي مبدأ القانون في خدمة الجميع
ومفهوم التّمكين القانونيّ
للفقراء المُتجذّر من أَلفًهً
إلى يائًه في هذه الاعتبارات من
آليّاتْ وجداولً أعمال
ومشروعاتْ واستراتيجيّاتْ
للتنفيذ. فهنالك أُطُرّ عمليّة
للوصول إلى العدالة ، وحقوقً
المًلكيّة ، وحقوقً العمل ،
وحقوقً ممارسةً الأعمالً
التّجاريّة. والأجدى أنْ نتحرّك في هذا الشأن من
القاعدةً إلى القمّة ، وليس
العكس. فالفقراء أدرى
بًشًعابًهم وهمومًهم
واحتياجاتًهم: لأنّهم هم الذين
يجب أنْ يطبعوا القانونَ
المنشود بطابَعًهم حتّى
يُخلّصوا أنفسَهم من الفقر.
ولنْ يكتملَ الأمرُ من دون
اهتمامْ بالوسائلً والآليّات ،
بما في ذلك الوسائلُ والآليّاتُ
غيْرُ التّقليديّة: أي
المبتَكَرةُ والمُبدًعة. والأملُ أنْ يتحلّى النّاتج بالمرونة
الكافية لتصويبً نفسًهً بنفسًه.
ولن يكونَ ذلك إلاّ بالممارسةً
والتّطبيق بنزاهةْ كاملة. إنّ الموضوع أكبرُ ممّا يُظنّ لأوّل وهلة.
فعدا التّشريعات الذّكيّة
والحكيمة ، المنطلقة من تراكم
الخبرةً والممارسة ، هنالك
عالَمّ واسعّ يستحقّ العنايةَ
من مدارس ، ومعاهد ، ومستوصفات ،
وخًدماتْ اجتماعيّة ، وحتّى
بنوك للفقراء وبنوك طعامْ
للجياع ، كما حُقًّق فعلاً في
ماليزيا ومصر. إنّها دعوةّ إلى القطاعيْن العام والخاصّ
، وإلى المجتمع المدنيّ: أي
الفضاء الثّالث. فلا يُعقَل أنْ
نَشنَّ حربًا شاملةً على الفقر
في كلّ مكان من دون التّكافلً
والتّعاونً والتّضافرً بين
جميع القطاعات. ولا بدّ من أنْ تتواءَم الجهودُ
المحلّيّة مَعَ الجهودً
الدوليّة. فالفلسفةُ واحدة ،
والإنسانيّةُ مشترَكة ،
والنّسيجُ واحد. فالمسبّبات - من
قَبْلُ ومن بَعْدُ - واحدة.
ولعلّ أهمّها التّغيُّرُ
العالميّ في المُناخ ،
والهًجراتُ المختلًفة ، وشُحّ
الموارد فوْق القطريّ ، بل فوْق
القارّيّ أحيانًا. إنّ مشروع التمكين القانوني للفقراء هذا
يَهدفُ إلى شنًّ حملة شاملة ليس
فقط ضدّ الفقر ، وإنّما أيضًا
ضدّ الإقصاء والتّهميش من كلّ
نوعْ ولون. فهي البدايةُ
لسيْرورةْ لنْ تتوقّفَ بإذنًهً
تعالى للإصلاحً الشّامل. (تأتي هذه المقالة بمناسبة إشهار النّسخة
العربيّة من كتاب "من أجل
قانون في خدمة الجميع" - تقرير
لجنة التّمكين القانونيّ
للفقراء - في عمّان: 16 أيار 2010). ہ
رئيس منتدى الفكر العربيّ
وراعيه: رئيس منتدى غرب آسيا
وشمال إفريقيا: عضو في لجنة
التمكين القانوني للفقراء: سفير
الإيسيسكو للحوار بين الثقافات
والحضارات: رئيس شرف منظمة
المؤتمر العالمي للأديان من أجل
السلام. ========================== جويل برينكلي (أستاذ الصحافة بجامعة
ستانفورد الأميركية) «إم سي
تي إنترناشيونال» الرأي الاردنية 5/19/2010 ها نحن مع باكستان مرة أخرى، ولكن الأمر
لا يتعلق بتجربة مألوفة، كلا؛
بل بنسق روتيني في الحياة
المعاصرة: أصولي إسلامي يتدرب
في باكستان ثم يسافر إلى
الولايات المتحدة، أو دولة
غربية أخرى ليعيث في الأرض
فساداً وينشر الرعب والدمار. ولنتأمل هنا العقدين الأخيرين: رمزي
يوسف، منفذ الهجوم على مركز
التجارة العالمية في 1993، ابن
لوالدين باكستانيين في الكويت،
وتدرب على تنفيذ الهجوم في
باكستان. رمزي بن الشيبة،
اليمني المشتبه في كونه منسق
هجمات الحادي عشر من سبتمبر،
اعتُقل في العام التالي في
باكستان. وإضافة إلى ذلك، فإن
عددا من المتورطين في تفجير
قطارات الأنفاق في لندن تلقوا
تدريباتهم قبل خمس سنوات في
باكستان. وكذلك الحال بالنسبة
لريتشارد ريد، صاحب الحذاء
المتفجر. والعام الماضي، وجه
عملاء مكتب التحقيقات
الفيدرالي لنجيب الله زازي
ووالده تهمة التخطيط لهجوم
إرهابي في الولايات المتحدة بعد
أن تلقيا تدريبات على صناعة
المتفجرات والاستراتيجيات
الإرهابية في أحد المعسكرات
الباكستانية. والواقع أن قائمة الهجمات الإرهابية
الحقيقية أو الفاشلة تشمل حوالي
ستة أمثلة مماثلة من باكستان
خلال السنوات الأخيرة، واليوم
يأتي أحدثها: فيصل شاه زاد، منفذ
هجوم تايمز سكوير الفاشل، الذي
تدرب على الإرهاب في بلده
الأصلي باكستان. ولكن، لماذا يحدث ذلك؟ سوريا وليبيا
والجزائر ومصر... وكثير من الدول
مثلها تأوي ملايين الأشخاص
الذين يكرهون الولايات المتحدة
؛ غير أن أيا منها – بل أي بلد في
أي مكان آخر - لا يقوم بإرسال
مجرمين أشرار إلى الولايات
المتحدة بشكل منتظم مثلما تفعل
باكستان. فما الذي يجعل باكستان
«متميزة»؟ التفسير التاريخي
السائد ينحى باللائمة جزئياً
على الولايات المتحدة، على
اعتبار أنها شجعت الباكستانيين
على محاربة القوات السوفييتية
في أفغانستان خلال الثمانينيات.
وربما يكون ذلك قد لعب دوراً ما
على اعتبار أنه فتح شهية
الباكستانيين للجهاد؛ ولكنني
أعتقد أن الحكومة الباكستانية
تتحمل النصيب الأكبر من
المسؤولية. لماذا؟ باكستان واحدة من تلك البلدان -
وعددها أكبر مما قد تتوقع - التي
لا تفعل حكوماتها شيئاً من أجل
شعبها، اللهم المطالبة بدفع
الضرائب والرشى. فهي لا تقدم أي
خدمات اجتماعية تقريبا،
والمجتمع من التفاوت لدرجة أنه
يقع ضمن نظام اجتماعي طبقي
فعلي، على غرار الهند المجاورة
التي خرجت منها باكستان قبل 60
عاما. وعلاوة على ذلك، فإن ثلثي
الباكستانيين يعيشون اليوم في
الأقاليم، ويشكلون «الطبقة
الدنيا» – التي تتجاهلها إسلام
آباد، إلا عندما يتعلق الأمر
باستغلالهم. ذلك أن الرعاية
الصحية منعدمة تقريبا؛
والمدارس «تعاني من أسوأ أشكال
الإهمال واللامبالاة»، حسب
شهادة لجمعية باكستانية معنية
بالدفاع عن حقوق الأطفال الشهر
الماضي، حيث تنفق الحكومة 1 في
المئة فقط من ميزانيتها على
خدمات الرعاية الصحية و2 في
المئة على التعليم. صحيح أن جزءا كبيرا من العالم يحكمه حكام
لا يعتبرون تقديم الخدمات
العامة جزءا من مسؤوليتهم؛ كما
أن توقع قيام الحكومة بتوفير
الخدمات الاجتماعية هو ظاهرة
حديثة نسبياً، وفي البلدان
المتقدمة فقط. فماذا كانت تقدم
الحكومة الفيدرالية للأميركيين
قبل 100 عام؟ غير أن النتيجة في
باكستان هي أن الأغلبية الساحقة
من الشعب فقير وغير متعلم؛ ذلك
أن حوالي ثلث الأولاد فقط،
وأكثر من ربع البنات بقليل،
يكملون تعليمهم الابتدائي. كما
أن متوسط الدخل الفردي يناهز 900
دولار سنوياً، وهو عدد كان
سيكون أدنى من ذلك بكثير لولا
احتساب أموال الأوليجارشيين
المليونيرات التي تساهم في
تضخيم المتوسط. وعلاوة على ذلك، فإن منظمة اليونيسيف
تفيد بأن 42 في المئة من أطفال
باكستان يعانون سوء التغذية
الحاد إلى درجة أنهم يعانون من
التقزم، بمعنى أنهم لا ينمون
جسديا. أقول اثنين وأربعين في
المئة! وبالتالي، فالضرر دائم.
وعندما ينمو الأطفال، فإنهم
يكونون غير متعلمين (جيداً)
عموما؛ كما أن نصفهم تقريباً
يعانون من قدرات ذهنية «مقزمة»؛
غير أن معظمهم يكونون واعين بما
يكفي للتأثر والتشبع بالأفكار
المعادية لأميركا التي تحرك
المجتمع الباكستاني. هذا مع
العلم أن 44 في المئة من الشعب
الباكستاني اليوم هم دون سن
الثامنة عشرة؛ وضمن هذه الفئة
العمرية يوجد الجيل المقبل من
المتطرفين الغاضبين. لقد شاهدنا جميعنا أفلاما أو قرأنا كتبا
تصور الملالي في بلدان إسلامية
يجندون شبابا لحساب مجموعات
إرهابية. والواقع أن باكستان هي
نموذج ذلك. فهناك، يفوز الأطفال
الذين يوافقون على التجنيد
باحترام جديد من أصدقائهم، وإن
كانوا في حالات كثيرة لا يملكون
اختيارا، إذ تتراوح احتمالات أن
يحالفهم الحظ في إيجاد وظيفة
يكسبون منها قوت يومهم بين
الضعيفة والمنعدمة. وفي هذا السياق، يقول عادل نجم من جامعة
بوسطن، الذي يكتب مدونة (All
Things Pakistan) : «أن
يأتي إليك شخص ويعرض عليك
مستقبلا جيدا، فذلك عرض مغر جدا». لقد قلتها من قبل، وسأقولها مرة أخرى: إن
مشكلة أميركا ليست أفغانستان،
بل المشكلة هي باكستان. ومثلما
قال دانييل ماركي، المسؤول
السابق في وزارة الخارجية
الأميركية للكونجرس: «يتعين على
الولايات المتحدة أن تغيِّر
تركيزها الاستراتيجي ليس فقط من
العراق إلى أفغانستان، وألا
تربط أفغانستان بباكستان فقط،
وإنما أن تخطو خطوة إضافية وتضع
باكستان في صميم اهتمامنا
الاستراتيجي». ========================== محمد خرّوب الرأي الاردنية 5/19/2010 لا تلوح في الأفق أي إمكانية للخروج من
الازمة السياسية التي تعصف
بالعراق منذ المفاجأة التي
احدثتها انتخابات السابع من
اذار الماضي, وخصوصاً لجهة
تكريس موازين قوى جديدة, ألغت
بموجبها قواعد اللعبة السياسية
والحزبية التي تكرّست منذ
التاسع من نيسان 2003, والتي أخذت
منحى طائفياً ومذهبياً وعرقياً
على انقاض نظام طالما اتهمه
حكام العراق «الجدد»
بالديكتاتورية والقمع ومصادرة
الحريات وانتهاك حقوق الانسان,
وتحويل العراق الى مزرعة عائلية
ومرتعاً للفساد والافساد
والمزاجية.. لم تختلف حال العراق كثيراً بعد الاحتلال
الاميركي, اللهم سوى أن «الدولة»
العراقية قد تقوّضت وغدا
التبرير الاميركي للغزو بعد
انكشاف اكذوبة اسلحة الدمار
الشامل والعلاقة السرية مع
القاعدة, هو إطاحة النظام
الديكتاتوري وبناء الديمقراطية
في البلاد.. الجهود المبذولة على أكثر من صعيد اقليمي
لتشكيل حكومة جديدة ما تزال
متعثرة, والانتظار الذي ميّز
الاسبوعين السابقين, لمعرفة
نتائج الفرز اليدوي لصناديق
دائرة بغداد الكبرى, والذي جاء
استجابة لاعتراض قدمه نوري
المالكي, انتهى عملياً مع اعلان
المفوضية العليا المستقلة
للانتخابات في العراق أن نتائج
اعادة الفرز اليدوي لبغداد جاءت
متطابقة مع النتائج الاولية
التي اعلنتها في وقت سابق.. الطريق الى اعلان النتائج النهائية بات
متاحاً, ما يعني أن مرحلة
الاعتراضات والاستئنافات
ستنتهي, رغم أن معظمها جاء من
جهة رئيس ائتلاف دولة القانون
رئيس الحكومة المنتهية ولايته
نوري المالكي, الذي بات الان في
وضع لا يحسد عليه بعد أن فشلت كل
محاولاته (وإن كان في شكل غير
نهائي حتى الان) للعودة الى
موقعه عبر «كتلة» إئتلافية
تمكّنه من الالتفاف على النص
الدستوري, الذي يمنح الكتلة
الفائزة (الأعلى في عدد المقاعد)
فرصة تشكيل الحكومة, الامر الذي
بات الان اكثر تعقيداً أمام
المالكي, حيث تبدو القائمة
العراقية بزعامة اياد علاوي,
اكثر اصراراً على «الشرعية
الدستورية وعلى الاستحقاق
الانتخابي», على ما قال طارق
الهاشمي بعد تثبيت مقاعد مدينة
بغداد.. فهل ثمة فرصة أمام علاّوي للعودة الى
الموقع الذي شغله قبل سبعة
أعوام, ولم يكن وقتها منتخباً بل
تم تعيينه بقرار من مجلس الحكم (كغطاء
لقرار اميركي معروف)؟ الاحتمالات متساوية و»بيضة القبان» في
هذا الصراع الدائر على الأوزان
والاحجام, هو التيار الصدري
الذي يُبدي تمايزاً نسبياً عن
حلفائه في الائتلاف الوطني
العراقي (عبدالعزيز الحكيم
وابراهيم الجعفري) ولا يتردد
زعيمه (مقتدى الصدر) في وصف نوري
المالكي ب (الكذاب) ما يعطي
انطباعاً بأن العداء بينهما ما
يزال مستحكماً وأن التيار
الصدري يحاول تصدر المشهد وفرض
قواعد لعبة جديدة في المرحلة
التي ستشهد تطبيق الجداول
الزمنية للاتفاقية الامنية,
التي وقعها المالكي مع جورج بوش
والتزمها خلفه باراك اوباما,
فيما يواصل اياد علاّوي في
مقابلاته المتلفزة مع قنوات
عراقية, توجيه الانتقادات
اللاذعة لهذه الاتفاقية في غمز
واضح من قناة المالكي, وتحميله
مسؤولية تدهور الاوضاع الامنية
والاقتصادية والخدمية في بلاد
الرافدين, فضلاً عن مأسسة
الفساد ونهب المال العام
وخصوصاً في تجذر الممارسات
الطائفية والمذهبية.. هل قلنا الانسحاب الاميركي؟ نعم, فادارة اوباما تستعد لسحب 30 الف جندي
في اوائل آب المقبل, إلا أن
الانسحاب سيشمل القوات
المقاتلة أما الوجود الاميركي
فسيتواصل وهو «باق في المجالات
الاقتصادية والدبلوماسية
والثقافية واعادة الاعمار» على
ما أكد السفير الاميركي في
العراق ديفيد هيل خلال زيارته
محافظة نينوى قبل يومين.. ثمة اذاً أكذوبة اخرى تجري محاولات حثيثة
لتسويقها – وهنا تتساوى الكتل
والقوائم والكيانات السياسية
والحزبية تقريباً – عند الحديث
عن الانسحاب الاميركي, فالتضليل
واضح ولم تأت «اميركا» الى
العراق لتصرف كل هذه الاموال
والارواح وتآكل سمعتها وتشويه
صورتها, لترحل بهذه السهولة
وخصوصاً أنها لم تسترد بعد «رأس
المال» الذي دفعته, مضافاً اليه
الفوائد والغرامات والقيمة
المضافة التي تتمثل في
الاستحواذ على الكعكة العراقية
الأهم (النفط) والتمتع بالمكانة
الاستراتيجية التي يتوفر عليها
هذا البلد العربي المركزي, دع
عنك المغزى العميق لوجود أضخم
وأكبر سفارة اميركية في العالم
في عاصمة الرشيد.. لهذا كله يبدو الصراع على رئاسة الحكومة
مجرد فصل صغير في حرب (وليس مجرد
معركة) لاعادة ترتيب الاوضاع
لادارة اميركية, لم تنجح حتى
الان في كتابة جدول اعمال واضح
ومحدد للمرحلة التي يستعد
العراق.. لعبورها.. ========================== من الصين إلى دول حوض
النيل: لماذا تنتصر علينا
إسرائيل... بأصدقائنا؟! طلال سلمان السفير 5/19/2010 في يوم واحد تلقى أهل النظام العربي
ضربتين مؤلمتين ممن كانت الأمة
العربية جميعاً تعتبرهم من أخلص
الأصدقاء ومن ذوي القربى حتى
كادوا أن يكونوا أشقاء.. فأما الضربة الأولى فقد وجهها الصينيون،
وعبر الدورة الرابعة لمنتدى
التعاون العربي
الصيني الذي انعقد في مدينة
تيانجين، وشارك فيه وزراء
الخارجية العرب يتقدمهم الأمين
العام لجامعة الدول العربية
عمرو موسى.. وأما الضربة الثانية فمن الأفارقة،
وتحديداً من أكثرية دول حوض
النيل (إثيوبيا وأوغندا ورواندا
وتنزانيا ومعها بوروندي
والكونغو الديموقراطي) الذين
تلاقوا في عنتيبي (في أوغندا)،
في غياب دولتي المصب مصر
والسودان، للتوقيع على اتفاق
جديد لتقاسم مياه النهر العظيم،
يكون بديلاً من الاتفاق ذي
الطابع الدولي الموقع في العام
1959 تثبيتاً للاتفاق الأول الذي
وضع في العام 1929، وحين كانت هذه
الدول جميعاً خاضعة للاستعمار
الغربي (بريطانيا أساساً
وايطاليا وبلجيكا وفرنسا). ... ومن محاسن الصدف أن تتزامن هاتان
الضربتان بينما العدو
الإسرائيلي يحتفل بالذكرى
الثانية والستين لإقامة «كيانه
السياسي» على أرض فلسطين التي
كان الشعب العربي في مختلف
دياره يشارك أهلها وهم الإخوة
الأشقاء إحياء ذكرى «النكبة»
التي أخرجتهم من معظم بلادهم
وشردتهم في أربع رياح الأرض «لاجئين»
يذوي أملهم في «العودة» يوماً
بعد يوم، بهمة أهل النظام
العربي وتواطئهم على «قضيتهم
المقدسة» بمبادرات التنازل
التي ترفضها إسرائيل، مباشرة أو
عبر واشنطن، لأنها تعرف أن
رفضها سيجعل العرب يقدمون
تنازلات جديدة حتى لا تبقى قضية
ولا من يفاوضون. بديهي والحالة هذه أن يتوقف المواطن
العربي أمام هذه الوقائع
الجارحة ليسأل عن الأسباب التي
أدت الى مثل هذه الخسارة
الفادحة في الأصدقاء الكبار
كالصينيين وذوي القربى من
الأفارقة، وعن المسؤولين عن
التسبب فيها وحرمان الأمة
العربية من بعض الأهم من عناصر
قوتها على المستوى الدولي، مما
يلحق الأذى البالغ بقضاياها
العادلة بل وحقوقها في أرضها
ومواردها الطبيعية. كيف ولماذا تجاوز الصينيون موجبات
الصداقة بتاريخها الحافل
والمضيء ومعها مقتضيات توطيد
علاقات التعاون الاقتصادي مع
الدول العربية، وهي مؤثرة جداً
في ازدهار التجارة الصينية،
وتجاهلوا حتى أصول الضيافة،
وتمسكوا بموقفهم المستهجن من
رفض النص (الذي كان في مستوى
البديهيات الى ما قبل فترة
بسيطة) حول حق الفلسطينيين في «بعض»
القدس، أي القسم الشرقي
القديم منها، كعاصمة
لدولتهم العتيدة؟! ماذا عدا مما بدا ليمكن تفسير هذا التحول
في الموقف المبدئي للصين، من
القضية العربية الأقدس
والأخطر، فلسطين، وقد كانت في
طليعة الدول غير العربية التي
اعترفت بمنظمة التحرير
الفلسطينية، واستقبلت «رئيسها»
عند إنشائها الراحل أحمد
الشقيري في احتفال مشهود سنة 1964،
واستمعت قيادتها الى خطبه
الحماسية فيها، قبل أن تتعهد له
بالمساعدة، سياسياً وعسكرياً،
لتعزيز قدرات المنظمة ونضال
الشعب الفلسطيني من أجل إقامة
دولته المستقلة على «بعض أرضه
الوطنية» بعاصمتها القدس
الشريف؟ ذلك من التاريخ.. لكن الحاضر يقدم شهادة
أقوى تأثيراً لأنها تتجاوز
العواطف والمواقف المبدئية الى
الاقتصاد والمصالح وبالأرقام،
ومنها: 1 إن التجارة الثنائية بين الصين والدول
العربية قد تجاوزت المئة بليون
دولار في العام الماضي، على
الرغم من الأزمة المالية
العالمية.. فهي قد ارتفعت من 36,4
بليون دولار الى 107,4 بلايين
دولار في العام 2009. 2 ان الاستثمارات الصينية والعربية
المباشرة قد ارتفعت من 1,1 بليون
الى 5,5 بلايين دولار بين 2004 و2009 3 ان الصين تحتل المركز الأول في مصر من
حيث نطاق الاستثمار، وعدد
الشركات الصينية المسجلة في مصر
بلغ 1022 شركة. 4 ان الصين صارت ثاني اكبر مستورد وثالث
اكبر سوق للسعودية (حتى لا ننسى
النفط ومشتقاته) وقد زادت
التجارة الثنائية الى 41 بليون
دولار اعتباراً من 2009 واتفق على
زيادتها لتبلغ 60 ملياراً بحلول
2015. 5 ان المؤسسات الصينية تشارك حالياً في
تنفيذ مئة مشروع للتنمية داخل
السعودية، وان استثماراتها
فيها تبلغ 11,8 بليون دولار. ولقد دخل مشروع الاثلين، وهو الأكبر من
نوعه في الصين، طور التشغيل
التجاري بصورة رسمية، عشية
انعقاد الدورة الرابعة لمنتدى
التعاون العربي
الصيني في 11 أيار
مايو 2010.
6 يجري العمل حالياً لإقامة منطقة حرة بين
الصين ومجلس التعاون الخليجي. كل هذه المصالح والمشاريع المشتركة
والتبادل التجاري بعشرات
البلايين من الدولارات، ثم
تمتنع الصين عن الموافقة على
سطر في البيان المشترك يشير الى
القدس الشرقية كعاصمة للدولة
الفلسطينية العتيدة؟! كيف يمكن تفسير هذا الفصل القسري والنافر
بين المصالح الاقتصادية
والموقف السياسي؟ وكيف يقبل أهل
النظام العربي ومعهم جامعتهم أن
يصدر البيان المشترك خلواً من
مطلبهم البديهي، ويسكتون عن هذه
«الجلافة» في الموقف الرسمي
الصيني، ولا يذكرون مضيفهم بأن
لهم هم بدورهم موقفهم ممن
يتجاهلون قضاياهم أو يسيئون
إليها، لا سيما ممن كانوا في
السابق أصدقاء حميمين ويتصدرون
صف المطالبين بحقوق الشعب
الفلسطيني في أرضه؟ وهل من الضروري التذكير بالنمو المطرد
للعلاقات الصينية مع إسرائيل
والتي تشمل مجالات حساسة جداً
بالنسبة للعرب، تلامس المستوى
العسكري، اذ ان الصين من أهم
الدول المشترية سلاحاً من
إسرائيل أبرزها الطائرات
القتالية «فالكون» الى جانب
رقائق الكومبيوتر وكل ما يتصل
بعملية الري بالتنقيط وتتعاون
معها في مجال إنتاج الطائرات
الهجومية من دون طيار...
والذريعة دائماً أن إسرائيل بين
الدول الأكثر تقدماً في هذه
المجالات. الطريف أن إسرائيل تقدم مليار دولار
بصورة قروض لمشاريع إنمائية
زراعية وصحية... وواضح أن هذه
القروض هي بعض فوائد
الاستثمارات أو المبيعات
الإسرائيلية للصين، لا سيما
العسكرية منها! [[[[[[ أما دول حوض النيل فإن موقفها من مصر
والسودان أدهى وأمّر. لقد كانت هذه الدول أقرب في صداقتها لمصر
والسودان الى الإخوة، ولطالما
ساندت مصر شعوب القارة عموماً،
وشعوب دول حوض النيل خصوصاً، في
سعيها من أجل التحرر من
مستعمريها الأوروبيين والحصول
على استقلالها السياسي، ثم قدمت
لها ما تستطيع من المساعدة على
المستوى الاقتصادي والعسكري
والأمني. لكن مصر التي تخلت عن دورها الحيوي
والأساسي، عربياً وأفريقياً
وفي مجمل دول عدم الانحياز، قد
فقدت الكثير من نفوذها المعنوي،
وغابت عن دائرة التأثير، حتى
تجرأ عليها أهل الانقلابات من
حكام بعض الدول الأفريقية
الفقيرة، بتحريض مباشر من
إسرائيل أساسا، وبتشجيع أميركي
عامة، لكي «تسترد حقوقها» في
مياه النيل، وهي حقوق لم تغصبها
مصر أو السودان، بل هي تنالها
بموجب اتفاقات دولية لا مبرر
لنقضها... وإذا كان ثمة حاجة
لتعديلها فباب المفاوضات مفتوح
دائماً، وفي جو أخوي وضمن الحرص
على مصالح الأطراف جميعاً. لم تتقدم هذه الدول بمشروعات لاستثمار
مياه النيل فتصدت القاهرة أو
الخرطوم لمنعها أو عرقلتها. ولم تخرق مصر أو السودان الاتفاق الدولي
المعقود 1959، بل إن الدولتين
تتمسكان به مع الاستعداد للبحث،
في جو أخوي، مع الدول الشريكة في
حوض النيل، في كل ما يتصل بتطوير
استخدامها لحصصها من مياه النيل.
وعلى امتداد السنوات العشر الماضية كانت
القاهرة والخرطوم تواصلان
التفاوض مع سائر دول حوض النيل
للوصول الى اتفاقات عادلة
ومحققة لمصالح هذه الدول جميعاً
على قاعدة الشراكة في هذا
المورد الحيوي بما يخدم أهداف
التقدم وتحسين شروط الحياة في
الدول ذات العلاقة. وبغض النظر عما إذا كان للاتفاق الجديد «أية
قيمة قانونية بالنسبة للدول
التي لم توقع عليه» أم لا، فإن
التوقيع عليه يظل يمثل «محاولة
للضغط من دول المنبع على دول
المصب» لوضع مصر والسودان أمام
الأمر الواقع. ومعروف أن حصة دولتي المصب، تبلغان على
التوالي: 55,5 مليار متر مكعب
سنوياً لمصر، و18,5 مليار متر
مكعب للسودان. معروف أيضا أن دول المنبع لا تستثمر مياه
النيل التي تخصها، بموجب
الاتفاق، نتيجة لأسباب كثيرة،
بينها عدم الاستقرار والفقر
وافتقاد الخبرة، وبالتالي
فالمشكلة ليست في حصصها بل في
القدرة على استثمارها. [[[[[[ يصعب توجيه السؤال الى أهل النظام العربي
عن خسارة العرب أصدقاءهم
التاريخيين، لا سيما في دول
الجوار الأفريقي، ثم في دول عدم
الانحياز، وقد كان لهم رصيد ضخم
عبر إسهامهم في دعم حركات
التحرر، سياسياً وعلمياً
وثقافياً وربما عسكرياً في بعض
الحالات، وبالخبرة حيث تحتاج
تلك الدول التي أفقرتها دهور
الاستعمار وتركتها نهباً لفوضى
الحدود والخلافات القبلية
والفقر المدقع؟! لقد كان لمصر، على وجه التحديد، نفوذ
معنوي ممتاز، وكانت الشعوب
الأفريقية تتطلع الى القاهرة
كعاصمة لها جميعاً، وكثير من «الكادرات»
الذين تولوا مناصب قيادية من
متخرّجي الجامعات في مصر أو في
الجزائر أو في دمشق وبغداد. ثم ان مصالح هذه الدول تتقاطع
حكماً مع
دول جوارها العربي، وقد يفيد
الاقتصاد حيث لا تفيد السياسة. وبديهي أن إسرائيل قد أفادت من الفراغ
العربي، لا سيما بعد انكفاء مصر
عن لعب دورها الذي لا بديل منه
في المحيط الأفريقي، وبعد تخلي
الجزائر عن طموحاتها
الأفريقية، وبعد اكتفاء العقيد
القذافي بالمهرجانات
الفولكلورية حيث حظي بلقب ملك
ملوك القبائل الأفريقية... ثم لم
تبذل أية دولة عربية الجهد
الكافي للتعاون مع هذه الدول
حيث يمكن تحقيق فوائد اقتصادية
ممتازة، فضلاً عن تبادل الدعم
السياسي. مؤخراً فقط بدأ الزحف الخليجي
السعودية والإمارات وقطر
في اتجاه أفريقيا، ولكنه
اتخذ سياقاً استثمارياً مطهراً
من السياسة، حتى لا تغضب
إسرائيل أو تستفز الولايات
المتحدة الأميركية... فالمال
الذاهب الى الربح، والى مزيد من
الربح، لا يعنيه كثيراً أن
يواجه إلا منافسيه، وقد يشارك
من هم في حكم «الخصوم» بل «الأعداء»
لأهل وطنه. وباختصار: كان العرب في أفريقيا شركاء
نضال، يقدمون خبراتهم وبعض
الإمكانات لهذه الشعوب
المضطهدة والتي طالما نظرت الى
القاهرة والجزائر وطرابلس
والخرطوم كدار احتضان ودراسة
وإعداد وربما دار لجوء، أو
كقواعد خليفة لنضالهم من أجل
التحرير والتقدم لبناء دولهم
المستقلة. أما وقد غدت ديار العرب ذاتها مخضعة
للهيمنة الأجنبية، وبعضها محتل
(كالعراق) نتيجة السياسات
العبقرية لأهل النظام العربي
وتنازلاتهم غير المحدودة
لإسرائيل، فبأي حق نطالب
الآخرين أن يكونوا عرباً بينما
يتنصل العرب من عروبتهم؟ من يخسر نفسه، وهويته، فكيف سيحفظ
أصدقاءه، وهل يحق له أن يطالبهم
بما أعفى نفسه منه من واجباته
الوطنية حيال شعبه وأمته؟! تنشر بالتزامن مع جريدة «الشروق»
المصرية ========================== هذه الدراسات "الإسرائيلية"
لمشاريع مياه النيل آخر تحديث:الأربعاء ,19/05/2010 عاطف الغمري الخليج قد أتفق مع الرأي القائل بعدم إقحام أطراف
خارجية -وبالأخص “إسرائيل”- في
العبث بالعلاقات بين دول حوض
النيل، لكني أتفق أيضاً مع
القول إن “إسرائيل” لها
استراتيجية أمن قومي ومصالح
حيوية، تمتد مساحة عملها إلى
إفريقيا . هذه الاستراتيجية ليست منفصلة عن السياسة
التي عرفت في أواخر الخمسينات
باسم نظرية محيط الدائرة (Periphery
theory) والتي وضعها ديفيد بن غوريون أول رئيس
وزراء ل”إسرائيل”، وتعني
القفز على إطار الدائرة المحيطة
ب”إسرائيل”، والتي تضم الدول
العربية المشتبكة في صراع معها،
إلى الدول الواقعة في محيطها،
وهي دول إسلامية يفترض بالضرورة
أن تكون رصيد قوة للعرب . وإذا
وصلت “إسرائيل” إليها وأقامت
معها علاقة تعاون واسعة النطاق،
أمكنها ألا تجعل هذا الرصيد من
نصيب العرب . وهذا ما نجحت فيه “إسرائيل” بعلاقات
مبكرة عسكرية ومخابراتية
واقتصادية مع إيران وتركيا . والتشابه قريب بين تطبيقات هذه النظرية
وبين التقرير المقدم في سبتمبر/
أيلول 2008 من آفي ديختر وزير
الأمن “الإسرائيلي” الذي
يتحدث عن الساحات المحيطة ب”إسرائيل”،
والتي تمتد إلى إفريقيا . ولو رجعنا إلى نظرية بن غوريون لوجدنا أن
أبرز مراحلها اللاحقة، طبقت في
أوائل التسعينات، مع دول آسيا
الوسطى الإسلامية . فعقب
استقلالها عن الاتحاد
السوفييتي، توجهت مباشرة إلى
الدول العربية تطلب أن يكون لها
في هذه البلاد وجود ثقافي بحكم
احتياجها لإحياء الوعي
بالإسلام، ويتشعب إلى مجالات
متعددة، لكنها لم تلق استجابة .
وعلى الفور تقدمت “إسرائيل”
بمشاريع وخطط جاهزة، تملأ به
فراغاً لم يتقدم العرب لملئه،
وأرسلت خبراء ومسؤولين، ساعدوا
في مشروعات للزراعة والري
والبيئة والصحة، وغيرها، حتى
أصبحت هناك حوالي 30 جمعية صداقة
“إسرائيلية” - إسلامية، وخطوط
طيران مباشر بين بعض عواصمها
وبين تل أبيب . وبالمثل جرى الوصول والوجود في الساحة
الإفريقية الخالية من وجود عربي
وفق استراتيجية تعرف ما الذي
هناك من فرص وتحديات . وبدأت “إسرائيل”
علاقاتها بتقديم معونات،
ومساعدات مالية، ومبيعات
للسلاح، وإيفاد ضباط للتدريب
العسكري، ثم بعد ذلك مقترحات
لمشروعات اقتصادية مشتركة،
بعضها ركز على اقتصاديات المياه
لدول حوض النيل، وإقامة سدود
على النيل . كان ذلك في إطار استراتيجيتها الكبرى،
التي تتحرك في اتجاهين: الأول،
أن تخلق “إسرائيل” لنفسها
مواقع تأثير في عمق الأمن
القومي المصري، وحيث إن السلام
لا يمنع من التنافس، والسعي من
الأطراف لتعزيز مواقعها في
مواجهة بعضها . والثاني، يرتبط بأفكار “إسرائيلية”
معروفة عن توسيع شبكة روابطها
الإقليمية، التي تبدأ بعلاقات
تبادلية مع دول عربية ليست لها
معها معاهدات سلام . وتم توسيع
دائرة هذه العلاقات إلى محيط
الدائرة . وعندما يأتي يوم يتفق فيه على ترتيبات
سلام شامل، يمكن ل”إسرائيل”
عندئذ المطالبة بأن تكون جزءاً
من ترتيبات إقليمية أعم وأشمل،
لا تتوقف عند حد التطبيع
الاقتصادي، بل تشمل أيضاً مطالب
لها في المياه، وهذا الهدف كامن
وراء الدعوة التي صرنا نسمعها
في السنوات القليلة الماضية، عن
إدخال “إسرائيل” ضمن نظام
إقليمي أمني واقتصادي للمنطقة
مع الدول العربية . ونظرة “إسرائيل” إلى مياه النيل ليست
جديدة، فهي محل دراسات متصلة،
من بينها دراسات أعدت خلال
الفترة من 1964-،1976 من جانب وكالة
التخطيط “الإسرائيلي” للمياه،
ومن بينها دراسة في عام ،1974
تتحدث عن جدوى نقل مياه النيل
إلى غزة، ومنها بعد ذلك إلى “إسرائيل”
. وتكرر المعنى نفسه في كتاب “الصراع على
المياه”، الصادر عام ،1989
للدكتور إيليشا كيلي رئيس هذه
الوكالة، ثم في ورقة عمل عام 1992
عنوانها “خيارات حل مشكلة
المياه الفلسطينية في إطار سلام
إقليمي” . وهذه الفكرة طرحها بشكل محدد شيمون بيريز
في كتابه الصادر عام 1993 بعنوان
“الشرق الأوسط الجديد”، الذي
ركز فيه على احتياج “إسرائيل”
لزيادة سريعة في مواردها
المائية . وقال بالتحديد: “إن
أفضل مصادر المياه موجودة عادة
خارج حدود الدول التي هي في أشد
الحاجة إليها” . وذكرت الدراسات التي تناولت هذا التوجه
أن بيريز كان يقصد مشروعات
لأنابيب تحمل مياه النيل إلى “إسرائيل””
. مرة أخرى لا أريد أن أقول إن “إسرائيل”
هي التي خلقت الجدل الذي دار حول
الاتفاقية بين دول حوض النيل،
لكن ذلك لا يمنعها من استغلال
الفرص حتى تتاح لها، إذا ما رصدت
فراغاً تستطيع هي أن تقتحم
ساحته . ولا سبيل إلا بعودة مصر إلى تعزيز وجودها
الفعلي والفعال في إفريقيا، حسب
خطة تنشط سياسياً، واقتصادياً،
واجتماعياً، وثقافياً . فمصر هي
جزء من إفريقيا، ووجودها في
القارة طبيعي ومنطقي . كما أن
إفريقيا عمق استراتيجي لمصر،
التي لها فيها رصيد تاريخي ما
زال حاضراً في ذاكرة قادتها
وشعوبها . ولا يمكن أن يتحقق ذلك بخطوات مجزأة، بل
من خلال استراتيجية إفريقية
شاملة ومدروسة وعاجلة . ========================== مواقف سوريّة وضعت حداً
لكل التأويلات الأسد - الحريري: تطورات
إيجابية والعلاقات "أفضل
بكثير" سمير منصور النهار 5/19/2010 عندما كانت الاوساط القريبة من الرئيس
سعد الحريري تنفي التسريبات
المتتالية عن توتر بينه وبين
القيادة السورية والرئيس بشار
الاسد شخصيا، وتقول انها من صنع
متضررين من تقارب بينهما ومن
تحسن في العلاقات اللبنانية –
السورية، كان البعض يرى في ذلك
النفي شيئا من الديبلوماسية او
محاولة التغطية على خلاف قد
يكون موجودا، الى ان جاء الرد
على لسان الرئيس الاسد مباشرة
قبل يومين خلال استقباله وفد
المشاركين في مؤتمر "العروبة
والمستقبل" الذي عقد في دمشق.
واللافت ان الرئيس الاسد استعمل
العبارات نفسها اذ تحدث عن
متضررين من تطور هذه العلاقات
قدما نحو الافضل، وعن متعيّشين
على الازمات "ينقطع رزقهم"
من جراء هذا التطور. وكان من الطبيعي ان ترتفع اصوات مع كل
حديث عن زيارة للحريري لسوريا
او غيرها، فكيف اذا كانت ضمن
جولة عربية تليها زيارة لواشنطن
ونيويورك؟ وقد نفى الرئيس الاسد
بشكل قاطع ان يكون من شأنها "ان
تقلقنا"، واستتبع كلامه
بتذكير من الناطقة باسم الرئاسة
السورية بثينة شعبان في حديث
تلفزيوني لمحطة "المنار"
بمواقف متقدمة للحريري ردا على
الضغوط الاميركية والاسرائيلية
على لبنان وسوريا ولا سيما حول
رواية صواريخ "سكود" ل"حزب
الله" عن طريق سوريا، وقد شبه
الحريري يومها، وكان في زيارة
لايطاليا الحديث عن صواريخ "سكود"
بالحديث الاميركي عن اسلحة
الدمار الشامل التي اتهم
باقتنائها العراق وثبت لاحقا
عدم صحته. وبدا واضحا من كلام الرئيس السوري ان ثمة
ارتياحا للمشاورات التي بدأها
الحريري في الرياض ودمشق عشية
زيارته واشنطن ونيويورك، ولا
سيما ان الحريري في زيارته
الاميركية لا يمثل لبنان فقط،
بل انه من خلال ترؤسه جلسة لمجلس
الامن لكون لبنان رئيسا دوريا
للمجلس ممثلا المجموعة
العربية، لمناقشة "حوار
الثقافات والانعكاسات على
الامن الاقليمي والدولي"
انما يمثل الدول العربية من هذا
الموقع، ومن المفيد ان يكون
محصنا بموقف عربي من خلال
مشاوراته العربية التمهيدية. واذا كان في الأوساط السياسية من طرح
تساؤلات حول توقيت الجولة
العربية للحريري وربطها بما
سماه "تغطية" لزيارة دمشق،
فان الوقائع من خلال مواقف
الرئيس الاسد، قد تجاوزت مثل
هذه التساؤلات، وليس في هذه
الجولة على كل حال ما من شأنه
استفزاز سوريا، بل على العكس
فإن اي تحرك لبناني رسمي يمكن ان
يخدم لبنان وسوريا في الوقت
نفسه، ويدرك الرئيس الاسد قبل
غيره ان الاتصالات العربية
والدولية التي كان يجريها
الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لم
تكن سوريا غائبة عن معظمها، بل
كانت في صلبها، وكانت منسقة في
المفاصل الاساسية، واعطت نتائج
بلغت ذروتها في نيسان من العام
1996 ابان العدوان الاسرائيلي على
لبنان خلال الحرب التي سميت "عناقيد
الغضب"، وقد جال العالم بأسره
في سبيل وقف العدوان وقد اثمر
تحركه "تفاهم نيسان" الذي
اوقف الحرب على لبنان وانتزع
اعتراف العالم بشرعية المقاومة
ضد الاحتلال وفي مواجهة
الاعتداءات الاسرائيلية
المتكررة. وعامذاك اعلن الرئيس
رفيق الحريري الاتفاق تحت انظار
العالم وعلى الهواء مباشرة وكان
الى جانبه في السرايا الحكومية
وزير خارجية فرنسا في تلك
المرحلة ايرفيه دو شاريت. ومن الطبيعي ان يعود كثيرون بالذاكرة الى
تلك الحقبة، مع الزيارة الثانية
للرئيس سعد الحريري لدمشق، بعد
زيارة اولى في 19 كانون الاول
الماضي، طوت صفحة مؤلمة من
تاريخ العلاقات اللبنانية –
السورية وتطورات دراماتيكية
اعقبت الجريمة – الزلزال التي
اودت بالرئيس رفيق الحريري
والنائب باسل فليحان ورفاقهما. وبدا واضحا من خلال بيان الرئاسة السورية
عن لقاء الساعات الاربع بين
الاسد والحريري ان العلاقة
بينهما تتطور نحو الافضل. ووفق
قريبين من الحريري، فانها تبدو
"افضل بكثير" وقد لفت هؤلاء
الى مضمون البيان وتركيزه على
التشاور والتنسيق على كل الصعد،
مما يؤكد ان ثمة دورا اساسيا
يضطلع به الحريري من خلال تحركه
العربي والدولي، وبتنسيق مع
القيادة السورية. وفي ظل شح في المعلومات عما دار في لقاء
الحريري - الأسد واكتفاء
المصادر بمضمون البيان الرسمي،
فان جو الارتيااح بدا طاغيا لدى
اوساط الطرفين، بما يبشر
بانعكاسات ايجابية على الوضع
السياسي العام في لبنان. واذا كانت الزيارة الاولى للحريري لدمشق
قبل نحو خمسة اشهر قد وصفت ب"التاريخية"
لدلالاتها توقيتا وشكلا
ومضمونا واستقبالا حارا، فإن
الزيارة الثانية أمس وضعت عمليا
الحجر الاساس لمرحلة جديدة يمكن
ان تؤسس للمضي قدما نحو بناء
علاقات متينة وثابتة بين لبنان
وسوريا قائمة على التنسيق
المتبادل، بما يخدم بالفعل
مصالح البلدين الشقيقين. ========================== راجح الخوري النهار 5/19/2010 إختار الرئيس بشار الاسد مناسبة ذات مغزى
تشبه شرفة مطلة لإيصال صوته الى
"أمكنة" قريبة وبعيدة،
عندما تحدث في مؤتمر "العروبة
والمستقبل" عن مجموعة من
المسائل والقضايا امتدت من
الشأن اللبناني الى ازمة الشرق
الاوسط والشأن الفلسطيني
واستراتيجيات المنطقة. لبنانيا، كان مثيرا تماما ان يأتي هذا
الدفق الوافر من "المياه
الباردة"، التي سكبها الاسد
عشية زيارة رئيس الحكومة سعد
الحريري الى دمشق، فوق رؤوس
كثيرة حامية في بيروت، سواء كان
بعضها يصنّف نفسه حليفا لسوريا
ولم يتمكن من التوقف عن التشكيك
في ثبات العلاقة بين الاسد
والحريري، وسواء كان بعضها يصنف
نفسه حليفا للحريري ولم يتمكن
من هضم ثبات هذه العلاقة". واذا كانت "مياه" الاسد الباردة
كافية لإغراق الكثيرين في
المفاجأة والذهول، وخصوصا
عندما قال ان "هناك اطرافا
متضررين يقطع الوئام رزقهم"،
إما لانهم ينامون على ما
يعتبرونه وكالات حصرية سورية
سياسية في لبنان او لانهم لا
يريدون قيام "مبادلات سياسية"
بين البلدين، فإن المياه
الباردة الاضافية التي ألقتها
مستشارة الاسد بثينة شعبان في
حديثها الى تلفزيون "المنار"،
كانت بدورها كافية لإيقاظ
الكثيرين من صدمة الذهول، التي
غرقوا بها على غير توقع. فقد كانت اصوات المتضررين من الوئام،
آخذة في الارتفاع، قبل ساعات من
ذهاب الحريري الى لقاء الاسد.
وفي اطار المعزوفة اياها، التي
لم تتوقف قط عن محاولات الايحاء
بوجود ازمة في العلاقة بين
الرجلين وعن "ارتفاع منسوب
الاستياء السوري من اداء
الحريري وحكومته"، وكذلك عن
زيارته المقبلة الى اميركا
وخطابه المتوقع في الجمعية
العامة للامم المتحدة. ولقد وصل
سوء النية الى حد وضع علامات
استفهام على زيارة الحريري الى
السعودية قبل وصوله الى دمشق،
وذلك في اطار تحميل الامر ما لا
يحمل. ❐ ❐ ❐ جاء كلام الاسد قاطعا في وضوحه وحازما على
بساطته، بما يساعد على الافتراض
ان مطابخ التشكيك وافواه
التسريب والتركيب ستعدّ بعد
الآن الى العشرة قبل مواصلة
القاء قشور الموز على طريق
علاقة الحريري بدمشق، وكذلك قبل
المضي في فبركة الحديث عن ازمات
صامتة او نائمة بين سوريا
والسعودية. فعندما يؤكد الرئيس السوري قبل ساعات من
استقباله الحريري، انه سيستمع
اليه والى ما تريده حكومته وانه
سيساعد وسيكون ايجابيا. وان ليس
بين دمشق والحريري ما يسمى في
بيروت "حال المراوحة"... و"نحن
لا نقيس الامور على هذا النحو،
انتم في لبنان لديكم معايير
خاصة بالقياس" (كان السائل عن
حال المراوحة لبنانيا)، فان ذلك
يعني امرين: اولا ان محاولات التشويش على العلاقات
بين الاسد والحريري يفترض ان
تتوقف، ويبتلع المتضررون ما
يضمرون من ضرر. وثانيا ان
الحريري الذي دأب منذ اربعة
اشهر ونيف على تأكيد حرارة
العلاقة مع سوريا، لم يكن يعكس
في الواقع غير الواقع، الذي
يريده موازيا تماما لكلام
الرئيس السوري على علاقات
لبنانية – سورية تحتذى عربيا. ❐ ❐ ❐ كان مثيرا اكثر عندما اكمل الاسد قائلا:
"ان هناك من يحاول ان يعكس
تصوراته الخاصة او قراءته لما
يجري في لبنان على العلاقة مع
سوريا. اما من جهتنا فاننا
واقعيون في مقاربة العلاقة مع
رئيس الحكومة اللبنانية وننظر
اليها وفق رؤية وقواعد واضحة،
من دون ان نتجاهل ان البعض تضرر
من العلاقة اللبنانية السورية
المتجددة وقطع رزقه...". ليس هناك اوضح من هذا الكلام الذي يذكّر
البعض بالقول ان "قطع الارزاق
من قطع الاعناق" (السياسية في
هذا المقام). كما يذكّر البعض
الآخر بما سبق ان قاله تحسرا
عشية زيارة الحريري الاولى الى
دمشق: "بعد اليوم سنحتاج الى
وساطة الشيخ سعد مع سوريا"! واذا كان لكلام الاسد مدلول سياسي مهم
وحساس يتصل بالعلاقات بين
البلدين الشقيقين وبين الاسد
والحريري، فان له مدلولا آخر
يكشف سيكولوجياً على الاقل،
المدى الذي وصل اليه اجتهاد
البعض في القراءة الخاطئة في
"الكتاب السوري"، وخصوصا
عندما سئل الاسد اذا كانت دمشق
منزعجة من زيارة الحريري
المرتقبة لواشنطن، فأجاب
مستغربا وربما منزعجا: منزعجون،
بالتأكيد لا. وفي هذا السياق جاء كلام بثينة شعبان
ليكشف ان العملية ليست مجرد
اجتهاد في القراءة في "الكتاب
السوري" على اساس تمنيات
البعض في لبنان، بل هو اكثر من
ذلك، مؤكدة ان زيارة الحريري
لواشنطن لا تقلق دمشق، فهو
سيترأس مجلس الامن، وعندما ذهب
الى ايطاليا وكان الكلام على ال"سكود"
مشتعلا، ادلى بتصريحات ممتازة.
وكل عربي يطرح في واشنطن وجهة
النظر العربية يريحنا. ❐ ❐ ❐ وتأكيدا لوضع البعض في بيروت التمنيات
والتوجس في مقام الوقائع
المتصلة بالسياسة السورية، كان
مفاجئا السؤال لبنانيا: "ولماذا
يتوجه الحريري الى الرياض اولا؟". وجاء رد شعبان: "لا دلالة سياسية لهذا
الامر. ومن الضروري تخفيف هذه
التحليلات(...) ان العلاقة لم
تجمد ولم تفتر بين الرئيس الاسد
والحريري وهي علاقات جيدة". وتبقى كلمة: لا يكفي ان يعتبر البعض ان كل
هذا الكلام اشبه ب"بساط الريح
يحمل الحريري الى دمشق". فمن
الضروري التوقف امام المعيار
الحقيقي في كلام الاسد عندما
قال عن منهجية التعامل السوري
مع القضايا العربية والاقليمية:
"نحن لا نربط الملفات بدول بل
بقضايا...". ========================== روسيا والعلاقات
التركية الأرمينية بقلم :ليونيد ألكسندروفتش البيان 5/19/2010 يعتبر العديد من
المحللين أن التطورات
الإيجابية والتعاون متعدد
المناحى الذي تشهده العلاقات
الروسية التركية،
يمكن أن ينعكس بشكل ايجابي على
مسار المفاوضات الأرمينية
التركية، والتي تعرضت لمأزق
عميق منذ أسابيع، بعد أن تمكن
الطرفان من إخراج العلاقات
بينهما من مستوى العداء
والخصومة، إلى مرحلة تقترب من
التفاهم على العديد من القضايا
والملفات الخلافية. لقد فجر موقف الرئيس الأرميني سيرج
سارجسيان، الأزمة من جديد بقرار
إيقاف المحادثات، بعد توصل
الجانبين إلى تفاهم، وتوقيعهما
بروتوكولا بشأن إقامة العلاقات
الدبلوماسية وفتح الحدود بين
البلدين، وعقد مشاورات سياسية
دورية بين وزيري الخارجية،
إضافة إلى تنظيم حوار خاص
بالبعد التاريخي للعلاقات،
بهدف خلق أساس من الثقة بين
الشعبين التركي والأرميني. ولا بد من الإشارة إلى أن القيادة
الأرمينية لها مصالح في فتح
الحدود التركية
الأرمينية التي أغلقت بقرار
من أنقرة عام 1993، نظرا لما
ستحققه من عائدات التجارة ورسوم
الترانزيت لمختلف البضائع، إلا
أنها مضطرة في نفس الوقت لأن
تخوض مفاوضات متوازنة لتحقيق
ذلك، مع تسوية أزمة مذبحة
الأرمن عام 1915، والتي ما زالت
تركيا متهمة بتنفيذها خلال
عمليات التهجير القسري للأرمن
الذين كانوا يعيشون في ظل الحكم
العثمانى. وكانت الحكومات التركية المتعاقبة قد
رفضت الاستجابة لمطلب أرمينيا،
والاعتراف بمسؤولية السلطات
العثمانية عن تنفيذ هذه المجازر
الجماعية. وشهدت العلاقات بين البلدين أزمتها
الثانية التي أسفرت عن قرار
أنقرة بإغلاق الحدود عام 1993،
بعد أن تفجرت الحرب الأرمينية
الأذربيجانية حول مصير
إقليم ناغورني قره باخ، واحتلال
القوات الأرمينية لبعض المناطق
الأذربيجانية. وانحازت تركيا
إلى جانب أذربيجان، وطالبت
حكومة يريفان بالتوصل إلى تسوية
مع باكو، تراعي مصالح وسيادة
أذربيجان. وتدرك حكومة يريفان أنها ستضطر لتقديم
تنازلات كبيرة نظير فتح الحدود
التركية الأرمينية،
وإعادة العلاقات الدبلوماسية،
بدءا من التنازل عن حق مقاضاة
الجانب التركي في قضايا الإبادة
الجماعية، مرورا بالمرونة في
التعامل مع ملف إقليم ناغورني
قره باخ، وهو ما توصل إليه
البروتوكول الموقع أواخر العام
الماضي، والذي أطلق عمليا مسيرة
التفاوض والتفاهم بين البلدين. ويعتقد العديد من السياسيين الأرمن أن
تشدد حكومة يريفان أدى لتعقيد
المفاوضات مع أنقرة، ودفعها إلى
ربط التفاوض مع أرمينيا بملف
إقليم ناغورني قره باخ لإرضاء
حليفها الأذربيجاني، ما وضع
ارمينيا في طرف طاولة
المفاوضات، فيما يجلس في الطرف
الآخر كل من أذربيجان وتركيا. إلا أن فريقا من السياسيين يراهن على تطور
وتعمق العلاقات التركية
الروسية، خلال الشهور
الأخيرة، والذي لم يقتصر على
التعاون في مجال الطاقة، وإنما
تعداه ليشمل مجالات متنوعة، ما
يمنح روسيا إمكانات عملية
للتدخل كوسيط لتسوية أزمة
العلاقات التركية
الأرمينية. وذلك ليس فقط
بسبب علاقاتها مع الجانبين،
وإنما لأن تسوية هذه الأزمة
تحقق مصالح روسيا في فتح كافة
طرق النقل والترانزيت دون عقبات.
من المعروف أن روسيا هي أكبر مستثمر أجنبي
في الاقتصاد الأرميني، ويبلغ
حجم استثماراتها أكثر من ملياري
دولار، تتوجه نحو مجالات الطاقة
والبنوك والتعدين والبناء
والاتصال. وقد تم في أرمينيا تسجيل ما يقارب 850 شركة
يساهم فيها رأس المال الروسي،
وتمتلك الشركات الروسية أغلبية
المشروعات الأساسية في قطاع
الطاقة في أرمينيا، بشكل كامل
أو جزئي. كما تتواجد على الأراضي الأرمينية في
مدينة غيومري الواقعة في ضواحي
يريفان، إحدى أهم القواعد
الروسية والتي تعتبر إحدى
المكونات الرئيسية لأمن
أرمينيا، إذ يعتبر تواجد قوات
الحدود الروسية في أرمينيا
عاملا هاما في ضمان أمن البلدين.
ومع توقيع أكثر من 17 اتفاقية بين موسكو
وأنقرة، والاتفاق على رفع حجم
التبادل التجاري بينهما إلى 100
مليار دولار، وأن تغطي روسيا 70%
من احتياجات تركيا من النفط
والغاز، بدأ التحرك الجاد
لتسوية الأزمات الإقليمية التي
من شأنها إعاقة هذه الخطط، وعلى
رأس هذه الملفات العلاقات
التركية الأرمينية.
ويمكن القول إن عوامل النجاح في تحقيق ذلك
تتوفر لدى روسيا، ليس فقط بسبب
علاقاتها مع طرفي النزاع،
وإمكانية اجتذابهما إلى مستوى
من التعاون يحقق المنفعة لجميع
الأطراف، وإنما لأن روسيا قوة
إقليمية مؤثرة تسعى لضمان
استقرار وأمن المنطقة. كاتب روسي ========================== قيادةٌ إداريّة أمْ
زعامةٌ سياسيّة؟ بقلم :سيار الجميل البيان 5/19/2010 في خضم متغيرات
العالم التي نشهدها اليوم في
بدايات القرن الواحد والعشرين،
وتآكل المفاهيم القديمة التي
عاشت في القرنين الماضيين، إذ
رحل الأباطرة والقياصرة
القدماء أولا، ثمّ رحل زعماء
الأمم ثانيا.. تبدو ظاهرة
الزعامة اليوم في مأزق حقيقي. وخصوصا في دولنا ومجتمعاتنا. فلا الزعامة
القومية قد نجحت، ولا الزعامة
الدينية قد انتصرت.. وباتت
مجتمعاتنا في انتظار قادة جدد
يديرون دولهم على الأرض، ولا
يتزعمون شعوبهم من السماء! وبالرغم من وجود بقايا زعماء الماضي في
الحكم، فإن قادة عربا من شباب
جدد، يبدون أكثر نضجا من هذه
الناحية، مقارنة بمن مضى من
الزعماء الذين اختلفت صفحاتهم
من واحد إلى آخر. فلقد عشنا تجربة زعيم وحد بلاده وطّور
دولته، ووجدنا المستبد غير
العادل، وشهدنا الدكتاتور
الظالم، ومررنا بالملك الرحيم،
وسمعنا بالزعيم الأوحد، وصعقنا
الرئيس الفذ والرئيس الضرورة..
وأدهشتنا أسطورة البطل القومي،
أو الحاكم السوبرمان... الخ.
وسواء كانوا ملوكا، أم رؤساء
جمهوريات، فإن زعاماتهم لم تعد
اليوم تفعل فعلها عند أجيال
جديدة تراقب ما يجري في أصقاع
دول هذا العالم.. إن دولنا العربية، أو تلك المنتشرة في
العالم الإسلامي، بحاجة ماسة
إلى قادة جدد، وشباب يدرك معنى
إدارة الدولة، ويعرف تماما كيف
يمكن بناء العلاقة الطبيعية بين
الدولة التي يقوم على إدارتها،
وبين المجتمع الذي يقوم على
خدمته.. إن ثمة تجربة عربية ناجحة في تقديم أمثلة
حقيقية لتطور مفهوم القيادة
السياسية والاجتماعية معا،
عندما يجد الزعماء الشباب الجدد
أنفسهم منساقين إلى تجسير
الفجوة بينهم وبين كافة نخب
المجتمع، بعيدا عن كل الأخطاء
التي ارتكبها زعماء الأمس. وخصوصا أولئك الذين وجدوا ملاذهم في
السلطة، فجعلوها أكبر من الدولة
ومؤسساتها، بل وجعلوها أيضا
مخيفة بالنسبة للمجتمع والناس
كلهم.. وما دامت الدولة هي
مجموعة مؤسسات، فإنها بالضرورة
ستكون بحاجة إلى إدارة متطورة،
وإلى إداريين فنانين في عملية
جعل تلك المؤسسات في خدمة الشعب.
إن أزمة السلطة لم تزل موجودة في عالمنا،
وإن من أسوأ ما يمكن سماعه
اليوم، هو مقترحات عفا عليها
الزمن، يقدمهّا أناس عاشوا في
أزمنة مضت.. أو مشروعات يبتدعها
مسؤولون ما زالوا يتخيلون أوهام
الماضي حقائق، سواء قد تمّثل
ذلك بزعيم خالد، أو رئيس مقدّس،
أو ولي فقيه.. الخ! إن إدارة الدولة، لا تشترط صفة محددة، أو
لقبا معينا لهذا الذي يحكم أم
ذاك، بل تشترط أن يكون واحدا من
أبناء زمن جديد، وأن ينافس غيره
من خلال الكفاءة والجدارة، وأن
يحمل ثقافة هذا العصر.. ليس ثمة
مانع أن يكون ملكا أو رئيسا..
مدنيا أو عسكريا.. ولكن شريطة أن
يثبت اضطلاعه في صنع القرار،
سواء كان استراتيجيا أم
تكتيكيا، وتميّزه عن غيره في
فهم مستلزمات قيادة دولته
ومجتمعه معا، ناهيكم عن مؤهلاته
الثقافية والعلمية والفنية
واللغوية.. الخ. وعليه أن لا يؤمن بالفردية، بل بالعمل
الجماعي والاستشارة الفعلية،
وتقديم الأهم على المهم. إن من أهم مستلزمات تغيير معنى القيادة في
عالمنا، والسياسية في مقدمتها،
مزاوجة الواقع بالنظريات
العلمية، والاستفادة من خبرات
الماضي الصعب. ومن أهم ما يمكن
فعله كي تنال دولنا احترام
العالم، هو جعل السلطة متداولة
سلميا، وأن تمنح الدساتير حق
المشروعية القانونية لإدارة
التغيير.. فلا يمكن أن يجد الزعيم الشاب نفسه في
سلطة، من دون أن يمنحه الدستور
صلاحيات لإجراء التغييرات
المتنوعة، على ضوء ما يتطلبه
واقع كل بلد من البلدان. إنه
مهما قيل وكتب ونشر عما يسمّى ب«المستبد
العادل»، فستبقى المسألة تقوّض
أسس الحكم المدني الذي من
المفترض أن تمّثل القيادة فيه
إرادة المجتمع وخياراته
المسؤولة.. أو في تجديد الولاء
للقيادة الذكية الناضجة، التي
تحقق مستويات عليا من التقدم. ثّمة زعماء عرب شباب في دولة أو دولتين
عربيتين معروفتين، قد تخطّوا
حاجز الزعامة السياسية،
ليكونوا قادة إداريين من طراز
ممتاز.. ونقلوا مهامهم السلطوية
لخدمة المجتمع. فهل سيتعلم بقية
الزعماء العرب شيئا من هذه
التجربة؟ وهل ستتحول السلطات والزعامات في دولنا
العربية والإقليمية، على أقل
تقدير، من حالاتها القديمة إلى
حالات جديدة؟ وهل ستتطور
كياناتنا السياسية إلى مؤسسات
حقيقية، تسود الكفاءة فيها،
وتجدد عناصرها البيروقراطية من
حين لآخر، وتنجز كل أعمالها
بسرعة وكفاءة أفضل؟ هل ستبدأ دولنا تاريخا جديدا، بعد أن
تتخلص من كل مواريثها القديمة
التي تأسست عليها منذ بدايات
القرن العشرين؟ إن الشعارات
الجديدة لا تنفع، والتهريج باسم
الحريات والديمقراطيات لا
ينفع، بقدر ما ينفع تبديل
الذهنيات، وزرع أسس وقوانين
جديدة، وإصلاح كل المهترئات
المألوفة! وأخيرا، إن سألني أحدهم عن مستلزمات
أساسية أخرى في تطوير مفهوم
السلطة في عالمنا، فسأطلب من أي
قادة عرب شباب أن لا تتمركز
السلطة في أيديهم فقط.. وأن لا
يتحّملوا أعباء المسؤولية
السياسية وحدهم، وأن يكون أي
قائد، واحدا من أبناء شعبه،
يشاركه همومه ومصاعبه ويعمل على
حل مشكلاته.. وأن يؤمن بالتداول السلمي للسلطة، ويكرّس
النظام المدني في بلاده، بعيدا
عن أي مؤثرات غير دستورية وغير
مدنية.. وأن ينتقل بالسلطة من
رهاناتها في الزعامة السياسية،
إلى مستلزماتها في القيادة
الإدارية. مؤرخ عراقي ============================= التوتر والخوف متلازمة
استمرار إسرائيل لوموند ترجمة الأربعاء 19-5-2010م ترجمة: دلال إبراهيم الثورة يسبر الصحفي لوران زيشيني، مراسل صحيفة
لوموند في إسرائيل دوافع الحالة
المسكونة بهاجس التوتر والقلق
الذي تعيشه إسرائيل حالياً
ومضيها في فبركة الشائعات
وإثارة المخاوف لدى شعبها من
التهديدات المتربصة بوجودها
وكأنها استراتيجية يتبناها
قادة تل أبيب. أحيت إسرائيل في العشرين من شهر نيسان
ذكرى تأسيسها ضمن أجواء
احتفالية مقتضبة واقتصر
الاحتفال على رفع الأعلام على
شرفات المنازل وفوق السيارات
وإطلاق الألعاب النارية في
السماء، كان يخالط أجواءه جو من
القلق يوحي أن إسرائيل وبعد
اثنين وستين عاماً مازالت مهددة
في وجودها. وإذا كان قادة تل أبيب مازالوا يستخدمون
خطاباً يلوحون به بالتهديدات
فهذا سببه أن إسرائيل لم تشهد
هذه الحالة من القوة ومن الضعف
والهشاشة في آن معاً خلال
وجودها، يبلغ التعداد السكاني
في إسرائيل حوالي 7590000 نسمة (تبلغ
نسبة الإسرائيليين 75٪) ونمو
سكاني بمعدل 1.8٪ سنوياً ومن
المرتقب أن يصل النمو الاقتصادي
إلى 3.7٪ خلال عام 2010 وتشهد
حدودها في معظمها هدوءاً يمنحها
انطباعاً بأن قوتها الردعية
فعالة ولكن السؤال من أين أتت
تلك المشاعر مع أن محيطها
الجيوسياسي يتسم بتراكم
التهديدات وأنه يتعين عليها
إعداد نفسها لمواجهة هذه
التهديدات؟ يبقى الهاجس الإرهابي مسيطراً على
العقلية الإسرائيلية وتشهد على
ذلك الاجراءات الوقائية التي
اتخذتها تل أبيب وتوزيعها
للأقنعة الواقية من الغازات
خلال الغزو الأميركي على العراق
والآن لا يمر يوم دون أن يذكر
إعلامها كم من المعلومات حول
برنامج إيران النووي أو ترسانة
حزب الله الحربية. لقد باتت إيران الهاجس الوجودي لدى تل
أبيب ولكن هذا لا يفسر فقط القلق
الكامن الذي تعيشه اسرائيل
وانما تبرره سلسلة من التحديات
الاستراتيجية التي تواجهها
والتي تحركها النزعة الدائمة
إلى تضخيمها والمبالغة في
أهميتها. هناك في إسرائيل
يعيشون متلازمة التوتر الدائم،
وربما هي استراتيجية تتبناها،
مفادها: بأن إسرائيل يجب أن تبقى
في حالة تأهب. بعد اثنين وستين
عاماً على وجودها ترى إسرائيل
نفسها أنها قلعة محصنة وعليها
أن تعتمد على نفسها فحسب في وقت
يبقى هاجس خطر الهيمنة
الديمغرافية العربية يسكنها
ويغذي هذه العقلية الإسرائيلية
حزمة من الأسباب يأتي في
مقدمتها الأزمة الدبلوماسية
غير العادية التي شهدتها
علاقتها مع الولايات المتحدة
الدولة التي تحتاج إلى دعمها في
حال نشوب مواجهة عسكرية لها مع
طهران. وهناك أيضاً العزلة الدولية المضروبة
حولها والتي لا سابق لها بسبب
وصمة العار التي لحقت بها نتيجة
سلوك جيشها خلال الحرب على غزة
وتعنتها في تحريك عملية السلام
مع الفلسطينيين وهذه الأيام
تسري شائعات متواترة ولكنها
تزداد حول احتمالات نشوب حرب مع
سورية وحزب الله بشكل خاص. والحلقة الأخيرة في سلسلة هذه الشائعات
التي تدعي تسليم دمشق صواريخ
سكود إلى حزب الله هي من النوع
الذي يصب الزيت على النار وكأنه
استكشاف سقط على إسرائيل من
السماء إن كانت تبحث عن ذريعة
للثأر من هزيمتها في حرب عام 2006
على لبنان، وقد نفى رئيس
الوزراء الاسرائيلي بنيامين
نتنياهو تلك الشائعات التي تزعم
باستعدادات اسرائيلية لشن حرب
على سورية الدولة التي لا تلين
عريكتها بالنسبة لاسرائيل:
والتي لم تتخل عن تحالفها القوي
مع إيران وحزب الله، وقد ازادات
العزلة الاقليمية على إسرائيل
مع قرار تركيا الحليف
الاستراتيجي السابق لها
بالتقرب أكثر من الدول
الإسلامية، وكان رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان قد وصف
إسرائيل بأنها أكبر خطر يتهدد
السلام في المنطقة كما أعلن عن
إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع
سورية إضافة إلى أن اتفاقيات
السلام التي وقعتها مع مصر عام
1979 ومع الأردن عام 1994 والتي يمكن
وصفها (بالسلام البارد) لم تفض
إلى أي تقارب على المستوى
السياسي والاقتصادي والثقافي.
بل كان أبرز ما ميز العلاقات
المصرية- الاسرائيلية على
امتداد ثلاثة عقود من الزمن هو
بناء جدار، واحد ارتفع فوق
الأرض وآخر انغرس تحتها بهدف
تكثيف الحصار على غزة. ورغم ما
تعانيه حركة حماس من تضييق
اقتصادي وتهديد لمنعها من
الحصول على الامدادات العسكرية
الضرورية فإنها مازالت قوية. وبالتوازي مع ذلك تخشى السلطات
الإسرائيلية من التقدم الذي
تحرزه (الانتفاضة البيضاء)
اللاعنفية- في الضفة الغربية
بسبب فقدان شعبها الثقة بالسلطة
الفلسطينية من قدرتها على
السيطرة على حركة شعبية
فلسطينية جديدة وفي الوقت الذي
يزعم فيه جنرالات الجيش
الاسرائيلي قدرة بلادهم على خوض
حرب ضد المقاومة في لبنان
وفلسطين، يعترفون أن الحرب مع
إيران سيكون لها عواقب اقليمية
خطيرة. وليس معنى ذلك أن هذا
الخيار بعيد الاحتمال. ويعتقد
افراييم كام المتخصص في الشؤون
الايرانية لدى معهد دراسات
الأمن الوطني أن إيران قادرة
على انتاج القنبلة النووية مع
نهاية عام 2010 من وجهة نظر فنية
وضمن الظروف المثلى كما ويعترف
بعدم وجود دليل على أن إيران قد
اتخذت قرارها بالمضي قدماًفي
انتاج السلاح النووي والبقاء في
العتبة النووية، وفي حال تم
تجاوز هذه العتبة هل سيلجأ
الايرانيون إلى استخدام هذا
السلاح؟ ويرد قائلاً: «تبقى تلك
القضية ضمن أفق نظري ولكن لا
يمكن لرئيس وزراء اسرائيلي أياً
كان أن يبني سياسته الحربية على
أساس نظري» ويعتقد
الاسرائيليون أن الولايات
المتحدة الأميركية لا يمكنها أن
تفتح جبهة حرب ثالثة مع دولة
إسلامية تتزامن مع حربها في
أفغانستان والعراق وبالتالي
فان احتمال شن اسرائيل حرباً
تهدف إلى إعاقة البرنامج النووي
الإيراني تتم مناقشته بشكل معلن
ويرون أن امتلاك ايران لقنبلة
نووية واحدة سيجعلها بمنأى عن
أي خطر، ويدافع بعض الخبراء عن
مقولة توازن الرعب والذي يتيح
لاسرائيل العيش جنباً إلى جنب
مع إيران النووية، إلا أن
افراييم كان له رأي آخر في هذا
الخصوص «هل يمكننا أن نتخيل
تعايشاً مشتركاً في منطقة الشرق
الأوسط بين قوتين نوويتين
متعاديتين؟» ومنذ مدة ليست ببعيدة حذّر الملك الأردني
عبد الله الثاني من خطر اندلاع
حرب إقليمية في حال لم توضع
عملية السلام الفلسطينية-
الإسرائيلية على سكتها الصحيحة
بحلول الصيف المقبل. والنزاع في الشرق الأوسط لا يعوزه فتيل
اشتعال ولذلك فإن المخاوف من
نشوب حرب مقبلة في المنطقة مع
نهاية عام 2011 لا يمكن أن تكون
على سبيل المزاح. ============================== الافتتاحية الأربعاء 19-5-2010م بقلم : رئيس التحرير- أسعد عبود الثورة استقبل الغرب عموماً بفتور وعبارات ترحيب
حذرة، الاتفاق الثلاثي ال«تركي
– إيراني – برازيلي» لتأمين
تبادل المنتج النووي الإيراني
على الأراضي التركية.. إيران بموجب هذا الاتفاق اقتربت كثيراً
مما طلبه الغرب بشكل صريح.. لكنها مازالت ترفض رغبته المضمرة. تريد إيران أن تبادل بمنتجها من
اليورانيوم المخصب الوقود
النووي.. ولا تريد أن توقف
التخصيب.. يعني لا تريد إخراجها
من الصناعة النووية للأغراض
السلمية. على هذا الأساس يمكن أن تتفاهم مع وكالة
الطاقة الذرية العالمية التي
ترعى تنظيم الإنتاج النووي
للأغراض السلمية، ومنع انتشار
الأسلحة النووية. إلا إن فرضت
على الوكالة مواقف سياسية.. إذ
إن اللافت اليوم، أن معظم
المصادر الغربية، تبدو وكأنها
تخفي كلاماً آخر، وراء إحالة
تقييمهم للاتفاق إلى الوكالة..
الاتفاق يجب طبعاً إحالته
للوكالة.. أما الموقف منه فهو
الذي يوضح رؤية الغرب وحقيقة
توجهه. على هذا الأساس لا يبدو تشجيعاً للاتفاق،
ولا لعمل الوكالة، أن يؤكد
الغرب استمرار تحشيده الدولي
لفرض عقوبات على إيران بل إن
الخارجية الأميركية أعلنت غداة
الاتفاق عن التوافق على مشروع
قرار لفرض هذه العقوبات. الحقيقة التي لا يمكن القفز عالياً من
فوقها اليوم، أن إيران دولة
إنتاج نووي، لديها المقدرة
العلمية والصناعية للاستمرار
بذلك.. وطالما أنه سيرصد للتنمية
والاستخدامات السلمية.. فهي
لاتستحق القبول فقط، بل تستحق
الدعم لأن العالم كله يحتاج إلى
المنتج النووي السلمي. والذي نراه.. وسبق أن أوردناه.. أن الموقف
الغربي، كثيراً ما يبدو - أو
غالباً يبدو - أنه موجه ضد أن
تدخل دولة مشرقية كإيران عالم
الصناعة النووية، أكثر من كونه
تخوفاً من السلاح النووي!! وإذا كان هو الخوف من السلاح النووي فعلاً
فلتتضافر الجهود في الاتجاه
الذي لم يرفضه أحد علناً «باستثناء
إسرائيل».. لإخلاء المنطقة
بالكامل من الأسلحة النووية في
الطريق لإخلاء العالم كله منه.
علينا جميعاً أن نتذكر أن الغرب قاوم منذ
بداية الثورة الصناعية، نقل
التكنولوجيا إلى الشرق
وتوطينها فيه.. وحيث حصل ذلك...
عمل جاهداً لإبقاء هذه
التكنولوجيا مرتبطة به.. موقفه
يتجدد بحدته اليوم ضد إيران
نظراً لأهمية الصناعة النووية
ورغبته الجامحة في السيطرة
عليها واحتكارها. ثم لا بد أن يثير الدور التركي البرازيلي
حساسية الغرب تجاه الاتفاق.. إذ
استطاعت هاتان الدولتان من
العالم النامي، أن تحققا ما
ادعى الغرب أنه عجز عن تحقيقه..
فبدأ التحشيد للعقوبات.. وتزداد هذه الحساسية بكون البرازيل
وتركيا عضوين في مجلس الأمن
الدولي.. صحيح أنهما غير دائمي
العضوية.. لكن.. يمكنهما أن (يلخبطا)
الحسابات الغربية في المجلس
بهذا القرار أو ذاك.. ولا سيما في
ظل الترحيب الصيني الروسي
بالاتفاق. هذا الاتفاق من جانب آخر، يشكل أحد الأدلة
المهمة على مقدرة الدول النامية
لحل مشكلاتها وكبرى المشكلات
الدولية بالعمل الدبلوماسي
والحوار.. وبالتالي يضع هذا حداً
ما للتعالي الغربي على هذه
الدول والشعوب.. هذا أيضاً يبرر
الاستقبال الغربي الفاتر
للاتفاق. وأخيراً يأتي العامل الإسرائيلي.. وهو في
الأصل السبب الرئيسي في مفاقمة
المسألة وإعطائها طابعاً ملحاً..
والنزوع بها باتجاه العدوان
بالعقوبات أو باتجاه القوة
المسلحة. في هذا الإطار يعرقل الاتفاق الذي تتبناه
تركيا والبرازيل وإيران،
محاولات إسرائيل والغرب لتجييش
دول المنطقة ضد إيران مستخدمة –
نظرياً على الأقل – الرعب
النووي منها. الوضع محرج فعلياً لمعسكر معاقبة إيران..
ونعتقد أن الوكالة الدولية
للطاقة الذرية ستكون أول من
يواجه عتبات الحرج الغربي الذي
أثاره الاتفاق الثلاثي عبر
محاولة الغرب فرض مواقف سياسية
عليها. ==================================== الثلاثاء, 18 مايو 2010 علي بن طلال الجهني * الحياة لا يختلف اقتصاديان حقيقيان في عمق معرفة
رمز جامعة شيكاغو، ميلتون
فريدمان، في علم الاقتصاد.
ويكفي لتخليد اسمه تأثيره الذي
لم يتجاوزه إلا تأثير كينز في
السياسة الاقتصادية عموماً وفي
السياسة النقدية خصوصاً. ولم يكن فريدمان رجلاً محافظاً، كما توهم
كثيرون، لا بمعنى المحافظة
السياسية القديم ولا بمعنى
محافظة من يسمون أنفسهم «المحافظين
المجددين». لقد كان ما يسمى في
الغرب «ليبرتيراً» أو ما يقارب
معنى كلمة «حر». وفي آخر مقابلة صحافية طويلة أجريت معه
قبل وفاته بنحو سنتين، قال أن
حرب «المحافظين المجددين» على
العراق عدوان صريح. و»العدوان»،
كما قال، يتناقض مع النظام
الديموقراطي الذي أرسى قواعده
المؤسسون للولايات الأميركية
التي اتحدت في عام 1776. برز فريدمان بصفته منظراً متميزاً في «نظرية
الأثمان» وهو في العشرينات. ومن
أهم الأسس التي بُنيتْ عليها
نظرية الأثمان «تساوي»
المعلومات بين البائع
والمشتري، منذ أيام ادم سميث،
والفرد مارشال في ما بعد، وحتى
أيام فريدمان وزميله جورج
ستيغلر. ولكن في هذه المرحلة الحالية التي تجاوزت
فيها الرأسمالية الغربية صفة «الصناعية»
الى ما بعدها أو ما يمكن تسميته
بمرحلة عصر «الكترونيات
المعلومات»، أو «عصر المعرفة»،
أصبح متعذراً «تساوي»
المعلومات بين البائع والمشتري
لكل ما يتم تداوله. فمعرفة
المعلومات الضرورية عما يراد
تداوله أمر مكلف، وقد يكون من
المجدي للبائع تحمّله ويتعذر
على المشتري في اغلب الأحيان
دفع قيمته الإضافية. وليس هناك ما يوضح غياب «تساوي»
المعلومات بين البائع والمشتري
كما توضحه تداولات الأسواق
المالية. فكما بينت الأزمة
المالية التي أدت الى كوارث
اقتصادية بنسب متباينة في
العالم اجمع، فإن البائع المالي
لا يعرف أكثر من المستثمر
المشتري فحسب، وإنما استطاع حتى
غش وتدليس مشترين كبار لأدوات
مالية استغل باعتها تعقيدها
لتضليل غالبية المشترين سواءً
كانوا كباراً أو صغاراً حتى كاد
النظام كله ينهار. وقد اثبت تاريخ الأمم أن حرية الأسواق
أفضل أداة لحشد رأس المال، أي
عمود الوسط للأنظمة الرأسمالية.
وعلى مستوى معين من التعميم
يمكن اعتبار كل دول العالم في
عام 2010، ما عدا كوريا الشمالية
والى حد اقل الجزيرة الكوبية،
دولاً رأسمالية. والاقتصاديون لا يجهلون، على الأقل منذ
أوائل القرن الماضي، أن الأسواق
الحرة «تفشل» أحياناً في أدائها.
واهم أسباب الفشل إما أن المنتج
أو البائع لا يتحمل كل تكاليف
إنتاجه ويحملها المجتمع حين
يؤدي إنتاج ما ينتجه الى زيادة
التلوث - مثلاً- في الجو أو في
باطن الأرض فتتسرب السموم الى
الهواء وجميع مصادر المياه
العذبة والمالحة. غير أن هذا النوع من فشل نظام حرية
الأسواق تم اكتشافه منذ ما يزيد
على مئة سنة، وأمكن وضع الضوابط
التنظيمية والقانونية لتحاشيه
أو على الأقل لتقليله في معظم
الدول المتقدمة. أما الدول
النامية فالكثير منها تعتبر
التلوث البيئي الذي يأتي عن
طريق زيادة الإنتاج دواءً مراً
لا بد من تجرعه لرفع مستوى
المعيشة. إن النوع الأخطر من «فشل» الأسواق، هو ما
سمّاه الزميل الدكتور
عبدالواحد الحميد، «تشويه»
الأسواق. وتشويه الأسواق يحدث
حينما يتشوه الطلب أو يتشوه
العرض أو يتشوه كلاهما. والمثل
الذي ضربه الدكتور الحميد هو أن
«استقدام» العمالة من دول فقيرة
كثيرة السكان شوّه «المطلوب» من
الخدمات البشرية بالنسبة الى
أرباب العمل الذين سيطلبون
خدمات «المستقدمين» الذين
يعملون لساعات أطول وبأجر أقل.
كما أن «الاستقدام» أيضاً شوّه
المعروض من الخدمات البشرية إذ
يصعب وربما يتعذر على المواطنين
منافسة عمالة أجنبية تقبل
أجوراً متدنية. ومن الواضح أن ما سببه الاستقدام من تشويه
ل «الأسواق» أضر كثيراً
بالمواطنين الذين يبحثون عن عمل
ونفع البلدان التي نستورد منها
العمالة. أما تشويه الأسواق المالية فلم ينفع إلا
فئة صغيرة جداً، لا يتجاوز عدد
أفرادها المئات، وألحق أضراراً
ضخمة كبيرة بمئات الملايين وسبب
تراجعاً اقتصادياً عالمياً
كبيراً كاد أن يؤدي الى كساد
كوني عام. لقد عبثت مجموعة من السماسرة وقياداتهم
التنفيذية، بأسواق المال
وحولتها الى أدوات للقمار،
وحينما انفجرت «فقاعة الإسكان»
التي سببت تكوينها، كاد النظام
المالي كله ينهار، فتحملت أولاً
عامة المواطنين الأميركيين،
الذين زاد عددهم على الثلاث
مئة، التكاليف الاجتماعية
العامة التي سببها ولم تتحمل
تكاليفها الفئة القليلة من لصوص
«وول ستريت». وبعد حين تحمل وزر
لصوص أسواق المال عامة
الأوروبيون وغيرهم في بقية دول
المعمورة بدرجات متفاوتة. والأرجح انه لو كان ميلتون فريدمان حياً
لوافق على وضع ضوابط صارمة تحد
من تدليس وغش لصوص أسواق المال. وختاماً، إذا غاب «تساوي» المعلومة بين
البائع والمشتري، فلا بد من
وجود سلطة تنظيمية فاعلة لحماية
نظام حرية الأسواق، حتى تكون
المنافسة بين الجميع على أسس
حقيقية لا عن طريق حجب
المعلومات والغش بطرق مباشرة أو
غير مباشرة. والله من وراء القصد. * أكاديمي سعودي. ====================== تنظيف الشاطئ اللبناني
والبيئة الملوثة الاربعاء, 19 مايو 2010 رندة تقي الدين الحياة قام رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال
سليمان ورئيس الحكومة سعد
الحريري بخطوة جيدة نهار الاحد
الماضي ينبغي الإشادة بها.
فلبنان بحاجة ماسة الى توعية
أهله وأطفال وطلاب المدارس
بأهمية الحفاظ على البيئة.
فالبحر في لبنان بالغ التلوّث
وهو كنز للحياة في هذا البلد.
إلا أن الدولة اللبنانية عاجزة
كما يبدو عن اتخاذ قرار في شأن
مسائل بيئية مصيرية مثل معالجة
مجارير الصرف الصحي. ويروي
المقاول والسياسي اللبناني
رياض الأسعد المصاعب التي
واجهته عندما أرادت شركته تنفيذ
مشروع المجارير من فندق «موفنبيك»
حتى منطقة فردان مروراً أمام
فندق «الماريوت» ثم بئر حسن
والأوزاعي، ومن ضمن الخط محطتان
للضخ واحدة على جسر نهر إبراهيم
والأخرى على «الموفنبيك». ويروي
الأسعد أنه منذ عام 2004 يحاول
تنفيذ المشروع الذي توصل الى
انشاء محطة ضخ على جسر نهر
إبراهيم بفضل وعي رئيس بلدية
المنطقة الذي أراد تنظيف
منطقته، أما بالنسبة الى محطة
الضخ الأولى التي من المفروض أن
تكون على «الموفنبيك» فقد عجز
عن تنفيذها حتى الآن ومنذ أكثر
من سنة ونصف بسبب مشاكل مرتبطة
بقرار الدولة وبعض المستثمرين
على أراضي الدولة الذين يرفضون
إخلاء تعدياتهم ليتيحوا انشاء
المحطة. ويقول الأسعد إن هذا
المشروع الذي تموّله الكويت
والسعودية ويهدف الى تنظيف
البيئة في هذه المناطق ما زال
يواجه عوائق ضخمة لأن الدولة
اللبنانية عاجزة عن إزالتها. وكشف الأسعد في حديثه أن نواب منطقة بعلبك
تظاهروا لمطالبة الدولة بإنهاء
موضوع مكب بعلبك، وكأنهم كنواب
للمنطقة منذ 18 سنة لا علاقة لهم
بالدولة ومنطقتهم، والأمر
المريع في بعلبك بحسب الأسعد أن
هناك معملاً لتكرير النفايات
ولكن مياه المجارير لا تمر فيه،
لأن المزارعين يستخدمون هذه
المياه لسقي مزروعاتهم، الى
درجة انه حتى «حزب الله» لا
يتمكن من التأثير على
المزارعين، كما قال الاسعد. وقد
عرض الحزب تكرير المياه القذرة
وإعطاء المزارعين مياهاً
نظيفة، ووافقوا على أخذ 20 في
المئة من المياه المكررة من «حزب
الله» ومجلس الإعمار لكنهم ما
زالوا يستخدمون 80 في المئة من
مياه المجارير لسقي مزروعاتهم،
بحسب رياض الأسعد. وهذا الأمر له ما يشبهه في كل أنحاء البلد
لأن لبنان بلد ملوث بدرجة كبيرة
من بحره الى هوائه الى أرضه. فالتلوث يؤدي الى أمراض وكوارث بشرية.
وعلى رؤساء البلديات أن يعوا
أهمية تحسين مناطقهم وتوفير
ظروف أفضل لأبنائها مما هي عليه
اليوم. فأين الدولة من هذه
المسألة المعيشية وأين النواب
وهم جزء أساس من الدولة أمام هذا
الشأن المصيري؟ فبدل التنافس على مناصب في معارك سياسية
عقيمة ينبغي تحمل المسؤولية عن
مصير الشعب وتوفير بيئة نظيفة
له تحميه من الأمراض. فالمواطن
اللبناني العادي سئم السياسة
والخلافات وكل ما يطلبه أن يكون
هناك اهتمام بشؤونه اليومية
والبيئية. المطلوب انطلاقة حقيقية لقرار الدولة
تنظيف الشاطئ والمياه والهواء.
والكل مسؤول عن تنفيذ مشاريع
بأسرع وقت في هذا الإطار واتخاذ
قرارات سريعة لتنفيذ مشاريع
بيئية معطلة بسبب غياب قرار
سياسي يهدف الى حماية هذا أو ذاك
من المستثمرين الذين يعيقون
المشروع. أما وزير التربية الوطنية فيتحمل مسؤولية
كبرى عن مراقبة البرامج
المدرسية على أن يكون تعليم
الطلاب طرق حماية البيئة أولوية
في المناهج المدرسية وإلا ازداد
التلوث والأمراض معه! =========================== أهمية ترميم العلاقة
الفلسطينية - الأميركية خيرالله خيرالله الرأي العام 5/19/2010 في ضوء العودة إلى المفاوضات غير
المباشرة بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، يتوجب على
الجانب الفلسطيني البحث في
الأسباب التي أدت إلى تدهور
وضعه في الأعوام الأخيرة، وما
هي الوسائل الكفيلة بتحسين هذا
الوضع؟ هل من سبيل آخر، في
المرحلة الراهنة، غير العمل
السياسي الذي جاء تتويجاً لنصف
قرن من النضالات واجه
الفلسطينيون خلالها المحتل
الإسرائيلي بكل أنواع الأسلحة
والعمليات من داخل الأرض
الفلسطينية وخارجها؟ من بين الأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع
الفلسطيني عموماً، بما هدد
القضية التي يقول عرب كثيرون
انها لا تزال قضيتهم الأولى،
رغم عدم إيمانهم بذلك، الوضع
الإقليمي. هناك شرق أوسط جديد في
مرحلة إعادة التكوين، خصوصاً
منذ الاحتلال الأميركي للعراق
الذي أخلّ بالتوازن في المنطقة
لمصلحة إيران. شئنا أم أبينا،
كانت إيران الرابح الأول
والوحيد من الحرب الأميركية على
العراق. لم يؤد الاحتلال
الأميركي للعراق إلى الاخلال
بالتوازن الإقليمي فحسب، بل فجر
أيضاً نزاعات كانت المنطقة
العربية بعيدة عنها. على رأس هذه
النزاعات الحساسيات المذهبية
البغيضة التي ساهمت، إلى حد
كبير، في ابتعاد الاهتمام عن
القضية الفلسطينية. ثمة عوامل أخرى لعبت دورها على صعيد إعادة
خلط الأوراق في المنطقة، بما في
ذلك الحرب في أفغانستان، والحال
الباكستانية المستعصية التي
تسبب بها التطرف الديني
والبرامج التعليمية التي في
أساسه، والحرب على الإرهاب التي
استغلها الأميركي لمباشرة
الحملة العسكرية على العراق.
لكن ذلك لا يعني أن على
الفلسطينيين السقوط في فخ
اليأس، لا لشيء سوى لأن قضيتهم
قضية شعب موجود على الخريطة
السياسية للشرق الأوسط أولاً،
ولديه مشروعه الوطني الواضح
الذي يحظى بدعم المجتمع الدولي
ثانياً وأخيراً. من ينظر بتمعن إلى ما تعرضت له القضية
الفلسطينية في الأعوام
الأخيرة، يتوقف عند محطة مهمة،
بل في غاية الأهمية. انها النكسة
التي تعرضت لها العلاقة بين
السلطة الوطنية الفلسطينية
والإدارة الأميركية. سمحت تلك
النكسة التي بدأت بفشل «قمة
كامب دايفيد» صيف العام 2000، ثم
بقرار عسكرة الانتفاضة الذي
سبقه غياب الإعلان الفلسطيني
الصريح عن دعم الورقة- الإطار
التي طرحها الرئيس كلينتون قبل
أسابيع قليلة من مغادرته البيت
الأبيض، في قطيعة بين واشنطن
والسلطة الوطنية الفلسطينية.
تكرست القطيعة التي استغلها
الجانب الإسرائيلي إلى أبعد
حدود، في كارثة تمثلت في وضع
ياسر عرفات، رحمه الله، الزعيم
التاريخي للشعب الفلسطيني، في
الإقامة الجبرية في ما يسمى «المقاطعة».
وقد تسبب ذلك بوفاته في ضوء ما
تعرض له من ضغوط وممارسات غير
انسانية لا يمكن أن توصف سوى
بأنها إرهاب دولة. يرمم الفلسطينيون علاقتهم بالولايات
المتحدة. يعرفون أن لا دولة
فلسطينية من دون دعم أميركي،
ويعرفون أن لا شيء يرفع الحصار
عن غزة سوى الضغط الأميركي
الفعال. وهذا ما تدركه قبل غيرها
حركة مثل «حماس». ولذلك اعترفت
أخيراً بتوجيه رسالتين إلى
الرئيس باراك اوباما من دون أن
يمنعها ذلك من شتم المفاوض
الفلسطيني الذي يتعاطى مع
الإسرائيلي عبر المبعوث
الرئاسي الأميركي جورج ميتشل!
ويعرف الفلسطينيون خصوصاً أن
ياسر عرفات كان أكثر من زار
البيت الأبيض، من بين زعماء
العالم، في العام 2000، وأنه لم
يعد هناك من يسأل عنه عندما صار
أسير «المقاطعة» في رام الله
بين العامين 2001 و2004 لمجرد أن
الأميركيين قرروا مقاطعته. من ثمار قبول الفلسطينيين بالمفاوضات غير
المباشرة اتصال اوباما برئيس
السلطة الوطنية السيد محمود
عبّاس قبل أيام وتأكيده له أنه «يدعم
بقوة قيام دولة فلسطينية مستقلة
قابلة للحياة تعيش بأمن وسلام
مع إسرائيل». توقفت معظم وسائل
الإعلام عند كلام اوباما عن «نيّته»
تحميل الجانبين مسؤولية أي
عرقلة للمفاوضات في حين أنه كان
مفترضاً أن تتوقف عند التزام
الرئيس الأميركي دعم قيام
الدولة الفلسطينية «القابلة
للحياة». كذلك، كان مهماً في
البيان الصادر عن البيت الأبيض
اللهجة التي توجه بها الرئيس
الأميركي إلى رئيس السلطة
الوطنية الفلسطينية. انها لهجة
تنم عن تعاطف كبير مع قضية الشعب
الفلسطيني بدليل ابداء الرغبة
في استقبال «أبو مازن» في البيت
الأبيض قريباً. من الباكر الحديث عن «وعد اوباما» للشعب
الفلسطيني مقارنة مع «وعد
بالفور» لليهود في العام 1917. لكن
ما لا يمكن تجاهله في أي شكل أن
الفلسطينيين يسيرون في الطريق
الصحيح بدليل تركيز حكومة
الدكتور سلام فيّاض على بناء
مؤسسات الدولة، وتجاهل كبار
المسؤولين في «منظمة التحرير»
والسلطة الوطنية و«فتح»
المزايدات التي تطلقها «حماس»
من غزة. يعرف بعض الفلسطينيين
الجديين أن «وعد اوباما» يمكن
أن يتحول حقيقة في حال أحسنوا
التصرف وتفادوا الانزلاق في
متاهات لا طائل منها سوى تقييد
القرار الفلسطيني المستقل. في
النهاية، هناك سؤال بديهي يفترض
بالفلسطيني العادي طرحه على
نفسه. هل يريد دولة مستقلة أم
لا، هل تسمح التوازنات
الإقليمية بأكثر من ذلك، هل من
أمل في دولة من دون الرضا
الأميركي، أياً تكن الملاحظات
على سياسة الولايات المتحدة في
المنطقة؟ الجواب بكل بساطة أنه
لا يمكن أن يكون هناك رهان
فلسطيني سوى على المفاوضات،
وعلى المشاركة الأميركية
الفعالة فيها بما يحد من
الاندفاع الإسرائيلي نحو تكريس
الاحتلال لجزء من الضفة الغربية
بما في ذلك القدس الشرقية. قد
يكون الرهان على الأميركي في
غير محله ولكن لا بديل من العمل
على ترميم العلاقة الفلسطينية
بواشنطن، أقله من أجل وضع حد
لإرهاب الدولة الذي تمارسه
إسرائيل- بيبي نتنياهو! كاتب لبناني مقيم في لندن ======================= الفلسطينيون وسياسة
تجريب المجرّب المستقبل - الاربعاء 19 أيار 2010 العدد 3656 - رأي و فكر - صفحة 19 راسم المدهون لا تبدو تفسيرات وتحفظات القيادة
الفلسطينية مقنعة أو كافية
لدخول المفاوضات مع الحكومة
الإسرائيلية، تماما مثلما لا
يكفي تسمية المفاوضات ذاتها
أنها "غير مباشرة" كي تكون
شيئا مختلفا عن ذلك المشوار
الطويل من التفاوض العبثي على
مدار أكثر من عقد ونصف من
السنوات. ومن تابع تطوّرات اتخاذ القرار الرئاسي
الفلسطيني يلحظ أن الموافقة
أخذت قبل اجتماع اللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية، وبالتحديد من خلال
أروقة الجامعة العربية، ثم جاءت
مصادقة اللجنة التنفيذية، في
مسار عكسي للمألوف والمنطقي. مفهوم هنا وبديهي أن الأمر كلّه يتعلق
برغبة الرئاسة الفلسطينية في
تحاشي الخلاف مع الإدارة
الأميركية، الساعية عبر كافة
السبل لجمع الطرفين الفلسطيني
والإسرائيلي من جديد، فيما يشبه
تظاهرة علاقات عامة تستهدف
مكاسب سياسية في ساحات عربية
وشرق أوسطية قد لا تكون على
علاقة حقيقية بقضية الشعب
الفلسطيني والصراع العربي
الإسرائيلي كلّه. مع ذلك، نعتقد أن ما قيل عن "ضمانات"
منحتها الإدارة الأميركية
للجانب الفلسطيني قد واجهت بعد
الساعات الأولى من الموافقة
الفلسطينية تحديا صارخا وعلنيا
من رئيس الحكومة الإسرائيلية
بنيامين نتنياهو، الذي سعى
بتصريحاته "الاستفزازية"
إلى فرض الأمر الواقع في الساحة
الدولية، وهو هنا إرغام الجميع
بما فيهم الطرفين الأميركي
والفلسطيني على الاعتراف بأن
المفاوضات تجري "دون شروط
مسبقة"، أو بكلام أكثر دقة
وفق شروط نتنياهو وحكومته
الإستيطانية. هي أشبه بلعبة عض أصابع نعتقد أن الطرف
الفلسطيني هو الأقل قدرة خلالها
على الصمود، وكظم ألمه، والأهم
من ذلك أنه لن يجني من التفاوض
خلال الشهور الأربعة مكسبا
جدّيا يمكنه أن يفتح باب تحقيق
تسوية ولو بالحدود الدنيا من
حقوقه الوطنية. أعتقد أن تفاوضا كهذا ليس له من نتيجة غير
تعميق الانقسام الفلسطيني،
واستمرار الجدل العبثي حول
موضوع بات في ذاكرة ووعي
الفلسطينيين من الموضوعات التي
تندرج تحت عنوان تجريب المجرّب. هي من جديد أوهام عدم القدرة على الدخول
في خلاف من أي نوع مع سياسة
الإدارة الأميركية، رغم أن
الحقائق على الأرض تؤكد حاجة
الإدارة الأميركية لتسوية ما في
الشرق الأوسط، وهي حاجة تدفعنا
للتأكيد أن المطلوب هو الصمود
في مواجهة الاشتراطات الظالمة،
والتسويات المجحفة. ليس صحيحا أن الولايات المتحدة "دولة
كلّية القوة"، بل الصحيح أن
مواجهة ضغوطها ممكن باجتراح
سياسات صائبة، كما بتحقيق وحدة
وطنية فلسطينية، تلغي حالة
الانقسام والترهل، وتغلق باب
اللعب على تناقضات الفصيلين
المتنازعين. أعتقد أن تماسك
الموقف الفلسطيني ووحدته أثمن
بكثير من ملهاة التفاوض
الجديدة، مهما قيل في تبريرها
أو محاولة التخفيف من آثارها
السلبية. ========================== عثمان ميرغني الشرق الاوسط 5/19/2010 الاتفاق الثلاثي الذي أعلن بين إيران
والبرازيل وتركيا أول من أمس،
والقاضي بمبادلة 1200 كيلوغرام من
اليورانيوم الإيراني ضعيف
التخصيب بكمية تعادل 120
كيلوغراما من اليورانيوم
المخصب بنسبة 20%، لتشغيل مفاعل
البحث في طهران، يخضع حاليا
للتقييم في عدد من العواصم حول
العالم لمعرفة ما إذا كان يصلح
أساسا للبدء في معالجة أزمة
الملف النووي الإيراني. ورغم
ردود الفعل الغربية الأولية
المتحفظة، فإن هناك أصواتا ترى
أنه من الصعب رفض الاتفاق جملة
وتفصيلا، خصوصا أنه صيغ على
أساس اقتراح تبادل الوقود
النووي الذي قدمته الدول
الغربية ووكالة الطاقة الذرية
منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبالتالي هناك من يدعو الآن
لاعتبار اتفاق طهران الثلاثي
خطوة يمكن البناء عليها لمعالجة
هذا الملف الشائك، لأن الرفض
يعني التعويل على تشديد
العقوبات أو ترك الباب مفتوحا
أمام احتمال ضربة عسكرية محفوفة
بالمخاطر والتداعيات على
المنطقة. وبغض النظر عن الاتفاق، وما إذا كان
مناورة لكسب الوقت وتشتيت أصوات
أعضاء مجلس الأمن الدولي
باعتبار تركيا والبرازيل عضوين
غير دائمين في مجلس الأمن، كما
أن الصين أعلنت ترحيبها
بالاتفاق، فإن هناك أمرا يستحق
التوقف عنده وهو دور أنقرة في
الصفقة وتحركاتها في المنطقة. فالمعروف أن بين تركيا وإيران تنافسا
إقليميا، وقضايا خلافية تحت
السطح. لكن هذا لم يمنع تركيا من
الحفاظ على علاقات مهمة مع
إيران سمحت لها بأن تلعب دور
الوسيط بين طهران والغرب خصوصا
في الموضوع النووي، وبأن تقوم
بدور أساسي مع البرازيل في
التوصل إلى اتفاق يسهل على
إيران القول إنها لم تتنازل
للغرب رغم أنها قبلت فعليا
بصيغة تبادل الوقود النووي التي
تبنتها مجموعة «5+1». دور الوساطة التركي يعيد إلى الأذهان ما
قامت به الدبلوماسية الجزائرية
في الثمانينات لحل أزمة رهائن
السفارة الأميركية في طهران.
كما أنه يشحذ التفكير فيما طرحه
الأمين العام للجامعة العربية
عمرو موسى مؤخرا عن رابطة دول
الجوار التي أثارت جدلا واسعا
خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع
إيران. فكثيرون يشيرون إلى أن
إيران تتدخل في شؤون دول
المنطقة وتثير قلاقل في بعض
المناطق وتحتل الجزر
الإماراتية رافضة الحوار
بشأنها. كما أن هناك إحساسا
بالقلق من المشروع النووي
باعتبار أن أي قنبلة نووية
إيرانية قد تكون تهديدا لدول
المنطقة أكثر مما ستكون تهديدا
لإسرائيل. ولكن رغم وجود كل تلك
القضايا وأكثر، يبقى السؤال
الذي يشغل بال الكثيرين في
المنطقة هو: هل من الحكمة غياب
الحوار العربي الجماعي مع
إيران، والجلوس في مقاعد
المتفرجين في انتظار ما ستسفر
عنه المواجهة الغربية مع طهران؟ إن الدول الغربية رغم الأزمة الحادة
الراهنة لم تغلق القنوات مع
طهران، بل إن أميركا اختارت منذ
نحو عامين تقريبا الجلوس على
طاولة الحوار بين مجموعة «5+1»
وإيران على أساس أنها تستطيع
التأثير أكثر في مجرى المفاوضات
بالحضور لا الغياب. وعندما جاءت
إدارة أوباما مدت يد الحوار إلى
طهران مما أثار قلقا حينها من أن
واشنطن قد تتجه إلى تسوية مع
طهران وأن ذلك سيكون على حساب
دول المنطقة. وحتى عندما فشلت
حكومة أحمدي نجاد في التجاوب مع
مبادرة أوباما، فإن واشنطن أبقت
قنوات سالكة في اتجاه طهران
سواء من خلال تركيا أو من خلال
أطراف أخرى. لقد نجحت أنقرة في استخدام أوراقها بما
يحفظ مصالحها، وحركت
دبلوماسيتها بما يعطيها نفوذا
أكبر في المنطقة وخارجها من
خلال محاولة التأثير على طهران
عبر سياسة التواصل معها، وهو ما
قامت به سابقا وقد تقوم به لاحقا
في التوسط بين سورية وإسرائيل.
فالدبلوماسية التركية قررت أن
إيران دولة مجاورة بحكم
الجغرافيا والتاريخ، وأنه رغم
الخلافات والتنافس والشكوك
فإنها تستطيع التأثير على
قرارات طهران من خلال التواصل
معها بدلا من عزلها أو الانعزال
عنها، علما بأن أنقرة لديها
مخاوف من البرنامج النووي
الإيراني لا تقل عن المخاوف
العربية أو الدولية. هل يستطيع العرب القيام بشيء مماثل؟ أو
بمعنى آخر هل نستطيع التأثير
على سياسات طهران في إطار طرح
رابطة «دول الجوار» أو غيره؟ ليس هناك من ضمانة لذلك، لكن الجلوس حول
طاولة واحدة وطرح القضايا وجها
لوجه سيساعد في إيصال الرسائل
بوضوح على الأقل، إن لم يسهم في
البدء بنزع أجواء تراكمية من
انعدام الثقة. كما أن وجود تركيا
ضمن صيغة رابطة الجوار سيكون في
صالح الموقف العربي خصوصا في
موضوع الملف النووي والطرح
الداعي إلى جعل الشرق الأوسط
منطقة خالية من الأسلحة النووية
والكيماوية والبيولوجية.
فالمصالح تغلب على العواطف في
السياسة، والدول لو كانت تعيش
أسيرة خلافات وصراعات الماضي
لما كانت هناك علاقات بين معظم
دول العالم. ============================= أ.أحمد عباس جمعية التجديد الثقافية - مملكة
البحرين 18/5/2010 عوّد تلاميذه تقريب البعيد لهم بمثال،
فأحضر اليوم باقات ورد، واختار
لكلَّ باقة لونًا من الورد،
وأفرد باقة من تلك الباقات فجعل
فيها من كل لون وردة، وسأل أيهما
الأجمل؟ فقالوا: مجتمعين الباقة
الجامعة، فقال: لِم؟ فقالوا:
تعاكست الألوان فأظهر كلَّ لون
جمال ضدّه، وامتزجت الروائح
فنشرت رائحة فريدة. قال أحسنتم،
فلماذا لا يفهم النّاس الحياة
هكذا جمالها في تنوعها، في
تعددها، في اختلافها؟!! لو لم يعرف الإنسان إلا الصوف والوبر فهل
سيعرف الإنسان لين الحرير
ونعومته، ولو لم يكن في الطبيعة
إلا الرخو الناعم فبم سيبني
بيته وينشئ مصانعه وسفنه، ولو
كان الإسمنت كالطين، فكيف ستشاد
ناطحات السحاب ولو كان الطين
كالإسمنت فكيف ستبنى المخابز،
كل في مكانه جميل، وكما قال
الشاعر الفارسي: "أيها الحاجب
الأعوج لو كنت مستقيمًا لكنت
أعوج". حاجة الإنسان إلى الخشن كحاجته إلى
اللين، وحاجته إلى السائل
كحاجته إلى الجامد، وحاجته إلى
الثلج كحاجته إلى النّار، ولولا
البلاستيك العازل للكهرباء لما
انتفع الإنسان من الكهرباء
ولكانت شرًا لا خيرًا. ولو كانت الأشجار نوعًا واحدًا، والثمار
نوعًا واحدًا، ولو اجتمعت كنوز
الأرض في مكان واحد أتنتظم
التجارات، وتنشأ الأسفار،
وتتعدد الأعمال، وتطيب المآكل
والمشارب، ويخرج الإنسان عن
الروتين المألوف؟ ولو لم تقابل
الصحة المرض، والطفولة
الشيخوخة، والحياة الموت،
والخير الشرّ، والسعادة
التعاسة، أتتجدد الحياة،
وتتحرك الأحداث، ويتغير
التاريخ؟ هكذا الحياة في الطبيعة متنوعة مختلفة
متعددة ومتضادة وهذه حكمة
الخبير البصير سبحانه، وما هو
جارٍ في الطبيعة جار بحذافيره
في الناس، فما بال النّاس لم
يفهموا حكمة الباري في تعدد
ألوانهم ولغاتهم وأجناسهم
وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم
وأديانهم ومذاهبهم، فتدابروا
وتقاتلوا؟!!! ألم يعتبر سبحانه هذا اختلاف الألوان
والألسنة آية من آياته كما
السماوات والأرض آية من آياته
فقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ
وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ)
(الروم:22) فما بال النّاس جعلوا
اللون سببًا للتمايز؟ أليس بياض
البشرة وسوادها مرده إلى
المناخ؟ ألا نرى أنَّ الألوان
تميل إلى البياض كلّما علونا
إلى شمال الكرة الأرضيّة وتزداد
دكنة كلّما انحدرنا إلى جنوبها؟
ألا نرى شكل العين في اليابان
والصين وشرق آسيا يأخذ شكلاً
يختلف عن شكلها في آسيا
وأفريقيا وأوربا، فما بال
النّاس جعلوا من اللون قضيّة
فأعطى البِيض لأنفسهم صفات
الكمال لأنّهم بيض ورجموا غيرهم
بالمناقص لأنَّهم سود؟ كم ذاقت
البشرية من صنوف الشرّ بسبب هذا
التمييز الذي لا يقره عقل ولا
شرع ولا ضمير؟ من منا اختار أباه أو أمّه، من منا اختار
لغته أو شكله، من منا اختار طوله
أو قصره، من منا اختار ذكورته أو
أنوثته، من منا اختار جماله أو
قبحه، سواد عينيه أو زرقتها؟ هكذا جئنا إلى الدنيا لم نخلق أنفسنا
بأنفسنا، ولا اقترحنا على
خالقنا أن يخلقنا بالكيفية التي
نريدها فلماذا نتفاضل ونتدابر
على أمور لا دخل لنا فيها (مَا
أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) (الكهف:51)
ما هذه الحماقة التي وقع فيها الإنسان
بدءًا من الفلاسفة حتّى العامة
فأضرموا بعنصريتهم حروبًا،
وأججوا أحقادًا، أهلكت الحرث
والنسل. ألا تراهم كذاك الأحمق
الذي حكّمه أحمقان تمنيا في
الطريق فتمنى أحدهما قطيعًا من
الغنم وتمنى الآخر ذائبًا تفترس
قطيع صاحبه فتنازعا فاحتكما إلى
أحمق يحمل إنائي عسل طلع عليهما
في الطريق، فلمّا قصّا عليه
قصتهما أراق عسله وهو يقول: أشهد
بالله أنّكما أحمقان، وما درى
المسكين أنَّه عديلهما في
الحماقة فقد كان بإمكانه أن
يصدر حكمه دون أن يريق عسله،
ويخسر نفسه، وكان بإمكان هؤلاء
الفلاسفة والسياسيين ونظرائهم
أن يفهموا الحياة دون أن
يدمروها. ثمَّ أتقوم الحياة بالذكور دون الإناث؟
من منا جاء إلى الدنيا بدون أمّ
أو أب ليشرعن أنَّ الرجل أفضل من
المرأة أو العكس، فلماذا لا
يشعر كلّ منهما أنَّ كماله
بالآخر (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ
وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)
بدل أن يتجبر ويتكبر، أو تتجبر
وتتبختر؟!! أليس الحياة قائمة
على الزوجيّة (وَمِنْ كُلِّ
شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،
ليل ونهار، وصيف وشتاء، وربيع
وخريف، الكهرباء زوجان سالب
وموجب، والمغناطيس زوجان قطب
شمالي وقطب جنوبي ودونك الحياة
فارمِ بطرفك مشرقًا أو مغربًا
فلن تجد فيها إلا نظامًا زوجيًا. أمّا الغنى والفقر فقد يكون بسبب السعي
فمن جدّ وجد ومن زرع حصد، وقد
يرث إنسان الغنى وراثة كأبناء
التجار والسلاطين، فهل في هذا
ما يدعوهم إلى التطوس والشموخ
بأنوفهم وتصعير خدودهم، وهم لم
يفعلوا شيئًا في صناعة هذا
القدر، ولو كان النّاس كلّهم في
مستوى واحد من الغنى فمن سيقبل
العمل في الأعمال الشاقة
والخطرة، أو يتغرب عن بلاده
ويفارق أهله وأحبته (نَحْنُ
قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ
مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا
بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ
دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ
بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً)
وفهم المعري هذا المعنى فقال: وَالناسُ بِالناسِ مِن حَضرٍ وَبادِيَةٍ
بَعضٌ لِبَعضٍ وَإِن لَم
يَشعُروا خَدَمُ هناك سنن قامت عليها الحياة وأقدار حكمت
فعلى النّاس أن يفهموها ليعيشوا
الحياة في أحلى وأبهى وأجمل
صورها. الحياة كالألوان هذه
المزهرية التي أمامكم تعاكست
ألوانها فأظهر كلَّ لون جمال
ضدّه، وامتزجت الروائح فاجتمعت
الروائح في رائحة فريدة، وكذلك
الحياة الإنسانيّة اختلفت
الألوان والأعراق، واللغات،
والصفات لتكون الحياة مزهرية
كبيرة، ولو كانت طيفًا واحدًا
أسود أو أبيض، أو أسود وأبيض
فتخيل كيف ستكون الحياة؟!! خلق الله الحياة بحكمة وسمّى نفسه
بالحكيم ونحن مدعون لنفهم حكمة
الله في خلقه (وَمَا خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ). إذا جهل الإنسان الحكمة من هذه الأقدار أو
جيّرها لصالحه أو اتخذها سوطًا
أو سلمًا يجلد به ظهور بني جنسه
أو يعلو به رقابهم فسدت الحياة
ونتنت وأسنت وواقعنا يحكي ذلك
فما بعد العيان بيان، وهل
الحروب والعداوات والتباغض إلا
بسبب هذا الجهل والغفلة. ====================== د.سرور قاروني جمعية التجديد الثقافية - مملكة
البحرين 18/5/2010 حين نغضب ونقول كلمات سيئة أو نؤذي أحداً،
نشعر بأذى بداخلنا ونسمع صوتاً
يقول لنا إن ذلك ظُلمٌ لا يتناسب
مع ما فُطرنا عليه (ما لم نكن قد
قتلنا ذلك الصوت بحيث لا نكاد
نسمعه)، وحين نُفرِّط في الأكل
نشعر بألم في المعدة لتقول لنا
أننا قمنا بما لا يتناسب مع ما
خُصصت له، وحين نُضيِّع أوقاتنا
بالتفاهات -مهما بدت مسلية
وممتعة- ولا نسعى لما يُطوّرنا
علمياً واجتماعياً وإنسانياً،
نشعر بالضيق والاكتئاب وعدم
الرضا عن النفس لنعرف بأننا
نمشي في الاتجاه المعاكس لما
خُلقنا من أجله. هناك شيء مشتركٌ بين الأفلاك وجميع
الكائنات على الأرض، وهو أنها
في حركة منظمة منتظمة بنغمة
منسجمة مع نفسها ومع من حولها
لتؤدي مُهمتها وما خُلقت من
أجله، فلا يوجد سكونٌ مع
الحياة، والإنسان جزءٌ من هذه
المنظومة لا يختلف عنها إلا
بالقدرة التي لديه والتي يستطيع
بها أن يُخالف ذلك النظام وتلك
الحركة بالإرادة وحرية
الاختيار التي وهبه الله إياها،
وما دعا إليه جميع الرسل منذ بدأ
الخليقة يتلخص في الرجوع إلى
تلك النقطة التي نكون بها في
انسجامٍ تامٍ مع أنفسنا ومع ما
أراده الله لنا في هذه الدنيا
لنكون خُلفاء له على الأرض. فإذا كان هذا المفهوم والانسجام حاضراً
بداخلنا، نستطيع أن نكتسب طاقة
مهولة، ونبني وازعاً داخلياً
محكماً يكون فيه الوطن وعِمارة
الأرض شيئاً أساسياَ، وتنمية
المجتمع وتمكين الأفراد عملاً
مقدساً، والعمل التطوعي واجباً
فردياً، والتطوير الذاتي
علمياً وإنسانياً وثقافياً
أمراً بديهياً، فنحترم البيئة
ونتعامل معها كما لو أنها البيت
الذي نعيش فيه ولا نحتاج إلى
عقوبات وغراماتٍ كي لا نرمي
قنينة ماء نشربها من نافذة
السيارة إلى الشارع، ونرى
الخداع والتزوير والترويج
للاستهلاك والغفلة على أنه
هيمنة للشيطنة يجب التصدي لها
بالعلم والوعي، وإن الظلم الذي
يحدث في أي مكان يعنينا بطريقة
أو بأخرى، وواجبنا إعانة
المظلوم الذي نستطيع أن نرفع
عنه ظُلامتة حتى ولو بكملة،
وألا نقف مستسلمين مكتوفي
الأيدي حين نعرف أن أفكاراً
يائسة تنهش في أمتنا تسلب منها
عزتها وكرامتها حتى انعكست على
إنسانها، وتبلّدت مشاعر الكثير
منهم حتى أصبحت الأنظمة
والقوانين ومن يطبقونها تقسرهم
على الجري وراء لقمة العيش
لتنسيهم معنى الحياة. فهل نعجز أن نكون كالطير الذي عَلِم دوره
وصلته بما يقوم به وبما خلُق من
أجله {أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ
قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ
وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}(النور/41)؟ ===================== مواجهات اللوبي
الإسرائيلي والإدارة الأميركية:
هل هي حاسمة هذه المرة رياض طبارة* السفير اللوبي ومكوناته إن ما يُسمى باللوبي الإسرائيلي في
الولايات المتحدة هو كناية عن
مجموعة من المؤسسات والتجمعات
الشعبية التي تعمل بالتعاون مع
بعضها بعضا لإيصال وجهة نظر
إسرائيل إلى أصحاب القرار،
خصوصا في مجلسي النواب والشيوخ
أي الكونغرس
وفي البيت الأبيض، وإقناعهم
بتبنيها. ويتكون هذا اللوبي من
فروع أساسية ثلاثة: أولا: مؤسسة «إيباك»، أي اللجنة
الأميركية الاسرائيلية للشؤون
العامة، وبعض المؤسسات
اليهودية الأخرى، كالمنظمة
الصهيونية الأميركية (American
Zionist Organization)
ومؤسسة التحالف ضد العنصرية (Anti-defamation
League) وتشكل «إيباك» رأس الحربة له لهذا
اللوبي إذ أنها أكبر متبرع
للمرشحين لانتخابات الكونغرس
والبيت الأبيض للحزبين
الديموقراطي والجمهوري
والمؤسسة التي تستطيع أن تجمع
العدد الأكبر من أصوات اليهود
لمصلحة المرشحين الذين تؤيدهم.
والمعيار الأول لهذه المساعدات
هو الوعد بمساندة القضايا
الاسرائيلية. وكثيرا ما يُطلب
من المرشح إلى الكونغرس، قبل
إعطائه الدعم المالي
والانتخابي، أن يتعهد خطيا
بالتصويت في شكل معين على بعض
الأمور التي تهم اسرائيل والتي
قد تُطرح أمام الكونغرس. ثانيا: شبكة واسعة من مؤسسات الأبحاث، مثل
معهد واشنطن لسياسة الشرق
الأدنى Washington
Institute for Near East Policy ومعهد المبادرة الأميركية American
Enterprise Institute
والمعهد اليهودي لشؤون الأمن
القومي Jewish Institute for National Security Affairs ومؤسسات كثيرة غيرها. وتقوم
هذه المعاهد والمؤسسات بدراسات
لمساندة المواقف الاسرائيلية
تغذي بها اللوبي العامل على
الأرض، أي «إيباك» وأخواتها،
وتصدرها في منشوراتها الخاصة
والصحف والمجلات، خصوصا تلك
التي تساند اسرائيل، والتي قد
يجوز إدخالها في إطار مفهوم
اللوبي الاسرائيلي. ثالثا: التجمعات التي تدخل في إطار ما
يسمى اليمين المسيحي Christian
Right الذي يساند القضايا
الاسرائيلية المتطرفة كحق
اسرائيل بالضفة والقطاع، في بعض
الأحيان أكثر من حزب الليكود
الاسرائيلي. فعندما أصيب شارون
بالجلطة وفقد وعيه مثلا قال
القس بات روبرتسون، أحد أكبر
القياديين في تيار اليمين
المسيحي، إن «ما حل بشارون قد
يكون عقابا من الله، لأنه انسحب
من أراض تعود إلى اسرائيل
التوراة». أما سبب هذه المساندة
العمياء لإسرائيل وأهدافها
التوسعية فيعود إلى التفسيرات
الدينية التي يتبعونها، إذ
يعتبرون ان عودة السيد المسيح
إلى الأرض لن تحصل إلا بعد
اكتمال اسرائيل كدولة على كل
أراضي فلسطين، فتدخل عندها في
حرب ضروس، تحصل معركتها الرئيسة
في «أرماجدون»، ويموت فيها من
الشعب اليهودي مَن يموت، ومَن
يبقى حيا يعتنق المسيحية، فيعود
السيد المسيح إلى الأرض ويعم
فيها السلام. ولذا يعمل
المسيحيون الصهاينة اليوم
جاهدين لكي تسيطر اسرائيل على
أرض فلسطين كاملة، وبأسرع وقت
ممكن، تحضيرا لمعركة «أرماجدون»
المنتظرة. ويدعو جون هايجي،
مؤسس منظمة «مسيحيون في سبيل
إسرائيل» إلى الحرب على إيران
لأن هذه الحرب ستكون «أكبر حرب
عرفها الكون» حسب قوله، أي انها
ستكون «أرماجدون» المنتظرة
التي سيعود بعدها السيد المسيح
إلى الأرض. المواجهات مع الإدارات السابقة حصلت المواجهة الأولى بين الرئيس دوايت
أيزنهاور ورئيس الوزراء
الاسرائيلي ديفيد بن غوريون،
بعد الاعتداء الثلاثي على مصر
عبد الناصر سنة 1956، الذي اشتركت
فيه بريطانيا وفرنسا واسرائيل،
فاحتلت إثره اسرائيل شبه جزيرة
سيناء بالكامل قبل ان يتوقف
الهجوم بأوامر أميركية، إضافة
إلى التهديدات السوفياتية.
وعندما رفض بن غوريون الانسحاب
من سيناء، هدد أيزنهاور اسرائيل
بقطع المساعدات عنها فأذعنت
اسرائيل للتهديدات، وكذلك
حلفاؤها بريطانيا وفرنسا،
وكانت المرة الأولى والأخيرة
التي يربح فيها الرئيس الأميركي
المواجهة مع اسرائيل بوضوح. أما
أسباب هذه النتيجة فتتمثل أهمها
في أن شعبية أيزنهاور كانت غير
مسبوقة، إذ انه كان قائد قوات
الحلفاء التي انتصرت في الحرب
ضد ألمانيا النازية، وفي الوقت
ذاته، كان اللوبي الاسرائيلي في
الولايات المتحدة لا يزال
يانعا، فضلا عن التوافق
الأميركي السوفياتي على انسحاب
المعتدين من مصر. المواجهة الثانية وقعت مع ريتشارد
نيكسون، وريث أيزنهاور، على رغم
أنه كان قد أحاط نفسه بعدد من
المعاونين اليهود، أمثال موري
تشوتينر رئيس حملاته
الانتخابية وهنري كيسنجر وزير
خارجيته، وبرغم الجسر الجوي
الذي أقامه في حرب 1973 بين مصر
وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة
أخرى، والذي أنقذ اسرائيل من
الانهيار... برغم كل ذلك حصلت
المواجهة وكان سببها تسريبات
لكلام ناب تفوه به نيكسون عن
اليهود والضغوط التي كان اللوبي
الاسرائيلي يمارسها عليه. ولم
يغفر له اللوبي الاسرائيلي هذا
الكلام، معتبرا نيكسون معاديا
للسامية، فساعد في النهاية، من
خلال مؤيديه في الكونغرس، على
عزله من منصبه. ووقعت مواجهات صغيرة نسبيا خلال عهدي
جيمي كارتر ورونالد ريغان، أي
بين الأعوام 1977 و1989، كانت
الغلبة في معظمها لإسرائيل. ففي
عهد كارتر تخلص اللوبي
الاسرائيلي من مندوب الولايات
المتحدة في الأمم المتحدة
السفير الأسود أندرو يانغ، لأنه
اجتمع سراً مع ممثل منظمة
التحرير في نيويورك، فاستبدله
كارتر بدونالد ماك هنري، الذي
أثار بدوره غضب اللوبي
الاسرائيلي، لأنه صوّت لمصلحة
قرار يستنكر قيام اسرائيل ببناء
مستوطنات في الأراضي المحتلة،
ما اضطر كارتر الى الاعتذار
علنا عن هذا العمل. وفي عهد
ريغان، وقعت المواجهة خلال غزو
اسرائيل للبنان عام 1982 فوصلت
القوات الاسرائيلية إلى بيروت
رغم ان الادارة الأميركية كانت
قد أعطت اسرائيل الضوء الأخضر
للوصول حتى الليطاني فقط.
وعندما بدأت اسرائيل بشن غارات
وحشية وعشوائية على بيروت، طلب
ريغان من رئيس الوزراء
الاسرائيلي وقفها، ما جعل أرييل
شارون وزير الدفاع في حينه،
وجوابا على مطلب ريغان، يؤقت في
اليوم التالي غارتين الأولى في
الثانية والدقيقة 42 (2:42)،
والثانية في الثالثة والدقيقة 38
(3:38)، في إشارة إلى قراري الأمم
المتحدة 242 و338، اللذين يطالبان
اسرائيل بالانسحاب من الأراضي
التي احتلتها عام 1967. أثار ذلك
غضب ريغان فاتصل ببيغن هاتفيا
وطلب منه بشكل متوتر إيقاف
الغارات. وبعد أقل من نصف ساعة،
اتصل بيغن بالرئيس الأميركي
ليعلمه بأنه أعطى الأوامر
لشارون بوقف الغارات الجوية.
وبعد انتهاء المكالمة، التفت
ريغان إلى نائب رئيس الأركان في
الجيش الأميركي الذي كان
برفقته، وقال: «لم أكن أعلم أن
لدي هذه القوة» (في وجه اسرائيل).
أما المواجهة الكبرى فحصلت، في
عهد بوش الأب، الذي طلب من رئيس
الوزراء الاسرائيلي في حينه،
اسحق شامير، رئيس حزب الليكود،
وقف عمليات الاستيطان، والبدء
في مفاوضات مع جيرانه العرب.
وهدد بوقف كفالات الحكومة
الاميركية للاستدانة
الاسرائيلية لبناء المستوطنات
ومساعدات أخرى، إذا لم يستجب
شامير لطلبه. ونتيجة لهذه
الضغوط، هدد حزب العمل المشارك
في الحكومة بالاستقالة، ما دفع
شامير إلى الاستغناء عنه لمصلحة
أحزاب دينية متطرفة. ووصلت
الأمور إلى حد القطيعة بين
البلدين مطلع عام 1991، عندما
أعلن جيمس بايكر أمام الكونغرس،
أن «في كل مرة يذهب فيها إلى
اسرائيل لدفع عملية السلام
يستقبله الاسرائيليون ببناء
مستعمرات جديدة، مما يضعف
الموقف الأميركي في المنطقة».
وكان بايكر قبل ذلك، قد أجاب عن
سؤال في مؤتمر صحافي عما إذا كان
سيعاود الاتصال بإسرائيل بعد
فشل إحدى رحلاته، بإعطاء رقم
هاتف وزارة الخارجية، قائلا ان
«على الاسرائيليين الاتصال
بهذا الرقم إذا كانوا جادين
تجاه عملية السلام». وأفضى ذلك إلى تحرك اللوبي الاسرائيلي
بقوة، وحاز مبدئيا الغالبية
اللازمة لكسر الفيتو الرئاسي
على كفالات الاستدانة، ما دفع
بوش إلى التوجه إلى الشعب
الأميركي مباشرة وعبر موجات
الأثير، معلنا أنه «رجل وحيد»
يقاوم الآلاف من أعضاء (اللوبي
الاسرائيلي)، فرفع هذا من تعاطف
الاميركيين معه بشكل كبير،
فانتهى الأمر بتراجع أعضاء في
الكونغرس عن التصويت لكسر
الفيتو الرئاسي. ثم جاءت حرب
الخليج، لتخفف من حدة المواجهة،
كما سقط شامير في الانتخابات
ونجح اسحق رابين، ما وفر لبوش
الحجة للموافقة على كفالات
الاستدانة. وعلى رغم ذلك، لم
يغفر له اللوبي الاسرائيلي
فعلته، فعمل جاهدا لإسقاطه في
الانتخابات الرئاسية، مما ساعد
في ذلك، فلم يستطع بوش ان يحظى
بولاية ثانية على رغم الشعبية
الكبيرة التي كان قد اكتسبها
نتيجة عملية «عاصفة الصحراء»
التي حرر فيها الكويت. تعلم كلينتون الدرس، فجاء بأعضاء من
اللوبي الاسرائيلي، وسلمهم
عملية السلام بقيادة دنيس روس
وعضوية مارتن أنديك ورام
إيمانويل، وغيرهم من اليهود
المتحمسين لإسرائيل. وبذلك أراح
فكره من أية مواجهة يمكن ان تحصل
بين إدارته واللوبي الاسرائيلي.
وكذلك فعل بوش الابن، الذي خلف
كلينتون في سدة الرئاسة، إذ
سلّم السياسة الخارجية
والدفاعية، أقله في السنوات
الست الأولى من عهده، إلى
المحافظين الجدد وهم في
غالبيتهم الساحقة من اليهود
المتطرفين لمصلحة إسرائيل. المواجهة القائمة بين الإدارة الأميركية
الحالية والحكومة الإسرائيلية الكل يعلم أن هناك اليوم مواجهة حادة
قائمة بين الإدارة الأميركية
الحالية والحكومة الإسرائيلية،
بدأت عندما طلب أوباما من
إسرائيل وقف الاستيطان في الضفة
الغربية والقدس، كشرط لاستئناف
المفاوضات. إلا أن أوباما تراجع
أمام التعنت الاسرائيلي وسحب
هذا الشرط، ما جعل أي أمل في
المفاوضات بين الفلسطينيين
والاسرائيليين يتوقف. ولكن
أوباما عاود الكرّة، لكن هذه
المرة بزخم لم تعرفه التحركات
الماضية. هل سيصل هذا التحرك الجديد إلى حائط مسدود
مثل ما سبقه أم أن حظوظ هذه
التحرك تختلف عن سابقاتها فتكون
المرة الأولى منذ عهد أيزنهاور
التي يربح فيها الرئيس الأميركي
المنازلة مع اسرائيل؟ أعتقد ان
هذه المواجهة تختلف عن سابقاتها
إلى حد كبير، ما يجعل نجاح
الإدارة الأميركية فيها، والذي
ليس مؤكداً، أكثر حظاً من
الماضي. يستعمل اللوبي الاسرائيلي في معركته هذه
التي يعتبر نتائجها الأخطر
على العلاقات الأميركية
الاسرائيلية منذ قيام
الدولة العبرية
كل الأسلحة المتاحة لديه،
إضافة إلى أسلحته التقليدية
المتعلقة بالانتخابات ومعاقبة
المخالفين من السياسيين
لمواقفه. ويتمثل أول هذه
الأسلحة باستعمال قوة الكونغرس
للضغط على رئيس الجمهورية
لتليين موقفه من إسرائيل في هذه
الموجة. إذ تمكنت «إيباك» بعد
بدء المواجهة مباشرة، من جمع
تواقيع حوالى ثلاثة أرباع أعضاء
المجلس النيابي على رسالة موجهة
إلى الرئيس أوباما، تحضّه فيها
على تبريد المواجهة مع اسرائيل،
وحل الأمور «بهدوء وثقة». وفي
منتصف نيسان(إبريل) الجاري،
سرّبت «إيباك» نص رسالة وقّعها
76 عضوا في مجلس الشيوخ (من أصل
مئة) و333 عضوا في مجلس النواب (من
أصل 435) أي 76 بالمئة من كل من
المجلسين إلى
وزيرة الخارجية هيلاري
كلينتون، تحث الإدارة على
التخفيف من حدة التوتر بين
البلدين. والسلاح الآخر الذي تتقنه «إيباك»،
وتستعمله في هذه المواجهة هو
وسائل الإعلام، خصوصاً تلك
التابعة لها أو المتعاطفة معها،
كقسم الأفكار في «وول ستريت
جورنال»، ومحطة «فوكس نيوز»
التلفزيونية المحافظة، فضلاً
عن كتابات وحملات مبرمجة في
الإعلام المكتوب والمرئي
والمسموع. ولكن هناك بالمقابل أمور كثيرة تساعد
الرئيس أوباما على مواجهة هذه
الحملات الضارية، تتمثل في ما
يلي: أولاً: يوجد انقسام غير مسبوق داخل الرأي
العام اليهودي في الولايات
المتحدة حول أنجع الطرق لتأمين
استدامة إسرائيل في المنطقة. إذ
يعتقد قسم كبير منهم
وربما الغالبية حالياً
ان قوة اسرائيل العسكرية لا
تكفي لتأمين ديمومة اسرائيل،
كما هو موقف «إيباك» واليمين
الإسرائيلي، بل ان عامل الوقت
ليس في مصلحة اسرائيل، وأن
الطريقة الوحيدة لتأمين
استمرارها هو من خلال السلام مع
جيرانها وبأسرع وقت ممكن. ومن
هذا المنطلق، تأسس منذ عامين
تقريباً، أي في نيسان عام 2008،
لوبي اسرائيلي آخر يدعى «جاي
ستريت» J. Street، ينادي بالسلام ويساند أوباما في
مواجهته الأخيرة مع «إيباك».
وبدأت منظمات السلام اليهودية
في الولايات المتحدة في
الانخراط تحت لوائه. وتفاجأ
كثيرون بالسرعة التي نما فيها
هذا اللوبي الجديد، إذ سهّل
تحول قسم كبير من اليهود
الأميركيين نحو السلام على «جاي
ستريت» جمع الأموال، فنمت
موازنته في شكل سريع وفي مدة
قصيرة، ولو أنها ما زالت بعيدة
عن موازنة «إيباك». أما العضوية
فيه فتضم غالبية من جيل جديد من
اليهود الشباب، الذي لم يعرف
الهولوكوست، ولم يعد ذلك يعنيه
بالقدر الذي كان يعني الأجيال
السابقة، ما يزيد من فتوة هذا
التجمع وبالتالي من طاقاته على
الأرض (في المدارس والجامعات
مثلاً) وبتواصله مع الآخرين (عبر
الانترنت). وفي هذا السياق، لا
يجب أن ننسى صعود اللوبي العربي
في الولايات المتحدة منذ عام 2000،
الذي بدأ يحرز نجاحا انتخابيا
ولو متواضعا، بسبب وجود
الأميركيين العرب في الولايات
الأميركية الكبرى والمهمة
انتخابيا. وبدأ تنسيق بين هذا
اللوبي وبين «جاي ستريت»، فعقد
أخيراً اجتماعهما الأول
المشترك في سبيل دفع عملية
السلام، وبالتالي الوقوف في وجه
«إيباك» واللوبي الإسرائيلي
اليميني المتطرف. ثانياً: لا شك في أن كثيرين من أعضاء
الكونغرس تعبوا من عنجهية
اللوبي الاسرائيلي، والطريقة
الفوقية التي يتعامل بها معهم،
خصوصاً أن بشائر لوبي اسرائيلي
أقل عنجهية وأكثر انسجاماً مع
أفكار الكثيرين منهم، بدأت تطل
عليهم. فعندما سئل جيرامي بن
عامي، مؤسس جاي ستريت ورئيسه،
عن ردة فعل أعضاء الكونغرس لدى
زيارته لهم لشرح أهداف اللوبي
الجديد، أجاب: «قالوا لي لماذا
تأخّرتم حتى اليوم؟». ولا بد من
الملاحظة في هذا السياق أن
الرسالتين المرسلتين من أعضاء
في الكونغرس إلى الرئيس أوباما
والوزيرة كلينتون، تستعملان
لغة أكثر هدوءاً من الرسائل
الماضية التي كان يصوغها اللوبي
الاسرائيلي، إذ تطالب ب «تليين»
موقف الإدارة من اسرائيل
والتعامل مع الأزمة «بهدوء وثقة»
ولا تطلب اتخاذ مواقف تساند
المواقف الإسرائيلية المتعلقة
بالمستوطنات أو الأمور
الخلافية الأخرى كما في الماضي. ثالثاً: هناك بالتأكيد تحوّل ملحوظ في
نظرة الشعب الأميركي غير
اليهودي إلى إسرائيل. ففي حين
كان يوصف أي كلام سلبي عن
إسرائيل في الماضي بأن صاحبه
معادٍ للسامية، فتسكت تلك
الأصوات بسرعة ومن دون ضجة
كبيرة، تغيّرت الأمور جذرياً في
السنوات الأخيرة خصوصاً بعدما
نشر جون مرسهايمر وستيفن والت
مقالهما الشهير عام 2002، حول
اللوبي الإسرائيلي وتعارضه مع
المصالح الأميركية، ومن ثم
كتابهما الأشهر حول الموضوع
ذاته عام 2007. إذ ينتمي هذان
الكاتبان اليهوديان إلى
جامعتين أميركيتين هما من
الأفضل في أميركا (جامعتا
شيكاغو وهارفرد)، الأول أستاذ
علوم سياسية والثاني أستاذ
علاقات دولية. وكأن سدا وانكسر،
فتدفقت المقالات والكتب
المنتقدة لإسرائيل وسياساتها
تجاه الفلسطينيين وعملية
السلام، وأصبحت ممارسات
اسرائيل موضوعاً قابلاً
للنقاش، لم يستطع اللوبي
الإسرائيلي اليميني إيقافه كما
في السابق، وباتت اتهاماته
التقليدية لمنتقدي إسرائيل على
أنهم ضد السامية، تذهب من دون
فاعلية كبيرة، خصوصاً أن غالبية
المنتقدين هم أصلاً من اليهود
الأميركيين. ولعل الأكثر
تعبيراً في هذا المجال، هو
عنوان مقال كتبه أخيراً معلق
أميركي يقول: «مشكلة كبرى تواجه
اللوبي الاسرائيلي: الناس لم
تعد تخاف من انتقاد إسرائيل». رابعاً: يستعمل أوباما في مواجهته
الحالية مع اسرائيل الفكرة
الأكثر خطراًَ على عمل اللوبي
الاسرائيلي، والتي لم يجرؤ أي
رئيس أميركي في السابق على
المجاهرة بها، ألا وهي عدم
تطابق أهداف اسرائيل المعلنة
وموقفها حيال عملية السلام مع
أهداف ومصالح الولايات
المتحدة، فمواقف اسرائيل من
عملية السلام تشكل خطراً على
مصالح أميركا وأمنها، وعلى أمن
جيوشها في المنطقة. ويؤثر هذا
الكلام بشكل كبير في الرأي
العام الأميركي تجاه إسرائيل،
خاصة عندما يصدر من مرجعيات
تتمتع بصدقية، كما يفعل أوباما
اليوم. ففي آذار الماضي أعلن
الجنرال دايفيد باتريوس قائد
القوات الأميركية في الشرق
الأوسط، الذي يحظى بشعبية
وصدقية كبيرتين بين
الأميركيين، في شهادة خطية
موجهة إلى لجنة مجلس الشيوخ
لشؤون القوات المسلحة، ان «غضب
العرب الناتج عن القضية
الفلسطينية يحد من حدود وقوة
الصداقة بين الولايات المتحدة
وحكومات وشعوب (الشرق الأوسط)،
ويضعف شرعية الأنظمة المعتدلة
في العالم العربي». وأضاف ان «الصراع
العربي الاسرائيلي
يساعد القاعدة ومجموعات
إرهابية أخرى على استغلال هذا
الغضب للحصول على المساندة، كما
يعطي إيران نفوذاً أكبر». وتبع
ذلك شهادة للأدميرال مايكل
ماللين، رئيس أركان القوى
المسلحة، الذي حوّل تقريراً إلى
البيت الأبيض، تسرب بفعل ساحر
إلى الصحافة، ينبّه إلى وجود
إحساس لدى القيادات العربية بأن
الولايات المتحدة غير قادرة على
مواجهة إسرائيل، وأن الدول
العربية المعنية فقدت الثقة في
الوعود الأميركية، فضلاً عن أن
التعنت الإسرائيلي في موضوع
الصراع الاسرائيلي
الفلسطيني يعرض موقع
الولايات المتحدة في المنطقة
للخطر. وشارك في هذه الأوركسترا
المنظمة أعضاء آخرين بارزين في
الإدارة الأميركية أمثال جو
بايدن نائب الرئيس الأميركي
ودايفيد أكسلرود كبير مستشاريه
السياسيين وحتى مارتن إندك أحد
مؤسسي اللوبي الاسرائيلي
التقليدي. ومنذ مدة قليلة أعلن
أوباما في مؤتمر صحافي أن حلّ
الصراع في الشرق الأوسط «هو
مصلحة حيوية لأمن أميركا القومي»،
مضيفاً أن «مثل هذا الصراع
يكلفنا أموالاً ودماء كثيرة».
كل ذلك يجعل من الأصعب على
اللوبي الإسرائيلي بعد اليوم،
أن يروّج بأن الصراع العربي
الاسرائيلي لا يؤثر على
سلامة أميركا، وأن أهداف
اسرائيل تتماشى دائماً مع أهداف
أميركا ومصالحها. خامساً، إن الحكومة الاسرائيلية الحالية
غير متماسكة كما الكثير من
سابقاتها خاصة أن حزب العمل
المشارك فيها، والذي يتأثر
كثيراً بالموقف الأميركي، قد
بدأ يهدّد بالانسحاب منها مما
سيضع نتنياهو أمام خيار من
اثنين: فإما ان يستبدله بأحزاب
يمينية صغيرة، كما فعل شامير في
مواجهته مع بوش الأب، وهذا يشكل
خطراً على اسرائيل وإما أن
يبقيه ويتجاوب مع المطالب
الأميركية وعندها قد تنسحب
الأحزاب اليمينية المتطرفة من
الحكومة فيعوّضها بحزب كاديما
المتعاون هو الآخر مع الادارة
الأميركية. وأخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن مكانة
اسرائيل بقيادة متطرفين أمثال
نتنياهو وليبرمان بدأت تضعف
تجاه الغرب عموما، ما يقوّي يد
أوباما في المواجهة الحالية.
فمن الملاحظ أن كل موقف خلافي
يتخذه أوباما تجاه نتنياهو تليه
مواقف مساندة من الدول
الأوروبية الفاعلة. وللمرة
الأولى منذ نشوء الدولة العبرية
تقوم دولة أوروبية(بريطانيا)
بطرد أحد دبلوماسييها (دون رد
إسرائيلي مماثل)، وقد تتبعها
دول غربية أخرى لا تزال تحقق في
استعمال جوازات سفرها، من قبل
الموساد الاسرائيلي في عملية
اغتيال القيادي الفلسطيني
محمود المبحوح في دبي مؤخراً.
كما أن القيادات الاسرائيلية
بدأت تعاني من صعوبات في السفر
إلى البلدان الأوروبية خوفاً من
اعتقالها هناك. فمنذ أشهر،
اضطرت السفارة الاسرائيلية في
لندن إلى إرجاع جنرال كان على
متن إحدى طائرات شركة العال
الاسرائيلية، لأن القضاء
الانكليزي تحرك لاعتقاله بدعوى
جزائية مرفوعة ضده. وخلال زيارة
موشي يعالون نائب رئيس الوزراء
الاسرائيلي إلى واشنطن مؤخراً،
استدعته إحدى المحاكم للمثول
أمامها بدعوى ضده، لكنه تمكن من
التنصل بسبب الحصانة التي تعطيه
إياها مراكزه الرسمية. إلا أن
هذا التنصل لم يكن ممكناً لو أن
الدعوى كانت على بعد بضعة
كيلومترات من واشنطن، أي في
فيرجينينا، حيث القانون لا
يعترف بهذه الحصانة. كما ألغت
تسيبي ليفني، رئيسة حزب «كاديما»،
رحلتها إلى بريطانيا مؤخراً لأن
هناك دعوى ضدها. وقد لا يكون هذا
سوى بداية الغيث في هذا المجال،
إذ يقول المعلق السياسي
الاميركي سام سنجر، بناء على
أحد التقارير، أن هناك حوالى
ألف دعوى مقامة حول العالم على
شخصيات اسرائيلية عسكرية
وسياسية مهمة (معظمها لدى محاكم
في البلدان الغربية)، وأن وزارة
الدفاع الإسرائيلية تتوقع أن
تواجه قريباً 1500 دعوى إضافية هي
قيد التحضير. ولا شك في أن معظم
هذه الدعاوى تتقدم بها مؤسسات
غربية تُعنى بحقوق الإنسان. ماذا يعني كل هذا؟ هل يعني أن أميركا
ستتحرر قريباً من سيطرة اللوبي
الإسرائيلي المتطرف وتصبح على
مسافة واحدة من العرب واسرائيل
في تعاطيها مع الصراع العربي
الاسرائيلي؟ لا أعتقد ان هذا
اليوم قد جاء بعد. فحماية
اسرائيل، كما حماية النفط،
سيبقيان خطين أحمرين للسياسة
الأميركية في الشرق الأوسط،
أقله في المستقبل المنظور. ولكن
بالمقابل، أعتقد ان حظوظ أوباما
في مواجهة اللوبي الاسرائيلي
اليميني في الولايات المتحدة،
هي أقوى من أي عهد مضى وأن نجاحه
في هذه المواجهة، إذا ما تحقق،
سيشكل سابقة خطيرة بالنسبة لهذا
اللوبي. ولربما أننا نشهد بداية
النهاية لاحتكار اللوبي
اليميني الإسرائيلي المتطرف،
أي «إيباك» ومثيلاتها، لسياسة
أميركا تجاه القضية الفلسطينية
وذلك لمصلحة لوبي اسرائيلي جديد
يسعى إلى السلام بين العرب
واسرائيل. والأهم من كل ذلك،
فإننا نشهد اليوم بداية تحول في
نظرة الأميركيين إلى اسرائيل،
ومن ثم إلى الصراع العربي
الاسرائيلي، فلم يعد الأميركي
يخاف ان يتكلم عن اسرائيل لئلا
يوصف بالمعادي للسامية، مما
سيسمح للرأي العام الأميركي
بالإطلاع بشكل أكثر واقعية على
الصراع العربي الإسرائيلي،
وهذا تحوّل في غاية الأهمية
خاصة في الأمدين المتوسط
والبعيد. من هنا، فإن هذا
المفترق يجعل الدعم العربي
للوبي العربي المتنامي في
الولايات المتحدة أكثر إلحاحاً
عن أي وقت مضى، وذات مردود كبير
يسرّع في تحقيق هذا التحول الذي
طالما سعى إليه العرب. *( سفير لبنان السابق في واشنطن.
رئيس مركز الدراسات والمشاريع
الإنمائية) ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |