ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 05/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عن سبل مواجهة التصحّر في الدول العربية

المستقبل - الاحد 4 تموز 2010

العدد 3701 - نوافذ - صفحة 15

نبيل محمود السهلي

قبل الخوض في التحديات التي تواجه البيئة العربية، لابد من تعريف عام للبيئة، حيث يشار اليها بأنها إجمالي الأشياء التي تحيط بنا وتؤثر على وجود الكائنات الحية علي سطح الأرض، متضمنة الماء والهواء والتربة والمعادن والمناخ والكائنات أنفسهم. وتقسم البيئة الى نوعين، الاول يتضمن البيئة المادية المؤلفة من الارض والماء والهواء، في حين ان النوع الثاني، البيولوجي، يحتوي على النباتات والحيوانات والانسان. وبسبب التطور ات السريعة التي يشهدها العالم، يمكن إلحاق ثلاث بيئات اخرى بالنوعين المذكورين هي: البيئات الطبيعية والاجتماعية والصناعية، ولكل بيئة من البيئات المذكورة مكوناتها الخاصة.

على الرغم من اهتمام الدول العربية بالتنمية البيئية، إلا ان التعاون في مجال البيئة لايزال محدوداً، حيث يقتصر على تنسيق المواقف في المحافل البيئية الدولية. كما تقوم منظمات العمل العربي المشترك المتخصصة بالتعاون مع اللجنة المشتركة المنبثقة عن مجلس الوزراء العرب بتنسيق البرامج والمشروعات والانشطة في الدول العربية.

ومن الاهمية الاشارة الى انه رغم الجهود المتواضعة في مجال التنمية البيئية العربية، إلا أن هناك امكانات كبيرة لتنسيق التعاون العربي مستقبلاً في مجالات البيئة والتنمية، ويذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: التعاون المشترك في مجال حماية البيئة عبر الحدود العربية المشتركة، كحماية البيئة البحرية، والتنسيق في ادارة احواض المياه المشتركة، اضافة الى امكانية التعاون في مجال بناء القدرات الفنية الوطنية في مجال الرقابة البيئية والجمركية ومجال إعداد التشريعات البيئية.

تعتبر حماية البيئة إحدى ركائز النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية لتحقيق التنمية المستدامة، ذلك ان الممارسات المتبعة في عمليات الانتاج والاستهلاك تؤثر بصورة مباشرة في الحفاظ على البيئة المستدامة. وعلى الرغم من التطورات الاقتصادية والاجتماعية العربية منذ عقد السيعينيات من القرن العشرين،إلا ان الاداء في مجال مكافحة التلوث البيئي لم يكن بالمستوى المطلوب، الامر الذي ادى الى تردي الاوضاع البيئية العربية، وعلى الاخص في الدول العربية الافريقية مثل السودان وموريتانيا والصومال وجيبوتي.وبسبب ندرة المياه في المنطقة العربية وعدم الاستخدام الامثل للمياه المتاحة، اتسعت ظاهرة التصحر في الدول العربية، حيث تدهورت الأراضي الزراعية بسبب تكرار حالات الجفاف وعدم القدرة على مواجهة التحديات البيئية بقدرات فنية مناسبة. وقد تفاقمت الاوضاع البيئية سوءاً بفعل التلوث الصناعي، حيث شهدت المنطقة العربية خلال العقود الماضية جهوداً مكثفة لتحديث أساليب ومعدات التصنيع وإدخال تقنيات الإنتاج الأنظف. وفي هذا السياق يذكر أن التوسع في الصناعات الكيماوية الخطرة مثل تكرير النفط وإنتاج البتروكياويات تجهيز المنسوجات والدباغة والمبيدات والأسمدة والحديد والصلب إلى إنتاج واستخدام الكيماويات الخطرة وتزايد المخلفات الناتجة عن هذه الصناعات؛ وهي خطرة وضارة بالنسبة للاوضاع البيئية في الدول العربية خاصة المنتجة للنفط. ومن التحديات الاخرى التي تواجه البيئة العربية التجارة غير القانونية في المخلفات الخطرة، حيث تفتقر غالبية الدول العربية الى امتلاك اجهزة الرقابة البيئية والجمركية، ما يعرّضها على الدوام لتسرب المخلفات الخطرة اليها بطرق غير قانونية.

وتبعاً لذلك تسعى الدول العربية لتنسيق طلب الدعم المادي والفني المتاح في الاتفاقات البيئية الدولية الخاصة بالمواد والنفايات الخطرة، وتعمل الدول العربية جاهدة لبناء القدرات وتنمية الموارد البشرية لاعداد وتنفيذ الخطط الوطنية لمواجهة تحديات المخاطر البيئية وانعكاساتها السلبية المحتملة على التنمية الاقتصادية.ولحماية البيئة العربية ومواكبة التطورات العلمية الدولية والاقليمية يتم حالياً اعداد دراسة تقنية اولية عن مشروع انجاز قمر صناعي عربي لملاحظة الأرض والاستشعار عن بعد، بحيث سيوفر المشروع المنتظر تنفيذه في السنوات المقبلة وسيلة فعالة لمراقبة الارض من الفضاء الخارجي وفهم ادق التفاصيل حول التحولات المناخية والبيئية في المنطقة العربية. كما تتطلب المخاطر المحدقة بمستقبل البيئة العربية تعزيز الشراكة مع المجتمعات المدنية، خاصة في ظل تزايد الضغوط البيئية وتسارع معدلات استهلاك الموارد الطبيعية في الدول العربية، الامر الذي يستدعي تنمية الوعي العام وتعزيز المشاركة الشعبية، وخصوصاً قطاعات الشباب والمرأة لضمان استجابة المجتمع وتعاونه في حل المشاكل البيئية والحد من انعكاساتها السلبية ما امكن ذلك.ولضمان استدامة الانتاج والاستهلاك في المنطقة العربية يستوجب اعادة النظر في سياسات التسعير للمنتجات والخدمات لتعظيم كفاءة الاستخدام والحد من الفاقد.

واذا استطاعت الدول العربية الحد من التدهور البيئي فان العائد الاقتصادي لتفادي التدهور سيكون كبيراً، وسينعكس بشكل جيد على اداء الاقتصاديات العربية بقطاعاتها المختلفة. وتشير الدراسات الى العائد الاقتصادي لتفادي التدهور البيئي في الدول العربية سيصل الى نحو (15) مليار دولار سنوياً. وقد يزداد العائد مع امتلاك الدول العربية التقنيات المتطورة التي تحد بشكل كبير من التدهور البيئي العربي، وقد يصل العائد الى (30) مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة. وبشكل عام ثمة ستة عناصر بيئية رئيسية يجب دراستها بشكل جدي وعلمي لما لها من انعكاسات خطيرة على التنمية العربية بكافة اشكالها في حال عدم توصيف ادائها بشكل دقيق وواقعي للحد من الانعكاسات السلبية على البيئة العربية، وهذه العناصر هي: الماء، الهواء، والتربة، الغابات، التنوع البيولوجي، والمناطق الساحلية.

مما تقدم يظهر ان الدول العربية تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في المخاطر المحدقة بالبيئة العربية، الامر الذي يتطلب، اكثر من أي وقت مضى، النهوض بالعمل العربي المشترك لمواجهة التحدي المتشعب الاثار، خاصة وان هناك مجلس الوزراء العرب لشؤون البيئة، مهمته تعزيز التعاون العربي في مجال حماية البيئة العربية والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتحديد المشكلات البيئية ذات الطبيعة الإقليمية وشبه الإقليمية. ولايمكن لدولة عربية ان تواجه التحديات البيئية بمفردها، بسبب التكلفة العالية والانعكاسات المحتملة على كافة مناحي الحياة.

إضافة الى التحديات التي تواجه البيئة العربية بشكل عام، ثمة تحد خطير تواجهه البيئة الفلسطينية بسبب السياسات البيئية الاسرائيلية، فمنذ اللحظة الاولى لاحتلالها الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، شرعت سلطات الاحتلال الاسرائيلية في تطبيق إجراءات مرسومة تهدف الى التضييق على الفلسطينيين لإخضاعهم سياسيا، وتسارعت وتائر الاستيطان، لفرض الأمر الواقع الاسرائيلي، واستطاعت سلطات الاحتلال بناء 151 مستوطنة اسرائيلية في الضفة والقدس تحتوي على اكثر من 450 الف مستوطن في بداية العام الحالي 2010. وقد تركّزت عمليات الاستيطان في مناطق الريف الفلسطيني، ما أدى الى تراجع أداء قطاع الزراعة الفلسطيني ان من حيث مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي الفلسطيني، او استيعاب قوة العمل الفلسطينية. ومنذ انتفاضة الاقصى في ايلول عام 2000م عمدت سلطات الاحتلال الى تنفيذ سياسات صارمة ضد البيئة الفلسطينية، كانت في المقدمة منها عمليات قطع الاشجار وجرف الاراضي خاصة الزراعية منها، حيث يلعب ذلك دورا في عدم التوازن البيئي في المدى البعيد. وتشير الدراسات المختلفة الى ان سلطات الاحتلال قطعت منذ بداية انتفاضة الاقصى وحتى عام 2010 أكثر من مليون ونصف المليون شجرة في الضفة والقطاع، منها مئات الالاف من الاشجار المثمرة. كما جرفت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال الفترة المذكورة آلاف الدونمات من الاراضي المزروعة او المجهزة لزرع المحاصيل الحقلية. كما قامت سلطات الاحتلال بتدمير 151 بئرا منذ بداية الانتفاضة، و300 منزل للمزارعين، وتم َّ تدمير 80 مزرعة للدواجن والماشية بنيران المدافع والدبابات والطيارات الاسرائيلية، وادى ذلك الى تدهور الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية، خاصة في الريف، وقد إزداد الوضع البيئي الفلسطيني سوءاً بفعل سيطرة السلطات الاسرائيلية على نحو 85 في المئة من اجمالي مصادر المياه الفلسطينية المتاحة والمقدرة بنحو 920 مليون متر مكعب سنويا لمصلحة المستوطنات، حيث يستهلك المستوطن الاسرائيلي في المستوطنات القائمة في الضفة ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من المياه.

ويلحظ المتابع للاجراءات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين ومصادرهم الطبيعية، ان عملية التخريب المتعمّد للبيئة في الضفة والقطاع قد خطط لها منذ اليوم الاول للاحتلال في عام 1967. لكن تلك العملية تضاعفت وازدادت بعد انطلاقة انتفاضة الاقصى في نهاية أيلول من عام 2000، حيث تسببت المياه العادمة ومخلّفات المصانع الاسرائيلية الكيماوية والسامة في هلاك المزروعات وتلف الاراضي الزراعية وتلوث البيئة والتربة، والحياة بوجه عام. وتهدف السلطات الاسرائيلية من وراء ذلك إلى فرض وقائع اسرائيلية جديدة على الارض يصعب تغييرها. وفي هذا السياق يشار ان من أهم وأخطر وسائل تلويث البيئة من قبل الجيش الاسرائيلي والمستوطنين الاسرائيليين تصريف المياه العادمة وغير المعالجة من المستوطنات الى الاراضي المحتلة في عام 1967، وكذلك إنشاء المصانع الاسرائيلية الضارة بالبيئة في داخل فلسطين المحتلة عام 1967، حيث بات يوجد نحو (200) مصنع اسرائيلي متخصص في تلك الصناعات في الضفة الغربية والمستوطنات الجاثمة هناك، فضلا عن ذلك تقوم السلطات الاسرائيلية بتهريب ودفن النفايات السامة في الاراضي الفلسطينية بشكل مدروس ومتعمّد، ما يؤدي الى توسّع ظاهرة التصحّر في العديد من مناطق الريف الفلسطيني التي تعتبر بمثابة سلة الغذاء للفلسطينيين. وكذلك يؤدي الى عدم التوازن البيئي، وبالتالي الى الضغط على الفلسطينيين للعمل في قطاعات هامشية.

وتشير الدراسات المختلفة الى استخدام الجيش الاسرائيلي لليورانيوم المستنفد والمشعّ والسام خلال الفترة (2000-2010)، وهذا بدوره أدى الى انعكاسات خطيرة على المجتمع الفلسطيني والبيئة الفلسطينية، حيث يكمن الهدف الاسرائيلي في نهاية المطاف إلى دفع الفلسطينيين الى خارج ارضهم من جهة، والحد من معدلات الخصوبة العالية عند المرأة الفلسطينية للاخلال بالتوازن الديموغرافي لمصلحة المستوطنين اليهود من جهة اخرى. ومن هنا يمكن تسجيل توصية أساسية بعد هذا العرض عن الاجراءات الاسرائيلية لتخريب البيئة الفلسطينية، تتمحور حول ضرورة دعوة وزراء البيئة العرب لاجتماع طارئ، للتدارس في الاجراءات الاسرائيلية الخطيرة في الضفة والقطاع، وصولاً الى وضع اقتراحات وتوصيات، وبالتالي آليات عمل محددة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، ودرء المخاطر البيئية المحدقة في البيئة الفلسطينية بكونها جزءاً من البيئة العربية المحيطة، ومن الامن القومي العربي.

========================

التصالح التركي - الإسرائيلي

علي الصفدي

الدستور

4-7-2010

فجأة ودون أية مقدمات ، انتقلت العلاقات التركية - الإسرائيلية من النقيض إلى النقيض الآخر ، وتغيرت لغة التهديد والوعيد التي أطلقتها حكومة رجب طيب أردوغان ضد إسرائيل في أعقاب اعتراض بحريتها لأسطول الحرية الذي أبحر صوب قطاع غزة بغية فك الحصار عنها في الحادي والثلاثين من شهر أيار الماضي وما تخلله من قرصنة واعتداء إسرائيلي سافر على سفينة مرمرة التركية أسفر عن مقتل تسعة نشطاء أتراك ، حيث تراجعت أنقرة عن شروطها المسبقة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل الذي يتطلب منها تقديم الاعتذار عمّا اقترفته بحريتها بحق النشطاء الأتراك ، وتعويض عائلات الضحايا والرضوخ لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الحادث والعمل على رفع الحصار كلياً عن قطاع غزة ، كما تراجعت أنقرة عن إعلانها المتشدد بمنع الطيران الإسرائيلي من عبور أجوائها دون إذن مسبق ، وعادت إلى لغة التفاهمات الدبلوماسية بالرغم من التأكيدات المتكررة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو برفض الاعتذار لتركيا ، وعقد وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو اجتماعاً سرياً في بروكسل مع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر بهدف تحسين العلاقات بين البلدين وإزالة التوتر القائم بينهما ، واتفقا على مواصلة اللقاءات لما لها من أهمية لبلديهما أشار إليها نتنياهو الذي أشاد باجتماع الوزيرين واعتبره استئنافاً للاتصالات بين البلدين.

 

وقد أثارت اللغة التصالحية الجديدة لتركيا مع إسرائيل الحيرة والدهشة والاستغراب لدى الأوساط العربية التي سبق لها أن أشادت بالموقف التركي المندد رسمياً وشعبياً بتمادي إسرائيل في عدوانها المتواصل ضد الشعب الفلسطيني واستيطانها الاحتلالي لمدينة القدس العربية والضفة الغربية ، وحصارها الجائر لقطاع غزة ، إلا أن تركيا وبالرغم من إدراكها وقناعتها بسلامة موقفها في مساندة الحق العربي ، إلا أن لها مصالحها الذاتية التي لا تتطابق كلياً مع المصالح العربية والتي يصعب عليها الابتعاد عنها ، فهي حليف إقليمي استراتيجي للولايات المتحدة ، وتستجيب للضغوطات التي تمارسها عليها من أجل ضبط إيقاع سياساتها الخارجية بما يتفق مع متطلبات العلاقات التحالفية بين البلدين ، ومن هذا المنطلق لعبت واشنطن دوراً كبيراً في دفع تركيا باتجاه التصالح مع إسرائيل وعقد لقاء بروكسل بين أوغلو وأليعازر بغية إنقاذ إسرائيل من عزلتها الدولية التي تعرّضت لها جرّاء عدوانها اللامبرر على قافلة الحرية ، كما أن تركيا تسعى وبكل زخم نشاطها الدبلوماسي للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي والذي يحدد شروط ومقتضيات الانضمام إليه ، والتي تأخذها الحكومة التركية بعين الاعتبار.

فبالرغم من الاقتراب التركي من المواقف العربية الداعمة لشعب فلسطين في نضاله من أجل التحرر والاستقلال وبناء دولته المستقلة ، إلا أن أنقرة لا تستطيع إغلاق أبوابها مع إسرائيل المرتبطة معها على مدى العقود الماضية بسلسلة من المصالح المتشعبة سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وتجارياً ، ولهذه المصالح الأولوية بالنسبة لها مهما اتخذت من مواقف.

========================

المقاومة الوطنية السودانية للاحتلال البريطاني

د. علي محافظة

 الدستور

4-7-2010

 كان السودان حتى العقدين الأولين من القرن التاسع عشر مؤلفاً من ممالك وامارات إسلامية ووثنية من أهمها: مملكة سنار ومملكة بربر وسلطنة دارفور والامارات القبلية الوثنية في منطقة خط الاستواء. ولما فتح محمد علي باشا السودان بين سنتي 1820 و 1842 بحملات عسكرية كبرى ثلاث ، وضمه إلى مصر ، بلغت حدود السودان المصري في نهاية حكم محمد علي (1848) منابع النيل جنوباً وجزيرة جونكر ، أي الى الحدود الشمالية لمديرية خط الاستواء وأوغندا (منطقة البحيرات الكبرى) ، والى البحر الأحمر شرقاً ، والصحراء الليبية غرباً. ولم يشمل سلطنة دارفور مع أن محمد علي حصل على فرمان من السلطان العثماني عبد المجيد في 13 2 1841 يسند إليه ولاية أقاليم السودان وهي: النوبة ، ودارفور ، وكردفان وسنار وجميع توابعها وملحقاتها.

 

وفي عهد الخديوي إسماعيل 1863( - )1879 تم فتح دارفور سنة 1874 وضم زيلع وبربرة وهرر من أراضي الصومال (اليوم) في السنة التالية. وعين الخديوي إسماعيل الجنرال البريطاني تشارلز غوردون Charles Gordon حاكماً عاماً على بلاد السودان بحدودها الجديدة التي شملت دارفور وخط الاستواء وسواحل البحر الأحمر الصومالية ، في 17 2 ,1877 ومنحه السلطتين العسكرية والمدنية ، أي أنه أصبح الحاكم المطلق للسودان. وبقي في منصبه هذا حتى أوائل عهد الخديوي توفيق 1879( - )1892 وحل محله محمد رؤوف باشا في آذار ,1881 وكان حاكماً ضعيفاً يفتقر الى الكفاءة العسكرية والادارية.

 

في ظل حكم غوردون ورؤوف باشا انتشر الظلم في السودان ، وعانى سكانه من العسف وفداحة الضرائب. وكان ضباط الجيش المصري المنتشر في السودان ، ومعظمهم من الأتراك والشراكسة وقليل منهم من المصريين ، يمارسون أبشع أنواع الابتزاز والاجحاف ، مما أثار كراهية السودانيين لهم وحقدهم على الجيش المصري المحتل الذي بلغ تعداده نحو (33) ألف جندي سنة ,1881 وكانت نفوس الناس مهيأة للثورة على هذا الوضع ، ولاسيما بعد أن منعت الادارة المصرية تجارة الرقيق ، وتجار الرقيق من كبار الأعيان والمتنفذين في السودان ، واحتكرت هذه الادارة تجارة العاج الذي يعد من أهم مصادر الثروة في السودان ، في عهد إدارة غوردون. ناهيكم عن انتشار الجهل على نطاق واسع جداً في البلاد ، ومارافقه من إيمان بالخرافات والأوهام ، والاعتقاد بقرب ظهور المهدي المنتظر.

 

فلما ظهرت دعوة محمد بن أحمد إلى الثورة على الحكم ، وادعى انه المهدي المنتظر التحق به الآلاف من الناس ، ولقيت دعوته استجابة في مختلف أنحاء السوادن. وكان أهم مؤيديه ومساعديه عبد الله التعايشي شيخ قبيلة البقارة في كردفان. بدأت ثورة المهدي في 12 8 1881 حينما بعث إليه رؤوف باشا بمئتي جندي الى جزيرة أبا حيث كان يقيم فقضى عليهم جميعاً. وكان أنصار المهدي يسمون أنفسهم "الدراويش". وانتقل المهدي الى جبل قدير شمال فاشودة وجنوبي كردفان. ولما حاول مدير فاشودة قتال المهدي فتك به الدراويش وقتلوا (1400) رجل من قواته وغنموا ذخائرها ، في 19 12 ,1881

 

أقيل رؤوف باشا وعين عبد القادر باشا حلمي حاكماً للسودان في آذار ,1882 وقبيل وصول الحاكم الجديد ، قاد يوسف باشا الشلالي حملة من أربعة آلاف جندي قاصداً المهدي في جبل قدير ، غير أن المهدي هزمها في 29 5 1882 وغنم أسلحتها وذخائرها. سيطر المهدي على كردفان واحتل عاصمتها "الأبيض" في 8 9 ,1882 وحاصر المهدي مدينة بارة في كردفان واحتلها في 19 1 ,1883 وجاءت الامدادات العسكرية من مصر لاخماد الثورة. وأحرز عبد القادر حلمي إنتصارات لابأس بها ، غير أن الخديوي توفيق أقاله ، بطلب من المسؤولين البريطانيين ، وعين علاء الدين باشا حاكماً للسودان مكانه في 20 1 1883 ، مثلما عين سليمان نازي باشا قائداً للجيش المصري في السودان.

 

كانت بريطانيا ، في هذه الأثناء ، قد استغلت ثورة أحمد عرابي على الخديوي توفيق ، واحتلت مصر ، وحلت الجيش المصري وحاكمت كبار ضباطه ، وبدأت بانشاء جيش مصري جديد بقيادة من الضباط البريطانيين. وأصبحت فعلياً تحكم مصر والسودان. عندها عينت الجنرال هكس Hicks رئيساً لأركان حرب الجيش في السودان ، وعهدت إليه بقيادة العمليات الحربية ضد المهدي. أدى هذا التعيين إلى زيادة عدد أنصار المهدي في السودان.

 

وهزم عامل المهدي في السودان الشرقي ، عثمان دقنه ، القوات المصرية في آبار طماي في 2 12 ,1883 كما مني هكس الذي قاد حملة من (13) ألف جندي لاسترجاع الأبيض في كردفان ، بهزيمة ساحقة على يد الدراويش في 5 11 1883 في معركة شيكان. عندها قابل اللورد كرومر Lord Cromer ، المعتمد البريطاني في القاهرة ، الخديوي توفيق ، وطلب منه باسم حكومته ، إخلاء السودان وسحب الجيش المصري منه. رفض شريف باشا ، رئيس الحكومة المصرية طلب المعتمد البريطاني ، بينما قبل به الخديوي فاستقال الأول احتجاجاً على ذلك. وتألفت وزارة مصرية جديدة برئاسة نوبار باشا قبلت باخلاء السودان في 10 1 ,1884 وعهدت الحكومة البريطانية إلى الجنرال تشارلز غوردون بتولي عملية الاخلاء. وتم سحب نحو (25) ألف جندي مصري من السودان ، وجميع الموظفين المصريين في الادارة السودانية. وعين غوردون حاكماً عاماً على السودان بقرار من الخديوي توفيق في 26 1 ,1884

 

وصل غوردون الى الخرطوم في 18 2 1884 ، وبعث إلى المهدي برسالة يدعوه فيها إلى إيقاف القتال ويمنحه لقب أمير كردفان ، وارسل اليه مجموعة من الهدايا. ولكن المهدي رد إليه الهدايا ودعاه إلى اعتناق الاسلام. لم تفلح سياسة اللين والمداهنة التي بدأ بها غوردون فلجاً الى العنف. وأنفذ حملة عسكرية بقيادة الجنرال غراهام Graham ، هزمت على يد أنصار المهدي في طوكر في 24 2 ,1884 وسقطت مدن سنكات والحلفاية والقضارف وبربر في أيدي قوات المهدي. وأصبح غوردون محاصراً في الخرطوم. وتمكن الدراويش من قتل الكولونيل ستيوارت Stuart في إيلول 1884 وهو مساعد غوردون ، وزحفوا على الخرطوم التي احتلوها في 26 1 1885 بعد أن سقطت أم درمان في أيديهم في 5 1 1885 ، وقتل غوردون ومايربو على عشرين ألف من جنده وأنصاره. أحدث مقتل غوردون دوياً في لندن وفي الأوساط الاستعمارية البريطانية.

 

اغتنمت بريطانيا الفرصة وطلبت من الحكومة المصرية جعل حدود مصر الجنوبية وادي حلفا والتخلي نهائياً عن سيادتها على السودان. أذعنت الحكومة المصرية وأخلت دنقلة ، وقررت في حزيران 1885 جعل حدودها الجنوبية في كوشة.

 

توفي المهدي بمرض السحايا في 22 6 1885 ، وخلفه في حكم السودان عبد الله التعايشي. واستمرت المقاومة السودانية للحكم البريطاني وبموجب قرار إخلاء القوات المصرية للسودان ، جلت الحامية المصرية عن مصوع سنة 1885 واحتلها الايطاليون من بعدهم. وانسحبت القوات المصرية من مديريتي زيلع وبربرة سنة 1884 ، وحلت القوات البريطانية محلها ، مثلما حلت القوات الفرنسية محل القوات المصرية في تاجورة وجيبوتي. واستولت الحبشة على هرر بعد جلاء المصريين عنها سنة ,1884

 

ظلت مديريات السودان في يد المهديين إلى أن استعادتها بريطانيا منهم واحدة بعد الأخرى بدءاً من سنة 1891 حتى مقتل عبدالله التعايشي في 24 11 1898بعد استعادة جميع هذه المديريات.

 

وتحت ضغوط الحكومة البريطانية أبرمت الحكومة المصرية اتفاقية 19 1 1899 التي نصت على الحكم الثنائي الانكلو - مصري على السودان. وتراجع الحد بين مصر والسودان فصار ينتهي عند دائرة العرض (22). وأصبح حد السودان الشمالي يبدأ عند "فرص" شمالي وادي حلفا ، بعد أن كان هذا الحد قبل الفتح الأول للسودان يصل الى جزيرة ساي" جنوبي وداي حلفا. والواقع أن الحكم الثنائي كان حكماً بريطانيا مباشراً للسودان ، ودور مصر فيه دور أسمي وشكلي.

========================

مهزلة صهيونية جديدة

ابراهيم العبسي

الرأي الاردنية

4-7-2010

في اعقاب المجزرة التي نفذتها حكومة اليمين الصهيوني الاكثر تطرفا وعنصرية في الكيان الصهيوني ، ضد نشطاء قافلة اسطول الحرية المحمل بالاغذية والادوية للقطاع المحاصر في غزة، واثر ارتفاع اصوات المنظمات والمؤسسات الانسانية والحقوقية والدول المنادية بارساء السلم والعدالة في العالم ومطالبتها بمحاسبة اسرائيل على هذه المجزرة، اجتمع مجلس الامن الدولي وطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة مؤلفة من قضاة مشهود لهم بالمصداقية والشجاعة والشفافية بعيدا عن المواقف السياسية، لكتابة تقرير نزيه حول حقيقة ما حدث لاسطول الحرية على ايدي جنود الكوماندوز الصهاينة. واذ ادرك نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل خطورة تشكيل مثل هذه اللجنة الدولية المحايدة التي ستدين اسرائيل حتما وتكشف اكاذيبها وبطلان روايتها، سارع الى الالتفاف على مطلب مجلس الامن وامر بتشكيل لجنة اسرائيلية عامة يرأسها قاض عسكري خبير بتزييف الحقائق والاجتراء على العدالة، بمشاركة شكلية من مراقبين دوليين اثنين لا يمتلكان حق التدخل في اعمال هذه اللجنة التي ستخرج علينا وبكل الوقاحة الاسرائيلية المعروفة، بان ما قارفه جنود الكوماندوز الاسرائيليون من قتل لبعض هؤلاء النشطاء ومعظمهم من الرعايا الاتراك، كان مجرد دفاع عن النفس، وبالتالي فان مهمة القتلة الاسرائيليين كانت مبررة قانونيا، في اتكاء للجنة على الرواية الرسمية الاسرائيلية من ان بعض هؤلاء النشطاء كانوا مدججين بالسلاح خصوصا الاتراك الذين استهدفتهم المجزرة الصهيونية في انتقام اكثر من واضح ومكشوف على الموقف التركي الرسمي الشجاع. وحتى تكتمل صورة هذه الرواية/ المهزلة، قال جابي اشكنازي رئيس اركان الجيش الاسرائيلي وبمزيد من الوقاحة، ان الجنود الاسرائيليين تحركوا بشكل قاطع وبصورة صحيحة ومناسبة في تأكيد كاذب على امتلاك بعض هؤلاء النشطاء للسلاح تمهيدا لمضمون التقرير الاسرائيلي الذي سيصدر موقعا من قضاة اعتادوا على ذبح العدالة كما اعتادوا على تحميل المسؤولية للضحايا وليس للجلادين والقتلة، لدرجة وصف الاعلام الاسرائيلي هذه الخطوة الاسرائيلية بالسخيفة والمكشوفة والتي تفتقر الى الذكاء.

 

والغريب ان الرئيس الاميركي باراك اوباما والذي كان اول من طالب بتشكيل لجنة دولية محايدة تتمتع بالنزاهة والمصداقية للتحقيق في هذه الجريمة، تراجع عن دعوته واعلن عن تأييده للجنة نتنياهو، كما اعلن الرئيس الفرنسي ساركوزي تأييده ودعمه للجنة الاسرائيلية/ المهزلة التي تؤكد ان وقاحة اسرائيل واستخفافها بالرأي العام العالمي وبالقانون الدولي والشرائع الدولية قد تجاوز كل الحدود والتصورات، في اصرار منها على مواصلة ذلك رغم انف كل من يحاول انتقادها او الوقوف في وجهها الملطخ بالدم والجريمة.

========================

أوباما ولعبة «بوتين وميدفيديف»

بقلم : د. إينا ميخائيلوفنا

البيان

4-7-2010

لعبة دولية منتشرة ومتداولة على الساحة السياسية، هذه اللعبة هي «من سيتولى رئاسة روسيا عام ,2012.بوتين أم ميدفيديف؟ »، حيثما يذهب الرئيس ميدفيديف في أي مكان من العالم توجه له الأسئلة حول هذا الأمر، وعما إذا كان ينوي الترشح للرئاسة أم لا.

 

لدرجة أنه عبر عن ملله الشديد من تكرار هذه الأسئلة التي تلاحقه منذ توليه الرئاسة في روسيا، وأيضا يواجه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين نفس الموقف ونفس الأسئلة حيثما ذهب، إنها حقا لعبة غريبة تحتاج لدهاء وذكاء في مستوى دهاء من ابتدعها، وهو فلاديمير بوتين نفسه.

 

والأمر كما يفسره العالمون بذكاء بوتين ودهائه الاستخباراتي، لا يعدو عن كونه حيلة أو خطة ابتدعها بوتين واتفق عليها مع ميدفيديف وشركائهم في مؤسسة الحكم الروسية على أن يروجوا منذ البداية لهذه الأسئلة و ينشروها في وسائل الإعلام المحلية والخارجية، وذلك بهدف حصر المنافسة على مقعد الرئاسة في روسيا بين شخصين فقط من داخل تكتل واحد هو حزب روسيا الموحدة الذي يرأسه بوتين.

 

وبالتالي يفوتون الفرصة على الجهات والأحزاب الأخرى في التفكير في إعداد منافس أخر من خارج هذه المؤسسة، و من الواضح أن جهات عديدة وقعت في فخ هذه اللعبة الذكية، حيث مضى عامان من تولي ميدفيديف الرئاسة ولم يطرح أي تشكيل سياسي في روسيا مرشحا له في انتخابات الرئاسة القادمة في مطلع عام 2012.

 

ولم يبق أمام التشكيلات السياسية الموجودة على الساحة في روسيا متسع من الوقت لترشح شخصيات جديدة غير معروفة للناخب الروسي، وكان من عادة الحزب الشيوعي الروسي أن يطرح مرشحه للرئاسة مبكرا ويبدأ حملة الترويج له في كل أنحاء روسيا قبل الانتخابات بعامين.

 

ولكن هذا لم يحدث ،وحتى لو رشح الحزب الشيوعي والحزب الليبرالي الديمقراطي وباقي الأحزاب الأخرى اسمي مرشحيهما، فسيكون الأمر متأخرا كثيرا وسيكون من باب المشاركةِ وحسب، إذ لا حظوظ عملياً في مواجهة مدفيديف أو بوتين لأي مرشح سواءً كان جديداً أو مخضرماً.

 

هذا إلى جانب أن الساحة السياسة تخلو من شخصياتٍ يتيح لها وزنها وشعبيتها منافسة الرئيسِ الحالي أو رئيس وزرائه. فحتى حزب «روسيا الموحدة» الحاكم لن يجد في صفوفه من يتطلع إلى كرسي الرئاسة، وهذا ما يستثني حدوث أيةِ مفاجآتٍ في الانتخابات الرئاسية القادمة في روسيا، اللهم إلا إذا اتفق كل من بوتين وميدفيديف أنفسهما على مرشح ثالث من جبهتهما مثلما فعل بوتين مع ميدفيديف .

 

هذا على الساحة في روسيا، ما هو غريب أيضا في لعبة بوتين وميدفيديف أنها نجحت أيضا مع الخارج، وخاصة مع الولايات المتحدة ألأميركية التي اعتادت أن يكون لها دور مباشر أو غير مباشر في انتخابات الرئاسة الروسية.

 

كما اعتدنا في عهد الرئيس الراحل يلتسين عندما كان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون يعلن دعمه ليلتسين ضد منافسه القوي رئيس الحزب الشيوعي جينادي زيوجانوف، وكانت حتى الأموال و شركات الدعاية الأميركية تلعب دورا كبيرا في انتخابات الرئاسة الروسية.

 

والآن على ما يبدو أن لعبة بوتين وميدفيديف قد خدعت الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس أوباما نفسه الذي سمعناه أثناء تواجد الرئيس الروسي ميدفيديف في الولايات المتحدة الأيام الماضية يدلي بدلوه أيضا في هذه القضية ويقول أنه يرى أن الرئيس ميدفيديف بالفعل هو الذي يحكم روسيا ويدير شئونها باقتدار، ولا يذكر أوباما اسم بوتين.

 

وكأنه يعلن رأي واشنطن في من سيكون رئيس روسيا القادم، وبالطبع أن واشنطن تفضل ميدفيديف الليبرالي البعيد عن الماضي السوفييتي على بوتين رجل الكي جي بي السابق الحزين دائما على انهيار الاتحاد السوفييتي.

 

كما أن تصريحات ميدفيديف تروق للغرب وواشنطن أكثر بكثير من تصريحات بوتين، خاصة في الشأن الإيراني الذي يؤيد فيه ميدفيديف مبدأ العقوبات على إيران بينما يرفضه بوتين ويفضل عليه الحوار.

 

لا يهم من تفضل واشنطن من الاثنين « بوتين أم ميدفيديف» فكلاهما وجهان لعملة واحدة، المهم ألا تفكر واشنطن في دعم أو تأييد مرشح أخر للرئاسة في روسيا، خاصة وأن هناك كثيرون في روسيا ينتظرون الدعم الأميركي لهم حتى يترشحوا للرئاسة، ولكن على ما يبدو أن لعبة الداهية بوتين قد نالت من الأميركيين وعلى رأسهم أوباما نفسه.

========================

الأمة وإضاعة الفرص والإمكانيات

بقلم :د. محمد سلمان العبودي

البيان

4-7-2010

جميل جدا... تحدثنا كثيرا عن أهمية الدور التركي الأخير في تحريك ولو بسيط في عملية فك الحصار عن غزة. وقلنا وحللنا ما حدث كل حسب نيته، وكل حسب تصوره.

 

لا يهم. حدث ما حدث. والموضوع أصبح مكررا ورغبنا أن نستغله صحفيا أقصى استغلال بسبب ندرته. ولكن قلنا أيضا أن هناك عبرا كثيرة تتعدى الحدث يمكننا استخلاصها من تلك التجربة النوعية في طريقة التعامل مع العدو.

 

منها اغتنام الفرص وتغيير الاستراتيجيات وعدم الوقوف موقف المشلول عن الحركة. ولكن قبل كل شيء وقبل كل خطة، نحن في حاجة إلى مراجعة علاقاتنا مع الآخرين. ويجب أن نبدأ أولا بأنفسنا.

 

لا أحد ينكر أن هناك دولا عربية تبلغ 22 دولة، وضعف ذلك الرقم عدد الدول الإسلامية. وما يجمع شعوب الدول العربية فيما بينها وشعوب الدول الإسلامية فيما بينها أكثر مما تجمعه كل المقومات التي تجمع شعوب الاتحاد الأوروبي فيما بينها وكل الجنسيات التي تشكل ال 52 ولاية للولايات المتحدة الأميركية برمتها.

 

بكلمة أخرى، عربيا أو إسلاميا نحن نمتلك من المقومات الأساسية التي لو وظفت بشكل صحيح ستشكل منا دولة عظمى دون منازع. الغرب والشرق ليس بأفضل منا في شيء، سوى في شيء واحد: استغلال الفرص والإمكانيات.

 

نحن نمتلك الإمكانيات والفرص ولكننا لا نعرف كيف نستغل الإمكانيات ولا نعرف كيف نغتنم الفرص. ولو علمنا أن هناك دولا لا تملك الإمكانيات ولكنها اغتنمت الفرص وأصبحت دولا مع أنها صغيرة جدا تلعب دورا صناعيا واقتصاديا عالميا، لقدرنا كم أضعنا من الوقت في خلافاتنا فيما بيننا.

 

إن موقفنا الضعيف أمام العالم يأتي من عدم توفر العنصرين الثاني والثالث المهمين بعد توفر الإمكانيات. التخطيط بشكل جيد، واغتنام الفرص.

 

لنرى أولا كيف تسير العلاقات العربية العربية، والإسلامية الإسلامية، والإسلامية العربية؟ لا يمكن لنا أن نشكل موقفا عالميا ما لم تتبلور تلك العلاقات وتتشكل لتصب في مصلحة الأمتين العربية والإسلامية.

 

نحن نعترف بوجود خلافات بين الدول العربية، وحتى بين تلك التي تجمعها اللهجة والعادات والتقاليد. ولكنها ليست خلافات جوهرية. فهي إما خلافات على الحدود أو على نظام الحكم. وعندما نذكر كلمة (حدود) يخطر على بالنا جدار من الفولاذ لا يمكن اختراقه.

 

والحقيقة إنها حدود وهمية لا توجد سوى على الورق. وبئر النفط الذي شكل منذ اكتشافه سبب الخلافات بين الجيران والأقرباء والذي يقع بين تلك الحدود، يمكن مناصفته وتنتهي القضية. ويستفيد منه الطرفان للبناء وليس الهدم. وما ينطبق على الحدود ينطبق على السياسة ونظام الحكم.

 

لكل دولة سياسة ونظام يختلفان عن الأخرى ولكنه خلاف يظل في حدود ضيقة. كان أحدهم يقارن الاختلافات بين الدول العربية والإسلامية بالفوارق المنطقية بين فئات مختلفة من ماركة بعينها. فإذا كان هذا الحال بالنسبة للمركبات فكيف بنا كشعب وأمة ودول؟

 

والدول الإسلامية أيضا هي في خلاف فيما بينها على مبدأ هي متفقة عليه. فهي تعترف بأن الله هو القاضي والحكم الأخير وهو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. ولكنهم مصرون على حل خلافاتهم (الجانبية) فيما بينهم قبل أن يفصل الله بينهم.

 

وطرق الحل عندهم تكون غالبا إما بالعنف أو التفجير أو القتل أو التصفيات أو الإرهاب يدفع المسلمون شرقا وغربا ثمنه غاليا.

 

أما اغتنام الفرص، فهي مأساة أخرى. فقد كان بإمكان العرب والمسلمين إبادة الدولة الصهيونية منذ زمن طويل، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك، ولكنهما أضاعا الفرص الأخيرة في كل مرة. ثم لم يتم استغلال العديد من الفرص والإمكانيات بعد ذلك لتحقيق انتصاراتهما ولتحقيق ذاتهما.

 

ولا نعني بالانتصار فقط الانتصار على عدوهما الصغير الذي أذلهما على مدى 60 عاما، وإنما حتى الانتصار على التخلف الصناعي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي.

 

فإمكانيات الأمتين العربية والإسلامية تفوق خيال الدول الصناعية المتقدمة، من امتلاك مخزون للنفط بكميات هائلة ومساحات الأراضي الزراعية الخصبة الواسعة والمعادن المتنوعة والموقع الاستراتيجي المهم لوقوعها في منتصف الطريق بين عدة قارات ووقوعها على سواحل أكثر من 9 بحار، ووجود عدة أنهار، وتوفر الأيدي العاملة الرخيصة إضافة إلى تاريخها العريق..

 

. وندر أن تملك أمة من الأمم على وجه الأرض في الماضي أو الحاضر على مثل تلك المقومات الهائلة ولكنها لم تستغل ولم تستخدم في تنفيذ حتى قرار واحد من القرارات الجماعية.

 

وتأتي دولة واحدة كتركيا لأنها استخدمت إمكانياتها خير استخدام واستغلت الفرص خير استغلال لتهز العالم وتحرك الأرض من تحت حكومة الدولة العبرية بسفينة صغيرة وتسعة شهداء.

 

بينما قدم العالم العربي والإسلامي (بكل إمكانياته العسكرية والمادية) على مدى 60 عاما مئات الآلاف من الشهداء لزحزحة العدو الصهيوني قيد إنملة فما كسبوا غير خسران أراضيهم في سيناء والجولان ولبنان والضفة وغزة....

لم يكن ذلك ضعفا، وإنما سوء تدبير وإضاعة للفرص وعدم التخطيط لعملياتهم بشكل جيد وإثارة الخلافات فيما بينهم على أمور تافهة، قد لا تتعدى أحيانا مباراة لكرة القدم.

========================

تركيا والشرق الأوسط: سياسة أكثر حذراً

آخر تحديث:الأحد ,04/07/2010

محمد نور الدين

الخليج

عكس لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مع وزير الصناعة “الإسرائيلي” بنيامين بن اليعازر جانباً من التروي والصبر التركي الذي ظهر بعد الاعتداء “الإسرائيلي” على أسطول الحرية .

 

فالاعتداء الذي استهدف الدور التركي في المنطقة والعالم ما كان ليحدث لولا موافقة، بل تخطيط الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى، بما فيها روسيا والصين التي عبرت عن انزعاجها من تعاظم الدور التركي العالمي، ولا سيما بعد إنجاز الاتفاق النووي مع طهران بالشراكة مع البرازيل . ولقد أدركت تركيا ضمناً حجم الهجوم المضاد الذي تعرضت له ولم ينته بعد .

 

ورغم الدم التركي المراق للمرة الأولى على يد الجنود “الإسرائيليين” امتنعت الحكومة التركية عن اتخاذ خطوات فورية مؤثرة ضد “إسرائيل”، واكتفت بسحب السفير التركي من تل أبيب، حيث كانت حكومات علمانية متشددة وعسكرية اتخذت خطوات أكثر جذرية عامي 1956 و1980 ضد “إسرائيل”، وفي قضايا أقل بكثير مما حصل الآن ولم تسفك فيها نقطة دم تركية واحدة على يد “الإسرائيليين” .

 

لقد وضعت أنقرة شروطاً على “إسرائيل” لمعاودة العلاقات الطبيعية معها تعتبر “تحصيل حاصل” . فتلبية “إسرائيل” لشروط الاعتذار والتعويض وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بالحادثة لا يفضي إلا لإعادة الوضع إلى مربعه الأول قبل الاعتداء . وإذا اكتُفي بذلك فهذا يعني أنه لم يحصل اعتداء ولم يُرَق دم تركي ولم تصل الأمور إلى درجة معاقبة “إسرائيل” على عدوانها السافر غير المسبوق على تركيا . وبالطبع تزداد مسؤولية “إسرائيل” وضرورة مضاعفة العقوبة عليها إذا ذكّرنا أنها تعتدي على بلد كان حليفاً لها على امتداد ستين عاماً، وكان مساهماً في تثبيت وجودها الاستعماري في المنطقة . ومع ذلك لم تتردد في إراقة دم تسعة من مواطني هذا البلد الذي اسمه تركيا .

 

هذه ليست دعوة إلى إعلان تركيا الحرب على “إسرائيل”، بل دعوة لننظر إلى الموقف التركي بعقلانية وموضوعية، وعدم المبالغة في الرهان على أن التغيير في المنطقة يعتمد فقط على تركيا .

 

فتركيا بعد الاعتداء على أسطول الحرية بدت حذرة جداً في طريقة التعاطي مع “إسرائيل”، وأكثر منها الولايات المتحدة الأمريكية .

 

وفي تتبع لمجمل التطورات التي تلت الاعتداء على أسطول الحرية بان واضحاً “دولية” الهجوم المضاد على تركيا .

 

وحزب العدالة والتنمية تحديداً رغم أنه جاء بإرادة شعبية كاسحة مرتين إلى السلطة، لكن الجميع يعرف جيداً أن الاستمرار في السلطة أو توفير عوامل النجاح له لم يكن ممكناً من دون مساعدة الاتحاد الأوروبي مثلاً الذي شجّع على الإصلاح في الداخل، وكان سبباً في مزيد من تمكين سلطة الحزب الداخلية في مواجهة خصومه من العلمانيين والعسكر .

 

كذلك الأمر يسري على علاقة تركيا بالولايات المتحدة وتشجيع النموذج الذي يجمع بين الإسلام والعلمانية، ليس حباً بالإسلام ولا بالعلمانية، بل لنزع الشبهات عن عداء واشنطن للإسلام ودعمها المطلق للكيان “الإسرائيلي” .

 

وفي غياب أي مشروع تركي للاقتداء بالنموذج الإيراني لجهة اتخاذ موقف راديكالي ضد الغرب و”إسرائيل” فإن تركيا بكل الجيوبوليتيك المعقد الذي تقع فيه، وفي ظل تعددية الخريطة الداخلية وفي ظل التوترات المزمنة والمستجدة في ما يتصل بحزب العمال الكردستاني، لا تستطيع الابتعاد عن المحور الغربي بدرجات يرى الغرب فيها خطراً على مصالحه .

 

وربما أدركت تركيا أيضاً أنها بدت شبه وحيدة في الصراع الحالي مع “إسرائيل” والغرب، خصوصاً أن غالبية النظام العربي لم يكن متحمساً لطريقة الأتراك في الدفاع عن غزة، لأنها ببساطة تحرجهم وتكشفهم، وهو ما دفع لبنان مثلاً للامتناع عن التصويت على قرار فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن، خصوصاً أن الوزراء الذين صوّتوا داخل مجلس الوزراء اللبناني على موقف الامتناع عن التصويت محسوبون بالكامل على دول “الاعتدال العربي”، في وقت كانت فيه تركيا تصوت ضد العقوبات وتعتبرها عقوبات أيضاً عليها بسبب إنجازها اتفاق طهران النووي .

 

لم يَرُق للغرب ولا ل “إسرائيل” ولا للقوى الكبرى ولا لمعظم العرب تنامي الدور التركي باتجاهاته السياسية المعروفة . لكن تركيا لم تتوقع لحظة أن تكون رسالة هؤلاء إليها مغمسة بالدم .

 

لقاء أحمد داود أوغلو وبنيامين بن اليعازر في بروكسل يوم الأربعاء الماضي عنوان لمرحلة جديدة من المقاربة التركية لقضايا الشرق الأوسط، قد لا تتغير فيها العناوين الأساسية التقليدية للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية، لكنها ستكون بالتأكيد أكثر حذراً ورويّة في كل خطوة مستقبلية .

========================

بعد تجريم النقاب في سورية... لم نعتب على فرنسا?

د. أيمن الهاشمي

السياسة 01/07/2010

أثبت النظام السوري أنه أكثر صلفا وتعسفا من فرنسا وأكثر انتهاكا لحقوق المرأة

غريب أمرنا نحن العرب, فقد شنت وسائل إعلامنا وصحفنا ومواقعنا الالكترونية ومنابرنا المختلفة حملة شعواء على فرنسا بسبب حظرها على النساء ارتداء النقاب في مدارسها, واتهمنا فرنسا بالشوفينية والتعصب والإسلامفوبيا وكراهية الاسلام, وغيرها من اقذع الاوصاف والنعوت, ناسين بل متناسين ان عددا من دولنا العربية الاسلامية المُبجلة التي تدعي الحرية وحقوق الإنسان والحرص على الاسلام, قد سبقت فرنسا في تشريع وتنفيذ حظر الحجاب قبل النقاب, بل وفي تجريمهما, بل إنه في دول إسلامية عربية معينة تطارد الشرطة النساءَ المحجبات (وليس فقط المتنقبات) وتجبرهن على رفع الحجاب بقوة هراوات البوليس والا تعرضن للضرب والسجن, وهذه الأمور والوقائع حصلت امام عيني في أحد بلدان شمال افريقيا ولم ينقلها لي راوٍ أو ناقل, وبالتأكيد كلنا يتذكر حادثة فضيلة شيخ الازهر (يرحمه الله) مع الطالبة المتنقبة في إحدى كليات أو معاهد الأزهر الشريف وما لاقته من تعنيف الشيخ المرحوم, ولن اكرر عليكم سرد القصة.

 إبتداءً أؤكد وأقول أنا لست مع النقاب ولا من المتعصبين له, ولا يمكن أن آمر زوجتى أو ابنتي يوما أن تتنقب, وإن لي رأيي الخاص فيه, لكنني ضد التدخل التعسفي في حريات الناس واجبارهم بالقوة والغصب على تغيير قناعاتهم طالما أنها لا تصطدم مع القانون ولا تتقاطع مع حريات الآخرين.. وها نحن نرى مجتمعاتنا في دول الخليج العربي مجتمعات منفتحة بلا مشكلات ولا عقد, فيها النقاب وفيها الحجاب وفيها السفور, من دون أي أزمات ولا تدخل في الشأن الشخصي للمرأة أو تعريض حريتها الشخصية وقناعاتها للقسر والإنتهاك والتعسف, وانك لتجد في البيت الواحد المنقبة والمتحجبة والسافرة.. فمن أين جاءت (بدعة) التخوف من النقاب, وشن الحرب عليه, التي بالتأكيد سوف تأتي بنتائج عكسية في المستقبل لأن الإنسان حريص على ما منع.

  وفي بلد عربي ثوري يرفع شعار الحرية بعد الوحدة وقبل الاشتراكية ويتشدق صباح مساء باحترام حقوق المرأة وحقوق الانسان, انقل اليكم نص الخبر كما اوردته وكالات الانباء من دون تحيز ولا مبالغة: "أصدر وزير التربية السوري علي سعد قرارات قضت باقصاء نحو 2500 معلمة ومدرسة  "مُنقَّبة" ونقلهن إلى وزارة الادارة المحلية, وتحديدا الى البلديات في وظائف لا صلة لها بالتعليم, في اجراء يهدف الى وقف نمو التيار الديني المتشدد في سورية, والحفاظ على العمل "العلماني الممنهج", على أن تتبعها خطوات مماثلة في وزارات أخرى. وقال وزير التربية ان "ابعاد المنقبات من السلك التربوي كان أمراً لا بد منه وستلحقها بقية الوزارات في هذا الأمر". ونقلت صحيفة "الوطن" السورية ان سعد, وخلال اجتماع عقد الاحد مع رؤساء مكاتب الفروع النقابية للمعلمين برئاسة عضو القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم رئيس مكتبي التعليم العالي والتربية القطري الدكتور ياسر حورية, قال ان "ابعاد 1000 منقبة من السلك التربوي كان أمراً لا بد منه لأن العملية التعليمية تسير نحو العمل العلماني المُمنهج والموضوعي, وهذا الأمر لا يتوافق مع متطلبات الواقع التربوي لتتكامل الايماءات والحركات وتعابير الوجه وايصال المعلومة للطلبة وسيتم النظر بجميع الاعتراضات المقدمة من المعلمات مع حفظ الحقوق لهن".

  وطبعا لم ينس النظام المتحرر ان يحشد جهود منظماته وخلاياه واجهزة اعلامه ل¯ (مباركة) الخطوة الثورية, فنشر موقع "نساء سورية" الخاضع لاشراف الحزب القائد مقالا بعنوان "نعم لتوجه وزارة التربية باخراج "العاريات" من التدريس". وهو اسلوب شائن في النقد ولا ينم عن خلق ولا انصاف في وصف المتنقبات بالعاريات, وجاء في المقال المنشور على شبكة الانترنيت انه و"منذ سنوات بدأ غزو الظلاميين "الاسلاميين المتشددين والاسلاميات" الى المجتمع السوري تحت تأثيرات مختلفة (...) ووصل الغزو فعلياً الى مواقع مهمة, منها وزارة التربية حيث دخلت العاريات المسميات بالمنقبات ليبثثن أفكارهن ومظهرهن المتطرف أمام الطلاب والطالبات بأعمار مختلفة, خصوصا الصغار منهم". ولايمكن مطلقاً أن نستبعد العامل الطائفي في الأمر خصوصا أن المتنقبات عادة من الطائفة السنية في بلد يسير نحو التشيع الإلزامي والسير على خطى الولي الفقيه, ولو كانت إيران تأمر بالنقاب لما أقدم النظام على منعه, ولكن لأن إيران لا توافق على النقاب فنحن على نهجها سائرون, وليت العرب يفهمون هذا الأمر ويدركون أبعاده.

 وإذا كنا نعتبر أن فرنسا قلعة الحرية قد تراجعت عن احترامها للحرية من خلال قرارها حظر النقاب, فإن النظام السوري قلعة الحرية والاشتراكية والصمود وقمة احترام الإنسان وحقوق المرأة أثبت بالملموس الحي الثوري أنه أكثر صلفا وتعسفا من فرنسا واكثر انتهاكا لحقوق المرأة!

 وفي الوقت الذي تأتينا الأخبار من داخل سورية عن انتشار ظواهر الدعارة المنظمة والاتجار بالنساء وشبكات الرقيق الابيض وغيرها مما نقرأه ونطالعه من مواقع الكترونية من داخل سورية ومما يحدثنا به إخواننا السوريون في المجالس الخاصة والعامة بألم وحرقة, عن حال سورية التي كانت الى الامس القريب مثالا للتعفف والالتزام الديني والبعد عن مظاهر التخنث والفساد والميوعة, وكيف أصبحت حالها اليوم لا تسر صديقاً في السنوات العشر الأخيرة بفضل سياسات القهر والاستعباد, وانتشار الملاهي ونوادي الميسر والخمر والاتجار بالاجساد وانتشار عصابات خطف الفتيات وتجنيدهن في اعمال الدعارة, بعد ان كان الشعار المعروف بين العوائل العربية في كل مكان هم ينصحون ابناءهم: "تزوج السورية وانت مغمض عينك", للدلالة على الحسب والاصل والجمال والخلق الذي هو سمة للبنت السورية قبل ان ينشر الحزب القائد المتشيع سياسات العلمنة وما اسماها الرفيق ياسر حورية عضو القيادة القطرية السورية سياسة السير نحو "العمل العلماني المُمنهج والموضوعي, الذي يتوافق مع متطلبات الواقع التربوي لتتكامل الايماءات والحركات وتعابير الوجه وايصال المعلومة للطلبة", لأن المطلوب أن تكون المعلمة والمدرسة في النظام المعولم والمعلمن, نموذجا في الأناقة وتكامل المكياج وآخر صيحات الموضة ليأتي الفهم من خلال تكامل الإشارات والإيماءات التي يعلمنا بها الرفيق المناضل ياسر.

* كاتب عراقي

aymenhashimi@yahoo.com

======================

حرب المياه والمنازعات السياسية الدولية

آخر تحديث:الأحد ,04/07/2010

محمد خليفة

الخليج

الماء هو مهد الحياة الأول، والحياة على هذه الأرض كلها تعيش على ماء المطر، إما مباشرة وإما بما ينشئه من جداول وأنهار على سطح الأرض، ومن ينابيع وعيون وآبار من المياه الجوفية المتسربة في باطن الأرض منه، ومن ماء السماء وماء البحر والنهر إلى ماء النطفة الذي تنشأ منه الحياة البشرية، فمن خلية واحدة ينشأ ذلك الخلق المعقد المركب وهو الإنسان، وما في الماء من حياة تتم بإرادة الخالق لغاية تحققها نواميسه، بحيث لا تطغى مياه المحيطات المالحة لا على الأنهار ولا على اليابسة، حتى في حالات المد والجزر التي تحدث من جاذبية القمر للماء الذي على سطح الأرض .

 

ومع ذلك بدأ الإنسان غير مكترث بالحفاظ على هذه النعمة وسعى للسيطرة عليها، ففي ظل حرب المياه القادمة والصراعات المقبلة على منابعها، حذر البروفيسور روجر فالكونر مدير مركز البحوث البيئية المائية في جامعة كارديف البريطانية من استيراد الدول المتقدمة للمياه من الدول النامية، وأوضح في تقرير أعده أن ثلثي المياه المستخدمة في بريطانيا تستورد من دول نامية ذات موارد مائية شحيحة، مشيراً إلى عدم استدامة الوضع في ظل شح الموارد العالمية وازدياد السكان والتغير المناخي . ودعا إلى وجوب الأخذ في الاعتبار تأثير استهلاكهم للمياه في بقية الدول الأخرى في العالم، واتخاذ الإجراءات العاجلة للتصدي لشح المياه المتوقع حدوثه في الموارد المائية والغذائية، حيث إن من المرجح أن يتجاوز عدد سكان العالم 8 مليارات نسمة بحلول عام ،2030 وستزداد بالتالي الحاجة للمياه بنسبة 30% .

 

كذلك أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة تحت عنوان “المياه في عالم متغير” إلى أنه بحلول عام 2030 سيعيش نصف سكان العالم في مناطق شحيحة بالمياه، متضمنين ما بين 75 مليون نسمة إلى 250 مليون نسمة في إفريقيا وحدها، بالإضافة إلى أن شح المياه في المناطق الجافة وشبه الجافة سيؤدي إلى نزوح ما بين 24 مليون نسمة إلى 700 مليون نسمة، وذلك نظراً لتعرض موارد المياه للجفاف والنضوب، ما سيخلق أزمة عالمية لكل إنسان على وجه الأرض، في حين يواجه حالياً ما يقارب مليار فرد، أي سدس سكان العالم، نقصاً شديداً في المياه بشكل يومي، وبالأخص في المناطق الكثيفة سكانياً، إذ ستستهلك كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي سيؤدي إلى نضوب الإمدادات في غضون 20 عاماً، أما في الولايات المتحدة فقد كان نهر كولورادو يمد نحو 10 ملايين فرد وملايين الهكتارات، لكن في ظل تعرض الولايات المتحدة للجفاف للسنة العاشرة، فإن نقص موارد وإمدادت المياه إلى النهر قد يجعل أعداداً كبيرة من الأفراد يعانون من شح شديد في المياه . وأوضح تقريرالأمم المتحدة أن ازدياد عدد السكان، والتغير المناخي، وذوبان الأنهار الجليدية، وسوء إدارة واستغلال المياه، وضعف التنسيق والتعاون المشترك في ما يتعلق بالسياسات المائية بين معظم الدول، وتنامي الطلب على الطاقة، قد ضيّق الخناق على موارد المياه في مختلف بقاع العالم . ويتزامن تفشي الفقر مع نضوب موارد المياه، حيث إن الأفراد الذين يعيشون على أقل من 1،25 دولار في اليوم لا يحصلون على مياه صالحة للشرب، وترتبط 80% من الأمراض في الدول النامية بالمياه والتي تؤدي إلى وفاة أربعة ملايين فرد سنوياً .

 

تعد المياه العذبة عصب الحياة، فمن دونها لا تستطيع الكائنات الحية أن تعيش، وترتكز عليها عجلة التنمية والتطور في المجتمعات كافة، وقد غدت هاجساً كونياً، حيث لا تتجاوز نسبتها إلى المياه المالحة 6،2%، وإمكانية استغلالها بكميات كبيرة محدودة نظراً لأن 99% منها متجمد في المناطق القطبية أو مخزن في جوف الأرض، وجزء منها يوجد في البخار الجوي، وتنفذ كميات كبيرة منها في الاستعمال المنزلي، وري المزروعات، واستهلاك الكائنات الحية، والمتبقي منها يوجد في هيئة أنهار . والبحيرات ذات توزيع غير ملائم لاحتياجات البشرية، حيث يوجد خمس المياه العذبة في العالم في بحيرة بيكال في سيبيريا . كما أن 97% من المياه في العالم هي مياه مالحة وغير صالحة للشرب والري إلا بعد عملية تحليتها التي تتطلب تمويلاً مادياً عالياً وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة .

 

ومما لا شك فيه أن القرن الحادي والعشرين سيشهد نزاعات مقبلة في مناطق عدة من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط على وجه الخصوص، وستقترن بالخلاف على منابع المياه والأحواض المائية من أجل تأمين احتياجاتها المتزايدة، وستغذيها المشاكل السياسية والنزاعات الحدودية . فالصراع على الموارد الاستراتيجية كان ولا يزال سمة من خصائص السيكولوجية البشرية، واختلفت أشكاله من عصر لآخر . ففي القرن الماضي، تبلورت أوجه تنافس وصراع لم يعهدها العالم لتأمين الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والسيطرة على الأسواق العالمية . ومن المرجح أن الدول ستستخدم المياه المصدر الرئيسي للحياة كأداة وهدف لإشعال الحروب والتي من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن العالميين .

 

فدول كمصر والسودان وأوغندا وإثيوبيا تشترك في مياه نهر النيل، والعراق وسوريا وتركيا تشترك في مياه نهري دجلة والفرات، وتعاني كل من الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة من استغلال “إسرائيل” لمياه نهر الأردن، ونهراليرموك، ونهري الليطاني والوزاني، ونهر الجليل في الجولان المحتل . كما تشترك عدة جمهوريات من آسيا الوسطى متضمنة قرغيزستان وكازاخستان وأوزباكستان وطاجيكستان وتركمنستان في عدد من الأنهار، وتشترك كل من الهند وباكستان وبنجلاديش والنيبال في عدد من الأنهار الصغيرة . وعقب فشل اجتماع وزراء المياه لدول حوض النيل في التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون، وقع وزراء خمس دول من حوض النيل على تلك الاتفاقية من دون مصر والسودان، بهدف إعادة توزيع حصص المياه بين دول المصب مصر والسودان ودول المنبع أوغندا وكينيا وإثيوبيا وتنزانيا والكونغو ورواندا وبوروندي . وذلك بسبب الخلافات حول الأمن المائي المتعلق بالحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر في حصة مياه النيل وإخطار القاهرة قبل الشروع في أي مشاريع وضرورة الحصول على موافقة بالإجماع أو موافقة الأغلبية التي يجب أن تضم مصر والسودان على تلك المشاريع . وفي المقابل ترفض إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا وكينيا وجمهورية الكونغو هذه الاتفاقيات السابقة، وتصرّ على آلية جديدة لتقاسم مياه النهر، بينما تسعى مصر لإنقاذ وحدة السودان، حيث من المتوقع أن يجري استفتاء حول الاستقلال في يناير/ كانون الثاني، وقد يؤثر إقرار استقلال الجنوب في الاستفتاء على نسبة تقاسم مياه النيل بين مصر والسودان وفقاً لاتفاق عام 1959 الذي يمنح مصر 55،5 مليار متر مكعب من المياه في السنة، مقابل 18،5 مليار متر مكعب للسودان، والخوف من انضمام جنوب السودان مستقل إلى مجموعة الدول التي تعارض التقاسم الحالي . وقد عقد وزراء المياه لدول حوض النيل اجتماعاً مؤخراً في أديس أبابا لبحث التعاون المستقبلي واحتواء الأزمة الناجمة عن الاتفاقية الإطارية . لكن في نهاية الاجتماع قررت السودان تجميد عضويتها في مبادرة حوض نهر النيل بعد رفض خمس من دول المنبع التراجع عن الاتفاقية، ووجهت مصر دعوة لاجتماع طارئ في القاهرة لبحث بدائل للتوافق بين مختلف الأطراف .

 

إن محدودية وندرة وتناقص موارد المياه في معظم الدول العربية والظروف الجغرافية والبيئية وتذبذب سقوط الأمطار، وتنامي احتياجات القطاعين الزراعي والصناعي لكميات هائلة من المياه تستدعي أن تضع الدول العربية استراتيجية شاملة للمياه، وذلك من أجل المحافظة على أمنها المائي مع تضاؤل الكميات المتوفرة، لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمنها الغذائي، وخططها التنموية ورفاهيتها، واستخدام التقنيات الحديثة، والموارد البديلة كالطاقة الشمسية، والطاقة النووية السلمية في تحلية مياه البحر، وحفر الآبار الارتوازية، وبناء السدود، والاستفادة القصوى من مصادر المياه الجوفية والأمطار وتخزينها لضمان توفر الإمدادات عند الحاجة، ومعالجة وتدوير المياه المستهلكة، وإقامة مراكز أبحاث وتطوير للموارد المائية، وإعداد الكوادر الوطنية والاستفادة من الخبرات العالمية .

========================

هآرتس: سنرضخ لشروط حماس في صفقة شاليط

ترجمة

الأحد 4-7-2010م

إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

الثورة

عادت مسألة الجندي الاسرائيلي الأسير»شاليط» الى واجهة الأحداث بعد مرور أربعة سنوات على أسره من قبل المقاومة الفلسطينية ، وبعد فشل المفاوضات التي جرت قبل مدة للتوصل الى صفقة تبادل نتيجة لتعنت حكومة نتنياهو

لقبول شروط المقاومة في إتمام هذه الصفقة ،إذ تفجر سجال حاد حول جدوى هذا التعنت ، عندما انضم عدد من جنرالات جيش الاحتلال وبعض قادة الأجهزة الأمنية بمطالبة نتنياهو بالرضوخ لشروط «حماس» للإطلاق سراح أسرى فلسطينيين وعرب والتوقيع على صفقة تبادل الأسرى مع الحركة.ويذكر ان عائلة الأسير المذكوراطلقت بمناسبة مرور أربعة سنوات على أسره مسيرة كبيرة بدأت من بيته في الجليل تستمر اثني عشر يوما متواصلا وتنهي أمام بيت نتنياهو وسط ازدياد المطالب بإتمام الصفقة بحسب شروط المقاومة ، لاسيما وان استطلاعا أجرته معاريف يبين ان72 في المائة من المستطلعة أرائهم أجابوا بان حكومة اسرائيل مذنبة أكثر من حماس في أن شاليط لا يزال في الأسر،كما يؤيد ذلك الجيش وجنرالاته السابقون واللاحقون، بدعوى «نحن أرسلنا شاليط إلى المعركة وعلينا ضمان عودته سالما لأهله، حتى يدرك كل جندي أن قيادته تحرص عليه «وفي الوقت نفسه هناك قادة بارزون يرفضون أن ترضخ إسرائيل ويطالبون بإدارة هذه المعركة مع «حماس» بطريقة أخرى.‏

الإخفاق في إدارة المعركة‏

ابرز المطالبين بالاستجابة لمطالب المقاومة هو افرايم هليفي رئيس الموساد السابق بحسب ما كتبه في يديعوت احرنوت :» ليس صحيحا أو مناسبا أن من ليسوا على علم او معرفة بتفاصيل المفاوضات بين اسرائيل وحماس في موضوع جلعاد شاليط، سيزعجون من يقومون بالمهمة الصعبة والمحملة بالجميل هذه. فقط على حجة واحدة ووحيدة بودي أن أركز، وهي تتعلق بالأقوال المتكررة ان تحرير قتلة بالمزايا والعدد الذي تطالب بهم حماس يطرح، ضمن أمور أخرى، تهديدا أمنيا جسيما على إسرائيل.‏

وصرح بدوره وزير الحرب ورئيس أركان الجيش السابق شاؤول موفاز، إن حكومات إسرائيل، بما في ذلك الحكومات التي شارك فيها، فشلت فشلا ذريعا في إدارة المعركة من أجل إطلاق شاليط ومن يفشل يجب أن يدفع ثمن أخطائه، ولذلك فلابد من دفع الثمن الآن من أجل إعادة شاليط. في حين اتهم وزير الحرب السابق عمير بيرتس نتنياهو وحكومته بتعطيل الصفقه قائلا :«لقد قلت من اليوم الأول أنه يجب إبرام صفقة مع «حماس» لإطلاق شاليط. وقال إنه لو أخذت حكومة إيهود أولمرت برأيه، لكان ثمن إطلاق شاليط في حينه أهون بكثير من الثمن الذي تطلبه».‏

في مقابل ذلك هناك من يرفض مطالب المقاومة ويذهب البعض منهم لوضع خطة عسكرية لما اسماه تحرير شاليط كما يطالب الجنرال عوزي ديان رئيس مجلس الأمن القومي السابق ونائب الرئيس الأسبق لرئيس أركان الجيش الاسرائيلي بوضع خطة عسكرية لإطلاق سراح شاليط بالقوة «حتى تفهم حماس أنها ستدفع ثمنا باهظا على تعنتها»وكذلك رئيس قسم الأسرى السابق في «موساد» اليعيزر بيك، الذي قال إن المغامرة في محاولة إطلاق سراح شاليط تظل أهون على إسرائيل من إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني نصفهم يتوقع أن يعود إلى ممارسة الإرهاب.‏

وانضم إلى هؤلاء وزير المالية يوفال شتاينتس، الذي صرح بأن على الحكومة ألا ترضخ لضغوط الشارع في القضايا المصيرية. وأضاف في ندوة سياسية في بئر السبع، أنه لو كان مكان عائلة شاليط لما تصرف على نحو آخر ولأقام الدنيا ولم يقعدها من أجل إطلاق سراح ابنه. ولكنه رفض في الوقت نفسه أن يكون موقف عائلة شاليط حاسما في حسابات الحكومة «يوجد قلب لنا كلنا - قال - ولكن القرار يجب أن يأتي من الرأس».‏

سيناريو الصفقة‏

وكشف ألوف بن في صحيفة هارتس عن فحوى الصيغة التي تم التوصل اليها لإتمام الصفقة في عهد رئيس الوزراء السابق اولمرت والتي تراجع عنها نتنياهو:«الصيغة العامة للصفقة تمت بلورتها منذ عهد رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت بوساطة مصرية. وحسب الصيغة، ستحرر اسرائيل مقابل شليت 450 سجينا من قائمة بلورتها حماس. وبعد شهرين من التبادل، تحرر اسرائيل 550 سجينا آخر حسب اختيارها هي. وفي نهاية عهد اولمرت، في محادثات غير مباشرة جرت في القاهرة، وافقت اسرائيل على تحرير 325 سجينا من اصل 450 في قائمة حماس – ورفضت تحرير 125 آخرين. وكان نتنياهو عين هداس ممثلا خاصا له في المفاوضات. وتعززت الوساطة المصرية بوساطة ألمانية، وفي تشرين الأول اتخذت «خطوات بناء ثقة» حماس نقلت الى اسرائيل شريط فيديو عن الأسير وبالمقابل تحررت 20 سجينة فلسطينية.بين اسرائيل وحماس تبقت على حالها الخلافات حول تحرير عشرات السجناء «الثقيلين» وحول المطلب الاسرائيلي بإبعاد معظم السجناء المقيمين في الضفة الغربية».‏

في مقابل ذلك نشرت يديعوت احرنوت ما تعتبره «خطوطا حمراء» وضعها نتنياهو لمعاودة المفاوضات حول إتمام الصفقة ونشرت أسماء وصور خمسين أسيرا تقول ان الحكومة الاسرائيلية ترفض طلاق سراحهم :» في أثناء المفاوضات طرحت الحكومة أيضا خطوطا حمراء. فإسرائيل ترفض بشدة تحرير كبار (المخربين): سجناء قتلوا أكثر من 10 إسرائيليين، وبينهم المسؤولون عن العمليات في مقهيي «مومنت» و «هيلل» في القدس وفندق «بارك» في نتانيا. كما ترفض اسرائيل تحرير ما تسميهم «مخربين» أصبحوا رموزا في أثناء الانتفاضة، ومنهم مروان البرغوثي، آمنة منى ، عباس السيد (مخطط العملية في فندق «بارك») وعبدالله البرغوثي (كبير حماس الذي حكم 67 مؤبداً). إضافة الى ذلك، فان اسرائيل لا توافق على تحرير مخربين هم مواطنون إسرائيليون.‏

ونقلت هآرتس في مقابلة أجرتها عميرة هيس مع نائب رئيس اللجنة الدولية للصليب الدولي في اسرائيل والمناطق الفلسطينية بيير دورف، والذى تطرق لطبيعة نشاط الصليب الأحمر في «المناطق» وكذلك في اسرائيل.وأكد دورف أن عدد الأسيرات والأسرى السياسيين الفلسطينيين فى السجون الاسرائيلية هم 6566 أسير وأسيرة منهم 218 معتقلا إداريا ، و 806 أسير من قطاع غزة لم يزوروا منذ ثلاث سنوات متتالية .وشككت مصادر فلسطينية تعنى بشؤون الأسرى بهذه الإحصائية مؤكدة ان سلطات الاحتلال لاتزال تحتفظ بنحو سبعة ألاف أسير وأسيرة موزعين على ستة وعشرين معتقلا وسجنا ومركز توقيف وتحقيق ، ضمن ظروف اعتقالية تفتقر للحد الأدنى من الشروط التي تليق بالإنسان ، وخاصة بعد ان صادق الكنيست الصهيوني على ما سمي بقانون شاليط حيث أعادت سلطة السجون العامة أوضاعهم الى تلك الأوضاع التي تشبه سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي من حيث الرعاية الصحية المعدومة والعزل الفردي والجماعي ومنعهم من زيارة ذويهم وعمليات التفتيش الليلية والضغط النفسي المستمر والتعتيم الإعلامي في محاولة لعزلهم عن العالم الخارجي ناهيك عن جميع أشكال التعذيب المادي والنفسي التي تمارس ضدهم خلال فترة التحقيق.‏

تعنت نتنياهو ليس له معنى‏

تحليلات الصحف الاسرائيلية أجمعت على فشل حكومة نتنياهو بمعالجة قضية شاليط ، فقد ارتأت بعض هذه التحليلات ان تعنت نتنياهو حول شروط لن تقبلها حماس لم يعد له معنى فيما ذهبت تحليلات أخرى للقول ان الحكومة الاسرائيلية سوف ترضخ في نهاية المطاف لشروط حماس.‏

وتحت عنوان «صفقة الان» كتبت هارتس في افتتاحيتها :«الجمهور الاسرائيلي ليس أعمى عن الخطر الذي ينطوي عليه تحرير سجناء خطيرين، او عن السياسة الفاشلة لحكومته. صحيح انه لم يُسأل إلا انه يبدو انه لا يؤمن بان تحرير 45 سجينا، مهما كانوا خطرين، سيحدث خطرا وجوديا او كبيرا اكثر من الضرر الذي لحق بإسرائيل حتى الان. يبدو أنه كلما أخرت اسرائيل تحرير شاليط، يتعاظم الضرر الذي يلحق بها. الصفقة يجب استكمالها من اجل تحرير شاليط من أسره فوراً».‏

وكتب افرايم هليفي في يديعوت احرنوت يقول :«الحجة في أن تحرير 40 سجينا خطيرا من السجن في اسرائيل سيطرح أمام اسرائيل تهديدا ستجد صعوبة في التصدي له يشرخ صورة التهديد التي نطرحها أمام الإرهاب الفلسطيني ويرسم صورة اسرائيل ضعيفة لدرجة عدم قدرتها على التصدي لأربعين سجينا خطيرا معروفين ومشخصين سيتجولون في ارجاء ألضفة الغربية يهودا والسامرة. قول هذا معناه ان ليس بوسع الجيش الاسرائيلي وجهاز الأمن وباقي محافل الأمن معالجة الإرهابيين المحررين وليس في يد شركائنا في السلطة الفلسطينية الرغبة او القدرة على تنفيذ مسؤولياتهم في الملاحقة الثابتة والناجعة. أعتقد انه صحيح تفعل الحكومة اذا ما سحبت هذه الحجة، التي تطلق إشارة ضعف لدرجة التهديد الاستراتيجي على اسرائيل. اذا وصلت الحكومة الى الاستنتاج بأنه صحيح تنفيذ صفقة مع حماس، لا ينبغي لها ان ترفض تحرير السجناء الخطرين لاعتبارات أمنية.‏

هل أصبحنا ضعفاء‏

وفي السياق نفسه كتب باروخ ليشم في يديعوت ايضا :«ماذا، أيحتمل ألا يكون مواطنو اسرائيل يفهمون المعادلة البسيطة التي يذكرها لنا نتنياهو منذ أكثر من سنة في خطاباته: الصفقة معناها الاستسلام؟ إذ ما الذي ليس واضحا هنا؟ موافقة اسرائيلية على مطالب حماس لتحرير مخربين مع دم على الأيدي ستمس بقدرة الردع الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه منظمات الإرهاب ودول الإرهاب، التي هي محور الشر المعروف. غداً ستعرف كل أم فلسطينية، بان ابنها الذي ينطلق للقيام بعملية ضد اليهود سيحرر يوماً في الصفقة التالية. هل الإسرائيليون، الذين هم، أبناؤهم وأحفادهم شهدوا في عشرات سنوات الحرب والإرهاب وآلاف الجنود والمواطنين ممن لن يعودوا أبدا الى بيوتهم، أصبحوا ضعفاء يذرفون الدموع في ضوء جندي واحد يوجد في الأسر؟‏

وتحت عنوان لاتعظوا انتصارا لحماس كتب مناحيم بن في معاريف :»اليوم الذي يتحرر فيه جلعاد شاليط مقابل ألف سجين فلسطيني سيكون يوم فرح في قسم منه فقط. في أساسه سيكون يوم باعث جدا على الاكتئاب، اليوم الذي تحتفل فيه حماس والإسلام المتطرف بأسره بنصرهم، والناطقون بلسانهم سيعلنون على الفور بأنهم سيختطفون المزيد من الجنود كي يحرروا باقي السجناء الخطرين الفلسطينيين».‏

========================

الجاسوسية أخطر أنواع الحروب: علّقوا المشانق!

الأحد, 04 يوليو 2010

عادل مالك *

الحياة

قيظ بيروت وسائر العواصم العربية الشديد يشكل حزاماً ضاغطاً على أجواء المنطقة. وفي لبنان تحديداً كان الكشف عن حلقة جديدة من حلقات التجسس الإسرائيلية مع اعتقال أحد المتعاملين مع «الموساد» على مدى خمسة عشر عاماً وهو يعمل في إحدى شركات الهاتف النقال «ألفا».

وبين الحروب المختلفة التي تشنها إسرائيل ضد لبنان حرب الجاسوسية حيث يتكشف يوماً بعد يوم مدى الاختراق الإسرائيلي الخطير للأمن القومي اللبناني، لذا لم تعد تقتصر الحروب والمنازلات مع إسرائيل على المواجهات العسكرية التقليدية فحسب بل إن أنواعاً أخرى من الحروب لا تقل خطورة يمكن أن تعصف بالوطن الصغير .

ومن المفارقات أنه بعد ساعات قليلة على اعتقال العميل أو المتعامل مع جهاز «الموساد» سارعت إسرائيل إلى الإعلان عن اكتشاف شبكة تجسس تعمل لمصلحة «حزب الله»! وبدا هذا الإعلان وكأنه من نوع جواسيس «غب الطلب» ومعاملة بالمثل! وفور شيوع نبأ اعتقال العميل لمصلحة إسرائيل ضجت مختلف الأوساط اللبنانية بتساؤلات من نوع: ما هي المعلومات التي يمكن أن يكون المعتقل قد زوّد بها إسرائيل، خاصة في مجال الاتصالات الهاتفية، والأكثر تحديداً المحمول منها؟ ومن هذه الردود ما عبرّ عنه زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن خشيته من عودة لبنان إلى دوامة الاغتيالات التي شهدها خلال السنوات الماضية. كما انطلقت على الفور الدعوات لتعليق المشانق وإعدام كل من تثبت عمالته لإسرائيل، وأعلن الرئيس ميشال سليمان موافقته على توقيع أي حكم بالإعدام يصدر عن القضاء اللبناني.

ويروي لنا أحد قضاة التحقيق الذي استجوب عملاء آخرين جندتهم إسرائيل لتزويدها بكل المعلومات عن تحركات بعض الوجوه البارزة سواء اللبنانية منها أو تحديداً الوجوه البارزة في «حزب الله»: أمضيت ساعات طويلة في استجواب بعضهم حتى انهاروا واعترفوا بكل شيء. وعندما سأله القاضي ما إذا كان لديه أي كلام قبل إحالته إلى النيابة العسكرية، أجاب العميل: نعم...إنني في حال من الذهول والدهشة. وسأل القاضي:...ولماذا؟ أجاب: لأن السلطات الإسرائيلية التي جندتني للعمل لمصلحتها أكدت لي أنه لن يكون باستطاعة السلطات اللبنانية اكتشاف أمري نظراً للأجهزة المعقدة التي زودت بها.

ومن ردات الفعل اللافتة إعلان عدد من نواب «حزب الله» ان الكشف عن مثل هذه الشبكات التجسسية الإسرائيلية يبرر مرة أخرى ضرورة احتفاظ الحزب بسلاحه للدفاع عن نفسه وعن لبنان.

إلى جانب ذلك يعايش لبنان هذه الأيام «حمى الفايسبوك»! ومشاعر الإثارة للبدء بإعداد الترتيبات القانونية والتقنية لاستخراج النفط والغاز من قعر المياه اللبنانية، ضمن ما يسمى بالحدود الاقتصادية، إضافة إلى مناطق أخرى في الجنوب والبقاع. وهذا موضوع قديم يتجدد طرحه هذه الأيام، خاصة مع إعلان الحكومة الإسرائيلية عن تلزيمها لإحدى الشركات لبدء التنقيب عن النفط وهي تنفي حق لبنان في ذلك وتهدد بمواجهة عسكرية للحفاظ على «الثروة النفطية» والتي لا تزال كالسمك في البحر.

ويروي رئيس الجمهورية السابق اميل لحود ل «الحياة» أنه في عام 2003 بلغته معلومات عن قيام سفينة فرنسية بإجراء عمليات مسح في بعض المناطق البحرية المحاذية للشاطئ اللبناني، ولم يكن حينها يعلم عن تفاصيل ما يجري، فاستدعى السفير الفرنسي في حينه وسأله: ما الذي يجري؟ وكان جواب السفير: ان ما نقوم به هو بمعرفة رئيس الحكومة (الرئيس رفيق الحريري آنذاك). وطلب الرئيس لحود أن يأتيه قبطان السفينة التي تقوم بأعمال المسح البحري بحثاً عن النفط. وعندما دخل إلى قصر بعبدا، وإلى مكتب الرئيس، قال له الرئيس لحود: أنا مهندس بحري. أجبني بصراحة: هل يوجد نفط وغاز ضمن المنطقة البحرية التي كنت تجوب فيها المياه اللبنانية بسفينتك؟

ورد القبطان الفرنسي: نعم...ان الدراسات التي بحوزتنا تؤكد وجود «كميات وفيرة» من النفط.

ومنذ عام 2003 طوي الملف ليعاد فتحه قبل أيام، وسط بشائر بقرب هبوط الثروة النفطية على لبنان وتسديد العجز العام الذي يشارف على الستين مليار دولار!

هذا ما يتصل باكتشافات النفط والغاز، أما «حمى الفايسبوك» فهي مستوحاة من بعض التوقيفات التي أجرتها السلطات الأمنية بحق عدد من الشبان الذين وجهوا بعض الرسائل عبر «الفايسبوك» إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تضمنت عبارات اعتبر القضاء اللبناني أنها تمس بشخص رئيس الجمهورية وتخرج عن نطاق توجيه النقد إلى ... الشتائم.

وكعادة اللبنانيين تنقسم الآراء بين معارض لفكرة اعتقال هؤلاء الشبان وبين مؤيد. والمعارضون يذكرون أن لبنان يكفل حرية التعبير عن الرأي، فيما المؤيدون يعتبرون أن موقعي هذه الرسائل تطاولوا على رمز البلاد. وفي اللقاء الذي تم صباح الجمعة في القصر الجمهوري بين بعض أمهات الموقوفين ورئيس الجمهورية أوجز الرئيس سليمان موقفه بالقول إنه لا يعترض على توجيه الانتقاد إليه لكن «الشبان ذهبوا بعيداً في استخدام الشتائم وهو ما يمس كل لبنان».

ويدور جدل قانوني حول ما إذا كان استخدام الانترنت يخضع لمحكمة المطبوعات، أم إن التشريعات القانونية لا تشير إلى آخر ابتكارات الثورة التكنولوجية.

ويتذكر الرئيس اميل لحود أنه آل على نفسه طول فترة حكمه الرئاسي والذي تواصل على مدى تسع سنوات ألا يقيم أي دعوى على أي صحافي وألا يتم اعتقال أي صحافي مهما كتب.

وفي العودة بالذاكرة إلى تلك الحقبة يذكر الجميع أن الرئيس أميل لحود تعرض لأبشع حملة إعلامية تناولته بالتجريح وحتى الطعن بدستورية تجديد ولايته.

أما أمهات المعتقلين فيناشدن الرئيس سليمان عبر أجهزة الإعلام أن يعتبرهم كأولاده ...وأن يستوعب صرختهم وانتقاداتهم.

ووسط كل هذه التطورات يستعد لبنان لاستقبال موسم سياحي «واعد» وهذا هو التعبير الذي يستخدمه وزير السياحة فادي عبود وسائر المسؤولين. ودعاء المواطن اللبناني العادي أن يمر فصل الصيف على خير. وألا تجنح إسرائيل نحو جنون جديد لتهديد الاستقرار والازدهار في لبنان، وهذا من أخطر أنواع الحروب والمواجهات التي يمكن أن تحدث.

وفي المحصلة الأخيرة يتضح الآتي:

أولا: ان اعتقال المتعامل الجديد مع إسرائيل شربل قزي يطرح تساؤلات عديدة وفي طليعتها: إلى أي مدى تمكن هذا المتعامل من تزويد إسرائيل بمضامين الاتصالات الهاتفية التي جرت ويمكن أن تجري بين عدد من الوجوه والشخصيات المعروفة؟ باعتبار أن المعتقل يعمل بصفة فني متخصص في الاتصالات عبر الهاتف الجوال في شركة «الفا»؟

ثانيا: طرحت أسئلة جدية حول وجود أي علاقة بين المعتقل والدور الذي قام به لمصلحة العدو الإسرائيلي وأعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. باعتبار أن مختلف الذين تعاقبوا على مسار هذا التحقيق استندوا إلى العديد من مضامين الاتصالات الهاتفية، خاصة أن تقرير المحكمة سيصدر – من حيث المبدأ- خلال الشهرين المقبلين؟ والكلام كثير حول ما يمكن أن يثيره مضمون هذا التقرير على الصعيد الداخلي اللبناني. وهناك بعض أجواء التعبئة التي تخيم على لبنان جراء هذا التطور إذا ما صدر هذا التقرير وأشار إلى جهة معينة بأنها تقف وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ثالثاً: إن الأحكام القضائية التي صدرت بحق من تم اعتقالهم من المتعاملين مع إسرائيل لم تكن رادعة، لذا تنطلق الصرخات في كافة أرجاء لبنان أن: علقوا المشانق للمتعاملين مع إسرائيل حتى ولو اعترض البعض طالبين الرأفة بالجواسيس على أساس «إنساني»!

رابعاً: في ما يتعلق بالتحركات الآيلة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والتشريعية للتنقيب عن النفط في أرض وبحر لبنان، الأمل أن تشكل الثروة الموعود بها نعمة على الوطن وعلى أبنائه لا أن تُدخلهم في أنفاق النقمة.

========================

العسكريون القدامى لا يموتون أبداً!

الأحد, 04 يوليو 2010

السيد يسين *

الحياة

حين تابعت بدقة قرار الرئيس أوباما عزل قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال وأصداء هذا القرار، قفزت إلى ذهني مباشرة قصة أميركية مشابهة، تتمثل في قرار الرئيس ترومان عزل الجنرال دوغلاس ماكارثر في 11 نيسان (أبريل) عام 1951. وقبل أن نخوض في السجلات التاريخية التي تتضمن أسرار الخلاف الحاد الذي نشأ بين الرئيس الأميركي هاري ترومان والجنرال ماكارثر، والذي انتهى بعزله، علينا أولاً أن نوجز الوقائع التي أدت بالرئيس أوباما إلى إقالة الجنرال ماكريستال.

صحافي أميركي هو مايكل هاستينغز رافق لأسابيع الجنرال ماكريستال وأعضاء قيادته العسكرية، ونشر مقالاً في مجلة «رولنغ ستون» عن خلاصة الأحاديث التي أدلى بها الجنرال ماكريستال والتي تناول فيها بسخرية شديدة الرئيس أوباما نفسه وأركان إدارته.

قال ماكريستال إن مقابلته للرئيس أوباما في البيت الأبيض لم تستمر إلا لمدة عشر دقائق التقطت فيها الصور، وذكر أنه يبدو أن أوباما لم يكن يعرف من هو الجنرال ماكريستال بالقدر الكافي، وكان متردداً وخائفاً في ما يتعلق باستراتيجية الحرب في أفغانستان. أما نائب الرئيس بايدن فقد سخر منه كريستال وتساءل هل اسمه بايدن أم اسمه الحقيقي «بيت مي» (bit me) أي عضّني! ووصف مستشار الأمن القومي الأميركي بأنه مهرج! ولم يترك أحداً في إدارة أوباما من دون أن يصفه بأوصاف ساخرة!

وقد أدى نشر المقال إلى ضجة كبرى في البيت الأبيض، واستدعي الجنرال ماكريستال إلى واشنطن، حيث أخبر بأنه أقيل من منصبه، وعين بدلاً منه الجنرال ديفيد بترايوس الذى كان قائداً للقوات الأميركية في العراق.

أثار قرار الرئيس أوباما عزل الجنرال ماكريستال مشكلات متعددة. لعل أهمها على الإطلاق طبيعة العلاقة بين المدنيين والعسكريين في الدولة الديموقراطية. وهناك مشكلة أخرى أثيرت تتعلق بمدى مخالفة الصحافي الذي كتب المقال الذي تضمن ضروب السخرية القاتلة من أوباما وأركان إدارته، للقواعد الصحافية المهنية. وقد أثير هذا الموضوع واختلفت الآراء بصدده، على أساس أن الصحافي سجل الأحاديث ولم يلفت أحد من قيادة الجنرال ماكريستال نظره الى أنها لا ينبغي أن تنشر، بالإضافة إلى أن رئيس التحرير التنفيذي لمجلة «رولينغ ستون» تحقق من صدق الأقوال التي وردت في المقال.

والواقع أنه صيغت تفسيرات شتى لتفسير مسلك الجنرال ماكريستال، فهو من كبار قادة الجيش الأميركي، ولا تفوته معرفة القاعدة الذهبية التي تحكم علاقة القيادات السياسية بالقيادات العسكرية، وضرورة خضوع القيادات الأخيرة للتوجيهات السياسية، وخصوصاً توجيهات الرئيس الأميركي بحكم وضعه الدستوري، وكونه قائداً أعلى للقوات المسلحة.

التفسير الأول يقول أن تصريحات الجنرال ماكريستال تعبير عن يأسه المطلق من الانتصار على «طالبان» في أفغانستان. ونحن نعرف أن ماكريستال عين قائداً للقوات الأميركية في أفغانستان بحكم أنه كان قائداً للقوات الخاصة التي قيل أنها لعبت دوراً أساسياً في القضاء على الجماعات الإرهابية في العراق، وكي يتلافى الفشل العسكري في أفغانستان. غير أنه سارع عقب تولي الرئيس أوباما منصبه الى طلب إرسال ثمانين ألف جندي إلى أفغانستان، لتقوية الوجود العسكري هناك، وتطبيق استراتيجية عسكرية تكفل القضاء على «طالبان».

تردد الرئيس أوباما لأسباب عدة، أهمها أن الرأي العام الداخلي ازدادت معارضته للحرب في أفغانستان على أساس أنها حرب مكلفة وأدت إلى تضحيات جسيمة، وليس لها هدف محدد يمكن تحقيقه. ومن ناحية أخرى يبدو أن الرئيس أوباما خشي أن ينزلق في المستنقع الأفغاني، كما سبق للرئيس السابق بوش أن غرق في المغامرة العسكرية الأميركية الحمقاء في العراق!

والسبب الثالث أنه سبق له أن وعد بسحب القوات المسلحة الأميركية من أفغانستان بغض النظر عن النتائج على الأرض، وذلك بحلول تموز (يوليو) 2011.

لم يرض الجنرال ماكريستال عن تأخر الرئيس أوباما في اتخاذ قراره، ويبدو – من كثير من الشواهد – أنه أراد تبرئة صفحته إذا لم يحقق إنجازاً عسكرياً ضد «طالبان»، على أساس أن الرئيس أوباما لم يستجب لطلبه إرسال ثمانين ألف جندي جديد، واكتفى بأن أرسل له ثلاثين ألف جندي فقط!

وهناك تفسير آخر قد يكون مغالياً بعض الشيء، يذهب إلى أن الجنرال ماكريستال بعد أن نشرت سخريته اللاذعة من كل أركان إدارة أوباما، كان يعلم سلفاً أن الحادثة لن تمر، وأن هناك احتمالاً بأن يُقال، وأنه خطط لذلك متعمداً حتى لا يتحمل عبء الهزيمة الحتمية للقوات المسلحة الأميركية في أفغانستان، والتي لا بد لها من أن تنتهي بانسحاب مهين، سيكون مماثلاً للانسحاب الأميركي من فيتنام، والذي مثل فضيحة كبرى لسمعة الجيش الأميركي!

لو كان هذا التفسير صحيحاً فمعنى ذلك أن هذا المسلك على رغم غرابته يعد اعترافاً صريحاً من الجنرال ماكريستال بأن الهزيمة قد وقعت بالفعل، بحكم سيطرة «طالبان» على ثلاثة أرباع الأقاليم الأفغانية، وعدم قدرة القوات المسلحة الأميركية والمتحالفة على القضاء عليها.

وكما ذكرنا في صدر المقال فان إقالة الرئيس أوباما للجنرال ماكريستال تشبه إلى حد مدهش واقعة إقالة الرئيس هاري ترومان للجنرال دوغلاس ماكارثر عام 1951، إبان الحرب الكورية التي اشتعلت بين كوريا الجنوبية المدعومة أميركياً وكوريا الشمالية المدعومة صينياً.

والجنرال ماكارثر من أشهر قادة الجيش الأميركي، ولد في 26 كانون الثاني (يناير) 1880 وتوفي عن أربعة وثمانين عاماً في 5 نيسان 1964. كان جنرالاً في الجيش الأميركي والفيلد مارشال للجيش الفيليبيني ورئيس أركان القوات الأميركية في الثلاثينيات، ولعب دوراً رئيسياً في مسرح الحرب في المحيط الهادئ أثناء الحرب العالمية الثانية.

للجنرال ماكارثر تاريخ عسكري حافل، وفي 29 آب (أغسطس) 1945 كلف باعتباره حاكماً عسكرياً لليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية أن يشرف على إعادة بناء المجتمع الياباني على أسس ديموقراطية، والقضاء على النزعة العسكرية التي تسوده. وقام بمهمته من عام 1945 إلى عام 1948، وأشرف على صياغة دستور ياباني جديد عام 1946 سحب من الإمبراطور سلطاته العسكرية. وطبق الدستور الجديد في 3 أيار (مايو) 1947، وأصبح الإمبراطور منصباً شرفياً. وفي حزيران (يونيو) 1950 بعد أن غزت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية عين الجنرال ماكارثر قائداً لقوات الأمم المتحدة المسؤولة عن الدفاع عن كوريا الجنوبية.

وقاد الجنرال هجوماً ناجحاً في أنشون ابتداء من 15 أيلول (سبتمبر) 1950 اعتبر بعده بطلاً مغواراً. غير أن المفارقة أنه بعد سبعة شهور فقط في 11 نيسان 1951 أقاله الرئيس هاري ترومان عقاباً له لأنه أدلى بتصريحات علنية تناقض السياسات الرسمية لحكومة الولايات المتحدة، وبخاصة في ما يتعلق بتعليمات ترومان بعدم إدلاء القادة العسكريين بتصريحات صحافية. وأثارت إقالته خلافات بالغة الحدة في صفوف النخبة السياسية الأميركية، باعتبار أنه كان يعتبر بطلاً قومياً بحكم تاريخه العسكري الباهر.

ولعل هذا هو الذي دعا البنتاغون إلى أن يصدر تصريحاً موجهاً الى الرأي العام في 19 نيسان 1954 جاء فيه أن قرار الرئيس ترومان عزل الجنرال ماكارثر بني على أساس توصيات من المستشارين المدنيين والعسكريين للرئيس بمن فيهم رؤساء الأركان، وشهد وزير الدفاع جورج مارشال في جلسة الاستماع التي عقدت في الكونغرس في أيار 1951 وجاء في شهادته أن قرار الرئيس ترومان عزل الجنرال ماكارثر قام على أساس توصيات بالإجماع من المستشارين المدنيين والعسكريين للرئيس، وأضاف أن عزله يعود إلى التصريحات غير المسبوقة لقائد عسكري يظهر فيها اعتراضه على السياسة الخارجية والعسكرية للولايات المتحدة.

ومن ناحية أخرى انحاز السناتور روبرت ثافت الى الجنرال في مقالة نشرها في «شيكاغو تريبيون» دعا فيها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للبدء في عزل الرئيس ترومان من منصبه لأنه بقراره عزل الجنرال ماكارثر كان متعجلاً، مما يدل على أنه لا يصلح للمنصب.

عاد الجنرال ماكارثر إلى وطنه بعد قرار العزل ونظمت له استقبالات جماهيرية، ودُعي الى جلسات استماع في الكونغرس لسماع وجهة نظره، بدأها بعبارة شهيرة تدل على مدى عنجهيته العسكرية، وهي تلك التي اقتبسناها كعنوان للمقال: العسكريون القدامى لا يموتون أبداً!

غير أن قصة العلاقات المعقدة بين المدنيين والعسكريين في الدول الديموقراطية تحتاج على سبيل القطع إلى معالجات مستقلة، لأنها إشكالية تواجه المجتمعات المعاصرة كافة!

* كاتب مصري

========================

لعبة التركي الكبير

المستقبل - الاحد 4 تموز 2010

العدد 3701 - نوافذ - صفحة 9

ما هي الطموحات الجديدة الجيوسياسية لتركيا في عهد رجب طيب أردوغان؟ الى ما تصبو هذه القوة الاقليمية الصاعدة في الشرق الاوسط؟ سؤال يجيب عنه مدير الابحاث في مركز البحوث الوطني الفرنسي، جان فرنسوا فايار، في مجلة "نوفل ابزرفاتور" (30 حزيران 2010)؛ وقد أصدر فايار مؤخرا كتابا عنوانه "الاسلام الجمهوري. أنقرة، طهران، داكار". هنا أهم ما جاء في هذا الحوار:

- "نوفل ابزرفاتور": هل نشهد منعطفا لدور تركيا في قضايا الشرق الاوسط بعد الاعتداء الاسرائيلي على سفينة "مافي مرمر" المتوجّهة الى غزة، والمدعومة من أردوغان؟

- جان فرنسوا فايار: انها بالأحرى خطوة جديدة نحو تدهور العلاقات التركية-الاسرائيلية. فأردوغان يحسب حساب الرأي العام التركي. ولكنه ايضا يدين الحكومة الائتلافية الممسكة بالسلطة في القدس، لا اسرائيل نفسها. من هذه الناحية لا وجه شبه بينه وبين استفزازات أحمدي نجاد. وهذا لم يمنع الجيش الاسرائيلي من قتل ثمانية أتراك. ولا أرى بعد ذلك كيف ستتابع تركيا تعاونها العسكري مع اسرائيل، المشكوك بمساعدتها لحزب العمال الكردستاني، ولا أرى ايضا كيف ستتابع وساطتها بين القدس والعالم العربي الاسلامي. الخاسر في هذه الحالة هو اسرائيل التي تستعدي حليفتها الوحيدة في المنطقة، فيما تتحسن علاقات هذه الاخيرة مع طهران ودمشق، بل ومع الأكراد العراقيين.

- "نوفل ابزرفاتور": تركيا المرفوضة من الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، العضوة في حلف شمال الاطلسي المؤيد استراتيجيا للأميركيين، تركيا الوفية لماضيها العثماني، هل بوسعها ان تستعيد زعامتها للعالم الاسلامي؟

- جان فرنسوا بايار: الديبلوماسية التركية يصعب وصفها ب"العثمانية الجديدة". انها تندرج ضمن نظام الدول-الامم، لا في عالم امبراطوري يحتاج الى إعادة بناء. وقد أثبتت ذلك مواقفُها في التسعينات أثناء حروب يوغسلافيا. تركيا تؤكد نفسها كقوة اقليمية، نعم، ولكن محاولاتها للتصالح مع أرمينيا ومساندتها لليونان في ضائقتها المالية تشيران بوضوح الى ان البُعد الديني لديبلوماسيتها هو بُعد ثانوي. وتركيا تودّ ان تكون قوة جامعة؛ هذا ما أكدته شراكتها مع البرازيل في صياغة اتفاق طهران حول السلاح النووي، وكلك زيارات قادتها الى أفريقيا وأميركا الجنوبية. ومشروعها هذا ليس بديلا عن الاتحاد الاوروبي، ولكن الانتماء الى هذا الاتحاد لم يعد مرغوبا كما كان من قبل عند الشعب التركي(...).

الخطأ الذي وقع فيه الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي كان الاعتقاد بأن تركيا هي حصان طروادة للولايات المتحدة. والحال انه تحت مظلة الاطلسي لم تكن تركيا يوما تابعة له، ولا مطيعة. ألم ترفض الاشتراك في الحرب على العراق عام 2003؟ بالاضافة الى ذلك فتركيا لاعب ماهر (...).

- "نوفل ابزرفاتور": في كتابك الاخير، "الاسلام الجمهوري.." تقول: "في تركيا، الاسلام والجمهورية هما على السفينة ذاتها". هل يمكن ان ينجح هذا الزواج الجمهوري حيث فشل في ايران، جارتها؟

- جان فرنسوا بايار: العلمانية التركية تعني تبعية الدين للدولة، بخلاف العلمانية الفرنسية التي تعني الفصل بين الدين والدولة. بالرغم من حجب الدين على يد الايديولوجية "الأتاتوركية"، فان الاسلام كان رحم الجمهورية منذ انهيار العالم المتعدد الثقافات والأديان الذي تشكّلت منه الامبرطورية العثمانية. فالمواطنة التركية ذات هوية اثنية-دينية. فاذا ولد المرء سنيا حنفيا، ولغته الأم هي التركية، يكون أكثر تركيةً مما لو ولد سنيا شافعيا (يتكلم الكردية)، أو علويا أو يهوديا أو مسيحيا. الجمهورية التركية لها علاقة مع السنية الحنفية شبيهة بتلك العلاقة التي تقيمها الجمهورية الفرنسية مع الكاثوليكية.

في تركيا، الصراع بين حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وبين الاصوليين "الاتاتوركيين" الجُدد يتعلق بالمنافسة السياسية والاقتصادية القائمة بين النخبتين، اكثر ما يتعلق بالدين. فالحزب الحاكم يرتدي حلّة الطبقة البرجوازية الصغيرة الصاعدة والمقاولين الاناضوليين. والعلاقة بين العلمانيين ، خصوصا في الجيش، وبين الحالة الاسلامية برمتها لم تتعادل يوما. اذا كان 74% من الاتراك يريدون رئيسا للجمهورية مؤمنا، فان 75% منهم بالمقابل ينتظر من الرئيس ان يدافع عن العلمانية. الرهان الأكبر الآن هو تجاوز المفهوم الاثني-الديني للمواطنة. (..). والنقاش لا يضع تركيا في وجه أوروبا، بل يقابل بين تصورَين عن المواطنة، الاول اثني-ديني، والثاني كوني. اما ايران، فهي لم تقلْ كلمتها الاخيرة؛ فقد بيّن حجم "الحركة الخضراء" بأن فكرة الجمهورية أو الديمقراطية في أوساط المجتمع المدني أصبحت متجذّرة في بنيانها.

========================

أنقرة - تل أبيب: نفخة الروح.. الأوبامية

سمير صالحة

الشرق الاوسط

4-7-2010

سيناريو أن يكون اللقاء الذي جرى في بروكسل بين وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ووزير الصناعة الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر جاء نتيجة طبخة تركية أميركية أعدها الرئيس الأميركي أوباما ورئيس الوزراء التركي أردوغان خلال قمة الدول العشرين في كندا هو أقرب إلى الواقع من سيناريو أن تكون أنقرة هي التي طلبت عقد هذا اللقاء بعد الاختراقات الأمنية التي شهدتها أكثر من مدينة تركية مؤخرا ونفذها حزب العمال الكردستاني باسمه لكنها أتت نيابة عن إسرائيل أيضا التي أعلنتها حربا مفتوحة مع حكومة العدالة التي سجلت أكثر من هدف سياسي ودبلوماسي في المرمى الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة.

من المبكر جدا إطلاق الأحكام النهائية على استعداد أنقرة لنسيان ما جرى في عرض البحر وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع حكومة نتنياهو بهذه السهولة على ضوء لقاء من هذا النوع، لكنه رغم سريته التي تحولت إلى علنية بين ليلة وضحاها يحمل معه الكثير من التوقعات والتخمينات في صفوف الشريك الثلاثي التركي الإسرائيلي والأميركي:

> هناك أولا وعلى ما يبدو نصيحة أميركية قدمها أوباما مؤخرا لأردوغان بإعطاء الإسرائيليين فرصة جديدة للتعامل مع المطالب التركية وتحديدا بعد الوثائق والأدلة التي وضعها رئيس الوزراء التركي بين يدي الرئيس الأميركي وتوثق حجم الأضرار المادية والمعنوية التي تسببت بها حكومة نتنياهو سواء لناحية علاقاتها الثنائية مع أنقرة أو لناحية التصعيد السياسي والأمني الذي أضر بأكثر من محاولة تهدئة ووساطة تركية بين الإسرائيليين وقيادات عربية وإسلامية.

> هناك ثانيا رغبة أميركية واضحة في حماية علاقاتها ومصالحها مع كل من إسرائيل وتركيا كشريكين إقليميين، وتمسك من قبل البيت الأبيض بعودة الروح والحماس إلى الدبلوماسية التركية في التعامل مع مشكلات إسرائيل ومحيطها العربي والإسلامي.

> لقاء أردوغان - أوباما الأخير قد يكون نقطة الانطلاق لسياسة مشتركة بين الجانبين، يدعمها بعض القوى السياسية والعسكرية النافذة في إسرائيل واللوبي اليهودي العالمي، لتفكيك الائتلاف الحكومي القائم قي إسرائيل واستبدال حكومة ائتلافية جديدة به قد تظهر إلى العلن من خلال انتخابات نيابية مبكرة أو من خلال تحالف بديل يضم «الليكود» و«كديما» وحزب العمل اليساري، وهو المطلب غير المعلن الذي تصر عليه حكومة أردوغان.

> لقاء داود أوغلو مع بن اليعازر الذي أغضب وزير الخارجية ليبرمان الذي علم به من وسائل الإعلام بعد انعقاده ينبغي أن يصحبه على الفور تقديم الأخير استقالته من منصبه وإنهاء هذا الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وهذه كانت برأينا مادة اللقاء الوحيدة التي نوقشت في بروكسل. القيادات الإسرائيلية تعرف تماما ما تريده أنقرة وتصر عليه، وتعرف أيضا أن أردوغان لن يغامر على هذا النحو لتعريض سلة البيض التي استأمنه عليها ملايين المواطنين في العالمين العربي والإسلامي للخطر بهذه السهولة. هفوة من هذا النوع، عبر الاجتماع إلى الإسرائيليين ومنحهم المزيد من الوقت والشجاعة للمضي في ما يقومون به وهو في ذروة النزاع معهم تلطيفا لإدارة البيت الأبيض أو خوفا من إسقاط حكومته من الداخل من خلال افتعال أزمات أمنية وسياسية يردد هو بنفسه يوميا أنها تنفذ نيابة عن إسرائيل رغم أنها لا تحمل توقيعها المباشر، ستتحول إلى فرصة لا تسمن بيد المعارضة السياسية الداخلية التي تتربص منذ سنوات لاسترداد السلطة من حكومة إسلامية قلبت المعادلات رأسا على عقب.

> المبالغة في التفاؤل تحمل الكثير من المخاطر، وقد تردنا خائبين، لكن تقدم سيناريوهات أخرى تتعارض مع السيناريو الذي نرسمه هنا سيعني مساعدة حكومة نتنياهو على الخروج من المأزق، في حين أن أوباما وأردوغان يريدان قبل كل شيء منح إسرائيل والإسرائيليين الفرصة الجديدة للدخول على الخط وإنقاذ أنفسهم من الحفرة التي وضعتهم فيها هذه الحكومة. الأنباء الواردة حول أزمة عمل لجنة الاستقصاء الإسرائيلية المكلفة بدراسة ملف العدوان على أسطول الحرية، وتصريحات ليبرمان التشاؤمية حول فشل وساطات السلام في المنطقة، وتقارير الطب الشرعي التركي التي كشفت عن حجم الوحشية والعنف الممارس ضد المدنيين على متن أسطول الحرية، وربما حتى المواقف التي أعلنها قبل أيام العاهل السعودي وعكست مرة أخرى ما يريده ويقوله العرب، تلتقي كلها عند تقاطع واحد.. لا مجال للاستمرار مع حكومة إسرائيلية من هذا النوع وبهذه الذهنية.

ما ينتظر أردوغان في الأيام المقبلة هو إما القبول بالمثل العربي القائل «الحزن أو الغضب يبدأ كبيرا ثم يصغر»، أو ألا يتخلى عن المثل التركي القائل «انتظر وتفرج» خصوصا أنه ردد أكثر من مرة أن ما تطالب به أنقرة يتجاوز

=====================

قواعد تبرد الأكباد عند سماع أخبار أهل الفساد والإفساد

الدكتور محمد موسى الشريف

المصدر : موقع التاريخ

ظهر الفساد في هذا العصر ظهوراً مؤذياً عاماً لم يترك جهة إلا وولغ فيها ، فهناك فساد سياسي وإعلامي واقتصادي واجتماعي وأخلاقي ، وكل هذا له أثره الكبير في شيوع اليأس والقنوط عند جمهور كبير من الصالحين والعاملين، ولابد من التذكير بجملة من القواعد معينة على الوقوف أمام هذا الفساد، بل مقاومته وتحطيمه إن شاء الله تعالى:

 

أولاً:

هذا الفساد الطاغي يصاحبه الأمل الزاهي والمبشرات الكثيرة بقرب التمكين إن شاء الله تعالى، ولهذا حديث طويل جليل لا أجد له مكاناً فسيحاً ها هنا لكنه واقع قائم مشاهد وهو أيضاً مستقبل متوقع إن شاء الله تعالى، وحديث الأمل والمبشرات يطفئ الحرارة الناشئة من سماع أخبار الفساد ، ويبعد عنا شبح اليأس والقنوط، فالأمل هو الجزء الأكبر من العمل.

 

ثانياً:

هؤلاء الفاسدون والمفسدون هم جزء من المعركة الطويلة بين الخير والشر، وهي باقية ما بقيت الأرض -والله أعلم- نعم إن عاقبة هؤلاء الاندحار والهوان لكنهم موجودون باقون على درجات مختلفة من القوة والضعف، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن الجهاد ماضي إلى يوم القيامة".

 

ثالثاً:

هؤلاء قد سُلطوا علينا بسبب ذنوبنا ومعاصينا، وبسبب تخاذلنا عن العمل لدين الله ونصرة شريعته، وبسبب قلة تضحياتنا وقلة بذلنا وعطائنا، بينما هؤلاء يدعمون من قوى ضخمة داخل العالم الإسلامي وخارجه، وهم يحاربوننا بلا كلل ولا ملل ولا هوادة، بينما نجد أن معظم الصالحين ليس لهم عمل مؤثر قوي، وتضحياتهم وعطاءاتهم تكاد تكون نزراً يسيراً، فلا نلقي بالتبعة إلا على أنفسنا وتفريطنا، ولو كنا أقوياء لخنس هؤلاء ولصاروا في مكانهم الذي يستحقونه في مزبلة التاريخ، وفي هذا يقول جل من قائل:{ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}ويعبر عن هذا الفاروق رضي الله عنه أحسن تعبير حين قال: "أعوذ بالله من جلد الفاجر وعجز الثقة".

 

رابعاً:

هؤلاء الفاسدون في القبضة الإلهية يفعل بهم سبحانه ما يشاء، وهو القادر على محقهم وإزالتهم بكلمة "كن" وإنما سلطهم علينا لحكم كثيرة، منها ما ذكرته في الجانب السابق، ومنها ما يعبر عنه قوله تعالى: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض}، فلنفهم هذا فإنه معين لنا في معركتنا الطويلة مع هؤلاء.

 

خامساً:

إن الأمر لله من قبل ومن بعد، والكون كونه، والخلق خلقه، وهؤلاء هم من جملة القضاء والقدر، ومن أمر الله تعالى الكوني القدري الذي لا نعترض عليه فيه سبحانه إنما وظيفتنا المغالبة كما قال عمر رضي الله عنه: "نفر من قدر الله إلى قدر الله"، فلنسلم تسليماً له سبحانه، ولا يعني هذا التسليم عدم المغالبة إنما هو أمر في دواخل المؤمنين يصب عليهم السكينة والطمأنينة، وينزل عليهم برد اليقين، ولقد كان المصطفى الأعظم صلى الله عليه وسلم تنزل عليه المصائب العظام، والأحداث الجسام فلا تؤثر في ثباته وقوته، ولا تزعزع من جده واجتهاده، مع تسليم تام ويقين كامل ورضى ليس بعده رضى صلى الله عليه وسلم.

 

سادساً:

لابد من العمل الجاد في الدعوة إلى الله وتربية الأجيال الناشئة على الإسلام فهذا أعظم عمل موجه ضد أهل الفساد والإفساد، ولابد أيضاً من الإنكار عليهم بكل ما أوتينا من قوة وبالوسائل الشرعية للإنكار، وإلا نصنع فإننا لا ننتظر إلا غضب الله علينا والعياذ بالله: {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون} فقد نجى الله تعالى من أمر ونهى أما من تخاذل ورضي وتابع ووافق فقد أخذه جل جلاله في جملة من أخذ من الظالمين.

 

سابعاً:

الدعاء برفع الفساد ودحر المفسدين والفاسدين ، فالدعاء سلاح المؤمن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وله نتائج جليلة، وهو التجاء إلى الركن الشديد الذي لا يستطيعه المفسدون، ولا يقدر عليه أهل الشر والفساد.

 

ثامناً:

ألا يرضينا أننا إن شاء الله جند الله، وهؤلاء هم جنود إبليس ؟

ألا يفرحنا أننا سبب للخير وهم سبب لإيقاع الشر والفساد ؟

ألا يبرد أكبادنا أننا - إن شاء الله - نعمل لله تعالى وهم يعملون لإرضاء إبليس وأعوانه من -الجن والإنس.

ألا يسرنا أننا - إن شاء الله - جزء من القافلة النورانية الإيمانية التي تضم الأنبياء والصالحين والشهداء والأولياء، وهؤلاء هم جزء من قافلة الشر التي على رأسها إبليس وفيها كل جبار عنيد، وكافر عتيد، وفاسق متهتك، ومفسد بالشر متمسك؟

ألا يرضينا قول الله تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون}.

ولا يعني هذا الشماتة بهم فإننا والله نرجو هدايتهم ورجوعهم إلى الحق والصواب لكن هذا كان بياناً للواقع.

 

تاسعاً:

إن الهم الشديد الذي يطرأ على النفوس، والتأثر البالغ مبلغاً عظيماً برؤية أهل الفساد وسماع أخبارهم هذا التأثر وذلك الهم جالبان لبشارتين عظيمتين:

أولاً: أن هذا دال على إيمان وصلاح إن شاء الله، فتمعر الوجوه عند رؤية منكراتهم وسماع أخبارهم هو من جملة درجات الإنكار، ودليل على بقايا الخير في النفوس.

ثانياً: تكفير السيئات، وذلك أنه ما يصيب المسلم من هم ولا وصب ولا نصب إلا كفر الله تعالى به جملة من سيئاته إن شاء الله جل جلاله، وذلك هو خبر المعصوم صلى الله عليه وسلم، فماذا نريد بعد هذه البشارتين، اللهم لك الحمد ولك الشكر.

 

أخيراً:

إن الله تعالى لن يسألنا عن النتائج وإنما سيسألنا عن العمل والجد والاجتهاد، وسيثيبنا عليه -إن شاء سبحانه- أما النتائج فهي ليست إلى العبيد وليست من شأن العبيد، إنما شأنهم أن يعملوا بصمت وبدون اعتراض، فإن أسعدهم الله بالنتيجة وأسعفهم بها فلله الحمد والمنة وإلا يصنع، فكم من الصالحين والدعاة والعاملين مات ولم يَرَ نتائج عمله، {ولله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

والحمد لله أولاً وآخراً، وصلّ اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ