ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
روبرت صامويلسون (محلل سياسي أميركي) واشنطن بوست الاميركية الرأي الاردنية 23-5-2010 قد يكون ما نراه الآن من تشنجات ومعاناة
في اليونان بداية دورة موت
فعلية لما كان يسمى دولة الرفاه.
ولا يصدق هذا على اليونان فقط،
وهي التي سببت الأزمة الطاحنة
التي تعرضت لها، إرباكاً كبيراً
في أسواق الأوراق المالية،
وهددت التعافي الاقتصادي،
وإنما يمكن القول، دون افتئات
كبير، إن كل دولة من الدول
المتقدمة تقريباً، بما في ذلك
الولايات المتحدة، باتت معرضة
اليوم للمصير نفسه. فالسكان المسنون في تلك الدول، وعِدوا
بمزايا صحية وتقاعدية هائلة، لم
تقم الدول المعنية بتغطيتها من
خلال الضرائب (أي لم تفرض
الضرائب الكافية التي تمكنها من
الحصول على الأموال اللازمة
لتوفير تلك المزايا والمنافع
للمسنين). وفي الوقت الراهن، حلت
لحظة الحساب بالنسبة لليونان،
بشكل واضح، ولكن هذه اللحظة
نفسها، في الحقيقة، تنتظر معظم
المجتمعات الغنية الغربية
الأخرى. ومعروف أن الأميركيين بشكل عام لا يحبون
مصطلح «دولة الرفاه»، ويفضلون
بدلاً منه استخدام كلمة مخففة
هي «الالتزامات»، أي المنافع
والمزايا التي تلتزم الدولة
بتوفيرها لسكانها. ولكن تغيير
الكلمات وحده لا يؤدي إلى تغيير
الحقائق. فالدول لا تستطيع أن
تفرط في الإنفاق، وتفرط في
الاقتراض إلى ما لا نهاية، كما
أن تأجيل اتخاذ القرارات الصعبة
بشأن الإنفاق والضرائب يعرض
الحكومات لاحتمال أن تجد نفسها
في نهاية المطاف في طريق مسدود. والحال أن أزمة «اليورو» بدأت في الحقيقة
في عام 2002، حيث كان من الواضح
منذ البداية أن تلك العملة لم
تكن على مستوى الآمال التي علقت
عليها، وعلى رأسها أنها ستساعد
على «تزييت» عجلة النمو
الاقتصادي في أوروبا، من خلال
تقليص التكاليف والارتباك
اللذين تتضمنهما عملية
التحويلات الدائمة بين العملات
الوطنية لكل دولة من الدول
المعنية، وقصر التعامل على عملة
واحدة. وكان لإطلاق «اليورو»
هدف آخر أهم وهو تحقيق الوحدة
السياسية بين الدول الأوروبية،
على أساس أن شعوب الدول التي
ستستخدم عملة مشتركة ستحس بشكل
أقوى بأنها «أوروبية»، وهو
إحساس سيترسخ تدريجيّاً بعد
ذلك، عندما تذوب الهويات
الوطنية في هوية قارية أوروبية
مشتركة. ولكن لم يتحقق شيء من هذا: فمعدل النمو
الاقتصادي للدول التي تستخدم
تلك العملة لم يزد على 2.1 في
المئة في المتوسط، واستمر كذلك
خلال الفترة ما بين 1992- 2001 ثم
تقلص إلى 1.7 في المئة، خلال
الفترة ما بين 2002- 2008. وفي رأيي
أن تعدد العملات لم يكن أبداً
عقبة أمام النمو الاقتصادي،
وإنما الذي يرسخ مثل تلك العقبة
هو الضرائب المرتفعة، واللوائح
التنظيمية المبالغ فيها،
والدعم السخي للكثير من السلع
والبضائع والخدمات. أما بالنسبة للوحدة السياسية، فقد اتضح
الآن بجلاء أن «اليورو»، يمزق
هذه الوحدة بدلاً من أن يعززها.
فاليونانيون يتظاهرون الآن في
الشوارع احتجاجاً على الشروط
المجحفة التي تريد الدول التي
تقدم لبلادهم حزمة الإنقاذ
فرضها عليها. وتلك الدول التي
ساهمت في توفير الحزمة الباهظة
التي تبلغ قيمتها 145 مليار
دولار، تتذمر هي أيضاً من
جانبها من التكلفة الباهظة التي
ستتحملها من أجل إنقاذ
اليونانيين المسرفين. وقد ثبت من خلال التجربة أن العملة
الموحدة لم تكن قادرة على إذابة
الهويات الوطنية تماماً مثلما
أن شراب الكوكاكولا لا يؤدي إلى
جعل الناس أميركيين. ولو عانت
دول «اليورو» الأخرى مثل
البرتغال وإسبانيا وإيطاليا من
المصير نفسه الذي تعاني منه
اليونان، أي تفقد ثقة الأسواق،
والقدرة على اقتراض أموال
بفوائد معقولة، فستكون هناك
أزمة أوسع نطاقاً. ولكن المشكلة في الحقيقة لا تتمثل في «اليورو»
فحسب، وإنما تتمثل في نظري في
عجز الميزانية، وحجم الدين.
وهاتان الظاهرتان تترتبان في
الأصل على المنافع والمزايا
باهظة التكلفة التي توفرها دولة
الرفاه الحديثة (إعانة البطالة،
إعانات الشيخوخة، والتأمين
الصحي). وهناك دول في مناطق أخرى، عانت عجز
الميزانية الذي فاقم منه الركود
الناشئ عن الأزمة المالية التي
ضربت العالم. والفارق بين
اليونان وبين تلك الدول هو فارق
في الدرجة فحسب، حيث وصل ذلك
العجز وحجم الدَّين في حالة
اليونان إلى مستويات قياسية (في
عام 2009 بلغ عجز الميزانية 13.6 في
المئة من الناتج القومي
الإجمالي لليونان، وبلغ حجم
الدَّين 115 في المئة من ذلك
الناتج ). وتصل دول الرفاه إلى دورة الموت عندما
يهدد أي إجراء تقريباً تتخذه
الحكومة، بشأن بميزانياتها،
بجعل الأمور أكثر سوءاً من ذي
قبل، سواء من خلال إبطاء حركة
النمو الاقتصادي، أو التسبب في
حدوث ركود عميق. وإذا ما سمحت
تلك الدول للعجوزات بالتفاقم،
والوصول إلى مستويات قياسية،
فإنها تغامر في هذه الحالة
بتعريض نفسها لأزمة مالية؛ لأن
المستثمرين سيشكون في يوم ما -لا
يعرف أحد متى يكون- في قدرة تلك
الحكومات على خدمة ديونها،
وبالتالي سيرفضون -كما حدث مع
اليونان- إقراضها إلا بأسعار
فائدة باهظة جداً. أما إذا لجأت تلك الحكومات إلى تخفيض
منافع دولة الرفاه، أو حتى
زيادة الضرائب، فإن مثل تلك
الإجراءات تؤدي عادة -حتى لو كان
ذلك مؤقتاً- إلى إضعاف الاقتصاد.
بل على عكس المتوقع منها، يمكن
أن تؤدي إلى جعل عملية تمويل
بقية المنافع التي تقدمها دولة
الرفاه أكثر صعوبة. ولو أن عدداً قليلاً من الدول واجه مثل
تلك المشكلات لكان الحل سهلاً.
فالدول سيئة الحظ التي كانت
ستصاب بأزمة مماثلة، يتوقع أن
تلجأ إلى تخفيض الميزانيات،
واستئناف النمو الاقتصادي من
خلال زيادة التصدير للدول
الأكثر ثراء. والأمر بالطبع
يختلف مع الدول المتقدمة؛ لأن
اقتصادات هذه الدول تمثل نصف
اقتصادات العالم من حيث الحجم،
ومعظمها في الأصل دول رفاه
مثقلة بالتزامات تقديم الكثير
من المنافع للسكان. وهذه الدول
يمكن أن تخفف من وطأة المخاطر من
خلال المبادرة، على نحو متدرج،
بالحد من المنافع التي ألزمت
نفسها بتقديمها، وبطريقة تدعو
إلى بعث الطمأنينة في الأسواق
المالية. وفي الممارسة الفعلية لم تقم تلك الدول
بذلك، وهو ما يتضح على سبيل
المثال من أن برنامجاً مثل
برنامج الرعاية الصحية الذي
قدمه أوباما قد وسع من نطاق تلك
المنافع والخدمات بدلاً من أن
يقلصها. والسؤال الذي يطرح نفسه
هنا هو: ما الذي يمكن أن يحدث إذا
ما وجدت مثل تلك الدول نفسها
واقعة في محنة مثل تلك التي
تعاني منها اليونان في الوقت
الراهن؟ من الإجابات التي يمكن
تقديمها عن هذا السؤال: سيحدث
انهيار اقتصادي عالمي جديد
بالطبع. وهذه الإجابة في حد
ذاتها تفسر لنا لماذا سيكون
التلكؤ في الخروج من الأزمة
الحالية أمراً بالغ الخطورة. ============================== محمود ابراهيم الحويان الدستور 23-5-2010 لقد اعتمدت الادارات الامريكية ، على
استخدام مفردات في كل مرحلة ،
تندرج تحتها الكثير من الامور
والتوجهات ، فكانت على زمن بوش
الصغير (الارهاب) (الديموقراطية)
.اما الرئيس اوباما ، فكانت
حملته الانتخابية ، تركزعلى (التغيير)
، نعم وكان اللون الازرق
والابيض ، يطغيان على تلك
العبارة الفضفاضة ، وكأنه يريد
ان يقول ، ان لا شيء سيبقى على
حاله ، وان كل شيء سيتم تغييره.
وسارع الى الشرق الاوسط ، ووقف
على مسرح جامعة القاهرة في مصر ،
ودعا الى حل الدولتين ، وقيام
دولة فلسطينية ذات سيادة ، في
الضفة الغربية ، والى تقارب
ضروري وسريع بين امريكا ،
والعالم الاسلامي.عرجّ بعدها
على تركيا ، وكرر ما قاله ،
واستبشر المشرقيون والعرب بهذا
الفكر الجديد ، المتصالح مع
ذاته ، بعد ان عاشوا ثمان سنوات
من الكذب والمراوغة ، والتضليل
واحتلال الدول ، وتقتيل العزل
وسرقة مقدرات الشعوب ، على ايدي
سلفه ، سيء الذكر. لكن التلميح الغربي والاسرائيلي ، الذي
برز ومنذ اشهر ، وعلى لسان
مسؤولين يهود وامريكيين ، اظهر
ان التخطيط القادم للمنطقة ،
وخاصة على نطاق القضية
الفلسطينية ، يستدعي الحل الذي
يلقي بالفلسطينيين خارج فلسطين
، ويريح اسرائيل من هذا الصداع ،
الذي لا ينتهي . بدأ جس النبض ، على الساحة الاردنية ، من
خلال طرح تلميحات هنا وهناك ،
وافتعال امور ليس فيها من الخير
للاردنيين ، في هذه الاسرة
الكبيرة ، وامعنوا ببث سمومهم ،
ليوهموا الناس ، ان هناك صراع
على مكتسبات وحصص ، وكأن البلد
كعكة ، والكل يحمل صحنه وسكينه.وشاع
الخبر بين الشعب ، واصبح الكل
يتحدث عنه ، فلم يعد سرا.لكن
الغالبية العظمى من ابناء هذا
الحمى ، القوي الصامد ، استطاعت
ان توصل الرسالة ، سرا وعلنا ،
تصريحا وتلميحا ، قولا وكتابة ،
وهي الحريصة على اردن قوي ،
مستقل وثابت ، من اجل الاردن
اولا ، وفلسطين ثانيا. عيون امريكا منتشرة في كل مكان ، وقرونها
الاستشعارية تأخذ كل شيء ،
وتحلله وتذهب به الى هناك ، الى
مطبخ البيت الابيض ، ليتم اعداد
الطبخة ، حسب المكونات ، فما
وصلهم خلال الفترة الماضية ، ان
الاردنيين جميعا ، يرفضون أي
طرح او تغيير ، او انتقاص
لمملكتهم .وان الاردنيين لا
يؤمنون ابدا ، ولا يقبلون أي حل
للقضية الفلسطينية ، على حسابهم
، وانهم جادون في ذلك ، وان أي
محاولة لفرض امر لا يتماشى مع
مصالحهم ، سوف يجعل من امريكا
خصما وعدوا لهم.وبذلك تفقد
الولايات المتحدة اصدقاء
وحلفاء ، ووسطيون ودعاة سلام ،
وتحولهم الى اعداء وخصوم ،
يلعنون امريكا صباح مساء ، ولا
نعتقد ان البيت الابيض ، بحاجة
الى استعداء الشعوب ، وفتح
جبهات جديدة ، واقدامه تغوص في
مستنقعات كثيرة في هذا العالم. ( جيفري فيلتمان) مساعد وزيرة الخارجية
الامريكية لشؤون الشرق الادنى
في اللقاء الصحفي الذي كان مقره
بيت السفير الامريكي في عمان ، (ستيفن
بيكروفت) جاء ليقول بما معناه ،
ان (التغيير) الذي خططنا له من
اجل عيون تل ابيب ، لم ينجح ،
ونحن نعترف لكم ، ان الحل الامثل
والاصوب للقضية الفلسطينية ، هو
باقامة الدولة الفلسطينية ،
هناك غربي النهر ، وليس في شرقيه. الاسئلة التي انهالت على فيلتمان ، لم يكن
يتوقع صراحتها ، فالكل هنا
عائلة واحدة ، فلا احد على
الاطلاق ، يرضى بحل مهما كان ،
على حساب الاردن ، ولا احد ايضا
، يقبل أي تحول او تغيير مهما
كان ، على حساب الاردن ، واركانه
، وثوابته. الولايات المتحدة ، وهي تسمع كل هذا
الاصرار ، على رفض أي حل على
حساب الاردن ، وقد تلقت الكثير
من الايميلات ، التي تتحدث عن
خطر عظيم ، اذا ما تم فرض امر لا
ينسجم ، مع القيادة والشعب.تدرك
اكثر من أي وقت مضى ، بان
مسؤوليتها الان بالضغط على
حليفتها ، وربيبتها اسرائيل
بالقبول بالدولة الفلسطينية ،
على الارض الفلسطينية ، حينها
فقط ، تكون قد عادت الى رشدها ،
وكسبت ثقة الاردنيين. في المؤتمر الصحفي ، كان السفير (بيكروفت)
ينظر بامعان الى المتحدث ، طيلة
الوقت ، وقد غاب في صمت عميق ،
وكانه يقول في نفسه ، ( لقد
اخبرتكم ان هذا الشعب ، لا يقبل
اجندة خارجية على حسابه ، ايا
كان مصدرها ) واخبرتكم ايضا ، ان
أي (تغيير) قادم ، لا ينسجم مع
مبادئه وقناعاته ، سيكون مصيره
سلة المهملات. ============================== فيالق اسرائيلية...
ديبلوماسية!! د. غسان إسماعيل عبدالخالق الدستور 23-5-2010 (اسرائيل) كيان
عسكري عدواني منقوع في ذهنية
القلعة ، و لا يستطيع أن يتخلص
من عقلية الفاتح المتفوق
المسيطر. و ليس أدل على ذلك من
انه حتى حين قرر تشكيل وفود
نيابية اسرائيلية بغية الاسهام
في فك العزلة التي راحت (اسرائيل)
تعاني منها مؤخراً فإنه لم يجد
أفضل من مسمى (فيلق) لاطلاقه على
هذه الوفود . فالديبلوماسية
الاسرائيلية لا تختلف عن (العسكرية)
الاسرائيلية في شيء إلا في
المسمى ، إذ ان كليهما متحفز
للهجوم ويتحرك بدافع الشعور
العارم بالخوف والاضطهاد إلى
الحد الذي يمكن لمسؤولي الكيان
الصهيوني الاعتقاد بأن الإدارة
الاميركية غدت متعاطفة مع العرب
بل منحازة إلى الفلسطينيين ،، ما كانت (اسرائيل) ستحتاج إلى تشكيل
وإطلاق مثل هذه (الفيالق
الديبلوماسية) لو كان رئيس
وزرائها لا يتصرف على انه
كاوبوي ، ولو كان وزير خارجيتها
ليس مغرماً بحيازة لقب الوزير
الأكثر تهريجاً واستعراضاً في
العالمً ، ولو كانت حكومتها
أكثر شعوراً بالمسؤولية
والجدية تجاه السلطة الوطنية
الفلسطينية ، وأكثر إنصافاً
لمئات الآلاف من أبناء غزة ،
وأكثر التزاماً بالمواثيق
الدولية التي تلزمها بعدم
المساس بالمقدسات و التوقف عن
الاستيطان واقتلاع المواطنين
الفلسطينيين من بيوتهم
وأراضيهم. وما كانت (اسرائيل) ستحتاج لهذا الحشد
الديبلوماسي لو توقفت عن منع
اعضاء المنظمات الدولية
المعنية بحقوق الانسان من
الدخول إلى الأراضي المحتلة
لمساعدة الفلسطينيين و ايصال
حقيقة ما يحدث إلى العالم. بل
لتوقفت عن منع كبار الفلاسفة و
المفكرين من الدخول إلى الأراضي
المحتلة و التضامن مع الشعب
الفلسطيني في قاعات المحاضرات
الجامعية. و لعل الخطيئة الكبرى
التي ارتكبتها الحكومة
الاسرائيلية مؤخراً بحق المفكر
اليساري الأمريكي نعوم تشومسكي
مثّلت نموذجاً للعقلية العرفية
المذعورة التي باتت تتحكم في
الكيان الاسرائيلي إلى درجة
الذهول عن توقع الآثار السلبية
الخارقة للعادة التي لحقت بها
جرّاء اقدامها على منع نعوم
تشومسكي من الدخول لالقاء
محاضرة في جامعة بيرزيت ، ولو
انها فعلت لمر كل من المحاضر
والمحاضرة بهدوء ، لكن ما حدث من
ردود أفعال على مستوى العالم
تجاوز دون ريب كل ما اعتقدت
الحكومة الاسرائيلية انها
تحتويه عبر منعها دخول المفكر
الكبير نعوم تشومسكي. والحق أن المراقب للشأن الاسرائيلي لا
يملك إلا أن يبتسم على طريقة (شر
البلية ما يضحك) لأن الحكومة
الاسرائيلية تريد من العالم أن
يحبها و يتعاطف معها ، فيما هي
تلوح بشنّ حرب على سوريا و ضرب
لبنان وتحاصر أبناء غزة وتماطل
السلطة الوطنية وتبني المزيد من
المستوطنات وقد تتسبب بانهيار
المسجد الأقصى وتستفز الأردن
ومصر والسعودية و تحرّض على ضرب
ايران و تهين السفير التركي و
تهدد الإدارة الاميركية ،،
فماذا أبقت هذه الحكومة من
قنوات و جسور حتى يتعاطف معها
العالم ؟، ============================== مزيد من التنازلات
الفلسطينية، لماذا؟! د. حسن البراري الرأي الاردنية 23-5-2010 أحد الفرضيات التي كانت تدفعني للإقتناع
باستحالة نجاح المفاوضات
الفلسطينية الإسرائيلية التي
تجري حاليا هي أن السلطة
الفلسطينية لن تقبل بأقل من ما
يمسى ب «مقترحات كلينتون» التي
قدمها الرئيس الأميركي في شهر
ديسمبر 2000 وأن حكومة نتنياهو
ليس بمقدورها حتى الإقتراب مما
قدمه باراك في محادثات كامب
ديفيد. وبالتالي وفي ضوء غياب
الضعط الخارجي القوي، فإن أيا
من الطرفين لا يبدو مستعدا
للتراجع عن مواقفه. كان هذا
المنطق يقود اتجاه تحليلي
لديناميكية المفاوضات بين
الجانبين الفلسطيني
والإسرائيلي. المفاجأة جاءت بعد أن كشفت صحيفة وول
ستريت جورنال في عددها الصادر
في يوم الجمعة بأن الجانب
الفلسطيني عرض على جورج ميتشل
تنازلا في الأرض يفوق ما كان
قدمه رئيس السلطة الفلسطينية
لإيهود أولمرت في السابق. وتضيف
الصحيفة بأن الوفد الأميركي
تفاجأ بالعرض غير المتوقع
وبخاصة وأن المفاوضات غير
المباشرة هي في أول مراحلها ولم
يقدم الجانب الإسرائيلي أي
تنازل حتى يتزامن مع العرض
الفلسطيني! العرض الفلسطيني المتسرع قوبل بترحيب حذر
من قبل الحكومة الإسرائيلية
والإدارة الأميركية، غير أن
مصادر فلسطينية كانت قد أفادت
أن العرض الفلسطيني جاء بعد أن
تيقن الجانب الفلسطيني بأن
نتنياهو ليس جديا في المضي
بعملية السلام، ومن هنا لا خوف
من أن يطلب من الجانب الفلسطيني
التقيّد بذلك في قادم الأيام.
وهنا يبدو أن الفلسطينيين
يقدمون «نظرية» غير مسبوقة في
المفاوضات وواضح أن منحنى
التعليم عندها في «تصاعد». المفارقة هنا تتجلى بصورة تدعو للشفقة إذ
أن التنازل المجاني لصالح
إسرائيل يأتي قبل أيام من
محاولة إسرائيل تسخين الجبهة مع
غزة، كما ويأتي في وقت يركز فيه
الجانب الإسرائيلي في الجولتين
الأوليتين من المفاوضات غير
المباشرة على موضوع المياه بحجة
أن هذا الموضوع يمكن التوصل إلى
إتفاق بشأنه على العكس من
المواضيع الساخنة الأخرى. وهذا
يدعونا لطرح تساؤل عن الحكمة من
تتنازل فلسطيني جديد دون أن
يكون هناك مقابل واضح يمكّن
الفلسطينيين من الإقتراب من
تحقيق أهدافهم الوطنية
المتمثلة في التخلص من الإحتلال
وإقامة دولتهم الفلسطينية
والعمل على عودة اللاجئين. وحتى لا نظلم السيد محمود عباس نقول أنه
قدم التنازل الجديد في سياق
محاولة الفلسطينيين انجاح مهمة
ميتشل، على حد تعبير صائب
عريقات. والتنازل المعروض هو
مفهوم لأنه سيكون ضمن سياق
تبادل أراضي وهو أمر مقبول لدى
السلطة الفلسطينية ومحور
الإعتدال العربي. لكن ما لا يريد
البعض أن يفهموه هو أن أي حكومة
إسرائيلية لا تبدأ مفاوضات من
حيث انتهت الحكومة التي سبقتها.
لذلك ولغاية هذه اللحظة لا نفهم
الحكمة من العرض الفلسطيني
السخي وبخاصة وأن حكومة نتنياهو
لا تنطلق من التفاهمات التي
توصل إليها أولمرت وعباس! الحقيقة الساطعة التي علينا جميعا أن
نتناقش حولها هي أن إسرائيل
معنية أكثر من ذي قبل بتحديد
حدودها من جانب واحد دون إتفاق
مع أحد لأنها تريد استكمال
المشروع الصهيوني حسب قاعدة أرض
أكثر وسكان أقل. والمحزن في
الأمر كله هي أننا ما زلنا نحاول
اللحاق بسراب السلام! ============================== حول العلاقات السورية
الأميركية بقلم :ديدييه بيليون البيان 23-5-2010 تطوّرت المواقف كثيرا حيال سوريا خلال
السنوات الأخيرة. هذا بعد أن
كانت موضع عداء من قبل عدّة دول
قبل ثلاث سنوات وكان يتردد
الحديث عن «برمجة» الإطاحة
بالنظام السوري. لكن وصول نيكولا ساركوزي وباراك اوباما
إلى السلطة في بلديهما أدّى إلى
تغيّر إيجابي في النظرة إلى
سوريا. لكن مع ذلك، إذا كانت
هناك براهين أكيدة على تحسّن
العلاقات الدبلوماسية السورية
الفرنسية، بل السورية
الأوروبية، فإن العلاقات
السورية الأميركية لا تزال تتسم
بالتناقض. وكان الرئيس اوباما قد أظهر إرادته في
تحسين طبيعة العلاقة مع سوريا،
لكن تمديد العمل بالعقوبات مؤشر
على صعوبة التطبيع السريع
للعلاقات الأميركية السورية في
الأجل القريب. وسوريا لا تزال «على
الورق» تواجه العقوبات منذ عام
1976 والتي تعززت عام 2003. العقوبات المفروضة تحدّ من تصدير العتاد
العسكري وكذلك العتاد المزدوج
الاستخدام، المدني والعسكري.
وبتاريخ 11 مايو/ أيار 2004 أضاف
الرئيس الأميركي السابق بوش
عليها منع تصدير كل شيء نحو
سوريا باستثناء الغذاء والدواء.
هذا بالإضافة إلى عدد من
الإجراءات الإدارية والمالية. ولم يغيّر انتخاب باراك اوباما رئيساً
طبيعة العلاقات الأميركية
السورية بشكل حقيقي، وحتى لو
كانت قد استجدّت بعض التطورات
مثل تردد جيفري فيلتمان، نائب
وزيرة الخارجية الأميركية
لشؤون الشرق الأوسط، مراّت
عديدة إلى دمشق للتحادث أساسا
مع كبار المسؤولين السوريين،
بمن فيهم الرئيس بشار الأسد،
حول المسائل السياسية
الإقليمية. كذلك قامت ثلاثة وفود أميركية رفيعة
المستوى بزيارات إلى سوريا منذ
مطلع عام 2009، ومن بينها الوفد
الذي ترأسه السناتور جون كيري،
رئيس لجنة الشؤون الخارجية في
مجلس الشيوخ الأميركي. ودون
نسيان تصديق الرئيس الأميركي
على تعيين روبرت فورد كسفير
لبلاده في سوريا بعد أن ظلّ هذا
المنصب شاغرا طيلة خمس سنوات. وإذا كانت فرضية تطبيع العلاقات اعتبارا
من النصف الثاني من عام 2010 ليست
مستبعدة، فإنه من المناسب، مع
ذلك، تصوّر تحققها بقدر كبير من
التروّي. ذلك أن الأجندة
السياسية الأميركية يمكن أن
تقود في الواقع إلى اتخاذ
قرارات مختلفة تماما. إن إرسال وفود رفيعة المستوى إلى دمشق
وتعيين سفير جديد فيها تتضمّن
بالتأكيد فكرة أن الرئيس
الأميركي قد يكون موافقا على
تحديد أسس جديدة للعلاقات
الثنائية. لكن هذا لا يعني أن
العقوبات يمكن أن تُرفع قريبا. وقبل كل شيء يتصرّف الرئيس الأميركي
بهامش مناورة محدود فيما يتعلّق
بمستوى العلاقات الأميركية
السورية. إن أي تطوّر سريع يمكن
أن يثير ردود فعل قويّة من قبل
مجموعات الضغط «اللوبي» وأعضاء
مجلسي النوّاب والشيوخ
المناصرين لإسرائيل وذوي
النفوذ الكبير. وعلى رأس هؤلاء أيلينا روس لينتينن،
النائبة الجمهورية عن ولاية
فلوريدا وعضو لجنة الشؤون
الخارجية في مجلس النوّاب، و«ملهمة»
نص قرار فرض العقوبات على سوريا.
ونشاط هذه السيدة وموقف أغلبية أعضاء
الكونغرس المناوئ لسوريا يجعل
حدوث تغيّر جذري في العلاقات
الأميركية السورية قليل
الاحتمال جدا. ذلك حتى لو كان «الأكثر
تشككا» حيال سوريا من أعضاء هذا
الكونغرس يُبدون بعض التروّي
منذ عامين. وينبغي ألا يغيب عن الذهن أن الموقف من
المسألة الفلسطينية له قيمة
كبيرة بالنسبة للمقاربة
الأميركية للحالة السورية. وكون
أن اوباما لم يتخلّ، رغم
الصعوبات، عن إرادة التقدم حيال
النزاع الفلسطيني الإسرائيلي،
فإن سوريا تبدو قوّة فاعلة
أساسية على المسرح الإقليمي. ثمّ إن اوباما، بعد التخلص من الصعوبات
الداخلية المتعلّقة بإصلاح
النظام الصحّي والتقدّم
الملموس حول ملف الأسلحة
الاستراتيجية مع روسيا، لكن
الضعيف دائما بسبب الحرب في
العراق وأفغانستان، قد يريد
استعادة المبادرة حول ملف الشرق
الأوسط. وصداقته التي أكّد عليها حيال إسرائيل
وكذلك صداقة المقرّبين منه، بمن
فيهم هيلاري كلنتون، يضعه في
الواقع بموقف ملائم لإظهار حزمه
حيال الشريك الإسرائيلي. هذا
رغم التصلّب الذي يبديه
الإسرائيليون في مواجهة الضغوط
الأميركية. كذلك، ورغم التوترات التي مهرت بطابعها
العلاقات الأميركية
الإسرائيلية منذ وصول اوباما
إلى السلطة، تدرك واشنطن أنها
لن تحصل على أي التزام من
الإسرائيليين إذا لم تقدم لهم
ضمانات. المدير المساعد لمركز العلاقات
الدولية والاستراتيجية ============================== بقلم :جلال عارف البيان 23-5-2010 سوف يكون خطأ فادحاً أن يقف العالم العربي
موقف المتفرج من الأزمة الخطيرة
التي تواجهها مصر والسودان بشأن
مياه النيل. وبغض النظر عن
الخلافات العديدة بين النظم
العربية، فإن هذه الخلافات لا
ينبغي أن تكون مبرراً لترك مصر
والسودان يخوضان معركتهما
بمفردهما. ومع تعدد المخاطر أمام العالم العربي
والأوضاع المعقدة التي تمر بها
المنطقة ومخاطر اندلاع الحروب
على خلفية الملف النووي
الإيراني، أو تدميراً لأي فرص
للسلام من جانب إسرائيل بعدوان
محتمل على سوريا أو لبنان أو
تصعيداً للموقف ضد الفلسطينيين.
ومع مأساة العراق التي لن تنتهي حتى
بانسحاب أميركا وإنما سيبدأ فصل
جديد فيها، مع كل ذلك يبقى ملف
الأزمة المتعلقة بمياه النيل
اكبر من أن يكون قضية مصر
والسودان فقط، لأن آثاره ستكون
بالغة الخطورة على العالم
العربي كله، الذي يعاني منذ
أكثر من ثلاثين عاما تراجع دور
مصر. والذي يواجه الآن أشد ملفات التآمر
لتحقيق الغياب الكامل لمصر
وانكفائها لمواجهة ما يتهددها
بانقطاع شريان الحياة عنها،
بينما يتم تغيير خريطة المنطقة
كلها في غياب العرب وعلى
حسابهم، ويتم فرض أمر واقع جديد
تتحكم فيه القوى الكبرى والقوى
الإقليمية غير العربية من إيران
إلى تركيا إلى إثيوبيا مع دور
إسرائيلي يزداد ويترسخ!! يقول التاريخ إنه عندما كانت مصر عبد
الناصر تقود الحركة العربية نحو
التحرر والاستقلال والوحدة،
كانت في نفس الوقت تدرك أن أمنها
وتقدمها مرتبطان أيضا بالبعد
الإفريقي، وكانت القاهرة مركز
كل حركات التحرر الإفريقية. وبعد استقلال هذه الدول سارت وراء عبد
الناصر وهو يقود بناء منظمة
الوحدة الإفريقية، ويرعى
الخطوات الأولى لبناء هذه الدول
من نقطة الصفر. ومازال محمد فائق المسؤول عن الملف
الإفريقي في هذه الفترة يستقبل
حتى الآن في الدول الإفريقية
التي يزورها استقبال رؤساء
الدول تقديراً وعرفاناً بما
قدمته مصر في هذه الفترة. لكن الأمر اختلف بعد ذلك حين وضع السادات
99% من أوراق اللعبة (أو أوراق مصر)
في يد أميركا، فكانت النتيجة
كامب ديفيد والصلح المنفرد مع
إسرائيل والقطيعة العربية.
وكانت النتيجة أيضا الخروج من
إفريقيا وفتح الباب للتسلل
الإسرائيلي، والتفريط فيما
بنته مصر علي مر السنين من
علاقات وما أقامته من مصالح
مشتركة. وعندما عادت مصر في الثمانينات
والتسعينات تحاول استدراك
الأمر ولو في دول حوض النيل،
كانت الظروف قد ازدادت صعوبة،
وكانت العودة علي استحياء،
وكانت الأوضاع في المنطقة تختلف
وموازين القوى تتغير، والمصالح
الأجنبية تخوض حرباً للسيطرة
على البترول والمياه والموقع
الاستراتيجي. وكانت المؤامرة لخنق مصر وتقسيم السودان
تسير في طريقها، وكانت أنظار
العرب تتجه إلى مناطق أخرى
يواجهون فيها الكوارث
المتتالية من فلسطين إلى لبنان
إلى حرب الخليج الأولى إلى
مصيبة احتلال الكويت إلى تدمير
العراق واحتلاله، إلى مواجهة
الإرهاب وانقسام الصف العربي. والآن، ومع التفجير المتعمد لملف مياه
النيل، تواجه مصر قضية حياة أو
موت، ولا شك كما قلنا في أن هذا
الموقف كان يمكن تلافيه لو كانت
هناك سياسة رشيدة تبنى على رصيد
مصر في إفريقيا، ولا تبدد هذا
الرصيد. ولكن أيضا لا بد من
التأكيد أننا كنا إزاء مخطط
ثابت يحاول على الدوام عزل مصر
عن محيطها العربي ثم الإفريقي. ويضغط من اجل انكفاء مصر على مشاكلها
الداخلية، بدءاً من فرض سياسات
اقتصادية أدت إلى توترات
اجتماعية شديدة، إلى محاولات لا
تتوقف لإثارة الفتنة الطائفية
انطلاقا من منظمات تعمل في
أميركا وبرعايتها، إلى خلق
أوضاع ضاغطة في غزة وفي
السودان، ثم أخيراً إلى تفجير
قضية مياه النيل بكل مخاطرها. داخل مصر، ومع الحراك السياسي والصراعات
التي تتزايد حول الحاضر
والمستقبل، فإن قضية مياه النيل
محل إجماع وطني بغض النظر عن
الانتقادات التي توجه للأداء
الرسمي على مدى السنوات الأخيرة
في هذه القضية الأساسية. لكن القضية لا بد أن يكون بها بعدها
العربي الذي يعلو على الخلافات
بين الأنظمة، وينطلق من الإجابة
عن سؤال أساسي: هل المطلوب أن
تنكفئ مصر على نفسها وتواجه
مشاكلها كما يريد الأعداء، أم
أن مصر الآمنة المستقرة القادرة
على الدفاع عن مصالحها هي ضرورة
قومية أيا كان الخلاف مع سياسة
حكومتها في هذه القضية أو تلك؟ مياه النيل ينبغي أن تكون قضية عربية، ليس
من باب دعم موقف مصر وصمود
السودان، وإنما لأنها تمس الأمن
القومي وتترك آثارها على كل
قضايا المنطقة. ولا يعني هذا على
الإطلاق الانجرار إلى مواجهة
عربية ؟ افريقية، بل العكس هو المطلوب، أن تدرك
دول حوض النيل أن اتفاقها مع مصر
والسودان يعني الدعم العربي
للمشروعات المشتركة التي تحقق
مصالح الجميع، وأن تدرك الدول
الأجنبية التي تقوم بتمويل
مشروعات مشبوهة هدفها فقط
الإضرار بمصر والسودان وحجب
كميات من مياه النيل عنهما أن
مصالحها هي التي ستتأثر في
العالم العربي كله إذا واصلت
هذا الطريق. وأن تفهم إسرائيل أنها تلعب لعبة خطرة
بالتحريض على مصر في هذه القضية
وأن الثمن سيكون فادحاً، وأن
مصر لن تتهاون في قضية هي قضية
حياة أو موت بالنسبة لها، وأنها
لن تكون وحدها، لأن القضية هي
قضية أمن قومي للعرب جميعاً. كاتب صحفي مصري ============================== آخر تحديث:الأحد ,23/05/2010 الحسين الزاوي الخليج تمر الأيام والأسابيع والسنوات والشهور
متثاقلة على العراق وشعبه منذ
دخول الغزاة إلى أرض بلاد
الرافدين، ولأن الاستعمار ملة
واحدة فقد أضحى واضحاً أن
الأمريكيين لا يريدون خيراً
بالعراق وأهله، ويسعون بكل
السبل إلى تحويل المشهد السياسي
العراقي إلى حقل ألغام يتم
تفجير عبواته عن بعد، وعليه فقد
أصبحت التعددية السياسية
المفخخة في العراق شبيهة بلعبة
المتاهة التي لا يعلم من
يرتادها إن كان سيصل إلى الخروج
من عنق الزجاجة أم سيظل يدور حول
نفسه في الوقت الذي يتواصل فيه
مسلسل القتل والتدمير . وفي هذه اللحظات الحاسمة التي يقف فيها
العراق على مفترق طرق شديد
الخطورة، نتيجة لما يحمله من
رهانات استراتيجية في غاية
الأهمية بالنسبة لمستقبل الشعب
العراقي، فإن تداعيات العملية
الانتخابية الأخيرة تزيد من
حلكة وقتامة الوضع، وتدفع
الجميع إلى الشك في مصداقية هذه
اللعبة السياسية التي دشنها
الاستعمار ورسم خطوطها
وإحداثياتها خبراء البنتاغون
في مخابر تحول فيها البحث
الأكاديمي إلى أداة لصناعة
الجريمة والقتل . فجرثومة
الفتنة السياسية في العراق تم
التشريع لها انطلاقاً من قانون
الانتخابات القائم على مبدأ
الأغلبية النسبية الذي يسمح
لأصغر حزب أو كيان سياسي أن
يساوم الكتل النيابية الكبرى
على مشروع تشكيل الحكومة،
ويمكنه بالتالي أن يفرض شروطاً
لا تتناسب مع حجمه السياسي .
الأمر الذي يتعارض مع أبسط
مبادئ الديمقراطية التي وإن
كانت تقر وتحث على أبجديات
احترام حقوق الأقلية، فإنها
تؤكد في المقابل على ضرورة
انصياع هذه الأقلية لرأي
الأغلبية . غير أن ما يزيد من صعوبة المشهد العراقي
الحالي هو أن أمر الأغلبية لم
يعد محسوماً، وأضحى هو الآخر
معرضاً لمسلسل من المساومات
الهادفة إلى تشكيل أغلبية
مفتعلة تعتمد على التحالف بين
الأقطاب السياسية من دون
الالتفات إلى مدى مشروعية تلك
التحالفات وما إذا كانت تعبر
حقيقة عن رأي سياسي تتبناه
القاعدة الانتخابية التي شاركت
في الاقتراع، وسمحت بالتالي
لتلك الكتل أن تكون ممثلة في
البرلمان؛ خاصة وأن الجميع يعرف
أن التحالفات السياسية في بلد
عربي مثل العراق، لا يملك
تقاليد راسخة في ممارسة
التعددية السياسية التي لا تتم
وفقاً لبرامج سياسية واضحة كما
يحدث في الغرب، ولكن وفقاً
لأجندات تخدم رؤساء الكتل
النيابية بالدرجة الأولى . ولأن
هذه الوضعية من شأنها أن تزيد في
تفاقم الوضع الأمني في العراق
فإن الأمم المتحدة دعت الكتل
السياسية إلى إجراء مباحثات
جدية من أجل تشكيل الحكومة
العراقية المقبلة، سعياً منها
إلى تجنيب العراق مزيداً من
الفتنة والقتل والدمار . وقد كان لافتاً
لأكثر من مراقب في سياق
التطورات المتلاحقة التي حدثت
مؤخراً، أن الطبقة السياسية في
العراق الجديد، قبلت ولو بشكل
ضمني أن تتدخل بعض دول الجوار من
أجل تسريع تشكيل الحكومة
العراقية، لكنها جميعها تحاشت
أن تستشير بشكل مباشر بلداً
جاراً آخر وهو سوريا لأن المحتل
الأمريكي لن ولن يرضى بمثل تلك
الاستشارة، رغم أن سوريا تستقبل
فوق أراضيها أكبر جالية عراقية
مقارنة بكل دول الجوار الأخرى؛
كما أن قسماً كبيراً من
المعارضين العراقيين الذين
فروا من جحيم الاحتلال وجدوا في
سوريا حسن الضيافة والملاذ
الآمن . وفضلاً عن ذلك فإن
الاتهامات السابقة التي وجهت
لسوريا بضلوعها في التفجيرات
الإجرامية التي هزت بغداد تبين
أنها كانت مسيَّسة وبعيدة كل
البعد عن حقيقة الأوضاع
الداخلية للعراق، لأن الذين
يتربصون الدوائر بالشعب
العراقي، ينفذون أجندة غير
عربية ويطمحون إلى أن يجعلوا
منه منبراً تابعاً للقوى
الغربية والاستعمارية التي
تخدم المشاريع الصهيونية في
المنطقة . ومع ذلك فإن الذين يحبون العراق من أبناء
هذا الشعب العظيم وكل المدافعين
عن وحدته واستقلاله، يتمنون أن
تكون للعراق دولة قوية مهابة
الجانب لا تحتاج لتدخلات
الآخرين حتى وإن حسنت نواياهم
وصدقت نصائحهم، فطريق جهنم مليء
بالنوايا الحسنة، والشعب
العراقي يملك من الكفاءات ما
يجعله قادراً على رفع التحديات
من دون تدخل أي طرف قد يعطي
مبرراً لبقية الأطراف من أجل
حشر أنوفها في أمور قد تضر وحدة
واستقرار العراق أكثر مما
تنفعها، فقيادة العراق كانت
وستظل حقاً مقدساً من حقوق
أبنائه المخلصين، حتى وإن كان
حبه والدفاع عن مستقبله يمثل
هدفاً سامياً يسعى إلى تجسيده
كل أبناء أمتنا العربية من
المحيط إلى الخليج . ومن نافلة القول أن نؤكد في هذه العجالة
أن مشكلة العراق الحالية ليست
مرتبطة فقط بتحديات تشكيل حكومة
جديدة، وإنما هي شديدة الصلة
ببناء مشروع وطني وسياسي عراقي
يملك القدرة على تفكيك البنيات
والآليات المدمرة التي أرسى
دعائمها الاحتلال الأمريكي في
صلب نسق العملية السياسية
الحالية، حتى يكون بإمكانه أن
يتدخل في أي لحظة من أجل إعادة
توجيه بوصلتها صوب الوجهة التي
تخدم مصالحه، خاصة وأن النسق في
عرف جهابذة السياسة في الغرب هو
الذي يُوجِّه المشهد السياسي
العام برمته، ومن ثم فإن من يعرف
أسراره هو الأقدر من غيره على
التحكم في تفاصيله وجزئياته .
لذلك فإن الديمقراطية التي يحلم
العراقيون ببنائها وترسخ
دعائمها عبر سيادة سلطة الحق
والقانون هي تلك الديمقراطية
التي تضع نصب أعينها الدفاع عن
المصلحة العليا للوطن، وليست
ديمقراطية الدم والتفجيرات
التي وطأت أرض العراق ممتطية
صهوة دبابة أمريكية . وبالتالي
فإن نجاح أي حكومة عراقية
مقبلة، سيقاس بمدى نجاحها في
تصفية كل رواسب الاستعمار
الأمريكي بشقيه العسكري
والسياسي . ============================== آخر تحديث:الأحد ,23/05/2010 سليمان تقي الدين الخليج تواجه العروبة تحديات كثيرة . لكن أخطر
تلك التحديات ما تواجهه مع
وعيها لذاتها وتعثّر مشروعها
السياسي . الخطر الطائفي أو
المذهبي أو التقابلي بين
العروبة والإسلام . أو الأقوى
المتميّز داخل المكان العربي،
هذه ليست إلاّ مظاهر لفراغ لا
تشغله العروبة المعاصرة، أو
لوهن في حيوية وقوة ومناعة
عناصر الولاء والانتماء إلى
فضاء العروبة . إذا كانت هذه
اخطاراً وتحديات فهي ليست من
خارج ولا يجوز أن ننظر لها
كهويات ضدّية آتية من زمن أو
مكان آخر . إذا كانت العروبة هي الرابطة التاريخية
الثقافية أو الحضارية فهي عاشت
في التاريخ وليس ضد التاريخ .
جاءت من مصادر وروافد عديدة، ثم
صارت وديعة الإسلام قروناً
طويلة، وتمايزت عنه بوصفها
مشروعاً سياسياً حديثاً أو
معاصراً . المسيحية عاشت في كنف
العروبة، والإسلام أول ما انتسب
إلى لغتها وأهلها ولم يبرح
يوماً حضنها الدافئ وقد أضاف
اليها ولاء وثقافة شعوب وجماعات
أخرى . ولم تخرج العروبة إلى رسم
حدودها والدفاع عن حياضها إلاّ
حين صار الإسلام مشروعاً
سياسياً عاجزاً،محمولاً على
قوائم القومية العثمانية أو
الطورانية التركية . الطائفية التي نستحضرها كإحدى الأخطار
على العروبة هي حصيلة نمو مرضي
أو ممسوخ لحركات مذهبية (فكرية
أو فكروية) صارت تتمذهب، تتعصب
أو تتصخر، إما لانغمادها
وانغلاقها أو كبتها، أو لأنها
تحولت إلى منظومة تغلب على
علاقات فئة من الناس تقاوم بها
ومن خلالها للدفاع عن استقلالها
أو عن موقعها في إطار نظام سياسي
واجتماعي سائد أقوى منها أو
مسيطر عليها أو لاغٍ لها . لن نذهب بعيداً في التاريخ لأن المسألة
التي نواجهها اليوم صارت مسألة
في زمن انحسار العروبة وضعفها
أمام هجمة استعمارية متجددة،
وأمام كيانات تموضعت العروبة
فيها في شكل أنظمة سياسية
واجتماعية جعلت العروبة
شرعيتها لكنها لم تحترم شرعية
العروبة . ليس فقط لأنها لم تنجز
تحريراً كاملاً واستقلالاً
حقيقياً واستطراداً وحدة على أي
شكل من أشكال الوحدة، بل لأنها
أنتجت من القطرية تضادات عربية،
أي الحروب والنزاعات
والتعارضات، وأنتجت فوق ذلك
انكساراً آخر للعروبة لأنها لم
تتوافر على وحدة وطنية حقيقية
أساسها الدولة كمجال عام ومصلحة
عامة مجرّدة لمواطنين أحرار . إذا صارت العروبة ايديولوجية (مغلقة)
لمنظومة اجتماعية طبقية أو
جهوية أو فئوية وتجسدت في مؤسسة
سياسية، فهي بذاتها نابذة لما
عداها لاغية لمداها كهوية جامعة
وكرابطة ينهض عليها . حضور
الإنسان العربي، أو الشاغل
للمكان العربي والمساهم في بناء
الوجدان لغة وثقافة ومشاركة في
النشاط الاجتماعي والسياسي . لم تخرج العروبة أصلاً من ملابسة التعريف
السلبي تجاه آخر عثماني أو
أوروبي أو غربي استعماري أو
صهيوني، فصارت في زمن آخر
عروبيات مفصلَّة على مقاس
كيانات، ومن بعد على مشاريع
سياسية تقدمية أو رجعية، واقعية
محافظة أم ثورية، معتدلة أم
ممانعة . هكذا حين صارت العروبة مشاريع سياسية
مختلفة لأسباب تاريخية
واجتماعية أول ما انقلبت على
مكوناتها، فصرنا نستعيد ثقافة
فرعونية أو فينيقية أو كنعانية
أو بيزنطية أو سريانية أو
فارسية في أثواب هويات كيانية
جغرافية حيناً وثقافية ودينية
ومذهبية أحياناً أخرى . حين صعدت القومية العربية مع القوميين
العرب بعثيين أو ناصريين أو
يساريين تصدوا لمهمة التحرر
الوطني، لم نكن نحسب هذه
التحديات (الطائفية والدينية)،
فلم تواجه طوائف ومذاهب ولا حتى
إثنيات . واجهتها قوى التخلّف
والتبعية، الأنظمة الرجعية
والطبقات ونخبها المتعاملة مع
الاستعمار لذا لا يجب أن نشعر
بالإحباط . بل قبل ذلك حين كانت
العروبة تخرج إلى الوعي السياسي
بأهمية الاستقلال والوحدة كان
في مكوناتها الأساسية ما صرنا
نسميه، مع حال النكوص، أقليات
إثنية أو دينية أو طائفية . فلم
يطعن أحد في عروبة قبائل الحجاز
مع ثورة الشريف حسين ولا في
عروبة ثورات الطوائف والقبائل
في بلاد الشام مع سلطان الأطرش،
ولا إبراهيم هنانو وصالح العلي
ومؤتمر وادي الحجير الجنوبي
الشيعي وأدهم خنجر وانتفاضات
بلاد بعلبك وبلاد العلويين
ووادي التيم والغوطة ولا نخب
المدن في دمشق وحلب وحماه وحمص
وطرطوس والبصرة، ولا مؤتمر
الساحل اللبناني كان ذلك في عهد
العروبة القطرية التقليدية . بل
لم نكشف هوية الذين عُلِّقوا
على أعواد المشانق في بيروت
والمرجة من قبل جمال باشا ولم
نتحفّظ لحظة على مؤسسي الحركات
القومية الحديثة العقائدية ولا
مفكريها، الذين كانوا في معظمهم
من البيئات التي صارت اليوم
بيئات طوائفية . لقد كانت تلك الأقليات الأكثر تهميشاً
اجتماعياً في العهدين العثماني
والانتدابي، فكانت ترى في
العروبة ما يُفترض أن تكون
بعداً ديمقراطياً اندماجياً
علمانياً وتحريراً تنموياً . لا نقارب فكرة العروبة إلاّ وفي صلبها
المشروع الارادوي كإطار للتقدم
الإنساني . لا نستخدم سيفها
الصَدِئ بل المصقول بماء العصر
وعناصر قوته . فإما عروبة خضراء
قابلة للحياة وللنمو، وإما
عروبة تيبَّست في قوالب الفكر
الدوغمائي التبريري الماضوي
الموروث المحنط . قضايا العروبة في مواجهة التحديات
المعاصرة، فإذا هي التي تعيد
فلسطين إلى جدول أعمالها لأن
مسألة فلسطين دليل على العجز
العربي، والاستقلال السياسي
المبني على اقتصاد الإنتاج،
المنافس المتحدي، والمعرفة
المبدعة، والتي تعيد طرح
المشروع العربي كطوبى جاذبة
لاتحاد العالم العربي كتحول في
مسار القوة . وإلى نظام عربي
قادر على إدراج غنى تنوعه
الإنساني وثقافاته الفرعية
وتعدد مصالح فئاته الاجتماعية
في مشروع إنساني أصيل لم تكن الأقلية يوماً ولن تكون إثنية أو
طائفية أزمة لأمة، إلاّ لأن
الأمة في أزمة . ولن تكون
الطائفية خطراً إلاّ اذا كانت
العروبة في عطالة من أمرها
عاجزة عن الاتساع والانفتاح
والتناغم في عزف نشيد واحد
بأصابع متعددة . خضنا معركة عروبة لبنان منذ أربعة عقود،
لم نكسر الطائفية بل أعدنا
إنتاجها في صيغة مذهبية أدنى .
التعريب الرسمي الذي فتح الأزمة
اللبنانية على التدويل فشل في
أن يبني عروبة طوعية ننتمي
اليها لأنها عنصر اللحمة الأساس
للوطنية اللبنانية . إما أن
تتوطن العروبة في المواطنة أو
تتحول إلى تعريب قسري تنفضّ عنه
القوى التي تجد مصالحها كجماعات
أيا كانت مسمياتها وهويّاتها في
مواجهته . تتعاظم الهويات الفئوية وتحديداً
الطائفية حين ترفدها محرضات
المصالح وتجعل منها قنوات
لاستيفاء الحقوق أو لتوزيع
الدخل الأهلي أو تتحول إلى
وسيلة من وسائل السلطة السياسية
. لقد نسخنا النموذج العثماني في
غير زمانه وفي غير شروطه فلدينا
مجتمعات امبراطورية تعددية
نديرها بمركزية سياسية تتعايش
مع تفاوتات اجتماعية وانشقاقات
جهوية أو ملّية . لم نعرف
النموذج القومي البسماركي ولا
النابوليوني ولكننا في
الممارسة السياسية لم نعرف
نموذج الثورة الديمقراطية . في
النموذجين اللبناني والعراقي
اللذين يصدّران رياح الطائفية
هناك ليبرالية مخترقة
بامتيازات وحرمانات طائفية في
لبنان، ومركزية سياسية شمولية
في العراق الأكثر غنى وتقدماً
اقتصادياً تستخدم التعريب
كهوية حصرية . ولأن العروبة السياسية هذه لم تعد تسعف في
إدامة وحدة المجتمعات الوطنية
ضخخنا في شرايينها الإسلام
السياسي الأصولي، وحاولنا أن
نقيم تعايشاً يستحيل بين هويتين
سياسيتين . فإما دولة العروبة،
وإما دولة الإسلام . أما دولة
العروبة فالإسلام الثقافي كدين
أكثرية السكان، من مكوناتها
الأساسية . أما دولة الإسلام
السياسي فالعروبة أضعف روافدها
ومكوناتها، لأنها جماعة تنفض
جماعة أو قواعد الاجتماع
السياسي الحديث العربي أو
المسلم هما معطيان موروثان، أما
العروبة للمستقبل فهي مكتسب
وفعل انتماء والتزام واختيار .
فهل نتابع مع العروبة صناعة
المستقبل أم نتابع مع الإسلام
السياسي الدولتي (الدولة بهوية
دينية) إنتاج الماضي . تلك هي
المسألة؟ ============================== هل تحولت أميركا إلى
دولة بوليسية؟ الأحد, 23 مايو 2010 السيد يسين * الحياة هناك تفرقة شهيرة في الدراسات الدستورية
بين دولة القانون Etat
de Droit والدولة البوليسية Etat
de Police. دولة القانون هي الدولة التي تطبق
تطبيقاً دقيقاً مبدأ سيادة
القانون والذي يعني على وجه
الدقة أن تعامل الدولة مع
مواطنيها لا يجوز أن يخالف لا
الدستور ولا القانون، وأنه لا
يمكن التعامل مع أي مواطن خارج
نصوص وحدود القانون. ومن بين التطبيقات الشهيرة لهذا المبدأ
أنه «لا جريمة ولا عقوبة بلا
قانون». أما الدولة البوليسية فهي الدولة التي
تحكم بالقهر وتعامل المواطنين
من دون أساس قانوني وتتجاهل
مبدأ سيادة القانون. ومعنى ذلك
أن هذه الدولة الاستبدادية يمكن
أن تعتقل أي مواطن ولو من دون
سبب، ويمكن أن تعاقب أي شخص
بالسجن على سبيل المثال من دون
حيثيات، بل إنها في الحالات
المتطرفة يمكن أن تصدر أحكاماً
بالإعدام من دون محاكمة قضائية
عادلة! دولة القانون تجد التطبيق الدقيق لها في
الدول الديموقراطية. بل إنه
يمكن القول إنها أهم سمة من
سماتها البارزة. أما الدولة
البوليسية فهي شائعة في الدول
الشمولية والسلطوية التي يهيمن
فيها النظام السياسي السائد على
مقدرات البشر من دون أي ضوابط أو
ضمانات قانونية. والدليل على ذلك أن أبرز نماذج الدول
الشمولية في العصر الحديث،
ونعني الاتحاد السوفياتي
السابق، كان دولة بوليسية
بالمعنى الدقيق، لأنها تجاهلت
مبدأ سيادة القانون، وأدار
جوزيف ستالين رئيس الدولة وزعيم
الحزب الشيوعي بعد وفاة لينين
محاكمات لخصومه السياسيين وحكم
فيها على المئات منهم بالإعدام.
وذلك إضافة إلى أوامر الاعتقال
غير القانونية وأحكام السجن غير
الشرعية التي صدرت بحق مئات من
المواطنين الأبرياء. وكذلك كانت ممارسات الدول البوليسية في
ألمانيا النازية وإيطاليا
الفاشية. غير أن دولة القانون التي تمثلت في الدول
الديموقراطية العريقة مثل
بريطانيا وفرنسا والولايات
المتحدة الأميركية تميزت
بالتطبيق الدقيق لمبدأ سيادة
القانون ومراعاة الشرعية في
التعامل مع المواطنين. ويمكن القول إن بعض الدول الديموقراطية
مرّ بأزمات عنيفة فى مجال تطبيق
مبدأ سيادة القانون في فترات
محدودة من تاريخها. ويبدو ذلك في
الممارسات الاستعمارية
الفرنسية مع المناضلين
الجزائريين الذين كانوا
يكافحون من أجر تحرير بلادهم. غير أن المثال الأبرز هو الفترة
المكارثية التي مرت بها
الولايات المتحدة الأميركية في
خمسينات القرن العشرين حين شكل
عضو الكونغرس الأميركي مكارثي
لجنة لملاحقة الكتاب والمفكرين
والمبدعين الأميركيين بتهمة
الشيوعية، وأصدرت اللجنة – في
تجاهل تام لمبدأ سيادة القانون
– أوامر باعتقال بعضهم. غير أن هذه الفترة الكئيبة في التاريخ
الأميركي مضت إلى حال سبيلها
إلى أن جاءت أحداث أيلول (سبتمبر)
الإرهابية التي وجهت ضرباتها
إلى مراكز القوة العسكرية
والسياسية والاقتصادية
الأميركية. وذلك لأن إدارة الرئيس بوش استصدرت قانون
«الوطنية» الأميركي الذي يبيح
التنصت غير المشروع على
المكالمات التليفونية، وأخطر
من ذلك القبض على المشتبه فيهم
بالإرهاب بالمخالفة مع نصوص
القانون الجنائي العادي. وكان هذا التطور أول إشارة الى تحول
الولايات المتحدة الأميركية من
دولة قانونية إلى دولة بوليسية.
وجاء تطور أخطر بعد ذلك
باستصدار إدارة بوش قانوناًَ
يبيح تعذيب المتهمين في جرائم
الإرهاب. ومن الغريب أن يقوم مجلس نيابي منتخب في
دولة ديموقراطية وهو الكونغرس
الأميركي بمناقشة موضوع: هل ان
إيهام المتهم بأن المحققين
سيغرقونه في المياه يعد تعذيباً
أو لا؟ فكأن الكونغرس يوافق على
التعذيب من ناحية المبدأ، ولكنه
يعترض على بعض وسائله القاسية
فقط! وهذا مسلك بالغ الشذوذ من
وجهة النظر القانونية
والديموقراطية معاً. غير أن انحراف الولايات المتحدة
الأميركية لكي تصبح بكل وضوح
دولة بوليسية أشارت إليه جريدة
«النيويورك تايمز» الأميركية
في مقال لها نشر بتاريخ 13 أيار (مايو)
2010 كتبه سكوت شيني بعنوان «موافقة
حكومة الولايات المتحدة
الأميركية على قتل داعية ديني
تحدث جواً من عدم الارتياح في
الأوساط القانونية». وخلاصة الموضوع أن إدارة الرئيس أوباما
تتجه إلى السماح للسلطات
الأميركية بناء على توصية
الاستخبارات المركزية
الأميركية باغتيال من يحملون
الجنسية الأميركية والمتهمين
بارتكاب حوادث إرهابية خارج
حدود الولايات المتحدة! ومعنى ذلك ببساطة أن تشكل الحكومة
الأميركية فرقاً لاغتيال أي شخص
يحمل الجنسية الأميركية، إذا
كان متهماً بالإرهاب من دون
محاكمة قانونية وبناء على تقرير
استخباري بشرط أن يتم تنفيذ
الاغتيال خارج حدود الولايات
المتحدة! ومن بين المرشحين
للاغتيال وفقاً لهذه الشروط
الداعية الديني أنور العولقي
وهو من أصل يمني ويحمل الجنسية
الأميركية. وقد نسب إلى العولقي
أنه أفتى بأن مهاجمة الولايات
المتحدة الأميركية واجب ديني،
وتتهمه الاستخبارات المركزية
الأميركية بأنه ضالع في تدبير
حوادث إرهابية متعددة ضد
الولايات المتحدة، وآخرها
محاولة تفجير «تايمز سكوير»
بواسطة سيارة مفخخة إضافة إلى
عشرات الحوادث الإرهابية
الأخرى التي تمت بتأثير فتاوى
العولقي كما تؤكد الاستخبارات
الأميركية. ومعنى ذلك كما تقول «نيويورك تايمز» أن
الرئيس أوباما الذي سبق له –
أثناء حملته الانتخابية
للرئاسة – أن وجه الاتهام
للرئيس بوش بأن إدارته مارست
تحقيقات غير قانونية للمتهمين
بالإرهاب، قد وافق على سياسة «القتل
المستهدف» ما دعا أحد أعضاء
الكونغرس جون تيري إلى عقد أول
جلسة استماع حول الموضوع بتاريخ
28 نيسان (أبريل) لمناقشة عدم
قانونية هذه السياسة. وأهمية
هذه الجلسة أن تيري عضو
الكونغرس الديموقراطي ورئيس
اللجنة الفرعية للأمن القومي. وتبدو المشكلة في أن العولقي المستهدف
بالقتل لا يقيم في مناطق الحرب
في أفغانستان أو باكستان، وهو
أميركي ولد في نيومكسيكو،
وبالتالي فإن الدستور الأميركي
في التعديل الخامس قيمه بحكم
المادة التي تقول إنه «لا يجوز
أن يحرم من الحياة أو الحرية أو
الملكية من دون محاكمة وإجراءات
قانونية». وبعيداً من الجدل القانوني الذي يدور
الآن حول الشرعية القانونية
لسياسة القتل المستهدف فإن
جدلاً من نوع سياسي انتهازي
يدور حول مدى ملاءمة قتل
العولقي على أساس أنه لو حدث
سيحوله ذلك إلى شهيد! وهكذا بدأت بوادر تحول الدولة الأميركية
حامية الحريات والمدافعة عن
حقوق الإنسان في العالم من دولة
قانونية إلى دولة بوليسية قررت
بكل وضوح أنها ستعمد في مواجهة
الإرهاب الموجه ضدها إلى ممارسة
«إرهاب الدولة» الذي سبقتها
إليه اسرائيل التي تقوم في شكل
منهجي باغتيال القادة
الفلسطينيين! هذا - وأيم الله - تحول دراماتيكي في إدارة
الرئيس أوباما الديموقراطي
أستاذ القانون سابقاً المدافع
عن حريات الشعوب وحقوق الإنسان! * كاتب مصري ============================== لبنان: كثرة الوافدين
لتقديم الضمانات مدعاة
للإطمئنان أم للقلق؟ الأحد, 23 مايو 2010 عادل مالك * الحياة شهدت بيروت ولا تزال حشداً من كبار الزوار
توافدوا إليها من الشرق ومن
الغرب واللائحة طويلة نذكر منها:
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر
الصباح، وأمير قطر الشيخ خليفة
بن حمد آل ثاني، ووزير خارجية
فرنسا برنار كوشنير، وقبله وزير
الدفاع الفرنسي موران، ورئيس
وزراء اليونان جورج باباندريو،
وقبله وزير خارجية إسبانيا
ميغيل انخيل موراتينوس، الذي
أعلن فور وصوله: «اطمئنوا فإن
إسرائيل لن تشن الحرب وهي
اختارت اعتماد الحلول
الديبلوماسية والسياسية على ما
عداها من أزمات معلقة». وأبلغ كبار الزوار دعمهم وتأييدهم لبنان
بوجه أي اعتداء إسرائيلي، الأمر
الذي طرح السؤال الكبير: هل ان
زحمة الزوار يجب أن تكون مدعاة
للقلق أم للاطمئنان؟ لكن تساؤلاً طرح من جانب أكثر من مصدر حول
«جدوى وفعالية» هذه الضمانات
التي تقدم للبنان، وما الذي
يعنيه عملياً وقوف كل هذه الدول
إلى جانب الحكومة اللبنانية في
حال مضي إسرائيل في إطلاق
تهديداتها؟ واقترنت هذه
التساؤلات بسؤال آخر حول الحملة
التصعيدية التي قادتها كل من
الولايات المتحدة وإسرائيل حول
صواريخ «سكود»، باعتبار ان
الضجيج الذي رافق إطلاق هذه
الاتهامات أوحى أن القوات
الإسرائيلية على وشك توجيه «ضربة
ما» إلى «حزب الله»، ويبدو ان
الولايات المتحدة التي كانت
البادئة بإطلاق هذه الحملات
نجحت ولو موقتاً في ردع إسرائيل
عن القيام بأي عمل ضد لبنان في
هذه الآونة بالذات مع الاحتفاظ
بسلاحي الترهيب والترغيب في آن
واحد، في محاولة إبقاء مثل هذه
التهديدات كسيف مصلت على لبنان. وفي المقابل تلقّى لبنان شهادة حسن سلوك
دولية لإدارته جلسات مجلس الأمن
الذي يترأسه هذا الشهر، فقد
أعلن المنسق الخاص للأمم
المتحدة في لبنان مايكل وليامز
«ان لبنان اثبت القدرة على
إدارة مجلس الأمن وهذا الأمر هو
إنجاز رائع». وأبلغ وليامز وزير
الخارجية اللبناني علي الشامي «ان
الحركة الديبلوماسية الناشطة
جداً والمتعلقة بلبنان في الوقت
الراهن ما هي إلا شهادة على
مكانة لبنان الإقليمية
والدولية والدور الذي يلعبه».
ومعلوم أن رئيس الحكومة سعد
الحريري سوف يترأس خلال زيارته
الولايات المتحدة والتي تبدأ
غداً الاثنين جلسة لمجلس الأمن،
وسيكون هذا الأمر حدثاً مهماً
بالنسبة الى لبنان وفق تعبير
المصادر الدولية. ويسبق ذلك
اللقاء المنتظر بين الحريري
والرئيس باراك أوباما في البيت
الأبيض وهو اللقاء الأول بين
الرجلين. وفي سياق متصل، أعرب الرئيس الحريري عن «ارتياحه
البالغ لنتائج لقائه الأخير مع
الرئيس بشار الأسد، أكثر مما
توقعه البعض». ويبدو أن
العلاقات اللبنانية – السورية
اتخذت مساراً جديداً من التحسن
التدريجي بعد كل ما رافقها من
مطبات خلال السنوات الخمس
السابقة. ولأن الساحة اللبنانية لا تزال مفتوحة
على كل الاحتمالات تابعت
الدوائر اللبنانية باهتمام خاص
ما حدث في طهران والاتفاق الذي
تم التوصل إليه بين إيران
والبرازيل وتركيا. وعلق رئيس
الجمهورية ميشال سليمان على ذلك
بالقول: هذا يؤكد ما ذهبنا إليه
من أن التمسك باعتماد الحلول
السياسية لأزمات المنطقة أفضل
من أي اعتبار آخر. ماذا كانت تفسيرات الدوائر المطلعة
للقرار الإيراني؟ تعترف المصادر بأن ما حدث كان مفاجئاً
للجميع، وأن طهران نجحت في
استقطاب دولتين من أعضاء مجلس
الأمن: البرازيل وتركيا. وبدا
الأمر وكأنه عملية استباقية
لقرار العقوبات الذي تقود
الولايات المتحدة الحملة
لإقراره من جانب مجلس الأمن. لكن
«اتفاق طهران» أرغم اطراف هذه
الأزمة على إعادة تقويم
التحركات الخاصة في هذا الشأن،
فقد انضمت كل من البرازيل
وتركيا إلى الدول التي ناشدت
الولايات المتحدة عدم المضي
بقرار فرض المزيد من العقوبات
على طهران، واعتبار ما تم
التفاهم عليه اتفاق إطار يمكن
البناء عليه. ومن هذا المنطلق
أصرت واشنطن على التأكيد بأن ما
جرى في طهران لن يمنع المضي في
سياسة فرض العقوبات. لكن هذا
الاتفاق ربما أحدث بعض البطء في
تحركات الدول الكبرى للتوصل إلى
قرار بفرض المزيد من العقوبات
على إيران. وعلى رغم ان بعض
التحولات حدثت في موقف روسيا،
فإنه ما زال يتصف ببعض التذبذب.
فمع الموافقة المبدئية على
الصيغة المقترحة لقرار
العقوبات حذر وزير الخارجية
سيرغي لافروف من اتخاذ قرارات
أحادية الجانب، في إشارة إلى
انفراد أميركا والدول الأخرى في
فرض العقوبات والتي توصف ب»الموجعة».
إضافة إلى ذلك فإن التعاون
النووي القائم بين روسيا وإيران
لم يطرأ عليه أي تغيير، وفي هذا
المجال يشار إلى ان الدعم
الروسي سيمضي في بناء المزيد من
المفاعلات على الأراضي
الإيرانية. وقد أعلن مسؤول في
الكرملين أن شركة الطاقة
الروسية العملاقة «غازروم»
تأمل تعزيز مشاركتها في مشاريع
للطاقة في الشرق الأوسط من خلال
الانضمام إلى خط الأنابيب الذي
ينقل الغاز الطبيعي من سورية
إلى لبنان. تزامن هذا الإعلان مع الزيارة التاريخية
والمهمة التي قام بها الرئيس
الروسي ميدفديف إلى دمشق وهي
الزيارة الأولى لرئيس سوفياتي
وروسي إلى العاصمة السورية. وفيما يتعلق بالتحركات الآيلة إلى المضي
في ممارسة الضغوط على إيران لا
شيء يشير إلى قرب التوصل إلى
اتفاق دولي في هذا الشأن،
فالصين لا تزال تهدد بتعطيل أي
قرار في هذا الشأن، باللجوء إلى
استخدام حق النقض (الفيتو). وفي
اعتقاد المصادر المتابعة لهذا
هذا الملف، ان مداولات الدول
الخمس الكبرى زائداً المانيا قد
تستغرق بضعة أسابيع أو حتى بضعة
أشهر قبل التوصل إلى اتفاق
نهائي. وبالعودة إلى بيروت فهي ترصد كل هذه
التحركات باهتمام باعتبار أنها
معنية بكل تطور إقليمي يمكن أن
تكون له انعكاسات عليها في شكل
أو بآخر. وفي هذا الصدد يقول
مساعد وزيرة الخارجية
الأمريكية السفير جيفري
فيلتمان: ان الدور الذي تلعبه
سورية هام جداً، ويضيف: لكن
التعاطي مع دمشق ليس بالعملية
السهلة لكنه يؤكد على أهمية
موقع دمشق من كل التسويات التي
يجرى الحديث عنها في المنطقة.
ويسعى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ
من الحزب الجمهوري لعرقلة
الموافقة على إرسال السفير
الأميركي إلى دمشق، ويبدو أن
التأخير في هذا المجال لا يعدو
كونه «تكتيكياً» ومحاولة
للتأثير على المواقف السورية
الأمر الذي لن يحدث على ما يبدو. وتبقى مسألة الحرب والسلام الهاجس الأكبر
الذي يراود العاملين عن قرب في
هذا الملف، مع العلم أن لبنان
يشهد تدفقاً هائلاً في عدد
الزائرين، وفي الحجوزات
القياسية لعدد السياح القادمين
إليه، ولا تريد بيروت بطبيعة
الحال ان تترك التهديدات
الإسرائيلية أثراً سلبياً في
الوضع العام، لذا تنشط
الاتصالات الديبلوماسية بين
لبنان والدول الصديقة لحمل
إسرائيل على عدم القيام بمغامرة
جديدة، بخاصة ان المعادلات
الجديدة التي أفرزتها حرب تموز (يوليو)
2006 «لن تدع إسرائيل تقوم بأي
عدوان لأن هذا الأمر لن يكون
نزهة بالنسبة إليها»، كما يؤكد
الرئيس ميشال سليمان ومصادر «حزب
الله» الجاهزية التامة لمواجهة
أي حماقة إسرائيلية يمكن أن
يقوم بها بنيامين نتانياهو
المحرج في عملية السلام على
المسار الفلسطيني - الإسرائيلي. ويعمل المبعوث الأميركي السيناتور جورج
ميتشيل الموجود حالياً في
المنطقة على إحداث أي اختراق في
الجمود المخيم على مساعي
السلام، وهو الشهير بصبره وطول
أناته في هذا المجال، بالمقارنة
مع عملية السلام في إرلندا التي
أمكنه التوصل إليها، لكن الأزمة
الإرلندية لا تقارن بأزمة الشرق
الاوسط. ومع ذلك تعمل واشنطن
بهدوء وصمت على «ترويض»
نتانياهو الذي يرفض حتى الآن كل
المحاولات لدفعه الى اعلان
التزامه بقيام دولة فلسطينية،
ووقف عمليات الاستيطان. ان الهدوء المخيم على المنطقة ليسس
بالهدوء الصحي، وهو معرض
للانتهاك في أي وقت تقرر فيه «لعبة
الأمم» تحريك المياه الراكدة في
المنطقة. ويبقى لبنان متأهباً
لأي احتمال حيث لا ضمان ولا ثقة
بالوعود التي تقدمها إسرائيل
لهذا الطرف أو ذاك. وإضافة إلى
ذلك تبدو جاهزية «حزب الله» في
ذروتها تحسباً لأي مغامرة
إسرائيلية. وتقول مصادر الحزب «إننا
لا نريد الحرب... لكننا سنكون على
استعداد للدفاع عن أي عدوان». ومرة أخرى: هل إن كثرة مقدمي الوعود
والضمانات إلى لبنان هي مدعاة
للاطمئنان أم للقلق؟ سؤال صعب، من الأسئلة الصعبة التي لا
يتوفر لها الجواب الحاسم. * كاتب وإعلامي لبناني ============================== بلال حسن الشرق الاوسط 23-5-2010 تواجه مصر الآن أكبر أزمة مصيرية تتعلق
بوجودها، مع بروز تجمع من سبع
دول أفريقية (دول منابع نهر
النيل)، يطالب بإعادة النظر
بالاتفاقيات الموقعة منذ عشرات
السنين، من أجل إعادة اقتسام
مياه النهر، وتغيير الحصص التي
تنالها دول المصب «مصر والسودان»
بحسب تلك الاتفاقيات. ولا تعارض مصر البحث «الفني والاقتصادي»
في ما يتعلق باستعمال المياه،
ولكنها تعارض الدعوة إلى بحث «سياسي»
يغير في الاتفاقيات المعقودة
والمعتمدة منذ زمن طويل، في
تنظيم شؤون المياه ومسؤوليات
الدول بصدد ذلك. ويجري منذ فترة زمنية تمتد لأعوام، بحث في
قضايا النهر، ومشاريع مقترحة
للاستفادة من مياهه، وكان آخرها
اجتماع عقد في شرم الشيخ منتصف
شهر أبريل (نيسان) 2010، ضم جميع
دول المنبع والمصب، وبرزت فيه
بوادر الأزمة الجديدة. وقد وصفت
مصادر مصرية مطلعة بوادر بروز
هذه الأزمة كما يلي: «كان الأمر
هادئا، وقدم وزراء دول حوض
النيل الشكر لمصر على ما تقدمه
من معونات لهذه الدول، وظل
الأمر هكذا حتى جاء الدور في
الكلمات على الوزير التنزاني،
الذي تحدث قائلا: نحن مجموعة
المنبع السبع، وأنا المتحدث
الرسمي باسمهم، قررنا فتح باب
التوقيع في 4 مايو (أيار) 2010 على (اتفاقية
الإطار المؤسسي والقانوني
لمبادرة حوض النيل). وبعده قال
المسؤول الإثيوبي: سنترك الباب
مفتوحا لمن يرغب في التوقيع،
وسنعطي مهلة سنة للتوقيع، وبعد
التوقيع يفتح باب التفاوض حول
النقاط المعلقة». النقاط المعلقة التي تمت الإشارة إليها
هنا هي الحقوق المصرية التي
تتضمنها الاتفاقات الموقعة
والمعمول بها، وهي الحقوق
التاريخية لمصر في مياه النيل
التي يرد ذكرها «الحقوق
التاريخية» في الاتفاقيات،
وترفض مصر بالطبع أن تكون هذه
الحقوق المدونة خاضعة للتفاوض
من جديد. اعتبرت دول المنبع أن موقفها نهائي،
وأنها لن تشارك في مفاوضات
جديدة حول الموضوع المتعلق ب«اتفاقية
الإطار»، بينما أعلنت كل من مصر
والسودان رفض موقف دول المنبع،
ورفض التوقيع على اتفاقية ما لم
تتضمن ثلاثة بنود: أولا: استمرار العمل بالاتفاقيات السابقة
التي تضمن حقوق مصر في مياه
النيل، وهي اتفاقيات كثيرة
ومتعددة. ثانيا: ضرورة قيام دول المنبع بالإبلاغ
المسبق لدول المصب عن أي
مشروعات حول النهر تنوي
تنفيذها، والحصول على موافقة
مصر والسودان على هذه المشاريع،
حسب بنود الاتفاقات الواضحة
بهذا الصدد. ثالثا: في حال إنشاء «مفوضية دول حوض
النيل»، لا بد من نظام للتصويت
يقوم على قاعدة الإجماع. ولكن هناك موقفا شبه موحد لدى دول المنبع
السبعة، يرفض هذا الموقف المصري
- السوداني، ويعتبر أن
الاتفاقات التي يتم الاستناد
إليها هي اتفاقات «استعمارية»
لأنها أنجزت ووقعت برعاية
بريطانيا أثناء احتلالها لتلك
المناطق، وهي تدعو إلى تغيير
بنود تلك الاتفاقيات، أي تدعو
إلى مفاوضات سياسية لا إلى
مفاوضات فنية. ويزيد هذا طبعا من
صعوبة الوضع. وتأكيدا لذلك قال
المتحدث باسم حكومة إثيوبيا «رفضت
البلدان السبعة الاتفاق السابق
بين مصر وبريطانيا الاستعمارية».
وقال رئيس أوغندا، يوري موسيفين
إنه «لم يعد ممكنا أن تستمر مصر
في احتكار استخدام مياه النيل..
وهذا الموقف الأناني لا بد من
وضع حد له». وبعد هذا الخلاف الحاد في شرم الشيخ، وبعد
مضي شهر حسبما أعلن، تم في مدينة
عنتيبي الأوغندية، التوقيع على
اتفاقية الإطار التي تم الاتفاق
على بنودها قبل عام بين دول
المنبع السبع، بينما أعلنت كل
من مصر والسودان رفض التوقيع
على الاتفاق. وبذلك يكون الخلاف
قد أصبح علنيا ورسميا، وهو يتخذ
شكل المواجهة والتحدي من قبل
دول المنبع، وبخاصة إثيوبيا،
بينما تميل كل من مصر والسودان
إلى مواصلة البحث والتفاوض
لإيجاد مقاربة فنية واقتصادية
تحقق مصالح جميع الأطراف. ماذا كانت ردود الأفعال على هذه
التحركات؟ رئيس وفد مفوضية الاتحاد الأوروبي لدى
مصر، السفير مارك فرانكو، شدد
على أهمية التوصل إلى اتفاق
إقليمي بين دول حوض النيل، وقال:
من الضروري العودة إلى
المفاوضات والتوصل إلى حل يرضي
كافة الأطراف. وقال إن توقيع سبع
دول (في عنتيبي) من دون موافقة
مصر والسودان فكرة غير صائبة. ولكن صحيفة «واشنطن تايمز» تتحدث في
اتجاه آخر وتقول في افتتاحية
لها: «إن رفض مصر السماح لدول
منابع النيل بالحصول على حصة
عادلة من إمدادات النهر، يعتبر
استمرارا في إجراءات مصر
الأنانية السافرة، لحرمان هذه
الدول من الحصول على حصص عادلة». ولكن باحثين وخبراء سودانيين، ومنهم عاصم
فتح الرحمن، يطرحون تساؤلات حول
دور إسرائيل، ويقولون إن
إسرائيل وبمساعدة من الولايات
المتحدة الأميركية، نجحت في
تأمين سيطرتها على بعض مشاريع
الري في منطقة البحيرات، حيث
قدمت دراسات تفصيلية إلى زائير
ورواندا لبناء ثلاثة سدود كجزء
من برنامج شامل لإحكام السيطرة
على مياه البحيرات العظمى.
ووقعت أوغندا وإسرائيل اتفاقا
في مارس (آذار) 2000 ينص على تنفيذ
مشاريع ري في عشر مقاطعات
متضررة بالجفاف. وذكرت نشرة
فرنسية متخصصة في شهر فبراير (شباط)
2000 أن إسرائيل أعلنت أنها مهتمة
بإقامة مشاريع للري في أوغندا
غرب السودان. ولا يمكن أن نتجاهل هنا الزيارات الرسمية
للمسؤولين الإسرائيليين إلى
دول حوض النيل، ومنها زيارة
سيلفان شالوم وزير الخارجية
الأسبق إلى إثيوبيا في 6 يناير (كانون
الثاني) 2004، التي بلورت اتفاقات
في كثير من المجالات. وتلتها
زيارة وزير الخارجية الحالي
أفيغدور ليبرمان إلى إثيوبيا
وأربع دول أفريقية في 3 سبتمبر (أيلول)
2009، وقام أثناء زيارته بتدشين «المنتدى
الاقتصادي لإثيوبيا وإسرائيل»،
كما قام بتدشين مشروع زراعي
مشترك بين إثيوبيا وإسرائيل
والولايات المتحدة. ولا نريد هنا أن نصور الأمر وكأنه مؤامرة
إسرائيلية فحسب، فسعي إسرائيل
للالتفاف على مصر والسودان عبر
إثيوبيا وغيرها من الدول، سعي
معروف وطبيعي، ولكن المسألة
تتعلق بوجود دور عربي فاعل في
أفريقيا كان قائما حتى حرب عام
1973، حيث أعلنت أكثر الدول
الأفريقية مساندتها لمصر
والعرب في المواجهة مع إسرائيل.
ولكن هذا الدور العربي تقلص في
السنوات العشرين الأخيرة، بحيث
لم نعد نسمع عن صوت عربي في
أفريقيا إلا نادرا. والعلاقات العربية مع أفريقيا لها جانب
دبلوماسي وسياسي، ولكنّ لها
أيضا دورا اقتصاديا، لا نقول
إنه غائب ولكنه ليس فعالا وليس
في مستوى الإمكانات العربية.
وإذا كان على مصر الآن أن تواجه
هذه الأزمة، فهي تحتاج إلى بناء
سياسة مصرية - عربية من نوع
جديد، تقوم على التفاعل
السياسي، وعلى تقديم المساعدات
الاقتصادية، وعلى بناء مشاريع
استثمارية داخل أفريقيا، يمكن
أن تعتمد على وجود خبرة مصرية في
إطار المياه والزراعة
والتكنولوجيا، يعترف بها
الأفارقة أنفسهم. إن مسألة المياه التي أصبحت مطروحة على
مصر، هي في جوهر الأمن القومي
المصري، وهي جديرة باهتمام
استراتيجي على أعلى المستويات
وعلى نحو متصل، وبعد مشاورات
عربية - مصرية يلعب فيها كل طرف
دورا خاصا، ومن خلال اهتمام
بالمصالح الأفريقية وليس
بالمصالح العربية فقط. لقد ابتذل مفهوم الأمن القومي المصري في
الأشهر السابقة إعلاميا، عبر
سلسلة من الأحداث الصغيرة، وآن
الأوان لطرحه بمعناه العميق.
كما آن الأوان للبدء بسياسات
جديدة نشطة، تتعامل مع المستقبل
كما تتعامل مع الحاضر.
وبالتأكيد فإن مصر قادرة على
التأثير في أفريقيا أكثر بكثير
مما تفعل إسرائيل.. إن هي أرادت. ============================== هل يدفع اللاجئون
الفلسطينيون الثمن مرة أخرى؟ المستقبل - الاحد 23 أيار 2010 العدد 3660 - نوافذ - صفحة 9 ماجد كيالي احتلت سردية اللجوء الجزء الأكبر من
الرواية الفلسطينية، ما جعل
مخيلة الفلسطينيين مشغولة
بمستقبل آخر، يناقض واقع
الاقتلاع من الأرض، والتشرد
واللجوء، والحرمان من الحقوق
والهوية. ويمكن القول بأن هذه السردية، وتلك
المخيلة، هما اللتان ألهمتا
الفدائيين الأوائل، في منتصف
الستينيات (من القرن الماضي)،
وصاغتا معنى الوطنية
الفلسطينية المعاصرة، بمعناها
الهوياتي، وبتجسيداتها
المؤسسية، وشعاراتها السياسية،
ومضامينها النضالية. هكذا يصح
القول بأن الوطنية الفلسطينية
المعاصرة، ارتكزت أساسا على
قضية اللاجئين، باعتبارها جوهر
القضية الفلسطينية، والتعبير
المكثف عن مختلف جوانبها. فوق كل ذلك فقد عمّد اللاجئون
الفلسطينيون، بعمرهم ودمائهم
ومعاناتهم، مسار حركتهم
الوطنية، التي تأسست أصلا في
الخارج، وفي أوساط اللاجئين في
المخيمات. مع كل ذلك فإن المكانة المركزية للاجئين
الفلسطينيين، في حركتهم
الوطنية، تراجعت وانحسرت
وتهمشت، أولاً، بفعل القيود على
العمل الوطني الفلسطيني في
الخارج، وثانياً، بسبب خضوع
الفلسطينيين اللاجئين، في
مختلف أماكن تواجدهم، لمحددات
وتوظيفات النظام السياسي
العربي، على تبايناته. وثالثاً،
بواقع انتقال ثقل العمل الوطني
الفلسطيني إلى الداخل في
الأراضي المحتلة (1967)، مع اندلاع
الانتفاضة الأولى (19871993).
ورابعاً، بسبب ولوج القيادة
الفلسطينية عملية التسوية،
بالشكل الذي تمت بها،
وبالتداعيات التي نجمت عنها. هكذا اختُصرت قضية فلسطين بقضية الأراضي
المحتلة عام 1967، واحتلت قضية
استقلال جزء من الأرض مكانة
قضية الاقتلاع واللجوء واغتصاب
وطن. وفي إطار ذلك حلت كيانية
السلطة محل كيانية منظمة
التحرير. وتبعا لكل ذلك فقد
تهمشت، أو أزيحت من الصدارة،
الرواية الفلسطينية الأصلية،
أي رواية اللاجئين، لصالح
روايات فلسطينية فرعية أخرى. طبعا لايمكن لأحد أن يجادل بشأن انتقال
مركز الثقل الفلسطيني إلى
الداخل، فهذا أمر فرضته نضالات
فلسطينيي الأراضي المحتلة (عام
1967)، وتضحياتهم ومعاناتهم.
أيضا، ليس ثمة مشكلة في
الانتقال للداخل، بل على العكس
من ذلك، إذ أن هذه النقلة هي أمر
طبيعي، وضروري، لإعادة موضعة
قضية فلسطين في أرضها، وبين
القسم الأكبر من شعبها، ما يحسب
لصالح حركتها الوطنية؛ التي
طالما عانت من ارتهانات
وتوظيفات وقيودات النظام
الرسمي العربي في الخارج. إلى ذلك فإن المجادلة، كما المشكلة،
كمنان في كيفية إدارة هذا
التحول، بهذه الطريقة
المتخلفة، وفي إطار توظيفات
سياسية ضيقة، خدمت أغراض الطبقة
السياسية المهيمنة في الساحة
الفلسطينية؛ وهو ما انكشف بشكل
أكثر وضوحا، فيما بعد؛ أي بعد
الانخراط بعملية التسوية،
وإقامة السلطة الفلسطينية في
الضفة والقطاع. والنتيجة لهذه المغامرة البائسة، أن
الحركة الوطنية الفلسطينية
تخلت عن طابعها كحركة تحرر
وطني، وتحولت إلى نوع من سلطة،
دون أن تنجز هدف دحر الاحتلال
على الأقل، والنتيجة الثانية،
أيضا، أن الفلسطينيين، وبعد نحو
عقدين من الزمن من عمر التسوية
والمفاوضة، لم يكسبوا دولتهم
الفلسطينية المفترضة، في الضفة
والقطاع، ولكنهم خسروا الجزء
الأصلي، والأكبر، والأكثر
دلالة، من روايتهم الوطنية، وهي
قضية اللاجئين؛ في مداولات
التسوية الجارية على الصعيد
الدولي. والنتيجة الأمرّ، والأكثر قسوة، أن
الفلسطينيين اللاجئين، وفوق كل
ما تقدم، باتوا أكثر إحساسا
بالفراغ، وبالغبن السياسي،
جراء إزاحة قضيتهم إلى الخلف،
وخصوصا جراء تغييب كيانهم
السياسي (منظمة التحرير)،
وتهميش قيادتهم لأوضاعهم،
ولمؤسساتهم؛ التي كانت يوما
بمثابة المؤسسات الجامعة للشعب
الفلسطيني. على ذلك ثمة اعتقاد مشروع، اليوم، لدى
اللاجئين الفلسطينيين، وفي ضوء
مختلف المعطيات الراهنة، بأنهم
سيدفعون مجددا ثمن التسوية
الهشة التي يجري فرضها في
المنطقة، بعدما كانوا دفعوا
سابقا ثمن قيام إسرائيل، التي
سلبتهم أرضهم وحرمتهم من وطنهم،
وبعدما عانوا الأمرين في مخيمات
اللجوء، وبعدما دفعوا، من جهدهم
وعرقهم ودماء أبنائهم، ثمن
النهوض الفلسطيني طوال العقود
الستة الماضية. ولعل كل ذلك يفسر حال الانكفاء والانحسار
والاحباط في مجتمعات اللجوء
والشتات، التي لا تخفف منها
المهرجانات الفولكلورية
الوطنية، ولا تغطي عليها
المناسبات الاحتفائية
الفصائلية. لذا فالمطلوب حثّ الجهود لإعادة إحياء
دور هذه التجمعات وتأطيرها على
أسس وطنية ومؤسسية جديدة، لأن
في ذلك مصلحة إستراتيجية للحركة
الوطنية الفلسطينية، مع عملية
التسوية، أو من دونها؛ هذا إذا
كانت هذه الحركة مازالت حريصة
على مجالها الاجتماعي!
وبالتأكيد فإن ذلك يتطلب، أيضا،
إعادة الاعتبار لمفهوم وحدة
الشعب الفلسطيني، وتوليد
المعادلات، أو الشعارات
السياسية الجامعة، التي تعبر عن
معنى قضية فلسطين. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |