ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 31/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أسطول الحرية

مازن حماد

الدستور

30-5-2010

تبدو قافلة (اسطول الحرية) المكونة من ثماني سفن تحمل ستمائة من نشطاء السلام ومواد بناء وادوية ومساعدات انسانية اخرى ، مصممة على كسر الحصار البحري الجائر المفروض على قطاع غزة منذ اربع سنوات والمدعوم بحصار بري شامل ، فيما تبدو اسرائيل مصممة هي الاخرى على منع تلك السفن من الرسو في ميناء القطاع.

 

وسبقت المواجهة المؤكدة في عرض البحر بين البحرية الاسرائيلية واسطول الحرية ، مواجهة عبر الانترنت واجهزة الاعلام ، في وقت ادت فيه مشكلات فنية الى تأخير انضمام احدى السفن الثماني الى القافلة ، مما أسفر عن تأجيل الوصول المتوقع الى مياه غزة حتى اليوم الاحد.

 

وتقول منظمة (غزة الحرة) المشاركة في القافلة ان المسؤولين عن الاسطول يحاولون تجنب مواجهة ليلية مع البحرية الاسرائيلية التي حركت سفنها لملاقاة القادمين الذين يضمون نشطاء ومساعدات من تركيا واليونان واربع دول عربية بينها الاردن والجزائر والكويت وبعض الدول الاسلامية.

 

وبذلت اسرائيل جهوداً كبيرة لإنكار وجود ازمة انسانية في غزة ، لكن هذه الجهود بدت ضعيفة وغير مدعومة بالحقائق مما جعلها تقابل بالتحدي والتكذيب ، ليس فقط من قبل اسطول الحرية ، ولكن من مختلف انحاء العالم وخاصة المنظمات الدولية.

 

ومن المنغصات التي اثارت استياء القائمين على القافلة رفض قبرص اليونانية توقف السفن في موانئها لتقل مجموعة من النشطاء والنواب الاوروبيين. ورغم ترحيب اسرائيل بموقف قبرص ، يعتقد الكثيرون ان هذا الموقف ليس موجهاً الى مهمة اسطول الحرية ولكنه موجه لتركيا التي تلعب دوراً ريادياً في قيادة القافلة.

 

أما سلطات غزة فتتصرف وكأن السفن واصلة ، ولكن اذا منعت اسرائيل وصول السفن ، فان الاحتجاجات لن تقتصر على قطاع غزة ، وانما ستشمل التظاهر امام السفارات الاسرائيلية في كثير من الدول ، كما تقول حركة حماس.

 

اسرائيل من جانبها حددت منطقة بحرية عرضها عشرون ميلاً ، معلنة أنها ستمنع سفن القافلة من عبورها الى القطاع. وستتصل السلطات الاسرائيلية بالسفن وتوجه لها الانذارات ، واذا استجابت ستتم مرافقتها من قبل السفن البحرية الى ميناء اسدود المجهز بالخيام لايواء نشطاء القافلة.

 

اما اذا حاولت السفن دخول المنطقة المحظورة ، فسيلجأ الكوماندوز الاسرائيليون الى الاستيلاء على تلك السفن من خلال البحر او المروحيات ، واقتيادها الى اسدود بعد ان يتم مسحها من قبل كلاب بوليسية للتأكد من عدم وجود متفجرات. وبعد ذلك سيجري التحقيق مع المشاركين في القافلة على يد رجال الشرطة ومسؤولي الهجرة. وتضم الخيام واحدة لسلطات الهجرة واخرى لمعاينة مختلف المعدات. وسيطلب من النشطاء التوقيع على اوراق يتعهدون فيها بعدم محاولة دخول اسرائيل ، ومن ثم سيجري اعتقال وسجن من يرفضون التوقيع.

المجابهة قادمة ، وفي كل الاحوال فان اسرائيل هي الخاسرة على الصعيدين السياسي والاخلاقي ، وان كانت ستنجح بالتأكيد في منع السفن من الوصول الى شواطئ غزة.

===========================

سوريا تناور لتطويق عزلة متوقعة ضدها

«رويترز»

الدستور

30-5-2010

تناور دمشق سياسيا لتحقيق توازن في المنطقة ومحاولة تطويق اي عزلة ضدها ، ويرى محللون انه ينبغي لسوريا ان توازن بين تحالفاتها اذا كانت تريد البقاء في شرق اوسط مضطرب. وادى التهديد بنشوب صراع جديد الى احداث هزة بين سوريا واسرائيل وايران ولبنان هذا العام خاصة بعد مزاعم اسرائيل والولايات المتحدة عن نقل سوريا اسلحة الى مقاتلي حزب الله اللبناني رغم ان زعماء جميع هذه الاطراف ينفون رغبتهم في الحرب. لكن الرئيس السوري بشار الاسد الذي يضيق ذرعا بواشنطن يبقي على الباب مواربا بمعسكر المقاومة الذي تقوده ايران في حين يشير الى استعداده استئناف محادثات غير مباشرة مع اسرائيل عبر تركيا العدو القديم لبلاده التي تحولت الى صديق.

 

وابلغ الاسد صحيفة لا ريبوبليكا الايطالية الاسبوع الماضي ان سوريا لم يعد لديها الجلد على الانتظار مشيرا الى ان الرئيس الامريكي باراك اوباما رفع سقف التوقعات فيما يتعلق بسياسة جديدة تجاه الشرق الاوسط. لكنه قال ان الزمن يتغير الان. وقال الاسد الذي يحكم سوريا منذ نحو عشر سنوات ان هذا ليس تحولا في الاتجاه او المواقف معربا عن رغبة بلاده في اقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة التي قال انها فشلت هي والغرب في حل المشكلات في العالم وفي المنطقة.

 

ولا يزال من غير الواضح ما اذا كان اي تحالف جديد سيكون افضل حظا لكن الاسد سلم بأن الولايات المتحدة ستلعب دورا حاسما في المرحلة الاخيرة من اي تسوية سلمية. الا ان سوريا خرجت من العزلة التي تحملتها بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. ونفت مسؤوليتها عن الحادث لكن اجبرت على سحب قواتها من لبنان بعد احتجاج واشنطن وباريس والرياض.واثبت حوار اوباما مع سوريا بأنه محبط للجميع فالكونجرس لم يقر بعد تعيين سفير امريكي الى دمشق رشح في شباط بعد غياب دام خمس سنوات. كما جدد اوباما العقوبات على سوريا في حين خفف تطبيق بعضها.

 

وبددت سوريا التي وصفها بوش بأنها فاعل الشر بعض المخاوف الغربية بشأن سلوكها في المنطقة مثلما خفف السحب المقرر للقوات الامريكية من العراق بعض المخاوف السورية تجاه النزعة العسكرية الغربية. وهنا يقول دبلوماسي غربي "الامر ليس هو ان سوريا لم تفعل شيئا. فعلى صعيد القضايا الاقليمية لم يحرز سوى تقدم محدود في جميع المجالات. وعدد تلك القضايا فقال ان دمشق فتحت صفحة جديدة في العلاقات مع لبنان بعد تحسين العلاقات مع السعودية. كما توقف تدفق المتشددين الاجانب الى العراق مع تبلور خطط الانسحاب الامريكية. وتريد سوريا بوضوح عراقا مستقرا وموحدا.

 

واحرزت المحادثات التي توسطت فيها تركيا مع اسرائيل تقدما الى ان اوقفتها حرب غزة في ديسمبر كانون الاول ,2008 ولم تساعد سوريا او تعيق الجهود التي تقودها الولايات المتحدة على المسار الفلسطيني. وتبدو فرص استئناف المحادثات غير المباشرة عبر تركيا ضعيفة بعد انتقاد تركيا لسياسة اسرائيل في الشهور الاخيرة.

===========================

سفن الحرية في مواجهة الصلف الصهيوني

ياسر الزعاترة

 الدستور

30-5-2010

اليوم الأحد ، سنكون على الأرجح أمام مشاهد السيطرة الإسرائيلية على سفن الحرية المتجهة صوب ميناء غزة ، والتي اكتملت فصولها من حيث التخطيط والإعداد ، بل وجرى إعلان عنوانها "رياح السماء" وكذلك معظم فصولها الأخرى ، لأننا نفترض أن هناك ما لم يعلن عنه لأهداف أمنية.

 

ليس لدى الإسرائيليين أية نية لتمرير السفن ، والسبب أن الأمر يتجاوز مرور بضع مئات من النشطاء السياسيين إلى قطاع غزة ، ومعهم مساعدات لا تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات ، إذ يعني بكل وضوح وصراحة بداية تحرير الساحل الغزي من السيطرة الإسرائيلية ، بينما نصت اتفاقية المعابر البائسة (2005) على إبقائه رهن تلك السيطرة ، ومعه المعبر البري مع مصر ، وإن تحت سيطرة أقل صلفا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.

 

لو تحرر البحر لكان بوسع قوى المقاومة أن تكون أكثر حرية حتى من حزب الله اللبناني في الحصول على السلاح ، الأمر الذي سيعزز توازن الردع مع العدو ، ولو بقدر ما ، في حين بني الجدار الفولاذي مع مصر من أجل منع تهريب السلاح وما يتبعه من مستلزمات ، أكثر من الاحتياجات المدنية العادية.

 

أول أمس سمحت السلطات المصرية لكاميرا الجزيرة ، للمرة الأولى بالتصوير في معبر "العوجا" أثناء مرور شحنة أغذية من الهلال الأحمر الإماراتي ، وذلك حتى تتأكد الرواية الإسرائيلية حول عدم وجود أزمة إنسانية في القطاع ، وأن كل ما يحتاجه يجري إدخاله ، وهو ما سمعناه مرارا من قبل المتحدثين الإسرائيليين لسائر المحطات والوكالات الأجنبية ، فيما كانت السلطات المصرية قد قدمت عرضا للقائمين على سفن الحرية بالرسو في ميناء العريش والدخول بنفس الطريقة التي مرت بها قافلة شريان الحياة ، الأمر الذي قوبل برفض صريح من قبلهم ، وهو ما دفع تلك السلطات إلى التراجع والقول إن عرضا من هذا النوع لم يقدم.

 

تعرفون بالطبع تفسير هذه المواقف ، ولا حاجة لاستعادته من جديد ، لكن الأمر يستحق التوقف في أي حال ، ومعه سؤال المواقف العربية من مسألة كسر الحصار ، فما قيل عن وجود سفينة من هذا البلد أو ذاك قد يدلّس على الناس ، لأن من فعلوا ذلك نشطاء سياسيين وحزبيين ليسوا تابعين لجهات رسمية.

 

وحدها تركيا التي سكتت على تنظيم الحملة التي تنظم برعاية من "هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية" التابعة لحزب السعادة (الإسلامي) ، لكن أمر التعامل مع السفن سيترك للطرف الإسرائيلي ، وسنرى بعد ذلك ما يستجد من مواقف في التعليق على صلف الصهاينة ، فيما نتوقع أن يكون موقف حكومة أردوغان هو الأفضل.

 

لن نكرر هنا ما يمكن أن يقال بشأن الرجال الذين ركبوا البحر دون خوف من التهديدات الإسرائيلية ، أكانوا عربا ومسلمين ، أم نشطاء أجانب ، ففي هذا العالم العربي والإسلامي ، من يبدون الاستعداد للموت دفاعا عن فلسطين ، وهم بالملايين وليسوا بالمئات ، وما يحول بينهم وبين ذلك معروف للجميع. كما أن في هذا العالم أحرار لا يترددون في نصرة الحق أنى كان من دون خوف ولا تردد.

 

قد لا تصل الحملة الى نهاياتها المأمولة بكسر الحصار بالكامل ، لكن رمزيتها لا تخفى على أحد ، والإسرائيليون مهما حاولوا لن يخفوا أزمتهم في التعاطي مع الشعب الفلسطيني ، ولولا نفر من هذا الشعب لا يملون الحديث عن وفائهم للمفاوضات ورفضهم للمقاومة ، مع عملهم الدؤوب على تخليص الاحتلال من الأعباء السياسية والأمنية والاقتصادية ، لولا هؤلاء لتعززت تلك الأزمة.

 

اليوم الأحد سنتابع على الأرجح مشاهد الصلف الإسرائيلي على الهواء ، فيما يتوعد الغزاة بقطع وسائل الاتصال بين السفن وركابها وبين العالم الخارجي لمنع بث الفضيحة على الهواء ، لكن ذلك لن يحول بيننا وبين معرفة التفاصيل لأن الرواة كثر ، ولأن وسائل التكنولوجيا قد تجد منفذا ما لكشف المستور.

 

سفن الحرية إذن ستعانق الحرية أيا يكن السيناريو المقبل ، تماما كما تمضي فلسطين في طريق الحرية الحتمي ، طال الزمان أم قصر. ويبقى الخزي والعار من نصيب الغزاة ومن يسهلون مهمتهم من أي جنس أو لون.

===========================

العراق وأفغانستان.. خارج الاهتمام الأميركي

فريد حياة

واشنطن بوست الاميركية

الرأي الاردنية

30-5-2010

ربما يمكنك بالكاد أن تعرف، سواء من خلال متابعة الحملات الانتخابية لهذا العام، أو التغطية المكثفة للانتخابات التمهيدية التي جرت الأسبوع الماضي، أن أميركا في حالة حرب.

فهؤلاء الذين سيتم انتخابهم كأعضاء في الكونجرس في نوفمبر المقبل، سيتعين عليهم اتخاذ قرارات مصيرية بشأن استمرار نشر القوات المقاتلة - من عدمه - في العراق وأفغانستان.

مع ذلك فإن ذينك الحربين، والحكمة التي تكمن وراء نشر قوات فيهما، أوسحبها منهما، قد ورد ذكرها بالكاد في الحملات الانتخابية المحتدمة التي جرت في الربيع الحالي.

لتبيان ذلك، يكفينا النظر إلى المواقع الإلكترونية لبعض المرشحين: فالسيناتور»بلانش لينكولن»التي أجبرتها النتيجة التي انتهت إليها الانتخابات، على خوض انتخابات إعادة في انتخابات الحزب الديمقراطية الابتدائية في ولاية أركانسو، أعدت خلال حملتها الانتخابية، قائمة مكونة من 10 بنود، لم يكن من بينها أي بند يتعلق بالدفاع أو الأمن القومي. فتحت البند المعنون ب»قدامى المحاربين والحرس الوطني»، أشارت»لينكولن» إلى الحرب في العراق، ولكنها أغفلت ذكر الحرب في أفغانستان. وبالنسبة لمنافسها نائب الحاكم، في نفس الولاية، السيناتور» بيل هالتر»، جاء موضوع الأمن القومي، وقدامى المحاربين، والمؤسسة العسكرية» في المرتبة الثامنة في قائمة مكونة من عشرة بنود، يبدأها بعبارة «تضم أركنساس عدداً من القواعد العسكرية تعد ذات أهمية حيوية لأمننا القومي». كما أن عبارة»ضمان النجاح في العراق وأفغانستان» هي كل ما أمكنه قوله من منبره هذا، بشأن هاتين الحربين.

أما في ولاية بنسلفانيا، فنجد السيناتور «جو سيستاك» الذي كان قد امتطى عام 2006 موجة معارضة عارمة في الكونجرس ضد حرب العراق، يضع موضوع الدفاع في المرتبة الخامسة في قائمة مكونة من خمس نقاط نشرها على موقعه. ومعظم ما كتبه، حول الدفاع، كان يدور حول «التجهيز السليم، والاعتناء بالقوات، وتطبيق مبدأ المحاسبة في صفقات شراء السلاح». أما منافسه الجمهوري»بات تومي»، فيرى أن الأمن القومي يأتي في المرتبة العاشرة في قائمة مكونة من 10 بنود، ولم يشر بشيء - كما لاحظت - للعراق وأفغانستان.

في زمن فقدان الوظائف، والحجز على المنازل المرهونة، ليس من المستغرب أن تركز السياسة على الاقتصاد أكثر مما تركز على الأمن القومي. قد يتعين علينا، في زمن الحزبية السامة، أن نشعر بالامتنان لمثل هذا النوع من عدم الاهتمام بالحرب، وأن نتخذ من غياب السجال مؤشراً على وجود نوع من الإجماع الحزبي النادر. ومن المؤكد، في هذا الصدد، أن عدداً قليلاً من الناس هم فقط الذين يمكن أن ينسوا ما كان يتسم به السجال حول العراق منذ عدة سنوات، من حدة وشراسة.

يبدو من المحتمل أيضاً، أن يكون الإجماع الحزبي الظاهر، سبباً يخفي ضآلة الدعم، ويخفي قلقاً يتخلل أجنحة الحزبين، ولكن أي من الحزبين، مع ذلك، ولأسباب مختلفة، لا يشعر بالرغبة في استغلال ذلك سياسياً.

وأوباما ينسب إليه الفضل، كما يتعرض للانتقاد في آن، بسبب غياب السجال عن الساحة السياسية الأميركية في الوقت الراهن... وهناك دبلوماسي أوروبي، احترمه كثيراً، يرحب بوقف إطلاق النار السياسي هذا، وينسبه لقدرة أوباما الفذة على إرضاء -في الوقت نفسه- صقور أفغانستان(من خلال زيادة عدد القوات هناك)، وحمائمها(من خلال تحديد موعد لبدء الانسحاب)، وهو ما مكّنه من نزع فتيل الاختلاف بينهما.

بعض المحافظين ينظرون إلى الجانب السلبي لهذا الأمر، ويصرون على انتقاد الرئيس، لأنه لم يكن لديه سوى أقل القليل مما يمكن أن يقوله حول الحرب، منذ أن أعد خطته حولها الخريف الماضي، ولأنه لم يذكر الأميركيين على نحو أكثر تكراراً، بالتضحيات التي تبذلها القوات، والأسباب التي يخوض الجنود الحرب من أجلها هناك. وعلى الرغم من أن أوباما قد عاد إلى «ويست بوينت» يوم الأحد لإلقاء خطاب هناك، إلا أنه لم يظهر نفسه بمظهر»رئيس الحرب»، وهو الشيء الذي يبدو أن الأميركيين قانعون به ف(أوباما، وعلى النقيض من سلفه في المنصب، جورج بوش، لا يتعرض للانتقاد لممارسته هواية الجولف خلال ساعات الراحة من العمل).

إذا توافقت الوقائع والأحداث، فإن شيئاً من هذا كله قد لا يهم كثيراً: فإذا ما شكل العراقيون حكومة جديدة، وبدأت القوات الأميركية في العراق العودة على نحو آمن للوطن.. وإذا أثمرت سياسة زيادة عدد القوات في أفغانستان تقدماً، وإذا لم ترتفع الخسائر الأميركية، فإن الحرب يمكن في تلك الحالة أن تأتي في المرتبة العاشرة من قائمة أولويات سياسية مكونة من عشرة بنود، وسوف تكون هناك بعد ذلك إمكانية لإنجاز المهمة كما هو محدد لها.

ولكن المعضلة، أن الحروب لا تمضي دوماً وفقا ما هو مخطط لها. وإذا ما كان غياب السجال العام، يعكس، ليس توافقا بمعنى الكلمة، وإنما نمطا من المحاولات المؤسفة لتجنب التقاء النظرات، فإن وقوع هجوم كبير على القوات الأميركية، أو إرسال عدد كبير من القوات الإضافية لأفغانستان ينتج ثماراً أبطأ مما كان متوقعاً، هو فقط الذي يمكن أن يحدث تغيراً حاداً وفجائياً في الرأي العام. وفي هذه الحالة، فإن حتى القادة السياسيين الذين يؤمنون بالمهمة، والذين كانوا متغيبين بدون مبرر من ساحة السجال العام، سيجدون صعوبة في إعادته - للرأي العام - لما كان عليه من قبل.

===========================

العرب وحروب المياه القادمة

إبراهيم العبسي

Ibrahim.absi.@yahoo.com

الرأي الاردنية

30-5-2010

بعد ان تخلينا فعليا وعمليا عن معاهدة الدفاع العربي المشترك، وادرنا ظهورنا للتضامن العربي، والعمل العربي المشترك، مثل السوق العربية المشتركة، وسخرنا كثيرا من الدعوات التي ظلت تنادي بالوحدة العربية على اعتبار ان تحقيقها امر يدخل في باب المستحيل، ها نحن نجد انفسنا امام مشهد عربي اكثر من مأساوي، مشهد تبدو فيه الامة ممزقة وضعيفة تنخرها الخلافات والانقسامات والخصومات المعلن منها والمستتر. صحيح ان بعض الدول العربية ادركت ما ينتظرها من اخطار في سيادتها واستقلالها ووجودها فلجأت الى استنهاض مواردها وقواها الذاتية لتصليب موقفها والنأي بنفسها عن الاخطار الخارجية، لكنها لم تنجح، ولن تنجح، فالهجمة الامبريالية الصهيونية اقوى بكثير من ان تصدها دولة محدودة الموارد والامكانيات مهما بلغت مواردها وامكانياتها وعلاقاتها. فبعد اغتيال العراق وتدمير منجزاته المادية العسكرية والاقتصادية ونشر الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية على يد الامبريالية الاميركية وبتحريض هائل من اسرائيل، بدأ المشهد العربي في التفسخ، اذ انفجرت الحرب الاهلية في الصومال، واتخذت الحروب القائمة في السودان سواء في دارفور او في الجنوب منحى اكثر خطورة يتهدد بتمزيق السودان وانفصال مكوناته الجغرافية والديمغرافية، اما اللوحة الفلسطينية التي ظلت متماسكة حتى ما بعد رحيل عرفات بقليل، فلم تلبث ان تحولت الى كارثة حقيقية، لا سيما بعد العدوان الاجرامي على قطاع غزة وفرض الحصار الإسرائيلي عليه. اما العدوان الصهيوني على لبنان فحدث ولا حرج اذ استباح هذا العدوان الوحشي كل شيء في لبنان، فدمر بنيته التحتية وتركها خرابا، وليس صدفة بعد ذلك ان انفجرت الحرب في اليمن لتعيد هذا البلد الى ما قبل عصور التخلف بضربها لوحدته الوطنية واعادة تقسيمه ونشر الفتنة الطائفية بين اهله، ومع ذلك، ورغم ذلك لم نشهد تحركا عربيا جادا ومسؤولا غير التحرك التقليدي العاجز، لانتشال ما تواجهه هذه المكونات الاساسية للأمة من الخراب والدمار، والحيلولة بينها وبين التدخلات الاستعمارية والصهيونية الجديدة.

 

وها نحن نشهد اليوم تهديدا غير مسبوق لاكبر دولتين عربيتين هما مصر والسودان من اثيوبيا البلد الذي يقال انه من ألد أعداء العرب والعروبة. فبمساعدة محمومة من اسرائيل، مساعدة بلا حدود، عقدت اثيوبيا «حلفا مائيا» بين دول منابع النيل وهي اوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا وبوروندي والكونغو ضد دول المصب وهي مصر والسودان بقصد حرمان هاتين الدولتين حتى من مياه الشرب، ناهيك عن الاغراض الزراعية والصناعية. وحتى تؤكد اثيوبيا عداءها للعرب قامت باشادة سد مائي هائل على الهضبة الاثيوبية بمساعدة من اسرائيل طبعا لتعطيش السودان ومصر، ومنعهما من الري الا وفق شوط مذلة.

 

واذا ما استعرضنا التاريخ القريب والبعيد نكتشف ان سرقات لا حدود لها جرت للمياه العربية في الاردن وفلسطين ولبنان والعراق وسوريا، ولا تهدف كلها الا الى تعطيش العرب وتحويل بلدانهم الى صحار، وتدمير كل محاولات النهوض لديهم، وارغامهم على ممارسة دور الاستجداء من اجل استمرار حياتهم. وبالطبع تقف اسرائيل بشكل مباشر او غير مباشر وراء هذه السرقات.

وبعد، هل نحن بحاجة الى استنهاض هذه الامة بعد ان وصل نصل السيف الى الحلقوم!!

هل نحن بحاجة الى من يذكر ولاة الامر فينا الى اننا نتعرض لحروب جديدة اسمها حروب المياه، كيما نحافظ على وجودنا واستقلالنا وسيادتنا وحضارتنا ان ما يحدث لا يحتمل التأخير فعلى تصرفاتنا تعتمد مصائرنا، نكون او لا نكون، ونحن بالطبع سنكون اذا ما استعدنا ايماننا بوحدتنا وقوميتنا ومصيرنا المشترك.

===========================

غزة.. اذ تقاوم الحصار والنسيان

نصوح المجالي

الرأي الاردنية

30-5-2010

ليس اخطر على غزة واهلها المحاصرين منذ ثلاث سنوات الاَّ النسيان, ان ينسى العرب والعالم مأساة مدينة وقطاع يضم قرابة مليونين من البشر, تمنع عنهم متطلبات الحياة الضرورية, ومتطلبات الاعمار, بعد حرب غاشمة ادان العالم فيها اسرائيل بالوحشية, وارتكاب جرائم حرب يندى لها جبين الانسانية..

 

الحصار, موقف سياسي مناف للشرائع الانسانية والساكت عليه مشارك فيه, فكيف اذا كانت اطراف اخرى تساهم في فرض احزمة اضافية من الحصار على شعب غزة لتجفف وتقطع المسالك القليلة التي تنعش الحياة في غزة..

 

ثماني سفن من عدة دول تلتقي الان في عرض البحر قبالة قبرص, تحت عنوان اسطول الحرية, تلعب فيها تركيا دوراً مميزاً, تتحرك باتجاه غزة, رغم احتمالات المنع والمواجهة مع القوة البحرية الاسرائيلية التي تحاصر غزة من البحر لتلفت انتباه العالم الى التجاوز الخطير الذي تمارسه اسرائيل المحتلة على حقوق الانسان وحق العيش والحرية, والكرامة الوطنية, في غزة المحاصرة وفي سائر انحاء الارض الفلسطينية والعربية المحتلة.

 

ويأتي الصمت الدولي او تناسي مأساة غزة وتركها تحت الحصار وكأنه ترخيص لاجراءات الاحتلال, وسكوت عنها على ما فيها من مخالفة صريحة للقوانين الدولية, اذا كانت الامم المتحدة تحذر من عدم كفاية المواد التي تصل عبر المعابر التقليدية, وعدم تلبيتها لأبسط احتياجات العيش والاعمار, فلماذا لا تقود الامم المتحدة بالتعاون مع الدول الراغبة في مساعدة اهل غزة, حملة متواصلة لايصال المواد الاساسية والضرورية الى قطاع غزة, ولماذا تبدو اسرائيل عصية على الادانة المشفوعة بالعقاب الرادع, ولماذا يتهاون العالم الذي يسمي نفسه بالحر في حقوق الانسان الفلسطيني في الارض المحتلة, ويتناسى المبادئ التي ينادي بها في العالم الحر حتى لا يوجه الادانة الصريحة لاسرائيل.

المؤلم، ان حجم المشاركة العربية في حصار غزة اكبر من حجم المشاركة العربية في قافلة اسطول الحرية، فهناك سفينتان عربيتان، فقط تشاركان في الحملة، ولا يشكو العرب من قلة الامكانات لكن من قلة التعاطف مع حماس وقلة الارادة والتضامن.

فكسر الحصار لا يمكن ان يتم الا بموقف عربي قوي متضامن، يرفض مبدأ الحصار من اساسه على الشعوب، فحصار العراق ادى في النهاية الى انهياره، وكثيرون من العرب حاصروا العراق سنوات طويلة، وها هم يحصدون النتائج.

الايام القليلة القادمة، ستشهد اختباراً للارادة الدولية، ولارادة اهل غزة لكسر الحصار الظالم على غزة، وكالعادة سيشارك العرب بوسائل الاعلام لوصف ما يحدث.

قد تكون البادرة العربية الوحيدة التي لها مغزى سماح السلطات المصرية للقافلة، اذا منعت من الوصول، العبور الى غزة عبر ميناء العريش، ربما لحل الازمة، او لتفادي الاحراج السياسي المترتب على منع السفن من الوصول الى غزة.

الامر الذي نتمنى ان يتحول الى سياسة مصرية ثابتة حتى لو ادى الامر ان تشارك الامم المتحدة بالرقابة على ما يدخل الى غزة، لطمأنة الرأي العام الدولي وحفزه على تقديم العون والمساعدة لمساعدة غزة على الاعمار والنهوض وكسر للحصار الجائر عليها.

تركيا التي استعادت دورها الطبيعي في التواصل مع عمقها في المشرق، وانتمائها الى العالم الاسلامي تمد دورها في الفراغ العربي، وتسجل النجاح تلو الاخر، والعرب ينتظرون الفرج من الآخرين، تلك هي السمة السياسية لهذه الحقبة التي يغيب فيها العرب ويحضر الآخرون بقوة.

===========================

الملف الإيراني...العقوبات والدبلوماسية معاً!

بقلم توني كارن‏

مجلة تايم الأميركية

ترجمة

الأحد 30-5-2010م

ترجمة : ليندا سكوتي

الثورة

صرح سفير الصين لدى الأمم المتحدة أن الهدف الرئيس من فرض العقوبات على إيران هو إعادتها إلى طاولة المفاوضات، وأعرب عن موافقة بلاده ودعمها لعملية تبادل اليورانيوم التي تم الاتفاق بشأنها مع البرازيل وتركيا،

ويبدو أن هذا التأييد لموقفين متباينين قد جاء نتيجة لتمكن إدارة أوباما من إقناع الصين بوجهة نظرها من حيث كون العقوبات عملية مكملة لأي تسوية دبلوماسية وبإمكانية دمج عملية الضغوط التأديبية والتحرك الدبلوماسي معاً.‏

يبدو أن الولايات المتحدة باشرت بوضع العراقيل أمام اتفاقية تدعمها كل من تركيا والبرازيل، على الرغم من أنها حظيت بمباركة من إدارة أوباما التي سبق لها أن تقدمت بمقترحات لاتفاقية مماثلة رفضتها إيران في شهر تشرين الأول من العام الفائت، وتراجعت عنها واشنطن، وتقدمت بدلاً منها بمجموعة جديدة من العقوبات.‏

وربما جاء اقتراح تشديد العقوبات إرضاء للكابيتول هيل الذي دأب على توجيه الانتقادات إلى إدارة أوباما في معالجتها للملف النووي، وفي هذا السياق قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في السابع عشر من الشهر الجاري: «إن العقوبات المقترحة ستكون ذات فعالية تدعم الجهود المبذولة في الآونة الأخيرة».‏

إلا أن المسؤولين الأتراك قد أبدوا امتعاضهم من تصريح كلينتون، وقالوا: إن الولايات المتحدة كانت على علم بما تعهدت به إيران، وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو يوم الثلاثاء الماضي: إن كلينتون ومستشار الأمن القومي جيمس جونز كانا على اتصال دائم معنا، وإن الرئيس أوباما قد شجع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في شهر نيسان على حث إيران لقبول صفقة تبادل الوقود التي سبق أن تم عرضها في شهر تشرين الأول.‏

ويبدو أن إيران قد استجابت لهذا الأمر بموافقتها على نقل 1200 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب إلى الخارج ضمن شحنة واحدة مقابل حصولها على كمية من الوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعل للأبحاث الطبية لديها.‏

صرح داود اوغلو في مطلع الأسبوع الماضي: إن مايريده الأميركيون هو إجراء عملية التبادل، وقمنا بواجبنا في هذا المضمار، واستطرد: قالوا لنا في حال تقديم إيران 1200 كلغ من اليورانيوم دون شروط فإن ذلك سيخلق أجواء من الثقة معها، لكنه بتقديرنا إن تلك الثقة لن تستمر إن قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بفرض عقوبات جديدة، وستواجه ردود أفعال من الدول النامية إن اتخذت إجراءات أخرى بحق طهران.‏

انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية بي جي كرولي الاتفاق الإيراني- التركي - البرازيلي لأنه لم يبدد القلق الذي يكتنف المجموعة الدولية،وهو ما يطلبه مجلس الأمن منها، لكن كلام كرولي هذا في غير محله، لأن صفقة تبادل الوقود قد عرضت من قبل إدارة أوباما في شهر تشرين الأول، وإن الاتفاقية قد لقيت في الوقت الحاضر تأييداً من كبار المسؤولين الإيرانيين اعتباراً من القائد الأعلى آية الله علي خامنئي إلى أغلبية أعضاء البرلمان وبعض الشخصيات الرئيسة في الحركة الإصلاحية.‏

هددت إيران بأنها ستنسحب من الاتفاقية التي عقدتها مع تركيا والبرازيل في حال بقاء العقوبات مطروحة على بساط البحث في مجلس الأمن.‏

علماً بأن كلاً من البرازيل وتركيا وكلاهما من أعضاء مجلس الأمن قد أبديا استياءهما من الرد الأميركي وأعربا عن رفضهما أمر مناقشة عقوبات جديدة لكن يبدو بأن روسيا والصين يؤيدان المسارين معاً،فهما قد أيدا صفقة التبادل النووي، وشجعا إيران على تقديم رسالة خطية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا الشأن ، في الحين الذي نجدهما يؤيدان فرض العقوبات عليها يبدو أن موافقة روسيا والصين على فرض العقوبات المقترحة من قبل واشنطن جاء نتيجة لتمسك إيران بتخصيب اليورانيوم إلى نسبة تزيد عن 20٪ ،الأمر الذي يمكنها من تصنيع السلاح النووي حتى ولو تم تبادل الوقود.‏

وترى الدولتان بأنه في حال عدم تراجع إيران عن موقفها فإنهما سيؤيدان فرض العقوبات لأنهما يعتقدان بأنه ليس ثمة سبب سلمي لقيام إيران بتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى.‏

إن تأكيد الولايات المتحدة على فرض العقوبات قد يمثل رد واشنطن على استراتيجية إيران في التفاوض التي ماانفكت عن زيادة احتياطها من المادة النووية.‏

وفي واقع الأمر، فقد سبق لإيران أن علقت عملية التخصيب في أواخر عام 2003 تنفيذاً للشرط المسبق الذي وضعه الاتحاد الأوروبي لكنها لم تتلق أي حوافز للاستمرار به، الأمر الذي دعاها في عام 2005 إلى إعادة نشاطاتها في التخصيب تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تولت تلك المهمة، ويبدو بأن الأميركيين قد أصبحت لديهم القناعة بأن للعقوبات دوراً فعالاً بدا واضحاً في الاتفاق مع تركيا والبرازيل، بينما يرى الإيرانيون بأن عودتهم للتخصيب جعل الغرب يقدم الكثير من التنازلات.‏

وبذلك نرى أن كلاً من الجانبين يعمل في مساره، ويستخدم مختلف السبل للتغلب على الآخر دبلوماسياً، حيث نجد أن الولايات المتحدة تطمح إلى إعداد جبهة موحدة من أعضاء مجلس الأمن بهدف إقرار العقوبات المشددة المقترحة من الكابيتول هيل، لكنه بتقديرنا نرى أن إيران لو سارت بخطوات جدية لتطبيق الاتفاقية التركية -البرازيلية فإن الضغوط ستتزايد على الولايات المتحدة من قبل روسيا والصين لاتباع موقف إيجابي منها.‏

يتربص كل طرف بالآخر،حيث تصر الولايات المتحدة على تخلي إيران عن تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، الأمر الذي يرفضه الإيرانيون بشكل قاطع، أما بالنسبة لروسيا والصين فهما ترغبان منها تبديد هواجس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي لكنهما لايعارضان حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية ويبدو بأن إيران ستسعى للنفاذ بين توجهات كل منهما.‏

===========================

سلاح أميركي غامض يثير مخاوف روسيا

بقلم :ليونيد ألكسندروفتش

البيان

30-5-2010

أثار إطلاق سلاح الجو الأميركي يوم الخميس 22 أبريل الماضي مركبة جديدة وصفتها وسائل إعلام بالغامضة تحمل اسم «X-37B OTV» وتعرف ب«طائرة الفضاء»، الكثير من الجدل في الأوساط الأمنية والعلمية، وذلك بسبب ندرة المعلومات المتوفرة حول طبيعة المركبة وقدراتها والأهداف التي دفعت واشنطن لتطويرها، كما أثارت هذه المركبة قلقاً وشكوكاً كثيرة لدى موسكو التي لم تكن لديها معلومات عنها.

 

وبينما قال البعض إنها مقدمة لتصنيع طائرات فائقة السرعة أو لإعداد جيل جديد من المركبات القادرة على الحلول محل برنامج «مكوك الفضاء» الحالي، حذرت أوساط من إمكانية أن تكون «طائرة الفضاء» عبارة عن سلاح سري جديد يمكنه توجيه ضربات إلى أهداف على الأرض بسرعة فائقة.

 

وقالت مديرة «مؤسسة أمن العالم» فيكتوريا سامسون «هناك قلق كبير حيال هذه المركبة وإمكانية أن تكون قادرة على تدمير الأقمار الصناعية للدول المعادية، أو قابلة للاستخدام كأداة للرد السريع بسبب سرعتها في الوصول للأماكن المستهدفة حول العالم».

 

من جانبه، نفى وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون أبحاث الفضاء غاري بيتن هذه التقارير، وقال إن المركبة لا تدخل ضمن ما يعرف ب«برامج التسليح الفضائية»، واعتبر أن الأمر لا يعدو إنتاج مركبات صغيرة الحجم وقادرة على أداء نفس دور مكوك الفضاء.

 

أما مدير برنامج تطوير الإمكانيات الفضائية في سلاح الجو الأميركي ديفيد هاملتون فقد أكد أن المركبة الجديدة «ستحدث ثورة في مجال أسلوب تعامل سلاح الجو مع الفضاء، وذلك من خلال توفير إمكانية غزوه باستخدام نقالات تشبه الطائرات»، مثل «X-37B OTV».

 

وأضاف هاملتون أن هذه المركبة هي أول منتج فضائي أميركي قادر على ارتياد الفضاء والعودة منه. ورفض الكشف عن سعر هذه المركبة أو قيمة برنامج تطويرها، علما بأنها من تصميم شركة «بوينغ».

 

وجرى نقل المركبة للفضاء باستخدام صاروخ، في مهمة تجريبية انطلقت من قاعدة «كيب كانافيرال» بولاية فلوريدا، لاختبار أنظمة التوجيه وأنظمة أخرى فيها، ولم يكشف عن الفترة التي ستقضيها في الفضاء أو موعد عودتها.

 

وقد أعلن أن هذه المركبة قادرة على البقاء في الفضاء لمدة 270 يوما دون توقف، وهي تشبه من حيث الشكل الخارجي المكوك العادي، ولكنها أصغر حجما بكثير، وتنفذ هذه الرحلة بدون ركاب.

 

وحسب المعلومات التي توصل إليها الخبراء الروس فإن ما يسمى X-37B يشبه النموذج المصغر لمكوك الفضاء الروسي «بوران» أو مكوك الفضاء الأميركي «شاتل»، ويبلغ طوله 9 .8 أمتار ويزن 5 أطنان. ويستطيع أن يحمل معه ما لا يزيد وزنه على 300-400 كيلوغرام، وهذا يعني، برأي الخبراء، أنه لا يمكن استخدام هذا الجهاز كقاذفة حربية.

 

لاسيما وأنه لا يستطيع الهبوط إلى الارتفاع المنخفض المناسب لإلقاء القنابل، فهو لا يستطيع الهبوط إلى ارتفاع يقل عن 150 كيلومترا. كما أنه لا يقدر على الاستيلاء على أقمار الآخرين الصناعية العسكرية، وإن كان بمقدوره تفتيش الأقمار الصناعية وإلحاق أضرار بها، ولكنه لا يقدر في أية حال على الإفلات من عيون المراقبة والتهرب بالتالي من المساءلة المستقبلية ومحاسبة مالكه.

 

ويُفترض أن تستطيع هذه المركبة الغامضة أن تحمل أقمارا صناعية صغيرة جدا إلى مدار في الفضاء، وتستطيع تزويد أقمار التجسس الصناعية العاملة بالوقود، وتستطيع التقاط صور للمنشآت الهامة والعودة بها إلى الأرض بسرعة.

 

وقد أعلن في الدوائر العسكرية الروسية أن روسيا تقوم بإعداد الوسائط الكفيلة بإبطال مفعول الطائرة الأميركية الغامضة، فضلاً عن أنها تحتفظ بما صنعه الاتحاد السوفييتي من أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، مشيرا إلى أن تدمير شيء ما في الفضاء باستخدام الوسائل الأرضية أمر أيسر من توجيه الضربة القاضية إليها من الفضاء.

 

ولم تعلن شركة «بوينغ» التي صنعت هذه الطائرة عن الأغراض التي ستستخدم فيها. ورجحت مصادر روسية أن تكون الطائرة الفضائية الأميركية خصصت لضرب أهداف الأرضية.

 

هناك رأي آخر في روسيا يرى أن هذه المركبة ما هي إلا خدعة أميركية لجر روسيا لسباق تسلح في الفضاء باهظ التكاليف وشبيه ببرنامج حرب النجوم في عهد الرئيس الأسبق ريجان. أياً كان الأمر فإن روسيا مازالت تتعامل مع جميع الاحتمالات حتى تتكشف لها حقيقة المركبة الفضائية الأميركية الغامضة.

كاتب روسي

===========================

أزمة النيل وأزمة السودان

بقلم :ناصيف حتي

البيان

30-5-2010

كأن الشرق الأوسط لا تكفيه أزماته المستعصية، والتي استقرت في المشهد الجيو سياسي في المنطقة من الملف الإيراني إلى الملف العراقي إلى القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي حتى تظهر بوادر أزمة مركبة ومتداخلة ومترابطة وشديدة التعقيد: أزمة بدأت ملامحها في التكون في منطقة التماس العربي الإفريقي: أزمة النيل أو صدام دولة المصب «مصر» ودولة الممر «السودان» ودول المنبع السبع، وهي تنزانيا وأوغندا ورواندا وإثيوبيا وكينيا والكونغو وبوروندي، وأزمة مستقبل السودان كدولة موحدة مع احتمال حصول الطلاق الجنوبي مع الاستفتاء المنتظر قيامه في شهر يناير المقبل.

 

بعد عشر سنوات تقريبا من المفاوضات انتهت في فشل الجولة الثالثة في منتصف ابريل في شرم الشيخ قررت دول المنبع توقيع اتفاق إطاري جديد لتوزيع مياه النيل متراجعة بذلك عن الاتفاقيتين اللتين نظمتا مسألة مياه النيل (اتفاقيتي 1959،1929) قررتا ذلك بشكل أحادي رغم المعارضة الشديدة من مصر والسودان مع التذكير أن 95% من المياه التي تستقلها مصر مصدرها النيل.

 

من جهة مصر تقول إن القوانين التي تنظم الأنهار الدولية لا تسمح بأي تعديل أحادي للاتفاقيات المتعلقة بهذه الأنهر، وتدعو للحوار والتوصل إلى تفاهم وتستند في موقفها إلى القانون الدولي بشكل خاص فيما ترفض دول المنبع ذلك الأمر وتهاجم ما تسميه اتفاقيات «استعمارية» وتقول انه لا يمكن الرجوع إلى الوراء.

 

هنالك جملة من العوامل والعناصر التي صنعت هذه الأزمة ولو أن البعض هنا وهناك قد يبرز كليا عنصرا على حساب العناصر الأخرى: أول هذه العناصر تراجع الاهتمام المصري .

 

وبالتالي ثقل الدور المصري في القارة الإفريقية بعد أن بلغ أوجه في الستينات مع المد الناصري واستمر في السبعينات. تراجع الاهتمام المصري في نهاية السبعينات وإعادة صياغة الأولويات المصرية الدولية افقد مصر الكثير من أوراقها الإفريقية وأدى إلى خسارة هذه العلاقات لخصوصياتها وحرارتها.

 

ثاني هذه العناصر التحولات الاستراتيجية والعقائدية على الصعيدين الدولي والإقليمي التي حصلت بعد انتهاء مرحلة الاستعمار والنضال الوطني للتحرر وقيام الدولة الإفريقية المستقلة وتراجع وسقوط الإيديولوجيات العالمثالثية التي ساهمت في تعزيز هذه العلاقات وفي إعطائها شحنة عاطفية وسياسية قوية، لكن لا يمكن لأي علاقات أن تستمر وتحافظ على خصوصياتها على أساس عنصري الإرث التاريخي والرومانسية الثورية بل هي بحاجة لبوصلة ولمضمون جديد.

 

ثالث هذه العناصر الدور الإسرائيلي الناشط في إفريقيا الذي كان من ابرز محطاته زيارة وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان إلى إثيوبيا ودول افريقية أخرى في سبتمبر الماضي على رأس وفد من رجال الأعمال وخبراء الزراعة والمياه بغية المساعدة في إنشاء السدود كما هي الحال الإثيوبية.

 

وتأتي السياسة الإسرائيلية في إطار استراتيجية تهدف لمحاصرة العالم العربي وبالأخص الدور المصري بعد الخسارة الفادحة التي أصابت إسرائيل بفقدها نقطتي ارتكاز أساسية في سياسة الاحتواء في المنطقة الآسيوية هما إيران وتركيا.

 

رابعا، سياسات ضغوط ناشطة مصدرها بعض دول المنبع وموجهة بشكل خاص ضد مصر إحدى القوى الأساسية الإقليمية في إفريقيا في لعبة بناء النفوذ وتعزيزه في القارة السمراء وهذه السياسات تتقاطع أحيانا مع سياسات دولية فاعلة على الصعيدين الإفريقي والشرق أوسطي.

 

خامس هذه العناصر تبلور مصالح وتحديات جديدة عند دول المنبع تدفعها لبلورة سياسات تنموية زراعية وغيرها تستدعي بناء السدود وبالتالي محاولة إعادة النظر في اتفاقيات تعتبر أنها صيغت ضمن موازين قوى معينة، وفي ظروف معينة لم تعد قائمة لا بل إن الظروف قد تغيرت ومعها أيضا موازين القوى.

 

أما في الحالة السودانية بعدما صارت حروب السودان الداخلية جزءا راسخا ومستقرا في الصورة السودانية، فكل المؤشرات تدل أن «الطلاق» سيحصل في يناير المقبل بعد الاستفتاء المنتظر، وان لهذا الطلاق تداعيات داخلية سودانية شديدة تتعلق بمستقبل انتماء بعض الولايات القريبة للجنوب وتهدد بانفراط العقد السوداني.

 

ويقول في هذا الصدد نائب والي جنوب كردفان وعضو المكتب السياسي للحركة الشعبية بان مصير شمال السودان قد يكون مثل يوغسلافيا حال انفصال الجنوب، مع التذكير أيضا أن الدولة الجديدة فيما لو قامت ستقف في مصاف دول المنبع باعتبار أنها تحوي بحر الغزال إحدى مصادر النيل.

 

وتعارض مصر بشدة انفصال جنوب السودان نتيجة مخاطر ذلك على أمنها القومي، وفيما لو حصل هذا الانفصال فسيؤدي إلى تكريس سقوط مبدأ أساسي حاكم للعلاقات الإفريقية - الإفريقية منذ نشأة منظمة الوحدة الإفريقية وقوامه عدم جواز المس بالحدود التي رسمها الاستعمار لأن ذلك يدخل إفريقيا في حالة من البلقنة الكبيرة.

 

فالأزمتان متداخلتان وتؤثران ليس فقط في الفضاء الاستراتيجي الإفريقي بل العربي الشرق أوسطي أيضا، ولا يكفي الاكتفاء بسياسات التهدئة رغم أهمية هذه وبدبلوماسية الاتصالات والطمأنة المتبادلة، فالمطلوب مقاربة مختلفة للملفين المترابطين في هذه الأزمة التي تتكون عناصر التفجير فيها بقوة.

 

من المطلوب على سبيل المثال التحول المصري من منطق تقاسم مياه النيل إلى منطق يقوم على الشراكة التي تتخطى مسألة المياه لتبحث في بلورة مشاريع تنموية متعددة الأطراف تستند ضمن أمور أخرى على المياه يستدعي الأمر أيضا ترشيد استعمال المياه والبحث عن مصادر بديلة للمياه في مصر ومعالجة مشكلة النمو السكاني ضمن أمور أخرى.

 

لكن المطلوب «عودة» عربية إلى إفريقيا ليس من نوع العودة الموسمية والاكتفاء بدبلوماسية القمم بل عودة تنطلق من بلورة استراتيجية افريقية للعرب تقوم على إعادة صياغة العلاقات العربية الإفريقية وتأسيسها على المصالح المشتركة الاقتصادية والتنموية، وعلى بلورة سياسات مشتركة باعتبار أن الإقليمين ينتميان إلى العالم النامي على الصعيد الدولي.

 

وحدها سياسات من هذا النوع تندرج في استراتيجية كبيرة و شاملة في أبعادها تسمح بإنقاذ وحدة السودان وبإعادة وصل ما انقطع في منطقة التماس العربي الإفريقي وخلق علاقات تعاون وشراكة. تحد كبير يواجه العرب في لحظة صعبة وحرجة جدا على الصعيد العربي ولكنه غير مستحيل إذا ما تذكرنا أن للجميع مصلحة في صياغة علاقات شراكة عربية افريقية ذات مضمون تعاوني راسخ وواضح.

كاتب لبناني

===========================

قانون الحرب والسلام

آخر تحديث:الأحد ,30/05/2010

ناجي صادق شراب

الخليج

العلاقات بين الدول على مدار تاريخ العلاقات الدولية في كل مراحلها كانت تحكمها وما زالت ثنائية الحرب والسلام، حرب تليها اتفاقات سلام وتسويات سياسية تحقق المصالح المشتركة للجميع في البقاء والاستقرار . ولعل السبب الرئيس الذي يكمن وراء استمرار هذين القانونين وعدم قدرة أحدهما على إلغاء الآخر هو تنامي ظاهرة الدولة القومية، وعلى خلاف التنبؤ بزوالها، فظاهرة الأمة القومية تتزايد واليوم لدينا أكثر من مائتي دولة أمة، وهو ما يعني أن لدينا مائتي مصلحة قومية، ومثلها أمن قومي، ما يعني استمرار معضلة الأمن التي تحكم السلوك السياسي لجميع الدول، وهي التي تقف وراء ظاهرة الحروب المستمرة في العلاقات الدولية واستمرار المنازعات الدولية التي تسعى الدول من خلالها إلى تحقيق مكاسب في دعم قوتها، وبعضها يتعلق بالطموحات القومية للدول ومكانتها وهيبتها بين الدول، أو سعياً لمكاسب اقتصادية أو التحكم في منافذ استراتيجية، أو للحيلولة دون تبدل وتغير في موازين القوى الإقليمية التي تحكم أدوار ومكانة الدول المسيطرة المتحكمه والمؤثرة، وهذا ما يفسر لنا مثلاً لماذا المنطقة العربية والشرق الأوسط منطقتا حرب وصراع وتنافس إقليمي ودولي . وتتجلى صورها اليوم في الملف النووي الإيراني، وإرهاصات الحرب التي تلوح في سماء المنطقة .

 

وهكذا فإن للحرب قانونها الذي يرتبط بموازين القوة وفي الإنفاق العسكري الضخم الذي تخصصه كل الدول حتى الفقيرة منها على حساب تنمية ورخاء شعوبها .

 

ولا يمكن تصور علاقات دولية بحالة حرب دائمة ومستمرة، وإلا انتفت المبررات لوجود العديد من الدول، ولانتهى العنصر البشري منذ وقت طويل .

 

تستمد نظرية القوة وقانون الحرب أهميتهما وتأثيرهما من استمرار ظاهرة الدولة القومية التي تسعى إلى امتلاك عناصر القوة والتحكم في محيطها الخارجي . وتقوم نظرية القوة التي تفسرلنا قانون الحرب على فكرة جوهرية ملخصها: أن الإنسان ينزع للشر والخطيئة وامتلاك القوة . وأن الإنسان ليس مجبولاً على حب الخير والفضيلة، ان الاخلاق لا تؤدي دوراً في المنازعات الدولية . فالسياسة لدى أنصار هذه النظرية ليست وظيفتها الأخلاق، وكما يقول فردريك شومان في دراسة له عام ،1933 أنه في ظل نظام دولي يفتقد غياب الحكومة المشتركة، تسعى كل دولة إلى ضمان أمنها على قوتها الذاتية، وتنظر بشك وقلق إلى قوة الدول المجاورة لها . وكما يقول مورغانثو أحد أنصار هذه المدرسة أن السياسة ككل صراع على القوة، وبالتالي تصبح القوة غاية ووسيلة في آن واحد، وتسعى للسيطرة على الآخرين بمواردهم وعقولهم . هذه النظرية وهذا القانون يجد جذوره في العديد من المكتبات التاريخية، ويتجسد اليوم فيما يعرف بالمحافظين القدامى والجدد، والذين يؤمنون بالقوة كوسيلة أحادية في تحقيق مصالح الدول . والخطورة في هذا التيار أنه يتحكم في مراكز صنع القرار الدولي في الدول الكبيرة أو ما تسمى بدول القوة . وتتجسد أيضاً في الجنرالات والقادة العسكريين، وفي المؤسسات العسكرية الضخمة، وفي الميزانيات الضخمة التي تخصصها الدول لدعم نفقاتها العسكرية . وكما يقول مورغانثو إن القائد السياسي يفكر دائماً وفقاً للمصلحة التي هي القوة والتي تقف وراء قانون الحرب المستمر والدائم بديمومة هذه المصلحة . لكن تبقى في النهاية معضلة العلاقات الدولية متأرجحة بين قانوني الحرب والسلام، والغلبة والأولوية دائماً لقانون الحرب . وبهذا فإن خيار الحرب الذي تلوح أفقه في المنطقة لا يمكن استبعاده كواحد من أقوى الخيارات المتاحة . . ويبقى التساؤل هل يمكن تجنب هذا الخيار؟

* أكاديمي وكاتب عربي

===========================

روسيا وسياسة الغموض في الشرق الأوسط

آخر تحديث:الأحد ,30/05/2010

غسان العزي

الخليج

يبدو أن السياسة التي انتهجها الرئيس باراك أوباما مع موسكو تسير في اتجاه قطف ثمارها لاسيما بعد إلغائه مشروع الدروع الواقية من الصواريخ وتوقيعه معاهدة “ستارت 2” . وإذا استمرت العلاقة الروسية-الأمريكية في التحسن فالخاسر الأكبر سيكون إيران على الأرجح، وهذا ما يتبدى من خلال الموقف الروسي الموافق على العقوبات الأمريكية المزمعة على طهران من خلال مجلس الأمن الدولي . ففي 27 إبريل/نيسان الماضي وقع الرئيس ديمتري ميدفيديف مع رئيس الوزراء الفنلندي جينز ستولتنبرغ إعلاناً مشتركاً في أوسلو يطالب طهران بالتصرف ب “مزيد من المسؤولية” و”القيام بالمزيد من الجهود من أجل الاستحواذ على ثقة المجموعة الدولية” في ما يتعلق بملفها النووي، قبل أن يضيف وزير الخارجية الروسي بعد ذلك أن الاتفاق الإيراني- التركي- البرازيلي ليس كافياً في هذا المجال، بمعنى أنه ينضم للتفسير الأمريكي له .

 

والحال أن روسيا لم تدعم البرنامج النووي الإيراني بشكل علني في يوم من الأيام، بل إنها صوتت الى جانب العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على طهران حتى اليوم، وإن أسهمت بالتخفيف منها . لكن الوضوح الذي تبديه اليوم جديد بالمقارنة بسياسة الغموض التي تتبعها منذ سنوات والتي لا تتوقف عند الشأن الإيراني بل تطال كل قضايا الشرق الأوسط . فهي تبحث مع سوريا وإيران بيعهما صواريخ وأنظمة دفاعية متطورة وفي الوقت نفسه تشترك مع “إسرائيل” ببرامج صناعات تكنولوجية وتعاون عسكري وتستقبل وفوداً من حركة حماس .

 

لقد سعى بوتين إلى استعادة مركز بلاده كقوة عظمى دولية، ساعده في ذلك ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية . وقد اتبع عدة استراتيجيات لتحقيق هدفه . في الشرق الأوسط عملت روسيا كقوة إزعاج وإعاقة للمشاريع الأمريكية . أما في محيطها المباشر فلم تتردد في استخدام القوة العسكرية كما في العام 2008 ضد جورجيا والضغوط الاقتصادية عندما توقف شحن الغاز والنفط الى بعض الدول المجاورة . ومع إيران ذهبت الى حدود دعم برنامجها النووي عملياً وحمايته من الضغوط الغربية عبر الاعتراض على العقوبات قبل التفاوض بشأنها ثم الموافقة عليها مخففة بعد أن تكون قد ابتزت إيران (كما فعلت بخصوص التردد بتزويد مفاعل بوشهر بالماء الثقيل) . وثمة ثلاثة عناصر تسمح بفهم السياسة الروسية في الشرق الأوسط:

 

أولها ضمان وحدة الأراضي الروسية، وهذا ما فعله بوتين عندما استخدم القوة العسكرية في الشيشان وصولاً الى ارتكاب أبشع المجازر هناك في سبيل تحقيق هدفه بوضع حد للحركات المعارضة في شمالي القوقاز . لا تشعر الفيدرالية الروسية بالثقة بنفسها التي كانت لدى السلطة الشيوعية لجهة السيطرة على الإمبراطورية المترامية الأطراف، لذلك تركز الجهد على المحيط المباشر(أوكرانيا وروسيا البيضاء وآسيا الوسطى وجنوبي القوقاز وجورجيا) وعلى الجمهوريات الانفصالية مثل الشيشان، وذلك على حساب الجيوبوليتيك الأبعد، ومنه الشرق الأوسط . وهي عندما تبدي اهتماماً بالعالم الإسلامي، والشرق الأوسط على وجه الخصوص، فهي تأخذ في الاعتبار مشاكلها الداخلية لاسيما مع الإسلام الروسي تحديداً وإسلام الجمهوريات القريبة المجاورة .

 

تقرّب بوتين من العالم الإسلامي هدف إلى إقناع الدول الإسلامية بوضع حد للدعم المعنوي والمادي الذي تقدمه منذ وقت طويل إلى الانفصاليين المسلمين في الشيشان وغيرها، وقد حصل على ذلك إلى حد كبير عبر طريقتين: مغازلة الجمعيات الإسلامية الروسية عبر دعمها مالياً والعمل على جعلها أكثر ولاء للحكومة الفيدرالية وأكثر مقاومة لدعايات أفكار المؤسسات الدينية الخارجية . والوسيلة الثانية: إقناع العالم الإسلامي بالصداقة التي تكنها له روسيا إلى درجة أن بوتين أعلن أمام قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في طهران العام 2003 أن روسيا بلد إسلامي كونه يضم عشرات الملايين من المسلمين .

 

في الحقيقة منذ تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001 تبنت روسيا خطاب بوش الداعي إلى قيام حرب عالمية على الإرهاب، وتمكنت من استغلاله للقضاء على الشيشان . وكانت النتيجة أن الانتقادات الغربية بشأن السلوك الروسي في الشيشان توقفت فجأة في حين أن العالم الإسلامي شعر بالغضب لكنه غضب توقف إثر الحرب الأمريكية على العراق والموقف الروسي المعارض لها . أخذ العالم الإسلامي يركز النظر على بغداد وتراجعت غروزني الى خلف الصورة، وعاد الخطاب الروسي المعادي للولايات المتحدة الى التصاعد في وقت أخذت موسكو تحسن علاقاتها بالعرب والمسلمين الرافضين للهيمنة الأمريكية ومشاريع فرض الديمقراطية الليبرالية بالقوة العسكرية . أخذت روسيا تبرز نفسها كقوة أوراسية تضم ملايين المسلمين منذ قرون طويلة وقادرة على درء مخاطر صدام حضارات كونها جسراً بين القيم الغربية والشرقية .

 

المفتاح الثاني للسياسة الروسية في الشرق الأوسط هو الاقتصاد الذي لم يكن يحتل مكان الأولوية في سياسات الاتحاد السوفييتي السابق . فقد أعلن رئيس الوزراء الروسي ايفانوف في العام 2008 أن روسيا التي لم تعد تصدر الإيديولوجيا ترغب في تصدير الأعمال . والعقود تتناول مجالات مثل الأسلحة والطاقة والذرة والتي أضحت سبباً للتوتر مع المنافسين الأوروبيين والامريكيين الموجودين في المنطقة منذ عهود طويلة . لقد أضحى الجيو-ايكونومي متقدماً على الجيوبوليتيك . والدول العربية التي يحاصرها ويقاطعها الغرب أضحت أسواقاً مغرية للروس . هذا لا يمنع من تعزيز العلاقة في الوقت نفسه مع أعداء الاتحاد السوفييتي السابقين مثل “إسرائيل” . زيارة بوتين إلى القدس في العام 2005 كانت الأولى من نوعها منذ ولادة الكيان الصهيوني وقد فتحت السبيل أمام علاقة جديدة في مجالات محاربة الإرهاب وإنتاج الأسلحة والأبحاث الفضائية . و”الإسرائيليون” يقدمون كيانهم على أنه بلد يتحدث الروسية بسبب وجود عشرين في المائة ممن يتحدرون من أصل روسي مثل وزير الخارجية الحالي المتطرف ليبرمان .

 

ومع دول الخليج العربية لاسيما قطر والسعودية التي زارها بوتين في العام 2007 عرض إنشاء منظمة أوبك خاصة بالغاز، ووقّع معها عقوداً بعشرات المليارات من الدولارات .

 

المفتاح الثالث لفهم السياسة الروسية في الشرق الأوسط هو انتهاء المواجهة الإيديولوجية إلى غير رجعة ما يسمح لموسكو بممارسة سياسة براغماتية بحسب الظروف . فاللهجة المتشددة حيال الولايات المتحدة منذ العام 2002 كانت تهدف إلى حماية روسيا من التدخلات الأمريكية في المحيط الروسي المباشر(توسيع حلف الأطلسي بضم جورجيا، وأوكرانيا) . حينها حرصت روسيا على إزعاج أمريكا في غير ملف دولي لاسيما الشرق الأوسط حيث تتزاحم الملفات وتسعى أمريكا إلى الهيمنة . ففي عز احتدام الأزمة الجورجية في العام 2008 استقبلت موسكو بشار الأسد وسمعت منه العرض باستقبال الأسطول الروسي في طرطوس والطلب تزويد سوريا بنظم دفاع روسية مضادة للطائرات وللصواريخ . وانتشر خبر عزم موسكو تزويد إيران بصواريخ إس- 300 .

 

يمكن القول إن روسيا في الشرق الأوسط تمارس سياسة توازن بين متخاصمين فتحاول أن تقول انها صديقة للجميع، وإن الإيديولوجيا لم يعد لها مكان في سياستها الخارجية، إذ إنها أضحت رأسمالية ديمقراطية ولو على طريقتها . وفي حين أن واشنطن كانت تسعى الى تغيير الأوضاع رأساً على عقب في هذه المنطقة، فإن روسيا تفضل الإبقاء على “الستاتيكو” . وهذا ما يجعل منها لاعباً مهماً وصعباً لمن يريد مقاربة متعددة - الأطراف لحل النزاعات في هذه المنطقة من العالم .

===========================

رابطة الجوار العربي: ما عليها... وما عليها

الأحد, 30 مايو 2010

خالد الحروب *

الحياة

طرح عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية في اجتماع القمة الأخير أواخر شهر آذار (مارس) الماضي في ليبيا فكرة إنشاء «رابطة الجوار العربي» والتي تقوم على إنشاء تعاون إقليمي بين الدول العربية ودول الجوار، وخاصة تركيا وإيران والدول الأفريقية، وربما أيضاً دول جنوب أوروبا. بعد مرور أقل من شهرين على عقد تلك القمة ربما لا يتذكر أحد شيئاً مهما دار فيها أو صدر عنها، إلا فكرة «الجوار العربي» التي اشتهرت بسبب رفضها والتحفظ عنها أكثر من أي شيء آخر. أهم شيء تضمنته هذه الأطروحة ليس مضمونها بل شكلها، أي كونها فكرة جديدة ألقيت في بركة التسيس العربي الراكد والتقليدي والمُمل. فهي تأتي في مناخ سياسي وفكري تعوّد الرتابة، وتصحر الأفكار، والبطء في تطبيق أي منها في حال تبنيه، وانعدام الخيال والإبداع، والركون إلى رد الفعل وليس المبادأة به. في مناخ كهذا كان من المتوقع أن تُقابل تلك الفكرة بالتوتر والتحفظ والرفض، وأن لا تُناقش بتوسع. لذلك، وابتداء، من المشروع بل والضروري تسجيل هذا الجانب الإيجابي «التمردي» لهذه الفكرة، أي لجهة الخروج عن المسار التقليدي السلحفائي والمحافظ للتسيس العربي.

لكن أبعد من ذلك يتهاوى مضمونها أمام أي تحليل دقيق سواء من ناحية ظرفها المكاني والزمني، أو افتقاد شروط الحد الأدنى الموضوعية لنجاحها. زمانياً، تمتاز اللحظة العربية الراهنة بتشرذم وانقسام محاور ربما كان غير مسبوق، يكاد يدفع إلى مربعات اليأس من وجود إمكان قيام أي «تعاون عربي» مشترك، ناهيك عن ضم دول الجوار اليه. وظرفياً زمانياً أيضاً، تورط إيران نفسها في معركة مع العالم بأسره بسبب ملفها النووي، وتظهر سياسة خارجية هجومية واستعلائية إزاء الدول العربية، تهشم أية قواعد مشتركة للتعاون الإقليمي. أما أفريقيا، فإن تداعيات حروب السودان جنوباً وغرباً، ثم تطورات ملف حوض نهر النيل والتوترات التي رافقته، تحيل فكرة صوغ رابطة جوارعربي مع دول ناقمة على العرب إلى تمرين تهكمي. والتوجه نحو جنوب القارة الأوروبية كجزء من «رابطة الجوار العربي» يدفع الى السؤال البديهي: لماذا ستوافق تلك الدول على الانضمام لمثل هذه الرابطة التي تفتقد إلى محرك مركزي في حين أنها منضمة أصلاً إلى «سياسة الجوار الأوروبي» وهي الصيغة الإقليمية التعاونية التي أسسها الاتحاد الأوروبي للدول المجاورة له منذ سنوت.

نظرياً وعملياً يكمن الخلل الكبير في رابطة «الجوار العربي» في أن «الجوار» موجود، لكن «العربي» غائب عن الصيغة المطروحة، استراتيجياً وتأثيرياً. ما هو موجود مكان «العربي» هو الفراغ، ما يعني أن الفكرة برمتها ستعني فيضان «الجوار» على ذلك الفراغ. ومن ناحية منطقية صرفة لنا أن نفترض أن أي توسع إقليمي يهدف الى ضم دول إضافية إلى مجموعة تأسيسية معينة سيستند إلى صلابة دول النواة – أي في حالتنا هذه صلابة المنظومة الإقليمية العربية وعنوانها الجامعة العربية. وأن هذه النواة تشكل، بقوتها ومتانتها، مصدر جذب وإغراء إلى ما جاورها من أطراف. من دون وجود النواة الصلبة المؤسسة للشكل الإقليمي الموسع (الجوار العربي هنا) فإن ذلك الشكل المُقترح ليس له معنى عملي أو فرصة للتطبيق الحقيقي. لا يشكل الإقليم العربي منظومة سياسية تعاونية معقولة، ناهيك بأن تكون محكمة أو جذابة. وليس لدى المجموعة المُشكلة لهذا الإقليم ما تعطيه للآخرين من منطلق جماعي إقليمي. في «سياسة الجوار الأوروبي» التي ربما كانت في الخلفية العامة للصورة، ضم الاتحاد الأوروبي، كنواة صلبة وأساسية للتحرك السياسي الإقليمي، الدول الواقعة جنوب وشرق حدوده. ومن بنود تلك السياسة تقديم مساعدات مالية وغير مالية في أكثر من مجال بهدف توسيع نطاق التناغم السياسي والقيمي حول الاتحاد الأوروبي، واعتبار ذلك الخطوة الأولى للدول الراغبة في الانضمام الى الاتحاد (وخاصة الشرق أوروبية). دول الجوار الأوروبي ضعيفة وفقيرة مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي نفسه، والاقتراب جوارياً وسياسياً من الاتحاد الأوروبي يفتح أمامها بعض المجالات لتطوير قدراتها الذاتية. وهكذا فإن طبيعة العلاقة الإقليمية واضحة، والاستفادات المتبادلة شبة واضحة أيضاً. وعلى رغم ذلك الوضوح، وعلى رغم صلابة النواة الجاذبة للجوار، فإن «سياسة الجوار الأوروبي» تواجه عقبات كبيرة وانتقادات متزايدة، أهمها فقدان المعايير الموحدة في التعامل مع دول مختلفة في كل المجالات، وغياب الحد الأدنى المشترك بين الدول الجوارية (مثلاً، ما الذي يجمع بين ليبيا ومولدافيا، أو بين تونس وبيلاروس؟)، فضلاً عن الخلافات السياسية والتحالفية العديدة خاصة مع موسكو أو تلك العابرة للأطلسي مع واشنطن وتأثيراتها التشتيتية في أوروبا.

مشروع «رابطة الجوار العربي» يغامر بطرح فكرة طموحة وغير ناضجة تنافس «سياسة الجوار الأوروبي»، إذ هي تريد جمع تشاد مع اسبانيا، وإيران مع إيطاليا، وذلك كله مع غياب كلي للمركز من ناحية جغرافية، وللهدف من ناحية استراتيجية. لا يحتمل الجسد العربي المهلل توسعاً أقل بكثير من التوسع المطروح، فضلاً عن أنه لا يمتلك أي جاذبية سياسية وإقليمية لإغراء تلك الدول للانضمام إليه. وعلينا أن نتذكر هنا أن دولة مثل إريتريا، بضعفها وفقرها، لم تجد في الانضمام إلى الجامعة العربية أي إغراء أو هدف يُستحق أن يُبذل من أجله الجهد. وأن دولة مثل ليبيا تتفلت يوماً إثر يوم من الجامعة العربية وترى في مشروعات الاتحاد الأفريقي، التي تنافس هشاشتها وعدم عمليتها مشروعات التضامن العربي، إغراء أكثر من الجامعة العربية نفسها.

عندما يريد العرب كمجموعة «احتواء» جوارهم الإقليمي فعلى أي أساس استراتيجي وسياسي يمكن أن يتم ذلك؟ وما هي الأهداف العربية المشتركة إقليمياً ودولياً التي يُراد تعزيزها أو حمايتها أو تطويرها من خلال «رابطة الجوار العربي؟» وما هي الاستراتيجية التي يُبتغى تنفيذها وضم الجوار إليها؟ وما المعنى العملي والتطبيقي لذلك كله؟ وما الذي سيقدمه العرب لدول الجوار ليملأوا النواقص والاحتياجات التي تواجهها تلك الدول وتجعلها مقتنعة بالانضمام إلى «الرابطة»؟ الجواب المؤسف على كل تلك الأسئلة هو «الفراغ واللاشيء». وهكذا وبسبب غياب أي فعل وفاعلية عربية حقيقية فإنه يُستعاض عن ذلك كله بطرح صيغ إقليمية فضفاضة إطارية لكن غير جوهرية حتى لو تحققت، وكأن الشكل والشعار والصيغة العامة تعوض عن فقدان الجوهر والمضمون.

ثمة بطبيعة الحال عوامل وهواجس وقلق تقف خلف الرغبة في صوغ علاقات عربية صحية وتعاونية مع الجوار، لكن حسن النيات لا قيمة له من دون أسس عملية ومصلحية على الأرض. وهنا يمكن القول إن الهاجس الإيراني وكيفية احتوائه هو العامل الأساس وراء الفكرة، وهو هاجس عربي حقيقي. ولا يكفي القول هنا إن إسرائيل هي مصدر التهديد الأساسي للأمن القومي العربي، ل «نقض» الهواجس الأمنية والاستراتيجية العربية إزاء إيران النجادية. ومن المهم أن يتم فتح حوار فاعل وصريح مع إيران يسبق أي صيغة من صيغ التعاون الإقليمي. وربما ان ما كان مطلوباً وقيد التحقيق هو إقامة آلية دائمة لحوار خليجي - إيراني، تمهد الطريق عبر المكاشفة الجماعية لأي تطور تعاوني مستقبلي.

وهكذا وفي شكل مجمل فإن فكرة «الجوار العربي لا تعاني فقط من غياب أية بنية إقليمية لمنظومة عربية قوية يمكن أن تشكل اساساً لأي توسع إقليمي مهما كان شكله، بل تطرح نفسها على «الجوار» في أسوأ وقت يتجسد فيه «الفراغ الإقليمي العربي».

وكأن الدعوة هنا تُقدم الى دول نشطة وقوية وذات برامج وأجندات إقليمية مثل تركيا وإيران كي تملأ الفراغ الإقليمي الناتج عن التلكؤ العربي وعدم الفاعلية. وهاتان الدولتان على وجه التحديد تتحركان في الإقليم العربي بنشاط وتأثير، كل لأهداف ومصالح خاصة بها، من دون الحاجة إلى الرابطة المقترحة. لم نعرف على وجه التحديد إن كانت فكرة الرابطة ستتيح للدول العربية أن تتحرك في الفضاءين التركي والإيراني أم لا. لكن لنا أن نتوقع غياب أي رغبة أو إرادة لدى الدول العربية في القيام بذلك، فهذه الدول لا تتحرك في فضائها الخاص بها فضلاً عن فضاءات الآخرين.

* محاضر وأكاديمي فلسطيني - جامعة كامبردج

===========================

أسلحة الدمار الشامل والسلام

الأحد, 30 مايو 2010

عبدالله إسكندر

الحياة

لم يربط شق الشرق الأوسط في الوثيقة الختامية لمؤتمر الحد من انتشار الأسلحة النووية بين الترسانة الإسرائيلية وعملية السلام، كما أوحت ورقة مشتركة أميركية - روسية مدعومة بموقف أوروبي جرى تسريبها في بداية المؤتمر الذي استمر شهراً في الأمم المتحدة في نيويورك.

لكن هذا الربط يبقى ضمنياً، على رغم الغموض الإسرائيلي في هذا المجال. وعامل الربط يكمن في دعوة إسرائيل بالاسم الى الانضمام الى معاهدة الحد من الانتشار النووي وإخضاع منشآتها لوكالة الطاقة الذرية الدولية. إذ أن احتمال تلبية الدولة العبرية لهذه الدعوة، وهو احتمال شبه معدوم على كل حال، سيكون في مقابل إنهاء حال العداء والحصول على ضمانات في شأنه، وليس مجرد مفاوضات ومعاهدات سلام مع البلدان العربية. وربما هذا الأمر هو الذي كان وراء الموافقة الأميركية على إيراد اسم إسرائيل في الوثيقة، والتي لم تكن مجرد تعبير عن الاتجاه الجديد لإدارة أوباما في الحد من انتشار الأسلحة النووية وجعل الشرق الأوسط خالياً منها.

تستطيع الديبلوماسية العربية أن تحسب لمصلحتها هذه الموافقة الأميركية، خصوصاً أنها خاضت مفاوضات صعبة من أجل الحصول على ادخال إسرائيل في إطار جهود الحد من الانتشار النووي، كما حصلت على إقرار مؤتمر خاص في عام 2012 يخصص لمتابعة تنفيذ الشق المتعلق بالشرق الأوسط. لكن في المقابل تعاملت الولايات المتحدة مع هذه المسألة من منظور يتجاوز الهواجس العربية المتعلقة بالترسانة الإسرائيلية. وقدمت التنازل عبر إيراد اسم إسرائيل، إرضاء للمطلب العربي، من أجل تهيئة أجواء العقوبات الدولية، وربما الأميركية والأوروبية، ضد المشروع النووي الإيراني.

من جهة أخرى، إذا كانت إسرائيل غير مجبرة على التقيد بأحكام وكالة الطاقة لأنها غير عضو فيها، فإن إيران العضو في الوكالة مجبرة بحكم هذه العضوية على التقيد بهذه الأحكام. وسيكون على إيران المدعوة الى هذا المؤتمر مع إسرائيل، أن تلبي الدعوة وأن تقدم كشفاً ببرنامجها وضمانات في شأن أهدافه السلمية.

هذا «المكسب» الديبلوماسي يُحسب للخطة الأميركية التي، بتمرير اسم إسرائيل في وثيقة غير ملزمة لها، تصب في إطار المواجهة مع إيران لمنعها من حيازة السلاح النووي.

وفي الوقت ذاته، وعلى افتراض أن إسرائيل وافقت على حضور مثل هذا المؤتمر تحت ضغط أميركي، فإنها ستكون حصلت في الوقت نفسه على اعتراف ضمني بأنها جزء لا يتجزأ من المنطقة التي تسعى دولها، خصوصاً العربية، الى جعلها منزوعة من السلاح النووي. ولتصبح ضمن المنظومة الإقليمية في الوقت الذي ما زالت تواجه فيه رفضاً عربياً رسمياً للاعتراف بها كدولة (بفعل عدم تلبيتها مطالب السلام العادل والدائم)، لا بل تواجه تشكيكاً خصوصاً من إيران والحركات العربية المتحالفة معها في أحقية وجودها أصلاً.

وإذا كانت الورقة الأميركية - الروسية التي ربطت إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي بالسلام الشامل وفرضت على بلدان المنطقة الحد من كل أنواع أسلحة الدمار الشامل قد جرى التخلي عنها، بسبب الرفض العربي لمضمونها وخلاصاتها، فان أي حد للتسلح في هذه المنطقة التي تشهد فورة في الحصول على كل أنواع الأسلحة، بما فيها أسلحة دمار شامل، لن يقنع أياً من بلدانها ما دام الصراع العربي - الإسرائيلي محتدماً.

===========================

حتى الدولة العظمى تمارس سياسة عبثية

بلال الحسن

الشرق الاوسط

30-5-2010

تبدو السياسة في المنطقة العربية كقضية عبثية، فلا هي تتقدم إلى الأمام، ولا هي مسموح لها أن تتوقف. والغريب أن الكبار يتصرفون في السياسة تماما كما يتصرف الصغار، فالدولة العظمى تقول وتقرر ولكن كلامها لا ينفذ، كما أن قراراتها تضيع هباء في الهواء. وأبرز مثال على ذلك هو جورج ميتشل المسمى كمندوب أميركي خاص، يتولى معالجة أدق القضايا السياسية وأكثرها حساسية في المنطقة، وهي قضية الصراع العربي الإسرائيلي. يأتي ميتشل إلى المنطقة بوجه بارد، وبلسان عاجز عن الإدلاء بالتصريحات، يلتقي المسؤولين، فيبتسم، ويصافح، ثم يمضي في حال سبيله، وكأنه لم يحضر، ولم يبحث، ولم يجتمع. وحين ندقق في أفعاله، نستطيع أن نستنتج أنه فشل، فهو يلتقي نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، طالبا منه أمورا إجرائية ليست سياسية وليست استراتيجية، ثم نقرأ أن نتنياهو سيتوجه إلى الولايات المتحدة ليلتقي رئيس ميتشل، باراك أوباما، فهل يستطيع الرئيس أن ينجح في ما فشل فيه مندوبه؟ حتى نبيل شعث عضو اللجنة التنفيذية في حركة فتح بالضفة الغربية يعجز عن إبداء التفاؤل، فهو يقول: أوباما يضغط على نتنياهو ثم يقدم له الترضيات.

وحين يذهب نتنياهو إلى واشنطن، يتوقع المراقبون أن تحدث أشياء. حسنا.. ما هي هذه الأشياء؟ أولا سيتم الإعلان عن موعد زيارته إلى البيت الأبيض. وسيتم أيضا تصوير الزيارة. وسيتم أخيرا، ربما، صدور بيان علني بما جرى خلال الزيارة. وربما ينعقد أيضا مؤتمر صحافي مشترك. ولكن لا أحد يجرؤ على التنبؤ بما سيقال في البيان العلني أو في المؤتمر الصحافي. فكل هذه الإجراءات ليست مطلوبة لمضمونها، إنما هي مطلوبة لإرضاء نتنياهو، وللقيام بكل ما شكا من عدم قيامه في زيارته السابقة إلى البيت الأبيض، حيث أدخل سرا، ولم تلتقط له الصور، ولم يصدر عن اللقاء أي بيان، واعتبر كل ذلك تعبيرا عن ذروة الخلاف بين أوباما ونتنياهو. وحين يتم تلافي كل تلك النقاط، فهل سيتم هذه المرة التعبير عن ذروة الاتفاق بين الرجلين؟ سيكون نتنياهو راضيا دون شك، ولكن هذا الاتفاق الأميركي - الإسرائيلي يأتي هشا وخاليا من المضمون. فهل يعقل أن رئيس الدولة العظمى يعقد لقاءات مع رؤساء الدول تأتي كلها خالية من المضمون؟ يعبر هذا التساؤل عن أمرين: هشاشة السياسة الأميركية تجاه القضايا العربية، وصلافة السياسة الإسرائيلية تجاه القضايا نفسها، ثم يطلب من الفلسطينيين والعرب بعد ذلك أن يكونوا متفهمين ومتعاونين وإيجابيين، تجاه «اللاشيء» الأميركي، أو تجاه العدوانية الإسرائيلية المفرطة.

لقد قامت إسرائيل خلال عام بست مناورات عسكرية كبرى، ثم يراد من العرب بعدها أن يثقوا بأن الجيش الإسرائيلي لا يعد للحرب، أو أن يثقوا بأن إسرائيل جادة في موضوع المفاوضات.

وإلى جانب المناورات العسكرية الكبرى، تمارس إسرائيل سلسلة من السياسات الشديدة الخطورة، فهي لا ترى كل ما تفعله ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث الحواجز، ومنع التنقل، ومنع نقل بضائع الحياة اليومية (الخضراوات مثلا)، والاعتقالات المتصلة للمواطنين، والقمع العنيف للمتظاهرين ضد الاستيطان داخل القدس وحولها. إنها تعتبر كل ذلك أمرا طبيعيا، ولكنها تغضب وتهدد لأن الفلسطينيين دعوا إلى مقاطعة البضائع التي تنتجها المستوطنات، وتقول إن من شأن هذا الموقف الفلسطيني أن يهدد المفاوضات، ثم تبادر إلى وقف أموال الضرائب عقابا على مقاطعة لبضائع أنتجت فوق أراض فلسطينية تم الاستيلاء عليها.

وليس هذا سوى جانب واحد فقط، إذ هناك جانب أكثر حساسية يتمثل بسلسلة القوانين التي أصبح الكنيست الإسرائيلي مسرحا لها: قانون شاليط الذي يعاقب الأسرى الفلسطينيين ويتشدد في معاملتهم، ردا على أسر جندي إسرائيلي. وتريد إسرائيل أن تقول للعالم إن أسر جندي إسرائيلي أمر خطير جدا، ولكن أسر عشرة آلاف فلسطيني أمر طبيعي وعادي.

ثم هناك الجانب الآخر من التعامل مع فلسطينيي 1948؛ أولئك الفلسطينيون المقيمون فوق أرض وطنهم الأصلي، الذي استولت عليه الحركة الصهيونية وأطلقت عليه اسم إسرائيل. لقد بدأ التعامل مع هؤلاء الفلسطينيين يتخذ منحى خطيرا، ففي أجهزة الأمن الإسرائيلية الآن، يتم تحضير اتهامات ضد بعض القادة الناشطين والمحركين للجمهور الفلسطيني (الدكتور عمر سعيد وأمير مخول)، من أجل اتهامهم بالتجسس والخيانة، على قاعدة الاتصال بالعرب «الأعداء» أو الذهاب إلى بلد عربي «عدو». وبالمقابل هناك مشاريع قوانين معروضة أمام الكنيست من أجل تشريع الحق في نزع الجنسية الإسرائيلية (حتى الجنسية الإسرائيلية) عن هؤلاء القادة. ونزع الجنسية يعني طبعا التمهيد لطردهم خارج أرض وطنهم، وتعود الناس على هذا الطرد، تمهيدا للبدء في سياسة الطرد الجماعي التي يخطط لها الإسرائيليون منذ زمن، لتأكيد إعلان إسرائيل دولة يهودية.

كل هذه الإجراءات تجري على أرض الواقع، ولكن سعادة المندوب ميتشل لا يبحث فيها. وفخامة الرئيس أوباما لا يبحث فيها. هما مشغولان فقط بنقطة واحدة وحيدة: كيف يمكن الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة؟ وهل نتنياهو مستعد لمواصلة تجميد الاستيطان، ولو من دون إعلان؟ عند هذه القضايا تتوقف السياسة الأميركية، ثم تغمض عينيها عن كل ما جرى ويجري على الأرض. فماذا نسمي ذلك؟

واللافت للنظر أن أول من يستخف بهذه المطالب الأميركية، أو بهذه الخطة الأميركية لإدارة التفاوض، هو نتنياهو نفسه. إنه يقول ويعلن أن موضوع المفاوضات الرئيسي مع الفلسطينيين هو المياه والأمن، وأن شرط البدء بالمفاوضات هو أن يعلن الفلسطينيون اعترافهم بيهودية دولة إسرائيل، ومع ذلك فإن الإدارة الأميركية تتجاهل كل هذا، وهي تنتظر، ربما، زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الشهر المقبل، لكي تسأله، وهو المغلوب على أمره، أن يوافق على هذه المطالب، أو إن كان لديه تصور استراتيجي آخر لمشكلة الدولة العظمى مع حليفها المشاكس.

تبدو الولايات المتحدة هنا وكأنها مغلوبة على أمرها، فهي تقف أمام مفاوض فلسطيني تنازل حتى أصبح عاجزا عن المزيد من التنازل، وأمام مفاوض إسرائيلي يعتبر «الهو تسبا» (الوقاحة) في الطلب مبدأ أساسيا في الدبلوماسية الإسرائيلية.

ويتقدم بعض المحللين ليقولوا: لقد انتصر نتنياهو على أوباما. ولكنهم ينسون الحقيقة المرة، وهي أن الإدارة الأميركية لا تريد بالفعل إلا ما يريده نتنياهو. صحيح أن نتنياهو يتصرف كالولد العاق، ولكن الأب يربت على ظهر ابنه في النهاية، ويطبع على رأسه قبلة.

إنها سياسة أميركية مشلولة، وهي مشلولة بقرار سياسي. ويقابل ذلك إرادة عربية مشلولة أيضا، يطربها أن تكرر الجملة التقليدية: إن السلام خيار استراتيجي. إلا أن السلام لم يكن قط في التاريخ كله، خيارا استراتيجيا من

===========================

التشرذم يقف وراء تهاوي النظام المالي لأوروبا

ديفيد إغناتيوس

الشرق الاوسط

30-5-2010

قبل شهر، كان الأميركيون يتساءلون دون شك عن السبب وراء ضرورة اكتراثهم بأعباء ديون الدول الأوروبية البعيدة مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال. ونظرا للأوضاع الصعبة التي تعاني منها الأسواق المالية الأميركية، الآن، كما الحال في العالم، لا بد لنا من الرد.

كان السر وراء تحول الخوف إلى رعب وتحول جري بعض الخيول إلى فرار جماعي للقطيع على الدوام أمرا ملغزا. وكان المفترض بالأوروبيين والآسيويين أن يسألوا السؤال ذاته حول الأسباب والتأثيرات، قبل عامين، عندما شاهدوا فئة بسيطة نسبيا من الإقراض الأميركي - قروض الرهن العقاري - تحدث هرعا هستيريا للبنوك نحو وول ستريت امتص السيولة من النظام المالي العالمي.

ومرة أخرى، يبدو أن المستثمرين يعانون من نسخة أخرى من نوع من التشكك المالي: فهم لا يعرفون عمق الأزمة؛ ولا يعلمون أي الاقتصادات قادر على الصمود وأيها سينهار، وكذلك غياب المعلومات الموثوقة، كما أنهم يفترضون الأسوأ، ويصابون بالقلق حيال أي نوع من الأخبار السيئة وانتشار العدوى.

يتركز الذعر الذي انتاب الأسواق هذا الأسبوع على الاقتصادات الأوروبية والمصارف العاجزة عن تسديد ديونها. ربما لا يكون الموقف أسوأ الآن مما كان عليه قبل شهر مضى. ويمكن القول، في الواقع، إنه أفضل كثيرا، فمشكلات الديون الأوروبية تم التعرف عليها وتصحيحها. لكن المشكلة أصبحت فيروسية، إذ باتت تتحول من قلق تجاه أمور بعينها إلى خوف عام. إضافة إلى المخاوف من وقوع حرب في شبه الجزيرة الكورية وسعي المستثمرين حول العالم إلى البحث عن مخرج. وفي محادثة لي مع الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو، أتيحت لي الفرصة لأن أسمع رواية واقعية حول الأزمة الأوروبية. يعتبر نابوليتانو واحدا من الرجال العظام في أوروبا، ودافع على مدى عقود عن الوحدة الأوروبية، لكنه اعترف بوجود حالة من عدم التطابق بين هدف التكامل الاقتصادي والواقع، في أن منطقة اليورو تمتلك 16 نظاما ضريبيا مختلفا، حالة من التشرذم ساعدت في حدوث هذه الأزمة.

وقال نابوليتانو: «لدينا دليل واضح على التأثير الشديد لعدم وجود سياسات موحدة». وأشار إلى أن «هذه الأزمة يجب أن تدفع الأوروبيين إلى قبول الوحدة التي تنطوي على قبول تحول جزء من السيادة الوطنية». فالتكامل غير التام الذي تشهده أوروبا في الوقت الحالي ليس قويا بالدرجة التي تدعم عملة موحدة.وعندما بدأ الرعب في اجتياح أوروبا، بدا كل إجراء للإنقاذ يثير شكوكا جديدة بإمكانية احتواء الأزمة. كانت تلك هي المشكلة هذا الأسبوع: فالمصرف المركزي الإسباني تولى السيطرة على مقرض كبير، وأعلنت أربع مصارف صغيرة الاندماج. كان المفترض أن تعزز هذه الخطوات من الثقة، لكنها بدلا من ذلك أدت إلى موجة من البيع لأسهم البنوك عبر القارة.وبدورها تسعى إيطاليا هي الأخرى لوقف النزيف بتقليص الميزانية 30 مليار دولار من شأنه أن يخفض عجزا في الميزانية أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2012. وسيتبين ما إذا كان المستثمرون قد وجدوا هذا الوعد جديرا بالثقة.

مغادرة المستثمرين لأوروبا ترجع في جزء منها إلى أنهم لا يرون حتى الآن الآليات التي من شأنها فرض الانضباط. فقد قرر الاتحاد الأوروبي إنشاء صندوق إنقاذ بتريليون دولار. ولكن ماذا حدث عندما أعلن عن الخطة؟ تم التعهد بفرض شروط صارمة على اليونان والبرتغال وباقي الدول مقابل الحصول على قروض، ولكن لا يزال من غير الواضح كيف ستتمكن بروكسل من تفعيل نظام التقشف ذلك. والمشكلة كما يصفها نابوليتانو هي أن اتحاد أوروبا لا يزال اتحاد منفعة، يمكن رفضه من قبل أي حكومة وطنية عندما يتوافق ذلك مع مصالحها. فدول شمال أوروبا مثل ألمانيا تعنف نظراءها الجنوبيين المسرفين على عدم انضباطهم. غير أن ألمانيا وفرنسا هما اللتان أبدتا عدم تجاوب في آليات تطبيق منطقة اليورو في 2005، حيث رفضتا دفع غرامات عندما تجاوز العجز في ميزانيتهما حدود استقرار الاتحاد الأوروبي وميثاق النمو.

ما يقلقني هو أن مقتضيات الاقتصاد والسياسة محل صراع الآن في أوروبا. وللحفاظ على عملتها المشتركة، تحتاج إلى سياسات مالية متكاملة قابلة للتطبيق على جميع أعضاء الاتحاد، ولكن في أزمة كهذه، تعمد الجماهير المذعورة إلى التمسك بالرموز المميزة للسيادة الوطنية، ومقاومة الإملاءات من بيروقراطيي الاتحاد الأوروبي ومحافظي البنوك المركزية. ولعل ذلك هو السبب في اعتقاد أوروبا والمتشائمين أن هذه الأزمة لن تجد الحل في المستقبل القريب. ربما يعلم الطبيب في بروكسل ما هو المطلوب، ولكن المرضى ال16 لم يوافقوا على تناول الدواء بعد والعالم كله يشعر بالألم.

=====================

عندنا مرض اسمه (ضيق الأفق)

د. عائض القرني

الشرق الاوسط- الثلاثاء 25 مايو 2010       

متى نصحو؟ متى نتجرد للحقيقة؟ متى نكون صرحاء مع أنفسنا والناس؟ متى نواجه مشكلاتنا بشجاعة؟ ما زلنا نضيق بالنقد ونعشق المدح ونطرب للثناء ونخفي جراحنا وندفن أخطاءنا ونرفض الاعتراف بمآسينا، مثقفونا يتراشقون بالتهم، الإداريون يلقون مسؤولية الكوارث على الطبيعة والأمطار والرياح والجبال والأودية وليس فيهم من يعترف بخطئه، بل يقذف بالكرة في مرمى الآخرين ويبحث عن ضحية يشنقه أمام الجمهور، العالم الآخر يناقش قضاياه تحت قبة البرلمان ورئيس أكبر دولة في العالم يقول لشعبه: آسف آسف.

 

ما نفعت فينا الشريعة ولا أي ثقافة، أزور المشايخ فإذا الكل معجب بنفسه ويمدح ذاته، أجلس مع التجار فإذا كلهم يرون أنهم هبة من الله للأمة، وأجلس مع القبائل فإذا كل قبيلة تغني بأشعار الشجاعة والتضحية ومقصودهم حروب السلب والنهب قبل توحيد السعودية على يد قائد الثورة عبد العزيز بن عبد الرحمن، الأدباء عندنا والكتّاب في أبراج عاجية، رضينا كلنا عن أنفسنا، الكل منا أخذ مقلبا في نفسه.. تدخل على الموظف تريد أن تجامله بعبارة وتجبر خاطره بكلمتين فيأخذ الحديث عنك ويلقي عليك محاضرة طويلة ثقيلة وبيلة عن إنجازاته الشفوية ومشروعاته الوهمية.. أغلب المشايخ يشكون لك من تنكر الناس لهم وعدم معرفة العامة بمنزلة أهل الفضل، ويقصدون أنفسهم، وبمكانة أهل العلم ويعني ذاته.. ليس فينا واحد يعلن مسؤوليته عن خطأ وقع أو خلل حدث، فالإعلام في العالم العربي مهمته الإنكار والتبرير والتغني بالمنجزات التي حسدنا عليها (المجلس الأوروبي)، وانذهل منها (الكونغرس) واندهش منها (الكرملن)، وعجب منها (النمور الآسيوية).. عندنا حساسية من النقد نرفضه ولا نقبله، ومن نقدنا فهو عدونا، ونهش للمديح ونسكر بالثناء ونخدر بالإطراء، فمن شكرنا وتغنى بأمجادنا فهو حبيبنا.. العامة يغردون بمجد القبيلة ويتغنون بأمجاد الأجداد بين الخيمة والناقة والثور والبئر، والكتّاب في الغالب يتحرشون برموز المجتمع من مسؤول أو عالم أو وزير أو مثقف، لأن مجدهم في إلقاء التهم وصلب المخالف على خشبة الموت.

 

أقول: هذا ليس من باب جلد الذات لكنها الحقيقة، فقد خالطتُ كل الشرائح في المجتمع وجالستهم وأنا واحد منهم، أصابني الداء نفسه الذي أصابهم، نحب تقبيل الرؤوس وبوس الخشوم وكلمة الإطراء، ونغضب إذا جُردت أسماؤنا بلا ألقاب، كان الصحابة يقولون للخليفة مباشرة بشفافية وصراحة: يا أبا بكر، يا عمر، يا عثمان، يا علي، وكذلك فعل العالم الآخر ينادون رموزهم بالأسماء المجردة، لكن عندنا لك الويل يوم تجرد أحدا من ألقابه العلمية والتراثية، نحن نستر الجرح ولا نعالجه، ونخفي الخلل ولا نصلحه، وندفن الخطأ ولا نواجهه، ما سمعت أحدا منا اعتذر يوما ما أو قال: أنا المسؤول عما حصل! ولهذا سوف تستمر أخطاؤنا؛ لأن أول الإصلاح الاعتراف بالخطأ، نحن نعيش على معزوفة الشاعر جرير بن عطية، حيث يقول لعبد الملك بن مروان:

* ألستم خير من ركب المطايا - وأندى العالمين بطون راحِ

* فنحن خير من ركب المطايا، وشرب المنايا وحفظ الحكايا وجلس في الزوايا، أما غيرنا فلا يغرك ولو صعدوا إلى سطح القمر أو وصلوا المريخ أو غزوا قاع البحار، أو عمّروا حياتهم الدنيا، فهم طروش بحر ليسوا مثلنا في الأصالة والبسالة؛ لأننا حافظنا على تراثنا القديم من الرحى والرشا وجفنة العود والفأس وقدح الخشب وحبال السلب، فما شاء الله تبارك الله علينا! الله يحمينا من العيون، الله يحصننا من الحسد، الله يدافع عنا من كيد العالم، سوف نستمر في الدعاء على الأميركان والأوروبيين واليابانيين والصينيين والكوريين؛ لأنهم يتربصون بنا الدوائر غيرة وحسدا.

=======================

رسالة إلى المستشارة الاتحادية ميركل

(اضربي بيدك أخيرا على الطاولة وقولي للإسرائيليين: كفى) 

بقلم أبراهام ميلتسر 

مداد القلم 30/5/2010

-------------------

نقلا عن جريدة "زيميت.. مجلة يهودية مستقلة" (تعني كلمة زيميت: الساميّ، من الساميين) صدر أول عدد منها يوم 5/12/2009م، ويقول ناشرها أبراهام ميلتسر في مقابلة صحفية: "أردت بها التأكيد أن المجلس المركزي لليهود في المانيا، ليس وحده من يمثل اليهود فيها.. يوجد يهود آخرون في ألمانيا ينطلقون من فكر آخر، غير ذلك الفكر العقيم الذي يريد تصوير إسرائيل موطنا فكريا لليهود".

-------------------

السيدة المحترمة المستشارة الاتحادية

أكتب إليك كمواطن ألماني يهودي، وإسرائيلي سابقا، نشأت في إسرائيل وأدّيت الخدمة العسكرية هناك. أؤكّد ذلك كيلا تلقي برسالتي في خانة "العداء للسامية"، كما أنه ليس لي علاقة بما يسمّى "الكراهية الذاتية لليهود" التي أصبحت شعارا يثير الأهواء الشعبية بفضل نشطاء صهاينة معينين.

لست إلا مواطنا، يشعر بالقلق، على إسرائيل وفلسطين، وعلى حكومته في برلين، التي تبجّحت بإعلانها دون شعور بالمسؤولية عن عدم مشاركة ألمانيا في مؤتمر مكافحة العنصرية في دوربان، بحجة أنه إسرائيل مهدّدة فيه أن تُدان بممارسة العنصرية، وهل يوجد فعلا شيء يجافي الحق في تلك الإدانة؟

وزير خارجية إسرائيل ينتقد رئيس إيران الذي كان التحريض من وسائل مسيرته السياسية بأنه "فضيحة.. لا يخجل.. يعادي السامية"، هذا مع أنه هو نفسه (الوزير) سلك مسيرته السياسية عبر التحريض.

كنت أتمنّى عليك باعتبارك مواطنة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشيوعية) سابقا أن يكون لديك تفهّم أكبر لشعب يتطلّع إلى حريته واستقلاله وإلى العدالة والسلام. الشعب الفلسطيني يفتقد جميع هذه الإنجازات المتحققة في العالم الحديث، والتي اكتسبها مواطنو ألمانيا الديمقراطية من خلال تحرّكهم الجريء عبر أكثر من ثلاثة أجيال. كل امرئ يرى ما يريد، إنما أنت بالذات، كابنة رجل دين بروتستانتي، ظننت أنك ترين بالذات ذلك الظلم لأنك تريدين رؤيته!.

لقد حقّ لألمانيا أن تؤكد حقّ تقرير المصير على الدوام، ونالت ذلك، أليس من واجبك إذن أن تؤيدي حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره؟.

لعل أباك حدّثك ذات مرة عن قصة الملك آهاب وجبل عنب نابوت، وقد وقعت كما يلي: كان لنابوت من يزريل جبل عنب في يزريل، قرب قصر آهاب ملك السامرة، وطمع آهاب في جبل العنب، ولكن نابوت لم يشأ بيع ما ورثه عن أبيه، وشكا آهاب ذلك لزوجه، الملكة إيزابيل، فعملت على اغتيال نابوت، وما إن سمعت أنه قد تمّ قتله رجما بالحجارة ومات، حتى قالت لآهاب: خذ جبل العنب الذي كان نابوت يملكه ورفض أن يبيعك إياه، فقد مات. ومضى آهاب إلى جبل العنب ليستحوذ عليه. جميع الشيوخ والأعيان رأوا ذلك وسكتوا، إلا إيليجا، النبي من تيشبي، فذهب إلى جبل عنب نابوت، وقال لآهاب في وجهه: ورثتَ الجبل عن طريق جريمة قتل، ويقول الرب: حيث لعقت الكلاب دم نابوت سوف تلعق دمك أيضا.

ليس بعيدا من ذلك الموقع، قرب قرية بجيلين، قتل في عطلة الأسبوع الماضية بسام أبو رحمة، فلسطيني في الواحدة والثلاثين من عمره، لم يشأ أن يترك أرضه للإسرائيلين، فقتله الجنود الإسرائيليون.

إن خلفية الجريمتين متماثلة لدرجة مدهشة. كان للضحية قطعة أرض، كانت في الإنجيل: جبل عنب، وفي جريمة القتل الحالية: ملكية أرض يزعمون أنها غير واضحة. في الحالتين طمع المسيطرون في الأرض، وفي الحالتين رفض المالك الأصلي التعاون مع السلطة، وفي الحالتين لم تكن الضحية تملك فرصة ما، المسيطرون الأقوى سحقوا مقاومتها بأحذيتهم. آنذاك في حقبة الإنجيل كان في إسرائيل أنبياء يملكون الشجاعة لإدانة الجريمة، اليوم لم يعد يوجد أنبياء في إسرائيل، وقوى العالم، وأنت منهم، لا يريدون رؤية ما يحتّم عليهم اتخاذ موقف.

لقد ألغيتِ مشاركة ألمانيا في مؤتمر مكافحة العنصرية في دوربان، وانتهكت بذلك القوانين الألمانية، التي تلزمك في الأصل أن تمثلي ألمانيا في الأمم المتحدة وأن تدافعي عن مصالحها. تجاهلت ذلك بالامتناع عن المشاركة وخرقت القانون بوضوح، لأنك تحت الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، ولأنك تريدين إسداء خدمة لنتانياهو وأوباما. ولكن لم يتم انتخابك من أجل إسداء الخدمات لرجال دولة آخرين بل لخدمة مصالح ألمانيا.

تزعمين أن إسرائيل ليست عنصرية ولذلك فمن الخطأ أن تحكم عليها بذلك غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ألا يرسل موظفو سفارتك الألمانية في إسرائيل التقارير عما يجري هناك؟. من لديه عينان يمكن أن يرى أن إسرائيل أصبحت دولة عنصرية منذ زمن بعيد، بطرقات مخصصة لليهود، وشرطة وجيش لليهود، ولا وجود للأقلية العربية التي تمثل 20 في المائة من السكان مكانٌ في أيّ من المؤسسات والدوائر والسلطات والمنظمات التابعة للدولة، ولو لتمثيل تلك الأقلية بنسبة ما تلائم تعدادها. لا يوجد في إسرائيل ولو واحد في المائة من العرب في سلك القضاء، ومن يوجد فعلا، لا دور له سوى شهادة زور على الوضع. كل إنسان يعلم، بل يجري الحديث في إسرائيل عن ذلك ويدور النقاش بكل وضوح علنا.

ويبدو أنك أنت وحدك على درجة من السذاجة المنكرة للاعتقاد بأن الصهيونية ليست عنصرية.

لم يتردد فلاديمير جابوتينسكي، الأب الروحي للقوانين الصهيونية منذ ثلاثينات القرن العشرين، وما يزال كذلك إلى اليوم، عن القول: (... من الواضح أنه لا يجب البحث عن منبع الإحساس القومي في تربية الإنسان، وإنما في شيء آخر، ولكن ما هو؟.. لقد تعمّقت في دراسة هذا السؤال وأجيبه بالقول: في الدم، وأتمسك بهذا الموقف إلى الآن، شعور الاستقلال القومي كامن في دم الإنسان، في نوعيته العنصرية والجسدية، وفيه وحده... يكمن وعي الشعب بنفسه... ولهذا لا نعتقد بأننا ذائبون فكريا، فليس من الممكن فيزيائيا، أن يأخذ اليهودي، الذي ولد وهو يحمل دما يهوديا خالصا غير مختلط بسواه عبر أجيال عديدة، طريقة حياة ألماني أو فرنسي لنفسه، بالضبط كما هو الحال مع الأسود الذي لا يستطيع أن يكون إلا أسودا).

نيتانياهو وليبرمان اللذان ستلتقين بهما قريبا بالتأكيد، وستصافحينهما، يمثلان هذا التصوّر العقائدي بامتياز.. كيف تزعمين إذن أن إسرائيل ليست عنصرية، أو تزعمين أنك لم تعلمي بذلك؟.

سوف تعايشين بنفسك مدى الشبه القائم بين عقائدية الصهيونية القائمة الآن وتكتيكها وبين عقائدية النازية وتكتيكها. وسوف يجرب نتانياهو وليبرمان ما صنعه هتلر خطوة بخطوة لمعرفة إلى أين يصلان بقوميتهما وعنصريتهما. شبيه ذلك ما صنعه هتلر.

المحرقة، والحرب العالمية الثانية، وتقسيم أوروبا وألمانيا، و60 مليون ضحية، جميع ذلك كان يمكن ألا يقع لو أنه كانت لدى السياسيين آنذاك جرأة كافية. ولم يكن الأمر في البداية يتطلب كثيرا من الجرأة لمنع هتلر من اقتحام منطقة حوض الراين، ولكن كان السياسيون، سيان من كانوا، على جانب من الخوف إلى درجة تلويث سراوايلهم.

كيف الحال معك يا سيدة ميركل؟..

هل أنت خائفة ايضا؟.. أم أنك لا تعلمين ما عليك صنعه فحسب؟..

تتحدثين باستمرار عن المسؤولية تجاه الشعب اليهودي، وليست إسرائيل الشعب اليهودي، بل يعيش فيها جزء الشعب اليهودي، ولكن من المفروض أن تكون دولة لجميع المواطنين فيها كما هو الحال مع ديمقراطية حقيقية. لا ينبغي أن تكون إسرائيل دولة لليهود في بروكلين، الذين لا يفكرون أصلا بالهجرة إليها، ثم لا تكون دولة لعرب الجليل، المتجذرين الذين يعيشون هناك منذ أجيال عديدة. ولكن إسرائيل تتشبث بالامتناع أن تكون دولة للمواطنين فيها وهذا وحده يمثل إشارة صارخة للتمييز العنصري وليس هذا سوى العنصرية بعينها.

علام لا تملكين الجرأة لقول ما يجب قوله بعيدا عن جميع العقبات والاعتبارات الديبلوماسية؟

اضربي بيدك أخيرا على الطاولة وقولي للإسرائيليين: كفى.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ