ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تركيا أم إسرائيل.. من
يخدم واشنطن أفضل؟ الرأي الاردنية 16-6-2010 إعداد: د. حسن البراري إبان الحرب الباردة كان هناك نقاش بين
النخب الأمنية والسياسة
الأميركية حول فيما إذا كانت
إسرائيل تعد ذخرا استراتيجيا
لخدمة مصالح أميركا وبالتالي
ينبغي دعمها على كافة المستويات
وعدم وضع الضغط عليها بخصوص
العلاقة مع العرب أم أنها عبئ
استراتيجي يجب التعامل معه
بمقاربة مختلفة. وكان لإنتصار
إسرائيل في حرب عام 1967 أثر كبير
في حسم النقاش الداخلي إذ أصبح
من نافلة القول أن إسرائيل تشكل
ذخرا استراتيجيا. مع نهاية
الحرب الباردة وبالتحديد مع
اندلاع أزمة الخليج في عام 1990
عاد السؤال مرة أخرى، وتكونت
قناعة لدى قطاع واسع بأن
إسرائيل تشكل عبئا وبخاصة عندما
قامت أميركا بحمايتها ونشر
بطاريات الباتريوت لمواجهة
الصواريخ العراقية التي دكت تل
أبيب. وكان من المفروض لهذا
الاستنتناج أن يقود إلى مقاربة
جديدة غير أن ذلك لم يحدث نظرا
لظهور عامل جديد يرفع من كلفة
الموقف على واشنطن إلا وهو لوبي
إسرائيل الذي لم يكن قويا قبل
عام 1967. اليوم وبعد تصاعد الخلاف التركي
الإسرائيلي أثر جريمة إسرائيل
في عرض المتوسط، يطرح البعض في
واشنطن فيما إذا كانت إسرائيل
عبئا أو أنها أفضل من تركيا في
خدمة مصالح الولايات المتحدة في
الشرق الأوسط. وقد طرحت شارمن
نارواني من كلية سانت أنتوني
بجامعة أكسفورد المسألة في موقع
الهفنغتون بوست الالكتروني
الأميركية. ففي ضوء ردة فعل
تركيا الأخيرة في أعقاب الهجوم
الإسرائيلي على أسطول الحرية،
بدأ الكثير من المراقبين
والمحللين بتفحص ما يعتبروه
تراجعا حادا في العلاقات الخاصة
التركية الأميركية، وهؤلاء
المراقبون تجاهلوا أو لنقل غضوا
الطرف عن حقيقة أن النقد التركي
لم يكن موجها لواشنطن وإنما لتل
أبيب على ما قامت به في عرض
البحر المتوسط. وترى الكاتبة أن
تعميق العلاقة الأميركية
الإسرائيلية منذ عهد الرئيس
ريغان قد خلق وضعا جعل الولايات
المتحدة تبدوا وكأنها تقوم بردة
فعل نيابة عن حكومة إسرائيل.
فبدلا من تحديد الولايات
المتحدة لسياستها وتصريحاتها
الرسمية حسب ما تقتضية مصالح
الأمن القومي الأميركي فإن
واشنطن تجد نفسها وبشكل فريد
مدافعة عن ما لا يمكن الدفاع
عنه، ويحدث هذا مرارا وتكرارا.
وبهذا المعنى فإن واشنطن تقوم
بإنفاق رأس مالها السياسي
العالمي على إسرائيل لكنها في
الوقت ذاته لا تجلب لنفسها سوى
الإزدراء الكبير من قبل مختلف
دول العالم وأحيانا من قبل
حلفاء لواشنطن. وتتطرق الكاتبة لكتاب جون ميرشايمر
وستيفن والت الذي حمل عنوان "لوبي
إسرائيل والسياسة الخارجية
الأميركية" والذي قالا فيه
أنه ومنذ عام 1982 قامت الولايات
المتحدة بممارسة حق النقض
الفيتو في مجلس الأمن 32 مرة ضد
مشاريع قرارات تنتقد إسرائيل
وهو أكثر من مجموع ما قامت به
الدول التي تمتلك حق النقض
الفيتو مجتمعة. وقامت إسرائيل
ما بين عام 1984 وعام 2006 بممارسة
حق النقض الفيتو 27 مرة ضد مشاريع
قرار تنتقد الإعمال
الإسرائيلية غير الشرعية وغير
القانونية أو التي تطالب
إسرائيل بأن تلتزم القانون
الدولي حتى عندما كانت مشاريع
القرار منسجمة مع السياسة
الخارجية الأميركية الرسمية.
والأدهى أن موقف الولايات
المتحدة ضد السبع والعشرين
مشروع قرار في مجلس الأمن كان
معزولا إذ انفردت الولايات
المتحدة بممارسة هذا الحق، وهنا
تشير الكاتبة أن الدول الأخرى
تتجنب استعمال حق النقض الفيتو
إذ كانت فرنسا أخر دولة تستعمل
هذا الحق في عام 1976 عندما رفضت
الاعتراف بواحدة من مستعمراتها
السابقة لتكون جزء من دولة جزر
القمر التي استقلت حديثا أنذاك. وفي مقالة حديثة في مجلة الفورين بوليسي
أكد ستيفن كوك (كبير باحثين في
مجلس العلاقات الخارجية في
نيويورك) على أن الولايات
المتحدة وتركيا دولتان تختلفان
في التكتيكات لكنهما تشتركان في
نفس الأهداف تقريبا. ويقول
ستيفن كوك أنه واشنطن وأنقرة
تشتركان بنفس الأهداف- هنا
الحديث عن السلام بين
الفلسطينيين وإسرائيل، عراق
موحد ومستقر، إيران خالية من
السلاح النووي، استقرار في
أفغانستان، سوريا ذات جهة غربية.
لكن المشكلة تكمن في التفاصيل
إذ عادة ما تكون تركيا
والولايات المتحدة على طرفي
نقيض في كل الملفات التي ذكرت.
الخلاف بين أميركا وتركيا الآن
ظهر للسطح عندما بدأت تركيا
تنحاز أو تأخذ جانبا في الصراع
الإسرائيلي الفلسطيني وتطلب من
إسرائيل أن تأخذ الخطوات
اللازمة لتخفيف الحصار عن غزة
أو إن لم تقم بذلك فإنها ستواجه
عواقب. ولا يجب أن يكون ذلك غريبا لأن واشنطن
نفسها كان قد صدر عنها تصريحات
تدعم فكر تخفيف الحصار عن غزة،
وينطبق نفس الشيء على الإتحاد
الأوروبي وكل دول العالم التي
طالبت بنفس الشيء وعلانية بعد
أن قامت إسرائيل بهجومها على
أسطول الحرية في عرض البحر
المتوسط. ولأن السفن كانت تحمل
الإعلام التركية ومسجلة في
تركيا وأن الذين سقطوا في
الهجوم الإسرائيلي كانوا
مواطنين أتراك فإن من غير
المستغرب أن تأخذ تركيا الخطوات
القوية. وبما أن هناك أهداف
مشتركة بين الولايات المتحدة
وتركيا فيما يتعلق بالشرق
الأوسط فإن اختلافهما في طريقة
تحقيق الأهداف لا يعني أنهما
على خلاف. ويقفز ستيفن كوك في
التوصل إلى نتيجة يتفق عليه
الكثير من المحللين والمراقبين
الأميركان وذلك عندما يخلط بين
التكتيكات التركية وأهدافها
الإستراتيجية وبعدها يقول
ويفترض بأن التكتيكات المشتركة
بين إسرائيل والولايات المتحدة
تعني من جملة ما تعني أن أهداف
واشنطن وتل أبيب الإستراتيجية
هي واحدة. ويبقى النقاش الأكثر أهمية هو المتعلق
بحقيقة فيما إذا كانت إسرائيل
تمثل عبئا إستراتيجيا. فبعد
حادثة أسطول الحرية بيومين كتب
المحلل الاستراتيجية المشهور
أنثوني كوردمزمان مقالا له نشر
على موقع مركز الدراسات
الإستراتيجية والدولية في
واشنطن بعنوان: "إسرائيل كعبء
إستراتيجي". وفي المقال
الممتع يقول أنثوني كوردمزمان
بأن العلاقات والراوبط بين
أميركا وإسرائيل لا تستند بشكل
رئيسي على المصالح الأميركية
الإستراتيجية، ففي كثير من
الأوقات تقوم الحكومة
الإسرائيلية التي تسلك طريق
السلام تقوم بتوفير بعض
المعلومات الاستخبارية وبعض
التطورات التكنولوجية العسكرية
وإن كانت ثانوية وتكون مصدرا
محتملا لقوة الاستقرار العسكري
التي يمكن لها أن تساعد بعض
الدول مثل الأردن، ولكن حتى
عندها فإن أي تدخل عسكري
إسرائيلي في أي دولة عربية
سيكون عامل زعزعة إستقرار.
ويتابع أنثوني كوردمزمان
بالقول أن الدافع الحقيقي وراء
التزام أميركا بإسرائيل هو
أخلاقي، فالدوافع هي استجابة
وردة فعل للمحرقة النازية ولكل
التاريخ المعاد للسامية في
التاريخ الغربي وبسبب اخفاق
الولايات المتحدة في مد يد
العون لليهود الألمان
والأوروبيين خلال الفترة التي
سبقت دخولها للحرب العالمية
الثانية. وهي دوافع تنطلق من ما
تراه واشنطن بأن إسرائيل هي
دولة ديمقراطية تشترك تقريبا مع
كل القيم التي تميز الولايات
المتحدة. هنا لا بد من تسجيل نقطة خلاف مع ما ذهب
إليه أنثوني كوردمزمان من وجود
قيم مشتركة بين الولايات
المتحدة وإسرائيل، فالكاتبة
والباحثة شارمن نارواني ترى بأن
التبعير هو أقرب للأسطورة منه
للحقيقة، فكيف للولايات
المتحدة على سبيل المثال أن
تدعم الاحتلال أو التقتيل أو
العقاب الجماعي والتمييز
الممنهج والذي ميز تاريخ الدولة
العبرية؟ وهنا تتساءل شارمن
نارواني فيما إذا كان المطلوب
التماهي الأعمى مع "الثقافات
البيضاء"، وهي تذكّر بكم
تخلفت الولايات المتحدة في
موقفها لإدانة العنصرية
المؤسسية في جنوب أفريقيا إبان
فترة نظام الفصل العنصري. وتقول
شارمن نارواني أن المسؤولية
الأخلاقية للمحرقة النازية يجب
أن يتحملها الألمان وحدهم وليس
الولايات المتحدة، فإسرائيل
ليست مرادفا لليهود، فلا يتماهي
مع إسرائيل كل اليهود كما أنه
ليس كل الإسرائيليين هم يهود.
فإسرائيل هي دولة خلقت بفضل
حركة الاستيطان الكولونيالي
السياسي والذي أفضى إلى مزيد من
النزاعات لليهود وغير اليهود في
العالم، فهي دولة وحتى بعد ستة
عقود من تأسيسها العنيف مازالت
لا تحدد حدودها، كما أنها تستند
على فرادة مثيرة للاستياء
عالميا، وهي دولة فيها مستوى
عال من العسكرة وهي تعتمد كليا
على الدعم الأميركي للبقاء وهي
ربما أقل مكان آمن لليهود يمكن
لهم أن يسكنو به اليوم. بعيدا عن ذلك فإن أنثوني كوردمزمان يشير
إلى حقائق من ضمنها أن إسرائيل
لم تعد ذلك الحليف المفيد كما
كانت إبان الحرب البادرة، فهي
لم تعد قلعة في وجهة الدول
التابعة للإتحاد السوفييتي في
الشرق الأوسط ولم تعد التهديد
الذي شكلته ضد الحركات القومية
الإقليمية التي كانت تعيق من
قدرة الولايات المتحدة على
الوصول وجني الأرباح من المصادر
النفطية النفيسة. وبدلا من ذلك،
فإن إسرائيل اليوم تشكل عبئا
استراتيجيا، فقد فقدت الولايات
المتحدة كل التأثير والصدقية في
الشرق الاوسط بسبب عدم قدرتها
على التوسط في عملية السلام أو
القيام بدور نزيه في الشرق
الأوسط. وعلاوة على ذلك، فإن
إسرائيل وأصدقائها من
المحافظين الجدد يتحملون
مسؤولية الخطأ الشنيع الذي
ارتكتبه الولايات المتحدة
بغزوها للعراق في العام 2003. أما اليوم فإن إسرائيل مسؤولة فقد عن دق
طبول الحرب ضد إيران، وبطبيعة
الحال فقد إعتمدت الولايات
المتحدة لدرجة كبيرة على
المعلومات الإستخبارية التي
تأتي بها إسرائيل في تعامل
واشنطن مع الجماعات والدول التي
تعارضها إسرائيل ومع الجماعات
والدول التي تجد أميركا نفسها
وبشكل مفاجىء في مواجهة غالبا
نيابة عن المصالح الإسرائيلية.
فهل كانت الولايات المتحدة، على
حد تبعير شارمن نارواني، ستواجه
حماس وحزب الله وسوريا وإيران
لو لم تكن إسرائيل في الصورة،
وهل كان من الممكن أن تكون هذه
الجماعات والدول أعداء
للولايات المتحدة؟ فحزب الله
وحماس ما كانوا ليظهروا لولا
الاحتلال الإسرائيلي، كما أن
الولايات المتحدة اختلفت مع
سوريا بسبب رفض الأخيرة
الإعتراف بإسرائيل وهو أمر
مفهوم إذا ما نظرنا إلى
الاحتلال الإسرائيلي للأراضي
السورية منذ عام 1967. كما أن
علينا أن نتذكر أن كل الضجة
بخصوص الملف النووي الإيراني هي
بسبب إسرائيل التي أدخلت سباق
التسلح النووي في الشرق الأوسط
والتي لا تريد لأي دولة أخرى أن
تتنهي الهيمنة الإقليمية لها أو
التفوق العسكري النوعي للجيش
الإسرائيلي. فمتى كانت آخر مرة
لهذه الجماعات أو الدول استهدفت
الأميركا كسياسة؟ فإسرائيل
تحلق الضرر والأذى بالأميركان
في كل مرة تخطو بها خطوة في
الشرق الأوسط، ومقولة أنه ليس
هناك مسافة بين أميركا وبين
إسرائيل التي يرددها البعض شكلت
مشكلة كبيرة، فالعالم كله
والمجتمع الدولي يتفق مع وجهة
النظر التي تفيد بأن الولايات
المتحدة تدعم وتؤيد كل الإعمال
الإسرائيلية، ولأن الكثير من
هذه الخطوات هي غير قانونية فإن
الولايات المتحدة تبدوا منافقة
عندما تقوم اميركا بتحدي
الاعتداءات التي تقوم بها الدول
الإقليمية الأخرى. وبعد كل ذلك فهناك تركيا البلد العضو في
حلف النيتو منذ عام 1952 وهي
الدولة رقم 16 على اقتصاد العالم
وفيها ثاني أكبر قوات مسلحة في
النيتو إذ أن هناك أكثر من مليون
عسكري فيها، وهي عضو مؤسس للأمم
المتحدة، وهي عضو في منضمة
التعاون والأمن الأوروبي، وهي
من ضمن مجموعة العشرين، وهي
كذلك شريك تجاري للإتحاد
الاوروبي (50% من صادراتها
ووارداتها)، وهي دولة غنية
بالمصادر الطبيعية والمعادن
والغاز الخ. وفي تقرير صادر عن
مؤسسة راند الأميركية ونشر في
شهر شباط من العام الحالي نتيجة
تفيد بأن شراكة أمنية قوية مع
تركيا كانت ومازالت عنصر هام في
سياسة الولايات المتحدة في
منطقة المتوسط والشرق الأوسط
منذ بداية الخمسينيات، وهي
شراكة أكثر أهمية هذه الأيام،
فتركا ملتقى لأبع مناطق أصبحت
ذات أهمية خاصة للولايات
المتحدة منذ نهاية الحرب
الباردة وهي: البلقان، والشرق
الاوسط، والقوقاز وأسيا الوسطى
ومنطقة الخليج. وفي كل هذه
المناطق الأربع فإن تعاون تركيا
لهو أمر هام وحيوي حتى يتسنى
للولايات المتحدة تحقيق
أهدافها. فتركيا تغلب
الدبلوماسية هذه الأيام، وهي
دولة اتبعت سياسة عدم الصدام مع
جيرانها وهي بذلك تمكنت من
تسجيل رقم قياسي في اتفاقيات
التجارة التي رفعت من اقتصادها
ورفعت من قوة تأثيرها على
المسرح الدولي. وفي المقابل،
فإن الولايات المتحدة متورطة في
ثلاثة حروب، وخسرت تأثيرها
العالمي التي تمتعت به خلال
العقد الماضي وخلطت بين
الدبلوماسية وسياسة حافة
الهاوية، وهي متورطة في واحدة
من أسوأ الأزمات الإقتصادية في
التاريخ. وهناك القليل من الدول
التي تمكنت من خدمة الاستقرار
والسلام الدولي أفضل من تركيا،
وهنا دعوة من قبل شارمن نارواني
لتغيير السياسات الفاشلة
والارتقاء لمستوى التصريحات
العامة لأنها ستجعل من أميركا
دولة أكثر استقامة وفائدة. وفي
النزاع حول المصالح
الاستراتيجية بين تركيا
وإسرائيل فإن الولايات المتحدة
ستجد نفسها تشترك بقيم أكثر مع
تركيا لكن لا يحدث هذا إلا إذا
تمكنت إسرائيل من كسر القوة
الخطرة التي تمتكلها إسرائيل
على الولايات المتحدة. تركيا بدورها تقرأ المشهد الإستراتيجي
بشكل مختلف ربما عن إسرائيل،
فالتعامل مع إيران هو ربما ناتج
عن عوامل جيوسياسية لا يمكن
لأنقره أن تتجاهلها لصالح
الرؤية الإسرائيلية التي تقوم
على شيطنة إيران ورفع كلفة من
يتساهل معها. وقد كتبت صابرينا
تافثرنيس في صحيفة نيويورك
تايمر قبل أيام قليلة مقالا
جادلت فيه بأن وجهة النظر
الأميركية ترى في التقارب
الإيراني التركي أمرا غريبا،
فتركيا هي عضو في النيتو وهي
دولة يقول دستورها بأنها دولة
علمانية في حين أن إيران دولة
إسلامية تسعى للحصول على مقدرات
نووية تزعج الولايات المتحدة
وهي مصدر مشاكل لسياستها
الخارجية وبخاصة في الشرق
الاوسط. والكثير في أميركا
يطرحون ما يبدو وكأنه خلافات
أميركية تركية وعلى وجه التحديد
التمرد الذي تبديه تركيا عندما
صوتت في مجلس الأمن ضد مشروع
العقوبات على إيران. فبالنسبة
للولايات المتحدة جاء موقف
تركيا في مجلس الأمن كصفعة في
وجه واشنطن وهو الأمر الذي دفع
وزير الدفاع الأميركي روبرت
غيتس للقول في لندن بأن تركيا
تتحرك نحو الشرق وهو تغير يعزوه
وزير الدفاع إلى موقف الاتحاد
الأوروبي بخصوص طلب تركيا
للإنضمام للإتحاد. وهذه الرواية
الأميركي تكتسب زخما مؤخرا،
فتركيا التي تمثل الجسر بين
الغرب والشرق تقوم بالاصطفاف مع
الشرق لأنها افتقدت وخسرت
طريقها عندما كانت في طريقها
لتصبح أقرب للغرب. أما تركيا فهي
لم تضل وإنما تختلف مع الولايات
المتحدة حول مقاربة المشاكل في
الشرق الأوسط، فإدارة أوباما
اختارت العقوبات ضد إيران في
حين تركيا ترى أن التعاون هو
السبيل الأفضل لوقف إيران من
بناء القنبلة، ولتحقيق هذه
الغاية فقد أجرت أنقرة محادثات
مع طهران لحل المشكلة العالقة
بين إيران وبعض دول العالم
المتنفذة. فتركيا تخشى من أن
تتسلح إيران نوويا لأن من شأن
ذلك أن يغير من موازين القوى بين
البلدين لكنها في الوقت ذاته
فهي قلقة من تركيز إدارة الرئيس
أوباما على موضوع العقوبات لأن
ذلك يستحضر تسرع الرئيس الأسبق
بوش في محاولة ايجاد أسلحة
نووية في العراق، وتخشى تركيا
من أن الغرب يقوم بأشياء قد تطلب
من تركيا أن تدفع الكلفة لذلك.
بمعنى أن تركيا تخشى من أن تخلق
السياسات الأميركية تجاه إيران
عراقا آخرا! السلوك التركي على وجاهته يقلق
الأميركان، وهنا يقول سونر
كاغبتاي من معهد واشنطن في
مقالة له في مجلة نيوزويك في
عددها الأخير مقالة بعنوان: "من
يخشى تركيا؟"، يقول أن تركيا
بدأت بإخافة الأميركا ولأسباب
وجيهة. فبدأت تركيا بخلاف واضح
بين أردوغان وشيمعون بيرس في
مؤتمر دافوس حول الفلسطينيين
مما أدى إلى تراجع العلاقات
التركية الإسرائيلية، ثم عقدت
تركيا صفقة مفاجأة مع إيران حول
تخصيب اليورانيوم مما أدى إلى
تقويض المساعي الغربية لوضع
الضغط اللازم حتى تتخلص من
برنامجها النووي، ثم جاء موضوع
أسطول الحرية لكسر الحصار على
غزة. غير أن الكاتب يصر على أنه في وقت بدأت
تركيا تبدو وكأنها تتبنى مواقف
اسلامية أكثر من أي وقت مضى،
فهناك إشارات بأن تحولا كبيرا
داخليا يمكن له أن يعيد توجيه
السياسة التركية وبخاصة
السياسة الخارجية لتكون أقرب
للغرب. وفي حال تحقق هذا التغير،
فإنه سينهى انجرافا بدأ منذ عام
2002 عندما وصل للسلطة حزب التقدم
والعدالة وهو حزب اسلامي. فهذ
الحزب أصبح أكثر تسلطية من ذي
قبل وأصبح معاد للغرب منذ ذلك
الوقت على حد تعبيرالكاتب.
فمثلا، هناك رابطة قوية بين
منظمة المجتمع المدني التي أعدت
أسطول الحرية وحزب التقدم
والعدالة، وتمكنت هذه المنظمة
من جمع الكثير من الأموال في
مركز التراث في إسطنبول الذي
يسيطر عليه حزب التقدم والعدالة
وهو المركز الذي تصنفه الولايات
المتحدة كجزء من منظمات ارهابية. ولأول مرة منذ سنوات، يواجه حزب التقدم
والعدالة تحديات حقيقية، صحيح
أن المعارضة الرئيسية في تركيا (بقيادة
حزب الشعب المحافظ والذي أصبح
في الآونة الأخيرة مجرد ضلال
القوة العلمانية التي حكمت
البلد لفترة من الزمن وجعلت منه
الحليف القوي في النيتو) تعرضت
لانتكاسة وبخاصة بعد الفضائح
الجنسية لزعيم الحزب بايكال
الذي أجبر على الإستقالة، لكن
الصحيح أيضا أن القائدة الجديد
للحزب والذي يعلن أنه ملتزم
بالقيم الغربية هو رجل المرحلة
الذي يمكن له أن يعيد بناء
معارضة فعالة ويمكن له أن يعيد
توجيه السياسة الخارجية
التركية نحو الغرب. وقد عبر
الزعيم الجديد للمعارضة بأنه
يدعم مساعي تركيا للإنضمام
للإتحاد الأوروبي والتي لم تفضي
لشيء بسبب المعارضة الأوروبية
لأن يكون هناك عضو مسلم ولكنه
أيضا بسبب عدم جدية حزب التقدم
والعدالة في العملة منذ أن بدأت
أنقرة محادثات الانضمام في عام
2005. صحيح أن الزعيم الجديد للمعارضة دعم بعض
مواقف الحكومة في ردة فعلها على
أسطول الحرة وما قامت به
إسرائيل في عرض المتوسط ولكن
كان من المستحيل لأي سياسي بأن
لا يدعم الموقف التركي وتحديدا
بسبب قتل النشطاء الأتراك لكنه
مازال الرجل الذي يمكن له أن
يحدث التغيير في المستقبل.
ويستطيع الزعيم الجديد لحزب
الشعب أن يعيد التزام حزبه
بالمثل الأتاتوركية، وهذه
الكمالية الجديدة يمكن لها أن
تستحضر رغبة كمال أتاتورك في أن
تصبح تركيا أوروبية مما يمكنه
من جعل عضوية الإتحاد الأوروبي
وإعادة التحالف مع الغرب على
رأس الأولويات في وقت يمكن له أن
يقلل من قيمة تقارب حزب التقدم
والعدالة مع إيران وروسيا.
ويقول الكاتب أن هناك الكثير من
المؤشرات بأن شيئا من هذا
القبيل هو في طور الإنتاج،
فالكمالية الجديدة سوف تترك
التعاطف الأيدولوجي لحزب
التقدم والعدالة مع إيران حتى
تتمكن من تبني منظور وطني
براغماتي يقضي بأن إيران
النووية هي ضد المصالح التركية. تحليل الكاتب في مجلة نيوزويك يغلب عليه
طابع التمني أو التحليل
الرغائبي نظرا لموقفه
الأيدولوجي وخدمته في معهد
واشنطن الذي يتخذ موقفا جماعيا
من تركيا لأنها تسلك بشكل يزعج
إسرائيل وليس لأنها تتبنى
سياسات معارضة أو مخالفة لرغبة
الولايات المتحدة. فالقضية
الرئيسية لهم هي كيف يمكن
مساعدة إسرائيل تخطي موجه السخط
الدولية الحالية نتيجة للقرصنة
الإسرائيلية أكثر من تحليل
العلاقات الثنائية التركية
الأميركية من منظور مصالح
الولايات المتحدة في الأقاليم
التي لا يمكن الإستغناء عن
التعاون مع أنقره إن رغبت
أميركا بتقليل كلفة تحقيقها
لإهدافها. وعودة على بدء، لا يمكن حسم سؤال من هي
الدولة التي تخدم مصالح أميركا
أفضل، فأميركا التي تقيم علاقات
وثيقة مع إسرائيل لا يمكن لها أن
تتجاهل أن إسرائيل أصبحت عبئا
استراتيجيا عليها، وأن اتباع
أميركا لسياسات مؤيدة لإسرائيل
التوسعية يرفع من الكلفة
السياسية والعسكرية
والإقتصادية لاشتباكها في
الشرق الأوسط. لكن في الوقت ذاته
لا يمكن أن يفهم من ذلك أن
أميركا سوف تتخلى عن إسرائيل او
أنها ستمارس ضغطا كبيرا عليها
لإحداث تغير في السياسة
الإسرائيلية، فهناك عوامل
عديدة أبرزها السياسة الداخلية
في الولايات المتحدة ونظامها
السياسي المفتوح الذي يسمح
بالكولسات واللوبيات لأن تقيد
السياسة الخارجية الأميركية.
لكن في الوقت ذاته لا يمكن
لأميركا التقليل من شأن القيمة
الإستراتيجية التركية والتي
أثبتت بأنها حليف موثوق به
وبخاصة إبان الحرب الباردة، غير
أن تركيا لا تقبل بأن تكون دولة
في الإقليم لا تمارس دورا
يتماشى مع مصالحها ومع مكانتها
السياسية والإقتصادية
والعسكرية في المنطقة، فأنقرة
تشعر بأن إسرائيل تتجاوز حدود
المنطق والعقل في تعطيل العملية
السلمية وهي اي إسرائيل تدق
طبول الحرب ضد إيران ما ينعكس
سلبا على تركيا، وبهذا المعنى
فإن تركيا معنية أيضا بالدفاع
عن مصالحها وهو الامر الذي لا
تتقبله القوى المؤيدة لإسرائيل
في واشنطن. ربما ليس على أميركا أن تختار بين تركيا
وبين إسرائيل، لكن الخلاف
التركي الإسرائيلي يحرج أميركا
أكثر من أي دولة أخرى، فهي من
جانب لا يمكن لها التصرف بشكل
يغضب تركيا لإعتبارات كثيرة
لكنها في الوقت ذاته تملك سجلا
في الانصياع والامتثال لما
تمليها عليها المنظمات المؤيدة
لإسرائيل في واشنطن. فما من شك
أن تركيا أهم استراتيجيا من
إسرائيل بالنسبة لأميركا وأنها
تقدم خدمات أهم ولا تشكل عبئا
كما هو الحال مع إسرائيل لكن
الموقف من إسرائيل تتحكم فيه
عوامل غير استراتيجية في كثير
من الأحيان. ===================== جاكسون ديل (كاتب ومحلل سياسي أميركي) واشنطن بوست الاميركية الرأي الاردنية 16-6-2010 على رغم تدفق سيل من أخبار المشكلات
السيئة من أفغانستان بتسارع
مطرد الأسبوع الفائت، احتلت تلك
الأخبار مكاناً في مؤخرة
النشرات الإخبارية في القنوات
الأميركية، التي كانت قد خصصت
مقدماتها لآخر تطورات التسرب
النفطي في خليج المكسيك،
والانتخابات الأولية الأميركية.
ومن ضمن تلك الأخبار السيئة أن 23
على الأقل من جنود «الناتو»
لقوا مصرعهم، وأن طائرة
هيلكوبتر أميركية أسقطت، وأن
انتحاريّاً قد نفذ عملية أسفرت
عن مصرع العشرات في حفل زفاف في
قندهار. ومن حسن حظ إدارة أوباما أن هذه الأخبار
لم تحظ بما تستحقه من اهتمام
إعلامي، حيث لم يعد لدى البيت
الأبيض الكثير مما يمكن أن يقوم
به في معرض الدفاع عن سياسة
الإدارة الحالية في أفغانستان،
منذ إعلانها من قبل الرئيس
أوباما في ديسمبر الماضي. وعلى رغم أن ذلك يعد تغيراً مرحباً به -مقارنة
بما كان يحدث في عهد إدارة بوش
في مثل هذه الحالات من نقاش
محموم، إلا أنه يدعو، في جانب من
جوانبه أيضاً للرثاء، على كل
حال. ومصدر الرثاء هو أنه لم يعد هناك كثيرون
في واشنطن قادرين على ملاحظة
مثل هذه الزيادة الواضحة
والسريعة في المشكلات التي
تواجهها سياسة زيادة عدد القوات
الأميركية في أفغانستان. والمفاجأة الكبرى في هذا السياق ليست
الخسائر المتزايدة في الأرواح،
لأن ذلك كان أمراً متوقعاً مع
مقدم الصيف، وبالنظر إلى
التعزيزات العسكرية الأميركية
في ولايتي «هلمند» و»قندهار»
الجنوبيتين، وإنما تمثلت في
ثلاث انتكاسات غير متوقعة -وكان
من الممكن تجنبها- وردت أخبارها
في ثلاثة من البيانات المتعلقة
بالعمليات «غير القتالية» في
الميدان. الانتكاسة الأولى تمثلت في إقدام كرزاي
على إقالة اثنين من الوزراء
الثلاثة الأكثر قرباً في حكومته
من الولايات المتحدة وهما وزير
الداخلية «حنيف أتمار» ورئيس
جهاز الاستخبارات «أمر الله
صالح». والانتكاسة الثانية
تمثلت في إعلان وزير الدفاع
الأميركي جيتس في مؤتمر صحفي ل»الناتو»
في بروكسل أن الحلف لا يزال
بحاجة إلى ما يقرب من 450 مدرباً
لاستكمال عملية توسيع الجيش
الأفغاني الحيوية، التي بدونها
لن تكون هناك استراتيجية خروج،
من الأساس. وأما الانتكاسة الثالثة فتمثلت في إقرار
الجنرال «ماكريستال» كبير
القادة الأميركيين في
أفغانستان في ذات مؤتمر «الناتو»
أن الحملة التي طال انتظارها
لتأمين «قندهار» موطن «طالبان»
وعائلة كرزاي، ستبدأ في موعد
لاحق وستستمر على نحو أكثر
بطئاً مما كان مخططاً لها في
البداية، بسبب ما وصفه بأنه
صعوبات تواجه عملية كسب الدعم
والمساندة من قبل السكان
المحليين. وما تكشف عنه هذه الأخبار هو أن الأمر لا
يقتصر على أن ثلاثاً من العقبات
الرئيسية التي كانت تقف عائقاً
في سبيل نجاح سياسة أوباما
بزيادة عدد القوات قد بقيت كما
هي فحسب، وإنما أيضاً لأن هذه
العقبات تزداد تفاقماً على ما
يبدو. وفي العقبة الأولى علينا أن نتذكر أن
الدول الأوروبية لم تلتزم
بالتعهدات التي كانت قد قطعتها
على نفسها بالمساهمة في
المجالات الحيوية في أفغانستان
مثل التدريب. وفي العقبة الثانية أيضاً يزداد الشعور
الآن بافتراق مصالح الولايات
المتحدة عن مصالح حكومة كرزاي،
على رغم جلسة المصالحة بين
الحكومتين التي عقدت في واشنطن
الشهر الماضي، وخاصة أن الرئيس
الأفغاني كان لديه من الأسباب
ما يدفعه لعزل الوزيرين
المواليين للأميركيين ومنها
على سبيل المثال اعتراضهما على
التفاوض مع «طالبان». ولكن الولايات المتحدة تقول إن كرزاي كان
يدفع باتجاه عزل هذين الوزيرين
إضافة إلى وزير الدفاع «عبد
الرحيم وردك» منذ أن أصرت
واشنطن على تعيين الثلاثة في
مجلس الوزراء الذي شكله بعد
إعادة انتخابه العام الماضي. وفي العقبة الثالثة والأكثر خطورة يعكس
تصريح «ماكريستال» الغياب
المستمر لخطة واضحة ومتماسكة
لدى القيادة الأميركية لتهدئة
الأوضاع في جنوب أفغانستان،
بحيث تقوم على المزج بطريقة
سليمة بين المجهودين العسكري
والمدني. ومن المعروف أن الجهد
الأول الذي تم في هذا الشأن هو
الحملة في منطقة «مارجا» ما زال
متعثراً، وهو ما يرجع جزئياً
إلى فشل عملية ملء الفراغ الذي
تركه طرد» طالبان» من تلك
المنطقة. أما في قندهار فربما يرجع التعطل الذي حدث
هناك إلى أن القيادة العسكرية
الأميركية تعاني من الافتقار
للعزم والتصميم اللازمين، حيث
تراجعت عن محاولاتها الأولية
لتحدي بنية مراكز القوى المحلية
الفاسدة المتمترسة في الإقليم
والتي كان يرأسها أحمد كرزاي
الأخ غير الشقيق للرئيس
الأفغاني. كما قررت التراجع عن نشر قوات عسكرية في
المدينة نفسها بخلاف الشرطة
العسكرية، ولم تقم بأي تحرك
لنزع سلاح المليشيات التي تشرف
على بعضها عائلة كرزاي ذاتها،
أو حتى قطع التمويل الغربي عنها.
والمحصلة، أن القوات الأميركية
أصبح ينظر إليها من قبل الكثير
من الأفغان على أن كل ما تقوم به
هو تعزيز أوضاع المليشيات
المحلية -التي قد لا تكون
بالضرورة مرتبطة ب»طالبان». والسبب الذي ترجع إليه تلك المشكلات،
والذي ربما يدفع بعضها، هو قيام
أوباما بفرض جدول زمني لعملية
زيادة عدد القوات في أفغانستان:
أي إجراء مراجعة لتقدمها في
ديسمبر المقبل، تتبعه بدايات
انسحاب لتلك القوات في يوليو 2011. إن الإحساس بأن عقارب الساعة تدق لتؤذن
بقرب انتهاء المهمة الأميركية
في أفغانستان يدفع كرزاي دفعاً
نحو تعزيز، والدفاع عن منظومته
السياسية الخاصة، وتفضيل تعيين
المساعدين الذين يمكنهم
التفاوض مع باكستان -وربما
طالبان- على أولئك المقربين من
الولايات المتحدة. كما يجبر «ماكريستال»
على التركيز على تحقيق نتائج
سهلة ذات مظهر إيجابي خلال
الشهور القليلة القادمة بدلا من
الالتزام بحلول أصعب وذات مدى
أطول. ولكن أيّاً مما تقدم لا يعني أننا قد
خسرنا الحرب عمليّاً. فبفضل
التزام أوباما بارسال 30 ألف
جندي جديد والمليارات من
المساعدات الاقتصادية الإضافية
لأفغانستان، يبقى النجاح
ممكناً تماماً. ولكن نظراً
لدخول الصيف، وانشغال واشنطن
بموضوعات أخرى، فإن خطوط
الاتجاه العام في أفغانستان،
والمزاج العام حول المهمة هناك،
لا يبدوان جيدين. ===================== محمد الشحري 6/16/2010 القدس العربي يدور هذه الأيام الكثير من الكلام في
وسائل الإعلام المختلفة عن
تركيا وتحولها إلى لاعب
استراتيجي في منطقة الشرق
الأوسط، ولم يكن هذا التحول
بالشيء اليسير خاصة فيما يتعلق
بالقضية الفلسطينية. قبل بضع سنين لم يكن يخطر ببال أي متابع
للشأن التركي أن تكون لتركيا
هذه المكانة بين الجماهير
العربية، إذا أن التركة التي
خلفتها الدولة العثمانية في
المنطقة العربية كانت ثقيلة
وأليمة في كلا الحالتين،
فالضرائب التي فرضتها إدارة
الباب العالي على الأقاليم
العربية كانت قاسية، كما كان
التجنيد الإجباري يستهلك طاقة
الشباب العربي، الذي ترك البعض
منهم مزارعهم وحقولهم وأجبروا
على الالتحاق بالجيش العثماني،
مما أدى قلة الإنتاج الزراعي في
القرى والأرياف، الأمر الذي أدى
في بعض الأحيان إلى حدوث مجاعات
في تلك الأقاليم، كما أنها - أي
الدولة العثمانية – لم تفِ
بواجباتها الاجتماعية
والسياسية تجاه رعاياها أو من
يقع تحت حكمها في الولايات
العربية، فقد مهد الاستبداد
العُثماني إلى مجيء الاستعمار
الأوروبي إلى العالم العربي،
كما كانت العاهات تنهش أجزاء
واسعة من مناطق نفوذها، حيث
انتشرت الأمراض وساد الجهل
والتخلف، مما تسبب في هجرة كثير
من العرب إلى الأمريكيتين وبعض
دول أفريقيا الجنوبية، فقد
أوهمتهم بعض الشركات التي تنقل
المسافرين من بلاد الشام بأنها
ستقلهم إلى أمريكا، ولكن
الشركات أرسلتهم إلى
المستعمرات الأوروبية في
أفريقيا، وهذا أحد الأسباب التي
أوجدت بعض الجاليات العربية في
دول مثل النيجر وغينيا وساحل
العاج. هذا بعض مما يتذكره المواطن العربي عن
تركيا العثمانيين ووريثهم كمال
أتاتورك ، ولكن بروز ظاهرة رجب
طيب أردوغان وحزب العدالة
والتنمية، محا كل صور تركيا
السلبية في الذهنية العربية،
وأستطاع أن يحقق لتركيا مكانة
يليق بمكانها الجيواستراتيجي ،
وهذا ما عجز الجنرالات عن
تحقيقه، الذين ناصبوا جيرانهم
العرب العداء، وولوا وجوههم نحو
أوروبا التي تماطلهم في قبولهم
في الاتحاد الأوروبي. أصبحت تركيا الآن أقرب من ذي قبل من عبور
عتبة الاتحاد الأوربي، إذ أن
الدول العظمى لا تعترف إلا
بالقوي ومن يقدر على التأثير،
وها هي تركيا تقدم صورة على
تحولها إلى دولة ذات ثقل إقليمي
على حساب القضايا العربية. نعم لا يخفى على أحد أن تركيا تلعب الآن في
المربع الفارغ الذي تركته دول
عربية إما قهرا مثل العراق أو
انكماشا وعقما مثل مصر
والسعودية، ولكن ما هي عناصر
القوة التي تعتمد عليها الحكومة
التركية وحزب العدالة
والتنمية؟، منذ إنشائه عام 2002،
خلفا لحزب الفضيلة الذي تزعمه
نجم الدين أربكان. إن المتتبع للسياسة التركية الحالية يقدر
أن يرصد بعض النقاط التي ترتكز
عليها السياسة التركية، وأول
هذه النقاط هي إطلاق الحريات
الأساسية و احترام حقوق
الإنسان، والمساواة بين
المواطنين في الحقوق
والواجبات، وإلغاء كل تمييز
مبني على الجنس أو العرق أو
الحرفة، أم العنصر الثاني فهو
الأمن ، حيث حرصت الحكومة
الحالية على توفير أمن المواطن
وأمن الدولة، إذ فتحت الحكومة
قنوات اتصال مباشرة مع خصوم
أزليين لتركيا مثل حزب العمال
الكردستاني الذي شكل إزعاجا
دائما للدولة التركية الحديثة،
وأرمينيا التي تستغل قضية مذبحة
الأرمن في الضغط على تركيا
وتطالبها بالاعتذار، وقد شهدت
العلاقات بين البلدين توترا بعد
استقلال أرمينيا عن الاتحاد
السوفيتي عام 1919، وأدى ذلك إلى
إغلاق الحدود بينهما سنة 1993
بسبب إقليم ناجورني كاره باخ
المتنازع عليه بين أذربيجان
وأرمينيا، أما العنصر الثالث
فهو الرخاء الاقتصادي وتقاسم
العادل للثروة والتنمية
المستدامة، فقد ركز حزب العدالة
والتنمية منذ تسلمه الحكم، على
تقوية الاقتصاد التركي، وتشجيع
الاستثمار الداخلي وتذليل كل
العوائق أمام دخول رأس المال
الأجنبي إلى البلاد، أما العنصر
الرابع فهو التأكيد على الشعور
بالحس القومي التركي والاعتزاز
بالانتماء إلى الهوية التركية،
وهذا ما أكده أردوغان حينما صرح
" أنه سليل الإمبراطورية
العثمانية". ساهمت العناصر التي ذكرناها في تقليص
الفجوة بين الحكومة والشعب من
جهة وبين الحكومة وأحزاب
المعارضة من جهة أخرى، وقد
رأينا مؤخرا التفاف أحزاب
المعارضة مع الحكومة في أكثر من
مناسبة ، هذا يطمئن حزب العدالة
والتنمية بأنه أمن البيت التركي
من الداخل، وذلك يعني أنه ينبغي
على تركيا أن تلعب دورا خارجيا
يحقق لها مكانة دولية يمكنها
مستقبلا من الانضمام إلى
الاتحاد الأوروبي بسهولة. اعتقد أن إسرائيل ستعتب الآن على الإتحاد
الأوروبي لرفضه انضمام تركيا،
وإلا لما وصل حزب العدالة
والتنمية إلى سدة الحكم ولا
تبنى رجب أردوغان القضية
الفلسطينية، إن الأنظمة
العربية الموجودة الآن خارج
الحلبة السياسية المؤثرة في
العالم، يجب عليها أن تستخلص
الدروس من ظاهرة تركيا أردوغان،
أي أن تخلق حوارا داخليا بين
الحاكم والمحكوم وأن تعكس
السياسات الخارجية للدولة
رغبات الرأي العام وتطلعات
الشعوب، وتحرص على التوزيع
العادل للثروة، وتحقيق الأمن
للمواطن والدولة ، والعمل على
التنمية المستدامة، وصون
الهوية الوطنية. كاتب عماني ===================== رشيد حسن الدستور 16-6-2010 كشف عبدالحي زلوم ، خبير النفط العالمي ،
في محاضرة ألقاها بجامعة
كولومبيا ، بالولايات المتحدة
الأميركية ، في الثلاثين من
الشهر الماضي ، ونشرتها صحيفة
الخليج الإماراتية ، في عددها
الصادر أمس الأول ، الكثير من
الأسرار الخطيرة ، التي نجد من
حق القارئ أن يطلع عليها ، ومن
حق من يملكون معلومات عن هذه
الأسرار ، الرد لإيضاح الصورة
كاملة. زلوم لم يكتف بالتأكيد على تأثير النفط في
رسم خريطة الشرق الأوسط ، بل كان
ولا يزال محور السياسة البترو -
امبريالية ، في عهد
الامبراطوريتين البريطانية
والأميركية. ويستشهد بما قاله
وزير الطاقة الأميركي ،
ردتشاردسون في عهد الرئيس
كلينتون 1999 ، "لقد كان
البترول محور القرارات الأمنية
للسياسة الخارجية الأميركية ،
خلال القرن العشرين ، والنفط
وراء تقسيمات الشرق الأوسط إلى
دويلات ، بعد الحرب العالمية
الأولى". كلام وزير الطاقة الأميركي هذا ، اعتبره
زلوم بمثابة "عند جهينة الخبر
اليقين". ويورد خبير النفط
العالمي ، زلوم معلومات خطيرة
جدا ، عن خطة أعدها كيسنجر ،
تقوم على أن تحتل واشنطن آبار
النفط من الكويت وحتى دبي ، وطرد
السكان العرب إلى منطقة نجد ،
واستقدام عمال من تكساس
وأوكلاهوما ، لاستغلال هذه
الآبار لمدة خمسين إلى سبعين
عاما ، وعندما ينضب النفط ، يمكن
للعرب العودة من نجد ، إلى
الكويت وأبو ظبي ، وحينها ستكون
حقوق النفط فارغة. هذه الخطة كما يقول زلوم ، نشرتاها مجلة
"هاربر" بتوقيع الجندي
المجهول ، وهذا الجندي المجهول
، تبين فيما بعد أنه كيسنجر ،
كما يقول السفير الأميركي
الأسبق في السعودية ، جيمس
أكينز ، الذي علق على المقال في
حينها ، بأن من يفكر بهذه
الطريقة ، إما أن يكون مجرما ،
او عميلا ، للاتحاد السوفييتي ،
ومن هنا كان عقابه أن طرد من
الخارجية الأميركية. الأسرار التي يوردها زلوم في محاضرته ، لم
تقف عند هذا الحد ، بل يؤكد أن
حرب رمضان كانت "حرب تحريك"
، ومن أهدافها رفع أسعار النفط
إلى أرقام فلكية ، لتحقيق جملة
من الاهداف الأميركية ، منها
القيام باستخراج نفط الأسكا
وبحر الشمال ، بعد أن أصبح هذا
الاستخراج ذا جدوى اقتصادية ،
في ضوء ارتفاع أسعار النفط إلى
400%. ويؤكد بأن اجتماعين سريين عقدا بين حافظ
اسماعيل مستشار الرئيس السادات
وكيسنجر ، قبل حرب رمضان1973 ،
الأول في 15 شباط 1973 والثاني في 11
نيسان 1973 ، مشيرا إلى أن الملك
فيصل قد أخذ تعهدات من الرئيس
نيكسون بانسحاب إسرائيل من كافة
الأراضي العربية المحتلة لعام
1967 ، وفي مقدمتها القدس العربية
، إذا ما تم طرد الخبراء
السوفييت من مصر ، وأن العاهل
السعودي كان جادا في الصلاة
بالمسجد الأقصى. ولكن.. وكما ثبت بعد ذلك قلبت أميركا ظهر
المجن للسعودية ولمصر وللعرب
جميعا ، كما تم اغتيال الملك
فيصل رحمه الله. معلومات كثيرة ، أوردها زلوم بالوثائق
والأرقام ، لدعم وجه نظره ، وهي
بحاجة إلى مصادر أخرى لتأكيدها
، أو نفيها ، ولكن في الأعم
والأغلب ، وكما أثبتت الأحداث
والواقع والوقائع ، فإن وشنطن
لا تفي بعهد ، ولا وعد ، فهي
محكومة فقط بمصالحها ، وليست
بدولة مبادئ ومثل ، وأنها حاولت
وتحاول أن تسخر هذه المبادئ ،
لخدمة أهدافها الخاصة ، ويجيء
تحالفها الاستراتيجي مع العدو
الصهيوني ، ليؤكد ما أشرنا إليه
، فهي الدولة الوحيدة في العالم
، التي تدعم الاحتلال ، وتحمي
إسرائيل من العقوبات الدولية. ===================== الحصار سياسة فاشلة من
كوبا الى ايران د. سعيد الشهابي 6/16/2010 القدس العربي ما ان مرت سبع سنوات على بعثة النبي محمد
عليه افضل الصلاة والسلام حتى
بلغ غضب التحالف القبلي الذي
تقوده قريش ذروته، فقرر فرض
العقوبات ضد الدعوة الجديدة.
وبعد أن فشلت جميع وسائل
الإرهاب والحرب النفسية
والدعائية ضدّ النبي ومن آمن
معه، قرر زعماء قريش أن يقاطعوا
أبا طالب وبني هاشم، ومحمّداً
وأصحابه، مقاطعة اقتصادية
واجتماعية، وكتبوا عهداً بذلك
وعلّقوه في جوف الكعبة. ولم ينته
الحصار الا بعد ان تآكلت وثيقة
فرض الحصار الذي امتد ثلاثة
اعوام متواصلة. خلال هذه الفترة
اشتد الخَطْبُ على المسلمين،
وراحوا يعانون من الجوع والأذى،
ويأكلون نباتات الأرض، ولم
يصلهم من الطعام إلاّ ما كان
يتسرّب سرّاً من بعض المتعاطفين
معهم. هذا الاسلوب من الحصار غير
الانساني ما يزال يمارس ليس ضد
الدول فحسب، بل حتى الاشخاص غير
المرغوب فيهم. فكثيرا ما تعرض
رواد الحرية ومعارضو الاستبداد
والديكتاتورية لحصار من
الحكومات التسلطية، بالحرمان
من الوظيفة او الفصل التعسفي،
بل ومن 'المنع banning' الذي يفرض على المعارض عدم
الاختلاط باكثر من شخص واحد في
اي وقت، كما حدث في جنوب افريقيا
في عهد نظام الفصل العنصري.
وتعتبر الاقامة الجبرية واحدة
من السبل التي تستهدف النشطاء
عادة. ان سياسة التجويع هذه
وسيلة لا تقل إيذاء عن التعذيب،
لانها تساهم في كسر انسانية
المجموعة او الفرد، لانه، في
الحالات الشديدة من الحصار،
يصبح مخيرا بين الموت جوعا او
الرضوخ للطرف الآخر. وبرغم تطور
المجتمعات والانظمة الدولية،
فما تزال هذه العقوبة ممارسة
سائدة، خصوصا من قبل الدول
القوية التي تسعى لتركيع
الآخرين لسياساتها. وما دامت
سياسة الحصار والتجويع قائمة،
فان أحدا لا يستطيع الادعاء
بعدالة النظام السياسي الدولي،
او على الاقل نظام الدولة التي
تمارس ذلك. انه انتهاك لحق
الشعوب والأفراد في الحياة مهما
كانت شدة الخلاف واسبابه. فلا
يجوز مساومة البشر على حياتهم،
ولا يحق لأحد تجويع آخر في اي
ظرف. وهنا يتبادر الى الذهن حديث
رسول الله عليه افضل الصلاة
والسلام: دخلت امرأة النار في
هرة حبستها حتى ماتت. ان من المؤسف ان تصل اوضاع العالم الى ما
هي عليه الآن، خصوصا سياسات
الابتزاز التي تمارسها الدول
القوية ضد الآخرين. وما الاوضاع
التي تعيشها امة العرب
والمسلمين والشعوب المستضعفة
الا امثلة صارخة على استمرار
سياسات التجويع لاهداف سياسية
وغايات تتصل بالجشع والطمع. وفي
عالم يدعم المعتدي بكل صلافة
ويرفض معاقبته سياسيا على
الصعيد الدولي، اصبحت قيم العدل
والتعايش السلمي ومنع العدوان،
عناوين فضفاضة قلما تجد طريقها
الى التنفيذ، الامر الذي يثير
الخوف والهلع، ويزرع اليأس في
نفوس المتطلعين الى عالم من نوع
آخر يسوده قدر من العدل ويحكم
بشيء من منطق قائم على مبدأ 'ان
الحق هو القوة' وليس 'ان القوة هي
الحق'. فاذا كان ثمة من يتوقع ان
مجلس الامن الدولي سوف يبادر
لاصدار قرار ذي معنى ضد العدوان
الاسرائيلي على 'أسطول الحرية'
الذي كان متوجها الى غزة، فانه
كان مخطئا. السبب ان المنظمة
الدولية، ومعها مجلس الامن
الدولي كانا مشغولين بإعداد
قرار جائر آخر، يضاف الى
قراراتهما الكثيرة ضد الشعوب
الاسلامية، يقضي بحصار ايران
وتجويع شعبها. وما الجديد في
ذلك؟ سياسة الحصار هذه تمتد في
عمق التاريخ الحديث، وتظهر حالة
التوتر التي سادت العلاقات بين
الولايات المتحدة والعالمين
الاسلامي والعربي. فمثلا في
العام 1801 طالب الباشا العثماني
في ليبيا بزيادة المخصصات التي
كانت الولايات المتحدة تدفعها
وتقدر آنذاك ب 83 ألف دولار سنويا
كانت واشنطن تدفعها منذ 1796'في
مقابل حماية تجارتها من القرصنة.
ولكن الولايات المتحدة رفضت
الطب وبعثت أسطولا بحريا لفرض
حصار على طرابلس. ويعتبر الحصار
من ابشع اشكال العقوبات
الجماعية ضد الدول والمجموعات.
فهو عقوبة قاسية وليست اداة ضغط.
ولذلك فنادرا ما نجحت سياسات
الحصار والتجويع في تركيع ذوي
المبادىء والقيم. وهي عقوبة غير
انسانية تفرضها القوى الكبرى
منفردة لانها تفشل في اغلب
الاحيان في الحصول على دعم دولي
لذلك. ولا يقل اعلان الحصار على
بلد عن اعلان الحرب عليه. ولا يغيب عن الذاكرة الحصار الذي فرضته
الولايات المتحدة الامريكية
على كوبا، والذي بدأ رسميا عام
1962 في عهد الرئيس الراحل جون
كينيدي، ولكن إجراءات الحصار
كانت قد بدأت فعليا عام 1959 مع
بدء انطلاق الشرارة الأولى
لثورة التحرير الكوبية بزعامة
فيدل كاسترو. وبعد نصف قرن من
ذلك الحصار، اصبح واضحا انه فشل
في اسقاط النظام الكوبي،'وبقي
نقطة عار في السياسة الامريكية.
وفي أواخر شباط (فبراير) الماضي
قدم رئيس لجنة العلاقات
الخارجية بمجلس الشيوخ،
ريتشارد لوغار، تقريرا قال فيه:
'إن سياسة الحصار قد فشلت،
وعلينا إقامة علاقات مع كوبا،
مثل التي نقيمها مع دول أخرى
لدينا معها أيضاً خلافات جوهرية'.
وفي الجلسة العمومية الاخيرة
العام الماضي أقرت الجمعية
العامة للأمم المتحدة بالإجماع
قرارا يطالب مجددا برفع الحظر
الأمريكي المفروض على كوبا منذ
أكثر من نصف قرن، وجاءت نسبة
التصويت 187 بالموافقة مقابل رفض
ثلاث دول هي الولايات المتحدة و
'إسرائيل' وبالاو وامتناع جزر
مارشال وميكرونيزيا من إجمالي
192 دولة. وفي 1986 فرضت الولايات
المتحدة حصارا بحريا على
نيكاراغوا التي كانت تحت حكم
الساندينيين، بزعامة دانيال
اورتيغا، رئيس الدولة. هذا
البلد النائي عن الامتين
العربية والاسلامية كان له موقف
مشرف، قل نظيره، في الفترة
الاخيرة. فقد قطعت نيكاراغوا
الشهر الماضي علاقاتها
الدبلوماسية مع 'اسرائيل' ردا
على الهجوم الدامي على الاسطول
الدولي الذي كان متجها الى غزة.
واوضح البيان الذي تلاه الرئيس
دانييل اورتيغا عبر الاذاعة ان 'نيكاراغوا
تقطع فورا علاقاتها
الدبلوماسية مع حكومة اسرائيل'
مضيفا ان حكومته 'تشدد على عدم
التكافؤ في الهجوم على البعثة
الانسانية وذلك في انتهاك فاضح
للقانون الدولي وحقوق الانسان'. أما المثل الابشع لسياسة الحصار الجائرة
فيتجسد بالقرارات التي فرضتها
الولايات المتحدة وبريطانيا ضد
العراق. فقد فرض على العراق نظام
العقوبات منذ القرار 661 الصادر
في شهر آب /أغسطس 1990، حين فرض
مجلس الأمن 'جزاءات شاملة' على
العراق عقب اجتياحه القصير
الامد للكويت'. وبدأت الأمم
المتحدة بإيعاز من الولايات
المتحدة تساوم العراق على نفطه
منذ عام 1991 مستغلةً المعاناة
الرهيبة آنذاك التي خلقتها ظروف
الحرب والحصار. برنامج النفط
مقابل الغذاء يعني أن عائدات
النفط العراقي لا تذهب إلى
العراق، بل إلى صندوق خاص تحت
إشراف الأمم المتحدة لا يحتفظ
بعائدات النفط العراقي فحسب، بل
يقرر كيف تنفق وأين ومتى! ونجم
عن ذلك كوارث بشرية كثيرة، بسبب
نقص الغذاء والدواء. وبرغم
الادعاءات التي ساقتها
الولايات المتحدة وبريطانيا
لتبرير الحصار اولا ثم الحرب
لاحقا، بامتلاك العراق اسلحة
دمار شامل، فقد فشلتا في اثبات
وجود تلك الاسلحة، برغم قيام
قواتهما ببحث شامل عنها بعد
سقوط النظام. وما يزال شعبه
يعاني حتى اليوم من تلك الآثار،
خصوصا مع استمرار ملاحقته من
قبل دول مثل الكويت التي ترفض
رفع العراق من طائلة البند
السابع، ونجحت الشهر الماضي في
منع الخطوط الجوية العراقية من
التحليق في الاجواء الاوروبية.
أما القرار الاسرائيلي بفرض
الحصار ضد غزة فقد جاء قبل ثلاث
سنوات بدعوى قطع الامدادات
العسكرية عن حركة 'حماس'. ولكن
النتيجة كانت هي الاخرى كارثة
على الفلسطينيين الذين يعيشون
في القطاع. انه حصار جائر، تمنع
قوات الاحتلال الصهيونية
بموجبه وصول اية مساعدات
انسانية وغيرها للفلسطينيين.
وقد تمادى الصهاينة في تطبيق
نظام الحصار والعقوبات حتى بلغ
الامر مستوى لا يطاق. والمريب في
الامر حالة الصمت التي سادت بين
الحكومات العربية والتي لم تكسر
الا بعد الحوادث الاخيرة عندما
ضحى الشرفاء بأرواحهم لكسر ذلك
الحصار الجائر. لقد اثبت نظام
العقوبات والحصار المفروض على
غزة عددا من الامور منها: اولا
انه غير انساني، يعاقب الضعفاء
من النساء والاطفال بدون اية
نتيجة. ثانيها: انه لم يكسر قط
عزيمة الجهات التي يزعم انها
مستهدفة بذلك الحصار، سواء كانت
حكومات ام منظمات. ثالثها: انه
يرتد في النهاية على الجهات
التي تفرضه سياسيا واخلاقيا. ان السعي الانكلو - امريكي المتواصل
لتوسيع الحصار المفروض على
الشعوب والدول الاسلامية تعبير
عن فشل سياساتهما واساليب
تعاملهما مع العالم. وما
استهداف ايران بالقرارات
الدولية المتوالية التي تفرض
عقوبات قاسية الا محاولة اضافية
لتحقيق عدد من الامور، اولها:
حماية الكيان الاسرائيلي الذي
ثبت للعالم انه مصدر الاصطراب
ليس في الشرق الاوسط فحسب، بل في
العالم، ثانيها: ان هذه الدول
ترفض من يسعى لتحقيق استقلال
ذاتي متميز، وتبذل كافة الجهود
لمنع ذلك الاستقلال، ثالثها:
انها تمارس ازدواجية فاضحة،
فتسكت عن مرتكبي الجرائم في وضح
النهار، وتمنع صدور قرارات
دولية تدينهم باستخدام حق النقض
'الفيتو' الجائر، بينما تستهدف
من تتوهم انهم يسعون لامتلاك
اسلحة نووية توازي ما لديهم.
رابعها: ان تلك السياسة تكشف
حالة الاستكبار المقزز، فهم
يعطون انفسهم حق امتلاك ما
يريدون من الاسلحة، ولكنهم
يقفون بشدة بوجه من يتوهمون
بانه يحاول امتلاك اسلحة مشابهة.
خامسها: ان غياب العدالة في
المواقف والسياسات يؤسس لنظام
سياسي دولي جائر، بما يحمل من
مفارقات في مستوى العيش بين
الاغنياء والفقراء، وبما يكرس
من تفوق سياسي وعسكري نوعي لطرف
على حساب آخر. سادسها: انه يزرع
بذور الاختلاف والاضطراب بين
الشعوب، ويؤسس للحروب المدمرة،
ويحدث حالة استقطاب لا نظير لها
على اساس ان 'من ليس معنا فهو
علينا'. وقد عبر وزير الخارجية
البريطاني، ويليام هيغ، في مقال
نشرته صحيفة 'التايمز'
البريطانية الاسبوع الماضي عن
سياسة حكومته التي لا تخرج عن
الاطر المذكورة. وكان العنوان
استفزازيا بشكل لا يليق: 'الساعة
تدور، ويجب على ايران ان تأتي
الى الطاولة'. وبعد استعراضه
الوضع الايراني انتهى الى القول:
'ان اساليب رفض التحاور حول
مشروعها النووي لن تنجح، ولن
تضعف تصميمنا'. ولم يشر في
مقالته اطلاقا للتهديدات
المتواصلة من قبل التحالف
الانكلو- امريكي- الاسرائيلي
باستهداف ايران عسكريا. الواضح ان سياسات هذا التحالف غير المقدس
استهداف العرب والمسلمين على
كافة الاصعدة. فالحروب التي شنت
ضد دول عربية واسلامية عديدة لم
تميز بين ضحاياها، بل دفع
الابرياء دماءهم بدون حق، سواء
في العراق ام السودان ام
الصومال ام ليبيا ام لبنان ام
سورية. وعمليات الاغتيال التي
تمارسها قوات الاحتلال
الاسرائيلية داخل الاراضي
المحتلة وخارجها تواترت بدون
توقف، وحصدت ارواح فلسطينيين
ولبنانيين وعراقيين ومصريين.
وسياسات الحصار، هي الاخرى اكثر
إضرارا بالابرياء، خصوصا
الضعفاء منهم، سواء في العراق
ام فلسطين. ان ايران تستهدف
اليوم بسبب سياساتها تجاه
القضايا الساخنة، خصوصا ازاء ما
يجري في فلسطين. فهي ترفض
الاعتراف بالكيان الاسرائيلي،
وتدعم المقاومة ضد الاحتلال في
فلسطين والعراق وافغانستان،
وتسعى لتحقيق استقلال واكتفاء
ذاتي. التحالف المذكور يرفض
الاعتراف بما يمثله الكيان
الاسرائيلي من تهديد لشعب
فلسطين وللمنطقة، وترفض ممارسة
اي ضغط عليه لتنفيذ القرارات
الدولية الكثيرة بحقه، ولا تريد
ان تعترف بخطأ سياستها التي
تهدف للحفاظ على التفوق العسكري
الاسرائيلي. فهي تغض النظر عن
المشروع النووي لذلك الكيان،
برغم رفضه توقيع اتفاقية منع
انتشار الاسلحة النووية (ان بي
تي)، او السماح لفرق التفتيش
الدولية بزيارة منشآته. وقد صرح
بنيامين نتنياهو قبل اسبوعين
برفضه طلب مؤتمر واشنطن حول
مراجعة (ان بي تي) من 'اسرائيل'
القيام بذلك. ولكن التحالف
الانكلو امريكي على وجه الخصوص
يتغاضى عن ذلك كله ويصر على
معاقبة ايران على الشك والظن،
وليس على ما هو موجود على ارض
الواقع. وقد فعلت تركيا
والبرازيل حسنا عندما رفضتا
مشروع قرار مجلس الامن الدولي
رقم 1929 الذي فرض مجموعة
العقوبات الرابعة ضد الجمهورية
الاسلامية. اما التحالف الغربي
الذي تقوده الولايات المتحدة
فهو يمارس تعتيما ممنهجا على
الجرائم الاسرائيلية خصوصا
عدوانه الاخير على 'اسطول
الحرية' وقتل المتطوعين
الاتراك، باشغال العالم بالملف
الايراني وتجاهل المبادرة
الاخيرة التي توصلت اليها كل من
تركيا والبرازيل باستبدال
اليورانيوم الايراني بكمية
اخرى اكثر تخصيبا من خلال تركيا.
هذا التحالف يؤسس لصراعات
متواصلة في المنطقة، برغم تداعي
اقتصاداته والاخفاقات المتكررة
لنظام الاحتلال الصهيوني
المتحالف معه. ومرة اخرى يضع هذا
التحالف غير المقدس المنطقة على
شفا الحرب والصراع متجاهلا
حقائق الواقع وحتمية التاريخ،
ومنطق العدالة والحق. ان حصار
ايران حلقة اخرى في سياسة
التجويع التي ينتهجها الغربيون
ضد الشعوب الاخرى، هو محكوم
بالفشل لسبب بسيط: انه قرار
انتقائي وغير انساني. ===================== من قافلة الحرية إلى
مجلس الأمن: «انتصارات» عربية
على تركيا... لحساب إسرائيل! طلال سلمان السفير 16-6-2010 يخوض أهل النظام العربي حروباً لحساب
الغير بكفاءة منقطعة النظير لم
يظهروا مثلها في الأخطر من
معارك إثبات الوجود وحماية
المصير. وها هم يتبادلون التهاني بعدما حققوا
انتصارين تاريخيين في آن معاً،
وفي مدة زمنية قياسية: 1 لقد أفشلوا «المؤامرة» التركية
البرازيلية التي كانت تهدف الى
فك الحصار الأميركي المدول
والمفتوح ضد النظام الإيراني
الذي يتزعم «محور الشر» والذي
يعيث فساداً في أربع رياح
الأرض، فيحرض الشعوب الآمنة ضد
حكامها الأبديين، ويستعديها
على رسل الحضارة الإنسانية
والمبشرين بالسلام المستديم من
جنرالات الجيش الإسرائيلي
وزعماء المستوطنين، الذين
قدموا إلى فلسطين ليصلحوا «صحراءها»
فيزرعوها ويبتنوا فيها مساكن
لائقة بكرامة المضطهدين في
أوطانهم الأصلية، مثل الفالاشا
في الحبشة والمتحدرين من أعراق
أقلوية في روسيا وسائر أنحاء
إمبراطوريتها التي دمرتها
الاشتراكية... فضلاً عن كل من
ضاقت به أرضه أو أراد ان يغير
مسار حياته في أية بقعة من
العالم. لم يكن لأهل النظام العربي إلا صوت واحد
في مجلس الأمن، هو صوت لبنان
الذي تثبت التجارب غالباً ان
هشاشته أصلب من ان تكسر... وهكذا
فقد حاصره أهل النظام العربي
بالضغوط والتمنيات ليمنعوه من
التفريط بكرامة صوته ومصالح «أهله»...
ولكي يفرضوا عليه حسم موقفه فقد
طلبوا من السيدة، التي كادت ان
تكون رئيساً، هيلاري كلينتون ان
تهاتف رئيس جمهوريته الصغيرة
المحكومة بتوازنات دقيقة
يتداخل فيها مع الجغرافيا
التاريخ ومع المصالح الذاتية
قوى الدنيا جميعاً بالكبار فيها
والصغار بثروات أسطورية. نتيجة ذلك كله أبدعت الطبقة السياسية في
لبنان لوحة من الموازييك نادرة
المثال: انقسم مجلس الوزراء على
نفسه، وغيبت الأكثرية بعضها،
وأعارت رئيس الجمهورية بعضاً من
أصواتها لتأتي نتيجة التصويت: 14
مقابل 14، فيكون القرار المحلي
الهرب من القرار الدولي
بالامتناع، أي بالتخلي عن
الدولتين الصديقتين تركيا
والبرازيل للالتحاق بالركب
العربي الذاهب الى الحرب
الاميركية الإسرائيلية على
إيران. 2 شن أهل النظام العربي «غارة سياسية»
محسوبة بدقة على «التدخل»
التركي في شؤونهم الداخلية،
وذلك عبر إيفاد الأمين العام
لجامعة الدول العربية الى قطاع
غزة، بعدما انتبهوا إلى حقيقة
أن المليون ونصف المليون من
أهله الفلسطينيين يموتون موتاً
بطيئاً تحت الحصار الإسرائيلي
معززاً بالطوق العربي الحديدي
مانع الأدوية والأغذية وكتب
الأطفال بذريعة مكافحة الإرهاب...
احتاج أهل النظام العربي الى أربع سنوات،
تخللتها حرب إسرائيلية لم توفر
سلاحاً إلا واستخدمته ضد هذا
الشعب المجوع والممنوع عنه
الهواء، لينتبهوا إلى أن في غزة
بعض رعاياهم الذين لا بد من
استعادتهم ولو كانوا مضللين،
حتى لا يظلوا في دائرة استثمار
الآخرين من المتآمرين
والمعادين لركب الديموقراطية
وحقوق الإنسان. وهكذا دخل عمرو موسى عبر معبر رفح، فكسر
الحصار ومزقه نتفاً، وتوقف في
محطات عدة ليخطب بصوته المتهدج
مستثيراًُ حماسة الجمهور
المجوع والمتروك بنسائه
وأطفاله والشيوخ للريح، مدارسه
ومساجده ومستشفياته مهدمة،
وأكواخ الصفيح والطين تضيق بمن
هدمت بيوتهم في مخيمات اللجوء
الثاني والثالث... كانت جثامين شهداء «قافلة الحرية» تملأ
سماء غزة بالأعلام التركية وصور
«البطل» الآتي من الأناضول، رجب
طيب أردوغان... وكان لا بد من
التخلص من هذا الكابوس الذي يقض
مضاجع أهل النظام العربي منذ «مؤتمر
دافوس» الشهير! ومع التقدير لكفاءة عمرو موسى
الدبلوماسية ولحنكته السياسية،
ولمواقفه العربية، متى استطاع
التعبير عنها، فإن مهمته في غزة
التي «تمت بقرار عربي» كما قال،
و«دولي» لم يشأ القول، قد تأخرت
او أخّرها أصحاب الأمر أربع
سنوات عن موعدها المفترض... وإن
كان رأى البعض انه في اقتحامه
غزة إنما يرد التحية لأردوغان
الذي أحرجه في ذلك المؤتمر في
دافوس فكاد يحرجه لولا ان تدخل
بان كي مون ليعيده الى توازنه (المفروض؟)
في مقعده المريح الى جانب
الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز
الذي تركه «مبارزه» التركي
غارقاً في دماء ضحاياه من أبناء
الشعب الفلسطيني وسائر العرب. أطلق عمرو موسى سيلاً من الخطب التي لا
يملك غيرها سلاحاً... لكن الخطب
لا تفك الحصار الإسرائيلي، ولا
تأتي بالمساعدات لإعادة إعمار
غزه، لا من البر ولا من البحر
ولا خاصة من الجو... فسلطة عمرو
موسى لا تشمل فتح المطار
والمرفأ والمعابر البرية، ولا
هي تردم الأنفاق التي تفتحها
الإرادة وحب الحياة. بعد ساعات عبّر خلالها الفلسطينيون
المحاصرون لإيمانهم بأرضهم عن
تقديرهم لهذه الخطوة، ولو
متأخرة كثيراً عن موعدها
المرتجى، غادر الأمين العام
للجامعة العربية غزة المحاصرة،
بغير أن يسعفه اسمه الأول «موسى»
باجتراح عجائب تعيد الحياة إلى
المخيمات المهدمة والمثقلة
باللاجئين الى ركامها، وترجع
الفراشات الى رحلتها المفتوحة
فوق أصص الورود التي حفظتها
الأمهات الفلسطينيات لعيد
التحرير. عند معبر رفح، توقف عمرو موسى لحظات وأجال
بصره في غزة التي نجح في تحريرها
من الاستعمار التركي الذي حاول
العودة اليها من جديد متلطياً
بجثامين شهدائه في سفينة الحرية
التي استخدم الجيش الإسرائيلي
نخبة جنوده في أسلحة البر
والبحر والجو لمنعها من الوصول
الى غزة بتكليف من العالم اجمع،
تتقدمه الإدارة الأميركية
برئيسها الأسمر، ويسير في ركابه
أهل النظام العربي وقد استعادوا
وعيهم بعد نوبة القلق التركي
الذي أقضّ مضاجعهم لأسابيع
قليلة. [[[[[[ في هذا الوقت بالذات كانت المقار الرسمية
في عاصمة المعز تفتح ذراعيها
لاحتضان ضيف استثنائي جاءها من
لبنان، في تزامن لافت مع القرار
بفتح معبر رفح أمام أهل غزة
والراغبين في مساعدتهم على كسر
حصار الإذلال بالتجويع. لم يكن بوسع المضيف ان يقدم ضيفه لشعب
مصر، بسجله الحافل بالسوابق
الخطيرة لبنانياً وفلسطينياً
وسورياً وعراقياً، لذلك اكتفى
بالإشارة الى موقعه الحالي
كقيادي مؤثر في مواجهة المعسكر
المشاغب في لبنان، والذي لا يكف
عن التحرش بإسرائيل واستدراجها
الى حروب لا تريدها، كما حدث في
حرب تموز 2006. ربما لهذا اكتفى مضيفه الخبير الضليع في
الشؤون اللبنانية، وزير
الخارجية المصري بأن صحبه في
جولة على متحف وزارة الخارجية
بوثائقه الملكية، وفيها ما يبرز
دور مصر في تأسيس جامعة الدول
العربية، وكذلك ما يحيط بقرارها
التاريخي في المشاركة في حرب
فلسطين (الأولى) سنة 1948، لان
أسرتها الحاكمة آنذاك،
والمتحدرة من أصول ارناؤطية
أدركت الخطورة التي ينطوي عليها
المشروع الإسرائيلي على الأمن
الوطني المصري أساساً، فضلاً عن
مخاطره على الوطن العربي قيد
التكوين في حاضره ومستقبله. أغلب الظن أن جموع الشعب المصري لم تعرف
ما يكفي عن هوية الضيف اللبناني
الذي حظي بمثل هذا التكريم، وفي
هذا التوقيت اللافت بتزامنه مع
المذبحة الإسرائيلية الجديدة
ضد المتطوعين الأتراك، وبينهم
لبنانيون فضلاً عن الأوروبيين
والأميركيين، ومطران للقدس من
أصول سورية، وأحد الفائزين
بجائزة نوبل، وبعض «الخوارج» من
المصريين... على أن المؤكد أن الحفاوة بهذا الضيف
اللبناني قد تجاوزت تاريخه
الحربي في وطنه الصغير،
والإدانات التي صدرت بحقه من
أعلى الهيئات القضائية في جرائم
اغتيال سياسي مشهودة،
والمسؤولية عن مذابح جماعية
ارتكبت وفي أكثر من ناحية في
لبنان، فضلاً عن سجل العلاقة
بإسرائيل في ذروة احتدام الحرب
الأهلية التي كان الإسرائيليون
طرفاً مباشراً فيها، بجيشهم،
كما بمخابراتهم التي استطاعت
تجنيد عملاء لبنانيين في «جيش
محلي» عمل لخدمة احتلالهم طيلة
سنوات عديدة من حقبة احتلالهم
لبعض الأرض وبعض الإرادة في
لبنان، بحيث أمكنهم إيصال
رئيسين شقيقين الى سدة الحكم،
اغتيل أولهما قبل تسلمه
الرئاسة، في حين حفل عهد وريثه
وشقيقه بأعنف مراحل الحرب
الأهلية في لبنان وأعظمها دموية.
ولقد فاجأت الحفاوة الرسمية التي أحاط
بها أهل النظام في مصر ضيفهم
الاستثنائي اللبنانيين جميعاً،
بمن فيهم مناصرو هذا الضيف الذي
استعرب مؤخراً، وبالثمن... وهي
حفاوة كشفت من أوصى بالزيارة،
في خضم الصراعات العربية
العربية التي لا تنتهي، والتي
تستنزف ما تبقى من قوة للعرب في
معارك جانبية تشغلهم عن قضيتهم
الأصلية وعن عدوهم الحقيقي
وتشغلهم بأنفسهم، بينما
إسرائيل تواصل حربها المفتوحة
عليهم مجتمعين، لا فرق بين
مصالح ومهادن وبين من لا يزال
يرفع شعار التحرير ، حماية
لمستقبله. [[[[[[ كان الأمل أن يفيد أهل النظام العربي من
المبادرة التركية الشجاعة
لتعزيز موقفهم في مواجهة الحرب
الإسرائيلية المفتوحة على
مستقبلهم والتي يتبدى في الحصار
على غزة مضمونها الحقيقي. كان الأمل أن يتلقى أهل النظام العربي هذا
الإقبال التركي على قضاياهم بما
يستحق من احتضان وترحيب وتشجيع،
خصوصاً أن له جذوره في التاريخ
المشترك الطويل بين العرب
والأتراك، الذي حفل بالكثير من
الإنجازات والأخطاء، خلال
العمر الطويل للخلافة التي
تحولت الى سلطنة، ولكن يحفظ لها
أن حكامها وبكل ما لهم وما عليهم
قد تنبهوا لخطر المشروع
الصهيوني على مستقبل العرب (والمسلمين)
فرفضوا الموافقة على «منح
فلسطين» «وطناً قومياً للحركة
الصهيونية»، برغم الضغوط
الهائلة التي تعرضوا لها...
وتستذكر في هذا المجال كلمة
مأثورة للسلطان عبد الحميد في
أواخر القرن التاسع عشر، تعبر
عن وعيه بحقيقة ما يدبر للمنطقة
بعد إسقاط دولة «الرجل المريض»
ممثلة بسلطنة... فقد قال في تفسير
موقفه من المشروع الصهيوني: «أخاف
أن يصيبني في فلسطين ما أصابني
في لبنان»!. وللتفسير يمكن الإشارة إلى أن «الدول»
العظمى، آنذاك، قد فرضت على «السلطنة»
أن تقر بنظام خاص لجبل لبنان، إذ
جعل «متصرفية» لها كيانها شبه
المستقل، وأن أعطي السلطان حق
تسمية المتصرف على أن يكون «مسيحياً
من رعايا السلطان»... وذلك حديث آخر يشرح الكثير من تفاصيل
اللغز اللبناني الذي فرضه
الغرب، بعد الاستقلال، عبر
الصيغة الفريدة للنظام
اللبناني، التي تجعل هذا الوطن
الصغير «عربي الوجه»، لكن له
وضعاً خاصاً يفترض أن يراعى فلا
يحرج في هويته «الأممية» التي
تحتسبه «مع» العرب وليس «منهم». ولعل هذا بين معللات موقفه بالامتناع عن
التصويت في مجلس الأمن، عندما
طرحت العقوبات الأميركية
الجديدة على إيران، فاختبأ أهل
النظام العربي جميعاً خلف الوضع
الخاص للبنان حتى لا يحرجوا به
فيخرجوا... وهكذا كان اللاموقف
هو الموقف العربي المثالي في
لحظة الخيار الصعب بين الخير
والشر، وانتصر أهل النظام
العربي بإلغاء أوطانهم
ومصالحها، وهذا نصر إضافي بعد النصر المؤزر في رفع
الحصار عن غزة بزيارة الساعات
المعدودة والخطب المعهودة
لممثل النظام العربي في كل مكان
وزمان. ([)
تنشر بالتزامن مع جريدة «الشروق»
المصرية ===================== دوافع عربية مختلفة وراء
احتضان النموذج التركي الاربعاء, 16 يونيو 2010 بهاء أبو كروم * الحياة تتحرك المنطقة هذه الأيام على وقع
الدبلوماسية التركية التي تقطف
ثمار الموقف التاريخي لأردوغان
في مواجهة شيمون بيريز خلال
مؤتمر دافوس ولاقى حينها
ترحيباً لا مثيل له في الشارع
العربي. وتأتي المواقف التركية
في لحظة يشهد فيها الواقع
العربي تراجعاً على كل
المستويات يقابله صعود قوى
عالمية وإقليمية تحتل مكاناً
عبر القيام بوساطات سياسية أو
لامتلاكها اقتصادات عملاقة أو
علاقات سياسية ودولية نشطة. الحركة التركية باتجاه الشرق، على
المستوى السياسي، مفهومة وهي
ليست مصطنعة وتنطلق من حرص
تركيا على المساهمة في حل
النزاعات الإقليمية والحفاظ
على الاستقرار مع إبقاء
الجغرافيا السياسية في المنطقة
على حالها، سيّما أن أي تغيير
فيما لو حصل لن تكون تركيا بمنأى
عن تداعياته، وهذا ما يجعل
انتقالها إلى المحور المعادي
للولايات المتحدة مسألة غير
واقعية في المدى المنظور. إنما
ذلك لا يعني أن يفوّت العرب على
أنفسهم فرصة الاستفادة إلى الحد
الأقصى من الموقف التركي بخاصة
إذا استطاعوا إبقاءه في حدوده
المعقولة من دون توريطه في
نقاشاتهم أو صراعاتهم الداخلية.
فالدور التركي بدأ بالانفلاش بعدما
اكتملت عنده التوضيبة الداخلية
ورسا نموذجه على إسلام معتدل
متعايش مع الإرث العلماني وغير
متخاصم مع الغرب، ثم متكامل مع
الحركات الإسلامية في المنطقة
ومتعاون معها ويعمل لأن يكون
حاضناً لها أيضاً، وهذا فيما لو
حصل، سيشكل إنجازاً على مستوى
اقتراب الحركات الإسلامية في
المنطقة من نموذج «العدالة
والتنمية». والذي يستحق النقاش في هذه الحمأة هو رد
فعل الشارع العربي على الدخول
التركي الذي يشبه إلى حد بعيد
الدخول الإيراني في بداياته ولو
أنه يختلف عنه جوهرياً. فبعد
أكثر من 30 سنة على ثورة الخميني
وتهليل العرب لشعاراتها
وانخراطها النظري والفعلي في
الصراع مع إسرائيل، فإن السؤال
لا يزال مطروحاً حول الأثر
الداخلي الذي تركه ذلك على
الواقع العربي في شكل عام
والجدوى الاستراتيجية التي تم
التوصل إليها. فإيران التي تحوّلت من حليف للولايات
المتحدة إلى عدو لها نهاية
السبعينات خاضت صراعاً مع
إسرائيل استثمرته في الداخل
العربي وأبقت شعاراتها على ما
هي من دون أن يتحقق المُراد
الاستراتيجي في الصراع كنتاج
لهذا التحول. وهي اليوم حاضرة
على مستوى دعم حركات المقاومة
لكن هذا الحضور هو موضع نقاش
وتباين في ما يتعلق بكثير من
القضايا الداخلية. انطلاقاً من هذه المقارنة فإن الشارع
العربي يبالغ في استيعابه لحدود
الاندفاعة التركية التي تبقى
دوافعها الإنسانية موضع تساؤل
في ظل اقتصار المصالحة التركية
مع الأكراد والأرمن على بعض
الخطوات الخجولة، ويبني على ذلك
وكأنه تحوّل استراتيجي يمكن أن
يقلب التوازن الإقليمي لمصلحة
العرب أو الفلسطينيين في شكل
خاص، وهذا ما يستدعي التوقف
عنده سيما وأن الرهان على
تركيا، إن صح وأعطى زخماً في
مواجهة إسرائيل، إلا أنه يبقى
دون المستوى الذي يمكن أن يقلب
التوازن لمصلحة العرب، حتى لو
جعلهم يكسبون جولة من سلسلة
الجولات التي تخاض في مسار
الصراع العربي - الإسرائيلي. وهذه المبالغة في ردود الفعل هي من نتاج
الارتباك في الموقف العربي
بخاصة أن هذا الارتباك لا تعود
أسبابه إلى صراعهم مع إسرائيل
فقط إنما يرجع إلى قضايا
إقليمية وعقائدية وسياسية
متشابكة سيضيف اليها الدخول
التركي عوامل جديدة. فتركيا
دولة يحكمها حزب سياسي يطمح إلى
عولمة أفكاره لذلك فالمسألة
بالنسبة اليه هي «تصدير»
النموذج القادر على صياغة أطر
مدنية مقبولة وصحيّة للإسلام في
النظام الدولي وذلك يعود الى
أسباب داخلية من شأنها أن تطيل
بقاء حزب أردوغان في السلطة
وأخرى خارجية تقوي موقع وحضور
تركيا في المنطقة لكي ترفع من
نسبة توازنها مع أوروبا. وفي ذلك
«تصدير» لفلسفة «العدالة
والتنمية»، له وجهان الأول
جوهري يتعلق بالمسألة
الإسلامية ومقاربتها للشأن
الحضاري والحداثي ووجه آخر
استدرجت إليه تركيا ويتعلّق
بمسألة «المقاومة» واختلافها
عن النموذج الإيراني. وقد تزامن
الدخول التركي مع نقاشات تدور
على مستوى الشارع العربي بين
نهجي الممانعة والاعتدال،
وعلاقة العرب بمحيطهم الإقليمي
الذي يشهد اختلالاً في التوازن
دفع إلى انبثاق فكرة إنشاء
رابطة لدول الجوار بهدف تعديل
التوازن. لذلك جرى تلقف الموقف
التركي على نحو مبالغ فيه
واستثمره كلٌ من هذه الاتجاهات
لمصلحته، وهذا ما كان ليحصل لو
لم تتم مقارنته بالدخول
الإيراني الذي تحرك في ظل فراغ
عربي عادةً ما يخلي الساحة لمن
يرفع شعاراته أو يُظهر بعض أوجه
القوة في مواجهة إسرائيل. وبالتالي فإن فتح الباب على نقاش حول جدوى
المقاومة فيه قدر من المبالغة
أيضاً. فلا الأتراك يطرحون
نموذجاً جديداً للمقاومة، ولا
الدفع بسفينة متضامنين مع غزة
يمحو إرثاً عريضاً من أشكال
النضال المسلح ولو اختلفت عليه
التأويلات. لكن ما أفضت إليه
الحركة التي رعتها تركيا هو
نقاش مفتوح حول البديل عن
النموذج الذي تصَدّره إيران.
فبعض العرب يهدف من وراء إدخال
تركيا إلى إخراج إيران، وبعضهم
يريد إقامة توازن مع إسرائيل،
وآخرون يدفعون باتجاه فرض نموذج
إسلامي معتدل على التيارات
الإسلامية في العالم العربي،
وفريق رابع يؤمن بالشراكة
الاستراتيجية مع تركيا لأسباب
ودوافع اقتصادية، وغير ذلك من
الرهانات التي تفضي بالنتيجة
إلى أن العرب، بواقعهم الحالي،
يبحثون عمّن يخرجهم من أزمتهم
في الخارج وليس عن اعتماد آليات
داخلية تعيد إمساكهم بقضاياهم. ===================== الاربعاء, 16 يونيو 2010 عبدالله اسكندر الحياة يسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في
تركيا، بزعامة رجب طيب اردوغان،
الى دفع بلاده في طريق لا عودة
عنها. ويتمثل هذا السعي اساساً
بالقضاء على احتمال ان يتمكن
الجيش الذي يتولى دستورياً
حراسة إرث الاتاتوركية من إعادة
الأوضاع الى ما كانت عليه قبل ان
ينال حزب العدالة والتنمية
غالبية شعبية في انتخابات عامة،
اي إمكان الانقلاب العسكري على
الوضع الراهن. ويبدو حتى الآن أن الحزب يسير بنجاح في
تحقيق مسعاه، مستفيداً من
الظروف السياسية الداخلية
والاقليمية، ومستغلا كل ثغرة في
اداء المؤسسة العسكرية
والمؤسسات الجمهورية الاخرى
المتحالفة معها، خصوصاً القضاء. ويوم امس بدأت محاكمة 33 شخصاً، بينهم ضباط
كبار، متقاعدون وفي الخدمة، في
اطار مؤامرة ما بات يعرف باسم «ارغينيكون»،
ليصل عدد المحالين على المحاكمة
في اطارها الى نحو 300 شخص. ومن
الملاحظ ان لائحة الاتهام تشدد
على ان المشتبه بهم خططوا
لعمليات ارهابية ونشر الفوضى من
اجل ضرب صدقية حكومة اردوغان
ودفع الجيش الى التدخل، وفق
المادة الدستورية التي تتيح له
ذلك... وفي انتظار نتائج التحقيقات وقرار
المحكمة في هذه الاتهامات، تعمل
الحكومة على تعديلين دستوريين
متوازيين. الاول، لتقليص
صلاحيات المحكمة العليا التي
يمكنها حل الاحزاب في حال خرقها
المبادئ الاتاتوركية. وهي
صلاحية استخدمت لحل حزب المجتمع
الديموقراطي الكردي الذي اعتبر
واجهة سياسية ل «العمال
الكردستاني» المتهم بتهديد
وحدة البلاد، وكادت المحكمة ان
تستخدمها ضد الحزب الحاكم بتهمة
تهديد العلمانية. اي ان هذه
المادة الدستورية تظل سيفاً
مصلتاً على الحزب الحاكم الذي
يشتبه بأن توجهه الإسلامي ينطوي
على خطر بالنسبة الى
العلمانيين، وفي مقدمهم الجيش.
لذلك تضمن التعديل الدستوري
الذي اقترحه اردوغان نقل هذه
الصلاحية من المحكمة الدستورية
العليا الى الحكومة، بما يقضي
نهائياً على احتمال وضع الحزب
في موضع المساءلة من وجهة نظر
الدستور التركي. التعديل الآخر، يتعلق بصلاحية المؤسسة
العسكرية للتدخل في الشأن
السياسي الداخلي عندما تتعرض
البلاد لحال من الفوضى وعدم
الاستقرار وتتهدد اركان
العلمانية. وهي المادة الي تذرع
بها العسكريون في انقلاباتهم
السابقة. بكلام آخر، يسعى «العدالة
والتنمية» الى نزع هذا التهديد
الدستوري القادم من المؤسسة
العسكرية. اي أن محاكمات «ارغينيكون»، بغض النظر عن
دقة الاتهامات فيها، تدفع الى
نزع الثقة التدريجية من صدقية
المؤسسة العسكرية وتمس بصورتها.
كما أن التعديلات الدستورية
المقترحة تحد من قدرة هذه
المؤسسة على التدخل في الحياة
السياسية. المبررات التي تقدمها الحكومة التركية
للتعديلات الدستورية تتعلق
بالمقاييس الديموقراطية
الغربية، خصوصاً دور الجيش في
الحياة السياسية، والتي
تعتبرها ضرورية من اجل اكتساب
عضوية الاتحاد الاوروبي. لكنها
في الوقت نفسه تقدم على خطوات
سياسية تنزع من المؤسسة
العسكرية القدرة على التعبئة
حول اهداف قومية. وتخدم نظرية «صفر مشاكل» مع الجوار هذه
الخطوات. اذ تسعى الحكومة الى
التهدئة والاستقرار في
علاقاتها الاقليمية لنزع حجة
التهديدات التي يستخدمها الجيش
من اجل ابقاء قبضته ونفوذه.
والهجوم الديبلوماسي الذي تقوم
به انقرة حالياً، في ظل «صفر
مشاكل»، أدّى الى انفتاح
وعلاقات متقدمة مع كل الجوار
التركي، من ايران الى سورية
واليونان مروراً بالحكومة
المركزية العراقية، وخصوصاً مع
اقليم كردستان - العراق، ما نزع
كل عناصر التوتر مع الجوار الذي
يمكن ان تستغله المؤسسة
العسكرية من اجل ضبط حركة حكومة
«العدالة والتنمية». وبذلك ينزع اردوغان سلاحاً سياسياً من
ايدي العسكريين الذين ما زالوا
يحنون الى العصر الاتاتوركي
والتحكم بالسياسة التركية.
ونتيجة للإضعاف المنهجي
للمؤسسة العسكرية التركية، عبر
القوانين الجديدة والتعديلات
الدستورية والاستثمار السياسي
للتهدئة الاقليمية، بات في وسع
اردوغان ان يتجه اكثر شرقا
وجنوبا، بعدما عمل أب الجمهورية
التركية مصطفى كمال على دفعها
نحو الغرب، وحمى ورثته هذا
التوجه خلال العقود الماضية. ===================== بقلم :د.منار الشوربجي البيان 16-6-2010 يبدو أن هناك إجماعا في دوائر النخبة
والحكم في واشنطن، على أن تركيا
حليف «فقدته أميركا»، دون أن
يعني ذلك اتفاقا بالضرورة حول
تفسير ما حدث. ففي الأسبوع
الماضي، اتهم وزير الدفاع روبرت
غيتس أوروبا بأنها برفضها
انضمام تركيا للاتحاد
الأوروبي، هي المسؤولة عن «تحول
تركيا نحو الشرق». والتصريح يحمل نبرة أسى لا تخطئها العين،
تختلف تماما عن نبرة المحافظين
الجدد وغيرهم من أنصار إسرائيل
في واشنطن، الذين يشنون حملة
شرسة على تركيا تتسم بالغضب
والديماغوجية. فتركيا لدى أنصار
إسرائيل صارت «رجل الشرق الغاضب»،
ومتهمة بكل شيء؛ من العداء
للسامية إلى الراديكالية
الإسلامية. بل إن ليز تشيني المسؤولة السابقة في
وزارة الخارجية الأميركية
وإحدى رموز المحافظين الجدد،
اخترعت «محور شر» جديدا لا
يعادي أميركا هذه المرة، وإنما
هدفه «القضاء على إسرائيل». وهو
محور يضم تركيا إلى جانب سوريا
وإيران. ورغم أن حملة أنصار إسرائيل ضد تركيا بدأت
منذ فترة طويلة، إلا أنها صارت
اليوم مرتبطة صراحة بمصالح
إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، حيث
باتت تعبر عن نفسها بخطاب
إسرائيلي خالص، نادرا ما يسعى
لأن يغطي نفسه سياسيا بالحديث
عن مصالح أميركية. ومع أن المعنى الذي عبر عنه روبرت غيتس،
سعت أصوات من داخل وزارة
الخارجية لأن تنفيه، معتبرة أن
علاقات تركيا بالشرق تفيد
أميركا ولا تقصد بها تركيا
ضررا، يظل واضحا أن هناك إجماعا
على تحول تركي معتبر. ما يجمع بين موقف إدارة أوباما وموقف
أنصار إسرائيل، هو فساد التشخيص
والتفسير لما حدث. فكلاهما
يعتبر أميركا وإسرائيل ليستا
مسؤولتين عن التحول في الموقف
التركي. فعند إدارة أوباما،
أميركا بريئة واللوم على
الأوروبيين. أما عند أنصار
إسرائيل، فإن أميركا بريئة
وإسرائيل ضحية، والمسؤول هو «الأصولية
الإسلامية» التي سيطرت على
تركيا. وادعاء أميركا وإسرائيل البراءة، عادة
عبثية تصل هذه المرة لحد الهزل.
فإذا كان السبب في الموقف من
إسرائيل هو حكومة أردوغان «الإسلامية
الأصولية»، فماذا يا ترى عن
الموقف الشعبي التركي؟ هل صارت
أغلبية الأتراك أصوليين أيضا
بين ليلة وضحاها؟ وإذا كانت
أوروبا مسؤولة عن التحول في
الموقف التركي، فماذا يا ترى عن
موقف قوى ديمقراطية صاعدة أخرى،
كالبرازيل والهند وجنوب
إفريقيا التي صارت تتحدى أميركا
هي الأخرى؟ الثابت أن العلاقات الإسرائيلية
الأميركية لم تتوتر بين ليلة
وضحاها، بل نتجت عن سلسلة طويلة
من الوقائع والأحداث، إسرائيل
مسؤولة عن الكثير منها. فعلى
سبيل المثال لا الحصر، حنثت
إسرائيل أولمرت بوعودها لتركيا
في وساطتها بين إسرائيل وسوريا.
ثم جاءت حكومة نتانياهو لتتجاهل
الوساطة التركية وترفضها
بالمطلق. وأولمرت الذي زار أنقرة في ديسمبر 2009، عاد
لبلاده ليشن هجومه على غزة دون
كلمة واحدة عما يزمعه مع من
يفترض أنهم حلفاؤه، الأمر الذي
شعر معه الأتراك بالخديعة
والإهانة. ثم لم تتورع إسرائيل
هذا العام عن إهانة السفير
التركي لديها، قبل أن تضطر
للاعتذار بناء على إصرار
الحكومة التركية. وقبل أن تقتل
مدنيين أتراكاً في أسطول الحرية.
ولم يكن ذلك التوتر الإسرائيلي التركي
بعيدا عن الموقف داخل أميركا،
إذ سرعان ما حرك لوبي إسرائيل
أنصاره في مجلس النواب، لتمرير
قرار يعتبر ما جرى للأرمن زمن
الدولة العثمانية إبادة جماعية.
ومضمون القرار كان طوال العقد
الماضي، أداة استخدمها
المحافظون الجدد كلما أرادوا لي
ذراع تركيا. فقد تم تحريك القضية
في عهد بوش الابن، انتقاما من
تركيا التي كانت قد رفضت مساعدة
أميركا على غزو العراق. لكن تركيا وقتها هددت بأن تدفع أميركا
الثمن في العراق، فبرزت أصوات
حتى بين المحافظين الجدد، تطالب
الكونغرس بالعدول عن تمرير
القرار لئلا تتهدد المصالح
الأميركية في العراق، خصوصا أن
العلاقات التركية الإسرائيلية
وقتها لم تكن على توترها الحالي.
وقتها ابتلع أعضاء الكونغرس
ألسنتهم واستجابوا، بعد أن
كانوا قد ملأوا الدنيا ضجيجا
بشأن حقوق الإنسان. لكن بعد أن صارت تركيا أكثر وضوحا في
استقلالية قرارها عن كل من
أميركا وإسرائيل، عاد الكونغرس
للموضوع نفسه حتى تم إقراره هذا
العام، مما أغضب الأتراك. لكن التوتر ازداد حدة بعد أن توصل الأتراك
والبرازيليون مع إيران لاتفاق
بشأن برنامجها النووي رفضته
أميركا، رغم أن الجهد التركي
البرازيلي كان بتنسيق كامل مع
أميركا وبضوء أخضر من أوباما
شخصيا، عبر عنه خطاب كان أوباما
قد أرسله للرئيس البرازيلي دا
سيلفا. وهو الخطاب الذي راح فيه أوباما يناقش
بالتفصيل وعلى ثلاث صفحات،
مضمون ما هو مقبول أميركيا في
أية محاولة تبذلها البرازيل
وتركيا مع إيران. وهو بالضبط
مضمون ما تم التوصل له، فما كان
من أميركا إلا أن رفضته. ويبدو
أن إدارة أوباما لم تتوقع نجاح
تركيا والبرازيل في مسعاهما
ففوجئت بالاتفاق، بينما هي ليست
مستعدة لتحدي الكونغرس في عام
انتخابي. وقد ازداد التوتر بالتأكيد، بسبب الموقف
الباهت لأميركا إزاء الاعتداء
الإسرائيلي على أسطول الحرية،
وهو الموقف الذي لم يقبله
الأتراك من «حليف» على حد قول
داوود أوغلو. باختصار، أميركا وإسرائيل مسؤولتان
بدرجة كبيرة عن التحول في
الموقف التركي، دون أن يعني ذلك
أن تركيا تتحرك بمنطق رد الفعل.
فتركيا الأكثر قوة اقتصاديا
وإقليميا، صارت أكثر قدرة على
اتخاذ مواقف قوية، إزاء
الاستهانة بمصالحها التي أعادت
تعريفها وفق رؤية استراتيجية
واضحة تعمل على تنفيذها منذ
سنوات. غير أن أهم ما يغفله الأميركيون عمدا في
المشهد التركي، هو أن هناك
أغلبية شعبية واضحة وراء
المواقف التي تتخذها الحكومة
التركية، سواء إزاء إسرائيل أو
إزاء أميركا. كاتبة مصرية ===================== بقلم :إميل أمين البيان 16-6-2010 في مذكراته عن حرب الأيام الستة، يسجل
الجنرال الإسرائيلي إسرائيل
ليور، مدير مكتب ليفي اشكول
رئيس وزراء إسرائيل حينها، أن
الأخير كان يصرخ في الأيام
الأولى للحرب في جنرالاته: ماذا
تريدون؟ هل تريدون أن نعيش
بالسيف وحده وإلى الأبد؟ لماذا يطل التساؤل برأسه من جديد بعد
أحداث أسطول الحرية؟ عند المثقف الإسرائيلي شلومو مواريخ، أن
«إسرائيل تركض من نصر إلى نصر
حتى تصل إلى نهايتها المحتومة»،
فيما يرى الشاعر الإسرائيلي
حاييم جوري أن «كل إسرائيلي
يولد وفي داخله السكين الذي
سيذبحه، فهذا التراب، أي
إسرائيل، لا يرتوي فهو يطالب
دائما بالمزيد من المدافن
وصناديق الموتى». بنيت إسرائيل على الغش والخداع، واليوم
تعيش على حد السيف، لكن الغش
سيفتضح أمره في النهاية والسيف
الذي تعمل إسرائيل به قتلا،
سيرتد بالحسابات المنطقية إلى
نحرها، وخاصة في ظل انتفاضة
عالمية دينية وعلمانية وحتى ولا
دينية ضدها. أما الزيف والخداع فيأتي عليه مؤخرا أحد
أشهر وأهم دعاة حركة «المؤرخون
الجدد في إسرائيل» بيني موريس.
ففي مقابلة صحيفة له مع يديعوت
أحرونوت العبرية، كشف عن وثائق
نشرت في كتاب جديد له بعنوان «1948
تاريخ الحرب العربية
الإسرائيلية الأولى». تؤكد أن مندوبين في الأمم المتحدة حصلوا
على رشاوى من الحركة الصهيونية
لأجل التصويت إلى جانب قرار
التقسيم رقم 181 في 28 نوفمبر 1947،
والذي حصل على تأييد 33 صوتا وتم
بموجبه منح 55% من فلسطين لليهود
وتدويل القدس. ورغم اعتماد إسرائيل على حد السيف، بدءا
من دير ياسين وقبية وصولا إلى
أسطول الحرية، إلا أن «نهاية
المشروع الصهيوني على عتبات
أبوابنا، وهناك إمكانية حقيقية
لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني»..
هكذا تحدث أبراهام بورغ، الطفل
المزعج في المؤسسة الحاكمة
الإسرائيلية والرئيس السابق
للكنيست الإسرائيلي لأكثر من
دورة، وابن الحاخام يوسف بورغ
الشهير. وقد كان توقيت الكلمات المتقدمة مثيرا
للعجب والدهشة، فقد أطلقها غداة
احتفالات إسرائيل بالذكرى
الستين لمولدها عبر كتابه «الانتصار
على هتلر»، وفيه شبه الأوضاع
الآنية في إسرائيل بتلك التي
سادت عشية وصول هتلر وإعلان
النازية في ألمانيا. ويصف بورغ
إسرائيل بأنها «باتت مزيجا من
البلطجة والامبريالية»، ويرى
أن «المجتمع الإسرائيلي كيان
عنصري قائم على الخوف المستدام».
لم تتوقف إسرائيل كثيرا أمام دروس
التاريخ، وأقربها الإدانة
الدولية لها عبر تقرير غولدستون
الذي فضح ممارساتها في غزة، ذلك
أنها خاضعة لدافع قسري مهلك
يحملها دوما على تكرار نفس
الأخطاء، على الرغم من دروس
الماضي الرهيبة. لا يتسع وقت جنرالات إسرائيل منذ العام 1967
وحتى الساعة، للتوقف أمام مؤرخ
بوزن بيني موريس الذي يخلص في
عمله السابق الإشارة إليه، إلى
أن أسباب التفاؤل في إسرائيل
تضيق يوما تلو الآخر، في حين أن
العالم العربي وبمساندة العالم
الإسلامي يزداد قوة. أما السياسيون من أمثال نتانياهو، فلا
يعيرون اهتماما كبيرا لتساؤلات
طرحها المؤرخون الجدد من عينة:
ماذا لو دخلت إسرائيل في حرب
شاملة مع العرب وبصورة أوسع مما
جرى العام 1973، ولم تكن الولايات
المتحدة الامريكية في وضع يسمح
لها بالتدخل لمصلحة إسرائيل
لسبب أو لآخر؟ الناظر بعين المحقق والمدقق للعلاقات
الإسرائيلية الامريكية، يرى
أنها تمر بمنعطف خطير وغير
مسبوق، سيما في ضوء حالة التمرد
الشعبوي الأمريكي ضد حالة
الارتباط العضوي مع إسرائيل،
والتي باتت تؤثر على معطيات
الأمن القومي الأمريكي، وتجلى
هذا الرفض في ثورة الجنرالات
بقيادة ديفيد بترايوس المرشح
المحتمل عن الجمهوريين لخوض
معركة الرئاسة المقبلة 2012. والثابت كذلك أن إسرائيل قد اعتمدت في
حروبها مع العرب على الدعم
المادي والمعنوي من يهود
الشتات، سيما يهود أمريكا، غير
أن هؤلاء إما سائرون إلى
التلاشي أو الانقسام، وعليه فمن
سيدعم إسرائيل مستقبلا؟ كما أن
الاقتصاد الإسرائيلي هو اقتصاد
معونات (أمريكية خصوصا)، كما
برهنت حرب 1973 على أن بقاءها
مرتبط بالدعم العسكري المباشر..
فهل يمكن بعد ذلك الادعاء بأن
الصهيونية قد بنت دولة اسمها
إسرائيل؟ الصهيونية الداعمة لعنصرية إسرائيل إلى
زوال، هذا ما تؤكده كاثلين
كريستون، المحللة السابقة في
الاستخبارات الامريكية
المركزية ةء، عبر مقال لها نشر
على شبكة غخش وفيه تتساءل: هل
يمكن أن يظل المخدوعون مخدوعين
وأن تقصر عيونهم عن رؤية العري
الفاضح للعقيدة العنصرية
الكامنة وراء دولة إسرائيل؟ وتضيف: المحررون من الأوهام الإسرائيلية،
هم وحدهم القادرون على رؤية
الانهيار القادم للصهيونية،
مصحوبا بانهيار إسرائيل ذاتها
كدولة عنصرية لليهود وحدهم،
والتي تلجأ لمنطق القوة العمياء
سندا ومعيناً. فلماذا تتجاهل إسرائيل دوما وأبدا أن من
يعش بالسيف فبالسيف يموت؟ كاتب مصري ===================== آخر تحديث:الأربعاء ,16/06/2010 ميشيل كيلو الخليج هناك مثل أمريكي شائع يقول: ما يناسب
أمريكا يناسب العالم . اعتقد من
قال هذا المثل أن مصلحة أمريكا
القومية ومصالح العالم شيء
واحد، وأن من يعترض على الأولى
أو يعمل ضدها يضر بالثانية .
إذاً، من غير الجائز أن يكون لدى
الآخرين مصالح مغايرة لمصلحة
أمريكا القومية، وإلا اعتبرت
ذلك موقفاً عدائياً منها،
وذكرتهم بطرقها العنيفة بأن في
مصلحتها القومية مصلحة العالم
كله . وهناك قاعدة في السياسة الأمريكية ترى أن
انتشار أمريكا العالمي يجعل
مصلحتها القومية عالمية
الطابع، فلا يحق لأحد تقييدها
بحدود وطنية أو قومية أو بأي
تدابير من أي نوع إجرائي، فإن
تداخلت مع مصالح الغير داخل
نطاقه الوطني الخاص، كان من
المحتم أن تكون لها أولية
عليها، وإلا خرج على منطق
الأشياء والضرورات وناله أذى
شديد . لا حاجة إلى القول إن
مصلحة أمريكا القومية هي حقاً
مصلحة عالمية، وقد أظهرت الأزمة
المالية الأخيرة، التي بدأت
فيها وانتقلت بسرعة إلى بقية
العالم، كم أمريكا عالمية، وكم
العالم أمريكي، وأبرزت مرة أخرى
حساسية ما تفعله أمريكا بالنسبة
إلى العالم، وعظم المسؤوليات
الملقاة على عاتقها تجاهه، وحجم
استهتارها بحاجاته وأوضاعه . تقليدياً، انقسمت السياسات الأمريكية،
في المسائل المتصلة بالمصلحة
القومية، إلى تيارين يتفقان على
أوليتها من الناحية
الاستراتيجية، ويتباينان حول
سبل تغليبها على غيرها من
المصالح: تيار يرى في المصلحة القومية الأمريكية
بعدها الخارجي، فهي شبكة مصالح
تتخطى حدودها وتصطبغ بصبغة
عالمية كما تصبغ العالم
بصبغتها، فلا بد أن يعد تجاوزها
خطاً أحمر يحق لأمريكا معاقبة
من ينتهكه . وآخر يرى في تحسين الحاضنة العالمية
لمصالح أمريكا القومية هدفاً
يجب متابعته بكل دأب وتصميم،
وإعطاؤه الاهتمام الكافي، حتى
في الأزمنة التي تخلو من تحديات
وتهديدات تستهدفها، وتنخرط
أمريكا خلالها بعلاقات متبادلة
متنوعة الأشكال مع مناطق الكون
المختلفة، للحصول على حصة الأسد
من أي شيء وفي جميع الأحوال .
يقول أنصار هذا التيار: من أجل
تحسين وضع المصلحة القومية
الأمريكية لا بد من إقناع، أو
اقتناع، الآخرين بأنها مصلحتهم
أيضاً، وأن في خدمتها نفعاً
لهم، وإلا ضيعوا فرصاً مجزية
ودخلوا في مشكلات مع الولايات
المتحدة تلحق بهم ضرراً شديداً . بالنسبة للتيار الأول: تعلو المصلحة
القومية الأمريكية على أية
مصلحة أخرى، فإن وجدت مصالح
قومية منافسة، وجب على أمريكا
استنفار قدراتها المختلفة
والعمل ضدها . حين يعلن الرئيس
الأمريكي أن النفط مصلحة قومية
أمريكية، فإن إعلانه يعادل فرض
حظر يمنع أية جهة دولية من
الاقتراب منه، وإلا واجهت خطر
الدخول في صراع مفتوح مع أمريكا
. ثمة استثناء من هذه السياسة،
ترتبت عليه نتيجة مقلقة كانت
تستدعي تدخلاً عربياً حازماً،
إلا أنه لم يحدث، فقد أعلن
الرئيس باراك أوباما أن السلام
بين العرب و”إسرائيل” مصلحة
قومية أمريكية، لكنه امتنع،
للمرة الأولى ربما في تاريخ
السياسة الأمريكية الحديثة
والمعاصرة، عن اتخاذ أي إجراء
ضد “إسرائيل”، التي رفضت
التجاوب مع إعلانه وواصلت
سياسات اعتبرها ضارة بمصلحة
أمريكا القومية . السؤال هو: هل
مصالح “إسرائيل” فوق مصلحة
أمريكا القومية، أم أن أوباما
لم يتحرك، لأن طبخة التسوية لم
تنضج، ولأنه سيتحرك في الوقت
المناسب، حين يتأكد فعلاً أن
موقف “إسرائيل” النهائي أخذ
يضر حقاً بالمصلحة القومية
الأمريكية؟ في الحالات
المماثلة، كان إعلان رئيس
أمريكا يعتبر إلزاماً للآخرين
بانتهاج سلوك محدد في مسائل
معينة . ومن المعروف، مثلاً، أن
اقتراب السوفييت، بجبروتهم
وقوتهم، من مناطق النفط العربية
كان يعد، طيلة حقبة الحرب
الباردة، سبباً للصدام مع
أمريكا، التي أعلنت انفراد
أمريكا بثرواتها، مصلحة قومية،
فأحجم الجبار السوفييتي عن
الاقتراب منها، وعندما دخلت
جيوشه أفغانستان، بدا كأنه دمر
التوازن الدولي، وتلقى تهديدات
غاضبة توعدته بعقاب لا يرحم، مع
أن البيت الأبيض كان في يد إدارة
معتدلة قادها جيمي كارتر،
غالباً ما اتهمها الأمريكيون
بالضعف الشديد . مرة أخرى:
المصلحة القومية الأمريكية هي،
في نظر هذا التيار، خط أحمر لا
يجوز لأحد الاقتراب منه، ناهيك
عن تجاوزه، وعلى العالم
الانصياع لها واحترامها، كي
تبقى مصلحة أمريكية صرفاً، لا
شريك لأمريكا فيها، فإن حاول
أحد التعرض لها تعرّض هو لردود
أفعال قاسية، تتضمن ضربات
عسكرية وأعمالاً مسلحة
وتخريبية منظمة . يفسر هذا،
لماذا كانت الأزمات التي نجمت
عن انتهاك ما اعتبرته أمريكا
مصلحتها القومية هي الأعقد
والأطوال والأصعب والأكثر
عنفاً خلال التاريخ الحديث . بقي
أن أضيف أن المصلحة القومية
الأمريكية ليست دوماً من طبيعة
اقتصادية، وأنها تتصل عموماً
باعتبارات ومواقع من طبيعة
استراتيجية، أو بنظم سياسية
وتطورات إقليمية ودولية،
وبظواهر عسكرية وتقنية، وثروات
دفينة وأموال مخزونة . . . الخ . مثّل التيار الثاني وجهة نظر أكثر هدوءاً
وسلمية في العلاقات الدولية،
وقال بإمكانية التفاهم مع
الآخرين على سبل تضمن مصالح
أمريكا القومية، وإنه يجب أن
تكون لهم مصلحة في خدمتها، إما
لأن أمريكا تحميهم عسكرياً، أو
تساندهم سياسياً، أو تقدم لهم
مزايا اقتصادية وتقنية وخدمات
تنفرد بالقدرة على تقديمها، فلا
بأس إن هي أشركتهم في خدمة
مصلحتها القومية، أو اعتبرت
مصالح بعضهم جزءاً منها . يقول
أنصار هذا التيار: إن لدى أمريكا
دوماً ما يكفي من الوقت لحماية
مصلحتها القومية، فإن لم تنفع
الوسائل العادية، كان بوسعها
الذهاب دوماً إلى الوسائل
العسكرية . في مقابل هذا الرأي،
يقول أنصار التيار الأول: من
الضروري أن يعرف أعداؤنا مسبقاً
ما سنفعله ضدهم، إن انتهكوا
مصلحة قومية أمريكية، ويجب ألا
يكون لديهم أي هامش مناورة في أي
شيء يخص هذه المصلحة، وألا
نعطيهم حرية حركة قد توهمهم
بأنهم غدوا أنداداً لنا . تتوزع مصالح الولايات المتحدة القومية
على أربع جهات الأرض، وبما أنها
متناقضة غالباً مع مصالح
الآخرين، فإن سياسات واشنطن
الخارجية تتخذ طابعاً عدائياً
تجاههم، يجعل من الصعب تحويلها
من سياسات تفرض مصلحة قومية
خاصة بأي ثمن وحيثما كان، إلى
سياسات تحسن أوضاع العالم،
ليكون في تحسينها التوفيق
المطلوب بين مصالحها ومصالح
بقية البشرية . هذا التحول من
التركيز على الأنانية القومية
إلى الاهتمام بالعالم، يعد
أمنية عالمية، لكن تحقيقها
يتطلب قيام قوى عالمية بوسعها
فرضه على واشنطن، أو قيامها هي
بإعادة تعريف مصلحتها القومية
وما يوضع في خدمتها من سياسات
خارجية وعسكرية، بحيث تتخلى عن
نزعتها إلى التدخل خارج مجالها
السيادي، كي لا تفسد العلاقات
الدولية، وتهدر ثروات العالم،
وتكلف البشرية الكثير من الدماء
والدموع . بما أن العالم يفتقر
إلى هذه القوى، فإن الاحتمال
الأول صعب أو مستحيل الوقوع في
زمن منظور . يبقى الاحتمال
الثاني: قيام أمريكا بتحسين
أحوال العالم . وكان أوباما قد
تعهد في خطب متكررة بالعمل في
سبيله، ثم تراجع عن تعهده، ربما
لأنه اطلع عن كثب على حقائق
وأسرار المصلحة القومية
الأمريكية، أو لمس استحالة
التوفيق بينها وبين مصالح
العالم، فقرر، كمعظم من سبقه من
رؤساء، اعتبار مصلحة بلاده
القومية مصلحة كونية يجب
إعطاؤها أولية مطلقة على أية
مصلحة أخرى، ولا بد من فرضها
بالقوة على الآخرين . هناك تعارض شديد بين مصلحة أمريكا
القومية ومصالح بقية العالم،
يسمم العلاقات الدولية ويقوض
توازناتها، ويجعلها علاقات سيد/
عبد، تقيم وتحمي نظاماً من
التفاوت تجلس واشنطن على قمته،
وتسهر على استمراره بما لديها
من قدرات وخبرات تدخلية فريدة،
وقوة لا قيد عليها . بهذا
الواقع، تحبط أمريكا محاولات
الآخرين لتحسين العلاقات
الدولية وأحوال العالم،
وتجبرهم على التصرف كأنهم وحوش
في غابة يفترس فيها القوي
الضعيف . ليس صحيحاً أن ما يناسب أمريكا يناسب
العالم . وليس صحيحاً أيضاً أن
تحسين أحواله رهن بانتهاج
أمريكا سياسات مثالية، وبالحد
من سياساتها البراغماتية أو
الواقعية . الصحيح أن أمريكا
ليست العالم، والعالم ليس
أمريكا، ومن غير الممكن أن ترقى
مصلحتها القومية إلى مرتبة
مصلحة عالمية كونية، هي مصلحة
البشر في كل مكان، إلا إذا نتجت
هذه المصلحة عن تفاهم كوني
ملزم، يشارك الجميع في بلورته
وتعيين سماته، موضوعه حاضر
العالم ومستقبله . وإلى أن يحدث
هذا، ستسقط قنابل أمريكية كثيرة
على العالم، وسيضحى بثروات
ومصالح عالمية كثيرة على مذبح
مصلحة قومية خاصة تضع بلداً
بعينه هو أمريكا فوق العالم،
وتعطيه أولية مطلقة عليه، في
حين تجعل ثرواته لها، وإرادته
خاضعة لرغباتها، ومصيره رهن
تعسفها وعنفها . ===================== العلاقات التركية "الإسرائيلية"
إلى أين؟ آخر تحديث:الأربعاء ,16/06/2010 فايز رشيد الخليج لم يستقطب حدث خلال الأشهر الأخيرة هذا
الاهتمام الإعلامي والدولي
الكبير، مثل الهجوم البربري
الصهيوني على قافلة أسطول
الحرية في البحر المتوسط،
فإضافة إلى الجريمة النكراء بحد
ذاتها، فإن انعكاسات ما جرى،
بدت كأنها المسمار الأخير في
نعش العلاقات التركية “الإسرائيلية”،
التي تردت بالمعنى التدريجي منذ
بداية تسلم “حزب العدالة
والتنمية” في تركيا . كتابات وتحليلات كثيرة كُتبت ولا تزال
تُكتب حول العلاقات التركية “الإسرائيلية”
. البعض يصور ردود الفعل التركية
على جريمة الأسطول، بأنها فورة
غضب، ولا تلبث أن تعود العلاقات
بين الطرفين إلى سابق عهدها .
كتابات تتطرق إلى ما سمته
اللعبة السياسية التي تمارسها
أنقرة للدخول في الاتحاد
الأوروبي من باب تأثيرها ودورها
القوي في المنطقة . وتتساءل بعض
الأعمدة الصحافية بسخرية عن
الدور التركي من خلال القول: وهل
ستقوم تركيا بتحرير فلسطين؟
وأخرى تستذكر الآثار السلبية
للحقبة العثمانية في الوطن
العربي، وتستنكر إمكانية
العودة إلى مرحلة شبيهة، وإلى
آخر هذه التحليلات التي لا
تنطلق من مقاييس الموضوعية، بل
من غايات وأهداف، البعض منها
تشكيكي، والآخر استنكاري،
ومواقف تعمل على إلباس تركيا
ثوباً من التحليلات والمواقف
التي لم تصدر عنها . منذ النجاح الذي أحرزه حزب العدالة
والتنمية في انتخابات عام 2002
وتسلمه للسلطة، بدأت مقدمات عهد
تركي جديد في الظهور، من ملامحه:
التعامل مع الولايات المتحدة
ليس كتابع استراتيجي وإنما ند
استراتيجي في ما يتعلق بشؤون
المنطقة . كان عدم السماح للقوات
الأمريكية باستخدام الأراضي
التركية لغزو العراق بداية هذه
المقدمات، وشكّل آنذاك بداية
تغيير في العلاقات التركية
الأمريكية . أيضاً حرصت تركيا
على تطبيع علاقاتها مع جمهورية
أرمينيا، ومع حزب العمال
الكردستاني . في ما يتعلق بما
يُتهم به الأتراك من اقتراف
مذبحة تاريخية ضد الأرمن
وتهديدات بعض السياسيين
الأمريكيين بإثارته في
الكونجرس الأمريكي، اتخذت
تركيا موقفاً حمل في طياته
تهديداً للولايات المتحدة بأنه
إذا ما أثيرت هذه المسألة، فإن
ذلك سيلحق ضرراً بالعلاقات
التركية الأمريكية، وبالفعل
اضطر أوباما إلى الابتعاد عن
استعمال كلمة “مذبحة” عند
الحديث عن هذا الموضوع، ونادى
مراراً بتطبيع العلاقات
التركية الأرمينية . من ملامح عهد حزب العدالة والتنمية أيضاً:
أن الموقف التركي بالنسبة ل”إسرائيل”
بدأ يشهد اختلافاً جذرياً، ففي
مراحل ماضية فإن العلاقات
التركية “الإسرائيلية” تميزت
بمتانتها وبعدها الاستراتيجي،
ومثلت تركيا الدولة الصديقة
الأفضل للكيان في المنطقة، بعد
سقوط حكم الشاه في إيران . حزب العدالة والتنمية ألغى الصفة
الاستراتيجية عن العلاقة مع “إسرائيل”،
وأبقى على علاقة المصالح
المشتركة، من خلال منظور يتمثل
أحد أهم أسسه: الانفتاح على دول
الجوار العربي وإيران . لذلك
شهدنا ونشهد تطوراً مطرداً في
العلاقات التركية مع إيران ومع
الدول العربية، وبخاصة الجارة
سوريا، وتأييداً كبيراً للحقوق
الوطنية الفلسطينية . القضايا
العادلة العربية أيضاً أتت ضمن
هذا السياق، ومن ثم بدأ الفتور
المتدرج في العلاقة التركية “الإسرائيلية”،
وفي سياقها جاء موقف أردوغان في
دافوس، والمحاولة التركية
لرعاية مفاوضات غير مباشرة بين
سوريا و”إسرائيل”، تبين
للأتراك بعدها زيف مقولات
السلام “الإسرائيلية”، وجاءت
أيضاً التصريحات التركية
المتصاعدة في حدتها وخاصة بعد
العدوانين الصهيونيين: على
لبنان في يوليو/ تموز عام ،2006
وعلى قطاع غزة 2008 2009 والمذابح
والمجازر التي ارتكبتها “إسرائيل”
في العدوانين، الأمر الذي زاد
في توتير الأجواء بين الطرفين .
قبل حادثة الأسطول: تراجعت
أنقرة عن دعوة “إسرائيل” لحضور
تدريبات عسكرية للناتو في عام ،2009
وقامت بإلغاء المناورات مع “إسرائيل”
بعد الاعتداء على “أسطول
الحرية” . وفي السياق نفسه، جاءت حادثة إهانة
السفير التركي في “إسرائيل”،
وإصرار تركيا على اعتذار الكيان
الصهيوني . وبالفعل هذا ما تم . الاعتداء الإجرامي على الأسطول، كان
بمثابة القشة التي قصمت ظهر
البعير، لذلك كانت ردود الأفعال
التركية العنيفة، المتمثلة في
خطوات عملية، وفي تصريحات عنيفة
وصلبة . الخطوات التركية التصعيدية في حدتها تجاه
الكيان الصهيوني مرشحة لأن
تستكمل بخطوات أخرى . أما على
صعيد التحول في الموقف التركي
من “إسرائيل” في مرحلة حزب
التنمية والعدالة فلذلك أسبابه
ومن أبرزها: أن الحزب في أساسه
هو حزب إسلامي التوجه، مستنير،
يدير تركيا بذكاء كبير بعيداً
عن المهاجمة المباشرة
للعلمانية، يعتمد في أطروحاته
على التأييد الجماهيري التركي
الكبير له ولمواقفه، القريبة من
تفكير وإحساس غالبية الشعب
التركي . لقد وصل التأييد الشعبي
للحزب ذروته وأوجه في
الانتخابات التشريعية الماضية،
إضافة إلى خطته القاضية “والتي
أيضاً يطبقها بذكاء كبير”
بالحد من تدخل سلطة الجيش في
الحياة السياسية . ضمن هذه المعطيات فالتردي في العلاقات
التركية “الإسرائيلية” مرشح
للتفاقم . أما عن العلاقات
الاقتصادية والعسكرية بين
الجانبين، فهي في معظمها حصيلة
عهود سابقة، لكن بالضرورة فإنها
ستتأثر أيضاً، طالما بقي حزب
التنمية والعدالة في السلطة،
وبالطبع نتمنى ذلك . ===================== يجب التغلب على أزمة
الضمير في الاتحاد الأوروبي! لوموند ترجمة الأربعاء16-6-2010م ترجمة: سهيلة حمامة الثورة للأزمة المالية الجارية والأزمة
اليونانية الأخرى الأكثر حداثة
فضلٌ إن صحّ التعبير، في إعادة
طرح مسألة المشروع الأوروبي ضمن
سياق المناقشات الساخنة في هذه
الآونة، كما جذبتا المتنبئين ليدلوا بدلوهم شبه
واثقين/ أن الاتحاد الأوروبي،
بكل عظمته، يدنو من انهيار
محتم، في حين أن محللين سياسيين
واقتصاديين أشاروا إلى أن
الاتحاد الأوروبي يشتد عوده
أكثر وأكثر تحت عجلة الأزمات!. ففي هذه الآونة يسيطر الاضطراب على مناخ
أوروبا السياسي والاقتصادي
مساهماً في تجزئة وشلّ دولها
وحكوماتها، ولغياب قادة
سياسيين صريحين واعتمال الريبة
والشكوك في نفوس أعضائها الأزمة
الراهنة ماهي إلا انعكاساً
لأزمة ضمير اكتسحت دول الاتحاد
كاملة.. عبارة صريحة تحتم علينا
إن تبنيناها، استئناف مسيرة
بنائه وتجديد سيناريوهات عفا
عليها الزمن! البناء الأوروبي،
في البداية، كان بمثابة خطة
إنقاذ عاجلة تحققت إثر الانتحار
الجماعي أثناء الحروب العالمية
والارتقاء بالمنافسات السياسية
الوطنية عبر منهج رفض منطق
القوة، ضمن هذا السياق كان
الاقتصاد الأوروبي يبدو آلياً
أو وسيلةً: فالتضامن الذي
يولّده السوق الداخلي يُفترض به
أن يوفّر مصالح اقتصادية مشتركة
من شأنها تثبيط عزيمة كل مشترك.
المرحلة تلك أُنجزت بداية التسعينيات،
وتبعتها «نهاية التاريخ»
المعلنة عقب سقوط الكتلة
الشيوعية، لتبدأ من ثم مرحلة
أخرى اتسمت بالطيش بمبادرة كل
من جان دولوز، وفرانسوا ميتران
وهلموت كول، ثمة فكرة مفادها أن
الازدهار والتضامن يُفترض بهما
أن يقودا الأوروبيين للانضمام
إلى مشروع أوروبا الكبرى بعد
توحيدها وتحقيق السلام فيها،
وإذ ذاك لن يعود الاقتصاد
آلياً، ولكنه سيضحي في صلب
الخطاب الأوروبي الذي سيتناول
السوق الفريدة (غير المشتركة)
واليورو كأداتين تم تشكيلهما أو
صياغتهما بشكل جيد. غير أن الخطاب ذاته قد استنفد تماماً بسبب
نهج ديناميكية اقتصادية
أوروبية ضعيفة، والتقدم البطيء
في مجال التعاون السياسي. يبدو أن النزعة التفاؤلية الأوروبية
الأساسية قد أخلت الساحة ليتربع
عليها القلق والذعر مع بدء
انهيار الاتحاد الأوروبي،
وتفشي البلبلة في كواليس الرأي
العام العالمي جراء المتغيرات
السلبية في الاتحاد بما يمثله
من قوة اقتصادية عالمية أولى
تتدهور شيئاً فشيئاً لتستقر في
قاع عام 2030 ، إن أسطورة أوروبا
المهيمنة التي ولدت من قلب
الثورة الصناعية الكبرى بدأت
بالتلاشي إثر اندلاع النزاعات
والحروب في العالم، ولكن الخوف
الأكبر هو أن إمكانية تلاشي
الأسطورة يوماً بعد آخر، كما
ينتاب الخوف الكثير من
المواطنين الأوروبيين ويتفشى
القلق على المستوى الفردي
فبينما يرغبون بتوفير الحماية
لأنفسهم، تجدهم ينفرون حتى من
مشاركة الآخرين بما يملكون،
فليست المصلحة الجماعية
الأوروبية الكبرى تدفع بذاتها
رؤساء وحكام أوروبا للتحرك،
إنما نوع محدد من الاستحواذ
القومي الناشئ من عمليات
انتخابية وطنية أساساً. الآن وبعد مضي ستين عاماً على البناء
الأوروبي، هل بوسع الديناميكية
الأوروبية أن تنقلب رأساً على
عقب أو بالعكس؟ وهل يمكننا أن
ننتظر قفزة نوعية أخرى؟. تواجه أوروبا، اليوم تحديات عدّة سوف
تؤثّر على نوعية حياة ومعيشة
الأوروبيين كافة. وبما أن أوروبا تواجه شحاً في الموارد
الإنتاجية الرئيسة بسبب ازدياد
سنّ الشيخوخة لمواطنيها،
والمنافسة الإجمالية على
الموارد الطبيعية، يتحتم عليها
والحالة هذه ترسيخ دورها في
عالم تتغير وتتبدل فيه
التوازنات الاقتصادية والجيو
استراتيجية، وانطلاقاً من ذلك
تجهد أوروبا في تكريس موقع لها
في مواجهة التحديات الخارجية مع
الإشارة إلى أنها تفشل في
التأثير على العولمة، علماً
أنها تبقى المحرك الرئيسي لها (على
مستوى التبادلات التجارية،
وتدفق الاستثمارات، والمدّ
السكاني) وهذا مايثير حقيقة قلق
الأوروبيين عامة. ومع ذلك، يدلل التاريخ الحديث على قوة
الاتحاد الأوروبي المتجلية وقت
الأزمات، وتمثيلها بطريقة
منظمة دقيقة وخاصة أثناء الأزمة
الجورجية في الوقت الذي فشلت
فيه كل من أميركا وروسيا والصين
في إثبات قوتها وقدرتها، بينما
مضت أوروبا حقيقة في إثبات
جدارتها وقدرتها في التبصر
بالمصلحة العالمية، والحال هذه
يمكن القول: إن الأوروبيين
وصلوا في الموعد المحدد لتحقيق
وحدتهم دون أن ننسى معاناتهم
الكبيرة في كيفية الحفاظ عليها
على الدوام ،واستخلاص النتائج
كاملة من المبادرات والأعمال
التي التزموا بها سواء على صعيد
المناخ (كوبنهاكن) أو على الصعيد
الاقتصادي والمالي (قمة العشرين).
وانطلاقاً من تلك النتائج تحديداً ينبغي
لنا العمل على تطوير نزعة
إرادية ترتكز على وحدة وإرادة (مستمرتين)
دول أوروبا وشعوبها، إذ إن
أوروبا لايمكن النظر إليها مجرد
فاعل مؤثر دائم محكوم عليها
بالتكيف مع قضايا «إجمالية» قد
فاتتها، من المفترض إذاً أن
يدفع هذا البرنامج الاتحاد
الأوروبي إلى تعزيز دبلوماسيته
بابتكار أجندة أكثر منهجية ودقة
للتعريف بالمصلحة المشتركة
الخاصة به والتعبير عنها بصوت
وطريقة موحدة وسحبها على مجمل
المواضيع الدولية حتى يتمكن من
استغلال نفوذه وثقله الاقتصادي
بشكل خاص. وفي غالب الأحيان لايعير الاتحاد
الأوروبي، اهتماماً بالمواضيع
الاستراتيجية ويمتنع عن ممارسة
تأثيره القوي جداً على الساحة
الدولية مكتفياً باتباع نهج
تقني مفيد بالتأكيد، وفعال
أحياناً لكن نادراً مايتسم
بالحزم. يبدو أن الإيعاز الذي أطلقه المؤرخ
لوسيان فوبفر قبل نهاية الحرب
العالمية الثانية صحيحاً أكثر
في هذه الآونة ما كان عليه قبل
ستين عاماً: «إن بناء أوروبا
ينطلق أساساً من بناء العالم
برمته». فالتحديات التي تواجه الأوروبيين هائلة
كما يبدو، ولاسيما أن مكونات
الازدهار والسلام باتت في موضع
البحث مجدداً. وفي الواقع اكتشف الاتحاد الأوروبي حسّه
الوجودي داخل الانطوائية
والانعزالية لأكثر من نصف قرن،
وبوسعه من الآن وصاعداً أن يحصد
نتائج خارجية خلال عشرات السنين
القادمة. بقلم تيري شوبان، مدير
الدراسات في معهد روبير شومان
جان فرانسو جاميه أستاذ في
الاقتصاد ===================== المستقبل - الاربعاء 16 حزيران
2010 العدد 3683 - رأي و فكر - صفحة 19 مرح البقاعي في رحلتها الرسمية إلى الصين التي وافقت
تاريخ 24 أيار 2010، ومرافقة بوفد
أميركي رسمي مهم، تخلّت وزيرة
الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون - في استراحة خاصة قصيرة
- عن أعباء المحادثات
الاستراتيجية المكثفة مع
القادة الصينيين في الشأنين
السياسي والاقتصادي، ابتداء
بالخلافات العالقة بينهما حول
مواقف البلدين المتباينة من
كوريا الشمالية وإيران، ووصولا
إلى الأزمة المالية العالمية
وقضايا التجارة الدولية، وذلك
لتمضي بعض الوقت بغية تحفيز
الحوار التصالحي وتشجيع لغة
التبادل الثقافي بين الشعبين
الأميركي والصيني. ففي مقابلة مع محطة التلفزيون المركزية
الصينية أشادت الوزيرة كلينتون
بفخر بالمناسبة المقبلة في
عائلتها وهي زواج ابنتها تشلسي
من حبيبها مارك ميزينسكي، وقالت
لمقدّم البرنامج مازحة:"
سأعترف لك بأمر ولا تخبره لأحد،
إن زفاف ابنتي هو من أهم الأحداث
التي تجري في حياتي الآن! وتابعت:
"هو حلم كل أمّ أن ترى ابنتها
عروسا في ليلة زفافها، وأنا كأي
أم عادية أرى هذه المناسبة من
الأمتع والأكثر إثارة في حياة
عائلتي". وفي محاولة ذكية
منها لتقريب الثقافة والعادات
الأميركية الشعبية للمشاهد
الصيني أخذت تشرح فكرة الاحتفال
الذي ستقيمه لابنتها قبيل حفلة
الزفاف والذي يدعى في الثقافة
الأميركية (Bridal
Shower)، وقالت:" لا نقصد هنا المعنى
الحرفي لمصطلح (shower)
وهو الاستحمام، بل الأمر أشبه
باحتفال يقام قبيل العرس حيث
يجتمع أصدقاء العروس والأسرة
معا، ويقومون بتقديم الهدايا
إلى العروس، ويتداولون ذكريات
وصور طفولتها وصباها إلى أن غدت
عروسا تتهيأ لزفافها إلى زوجها".
وقد قوبلت تصريحاتها عن حياتها
العائلية الخاصة بتصفيق شديد من
قبل الجمهور الذي كان حاضرا
الحوار التلفزيوني في
الاستوديو. وخلال زيارتها للمركز الوطني الصيني
للفنون المسرحية - حيث قالت
للدمى الصينية الزرقاء التي
كانت في استقبالها "إنها لا
يمكن إلا أن تحبهم لأنهم على
الأقل لهم لونها الأزرق المفضل
الذي كانت ترتديه معطفا" -
ترأّست كلينتون الاجتماع الأول
للجنة المشرفة على برنامج
التبادل الثقافي والعلمي
المعروف باسم (100,000 Strong)،
والذي سيدير مشروع إيفاد 100 ألف
طالب أميركي للدراسة في الصين
خلال السنوات الأربع المقبلة؛
وأصرّت في المناسبة بالقول: "العلاقة
بين الولايات المتحدة والصين
يجب أن تخرج من قاعات الحكومات
الرسمية لتدّق أبواب البيوت
والمدارس والمؤسسات والأفراد،
على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم،
من أجل المزيد من التواصل
والتعاون بين الشعبين"،
وأضافت: "أرى أن العلاقة
الأميركية الصينية يمكن أن
تشكّل أنموذجا رائدا للعلاقات
الدولية في القرن الحادي
والعشرين؛ ونجاحنا يعتمد على
مستوى معرفتنا بالآخر
واحترامنا لثقافاتنا على
اختلافها، وثقتنا بأدائنا،
ورغبتنا في التعلم بعضنا من بعض". في أواخر التسعينيات من القرن الفائت
عمدت الحكومة الأميركية إلى
تقليل أهمية ودور برامج
الديبلوماسية العامة، وقامت،
نتيجةً، بدمج الهيئة الأميركية
للمعلومات بالخارجية الأميركية.
ويُذكر أن الهيئة كانت تتمتع
بخبرة واسعة في الديبلوماسية
العامة خلال الحرب الباردة،
وكان لديها برامج ورؤى واضحة،
ولكن الإدارات الأميركية
السابقة رأت أن انتصار أميركا
في الحرب الباردة قلل الحاجة
إلى جهود تلك الهيئة. انتعشت الديبلوماسية العامة من جديد في
بدايات الألف الثالث حيث ضُخّت
الأموال في عروقها وأنشئت عدة
مؤسسات في ملاكها كان من أهمها
مبادرة الشراكة الأميركية
الشرق أوسطية (MEPI) في
دائرة شؤون الشرق الأدنى
التابعة لوزارة الخارجية
الأميركية، والتي تعمل على دعم
الجهود المبذولة في زيادة
المشاركة السياسية وتعزيز دور
المجتمع المدني وحكم القانون
وتمكين المرأة والشباب وخلق فرص
تعليمية وتشجيع الإصلاح
الاقتصادي في الشرق الأوسط
وشمال إفريقيا، حيث يعمل مكتب
المبادرة، بالتعاون مع
المنظمات غير الحكومية والقطاع
الخاص والمؤسسات التعليمية
والحكومات في الشرق الأوسط،
لتحقيق هذه الأهداف بوضع أسس
الإصلاح الديموقراطي في
مواضعها. وقد خصّصت المبادرة
خلال السبعة أعوام الأخيرة ما
ينيف على 530 مليون دولار لأكثر
من 600 برنامج في17 بلداً في منطقة
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بدا الخطاب، "الكلينتوني" بامتياز،
والذي أدارته بحنكة عالية
السيدة الديبلوماسية الأولى،
من أبرز وأقدر التوجهات
الأميركية الجديدة، التي يحمل
لواءها الحمائم الديموقراطيون،
من أجل التقارب والحوار بين
الشعوب وتحقيق الأهداف
السياسية التي فشلت في تحقيقها
ضربات الصقور الاستباقيّة. وإن
لم تكن الديبلوماسية العامة
أمرا مستجدّا على السياسة
الخارجية الأميركية، إلا أن
الجديد كل الجديد فيها هو اللغة
التي تعتمدها ديبلوماسية
كلينتون الحريرية، فهي،
كامرأة، تبدو أكثر قدرة على
إضافة لمسة العاطفة البشرية إلى
عملها السياسي ليكون إنجازها
"مؤنسنا" علاوة على
حرفيّته العالية. فصل المقال يكمن في رؤية كلينتون الخاصة
التي حدّدت استراتيجيات
الديبلوماسية العامة في عهدها،
والتي لا تعتمد على تحسين
الصورة الأميركية وحسب، بل هي
تمدّ يدها إلى شعوب العالم
داعية إياها إلى الحوار الثقافي
مع الشعب الأميركي، وهي تعمل
جاهدة على تحقيق شراكات حقيقية
مع منظمات المجتمع المدني في
العالم، المجتمع المدني الذي هو
الحامل الفعلي للديموقراطيات،
وذلك تماهياً مع المقولة
الشهيرة: الديموقراطية لا يمكن
لها أن تُصدّر، ولكن يمكن لها أن
تُدعم (Democracy can not
be exported but could be supported). ===================== جيم أوغوز الشرق الاوسط 16-6-2010 خلال الشهرين الماضيين سُئلت أكثر من مرة:
لماذا حكومة حزب العدالة
والتنمية التركية متحمسة إلى
هذه الدرجة لتدهور العلاقات بين
تركيا وإسرائيل؟ وأجد في هذه
الأسئلة وفي طريقة التفكير هذه
سذاجة وانحيازا. وردا على ذلك،
أطرح سؤالا آخر أعتقد أنه يوضح
الوضع الحالي بدرجة أكبر: ما
الشكل المتصوَّر للعلاقات بين
الدولتين لو كان هناك حزب سياسي
آخر في سدة الحكم داخل تركيا؟ أعتقد أنه كان سيحدث تداع في العلاقات
أيضا، على عكس شهر العسل بين
الدولتين في التسعينات من القرن
الماضي. وربما كان الاختلاف
الوحيد هو في الأسلوب وفي نبرة
الكلام. ويوجد الكثير من
الأسباب التي تقف وراء ذلك.
ولكن، اسمحوا لي بذكر ثلاثة
منها فقط، أعتقد أنها جوهرية: يرتبط السبب الأول بالأزمة المستشرية
التي تلت الاحتلال الأميركي
للعراق. وبصورة تقليدية تعتمد
السياسة الخارجية التركية على
ثلاث هويات أساسية، شكّلها
مفهوم الشعب التركي عن الانتماء
منذ العثمانيين: التركية
والغربية والإسلامية. وبناء على
طبيعة النظام الدولي، في أوقات
مختلفة ربما تكون واحدة منها ضد
الأخرى، ولكن نجاح أي حزب حاكم
في مجال السياسة الخارجية خلال
الحقبة الجمهورية يعتمد بدرجة
كبيرة على التناغم بين هذه
الهويات الثلاث. وقد أظهرت التبعات السلبية للفوضى
الأميركية داخل العراق الهوية
الإسلامية لتركيا. ونُظر إلى
احتمالية انقسام العراق إلى
ثلاثة كيانات على أنه خطر وجودي
يتهدد الأمن القومي التركي.
وشعرت دول إسلامية مجاورة
للعراق بالقلق أيضا، مما سهّل
التضامن بين الدول الإسلامية
وتركيا، ولا سيما الدول العربية
بمنطقة الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، يوجد بُعْد شعبي لهذا
التقارب. فلبعض الوقت، أصبح نهج
السياسة الخارجية أكثر
ديمقراطية من أي وقت مضى. وفي
الوقت الحالي، لا يمكن
للحكومات، ولا سيما داخل النظم
الديمقراطية، رفض الرأي العام.
وإذا فعلت ذلك، فثمة نتيجة لا
يمكن تجنبها تتمثل في خسارة
أصوات الناخبين. والهزائم
الانتخابية الواسعة، التي
مُنيت بها حكومات كانت جزءا من «تحالف»
إدارة جورج دبليو بوش «الدولي»
خلال عملية احتلال العراق، توضح
هذا الأمر بدقة بالغة. ولا يقف الشعب التركي بمعزل عن هذه
التطورات. وترجع نقطة التحول في
صورة إسرائيل داخل تركيا إلى
مشهد الجنود الإسرائيليين وهم
يكسرون ذراع فلسطيني بالصخر.
ومنذ ذلك الحين، زاد الأثر
السلبي لاستخدام القوة بصورة «غير
مناسبة» من جانب الجنود
الإسرائيليين ضد الفلسطينيين،
وسط الشعب التركي. وكان مقتل
المواطنين الأتراك خلال أزمة
أسطول المساعدات بمثابة الضربة
الأخيرة في هذا الصدد. وتصادف
ذلك مع شعور الشعب التركي
بالعزلة عن الغرب، إثر نفاق دول
أوروبية محددة في وقت دعم فيه
الأتراك بقوة سعي تركيا
للانضمام إلى الاتحاد
الأوروبي، وأفسح ذلك المجال
أمام التعاون بين تركيا وباقي
العالم الإسلامي، وبالنتيجة
كان رد الفعل الشعبي الواسع ضد
إسرائيل. ويرتبط السبب الثالث بالتغير في
الاحتياجات الأمنية المهمة،
ففي التسعينات جمعت بين البلدين
الحاجة إلى احتواء سورية وإيران.
وعلى ضوء دعمهما لحزب العمال
الكردستاني، نظرت الدولة
التركية إلى هاتين الدولتين على
أنهما تهديد أساسي للأمن القومي.
ونتذكر جيدا أن أنقرة ودمشق
كانتا على شفير الحرب قبل إجبار
عبد الله أوجلان على مغادرة
سورية. ولكن، تدفق الكثير من المياه تحت الجسر
منذ ذلك الحين. وفي الوقت الحالي
يوجد تفاهم مشترك كامل فيما
يتعلق بالقضية الكردية بين
تركيا، من جانب، وإيران وسورية،
على الجانب الآخر. وتقوم الدول
الثلاث بعمليات عسكرية مشتركة. وعلى النقيض، فإنه فيما يتعلق بالمسألة
الكردية أو مستقبل العراق يتبدى
خلاف كبير في الوسائل بين
إسرائيل وتركيا. وتعود المصلحة
الإسرائيلية في الأكراد
العراقيين إلى الستينات من
القرن الماضي، وقد وُثّقت هذه
المصلحة بصورة جيدة في كتاب
لشلومو ناكديمون يحمل عنوان «أمل
لم يتحقق». وفي العقد الأول من
القرن الحالي، بدا أن هذا
الاهتمام عاد من جديد. ولا يمكن
إنكار أن الدولة الكردية داخل
المنطقة تبدو في الوقت الحالي
شيئا تفضله إسرائيل اعتمادا على
وضع موقفها الأمني، بينما
المؤسسة التركية ترى ذلك يمثل
تهديدا وجوديا. وفي هذه الصدد
تشير التقارير الاستخباراتية
التركية إلى اتصال متنام بين
إسرائيليين «متقاعدين» وحزب
العمال الكردستاني، مما يعزز
انفصال المؤسسة التركية عن
إسرائيل بدرجة أكبر. وعلى ضوء ذلك، كان الانفصال النهائي أمرا
حتميا. وأعتقد أنه يجب على
الزعماء السياسيين داخل كلتا
الدولتين الوصول إلى وسيلة
للتعايش ك«أعدقاء» لأن أي ضرر
يلحق بالعلاقات سيؤثر على
الحياة السياسية لكلا الطرفين. * بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية http://www.hurriyetdailynews.com/n.php?n=israel- and-turkey-8220friendemies8221-2010-06-13 =========================== سحر المصري جريدة المصريون ... نقلاً عن
موقع أمهات بلا حدود الثلاثاء, 15 يونيو 2010 “فليس الحجاب
إلا كالرمز لما وراءه من أخلاقه
ومعانيه وروحه الدينيّة
المَعبديّة، وهو كالصَدفة لا
تحجب اللؤلؤة، ولكن تُربّيها في
الحجاب، تربيّة لؤلؤيّة” قالها
مصطفى صادق الرافعي.. وقد صدق! والحجاب فريضة من الله جل وعلا، أمَرنا
نحن النساء به إكراماً لنا،
ورحمة بنا، وصوناً لأجسادنا من
الإشعاعات الحارقة التي تبثّها
عيون الفاسدين.. وحين ترتضي
المسلمة أن يكون هواها تبعاً
لما جاء به الإسلام فتضع الحجاب
رغبة برضا الله جل وعلا، فتكون
كمَن زيّنت حياءها وإيمانها به،
وارتقت مدارج السالكين وتقرّبت.. وقد تضعه المسلمة رهبة من أبٍ، أو تقليداً
لعُرف، أو استجابةً لزوج.. ومهما
كان السبب الذي يدفع المسلمة
لوضع الحجاب، إلا أنه لا بد من
غلق باب التفكير في خلعه، أو
التراجع عنه مهما كانت الظروف..
لأنها بذلك تسيء إلى هذه
الشعيرة الدينيّة والفريضة
الربانيّة، ومن قبلها هي إساءة
لنفسها وعقلها وهيبتها.. قالت لي: هل عرفت أن فلانة تطلّقت؟
فتفاجأت بالخبر وتضايقت أيّما
ضيق على خبر طلاقها، فهي في عمر
الصِبا ولها من طليقها أولاد!
فقالت: ولكن الخبر الأبشع أنها
بعد الطلاق نزعت حجابها “نكاية”
بزوجها! حقيقة لم أفهم ما دخل طليقها بحجابها؟ وما
ذنب الحجاب لتجعله “أداة”
تحاربه بها؟! وكأنه يهتم بها بعد
طلاقها أصلاً!! يا أخت الإسلام: أما علِمتِ أنه “وَكُلُّهُمْ
ءَاتِيهِ يَوْمَ
ٱلْقِيَٰمَةِ فَرْدًا”؟!
فبماذا ستبرّرين خلعك للحجاب
حين تقفين بين يديه جل وعلا؟ هل
ستقولين له: لقد أردت الانتقام
من زوجي لأنه طلب مني الحجاب
فلما تركته خلعته؟! وهل زوجك هو
الذي فرض الحجاب أم الله جل
وعلا؟ فهل تحاربين زوجك أم
تحاربين ربّك الذي خلقك وأنعم
عليك ورزقك السمع والبصر
والفؤاد لتبصري؟!! ما أنتِ فاعلة إن لم يرحمك الله، وحاسبك
على ما فرّطتِ في جنبه؟ هل
سيحترق زوجك بالنار، أم أن جسدك
هو الذي سيحترق؟ هل تحسبين أن
هذا اليوم عنك بعيد وقد “ٱقْتَرَبَ
لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ
فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ”!
أفيقي أخيّة.. تنبّهي يا أمَة
الله.. إنّ خلافكِ مع طليقكِ لن
يُغني عنك من الله شيئاً..
فارأفي بهذا الجسد، واعلمي أن
حياتك أيامٌ سرعان ما تمضي،
لتحصدي ما زرعتيه فيها هناك يوم
القيامة.. فإن كان خيراً فخير،
وإن كان غير ذلك فلا تلومي إلا
نفسك.. لا زوجك، ولا أهلك، ولا
أولادك، ولا مصممو الأزياء، ولا
الممثلون، ولا مدير الشركة، ولا
الجيران، ولا الأقرباء، لا أحد
من هؤلاء سيكون عنك يوم الحساب
فداءً.. إنما هو عملك وطاعتك
وتقربك من الله جل وعلا.. إنه تاجك يا أَمَة الرحمن.. فانظري إلى من
عَرَفَت قيمته كيف تحارب
القوانين الجائرة والإعلام
والظلم في الدول “العظمى” و “الدنيا”،
متشبِّثة به، راضية الحرمان من
الجامعة والوظيفة، متحمِّلة
التهجم والتضييق عليها، كي
تُبقيه على رأسها، فلا مساس!
بينما أنتِ الأمور سهلة لديكِ
ميسرة، فاحمدي الله تعالى على
ذلك ولا تنصتي لصيحات النفس
الأمّارة بالسوء ونداءات
الشيطان الذي يريد أن يُبعِدك
عن نعيم مقيم ورضا ربٍّ رحيم! قد يزيّن لكِ أعداء الله جل وعلا الحياة،
حتى تعيشيها من دون “قيود”
الشرع من حجاب وطاعات “مُكلِفة”..
ولكن اعلمي أخيّة أنها زينة
الحياة الدنيا، ولا يمكن لأحد
أن يدّعي السعادة وهو بعيد عن
طاعة الله جل وعلا، لأن الله
تعالى هو من قال: “وَمَنْ
أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ
لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” ومن
أصدق من الله جل وعلا قيلا! إنها
دنيا فانية أخيّة وهي إلى زوال..
فلا يغرّنك بريقها.. واعتلي سلّم
النجاة وارتقي في العزم دوما..
زمَن فَقَد الله تعالى فماذا
وجد؟ واعلمي أنه من رحمة الله جل وعلا على
المرأة أن فرض عليها الحجاب..
حتى يحميها من نظرات عابث
تحرقها.. ولحِكم تترى قد نعلم
بعضها ولا ندرك جلَّها.. فلو
كانت عندك ألماسة ثمينة.. هل كنت
تضعينها في غرفة الجلوس على
طاولة مهملة.. أو في مكان عام
تتناولها الأيدي؟ أم أنك كنت
تحفظينها في خزانتك وتحكمين
الإقفال؟ هذه جوهرة في الدنيا.. لا قيمة لها في
الآخرة.. لكنك أنت الجوهرة أختاه..
وربي جلّ وعَلا أراد لكِ الحفظ
والصون.. فأنتِ العالية الغالية
في دين الله تعالى.. أنتِ الأم
والأخت والزوجة والحبيبة.. من
يريد لها أن تكون عرضة للفاسدين
المارقين؟! بل أنت درّة يُراد
لها العفاف والرقي.. بعيداً عن
أيدٍ لاهية وقلوب عابثة.. وتأكّدي يا أمة الرحمن أنك بحجابك في طاعة
متواصلة.. فغيرك يأتي الصلاة
والصيام ويتقرّب بالنوافل
والقرآن في أوقات معينة .. ولكن
أنتِ بمجرد أن تضعي الحجاب
فأنتِ في طاعة إن أخلصتِ النيّة
لله جل وعلا.. لأنك تُظهرين
الإسلام وتدعين له من حيث لا
تشعرين.. قد يشوِّش عليك البعض أن الحجاب ليس كل
شيء.. وأن الأصل هو حجاب القلب عن
المعاصي.. “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ ٱللَّهِ
أَتْقَاٰكُم”.. نعم.. ولكن من
كمال الإيمان الإنصياع لأوامر
المولى تبارك وتعالى.. ومحاولة
توافق الباطن مع الظاهر.. فيكون
حجاباً ظاهراً يقيك شر العابثين..
وحجاباً داخلياً عن المعاصي
والذنوب.. فتكتمل صورة المرأة
المحجبة التي يريدها الإسلام..
فتنمو الدعوة على يديك، وتزرعين
الخير، وتكونين سنبلة للعطاء
سامقة.. سألتني إحداهنّ يوماً: ما أروع لحظة مرّت
في حياتك؟ فلم أتردد بالقول: هي
اللحظة التي وضعت فيها حجابي..
كنتُ أحلِّق في فضاءات عالية
وأصافح الملائكة في السماء! لا
أذكر أنني كنت أسعد من تلك
اللحظات في حياتي كلها.. يوم
أشهرت للناس كافة: أنا مسلمة..
هذه هويتي.. والسلام! فوالله الذي لا إله غيره.. إنّ الحجاب من
أروع القربات التي نتقرب بها
نحن النساء إلى الله جل وعلا..
ابتغاء رضاه والجنّة.. فلا زوج
ولا والد ولا وظيفة ولا تقليد،
لا شيء من كل ذلك يمكن أن يضاهي
تلك اللذة في الامتثال لأمر
الله جل وعلا في تغطية ما فرضه
علينا جل وعلا.. ونسأله أن
يثبّتنا، وأن لا نزيغ ما حيينا..
حتى نلقاه وهو عنا راض.. أخيّة.. يا مَن غرّتك الحياة الدنيا
وخلعتِ الحجاب …لأيّ سبب كان..
الله جل وعلا يدعوك للتوبة
والإياب.. والجنّة تناديك… فلا
تترددي لحظة في التوبة والإنابة
واتّباع شرع ربٍّ غفور.. واتّقي
يوماً تُرجعين فيه إلى الله جل
وعلا ثم تُوفّى نفسك ما كسبت!
فتفكري.. وارتقي! ======================== يا "تالي فحيما" يا
أختاه: ابتهلي معي لله العلي
القدير أن يُسلم أيضا "نيتياهو"،
و"باراك"، و"ليبرمان"،
والناس أجمعين. أ.د. ناصر أحمد سنه أمهات بلا حدود 15/6/2010 الثلاثاء, 15 يونيو 2010 عجباً لهذا الدين.. دين الإسلام، وروحه
ومقوماته وقوته الذاتية الآسرة.
وعجبا لهذه الأمة.. الأمة
العربية الإسلامية، ورموزها،
ورجالاتها الُمخلصين، العلماء
العاملين، أمة الرسالة
الخاتمة، والريادة الراشدة،
أمة القضايا العادلة المشروعة. لا يتجرد متجرد، عن كل هوي، وتقليد، وحُكم
عنصري مُسبق، وكبر واستكبار..،
لتأمل هذا الدين، دين الإسلام،
ودراسته، واختباره إلا يصدح
بالحق كما قالت "تالي" :"إنه
أعظم هدية للإنسانية". هدية
يقبل عليها كل يوم ن وخصوصا بعد
أحداث الحادي عشر من سبتمبر،
المئات والآلاف من المهتدين إلي
دين الإسلام. فعلي سبيل المثال في عام 2006 اختار أكثر من
أربعة ألاف شخص أن يصبحوا
مسلمين بحسب المعهد المركزي
الالمانى لأرشيف الإسلام مقابل
1152 شخصا عام 2005 و250 فقط عام 2000
ويقدر هذا المعهد عدد المسلمين
المنحدرين من أصل المانى
بثمانية عشر الفا من اصل 3,4
مليون مسلم يقيمون فى ألمانيا
كما نشرت صحيفة (الفاننشيال
تايمز )تقريرا بعنوان (عودة
النهضة الإسلامية) أعده جيمس
ويلدسون يؤكد فيه تزايد إعداد
المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر
والتى كانت سببا رئيسيا فى المد
الإسلامي بأوربا وأمريكا حيث
اشتاق الآلاف لمعرفة هذا الدين
وعندما قرأوا عنه وعن سماحته
اعتنقوه. في حين أن المجلس الاستشاري القومي
للمساجد والأئمة فى بريطانيا
طلب مراقبة أئمة المساجد هناك
بعد تزايد أعداد المسلمين ..كما
وقعت الحكومة الهولندية اتفاقا
مع كبرى الهيئات الإسلامية في
البلاد اتفاقا يمثل اعترافا
عمليا ورسميا بالإسلام بعد ان
لاحظت الحكومة الهولندية المد
الإسلامي الكثيف فى الفترة
الأخيرة كما وجهت جريدة هيومان
ايفنتس (احداث إنسانية ) وهى
الجريدة الأمريكية التي تعبر عن
توجهات تيار المحافظين واليمين
الامريكى المتشدد نداء لإعداد
كبيرة من المحافظين الامريكين
لشراء كتاب يتخوف فيه ابرز
الكتاب المنتمين لهذا التيار من
تنامي أعداد المسلمين في أوربا.
ورأت الجريدة فى معرض ترويجها
للكتاب انه اذا كان المؤلف يحذر
فى كتابه من أن القارة الأوربية
سوف تختفي فى ظل المد الإسلامي
فان هذا المد سيمتد قريبا
لأمريكا التى ستستيقظ بدورها
قريبا على صوت الآذان نشرت
صحيفة (هارتس ) أيضا تحذيرا من
زيادة ((الاسلاموفوبيا)) وتسعى
منظمات صهيونية بتسويق
الهولوكست كوسيلة تعليمية
للطلاب للحد من المد الإسلامي. فلا شك بعد مسيرة طويلة في التفكير
والتأمل والاقتناع، والتضامن
والدفاع عن القضايا الفلسطينية
والدينية هاهي "تالي فحيما"
تعلن إسلامها في مسجد الملساء
بمدينة أم الفحم في الداخل
الفلسطيني، حيث حضر إعلان
إسلامها الشيخ الدكتور رائد
فتحي، والشيخ يوسف الباز، وإمام
مسجد الملساء الشيخ توفيق يوسف،
والشيخ مصطفى رضا. تؤكد "فحيما" أنّ معرفتها بالشيخ (رائد
صلاح)، رئيس الحركة الإسلامية
في الداخل الفلسطيني، هو ما
جعلها تحب الإسلام, وتشير إلى
أنها عندما رأت الشيخ صلاح لأول
مرة "شعرت بشيء ما هزها من
الداخل". وقالت : "رغم أن
هذا الرجل لم يكلمني كلمة
واحدة، ولكن قسمات وجهه وتواضعه
وكل شيء فيه كان يناديني إلى
الإسلام"، على حد قولها. وفي أعقاب استماعها إلى شرح وافٍ حول
تعاليم الإسلام، توجهت "فاحيما"
إلى منزل الشيخ "رائد" في
المدينة ذاتها، لتزف إليه بشرى
إسلامها. وقدمت شكرها للشيخ
الذي استقبلها بمنزله، حيث قالت:
"إن الله يسر لي بالشيخ صلاح
لكي يسوق إلي أعظم هدية عرفتها
البشرية، ألا وهي انتمائي لدين
الإسلام". وقد رفضت "فحيما" الإدلاء بأي تعقيب
علي إسلامها لموقع صهيوني،
قائلة:" أنها لا تدلي بأحاديث
صحافية للصحافة الصهيونية". يشار إلى أن الحركة الإسلامية في الداخل
الفلسطيني، تنفذ مشاريع دعوية
ضخمة في أروقة المساجد
والجامعات والمدن, وشهد العام
الماضي إعلان عدد من اليهود
الإسرائيليين إسلامهم في
مدينتي يافا وأم الفحم، وتعد
الأغلبية الساحقة من اليهود
الذين يعلنون الإسلام من الإناث.
وكان الشيخ "يوسف الباز" قد
ذكر: "لطالما شجعت (فحيما)،
وطلبت منها مواصلة طريقها في
مواجهة الظلم، تحدثت إليها خلال
ذلك عن القيم الإسلامية،
وأخبرتها بانّ الدين الإسلامي
يعارض كل أساليب الظلم في كل
العالم". "تالي فحيما" أو "طالي فحيمة"
التي ولدت لعائلة يهودية
مغربية، عام 1979 في بلدة ‘كريات
ملاخي’، الواقعة جنوب الدولة
العبرية، خدمت في الجيش
الإسرائيلي، وانتمت لحزب
الليكود اليميني، الذي يرأسه
اليوم بنيامين نتنياهو، رئيس
الوزراء، وتشبعت بالأفكار
العنصرية ضد العرب والمسلمين. تأثرت تالي كباقي أبناء جنسها بمعطيات
الواقع السياسي الإسرائيلي
الذي أعقب اتفاق أوسلو وإنشاء
سلطة فلسطينية في قطاع غزة
والضفة الغربية, وهي معطيات
اعتبرت بالنسبة للإسرائيليين
تنازلا كبيرا من جانبهم لدرجة
تطرف البعض في رفض ما حدث عندما
أقدم احدهم على قتل إسحاق رابين
لتوقيعه اتفاق السلام مع
الفلسطينيين ورأى فيه البعض
الآخر ثمنا يستحقه السلام
والأمن الذي ينشدونه . كانت
تالي بنزعتها اليمينية
المتشددة كباقي إفراد أسرتها
تنشد الأمن بعيدا عن
الفلسطينيين . ولذا فقد رفضت
فكرة التعايش مع الفلسطينيين
تماما, بل ورأت , حسب ما تعلمته
منذ صغرها, أن الفلسطينيين لا
يستحقون الحياة ويجب ان يطردوا
بعيدا , خاصة وان المنظمة
الصهيونية العالمية صورت
لليهود أنهم مضطهدون ومكروهون
من جميع جيرانهم . انتقلت - فحيما- الى تل أبيب في عام 1997
للعمل وهي لا تزال في الثالثة
والعشرين من عمرها. ونجحت في
الحصول على وظيفة في مكتب
محاماة. وعاشت كباقي بنات جنسها
راضية بما حصلت عليه من وضع مادي
من وظيفتها وظل وفاؤها لحزب
الليكود قائما والذي كانت ورثته
عن والدتها - سارة اتشياني .
كان اندلاع انتفاضة الاقصى في
أيلول عام 2000 سببا في عودة حالة
التوتر الأمني بعد هدوء نسبي .
فخلال عامين فقط من عمر
الانتفاضة الثانية شهدت
المناطق داخل الخط الأخضر مئة
عملية استشهادية . وبطبيعة
الحال تأثرت تالي بالصراع
الفلسطيني- الإسرائيلي
والترسانة الإعلامية
الإسرائيلية التي صورت
الفلسطينيين بالإرهابيين
الراغبين في الموت وقتل الآخرين.
ولكن هذا الأمر لم يكن ليقنع
فحيما . فقد عرف عنها كما وصفها
أصدقاؤها بالفضولية التي تملك
رغبة عارمة لمعرفة كل شيء.
فحاولت البحث عن الحقيقة من
مصدر مختلف. غير معروف تماما متى
انقلب توجه وتفكير تالي السياسي
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار
ومتى بالضبط أصبحت يسارية
وناشطة سلام. عاشت "فاحيما" انقلابا إيديولوجيا،
على اثر الاجتياح العسكري
الإسرائيلي لمدينة جنين، في
مارس (اذار) من العام 2002، اذ
تابعت "فحيما" الإخبار
المتعلقة بالشؤون الفلسطينية،
وأدركت حجم الجرائم
الإسرائيلية التي يرتكبها جيش
الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني،
فتوجهت في اعقاب ذلك إلى جنين
لتشكل درعا واقيا للفلسطينيين
هناك، وتعرفت آنذاك على "زكريا
زبيدي"، قائد كتائب شهداء
الأقصى، الجناح العسكري لحركة
فتح، والذي حاولت قوات الاحتلال
اغتياله عدة مرات. ومن خلال معاينتها لأوضاع الفلسطينيين
وحياتهم اليومية قالت "فاحيما"
في احد لقاءاتها التي تنوعت ما
بين الإذاعة والتلفزيون
والصحافة: أنها أدركت أن
المؤسسة الإعلامية الإسرائيلية
كانت مضللة إلى حد كبير، بل
وأصبحت على قناعة تامة أن
الاحتلال هو سبب المشكلة وجوهر
القضية . وتضيف فتقول:" أنها
شاهدت بأم عينيها ما فعلته
القوات الإسرائيلية بمنزل ام
زكريا الزبيدي في جنين حيث قتلت
والدته في الطابق العلوي أثناء
القصف له عام ,2002 أصبحت "تالي" مطلوبة للقضاء
الإسرائيلي، بتهمة التخابر مع
عميل أجنبي، وإيصال معلومات
للعدو. لم يسفر التحقيق عن شيء،
واعتقلتها السلطات الإسرائيلية
عام 2004 وحاول مستجوبوها كثيرا
تهديدها لإبعادها عن مناصرة
الفلسطينيين ومحاولة تجنيدها
للعمل ضد الفلسطينيين .لكن رفض
تالي المستمر وإصرارها على
الخروج لوسائل الإعلام المحلية
والعالمية للحديث عن
الفلسطينيين وحلمهم العادل
بإقامة دولة على أرضهم وظلم
الاحتلال تسبب في تخوف السلطات
الأمنية هناك من تزايد
المتعاطفين وجناح اليسار في
إسرائيل مع الشعب الفلسطيني وزُج يها في سجن انفرادي طيلة 6 شهور، ثم
حكمت عليها محكمة إسرائيلية
بالسجن ثلاث سنوات، وأطلق
سراحها بعد سنتين في 2007، شريطة
ألا تتنقل او تسافر إلى خارج
الدولة العبرية. لقد سبق "تالي" إلي الإسلام العديد
من اليهوديات (تشير مصادر
إعلامية إسرائيلية أن سنويا
يوجد نحو 150 من اليهود في
إسرائيل يعتنقون الإسلام) منهن:
"مارو دافيديوبيتشى"، و
"الونة ايلياف، أو ملاك"،
وهناك من البريطانية " أيفون
ريدلي" التي عايشت طالبان
أفغانستان فأسلمت، و"جوان
بيلي" المحامية من برادفورد
في أنجلترا، و"كريستيان بيكر"
أشهر مذيعات "إم تي في"
الموسيقية. فضلاً عن الألمانية
"مريم شكر الله"،
والنسماوية "ياسمينا
كورنيليا كوف مان" مصممة
الجرافيك التي تنقلت بين
المسيحية والهندوسية وأخيرا
اطمأن قلبها للإسلام، كما أطمئن
قلب الأردنية "ربي قعوار"،
والمبشرة "ميليسا كوكينيس"،
والقاضية التشيكية" إيفانا
هاردكوف"،ا والإسبانية "لورا
رودريجيز"الرئيسة الحالية
لاتحاد النساء المسلمات في
إسبانيا، والاسترالية "ريبكا
إيف براون "وغيرهن كثير. كما سبق هؤلاء السيدات العديد والعديد من
الرجال، منهم علي سبيل المثال (من
الرياضيين): اللاعب الفرنسي "نيكولاس
انيلكا/ أو"بلال"، واللاعب
الهولندي "فان بيرسي"،
لاعب الأرسنال، ونجم منتخب مالى
الكبير ولاعب أشبيلية الإسبانى
الشهير عمر كانوتيه، و"إبيل
خافيير/فيصل" نجم كرة القدم
البرتغالي السابق، والمدرب
الفرنسي عمر "فيليب"
تروسيه، وداوود فاتي، وعمر داف،
ولاعب غونيون الفرنسي "نبيل
بركاك"، و"موسى سو"
مهاجم نادي رين، ومدافع سوشو
الفرنسي "فريدرك دوبلس"،
والمهاجم الغاني إسماعيل أدوو"
، واللاعب مارلون كينج، مهاجم
فريق "ويجان أتليتيك السابق،
و"أنتوني مكمولن" الرياضي
الايرلندي،الخ. وهناك المُبرمِج اليهودي " ريتشارد
ليمان"، و"آدم اوسبورن"
الشقيق الاصغر لوزير خزانة
حكومة الظل البريطانية جورج
أوسبورن ، "ادريس توفيق"
الكاتب و المفكر البريطاني،
والضابط "ريتشارد فيرلي/راشد"،
كبير مفتشي فرقة مكافحة الإرهاب
البريطانية، واللمليونير
الأمريكي "مارك شيفر"،
وعمدة بلدة ماكون بولاية جورجيا
الأمريكية "جاك إيليس"،
ومغني الراب الأمريكي تشوسي
حوكنز والشهير باسم (LOON) الذي غير اسمه إلى (أمير)،
والدكتور المستشار مجدي مرجان،
والقس السابق "جمال زكريا
إبراهيم زكريا، والشماس السابق"عماد
المهدي"، والقسيس السابق
كينث جينكس أو عبد الله الفاروق
، والإمام زيد شاكر (ريكي ميتشل(،و
"بلال فيلبس "، والدكتور
جفري لانغ، ، وبطل العالم
للملاكمة للوزن الثقيل "داني
وليامز"، وغيرهم لذا ولغيره يا "تالي" يا أختاه:"هنيئا
لك إسلامك، وأدعو الله تعالي أن
يرزقك الإخلاص في السر والعلن،
وابتهلي معي لله العلي القدير
أن يُسلم أيضا "نيتياهو"، و"باراك"،
و"ليبرمان"، والناس أجمعين. كاتب وأكاديمي من مصر ===================== لماذا كل هذا الظلم لزوجي في
عهدك؟ بقلم: محمد عبد القدوس رسالة الإخوان 16/6/2010 أكمل المهندس خيرت الشاطر الستين من
عمره، فهو من مواليد الرابع من
مايو سنة 1950م، وقضى منها عشر
سنوات في سجون الرئيس مبارك،
ومنذ أيام مرت ثلاث سنوات على
الحكم الصادر عليه مع عددٍ من
رفاقه؛ حيث قضت محكمة عسكرية
بحبسه سبع سنوات، وكان قد أُلقي
القبض عليه في ديسمبر سنة 2006م،
عقب ما عُرِفَ باستعراض
ميليشيات الأزهر، تم بعدها
الإفراج عن جميع الطلاب المقبوض
عليهم، واتضح أن القضية كلها
"فشنك"!. ومن قبل ذلك كان "الشاطر" قد مكث خمس
سنوات وراء الشمس منذ سنة 1995م،
بناءً على حكمٍ صادر في حقه وحق
عددٍ من قيادات الإخوان من
محكمة عسكرية، وَجَّهت إليه
اتهامات هي ذاتها التي حُوكم
عليها من جديد بعد أكثر من عشر
سنوات. وجدير بالذكر أن "الباش مهندس خيرت
الشاطر" أُلقي القبض عليه
لأول مرة في عهد الرئيس الحالي
سنة 1992م فيما عُرف بقضية "سلسبيل"
مع رفيق دربه حسن مالك، لكن تم
الإفراج عنه بعد سنة بعدما
تبيَّن أن القضية أي كلام!. ومن منطلق تلك المناسبات غير السعيدة
قمتُ بزيارة منزل الأسرة في
مدينة نصر، وكان لي شرف لقاء
زوجته المهندسة "عزة أحمد
توفيق" وأولاده الذكور: سعد
والحسن، وابنته الكبرى "الزهراء"
وزوجها الشاب الجميل المهندس
أيمن عبد الغني الذي كان
محبوسًا مع "حماه" خيرت
الشاطر لمدة ثلاث سنوات. والمفاجأة أن شريكة عمر نائب مرشد
الإخوان خرجت لأول مرة عن صمتها
الذي استمر لمدة طويلة ووافقت
على الحديث مع "الدستور"
قائلةً: من خلال حواري معكم أسأل
الرئيس مبارك: لماذا كل هذا
الظلم الواقع على زوجي في عهدك..
ألا تخشى الله؟ وتحت هذا السؤال العريض سالف الذكر
المُوجَّه إلى رئيس الجمهورية
تذكر السيدة الفاضلة زوجته
الآثار المترتبة على هذا الظلم..
أبسطها أن جميع الأعياد غائب
عنها، وتحديدًا 22 عيدًا ما بين
أعياد الفطر والأضحى لم تستطع
الأسرة الاحتفال بها؛ لأن زوجي
في السجن، وصدق أو لا تصدق عنده
ثماني بنات تزوج سبع منهن وهو
وراء الشمس، وعنده 16 حفيدًا لم
يحضر سوى ولادة حفيد واحد فقط!. وتسأل زوجة خيرت الشاطر الرئيس مبارك:
لماذا التعنُّت مع زوجي بالذات؟
إنه أكثر الإخوان حبسًا في
عهدك؟ وأول مَن صُودرت أمواله
من تلك الجماعة، وكان ذلك سنة 1992م،
وأكثر مَن تعرَّض للحملة
الإعلامية الحكومية المغرضة
المضللة. وتزداد حيرة زوجته وهي تقول: لا أفهم
أسباب كل هذا، فزوجي إنسان
توافقي وغير صدامي بالمرة، ولم
يسعَ إلى أي منصب، أو ينافس
أحدًا في أي انتخابات، ودومًا
كان "وسطة خير" بين الإخوان
والنظام الحاكم، وظهر ذلك
واضحًا في مظاهرات الإخوان
أثناء حرب العراق، والمؤتمر
الحاشد الذي أُقيم بهذه
المناسبة في إستاد القاهرة،
وكلها مرت بسلام، ومن الأسباب
الأساسية لذلك خيرت الشاطر،
ومَن يعرفه عن قربٍ يقول عنه إنه
إنسان مسالم ليس له أعداء حتى من
الموالين للنظام الحاكم، بل
معروف عنه أنه يرد الإساءة
بالإحسان. وتقول زوجة المهندس خيرت الشاطر: القرآن
الكريم أخبرنا أن سيدنا موسى
نجح في التفاهم مع فرعون، لكن
حاكم مصر لم يقبل بانتصار نبي
الله عليه وهزيمة السحرة
وسجودهم لرب العالمين! لكن
الرئيس مبارك يغلق كل الطرق
المؤدية إليه ويرفض الاستماع
إلى أحد وسماع شكاوى المظلومين،
وكانت نتيجة سجن زوجي لسنوات
طوال ظلمًا وزورًا وعدوانًا، أن
تكالبت عليه الأمراض، فهو يشكو
من الضغط والسكر وله تأثيره في
أطراف جسمه فلا يشعر بها!! كما لُوحظ وجود حصوات في الكلي، بالإضافة
إلى تضخم في القلب زاد في الأشهر
الثلاثة الأخيرة بصورة ملحوظة..
لكنه والحمد لله لا يشكو ولا
يئنُّ ويرفض أن يستجدي أحدًا! بل
يتميز بالقوة في مواجهة محنته. وهنا يتدخل زوج ابنته المهندس أيمن عبد
الغني، وكان محبوسًا معه في
القضية ذاتها لمدة ثلاث سنوات،
قبل أن يُطلق سراحه بعد انتهاء
فترة عقوبته، ويقول: "الباش
مهندس خيرت الشاطر" يتميز
بقوة شخصيته، وهذا ما يشهد به
الجميع، وفي الوقت ذاته صاحب
قلب حنون كبير، ويتميز كذلك
بذكاء حادٍّ وسرعة بديهة وقدرة
على التواصل مع الآخرين. سألته كيف يقضي المهندس خيرت الشاطر يومه
الطويل داخل محبسه؟ أجابني رفيق سجنه قائلاً: تجده دومًا
مشغولاً بأمور ثلاثة، فهو أولاً
يُعطي للعبادات حقَّها، وكذلك
يحب القراءة جدًّا، فهو قارئ
ممتاز، وعنده هواية الاطلاع
ومتابعة الأحداث ومعرفة ما وراء
الخبر، والأهم أنه مشغول بغيره
داخل السجن، ويعطي لأسرته
بالطبع اهتمامًا فائقًا ويتابع
دروس أبنائه، وكثيرًا ما كتب
لهم مذكرات تُساعدهم على ذلك،
وتجده دومًا مهتمًّا بتفاصيل ما
يجري في بيته، خاصةً زواج
بناته، وأنا شخصيًّا تزوجت
ابنته الكبرى سنة 1996م، وكان- وهو
في السجن- مطلعًا على التفاصيل،
وهكذا فعل مع كل مَن تزوَّجت من
فلذة أكباده، وهو لا يهتم
بالنواحي المادية في الزواج،
فالمهم عنده شخصية "العريس"،
ودوره كان أساسيًّا كذلك في
اختيار كليات أبنائه، ويتابع ما
يجري في منزله برسائل تربوية
إلى أهل بيته. ويضيف قائلاً: رأيته مهتمًّا دومًا
بمشاكل الآخرين من زملائه
المعتقلين، وكأنَّ مشكلةَ
الواحد منهم مشكلته الشخصية،
ويتواصل حتى مع السجانين
ومشاكلهم بقوة المؤمن وثباته؛
ولذلك فهم يحترمونه جدًّا. ويتذكر المهندس أيمن عبد الغني بداية
تعرفه على خيرت الشاطر، وأول
"حبسة" معه سنة 1992م في سجن
استقبال طره، حيث كان "الشاطر"
متهمًّا في قضية سلسبيل، بينما
كان قادمًا هو مقبوضًا عليه مع
عشرات من أبناء محافظة الشرقية،
ومنهم القيادات مثل الحاج سعد
لاشين والعديد من الطلاب،
ورأينا الشاطر يُرحِّب بنا
بالفعل وليس بالكلام، ويضع نفسه
في خدمة كل واحدٍ منا. وفي "حبسة" أخرى كان معه عددٌ من أهل
التكفير والهجرة الذين يقاطعون
غيرهم من التيار الإسلامي فكان
الشاطر يدعوهم إلى أكلة سمك
بدلاً من اللحوم التي يرفضون أن
يشاركوا الإسلاميين الآخرين في
تناولها، مع العلم أن تعبير "التكفير
والهجرة" اسم أطلقته المباحث
على هؤلاء. وأتذكر أنه كان هناك عدد من الفلاحين
حُبِسوا معه فوضع لهم أبياتًا
من الشعر تقول: محلاها عيشة الفلاح.. قاعد في السجن مرتاح.. لا بيزرع غلة ولا فول، ولا عنده بهايم ولا
عجول. والمعروف عنه أنه محب للشعر ينطلق منه
بتلقائية أحيانًا، خاصةً مع
أولاده وأحفاده في المناسبات
المختلفة. سألت زوج ابنته عن بدء اهتمام خيرت الشاطر
بالعمل العام، فأجاب: طوال عمره
مهتم بالسياسة لأنه إنسان وطني،
وقبيل هزيمة سنة 1967م كان في
منظمة الشباب، وأستاذه في تلك
الفترة عبد الغفار شكر- القيادي
اليساري البارز- وهما ينتميان
إلى محافظة الدقهلية، ويعرف "شكر"
أسرة "الشاطر" جيدًا. وبعد كارثة سنة 1967م تغيرت "بوصلة"
خيرت الشاطر الفكرية، واتجه إلى
التدين الفطري السليم، وكان
وقتها طالبًا بكلية الهندسة
جامعة الإسكندرية عندما وقعت
أحداث دامية هناك احتجاجًا على
الهزيمة. وكان الشاطر ضمن سبعة طلاب تم اتهامهم
بأنهم من القيادات التي قادت
الطلاب، وكان وقتها في إعدادي
هندسة، وهذا يدلك على قوة
شخصيته، وتم سجنه في سجن "الحضرة"
بالقرب من الإسكندرية، وبعدها
فوجئ بتجنيده بالجيش رغم أنه لم
يستكمل إجازته، وتم إبعاده إلى
منطقة الزعفرانة بالقرب من
البحر الأحمر، وله شرف المشاركة
في حرب الاستنزاف، وكان ممنوعًا
أن يأخذ أي إجازة، بل ظل طوال
فترة تجنيده داخل وحدته. وبعد انتهاء حرب أكتوبر انتهى هو الآخر من
دراسته بالهندسة، وكان متفوقًا
كالعادة فتم تعيينه بكلية
الهندسة بالمنصورة عند إنشاء
الجامعة هناك، وتعرف خلال هذه
الفترة عن قرب بجماعة الإخوان
المسلمين، خاصةً مسئول الجماعة
بتلك المحافظة، في ذلك الوقت
المرحوم محمد عدوي، وتأثير هذا
الرجل فيه كان كبيرًا، وهكذا
ارتبط المهندس خيرت الشاطر
بالإخوان المسلمين. ولأنه ذكي ومخلص و"شاطر" واسمه على
مسمَّى، فقد ترقَّى بسرعةٍ في
صفوف الجماعة ودخل مكتب
الإرشاد، ثم أصبح أحد نواب
المرشد العام للجماعة! وأهم ما
تميز به نشاطه الاقتصادي
المبتكر، فهو من أوائل من أدخل
نشاط البرمجيات في مصر، وكان
يريدها صناعةً متكاملةً، وليس
فقط مجرد تجميع!، ولعل هذا هو
السر الذي يقف وراء ضربه من
هؤلاء الذين لا يريدون لبلادنا
نهضة حقيقية!، ويتأكد هذا الأمر
عندما تعلم حضرتك أن مباحث أمن
الدولة فشلت في تقديم أي دليل
مادي ضد خيرت الشاطر، بل كلام
مرسل أشبه بمسرحية هزلية،
وقضاؤنا المدني الشامخ وقف إلى
جانبه، ولكن لا مكان لسيادة
القانون في بلد يحكمه الظلم
والطوارئ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |