ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
حل مشكلاتنا رهن بالوحدة
العربية ؟! ميشيل
كيلو 6/29/2010 القدس
العربي هل
صحيح أن إيجاد حلول لمشكلات
العرب يجب أن ينتظر وحدتهم،
لكونه مستحيلا بالضرورة دونها؟
طرحت علي هذا السؤال فقرة من
كتاب مهم أصدره 'مركز دراسات
الوحدة العربية' في بيروت تحت
عنوان 'المشروع النهضوي العربي'،
يقول في الصفحة التاسعة
والخمسين ما يلي: 'لا نهضة للأمة
من دون وحدتها القومية'. باستثناء
هذه الفقرة الأساسية، يحتوي
الكتاب على جملة أفكار نقدية
وحديثة من موضوع الوحدة
العربية، تتناقض تماما مع مضمون
هذه الجملة القطعي، الذي يذكر
بما كان يقال ويكتب عن وحدة
العرب خلال الفترة التالية
للحرب العالمية الثانية، وحتى
أواسط الستينيات، باعتبارها
المسألة المركزية والرافعة
الرئيسية لأي نهوض أو تقدم عربي.
هذه الرؤية لمركزية الوحدة
العربية في مشروع النهضة
العربية تقوم على 'مبدأ 'يرى
مؤلف الكتاب أنه ليس مبدأ نظريا
نستفيده بعملية استنباط ذهني،
بقدر ما هو ترجمة مادية وحصيلة
موضوعية للسيرورة التاريخية
التي قطعتها مجتمعات وأمم في
سبيل تحقيق نهضتها، التي أتى
إنجازها وحدتها القومية المدخل
إليه والرافعة السياسية التي
قام عليها'. (ص58/59). علمتنا
تجربة نصف القرن الماضي، وكانت
أساسا تجربة احتجاز وحدة الأمة،
أن هناك انفصالا فعليا يصعب
تخطيه بين الوحدة والنهضة، وأن
علينا التفكير في السبل النظرية
والعملية الكفيلة بدخول العرب
إلى وحدتهم القومية من بوابة
نهضتهم، بعد أن آمنوا لفترة
باستحالة الدخول إلى النهضة من
غير بوابة الوحدة، الأمر الذي
ثبت فشله قبل وبعد تشكل الدول
الوطنية العربية، بين الحربين
العالميتين وبعد الثانية منهما.
لا شك أن قيام وحدة العرب سيجعل
لنهضتهم معنى مختلفا عن معناها
في ظل دولهم الراهنة، وأنه
سيسهل النهضة وسيجعلها أوسع مدى
وأعمق غورا. لكن عدم قيام الوحدة
لا يجوز أن يكون سببا جامعا/مانعا
لعدم حدوث نهضة، وإلا كنا أسرى
تفسير جبري للواقع، يربط
ممكناته باحتمال واحد يصير
الفعل الإنساني عديم الجدوى، بل
ومستحيلا، في غيابه، وفي هذا ما
فيه من خروج على المنطق،
واحتمالات وممكنات الواقع، وهو
تبرئة صريحة للنظم العربية
السائدة من دورها في عدم قيام
الوحدة. إذا كان احتجاز الوحدة
يفضي بصورة حتمية إلى احتجاز
النهضة، وكانت النهضة مستحيلة
دون الوحدة، فإننا نكون أمام
معادلة مستحيلة تفرض علينا
اتجاها واحدا في العمل، يقوم
على السعي إلى تحقيق الوحدة
وتجاهل كل ما عداه، بما في ذلك
تغيير ظروفنا السياسية
والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية القطرية، الذي ليس
فعلا وحدويا مباشرا، لكنه يعزز
حرية الشعب ويوسع قدراته ويقوي
دوره في علاقته مع حكامه وقطره،
ويجعل قيام الوحدة أكثر سهولة
من حيث يضعف مقاومة الأمر
القائم لها. تقول الجملة من
الكتاب التي تقول باستحالة
النهضة العربية دون الوحدة: من
العبث فعل أي شيء خارج دائرة
الوحدة المباشرة، بما في ذلك
النضال من أجل النهضة،
والديمقراطية، والتجدد
الحضاري، والاستقلال، والتنمية
المستقلة، والعدالة
الاجتماعية، وإضفاء طابع وطني
وشعبي على السلطة القائمة
يصالحها مع مجتمعها، وإقامة
مؤسسات ومرافق ومصالح مشتركة
تتخطى الأقطار، تؤسس منظمات
عربية / قومية المجال تغطي نشاط
الدول في القطاعات العلمية
والصحية والإدارية والخدمية
والتنموية والتعليمية، وفي
حقول السياسات الداخلية
والخارجية، تقوي فرص الوحدة
العربية، التي تصير قضية تتصل
بتنمية المؤسسات القائمة
وتطويرها وتوسيع دائرة فعلها،
وتوقف التفكك العربي الزاحف،
الذي يهدد الدول القطرية
الراهنة، ويعتبره الكتاب خطرا
داهما يجب التصدي له. إذا لم
نكن قادرين على الوحدة، وعاجزين
عن النهوض، فماذا يبقى لنا؟
أليس هذا حكم إعدام سياسي علينا
كأمة وشعوب وأفراد؟. وهل يتفق
هذا الحكم مع تجارب غيرنا من
الأمم، كما يقول الكتاب؟ ألم
يعرف التاريخ تجارب جاءت فيها
الأمم إلى وحدتها من نهضتها، أم
أن جميع الأمم سارت على درب
احادي الاتجاه، يقود من الوحدة
إلى النهضة، فإن فشلت في توحيد
نفسها قوميا فشلت في تحقيق
نهضتها سياسيا واقتصاديا
واجتماعيا وثقافيا، وصار من
الحتمي قراءة الفاتحة على
روحها؟ تقول التجربة التاريخية
إن هناك أمما عديدة وصلت إلى
وحدتها من نهضتها الاقتصادية أو
السياسية أو الثقافية أو
الاجتماعية، وأن نهضتها هي التي
فتحت أمامها درب الوحدة، بينما
فتح درب الوحدة أمام غيرها درب
النهضة، في علاقة جدلية، معقدة
لكنها مؤكدة، بين وحدة كانت
منطلق النهضة، ونهضة مهدت لقيام
الوحدة وجعلتها خيارا واقعيا
وتاليا ممكنا. يصدر
مبدأ الكتاب حول تبعية النهضة
للوحدة حكم براءة على الأنظمة
العربية القائمة، التي قاتلت
قتال الأبطال ضد الوحدة، وها هي
ترفض بتصميم وإصرار إنجاز أية
خطوة على طريق النهضة، بما في
ذلك تحقيق تنمية اقتصادية
مستدامة من شأنها زيادة دخل
مواطنيها وتحسين ظروف عيشهم؟.
إذا كانت النهضة متحولا من
متحولات الوحدة، فإن إحجام
النظم عن تحقيق النهضة يصير
مبررا، ليس بسياساتها
وارتباطاتها وفسادها وعجزها
وضعفها واستبدادها، بل
بالحتمية التي لا يستطيع أحد
القفز عنها أو تجاوزها،
المتعالية على إرادة البشر
وخياراتهم، التي تربط تحقيق
النهضة بتحقيق الوحدة، فإن
استحالت الثانية، كان من المحال
أيضا طرح السؤال الذي يفرض نفسه
حول سبل تحقيق نهضة إطارها
الدول القائمة، وصار من المحتم
قبول الأمر القائم، الذي احتجز
الوحدة والنهضة، باعتباره أمرا
طبيعيا، بل الأمر الطبيعي
الوحيد، الذي حسنا يفعل لأنه لا
يضيع وقته وجهوده على تحقيق
نهضة جعلها غياب الوحدة مستحيلة
بالضرورة والقطع!. ليس
العرب فوق التاريخ أو خارجه. وهم
لا يخضعون لاعتبارات تخصهم
وحدهم دون سائر أمم وشعوب
الأرض، كما كان بعض 'الفكر'
القومي يعتقد في خمسينيات القرن
الماضي. في التاريخ، هناك أمثلة
على أمم حلت مشكلتها القومية
بفضل تطور ثقافي وحد إرادة
أبنائها وجعلهم يرون في وحدتها
أولوية يرتبط مصيرهم بتحقيقها. وهناك
أمم وحدها تطورها الاقتصادي
والاجتماعي، وأمم أخرى وحدتها
خيارات نضالية وتغيرات سياسية
وقعت فيها أو في البيئة
الدولية، وهناك أخيرا أمم حققت
نهضة عظيمة دون أن تتحد في دولة
قومية، فبقيت أمة بلا دولة،
لكنها نشطت وتقدمت ودافعت عن
مصالحها بجدارة، واحتلت موقعا
ملائما تحت الشمس. ما
دامت الوحدة القومية مستعصية،
من الضروري العمل في سبيل
الاختيار البديل: ممارسة أشد
الضغوط على النظم العربية
القائمة لإجبارها على الأخذ
بسياسات نهضوية، تغير وظائف
الدول وعلاقاتها مع مجتمعاتها
وأدوارها، وترسم لها أهدافا
جديدة، مغايرة لأهدافها
الحالية، تجعل منها دولا حقيقية
وليس مجرد أدوات بيد حكام يتركز
اهتمامهم ونشاطهم بصورة حصرية
ومطلقة على السلطة ومستلزمات
بقائها وتغولها. هذا الهدف ليس
مستحيل التحقيق. إنه في متناول
أيدينا، وهو معنى ومضمون النضال
الوحدوي في هذه الحقبة من
تاريخنا، علما بأنه لا يسد طريق
النهضة والتغيير، شاملا كان أم
متدرجا، ولا يتخلى عن مطلب
الوحدة وضرورتها، بل يجمع
بينهما في جدلية يمكن ترجمتها
إلى فعل يومي ونشاط نضالي،
مدخله في الحالتين انتزاع
الديمقراطية : حق المواطن في
التعبير عن حقوقه، وفي مقدمها
حقه في أن يشارك في نهضة وطنه
ومجتمعه، وفي توحيد أمته،
باعتبارهما فعلا يتم في ميدانين
مختلفين لكنه مترابط الأجزاء،
متكامل الأنشطة، فيه إعادة
إنتاج السياسة بما هي فاعلية
مجتمعية مباشرة أيضا، يتوقف
عليها، وليس على أي شيء آخر،
تحقيق ما يصبو إليه المواطنون
العرب، من الوحدة إلى النهضة أو
بالعكس: من النهضة إلى الوحدة!. لا
يجوز بعد الآن سجن الواقع في
مقولات قطعية ونهائية تقيد
حركتنا فيه وتبطل احتمالاته.
ولا يحق لنا فرض ترسيمات معينة
عليه، تلغي جوانبه التي لا تتفق
مع تصوراتها المسبقة. بعد تجربة
نصف القرن الماضي، يجب أن نفكر
ونتصرف بطريقة تبقي باب
الاحتمالات والممكنات النظرية
والعملية مفتوحا، كي لا نعيد
إنتاج فشلنا من جديد، ونكتشف
متأخرين أن ما كنا نظنه أسسا
نظرية فيها حل مشكلاتنا كان
قيودا على عقولنا وحركتنا، حالت
بيننا وبين إيجاد بلوغ أهدافنا!.
'
كاتب وسياسي من سورية ====================== رأي
القدس 6/29/2010 القدس
العربي ان
تمنع الحكومة التركية طائرة
ركاب عسكرية اسرائيلية، تقل على
متنها مجموعة من الضباط
والجنود، من المرور في أجوائها،
فهذه خطوة تنطوي على رسالة
شديدة الأهمية، مفادها ان السيد
رجب طيب أردوغان مصر على المضي
قدماً في مواجهته السياسية مع
اسرائيل، وهي المواجهة التي
بلغت ذروتها أثناء اقتحام
مجموعة كوماندوز بحرية
اسرائيلية سفينة مرمرة التركية
وقتل تسعة من النشطاء الاتراك
على ظهرها. الطائرات
العسكرية الاسرائيلية كانت
تجوب الأجواء التركية بسهولة
ويسر في الماضي، سواء في
رحلاتها الجوية الى بلدان
اوروبية او أثناء مناورات
عسكرية مشتركة، مع تركيا او
الولايات المتحدة الامريكية،
ولكن الاعتداء على سفينة كسر
الحصار عن قطاع غزة 'يجبّ ما
قبله' في ما يبدو. السيد
أردوغان طالب اسرائيل بتلبية
مجموعة من الشروط لتحسين
العلاقات، أبرزها الاعتذار
علناً عن اعتدائها على سفينة
مرمرة التركية، ودفع تعويضات
مالية لأسر الضحايا، واعادة
السفن التركية 'المخطوفة' من عرض
البحر التي كانت ضمن 'اسطول
الحرية'، وأخيراً القبول بلجنة
دولية للتحقيق في المجزرة
باشراف الامم المتحدة. هذه
الشروط منطقية، فاسرائيل
انتهكت القانون الدولي
باعتراضها سفناً في عرض البحر
في المياه الدولية، بعضها يرفع
علم تركيا العضو في حلف الناتو،
مضافاً الى كل ذلك ان هذه السفن
انطلقت من
ميناء تركي ولا تحمل على ظهرها
اي مواد ممنوعة، وقد تأكدت
السلطات الاسرائيلية بنفسها
اثناء خطف هذه السفن وتفتيشها
في ميناء اسدود. مطالبة
اسرائيل بالاعتذار واعادة
السفن المحتجزة ودفع تعويضات
لاسر الشهداء الضحايا، هي اقل
شيء ممكن ان تقدم عليه الحكومة
التركية، لان ما اقدمت عليه
اسرائيل هو 'اعلان حرب' على
تركيا، ومس بكرامتها وسيادتها
الوطنيتين. اسرائيل
طالبت الفاتيكان بالاعتذار
لليهود عن 'تجاوزات' وقعت قبل
قرون، وفعلت الشيء نفسه مع
المانيا بسبب جرائم النازية،
وما زالت تتلقى تعويضات منها
حتى هذه اللحظة، فلماذا لا
تعتذر رسميا لتركيا وتدفع
لضحايا العدوان على سفينتها
تعويضات مادية؟ لا
نريد ان نسرد امثلة اخرى عديدة
تجسد الابتزاز الاسرائيلي في
ابشع صوره، فلولا هذا الابتزاز
بشقيه المالي والسياسي لما
استمرت اسرائيل بالقوة التي
نراها حاليا، ومكنتها من هزيمة
الانظمة الرسمية العربية في
حروبها الاخيرة. السيد
اردوغان كسر الغرور
الاسرائيلي، وانزل الحكومة
الاسرائيلية من عليائها لانه
تعامل معها بكبرياء الواثق
المحنك، واستند الى قاعدة شعبية
عريضة داخل بلاده وخارجها، وفوق
كل هذا وذاك استند إلى القانون
الدولي ونصوصه التي تجرم الفعل
الاسرائيلي وتدينه. لم يعد
داني ايالون نائب وزير الخارجية
او رئيسه افيغدور ليبرمان
يستطيع، او حتى يجرؤ، على
استدعاء السفير التركي في تل
ابيب وتعمد اهانته واذلاله، ليس
لانه لم يعد هناك سفير تركي في
العاصمة الاسرائيلية، وانما
ايضا لان اسرائيل باتت ترتعد
خوفا من تركيا وحكومتها، ولا
تجرؤ على ممارسة تصرفاتها
الصبيانية ضد مواطنيها او
دبلوماسييها. نحن
على ثقة بان السيد اردوغان
سيستمر في مواقفه الرجولية هذه،
وسيصر على حتمية تلبية جميع
شروطه، وهي جميعها محقة، حتى
يلقن اسرائيل وحكومتها درسا في
الاخلاق وكيفية احترام
القوانين والشرائع الدولية. ====================== فؤاد
دبور الدستور 29-6-2010 شهدت
العلاقات التركية العربية
محطات وتحولات هامة في ظل حكم
حزب العدالة والتنمية الذي وصل
إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع
عام م2002 حيث انتهج قادة الحزب
سياسة خارجية ايجابية مع
الأقطار العربية والإسلامية
تمثلت بإقامة أفضل العلاقات مع
العديد من الأقطار العربية
والإسلامية وبخاصة دول الجوار
يأتي في مقدمتها القطر العربي
السوري. وقد
جاءت هذه العلاقات الايجابية
امتدادا للسياسات التي رسمها
الحزب وتجسدت في العديد من
المواقف يأتي على رأسها رفض
قادة الحزب ونوابه السماح لقوات
الغزو الأمريكية باستخدام
الأراضي التركية في الحرب
العدوانية التي شنتها إدارة
الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن
على العراق في شهر آذار عام م2003
، مثلما لم تسمح تركيا للجيش
الأمريكي باستخدام القواعد
العسكرية الأمريكية المتواجدة
في الأراضي التركية كما برز
الموقف التركي المساند للقضايا
العربية وخاصة قضية الشعب
العربي الفلسطيني بشكل واضح اثر
الحرب العدوانية الدموية
الشرسة التي أقدمت عليها حكومة
الإرهابي اولمرت ضد قطاع غزة في
السابع والعشرين من كانون الأول
عام م2008 حيث أقدم رئيس الحكومة
التركية رجب طيب اردوغان على
فضح وتعرية العدوان الصهيوني
والمجازر الإرهابية التي
ارتكبتها قوات العدو في قطاع
غزة في المحافل الدولية مثلما
جرى في مؤتمر دافوس في سويسرا
عام 2009م. ووقفت
الحكومة التركية قبل ذلك ضد
الحرب العدوانية الصهيونية على
لبنان في الثاني عشر من تموز عام
م2006 وقدمت دعما سياسيا ومعنويا
وماديا للشعب اللبناني. كما
ساندت بقوة حركة المقاومة
الإسلامية حماس باعتبارها حركة
مقاومة وليست حركة إرهابية وهذا
ما عبر عنه رئيس الحكومة
التركية الذي أعلن وبكل صراحة
ووضوح أمام البرلمان التركي
وللعالم اجمع أن تركيا لن تدير
الظهر لغزة وشعبها المحاصر
وأنها تعمل بكل جهد وثبات على
كسر الحصار عن القطاع ، كما
اعتبر القدس مثل أنقرة بل هي
مقدسة عند المسلمين ومنهم
الأتراك ، وقد جاء هذا الإعلان
بعد العدوان الصهيوني الدموي
على قافلة الحرية التي انطلقت
معظم سفنها من الموانئ التركية
باتجاه قطاع غزة بهدف كسر
الحصار الاقتصادي والسياسي عن
الشعب في القطاع حيث واجهتها
حكومة الإرهابي نتنياهو بهجوم
يعبر عن همجية الصهاينة
وعنصريتهم وخروجهم على كل
القوانين الدولية ، وأسفر
الهجوم عن استشهاد تسعة من
المواطنين الأتراك المشاركين
في أسطول الحرية. كما أعلن رئيس
الحكومة التركية أن إجرام
الصهاينة لن يمر دون عقاب سواء
أكان هذا الإجرام ضد الشعب
الفلسطيني أم ضد الأتراك وكل
أحرار العالم الذين يرفضون
الحصار ويتحركون بشكل عملي من
اجل كسره. كما
أقدمت تركيا على عدة خطوات ضد
العدوان الصهيوني سواء أكانت
سياسية مثل تقديم شكوى لمجلس
الأمن الدولي ضد العدوانية
الصهيونية والمطالبة بلجنة
تحقيق دولية لفضح العدوان
الصهيوني غير القانوني وغير
الإنساني ضد الذين أسهموا في
حملة إنسانية لدعم المحاصرين
الأبرياء ورفع الحصار عنهم ،
كما ألغت الحكومة التركية
مناورات مع الجيش الصهيوني
وأقدمت على إلغاء صفقة عسكرية
تتمثل في شراء تركيا لطائرات
صهيونية بدون طيار أم تجارية
حيث تأثرت العلاقات التجارية
وكذلك السياحية بين تركيا
والكيان الصهيوني. هذه
الإجراءات وغيرها جعلت قادة
الكيان الصهيوني يعملون عبر
أجهزتهم الأمنية وبخاصة
الموساد المتواجد منذ فترة
طويلة في شمال العراق بتحريض
حزب العمال الكردستاني ودفعه
للإقدام على عمليات إرهابية ضد
تركيا ، وأقدم الموساد على
عملية إرهابية ضد قاعدة عسكرية
بحرية تركية تزامنت مع الهجوم
الصهيوني على قافلة الحرية ،
وكذلك تخطيط الموساد لاغتيال
رئيس الوزراء التركي رجب طيب
اردوغان مثلما ذكرت مصادر تركية
مطلعة واثر هذه الأعمال أقدمت
الحكومة التركية على استبدال
رئيس جهاز المخابرات التركية
بأخر معروف عنه تشدده تجاه
العدو الصهيوني ، كما شجعت
تركيا مواطنين أتراكا ومنظمات
تركية بإقامة دعاوى ضد قادة
الكيان الصهيوني على خلفية
العدوان الإجرامي على أسطول
الحرية وبخاصة على سفينة مرمره
التركية أمام المحاكم الدولية.
كما اتجهت تركيا نحو إيران
لتدعم مواقفها في قضية الملف
النووي الإيراني للأغراض
السلمية حيث أعلن رئيس الحكومة
أن من يجب متابعته وملاحقته
وفرض الحصار عليه هو كيان العدو
الصهيوني الذي يمتلك سلاحا
نوويا مدمرا يهدد امن واستقرار
المنطقة والعالم بأسره ، وقامت
تركيا بتوقيع اتفاق مع طهران
كانت البرازيل طرفا أخر فيه مع
تركيا من اجل موضوع مبادلة
اليورانيوم المخصب في الأراضي
التركية ، ووقفت ضد مشروع
القرار الأمريكي الغربي في مجلس
الأمن الدولي رقم م1929 الذي
استهدف إيران وفرض حصار مشدد
عليها ولم تستجيب للضغوطات
الأمريكية وهكذا وجدت تركيا
نفسها طرفا في صراعات المنطقة
سواء ما تعلق منها بالصراع
العربي الصهيوني أو الصراع مع
إيران ، سيما وان الصهاينة
وأنصارهم في الكونجرس الأمريكي
بدأوا هجوما سياسيا وإعلاميا
وحتى اقتصاديا ضد تركيا بسبب
مواقفها المناصرة لقضايا الحق
والعدل فلسطينيا وعربيا
وإيرانيا. حيث
دفع العديد من النواب في
الكونجرس الأمريكي باتجاه
اتخاذ عقوبات ضد تركيا بسبب
مواقفها المعادية للكيان
الصهيوني وأمريكا والمساندة
لإيران والداعمة للشعب
الفلسطيني. طبعا ،
لم نفاجأ بالمواقف الصهيونية
وأعوانها في الإدارة والكونجرس
الأمريكي ودول استعمارية أخرى
معادية لتركيا وقيادتها وشعبها
لكن من المؤسف والمؤلم أن نسمع
ونقرأ لمسؤولين وإعلاميين عرب
اراء اشد إيلاما ضد تركيا حيث
يشن عليها حملة إعلامية وسياسية
مترافقة مع الحملة الصهيونية
الأمريكية وتستهدف هذه الحملة
حزب العدالة والتنمية وقيادته
الممثلة في رئيس الجمهورية
السيد عبدالله غول ، ورئيس
الوزراء السيد رجب طيب اردوغان
ووزير الخارجية السيد احمد
اوغلو والتهمة الجاهزة دائما هي
دعم الإرهاب. وذلك بهدف تشويه
صورة تركيا وسياساتها لأنها تقف
إلى جانب القضايا العربية بعامة
وقضية الشعب العربي الفلسطيني
بخاصة وهذا الموقف التركي
المتقدم يرتب على المخلصين من
العرب دعم تركيا سياسيا
واقتصاديا وتجاريا ونفطيا
وتطوير العلاقات بكل أشكالها مع
تركيا بما يخدم مصالح العرب
والأتراك معا. تركيا
التي انتهجت سياسة التعاون مع
الجوار العربي والإسلامي حيث
التاريخ والعقيدة والمصالح
المشتركة وبشكل فعلي وعملي
بعيدا عن المزايدات مثلما تدعي
بعض الأقلام العربية التي تشكك
بدوافع تركيا لمواقفها الجديدة
والتي يتم حصرها بمصالح ذاتية
للأكراد تستحق كل دعم ومناصرة
بدلا من التشكيك والتشويه. ====================== رشيد
حسن الدستور 29-6-2010 فشلت
واشنطن في أفغانستان والعراق ،
ولم تستطع حتى الآن أن تحقق
الانتصار الحاسم الذي روجت له ،
كما فشلت في حربها بالوكالة في
الصومال والسودان ، وما يحدث
على هذه الساحات ، يؤكد حقيقة ما
أشرنا ، ويؤكد أيضا أن هذه
الامبراطورية العملاقة ،
وبأسلحتها المتطورة جدا ،
وإمكاناتها الهائلة ، لم تستطع
أن تنتصر على مقاومة بأسلحة
متخلفة في أفغانستان ، بل أن
واقع الحال يؤكد أن طالبان
تسيطر على أكثر من نصف هذه
البلاد ، واستطاعت ولأكثر من
مرة أن تضرب في عمق كابول ،
وجاءت إقالة الجنرال ماكريستال
، لتؤكد وضع القوات الأميركية
الصعب ، وهو ما أدى إلى توتير
العلاقات بين العسكر والبيت
الأبيض. فشل
واشنطن ليس سرا ، بل هو الذي
فاقم الخلافات بين العسكر
والبيت الأبيض ، وهو الذي عزز
قناعة العسكر باستحالة تحقيق
الانتصار ، وضرورة التخطيط إلى
انسحاب "مشرف"..،. ما
يجري في العراق الشقيق ، ليس
ببعيد عما يجري في أفغانستان ،
ويؤكد فشل السياسة الأميركية
ايضا ، حيث لم تحقق الأمن
والاستقرار والديمقراطية كما
وعدت ، بل حولت البلد الشقيق إلى
ساحات للمتفجرات والمفخخات ،
ونفخت في الطائفية والمذهبية ،
وأصبحت المحاصصة الطائفية
السياسية ، هي سمة البلد الشقيق
، وبوصلة الأحزاب والفعاليات
السياسية والدينية ، لا بل أصبح
العراق في عهد الاحتلال
الأميركي أوضح مثال على فساد
الإدارة ، وشراء الضمائر ،
وانفلات الأمور ، إلى درجة
القيام بالسطو المسلح على
البنوك في وضح النهار. لقد
تحول البلد الشقيق إلى عصر ما
قبل الصناعة ، كما هدد جيمس بيكر
، طارق عزيز ، خلال محادثاتهما
في جنيف ، بلا ماء ولا كهرباء ،
وتفشت الأمراض والأوبئة
الخطيرة ، مثل الكوليرا ، ما دفع
المواطنين العراقيين إلى
الخروج في مظاهرات صاخبة ، ضد
الحكومة ، مطالبين بإيصال
التيار الكهربائي ، حيث وصلت
الحرارة إلى أكثر من خمسين درجة
في البصرة ، في حين لا تصل
الكهرباء لأكثر من نصف ساعة في
اليوم. كل ذلك
حدث ويحدث بسبب أميركا ، وبسبب
الاحتلال الأميركي ، وبسبب
دستور بريمر ، أول مندوب سامي
لأميركا ، الذي شرع الطائفية
والمحاصصة والتقسيم ، وهذا ما
يفسر وصول الحالة السياسية إلى
استعصاء ، بعد تعذر تشكيل حكومة
جديدة وفقا للدستور ، الذي يكلف
رئيس أكبر كتلة برلمانية بتشكيل
الحكومة ، في حين يصر المالكي
على الالتفاف على هذا النص ،
معلنا بأنه شكل تحالفا يضم أكبر
عدد من النواب ، وهو ما يؤكد أن
البلد الشقيق مقبل على انفجار
قريب ومدمر ، وما ارتفاع وتيرة
التفجيرات في المدة الأخيرة إلا
دليل أكيد على أن الأسوأ قادم ،
وأن هذه الحكومة الطائفية لم
تستطع أن تحقق الأمن والاستقرار. واشنطن
مسؤولة عن هذا الخراب في هذه
الدول ، ومسؤولة عن أكثر من ذلك
بإطلاق الجنون الصهيوني ليعيث
في فلسطين خرابا ودمارا ، وهي
وراء انهيار الصومال ، ووراء
استمرار الحرب في دافور ، وفشل
كافة المصالحات ، ووراء استعصاء
الحالة السياسية في العراق.
ووراء استمرار العدوان
الصهيوني. باختصار...
اميركا شأنها شأن كافة
الامبراطوريات ، وشأنها شأن كل
القوى المحتلة ، مصيرها إلى
اندحار ، وإلى زوال ، والتاريخ
يعيد نفسه هذه المرة وبكل ثقة. ====================== الرأي
الاردنية 29-6-2010 ثمة في
العالم العربي وخصوصاً في وسائل
الاعلام التي تمتلكها دول لا
تعجبها المواقف التركية
الاخيرة تجاه الصراع الفلسطيني
الاسرائيلي, وترى في بروز الدور
التركي تهديداً لادوارها(!!), من
يراهن على ان حكومة رجب طيب
اردوغان لن تمضي قدماً في تصعيد
خلافاتها مع حكومة نتنياهو,
والتي ازدادت حدة بعد عملية
الاستيلاء على سفن أسطول الحرية
وارتكاب مذبحة على «دكة» سفينة
مرمرة أفضت الى سقوط تسعة شهداء.. يذهب
هؤلاء بعيداً عن الغمز من قناة
تركيا, أكثر مما يدينون قرصنة
حكومة اليمين الفاشي في اسرائيل
وجرائمها, بل يتعمد هؤلاء «عدم»
الاشارة الى ان الجريمة ارتكبت
في المياه الدولية, ولا يتورعون
بعد ذلك بالانخراط في عملية وعظ
وتنظير تحاول تغطية شمس الحقائق
بغرابيلهم ذات الخيوط الهشة, من
قبيل أن تركيا لا تبحث سوى عن
مصالحها (وهل في ذلك ما يعيب
الاتراك أو غيرهم, وبخاصة أن عرب
اليوم افسحوا لها في المجال
بعدما لاذوا بالصمت واختاروا
الانتظار وواصلوا التلعثم
والانحناء؟).. كذلك
يقولون: أن تركيا ما تزال عضواً
في حلف شمال الاطلسي وانها
محكومة بخططه واستراتيجيته, دون
أن ينسوا التعريج على طبيعة
علاقات التحالف الاستراتيجي
التي جمعتها, وربما حتى الان, مع
الدولة العبرية (وكأنهم بذلك
يعيدون اختراع العجلة).. ما يعكس
في الآن ذاته ارتباكاً حقيقياً
وكشفاً لحال انعدام الحيلة
والوسيلة لديهم وافتقارهم
للخيال السياسي بل واستقالتهم
المبكرة والطويلة – كما ينبغي
القول – من مسؤولياتهم.. وهم
بذلك «يخترعون» عدواً جديداً او
يجدون منصة لاطلاق المزيد من
نيرانهم (اقرأ خزعبلاتهم) على
اللاعبين الاقليميين الجدد،
الذين يجدون مناخات و»فراغات»
ملائمة للمراكمة على انجازاتهم
السياسية والدبلوماسية وخصوصاً
التجارية والاقتصادية في عالم
عربي يبدو ان احتمالات شفائه من
حال الشلل التي تفتك به.. بعيدة. ما
علينا. تركيا
المتهمة بالحرص على مصالحها عضو
في مجموعة العشرين ولا توجد سوى
دولتين عربيتين في هذا المنتدى،
علماً ان ليس لتركيا شقيقات كما
«لنا» وليس هناك ما يسمى
بالعالم التركي (اللهم إلاّ إذا
عدنا لاصول بعض الاثنيات
العرقية في جمهوريات آسيا
الوسطى وبعض جمهوريات
يوغسلافيا السابقة). ومن
تورنتو, حيث القمة, التقى
اردوغان الرئيس الاميركي اكثر
من ساعة (...) وهي «فرصة» لا تتاح
لمعظم القادة العرب، خرج رئيس
الحكومة التركية على الصحافيين
الذين بدوا وكأنهم قد حضّروا
دروسهم جيداً وتحديداً في ما خص
التداعي الملحوظ في علاقات
انقرة وتل ابيب. لم
يستبد الغضب برجب طيب اردوغان
ولم يبد عليه الانفعال او النزق
وهو بالتأكيد ابتعد عن لغة
التهديد والوعيد وطالب اسرائيل
في تصميم وحزم بثلاثة مطالب
يمكن لمن يراه على شاشة
التلفزيون ان يلحظهما بوضوح،
الاعتذار وتشكيل لجنة دولية
والتعويض على الاضرار ومن بينها
مصادرة السفن التي ترفع العلم
التركي واخيراً الرفع الكامل
للحظر المفروض على قطاع غزة. لغة
الحزم ليست كاللغة «العنترية»
فارغة المضمون والفعل التي
أدمنها بعض العرب, وخصوصاً
اولئك الذين يعيبون على تركيا «جبنها»
ويرون في عدم لجوئها الى عمل
عسكري ضد اسرائيل اشارة الى عدم
جديتها وان ما تقوم به سوى «بربوغاندا».. يغفل
هؤلاء عن عمد أو هم يرومون اطلاق
قنابل دخان وإبعاد الانظار عن
تقصير بعضهم وتواطؤ غيرهم
واستقالة ما تبقى, ان ليس ثمة ما
يدعو لاعلان الحرب, والحرب ليست
قراراً يتخذ على الطريقة التي
تصدر بها بعض الانظمة اوامرها
باقتحام الاحياء أوفتح النار
على المتظاهرين أو قصف لضاحية
أو حي بالمدافع ودكه بالطائرات..
كما تشهد معظم الساحات العربية
هذه الايام.. خطوات
سياسية ودبلوماسية مدروسة تغرف
من تجربة عميقة وثقة بالنفس
وقراءة دقيقة للمتغيرات
العاصفة التي بدأت تأخذ
المشهدين الاقليمي والدولي الى
«مطارح», لم يكن حتى اكثر
المتفائلين العرب (دع عنك رهط
المتشائمين والمنظّرين) يتوقع
حدوثها.. ونتساءل...
هل تتعلم العرب؟ قبل أن
نعيد طرح عنوان العجالة: هل
تعتذر تل ابيب من انقرة؟ ====================== كلوفيس
مقصود السفير 29-6-2010 يبدو
أن الرئيس الأميركي باراك
أوباما آخذ في تأكيد صلاحياته
وبلورة مواقفه ودفع أولوياته
نحو الانجاز، فبعد حملات
التشكيك بقدراته على اتخاذ
القرارات الصعبة، وتردده في
ترجمة القناعات التي لازمته
أثناء حملته الانتخابية، بدأ
يظهر للجمهور الأميركي أن ما
بدا لهم ترددا في اتخاذ المواقف
وحسم القضايا العالقة بدأت تتضح
صورته، فبرغم الحملات الشرسة من
قبل الجمهوريين، والتحريض
وتعبئة الجيوب العنصرية تجاه
الرئيس أوباما، بغية تشويه
صورته والتشكيك بأهليته، إلا أن
أحداث الأسابيع الماضية دللت
على أن تردداته كانت سمه لرئيس
يمهد بصبر قبل الحسم، مدللا على
أن الشجاع يجب أن يكون مضمونا في
خضم التعقيدات التي أفرزتها
إدارة بوش من مجازفات عسكرية
غير شرعية مثل حرب العراق،
وإجازة الأمم المتحدة التدخل في
أفغانستان، وتداعيات الأزمات
المالية والاقتصادية التي
فاقمت العجز في الميزانية،
والتي بدورها أدت إلى مزيد من
البطالة وغيرها من المشاكل التي
ورثها الرئيس أوباما. وبرغم
أن إدارة التعقيد غير جذابة،
وبالطبع غير ملهمة فإن خصوم
أوباما السياسيين في الحزب
الجمهوري وبعض الديموقراطيين،
والتي تبينت من خلال تمرير
قانون الضمان الطبي والذي عارضه
الجمهوريون وشركات صناعة
الأدوية والتأمين بشراسة غير
مسبوقة، كما في الأسبوعين
الأخيرين، يمكن انتزاع مبلغ
عشرين مليار دولار من شركة
بريتش بتروليوم تعويضات
للمتضررين في ولايات لويزيانا «ميسيسبي»
ألاباما وحتى فلوريدا، مما أخرس
منتقدي أدائه في معالجة الأزمة،
أو بالأحرى الكارثة في خليج
المكسيك. ولعل عزل الجنرال
ماكريستال من منصبه كقائد لقوات
الناتو في أفغانستان دل على أن
التفكير الذي يعتبره البعض
تردداً قد يكون نضجاً. [[[[ أشير
إلى هذه التطورات الأخيرة في
منهج الرئيس أوباما كونه سوف
يجتمع في السادس من تموز/ يوليو
القادم برئيس حكومة إسرائيل
بنيامين نتنياهو، والذي يجيء
إلى واشنطن بعد اتخاذ حزب
الليكود الذي يقوده، قراراً
بالإجماع، لاستئناف الاستيطان
بعد نهاية مدة «التجميد» في
أيلول/ سبتمبر القادم، حيث
تنتهي مدة العشرة أشهر من «التجميد»
التي طلبها الرئيس أوباما. كما
أرسل نتنياهو رسائل أخرى قبل
زيارته للبيت الأبيض من خلال
هدم منازل السكان العرب في
القدس، والرسالة المراد
إيصالها إلي البيت الأبيض من
خلال هدم البيوت، أن القدس كلها
كعاصمة لإسرائيل لن تكون من ضمن
بنود المفاوضات المباشرة أو غير
المباشرة، وأيضا قرار طرد أربعة
أعضاء في المجلس التشريعي
الفلسطيني من القدس بحجة
انتمائهم لحماس، والذي دفع
الرئيس محمود عباس اعتبار هذا
الإجراء خطا أحمر، ناهيك عن
تصريحات وزير الخارجية ليبرمان
بخصوص ترحيل عرب الخط الأخضر. تجيء
زيارة نتنياهو في أعقاب الضرر
الفادح الذي ألحقته مجزرة سفينة
مرمرة في العلاقات التركية
الأميركية إضافة إلي ما يسمى
زيارة «تهدئة الخواطر» التي قام
بها إيهود باراك «المعتدل» حتى
يفسر ضرورة فهم نتنياهو كونه
مضطرا كأنه
غير مقتنع للاستجابة
للضغوط من يمين حزبه، وكأن
نتنياهو ليس هو المخطط
للإجراءات التي تسبق الزيارة. الرئيس
أوباما كان مخطئا عندما اكتفى
بالطلب من نتنياهو في زيارته
السابقة، مجرد تجميد، بدلا من
تفكيك المستوطنات، مما دفع
نتنياهو أن يقوم «بتنازلات» من
بينها رضوخه لضغوط أوباما وقرار
التجميد لفترة شهر، مما اعتبرت
إدارة أوباما أن من شأنه أن يؤدي
لاستئناف المفاوضات، والحقيقة
المرة أن هذا لم يكن مجرد خطأ بل
خطيئة، لماذا؟ لأن من يعرف
ويدرس الخلفية العلمية
والقانونية لأوباما واستناده
للقانون الدستوري ودرجة
الامتياز التي نال بها شهادة
الحقوق من جامعة هارفارد، يتوقع
منه كرئيس للولايات المتحدة أن
يعي أن المستوطنات الإسرائيلية
في الأراضي الفلسطينية المحتلة
هي برهان قاطع على أن إسرائيل لا
تعترف بأنها سلطة احتلال،
وبالتالي غير معنية بالامتثال
لاتفاقية جنيف الرابعة، كما أن
لها الحق في التصرف بموجب كونها
مالكة دون أي اعتراف علني بذلك
بل مبرهنة على ما تقوم به بدون
انقطاع أو بما يجعل إسرائيل
ملتزمة بصيغة حل الدولتين، لم
تناقش هذا الموضوع الصهيوني
المبني على التحايل منذ اغتصاب
فلسطين، على عدم التعريف بحدود
له، وأن الشروط التي وضعها
نتنياهو في خطابه في جامعة بار
إيلان جعل من دولة فلسطين دولة
أقل بكثير من الترانسكاي أثناء
حكم الأبارتايد العنصري. لقد
حان وقت اتخاذ إجراءات جريئة
صريحة وواضحة عند زيارة العاهل
السعودي، فهذه فرصة لا يجوز
تفويتها، لعل استقامة مصطلحات
أوباما تساهم ألا تظل إسرائيل
منفلتة من العقاب. [
مدير مركز عالم الجنوب بالجامعة
الأميركية بواشنطن. ينشر
مع جريدة «الشروق» المصرية ====================== بقلم
:حسن عزالدين البيان 29-6-2010 كشفت
تطورات الأسابيع القليلة
الماضية، وتحديدا ما ارتبط منها
بمحاولات فك الحصار عن غزة،
مجموعة من الحقائق التي يجب
أخذها بعين الاعتبار، والتعامل
معها بجدية وحرص. تلك
الحقائق كانت موجودة أصلا في
قاموس قناعاتنا، لكن بعض
العالم، وربما بعضنا «المعتدل»
أيضا، كان يصر على اعتبارها
قراءة غير موضوعية، ويدعو إلى
تجنب ملامستها، خوفا من أن تؤثر
على المفاهيم السلمية العامة،
التي يحاول تكريسها في الأداء
السياسي والدبلوماسي المستجد. جوهر
ما هو مقصود في هذا الكلام،
مرتبط بالتأثير والنفوذ اللذين
تتمتع بهما إسرائيل في أكثر من
مكان حول العالم، بالإضافة
للطرق التي تعتمدها عندما
يتعلّق الأمر بأزمة دقيقة، مثل
تلك التي حدثت في البحر المتوسط
مؤخرا، وأدّت حتى الآن لتحقيق
مجموعة من المكاسب المعنوية
الهامة للطرف الفلسطيني. ورغم
أن المكسب المعنوي، حسب رأي
البعض، لا يسمن ولا يغني من جوع
في ظل المعاناة الحقيقية التي
يعيشها أبناء غزة، إلا أنه
يبقى، حسب رأيي، ضروريا جدا
وجزءا هاما من فسيفساء الصراع
القائم على الساحة الدولية
الشاملة. في
سياق ما أحاول الإشارة إليه،
برز خلال الفترة الماضية بعض
الانعكاسات الإعلامية، التي
كشفت بوضوح أمرين أساسيين على
المستوى الدولي: نشاط إسرائيلي
دبلوماسي وإعلامي واجتماعي
نشيط، يهدف لتبرير سبب الصورة
القاتمة التي ظهرت فيها إسرائيل
مؤخرا. يقابله
نشاط عربي دبلوماسي رتيب، لم
يخرج عن الأداء الروتيني
المعتاد، لكن رافقه هذه المرة
نشاط شعبي عارم استطاع أن يواجه
الحملة الإسرائيلية بأسلوب
الند للند، رغم افتقاره لكثير
من الدعم المتوفر عادة للوبي
الإسرائيلي في دول الشتات كافة. ولكي
لا نضيع في متاهات الأحداث
وتفرعاتها، سأشير في هذا المقال
إلى حدثين فقط يعكسان، حسب
رأيي، الطريقة التي لا تزال
إسرائيل تتبناها في مواجهة
أزماتها المختلفة. وهي في
الواقع باتت طريقة مفضوحة أمام
الرأي العام العالمي، لكنها
تبقى فعّالة في ظل تردّي العمل
الدبلوماسي العربي، والذي لا
يزال غير قادر على استغلال نقاط
الضعف القائمة في الساحة
الإسرائيلية، بالشكل المطلوب: الجميع
بات اليوم يعرف ما جرى لعميدة
الصحفيين في البيت الأبيض هيلين
طوماس، والتي تجرأت على تسمية
الأمور بمسمّياتها، حول ما
يتعلق بتأثير اللوبي الصهيوني
في الكونغرس الأميركي. وتاليا
انعدام «الصوت الفلسطيني» في
هذه المؤسسة، أو بطبيعة هجرة
اليهود من أوروبا وأميركا
وغيرها إلى إسرائيل، دون أن
يكون هناك في المقابل أي تقدم
على صعيد تأمين الحقوق
للفلسطينيين. ورغم
أنه لا يمكننا، بأي حال من
الأحوال، اعتبار السيدة هيلين
معادية لإسرائيل أو موالية لأي
طرف آخر، إلا أن هذه التصريحات
الجريئة أصابت قلب الهدف،
وأحرجت الماكينة الدعائية
الإسرائيلية. لكنها من جهة أخرى
وضعت كثيرا من العرب أمام
مسؤولياتهم، في ما يخص طريقة
استيعاب طبيعة الصراع القائم
وطرق التعامل معه. الحدث
الثاني الذي أود الإشارة إليه،
هو ذلك الذي جرى مؤخرا في تشيكيا
بعد حادثة القرصنة في مياه
البحر المتوسط. فقد احتجت إدارة
قسم الأخبار في التلفزيون
التشيكي. على
الطريقة السيئة والفاضحة التي
تعاملت بها القوى الأمنية
الإسرائيلية مع صحفييها الذين
كانوا على متن إحدى السفن،
وطالبت وزارة الخارجية
التشيكية بالاحتجاج رسميا ضد
هذا التصرف، حفاظا على كرامة
هؤلاء الصحفيين. طبعا،
هذه الوزارة لم تحتج ولم تحرّك
ساكنا حيال ما جرى، باستثناء
إطلاق بعض التصريحات القلقة
التي تشير إلى التزامها بالموقف
الرسمي للاتحاد الأوروبي،
باعتبار أن تشيكيا عضو في هذا
الاتحاد. أما
التحرك الخفي والعلني للّوبي
الإسرائيلي في الوزارة، فكان
واضحا وجليا في أروقتها وبعض
قنواتها منذ اللحظات الأولى.
أضف على ذلك أن السيد توماش
بويار السفير التشيكي الحالي في
تل أبيب (كان يشغل سابقا منصب
نائب وزير الخارجية)، يعتبر من
أبرز أركان اللوبي الإسرائيلي
المؤثر في براغ. في
الواقع، أن ما أثار الاستغراب
هو بعض التصريحات التي أدلى بها
السفير المذكور لوسائل الإعلام
المحلية، وكان ينقل خلالها وجهة
النظر الإسرائيلية، بدلا من أن
يفسر الموقف الرسمي لبلاده. وهذا
في الحد الأدنى، حسب رأي بعض
السياسيين التشيك السابقين
الذين التقيت بهم مؤخرا، مدعاة
للسخرية والاستغراب، لأن جميع
السفراء التشيك الذين اعتُمدوا
في إسرائيل منذ إعادة العلاقات
الدبلوماسية بين الجانبين،
كانوا من فئة انتمائية واحدة،
محسوبة بنسبة مئة في المئة
لصالح اللوبي الإسرائيلي،
وكانوا يتصرفون بنفس الطريقة. ولا شك
أن اختيار السفراء هو شأن سيادي
للدولة المعنية، مثلما هو كذلك
لكل الدول في العالم. لكن يحق
لنا أن نتساءل، كرأي عام على
الأقل، عن المعايير التي تتبعها
كل تلك الدول عند اختيارها
لسفرائها في مناطق التوتر
العالمية، خصوصا عندما تتقدم
مسألة الانتماء إلى هذا اللوبي
أو ذاك، على قضية الولاء للوطن،
والتي يجب أن تكون أصلا معيارا
أساسيا ماثلا. ما يجب
أن نفهمه من هذين الحدثين، هو أن
إسرائيل تمتلك رصيدا هائلا من
الأصدقاء القادرين على رفد
جهودها عندما تكون هناك حاجة
لذلك، وهؤلاء قادرون كذلك على
التأثير في الرأي العام لدولهم،
وغيرها، بطرق مختلفة. وذلك
يدعونا إلى خلاصة، مفادها أنه
لا يمكن للعرب أن يتكافؤوا في أي
صراع مع إسرائيل، إلا إذا
تماثلوا معها في عدد الأصدقاء
الفعليين المكتَسبين.وهذا يبقى
أضعف الإيمان، في زمن لا يزال
فيه كثير من الدول العربية، غير
قادرة حتى على اكتساب احترام
وصداقة شعوبها. ====================== آخر
تحديث:الثلاثاء ,29/06/2010 فهمي
هويدي الخليج الخبر
المثير أن تحولات استراتيجية
بالغة الأهمية تحدث الآن في
الشرق الأوسط، أما الخبر المؤسف
فإن مصر ليست طرفاً فيها، بعدما
انسحبت من الحلبة واكتفت
بالجلوس في مقاعد المتفرجين . -1- صحيح
أن الدول العظمى التقليدية
مازالت تتحكم في الكثير من
الخيوط التي تحرك الأحداث في
العالم، لكن من الصحيح أيضاً أن
الدول الناشئة أو النامية أصبح
لها حضورها الذي لا ينكر في
تقرير مصير قضايا الحرب والسلم
في العالم، بل صار اتخاذ قرارات
في هذه الأمور مستحيلاً في غيبة
تلك الدول الأخيرة . هذه هي
الفكرة الأساسية في مقالة كتبها
وزير خارجية البرازيل سيلسو
اموريم “في 15 يونيو/ حزيران
الحالي” على موقع دولي باسم “بروجكت
سينديكيت” . وهو يشرح فكرته ذكر
أن الأزمة المالية العالمية
أبرزت دور دول العالم النامي
الصاعدة التي تتوزع فيما بين
أمريكا اللاتينية “البرازيل
والأرجنتين والمكسيك”
وإفريقيا “جنوب إفريقا” وآسيا
“الصين والهند وتركيا” . هذه
الدول أصبحت لها كلمة الآن في
المسائل المالية والبيئية
والمناخية ومعايير العلاقات
الدولية . وأحدث مثال على ذلك هو
مبادرة البرازيل وتركيا للتوصل
إلى حل لمشكلة تخصيب اليورانيوم
في البرنامج النووي الإيراني،
وقد اعتبر ذلك الحل الذي تم
التوافق عليه بمثابة “قلب
للوضع القائم رأساً على عقب” .
وعلى رغم أن تلك الخطوة تعد من
آيات التعاون بين القوى
الجديدة، فإنها تعد أيضاً
نموذجاً للتجاذب الحاصل في
الشأن السياسي بين تلك القوى
والقوى الأخرى التقليدية
الممثلة في الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي، وهي التي
فوجئت بارتفاع صوت الجنوب في
إعلان طهران، فتجاهلته ومضت في
طريق فرض العقوبات على إيران،
الأمر الذي يثبت حرص أصحاب
الامتيازات على استمرار احتكار
حسم القضايا الدولية ومقاومة
رياح التغيير الحاصلة في عالم
ما بعد انتهاء الحرب الباردة . -2- التغير
الحاصل في الساحة الدولية له
صداه على الصعيد الإقليمي .
فظروف الأزمة التي أبرزت دور
دول العالم الثالث في الساحة
الدولية، شبيهة بتلك التي أفرزت
المتغيرات الجذرية التي تحدث
الآن على الصعيد الإقليمي، ذلك
أنه إذا كان العالم الغربي
يعاني الأزمة الاقتصادية، فإن
العالم العربي يواجه أزمة
الفراغ الذي نشأ عن غياب مصر،
وخروجها من المشهد العربي منذ
تصالحها مع “إسرائيل” في عام
1979 . كأن ذلك التصالح بمثابة
تثبيت للحضور “الإسرائيلي”
وإعلان عن الخروج المصري . وحين
حدث ذلك فإن العالم العربي دخل
إلى مرحلة التيه، إذ أصبح
بمثابة جسم بلا رأس . وفي الوقت
الذي خلا فيه موقع القيادة في
العالم العربي، كانت تركيا تنمو
وتتقدم وتتأهل للعب دور رئيسي
في منطقة الشرق الأوسط، متجاوزة
بذلك الدور الإيراني على
أهميته، بعدما أثبتت تجربة
ثلاثين عاماً منذ نجاح الثورة
الإسلامية، أن ثمة محاذير
سياسية ومذهبية حالت دون
الترحيب به في العالم العربي،
لذلك ظل الدور الإيراني حاضراً
في بعض الساحات وغائباً عن
ساحات أخرى، على العكس من ذلك
كان الدور التركي الذي كان
الطريق مفتوحاً أمامه لكي يتقدم
في كل الساحات . ثمة
عوامل ثلاثة أسهمت في تحقيق
الصعود التركي، تتجاوز خصوصية
الموقع الجغرافي والخلفية
التاريخية هي: النموذج
الديمقراطي الذي وفر للحالة
التركية جاذبية وقوة دفع
معتبرة، إضافة إلى النهوض
الاقتصادي المشهود الذي حول
تركيا إلى قوة اقتصادية معتبرة
في محيطها، أوصل الناتج المحلي
إلى تريليون دولار، وجعل من
تركيا الدولة رقم 17 في قائمة
القوى الاقتصادية العالمية (يخططون
لكي تصبح القوة العاشرة بحلول
عام 2020) . أما في أوروبا فهي تعد
الدولة السادسة في ترتيب القوى
الاقتصادية . ومن نتائج هذا
الوضع أن تضاعفت صادرات تركيا
إلى العالم العربي أكثر من خمس
مرات في الفترة من عام 2003 إلى
الآن (من 5 مليارات أصبحت 27
ملياراً) كما أن قيمة صادراتها
إلى العالم الإسلامي ارتفعت في
الفترة ذاتها من 11 إلى 60 مليار
دولار . المساندة
الشعبية وفرت لحزب العدالة
والتنمية الأغلبية في
البرلمان، ومكنت الحكومة لأول
مرة من أن تتمتع بحرية نسبية في
التعامل مع الحلفاء
التقليديين، وفي المقدمة منهم
الولايات المتحدة و”إسرائيل”،
بمعنى أن الاستناد إلى التأييد
الشعبي حرر القرار السياسي الذي
لم يعد مرتهناً للإرادة
الخارجية، ومن ثم أتاح للحكومة
هامشاً من الحركة، جعلها تختلف
وتتفق مع أولئك الحلفاء، وهذا
الاستقلال في الإرادة الوطنية
هو الذي أحدث تبايناً في مواقف
أنقرة وواشنطن إزاء المشروع
النووي الإيراني وإزاء حركة
حماس (التي رفض أردوغان
اعتبارها حركة إرهابية) . وهو
ذاته الذي أفرز الفراق بين
أنقرة وتل أبيب . وضوح
الرؤية الاستراتيجية لدى الفئة
الحاكمة، وهي الرؤية التي حدد
معالمها وزير الخارجية الدكتور
أحمد داود أوغلو في أكثر من لقاء
على النحو التالي: تركيا أكبر من
أن تكون مجرد ممر أو جسر بين
الشرق والغرب، ولكنها مؤهلة لأن
تصبح دولة مركز وصاحبة قرار في
محيطها، في الوقت ذاته فإنها لا
تعتبر الغرب قدرها وخيارها
الوحيد، لكنها مع الغرب بأمر
الجغرافيا ومع الشرق بحكم
التاريخ، وهي تعتبر أن دورها
ومن ثم مجالها الحيوي يمتد من
مضيق اسطنبول “البوسفور” إلى
مضيق هرمز، ومن القرص (المنطقة
الحدوية بين تركيا وأرمينيا)
إلى موريتانيا، لكي تقوم تركيا
بالدور الذي تطمح إليه فينبغي
أن تحل مشكلاتها مع جيرانها،
فيما سمي بسياسة “تصفير”
المشكلات، أي جعلها على درجة
الصفر . -3- في
التفكير الاستراتيجي فإن
الاستقرار ومن ثم النهوض في
الشرق الأوسط يقوم على أعمدة
ثلاثة . هي مصر ممثلة للعرب
وتركيا وإيران، وهو ما اعتبره
الدكتور جمال حمدان أستاذ
الجغرافيا السياسية الأشهر “مثلث
القوة” في المنطقة . ويرصد
الباحثون أن التفكير
الاستراتيجي الغربي ظل حريصاً
دائماً على ألا تلتئم أضلاع ذلك
المثلث . وجيلنا عاصر المرحلة
التي قادت فيها مصر حركة التحرر
الوطني في المنطقة، بعدما
امتلكت قرارها، في حين كانت
تركيا وإيران تدوران في فلك
المعسكر الغربي، وتراهن “إسرائيل”
على أن تحالفهما معها من شأنه أن
يحاصر العالم العربي ويضغط
عليه، لكن انقلاباً حدث في ذلك
المشهد خلال الثلاثين سنة
الأخيرة، بمقتضاه خرجت إيران من
المعسكر الغربي، وحافظت تركيا
على استقلالها إزاءه . ومن ثم
خسرت “إسرائيل” أهم حليفين لها
في المنطقة، وفي الوقت ذاته
أقامت مصر تحالفاً “استراتيجياً”
مع الولايات المتحدة، وعقدت
تصالحاً مع “إسرائيل”، وهو ما
بدد الأمل في تكامل أضلاع مثلث
القوة، وأدى إلى انفراط عقد
العالم العربي وأحدث فراغاً
كبيراً في المنطقة، بدا
مُهَيئاً، بل جاذباً، للتمدد
التركي . عبر عن
هذا المعنى الكاتب السياسي
المخضرم جنكيز شاندلر، أهم
معلقي صحيفة “راديكال”
التركية، في الندوة التي عقدت
أخيراً باسطنبول حول الحوار
العربي التركي، إذ قال إنه في
حين تعاظمت القوة السياسية
والاقتصادية لتركيا، فإن مصر
بدت قلعة جرى تفريغها، وإن تمدد
تركيا في الفراغ المخيم على
الشرق الأوسط بعد غياب مصر، كان
المصدر الحقيقي لإزعاج “الإسرائيليين”
. وفي رأيه أن توتر العلاقات بين
أنقرة وتل أبيب سابق على حادثة
منتدى دافوس (الذي انتقد فيه
أردوغان السياسة “الإسرائيلية”
علناً وانسحب من الجلسة التي
كان بيريز متحدثاً فيها)، كما
أنه سابق على العدوان “الإسرائيلي”
على غزة، وعلى انقضاض “إسرائيل”
على أسطول الحرية وقتل تسعة من
الأتراك . ذلك أن “إسرائيل”
والكلام لايزال له تصورت بعد
تنحية مصر وإخراجها من المشهد
العربي أن الساحة قد خلت لها
وأصبحت بغير منافس، لكنها فوجئت
بالصعود والتمدد التركيين وبما
يترتب عليهما من ظهور منافس
لزعامتها وهيمنتها على
المنطقة، وهو ما أثار حفيظتها
تماماً مثلما حدث مع إيران وأدى
إلى استنبات بذرة الحساسية
والتوتر بين البلدين اللذين
ربطا ب59 اتفاقية للتعاون، بينها
16 اتفاقية أمنية وعسكرية . وقد
نمت تلك البذرة بمضي الوقت،
متغذية بالممارسات والعربدة “الإسرائيلية”،
الأمر الذي أوصل الأمور إلى ما
وصلت إليه الآن . -4- لأن
التاريخ لا ينتظر أحداً، ولكن
عجلته تدور بمن حضر في مجراه
وامتلك إرادة الانخراط في صناعة
أحداثه، فإن خروج مصر من المشهد
العربي في ظل تحالفاتها
الجديدة، لم يوقف عجلة التاريخ
في الشرق الأوسط، وكل الذي حدث
أن اللاعبين تحركوا وفي حسبانهم
أن مقعدها القيادي شاغر، ولم
يملأه أحد . وأذكر هنا وأكرر أن
من بين المتغيرات الاستراتيجية
المهمة في المنطقة أن “إسرائيل”،
وإن بدت أقوى عسكرياً، فإنها
غدت أضعف بكثير استراتيجياً
وسياسياً، بعد فشلها في كسر
إرادة المقاومة في لبنان وغزة،
وبعدما أصبحت تدافع عن نفسها
داخل حدودها وليس خارجها،
وبعدما فقدت أهم حليفين لها في
المنطقة (إيران وتركيا)، وبعدما
خسرت الرأي العام العالمي بعد
عدوانها الفج على أسطول الحرية
في المياه الدولية . وتلك عوامل
يمكن أن توظف لمصلحة انتزاع
الحقوق العربية إذا وجدت من
يحسن استخدامها . على
صعيد المتغيرات الاستراتيجية
الأخرى بوسعنا أن نرصد المؤشرات
الآتية: اقتراب
تركيا من المشهد الفلسطيني عزز
من موقع قوى الصمود في المنطقة .
وحين قال وزير خارجيتها مؤخراً
إن تركيا هي اليد اليمني للعرب
فإن تلك بدت لغة جديدة تعد
امتداداً لكلام مماثل تحدث به
أردوغان أمام قمة طرابلس
العربية . عقدت
تركيا سلسلة من اتفاقيات
التعاون الاستراتيجي مع مجلس
التعاون الخليجي، ومع الدول
التي تبادلت معها اتفاقيات
إلغاء تأشيرات الدخول وتحرير
التجارة (سوريا ولبنان والأردن
وليبيا والعراق، وهناك اقتراح
قدم إلى مصر أثناء الزيارة
الأخيرة التي قام بها الرئيس
مبارك لأنقرة، وقد وعد بدراسته)
. وذهبت
تركيا إلى أبعد من ذلك حين أعلنت
في أثناء انعقاد المنتدى العربي
التركي في اسطنبول، عن إنشاء
مجلس أعلى للتعاون مع سوريا
ولبنان والأردن، وإقامة منطقة
حرة لانتقال الأفراد والبضائع
فيما بين الدول الأربع . ثمة
تقارب وتفاهم سياسي مشهودين بين
تركيا وسوريا وقطر، وكان لقاء
قادة الدول الثلاث خلال الشهر
الماضي في أنقرة لمناقشة تشكيل
الحكومة العراقية علامة بارزة
في هذا الاتجاه، وقرينة على
اتساع نطاق التشاور بين الدول
الثلاث، بحيث شمل أحداث المنطقة
المحيطة . ثمة
تفاهمات مستمرة بين تركيا
وإيران وسوريا حول عدد من
الملفات المهمة، على رأسها
الوضع في العراق وملف النفط
والغاز (إيران تعد المصدر
الثاني لتمويل تركيا بالطاقة
بعد روسيا) ومشروعات شبكة
المواصلات التي تربط بين الدول
الثلاث إضافة إلى لبنان والأردن
. تتحدث
الدوائر السياسية في دمشق عن
رؤية استراتيجية جديدة يتبناها
الرئيس بشار الأسد تسعى من
خلالها سوريا إلى أن تصبح ممراً
ومعبراً بين البحور الأربعة:
الخليج العربي، الأبيض
المتوسط، بحر قزوين والبحر
الأسود . وهي تصبح خمسة إذا
أضفنا البحر الأحمر . وبمقتضى
هذه الرؤية تصبح سوريا عقدة ربط
بين الشرق والغرب وبين تركيا
والعالم العربي . وقد تحدث
الرئيس الأسد في هذا الموضوع في
أثناء لقائه رجال الأعمال في
اسطنبول عام ،2004 حين ذكر البعض
أن سوريا هي بوابة الأتراك إلى
الخليج العربي وأن تركيا بوابة
سوريا إلى أوروبا . قد
تكون هذه مجرد تمنيات وأحلام
تراود القادة، لكننا يجب أن
نتذكر أن حقائق اليوم هي أحلام
الأمس، وأن الذين يحلمون يظلون
أفضل كثيراً من الذين فقدوا
القدرة على الحلم، وشغلوا
بتثبيت مقاعدهم عن التطلع إلى
المستقبل . إنني أخشى حين يكتب
تاريخ المرحلة الراهنة أن ينبري
شاب في وقت لاحق متسائلاً: ألم
يكن هناك بلد باسم مصر في تلك
الأيام؟ ====================== ماكريستال
ينسحب من المستنقع الأفغاني خيرالله
خيرالله الرأي
العام 29-6-2010 كان
مهماً أن يخرج عن الجنرال
الأميركي ستانلي ماكريستال،
قائد قوات الحلف الأطلسي في
أفغانستان الكلام الساخر الذي
تناول الرئيس أوباما شخصياً
ونائبه جو بايدن وعدداً لا بأس
به من أركان الإدارة بمن فيهم
مستشار الرئيس لشؤون الأمن
القومي الجنرال جيمس جونز. كشف
هذا الكلام أن الإدارة
الأميركية غير قادرة على اتخاذ
قرارات حاسمة على الصعيد
الخارجي، وأنها لا تمتلك
استراتيجية محددة في أي مجال من
المجالات، خصوصاً في أفغانستان.
أراد ماكريستال أن يطرده أوباما
من منصبه فحصل على ما أراد. أقال
أوباما قائد القوات في
أفغانستان ولم يجد من يسد به
الفراغ سوى الجنرال ديفيد
بيتريوس. علماً أن بيتريوس كان
في موقع المسؤول المباشر عن
ماكريستال بصفة كونه قائد
القيادة المركزية التي تقع
أفغانستان ضمن صلاحياتها. لم
يترك الجنرال ماكريستال للرئيس
الأميركي خياراً آخر غير خيار
الطرد. ربما يعتبر ذلك وساماً
على صدره. يظهر
أن ماكريستال، الذي استدعي إلى
البيت الأبيض فور انتشار كلامه،
الذي أدلى به أصلاً إلى مجلة «رولينغ
ستون»، في وسائل الإعلام
المختلفة داخل الولايات
المتحدة وخارجها، يريد الخروج
من المأزق الأفغاني بأقل مقدار
ممكن من الخسائر بالنسبة إلى
شخصه. بكلام أوضح، يسعى الجنرال
الأميركي المعروف بمهنيته
وجرأته إلى غسل يديه من
المغامرة العسكرية في
أفغانستان في غياب القدرة على
الحسم العسكري من جهة، وغياب أي
استراتيجية سياسية لدى الإدارة
من جهة أخرى. لم يخف
استياءه من كل رجالات الإدارة،
بما في ذلك السفير في كابول كارل
ايكنبري الذي سبق له وعارض خطط
ماكريستال الهادفة إلى زيادة
عديد القوات الأميركية في
أفغانستان، واستعادة المبادرة
عسكرياً في المواجهة مع «طالبان».
لم يوفر سوى وزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون التي أيدت دعوته
إلى إرسال مزيد من القوات وإلى
شن هجمات على «طالبان» في معاقل
الحركة. ربما كان ماكريستال
يدرك قبل غيره أن المشكلة في
أفغانستان سياسية قبل أي شيء
آخر وأن عليه، في ضوء ازدياد عدد
القتلى في صفوف قوات حلف شمال
الأطلسي تفادي ربط اسمه
بالهزيمة المحتملة أو بالحرب
الطويلة التي ليس في استطاعة
حلف شمال الأطلسي الخروج
منتصراً منها. أكثر من ذلك،
يتبين كل يوم أن الدول التي
ارسلت وحدات إلى أفغانستان لدعم
الحرب الأميركية هناك، تبحث عن
مخرج. في مقدم هذه الدول، تأتي
بريطانيا التي تتعرض حكومتها
لضغوط شديدة من أجل انهاء
التورط العسكري في أفغانستان،
خصوصاً بعد ارتفاع عدد القتلى
في صفوف الجيش البريطاني إلى ما
يزيد على ثلاثمئة، بينهم عدد من
الضباط والجنود اللامعين الذين
أظهروا شجاعة فائقة في المعارك
التي خاضوها في ظروف أقل ما يمكن
أن توصف به أنها قاسية. تركت
القصص التي نشرتها الصحف
البريطانية عن ضباط وجنود قضوا
في أفغانستان في ظروف مأسوية
شعوراً بالمرارة في مختلف
الأوساط الشعبية. جعل هذا
الشعور البريطانيين يتساءلون
صراحة: ما الذي يفعله جيشنا في
أفغانستان، وإلى متى كل هذه
الخسائر في حرب لا طائل منها،
وإلى متى تستمر الخزينة
البريطانية في تحمل تكاليف
باهظة، فيما البلد في أزمة
اقتصادية فرضت اجراءات تقشف لا
سابق لها منذ انتهاء الحرب
العالمية الثانية؟ لا شك
أن تمرد الجنرال ماكريستال
مرتبط، في جانب منه، بغياب
الحماسة لدى الحلفاء في متابعة
الحرب التي خسرها الأميركيون
بمجرد أنهم لم يتنبهوا منذ
البداية إلى أنه كان عليهم
تركيز جهودهم على الانتهاء من «طالبان»
و«القاعدة» قبل الانصراف إلى
العراق. من الناحية العملية، لا
وجود لاستراتيجية رابحة في
أفغانستان ما دام الجيش
الأميركي مشتت وغير قادر على
اقتلاع «طالبان» من جذورها
لأسباب عدة في مقدمها أنه لا
يستطيع الاتكال على باكستان
وجيشها وأجهزتها الأمنية نظراً
إلى أنها تلعب دور الحديقة
الخلفية ل«طالبان». هل يمكن
إذاً الحديث عن جنرال انتهازي
يمتلك طموحات سياسية يرى منذ
الآن أن عليه حماية مستقبله عن
طريق ابعاد نفسه عن المغامرة
الأفغانية؟ الثابت
أن ماكريستال ما كان ليقدم على
ما أقدم عليه لولا علمه أن
افتعال مشكلة مع إدارة أوباما
سيصب في مصلحته. يبدو أن الرجل
يعرف تماماً أن التركة التي
خلفها الرئيس بوش الابن لباراك
أوباما ستغرق إدارته. أخذ بوش
الابن الجيش الأميركي إلى
العراق في العام 2003 غير مدرك أن
النظام الذي أقامه في كابول غير
قادر على الوقوف على رجليه.
سيخرج الجيش الأميركي من العراق
في العام المقبل وسيزداد
التركيز على أفغانستان من دون
تحقيق نتائج تذكر. هناك دوران
أميركي في حلقة مغلقة لا يمكن
كسرها، خصوصاً أن مصدر قوة «طالبان»
هو باكستان التي لا تعرف
الولايات المتحدة، إلى اشعار
آخر، كيف التعاطي معها. تبدو
باكستان شراً لابدّ منه. انها
حليف للولايات المتحدة وعدو لها
في الوقت ذاته! من
يقرأ نبذة عن حياة ماكريستال،
يكتشف أن الرجل ليس غبياً. كان
يعرف تماماً الثمن الذي سيتوجب
عليه دفعه. قال كلمته ومشى.
السؤال الآن هل حسابات القائد
السابق لقوات حلف شمال الأطلسي
في أفغانستان في محلها؟ الأرجح
أنه أقدم على حسابات دقيقة إلى
حد كبير وحقق الهدف الذي أراده.
وبغض النظر عما إذا كانت لديه
طموحات سياسية أم لا، الأكيد
أنه أنقذ سمعته العسكرية وتفادى
الغرق في المستنقع الأفغاني
الذي وجدت إدارة أوباما نفسها
في وسطه. ما هذه الحرب التي
يخوضها جيش عليه أن يدفع،
استناداً إلى تقرير أعده محققون
تابعون للكونغرس، ملايين
الدولارات لميليشيات متحالفة
مع «طالبان» كي يؤمن له رجالها
نقل الوقود والامدادات لقواته؟ يظهر
أن الجنرال ماكريستال وهو رجل
طبيعي لا أكثر، وجد نفسه في وضع
غير طبيعي. تصرف بطريقة تحمي
مستقبله بعدما تبين له أن لا
مستقبل واعداً لإدارة أوباما في
أفغانستان... وغير أفغانستان،
وأن باراك أوباما لا يستطيع أن
يكون رئيساً لأكثر من ولاية
واحدة! كاتب
لبناني مقيم في لندن ====================== نتانياهو
يلتقي أوباما: من سيد البيت
الأبيض؟ الثلاثاء,
29 يونيو 2010 مصطفى
زين الحياة يستعد
رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو لزيارة
الولايات المتحدة بعد أيام.
يعرف أنه سيلتقي سيد البيت
الأبيض «الخائن» الذي لا يكن له
أي احترام. لكنه يعرف أيضاً أن
السيد يخشى غضبه وسطوة «إيباك»
وتأثيرها في الكونغرو- كنيست (الكونغرس
الأكثر ولاء لإسرائيل من
الكنيست)، والانتخابات المقبلة.
وكي لا يبدو أنه يملي سياساته
على واشنطن اتخذ بعض الخطوات
التجميلية، استعداداً للقاء -
المواجهة. من هذه
الخطوات زيادة الحصص التموينية
المسموح بدخولها إلى قطاع غزة،
وتشكيل لجنة تحقيق، يكاد يجمع
الإسرائيليون على أنها شكلية،
للنظر في مجزرة «أسطول الحرية»،
والالتزام بأيلول (سبتمبر)
المقبل موعداً لاستئناف
الاستيطان في الضفة الغربية.
أما القدس فغير مسموح لأحد
بالتدخل في تهويدها، بشراً (مستوطنات)
ومعالم وتاريخاً. يعتبر
نتانياهو هذه الخطوات تنازلات
مؤلمة. ويواجه أوباما من موقع
الذي أسدى إليه خدمات جليلة
للمحافظة على ماء وجهه أمام
أصدقائه وحلفائه العرب، وأمام
نفسه أيضاً، كي تبقى لخطبه
ووعوده (هل أصبحت في ذمة
التاريخ؟) صدقية، وكي يبقى
للأصدقاء مجال لمواجهة شعوبهم
المطالبة بموقف من الولايات
المتحدة ومن الدولة العبرية. في
المقابل، تستعد واشنطن للقاء
نتانياهو على طريقتها. لم يبق
مسؤول من أركان البيت الأبيض،
بدءاً من أوباما نفسه، إلا وكرر
تأييد الولايات المتحدة المطلق
لتفوق إسرائيل، من دون أن نذكر
المناورات المشتركة بين
جيشيهما، ودعمها بالأسلحة
والمعلومات والمال لتكريس هذا
التفوق. وقبل الزيارة بأيام
قليلة طار رئيس الأركان
الاميركي الجنرال مايكل مولن
إلى تل أبيب للقاء نظيره
الإسرائيلي غابي أشكنازي لمزيد
من التنسيق، وربما لتهنئته على
جرائمه في غزة وفي عرض البحر.
وأبعد من ذلك، للتنسيق قبل
انسحاب القوات الأميركية من
العراق، وإيكال بعض المهمات إلى
استخبارات الجيشين، كي لا يبقى
العراق ساحة مفتوحة أمام
الإيرانيين، وكي تبقى المنطقة
خاضعة لمنطق الحرب. يذهب
نتانياهو إلى واشنطن مطمئناً
إلى انه الأقوى وإلى أن أوباما
لا يستطيع، حتى لو أراد، أن يغير
توجهاتها السياسية. كتب ريجيس
دوبريه رسالة إلى صديقه المؤرخ
الإسرائيلي إيلي برنابي وفيها:
«ممَ تخشون؟ (...) أنتم (الإسرائيليون)
النموذج الأصلي. وهم (الأميركيون)
نسخة عنكم. ربما ستكونون في يوم
ما محمية سياسية عسكرية، وهذا
ما استبعده، على قدر ما سيكونون
تابعين لكم روحياً. كيف ننصّب
حكماً، أخاً صغيراً يعطي لكلمات
القبيلة المعاني ذاتها التي
تعطونها؟ ألستم أنتم وهم أولاد
مستعمرين أوروبيين؟ (تسأل) عن
الحدود؟ الحدود في نظركم تحد
يجب تخطيه. أميركا ليست سوى
إسرائيل كبيرة نجحت. إسرائيل
أميركا صغيرة تعاني، ولدى
الإثنتين ما يجمعهما: لا أحد
يستطيع محاسبتهما». يذهب
نتانياهو «صاحب السلطة» للقاء
أوباما «صاحب القوة». فلننتظر
المزيد من الحروب. ====================== الثلاثاء,
29 يونيو 2010 حازم
صاغيّة الحياة لا
يُحسَد العراق والعراقيّون على
طاقمهم السياسيّ. لقد
جاءت «انتفاضة الكهرباء» تذكّر
بالقدر الضئيل من الحلول الذي
لم يستطع هذا الطاقم أن يجترحه.
فكيف حين نضيف الإلحاح الذي
يفرضه الإرهاب بما يستدعيه من
تعجيل في إنجاح العمليّة
السياسيّة، ومن تعجيل في دمج
الطائفة السنّيّة فيها؟ وكيف
حين نضيف الإلحاح الآخر الذي
يفرضه التردّي المتسارع في
العلاقات الأميركيّة –
الإيرانيّة، واحتمالات حرب بين
طرفيها وهما، بأكثر من معنى،
وثيقا الصلة بالداخل العراقيّ؟ ومع
هذا كلّه تبقى بغداد بلا حكومة!. فإذا
كان العامل الطائفيّ ممزوجاً
بالعنصر الشخصيّ ما حال دون
تسوية العلاقة بين لائحة «العراقيّة»
(إياد علاّوي) و «دولة القانون» (نوري
المالكي)، فإنّ العامل الشخصيّ
البحت ما أعاق استواء «التحالف
الوطنيّ» (المالكي – عمّار
الحكيم)، الذي يجمع لائحتين
شيعيّتين، كتلةً منسجمة أولى. وهذا
ما يسمح بالسؤال عن تفاهة هذا
الطاقم السياسيّ في الأغلب
الأعمّ من رموزه؟ لكنّ
السؤال ذاته يدفعنا إلى الإشكال
الأبعد المتعلّق بإمكان نشأة
طاقم سياسيّ معقول بعد سقوط
نظام توتاليتاريّ. فالمعروف أنّ
السلطة البعثيّة في العراق،
وعلى مدى 35 سنة (1968-2003)، أعدمت
السياسة تماماً وقضت بالكامل
على إمكان تشكّل طاقم سياسيّ.
فلم يكن صدفة، بالتالي، أن يقع
العراق في أيدي «سياسيّين»
جاؤوا من المنافي، بعضهم القليل
كان بعثيّاً في السابق، وبعضهم
الكثير صدر عن أحزاب لا تقلّ في
توتاليتاريّتها عن حزب البعث
ذاته، وإن كان اللون الدينيّ هو
الطاغي عليها بدل اللون القوميّ. بمعنى
آخر، لم يأت سياسيّو العراق
الحاليّون من السياسة والنقاش
والتصويت وبناء التحالفات، بل
وفدوا من السرّيّة والخفاء،
محاولين الدفاع عن حياتهم وعن
تنظيماتهم من دون أن يتردّدوا
في التفكير بالتآمر، أو في
ممارسته، ردّاً على التآمر الذي
يستهدفهم. والحال
أنّ الطواقم السياسيّة التي
حلّت محلّ أنظمة توتاليتاريّة
منهارة يتشارك أغلبها في معظم
هذه الملامح: فالذين ورثوا
الإمبراطوريّة السوفياتيّة،
التي عاشت 73 عاماً، ما بين 1917 و1990،
كانوا هكذا، وقد صار بوريس
يلتسن رمزاً مشخصناً لهم. أمّا
الفاشيّة الإيطاليّة التي حكمت
بلدها 22 عاماً، ما بين 1923 و1945،
فورثها الأعيان الفاسدون
والمرتشون للديموقراطيّة
المسيحيّة، وكان الكثيرون منهم
متقاطعين مع المافيا. وفقط لأنّ
حكم النازيّة الألمانيّة
استمرّ 12 عاماً فحسب، (ما بين
1933-1945)، نصفها استغرقته الحرب،
ولأنّ ألمانيا عرفت، قبلذاك،
تقليدين عريقين للاشتراكيّة
الديموقراطيّة والمسيحيّة
الديموقراطيّة، أمكن لساسة
المنافي الألمان أن يقدّموا
تجربة أكثر جدّيّة وصحّيّة.
وإذا تخيّلنا اليوم سقوط النظام
الكوبيّ أمكننا الجزم بأنّ
فاسدي ميامي سيكونون الوحيدين
المؤهّلين لوراثته. والشيء نفسه
يصحّ، في الأغلب، في حال سقوط
نظام كيم جونغ إيل في كوريا
الشماليّة الذي يتربّص به
مقتنصو الفرص المقيمون في
الجنوب. وقصارى
القول إنّ السياسيّين لا يصدرون
عن مجتمعات بلا سياسة. وهذه حال
العراق الذي آذاه صدّام حسين،
لا في حاضره فحسب، بل في مستقبله
أيضاً. والكلام
هذا لا يقال من قبيل توفير
الأعذار لتفاهة الطاقم
السياسيّ المتربّع في بلاد
الرافدين. فالأمر لا يتعدّى
الإشارة إلى علاقة بين السبب
والنتيجة، علاقةٍ قد تتعرّض لها
بلدان عربيّة كثيرة، الواحد بعد
الآخر. ====================== تدهور
العلاقات الإسرائيلية
التركية .. من المسؤول؟ المستقبل
- الثلاثاء 29 حزيران 2010 العدد
3696 - رأي و فكر - صفحة 22 فيصل
علوش هل
يتحمل الإتحاد الأوروبي
المسؤولية عن تدهور علاقات
أنقرة مع تل أبيب؟ عبر رفضه دخول
تركيا إلى عضويته، كما عبر عن
ذلك وزير الدفاع الأميركي روبرت
غيتس، أم أن الأمر يتصل ب"تحولات
عميقة تحدث في المجتمع التركي"،
ترتّب عليها وصول حزب "العدالة
والتنمية" إلى الحكم، ومن ثم
التغير الإستراتيجي في سياسة
أنقرة تجاه دول الإقليم، كما
يشير إلى ذلك الوزير الإسرائيلي
المتطرف أفيغدور ليبرمان؟ قد
يكون لكل من السببين اللذين
طرحهما غيتس وليبرمان قسط من
المسؤولية في تدهور العلاقات
التركية الإسرائيلية،
بيد أنهما لا يقدمان، وحدهما،
التفسير الكافي والوافي لهذا
التدهور. فكل منهما (غيتس
وليبرمان) يسعى إلى الهروب من
مواجهة الواقع والمسؤولية،
والميل لتحميل الأمر إلى أطراف
أو عوامل أخرى، قافزا بكل خفة
وسهولة، فوق السياسات التي
تنتهجها حكومة بلاده،(أو هو
شخصيا)، وما راكمته تلك
السياسات، على مدى سنوات طويلة،
من أخطاء وخطايا في حق دول
المنطقة وشعوبها. وعلى
سبيل المثال، فإن وجود أمثال
ليبرمان ونتنياهو وباراك على
رأس القيادة في إسرائيل،
وسياساتهم المتطرفة التي واظبت
على الاعتقاد بأن القوة
العسكرية العارية وحدها كفيلة
بفرض الإرادة والمشيئة على
الفلسطينيين والعرب ودول
المحيط. شكّل عاملا رئيسيا في
نشوب الأزمة بين تركيا
وإسرائيل، وهذا ليس رأي العرب
أو الأتراك وحدهم، بل هو رأي
جهات سياسية وإعلامية داخل
إسرائيل نفسها! وعليه،
فمن الصائب تماما "ضرورة
التفكير طويلا ومليا في سبب
تغير السياسات في تركيا" كما
يطالب بذلك غيتس. ولكن من الخطأ
البائن الاعتقاد بأن الأمر منوط
بالسعي لمعاودة "إقناع
القادة الأتراك بأن مصلحتهم
تقتضي علاقات أقوى مع الغرب"،
كما يقول غيتس، لأن هذا ينطوي
بدوره على اعتقاد خاطئ أخر يفيد
بأن "تركيا تسعى إلى قطع
روابطها مع الغرب"، وهو ما
يروّج له بعض مراكز صنع القرار
ووسائل الإعلام الإسرائيلية
لتأليب الرأي العام الغربي
والعواصم الغربية ضد أنقرة، في
حين أن الأخيرة، ما انفكت تعرب
المرة تلو الأخرى، عن طموحها
لنيل عضوية الإتحاد الأوروبي،
على رغم الصدود الذي تلقاه من
عواصم غربية عدة، كما أن جلّ ما
تقوم به يتصل بمحاولة إقامة
توازن بين توجهاتها الأوروبية
وسياساتها الشرق أوسطية،
والبحث عن دور فاعل في الملفات
والمشاكل المطروحة، من خلال
مقاربات تقوم على ضرورة توفير
الأمن والسلام وحل النزاعات
القائمة، من العراق إلى فلسطين
إلى أفغانستان وباكستان، إلى
أرمينيا والبلقان والقوقاز،
بما فيها الملف النووي الإيراني
والصراع العربي
الإسرائيلي. وهي تسعى
لتحقيق ذلك عبر استخدام "قوتها
الناعمة" وتوظيف رصيد
نجاحاتها الاقتصادية
والتنموية، التي جعلت منها إحدى
أهم دول العالم في رفع معدلات
التنمية وتخفيف العجز. أما
الخطأ الأفدح من كل ذلك، فهو ما
يعبر عنه بعض صناع القرار
الإسرائيلي، مثل ليبرمان
وأشباهه، حول "ضرورة تغيير
الحزب الحاكم في أنقرة" من
أجل إعادة تركيا مجددا إلى جانب
الغرب، وإعادة الشراكة بين
تركيا وإسرائيل!! فمثل هذا الرأي
يغفل عن حقيقة ما يمثله حزب "العدالة
والتنمية" من تجربة يفترض أن
تحاط بكثير من العناية والحرص
على إنجاحها، وتعميمها إن أمكن
على بقية بلدان العالم
الإسلامي، وليس إجهاضها،
بوصفها تستند إلى إسلام معتدل
ومنفتح يسعى إلى التوافق مع قيم
ومبادئ العلمانية والديمقراطية
والحداثة، على الضد من الحركات
والقوى المتطرفة وتوجهاتها. وبدا،
في ما مضى، أن هذه التجربة لاقت
استحسان وتأييد الرئيس
الأميركي باراك أوباما للأسباب
آنفة الذكر، كما ظهر من خطابه في
أنقرة، فضلا عن تشجيعها وتوفير
مظلة الدعم اللازم لها، للقيام
بأدوار يمكن أن تناط بها في
العديد من الساحات المضطربة. وإلى
ذلك كله، يجدر أن نأخذ في
الاعتبار، أن تركيا ستبقى
محكومة بتحالفاتها
الإستراتيجية والاقتصادية
والعسكرية مع الولايات المتحدة
وإسرائيل، وإن حسابات المصالح
الإستراتيجية، الإقليمية
والدولية في المنطقة، تفرض سقفا
محددا لأي تصعيد تركي ضد
إسرائيل، وعلى سبيل المثال،
وعلى رغم الهجوم التركي القوي
على إسرائيل منذ عدوانها على
غزة، فإن التعاون العسكري بين
البلدين استمر إلى ما قبل
الاعتداء الإسرائيلي على "قافلة
الحرية"، بدلالة التدريبات
المشتركة التي أعلنت تركيا
إلغاءها، وكانت مقررة خلال
الشهرين، الحالي والقادم. وعليه،
من الخطأ الذهاب بعيدا في المدى
الذي سيصل إليه سوء العلاقات
بين الطرفين، ففي الوقت الذي
تسعى فيه تركيا لإعادة تموضعها
الاستراتيجي في المنطقة،
والبحث عن أدوار فاعلة لها،
وخصوصا في الملفات الشائكة
والمعقدة، فإن هذا يستلزم أن
تقدم نفسها وسيطا مقبولا من
الجميع، وأن تتوافر على علاقات
جيدة مع جميع العواصم المعنية. ولعل
هذا ما دفع بمهندس السياسة
الخارجية التركية أحمد داود
أوغلو للحديث عن مبدأ "صفر من
المشاكل" في علاقات تركيا مع
جميع دول الجوار المحيطة بها،
ولكن علينا ألا نغالي بتصور
مثالي لحدود هذا المبدأ
وتطبيقاته، إذا لا يمكن لدولة،
في منطقة تعج بالصراعات
والإستقطابات، كمنطقتنا، أن
تبقى محايدة وعلى مسافة واحدة
من الجميع، أو أن تستمر في
علاقات حسنة مع جميع الأطراف،
إلا إذا أرادت الانكفاء، أو
تبني سياسات، بلا لون ولا طعم
ولا رائحة، (مثل سياسات كثير من
الدول العربية)، وهذا لا يساعد
أبدا في تحقيق الدور والنفوذ
الإقليميين لأية دولة تطمح بذلك!؟
====================== عندما
يتمرد الجنرالات على الساسة غسان
الإمام الشرق
الاوسط 29-6-2010 لم يكن
جلساء الجنرال حسني الزعيم، في
مقاهي دمشق، يصدقونه، وهو يقسم
بأنه سيقود، يوما ما، انقلابا
عسكريا. ورأت حكمة الرئيس
الديمقراطي الطيب شكري القوتلي
أن يسترضي ضابطه الأهوج والشجاع.
أوفده مديرا للشرطة في محافظة
نائية (دير الزور). ثم استعاده
ليسلمه قيادة الجيش! صفق
السوريون للجنرال الذي دشن
سلسلة الانقلابات السورية
الكارثية. لم يكونوا يدرون أن
الانقلاب العسكري مؤامرة على
الحرية. على السلطة المدنية.
والسلطة الشرعية. حكم
العسكر شقاء عليهم وعلى شعوبهم.
ولعلي أكشف سرا تاريخيا عندما
أقول إن الجنرالات الانقلابيين
الذين أعدموا قائدهم المشير
حسني الزعيم (1949)، وصموه بكل
الموبقات، باستثناء واحدة، لم
يجرؤوا على مصارحة شعبهم بها.
فقد أخل الزعيم بشرفه العسكري،
عندما سلم السلطة اللبنانية
أنطون سعادة زعيم الحزب السوري
القومي اللاجئ إلى سورية. وأثار
إعدام سعادة في لبنان ثائرة
الضباط الانقلابيين. وكان بينهم
أنصار متحمسون للحزب أو أعضاء
فيه. وأذكر منهم العقيد أديب
الشيشكلي صاحب الانقلاب الثالث
الذي حكم سورية نحو خمس سنوات
(1950/1954). أكتب
هذا الحديث بمناسبة إقالة
الرئيس الأميركي باراك أوباما
للجنرال ستانلي ماكريستال قائد
القوات الأميركية والأطلسية في
أفغانستان، لمجرد أنه سخر، هو
وضباطه، علنا من الرئيس أوباما
ورجال إدارته. في
الديمقراطيات الغربية، يصعب
إلى حد الاستحالة الانقلاب
العسكري. المؤسسات المدنية قوية
وراسخة (السلطات الثلاث.
الأحزاب. النقابات. الدساتير.
القوانين. الصحافة). بل الشعوب
تثور فورا، إذا تجرأ جنرال أو
رجل دين على المس بالحريات
السياسية والشخصية. نعم،
المؤسسة العسكرية في
الديمقراطيات الغربية ذات
اتجاهات، غالبا، يمينية. محافظة.
أحيانا فاشية. عنصرية.
الجنرالات يستطيعون فقط الهمس
في آذان الساسة. وتقديم المشورة
العسكرية لهم. لكن لا يجرؤون على
التمرد عليهم. عندما
قرر الرئيس الجنرال شارل ديغول
النزول عند رغبة الجزائر في
الاستقلال (1962)، ثار عليه ضباط
الاستعمار. خططوا لقلبه. حاولوا
اغتياله. لكن الجنرال صمد. وصمدت
معه الديمقراطية الفرنسية. وسرح
ديغول جنرالاته المتمردين. لم
تعد «شنبات» العسكر تخيف. اختار
الرئيس ساركوزي سيدة وزيرة
للداخلية. ثم وزيرة للدفاع. في
إسبانيا، استعرضت وزيرة الدفاع
جنرالاتها وجنودها، وهي تنوء
بحملها في بطنها. لكن في
جزائر الاستقلال، قلب الجنرال
هواري بومدين رئيسه المدني أحمد
بن بله (1965). لم تكن المؤسسات
المدنية الشرعية قد رسخت وجودها.
كان بومدين رجل دولة. أكثر هدوءا
واستقرارا. زوج بومدين أسيره
وهو رهن الاحتجاز. تقلب ابن بله
في الأسر 15 سنة. دخل ماركسيا. خرج
متأسلما! لم يكن
ماكريستال أول جنرال أميركي
يتمرد على رئيسه المدني. عندما
طالب الجنرال دوغلاس مكارثر
بضرب الصين بالقنبلة النووية
خلال الحرب الكورية، أقاله
رئيسه هاري ترومان. لم يعبأ
المدني بشعبية العسكري. يبدو أن
ترومان الذي جرب قنبلته في
يابان هيروهيتو، لم يكن راغبا
في تجربتها بصين ماو. تحمل
جمال عبد الناصر وطأة هزيمتين
عسكريتين مروعتين، ليتخلص من
جنراله عبد الحكيم عامر. عرفت
عامر، عن كثب، خلال الوحدة
المصرية/السورية. كان جنرالا
طيبا. أدار الجيش بعقلية عمدة.
سمح لضباطه بالإيقاع بينه وبين
ناصر. كان عامر كارثة. تسبب
بهزيمة السويس (1956). تسبب بسقوط
الوحدة (1961). وكان من أسباب
النكسة (1967). أثبت
الجيش المصري وعيه. انضباطه.
مهنيته العسكرية، بولائه
المطلق والدائم للمؤسسة
الشرعية. وحتى قناصة ورماة
الجيش الذين صرعوا الرئيس أنور
السادات (1981) كانوا عاجزين عن
تحويل الاغتيال الفردي، إلى
انقلاب يستولي على السلطة.
السبب كونهم ينتمون إلى تنظيم
إرهابي لا يملك الشعبية الرافضة
له حاكما شرعيا. في عصر
الانقلابات، كان الملك الحسن
الثاني أذكى من جنراله العصبي
المتمرد محمد أوفقير. أوهم رجال
الملك الجنرال أن لا حاجة
للاستمرار في قصف الطائرة
الملكية. فقد أصيب الملك وقضي
إلى رحمة الله. انقضت حياة
الجنرال عندما لامست الطائرة
الملكية بسلام أرض المغرب. كانت
مؤامرة أوفقير محاولة جنونية
لضرب الاستقرار والانسجام
الاجتماعي الذي ضمنته الأسرة
العلوية المالكة على مدى قرون. لم
أعرف أوفقير. عرفت الجنرال
الخجول الذي حل محله. عشت أياما
مع الجنرال أحمد دليمي. رافقته
في طائرته الخاصة وحيدا مع رئيس
أركانه. عرفت نفوذه. دخلت قصوره
ومكاتبه. كان دولة داخل الدولة.
لكن كم كان بسيطا ذلك الجنرال ذو
العضلات القوية والأفكار
البسيطة. لم يكن يجيد حتى الكلام
مع صحافي. يبدو
أن حظي مع الجنرالات كان كبيرا.
التقيت في دمشق الجنرال الأردني
الشاب علي أبو نوار رئيس
الأركان الذي حاول قلب الملك
حسين في الخمسينات. كان الجنرال
الهارب ثائرا. وناقما. ثم
التقيته في باريس بعد عشرات
السنين. لم أعرفه. كان السرطان
قد أنهكه. لكنه كان راضيا. إنه فن
الحكم وسياسة الناس اللذان
أجادهما ملك حكم طويلا. عاقب ولم
يشنق. صفح. استرد المتمردين.
كسبهم. حتى الجنرال أبو نوار
أصبح يتكلم الفرنسية بطلاقة،
وهو سفير للأردن في فرنسا. تمرد
الجنرالات مرارا على الساسة في
تركيا. أعدموا رئيس الوزراء
عدنان مندريس (1960). سجنوا الرئيس
العجوز جلال بايار. هل يتمردون
على رئيس الوزراء رجب طيب
أردوغان؟ اقتراب تركيا من
أوروبا خيب أملها. لكن علم عسكر
الكمالية كيف يحترمون السلطة
المدنية المنتخبة. شعبية
أردوغان. شرعيته. وحتى أسلمته لم
تطغ على احترامه لحريات المجتمع
المدني. لماذا
غدت الانقلابات العربية نادرة؟
لأن العالم تغير. شاعت ثقافة
حقوق الإنسان. لم يعد مقبولا
اعتداء العسكر على شرعية النظام
وحرية المجتمع. صار الجنرالات
أكثر زهدا. وأقل طموحا. باتوا
يتهيبون مشاق السلطة والحكم في
عالم خطر. النظام
العربي اليوم أكثر حذرا. فقد
أحكم حماية نفسه. اعتمد أجهزة
الأمن الكاتمة للصوت، للوقاية
من هدير الدبابات. تصعيد
العلاقة العشائرية والطائفية
وفر للنظام ثقة أكبر بنفسه، وإن
كان ذلك على حساب فلسفة الدولة
الحديثة في احترام المجتمع
المدني. تشكيل
الدولة في الخليج العربي جاء
متأخرا عن مثيله في المشرق
والمغرب. لكن الشرعية التاريخية
للأسر الحاكمة وفرت الوقاية
للنظام الخليجي من الكوارث
الانقلابية. ساعدت على ذلك أيضا
حكمة أمراء ومشايخ النظام
الخليجي. فقد عرفوا كيف يستغلون
موارد النفط الهائلة في تطوير
مجتمعاتهم وإعمار مدنهم. لا شك
أن هناك أخطاء. لكن المواطن
الخليجي اليوم ينعم بالأمن.
بالاستقرار. بالازدهار
الاقتصادي. بحرية المشروع
والعمل. بالخدمات شبه المجانية:
صحة. تعليم. كهرباء. مياه. وما
المطلوب من العربي الخليجي سوى
أن يكون في فكره وعمله. في حله
وترحاله. وتعامله مع العالم
الخارجي، على مستوى انتقال مركز
الثقل العربي السياسي والمادي
إلى الخليج. ===================== 2010/06/26
هبئة
التحرير افتتاحية
النداء خرجوا
إلى الحرية بعد انتهاء أحكامهم،
خرجوا معصوبي العينين مقيدي
اليدين. سأل
السجّان أولهم جبرالشوفي: أين
تريد ان ننقلك ونطلق سراحك؟
أجابه في الصالحية، استغرب
السجّان، لكن جبر المشتاق للشام
أيضا، كان راغبا ألا تراه
عائلته وأهل بلده في السويداء
وهو في ثيابه الرثة من
آثارالسجن. كان يريد أن تكون
ثيابه جميلة زاهية كحريته، لذلك
أصر . وفي الصالحية رفعوا الغطاء
عن عينيه، وفكّوا قيد يديه،
فسار ودخل إلى أول محل ملابس
صادفه. وعندما استقبله البائع
بتجهم سارع لطمأنته بأنه ليس
كما قد توحي ملابسه، بل هوسجين
سياسي من إعلان دمشق قد أطلق
سراحه للتو، ولديه المال اللازم
للشراء. عندها انفرجت أسارير
البائع فعرض تقديم الملابس له
كهدية، لكن جبر الفرح والزاهي
بحريته وكرامته أصر على دفع
ثمنها. أطلق
سراحهم واحدا إثرالآخر،
جبروأحمد وأكرم وفداء ووليد
وياسر، بعد إسماعهم مجموعة من
الإنذارات والتهديدات
المترافقة بمدائح لوطنيتهم
وثقافتهم، مع تكرار المعزوفة
الشائعة عن الهجمة والضغوط التي
يواجهها النظام بسبب ممانعته
المشهودة!. أطلق
سراحهم بعد قضائهم كامل
محكوميتهم، والتي أنزلها بهم
قضاء فقد سمعة استقلاله الشهيرة.
ومع أنهم حشروا تنكيلا في مهاجع
السجناء المجرمين، فقد حرموا من
المساواة بهم، ولم يحصلوا على
مثل حقوقهم، وبينها تخفيض ربع
المدة المعتاد. وكانوا
قد شاركوا قبل سنوات نخبة من
زملائهم الأحرار في التعاقد حول
إطلاق إعلان دمشق للتغيير
الوطني الديمقراطي سبيلا، من
أجل الخروج السلمي والآمن
والمتدرج من الأزمات السورية
المستفحلة. والانتقال بسورية من
صيغة الدولة الأمنية إلى صيغة
الدولة السياسية، داعين جميع
أبناء الوطن من مختلف الفئات،
بما فيهم البعثيون، إلى
المشاركة في حوار وطني شامل
ومتكافئ حول ذلك، ورافضين
للتغيير المحمول من الخارج. وعندما
عقدوا مجلسهم الوطني الأول على
طريق الإعداد للمؤتمر الوطني
المنشود، سرعان ماجابهتهم
السلطة بالاعتقالات والملاحقات
والضغوط الأمنية المتتابعة. على
دعوة الحوار ردت السلطة بالسجن،
وعلى دعوة الإصلاح ردت: لا صوت
يعلو فوق صوت المعركة !. وهي
لاتخوض أية معركة سوى معركتها
المستمرة ضد الشعب ! هكذا،
لا تعرف السلطة الأمنية سوى
إجراءات من طبيعتها، وهي تحذر
الحوار وكل أشكال صراع البراهين
والأفكار، فتلجأ باستمرار
للقوة والتعسف، وبذلك لا تزيح
من يقف بمواجهتها فقط، بل تحاول
إرعاب الآخرين ودفعهم للتواري
والعزلة أيضا. لكن ما
دامت السلطة قوية وكلية القدرة
كما تزعم، فلماذا غطى السجّان
عيون المعتقلين في لقائه الأخير
معهم قبيل إطلاق سراحهم؟ هل رغب
السجّان في بقائه مجهولا، أي في
الفصل بين شخصيته ودور السلطة
الأمنية التي يمثل، وبذلك كان
عمله مجرد دور أو منصب حرص على
فك علاقته الشخصية به ؟! ذاك هو
الفرق إذن بين السجّان الذي
تحوّل سجينا متخفيا لا يستطيع
مواجهة عيون سجنائه، وبين أولئك
الأحرار الخارجين من الأسر،
كراما رافعي الرأس ك جبرالشوفي
الذي انطلق إلى الصالحية معلنا
شخصه وحريته. وهو
نفس الفرق بين من فرض الرقابة
على وردة سوريا المتحررة من
الأسر د. فداء الحوراني، مسجلا
ومصورا القادمين لتهنئتها،
وبين أولئك المستمرين في
زيارتها زرافات ووحدانا من عدة
محافظات سورية. وهو
الفارق بين علي العبد الله ذلك
الذي ناضل طويلا في صفوف
المقاومة الفلسطينية، واختار
أخيرا ومع ولديه الدفاع عن حرية
المواطن والوطن، فتكرر سجنه
معهما، وبين سجّانه الذي خاف من
رؤيته حرا، فأعاده إلى السجن
فور خروجه منه ! هو
فارق بين الحر مهما اختلف وضعه،
داخل السجن أو خارجه ، مادام
مدافعا عن أفكاره، وبين سجين
سلطته التي لا يستطيع الدفاع
عنها، فيلجأ إلى سجن معارضيها،
العزل إلا من قوة الأفكار! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |