ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الأحد, 27 يونيو 2010 خالد الحروب * الحياة كأن ثمة حاجة من آنٍ لآخر للعودة إلى بعض
الأبجديات في التسيس الشرق
اوسطي. وفيما تبدو الأبجديات
تلك وكأنها جديدة، فهي ليست سوى
إعادة تشكل لما كانته دوماً لكن
في قوالب أحداث ولاعبين جدد.
صعود النفوذ والدور التركي في
الآونة الأخيرة، وآخر تجلياته «سفينة
الحرية» ومنعكساتها، يؤكد
حقيقة كبرى وأبجدية شرق أوسطية،
وهي أن فلسطين ما زالت هي القضية
المفصلية على رغم الضيق والملل
الذي يعبر عنه كثيرون إزاء
استمرارها. هي التي تتقاطع فيها
اهتمامات واحاسيس وتضامن
الشعوب مع مصالح الدول
وتحالفاتها. الأتراك الجدد
والإيرانيون الجدد والقدامى
يدركون هذا ويستغلونه، كما
أدركته أنظمة عربية ثورية
ومحافظة في حقب وعقود متتالية
ماضية. التجربة التاريخية خلال
تلك العقود تفيد بدرس مركزي
ومرير وهو أن فلسطين وقضيتها
وُظّفت من قبل كثيرين، دول
ومنظمات وتيارات وأيديولوجيات،
لغايات ليست لها علاقة بتحرير
فلسطين أو تحقيق الأهداف
الوطنية للفلسطينين. كانت
فلسطين قميص عثمان الذي تستخدمه
أنظمة عربية مُتنافسة وناقمة
على بعضها بعضاً. لكن كانت أيضاً
جهوداً مخلصة وصادقة سواء في
الدعم أو الاهتمام، حتى وإن لم
توفق في ان تترجم ما أرادته على
الأرض. الآن نشهد فصلاً جديداً
من فصول الصراع على النفوذ
الإقليمي وتقع فلسطين في قلبه
مرة أخرى. هناك تشابهات تكرر
الماضي القريب وتنافساته
واستخداماته لفلسطين، لكن هناك
أيضاً فروقات جوهرية وهامة. الفرق الأول هو أن حلبة التنافس على «القيادة
الإقليمية» الذي يستخدم فلسطين
بوابة للنفوذ والدور الإقليمي
اتسعت لتضم دولاً غير عربية
صارت هي التي تتصدر المشهد
مخلفة وراءها الدول العربية حتى
الكبيرة منها. فهنا وكما نرى
جميعاً تحتل تركيا وإيران الصف
الأول في ميدان ذلك التنافس،
بما يمكّن من القول إن
المنافسة، حتى الآن على الأقل،
محصورة بين هاتين الدولتين.
يُرصد هذا الإقرار بمقدار عظيم
من المرارة والتأسي على اتساع
رقعة الفراغ القيادي الإقليمي
التي خلفها تراجع دور الدول
العربية الأهم، بما أتاح ويتيح
لتركيا وإيران التقدم بقوة
لملئه. فما نراه عملياً،
وباستخدام لغة كروية تناسب مناخ
كأس العالم الحالي لكرة القدم،
هو وجود فريقين تركي وإيراني
يتباريان على أرض ملعب العرب،
فيما يتراجع كل العرب إلى مقاعد
المتفرجين والمصفقين لمن يحرز
الأهداف. لقد تجوف الوضع
القيادي العربي بطريقة مدمرة في
آلية تهميش ذاتي مذهلة جوهرها
الرغبة في السلامة والقعود على
الحوافي والانكفاء على الذات
وترك المركز القيادي للآخرين.
ولأن طبيعة السياسة لا تقبل
الفراغ، وتعريف الدائرة يحتاج
إلى مركز بالبداهة، ولتعديل
الاختلال البنيوي البارز
للعيان، جاءت الفكرة التي طرحها
عمرو موسى، الأمين العام
للجامعة العربية، حول «رابطة
الجوار العربي»، واقترح من
خلالها صيغ تعاون إقليمي تؤطر
دور ونفوذ تركيا ولاحقاً إيران
في الفضاء العربي. لن تنجح هذه
الفكرة لأسباب عدّة ليس هذا
مجال تفصيلها، لكن أهمها هو عدم
تناسب قوة هذين البلدين مع ضعف
العرب، بما يجعل أي صيغة مطروحة
لا تتعدى تسليم القيادة العربية
رسمياً إلى أي من البلدين أو
كليهما معاً. الفرق الثاني في مشهد التنافس الإقليمي
الراهن والذي يستخدم فلسطين
بوابةً للنفوذ الإقليمي،
مفارقاً إياه عن التنافسات
المشابهة في العقود الماضية، هو
أن الدول التي تقف في مقدم هذا
التنافس (تركيا وإيران) تتمتع
بمصادر قوة لا يُستهان بها،
بخلاف ما كانته البلدان العربية
ولا تزال عليه من ضعف عند
استخدامها فلسطينَ بحق أو بغيره
لتحقيق أهدافها الخاصة. «العثمانيون
الجدد»، وبحسب تصريحات بعض
قادتهم، يشتغلون ضمن رؤية
استراتيجية كبرى وطموحة تهدف
إلى ترقية تركيا على سلم النفوذ
العالمي كله، ووضعها في قائمة
الدول الكبرى. وهم يرون أن دورهم
المتعاظم في الشرق الأوسط،
وبوابته فلسطين، يصب في تحقيق
تلك الرؤية. وتركيا بطبيعة
الحال دولة قوية اقتصادياً
وعسكرياً ولا يستهان بها، فضلاً
عن عضويتها في حلف الأطلسي
وعلاقاتها الغربية. وتوصيف
القوة ينطبق ايضاً على إيران
وإن كان بدرجات أقل ومن زوايا
مختلفة. فإيران لها رؤيتها
الخاصة، المؤدلجة دينياً، حول
موقعها الإقليمي وما تراه من
ضرورة توسيع نفوذها وأذرعها في
اتجاهات مختلفة، وباتجاه
فلسطين في شكل خاص. ويسبق ذلك
بطبيعة الحال ويُضاف إليه ملفها
وطموحها النووي الذي بات الهم
الأول للغرب وإسرائيل في الشرق
الأوسط. كلتا الدولتين القويتين
تدرك أهمية ومركزية المسألة
الفلسطينية إقليمياً وشعبياً،
ولناحية النفوذ، ولذلك نرى
التسابق باتجاهها. وهكذا وبسبب
انخراط هاتين الدولتين في ذلك
السباق نرى ان منعكساته تتجاوز
الإقليم، وتتجاوز ما خلّفته
تجربة سباق الدول الثورية وغير
الثورية العربية على استخدام
قضية فلسطين وتوظيفها في صراعات
النفوذ الإقليمي. ففي الحالة
الجديدة يؤثر هذا السباق ويقلق
إسرائيل أكثر بكثير من الحالات
السابقة، مرة أخرى بسبب قوة هذه
الدول. ويقلق هذا السباق
ومنعكساته على إسرائيل الدول
الغربية في شكل جدي لذلك نرى
المتابعة الأميركية والأوروبية
اللصيقة لما يحدث شرق أوسطياً
لجهة توسع النفوذ التركي أو
الإيراني أو كليهما معاً
وتأثيراته في إسرائيل. الفرق الثالث في حالة التسابق على النفوذ
الإقليمي الراهن يتمثل في
خصوصية الدور والتطلع التركي
لجهة قدومه من مربع التحالف مع
الغرب، وليس معاداته. في
الحالات السابقة كان معظم إن لم
يكن كل الدول ذات الصوت الأعلى
ثورية في توظيف القضية
الفلسطينية يقف في المربع
المعادي للغرب من ناحية سياسية
وأيديولوجية او لفظية. اما في
الحالة التركية فإن الأمر يختلف
في شكل مثير ويقلب الأوراق في
الوقت ذاته ويقدم رسالة في غاية
الأهمية، وهي إمكانية رفع سقف
تأييد القضية الفلسطينية
واختراق ما قد يتبدى حدوداً
صلبة في ربط العلاقة التحالفية
مع الغرب مع خفص السقف السياسي
في النفوذ الإقليمي تجاه فلسطين.
بكلمة أوضح، وكما أثبت المثال
التركي، يمكن دولاً عربية كثيرة
مترددة تبني سياسة ومواقف قوية
وصارمة إزاء إسرائيل مع الإبقاء
على علاقة قوية مع الغرب. الفرق الرابع الذي يمكن رصده هنا هو وجود
الإعلام المعولم والحركات
العالمية لدعم حقوق الشعب
الفلسطيني، وهي حركات تتمركز
أساساً في عواصم الدول الغربية (لا
الدول الشرقية، أو في منظومة
الاتحاد السوفياتي سابقاً
ومرتبطة بالأنظمة تحديداً). هذه
الحركات التي تنطلق من إنسانوية
وحقوقية وعدالة القضية
الفلسطينية تنشط على شكل شبكات
معولمة تستغل الإعلام غير
الرسمي والفضائي والإنترنت
وآليات التواصل الحديث في شكل
مذهل، بما يعزز ايجابياً فعل أو
موقف أي طرف من الأطراف ذات
العلاقة بفلسطين، ويفضح أي فعل
أو موقف سلبي أو متخاذل. وينعكس
النشاط التضامني المعولم والذي
ينتشر إعلامياً على مواقع الدول
والأطراف المختلفة من قضية
فلسطين، ويشجع الأنظمة على
الاستمرار في أو الإحجام عن
تبني سياسة معينة. كل ما سبق يعني الخلوص إلى نتيجة أساسية
معروفة مسبقاً لكن يتجدد
توكيدها من آن لآخر وتتمثل في
مركزية وديمومة قضية فلسطين إلى
أن تتحق الحقوق الدنيا على
الأقل من عدالة حقوق شعبها. وهذه
النتيجة يجب أن يُعاد تذكير
الدول العربية بها، وبخاصة
الكبرى، بما يدفعها لتبني
استراتيجيات إقليمية جديدة
تعيدها إلى قلب الدائرة وتنهي
تواجدها الهامشي على الأطراف.
وليس من المفترض أن تكون
الاستراتيجيات المطلوبة خارقة
لحدود السياسة الواقعية
والإمكانات، بل مما تتيحه تلك
السياسة، وما يمكن بالفعل وعلى
الأرض تحقيقه، ومن خلال فلسطين
وقضيتها كبوابة قيادية أيضاً.
يمكن الدول العربية الكبرى أن
تعيد التقاط زمام القيادة
الإقليمية من خلال قرار عربي
بفك الحصار على غزة، وتحقيق
المصالحة الفلسطينية، وتجاوز
شروط اللجنة الرباعية، والشروع
في استراتيجية هجومية على أساس
مبادرة السلام العربية وحشد
التأييد العالمي لها على قاعدة
استثمار المناخ الحالي. كل ذلك
مُتاح وليس خارج حدود القدرة
العربية. وهو يخدم الحضور
العربي ويعيد العرب إلى قيادة
السياسة في منطقتهم، ويخدم
الفلسطينين وقضيتهم بطبيعة
الحال. * محاضر واكاديمي فلسطيني -
جامعة كامبردج . ==================== أوباما في أفغانستان...
تحدّ كبير واستجابة منقوصة الأحد, 27 يونيو 2010 حسن أبو طالب * الحياة يقيناً هناك بعد شخصي في قرار قبول
استقالة قائد القوات الدولية في
أفغانستان ستانلي ماكريستال،
فالرجل لم يدخر أوصافاً قاسية
قالها ضد الرئيس أوباما شخصياً
وعدد من كبار رجال الإدارة. لكن
اليقين الأكبر أن انتقادات
ماكريستال عكست شرخاً كبيراً
بين المستويين العسكري
والسياسي في ما يتعلق بإدارة
حرب غير متماثلة في بلد غاية في
الضعف والتمزق، ولكنه أثبت
تاريخياً على الاقل أنه قادر
على شل أقوى الانظمة العسكرية
وأكثر الاستراتيجيات مهارة من
حيث الصياغة والتحليل وتوافر
الموارد. وحين يحدث مثل هذا الشرخ الكبير في خضم
معركة ضروس، تعدّها الإدارة
الحاكمة بمثابة اختبار حياة أو
موت، تصبح المقولة الشهيرة «لا
يصح تغيير الجياد اثناء السباق»
بلا معنى. ولذا يبدو لي أن قرار
الرئيس أوباما من الناحية
الاستراتيجية هو قرار صائب
لسببين: الأول أن إبقاء
ماكريستال بعد انتقاداته
العلنية القاسية سيُعدّ بمثابة
دليل على ضعف الرئيس وقبوله
الانتقادات ضمنياً، وهو ما كان
سيعطي الجمهوريين دليلاً قوياً
من وجهة نظرهم لتوجيه مزيد من
الانتقادات إلى سياسات اوباما
الأمنية. والثاني يتعلق بكيفية
إدارة حرب وهناك ما يشبه
الانقسام، أو عدم ارتياح وغياب
للثقة بين فريق العمل المفترض
أن يكون على أعلى درجة من
الانسجام والتوافق في الرؤية
وفي الأداء. ومبدأ التجانس هذا
ليس اختراعاً جديداً، بل هو أحد
المبادئ الأصيلة في علم الحرب
في وجه عام. هذه الدلالات السياسية والمعنوية وثيقة
الصلة بالآمال والأهداف التي
يعول عليها الرئيس أوباما في
معالجته الملف الافغاني، والذي
يمثل بالنسبة اليه الملف الأهم
والتحدي الأكبر خارجياً. ومعروف
أن اوباما منذ كان مرشحاً
للرئاسة كان يضع الملف الافغاني
في مرتبة أعلى وأهم من الملف
العراقي، وكان يعتبر أن حرب
أميركا الحقيقية هي بين ثنايا
الجبال الأفغانية ودروبها
الوعرة وليس في بغداد أو ما
حولها. ولذلك أصل يمكن أن نربطه
بما ورد في التقرير الذي أصدره
الكونغرس بعد حوالى عامين من
هجمات أيلول (سبتمبر) 2001، ويعرف
بتقرير اللجنة القومية
الأميركية حول هجمات 11/9، وفي
فصله الثاني عشر بعنوان «ماذا
نفعل؟ نحو استراتيجية كونية»
ثمة عبارة ذات مغزى عميق تقول «ان
هجمات 11 أيلول أعطت درساً
بليغاً للأميركيين، وهو ضرورة
النظر إلى الارهاب ضد المصالح
الأميركية (هناك) تماماً كما
ننظر إلى الإرهاب ضد أميركا (هنا).
وبهذا المعنى أيضاً، فإن الوطن
الأميركي هو العالم بأسره،
وساحة العمليات هي الكرة
الارضية بكاملها. ولذلك لم يكن
غريباً القول إن أمن الولايات
المتحدة يبدأ من كابل التي تعني
(هناك). تلك العبارة التي تكشف عن قناعة دفينة في
اروقة مؤسسات صنع القرار بأن
الأمن الاميركي يتحقق فقط عند
السيطرة والقضاء على مصادر
التهديد في مكامنها الأصلية،
وعدم السماح لها بأن تقترب أو
تصل من الارض الأميركية نفسها.
وهو ما يتشابه مع إحدى مبادئ
الحرب لدى إسرائيل بأن الحرب
المطلوبة يجب أن تُدار في أرض
العدو. بمعنى آخر أن قناعة الرئيس أوباما بأن
أفغانستان هي التحدي الأكبر
ليست أمرا غريباً بالنسبة الى
مراكز صنع القرار الأمني
الأميركي. وقد لاحظنا قبل شهر
حين تم الاعلان عن الاستراتيجية
الأمنية الأميركية الجديدة،
التي ألغت مصطلح «الحرب على
الارهاب» الذي دشنه الرئيس
السابق بوش، ولكنها أكدت أن
الولايات المتحدة في حرب حقيقية
مع تنظيم «القاعدة» باعتباره
تنظيماً ارهابياً عابراً
للحدود. ولما كان هذا التنظيم
بدأ من أفغانستان ولا يزال له
وجود فيها ولا يزال يتعاون مع
حركة «طالبان» التي تزداد قوة
وشراسة في مواجهة الوجود
الاميركي والدولي العسكري على
الارض الافغانية، يصبح منطقياً
الإصرار على توفير عوامل النجاح
بالنسبة الى أية استراتيجية
عسكرية يتم تطبيقها في
أفغانستان، وأحد أهم هذه
العوامل هو تماسك او تجانس
جناحي القيادة السياسي
والعسكري. وحين أعلن الرئيس أوباما استراتيجيته في
شباط (فبراير) 2009، وبعد أقل من
شهر من توليه مسؤوليات الحكم،
بدت الرؤية الكامنة لهذه
الاستراتيجية أكثر شمولاً من
تلك التي طبقها الرئيس السابق
بوش، وبدا هذا الشمول في امرين
أساسيين: الأول ربط العمليات
العسكرية بتنمية ورفع مستوى
الحكم الافغاني وبناء كوادر
أمنية لكي تتولى المهام لاحقاً
بعد بدء الانسحاب الدولي من
أفغانستان منتصف 2011. والثاني
وضع البيئة الاقليمية في
الاعتبار من خلال تعميق الشراكة
مع دول مثل باكستان والهند
وروسيا للسيطرة على الوضع
الافغاني ككل. وترافق ذلك مع
خطوة زيادة عدد القوات
الأميركية بحوالى 34 الف جندي
وحض دول حلف الاطلسي (الناتو)
على زيادة قواتها هناك، وهي
الزيادة التي وصلت إلى 7 آلاف
جندي من فرنسا وبريطانيا
وألمانيا وإيطاليا وأستراليا.
وكذلك اتباع تكتيكات تتناسب مع
طبيعة الشعب الأفغاني نفسه، ومن
ثم طرح احتمالات التفاوض مع
حركة «طالبان»، ولكن من موقع
قوة بعد هزيمتها عسكرياً،
وإحداث انقسامات بين قادتها
وجذب من يمكن جذبه منهم. جزء من هذه الاستراتيجية كان بمثابة صدى
وليس استنساخاً للاستراتيجية
التي طبقها الجنرال بترايوس في
العراق، لا سيما أسلوب تطهير
المدن الكبرى من عناصر «القاعدة»
والجماعات المسلحة، ثم اللجوء
تالياً إلى تطهير المناطق
المفتوحة، وهو الاسلوب الذي بدا
ناجحاً إلى حد كبير، لا سيما
بعدما تم تشكيل ما يعرف عراقياً
بجماعات «الصحوة». لكن التطبيق
في صورته الافغانية بدا محدود
القيمة نسبياً أو على الاقل
بحاجة إلى تعديلات تتناسب مع
طبيعة أفغانستان الجبلية
والمصحوبة بتصاعد قوة حركة «طالبان»
في أكثر من منطقة وإقليم، ناهيك
عن اللغط الكبير الذي ارتبط
بحكومة الرئيس كرزاي من حيث
فساد كثير من عناصرها وتحولات
كرزاي نفسه إزاء «طالبان»،
ومحدودية العائد من بناء مؤسسات
أمنية محلية. وإذا وضعنا في الاعتبار السيرة العسكرية
للجنرال المُقال ستانلي
ماكريستال، لأصبح لدينا جزء من
تفسير الشرخ الذي حدث في الأداء
الاميركي، فالرجل معروف
بمهارته في العمليات الخاصة،
والتي تتناسب مع استهداف قيادات
«القاعدة» وقيادات «طالبان»
بهدف تصفيتها تدريجاً،
وبالتالي وضع مزيد من الضغوط
على الهرم التنظيمي لهاتين
الحركتين، بما يجعل عملية
احتواء ما تبقى من كودارهما
أمراً أسهل نسبياً على الأقل
نظرياً. وهي خبرة تعد امتداداً
لما قام به الرجل في العراق من
قبل، فقد كان مسؤولاً عن الوحدة
الخاصة التي اعتقلت الرئيس صدام
حسين في كانون الاول (ديسمبر) 2003
والقائد العسكري ل «القاعدة» في
العراق أبو مصعب الزرقاوي عام
2006. ووفقاً لكثير من التقارير
فقد اتسم أداء هذه الوحدات
الخاصة بالقسوة وتجاوز القانون
والاستخدام المفرط للقوة. وتأسيساً على ذلك، فإن أسلوب ماكريستال
بدا غير متناسب مع الأهداف
الكلية لاستراتيجية الرئيس
أوباما من جانب وغير ملائم مع
الحالة الافغانية من جانب آخر.
فمجرد قتل عدد من قيادات «طالبان»
أياً كانت مسؤولياتهم ومواقعهم
القيادية، لم يكن يؤثر كثيراً
في قوة الحركة وانتشارها وجذبها
لكثير من العناصر حولها،
والدليل على ذلك سيطرة الحركة
على ما يقرب من ثلثي الاراضي
الافغانية ورفضها كل محاولات
الرئيس كرزاي للاندماج في
العملية السياسية القائمة
لتأسيس نظام حكم ذي طابع مدني
نسبياً، واستمرار عملياتها
النوعية ضد القوات الدولية وضد
القوات الافغانية المحلية
فضلاً عن اختراق الكثير من
الدوائر الأمنية في وزارات
وحكومة الرئيس كرزاي. على أية حال لقد استقال أو اقيل
ماكريستال، وما زال التحدي
ماثلاً أمام الولايات المتحدة
وأمام حلف الاطلسي. وهو تحدّ لا
يجوز فيه الانكسار أو التراجع،
لأن معنى ذلك ببساطة أن الغرب
كله سيحمل عار الهزيمة وسيظل
مهدداً في شكل أو في آخر من «القاعدة»
ومن غيرها على السواء. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يستطيع
الجنرال بترايوس أن يحقق نجاحاً
مثل ذاك الذي حققه في العراق عبر
الصحوات وتطهير المدن وجذب
رؤساء العشائر وتأسيس مؤسسات
أمنية ذات فاعلية نسبياً،
وتطبيق خطط الانسحاب من المدن
العراقية بأقل الخسائر
الممكنة؟ الاجابة نظرياً لن
تبعد عن أن الرجل سيستغل كل
مهاراته العسكرية والتفاوضية
وقدر الثقة والتأييد الكبير من
البيت الابيض والكونغرس
والحزبين الكبيرين الديموقراطي
والجمهوري لكي يحقق الاهداف
المرجوة، وأبرزها تحييد قوة «طالبان»
ومنح حكومة كرزاي قدراً أكبر من
القوة والفاعلية، وتحييد
التدخلات السلبية القادمة من
باكستان، والعزل الكامل لمن
تبقى من عناصر «القاعدة»،
وتأمين الانسحاب المقرر في صيف
2011 بما لا يضر أو يؤدي إلى سقوط
كرزاي ورفاقه. والأمر المرجح هنا أن امكانية استنساخ ما
جرى في العراق على الأرض
الافغانية لن تبدو عملية سهلة،
كما أن امكانية أن تتحقق
الاهداف المعلنة في غضون زمن لا
يتجاوز العام الواحد تبدو أكثر
من مستحيلة، فإذا كان عناصر «القاعدة»
في العراق غير عراقيين، فإن «طالبان»
هي من رحم أفغانستان نفسها،
وسياسة العزل والتحييد هنا تعد
من سابع المستحيلات، فكيف
سيتصرف الجنرال المحبوب
بترايوس في موقعه الجديد؟
لننتظر ونرَ. * كاتب مصري ==================== آخر تحديث:الأحد ,27/06/2010 محمد نور الدين الخليج أطلق الاعتداء على أسطول الحرية “دينامية”
جديدة في منطقة الشرق الأوسط
تهدف إلى مغادرة الخريطة
الحالية وخلط الأوراق في اتجاه
توازنات إقليمية جديدة مختلفة . ويمكن القول إن أحد أهم العوامل التي هزّت
المعادلة السابقة كان السياسة
الجديدة التي اتبعها حزب
العدالة والتنمية بعد وصوله إلى
السلطة في تركيا في نهاية العام
2002 . واذا كان الحزب حمل رؤية مسبقة لمكانة
تركيا ودورها في محيطها
الإقليمي وفي العالم أساسها أن
تكون تركيا على علاقات جيدة مع
الجميع، وأن تكون على مسافة
واحدة من كل المحاور،فإنها
تزامنت مع الهجوم الشامل الذي
اطلقته إدارة جورج دبليو بوش ضد
العالم الإسلامي بعد هجمات
الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 . وإذ كانت هذه الهجمات جاءت ذريعة قوية،
غير ان الهدف الأصلي كان
استكمال محاولة واشنطن وضع يدها
على العالم وفي القلب منه الشرق
الأوسط موطن الثروات النفطية
ومركز تواجد “إسرائيل” وذلك
لملء الفراغ الذي أحدثه انهيار
الاتحاد السوفييتي . وأكبر دليل على ذلك أن جهود إخضاع العراق
وحصاره وإفقاره تمهيداً لضربه
امتدت سنوات التسعينات وقبل
هجمات نيويورك . وعندما حدثت الهجمات كان الرد الأمريكي
الأولي في أفغانستان، حيث “القاعدة”
و”طالبان” لكن الردّ الفعلي
كان في احتلال العراق رغم أن لا
علاقة له البتة بهجمات نيويورك . ولأن الخطة الأمريكية من وراء احتلال
العراق كانت تتجاوز أهدافها
المعلنة جاء الرفض التركي
للمشاركة في احتلال العراق ورفض
البرلمان التركي لذلك في الأول
من آذار/ مارس 2003 . لم ترد الولايات المتحدة شركاء سوى “إسرائيل”
. كانت تريد من الجميع أن يكونوا
تابعين ومنفذين للإملاءات . وما رفض تركيا المشاركة في احتلال العراق
إلا لأن صورة العراق “الجديد”
كانت واضحة: التفتيت التدريجي
لدول ومجتمعات المنطقة على أساس
عرقي ومذهبي ما يسهل وضع اليد
على نفط المنطقة فضلاً عن الهدف
الأزلي والأثير في المزيد من
حماية “إسرائيل” عبر تفكيك
المنطقة إلى كيانات محيطة أصغر،
وإغراق المجتمعات في تناحراتها
الداخلية . تركيا في بنيتها الاجتماعية الدينية
والمذهبية والعرقية لا تختلف عن
العراق وعن كل دول المنطقة .
تعددية على كل المستويات،
ومشكلات أقليات مزمنة لم تجد
حلاً عصرياً ولا إنسانياً لها
لا في تركيا ولا في الدول
العربية والإسلامية . بعد افغانستان جاء دور العراق وبعد
مشارفة الأمريكيين على
الانسحاب من العراق جاء دور
تركيا من أجل إعادتها إلى بيت
الطاعة الأمريكي . ولم تتوقف واشنطن ومن خلفها “إسرائيل”
طوال سنوات التحول في تركيا عن
محاولة اقناع رجب طيب أردوغان
بعدم الذهاب بعيداً في تأييده
للفلسطينيين وسوريا وإيران .
وبما انه لم يكن ممكنا مواجهة
سلطة العدالة والتنمية في غمرة
الحروب في أفغانستان والعراق
وفي ظل الأمل في بقاء تركيا ضمن
حدود معقولة، فإن الولايات
المتحدة لم تبادر إلى ردود فعل
عنيفة على تركيا . غير أن “تجاوز” تركيا للسقف المرسوم في
ذهن الإدارة الأمريكية و”إسرائيل”
في قضايا مهمة مثل البرنامج
النووي الإيراني، وما يتصل ب”إسرائيل”
مثل أسطول الحرية، كان نقطة
التحول في مباشرة أمريكا ومن
معها في الهجوم المضاد على
سياسة حزب العدالة والتنمية . ومن الواضح أن واشنطن و”إسرائيل” لا
توفران في هجومهما الحالي أية
أوراق لاستخدامها ضد سلطة
العدالة والتنمية ولا سيما بشخص
رمزه وزعيمه رجب طيب أردوغان . في الأوراق الخارجية: استخدام “إسرائيل”
القوة لإراقة الدم التركي في
المسألة الفلسطينية عبر الهجوم
على أسطول الحرية . وكذلك فرض
قرار العقوبات على إيران في
مجلس الأمن بما هو قرار يهدف إلى
قتل الإنجاز التركي ومعها
البرازيل في التوصل إلى اتفاق
طهران النووي . والأخطر ان الادارة الأمريكية ومعها “إسرائيل”
انتقلت للمرة الأولى إلى تحريك
الداخل التركي، وأول مؤشرات ذلك
موقف رجل الدين التركي المقيم
في الولايات المتحدة فتح الله
غولين الذي لم يجد تعليقاً على
دم الشهداء الأتراك في سفينة
مرمرة سوى أنه كان يجب أن يأخذوا
الإذن المسبق من “إسرائيل” قبل
انطلاقهم! وبالتالي توجيه رسالة
قوية إلى أردوغان بأن تأييد
غولين له لم يعد مضموناً . وثاني المؤشرات هو استئناف حزب العمال
الكردستاني عملياته العسكرية
النوعية من الاسكندرون إلى
شمدنلي وصولا إلى قلب أسطنبول . ومع أن هذه العمليات ليست جديدة، وهي “روتينية”
إذا نظر اليها في سياق الصراع
بين الدولة التركية وأكرادها،
فإن التزامن بين العمليات
والهجوم الأمريكي-”الإسرائيلي”
المضاد مثير للريبة ويخدم الهدف
الأمريكي “إسرائيلي” من دون
الجزم بوجود صلة مباشرة . مع
التأكيد أن المطالب الكردية في
الداخل التركي محقة بالكامل
وليس من مصلحة أكراد تركيا أن
يوضعوا، كما فعل عملياً اشقاؤهم
في شمال العراق، في خانة
المتعاملين مع الشيطان (الأمريكي-
“إسرائيلي”) لتحقيق أهدافهم . ومن تلك الضغوط الداخلية إعادة اطلاق
سراح متهمين أساسيين في قضية
ارغينيكون كتأكيد على أن القضاء
لا يزال جاهزاً للإجهاز على
سياسة أردوغان . ولا يتوقع ان يقف الهجوم الأمريكي-”الإسرائيلي”
المضاد عند هذا الحد . فالنية
واضحة في ترجمة الضغوط على
أردوغان هزيمة له أو تراجعاً
كبيراً في الانتخابات النيابية
المقبلة بعد سنة . وليس أفضل من
خلق مناخ من الخوف لدى الرأي
العام التركي بأن استمرار
العدالة والتنمية في السلطة
سيسبب لتركيا القلاقل، كما أن
تسعير الاستقطاب العرقي
الداخلي سيلعب دوره في تراجع
الحزب في المناطق الكردية أو
هذا ما يأمله “كتّاب” سيناريو
فيلم الاطاحة بحزب العدالة
والتنمية . فهل ينجح هذا السيناريو المفتوح على
المزيد من الاحتمالات أم ينجح
أردوغان في تعطيله؟ ==================== آخر تحديث:الأحد ,27/06/2010 عبد الزهرة الركابي الخليج الزمن الصعب، بتداعياته وتطوراته، يحتاج
إلى مكونات إنسانية أعلى من
الطبيعة المعهودة وخارقة في
الإرادة والعزيمة والرسوخ،
وهذا الأمر لا يستتب بعوامل
فسيولوجية وجسدية كضخامة
العضلات والبنية القوية، وإنما
هذه الحاجة، يمكن تلبيتها بروح
وهّاجة وإرادة صلبة لا تلين في
أشد المعتركات ولوجاً، إضافة
إلى إيمان قوي برقي الهدف
المرنو إليه، وعدالة المطلب
الراكن في الضمير بكل وضوح، فما
بالك لو تمثلت هذه الحاجة
بامرأة قهرت كل الظروف التي
تحيط بها، فبعد أن شاركت بأسطول
الحرية وتماست مع محك الموت
المتمثل بقراصنة الدولة
الصهيونية، واصلت هذه المرأة
الشجاعة، والشجاعة هنا لا
تُكتسب إلا بالمواقف الصعبة
التي فوق العادة، نضالها في
قاعة الكنيست، وهي تتصدى
للثيران العنصرية “الإسرائيلية”
الهائجة، تصدت حنين الزعبي
المرأة الفلسطينية من عرب 48
وعضو الكنيست، لكل أشكال
الترهيب والتهديد والعنصرية
والسخرية والتعاير . كاشفة في تصديها البطولي هذا، زيف وخداع
الديمقراطية “الإسرائيلية”
التي كانت وما زالت الدولة
الصهيونية تتبرقع بها تسويفاً
وبهتاناً، هذه الديمقراطية
التي أماطت اللثام عن وجهها
الكالح والبشع من على منابر
الكنيست، عندما وصل الحال
بهؤلاء العنصريين إلى استخدام
أحط عبارات القذف والشتائم
والسخرية، بما في ذلك معايرة
هذه المرأة الغيورة والشجاعة
بأوصاف العنوسة كونها لم تتزوج
إلى حد الآن، ونعتها بالخيانة
ومرافقة الإرهابيين وعدم نكران
جذورها الفلسطينية، ما حدا بها
إلى رد الصاع صاعين على هؤلاء
العنصريين من خلال المحاججة
والمناقشة المنطقية والموضوعية
التي أفحمتهم فيها، وبعدما
عجزوا عن مجاراتها، لجأوا إلى
العسف والقمع عبر تجريدها من
الامتيازات السائدة في الكنيست
“الإسرائيلي” . حنين الزعبي، أدت عملاً وطنياً وواجباً
إنسانياً، أعاد لنا في هذا
الزمن المحبط ملاحم من الشجاعة
والبطولة والتضحية التي قدمتها
المرأة العربية على مر الأزمنة
والعصور، وكي لا نذهب بعيداً،
فإن عصرنا القريب لا يخلو من
بطولات وتضحيات النسوة
العربيات، ومثالاً لا حصراً:
جميلة بوحيرد، ليلى خالد، سناء
محيدلي، دلال المغربي، سهى
بشارة . ولا نغالي أو نبالغ إذا ما قلنا، إن هذه
المرأة الشجاعة والأكاديمية
المثقفة والمسؤولة في قيادة
العمل النسوي، تحمل أفكاراً غير
تقليدية، ولجهة موقفها السياسي
الداعي للمواطنة غير المشروطة
على أساس المساواة الكاملة في
الحقوق بين العرب واليهود، ولدت
حنين في إحدى كبرى عائلات
الناصرة، لأب محامٍ وأم مدرسةٍ،
وتخرجت في الجامعة العبرية في
القدس، ونالت ماجستيراً في
الصحافة، وكانت تدير مركز إعلام
أسسته ليعنى بشؤون الصحافيين،
وتعد رسالة الدكتوراه حين قررت
الترشح للكنيست وهي تقول في هذا
الصدد، نشأت في أسرة تؤمن
بالديمقراطية، كل النساء من
حولي كن عاملات، وكان يتم
التشديد على النجاح في التعليم،
ولذلك عندما قررت الترشح لم ألق
تشجيعاً في البدء، كانوا
متهيبين من قراري، كانوا يفضلون
أن أنهي الدكتوراه، ويخافون
عليّ من الأعباء والمسؤوليات في
أجواء مشحونة، ووسط سياسي يهيمن
عليه الرجال . وعن هويتها تقول، أنا فلسطينية، عضوة
برلمان في الكنيست من حزب
التجمع الوطني الديمقراطي، حزب
يمثل التيار القومي لدى
فلسطينيي الداخل . ==================== علي حماده على غير العادة يبدو وزير الطاقة جبران
باسيل المنتمي الى "التيار
الوطني" الحر الجهة العاقلة
في السجال الدائر حول موضوع حقل
الغاز البحري المقابل للشاطئ
اللبناني. لا نقول هذا من باب
التهكم بباسيل بل من باب
الاشارة الى ان فريقه السياسي
المشهور بالتصادم السياسي
والإعلامي في كل شئ، في المجدي
وفي غير المجدي، يتصرف ازاء
مشروع رئيس المجلس النيابي
الاستاذ نبيه بري القاضي بوضع
اليد نوعا ما على ملف التنقيب
بكثير من التحفظ لأن وزارته هي
صاحبة العلاقة الاولى
والمباشرة في الملف، ولكونه
يعرف اكثر من غيره ان دراسات جرى
اعدادها في هذا الصدد من خلال
وزارته، وهي بين يديه، مما يجعل
مسارعة رئيس المجلس وفريقه الى
محاصرة الملف ربما تحت شعار "جنوبية"
الحقل امرا غير مستحب لكونه
يفتح الباب امام "جهوية"
الثروات في لبنان، خصوصا ان
مناطق من لبنان تساهم اكثر من
مناطق اخرى في تمويل خزينة
الدولة، او في تنشيط الاقتصاد
الوطني. من المعلوم ان الحكومة هي الجهة التي منها
يخرج مشروع القانون المتعلق
بالتنقيب عن النفط والغاز،
ويحال على مجلس النواب الذي
يدرسه ثم يقره بصيغته النهائية.
وبالتالي لماذا العجلة، علما ان
الحكومة تدرس الملف، وهو
امامها؟ هل هناك تسخين للوضع
السياسي من جميع الجهات وعلى
اكثر من مستوى؟ ان من يراقب افتعالات "حزب الله" حول
برامج المساعدات الدولية (الاميركية
والاوروبية) المعروفة والتي
تنشر تفاصيلها على مواقع
الانترنيت منذ سنوات عدة، ومن
يسمع كلاما مسطحا من نوع ان هناك
مؤامرة وفضيحة وعدواناً
اعلامياً وثقافياً، ومن يسمع
كلاما آخر يعتبر ان "الخلل
البنيوي" في الحكومة حقيقة
وان في الامر تشكيكا في جدوى ما
يسمى "حكومة الوحدة الوطنية
" يستوجب توضيحات، ومن يتوقف
قليلا عند الحملة الاعلامية
السياسية المنسقة بشأن المحكمة
الدولية، معتبراً ان على
الضحايا واهل الضحايا في حال
صدور قرار اتهامي في حق جهات
معلومة ان ينتظروا اكثر من 7
ايار جديدة بذريعة ان "المقاومة"
لا تُمس، شأنها شأن محور "الممانعة"،
من يراقب ويسمع ويتوقف امام هذا
كله... يدرك ولا شك ان ثمة تسخينا
يمهد ربما لإسقاط الحكومة في
مهلة قصيرة من اجل "مفاعيل"
القرار الظني الذي يتبارى أهل
الممانعة والمعارضة في سرد
محتواها حتى قبل صدورها، وفي
هذا السلوك استشراف او اعتراف
لا فرق! ان النفط والغاز سيبقيان سمكا في البحر.
واي وجه من اوجه الثروات
الوطنية سيبقى مؤجلا في انتظار
ان يُحَلّ ليس فقط خلل الحكومة
البنيوي (حسب وصف الدكتور محمد
شطح)، بل خلل لبنان البنيوي الذي
يتغذى من بقاء دويلة وسلاح خارج
الشرعية. ان خلل لبنان البنيوي المشار اليه، هو
ولادة الفتن، والمحن، وهو ولادة
حروب الآخرين على ارضنا ( 2006
مثالا). انه ولادة شقاء
اللبنانيين لأجيال قادمة،
الامر الذي يتطلب منهم ان
يواجهوه بالمحافظة على سلاح
الموقف الرافض. وهذا اضعف
الايمان اليوم! اما النفط والغاز فقضية هامشية. ==================== لماذا لا يمكننا الانتصار
في هذه الحرب؟ تشارلز بينا - «أنتي وور» الدستور 27-6-2010 مقتبسا من اليزابيث باريت براونينغ...
دعوني أعدد الأسباب. الأمر الأول والأهم ، ليس لدينا قوات
كافية. (نعم ، نعم ، أعرف أني
أكرر الكلام ذاته بالنسبة لمن
يقرأون هذا الموقع بانتظام).
المقياس المقبول للعمليات
الناجحة لمحاربة التمرد هو 20
جنديا لكل ألف مدني (موجود في
كتيّب محاربة التمرد الذي كتب
الجنرال ديفيد باتريوس جزءا
كبيرا منه ، وهو الآن رئيس
القيادة المركزية الأميركية).
عدد سكان أفغانستان يبلغ 32
مليون نسمة ، ما يتطلب وجود قوة
يبلغ عديدها 640 ألف جندي - أكثر
من العدد الكلّي للجنود
النظاميين في الجيش الأميركي.
حجم القوة المشتركة لقوات لناتو
والولايات المتحدة يبلغ حوالي
140 ألف جندي - وهي قوات تكفي فقط
لاحتلال كابول وربما مقاطعتين
أو ثلاثة (تاركة 30 مقاطعة دون
احتلال). ثانيا ، ليس لدينا الإرادة السياسية (ولا
يجب أن يكون لدينا ذلك الا اذا
كان الوجود الفعلي لدولتنا
معرّضا للخطر ، وهو ليس كذلك في
أفغانستان) للمشاركة في
الأساليب التكتيكية القاسية -
وغير المميًّزة غالبا -
الضرورية لسحق التمرد. الحقيقة
المزعجة حيال محاربة التمرد هي
أنها تعني عادة أن علينا قتل
الكثير من الأشخاص ، الأمر الذي
يصاحبه حتما سقوط ضحايا مدنيين
بشكل عرَضي. البريطانيون ،
الذين كثيرا ما كانوا يعتبرون
أفضل من يقوم بمحاربة التمرد ،
اضطروا الى استخدام أساليب كهذه
لسحق تمرد الماو ماو في كينيا في
الخمسينيات من القرن الماضي.
استخدام هذه الأساليب في
أفغانستان سيزيد فقط من
المقاومة وسيغذي التمرد - دون أن
ننسى تنامي مشاعر الكراهية
للأميركيين في جميع أنحاء
العالم الإسلامي. ثالثا ، نحن لا نملك الصبر. محاربة التمرد
الناجحة طريق طويل وشاق.
البريطانيون أمضوا سبع سنوات في
كينيا وهم يحاربون متمردي الماو
ماو وأكثر من عشرين عاما في
ماليزيا وهم يقاتلون جيش
التحرير الوطني الماليزي. مضى
الآن ثمانية أعوام على وجود
الولايات المتحدة في أفغانستان.
وفي ظل الشك المتواصل حيال
تعافي الاقتصاد تحديدا ، من غير
المحتمل أن يكون الشعب الأميركي
راغبا في المتابعة حتى النهاية -
وسيكون ذلك أكثر صحة اذا ازداد
عدد الضحايا الأميركيين (بلغ
عدد القتلى الأميركيين ألف جندي
عندما قُتل سبعة من الجنود
الأميركيين - خمسة منهم في
عمليات انتحارية واسعة
للطالبان في كابول - في مطلع هذا
الأسبوع). ثم هناك حقيقة أن
المحتلّ يجب أن يرحل دائما ،
وليس هناك ضمان بأن أي نجاح ،
يمكن أن يتحقق خلال الاحتلال ،
سيستمر بعد ذلك. رابعا ، نحن نقوم بعمليات عسكرية باسم
حكومة تشتهر بالفساد ولا تملك
تأييدا واسعا بين أفراد الشعب
الأفغاني. وفقا لتقريرْ
للبنتاغون نُشر في نيسان فإن
"الشعب يتعاطف مع ، أو يؤيد ،
الحكومة الأفغانية بنسبة 24
بالمائة في جميع المناطق
الرئيسية من المقاطعات التي لنا
فيها مصالح". هذا لا يعني
بالضرورة أن الشعب يؤيد
المتمردين ، لكنه يعني أننا
ندعم حكومة لا تحظى بتأييد
الشعب. لقد جربنا ذلك في فيتنام
مع نظام دييم ، ولم ينجح الأمر
بشكل كبير. ذلك يعني أيضا أن
الشعب معرّض بشكل أكبر الى أن
يستدرجه المتمردون الى صفوفهم
بما أنه لا يكنّ تعاطفا طبيعيا
للحكومة القائمة. خامسا - في وضع حصل معنا سابقا عدة مرات ها
نحن وجها لوجه مع فيتنام أخرى -
يملك المتمردون ملاذا في
باكستان. لم نكن في السابق
قادرين على منع جيش فيتنام
الشمالية من اللجوء الى كمبوديا
ولاوس خلال الحرب الفيتنامية ،
وخياراتنا لعمل الشيء ذاته
للقاعدة والطالبان في باكستان
تعد أقل جاذبية. من المحتمل أن
الوسيلة الوحيدة لاكتساب ثقة
عالية فيما يتعلق بمنع الالتجاء
الى باكستان هو اجتياحها ، ما
يؤدي في آخر المطاف ، الى أن
نكون محتلين لدولة إسلامية أخرى.
لا حاجة للقول أننا لا نملك
القوات العسكرية لهذا الاجتياح.
والأهم من ذلك أن احتلال دولة
إسلامية أخرى سيكون تأكيدا على
أننا مشتركون في حرب ضد الإسلام
- لا يُحتمل بأن تساعد في كسب
قلوب وعقول ما يقرب من مليار
مسلم في العالم ، بمن فيهم
الأميركيون المسلمون. يمكننا أن
نقصف بالقنابل كل الأراضي في
غرب باكستان في محاولة لتدمير
مناطق اللجوء وكسر إرادة
الأشخاص الذين يقدمون الملاذ -
ولكن من المحتمل ألا تنظر
الحكومة الباكستانية الى ذلك
بارتياح ، كما سيتسبب ذلك في
النهاية بمقتل مسلمين أبرياء.
أقل الخيارات غير الجيدة سوءا
هو السماح للحكومة الباكستانية
بالتعامل مع الموقف ، مما يعني
عدم التعامل معه جيدا اذا حدث
ذلك أصلا. مع ذلك ، طالما أن
تهديد القاعدة وطالبان الصادر
من باكستان يعد محليا وغير
عالمي ، أي ليس تهديدا مباشرا
لأميركا ، فقد يتوجب علينا أن
نتعلم التعايش مع وضع أقل إرضاء. أخيرا ، هناك شريحة بوربوينت حقيقية
عرضها الجنرال ستانلي ماك
كريستال ، قائد القوات
الأميركية وقوات الناتو في
أفغانستان ، الصيف الماضي لوصف
تعقيد الاستراتيجية الأميركية.
ما توضحه حقا - باستثناء أنّ "البوربوينت
يجعلنا أغبياء" وفقا للجنرال
جايمس ماتيس من جهاز المارينز -
هو استحالة تحقيق الاستراتيجية
الأميركية. هناك الكثير من
الأجزاء المتحركة ذات العلاقات
المتداخلة والمتعددة التي
علينا ان نسيطر عليها جميعا. مثل
جهاز الكاليدوسكوب بقطعه
الزجاجية الملونة ، تغيير بسيط
في شيء واحد يغيّر كل شيء آخر
بصورة غير متوقعة ويظهر نمط
جديد بالكامل. ==================== «اشمئزاز» ساركوزي من
معاملة شاليط.. يا للإنسانية!! ياسر الزعاترة الدستور 27-6-2010 في رسالة وجهها لعائلة الجندي الأسير
شاليط بمناسبة مرور أربع سنوات
على أسره ، أعرب الرئيس الفرنسي
ساركوزي عن "اشمئزازه" من
طريقة تعامل حماس معه. وقال في
الرسالة التي نقلها لوالد
الجندي سفير فرنسا في تل أبيب:
"إن الخاطفين يتجاهلون تماما
المبادئ الدولية الخاصة
بالتعامل مع السجناء ، وفي
مقدمتها السماح بزيارات ممثلي
منظمة الصليب الأحمر". لم يتوقف الأمر عند الرئيس الأكثر
صهيونية في تاريخ فرنسا ، فقد
حضر برلمانيو مجلس أوروبا في
الزفة أيضا ، إذ طالبوا بالسماح
لمنظمة الصليب الأحمر بزيارة
شاليط ، وكذلك أهله ، كما شاركت
فيها منظمة هيومن رايتس ووتش.
حدث ذلك بينما أحيت الدولة
العبرية في احتفالات لافتة ذكرى
مرور أربع سنوات على أسر شاليط. بالطبع كان توني بلير هو الأسوأ على
الإطلاق ، وبلير هذا من ألد
أعداء أمتنا ، وهو الذي تولى كبر
التحالف مع بوش في احتلاله
للعراق وأفغانستان ، وهو الذي
يدير اليوم لعبة "السلام
الاقتصادي" في الضفة الغربية
، وعندما فتح فمه فيما خص شاليط
، طالب بالإفراج عنه حالا وبدون
شروط. نتذكر هنا أن شاليط صار أشهر من أشهر نجوم
كرة القدم في العالم ، فضلا عن
أشهر المطربين والفنانين ، وصار
وجهه "الباسم البريء" ضيفا
على كل بيوت العالم ، لكأنه كان
طبيبا يمارس رياضة المشي عندما
أسره رجال المقاومة ، ولم يكن
جنديا تلطخت يداه بدماء
الفلسطينيين مرة إثر أخرى. الأكيد أن لعبة النفاق التي نتحدث عنها لم
تكن نتاج الشعوب ، بقدر ما هي
نتاج الأنظمة الغربية التي تصر
على تذكيرنا بمدى انحيازها
للدولة العبرية ، وكذلك بمدى
استخفافها بنا وبعذابات
أبنائنا ، ذلك أن ثمانية آلاف
أسير في سجون الاحتلال ، ثمة
آلاف منهم لم يحملوا مسدسا ولم
يطلقوا رصاصة قط ، لم يحظوا
بعُشر معشار ما حظي به السيد
شاليط من اهتمام ، هو الذي لم
يزر زعيم غربي تل أبيب إلا
واستقبل عائلته وذكر بقضيته. هذا العالم الظالم بأنظمته الإمبريالية
في أكثرها يعلم تمام العلم أن
حماس لا تسيء معاملة شاليط ، كما
أنها تنتظر لحظة التخلص منه
بطريقة شريفة ، أقله تبعا لما
يكلفه ذلك من عنت لها ، هي التي
يطاردها الاحتلال من كل جانب ،
وتعلم كما يعلم الجميع أن
الاحتفاظ بأسير صهيوني لأربع
سنوات يشكل معجزة حقيقية في ظل
الوضع الأمني الذي يعيشه قطاع
غزة. إنها تمنع عنه الزيارة لأنها تعلم أن فتح
باب كهذا يعني وصول الصهاينة
إليه بكل سهولة ، فيما هي تسعى
إلى تحقيق إنجاز يمنح الأمل
لأسرى شعبها الذين حكم القتلة
على بعضهم بعشرات المؤبدات ،
ومن بينهم نساء. في المقابل يتورط القتلة بمنع الزيارة عن
عدد كبير من الأسرى ، وأخذوا
مؤخرا يمارسون الاضطهاد بحق
أسرى حماس من أجل الضغط عليها كي
تفرج حركتهم عن شاليط ، في
ممارسة بالغة الوقاحة والسقوط. عن أية قيم يتحدث هذا الغرب الظالم ، وكيف
يمكن لأي إنسان أن يستقبل هذا
الحنان المفرط على جندي أسير ،
مقابل تجاهل ما يفعله المحتلون
بشعب كامل ، إذ يعتقلون أكثر من
مليون ونصف المليون في قطاع غزة
، فضلا عن أسرى السجون ، فيما
يعلم الجميع ما تعانيه الضفة
الغربية رغم من اعتقالات
واجتياحات ، ومن استيطان
وتهويد؟،. ثمة جانب مهم لا يلتفت إليه هذا الغرب
الظالم ، ممثلا في هذه الكراهية
التي تعتمل في نفوس المسلمين من
كثرة ما يعانون من غطرسته ، وهي
كراهية لن تلبث أن تتراكم يوما
فيوم حتى تجتث هذا الكيان
الغاصب ويكون لها موقفها ممن
يدعمونه بالباطل. ==================== إسرائيل.. مبادرات
لشرعنة مقارفات العقلية
الأمنية المتطرفة د. اسعد عبدالرحمن الرأي الاردنية 27-6-2010 يقول الشاعر العربي أدونيس: «للسياسة
الإسرائيليّة معجمٌ خاصّ –
لغويّاً، وفكريّاً، وأخلاقيّاً.
من يخالف قواعده ومقاييسه، فهو
مخطئٌ سلفاً، وإن كان مُصيباً.
لا مكان للحقيقة خارجَ هذا
المعجم. ولا مكانَ لِلغّة»! هذا،
فضلا عن أن الدولة الصهيونية –
بشهادات عالمية متنامية – باتت
«دولة مجنونة»، «دولة قراصنة»،
«دولة منزوعة الشرعية»، «دولة
انتحارية»، «تجهل التاريخ»، «وحشية»،
«تحتقر الانسانية»، «تستسهل
القتل»، وذلك ضمن تسميات عديدة
أخرى باتت تطلق على إسرائيل مع
انتهاء الحرب الباردة حين
تراجعت الحاجة الامريكية
الاوروبية للدولة الصهيونية.
فمنذئذ، بدأت الانتقادات
الدولية تتزايد مع استمرار
الجنون الاسرائيلي: حركة
استعمار/ «استيطان» مرفوض
عالميا، عدوان همجي على قطاع
غزة تابعه العالم على شاشات
التلفاز، احتلال صهيوني مستمر
في مقارفاته التي اقتربت من
تأسيس صيغة خاصة لأبرتايد
إسرائيلي، تزوير جوازات سفر دول
صديقة، موقف دولي رافض لسياستها
النووية السرية، وأخيرا وليس
آخرا الاعتداء على نشطاء دوليين
شاركوا في «أسطول الحرية». لقد تغيرت النظرة القديمة، بل قل «القبول»
الغربي، باعتبار اسرائيل كيانا
«استثنائيا» في كل شيء، كونه «وريثا»
لضحايا ما يسمى «الهولوكوست»،
يواجه «أخطارا كبرى» محيطة به
من دول تفوقه حجما وتريد القضاء
عليه، لذا فان من «حقه» الخروج
على القوانين والاعراف ليس مع
الاعداء فحسب، بل حتى مع
الاصدقاء والحلفاء، اذا اقتضت
الظروف. والآن بات العالم يقترب
من ان يرى في إسرائيل ما نراه
نحن فيها: دولة تعيش الأرق
والخوف من المستقبل بحكم
طبيعتها، محكومة بعقائد دينية
خرفة وايديولجية صهيونية
فاشية، أضحت هي المحرك الأساس
لها. فقبل نصف قرن، اعترف المفكر
اليهودي الأميركي مارتن بوبر
بإخفاق التنوير اليهودي أمام
الحركة الصهيونية، ووقوعه في
أسر العنصرية قائلاً: «لقد برهن
هتلر على أن مسار التاريخ لا
يوازي مسار العقل ولكن مسار
القوة، وأنه عندما يكون هناك
شعب على قدر من القوة فإنه
يستطيع أن يقتل من دون عقاب،
وهذه هي الحال التي كان علينا أن
نحاربها، ولكننا أخفقنا!». ومع تعاظم خوف اسرائيل من التراجع في مدى
مشروعيتها ومن استثنائيتها،
أطلقت الدولة الصهيونية
مبادرات للمعالجة، مثل اعلانها
تخفيف الحصار «جذريا» عن قطاع
غزة. كما قدم تقرير مؤسسة «روت»
الاسرائيلية نصائح بارزة: «اولا:
اعتبار ازمة التراجع في شرعية
اسرائيل معضلة وجودية. ثانيا:
استنفار الشتات الاسرائيلي
والمنظمات الاسرائيلية غير
الحكومية من اجل تكوين شبكة
عالمية لمساندة اسرائيل. ثالثا:
محاربة شبكات «نزع الشرعية» عن
إسرائيل في أهم عواصمها والسعي
لعزلها عن الجماعات المؤيدة لها
التي تزودها بالمتطوعين والمال
والمعلومات. رابعاً: تخليص
اسرائيل من الصفات السلبية «التي
الصقت بها» مثل النزوع العدواني
والاستخفاف بالقانون الدولي،
واضفاء الصفات الايجابية التي
تحصنها ضد محاولات نزع الشرعية،
مع دمغ الذين يسعون الى تحقيق
هذا الغاية بالصفات السلبية مثل
اللاسامية». بل نقلت صحيفة «هآرتس»
عن وزير الحرب الإسرائيلي وزعيم
حزب «العمل» الإسرائيلي، (ايهود
باراك) انه يضغط على (نتنياهو)
لتقديم خطة سياسية للتسوية مع
الفلسطينيين لمواجهة عزل
إسرائيل دوليا. رغم ذلك كله، يأتي تدهور علاقات اسرائيل
بالعالم الخارجي نتاج
مقارفاتها، وبفضل ازدياد الوعي
الدولي وتحول العالم الى قرية
بحيث بات بإمكان أي مواطن عالمي
أن يتابع كل الأحداث. لكن ما عسى
المرء ان يتوقع سوى استمرار
جنون هذه الحكومة الاسرائيلية
اليمينية المتطرفة التي لا تزال
تصر على عدم رؤية قباحتها
وقباحة سياساتها إذ نراها تتوغل
بعيدا في العقلية العدوانية
العنصرية ذاتها. وهذا الأمر هو
ما أكدته تصريحات نتنياهو
المتلاحقة، ناهيك عن أركان
حكومته مثل افيغدور ليبرمان
وأمثاله. بل ان هذا هو موقف
الزعيم «العمالي»(!!!) «المعتدل»(!!!)
الذي يعتقد – فيما يبدو – أن
الثلج يمكن أن يغطي القاذورات
إلى الأبد، حيث نقلت «هآرتس» عن
ايهود باراك قوله: «مبادرتي
ستؤدي حتما إلى اختراق العزلة
التي تعيشها اسرائيل، وتعطي
شرعية لأي نشاط عسكري تقوم به
اسرائيل، في أي منع لأساطيل سفن
تأتي لغزة وتحقيقات دولية، وانه
كانت هناك دوما حكومات في
اسرائيل قادرة على العمل بكل
حرية من الناحية العسكرية لأنها
قامت بالمبادرة لخطوات سياسية»! ==================== حرب أفغانستان.. مأزق
الإستراتيجية فؤاد حسين الرأي الاردنية 27-6-2010 إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال من منصبه
كقائد للقوات الامريكية وقائد
القوات الدولية «ايساف» في
افغانستان، ومن قبله إقالة رئيس
هيئة أركان القوات البريطانية
مارشال الجو السير جوك، ومن
قبلهما استقالة وزير الداخلية
في الحكومة الأفغانية حنيف
أتمار ومدير جهاز الاستخبارات
الوطنية الأفغاني أمر الله
صالح، على خلفية الهجوم الذي
استهدف اجتماع مجلس زعماء
القبائل «اللوياجيرغا» ، منتصف
حزيران الحالي، لتؤكد كل هذه
الاستقالات في غضون شهر واحد أن
المأزق الأفغاني بات كبيرا لا
يستطيع أحد التستر عليه أو
إخفاءه، فقد اتسع الخرق على
الراتق، ولم يعد ممكنا
الاستمرار في تجميل الهزيمة،
وأن تستمر الدول الغربية في
الكذب على جماهيرها بالوعد
بالنصر. فالجنرال ستانلي ما كان
له أن يقال لولا مماطلة
المسؤولين في واشنطن طلبه زيادة
القوات العسكرية ثلاثين ألفا من
أجل «وقف انتصارات طالبان» مما
أضطره الى إطلاق تصريحاته
اللاذعة ضد المسؤولين الكبار في
البيت الأبيض الذي تذرع بتأخير
تلبية طلب جنراله بمراجعة
الإستراتيجية الحربية في
أفغانستان قبل أن يقرر زيادة
القوات. ومن قبله كانت حجة إقالة
السير جوك على أنه جزء من فشل
الحكومة العمالية السابقة الذي
أحاط الدور البريطاني في
أفغانستان. وكذلك الحال بالنسبة
لاستقالة المسؤولين الأفغانيين. إذا الأسباب الأميركية والبريطانية
والأفغانية الرسمية لإقالة أو
استقالة مسؤوليهم العسكريين
والأمنيين العاملين في
أفغانستان هي الفشل، بينما لو
تمعنا في عمق الأحداث لوجدنا أن
السبب هو عقم الإستراتيجية التي
وضعها الرئيس الأميركي أوباما
للحرب في أفغانستان، والتي كانت
امتدادا لاستراتيجية بوش الإبن.
فالفشل لم يكن لا من المسؤولين
الميدانيين الأميركيين ولا
البريطانيين ولا حتى
الأفغانيين، فهم مجرد منفذين
لسياسة وضعها قادتهم السياسيون
والعسكريون، إذا الخطأ في تلك
السياسات وتلك الإستراتجيات،
مما يستدعي إعادة النظر في كل
السياسات الغربية تجاه
أفغانستان. آن لأميركا والغرب أن يدركوا أن كسب الحرب
في أفغانستان من المعجزات، مهما
قتلوا وقصفوا ودمروا، فالأفغان
شعب اعتاد على العيش بدون أية
بنى تحتية، يستطيع العيش بدون
كهرباء وطرق ومصانع، يكفيه
ينابيع الجبال وبعض الحقول حول
بيوتهم، وكفى. في حين أن كلفة
الحرب الأميركية في أفغانستان
شهريا أقل قليلا من سبعة
مليارات دولار. مما أنهك وينهك
الاقتصاد الأميركي
والاقتصاديات الغربية التي
بدأت تنوء تحت عبء التقشف
والفاقة. الإستراتيجية الوحيدة المتاحة أمام
الإدارة الإميركية في
أفغانستان هي إستراتيجية
الإنسحاب، وإلا مزيد من القتل
والاستنزاف المالي، خاصة وأن
شهر حزيران الذي لم ينته بعد،
فاق عدد قتلى حلف الأطلسي في
أفغانستان الثمانين جنديا، وهو
أعلى رقم شهري منذ احتلال
أفغانستان. وهو عدد قتلى الشهر
الأول لإعلان طالبان غزوة
الفتح، والتي توعدت في بيان
إعلان بدئها، أن تنتهي بتحرير
كل الأراضي الأفغانية. تسع سنوات من القتال في أفغانستان كافية
لتفصح عن اتجاهات الحرب، التي
تطاير شررها الى باكستان والهند
وأزباكستان، حتى وصلت اليمن
والصومال ومن قبلها العراق،
وإذا ما استمرت فإن حريقها قد
يلتهم كثيرا من المناطق الأخرى،
ووقف الحرب دون هزيمة مدوية
يكون ممكنا معها احتواء
نتائجها، في حين أن إنهاءها
بهزيمة مدوية ستكون نتائج الحرب
أكثر عنفا على المحيط، مما يهدد
بوقوع كامل باكستان وغيرها بيد
الطالبانيين. ما زال الوقت متاحا أمام أميركا وحلف
الأطلسي لاتخاذ قرار وقف الحرب
واحتواء نتائجها، قبل أن تضطر
لتكرار مشهد الخروج من فيتنام. ==================== هل ينتقل العرب من غضب
اللحظة إلى فاعليّة السياسة المستقبل - الاحد 27 حزيران 2010 العدد 3694 - نوافذ - صفحة 13 محمد الحاج صالح لم تكفّ إسرائيل يوماً عن ارتكاب جرائم
مماثلة لما ارتكبته ضدّ سفن "قافلة
الحرية". فهي لم تحترم شرعةَ
حقوق الإنسان، ولا القوانين
الدولية، لا أثناء الحروب مع
العرب، ولا عندما قامت
استخباراتُها بالاغتيالات في
غير دولة من أوغندا إلى
إيطاليا، مروراً ببيروت وعمان
ودبي. ومنذ نشأتها كانت هي الطفل
المدلّل المُراعى من قبل أغلبية
الدول الغربية وإعلامها
الفعّال وحتى أكثرية منظماتها
المدنية. وعبر السنين تراكم لدى
الإسرائيليين إحساسٌ بأنهم فوق
القانون الدولي. وقد مارسوا
فعلاً أعمالاً تخرق وبوضوح
القوانين والأعراف الدولية، لا
بل وحتى الأخلاق الإنسانية
المتعارف عليها. وعلى الرغم من
ذلك لم يحدث أن أُدينت إدانة
رادعة، ولم يحدث أن اتخذ مجلس
الأمن قراراً يضع إسرائيل بوضوح
أمام مسؤولية ما تقترفه أو
يجبرها على الانصياع. لقد كانت صياغات القرارات الدولية وكذلك
مواقف أغلب الدول الغربية وعلى
الدوام مائعةً، وفي حقيقتها هي
نوع من الدفاع عن إسرائيل. الأمر
الذي أدى إلى أن يطّور التفكير
الإسرائيلي نوعاً من تقديس
الذات. وما كان لهذا التقديس للذات والثقة
العمياء ليظهر لو أنها عوقبت
مرة واحدة. جزء مهم من قوة إسرائيل وعنجهيتها مردّها
اتقانها، مدعومة بأوساط يهودية
وغربية فاعلة، صناعة
الهولوكوست. تلك الصناعة التي
روجت لمنتجها الوحيد، وهو موضوع
اضطهاد اليهود وتعرضهم
للمحرقة، ترويجاً غير مسبوق،
حتى ان البعض يعتبر صناعة
الهولوكست أهم حدث ثقافي وسياسي
بعد الحرب العالمية الثانية.
تكفي نظرة سريعة إلى السينما
وملايين المقالات والكتب
والروايات لدعم هذا الرأي. ولأن
الغرب وأميركا شكلا القاطرة
الأساسية في النهضة العلمية
والتكنولوجية المعاصرة،
ولارتباط اليهود وإسرائيل
بسياسات الغرب بعد الحرب
العالمية الثانية، فإن
الاستفادة الإسرائيلية من هذا
الوضع كانت في الحد الأقصى. على
الأخص إذا ما تذكرنا أن العرب لم
ينجحوا في بناء دولهم، ولا في
تسويق قضاياهم. والأمر ليس
شطارة من إسرائيل والأوساط
المساندة لها في إيذاء العرب
فقط، وإنما لأن العرب لم يدخلوا
العصر. فبناهم المجتمعية
مُفوّتة، وأنظمتهم قامعة، ووضع
حقوق الإنسان والمرأة ما كانت
ولم تصبح في صلب اهتماماتهم،
فكيف لهم أن يكسبوا رأياً
عاماً، أو يحدّوا على الأقل من
الدعم الأعمى لإسرائيل. ليس مستحيلاً ولكنه صعب للغاية أن يتمكن
العرب من كسب معركة الرأي العام.
يكفي للتدليل على ذلك أنهم أعجز
من أن يؤثروا على نوايا الحكومة
البريطانية في استثناء
المسؤولين الإسرائيليين
المعرضين للمثول أمام المحاكم
البريطانية، والتي تنظر في
العديد من القضايا ضدهم. منْ منَ
الدول العربية لديه رصيد محترم
في مجال حقوق الإنسان ليتمكن من
أن يحتج احتجاجاً فاعلاً لدى
الحكومة البريطانية؟ جلّ الدول
العربية مدانة بسبب انتهاكاتها
لحقوق الإنسان. وهي تقمع
شعوبها، وتسجن معارضيها،
وتضطهد المرأة والأقليات. من سوء الحظ وشقاء الوعي أن تستمر نخبٌ
عربية سياسية وثقافية فاعلةٌ
بالاستهتار بالرأي العام
الغربي، ولا تعي أنه يمكن أن
يكون سلاحاً ضاغطاً وفعالاً على
حكوماته. وتستهين بالقوانين
الدولية ولا ترى إمكانية
الاستفادة منها. يعزز وجهة
النظر هذه السلوك الرسمي للدول
الغربية المحابي لإسرائيل.
لتنشأ دائرة مَعِيبة وشيطانية،
المستفيد الوحيد منها هو
إسرائيل. فهي تجيد لِبْس جلد
الحمل أمام الإعلام والرأي
العام الغربي. الاستهتار بالرأي العام الغربي، ومهما
كانت الذرائع، لا يخدم إلا
مصلحة إسرائيل. فلإسرائيل حبلٌ
سريٌ يمتد عميقاً في أوروبا
وأميركا، ويكفي أن تُسدّ بعض
عروقه ليشعر الجسدُ الإسرائيلي
بالوهن. رغم الأسى على ضحايا "قافلة الحرية"،
فإن الحدث يشكل فرصة ثمينة
لتحرك عربي سياسي مجدٍ وفعال إن
راعى أموراً، منها: الإدراك أن
شيئاً يتحول في أوروبا وأميركا
على الصعيدين الشعبي والرسمي
ليس في صالح إسرائيل. فالصحافة
الاسكندنافية مثلاً ومعها قطاع
واسع من الرأي العام بات يستخدم
لغةً ما كانت لتخطر على بال
الجمهور هنا. وشيئاً فشيئاً
يتعمق التحول هنا ويصل إلى
الثقافة، إذْ كثيراً ما نرى
روائيين ومخرجين وفنانين
وفلاسفة ورجال دين كبار يفصحون
عن إدانة لا لبس فيها للجرائم
الإسرائيلية. هولاء لا يمكنهم
غضّ النظر، والاكتفاء بإدانة
إسرائيل من دون أن يمروا على
الخطاب والفعل العنيف للأصولية
الإسلامية والمتطرفين المسلمين.
سيتسارع هذا التحول إن خدم
العرب أنفسَهم بإصلاحات تطال
السياسة والثقافة والدين،
وبتحرك سياسي عقلاني ودؤوب. إن احترام
القوانين الدولية ستزداد
جدواه، على الرغم من إغراء
الكلام السهل الذي لا يرى من
القوانين الدولية وحقوق
الإنسان والأعراف العالمية إلا
ما تخرقه إسرائيل. فإذا كانت
إسرائيل سارقاً أو مجرماً، ليس
من الحكمة أن نجري وراءها
ونقلدها. إسرائيل استخدمت القوة
في مكان لا يحق لها فيه استخدام
القوة، وعلى ناشطين سلميين،
مانعة مساعدات إنسانية. جريمة
موصوفة! فهل نلحق بها ونفجر ملهى
ليلياً أو دار سينما. إن رفع الحصار عن
غزة من الجانب المصري سيكتسي
أهمية أكثر وأكثر إذا ما أُلحق
بتحرك عربي موزون ومدروس.
فالمشكلة ليست بالأفكار.
الأفكار المجدية متوفرة
والأمور واضحة. وإنما تقبع
المشكلة في الميزة العربية في
الانقسام وعدم مواصلة الجهد.
فالكل يرى أن توضع قضية حصار غزة
على طاولة مجلس الأمن، وأن
تتعاون الجامعة العربية وتركيا
في وضع القضية أمام المحكمة
الدولية، وأن تفعّل وسائل الضغط
على حلفاء إسرائيل. أما القفز
إلى نسف المبادرة العربية من
أساسها فهو لعبة مزايدة كثيراً
ما أجادها العرب. إنها لعبة
المغامرين المؤدية إلى الإفلاس.
هجاء إسرائيل
وشتمها سهلٌ لا يحتاج إلا
حنجرةٌ وميكرفون وفضائية. أما
عزل إسرائيل والتمهيد لمعارك
سياسية واسعة وحتى "حربّية"
معها، لا يحتاج إلى الصراخ الذي
يملأ الفضاء العربي الآن.
التحرك الهادئ المدروس الموزون
أَهْيب، حتى في المعارك
العسكرية. ومُظاهرةٌ منظمة،
أفضل من الصخب والصياح. ومتكلّم
صارم وإنما هادئ الصوت مقنعٌ
أكثر من صارخٍ مع زَبَدٍ في
زوايا الفم. ==================== تغيرات تضع إسرائيل
أمام المنحدر بلال الحسن الشرق الاوسط 27-6-2010 كثيرا ما تصرفت إسرائيل، ومن ورائها
الولايات المتحدة الأميركية،
على أنها تسيطر على المنطقة
العربية، وأن لديها القوة التي
تؤهلها لفرض ما تريد. وقد كانت
سلسلة الحروب التي خاضتها
إسرائيل ضد العرب، مشجعة لها
لكي تتصرف دائما على أنها الجهة
التي تفرض ما تريد، والجهة التي
لا يستطيع أحد أن يمس مكانتها.
ونشأ عن ذلك وضع متوتر دائم في
المنطقة، انعكس على الكثير من
نواحي الحياة، خاصة
الاستراتيجي منها. إلا أن ثمة تغيرات أخذت تتبلور في المنطقة
بالتدريج، أحدثت حالة من التغير
الذي يمس وضع إسرائيل. وفي هذا
التغير تنمو قوى جديدة، تعدل في
موازين القوى لصالح
الفلسطينيين والعرب، وتضع
إسرائيل في مواجهة مصير جديد لم
تكن تتحسب له. وسنحاول هنا أن
نحدد عناوين هذا التغير: العنوان الأول: الصمود الشعبي الفلسطيني.
فقد تعرض الشعب الفلسطيني
لعمليات ضغط كبيرة وكثيرة،
مورست بالكامل من خلال عملية
الاحتلال الإسرائيلي، وأخذت
أشكال: القتل، والأسر،
والترحيل، وتدمير البيوت،
ومصادرة الأراضي، وتفشيل كل
محاولات التسوية السياسية،
وبهدف أن يصل المواطن الفلسطيني
إلى مرحلة اليأس والاستسلام.
وقد بلغت هذه السياسة ذروتها في
الحرب على غزة، حيث مورس
التدمير المنهجي بأبشع صوره،
ومنعت عملية إعادة البناء من
خلال أقسى أنواع الحصار. كما
بلغت ذروتها في حالة حصار الضفة
الغربية، التي تمت من خلال أكثر
من 400 حاجز، يعطلون كل احتمالات
الحياة المنتجة. ولكن الذي حدث
كان مفاجئا للاحتلال
الإسرائيلي، ومفاجئا لمن دعموا
وجوده مع استمرار أساليبه
البشعة، إذ مثل الشعب الفلسطيني
حالة من الصمود النفسي، ومن رفض
الانكسار، يعترف بها
الإسرائيلي ولو سرا، ولكنه
يعترف بها علنا أيضا من خلال
بناء «سور الفصل العنصري» الذي
يحتمي خلفه. العنوان الثاني: نمو الحالة النضالية لدى
فلسطينيي 1948، فقد تعرض هؤلاء
منذ إنشاء دولة إسرائيل إلى
أقسى وأشد أنواع الضغط الهادف
إلى تدمير نفسيتهم وشخصيتهم،
وتم وضعهم بشكل مدروس في أتون
حالة غير إنسانية تسعى إلى
تحويلهم إلى مجموعة من
المرتزقة، لا همَّ لهم إلا
التذلل للحاكم الإسرائيلي من
أجل الحصول على لقمة العيش. ولكن
ما هي إلا سنوات، حتى تحول هؤلاء
المحاصرون داخل وطنهم، إلى قوة
سياسية، فنظموا أنفسهم في
أحزاب، وأعلنوا أنهم أصحاب
الأرض الأصليون، وأنهم يرفضون
الاحتلال، ويرفضون الانتماء
إليه، ويعلنون بالمقابل أنهم
جزء من الشعب الفلسطيني، وأنهم
جزء من أمتهم العربية. وبدأوا
يرفعون الصوت في وجه أساليب
الاحتلال التي ترغب في إذلالهم
وتطويعهم. وهم الآن حالة شعبية
نضالية تقلق إسرائيل، حتى إنها
لجأت إلى أسلوب جديد في
مواجهتهم، هدفه كسر شوكة
قياداتهم، وتشويه سمعة هؤلاء
القادة، من خلال التركيز على أن
اعتقالهم وسجنهم لا يتم بسبب
مواقفهم السياسية، بل لأنهم
جواسيس وخونة ومرتزقة،
يتعاملون مع «العدو» العربي، و«يتجسسون»
لصالحه، مقابل حفنة من المال،
وذلك من أجل إيجاد حاجز معنوي
بينهم وبين جمهورهم. العنوان الثالث: نمو فكرة المقاومة في
المنطقة، أولا ضد الاحتلال
الإسرائيلي، وثانيا ضد سياسات
الدول الأخرى الداعمة لهذا
الاحتلال، وعلى الرغم من أساليب
قمع المقاومة تنظيما وفكرا، فإن
فكرة المقاومة بقيت ثابتة
وصامدة، بل وأخذت بالاتساع من
الإطار الفلسطيني إلى الإطار
العربي. ولم يكن خروج إسرائيل من
لبنان عام 2000، ثم ما تلاه من
نتائج في حرب 2006، إلا علامة من
علامات فكرة المقاومة واتساعها
وقدرتها على التأثير. ولقد أدت
فكرة المقاومة، ونتائجها
العملية، إلى إدراك إسرائيل أن
نظريتها الأمنية الاستراتيجية
التي تقوم على قاعدة الضربة
المسبقة، والقتال في أرض الخصم،
وإبقاء الجبهة الإسرائيلية
بعيدة عن ميدان المعركة، قد
سقطت ولم تعد ممكنة التحقيق على
الأرض. وتحاول إسرائيل الآن أن
تعوض هذا التغير الإجباري الذي
تواجهه، برفع راية القدرة على
التدمير، بينما تتكفل أنواع
الأسلحة الجديدة بجعل التدمير
سلاحا ذا حدين. العنوان الرابع: هو تغير النظرة العالمية
إلى إسرائيل، خاصة داخل الأطر
الغربية التي كانت مؤيدة لها
تاريخيا. لقد بدأ هذا التغير
احتجاجا على سياسات الاحتلال،
فنشأت في بريطانيا أولا،
وبقيادة أكاديميين يهود،
الحركة الداعية إلى مقاطعة
إسرائيل علميا وأكاديميا. ثم
نشأت في عدة دول أوروبية الحركة
الداعية لمقاطعة البضائع
الإسرائيلية التي تم إنتاجها في
المستوطنات، وعلى قاعدة أن هذه
المستوطنات ليست شرعية، وليست
قانونية، ومخالفة لاتفاقية
جنيف الرابعة. ونشأت بعد ذلك،
وعلى نطاق أوسع، حركة الاحتجاج
على حرب إسرائيل ضد قطاع غزة،
ذلك أن تلك الحرب، جرت بكل
بشاعاتها أمام شاشات
التلفزيون، وأثارت همجيتها،
وقساوتها اللا إنسانية، ضمير
الكثيرين من أحرار العالم. وحين
تواصل حصار غزة بعد توقف تلك
الحرب، الحصار الذي لم يحدث له
مثيل في التاريخ، ازداد تفاعل
أحرار العالم مع مأساة غزة،
وازداد غضب أحرار العالم على
سياسة إسرائيل، وبلغ هذا الغضب
ذروته في حملات السعي لرفع
الحصار، وحين حصلت المواجهة مع
«أسطول الحرية» في المياه
الدولية، ثار غضب العالم أكثر
وأكثر، وأصبح هذا الغضب مؤشرا
على تراجع مكانة إسرائيل، وعلى
تغير نظرة العالم إليها. العنوان الخامس: هو التغير النوعي الحاصل
داخل إسرائيل، حيث تحولت
إسرائيل مع الزمن إلى دولة
يمينية عنصرية فاشية، تسيطر
عليها الأحزاب الدينية
المتعصبة، وترتفع فيها شعارات
الطرد والترانسفير، وتحول
برلمانها إلى ميدان يومي لإصدار
القوانين التي تشرع الاضطهاد ضد
كل من يعارض سياسات الحكومة أو
سياسات تلك الأحزاب المسيطرة،
وفي المقدمة منها الأقلية
الفلسطينية الناهضة. وبهذه
التغيرات لم تعد إسرائيل تمثل
نموذجا «غربيا» يقابله المواطن
الغربي بالإعجاب، بل أصبح يرى
في هذه التطورات ردة على الفكر
الحر وعلى الديمقراطية وعلى
القيم الغربية. وأخيرا بدأ هذا
التغير النوعي في بنية المجتمع
الإسرائيلي، ينعكس على
علاقاتها الداخلية، فبدأنا
نشهد صراعا متخلفا بين
المتدينين والعلمانيين، وصراعا
بين اليهود الغربيين واليهود
الشرقيين، وعبر هذا الصراع عن
نفسه بمظاهرات واحتجاجات، حتى
من قبل العائلات والأسر، يعلن
كل طرف فيها أنه لا يريد أن يجلس
أبناؤه في المدارس مع أبناء
الطرف الآخر. تمثل هذه العناوين الخمسة حالة التغير
التي تعصف بإسرائيل، تحيط بها
وتتفاعل داخلها، وتؤشر إلى أن
وضع إسرائيل قد انتقل من حال إلى
حال، حتى إن رئيس دولتها،
والصهيوني الأول فيها، شيمعون
بيريس، بات يعلن أن مستقبل
إسرائيل قد أصبح في خطر. يقول ابن خلدون: إذا وقع الهرم في الدولة
فإنه لا يتوقف. ==================== عبد الرحمن بن صالح العشماوي الجزيرة السعودية 8/6/2010 يروي عدد من العلماء والدعاة، والعاملون
في المجال الخيري قصصاً عجيبة
عن عناية المسلمين في أنحاء
العالم بالقرآن الكريم وتعليمه
وتحفيظه. يقول د. سعيد حارب نائب رئيس جمعية دبي
لتحفيظ القرآن: ممن فاز في جائزة
دبي في إحدى السنوات طفل صغير من
إحدى دول الاتحاد السوفيتي
السابق، وكان عمره في حدود
الثانية عشرة، وكان إتقانه
لافتاً للنظر، فسألناه عن حفظه
لكتاب الله، كيف تم، ومَن الذي
قام بتحفيظه هذا الحفظ المجوَّد
المتقن؟ فقال: أبي هو الذي قام
بهذا العمل، قلنا فمن الذي
علَّم أباك وحفظه القرآن؟ قال:
جدِّي، فعجبنا لهذا الأمر،
وتساءلنا كيف تسنَّى لجدِّك أن
يعلم والدك القرآن في سيطرة
الاتحاد السوفيتي الملحد الذي
كان يعاقب المسلم المرتبط بدينه
بالقتل مباشرة، قال: أخبرني أبي
أن جدِّي كان يحمله وهو صغير على
(حمار) ويذهب به مسافة بعيدةً
خارج القرية ثم يضع عُصابةً على
عينيه ويقود به الحمار حتى يدخل
في مغارة في الجبل تؤِّدي إلى
موقع فسيح، وهناك يفك العصابة
عن عينيه، و يستخرج من مكان هناك
ألواحاً نقشت سور القرآن ويحفظه
ما تيسر ثم يصعب عينيه ويعود به
إلى المنزل حتى حفظ والدي
القرآن الكريم، قلنا له، والعجب
يملك نفوسنا: ولماذا كان جَدُّك
يعصب عيني والدك، قال الفتى:
سألنا والدي عن ذلك فقال: كان
يفعل ذلك خشية أن يقبض النظام
الشيوعي ذات يوم على ولده
فيعذِّبوه، فيضعف، فيخبرهم
بمكان مدرسة التحفيظ السريَّة
في تلك المغارة، وهي مدرسة
يستخدمها عدد من المسلمين حرصاً
على ربط أولادهم بالقرآن
الكريم، وهم يعيشون في ظل نظام
ملحدٍ يقوم في حكمه على الحديد
والنار. وتكثر القصص العجيبة في هذا المجال، فتلك
أسرٌ تستمر في تعليم القرآن
لأولادها جيلا بعد جيل في (أقبيةٍ)
تحت الأرض معدَّة لتخزين بعض
المواد الغذائية أو غير
الغذائية، وقد تضطر الأسرة إلى
تشغيل أجهزة في المنزل تحدث
أصواتاً مزعجة إمعاناً في
التخفِّي، وقد يتركون أجهزة
الإذاعة أو آلات التسجيل تشوِّش
ببعض الأغاني الصاخبة وهم
يعلمون القرآن في تلك الأقبية. ومن القصص
العجيبة قصة (راعٍ للغنم) في
إحدى الدول الروسية الصغيرة،
ظلَّ سنوات يرعى الغنم محتملاً
التعب والنصب، والجوع والعطش،
وهي شديدة عليه، لأنه من أسرةٍ
مقتدرة مالياً، وكان قبل رعي
الغنم يعيش في بيت ذي مستوى مادي
ممتاز، له غرفته الخاصة،
وملابسه الجميلة، ولكنَّه حين
أصبح حافظاً للقرآن الكريم -بطريقة
سرِّية- فضَّل أن يستخدم طريقة
رعي الأغنام ليتمكن في الهواء
الطلق من تعليم أبناء مدينته
الذين كانوا يذهبون إليه فرادى
في أوقات متفاوتة ليعلمهم
القرآن الكريم، وقد تخرَّج على
يده عدد منهم. أما الآن وقد
تحطمت أكذوبة الشيوعية
الملحدة، وتحطَّم الاتحاد
القائم على الظلم، فقد أصبحت
مدارس وجمعيات تحفيظ القرآن في
تلك الدول معالم بارزة، وأصبحت
علاقاتها بالهيئة العالمية
لتحفيظ القرآن في رابطة العالم
الإسلامي علاقة حميمة، ينتج
منها خير كثير. أقول هذا وأنا أدعو بالهداية لبعض العرب
المسلمين الذين يهجرون القرآن
تلاوة وعملاً وهم في أمن وأمان. إشارة : صدق الله العظيم الذي قال: {إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحَافِظُونَ}. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |