ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 26/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حصار الحصار

عبدالعزيز البرتاوي

6/24/2010

القدس العربي

 هذه المرّة، سنكتفي بالتدقيق في وجوه المعزّين، وتتبّع الفوارق بين ملامحهم. وعلينا كجنازات قتلت ثلاثين مرّة، أن نلزم الهدوء، كما ينبغي لذليل في الحياة. ذليل في الموت.

هذه المرّة أيضاً، لن نكترث لشعراء الرثاء. ولن نسمح لهم بمطاردة جثاميننا. يجب أن يعرفوا قدرهم، وينتظروا كما فعلنا، موتهم اللائق بهم.

تشتعل الشاشة أمامي، احمراراً على احمرار. لا تدري ما الأحمر ولا العاجل. الأحمر: دماء الرجالِ. وقود السفن. أطواق النجاة. لون الخبر العاجل. شفق الشمس الملتهبة. سجائر حمّال تركيّ. ما الأحمرُ الآنَ، إن لم يكن شفتا مذيعة تحدّث العالم أنّ أسهمنا سقطت، وأن "المملكة" في انخفاض.

العاجل الآنَ: أن لا عاجل. والموت أضحى بسيطاً، وسلساً، وممنوحاً، ومكروراً، وتافهاً، وعاديّاً، ويوميّاً، وشيئاً لا يستدعي خروج جلالته من حوض السباحةِ، إلى منصّة الخطابة، ليعلن للعالم أنّ البكم عادة تطبعيّة/تطبيعيّة لا خلقيّة.

الحريّة لا تغرق. ولا تقتل. هي شيء غير قابل للتصفية. ولا للمساومة أيضاً. هي لعنة أمٍ، تحدّق في الجنديّ بثأر لبؤة. ودمعة طفلٍ يجترّ المرارة من أعمق أعماقه. وانتشاء أبٍ ينكت تراب كفّيه فراغاً من دفن جثمان ابنه الثالث. ونباح كلبٍ من خلف سياج مستوطنة، يقول للغريب: لستَ سيّد هذا المكان.

وكلما ضجرنا من حصار البرّ. سرنا إلى موت البحر. وكلما قال الأستاذ: البحر الأبيض المتوسّط. قال الجنديّ: البحر الأحمر المضرّج. وكلما أذّن المؤذّن بالعربيّة، كان المصلّي يدعو بالتركيّة. وكلما قلنا هذه آخر مرّة نموت، قال ناظر الزريبة الكبرى: سنؤجّل دفنكم حتى موتٍ قادم. هذه المرّة، لن يحتاج للدفن، ستكفيه الأسماك مواراة بعض الضحايا.

سنسير إلى غزّة يا صديقي. إذا صارت لنا أقدام. تركض وتركل وتقدم وتهرب. أما حين نسير على رؤوسنا، فلن نصل. إذ أنّ الطرق البريّة، تتكفّل بها جيوش بلد عربيّ. والطرق البحريّة، لا تسمح للغرباء أن يدخلوا غزّة أحياء، ونحن والله، يجب أن أكون معك صريحاً، نحبّ أن نشارك في كأس العالم، ولو عن طريق "ماكدونالد"، بعدما أثبتنا أنّه الطريق الوحيدة لوصولنا إلى هناك.

تخيّل لو أنّنا ذهبنا لننصر غزّة. ومتنا الآن. تخيّل معي. أشلاء وجهكِ على شاشة الجزيرة. وأمّك خلف الشاشة، تقول هذا لا يشبه ابني كثيراً. وأطفال حيّكَ، سيقلبون قناة الرسومِ ليروا جثّتك. ثم ماذا. لقد متّ. وغزّة لا زال الحصار يحاصر الحصار فيها، من يحصار من. لذا، ترشّد. لا تفكّر بفعل هذا. ولا تمدح فعل الذين صنعوا. وكن سويّاً. أحين يكون خيراً أن نذهب إلى غزة، ألن يفعل الملك هذا بنفسه. أو لو كان حتى شراً. ألن يكفينا هوَ أن يفتدينا من هول هذا العذاب.

ويا أخي. ما دام الشيخ، الذي لا يستحقّ هذه الياء، بين الشين والخاء، لا يدري عن غزّة إلا ما تقوله له عذراء النشرة الأخيرة. فلا تعوّل عليه إذاًَ. ولا على غيره. اشحذ سكينكَ، واذبحكَ. الجيّد اليومَ: أن لا يذبحكَ غيركَ. بيدكَ لا بيد عمرو، ولا حسني، ولا عبدالله.

يا أخي. والله لا أدري ما أكتب. ولا لماذا أكتب. هذه الظهيرة. شعرت بكوني مفردة، لا أجد لها تعبيراً في قاموس الضحالة التي أحمل. حثالة. تفاهة. حشرة. حشرة مقلوبة. عوراء. بقدم واحدة. وجناح مكسور. وصدقاً، هذا الشعور لا يصاحبني كثيراً. تبلّد إحساسي. لكنّه اليوم، كان غريباً. في طعم ملوحة بحر. ومرارة دم ظلم. وجنون حقد إرث.

مهانون مذلّون يا ديستوفيسكي. وعميان يا سارماغوا. وغرباء يا ألبير. وتحت ظلال الحكومة يا سيد. وأشياء تتداعى الآن، وكتب لم تعد أكثر من أوراق تشعل الحريق الذي بدأ منذ الرحمِ العربيّ الأولى ولم ينته حتى الساعة.

اكتب يا أخي. اكتب. لا تكن كالغريب في عزائي. اقترب. ضع يدك على تابوتي. هكذا، كما يفعل الأصدقاء. وحدّق بعينيّ. هل ترى جفّ البحر منهما. اقترب. لا عليك. إن يعجبكَ هذا التابوتَ، سجّل ماركته في دفتر ملاحظاتك. ولا تؤجل قتل اليوم إلى الغد. اتل صلواتك عليّ. وقل لأمّي: لقد كان ولد صالحاً. كما ينبغي لصديق.

اكتب يا أخي. هل تملك سوى الكتابة. في عالم يجرّدك ممّا تملك، وما لا تملك. يسلخكَ من اختيارِ أن تكونَ طيباً وشهماً ونبيلاً وكريماً ورجلاً، وبقية الصفات الموجودة في كتاب التاريخ العربيّ القديم. يعرّيك حتى من أحقيّة، أن تساعد أعوراً أعرجاً أقطعاً أكتعاً مريضاً مسنّاً مقعداً. يجب أن تقتلَ، لأنّ سيّد العالمِ أيها الحقير، بعد لم يأذن لكَ.

أجرجر خطواتي في الشوارع الموحلة. أنتظر متى يصل موتي. تعالوا. اعووا. إن لم تكن ذئباً. اعوِ على الأقلّ يا أخي... الخ".

كاتب وناشط حقوقي سعودي

=====================

العلاقات المصرية السودانية وتحديات أزمة المياه

د. يوسف نور عوض

القدس العربي

6/24/2010

لفت انتباهي في الأيام الماضية طلب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط من سفير بلاده في الخرطوم أن يستفسر عن تصريحات نسبت إلى وزير الخارجية السوداني الجديد علي كرتي وصف فيها الدور المصري في السودان بالضعيف بسبب قصور معلوماته عن تعقيدات الحياة في السودان، ولم أسمع تلك التصريحات بصورة مباشرة في مؤتمر صحافي من الوزير، ولكني لا أستغرب صدورها منه أو من غيره من المسؤولين السودانيين لأنها تحتوي على معلومات يؤمن بها كثير من المواطنين السودانيين الذين يرون أن مصر مشغولة بقضاياها الخارجية وخاصة في المجال العربي أكثر من انشغالها بالسودان، على الرغم من أن علاقتها مع السودان هي التي يجب أن تكون في مقدم اهتمامها، وإذا نظرت مصر إلى علاقاتها مع السودان فهي تنظر إليها بأسلوب استعلائي لا يتناسب مع حجم مصالحها في الجنوب، ويبدو ذلك واضحا في تصريحات حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية الذي قال إن مصر تقف دائما إلى جانب السودان وتحرص على أن يكون هناك توافق بين جميع القوى ذاكرا أن مصر تتبع سياسة متوازنة مع جميع الأطراف في السودان، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما وصف الدور المصري بأنه يسهم في تنمية السودان انطلاقا من المصالح المشتركة بين البلدين.

من جانب آخر نرى هاني رسلان مدير وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية يقول إنه تبادل الحديث مع علي كرتي قبل الندوة التي أطلق فيها تصريحاته مؤكدا أن ما قصده الوزير يتعلق فقط بالنخبة المصرية التي لا تهتم بشؤون السودان إلا في وقت الأزمات وهو بالتالي لم يوجه انتقاداته للدولة المصرية، وليس ذلك موقف الدكتور وليد السيد مدير مكتب حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي وصف تصريحات كرتي بأنها عتاب الأحبة، مؤكدا في الوقت ذاته على أن تصريحات الوزير هي دعوة لأن يكون لمصر دور أكبر في السودان خاصة في دعم اتجاهات استمرار الوحدة مع جنوب السودان.

ولا شك أن مثل هذه المواقف أمر عادي في العلاقات المصرية السودانية، ذلك أن مصر ظلت تلعب دائما مع السودان دور الشقيق الأكبر، وهي لا تتفرغ في العادة له تفرغا كاملا، وتكتفي في معظم الأحيان بإشارات توحي فيها أنها تهتم بقضايا السودان، وإن لم يكن هناك دليل ملموس على ذلك، وظل السودان طوال الوقت يقبل هذه المواقف من مصر ولكن هل السودان هو الذي يحتاج لدعم مصر أم أن مصر هي التي تحتاج لدعم السودان؟

هنا لا بد أن نعيد قراءة خريطة العلاقات بين البلدين لنرى إن كان قد حدث تغير جوهري فيها، ولا نريد أن نذهب بالتاريخ بعيدا إذ يكفي في البداية أن نتوقف عند مرحلة محمد علي باشا خديوي مصر الذي كان له الفضل في تأسيس السودان الحديث، وتقول كتب التاريخ إن الحدود التي رسمها محمد علي باشا في عام ألف وثمانمئة وعشرين هي الحدود التي يعرف بها السودان الآن، وتقول هذه الكتب إن هدف محمد علي باشا بالتوجه جنوبا كان الحصول على المال والرجال ولا شك أن ذلك لم يكن سببا مقنعا لأن محمد علي باشا لم يكن يفتقر إلى الرجال الذين يحاربون في جيوشه وهي الجيوش التي استطاعت أن تفتح بلاد السودان كما أنه لم تكن في تلك الحقبة مغريات مادية يمكن أن يقال إن محمد علي كان يسعى لأجلها، والأرجح هو أن محمد علي باشا كان له هدف استراتيجي هو توفير الحماية لمصر بالوصول إلى منابع النيل والتأكد أنه ليس هناك ما يهدد الأمن المائي لها، وثبت ذلك من واقع أنه حين وصل إلى السودان لم يندفع وراء الأسباب التي ذكرها المؤرخون، ومع ذلك أخطأ محمد علي باشا حين ظن إن تأمين مياه النيل لمصر يعني فقط السيطرة على السودان، وبالتالي لم يراع خصوصية أهله الذين لم يطلقوا على حكم محمد علي اسم الحكم المصري بل أطلقوا عليه اسم الحكم التركي مع أنه كان حكما مصريا خالصا، وقد انطلقت ثورة المهدي التي أنهت هذا الحكم ليس من أجل طرد المصريين بل من أجل إنهاء النظام التركي، وقد تحركت جيوش المهدية في فترة لاحقة لتحرير مصر ذاتها وأخفقت في معركة توشكى.

ولكن مصر حتى هذه المرحلة لم تع الدرس ولم تفكر في إقامة علاقة خاصة مع السودان، فقد تحالفت مع القوات البريطانية في عام ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين وهاجمت السودان لتقيم الحكم الثنائي المصري الإنكليزي الذي استمر ستين عاما، ولم يكن للمصريين أي نفوذ فيه لأنه كان حكما إنكليزيا خالصا، والغريب أنه على الرغم من تحالف المصريين مع الانكليز لحكم السودان فقد قامت ثورة أربعة وعشرين بقيادة علي عبد اللطيف ترفع شعار الوحدة مع مصر، و تأسست الحركة الوطنية في السودان تحت شعار وحدة وادي النيل، وفي الوقت الذي كان السودانيون فيه يؤمنون بوحدة المصير في وادي النيل كانت الحركة السياسية في مصر تعتقد أن الحركة السياسية في السودان تحتمي بها وهي القادرة على أن تقدم لها السند الذي لن تلقاه من غيرها في مواجهة الاستعمار الانكليزي، واستمر الحال على هذا المنوال حتى قيام ثورة تموز/يوليو عام ألف وتسعمئة واثنين وخمسين التي ظهرت فيها تحولات لم يتوقعها السودانيون الذين كانوا شديدي الحماس لوحدة وادي النيل حتى تلك المرحلة، على الرغم من شعورهم بالألم لإزاحة اللواء محمد نجيب ذي الأصول السودانية من الحكم، وربما كان ذلك من الأسباب التي جعلت الرئيس جمال عبد الناصر يدير ظهره للسودان بل ويعمل على إقامة السد العالي الذي شرد النوبة همزة الوصل التاريخية بين مصر والسودان من بلادهم ليعيشوا في مناطق لا تنتمي لثقافتهم، وعلى الرغم مما قيل عن أهمية السد العالي فالحقيقة هي أن المشروع قد تم دون تصور مستقبلي لما قد يحدث في منابع النيل مستقبلا، ولم يكتف عبد الناصر بذلك بل أدار ظهره للسودان بشكل كامل مندفعا وراء توجهاته العربية دون أن تكون له رؤية خاصة لمفهوم الوحدة العربية أكثر من توحد الدول العربية كلها تحت زعامته على الرغم من إخفاقه في المحافظة على الوحدة المصرية السورية.

وعلى الرغم من ذلك فإن أول انقلاب عسكري وقع في السودان عام ألف وتسعمئة وثمانية وخمسين بقيادة الفريق ابراهيم عبود أعلن أن من أهدافه إزالة الجفوة المفتعلة بين مصر والسودان دون أن يحدد ما تلك الجفوة، وأغلب الظن أن المقصود بها هو إعادة مفهوم وحدة وادي النيل من جديد إلى وجدان الناس في مصر والسودان، ولكن نظام عبود لم يفعل أكثر من تسليم أراضي النوبة لمصر لتغرقها مقابل خمسة عشر مليون دولار لم تكن كافية لنقل سكان النوبة إلى قراهم الجديدة ناهيك بتعويضهم عن خسائرهم المادية الكبيرة.

وكان طبيعيا أن تقوم ثورة تشرين الاول/أكتوبر في السودان وهي الثورة التي أسقطت نظام الرئيس عبود وكانت أول ثورة شعبية تسقط نظاما عسكريا في العالم العربي وقد ناصبتها مصر العداء وظهر ذلك في مقالات محمد حسنين هيكل عن تلك الثورة وهي مقالات أغضبت الشعب السوداني، وكان التفسير الوحيد لها هو أن مصر لم تكن تريد للنموذج السوداني أن يتكرر في مصر.

ولكن النظام الديمقراطي في السودان لم يستمر طويلا، وبعد نكسة عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين جاء نظام نميري في عام تسعة وستين الذي وصفه الرئيس عبدالناصر مع نظام العقيد معمر القذافي بأنهما النظامان اللذان جددا شباب الثورة المصرية، وهو كلام لم يثبت في الواقع العملي بسبب التطورات التي حدثت في النظامين، وليس هذا مجال تفصيلها. وانتهى نظام النميري ليأتي نظام ديمقراطي لم يصمد طويلا لتعقبه ثورة الإنقاذ التي توصلت إلى حل لقضية الجنوب يقوم على استفتاء شعبي يقرر فيه الجنوب مصيره، هل هو يريد الاستمرار في وحدة مع الشمال أم يريد الانفصال؟ وكل الدلائل تشير إلى أن هناك أيادي أجنبية لها مصلحة في فصل جنوب السودان، وظهرت في الوقت نفسه أزمة مياه النيل، ولكن مصر حتى هذه المرحلة لم تتنبه للخطر الذي يواجهها فبدأت تحركات من أجل إقامة علاقات حسنة مع القادة الجنوبيين ظنا منها أنه لو حدث الانفصال فيمكنها أن تحافظ بمثل هذه العلاقات على مصالحها المائية، وذلك ما لن يحدث لأن حوض النيل يتعرض لمؤامرة كبرى والمتضرر ليس السودان بل مصر في المقام الأول، لأنها دولة مصب وقد تضاعف عدد سكانها ليصل إلى ثمانين مليونا وهي تمتلك رقعة زراعية ضيقة ولا تستطيع أن تتوسع في الصحراء بمياه النيل ،لأنه لو حدث ذلك فسيطالب سكان دارفور بأن تصلهم مياه النيل كما أن المصريين لن يستطيعوا الهجرة جنوبا لأن الوقت اصبح متأخرا، وبالتالي يجب أن تقرأ مصر حجمها قراءة صحيحة وتفكر ماذا يجب أن تفعله مع السودان لا من أجل السودان، كما كان ذلك شأنها دائما حتى لا يشهد وادي النيل أكبر أزمة في تاريخه، وإذا كنا قادرين على أن نحلل أسباب هذه الأزمة فلا شك أننا نحتاج إلى وقت طويل من أجل التفكير في الخروج منها بشرط أن تفكر مصر بطريقة موضوعية وتنزل إلى واقعها الحقيقي قبل فوات الأوان.

=====================

الانذار الاميركي لتركيا ؟

حياة الحويك عطية

الدستور

6/24/2010

منذ العام 2007 والمخابرات الاميركية واجهزتها الراصدة تقدم لتركيا ما يساعدها على استباق تحركات حزب العمل الكردستاني ، ولذلك عبرت الصحف الغربية عن استغرابها من كون الاجهزة الاميركية قد امتنعت هذه المرة عن تزويد تركيا باية معلومات مما ساعد على تنفيذ العمليتين الارهابيتين اللتين كلفنتا تركيا غاليا . بل ان عدة افتتاحيات قد اكدت على ان واشنطن قصدت توجيه انذار الى انقرة ، عبر امر اجهزتها بحجب معلوماتها عن تحركات الارهابيين.

 

غير ان استغراب الصحف الاوروبية ليس في مكانه لانه كان من الطبيعي ان تحاول الولايات المتحدة واسرائيل توجيه انذار لحكومة رجب طيب اردوغان بعد مواقفه من اسرائيل ومن الولايات المتحدة بذاتها . خاصة بعد حادثة مرمرة وبعد موقفه من ايران .

 

اما تصريح السفير الاميركي في انقرة جيمس جيفري ، غداة العملية الارهابية الثانية ، بان الولايات المتحدة ما زالت مستعدة للبحث بشكل فوري في اي طلب تركي للمساعدة ، فانه تصريح يؤكد على تورط واشنطن في"عدم المساعدة" ، كما يؤكد على مسالة بديهية في التعامل الديبلوماسي بين الدول : اطلبوا منا المساعدة ، وسنبحثها بسرعة ، مما يعني اننا سنحدد مطالبنا المقابلة لتقديمها .

 

هذا اذا طلبت تركيا المساعدة ، اما اذا لم تفعل فان انواعا من المضايقات ستستمر بهدف دفع تركيا الى انتخابات مبكرة من المؤمل ان تبعد حزب العدالة والتنمية عن الحكم ، او على الاقل ان تبعد زعاماته الحالية عن القيادة ، وتجبره على مراجعة سياسته الاقليمية .

 

كل هذه المعلومات المتداولة في الاعلام الغربي تعزز دوافع الانقسام الحاصل في صفوف حزب العمال الكردستاني ، فهذا الحزب الذي طالما ناضل لاجل اكراد تركيا ، انما ربطت قياداته التقليدية نضالها بالكفاح ضد اسرائيل ، ويذكر كل من عايش اجتياح لبنان عام 1982 ، ان عبد الله اوغلان نفسه كان اخر المقاتلين المنسحبين من قلعة الشقيف بعد معركتها الاسطورية ، كما يذكر كل من عايش تلك الفترة طبيعة كوادر حزب العمال الذين كانوا يعيشون في قواعدهم في البقاع اللبناني .

 

لذلك فان انشقاق من يسمون انفسهم بصقور الحزب - وهم من تبنى عمليات اسكندرون واسطمبول - ليس بعيدا عن هذا العمق السياسي الذي يقرب جناح اوغلان من اردوغان .

 

واخيرا فان هناك عنصرا بالغ الاهمية يكمن في انفتاح سياسات حزب العدالة والتنمية على حل المسالة الكردية في تركيا ، عبر منح الحقوق ومنها الحقوق الثقافية واللغوية . حيث ان هذا الانفتاح سيصب في صالح تذويب التازم الكردي في البلاد ، وبالتالي سيقضي على ورقة غالية جدا بيد الاميركيين واسرائيل ، ورقة لا تقتصر فائدتها على تركيا وانما على سوريا وايران ، وهذا ما لا تريد ان تسمح به باي حال الولايات المتحدة الاميركية ، خاصة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ما حققه المشروع الاميركي - الاسرائيلي في كردستان العراق .

 

من هنا يجب ان تتحرك جميع القوى في المنطقة ، لفضح هذا المخطط ، ولدعم حكومة اردوغان ، ليس فقط في تحولاتها السياسية ازاء القضية الفلسطينية ، التي ان فشلت فلن نجد من يتجرا على دعمنا بعدها . بل ودعمها ايضا في مشروعها التصالحي الوطني الذي ينسحب نجاحه او فشله على المنطقة كلها وبشكل بالغ الخطورة .

ينسحب ، على سوريا وايران - بعد تركيا - فيما يخص الوجود الكردي وتحويله الى قاعدة اسرائيلية ، او ذوبانه في النسيج الوطني ، وينعكس على كل الدعاوى الانفصالية الاخرى المبنية على الاختلاف الاتني او الديني ، التي من شانها ان تمزق المنطقة اربا اربا .

=====================

ضجة الجنرال مكريستال .. الهزيمة لا أب لها

ياسر الزعاترة

الدستور

6/24/2010

الأكيد أن تصريحات الجنرال ستانلي مكريستال (قائد قوات الناتو في أفغانستان) وبعض مساعديه لإحدى المجلات الأمريكية ليست مجرد خطأ عابر ، أو تنفيس عن بعض المشاعر في لحظة ما ، بقدر ما هي محاولة للتهرب من عبء هزيمة تلوح في الأفق ، فضلا عن التنصل من مسؤولية تصاعد الخسائر في صفوف القوات الأمريكية والأجنبية بعد أن وصلت حدا غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة ، والشهر الجاري على وجه التحديد.

 

تلك هي معضلة أوباما الكبرى ، أو هي "فيتنام أوباما" كما وصفتها دوائر صحفية وسياسية كثيرة داخل الولايات المتحدة وخارجها ، وحين تكون كذلك ، فمن الطبيعي أن يحاول كل طرف التنصل من المسؤولية عنها ، مع العلم أن قرار التركيز على أفغانستان لم يكن قرار أوباما ، بقدر ما هو توجه المؤسسة العسكرية التي خضع لها الرئيس بشكل لافت ، وهي التي لم يغير في منظومتها الكثير مما ورثه عن سلفه بوش.

 

ليس بوسع الرئيس في الولايات المتحدة أن يغير كل شيء ، ولا شك أن للمؤسسة العسكرية والأمنية سطوتها على الرؤساء ، لكن الأمر يغدو أكثر وضوحا عندما يكون الرئيس ضعيفا كما هو حال أوباما بخلفيته العرقية المعروفة.

 

هل لدى الجنرال مكريستال خطة مقنعة للتعامل مع الوضع الأفغاني؟ لا يبدو ذلك ، الأمر الذي ينطبق على الآخرين ، والنتيجة أنه ينتقد لمجرد التنصل من المسؤولية ، وتحميل الهزيمة للآخرين. وعموما فقد ثبت أن سائر الإستراتيجيات والتكتيكات التي اتبعت حتى الآن لم تحقق النجاح المطلوب في مواجهة حركة تملك سائر عناصر القوة والانتصار ، وإن لم تملك عناصر التمكين في ظل وضع معقد مثل الوضع الأفغاني.

 

لا تحتاج طالبان لكي تواصل حربها سوى إلى روح عقائدية ومدد من الرجال وحاضنة شعبية ودعم خارجي ، مقابل فشل الطرف الآخر في كسب الناس ، وهي جميعا متوفرة بامتياز. ومن يشكّ في ذلك عليه تقديم الدليل.

 

هل ثمة شك في عقائدية الحركة التي باع قائدها الحكم مقابل موقف ديني وعقائدي يؤمن به ، بينما يرفض سائر عروض التفاوض مع العدو؟ وهل ثمة شك في توفر مدد الرجال والحاضنة الشعبية التي تمنح الحركة كل هؤلاء الشبان الجاهزين للموت ، سواءً جاءوا بدوافع عرقية (أعني أبناء البشتون) ، أم بدوافع دينية ، وهي الأهم. ثم إن مدد الدعم القادم من الخارج لا زال يتوفر عبر الشريان الباكستاني ، وقد يتوفر عبر إيران على ما بين الطرفين من تناقض ، وبالطبع تبعا لمصلحة الأخيرة في استمرار المأزق الأمريكي عشية تشديد العقوبات عليها واحتمالات تعرضها لهجمات عسكرية تستهدف منشآتها النووية.

 

في المقابل ، لا يملك العدو أية روح عقائدية ، فجنوده يخوضون معركة يُجرّون إليها بالسلاسل ، وبين دول التحالف الكثير من الخلافات حول طريقة إدارة المعركة وفرار بعضها بجنودها من ساحة القتال الرئيسة إلى المناطق الأقل سخونة ، أو الانشغال بالمساعدات وقضايا التنمية كما يقال ، فضلا عن تلويح بعضها بالانسحاب خلال السنوات القادمة ، والأهم أن مشروع تدريب القوات الأفغانية لتحل مكان قوات الاحتلال لا زال متعثرا إلى حد كبير.

 

لا تسأل بعد ذلك عن كثرة الأخطاء بحق المدنيين وبيوتهم وأرواحهم ، والتي يتم التعامل معها بالكثير من الاستهتار من حيث التعويضات ، ولا تسأل عن عدم شعور المواطن الأفغاني بالكثير من التغيير في حياته في ظل حكم المليشيات والحكومة الفاسدة ، وفي ظل ضآلة المساعدات على الأرض قياسا بالوعود الكثيرة. ولعل ذلك هو ما أفشل مخطط تكرار تجربة الصحوات العراقية إلى جانب اختلاف الوضع الأفغاني في مناطق الجنوب عنه في العراق.

لهذه الأسباب جميعا تترسخ القناعة بأن المعركة التي يخوضها أوباما في افغانستان هي معركة عبثية لن تلبث أن تنتهي ، ومعها الفشل في العراق بخسارة كبيرة لنفوذ الولايات المتحدة ودورها على الصعيد الدولي ، الأمر الذي سيصب في صالح العرب والمسلمين من دون شك.

=====================

رجال المسؤول ورجال المؤسسات

بقلم :د. صالح سليمان عبد العظيم

البيان

6/24/2010

في عالمنا العربي لا يتحرك الرجال إلا عبر عباءة المسؤول؛ فالمسؤول هو الذي يوفر الحماية والهيبة والاحترام للتابعين له أو الذين يعملون ضمن معيته. ويمثل ارتباط الرجال بالمسؤول حصانة تضمن لهم نوعا من النفوذ وتحقيق مصالح مختلفة وعديدة، فالارتباط بالمسؤول يعني مكاسب مادية ومعنوية في الوقت نفسه، حيث لا ينفصل الاثنان في عالمنا العربي.

 

واللافت للنظر أنه حينما يقع المسؤول أو يترك مكانه، ينفرط معه عقد الرجال الذين يرتبطون به، أو بلغة أقرب للدقة والصواب؛ الذين اختارهم وقربهم منه. ولعل ذلك يستدعي التعرف بدرجة أو بأخرى على آليات اختيار الرجال المساعدين للمسؤول وحيثيات اختيارهم، وهل يعتمد ذلك على العمل والجدارة أم على الثقة والاطمئنان وتبادل المصالح؟

 

وتظهر أهمية معرفة ذلك، في ضوء استناد العديد من المؤسسات في عالمنا العربي على الأشخاص ومدى نفوذهم وتأثيرهم، أكثر من عمل القوانين وجدارة الأفراد وأولويات الاعتماد عليهم والاستفادة من خبراتهم. والواقع أنه لا يوجد مسؤول في العالم دون رجال حوله، يمدونه بالنصيحة ويحددون له السياسات المختلفة التي يقوم بها.

 

وربما تمدنا الولايات المتحدة بمثال واضح لفريق عمل متكامل من المخططين والاستراتيجيين والإعلاميين، الذين يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بعمل الرئيس وغيره من المسؤولين الآخرين.

 

فمسألة وجود رجال حول المسؤولين مسألة عادية وشائعة في كل العالم، لكنها رهن بالمؤسسات التي يعمل من خلالها المسؤول، وبالتالي يعمل الرجال المرتبطون به. فإذا ابتلع المسؤول المؤسسة، فإن رجاله سوف يتصرفون حسب أهوائهم التي تعبر، من وجهة نظرهم، عما يراه المسؤول ويرغب في تنفيذه.

 

تتسم علاقات المسؤول مع مساعديه بالغموض والتعقيد في الوقت نفسه؛ فهي غامضة بسبب عدم وجود مؤسسات حقيقية ذات شفافية واضحة ومسؤوليات محددة، ومعقدة بسبب تداخل المهام وعدم وضوحها، وارتكاز العلاقات الاجتماعية في العالم العربي على القرابة والمحسوبية، بعيدا عن الجدارة والأدوار المرتبطة بها.

 

ومن الشائع في عالمنا العربي أن يلقي الجميع باللوم على الرجال المحيطين بالمسؤول وليس المسؤول ذاته؛ حيث لسان حالهم يقول إن المسؤول يتسم بالشفافية والاستقامة، وأنه لولا المحيطين به لما وصل الحال إلى ما آل إليه، وكأنه «مسؤول غير مسؤول»!

 

ومن فترة لأخرى نسمع في عالمنا العربي عما حاق بفريق عمل كان يحيط بأحد المسؤولين، سواء من خلال إعلان ذلك بشكل مباشر أو من خلال إتمامه بشكل هادئ لا يثير شهية وسائل الإعلام المختلفة.

 

ولعل هذا التصاعد يؤكد ضرورة تحديد العلاقات بين المسؤولين ومن يختارونهم أو يتعاملون معهم. فمن الواضح أنه لا يمكن لأي مسؤول أن يقوم بكافة الأعمال بمفرده، حيث يحتاج للعديد من المساعدين والمشرعين والمخططين.

 

ولا تفصل المؤسسات في العالم العربي بشكل جيد، بين عمل المسؤول والقواعد المنظمة لسير العمل في المؤسسة، وهي مسألة تعني أن المسؤول هو المؤسسة، وبالتبعية رجال هذا المسؤول إلى إشعار آخر.

 

ولعل ذلك هو ما يؤدي إلى الكثير من الخسائر الهائلة على مستوى العديد من المؤسسات، وبشكل خاص تلك الناجمة عن سوء التخطيط والمجاملات التي تصل حد الفساد الذي قد يودي بحياة المؤسسة ذاتها ويشرد العاملين فيها. لا يقف الأمر عند مستوى الخسائر المادية، بل يتعداها إلى الخسائر المعنوية والقيمية المتعلقة ببنية العمل.

 

فالملاحظ أن العلاقات بالمسؤول تولد بيئة أحقاد بين العاملين في المؤسسة، بسبب استفادة البعض ماديا ومعنويا على حساب البعض الآخر، وهي استفادة غير مستحقة في معظم الأحيان.

 

كما أنها تخلق حالة من اللامبالاة و«الأنامالية» بين باقي أفراد المؤسسة. الغريب أنه رغم الثمن الذي يدفعه الرجال المحيطون بالمسؤول في النهاية، فإنه هو ذاته يدفع ثمنا باهظا يتعلق بدرجة ثقته بالمحيطين به، وزيادة حيرته في اتخاذ القرارات المستقبلية.

وهي حيرة يمكن تجنبها بتوسيع دائرة المشاركة السياسية، وضمان ركيزة العمل المؤسسي الحقيقي، القائم على المحاسبة والشفافية، واختيار الرجال وفقا للجدارة والقدرة على العمل، وليس وفقا للعلاقات الشخصية والتبعية والخنوع.. وأحياناً الاستلطاف.

=====================

متغيرات عالمية مثيرة أين العرب؟

بقلم :احمد عمرابي

البيان

6/24/2010

هل هي بوادر على طريق تشكيل جبهة عالمية عريضة لتحدي إسرائيل.. وبالتالي تحدي الهيمنة الأميركية ذات الطابع الإمبريالي الدولي؟

 

نعثر على مشروع إجابة عن هذا السؤال الكبير، إذا دققنا النظر في هويات الهيئات التي نظمت حملة «أسطول الحرية»، الذي انقضت القوات الإسرائيلية على سفنه لمنع وصولها إلى ساحل قطاع غزة عند نهاية مايو المنصرم.

 

«تحالف أسطول الحرية» هو التنظيم المظلي الذي يندرج في عضويته عدد من الهيئات الأوروبية والتركية، هي: «غزة الحرة» و«الحملة الأوروبية لإنهاء حصار غزة»، وثلاث منظمات خيرية وإنسانية تركية هي: «أرديم» و«وقفي» و«إنساني»، ومنظمة يونانية هي «سفينة من أجل غزة»، ومنظمة سويدية هي «اللجنة الدولية لرفع الحصار عن غزة».

 

على نحو فجائي كما بدا الأمر ظهرت هذه المنظمات والهيئات على أفق الحصار المضروب على أهل غزة. ولم يكن أقل فجاءة أن ترتب حملة أسطول الحرية التي انطلقت سفنها عبر المياه الدولية بصورة جريئة يقل نظيرها.

 

الحملة عالمية الطابع بكل معنى الكلمة. ولإدراك المزيد من مغزاها العالمي، علينا أن ننظر أيضاً في هويات الشخصيات التي شاركت في رحلة التحدي البحرية، وهي تدرك سلفا أن صداما مع القوات الإسرائيلية واقع لا محالة.

 

إنهم أكثر من 700 شخص، غالبيتهم أعضاء في منظمات إنسانية وناشطون في مجال حقوق الإنسان، وهم من مختلف الجنسيات والعقائد الدينية. كانوا يمثلون نحو 50 جنسية؛ من سياسيين ورجال دين ونواب برلمانيين وكتاب صحافيين.

 

هذا هو ما يفسر لنا اشتعال الغضب على المستوى العالمي ضد إسرائيل، بعد الهجوم الدموي الإسرائيلي على السفن وركابها، وضد الولايات المتحدة التي باركت المجزرة تحت مبرر أن الدولة العبرية كانت تمارس حق الدفاع عن النفس!

 

ولن ندرك المغزى الحقيقي وراء حملة أسطول الحرية، إذا اعتقدنا أنها نظمت على عجل وعلى نحو فوري اعتباطي. فهي قامت على تخطيط طويل المدى.. تخطيط نابع من تراكمات مسلسل الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والذي بلغ أعلى ذراه على مدى أكثر من ثلاث سنوات من تفشي الموت البطيء بين المليون ونصف المليون فلسطيني في غزة، بسبب الحصار الإجرامي الذي فرضته عليهم إسرائيل.

 

ولأن الحصار ظل يحظى ولا يزال بتأييد أميركي فاضح، فإن من الطبيعي أن يكون التخطيط للحملة موجها أيضاً ضد الولايات المتحدة.

 

لكن، مع ما تعكسه التداعيات العالمية الناشئة عن حملة أسطول الحرية، والتي لا تزال تتفاعل يوما بعد يوم ضد إسرائيل وحليفها الأميركي بما يوحي بأن العالم يتغير فعلاً، فإن مما يؤسف له أن العرب عازفون أو عاجزون عن استثمار هذا الوضع العالمي المتغير.

 

أمام الأمة العربية مشهد متطور، يوحي أولا بأن عزلة إسرائيل الدولية تتفاقم، وثانيا أن أصوات الاحتجاج ضد الدعم الأميركي الاستراتيجي للدولة اليهودية أخذت تتعالى، حتى داخل الولايات المتحدة نفسها.

 

بداية العزلة الإسرائيلية نبعت من تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون، الذي صدر العام الماضي وتتضمن اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي الكاسح على قطاع غزة. ومغزى هذا التقرير ينبثق من كونه، أولا، صادراً عن لجنة دولية بتكليف من هيئة الأمم المتحدة، وثانيا أن غولدستون نفسه يهودي.

 

وجاءت الهجمة الدموية الإسرائيلية على سفن أسطول الحرية، لتؤدي إلى توسيع نطاق هذه العزلة وتصعيدها.

 

أما الاحتجاج من داخل الولايات المتحدة، فقد ابتدره توني كوردسمان، أشهر المتخصصين في شؤون الأمن القومي الأميركي. فقد بعث بمذكرة إلى الإدارة الأميركية، قال فيها صراحة إن إسرائيل آخذة في التحول سريعاً إلى «عبء استراتيجي» على الولايات المتحدة.

 

ويضيف كوردسمان قائلا إنه «حان الأوان لتدرك إسرائيل أن عليها التزامات تجاه الولايات المتحدة كما للولايات المتحدة التزامات نحو إسرائيل، وأن عليها أن تكون أكثر حذراً بشأن مدى اختبارها لحدود الصبر الأميركي واستغلالها للدعم الذي تحظى به من اليهود الأميركيين».

 

هل يدرك العرب هذه التحولات والمتغيرات؟ وهل يدركون في هذا السياق أنه بينما يتقلص النفوذ اليهودي الصهيوني داخل مؤسسة السلطة الأميركية (وإن كان نسبياً)، فإن الهيمنة الدولية للولايات المتحدة قد دخلت مرحلة تدهور؟

 

ليس هذا طرحاً نظرياً، وإنما ملاحظات نابعة من مشهد الواقع الدولي. فالولايات المتحدة أصبحت عاجزة عن مواجهة سلاح التحدي، الذي يشهره الآن بعض خصومها دون خشية من ردود فعل جسيمة.

واشنطن تتلقى الآن تحدياً متعاظماً من فنزويلا شافيز، ومن برازيل داسيلفا، ومن نظام كوريا الشمالية وإيران.. وبالطبع من الصين التي تصعد حثيثاً إلى تسنم موقع القوة العظمى في العالم، كبديل عن الولايات المتحدة.

وبالطبع كذلك، يصعد في الساحة الدولية الآن نجم تركيا، كدولة تتحرك عالمياً باستقلالية كاملة في وجه إسرائيل والحليف الأميركي، بعد أن تحررت في عهد أردوغان و«حزب العدالة والتنمية»، من إرث الخضوع لإرادة الدولة العظمى.

والسؤال الكبير الذي يطرح أخيراً هو: متى تتجمع الدول والمنظمات المتمردة ضد التحالف الإسرائيلي الأميركي في جبهة عالمية عريضة؟

كما تشير المتغيرات العالمية المتسارعة، فإن الأمر يبدو مسألة وقت فقط.

كاتب صحافي سوداني

=====================

انتفاخ الغرور السياسي الصهيوني

الياس سحاب

السفير

6/24/2010

اذا اعتبرنا أن فلسطين، والقضية الفلسطينية، هي الساحة السياسية المركزية التي يشتعل فيها منذ قرن من الزمن صراع الإرادات السياسية، بين الإرادة السياسية للأمة العربية، وفي المقدمة منها شعب فلسطين، والإرادة السياسية لتحالف المشروع الاستعماري الصهيوني، فإننا نراقب في هذه الأيام مشهداً سياسياً فاجعاً، لم يسبق أن كانت فيه الإرادة السياسية للتحالف الاستعماري الصهيوني في هذه الذروة من الصلف والغرور والاستخفاف بالطرف الآخر في الصراع، كما لم يسبق فيها للطرف العربي، وفي المقدمة منه الطرف الفلسطيني، ان كان في هذا الحضيض من الخنوع والاستسلام، الى درجة توحي بالغياب الكامل للإرادة السياسية وعنفوانها وحيويتها، عند هذا الطرف.

إن المشهد يوحي لناظره أكثر من ذلك، بأنه لم يعد هناك وجود لعناصر الصراع، في ساحة الصراع المفترضة، كل ما هنالك ساحة سياسية فيها طرف فاعل واحد، يقرر وحده مصير هذه المنطقة من العالم.

لنأخذ مسألتين محددتين من المجرى العام للصراع، حتى يصبح كلامنا أكثر تحديداً ووضوحا: مسألة تهويد القدس ومسألة حصار قطاع غزة.

في مسألة تهويد القدس التي بدأ العمل الإسرائيلي بها منذ اليوم التالي لاحتلالها كاملة في حرب يونيو/ حزيران 1967، يقول لنا الخط البياني لتهويد القدس، انه كان وما زال حتى اليوم، في تصاعد مستمر، لا يعرقله أي رد فعل عربي، من أي نوع كان، لا على الصعيد العسكري، ولا السياسي، ولا الدبلوماسي، ولا القانوني.

وفي المراحل الأخيرة لهذه المسألة، بدا لنا في يوم من الأيام أن هناك على الأقل تململا فلسطينيا، يعبر عنه رئيس السلطة الفلسطينية، بتوجيه تحذير للراعي الأميركي «لعملية السلام» بأنه لا مجال بعد اليوم للجمع بين الاستمرار في عملية التهويد من جهة، والاستمرار من جهة ثانية في «مفاوضات السلام».

وفجأة، وبمجرد إيماءة من الإدارة الأميركية لرأس الطرف الفلسطيني، يذوب التحذير الفلسطيني كأنه لم يكن أصلا، ونرى قيادة السلطة الفلسطينية منهمكة في المفاوضات العبثية والوهمية منذ سنوات وسنوات، مع استمرار عملية التهويد، بوتيرة أسرع.

فالبيوت المطلوب هدمها، ومجموعها 88 منزلا (وان كان المعلن عنه 22 فقط)، صدرت الأوامر لأصحابها بالقيام بأنفسهم بعملية الهدم في مهلة لا تتجاوز شهراً واحداً، فإذا امتنع أصحاب البيوت عن التنفيذ، قامت جرافات بلدية القدس الغربية بهدم البيوت مع تحميل أصحابها نفقات الهدم. ومن لا يسدد هذه النفقات يعرض نفسه للحبس بحجة أنه مدين لبلدية القدس، وانه تمنع عن سداد دينه.

أي إذلال لكرامة الإنسان أشد من هذا. وأي صمت إنساني وسياسي يقابل به العرب، والمجتمع الإنساني كله، هذا الذي يجري منذ سنوات متواصلة، في القدس وبقية أرجاء الضفة الغربية؟

أكثر من ذلك، يبدو أن هذا المشروع مخطط ليكون بستانا عاما (حديقة الملك) التي يفترض أن تشكل واجهة الهيكل اليهودي المفروض بناؤه على أنقاض المسجد الأقصى، بعد هدمه.

فإذا انتقلنا الى مسألة حصار قطاع غزة، في مراحله الأخيرة، فإننا نرى أن إسرائيل، رغم ما تورطت به أمام العالم أجمع، من جريمة اغتيال نشطاء أسطول الحرية التركي، القادمين من جميع أرجاء الأرض، لكسر حصار قطاع غزة المحتل والمحاصر وفقا للقانون الدولي، ها هو الحصار باق كما خططت له إسرائيل، وها هي إسرائيل الطرف الأقوى، إقليميا ودوليا، في التهديد بضرب أي أسطول آخر يحاول تكرار المحاولة، يعتبر حصار غزة خطا إسرائيليا احمر، في قانونها الاحتلالي الخاص، في مقابل القانون الدولي، الذي يعتبر غزة، قطاعا محتلا ومحاصرا لا بد من رفع الاحتلال والحصار عنه فوراً.

إنها ذروة انتفاخ الغرور السياسي للصهيونية العالمية والإسرائيلية.

=====================

تغيير حكومي في إسرائيل ؟

رندى حيدر

الرأي الاردنية

6/24/2010

يجد الإئتلاف الحكومي في إسرائيل نفسه أمام مأزق حقيقي نتيجة الإخفاقات الكثيرة التي لحقت به على أكثر من صعيد. فالتعثر في عملية التفاوض مع الفلسطينيين على الرغم من كل الجهود التي بذلها حتى الآن الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، والعزلة الدولية المتزايدة لإسرائيل بسبب حصارها لغزة، و الانعكاسات السلبية للمواجهات الدامية التي جرت مع أسطول الحرية، والأزمة في العلاقات مع تركيا التي تكاد تصل الى حد القطيعة، والتوتر في العلاقة مع عدد من الدول الأوروبية على خلفية جوازات السفر المزورة التي استخدمها عملاء الموساد في إغتيالهم مسؤول "حماس" في دبي، بالاضافة الى عدم الارتياح المتبادل بين إدارة الرئيس باراك أوباما وحكومة نتنياهو، وسوء التفاهم الدائم بينهما بسبب اصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة البناء في القدس الشرقية، واستكمال مخططها لتهويد المدينة من خلال هدم منازل العرب وأبعادهم؛ كل ذلك يشير بوضوح الى أزمة الإئتلاف الحاكم بتركيبته الحالية.

تشكل أحزاب اليمين المشاركة حالياً في الحكومة وعلى رأسها حزب "إسرائيل بيتنا"، السبب الأساس وراء عدم تحقيق أي تقدم في عملية التفاوض مع الفلسطينيين، بسبب رفضه الضمني والعلني لمشروع حل الدولتين الذي تبنته إدارة الرئيس اوباما. من جهة أخرى وعلى الرغم من إعلان نتنياهو قبوله هذا الحل في خطاب شهير له في جامعة بار إيلان مطلع هذا العام، فإن خوفه من فقدان دعم هذا اليمين جعله يتبنى سياسة تفاوضية تمتاز بالغموض وباللغة المزدوجة. مما جعل الحكومة الحالية تفتقر الى خطة سياسية واضحة المعالم من مختلف الموضوعات المختلف عليها مع الفلسطينيين وبصورة خاصة موضوعي القدس واللاجئين.

من هنا برزت في الآونة الأخيرة دعوات من جانب حزب العمل الشريك الأساسي في الحكومة ومن المعارضة برئاسة حزب "كاديما"، تحذر من خطورة ما يحدث وتدعو نتنياهو الى تقديم خطة سياسية واضحة تشكل خريطة طريق للحكومة في مفاوضاتها مع الفلسطينيين.

 وحتى زعيم "إسرائيل بيتنا" وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان شعر في الأيام الأخيرة بحاجة الحكومة الى وضع وثيقة سياسية للحل تحدد بوضوح الموقف الإسرائيلي من المواضيع الخلافية في المفاوضات مع الفلسطينيين، واقترح أن تتبنى الحكومة الخطة التي وضعها حزبه، والتي تقوم بصورة خاصة على تبادل أراض وسكان مع السلطة الفلسطينية وهي صيغة جديدة لفكرة ترحيل العرب من سكان إسرائيل الى المناطق الفلسطينية مقابل تفكيك إسرائيل بعض المستوطنات المعزولة وضم الكتل الإستيطانية الكبرى إليها، وبالطبع مع إبقاء مدينة القدس تحت السيطرة اليهودية. ومشروع ليبرمان هو نسخة معدلة عن خطط قديمة لليمين الإسرائيلي التي لطالما دعت الى "ترحيل العرب" عن إسرائيل للتخلص من الأقلية العربية وتحقيق يهودية الدولة العبرية. ويبدو مما تنشره الصحف عن اتصالات تجري بين رئيس الحكومة ورئيسة حزب"كاديما" تسيبي ليفني، أن نتنياهو بات مقتنعاً بالحاجة الى ادخال تعديلات على الإئتلاف الذي يرئسه وذلك بإشراك حزب الوسط "كاديما" في الحكومة والمعروف بتأييده لحل الدولتين، لاسيما أن ليفني سبق ان قطعت شوطاً طويلاً في التفاهم مع الفلسطينيين على كثير من النقاط إبان الحكومة السابقة التي ترأسها إيهود أولمرت.

ولكن السؤال المطروح اليوم ليس مدى رغبة نتنياهو في احداث تغيير حكومي، وإنما مدى رغبته في إحداث تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين، لا سيما أنه بات من الواضح ارتباط الأمرين ببعضهما البعض.

إن إقدام نتنياهو على الطلب من "كاديما" المشاركة في الإئتلاف معناه خروج أحد أحزاب اليمين المتشدد منها، وخسارة القاعدة الجماهيرية لهذا اليمين التي يشكل المستوطنون أساسها. ولكن المعنى الفعلي هو الالتزام بخطة واضحة لتحقيق حل الدولتين الذي قال انه يوافق عليه في الوقت الذي كل ممارسات الحكومة الحالية تدل على عكس ذلك.

الكل مجمع في إسرائيل أن شهر أيلول سيكون موعداً حاسماً، فإما فشل الوساطة الأميركية مع انتهاء فترة تجميد البناء في المستوطنات، وإما تغيير حكومي يحمل بوادر التقدم نحو التسوية السياسية مع الفلسطينيين.

=====================

الطبقة التي تحكم العالم

آخر تحديث:الخميس ,24/06/2010

غسان العزي

الخليج

منذ قرن تقريباً كان بضعة مئات من الناس، من سياسيين وعسكريين ورجال دين، يملكون القدرة على التأثير في حياة ومستقبل الملايين من البشر في العالم . اليوم أضحوا آلافا، ومعظمهم يملك هذا التأثير بفضل مواهبهم وعملهم في حين كانت نخب الماضي مؤلفة في جلها من ورثة . وقد تراجع تأثير العسكر ورجال الدين عموماً لمصلحة نخب تنتمي الى عالم المال والأعمال . وثمة نخبة على مستوى المعمورة يؤثر أعضاؤها بطريقة منتظمة في حياة الملايين من الناس: مديرو شركات كبرى وزعماء دول وأصحاب وسائل إعلام كبرى ومليارات وملوك نفط ومستثمرون ولاعبون كبار في البورصات العالمية وعسكريون ورجال دين مؤثرون وكتّاب وفنانون وعلماء معروفون عالميا وحتى بعض الإرهابيين والمجرمين ومهربي المخدرات . . . الخ . هؤلاء منهم تتشكل الطبقة التي تتحكم بمصير العالم .

 

ما حجم هذه الطبقة؟ يقول ديفيد روثكوف الذي عمل مع كيسنجر وبيل كلينتون قبل ان ينضم الى مؤسسة كارنيغي للسلام إنه أحصى ستة آلاف عضو(12،6 في المائة فقط هم نساء) على وجه التقريب . لكنه لا ينشر قائمة بالأسماء لأنها ستفقد جدواها قبل ان يجف حبرها كونها شديدة التغير والدينامية نظرا لخروج أعضاء منها يوميا بسبب الموت او الإفلاس او التقاعد ودخول أعضاء جدد .

 

والكلام عن هذه الطبقة لا يعني أنها مختصة بالتآمر، رغم أن عدداً من أعضائها يخطط ويتآمر، فالخلافات وصراعات المصالح تتكاثر في داخلها عدا انه من المستحيل ان تكون قادرة على الاجتماع لتنظيم سيطرتها على العالم . لكن خارج نظرية المؤامرة ينبغي الاعتراف ان ثمة تمركزاً قوياً للثروة والسلطة في العالم بين ايدي أفراد وجماعات ضيقة . وهؤلاء يتخذون قرارات يومية في مجالات إعادة توزيع الموارد فيسرحون عمالاً ويخلقون وظائف وينقلون مصانع من غرب الارض الى مشرقها ويؤثرون في البرامج الحكومية واحياناً استمرار الحكومات نفسها، وهم يقودون ويوجهون ويصنعون الرأي العام والأولويات التي يتبناها ويدافع عنها .

 

في خطابه الشهير في العام 1960 تكلم إيزنهاور عن قطاع عسكري أمريكي قوي يضم 3،5 مليون إنسان . في يومنا هذا لا يضم هذا القطاع أكثر من مليون ونصف (بالإضافة الى مليون في الاحتياط) . وكانت الميزانية العسكرية الأمريكية وقتها تزيد على المدخول العام الصافي لكل الشركات الأمريكية . أما اليوم فإن هذه الميزانية لاتقل عن خمسمائة مليار دولار وهو رقم فلكي لكنه يبقى أدنى من مجموع مداخيل الشركات الخمسين الأهم في الولايات المتحدة . وهذا يدل كم أن سلطة المال ورجال الأعمال تتصاعد بشكل مذهل .

 

والمساحة التي تتحرك فيها النخبة المالية اليوم هي العالم كله وليس الحدود الوطنية فحسب كما كانت في السابق، وبالتالي فإن ولاءها هو للسوق العالمي وليس الوطني او المحلي وأعضاؤها يتقاسمون أشياء كثيرة مشتركة ليس مع مواطنيهم بقدر ما هو مع نظرائهم في عواصم الدول البعيدة . وهكذا فالعولمة لا تخلق فقط أسواقاً من دون حدود ولكن أيضا طبقة اجتماعية من دون حدود يسميها البعض”حزب دافوس” .

 

أعضاء الطبقة التي تحكم العالم عملياً يشكلون واحداً في المليون من أصل ستة مليارات نسمة عدد سكان الأرض . بعضهم من السهل التعرف اليه: زعماء الدول والحكومات النافذة، قادة عسكريون كبار في دول ترسل جنودها بعيداً خارج الحدود، مديرو شركات كبرى ومستثمرون كبار، عباقرة انترنت، أصحاب المليارات المعروفون، فنانون وكتّاب وعلماء ورجال دين . . . الخ . وبعضهم من الصعب معرفته: قادة شبكات إرهابية وجريمة منظمة تمتد من هونغ كونغ الى المافيات الروسية، مهربو الأسلحة والمخدرات وغيرهم من القابعين في الظل (يتلاعبون بأكثر من ألف مليار دولار تبقى خارج الدورة الاقتصادية العالمية الرسمية) . ما يجمع بين كل هؤلاء هو السلطة التي تمس حياة الملايين من البشر الذين يعيشون في أماكن متباعدة من العالم .

 

أقوى من في هذه الطبقة هم رجال المال والأعمال الذين لا تتوقف سلطاتهم عند حدود بلادهم بل تمتد بعيداً خارجها . فالصعود القوي للشركات متعددة الجنسية والمؤسسات المالية جعل من هذين القطاعين اللاعبين الاقوى في العولمة . هناك أكثر من 1500 شركة تحقق رقم أعمال أو تملك رأسمال يزيد على الخمسة مليارات دولار . تأثير قادة هذه الشركات لا شك أنه أقوى بكثير من سلطة رجال السياسة التي تقف عند الحدود الوطنية . نحن لا نتكلم هنا عن دول عظمى فقادتها ينتمون بالطبع إلى الزمرة التي تحكم العالم .

 

إحدى الظواهر اللافتة للعولمة هي قدرة بعض الشركات الخاصة على ممارسة دور اقتصادي واجتماعي يعادل أو يتخطى الدول . في العام 2007 كان حجم الإنتاج العالمي في حدود 47 ألف مليار دولار . وقد حققت وقتها أكبر 250 شركة رقم أعمال يزيد على 14870 مليار دولار، أي ثلث الإنتاج العالمي وأكثر من الناتج الداخلي الإجمالي للولايات المتحدة (13200 مليار) أو الاتحاد الأوروبي (13740 ملياراً) . وأقوى خمس شركات (وول- مارت، اكسون موبيل، رويال داتش شل، بريتيش بتروليوم، جنرال موتورز) حققت 1500 مليار دولار، أي أكثر من الناتج الداخلي الإجمالي لأي بلد في العالم باستثناء السبع الأغنى . هذه المقارنة تعني مثلا ان “اكسون موبيل” تتخطى السعودية التي تحتل المرتبة الخامسة والعشرين في لائحة البلدان الأغنى في العالم، و”جنرال موتورز” أغنى من تايلاند و”وول- مارت” من بولونيا . . الخ .

 

هل أثرت الأزمة المالية في هذه الطبقة؟ لقد كشفت عن حجم نفوذها على الدول والحكومات . فبعدما اجتازت حلقات متكررة من النمو والركود وبعد أن تضخمت فقاعتها المالية الى أبعد الحدود فانفجرت ومعها آمال وادخارات الكثير من الناس، بدت قادرة، رغم هول المصيبة، على استيلاد وسائل مالية جديدة ودفع الأسواق للعمل وفقاً لمصالحها أو لإنقاذ هذه المصالح من الإفلاس . المصرفيون الذين كانوا يقولون للحكومات إن كل شيء على ما يرام وينبغي عدم تدخل الدول في عمل الأسواق تمكنوا من إقناع هذه الحكومات نفسها بالتدخل لإنقاذهم من الإفلاس . في كل مرة كان السياسيون- بعضهم رجال أعمال ومال سابقون وبعضهم يستفيدون من كرم عمالقة البورصة- يتدخلون لإنقاذ الشركات والمصارف . هكذا ينجلي أمام أعيننا مشهد السلطة في حالتها الخام والعروة الوثقى ما بين المال والسياسة .

=====================

قوافل الحرية وحساب الأرباح والخسائر

آخر تحديث:الخميس ,24/06/2010

يوسف مكي

الخليج

نميز في هذه القراءة بين أمرين رغم صعوبة الفصل بينهما: الأول، الموقف من الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص على قطاع غزة، وذلك أمر مرفوض بكل المعايير الأخلاقية والإنسانية، والقومية والوطنية . والثاني، يتعدى الموقف من الحصار إلى محاولة فهم الأسباب التي تقف خلفه من خلال القراءة والتحليل والتفكيك .

 

وفي يقيني أن دور المثقف والمهتم بالشأن العام، ينبغي أن يستوعب الأمرين، فالموقف سيكون عدمياً إن لم يسعفه الوعي، بالعوامل المحرضة على الالتزام بهذا الموقف أو ذاك، والثاني، المستند على القراءة والتحليل، يصبح ترفاً فكرياً، ورياضة ذهنية، ستكون نتائجها بالتأكيد بعيدة عن القراءة الصحيحة، إن لم يكن الهم الإنساني، عاملاً محفزاً وراء خوض غمارها .

 

في حديثنا السابق: قوافل الحرية . . . صراع الإرادات، حاولنا قدر ما تتيحه المساحة، أن نتلمس الأسباب الاستراتيجية، وراء تمسك الصهاينة بحصار غزة . وقد ربطنا ذلك بالمشروع الامبريالي الصهيوني، الذي يراد فرضه على المنطقة، والهادف إلى صياغة خارطة سياسة جديدة، يستعاض، من خلالها بالبعد الاستراتيجي الجيوسياسي بديلاً عن الجغرافيا الطبيعة . بمعنى آخر، خلق ظروف ينتفي فيها وجود النظام العربي الرسمي، الذي جرى تشييده بعد الحرب العالمية الثانية، والذي ساد لأكثر من ستة عقود، والمعبر عنه بجامعة الدول العربية، وميثاق الأمن القومي العربي الجماعي، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، والاتفاقيات الاقتصادية والثقافية بين العرب، بنظام شرق أوسطي، يكون الكيان الصهيوني هو عموده الفقري، وترتبط به الدول العربية، بصيغة الالتحاق والتبعية، وليس بصيغة الشراكة والتكافؤ والندية .

 

لن نستغرق في تفصيل قراءتنا السابقة، فبإمكان القارئ الرجوع إليها، وسنواصل قراءتنا عن صراع الإرادات، وتقديم كشف حساب الأرباح والخسائر، نتيجة للهجوم “الإسرائيلي” على قوافل الحرية التي اتجهت إلى القطاع .

 

ضمن قراءتنا السابقة، هناك رغبتان في عدم رفع الحصار عن غزة، إحداهما “إسرائيلية”، والأخرى من دول الجوار العربية، مع اختلاف واضح في الهدف من استمرار الحصار .

 

“الإسرائيليون” يهدفون، من حصارهم إلى أن يرغم الوضع الإنساني الكارثي للقطاع، شعب غزة على الالتحاق مجدداً بمصر، إن بصيغة البقاء تحت إدارة مصرية، كما كان الوضع قبل حرب يونيو عام 1967م، أو بصيغة الاندماج الكامل . ذلك، من وجهة نظرهم، سينهي فكرة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة إلى الأبد .

 

بالنسبة للقيادة المصرية، وإلى حد ما الحكومة الأردنية، رغم عدم وجود حدود مشتركة مع الأخيرة، فإن بقاء غزة منتعشة اقتصادياً، في ظل سيطرة حماس، لن يؤدي مطلقاً إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية . إن ذلك سيكون من شأنه تعطيل تحقيق ما هو معروف بالمبادرة العربية للسلام، وسيمنع قيام الدولة، لأن ظروف تحقيقها لن تكون مهيأة في ظل وجود كيانين فلسطينيين، أحدهما في الضفة، بقيادة “أبو مازن”، والثاني في القطاع بقيادة حركة حماس . إن مصر والأردن، لديهما خشية مشروعة، من استمرار وجود كيانين فلسطينيين، فمصر تتحسب من أي مشروع يربط القطاع بإدارتها، وحكومة الأردن، ترى في ذلك، كابوس الوطن البديل، الذي يهدد الوجود الأردني بالغرق، وربما الفناء .

 

إذا فالصهاينة، ودول الجوار، تربطهما رغبة مشتركة، في إضعاف حركة حماس من خلال الاستمرار في فرض الحصار على قطاع غزة، وإن اختلفت أسباب الغرماء، على أنه ينبغي أن لا يذهب الظن بأحد، في أن ما طرحناه بحق دول الجوار العربي الفلسطيني، يصل حد اتهامها بالتناغم مع سياسة الكيان الصهيوني في تجويع الشعب الفلسطيني، فذلك هو آخر، ما يخطر بالبال . ما نهدف إلى توضيحه، هو أن جميع الأطراف الرسمية، المرتبطة بالصراع، تطمح إلى إضعاف حماس، وليس تصفيتها، كل لأسبابه الخاصة، يستوي في ذلك الكيان الغاصب، ودول الجوار العربي .

 

في هذا السياق، ووفقاً لهذه الرؤية ارتكب الصهاينة جريمتهم، في عرض البحر، وبالمياه الدولية، بحق المتضامنين مع شعب القطاع . لكنهم بسلوكهم هذا ارتكبوا حماقة كبرى، جعلتهم في مواجهة العالم بأسره . وطرحت بحدة، وبشكل خاص ضمن، دول الاتحاد الأوروبي، التي عرفت بتعاطفها مع المشروع الصهيوني، قضية الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني المظلوم، في قطاع غزة . وجعلت الصهاينة، يتلقون صفعة من مجلس الأمن الدولي، الذي كان الفيتو الأمريكي، في السابق، عصا غليظة تستخدم باستمرار للحيلولة دون إدانة جرائم جيش الاحتلال .

 

في حساب الأرباح والخسائر، يبقى الكيان الصهيوني، بفعلته الشنيعة، هو الخاسر الأول بامتياز، ومعه لكن أقل بكثير أنظمة الجوار العربية، المتضررة من استمرار الانشقاق الفلسطيني، والتي ترى في استقرار الأوضاع الاقتصادية في غزة، قوة لحماس .

 

أما الرابحون فهم كثر . في المقدمة منهم تأتي الحكومة التركية، التي استطاعت تسجيل نقاط عدة لصالحها . فهي أولاً استطاعت إضعاف المؤسسة العسكرية، المؤتمنة على صيانة الإرث الأتاتوركي، وعلمانية الدولة . هذه المؤسسة، التي يمكن أن تعصف في أي لحظة بحكومة أردوغان، كما عصفت بحكومة أربكان في السابق . وقد تناقلت الأنباء، قبل عدة شهور، خبر إلقاء القبض على قادة متنفذين في المؤسسة العسكرية، بتهمة إعداد انقلاب ضد الحكومة المنتخبة، إن التأييد الشعبي العارم، الذي حظي به موقف الحكومة التركية، سيؤدي بكل تأكيد إلى إضعاف المؤسسة العسكرية، وسيمنح قوة للحكومة الحالية .

 

ومن جانب آخر، حققت الحكومة التركية، اختراقات كبرى في البنية النفسية العربية، التي كانت نظرتها سلبية باستمرار، إزاء الدور التركي مع الغرب، وبشكل خاص، الأحلاف العسكرية، التي شيدت في الخمسينيات من القرن المنصرم، بهدف مواجهة الغليان الوطني والقومي، إبان الحقبة الناصرية، وأيضاً تجاه العلاقات التركية “الإسرائيلية” . لقد غسلت قافلة الحرية، كثيراً مما علق في العقل العربي، تجاه المواقف التركية السابقة . وأصبحت شيئاً من الماضي .

 

كما مثلت التطورات الأخيرة، انتقالاً في الموقف التركي، من محاولة أوربة تركيا، وإبعادها عن المحيط الإسلامي، رغم الإذلال الذي واجهته تركيا، في محاولاتها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي . إن هذا الانتقال نحو الشرق والجنوب، سيمنح تركيا قدرات جديدة على المناورة، وسيضيف إلى قوتها، كما أنه سيمنحها ثقلاً كبيراً في العالمين العربي والإسلامي .

 

هناك أيضاً، القضية الفلسطينية، التي كادت أن تحيد، لتصبع مجرد قضية حقوق لأقلية من السكان، وتنسى أبعادها الحضارية، وموقعها في محاولات العرب للتحرر والانعتاق . وللأسف كان الظلم، الذي لحق بها من ذوي القربى، هو الأكثر مضاضة “من جرح الحسام” . لقد أعادت قوافل الحرية، والهجمة الوحشية التي تعرض لها المتضامنون مع شعب فلسطين، إلى الواجهة هذه القضية، على الصعيد العالمي، وطرحت بحدة، أمام الضمير الإنساني قضية الحصار بقوة . وتحول هذا المطلب من محافل حقوق الإنسان، إلى مطلب عام، سوف تتضح معالمه في الأيام القادمة .

ويبقى أن نؤكد، أن قافلة الحرية، قد مثلت أيضاً انتصاراً حقيقياً للضمير الإنساني، ومنحت ثقلاً لا لبس فيه، للتضامن الأممي في سبيل نصرة المظلومين، الواقعين تحت الأسر، لأكثر من أربعة عقود، في وقت أصبح فيه الاستعمار، من مخلفات الماضي . . . وسيكون من ذلك، إن خلصت النيات، الدفع بمسيرة الكفاح الفلسطيني، نحو تحقيق الوحدة الوطنية والاستقلال، وإقامة الدولة الحرة المستقلة .

=====================

كيف قالت تركيا «لا»

الاربعاء, 23 يونيو 2010

قدري غورسيل *

الحياة

قبل التصويت على قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات جديدة على ايران بشهر واحد، لم يكن مطروحاً أن تصوت تركيا ب «لا» على القرار. والتصويت ب «نعم» كان مستبعداً تماماً منذ مدة طويلة. والأتراك كانوا مقتنعين بأن تركيا ستصوت، ويجب أن تصوت على الحياد، أو ترفض التصويت. وقد يقول بعضهم أنه لا فرق بين الأمرين لأن الحياد وترك التصويت مع القرار مؤداهما إحداث شرخ كبير في العلاقات بين تركيا وحلفائها في الغرب، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية. لكن ما لا يدركه بعضهم هو أن التصويت ب «لا» على القرار جعل تركيا تبدو كمن يقف مع ايران من منطلق ايديولوجي أو كمن يدعم سياسات ايران وخططها. وهذا يرتب نتائج جدية وسلبية على علاقات تركيا بالغرب، وعلى كثير من الخطط التركية، بل وعلى علاقات حزب العدالة والتنمية الحاكم بالغرب الذي طالما دعم حكمه وأيده.

والحق أن صانعي السياسة الخارجية في تركيا، والساعين بأيديهم وأسنانهم من أجل حجز مقعد في مجلس الأمن، كانوا يدركون انهم يخوضون اختبار ايران، وكانوا على علم بأنهم قد يقعون في مأزق، وعليهم الانحياز الى طرف. فلعبة العلاقات الجيدة بالأطراف كلها ليست متاحة بعد الآن. والتصويت ب «نعم» مع قرار العقوبات يعني انهيار نظرية «صفر مشكلة» مع الجيران. والتصويت ب «لا»، أو على الحياد يعني ان تركيا تتخلى عن منقلبها الغربي وتحالفها معه. وعلى هذا ربما خرج وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بما وصفه بالموقف الأخلاقي الملزم لتركيا بالتصويت برفض القرار، وذلك انسجاماً مع اتفاق تبادل اليورانيوم الذي يؤكد داود أوغلو أن ايران وافقت عليه في آخر لحظة، مرغمة بعد الحاح تركيا وحملة ديبلوماسية كثيفة. وقد لا يقتنع هؤلاء بأن الجهد الديبلوماسي اقنع ايران. وقد تكون ايران أوهمتنا بأنها اقتنعت بينما هي جرتنا الى هذا الفخ. وعندما بدأ مجلس الأمن يناقش مشروع العقوبات، آذن ذلك بوفاة اتفاق التبادل. فلم يبق هناك الزام أخلاقي باتفاق ميت! ويبقى سؤال واحد مهم لم يجب عنه أحد وهو: لماذا قدم الرئيس أوباما ضمانات خطية، قبل ثلاثة أسابيع من اتفاق التبادل، بقبول اتفاق تبادل 1200 كيلوغرام فقط من اليورانيوم، وليس الكمية كلها، أي قبول صيغة لا تقوي ثقة الغرب بإيران؟ هل هو ثمرة تخبط أميركي أم نتيجة سوء تنسيق؟ والى الآن ترفض واشنطن تفسير هذا الموقف الغريب.

ولعل تحليل داود أوغلو للموقف الأميركي، قبل فرض العقوبات، أشد غرابة. فهو قال، عقب لقائه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ان واشنطن تتوقع رفض طهران اتفاق تبادل اليورانيوم، وفتح باب العقوبات على مصراعيه. وهي فاجأها قبول طهران. فتظهر تركيا وايران وكأنهما في صف واحد، وهما تسعيان لكسر قواعد اللعبة الأميركية. ولعل الموقف الأخلاقي الذي يتحدث عنه داود أوغلو يعني، حقيقة، الوقوف الى جانب طهران التي تجاوبت مع تركيا، ومعاقبة واشنطن التي استخفت بقدراتها.

فهذه سلسلة من الأخطاء وسوء التنسيق أدت بتركيا الى الظهور في موقف حليف إيران والمدافع عنها. وربما تتولى إدارة أوباما، من غير أن تدري، توفير الغطاء (الأخلاقي) لحكومة العدالة والتنمية، وتتيح لها إعلان أجندتها الإسلامية الشرقية من غير حرج.

* معلق، عن «مللييت» التركية 13/6/2010، إعداد يوسف الشريف

=====================

بماذا يبوح «ماكريستال»

الافتتاحية

الخميس 24-6-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

القائد الأميركي لقوات الاحتلال في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال.. مطلوب إلى البيت الأبيض للإجابة عن أسئلة تتعلق بانتقادات له و«تطاول» على الرئيس أوباما ونائبه وغيرهم..

ليس بالضرورة أن ينتهي الاستجواب إلى إقالة الجنرال ماكريستال، لكنه بالحالتين لن يكون أول ضحايا الفشل ولا آخرهم‏‏‏

«تمت إقالته من قبل الرئيس أوباما في وقت لاحق يوم أمس»..‏‏‏

ماكريستال دون أن «أستنظف» نياته، رأى الفشل بعينه فتحدث عنه.. وفشل على هذا المستوى لا بدّ أن يلقي المسؤولية على الإدارة الأميركية السابقة لأنها المتورطة.. واللاحقة لأنها العاجزة عن الحل.. وما ذهب إليه الجنرال الأميركي من تعثر خطة أوباما في أفغانستان، صحيح تماماً، بل مجمل ما بشّر به الرئيس الأميركي.. ابتداء بحرب أفغانستان وانتهاء بسلام الشرق الأوسط، هو متعثر.‏‏‏

ليس بالسهولة تحويل الجنرال ماكريستال إلى ضحية، فالضحية الأولى هو الرئيس أوباما نفسه.. هو شيئاً فشيئاً ينقاد إلى خطط وإجراءات انقاد لها سلفه جسدها على الأرض حروباً وضغوطات ومحاسبات.‏‏‏

الفرق بين الاثنين في اللغة والتهذيب.. أما النيات «..؟!» ربما إلى الآن نلمس نيات أسلم لدى الرئيس أوباما.. ربما نلمسها بسبب اللغة والتهذيب.‏‏‏

يعني إدارة الرئيس أوباما غالباً أقرب للحوار منها إلى الإملاءات مقارنة بإدارة الرئيس بوش، متعظة من أن الإملاءات غير مجدية.‏‏‏

لكن المهم ليس أبداً سلامة «كرسي الجنرالية» لماكريستال.. ولا لغيره، وثمة من سيدفع أثماناً كثيرة على ما جرى في أفغانستان وفي العراق وفي فلسطين.. وفي كل مكان كان الإكراه أسلوب العمل.. المهم هو الذي يجري في أفغانستان.. وفي غير أفغانستان.. في العراق.. في فلسطين.‏‏‏

هل تعتقد الإدارة الأميركية أن في العالم ثمة من لا يشعر بظلال وذيول الفشل هنا وهناك؟! الأمر لا يحتاج جنرالاً قائداً لجيوش الاحتلال.. يحتاج العقل والمنطق والإيمان بحقوق البشر.‏‏‏

ما الذي يجري في أفغانستان..؟! أي جحيم هذا الذي يستمر كل هذه السنين.‏‏‏

ما الذي يجري في العراق..؟! من المسؤول؟!‏‏‏

ثم ثالثة الأثافي.. بل كل الأثافي.. هو ذاك الذي يجري في فلسطين.‏‏‏

ماذا تفعل الولايات المتحدة.. راعية السلام «سلامها منذ مدريد»؟ هل يعقل أن تقزَّم جهودها إلى درجة أن مبعوثها السيناتور ميتشل يشغل ليله ونهاره في التحايل على تنفيذ الإرادة الدولية برفع حصار غزة.. ليخففه عوضاً عن ذلك؟!‏‏‏

إذا كانوا يريدون أن يمرروا صفقة لا نراها.. فقد فضحهم وزير الحرب الصهيوني باراك.. أمس فقط.. حين هدد مرة أخرى باستخدام العنف ضد أي سفن مساعدات تقترب من غزة.‏‏‏

يعني.. شهوة الحصار مازالت قائمة.‏‏‏

والمجتمع الدولي يريد رفع الحصار.. أكثر من ذلك يريد التحقيق الدولي فيما جرى.. هنا أيضاً ثمة محاولات للتحايل ببدائل مرفوضة.‏‏‏

عندما تتورط الولايات المتحدة بهذا كله.. حصار.. ومحاولة إفشال التحقيق الدولي.. والغياب عن عملية السلام..‏‏‏

هل هذا نجاح أم فشل؟!‏‏‏

من أفغانستان إلى العراق ففلسطين.. لا يحتاج إعلان الفشل لكرسي الجنرالية.‏‏‏

=====================

هل تجعل روسيا من سورية بلداً نووياً؟

الاربعاء, 23 يونيو 2010

ديمتري سيدوروف *

الحياة

المحادثات الثنائيّة في دمشق بين الرئيسين، الروسي ديمتري ميدفيديف ونظيره السوري بشار الاسد، هي أبرز منعطفات السياسة الخارجية الروسيّة هذا العام. فالاجتماع أبلغ واشنطن والعواصم الاوروبية ان موسكو لن تتخلى عن اوراقها القديمة في الشرق الأوسط، وأنها مقبلة على تحويل سورية إيران ثانية. ولفتت الزيارة، ومناقشتها بند التعاون النووي، أنظار المراقبين. والبند هذا يميط اللثام عن خطط الكرملين، وتخليه عن دعم السلام بالشرق الأوسط.

ويُحتمل أن تموّل إيران إنشاء محطة طاقة نووية في سورية. وتسانده هذه المنظمات مثل «حزب الله» و «حماس». وقد تتصدر المحطة أولويات ايران. فتعمد طهران الى مساعدة أبرز حلفائها على الحصول على التكنولوحيا النووية، وتهديد اسرائيل والجيران العرب بها.

وتفعيل برنامج إيران النووي هو ثمرة ابرام عقد بناء محطة بوشهر مع روسيا. والى اليوم، لم تتبدد الشكوك حول دور موسكو في نقل التكنولوجيا النووية الحسّاسة الى إيران. وعلى رغم أنّ واشنطن أصابها الدوار جراء تصويت روسيا في مجلس الأمن على فرض عقوبات تافهة في حق إيران، ينبغي ألا يُستهان بمسؤولية الكرملين عن بلوغ الأزمة النووية الإيرانية المطاف الذي بلغته. وبرِع الكرملين في توسل ايران ورقة ضغط على واشنطن. فصفقات منظومات «اسكندر» أو «إس 300» هي رد على نشر نظام الدفاع الصاروخي بأوروبا الشرقية والوسطى. واستغلّت موسكو تعاونها النووي مع طهران في سبيل حمل البيت الأبيض على التوقيع على معاهدة «ستارت 3»، كفّ واشنطن توجيه سهام النقد الى السياسة الداخليّة الروسيّة.

والمفاوضات مع نظام الأسد لبناء محطات طاقة نووية مستمرة على قدم وساق. ولم تحتسب موسكو محاولة دمشق، من طريق التعاون مع طهران وبيونغ يانغ، البدء ببناء منشأة نووية، في 2007. وأقدمت اسرائيل على تدمير المنشأة، وتحقيق الوكالة الذريّة الدولية لم ينجز.

ولا جدوى من رهن موسكو المباشرة ببناء محطة الطاقة النووية في سورية بتوقيع دمشق على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. فدمشق نقلت أسلحة، منها السلاح المضاد للدبابات الروسي «فاغوت»، الى «حزب الله»، في حرب لبنان الثانية. ولا أحسِب أن ثمة من يمكنه ضمان ألا تصدّر التكنولوجيا النووية إلى الخارج، أو تنقل الى «حزب الله». ولا بدّ ان تهب عاصفة من الاحتجاج من البيت الابيض والاوروبيين، تعقيباً على مفاوضات إنشاء معمل الطاقة النووية بسورية، وأن يترتب عليها اجراءات صارمة ضد الكرملين. ولكن شيئاً من هذا لم يحصل بَعد.

* معلق، عن موقع «يجيدنيفني جورنال» الالكتروني الروسي، 16/6/2010، اعداد علي شرف الدين

=====================

ما سبب غياب الديموقراطيّات في العالم العربي؟

الخميس, 24 يونيو 2010

روجر أوين *

الحياة

استقيت عنوان هذا المقال من بحث تمّ نشره حديثاً في «نشرة الديموقراطيّة» للكاتب لاري دايموند، أحد أبرز المستشارين في شؤون الديموقراطية الذين تمّ توظيفهم من قبل سلطة الائتلاف الموقتة في بغداد بقيادة بول بريمر في بداية عام 2004، وهو ايضاً صاحب كتاب «الانتصار المهدور: الاحتلال الأميركي والجهود المتخبّطة لإحلال الديموقراطيّة في العراق» والذي نشر عام 2005. والأكيد أن افكار دايموند تستحق التفكير فيها، وذلك بسبب ما يعرفه وكذلك ما لا يفهمه بطريقة صحيحة. فلا شك في أن موضوعه المتمحور حول غياب الديموقراطيّة، يكتسب أهميّةً بالغة بالنسبة الى كلّ شخص في الشرق الأوسط، لا سيما انه يتمّ قياسه انطلاقاً من عدم إجراء انتخابات لها معنى في أيّ من الدول العربيّة، ما عدا لبنان والعراق.

أصاب دايموند في تحليله لغياب الديموقراطيّة في العالم العربي عندما أشار الى الدور الثانوي الذي يلعبه الدين في ذلك، ما عدا الخوف الحقيقي الذي يسود في اوساط كثيرة من العلمانيين من فوز مجموعة متشددة مثل حركة «حماس» بسهولة في انتخاباتٍ حرة وديموقراطية. والأمر الآخر الذي فهمه دايموند جيداً هو الأهمية الكبرى للدعم الكامل الذي توفره الولايات المتحدة الأميركيّة ومعظم أوروبا للأنظمة العربيّة الأساسيّة مقابل تعاونها في الحرب على الإرهاب. كما أن الكاتب برع في شرح كيفيّة انتقال الطريقة التي تتم بها إدارة عملية الانتخابات والسيطرة على نتائجها من نظامٍ رئاسيٍ عربي الى آخر.

لكن بعض الأفكار الأخرى يحتاج في الواقع الى نوع من الشرح. فالنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المستمر له علاقة بقضية غياب الديموقراطية، غير أنه لا يعود، كما يرى دايموند، الى محاولة الأنظمة صرف الانتباه عن الإخفاقات الحكوميّة، ولكن لأنه يعطي الشرق الأوسط أهميّة متزايدة بالنسبة إلى القوى الخارجيّة. وإذا كان هناك أحد سيستخدم هذا النزاع بغية التغاضي عن غياب الديموقراطيّة في مصر على سبيل المثال، فإن هذا الطرف سيكون من دون شك الولايات المتحدة الأميركيّة.

الى ذلك، اصاب دايموند تماماً في استنتاجه أن التحركات الحديثة نحو ليبراليّة سياسيّة أكبر لا تسير في خط مستقيم، كما كان يأمل المتفائلون، بيد أنها تحركات دوريّة تستخدمها الأنظمة لأوقات محددة في المناسبات، بغية مواجهة الانتقاد والحصول على الدعم العام ومن ثم تتركها بعد تحقيق أهدافها. غير أن الكاتب أخطأ حين زعم أن تلك كانت القصة الحقيقيّة وراء انفتاح مصر في انتخابات عام 2005، لكنني ارى ان الهدف من تلك السياسة كان نوعاً من محاولة منح الشرعية لفريق جمال مبارك.

ويتجلى خطأ دايموند في تأكيده المتكرر في العديد من كتاباته حول العراق، على عدم حصول انتخابات ديموقراطيّة في الشرق الأوسط باستثناء لبنان. وانا أعتقد أن العكس صحيح، فأسلوب الانتخابات الديموقراطيّة الذي كانت تمارسه الطبقات الحاكمة في ظلّ الانظمة الاولى التي حكمت في كل من مصر وسورية والعراق في المراحل الاولى من استقلالها كان هو السبب في تحوّل النخب الفكريّة ضده على الأرض، لأن ذلك الاسلوب كان غير عادلٍ وأدى الى تقسيم فئات المجتمع، كما عجز كليّاً عن تلبية الاحتياجات الضخمة التي خلّفتها مواجهة إسرائيل والغرب في مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الثانيّة. أمّا في ما يتعلّق بالمديح الذي أغدقه دايموند على الديموقراطية في لبنان، وحديثاً في العراق المعاصر، فيعود ذلك الى الحاجة الخاصّة في البلدين الى ترتيب الوضع الطائفي في كل منهما، وهو ما أبقى عملية التنافس في الانتخابات قائمة، الى جانب خوف كل الأطراف من قيام دولةٍ قويّةٍ وبالتالي من رئاسةٍ قويّة، وهي كلها شروط لا تنطبق على الإطلاق على مصر وسورية وتونس على سبيل المثال.

لكن أهم ما في الأمر أن دايموند، وأثناء بحثه عن الاستثناءات العربية، أغفل الأهميّة المركزيّة الكامنة وراء وجود رؤساء مدى الحياة في شمال أفريقيا، وحتى في جيبوتي في الوقت الراهن وفي بعض أجزاء المشرق العربي، ما أدى الى تحوّل الأنظمة الاستبدادية الى إقطاعيات شخصيّة لرجال مصممين على التشبث بالسلطة بأيّ ثمن، وفي بعض الحالات على توريثها الى أبنائهم. ولا يوجد مكان آخر في العالم تُحكم فيه دول اساسية بهذه الطريقة. ولا يوجد مكان آخر في العالم تتغيّر فيه السياسة، أو كما يقول دايموند القدرة السياسيّة على صناعة التسلّط، فتصبح مرتبطة بعملية الخلافة في منصب الرئاسة.

أما بالنسبة الى المستقبل، فيأمل دايموند بأيامٍ أفضل على ثلاثة أصعدة. أولاً: وتذكيراً بعمله في العراق، على نشوء ديموقراطيّة واحدة في المنطقة يمكن أن تكون نموذجاً للديموقراطيين في الدول الأخرى. من الجميل أن يحصل ذلك ولكن أين؟ ثانياً: أن يحصل تغيير في سياسة الولايات المتحدة الأميركيّة نحو تقديم مساعدة عمليّة وواسعة والتشجيع على الإصلاحات الديموقراطيّة والحض عليها. وفي رأيي الخاص، أعتقد أنه تمّ تطبيق هذه المقاربة مسبقاً ولم تصب سوى في مصلحة بعض المنظمات غير الحكوميّة فحسب وفي بعض الأحيان في مصلحة الأنظمة نفسها. من الأفضل عدم الادعاء أن أحداً في موقع السلطة في أي نظام عربي يولي اهتماماً ولو ضئيلاً بالانتخابات الحقيقيّة وبالمسائل المرتبطة بها، كاستقلاليّة القضاء مثلاً أو شفافية العمل الحكومي.

أما عامل التغيير الثالث المرتبط ارتباطاً وثيقاً، بحسب دايموند، بالحكمة التقليديّة حول التأثير السلبي لما يسمى الدولة الريعيّة، فهو الانخفاض الكبير والمستمر لسعر النفط. ربما يكون محقاً في ذلك. غير أن ذلك يبدو غير قابل للحدوث أو أنه غير قادر على تحقيق النتائج التي يتصوّرها. وفي الواقع يتضح من خلال التجربة الحديثة أن بعض الأنظمة كتلك المتواجدة في سورية ومصر وتونس وليبيا واليمن سيكون في وضعٍ جيّد لمواجهة عاصفةٍ مماثلة بصرف النظر عن الحجم الهائل للمعاناة الشعبيّة الذي ستسبب به.

أعتقد أن من الأفضل لخبراء السياسة تمضية الوقت في تحليل طبيعة الأنظمة الرئاسيّة العربيّة بحدّ ذاتها وفي تحليل إمكانيّة حصول نزاع بين أجزائها المكوّنة كالجيش والجهاز الأمني وحلفاء الرئيس من أصدقائه الرأسماليين، وما الى ذلك. وسيكون من الأجدى أيضاً السؤال عمّا إذا كانت النخب العربيّة لن تقتنع في نهاية المطاف بعدم فعالية نظامٍ يعتمد اعتماداً كلياً على صحة ورفاه رئيس عزم على الموت في منصبه، بينما يحرص على استمرار نظامه كما هو عليه بعد رحيله. بالتأكيد سيشكّل ذلك سبيلاً إلى الركود والى تأخير عجلة الإصلاحات الاقتصادية، وليس فقط الى الغاء الاهتمام بالسياسة من اذهان الجزء الأكبر من الناس، بل الى إحباط الإبداع والمغامرة أيضاً، كي لا نتحدّث عن احباط الأمل كذلك.

* اكاديمي بريطاني - جامعة هارفارد

=====================

العراق ... بين كارثتي دخول اميركا وانسحابها !

المستقبل - الخميس 24 حزيران 2010

العدد 3691 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

دخل الاميركيون الى العراق من دون خطة واضحة المعالم، اقله على الصعيد السياسي. اعتقدوا ان العراقيين سيتحولون الى شعب مسالم ويقيمون نظامهم الديموقراطي بمجرد التخلص من "نظام المقابر الجماعية" الذي كان يرمز اليه صدام حسين. هل يخرجون من العراق في عهد باراك اوباما بطريقة افضل من تلك التي دخلوا بها ام يتسببون بكارثة اكبر من تلك التي تشهدها المنطقة حاليا في ضوء المغامرة التي اقدم عليها جورج بوش الابن؟

ما هو ملفت في المرحلة الراهنة، ان استمرار موجة العنف في العراق والعجز عن تشكيل حكومة جديدة، على الرغم من مرور ما يزيد على ثلاثة اشهر ونصف الشهر على الانتخابات، يشيران الى وجود مخاطر جدية على وحدة البلد في المستقبل القريب. ما على المحك يتجاوز تقسيم العراق. الخطر الذي يتحدث عنه مقيمون في بغداد غادروها حديثا يتعلق بعدم وجود من هو قادر على الحؤول دون نشوب حروب اهلية بعد الانسحاب العسكري الاميركي من البلد السنة المقبلة. نعم، الخوف هو من حروب اهلية وليس من حرب اهلية نظرا الى ان الانقسامات بين العراقيين باتت كبيرة وعميقة ولم يعد هناك قاسم مشترك يوحد بينهم، حتى بين ابناء المذهب الواحد او القومية الواحدة او المنطقة الواحدة. لم تعد الانقسامات على اساس المذهب او القومية. هناك مواجهات حادة بين الشيعة انفسهم وهناك تناحر بين السنة العرب كما الحال في محافظة الانبار مثلا حيث الوضع مثير للقلق.

ما تعرض له المصرف المركزي اخيرا، لم يكن حدثا عابرا. يعكس الهجوم الاخير الذي استهدف المصرف المركزي في بغداد فشلا على كل المستويات في اعادة بناء المؤسسات والاجهزة الامنية. الدليل على ذلك ان عشرات المسلحين هاجموا المصرف المركزي واشتبكوا مع العناصر التي تتولى حمايته. استمرّت المعركة ساعات عدة واختلط الحابل بالنابل على الرغم من ان المصرف يقع في منطقة خاضعة لكل انواع الحمايات. من اين جاء هؤلاء المسلحون؟ كيف دخلوا المنطقة الامنة في بغداد؟ من سهّل عملية اقتحامهم للمصرف المركزي؟ هل صحيح انهم من "القاعدة"؟

لا وجود لاجابات عن هذه الاسئلة على الرغم من مرور وقت كاف لاجراء تحقيق في ملابسات الهجوم الذي يكشف مدى التدهور الامني في بلد كان الى ما قبل بضع سنوات مثلا يحتذى به في مجال السيطرة على الوضع الداخلي. هذا لا يعني من دون ادنى شك الترحم على النظام السابق، الذي كان لا بدّ من اسقاطه نظرا الى الخطر الذي كان يشكله على المنطقة وعلى العراقيين انفسهم. لكن ما لا مفرّ من الاعتراف به في الوقت ذاته، ان الذين حلوا مكان صدّام حسين ونظامه العائلي- البعثي لم يتمكنوا من اقامة نظام افضل على اسس ديموقراطية. كل ما في الامر ان الذين في السلطة حاليا يقلدون صدّام بطريقة او بأخرى رافضين تسليم الموقع السياسي الى الفائز في الانتخابات وذلك استنادا الى ما هو معمول به في الدول التي فيها تداول سلمي للسلطة... او حد ادنى من التقاليد الديموقراطية واحترام للدستور المعمول به.

لا يعود الخوف على العراق الى التدهور الامني والعجز عن تشكيل حكومة فقط. وقد عبر عن التضايق الاميركي من هذا العجز اضطرار جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية الى المجيء الى بغداد في محاولة لتدوير الزوايا وايجاد مخرج من الازمة السياسية التي يعاني منها البلد. الخوف الكبير من السياسة الاميركية التي باتت تعتبر الانسحاب العسكري من العراق هدفا في حد ذاته. يخشى ان يرتكب باراك اوباما خطأ في مستوى الخطأ الذي ارتكبه جورج بوش الابن لدى احتلاله العراق او اكبر منه. ارسل بوش الابن الجيش الاميركي الى بغداد واسقط النظام الذي لم يجد من يدافع عنه. كان يحلم بقيام دولة ديموقراطية تكون مثالا يحتذى به في المنطقة. لم يدرك بوش الابن ان ليس في الامكان اقامة نظام ديموقراطي بالاعتماد على احزاب مذهبية لديها ميليشيات مسلحة مدرّبة في ايران. الان، يعتقد اوباما ان في الامكان احتواء الوضع العراقي وان المطلوب، قبل اي شيء اخر، احترام مواعيد الانسحاب الاميركي منه والتركيز في المقابل على افغانستان.

ما يفترض ان يكون راسخا في ذهن اي مسؤول اميركي ان الوجود العسكري الاميركي هو الذي يحول دون الحروب الاهلية في العراق. اذا استثنينا المنطقة الكردية، لا يمكن الحديث عن رقعة امنة في العراق. في حال انسحب الاميركيون معتقدين ان في استطاعتهم الخروج بهذه السهولة من المأزق العراقي، سيواجهون وضعا لا يقل خطورة عن افغانستان وباكستان. بكلام اوضح، ان الانسحاب من العراق على مراحل مع التركيز على احترام المواعيد المعلنة هو الطريق الاقصر الى كارثة اكبر من تلك التي تسبب بها الاحتلال الاميركي للبلد واقامة نظام مبني على المحاصصة بين الطوائف والمذاهب والقوميات. سيرتكب الاميركيون عندئذ خطأ جسيما في ضوء الوضع السائد بالبلد. هناك حاجة الى ان يأخذ الاميركي وقته وان يتحمل مسؤولية ما قام به في العراق لا اكثر ولا اقلّ بعيدا عن الهموم الداخلية لادارة اوباما...

هذه ليست دعوة الى بقاء الجيش الاميركي. الاحتلال بغيض. كل احتلال بغيض. ولكن ليس مسموحا ان يرتكب الاميركيون ما ارتكبوه في العراق ابتداء من العام 2003، ثم يعالجون المأساة بمأساة اكبر عن طريق الانسحاب العشوائي بحجة احترام الرئيس اوباما وعوده للاميركيين. العراق بكل بساطة، لا يتحمل مثل هذا الانسحاب الذي سيفتح الابواب امام كل ما من شأنه تشرذمه وتحوله الى صومال اخر... مع فارق ان في الاراضي العراقية ثاني اكبر احتياط نفطي في العالم، اضافة الى ان الموقع الجغرافي للعراق مهم الى درجة ان كل النظام الاقليمي سيصبح مهددا. ما الذي ستفعله ادارة اوباما لتفادي الكارثة؟ ام ان احترام المواعيد اهم من مستقبل العراق والمنطقة؟

=====================

مشاكل أوباما من الخليج إلى الخليج

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

6/24/2010

لا أدري إن كان باراك أوباما أسوأ الرؤساء الأميركيين حظا، أم أنها طبيعة الوظيفة الرئاسية، حيث تتقاطع المصالح الضخمة في الداخل، وتتعارك القوى حوله في أنحاء العالم. الرجل غارق اليوم في لجة من المشاكل تهدد حكمه وهو لم يكمل بعد نصف الأربع سنوات الرئاسية. فقد ورث، فور تسلمه الرئاسة، أخطر أزمة مالية في تاريخ الولايات المتحدة، وورث ثلاث حروب كبيرة في العالم، العراق وأفغانستان و«القاعدة»، وتزامن عهده مع اقتراب ساعة الصفر النووية في إيران، التي تلزمه، أكثر مما ألزمت من سبقه من الرؤساء الأميركيين، باتخاذ قرار مصيري بمواجهة طهران أو مهادنتها. وهذا أخطر قرار سيتخذه منذ عهد الرئيس الراحل جون كينيدي في أزمة الصواريخ الكوبية قبل نحو نصف قرن تقريبا.

الرئيس غارق حتى أذنيه من مياه الخليج العربي إلى مياه خليج المكسيك، حيث أكبر تلوث بيئي في تاريخ الولايات المتحدة. صارت ماسورة النفط المكسورة أخطر على أوباما من المفاعلات النووية الإيرانية. فهذه الماسورة، التي استهان بأمرها الجميع في البداية، تهدده بخسارة الانتخابات النصفية الوشيكة، حيث أشارت الاستفتاءات إلى أنها أفقدته معظم مؤيديه، وأشعلت الانتقادات ضده. وهو بدوره نقل المعركة ضد شركة «بي بي» البريطانية.

وحظه ليس بأفضل من حظ سلفه جورج بوش، فأحد أكبر جنرالاته المزين صدره بالنياشين، ماك كريستال، فتح النار عليه في خروج غير مألوف من عسكري، أول واجباته أن يطيع الأوامر لا أن يهاجمها. ماك كريستال في مقابلة صحافية نقل المعركة من أفغانستان إلى واشنطن، انتقد استراتيجية الحرب التي وضعها أوباما ووصفها بأنها سبب الإخفاقات، لتذكر بالمصاعب التي كان يواجهها بوش في العراق من قبل.

أما في الشرق الأوسط، حيث لا يدوم الحب طويلا، فقد خسر أوباما الكثيرين بعجزه عن دفع مشروع السلام بسبب بيبي نتنياهو الذي نثر المسامير في طريق موفده للمفاوضات. ثم خرج عليه أردوغان، رئيس وزراء تركيا، ليخلط الأوراق.

ولا ندري إن كانت انشغالات أوباما الداخلية أم أسلوبه المفرط في النعومة مع دول المنطقة، هو سبب إخفاقاته في منطقتنا، لكن الناس عادة لا تبالي بالأسباب بل تنظر إلى النتائج، وهي لا تبشر كثيرا. خصومه كثر من ماك كريستال الأميركي، إلى «بي بي» البريطانية، وبيبي الإسرائيلي، وأردوغان التركي، ونجاد الإيراني.

وبسبب غرق أوباما في البقعة النفطية، وتورطه في كهوف أفغانستان، فإن القليلين يشكرونه على الانتصار المهم ضد النظام الإيراني. فهو نجح في حشد التأييد العالمي ضد إيران وتمرير العقوبات في مجلس الأمن، فسجل بذلك هدفا رائعا في مباراة طويلة مع النوويين الإيرانيين.

ومع أن انتباهنا محصور فقط في القضايا الخارجية، فإن الرئيس لا يستطيع أن يتقدم كثيرا في أي شأن خارجي إذا خسر شعبيته في الداخل. فالانتخابات النصفية الوشيكة للكونغرس ستحدد مصير الرئيس، فإن خسر رفاقه في الحزب الديمقراطي فهذا سيعني عمليا أنه لن يستطيع أن يفعل الكثير في السنتين اللاحقتين. ربما لا يكون هناك مشروع دولة فلسطينية، ولن يكون هناك سلام، وقد يسقط العراق في يد الإيرانيين، وستزيد المنظمات الإرهابية والجماعات المتطرفة وتيرة العنف في منطقتنا. سيشعرون أن ساكن البيت الأبيض بات عاجزا عن التقدم في أي اتجاه، لكن إن كسب حزبه الانتخابات النيابية المقبلة فهذا سيمنحه فرصة أخرى لإدارة العالم كما يريد

=======================

بين «اليمين» و«اليسار» ضاعت الحقوق المدنيّة للفلسطينيّين في لبنان

وليد سروجي

الأمان 24/6/2010

عادت مفردات «اليمين» و«اليسار» تتردَّد في آخر جلسة تشريعية للمجلس النيابي في لبنان، بعد أن هُجرَت هذه اللغة التي سادت سحابة عقود الحرب اللبنانية وما سبقها. وإذا كانت كلمة «اليمين» تنطوي على مذهب سياسي يرمي للحفاظ على تقاليد المجتمع وهويته، بعكس نقيضها -اليسار- الرَّامي إلى العالمية وتغيير قيم المجتمع، وينادي بالحرية والمساواة؛ فإنَّ اليمين في لبنان يرمز إلى القوى المسيحية، واليسار يرمز إلى القوى المسلمة، دونما التفات إلى المعاني المتقدِّمة، فاندلعت الحرب الطائفية على هذا الأساس.

فهل معنى ذلك أن الصراع السياسي الناشب منذ خمس سنوات قد تغيَّرت ملامحه ليعود صراعَ «يمين» و«يسار»، أو صراعاً إسلامياً - مسيحياً، لا سيما أن الخلاف التشريعي في المجلس النيابي حول إعطاء الحد الأدنى من الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين فرزَ النواب إلى مسلمين «مع» ومسيحيين «ضدّ»، ولم تنفع «مَونة» رئيس الحكومة سعد الحريري على حلفائه المسيحيين بل وبعض نواب كتلته، كما لم يلتفت نواب التغيير والإصلاح إلى حليفهم حزب الله، وكان حسمٌ وجزمٌ انتهيا بإحالة اقتراحات القوانين التي تقدم بها النائب وليد جنبلاط، بصفة المعجَّل المكرَّر، إلى لجنة الإدارة والعدل، على أن تعود إلى الهيئة العامة في غضون شهر.

هذه القوانين تدعو إلى إعطاء الفلسطينيين حق التملك في لبنان، وإدخالهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وإعطائهم حق العمل.

إنَّ أحقيّة هذه المطالب لا تحتاج للتدليل، وإنما الخلاف حول مؤدَّاها وتفسيرها؛ «اليمين» يخشى انتهاءها بالتوطين، فيما يُسجَّل للرئيس الحريري إصراره على طابعها المدني والإنساني، بل ذهب أكثر من ذلك حين قال مستفيداً من منطق الطيّب أردوغان: «في لبنان ثمة من يخرج في رحلات بحرية لفكِّ الحصار عن الفلسطينيين في غزة، ولكن قد يأتي يوم نرى فيه العالم يتوجَّه إلى لبنان لفك الحصار عن الفلسطينيين المقيمين فيه». واعتبر أن «عدم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم هو استثمار في أكبر مشروع إرهابي في المستقبل».

لا يستقيم في أي حال من الأحوال أن تكون كرامة الفلسطيني نقطة خلاف، أو عنواناً لتمييز ثقافي، وإن الأصوات الناشزة التي تُزكم الأنوف بعُنصريتها، ينبغي أن تخفُت، كوصف وزير السياحة السابق نقولا فتوش للفلسطينيين «بالنفايات البشرية»، كما أننا لا نرتضي كلام النائب شمعون بأنَّ «الفلسطينيين صرفوا أموالهم لشنِّ الحرب على اللبنانيين، وبالتالي لا يحق للمسؤولين المتاجرة بهذا اللاجئ حتى يشعر الناس بالشفقة تجاهه».

إنَّ نحو أربعمائة ألف فلسطيني من حقِّهم أبسط مقومات العيش من سكن وعمل وطبابة، ولم يعد جائزاً الإبقاء على القوانين الجائرة التي تنظِّم وجودهم في لبنان؛ حيث إنها تمنع عليهم حقَّ الإقامة والتنقُّل والعمل، وإقامة المؤسسات الخاصة، وحق العمل النقابي، وحق الملكية وغيرها.

ولبنان محكومٌ بالاتفاقيات العربية والدولية التي تُقرُّ هذه الحقوق، كاتفاقية جنيف (1951) التي أعطت اللاجئين في المادة «24» منها، حقَّ الاستفادة من الامتيازات التي يستفيد منها الرعايا الوطنيون، كالضمان الاجتماعي، والأجور والتعويضات العائلية، ومدة ساعات العمل.

وحتى على الصعيد العربي, فقد نصَّ بروتوكول الدار البيضاء الذي صدر في أيلول 1965 عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب في فقرته الأولى، على أن «يعامَل الفلسطينيون في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملةَ رعايا الدول العربية، في سفرهم وإقامتهم وتيسير فرص العمل لهم، مع احتفاظهم بجنسيتهم الفلسطينية», ولبنان من الدول الموقعة على هذا البروتوكول.

وبمقارنة قريبة بين لبنان وسوريا، فإننا نجد أن القوانين السورية قد أمدَّت اللاجئ الفلسطيني بما يحفظ حقَّه بالعيش الكريم، فقد جاء القانون رقم «260» لعام 1956م ليتضمَّن نصّاً واضحاً يساوي الفلسطينيين المقيمين في الأراضي السورية بالمواطنين السوريين، بحقوق: التوظيف، والعمل، والتجارة، وخدمات التعليم، وعضوية النقابات، عدا المشاركة في السياسة العامة (كالترشيح والانتخاب) ، لكنها لا تسمح للفلسطينيين بامتلاك أراض زراعية أو أكثر من مسكن واحد.

ثم إننا لا نُنكر أنَّ العلاقات اللبنانية الفلسطينية تاريخياً شابَها الكثير، وهي تحتاج فوق القوانين إلى جهد إعلامي وثقافي لتجاوز رواسب الماضي وأدرانه (لا سيما أن التوطين مرفوض من الجانبين في النصوص والنفوس) والعمل على إعادة اللحمة والدفء لأواصر الأخوَّة بين الفريقين، اللذين يعانيان من عدوٍّ صهيوني واحد لم يميِّز في أذاه وتوسُّعه بينهما.

لقد ربطَتْ بعض القيادات بين إقرار الحقوق وسحب السلاح الفلسطيني، وبعضها طلبت التريُّث للدرس، وشكَّكتْ في أسلوب تهريب القوانين المقترَحة، وإذا كان الشقُّ الآخر يمكن تفهُّمه، لكن لا يمكن تفهُّم ولا قبول ربط مسألة السلاح بإقرار الحقوق المدنية، لأنه المنطق نفسه الذي تستعمله إسرائيل في حصار غزة. العنوان السياسي شيء والعنوان الإنساني شيء آخر، والعقاب الجماعي مرفوض في كل الشرائع والأعراف.

=========================

الوثيقة السياسيّة للجماعة الإسلاميّة..رؤية متجدّدة لواقع لبنان في محيطه العربيّ

وائل نجم

الأمان 24/6/2010

اختتمت الجماعة الإسلامية مؤتمرها التنظيمي العام قبل ايام، وكانت جلسة الختام عصر الخميس الماضي بحضور كوادر وقيادات الجماعة المركزية والمناطقية، وقد شارك هؤلاء جميعاً مع قيادات أخرى في أعمال المؤتمر العام الذي تمخض عنه مكاتب إدارية جديدة وقيادات شابة، كما تمخض عنه وثيقة سياسية هامة اطلقها الأمين العام للجماعة بحضور القيادة والكوادر في مؤتمر صحفي مفتوح، وبحضور الفائزين في الانتخابات البلدية والاختيارية على لوائح الجماعة، وشكل اطلاق هذه الوثيقة حدثاً بارزاً، إذ ان الجماعة نظّمت مؤتمرها العام واطلقت وثيقتها السياسية بعد غياب امينها العام السابق الشيخ فيصل مولوي بسبب المرض.

وكانت الجماعة قد نظمت منذ عدة سنوات مؤتمراً جمعت فيه أكثر من مئتين وخمسين شخصية بارزة في الوسط الاسلامي السني في لبنان، مثلت جمعيات وهيئات أهلية، وجامعية وأكاديمية، فضلاً عن شخصيات سياسية بارزة، وقد اصدر ذاك المؤتمر في حينه وثيقة هامة تحت عنوان «الميثاق الاسلامي في لبنان» حمل توجه الموقّعين عليه فكرياً وسياسياً وفقهياً في الساحة اللبنانية؛ إلا ان ذاك المؤتمر، والميثاق الذي تمخض عنه، وعلى اهميته، لم يكن وثيقة تنظيمية صادرة عن الجماعة الإسلامية كحركة اسلامية لبنانية لها علاقاتها في العالمين العربي والاسلامي، وكجزء من الحركة الإسلامية العالمية وباسمها فقط، إنما كان وظل يعكس توجه الذين وقعوا عليه ومنهم الجماعة الإسلامية.

أما اليوم فالوثيقة السياسية التي اطلقتها الجماعة الإسلامية في ختام مؤتمرها العام، هي بمثابة وثيقة تنظيمية صادرة عن المؤتمر العام الذي شارك في قراراته كل مكاتب ولجان وفروع الجماعة، وحتى معظم العناصر المنتظمة في صفوفها، وهو خلاصة تجربة تمتد لأكثر من خمس وأربعين سنة عُمْر الجماعة الرسمي في الساحة اللبنانية؛ فضلاً عن ان الوثيقة تعتبر بمثابة بطاقة الهوية السياسية التي تتقدم بها الجماعة، ليس إلى جمهورها وعناصرها فحسب، بل ايضاً إلى الساحة اللبنانية التي تعيش حالة تنوّع واضح وكبير.

لقد قدمت الوثيقة السياسية الجماعة كحركة منظمة واضحة إلى جميع اللبنانيين، وواضحة ايضاً في نظر وصفوف أفرادها، صريحة في نظرتها وتطلعها لمستقبل لبنان والمحيط العربي. كذلك فإنها قدمتها كحركة تؤمن بالحوار كمدخل واساس لعملية الاصلاح التي تنظر الجماعة إليها على انها اساس العمل السياسي والدعوي والفكري، وباعتبار انها حركة اصلاحية تطمح إلى إصلاح معظم المظاهر التي ترى فيها فساداً أو خللاً يؤذي المجتمع.

لقد انطلقت وثيقة الجماعة السياسية في بعض مفاصلها من «الميثاق الاسلامي في لبنان» وخاصة لجهة اعتماد الحوار والكلمة الطيبة في الاصلاح، واعتماد الاساليب التي تنطلق من نبذ العنف في عملية الارتقاء بالمجتمع نحو الافضل، واعتبار العيش المشترك اساساً للحفاظ على الاستقرار والسلم الاهلي في لبنان، كما اكدت روحية الوسطية والانفتاح في مقدمتها باعتبار ذلك يمثل حقيقة الاسلام الوسطي المعتدل والمنفتح الذي يتيح التفاهم والتكامل والتعاون من اجل اسعاد البشرية.

إلا ان الوثيقة السياسية للجماعة، فضلاً عن انها أكدت وكرست بعض المفاهيم السياسية التي وردت في « الميثاق الاسلامي» أكدت ايضاً قضايا سياسية اخرى باتت ملزمة للجماعة ويمكن محاسبتها عليها.

فقد اعتبرت الوثيقة لبنان وطناً لكل ابنائه وان نظامه السياسي يتيح للجميع التكامل والتعاون في ما بينهم من اجل الارتقاء بهذا الوطن إلى الافضل، وأكدت أن وثيقة الوفاق الوطني ( الطائف) هي الدستور الذي ينبغي استكمال تطبيقه من جهة، وعدم الاخلال به من جهة أخرى. ورفضت الاخلال بالتوازن القائم، حتى لا تطغى فئة على اخرى، وبالتالي فقدان هذه الصيغة. إلى ذلك أكدت الوثيقة وحدة الساحة الوطنية، ووحدة الساحة الإسلامية ايضاً ورفض كل اشكال الاقتتال الداخلي، والاحتكام إلى القضاء في المنازعات وإلى المؤسسات الدستورية عند الخلافات بعيداً عن كل اشكال التخويف والترهيب.

من ناحية أخرى رأت الوثيقة ان العدو الوحيد لكل اللبنانيين هو «الكيان الاسرائيلي» الذي يحتل جزءاً من الاراضي اللبنانية، فضلاً عن فلسطين المحتلة، بالإضافة إلى أطماعه في لبنان، وما سوى ذلك تنظر الجماعة إليه باعتباره صديقاً أو حليفاً او منافساً سياسياً تحتكم في منافستها معه إلى الاطر والاعراف الدستورية.

المقاومة والجهاد في نظر الوثيقة السياسية السبيل الاساسي لاستعادة الحقوق وردع المعتدين، ومن هنا أكدت الجماعة تعزيزها وإشراك كل اللبنانيين فيها بعيداً عن منطق الاستئثار والغلبة والتوظيف السياسي، وطالبت بإخراج المقاومة من هذا البازار وتشكيل اوسع احتضان شعبي لها.

وأما في العلاقة مع المحيط العربي، فالوثيقة نظرت إلى لبنان كجزء من المحيط العربي مع احترام بعض الخصوصيات، وبالتالي فقد دعت إلى افضل علاقات مع هذا المحيط، ولا سيما سوريا، في حين انها افردت فصلاً كاملاً للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين، ومن ضمن القضية العامة تحدثت عن قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فدعت إلى انصافهم ومنحهم حقوقهم الطبيعية مع رفض التوطين.

الوثيقة السياسية التي اطلقتها الجماعة جعلتها تقدم نفسها بصورة واضحة أمام اللبنانيين، وبالتالي بات هؤلاء غير معذورين في نظرتهم إليها، إلا ان الشيء الاهم والابرز انها لم تعد ملكاً للجماعة فقط في الساحة اللبنانية، وإن كانت ملزمة لها فقط، بل باتت ملكاً لكل هذه الساحة التي تمثلها.

============================

هل تفعلها السفن؟!

الكاتب : جورج حاجوج

سورية الغد 24/6/2010

لم يستطع العالم كله، وعلى مدى سنوات، فك الحصار "الإسرائيلي" على قطاع غزة، لا كلياً ولا جزئياً.. لم تجدِ نفعاً لا الإدانات ولا المطالبات ولا الضغوطات "الهوائية" ولا المناشدات في فعل ذلك أبداً، بل على العكس، ففي مقابل هذا، تمادت "إسرائيل" أكثر وأحكمت الطوق على القطاع وارتكبت مجازرها، على مرأى من الجميع، في عدوانها على قطاع غزة أواخر العام 2008 ومطلع العام 2009 في رسالة وقحة مفادها أن ابحثوا عن حلول أخرى لفك الحصار، ولا يخفى أن الحلول التي كانت تطالب بها "إسرائيل"، وما زالت، تعني بكل بساطة القضاء على الخط المقاوم في غزة خصوصاً وفلسطين عموماً، وهذا ربما كان سينسحب على لبنان لاحقاً، ومن ثم في مرحلة تالية إسقاط آخر الأوراق التي تزعج "إسرائيل" في المنطقة.

لم تكن "إسرائيل" تتوقع أن هناك من سيجد حلاً آخراً كما تطالب، ولكن ليس على الطريقة "الإسرائيلية، إنما على الطريقة التركية.

وحده أسطول الحرية استطاع أن يضع "إسرائيل" في موقع لا تحسد عليه أبداً.. وحده استطاع وبعد مضي سنوات على الحصار الخانق أن ينقل ملف غزة إلى مختلف طاولات الحوار، وأن يزعزع الحصار، بعيداً عن السياسة والدبلوماسية والأمم المتحدة ومناشداتها ورجاءاتها الخجولة، وبعيداً عن الجيوش والدبابات والمدافع والبنادق!.

وحده أسطول الحرية الذي حمل على متنه نشطاء ومدنيين من 40 دولة، استطاع أن يخلخل الجدار الحديدي المفروض على غزة.. والأهم أنه استطاع أن يفتح معبر رفح المغلق من الجهة المصرية!!.

"إسرائيل" تطرح اليوم أفكاراً مشوشة ومرتبكة وغير واضحة عن فك الحصار جزئياً، الأمر الذي لم تكن لتقبله قبل أن يطل برأسه أسطول الحرية، وقبل أن تصل أصداؤه وأصداء الاعتداء "الإسرائيلي" عليه إلى كل أصقاع الأرض، ويسبب كل هذا الحرج والإرباك بالنسبة ل "إسرائيل".

صحيح أن "إسرائيل" ما تزال محافظة على منطق دولة العصابات وترفض تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جريمة الاعتداء على الأسطول وسقوط المدنيين بفعل إرهاب الدولة الذي مارسه جنود الاحتلال.. وصحيح أنها ما زالت تمارس سياسة الكذب والتلفيق وتخدع العالم وتتحداه على طريقة "العاهرة" التي تتحدى سكان الحيّ.. وصحيح أن رئيس أركان جيش الاحتلال كرّم بوقاحة الجنود "الإسرائيليين" الذين شاركوا في الجريمة.. لكن الصحيح أكثر أن أن أسطول الحرية فعلها ودفع الحكومة "الإسرائيلية" إلى تخفيف الحصار عن قطاع غزة حتى ولو كان ذلك من باب تخفيف الضغط الدولي على "إسرائيل"، وحتى لو كان هذا التخفيف من جهة أخرى لا يفي بغرض رفع الحصار كلياً ليعيش أهل غزة كما يعيش باقي البشر.

اليوم تتحضر سفينتا "مريم" و "ناجي العلي" لكي تحذوا حذو أسطول الحرية، إضافة إلى أسطول آخر وسفن أخرى يجري تحضيرها للتوجه إلى غزة في فترات لاحقة، على الرغم من استمرار تصاعد التهديدات "الإسرائيلية" في التصدي بكل الوسائل والسبل لمنع هذه السفن من الوصول إلى غزة.

فهل تفعلها السفن وتكمل ما بدأه أسطول الحرية، وتحقق ما عجزت عنه كل الأساليب الأخرى التي كانت تستمرئها وتستسيغها "إسرائيل"؟.. ما فعله أسطول الحرية ينبئ بأن هذه السفن لا بد ستفعلها، وتكون الحل البديل الذي لا ترغب به "إسرائيل"!!.

========================

"العربية ..لغة وهوية"

ملحق الدستور الثقافي

25/6/2010

خصص ملحق الدستور الثقافي كامل صفحات عدده الصادر يوم الجمعة 25 حزيران للغة العربية تحت عنوان: "العربية ...لغة وهوية"، وقد اشتمل العدد على حوار مع الدكتور ناصر الدين الأسد، قال فيه إن اللهجات العاميّة هي لغة عربية والاختلاف بين الفصيحة والعامية هو في طريقة النطق وعدم التزام العاميّة لحركات الأعراب في أواخر الكلمات، وأن اللغة العربية قادرة على مسايرة العصر واستيعاب علومه والتعبير عنها.

 وكتب في العدد المفكر المصري الدكتور حسن حنفي عن اللغة ووحدة الوطن والدكتور أحمد برقاوي أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق عن اللغة كهوية، وكذلك فعل الناقد د. ضياء خضير استاذ الأدب في جامعة صحار بسلطنة عمان، والذي كتب عن تعليم العربية في عصر العولمة، وتحدث الناقد د.ابراهيم خليل الأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز في السعودية، عن أخطاء النقاد، والناقد فخري صالح عن ثورة اللغة، والدكتورة رشأ الخطيب الباحثة المقيمة في الإمارات عن تعليم العربية في اكسفورد، وكتب الدكتور محمد خاقاني إصفهاني، أستاذ اللغة العربية في جامعة أصفهان دراسة معمقة عن تطوير العربية وتطبيق مناهج التدريس الحديثة عليها.

وكتب عثمان سعدي رئيس جمعية حماية اللغة العربية في الجزائر، عن اللغة العربية في شمال افريقيا والصراع الذي تخوضه ضد اللغة الفرنكفونية، وكتب حسن بويخف عضو جمعية حماية اللغة العربية في المغرب، عن الساعين الى قتل العربية، وكتب صبحي حديدي مقالة عن ترجمة منير العكش لقصائد محمود درويش إلى اللغة الانجليزية، وكتب جلال برجس عن جمالية الخط العربي، كما كتب نضال القاسم عن احسان عباس شيخ النقاد الذي اختط منهجا لغويا في كل كتاباته.

كما كتب الدكتور عودة الله منيع القيسي عن اعجاز اللغة العربية، وعن حضورها اليوم على الرغم من كل مايقال عن تراجعها، كما كتبت الناقدة د. مريم جبر عن تدريس العربية في الجامعات، وكتب عبدالستار الكفيري عن أزمة العربية والحلول، وقدم هشام عودة تحقيقا حول تنصل المؤسسات المعنية في الأردن من دورها لحماية اللغة العربية.

الشاعر موسى حوامدة مدير تحرير الدائرة الثقافية في الدستور قال: بدأت فكرة إعداد هذا الملف عن العربية منذ أشهر، فقد تبين أن الكلمات والمصطلحات الأجنبية اخترقت حياتنا ولغتنا وحتى لهجاتنا المحكية، وهذا يشير إلى حقيقة لا نريد تصديقها، وهي أن اللغة العربية تتعرض لغزو منظم، وتخريب متعمد وشيوع ليس للهجات المحلية المحكية، بل تحول شكل الغزو اليوم إلى هجوم في القنوات الفضائية التي صارت تكتب اللاتنية على شاشاتها، وصار مذيعوها يستخدمون الكلمات غير العربية، ويخلطونها بالعديد من الألفاظ الأجنبية. كما أن الصحف العربية اليومية صارت تستخدم كلمات لاتينة بالحرف العربي، ولم تعد تعترض على نشر هذه المصطلحات مع وجود كلمات عربية جميلة لنفس المعاني.

 وأضاف حوامدة في افتتاحية العدد: هناك خطر يهدد لغتنا، فقد توسعت ثورة المعلومات، وصار الانترنت وسيلة لطرد العربية واحلال لغات بديلة لها. وبات من السهل على الشباب استخدام الكلمات اللاتنية دون مبرر وصار التباهي جزءا من الاستعراض وان كانت الضرورة احيانا تقتضي استخدام بعض المفردات بشكل معرب، لكن شتان بين الضرورة والمسخرة التي تتجلى يوميا.

 وتم توجيه دعوات إلى نقابة الصحفيين ورابطة الكتاب والنقابات المهنية وكل مؤسسات المجتمع المدني والصحف اليومية ووسائل الاعلام والجامعات والكليات وكافة المهتمين، للنهوض بدورهم لحماية اللغة العربية، ولم يتم استثناء وزارتي التعليم والتعليم العالي من دورهما في تعزيز تدريس العربية وتكريس حضورها.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ