ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 07/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تركيا في إطار العلاقات الدولية الراهنة

المستقبل - الاحد 6 حزيران 2010

العدد 3673 - نوافذ - صفحة 9

نبيل محمود السهلي

ثمة مؤشرات لقياس الأهمية النسبية لهذه الدولة أو تلك في إطار العلاقات الدولية، من بينها الموقع الجغرافي، والقدرات البشرية والاقتصادية حتى العسكرية، ناهيك عن عوامل أخرى مساعدة. وفي هذا السياق يمكن التأكيد بأن الجمهورية التركية استطاعت أن تتبوأ مكانة هامة في إطار العلاقات الدولية الراهنة من خلال الاعتماد على مؤشرات محققة. فمن جهة تتمتع بموقع جغرافي تتوسط من خلاله قارات العالم القديم، وقد منحها هذا الموقع قدرة على الفعل ورد الفعل مع المحيط الإقليمي بحيث تؤثّر وتتأثر بالعناصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافيّة القائمة. وما زاد من أهمية تركيا الجغرافية سيطرتها على ممرين مائيين هامين واستحواذها على نصيب كبير من المياه مقارنة مع محيطها الجغرافي، حيث نصيب الفرد التركي من المياه المتوافرة هو الأعلى على صعيد الشرق الأوسط. وفي الجانب السكاني يقدر مجموع سكان تركيا في العام الحالي 2010 بنحو (77) مليون نسمة، وتمثل فئة الشباب النسبة الكبرى، الأمر الذي أدى إلى إعطاء قوة كامنة للاقتصاد التركي، اذ يصل مجموع قوة العمل التركية في عام 2010 إلى نحو (24) مليون عامل وعاملة.

وبالنسبة لأداء الاقتصاد الكلي تشير المعطيات إلى ارتفاع قيمة الناتج القومي الإجمالي للجمهورية التركية من 300 مليار دولار عام 2002 إلى 750 مليار دولار في نهاية عام 2008، أي بمعدل نمو بلغ 6,8 في المئة خلال الفترة المشار إليها. وهو بذلك يضاهي تقريباً الناتج القومي الإجمالي للدول العربية، على رغم من عدم استئثار تركيا بمصادر الطاقة مثل النفط والغاز. وتبعاً لاتجاهات تطور الناتج القومي التركي، ارتفع معدل الدخل الفردي في تركيا خلال الفترة المشار إليها من نحو 3300 دولار إلى حوالى 10,000 دولار في السنة، والأهم من ذلك أن تركيا استطاعت الحد بشكل ملحوظ من بعض أزماتها الاقتصادية، مثل العجز والتضخم، فضلاً عن ذلك تحسنت أجواء الاستثمار، مما أدى إلى جعل تركيا من أكثر الدول جذبا للاستثمار الخارجي. وبفعل تحسن الأداء الاقتصادي الماثل للباحثين، باتت تركيا في المرتبة السادسة عشرة في ترتيب أكبر الاقتصادات على المستوى العالمي، والسادسة على المستوى الأوروبي، وبذلك تراجعت الفجوة، ولأول مرة، بهذه النسبة بين معدلات التنمية التركية ومعدلات التنمية الأوروبية.

واستطاعت تركيا أن تتبوأ مكانة هامة في تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ عام 1990 نظراً لتخصيصها المزيد من النفقات واستثمارها في قطاعي الصحة والتعليم. ما أدى إلى تحسن في مؤشرات التنمية البشرية. وقد وصلت معدلات القراءة والكتابة بين الكبار في تركيا في السنوات الأخيرة إلى نحو (90) في المئة ، أم العمر المتوقع للفرد فقد تعدى (72) عاماً. وقد عزز من اتجاهات التنمية البشرية في تركيا نسب التسجيل الكبيرة في المرحلة الابتدائية التي تعدت 92 في المئة من مجمل من هم في الفئة المذكورة.

وبفعل قدراتها الاقتصادية الكبيرة، وديبلوماسيتها الهادئة، استطاعت تركيا الانفتاح على العديد من دول العالم، بما فيها دول شرق اوسطية عربية وغير عربية، وتمخضت عن ذلك زيادة ملموسة في قيمة الصادرات التركية، من 28 مليار دولار عام 2000 إلى 131 مليار عام 2008. وتنوعت أسواق الصادرات التركية، حيث تعتمد الصادرات التركية بشكل خاص، على المنتجات الصناعية، وتباع نصف الصادرات في أسواق الدول الأوروبية الأكثر تطورا، ويباع النصف الآخر في أكثر من 180 دولة من دول العالم الأخرى بما فيها دول عربية مثل سوريا ولبنان وغيرها. وارتفعت قيمة الواردات إلى الاسواق التركية في نفس الفترة من 55 مليار إلى 202 مليار دولار أميركي.

ويشير باحثون استراتيجيون بأن تركيا استطاعت خلال السنوات الأخيرة النفاذ وبناء علاقات مع دول الشرق الأوسط، وذلك من خلال إيجاد مسافة واضحة مع التوجهات والسياسات الغربية في المنطقة، والاعتماد على الذات في تحسين العلاقة مع دول الشرق الأوسط بعيداً من هاجس الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وعزز فرص تركيا لرسم صورتها الشرق اوسطية الجديدة الدخول بقوة على خط الصراعات في المنطقة، ليس من أجل تفجيرها وبث النعرات الطائفية، وإنما لمحاولة تهدئتها والقيام بدور الوسيط. وتجنبت الجمهورية التركية الدخول في لعبة الاصطفافات والمحاور الإقليمية، بل على العكس من ذلك تمت عملية انفتاح تركية متوازنة على جميع الدول، وتبعاً لذلك استطاعت أن تكون من بين اللاعبين الدوليين الأساسيين لإدارة ملفات الشرق الأوسط، وبشكل خاص الملف السوري والإيراني والفلسطيني وحتى العراقي من خلال خطاب سياسي مقبول. وقد ساعد تطور الديموقراطية الصاعدة في تركيا خلال السنوات الأخيرة، وكذلك تنامي دور منظمات المجتمع المدني من تحسين الأداء التركي في بناء علاقات دولية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تشكل الدول العربية وزناً هاماً في إطارها الجيو سياسي.

وتبقى الإشارة إلى أن الجمهورية التركية تمكنت من الاعتماد على مجموعة عوامل وركائز متداخلة لتصبح لاعباً إقليمياً مهماً في منطقة الشرق الأوسط والعالم. في مقدم تلك العوامل الاقتصاد التركي القوي، حيث باتت تركيا تتبوأ المرتبة السادسة عشرة في العالم من حيث توليد الناتج المحلي الإجمالي وبناء شبكة مصالح اقتصادية تجارية مع دول العالم، ناهيك عن الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتع به، والقدرات البشرية والعسكرية الكبيرة، فضلاً عن تبنيها لفكرة ريادة دفة الحكم للأحزاب عبر صندوق الاقتراع.

===================

الجذور الإيديولوجية للإرهاب الإسرائيلي

الأحد, 06 يونيو 2010

السيد يسين *

الحياة

ليس فقط في مواجهة المتطوعين الذين تجمعوا في «أسطول الحرية» لكسر الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة، ولكن في مواجهة العالم بأسره، قامت الدولة الإسرائيلية العنصرية باعتدائها الهمجي، خارقة بذلك كل قواعد القانون الدولي، ومحطمة الأعراف المتحضرة التي تقضي بحرمة الحياة الإنسانية، وخصوصاً بالنسبة الى المواطنين المسالمين في غير زمن الحرب. ومما لا شك فيه أن مجرمي الحرب من قادة إسرائيل، المسؤولين عن قرار المهاجمة المسلحة لسفن «أسطول الحرية» وما ترتب عليه من وقوع عشرات القتلى والجرحى واعتقال المئات من المتطوعين، ورَّط اسرائيل وأوقعها في مأزق دولي لا فكاك لها منه. ويشهد على ذلك الاستنكار العالمي الواسع النطاق، إضافة إلى العنف الشديد للتصريحات التركية التي دانت العدوان بأقسى العبارات واتهمته بأنه هجوم دنيء، على رغم العلاقات الاستراتيجية الوثيقة التي تربط تركيا بإسرائيل، والتي وصلت إلى حد إجراء مناورات عسكرية مشتركة تقرر إلغاؤها عقب العدوان الإجرامي.

وعلى رغم تخاذل الموقف الأميركي ونكوص الرئيس أوباما عن الإدانة العلنية للعدوان الإسرائيلي، إلا أن دولاً أوروبية عدة استنكرت ما حدث، لأنه عبارة عن قرصنة همجية، لأن الاعتداء وقع على قافلة «الحرية» في المياه الدولية وعلى بعد 80 ميلاً من المياه الإقليمية الإسرائيلية.

ولذلك لم يكن غريباً أن يأتي العنوان الرئيسي لجريدة «ليبراسيون» الفرنسية في عددها الصادر في أول حزيران (يونيو) الجاري على النحو التالي: «إسرائيل: الدولة القرصان»، والذي أضيفت اليه العبارة التالية، «إدانة عامة لإسرائيل بعد العدوان المميت لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي ضد البواخر التي كانت تحمل المتضامنين في طريقهم إلى غزة». ولم تكتف الجريدة بهذا العنوان، ولكنها نشرت تحقيقاً كاملاً عن العدوان من بين عناوينه :»الدولة العبرية تصرفت خارج القانون وبعيداً من الشرعية»، و»استخدام القوة الغاشمة في الماء كما هو الحال على الأرض». والتحقيق حافل بالإدانات الدولية للهمجية الإسرائيلية.

ونريد في هذا المقال الذي نكتبه عقب العدوان الإسرائيلي على «أسطول الحرية» مباشرة أن نبيّن للقراء أن السلوك البربري الإسرائيلي في هذا العدوان الإجرامي له في الواقع جذور إيديولوجية في الفكر الصهيوني المعاصر. وسبق لنا في كتابنا «الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر» (القاهرة- 2005، الطبعة الرابعة) أن حللنا بعمق تصورات الصفوة السياسية الإسرائيلية للشخصية العربية، وطرق التعامل مع العرب. وعنينا بعرض وتحليل تصور الصفوة الإسرائيلية التقليدية لطرق التعامل مع العرب، والتي ما زالت حية حتى الآن، وتبنى بعضها أعضاء النخبة السياسية المعاصرة.

وسنعتمد في عرض هذه التصورات على مرجع أساسي ألَفه مايكل بريتشر، وهو أستاذ كندي في العلوم السياسية، يهودي الديانة. وأهمية بحث بريتشر ترجع إلى أنه لم يقنع بالتحليل النظري، وإنما أجرى مقابلات واسعة مع أعضاء الصفوة السياسية الإسرائيلية للحصول على بياناته، ومن هنا ثراء هذه البيانات وصعوبة العثور على مثيل لها في مراجع أخرى. وعلى رغم أن بريتشر يقرر في بداية عرضه لصورة العرب في ذهن الصفوة الإسرائيلية، أن «الصورة الإسرائيلية» عن العرب كعالم وكعقل وكمجتمع وكشعب وكعدو بالغة التحدد باعتبارها تحتل مكاناً مركزياً في «رؤية العالم» التي لدى صانعي سياستها العليا، إلا أن ما يسميه صورة العرب في ذهن الصفوة الإسرائيلية هو أقرب ما يكون إلى الاستراتيجيات المختلفة التي دعا إلى تطبيقها مختلف أعضاء هذه الصفوة تجاه العرب. ويقرر بريتشر أن ليست هناك صورة واحدة للعرب، بل صور متعددة متعارضة. وهذه الصور تعد حاسمة في فهم الصراع حول سياسة إسرائيل بين بن غوريون وموشي شاريت في الفترة من 1953 –1956. وهناك في الفكر الإسرائيلي تنميط ثلاثي ل «الصور الإسرائيلية عن العرب». وهذا التنميط يشتمل على ثلاث صور متمايزة، يطلق عليها على التوالي: البوبرية، والبنغوريونية، والوايزمانية، نسبة إلى الفيلسوف مارتن بوبر، وبن غوريون ، ووايزمان.

والصورة الأولى يطلق عليها «البوبرية» وهي تعني التوافق مع العرب من خلال الحلول الوسط. وهذا الاتجاه نحو العرب أطلق عليه «البوبرية» نسبة إلى الفيلسوف اليهودي الشهير مارتن بوبر Martin Buber الذي حاول خلال السنوات التي قضاها في فلسطين – إسرائيل، التوفيق بين اليهود والعرب.

وهذا الاتجاه في جوهره يمكن إجمال منطقه في ما يلي: أن اليهودية دين يتسم بمعايير أخلاقية عالية، وهناك ظلم وقع على العرب، وبالتالي فعلى إسرائيل أن تكفر عن أفعالها غير الأخلاقية. وليس هناك تعبير أكثر دلالة على هذا الاتجاه من هذه الفقرة التى وردت في كتاب لبوبر، عنوانها: The Samsonite:

«حينما عدنا إلى أرضنا بعد عدة مئات من السنوات، تصرفنا وكأنها كانت خلواً من السكان، بل وأسوأ من ذلك، وكأن السكان الذين فيها والذين واجهناهم ليس لنا من شأن بهم وكأنه ليس علينا أن نهتم بهم، وبعبارة أخرى كأنهم لم يدخلوا في دائرة إدراكنا. ولكنهم دخلوا في وعينا، ولكن ليس بوضوح كامل. ليس بالوضوح الذى كان يمكن أن يتحقق لو كنا نحن الذين أدركنا وجودهم، ولو كنا نحن الأهالي، ورأينا أناساً آخرين أخذوا يتوافدون بأعداد متزايدة لكي يقيموا في الأرض. لم يكن إدراكنا لهم جليا، ولكنه كان واضحاً بالقدر الكافي، وكان طبيعياً أن تتسع دائرة الوضوح من سنة إلى أخرى ولكننا لم نلق بالاً إلى ذلك، ولم نلق بالاً إلى أنفسنا. ليست هناك سوى طريقة واحدة للتصرف في ضوء هذا المشهد الصارخ، وهي أن نتعاون بشرف مع العرب، وأن نشركهم في تنمية البلد. وفي عملنا وفي ثماره. ولهؤلاء الذين أشاروا إلى الحركة القومية العربية التي يتصاعد نموها وازدهارها، أجبنا أنه لا ينبغي المبالغة في شأنها، وأننا نستطيع أن نتعامل معها».

والسؤال هو: من هم الذين رآهم العرب يلعبون دور الغرباء Philistinesالذين تسللوا إلى بلدهم، البريطانيون أم نحن؟ هذا السؤال يمكن أن يظل معلقاً بلا جواب، غير أن الفرض الذي أقدمه هو: أن كلا البريطانيين ونحن كأننا طرف واحد». وهذه الصورة التي تبنتها المجموعة القديمة التي تدعو للثنائية القومية (Ihud) التي كان يتزعمها بوبر Buber وماغنس Magnes مع حزب «المابام» Mapam، وكذلك تبنتها بعض الأصوات المتناثرة في الجامعات وبعض العناصر في وزارة الخارجية وأماكن أخرى، تؤدي منطقياً إلى سياسة تقوم على التنازلات. وقد اختلف مضمون هذه التنازلات بحسب الجماعات وباختلاف المراحل، غير أن جوهر هذه السياسة كان تجاه تقديم تنازلات من أجل السلام.

والصورة الثانية هي البنغوريونية وتعني (التوافق مع العرب من خلال استخدام القوة الفائقة). هذه الصورة التي تنسب إلى بن غوريون تحتل مكانها في أقصى دائرة الطيف، ويمكن أن تصاغ كما يلي: «نحن اليهود قد اضطهدنا لفترة امتدت ألفي سنة، وأخيراً لقد استعدنا هذه البقعة من الأرض في وطننا التاريخي، وكان ينبغي على العرب أن يستقبلونا بحرارة، باعتبارنا أبناء عمومة، ولكنهم على العكس، فإنهم يحاولون أن يخلقوا لنا غيتو آخر عن طريق المقاطعة والحصار».

إن جوهر «البنغوريونية»، أو صورة «قطعة الأرض الصغيرة»، يتمثل في الاعتقاد أن العرب غير قادرين على قبول التعايش السلمي في هذه الحقبة التاريخية. ولذلك فإسرائيل لا بد أن تظهر قبضتها وتلوح بها بين حين وآخر.

وكانت النتيجة هي اللجوء المتكرر الى استخدام القوة التي وجدت التعبير النموذجي عنها في سياسة الردع في ظل حكم بن غوريون ودايان خلال الأعوام 1955 – 1956، وفي الفترة التي أعقبت حرب الأيام الستة أخذت شكل «عدم التنازل عن بوصة واحدة من الأرض العربية المحتلة». وهناك عنصر آخر في الصورة وهو أنه إذا استطاعت إسرائيل أن تحتفظ بصورتها وبالحقيقة التي مبناها أنها ستظل هكذا لا تقهر، فذلك سيؤدي إلى تغيير جوهري في نفوس العرب.

والصورة الثالثة هي «الوايزمانية» وتعني (التوافق من خلال البحث العقلاني للحصول على حلول معتدلة). والمسلمة الرئيسية لهذه النظرة التي تنسب إلى وايزمان أن المواجهة العربية – الإسرائيلية ليست صراعاً دولياً شاذاً، بل هي نزاع حاد ومستمر، ولكنه يقع داخل دائرة «السواء»، وينبغي النظر إليه كذلك. وأبعد من ذلك، فالصراع لا يمكن حله عن طريق حل واحد مفرد، ولكن عن طريق سلسلة من التدابير غير الجذرية التنى تنفذ عبر الزمن. ووجهة النظر هذه أن حل الموقف يتمثل في تغيير المناخ، وتخفيض المستوى العام للتوتر عن طريق الأعمال البنائية.

ويمكن القول أن إسرائيل، على رغم أنها وقعت معاهدة سلام مع مصر بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 وبعد ذلك مع الأردن، ما يدل على أن صورة الحلول المعتدلة مع العرب تغلبت على غيرها من الصور، إلا أن السلوك الإسرائيلي في السنوات الأخيرة وخصوصاً اعتداءها على لبنان وعلى الشعب الفلسطيني ومحاصرة غزة، تؤكد عودة النخبة الإسرائيلية الحاكمة لتبني «البنغوريونية» أو فكرة أن العرب لا يعرفون إلا لغة القوة والعنف. غير أن الاعتداء الإجرامي على «اسطول الحرية» يؤكد أن ثمة تجديداً لحق بهذا التصور، وهو أن العالم كله وليس العرب فقط لا يعرف إلا لغة العنف والقتل والإرهاب والاعتداء على المدنيين المسالمين!

لقد خسرت إسرائيل معركتها، لأنها لم تكن موجهة فقط ضد الفلسطينيين المتضامنين، ولكنها كانت موجهة ضد الإنسانية ذاتها!

* كاتب مصري.

===================

صعود اردوغان... أفول العرب

الأحد, 06 يونيو 2010

الياس حرفوش

الحياة

على الوجه الآخر من صورة صعود نجم «الطيب» طيب اردوغان، على ظهر سفن «اسطول الحرية»، لا بد من ملاحظة افول النجم العربي، بكل اصنافه وتنوعاته. وليس قليلاً أن تملأ اعلام تركيا ساحة مهرجان «حزب الله»، وأن يعمد امينه العام الى مقارنة ما يستطيع «العلم الاحمر» أن يقوم به، مقارنة ب «العلم الاصفر». لكن الدرس من كل ذلك أن رئيس حكومة تركيا يملأ فراغاً موجوداً في المنطقة، يطلق عليه ايضاً عجز العرب واستقالتهم من اي دور لهم، سلبي او ايجابي، وترك ساحتهم ملعباً لأهواء الآخرين ومصالحهم.

بهذا المعنى ليست تركيا هي التي «تعود الى الامة»، بل هم العرب الذين يغادرونها. تركيا العثمانية خرجت، أو أُخرجت على الأصح، تحت وطأة تلك المشاعر القومية العربية في وجه «تتريك» المنطقة، التي باتت احلاماً اليوم. واذا كان لتركيا ان تعود، فلأن هذه المشاعر تذوب وتحل محلها مشاعر الطوائف والقبائل والاعراق المتناحرة. وعندما يقف العرب متفرجين ومصفّقين للنجم التركي الصاعد، ألا يخطر ببالهم السؤال عما باتت اليه احوالهم، التي تتيح ل «الجوار العربي»، حسب التعبير المحبّب للامين العام لجامعة العرب، أن يقطف ثمار الازمات القائمة في هذه المنطقة، واهمها الصراع مع اسرائيل، ويحصد منها شعبوية جاهزة للتوظيف في الداخل ضد المعارضين، سواء كان ذلك في انقرة او في طهران، وفي العلاقات والمصالح مع الدول الاخرى، ما خص منها قضية ايران النووية او نفوذ تركيا الاقليمي وعلاقاتها مع الاوروبيين والادارة الاميركية.

في مناخ كهذا يتحول اردوغان الى عبد الناصر الجديد في احلام العرب. عبد الناصر الذي ارتفعت صورته في ساحات الضاحية الجنوبية من بيروت، في مفارقة غريبة من قبل حزب لا تُعتبر قومية الزعيم المصري الراحل في عداد ما يُعرف انه مُغرم به. لكنها مناسبة اخرى لاستثمار المشاعر، من اي صوب اتت، وبصرف النظر عن حقيقة القناعات وصدق المواقف.

ومثلما لا تثير الصور اي سؤال عن الانجازات التي خلّفها الرئيس المصري الراحل وراءه، فضلاً طبعاً عن ارث العام 1967 الذي لا نزال ندفع ثمنه ونعالج ذيول مأساته الى اليوم، من المستبعد ان تثير صور اردوغان واعلام بلاده اي سؤال عن انجازاته فيما يتعلق بقضية فلسطين، بعد غياب مانشيتات الصحف واقفال صالونات التهاني بمهرجان «الحرية».

ليس غريباً ان تكون «العودة التركية الى الامة» على يد اردوغان ذاته، زعيم الحزب الذي يميل الى القطع مع القومية التركية الحديثة بمعناها العنصري المنغلق حيال العرب، الذي ارساه اتاتورك، وزعيم الحزب الاسلامي الذي يستمد الكثير من قناعاته من افكار احزاب اسلامية في دول عربية، الاخص منها «الاخوان المسلمون». وهي احزاب، كما هو معروف، تناصب الحركة القومية العربية العداء، ولا تمانع في ان تجد نصيراً لموقفها هذا من حيث اتى.

لكن، على الرغم من ذلك، وعلى رغم الاغراءات التي تدفع الى المقارنة، هناك مسافة كبيرة تفصل بين ما يستطيع اردوغان ان يفعله بتركيا وما حققته الثورة الاسلامية في ايران، سواء فيما يتصل بالعلاقات مع اسرائيل، او باوضاع الداخل في كل من البلدين. في ايران قام الخميني، الذي يحتفل الايرانيون بالذكرى الحادية والعشرين لوفاته، بانقلاب كامل قضى فيه على كل جذور النظام السابق. غير ان بين اردوغان وانقلاب كهذا على نظام تركيا العلماني عقبات كثيرة في الداخل، فضلاً عن ان رئيس حكومة تركيا جاء نتاج عملية ديموقراطية، لا ثورة دينية، وهي عملية لا تستطيع سوى الخضوع للمحاسبة الشعبية، والا فتحت الباب امام القوى غير الديموقراطية المتربصة بها، وابرزها الجيش، لمواجهتها بالقوة.

===================

القبائل العربية... الدولة التركية

زين الشامي

الرأي العام

6-6-2010

قبل نحو أقل من مئة عام كانت غالبية المناطق والأقاليم العربية تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية، وكان المواطنون العرب جزءا من رعايا السلطنة إلى أن اندلعت الثورة العربية الكبرى عام 1916 بقيادة الشريف حسين في الجزيرة العربية. في ذلك الوقت كانت الامبراطورية العثمانية تلقب بالرجل المريض، وتكالبت دول غربية عدة عليها لتنهش من جسدها المترامي الأطراف، لكن ما هي إلا أعوام قليلة حتى استفاق العثمانيون من غيبوبتهم، وأتى رجل اسمه مصطفى كمال أتاتورك ليخوض حروباً هنا وهناك، وليؤسس بنية الدولة التركية الحديثة، دولة تتطلع إلى الأمام، وتستلهم الحداثة، وتتكئ على العلمانية، تنفض الغبار الذي تراكم في البيت الداخلي، وتطرح الأمراض التي علقت بالجسد، أتاتورك لم يتطلع إلى بعث أمجاد الامة العثمانية، بل سعى الى دولة عصرية وتحدث عن أمة تركية.

في ذلك الوقت كان العرب الذين راهنوا على الاستعمارين البريطاني والفرنسي للتخلص من الامبراطورية العثمانية مستغلين ضعفها، قد اكتشفوا أنهم هربوا من الدلف الى المزراب كما يقال، وبدأوا من جديد رحلة التصدي للمستعمر الجديد الذي حل محل العثمانيين. كانت تركيا في ذلك الوقت قد تجاوزت محنة بناء الدولة الحديثة، لا بل عرفت كيف تفرض نفسها في اللعبة الدولية والصراع على مناطق النفوذ، واستطاعت أن تسلخ جزءا من الأراضي العربية لتضمها نهائياً إلى دولتها الحديثة.

العرب خاضوا معارك استقلالهم من جديد ضد المستعمرين الجدد، وتحقق لهم ذلك في أعوام مختلفة لكن ما هي إلا أعوام قليلة حتى وقعوا جميعاً في قبضة العسكر والجنرالات، وشهدت دول عربية عدة صراعات سياسية على السلطة انتهت جميعها بوصول الحزب الواحد إلى السلطة. ما زاد الطين بلة ان فلسطين ضاعت وتأسست إسرائيل في قلب الوطن العربي ليزداد المشهد سوداوية وكآبة فيما كانت تركيا تتقدم، وتتطلع غرباً، أدارت ظهرها للشرق إلى غير رجعة.

واليوم بعد نحو أقل من مئة عام عن القطيعة بين السلطنة العثمانية والأقاليم والولايات التي كانت تابعة لها في العالم العربي، ها هي تركيا الحديثة تعود من جديد إلى البحر المتوسط، وإلى قلب الدول العربية والأسواق العربية والثقافة العربية، لا بل إلى قلب المواطنين العرب الذين باتوا يجدون فيها أملاً ونموذجاً ومثلاً يحتذى.

العرب الذين رفعوا شعار الثورة العربية ضد السلطنة العثمانية واختاروا من ألوان رايتها أعلاماً لاحزابهم ودولهم وثوراتهم، باتوا اليوم يتطلعون إلى تركيا القوية كخشبة خلاص وقوة مساندة لهم في صراعهم مع إسرائيل. كيف حصل كل ذلك في أقل من مئة عام، كيف استطاعت تركيا أن تشد أنظار عموم العرب من المحيط إلى الخليج، ولما تركيا دون غيرها من الدول الإقليمية؟ بكل بساطة ليس لأن تركيا دولة عظمى، أو نموذج خال من السلبيات، فتركيا الدولة مازالت تعاني من سلبيات عديدة لعل في مقدمتها المسألة الديموقراطية، ومشكلة الأكراد، والتخلف في جنوبها وشرقها، إضافة إلى استمرار الهواجس من دور العسكر في الحياة السياسية، واستعدادهم للانقضاض على التجربة الديموقراطية في أي لحظة رغم انكفائهم في الأعوام الأخيرة.

ان السبب يعود إلى غياب الدولة العربية النموذج، إلى أن العرب لم يؤسسوا دولاً بالمعنى الحديث والمعاصر، على طريقة أتاتورك أو على الطريقة الاوروبية، بل بقوا في مرحلة ما قبل الدولة، قبائل وعشائر وأفخاذاً حتى لو كانت بمسميات حزبية قومية ووطنية، أو يسارية، أو اسلامية. الدولة العربية الحديثة كانت دولة قمعية بوليسية من لون واحد، وكانت دولة القبيلة والطائفة والعائلة. كانت دولة فاسدة، لم تبن جيشاً وطنياً بل أجهزة مخابرات، لم تبن تعليماً حديثاً، بل اجترت الماضي وأدخلت مواد حزبية وسياسية تمجد القائد والثورة والحزب لتحل محل علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات. أفسدت القضاء لأنها تخاف القانون والحق والمساءلة. قتلت معارضيها وعذبتهم ووضعتهم في السجون لأنها تخشى تداول السلطة. لم تبن اقتصاداً بل سرق رجالاتها الثروات الوطنية... لذلك ليس غريباً أن نتطلع إلى تركيا... وليس غريباً أن تكون اثيوبيا غداً نموذجاً لنا.

كاتب سوري

===================

تركيا وإيران في قلب المشرق العربي

علي حماده

النهار

6-6-2010

انتهت جريمة "اسطول الحرية" والازمة التي نتجت منها الى اعادة ادخال تركيا الى قلب المشرق العربي بعد انكفاء دام عقودا عدة منذ سقوط الامبراطورية العثمانية اثر الحرب العالمية الاولى. ففي الازمة الحالية التي تضع تركيا في مواجهة سياسية دبلوماسية ومعنوية كبيرة مع اسرائيل، ثمة الكثير الذي تربحه تركيا العائدة في مقابل خسارتها دور الوسيط في المفاوضات العربية – الاسرائيلية في شقها السوري. فمن خلال ركوب انقرة موجة القضية الفلسطينية واستثمارها الى اقصى حد سياسي يتحقق اختراق كبير في المنطقة العربية لمصلحة تركيا على حساب الاختراق العسكري الايديولوجي الايراني الذي تمكن خلال ثلاثة عقود من الاستثمار العنيف أحيانا، من ان يخلق موطئ قدم له في المشرق العربي، بدءا بالساحة العراقية وصولا الى شواطئ غزة مرورا بلبنان. ولئن كانت ايران تلعب ورقة العنف المستمر في التعامل مع القضايا المطروحة في المنطقة، فإن الاندفاعة التركية اعتمدت على مزيج من الديبلوماسية والهيبة باعتبارها قوة اقليمية قادرة ساعة تحين الساعة ان تكشف عن انيابها العسكرية في المنطقة.

اشتعلت الأزمة بين تركيا واسرائيل فمالت الجماهير العربية صوب رجب طيب اردوغان، وصار النموذج الايراني في مرتبة متأخرة. اصبح العلم التركي يرفع في كل العالم العربي على الشرفات جنبا الى جنب مع الاعلام الوطنية بعدما كانت بعض المجتمعات العربية غير المشرقية تمجد صورة "حزب الله" بوصفه القوة التي حاربت اسرائيل بنجاح قياسا على بقية العرب.

المسرح العربي المشرقي مفتوح على القوتين الاقليميتين الاسلاميتين ايران وتركيا. وبينهما ستبدأ لعبة التنافس على احتلال المسرح الفارغ من اللاعبين العرب، والعملة التي سيتم تداولها هنا ستكون القضية الفلسطينية التي تبقى حتى اشعار آخر الورقة الأكثر ربحية لاختراق المنطقة.

في الاربعينات من القرن الماضي فهم بعض العرب اهمية الورقة الفلسطينية، وفي الخمسينات والستينات كانت الظاهرة الناصرية، وتبعتها ظاهرة حافظ الاسد الأقل وهجا، وأخيرا الظاهرة الإسلامية، ومنها الظاهرة الايرانية. اليوم هناك ظاهرة تركية وهي صاعدة في ظل تمتعها بصورة سنية اكثرية تمتلك نوعا من الشرعية التاريخية في المشرق العربي، في مقابل الصورة الشيعية التي لم تنجح ايران حتى اليوم في اخفائها او جعل الآخرين يغفلون عنها. فتبقى ايران صوتا ومشروعا اعتراضيا اكثر مما هي صوت او مشروع قادر على التمازج مع النسيج العربي المشرقي وهو بغالبيته سني.

كسب الاتراك جولة كبيرة بإشتعال الازمة مع اسرائيل. وغالب الظن انهم لن يذهبوا مذهب الايرانيين في انتهاج طريق عنيف، ولن يعيدوا النظر في اصطفافهم الاطلنتي، بل انهم سيملأون الفراغ العربي الذي يستحيل على الايرانيين ان يملأوه اليوم او غدا.

في الانتظار يبقى العرب الطرف الأضعف على الطاولة الاقليمية، وتبقى بلادهم ساحة مفتوحة على مصراعيها كما كانت حال لبنان، وهو ما عاد يختصر وحده ازمات المنطقة.

===================

سورة البقرة ومعاداة السامية

فؤاد حسين

hussein.fuad@gmail.com

الرأي الاردنية

6-6-2010

آخر ما يمكن أن يفكر به أي عربي أو مسلم أن تحتج جهة ما على نص ديني وبالتحديد سورة من القرآن الكريم على أنها معادية للسامية، وكأني بمعاداة السامية أصبحت ذات قدسية أعظم من قدسية كتاب سماوي، مما يبين الى أي حد وصلت قوة وسطوة اللوبي اليهودي وتغلغله في مراكز القرار الغربية، وبذلك تتكاثر المحرمات في الغرب من الهولوكوست الى معاداة السامية الى الكتب السماوية التي لا تتفق نصوصها أو تفسيراتها مع الأهواء الصهيونية أو حماتها، حتى بات كل من لا يتفق مع قرار واحد فقط من قرارات السياسات الإسرائيلية معاد للسامية، حتى وإن كان حليفا لها على مدى أكثر من نصف قرن، كما حدث مع تركيا بعد رحلة أسطول الحرية.

 

والأغرب أن تستجيب جهة ذات هوية عربية أو إسلامية لذلك الإعتراض وتتخذ قرارات لترضي الجهة المعترضة وكأنها تتفق مع ما جاء في الإعتراض وتسلم به على أنه حقيقة غير قابلة للنقاش، وبذلك نجاري الإفتراءات الصهيونية ونعطيها صدقية ومشروعية.

 

هذا ما حدث مع قناة الرحمة التي تبث على القمر الصناعي نايل سات، حين قررت إدارة القمر وقف بث المحطة على قمرها تلبية لطلب فرنسي بحجة أن القناة معادية للسامية، والغريب أن تهمة معاداة السامية إستندت الى برنامج بثته القناة، وهو عبارة عن شرح تفسير سورة البقرة، وكما هو معلوم فإن سورة البقرة تتحدث في كثير من آياتها عن اليهود واليهودية. وهنا الإشكالية، فإن كنا مسلمين، فإن كل ما هو في القرآن هو كلام منزل لا نملك أن نأخذ ببعضه ونرد البعض الآخر، ولا نملك أن ننزل أي كلام فوق النطق الرباني، بغض النظر من يرضي ذلك الكلام ومن يغضب، فهل سنصل الى نقطة تمنع فيها كل وسائل الإعلام من تناول سورة البقرة وأي سور وآيات أخرى، وأحاديث نبوية تتحدث عن اليهود من قريب أو بعيد.

 

المسألة هنا ليست دينية، بل سياسية وثقافية بإمتياز، فهل باتت المحرمات الصهيونية في الفكر السياسي والثقافي الغربي لها حماية قانونية ترفعها الى مراتب ذات قدسية تجرم كل من يقترب منها حتى لو بمجرد التفكير والنقاش وطرح التساؤلات، مما ينسف من الجذور إدعاءات حرية الفكر والديمقراطية، أم أن تلك الحرية مسموحة في إتجاه واحد حين يتعلق الأمر في تشريح الإسلام والمسلمين ومقدساتهم من رسوم مسيئة للرسول العظيم الى لصق كل الصفات المشينة بالإسلام والمسلمين، حتى بات ثمة صورة نمطية في العقل الغربي للمسلمين أدت في ما بعد الى خلق حالة الإسلام فوبيا التي أدت بدورها وتؤدي الى محاربة كل ما يسمونه رموزا إسلامية من حجاب ونقاب ومآذن ورفع اذان الصلاة، والقائمة لم تنته بعد، وفق قوانين وتشريعات باتت جزءا من منظومة قوانين العقوبات في بعض الدول الغربية.

 

المطلوب وقفة حازمة في وجه دائرة فزاعة الهرطقات الإسرائيلية من هولوكوست الى معاداة السامية التي تتسع يوما بعد يوم، لوضع حد لهذا التوسيع في دائرة المحرمات التي باتت تشمل وصف المقاوم المدافع عن أرضه ووطنه، بأنه إرهابي، في شرعنة للإحتلال والمحتلين، ليصبح لاحقا كل من لا يقبل بيهودية إسرائيل معاد للسامية لا بد من جلده بقوانين الشرعية الدولية التي باتت صاحبة إختصاص في تتويج اسرائيل فوق القانون الدولي. تعيث فسادا كيفما تشاء وحينما تشاء وأينما تشاء دون رادع، جتى أن رئيس الموساد حذر قادته من أن إسرائيل أصبحت عبئا على أمريكا، في تحذير من التمادي في مزيد من الحماقات.

===================

انكشاف العجز الإسرائيلي

الرأي الاردنية

6-6-2010

احمد الفرحان أبوهزيم

abuhaziim@yahoo.com

لا ننكر أن إسرائيل دولة حديثة وقوية ومنظمة ومدعومة بنظام دولي أراد لها ان تكون قاعدته الأمامية الصلبة في المنطقة، ولذلك فقد سلحها وتعهد بان يبقيها متفوقة على جميع دول الإقليم مجتمعة، وقد كان هذا احد الأسباب الوجيهة التي أجبرت دول الإقليم على المناورة لتجنب الصدام مع هذه القوة أو بالأحرى مع القوى الكبرى الداعمة لها تحت ظروف غير ملائمة، وأجبرها للرضوخ او التنازل، أو فلنقل التساهل في المطالبة ببعض حقوقها بين الفينة والأخرى ريثما تأتي الظروف الأكثر ملاءمة.

 

إن مجرد أن تتحدى الدول الراعية لإسرائيل إرادة الشعوب المنتشرة على مدى قلب العالم القديم وعلى جناحيه الإفريقي والآسيوي ، وتأتي بشعب آخر أقوى منها وتزرعه زراعة في وسطها وتتعهد بان تبقيه كالسيف المصلت على رقابها في الوقت الذي تريد وفي الزمان الذي تريد، فان ديمومة القوة المتفوقة هي أكسير الحياة لبقاء هذا الشعب الآخر ولهيمنته، وهي الضمان وجواز السفر لمشروعيته كقاعدة أمامية للدول العظمى، وفي اللحظة التي تتراخى فيها يده عن سلاحه أو ان تقل فعالية هذا السلاح، فان بقاءه يصبح مكان تساؤل وكذلك شرعيته كأداة تنفيذية فاعلة وقادرة ومعتمدة وذات مصداقية للدول الراعية له، وهذه هي حال إسرائيل.

 

عندما وقفت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وأعلنت ان عهدا جديدا بدا في مسيرة الشرق الأوسط مؤذنة بولادة شرق أوسط جديد وأعطت إشارة بدء تطبيق هذه المرحلة بإطلاق القوة الإسرائيلية باتجاه جنوب لبنان لتحطيم القوة المرابطة هناك، لم يدر بخلدها ولا بخلد احد من واضعي خريطة الشرق الأوسط الجديد والموافقين عليها أو المؤيدين لها بان تقف القوات الإسرائيلية (المبنية كي لا تقهر) عاجزة عن تحقيق أهدافها ضمن الهامش الزمني المرغوب ورغم تمديد هذا الوقت عدة مرات، وظهر لعيان الدول الراعية لإسرائيل وقر في نفسها أن الحصان الذي تراهن عليه لخلق وتهيئة البيئة الملائمة لخططها المستقبلية ومنها مشروع الشرق الأوسط الجديد هو في الواقع حصان قد أصابه العرج، واقتنعت بأنها لن تتمكن من استمرار الرهان عليه. وقد أدى ظهور هذه الحقيقة إلى وقف مشروع الشرق الأوسط الجديد أو غض الطرف عنه إلى اجل غير مسمى ولحين تهيئة البيئة الاستراتيجية المناسبة لإعلانه ثانية. وما نريد ان نقف عنده هنا هو إبراز حقيقة العجز الإسرائيلي عن تنفيذ ما يطلب منه ضمن الزمان والمكان المرغوبين.

 

عندما أرادت إسرائيل ان تحرر الجندي الأسير جلعاد شاليط، كانت تظن نفسها كالمعهود قادرة على استعراض قدراتها أمام خصومها وأمام العالم واجتياح قطاع غزة في نزهة حربية(وهو ليس الا عمل يوم واحد لفرقتين إسرائيليتين) والعودة بجنديها المأسور، ومن ثم زرع قيادة جديدة في القطاع تخدم مصالحها (من ضمن أهداف أخرى لسنا بصددها) قبل ان تعيد قواتها إلى قواعدها ثانية إلى العمق الإسرائيلي ، الا ان المهمة الإسرائيلية لم تتحقق مرة أخرى ضمن الهامش الزمني المسموح ورغم محاولات النظام الدولي الداعم إعطاء الوقت الإضافي اللازم لاستكمال المهمة من خلال المماطلة في استصدار قرار وقف المحرقة البشعة الدائرة في حينه على ارض غزة، وما نريد ان نبرزه هنا مرة أخرى هو العجز الإسرائيلي عن تنفيذ المهمة المطلوبة ضمن الهامش الزمني المطلوب.

 

في عملية اغتيال المبحوح في دبي، تبين ان إسرائيل جندت سرا العشرات ووظفت كامل طاقتها الإستخبارية ووظفت علاقاتها الدبلوماسية وعلاقاتها الدولية في سبيل اغتيال هذا الشخص، ثم ان كل هذه الجهود انكشفت وانفضحت أمام العالم، مما يعني انه ربما كان من الأفضل وبعد ان تمت معرفة مكان المبحوح ان يتطوع أحدهم أو إحداهن بملاقاة المبحوح وتصفيته مباشرة بإحدى الوسائل دون الحاجة لكل هذا الجهد المبذول ودون توريط كل هذه الدول من أصدقاء إسرائيل في عملية اغتيال شخص كان من الممكن تصفيته بكلفة اقل، وما نرمي إليه هنا هو إبراز ما ظهر من الضعف الإسرائيلي في التخطيط والتنفيذ.

 

في عملية تحويل أسطول الحرية عن وجهته إلى غزة، تم حشد الطاقات الإسرائيلية كما هو معلوم لاعتراض القافلة في المياه الدولية في عرض البحر، ومع ان القوات الإسرائيلية اقتحمت سفينة واحدة منه، ومع ان هذه السفينة كانت محملة بالمدنيين فقط، ومع أنها لم تكن محروسة بقوات عسكرية، ولم يكن ركابها مسلحين بل جلهم من المدنيين الكبار بالسن وأصحاب الذوات السياسية والكتاب والنساء والإعلاميين، ورغم انها كانت أيضا مكشوفة ومعزولة في عرض البحر الفسيح الا انه ومع ذلك كله لم تتمكن القوات الإسرائيلية المحمولة في البحر والجو من اعتلاء السفينة، ووجدت نفسها مربكة ومحرجة وتطلق النار على الركاب العزل ممن كانوا على ظهر السفينة، وربما لو ان إسرائيل استعانت ببعض القراصنة الصوماليين لأجادوا الدور في قيادة السفن إلى الموانئ الإسرائيلية بشكل أفضل، ومرة أخرى يظهر جليا العجز العسكري الإسرائيلي الكبير وسقوط حجاب الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

 

العجز الإسرائيلي انكشف، والبيئة الاستراتيجية تشهد تحولا مفصليا وكبيرا، وصدمة الحروب الخاطفة في طريق التلاشي ، والعمليات الصغيرة المدعومة بالسياسة حققت ما لم تحققه الحروب الكبيرة، وعلى إسرائيل ان تسعى للبقاء بوسائل أخرى غير القوة، ومن المؤكد ان النظام الدولي ممثلا بالدول العظمى قادر على تأهيل قواعد أمامية له في المنطقة غير إسرائيل، ولعله قد بدأ العمل على ذلك بالفعل.

===================

إسرائيل القاتلة تلوم ضحاياها!

المستقبل - الاحد 6 حزيران 2010

العدد 3673 - نوافذ - صفحة 9

ماجد كيالي

هذه هي إسرائيل، في صورتها الحقيقية، عنيفة ودموية وبشعة أمام العالم، على خلاف الصورة التي حاولت تلبّسها، وادعاءها، أو حاول البعض في الغرب رسمها لها، باعتبارها جزءاً من صورته.

إسرائيل في صورتها هذه لا تتورع عن استخدام قوتها العسكرية للقرصنة والسطو المسلح والقتل، ولو تعلق الأمر بمجرد قافلة لنشطاء مدنيين، ينتمون لعشرات الدول، وكأنها في ذلك تبعث برسالة مفادها أنها دولة مستثناة من كل القوانين والأعراف الدولية. ويتغّذى هذا الاستثناء في إدراك الإسرائيليين لذاتهم، من اعتبار دولتهم معطى "الهياً"، أو كنتاج وعد رباني /أزلي، واعتبار ذاتهم "شعب الله المختار"، واعتبار الآخرين زائدين عن الحاجة، أو مجرد "أغيار". وفي ذلك ثمة جملة مدخلات ملتبسة تتضافر في وعي الإسرائيليين لأنفسهم، فثمة عنصرية متوحشة، وثمة شعور طاغ بالغطرسة، وثمة استغراق في الأسطورة الدينية.

ولعل هذا ما يفسر اعتبار إسرائيل لذاتها مصدراً للقيم، وتنصيب نفسها فوق الشرائع والقوانين. فهي، مثلاً، دولة قامت بوسائل القوة والإرهاب، ومع ذلك فهي تعتبر أية مقاومة لاحتلالها إرهاباً! وهي أصلاً ترفض تعريف وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة (على الأقل في العام 1967) احتلالاً، وإنما عودة إلى "ارض الميعاد"، أو نوعاً من إعادة توحيد "أرض إسرائيل"؛ فهي الأصل، أما الفلسطينيون فمجرد طارئين على الزمان والمكان!

المفارقة أن هذا الوعي الإسرائيلي، العنصري والمتغطرس والديني، يطالب الفلسطينيين بأكثر من الاستكانة لاغتصاب حقوقهم، والسكوت عن احتلال أرضهم، أي بإبداء العرفان والامتنان لإسرائيل، على قيامها، وعلى وجودها؛ والأنكى، أيضا، أنها تحاول لومهم على تنكيلها وبطشها بهم. هكذا كانت غولدا مائير (رئيسة وزراء إسرائيل سابقا) تدأب على لوم الفلسطينيين (ضحايا إسرائيل)، وإبداء عدم مسامحتها لهم، على قيامهم بما من شأنه إظهار إسرائيل بمظهر لا أنساني!

في عودة موجزة للسياق التاريخي لنشوء إسرائيل، يمكن ملاحظة أن القيادة الصهيونية (التي تحملت مسؤولية قيادة إسرائيل فيما بعد) كانت حمّلت الحكومة البريطانية مسؤولية أعمال الإرهاب التي قامت بها منظمتا أرغون وتشيرن (الصهيونيتان) ضد القوات البريطانية في فلسطين (19451948)، تماما مثلما حمّلت الحكومات العربية والقيادة الفلسطينية المسؤولية عن النكبة، وعن تشريد حوالي مليون فلسطيني! اللافت أن إسرائيل اليوم تحمل الولايات المتحدة الأميركية، ايضا، مسؤولية تدهور الوضع في الشرق الأوسط (لاسيما مع إيران وفي العراق).

وعلى هذا القياس فليس غريباً على إسرائيل هذه أن تقوم بلوم أهالي غزة المحاصرين على سعيهم الحثيث لإنهاء هذا الحصار، بالإنفاق، وبقوافل المساعدات الإنسانية من البر والبحر. كما ليس بغريب على إسرائيل هذه، التي باتت غريبة تماما عن العالم، القيام بتوجيه اللائمة، عن الجريمة التي ارتكبتها في عرض البحر المتوسط، إلى الناشطين الدوليين، المشاركين في "قافلة الحرية"!

ولعل ما جعل إسرائيل تجنّ جنونها هو تحول الصورة الأثيرة لها في العالم، وهي صورة الضحية، إلى صورة "أزعر" الحي، التافه والقبضاي، والذي يخشاه الآخرون، لا لقوته ولكن لتلافي حماقاته. وفي ذلك باتت إسرائيل، التي كانت تحرص على "فرادتها" في المنطقة، بمثابة دولة شرق أوسطية أخرى، بمعنى أنها "تطبعت" غصبا عنها، بعد أن كانت ترفض "التطبيع"، باعتبارها جزءا من الغرب المتقدم.

في هذه الصورة انمحت إسرائيل باعتبارها "واحة" للديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث الاستبداد الشرقي، فهي أيضا دولة عاتية ومتجبرة ومستبدة، وفوق ذلك فهي دولة عنصرية، أو مجرد "غيتو" في الشرق الأوسط. أيضا فقد اضمحلت صورة إسرائيل باعتبارها "جزيرة" للحداثة في صحراء المنطقة العربية، إذ تكشفت عن دولة ترتع في غياهب الماضي، وفي الأسطورة الدينية. فوق كل ذلك فقد ظهرت إسرائيل، أيضا، على حقيقتها باعتبارها أخر دولة استعمارية، في العصر الحديث، ما جعلها بمثابة وصمة عار في القرن الحادي والعشرين، وكعبء على النظام الدولي، مع أفول الظاهرة الاستعمارية، وغياب الأنظمة العنصرية، وانتهاء الحرب الباردة.

الآن، يمكن إضافة ما فعلته إسرائيل، في عرض البحر الأبيض المتوسط، وضد قافلة الحرية، إلى سجلها الدموي الإرهابي الأسود، وهو سجل بات يخجل اشد المؤيدين لإسرائيل، ويحرج أكثر أصدقائها. فهذا الرئيس الأميركي باراك اوباما لم يستطع تحمل مجرد لقاء مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، في ظل ما فعلته إسرائيل، وفي ظل التداعيات الناجمة عن فعلتها في عواصم العالم، وأمام الرأي العام العالمي. وهذا الفيلسوف الفرنسي (اليهودي) برنار هنري ليفي يطلق صيحته في تل أبيب (التي كان يزورها) إبان الحملة على بواخر المساعدات الإنسانية لغزة، قائلاً: "الصور التي رأيناها هذا الصباح تدّمر البلد الذي أحبه كثيراً..في حرب الصور والأخيلة إسرائيل خسرت الحرب". وهاهي حكومات ومجتمعات أوروبا تبدي ضيقها وتبرمها من السياسات الإسرائيلية الصلفة.

واضح أن إسرائيل في كل ما تفعله، لم تعد تدرك المحيط المتغير من حولها، أو أنها لا تريد أن تصدق بأن العالم لم يعد يحتمل ترهاتها وادعاءاتها وأساطيرها.

وعلى الأرجح فإن العالم، الذي يحارب الإرهاب والأصولية الدينية ويعمل على وضع حد لانتشار الأسلحة النووية، لن يحتمل إسرائيل الإرهابية والعنصرية والأصولية والنووية. ويبدو أن كل حملة مثل "رصاص مصهور" (اسم الحرب على غزة) أو "رياح سماوية"، إنما هي تعزز وتعجل من عزلة إسرائيل، ومن أفول العصر الإسرائيلي

===================

كيف تخسر العالم؟.. إسرائيل نموذجا!

د. غسان إسماعيل عبدالخالق

 الدستور

6-6-2010

إذا كانت ملحمة قافلة الحرية قد أوضحت حقيقةً محددةً على نحو بارز ، فإن هذه الحقيقة تتمثل بالتأكيد في الاخفاق الذريع الذي ألحقته الحكومة الإسرائيلية بنفسها جرّاء الانزال الدونكيشوتي الذي قامت به.

 

وفضلاً عن أصوات عشرات الكتاب الإسرائيليين التي تتعالى الآن داخل الكيان الصهيوني منددةً بالذهنية السينمائية التي باتت تخيم على مراكز صنع القرار ، فإن المئات من الفنانين والمثقفين والمفكرين الأوروبيين - ومعظمهم يهود - لم يعودوا قادرين على كظم غيظهم جرّاء التساهل الذي تبديه أوروبا تجاه (إسرائيل) وجرّاء الغرور الإسرائيلي المتصاعد.

 

أما على الصعيد السياسي والديبلوماسي الدولي ، فإن (إسرائيل) لم تكن محشورةً ووحيدةً ومدانةً كما هي الآن ، حتى من قبل أقرب الحلفاء الذين هالهم الأسلوب الذي اختارت (إسرائيل) أن تتبعه لتنفيس وتطويق قافلة الحرية ، فكانت النتيجة أن حققت (إسرائيل) للمشاركين في القافلة ما أرادوا بل أكثر مما أرادوا بكثير.

 

مشكلة النخبة الإسرائيلية الحاكمة الآن ، تتمثل في أنها لا تريد أن تعي حقيقة أن عروض إنزال القوات الخاصة التي نفذتها في بيروت وعنتيبي وغيرهما من العواصم والأماكن في العالم ، وانتزعت بسببها إعجاب شرائح من الرأي العام المتعاطف معها في البلدان الصديقة والحليفة ، لم تعد تحظى بأية شعبية ، سواء على صعيد الحكومات أو على صعيد الأفراد ، لأنها تضع (إسرائيل) وقراصنة الصومال في سلة واحدة جديرة بمسمى واحد فقط هو (عصابة). كما أن الحقبة التي كانت (إسرائيل) تقدم نفسها خلالها على أنها واحة الديمقراطية المحاطة بالبرابرة الذين لا يمكن ردعهم إلا من خلال فرق الاغتيال والعمليات الخاصة الخاطفة ولّت إلى غير رجعة ، لأن ثمة الآن شلالات متدفقة من المعلومات والحقائق التي يصعب تجاهلها أو التنكر لها. فالرأي العام العالمي بات يعرف و يدرك حقيقةً واحدة فقط وهي أن ثمة آلة عسكرية جهنمية اسمها (إسرائيل) تصول وتجول لاخضاع وتركيع الملايين من الفلسطينيين المدنيين العزّل الذي يفتقرون إلى أبسط حقوق الإنسان: حرية التنقل ، حرية العمل ، حرية التعبير ، حرية الحصول على الغذاء ، حرية الحصول على الدواء ، حرية الحصول على التعليم.

 

المحللون العسكريون والسياسيون الإسرائيليون ما زالوا حتى الآن يحاولون الاستيقاظ والنهوض جرّاء الصدمة التي أصابتهم بها حكومة (إسرائيل) التي ألحقت بنفسها أسوأ هزيمة عرفها الكيان الصهيوني على الاطلاق ، ولو طلب من مجموعة متخصصة في التضليل الاستراتيجي أن تعمل لسنوات على إعداد كمين لاستدراج (إسرائيل) إلى الكشف عن وجهها الحقيقي أمام الرأي العام العالمي لما تمكنت من إبداع ما أبدعته القيادة الإسرائيلية التي لم تكد تنتهي من تشكيل (فيالق ديبلوماسية) لتجميل صورتها السياسية المتآكلة على امتداد العالم حتى أغلقت الطريق تماماً أمام أية ديبلوماسية حالية أو مستقبلية لإصلاح ما أفسده قادتها المحنّكون،،.

===================

أردوغان يعري "إسرائيل"

آخر تحديث:الأحد ,06/06/2010

عدنان السيد

الخليج

العبارات التي أطلقها رئيس حكومة تركيا رجب طيب أردوغان أمام البرلمان التركي بعد الهجوم العسكري “الإسرائيلي” على (قافلة الحرية) المتجهة لفك الحصار عن قطاع غزة، جديرة بالتأمل .

 

(من يسكت على ما قامت به “إسرائيل” يكون شريكاً في جرائمها) قالها أردوغان . وفي ذلك دعوة للعالم لكي يضع حداً لجرائم “إسرائيل” المتمادية بحق الفلسطينيين والعرب الآخرين .

 

وأضاف: (لم يعد من الممكن التغطية على خروج “إسرائيل” على القانون أو تغاضيها عنه . وعلى المجتمع الدولي أن يقول من الآن وصاعداً: كفى) .

 

(ولم يعد وارداً إغماض أعيننا على المظالم التي ترتكبها “إسرائيل”، وعلى الحكومة “الإسرائيلية” أن تدفع الثمن) . أما الثمن الذي يجب أن تدفعه فهو السقوط، وقيام حكومة جديدة في نهجٍ مختلف وسياسة مختلفة كما يلمّح الأتراك في غير مناسبة .

 

ينبّه أردوغان الرأي العام في الدولة الصهيونية إلى الحقائق التاريخية وكيف دافعت تركيا عن اليهود والساميّة، ولا يمكن اتهامها بمعاداة السامية، فيقول: (إننا وقفنا ضد العداء للسامية دائماً وساهمنا في العيش بسلام في المنطقة، وأتى الوقت الذي يقف فيه الشعب “الإسرائيلي” ليقول لحكومته: توقفي) . وكأنه بذلك يحذر الصهاينة من توجيه موقفه نحو معاداة السامية، وتضليل الغرب من جديد .

 

ويلاحظ أردوغان أن السياسة “الإسرائيلية” الراهنة صارت عبئاً على المجتمع الدولي والعالم: (إن مشكلة “إسرائيل” لم تعد تركية، بل عالمية، وهناك انتهاك للقانون ودوسٌ على الكرامة الإنسانية) . وفي هذا الكلام دلالة بالغة على أزمة “إسرائيل” في وجودها وسياستها وعدوانها المستمر .

 

ورئيس حكومة تركيا لا تضلّله شائعات “إسرائيل” عن الإرهاب الفلسطيني والعربي والإسلامي، ويحكم بأن العالم (تعب من أكاذيب “إسرائيل”، وقادة “إسرائيل” أظهروا من جديد أنهم يعرفون القتل جيداً) . لا يوجد أقسى من هذا الكلام الواضح والصريح في مواجهة الحملات “الإسرائيلية”، في الإعلام والدبلوماسية والسياسة، التي تضع الدولة العبرية في موقع المدافعة عن نفسها ضد الغزو الفلسطيني والعربي (الإرهابي) .

 

كان أردوغان يعلم أن ردة الفعل “الإسرائيلية” ستنطوي على مهاجمة تركيا واتهامها بالانحياز والتطرف، وربما بالإرهاب . هذا ما دفعه إلى التحذير المسبق: (تركيا ليست دولة يتيمة يمكن أكل حقوقها، وبقدر ما تكون صداقة تركيا قوية، فإن عداوتها أقوى) .

 

إذا، نحن أمام مشهد درامي للعلاقات “الإسرائيلية” التركية، وهي تتجه إلى الانحدار . وهذا ما سيتضح أكثر فأكثر في الأسابيع القليلة المقبلة . إن العتب التركي على “إسرائيل” لم يبق في حدود الانزعاج، أو التعبير الدبلوماسي، وإنما تعدّى هذا الإطار ليبلغ مرحلة إعادة النظر بطبيعة العلاقات التركية “الإسرائيلية” .

 

من أسوأ المواقف ربما، أن تقف الحكومات العربية على الحياد في النزاع التركي “الإسرائيلي” . لقد راعينا كثيراً السياسات والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، إلى حد عدم اتخاذ موقف معارض للسياسة الأمريكية . ولو تأملنا في مواقف أوروبية، وغربية متعدّدة، كانت حليفة ل”إسرائيل” في مراحل مختلفة، وكيف تبدّلت مع حرب غزة وتقرير غولدستون الذي أدان الدولة العبرية وطالب بمحاكمة قادتها، لأدركنا وجود أزمة داخل كيان “إسرائيل”، وأزمة هذا الكيان مع العالم . فهل يجوز والحال هذه أن يبقى التنازع الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس؟

 

وهل يبقى التردد الرسمي العربي مسيطراً على الاجتماعات الرسمية وأنشطة جامعة الدول العربية؟

 

ثمة فرص في الدبلوماسية والسياسة كما في الحرب والمواجهة المسلحة . فرص الضغط على “إسرائيل” التي انتهكت مراراً وتكراراً القانون الدولي، وأطاحت بحقوق الفلسطينيين وسوريا ولبنان، وهدّدت الأمن العربي، وشكّلت ولا تزال خطراً على السلم والأمن الدوليين . . لماذا لم نلتقط هذه الفرص؟

تتردّد أصداء أقوال الدبلوماسيين الدوليين في أروقة الأمم المتحدة، وهم يطالبون العرب بالتوحّد واتخاذ الموقف . فلماذا الانتظار؟ وإلى متى؟

===================

المشكلة ليست في إسرائيل

بقلم :د. محمد بن هويدن

البيان

6-6-2010

بعد الاعتداء الشنيع الذي أقدمت عليه إسرائيل الأسبوع الماضي في المياه الدولية ضد قافلة الحرية المتجهة إلى قطاع غزة بهدف كسر الحصار المفروض عليه أصبح الكثيرون يتساءلون: ماذا عسى على إسرائيل أن لا تفعله؟!

 

الإجابة بالطبع غدت جلية حيث أصبحت إسرائيل ذاتها واضحة كل الوضوح في رسالتها التي توجهها للعالم والتي مفادها أنها تستطيع فعل ما تشاء ضد من تشاء وكيفما تشاء ولا أحد بإمكانه أن يوقفها وإن كان ما تفعله هو خروج واضح وصارخ عن القانون الدولي وانتهاك للمبادئ الإنسانية والأعراف الدولية. فهي بحق دولة خارجة عن القانون أي أنها بلا منازع الدولة المارقة الأولى في العالم.

 

لقد كتب الكاتب الأميركي ويليم بلوم في عام 2006 كتابه الشهير «الدولة المارقة: المرشد للقوى العظمى الوحيدة في العالم» مشيراً إلى الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها الدولة الخارجة عن القانون الدولي بسبب سياساتها التي تقوم بها حول العالم.

 

ولكن الواضح هو أن إسرائيل هي الدولة المارقة بحق؛ فما تفعله الولايات المتحدة تجد إدارتها له تفسير أو غطاء قانوني في معظم الأحيان وربما الاستثناء هنا اجتياحها العسكري للعراق.

 

ولكن ما تقوم به إسرائيل هو خرق واضح للقانون الدولي ولا يمكن لها أن تجد لنفسها غطاء قانوني فيما تقوم به في فلسطين المحتلة ضد الشعب الفلسطيني وهويته وأرضه، وضد سيادة الدول العربية المجاورة لها وحتى البعيدة عنها وضد المدنيين من الناشطين الدوليين.

 

والحقيقة التي يجب الإشارة إليها هنا هي أن المشكلة في كل ما تفعله إسرائيل لا يقع عليها وحدها، حيث إن إسرائيل دولة تتبع النهج الواقعي السياسي في علاقاتها الدولية والمعروف أن النظرة الواقعية السياسية للدول تضع المصلحة الضيقة للدولة فوق كل شي وأن تطلب تحقيق تلك المصلحة العمل بمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» فإن ذلك مسموح به وفقاً لهذه النظرة.

 

إسرائيل دولة لديها أجندتها ومصالحها واتخذت لنفسها النظرة الواقعية السياسية وبنت إستراتيجيتها في تحقيق مصلحتها على أساس هذه النظرة؛ فيمكن انتقادها على ما تفعله ولكن لا يمكن أن تعاب على ما تقوم به لطالما أن ذلك هو جزء أصيل من سياستها الإستراتيجية لتحقيق مصالحها.

 

لذلك فإن المشكلة لا تقع في إسرائيل قدر ما هي موجودة لدى الآخرين الذين عجزوا في وضع سياسات إستراتيجية قادرة على مواجهة السياسة الإستراتيجية الإسرائيلية.

 

والحديث هنا بالطبع عن العرب الذين لم يتمكنوا إلى يومنا هذا من بلورة سياسة إستراتيجية عربية موحدة للتعامل مع إسرائيل تضع النقاط على الحروف وتفرض على إسرائيل خيار التفاوض الجدي من خلال وضع بدائل وخيارات للعرب في التعامل مع إسرائيل حول ملف فلسطين وتستطيع من خلالها الدول العربية أن تضع برنامجاً يمكن أن يحقق لها التوازن في القوة التفاوضية مع إسرائيل حول هذا الملف.

 

هذه الحالة العربية المتمثلة في غياب الإستراتيجية العربية الموحدة تجاه القضية الفلسطينية ألقت بظلالها على الداخل الفلسطيني الذي بدوره انقسم على نفسه إلى قسمين كل واحد منهما يحمل سياسته الإستراتيجية الخاصة به في التعامل مع إسرائيل من دون وجود قبول مشترك لكل طرف بسياسة الطرف الآخر.

 

وفي ظل غياب مثل هذه الإستراتيجية العربية الموحدة وفي ظل غياب الإستراتيجية الفلسطينية الموحدة حدث العجز في إمكانية تحقيق التوازن في القوة التفاوضية مع إسرائيل لصالح الأخيرة التي استثمرت كل هذه الأوضاع لصالحها وأصبحت تعيث في الأرض فساداً.

 

كما أن هذا الأمر فتح الباب على مصراعيه لجهات إقليمية أخرى غير عربية - كإيران وتركيا - بأن تستغل تلك الظروف لصالحها وتحقق مكاسب لها في المنطقة العربية تفوق المكاسب التي تحققها جميع الدول العربية في نطاقها الإقليمي.

 

وأدى هذا الوضع أيضاً إلى تراجع الدعم الدولي ولاسيما الأميركي عن الاستثمار في بلورة صيغة سلام مشتركة بحجة أن الفلسطينيين أنفسهم لا يتحدثون بلغة سياسية واحدة.

 

فالتعنت الإسرائيلي وسياساتها العدوانية الهمجية، والتوغل الإقليمي الغير عربي في المسألة الفلسطينية، والعجز الأميركي ومعه الدولي عن تحقيق اختراق في مسألة الصراع العربي-الإسرائيلي مرده الأساسي حالة الضعف والانقسام العربي أكثر من أي شي آخر.

 

الدول العربية ومعها الفرقاء في فلسطين دائما ما يتحدثون عن استثمار أحداث بعينها من أجل تحقيق المصالحة العربية بشكل عام وتحقيق المصالحة الوطنية في فلسطين بشكل خاص؛ ولكن تبقى هذه الأحاديث مجرد شعارات تُرفع.

 

حيث لا يبدو أن أحداً مستعد للتنازل عن ما يعتبرها ثوابت بالنسبة له كي يبدأ المصالحة مع الطرف الآخر، وهذه الثوابت وللأسف الشديد لا تنم إلا عن مصالح شخصية أو ضيقة أكثر من أنها مصالح وطنية.

 

فعرب ما يسمى بالاعتدال غير مستعدين لقبول التعامل مع حماس التي في رأيهم شقت الصف الفلسطيني وسمحت بالتوغل الإيراني ورفعت راية الدين السياسي في المنطقة العربية، فيما عرب التشدد غير مستعدين لقبول التعامل مع السلطة الفلسطينية وإستراتيجيتها البعيدة عن خيار المقاومة المسلحة.

 

والسلطة الفلسطينية غير مستعدة للتعامل مع حماس بشروطها التي تريد فصل القطاع عن الضفة، وحماس لا تريد من جهتها التعامل مع السلطة الرافضة لفكر حماس السياسي في تحقيق هدف الدولة الفلسطينية.

 

وبين حالة الانقسام هذه تضيع حقوق الشعب الفلسطيني على يد محتل غاشم لا يعلم في السياسية إلا مبدأ استغلال الفرص واستثمارها لصالح تحقيق مصلحته الوطنية ولو كانت تلك المصلحة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وحساب القوانين والمبادئ الدولية.

 

فالمشكلة ليست في إسرائيل التي تسعى لتحقيق مصالحها الوطنية وإنما تتمثل فينا نحن العرب الذين أصبحنا في حاجة ماسة اليوم وقبل أي وقت آخر إلى وضع المصلحة المشتركة أمام أعيننا كأولوية من أجل صياغة سياسة إستراتيجية للتعامل مع إسرائيل في سبيل تحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية، وحتى ذلك الوقت سنبقى مهزوزين أمام إسرائيل التي لان تتوقف عن استغلال الوضع لتحقيق مكاسب أكبر لصالحها.

جامعة الإمارات

===================

الفخ التركي... وقطعة السكر

بقلم :د. محمد سلمان العبودي

البيان

6-6-2010

من الواضح أن تركيا استطاعت أن تنصب لإسرائيل فخا في عرض البحر!

 

وبقدر ما بكى الأتراك على ضحاياهم، بقدر ما ضحك العالم على وقوع دولة كإسرائيل في هذا الفخ التكتيكي.ترى ماذا تفعل إسرائيل بنفسها؟ وكيف يجري قادتها حساباتهم ؟

 

لماذا أصبح الساسة الإسرائيليون يقعون في أخطاء تكتيكية ودبلومساية قد تجر دولتهم إلى متاهات لا أول لها ولا آخر؟ هل تحولت دولة إسرائيل إلى دولة ساذجة سياسيا وعسكريا؟

 

نحن لا نقول ذلك مدفوعين بمشاعرنا الرافضة لأسلوب تعاملهم مع الشعب الفلسطيني، أو بما حدث لأسطول الحرية الذي غرق في بحر من الدم. وإنما لأن الأحداث الأخيرة تثبت ذلك.بالأمس كانت إسرائيل تشتكي لدى المجتمع الدولي من تهديد جمهورية إيران الإسلامية لها من جهة الشرق، واليوم بدأت تشتكي من تهديد جمهورية تركيا بحكومة إسلامية من جهة الغرب.

 

ولا أحد يعرف ولا حتى الإسرائيليون أنفسهم كيف ستحل هذه المعادلة الصعبة التي ورطت نفسها فيها أوكيف ستخرج منها؟ الحقيقة أنها لم تورط نفسها بل استطاعت تركيا أن تورط إسرائيل فيها وحتى الدول التي تدعمها. والجريمة التي ارتكبتها في حق الذين استشهدوا هي في الحقيقة مطب جديد في مشوار هذه الدولة التي تحتفل بمرور 62 عاما فقط على قيامها.

 

فكيف ستكمل ال 62 عاما القادمة؟ لا أحد يعلم إلا الله. جميع الأساليب فشلت في إجبار العرب والمسلمين على بلعها. كل المؤشرات تدل على أن عيشها بسلام كجزيرة صغيرة وسط محيط هائج من العرب والمسلمين أمر مستحيل مهما بلغت قوتها العسكرية والنووية.

 

وعندما صرخ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بجملته المشهورة بأن العرب سيرمون بإسرائيل في عرض البحر، فإنه كان يدرك بحنكتة العسكرية والسياسية ان تمدد إسرائيل نحو الشرق سيظل مستحيلا، فحيثما تمدد اليهود سيجدون أنفسهم محاطين من جديد ببحر من المسلمين من جميع الجهات: شرقا إيران والعراق وسوريا وشمالا مقاومة حزب الله وتركيا وجنوبا حماس ومصر.

 

بالتالي لن يكون لهم من منفذ سوى جهة الغرب: البحر الذي جاؤوا منه أصلا.هذا ما كان يرمي إليه عبد الناصر الذي نسبت إليه تلك الجملة المشهورة. الرياح هذه الأيام تجري بما لا تشتهي سفن الدولة العبرية. حتى انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة قبل عام ونصف أزعج الكيان الصهيوني وخلط أوراقه وفتح عينيه على حقيقة انقلاب الأمور.

 

تركيا اليوم تقف بكل قوتها وبكل ثقل مساحتها الجغرافية والبشرية والأيديولوجية التي لم نعهدها تجاه إسرائيل من قبل في وجه ممارسات الدولة العبرية اللا اخلاقية. وتمكنت من توريطها في فخ غطرستها وكان هذا الطعم يحمل اسم «اسطول الحرية» فوقعت فيه بكل سهولة.

 

تماما كما وقعت قبل سنتين في فخ حزب الله في جنوب لبنان الذي اصطادت مقاومته اثنين من جنوده، وبعدها في غزة بعد أن جرتها المقاومة الفلسطينية بواسطة صواريخها المحلية الصنع إلى حرب شعواء، ومن ثم قبل شهور وقعت من جديد بإرادتها وتخطيطها هي في فخ اغتيال المبحوح في إمارة دبي دون أن تحسب حساب نتائج عملياتها في كل مرة.

 

في جميع الحالات واجهت إسرائيل تذمرا دوليا صريحا لم يكن ممكنا قبل عشر سنوات مضت. ومهما حاولت تبرير عملياتها الإجرامية إلا أن دول العالم بدأت تكتشف كذبها وتشعر بالملل والتذمر من سلوكيات هذه الدولة الصغيرة المدللة التي تضرب عرض الحائط بكل قوانين الكبار.

 

ولا تتوقف حتى هذه اللحظة عن ابتزاز الدول الغربية باستغلال دم اليهود الذين قضوا في عنابر الغاز (الهولوكوست) في ألمانيا وأوروبا الشرقية قبل 65 عاما، أو ترديدها لاسطوانتها المملة (معاداة السامية)، بينما هي ترتكب أمام عدسات المصورين نفس جرائم النازية ونفس عنصرية جنوب أفريقيا سابقا.

 

اليوم أعلنت تركيا صراحة موقفها من الدولة العبرية، وأعلنت رسميا وهي تدفن أبناءها بأن العلاقات بين البلدين لن ترجع أبدا كما كانت عليه قبل عملية اقتحام أسطول الحرية.

 

وهددت بأن دم هؤلاء ستدفعه إسرائيل. هناك سؤال لا شك يدور في رأس الإسرائيليين كل ليلة قبل أن يخلدوا إلى كوابيسهم المستمرة منذ أكثر من ستين عاما: هل باستطاعة دولتهم الصغيرة بالرغم من كل رؤوسها النووية التي تتباهى بها، مواجهة إيران من الشرق وتركيا من الغرب وصواريخ حزب الله من الشمال وصواريخ حماس من الجنوب دون أن تصاب بدوار البحر؟ الوضع خطير جدا.

 

وإسرائيل تدرك ذلك خاصة وإنها أصبحت تدار في السنوات الأخيرة من قبل مجموعة من السياسيين والعسكريين الذين اشتهروا بفضائح الفساد المالي والأخلاقي وجهل تام بإدارة الحروب والأزمات في بقعة من الأرض مليئة بالمفاجآت.

هناك نقطة لا بد من التذكير بها: وهي أن العرب ما زالوا غير مدركين لما يجري حولهم، وليس لهم دور يذكر في الملحمة التي تدور رحاها على رؤوسهم، وما زالوا في مرارتهم الداخلية يبكون على أبواب الأمم المتحدة ومجلس الأمن منذ أكثر من ستين عاما دون أن يحصلوا حتى على قطعة سكر واحدة!

جامعة الإمارات

===================

إسرائيل تغلق قنوات التفاهم

بقلم :د. جانا بوريسوفنا

البيان

6-6-2010

لاشك أن عملية الهجوم على سفن أسطول الحرية التي كانت تحمل مساعدات إنسانية لسكان غزة المحاصرين منذ أكثر من أربع سنوات، وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤوليته. ولم يعد ممكنا أن يصل تحدي حكومة تل أبيب لإرادة المجتمع الدولي إلى هذا الحد.

منذ عام ونصف العام وعقب الحرب الدامية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، أصدر مجلس الأمن قرارا يشدد على الإيقاف الفوري لإطلاق النار ويفضي إلى انسحاب تام للقوات الإسرائيلية من غزة. ودعا القرار إلى تكثيف الجهود لإيجاد ترتيبات وضمانات تضمن «فتح دائم» للمعابر.

وأعرب أيضا عن «القلق البالغ» لتصاعد العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. بل وأدان العنف والأعمال العدائية الموجهة إلى المدنيين، وحدد القرار ضرورة «عدم إعاقة» وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

 

وفجأة تهاجم القوات الإسرائيلية أسطولا يحمل مساعدات إنسانية لسكان غزة، في المياه الإقليمية الدولية، لتواصل حكومة نتانياهو تحدي إرادة كل الوسطاء وكافة أطراف المجتمع الدولي عبر إفشال جهودهم في استئناف المفاوضات السلمية حتى لو كانت غير مباشرة.

 

ولم تكتف هذه الحكومة بالرد على مساعي رباعي الوسطاء لاستئناف المفاوضات السلمية بقرار تشييد مستوطنات في القدس الشرقية، وإنما شنت حملة عسكرية على قافلة أسطول الحرية.

 

وأعلن عقب هذه الحملة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن حصار غزة أمر ضروري، لأنه ؟ حسب تعبيره- يحمي تل أبيب والقدس من قصف يشنه مقاتلو حركة «حماس». وعبر عن دعمه لأعمال العسكريين الذين أوقفوا سفن «أسطول الحرية».

 

فيما كان موقف موسكو واضحا، إذ اعتبر الرئيس ديميتري ميدفيديف أن سقوط الضحايا البشرية إثر الهجوم الإسرائيلي على قافلة المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة غير مبرر.

 

وطالب بإجراء تحقيق شامل بأكبر درجة ممكنة. وأعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أسفه العميق لأن لفت انتباه المجتمع الدولي للوضع غير المحتمل الذي يعيشه قطاع غزة تطلب إراقة الدماء. وأكد أن روسيا ستستمر في تقديم المساعدة الإنسانية لقطاع غزة الذي لا يزال واقعا تحت الحصار الإسرائيلي.

 

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته أن استخدام السلاح ضد المدنيين وإيقاف السفن في عرض البحر بدون مبررات قانونية يعتبران انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية، واعتبرت أن هذا الحادث تأكيد جديد على ضرورة رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بأسرع وقت.

 

السياسة الإسرائيلية لم تعد تقتصر على تهميش دور روسيا فى تسوية أزمة الشرق الأوسط، وإنما تعدتها إلى تحدي إرادة المجتمع الدولي، وتجاهل مساعي وإرادة حلفاء إسرائيل الاستراتيجيين.

 

ولاشك أن الرد الرادع على السياسة الإسرائيلية يتطلب مواقف عربية أكثر حزما، فلن يمكن أن يكون الموقف الروسي أو الغربي بديلا عن موقف الدول العربية. ولعل رفع الحصار عن غزة وتقديم المساعدات لسكانها من جانب الدول العربية سيكون الخطوة الأولى في لجم وتحجيم السياسة الإسرائيلية.

 

إن الوسطاء الدوليين لن ينظموا حملة تأديبية ضد إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية، لأن هدف مساعيهم هو اجتذاب أطراف النزاع نحو تسوية سلمية وليس محاربتهم. كما أنه ليس مطلوبا من العرب الانجرار وراء هذه الاستفزازات وتفجير الوضع في المنطقة. ولكن المطلوب منهم إنقاذ غزة من الكارثة الإنسانية التي تعيشها.

 

والتي دفعت دولا مثل تركيا وايرلندا واليونان للمشاركة في كسر الحصار. ما يعني أنه مطلوب من الدول العربية أولا أن تقوم بهذه الخطوة حتى يتم إنقاذ سكان غزة أولا، ومن ثمة مواجهة السياسة الإسرائيلية.

 

وإذا كانت الدول العربية تسعى بجدية لتسوية الأزمة المتفجرة يجب عليها أيضا أن تكسر الاحتكار الأميركي لمسيرة العملية السلمية. والذي ثبت بالدليل القاطع انه عاجز عن إخراج التسوية من مأزقها، بل انه عاجز عن إنقاذ سكان غزة من الكارثة الإنسانية. ولابد من الإصرار على توسيع دائرة المشاركين في الضغط على أطراف النزاع للتخلي عن كل أعمال العنف والممارسات المدمرة.

 

موسكو لا تدعو لقصف إسرائيل، بل تحرص على أمن إسرائيل بنفس القدر الذي تحرص فيه على أمن الفلسطينيين وحصولهم على حقوقهم المشروعة. وبات واضحا أن الدور الروسي هو الأكثر موضوعية في التعاطي مع أزمة الشرق الأوسط التي تهدد بتفجير حرب ضارية في المنطقة.

كاتبة روسية

jannamarat@km.ru

===================

إسرائيل في مواجهة العالم وموصومة بالعنصرية

بلال الحسن

الشرق الاوسط

6-6-2010

لم يستطع «أسطول الحرية» الوصول إلى غزة لرفع الحصار عنها بصورة عملية، ولكنه نجح نجاحا كبيرا في تحريك العالم كله ضد حصار إسرائيل لغزة. كل عواصم العالم، الكبيرة منها والصغيرة، أصبحت تطالب إسرائيل برفع الحصار. حتى أصدقاء إسرائيل في أميركا وأوروبا اضطروا إلى صياغة موقفهم، فقالوا: يجب رفع الحصار عن قطاع غزة إنما من دون تهديد أمن إسرائيل. وحتى أمين عام الأمم المتحدة، الذي تشارك «مؤسسته» في عضوية اللجنة الرباعية الدولية، التي تصر على استمرار حصار غزة، إلى أن تقبل حركة حماس شروط اللجنة الرباعية (أولها الاعتراف بإسرائيل)، وقف قبل أيام ليطالب العالم رسميا، وباسم الأمم المتحدة، برفع الحصار الظالم عن غزة كما قال. أما مصر، صاحبة القرار بفتح معبر رفح، فقد أقدمت على فتح المعبر إلى أجل غير محدد، وإن كانت قد حصرت فتح المعبر بالعبور وبالحالات الإنسانية، ولكن دلالة القرار كانت واضحة جدا.

وحدها إسرائيل وقفت أمام العالم كله تقول: لا، وهو موقف لا تحسد عليه، وعناد يدفع إلى الشفقة لا إلى أخذ الموقف على محمل الجد. إنه عناد المأزوم الذي لا بد أن ينتهي. تقول إسرائيل إنها تحاصر غزة دفاعا عن أمنها، ولأن «الإرهابيين» هم الذين يحكمون غزة بدعم من إيران، بينما يرتفع صوت العالم ليدين العملية البحرية الإسرائيلية ويصفها بأنها إرهاب دولة، وبأنها إرهاب فوق المياه الدولية.

وبحسب هذا الوضع يكون أسطول الحرية قد تمكن من تحقيق هدفه، إذ أصبح موضوع رفع الحصار عن غزة موضوعا على رأس جدول الأعمال في المؤسسات الدولية كلها، وتكون إسرائيل قد خسرت المعركة بدوي هائل لم تواجه مثله من قبل.

وهذا الذي يحدث الآن، يأتي تتويجا لتغيرات بدأت تتفاعل منذ سنوات، وتصاعدت من دون أن تعيرها إس

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ