ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حصار إسرائيل لغزة أعمق من الخبز

علاء الريماوي

7/8/2010

القدس العربي

يحاول البعض تصوير الحصار على غزة أنه محنة خبز وبيض ولبن ، وان المعضلة هي في وحم الحامل التي تشتهي "القمردين" والشبس والببسي ويتناسى هذا البعض أن ما تلاقيه غزة وشعبها يفوق الشهوة ويعلو عن الفتات الذي يظنه الكثير الهوية والوطن .

في الحقوق التي كفلتها القوانين الوضعية تحدثت عن الحاجات الأساسية التي لا بد للإنسان الحصول عليها دون منة من أحد ولا تضحية في سبيل ذلك .

في التعريف الرسمي للأمم المتحدة للحاجات الأساسية برز مكون رئيس حاز نصف التعريف اسمه( الحرية ) .

الحرية هذه الكلمة ذات الأحرف الأربعة هي مشكلة غزة وهي سبب الحصار وهي سبب الحروب والدم والبكاء على القبور ، وهي الكلمة التي حفرت على جدار القلوب و تحتضن من الصغار والكبار .

في حصار غزة بل في احتلال إسرائيل الأرض العربية سرقت هذه الكلمة وأبدلتها بصور العيش الذي ادعت حلاوته وتميزه أمام العالم وصدقها بذلك أدعياء السلام والتعايش والتطبيع .

في الإعلام الإسرائيلي اليوم "منشاتات" كبيرة حول قائمة البضائع الإسرائيلية المسموح دخولها لغزة والتي وصفت على أنها خطوة العظمة الإسرائيلية في الإنسانية والعدالة والمدنية بحسب وصف الصحف الأمريكية في الأمس والتي جاءت بعد جهد حكومة أوباما بعد تبنيها على أساس أنها ثمرة تفاوض مرير مع مكتب نتنياهو الذي سيقتنص الفرصة بعد الحفاوة في البيت الأبيض المرور إلى مصر لأخذ التهنئة والمباركة على الخطوة الجريئة .

الإتحاد الأوروبي أيضا لم يقف مكتوف الأيدي بل ساهم في التصفيق للكذبة الإسرائيلية التي وللأسف يتساوق معها البعض في الساحة الفلسطينية من خلال حديثهم عن غزة وأوضاعها غير المأساوية .

في معرفتي القريبة لغزة وأهلها ومن خلال صحبة السجن تبين لي أن الحياة علمتهم أن قليل الخبز يغني عن الذل ، وأن المال سهل إن امتلك الإنسان الكرامة ، وأن العرض أغلى من ذهب الأرض ، وإن الوجع في سبيل الله أثمن من قصور الأرض .

هذه المعادلة الغزية الفلسطينية العربية هي المستهدف من خلال الحصار العالمي عليها والذي يهدف الوصول إلى التالي :

1. المقايضة وتثمين كل شئ بالدواء ، بالعلاج ، بالخبز وحتى تصريف المجاري يدخل في حسابات المقايضة على الموقف من المقاومة والقدس والثوابت و الكرامة من طرف إسرائيل والغرب و من العرب أنفسهم .

2. كسر الإرادة من خلال المساومة الرخيصة على المبادئ والقبول بالمنهج العربي الذليل في الواقعية والعقلانية والاعتدال كي يصبح الجميع أمام المرآة الأمريكية النسخة الموحدة للعبد الطائع للسيد الأمريكي .

3. الهزيمة في كل الجبهات وخاصة النفسية والتي أريد لغزة ولمقاومتها رفع راية التخلي عن الفكر والحلم والمشروع والتحول على أداة طيعة تحفظ لإسرائيل أمنها وسطوتها وتشاركها النيل من كل متمرد على الظلم والانحناء .

4. الانقلاب على الثقافة والتاريخ والعيش في حضانة الميلاد الجديد للشخصية العربية التي يكونها دايتون وبريمر وباتريوس وبلير من خلال الإضافة على الخلايا الجذعية بعض من الجينات العبرية المحسنه .

هذه الرباعية من الأهداف التي وضعت كل الإمكانيات لتحقيقها فشلت بل تكسرت مجاديف صانعها من خلال ما صنعته غزة وصمودها الأسطوري وما عززته سفن الحرية من حراك أممي رآى غزة على حقيقتها من غير تسفيه ولا تجميل ولا تشويه .

في معرض كتابتي عن الموضع اطلعت على حديث لرئيس الموساد السابق والذي تحدث عن سياسة الاغتيال ومدى فشلها في معالجة خطر الحركات المقاومة والمدى الحقيقي الذي تساهمه في تغير المنهج من الاعتدال إلى التشدد ، والذي تبين من خلال الحديث عن حماس وحزب الله وغيرها من الحركات الوطنية والمقاومة .

هذا الحديث يمكن لنا إسقاطه على غزة تماماً والتي تزداد يوما بعد يوم القناعة لديها من أن الحرية التي تحدثت عنها الأمم المتحدة والمقرونة بالعيش الهانئ والديمقراطية والقدرة الآمنة للوصول إلى الغذاء والدواء والعيش الرغيد مفتاحها المقاومة ، وعمادها النصرة وترسها التاريخ والثقافة ، ونشيدها الأذان ،وإيقاع لحنها الغضب . .

كاتب فلسطيني

================

الامتحان العراقي للسياسة السورية

د. بشير موسى نافع

7/8/2010

القدس العربي

بعد شهور طوال من انعقاد الانتخابات البرلمانية الثانية في آذار/مارس الماضي، لم يزل التدافع على تشكيل الحكومة العراقية مستمراً. وبعجز السياسيين العراقيين عن التوافق على رئاسة الحكومة الجديدة وبنيتها، وانتقال الحكم في صورة شرعية وسلسة، وتراجع الاهتمام الامريكي بالشأن الداخلي للعراق، تزداد أهمية الأدوار التي تلعبها دول الجوار العراقي. الواضح، بالطبع، ولأسباب عديدة، أن إيران تمسك بمقاليد الدور الأكثر أهمية في العراق، وأنها تبذل جهداً هائلاً، سواء من ناحية الإمكانات التي توفرها لدعم وتعزيز هذا الدور، أو من ناحية الوقت الذي يكرسه المسؤولون والدوائر الرسمية للملف العراقي. وإلى جانب إيران، وإن بتأثير أقل نسبياً، بدأت تركيا خلال الفترة القصيرة الماضية تعمل في صورة ملموسة من أجل التواجد في الساحة العراقية. وبالرغم من الاتهامات المتكررة التي وجهتها إدارة بوش لسورية، فالحقيقة أن دمشق لم تمارس دوراً مميزاً في العراق خلال السنوات التي تلت الغزو والاحتلال. ولكن رغبة سورية الكبيرة في التخلص من المالكي، وتحسن موقعها الإقليمي، وعلاقاتها الوثيقة بإيران وتركيا، يضعها في موقع مؤثر في التدافعات التي يشهدها العراق الآن.

في المجمل، يمكن القول ان الدوافع خلف الاهتمام بالعراق هي في جوهرها دوافع استراتيجية، بالرغم من وجود اختلاف واضح في مقاربة كل من إيران وتركيا للشأن العراقي. بنت إيران سياستها تجاه العراق منذ البداية على أساس طائفي، وجعلت من التحالف مع القوى السياسية الشيعية أداتها الرئيسية للتأثير السياسي والأمني والاقتصادي. ولكن تركيا اختارت نهجاً أكثر شمولاً، سواء في علاقاتها بكافة القوى السياسية والفئات، أو من حيث تأييدها لإعادة بناء الدولة العراقية على أساس وطني. ولكن الموقف السوري من العراق شابه دائماً قدر من الغموض وعدم الوضوح.

كما إيران وتركيا، يحمل العراق أهمية استراتيجية كبيرة لسورية. تعتبر سورية والعراق دولتي الثقل في الحزام الشمالي للجزيرة العربية؛ ومنذ ولد الكيانان في أعقاب الحرب العالمية الأولى وهما يتنافسان على الدور والقرار. كلاهما كان يدرك أن لا مستقبل لأحدهما دون الآخر، وأن وحدة البلدين ضرورة حيوية؛ ولكن أحدهما لم يكن لديه الاستعداد لتسليم قياده للآخر، بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم. هذا، ناهيك عن التدخلات الخارجية الكثيفة في العلاقات بين بغداد ودمشق. وربما كان انفجار المالكي الأخير ضد سورية، بعد ساعات من زيارة هامة وناجحة لدمشق وتوقيعه عددا من الاتفاقيات الاستراتيجية مع الحكومة السورية، نموذجاً لنمط التقلبات التي وسمت العلاقة بين البلدين بسماتها. ولكن دوافع سورية في العراق ليست استراتيجية وحسب؛ فبالرغم من تراجع الالتزامات القومية للأنظمة العربية، لا تزال سورية تحرص على الوجه العربي القومي لمواقفها وسياساتها. وربما يمكن القول أن موقف سورية المعارض للغزو الامريكي للعراق، الموقف الذي وضع نهاية للتحالف العربي الثلاثي بين سورية ومصر والسعودية، أسس على اعتبارات استراتيجية وقومية في الآن نفسه. فقد أدرك السوريون من البداية أن الغزو الامريكي للعراق واحتلاله، سيشكل خطراً كبيراً على سورية، قبل أي دولة من دول جوار العراق الأخرى؛ كما وجدوا من الصعوبة بمكان تأييد الغزو، أو السكوت عليه، من وجهة النظر العربية القومية.

رفض سورية للغزو، وغضها النظر في بعض الأحيان عن حركة عناصر المقاومة العراقية عبر الحدود، عززا من صورتها العربية القومية. وبفشل المشروع الامريكي في العراق، حرص حتى حلفاء الامريكيين في بغداد على بناء علاقات وثيقة مع دمشق. القيادة السورية، من ناحيتها، تعاملت مع النظام العراقي الجديد من وجهة نظر واقعية وبراغماتية، ليس خشية من رد الفعل الامريكي وحسب، ولكن أيضاً لشعور دمشق أن لا مفر للعراق في النهاية من العودة إلى الدائرة العربية. وقد ساهم التغيير المتسارع في المناخ الاستراتيجي الإقليمي، سواء من حيث العلاقات مع طهران وأنقرة، أو من حيث الهزيمة الإسرائيلية في لبنان وفي الحرب على غزة، في تعزيز الثقة السورية بالنفس، وتوفير مساحة أكبر للتأثير السوري في العراق. ونظراً لأن الدولتين الأخريين من دول الجوار، اللتين تبديان أهتماماً واضحاً بالعراق، هما إيران وتركيا، وأن علاقات سورية بكلتيهما تكاد تصل إلى حد التحالف، فمن المفترض أن لا تستشعر دمشق حرجا ما في سياستها تجاه العراق. بل أن مثل هذا الوضع، يمكن أن يعطي للموقف السوري في العراق أهمية مضاعفة في حال اصطدمت التوجهات الإيرانية والسورية.

من وجهة النظر الاستراتيجية، لابد أن تكون لسورية مصلحة كبرى في استقرار العراق، في الحفاظ على وحدته، وفي عودته إلى مجاله العربي. فبالرغم من أن إيقاع الهزيمة بالامريكيين وإفشال مشروعهم في العراق صب في مصلحة سورية، فإن استمرار العنف في العراق بات مصدر تهديد لجواره العربي والإسلامي، بما في ذلك سورية. يحمل العنف مخاطر تصاعد التوتر الطائفي في المشرق، ويمكن أن يوفر مناخاً مواتياً لعودة تيارات المعارضة الإسلامية المسلحة، أو اتساع نطاق العنف القومي الكردي. ويواجه العراق منذ بداية الاحتلال مخاطر التشظي والانقسام، ليس فقط بفعل تمتع المنطقة الكردية في الشمال بحكم ذاتي واسع الصلاحيات، بل أيضاً لأن المجلس الأعلى، إحدى القوى الشيعية الرئيسية ما يزال يدعو إلى بناء الدولة العراقية على أسس فيدرالية، تبدو أقرب إلى الكونفدرالية السياسية منها إلى اللامركزية الإدارية. وسورية هي أيضاً مجتمع متنوع من العرب والأقلية الكردية، ومن المسيحيين والمسلمين، ومن السنة والعلويين والدروز. وبالرغم من نجاح الدولة السورية خلال العقود الأربعة الماضية في تعزيز اللحمة الوطنية السورية، فإن انشطار العراق على ذاته لن يترك دولة في الجوار محصنة من مواجهة المصير نفسه. وليس ثمة شك، أن تعزيز روابط العراق العربية يضيف ثقلاً استراتيجياً جديداً لسورية، مهما كانت التوترات العراقية السورية التقليدية؛ فقد شارك العراق في أغلب الحروب العربية الإسرائيلية، وحتى في أشد مراحل العلاقات توتراً، اعتبر العراق رافداً بالغ الأهمية للاقتصاد السوري.

يشير مثل هذا الفهم للصلات السورية العراقية، ولرؤية دمشق للأمور، إلى أن أهداف السياسة السورية في العراق لابد أن تتمحور حول: انتهاء الاحتلال الامريكي للعراق في أسرع وقت ممكن؛ إستعادة العراق لحمته الوطنية وتراجع التيارات والقوى الطائفية - السياسية والقومية الانقسامية؛ وضع حد للتدخلات الخارجية في الشأن العراقي؛ نجاح العراق في القضاء على قوى ومجموعات العنف المسلحة ذات التوجه الطائفي أو الإثني؛ وتحرك العراق السريع نحو التعافي الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الاستقرار. والواضح أن الزيارات المتكررة التي قامت بها الوفود السياسية العراقية لدمشق، سيما خلال الأسابيع القليلة التي تلت إعلان نتائج الانتخابات، قد سمعت من القيادات السورية مثل هذه التوجهات. ولكن ما أن تعقدت المفاوضات حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة حتى برزت توجهات مختلفة في دمشق. فبدلاً من أن تدعم دمشق حكومة عراقية تقودها الكتلة ذات التوجه الوطني والعربي، يروج في سورية لمرشح المجلس الأعلى لرئاسة الحكومة، بل ويقوم المسؤولون السوريون بالضغط على القيادات العراقية التي تتردد على دمشق من أجل تخلي القائمة العراقية عن حقها الانتخابي في رئاسة الحكومة ودعم مرشح المجلس الأعلى.

يثير الموقف السوري الجديد أسئلة كبيرة في الساحة العراقية وفي بعض الأوساط العربية والسورية. فمن ناحية، يعتبر المجلس الأعلى واحداً من أكثر القوى السياسية العراقية طائفية وأقلها حرصاُ على هوية وانتماء العراق العربي؛ ودعوة المجلس وتبنيه لفكرة الدولة الفيدرالية تتعارض كلية مع كل من يرغب ويعمل من أجل محافظة العراق على وحدته. ومن ناحية أخرى، يبدو الخيار السوري في العراق وكأنه يغلب العلاقة السورية الإيرانية على العلاقة السورية التركية، في الوقت الذي يمكن لسورية أن تلعب دوراً أكثر إيجابية في تقريب وجهات النظر بين حليفيها الكبيرين، وبالتالي في تخفيف حدة التدخلات الخارجية في الشأن العراقي. كما يبدو الخيار السوري وكأنه يتجاهل المصالح العربية القومية في العراق، التي اعتبرت دائماً إحدى المحددات الرئيسية للسياسة السورية. المشكلة الأبرز في هذا السياق أن من الصعب إيجاد تفسير منطقي ومتماسك للموقف السوري؛ كما أن من الصعب العثور على مادة إعلامية رسمية سورية توفر توضيحاً لهذا الموقف، سيما أن من تقاليد الإعلام السوري بكافة وسائله لعب دور الشارح والمسوغ للسياسات الحكومية.

ولأن أغلب عناصر الطبقة السياسية العراقية الجديدة تورط على هذا النحو أو ذاك في العلاقة مع الامريكيين قبل الاحتلال وبعده، فمن العسير اعتبار سجل المرشحين الامريكي بين محددات الموقف السوري. وبالرغم من أن العلاقات والاعتبارات الشخصية تحتل موقعاً هاماً في السياسة العربية، فمن المعروف أن لدمشق علاقات وثيقة بأغلب السياسيين العراقيين، اللهم باستثناء رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نوري المالكي. صعوبة العثور على تفسير منطقي للموقف السوري، قد يفتح الباب للتفسيرات التآمرية، والطائفية منها على وجه الخصوص؛ وهذا ما ينبغي على دمشق تجنبه أو حتى السماح ولو بنافذة صغيرة لبروزه. فكما تمثل أزمة العراق امتحاناً لأهله، وللعرب والمسلمين، هي امتحان لا يقل أهمية للسياسة السورية.

' كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

================

الرئيس التركي مندهش من قصر النظر الاوروبي !

الدستور

8-7-2010

نظر الرئيس التركي عبدالله غول من نافذة طائرته على أراضي آسيا الوسطى الغنية بالنفط التي يحلق فوقها على ارتفاع 10 الاف متر وتعجب كيف لا يرى معارضو انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبي الصورة شاملة.

كان غول عائدا الى بلاده من قازاخستان الغنية بمواردها المعدنية وهو السبب الذي يجعل الصين وروسيا والغرب يتوددون لها وقال "الكل يعرف ان مساهمة تركيا الكبرى ستكون في مجال الطاقة". في "اللعبة الكبرى" الجديدة الجارية في منطقة أوراسيا ستلعب تركيا دورا حيويا في أمن الطاقة الاوروبي كمعبر لانابيب البترول التي تنقل النفط والغاز من آسيا الوسطى الى الشرق الاوسط. لكن شكوكا قديمة في السماح بعضوية دولة مسلمة يقطنها 71 مليونا من بينهم عدد كبير يعيشون في مناطق متخلفة في شرق الاناضول جعلت الاوروبيين يحجمون. وعلى الرغم من كل الاصلاحات الاخيرة لا يرى البعض في تركيا الا دولة تطاردها شبح الاضطرابات الاقتصادية وتدخلات الجيش في السياسة من أواخر القرن العشرين.

 

وصرح غول بأن عددا من اعضاء الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة يخلقون "عقبات مفتعلة" دون مراعاة لرؤية بعيدة المدى لمزايا ضم دولة علمانية مسلمة ينمو اقتصادها بشكل سريع الى ناديهم. وقال غول "اذا ضحيت باهداف استراتيجية لصالح اعتبارات تكتيكية لن تصبح لاعبا جيدا أبدا".

 

مرت خمس سنوات منذ ان دخلت تركيا محادثات رسمية للانضمام للاتحاد الاوروبي.

 

في ذلك الوقت استكملت تركيا فصلا واحدا هو الفترة التي خصصت لبحث القضايا المطروحة للمفاوضات وفتحت 13 قضية أخرى وأمامها 21 قضية.

 

وكل الفصول الباقية مغلقة باستثناء ثلاثة فقط بما في ذلك الفصل الخاص بالطاقة الذي تركز عليه تركيا.

 

والسبب في هذه المعضلة هو بالاساس المأزق القائم بشأن جزيرة قبرص المقسمة وهي عضو في الاتحاد الاوروبي. فقد أعاقت الحكومة القبرصية اليونانية احراز تركيا تقدما طوال هذه الفترة بسبب تأييد أنقرة للقبارصة الاتراك الذين انفصلوا عن نيقوسيا عام ,1974 لكن الاتراك الداعين لانضمام بلادهم الى الاتحاد الاوروبي يقولون ان القضية القبرصية أصبحت وسيلة تستغلها دول أخرى تعارض انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وقال غول "بعض الدول على الرغم انها غير متأثرة بشكل مباشر تستغل هذه القضية لخلق عقبات مفتعلة".

 

وركزت تركيا وهي عضو في حلف شمال الاطلسي جهودها لتعزيز علاقاتها مع جيرانها الشرقيين ومع دول الشرق الاوسط والعالم الاسلامي بالاضافة الى روسيا ودول الكتلة السوفيتية السابقة مما دفع بعض المنتقدين الى القول انها تعطي ظهرها الى الغرب. بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك ويقول ان اختيار اصدقاء جدد مثل ايران وسوريا هو من سمات حكم حزب العدالة والتنمية التركي ذي الاصول الاسلامية. وينفي غول ذلك قائلا ان هناك سوء فهم. ويقول ان انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي هو من الاولويات السياسية للدولة. فحزب العدالة والتنمية الذي كان ينتمي اليه غول قبل ان يصبح رئيسا عام 2007 كان القوة الدافعة وراء هذه السياسة. وبينما لا يزال المنتقدون يتحدثون عن أصوله الاسلامية يرى الحزب نفسه كمرادف مسلم للديمقراطيين المسيحيين في أوروبا.

================

شروط الرئيس وقناعاته الأيديولوجية

ياسر الزعاترة

الدستور

8-7-2010

ليس ثمة أسرار كثيرة في الطرح السياسي للرئيس الفلسطيني ، مع فارق أنه قد يقول في لقاء عام جزءا من حيثيات ذلك الطرح ، بينما يتبسط في لقاء آخر "خاص مثلا" فيلخص الموقف على نحو أكثر وضوحا وصراحة.

 

في لقاءاته الأخيرة ومن بينها لقاءاته مع حشد من الصحافيين على مائدة طعام في رام الله وعمان (كانوا ستة إسرائيليين في رام الله) أعاد الرئيس جملة طروحاته ومواقفه من المفاوضات والتسوية والمصالحة ، وهي طروحات من الطبيعي أن نعود إليها بين حين وآخر ، لا لشيء إلا لأن هناك من يدافع عنها من جهة ، ومن ينكرها أو يحملها ما لا تحتمل من جهة أخرى ، فضلا عن وجود حركة يرأسها الرجل وتدعي مواقف لا يتبناها هو بأي حال.

 

في السياق الذي نحن بصدده ثمة قضيتان ، الأولى تتعلق بالمصالحة ، بينما تتعلق الثانية بالمقاومة ، ولا حاجة للحديث عن التسوية لأن موضوع الثوابت ليس له قيمة في واقع الحال وصار حديثا مبتذلا ، لأن أي طفل في السياسة يدرك أن نتنياهو لن يمنح السلطة ما سبق أن عرضه عليها ورفضته أيام الراحل ياسر عرفات ، وأن التسوية المتوفرة هي واحدة من اثنتين: (القبول بصفقة بالغة السوء في سائر التفاصيل أو الاستمرار في برنامج الدولة المؤقتة والسلام الاقتصادي الذي يتحرك على الأرض بكل إصرار برعاية الجنرال دايتون والعزيز توني بلير وتنفيذ السيد سلام فياض) ، وأي كلام آخر هو كلام فارغ بامتياز. ثم لا داعي لحديث المفاوضات المباشرة وغير المباشرة ، لأنهم سيعودون لما رفضوه ويرفضونه كما جرت العادة.

 

في سياق المصالحة كان الرئيس أكثر وضوحا هذه المرة ، وإن فعل ذلك مرارا من قبل ، فقد ذهب إلى أن على حماس الاعتراف بمبادرة السلام العربية وخريطة الطريق ، والنتيجة شروط الرباعية ، وبشكل أوضح الاعتراف بالكيان الصهيوني ، ومن ثم نبذ المقاومة كسبيل لتحصيل الحقوق.

 

هذا الجانب من الشروط هو هدف اللعبة ، وليس مسارها المقترح ، أما السبيل الذي سيفضي إليها فهو انتخابات مبرمجة تخرج حماس من الباب الذي دخلت منه ، ممثلا في باب الانتخابات ، وبعد ذلك يجري فرض الشروط المذكورة عليها إذا أرادت البقاء كجزءْ من النظام السياسي الفلسطيني بطبعته العباسية ، وإذا لم تفعل فما عليها سوى توقع استمرار مسلسل القمع الذي تتعرض له في الضفة الغربية الذي سينتقل بدوره إلى قطاع غزة بعد عودته إلى "حضن الشرعية".

 

ليس لدى حماس والحالة هذه سوى الاعتراف بالكيان الصهيوني والقبول بخريطة الطريق التي تنص على الدولة في مرحلتها الثانية ، وإلا فما عليها سوى انتظار المزيد من القمع ، وإذا أصرت على رفض المصالحة ، فلتبق محشورة في قطاع غزة الذي لن يعطل بقاؤه تحت سلطتها اللعبة ، لأن جوهر الصراع موجود في الضفة الغربية ، لا سيما أنها لن تمارس المقاومة على الأرجح إلا في حال اجتاح الإسرائيليون القطاع ، وإن يكن هذا المسار مرفوضا من قبل المصريين الذي يتمنون التخلص من "الإمارة الظلامية" بأسرع وقت ممكن.

 

في سياق المقاومة كان الرئيس واضحا ، فهو ضدها بالمطلق ، وهو لن يسمح لحماس بنقلها إلى الضفة كما قال ، كما تحدث عن تبييض حماس للأموال (تعني توفير المال لأسر الشهداء والأسرى). وهنا تبدو المفارقة ، إذ لم يسبق أن عرفت القضية الفلسطينية زعيما يرفض المقاومة بهذا الإصرار ، بل هو يرفض تكرار سيناريو الانتفاضة الأولى كما ذهب مرارا بشكل غير مباشر ، وإلا فكيف يكون الأمن والأمان والاستثمار الذي تحدث عنه للصحافيين الإسرائيليين لو تكرر السيناريو المذكور؟، هنا يأتي السؤال الأكثر أهمية ، والمتعلق بحركة فتح ، فهذه الحركة وقادتها يصرون على أنها حركة تحرر ، وأنها لم تنبذ المقاومة ، بينما يقول رئيسها غير ذلك تماما ، فأين الحقيقة؟ الحقيقة أن الحركة مختطفة سياسيا من خلال رئيسها وقيادتها التي رُتبت بطريقة مدروسة وبسطوة الخارج .

 

مع ذلك كله ، لن تعدم من يدافعون عن هذا كله بوصفه الحق (هل يشفع لهم التذكير بأخطاء حماس ، ما هو حقيقي منها وما هو مدّعى؟،). فمن أين يأتي هؤلاء بكل هذه الجرأة في الدفاع عن الباطل؟،.

================

قبل أن ننسى جرائم إسرائيل

ليلى الحمود

laylaalhmoud@yahoo.com

النهار

8-7-2010

قبل ان ننسى جرائم إسرائيل التي لا تُنسى علنيا بادئ ذي بدء أن نقوم بتوثيق كافة الجرائم العدوانية التي اقترفتها إسرائيل بشأن الفلسطينيين تحديداً وغيره من الشعوب العربية التي تأثرت بشكل أو بآخر من الاحتلال الإسرائيلي والحروب المدمرة التي فرضتها إسرائيل على المنطقة والمطالبة بالتعويض المادي لجميع تلك الدول بدءاً من فلسطين المنكوبة ومروراً بجميع الدول العربية المجاورة لإسرائيل – مصر وسورية ولبنان والأردن – ولا يجوز بحال من الأحوال اغفال هذا الحق والذي يجب المطالبة به عبر المحاكم الدولية، فهنالك مئات الآلاف من المتضررين مادياً وجسدياً ونفسياً جراء الجرائم التي قامت بها إسرائيل ضد شعوب المنطقة.

 

وما زالت تقوم بتسميم التربة في مناطق عديدة حولها فتلقي بالنفايات السامة النووية وغير النووية مما زاد الاصابة بمرض السرطان بشكل مذهل في الدول المجاورة.. إضافة إلى ما ألقت به في قطاع غزة وفي الجنوب اللبناني من قنابل مشعة ومسرطنة اختلطت بالتراب، وباتت جميع المزروعات فيها مسرطنة!.. هذا الوضع المأساوي الذي تسببت به إسرائيل يجب أن يؤخذ على محمل الجد وأن تطالب إسرائيل بالتعويض لكافة المتضررين من ممارساتها سواء أكانت تلك الممارسات أثناء الحروب أو بعد السلام!!

 

ألا تتقاضى هي التعويضات من ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وفور إعلان هزيمة ألمانيا؟ .. وها هي حتى الآن وربما إلى الأبد ستستمر في أخذ التعويضات.. فلماذا لا نتعلّم من هذا العدو المتمرس في الجريمة كيف نستفيد من قوانينه التي يفرضها على الآخرين؟ أم أن العزاء فينا بارد.. ودِيّتنا هي فنجان من القهوة السادة فقط لا غير!!.

 

إسرائيل حرقت غزة كاملة.. بما فيها الحجر والبشر، وقامت الدنيا عليها وأُدينت من جميع دول العالم وقام النشطاء من الشرفاء وعبر المعمورة يساند بعضهم بعضا لرفع دعاوى جرائم حرب ابادة ضد المدنيين العزل في غزة، ضد تسيبي ليفني وباراك وغيرهما من المجرمين الاسرائيليين، ووضعت اسماء بعضهم في قائمة المطلوبين دوليا، ولكن ماذا فعل العرب المعنيون في المقابل.. ماذا فعلت السلطة بهذا الشأن.. والى اين وصلت قضية محاكمة المجرمين الإسرائيليين لدى المحاكم الدولية؟.

 

كل قضية عربية هي كالموت تبدأ كبيرة ثم تنتهي ويصبح السكوت المطبق ازاء تلك القضايا هو المطلوب، لماذا؟ لماذا لا نجر المجرمين الى العدالة الدولية؟ ولماذا السكوت على تلك الجرائم المستمرة والذي لم نجن منه أي فائدة؟ فاسرائيل ما زالت مستمرة في ممارساتها لا ترعى ابدا..

 

المستوطنات على قدم وساق.. ومصادرة الاراضي العربية مستمرة.. واخلاء السكان العرب وطردهم من بيوتهم امر عادي، وكل جرائم اسرائيل اصبحت عادية لا تثير قلقا لدى المسؤولين الفلسطينيين، لماذا لا ترفع السلطة تلك الممارسات الاسرائيلية الى المختصين في هيئة الامم؟ لماذا الصمت غير المبرر؟.

 

القدس الشرقية هي ارض عربية احتلت عام 1967، ويسري عليها قانون الاراضي المحتلة التي لا يجوز فيها للمحتل ان يقوم بتغيير أي شيء. فاين نحن مما يجري في جميع الاراضي المحتلة من استيلاء واستيطان ومصادرة، وحجب ومنع وحصار؟ الى متى.. الى متى؟.

 

مطلوب من السلطة متابعة محاكمة مجرمي الحرب في اسرائيل بدءا من «شارون» وانتهاء بنتنياهو الذي اوعز لقراصنته الهجوم على قافلة الحرية في عرض البحر دون ان يحسب حساب احد، نعم المطلوب متابعة حقوق الفلسطينيين وبمساندة عربية ودولية قبل فوات الاوان.

================

الأميركيون وجحيم افغانستان

ابراهيم العبسي

Ibrahim.absi@yahoo.com

النهار

8-7-2010

ما الذي منع الجنرال ستانلي ماكرستال الذي كان قائدا لقوات حلف الناتو في افغانستان حتى قبل ايام من ان يكسر ظهر حركة طالبان ويقدم انتصاره على طبق من فضة او حرير للرئيس الاميركي باراك اوباما المتلهف على مثل هذا النصر!!

 

من المؤكد ان الجنرال الاميركي الذي يمتلك قدرا كبيرا من الشجاعة وفنون القتال والخبرة ، قدعمل كل ما في استطاعته لالحاق الهزيمة بطالبان، ولكنه اخفق مثل غيره من الجنرالات السابقين في ذلك، الامر الذي اثار سخط الرئيس اوباما لا سيما بعد الانتقادات التي وجهها ماكريستال للرئيس الاميركي والتي انتهت باقالته او استقالته من الجيش الاميركي واحالة نفسه على التقاعد ربما تخلصا من هذا الحلم البعيد المنال.

 

لقد خيل للقادة السياسيين والعسكريين الاميركيين بعد تحقيقهم للانتصار المدوي على طالبان عام 2002، ان النصر على بقايا طالبان مسألة وقت لا اكثر، لكن ذلك لم يكن صحيحا على الاطلاق، اذ سرعان ما لملمت طالبان جراحها وراحت تلاحق القوات الاميركية ومعها قوات التحالف وتلحق بها خسائر لم يكن اشد المتشائمين في البيت الابيض او في البنتاغون يتصورها، فما ان تشن هذه القوات هجوما ساحقا على طالبان في منطقة ما، حتى تجد هؤلاء المقاتلين يتحولون الى منطقة اخرى في مجاهل افغانستان الوعرة التي خبروها جيدا على مدى حروبهم مع المحتلين. وهكذا كر وفر حتى لم يعد باستطاعة الاميركيين فعل شىء يذكر او حتى معرفة الخطوة التالية في قتال هذه المجموعات التي لا تعرف الهزيمة الامر الذي دفع الرئيس الاميركي الى استبدال الجنرال ستانلي ماكريستال بجنرال آخر هو ديفيد بترايوس على امل ان يعود هذا بالنصر المؤزر والنهائي على طالبان. لكن الخبراء العسكريين والاستراتيجيين الاميركيين المستقلين وكذلك الكتاب وعلى راسهم « ستيفن والت» الذي كتب مقالا مثيرا في مجلة « فورن بوليسي» الاميركية ، يشككك كثيرا في امكانية ان يتفوق بترايوس على ماكريستال، فالرجلان من نفس المدرسة العسكرية ويمتلكان نفس الشجاعة والخبرة بفنون القتال التقليدي، ولذلك (حسب الكاتب) لن يستطيع بترايوس احراز نتائج افضل من سابقه في ساحة المواجهة الضارية ضد طالبان. ويذهب الكاتب ستيفن والت حد السخرية من هذه التنقلات التي لن تضيف شيئا او تأتي بجديد على صعيد الحرب الدائرة واقصد بالنتائج الحاق الهزيمة بطالبان كما تحلم الادارة الاميركية والبنتاغون، اللهم – امعانا في السخرية- اذا اقنع الاميركيون حركة طالبان بالتوقف عن اسلوبي حرب العصابات والتمترس في الاماكن الوعرة في الجبال والوديان، او الطلب الى زعماء هذه الحركة بمواجهتهم في الساحات المفتوحة حتى يسهل على الجنرالات الاميركيين بما يمتلكونه من اسلحة متطورة سحق قوات طالبان والتخلص منها نهائيا ، الامر الذي يدخل في رأس عاقل. وللتدليل نذكر الاميركيين بحربهم في فيتنام تلك التي ذهبت بأرواح اعداد هائلة من الجنود الاميركيين وكلفت الخزينة الاميركية اموالا فلكية، ومع ذلك لم تنتصر اميركا بل انتصر الفيتناميون وخرج الاميركيون في فوضى عارمة من فيتنام قبل ان يصطادهم الموت.

 

ما الخلاص اذن من هذه الحرب الجهنمية في افغانستان بعد ان اكتشف الاميركيون استحالة تحقيق النصر الذي يحلمون به!! ثمة اصوات بدأت ترتفع في الساحة الاميركية بضرورة مفاوضة طالبان الآن، والتوقف عن تقييم الخسائر البشرية والمادية الهائلة بدل الاستمرار في حرب ستوصل الاميركيين حتما الى هذه النتيجة تماما كما حدث في فيتنام.

================

إلغاء الطائفية السياسية: الطريق طويل وشاق

صلاح ا حنين

السفير

8-7-2010

يأتي التعاطي مع موضوع إلغاء الطائفية السياسية بنوع من التردد والقليل من المخيلة والكثير من البعد عن احترام السياق الدستوري.

فلم التردد وهذا موضوع يفيد في تحرير المجتمعات الباحثة عن الديموقراطية والإنصاف والمساواة؟ في الواقع انه موضوع تصعب معالجته ما لم تكن البيئة السياسية والاجتماعية تشجع الحوار. إلا أن وجود أسلحة خارجة عن سيطرة الدولة ينافي مبادئ كل حوار، لأن الأخير لا ينجح ما لم يكن نابعا من قناعة أصيلة وبعيداً عن السلاح.

فكيف عسانا نتفادى الحديث في هذا الموضوع الذي حمل الأمل، ونتجاهل كل فوائده، وكيف عسانا نهمل إرساء المعايير الأساسية للحوار على أن نتفاوض بالآليات والإجراءات في الوقت المناسب؟

فإصرار الطبقة السياسية على التشبث بنظام تشوّهه رعايتهم الرديئة له، ويزيد الطائفية حدة ويدفع بنا الى أغوار العنف، يجب ألا يحرمنا الإعراب عن إرادة التغيير. حتى ان نظاماً كونفدرالياً ذكياً بين الطوائف الدينية قد يغدو خياراً أفضل. لكن الكونفدرالية إذا قامت، لا بد أن تبقى تحت شعار لبنان الرسالة وهو رمز نادى به قداسة البابا يوحنا بولس الثاني والإمام موسى الصدر. وهذا يعني أن أي تطوّر سياسي لا يحسن إعطاء لبنان مكانته منارة للديموقراطية والتعددية وحقوق الإنسان في هذا الشرق الذي تخنقه الأنظمة التوتاليتارية، غير مقبول.

أما الخيار الأسلم، فهو ما نصت عليه المادة 95 من الدستور اللبناني، أي الدولة المدنية مروراً بإلغاء الطائفية السياسية. فهذا لا يعني أبداً إلغاء الضمانات الطائفية، ومنها التساوي بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب، بل المحافظة في الوقت نفسه على العقليات الطائفية والمذهبية.

بل على العكس، تشدّد المادة 95 على ضرورة ان يتخذ مجلس النواب الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة محدّدة بمراحل واضحة، فيشكل هيئة وطنية مهمتها:

1 دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية.

2 متابعة تنفيذ الخطة المرحلية وصولا الى إلغاء الطائفية السياسية.

أ  ما معنى إلغاء الطائفية؟ انه تطبيق القانون المدني على كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية من زواج وإرث.

في الواقع ومن أجل بناء ديموقراطية لا بد من التمهيد للمساواة في المواطنية. فعلى سبيل المثال، هل من الممكن المحافظة على الحق بتعدد الزوجات وعدمه تحت سماء واحدة؟ أضف أن القانون المدني يسمح بتقويض الحواجز الطائفية ويشجع على اندماج حقيقي بين اللبنانيين.

كان ميشال شيحا قد قال «في لبنان يحق لنا التآخي لكن ليس التصاهر». ولهذه الملاحظة تبعات أخرى مثل الأوضاع المتعلقة بحالات من الزواج المختلط التي لا يمكن فيها لزوجين أن يرث أحدهما الآخر.

ولا يمكن اللبناني ان يستمر في خداع نفسه لجهة الزواج المدني وهو مسموح في لبنان على ان يعقد في الخارج. في الواقع يمكن زوجين يعقدان قرانهما في فرنسا مثلا ان يسجلا زواجهما اصولا في لبنان، إلا ان مفاعيل هذا الزواج تخضع للقوانين الفرنسية. أليس لبنان مستعداً بعد للاضطلاع بمسؤولياته والتمرّس على السيادة عبر تطبيق قوانينه الخاصة على مواطنيه كافة؟

ب  ما معنى إلغاء الطائفية السياسية؟ إنها إلغاء لقاعدة التمثيل الطائفي على المستوى السياسي كما في الادارات إلا ان ذلك يجب ان يتم:

1 وفق المبدأ الذي يقر باستقلالية السلطة السياسية عن المفاهيم والمنظمات الدينية.

2 وفق النظام الذي يفصل الدين عن ممارسة السلطة السياسية.

ألا يجب ان نبدأ بإلغاء التعارض ما بين المادتين 9 و19 من الدستور؟ فبينما تنص المادة 9 على ان الدولة وحدها هي التي تضمن احترام نظام الأحوال الشخصية، تسمح المادة 19 لرؤساء الطوائف الدينية بمراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق بالأحوال الشخصية، علما ان الدولة لا يمكن ان تتمثل إلا بمؤسساتها الدستورية.

فالطريق طويل وشاق. والمهمة ضخمة ومتشعبة. ولذلك فالتبصر والصبر والشجاعة والثبات والمثابرة، والإيمان بلبنان خرج من معاصيه وأصبح جاهزاً للاضطلاع بالمهمة المناطة به، لا تزال الأسس الراسخة لنهضة مرتقبة ولأمل متجدّد.

[ نائب سابق.

================

مَن سيرث تجربة فضل الله الاجتماعية ويضمن بقاءها وديمومة نموّها ؟

ابراهيم بيرم

النهار

8-7-2010

يروي بعض المتصلين بقيادة "حزب الله" أنه في اللقاء الاخير الذي جمع الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله والمرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والذي جرى قبل نحو شهر ونصف شهر من ارتحال الاخير، قال المرجع "لتلميذه" القديم: "اشعر بأنني قاب قوسين او ادنى من لقاء ربي، وعليه لا اجد الا انت الشخص المؤهل لاستكمال المسيرة وللسهر على الخط والائتمان عليه".

فاذا كان هذا الكلام هو في عرف البعض بمثابة اشهار للوريث للنهج السياسي والفكري للمرجع الذي بدأ رحلة حياته العملية داعية الى صحوة سياسية ومشروع تغييري، واذا كان القيمون على المكتب الشرعي للمرجع قد حسموا امر "توريث" النهج الشرعي له من خلال التذكير بفتوى مشهورة قديمة فحواها انه بالامكان الاستمرار في تقليد المرجع المتوفى ابتداء، فان السؤال المطروح بالحاح في الوسطين الشيعي واللبناني عموماً هو من سيكون في مقدوره "وراثة" المؤسسات الرعائية والصحية والتربوية الضخمة التي غرست غرسات صغيرة ونمت وصارت شجرة مكينة وارفة على يد السيد فضل الله وحده. وأبعد من ذلك، من سيكون في مقدوره الحفاظ على هذه المؤسسات الواسعة الانتشار والمتشعبة نامية مزدهرة وقادرة على الاستمرار والعطاء.

وللتدليل على اهمية هذه "التركة"، لا بد من الاشارة الى ان المرجع الراحل كان يشرف عمليا على مبرات (مدارس ايتام) يعيش ويتعلم فيها نحو 15 الف طالب و13 ثانوية ومدرسة يتعلم فيها نحو 20 الف طالب و3 معاهد للتعليم الفني المهني يتلقى العلم فيها نحو 3 آلاف طالب ودار للتربية والتعليم/ مؤسسة للمكفوفين والصم والبكم ومستشفى ضخم (مستشفى بهمن في حارة حريك) و3 مستوصفات ومراكز صحية ضخمة ودار للمسنين ومعهد للتعليم الشرعي (حوزة دينية) وعشرات المساجد (اهمها مسجد الامامين الحسنين) ومركز دراسات ابحاث واذاعة ودار نشر ومجلة فكرية ونشرات، اضافة الى مكتب خدمات اجتماعية (موازنته نحو 15 مليار ليرة سنوياً) ومكتب خدمات شرعية، وشبكات تكفل للايتام وصناديق خدمات ونذور وجمعيات الارشاد واملاك وعقارات وقفية تتعدى حدود لبنان. ولم يعد خافياً ان المرجع فضل الله خاض في الميدان الرعائي والاجتماعي تجربة غير مسبوقة في تاريخ الطائفة الشيعية في لبنان، إن من حيث الاتساع والشمولية او من حيث الدقة والتنظيم والشفافية حتى صارت هذه التجربة مثالاً يحتذى ينجذب اليها المسلمون على اختلاف مذاهبهم ليتعلموا بها ويقتدوا بنتاجاتها وعطاءاتها الى درجة ان بعض الخبراء والمطلعين وصفوها بأنها تجربة تتعدى قدرة مرجع واحد وعالم دين واحد على تحمل اعبائها وتبعاتها، واكثر من ذلك قدرته على ادارتها وملاحقة تفاصيلها ويومياتها بشكل ناجح، الا اذا كان هذا الانسان استثنائياً كما هي حال السيد فضل الله.

ويذكر بعض المرافقين لمسيرة المرجع فضل الله الرعائية انه على سبيل المثال لا الحصر تسلم عام 1979 مبرة الامام الخوئي كواحدة من المؤسسات التي كان زرع نواتها الاولى الامام موسى الصدر بدعم من المرجع الشيعي الاعلى آنذاك السيد ابو القاسم الخوئي، وكانت عبارة عن مبرة صغيرة في حي صغير في الضاحية الجنوبية لا تستوعب اكثر من 250 طالباً، الا انه نجح لاحقاً في تأمين مكان بديل منها بين خلدة وعرمون على مساحة اكثر من 10 آلاف متر وصار بمقدورها ان تستوعب اكثر من 5 آلاف طالب تعليماً (حتى نهاية المرحلة الثانوية) وايواءً.

ومن البديهي الاشارة الى ان هذه الرحلة الشاقة والشائكة وهذا الازدهار المشهود له لهذه التجربة الضخمة للسيد فضل الله ما كانت لتكون الا بفضل توافر جملة شروط للسيد نفسه قلما تتوافر لشخصية علمائية مثله في اي عصر او مصر. فالسيد استطاع، وبالتحديد بعد عام 1978، ان يكتسب تدريجا ثقة جيل شبابي كان يبحث عن مرجع فكري وفقهي وسياسي يستهدي به، ويرسي مداميك تجربة مختلفة، ولا ريب ان هذا الجيل الكبير الذي تربى على يديه مباشرة او بالواسطة كان عماد رحلته وأعمدة تجربته اللاحقة سواء في المجال الرعائي الخدماتي او في الميادين الاخرى المتعددة.

الى ذلك، شكلت النجاحات الاولى البكر للسيد في الميدان الرعائي والتربوي مادة جذب للشيعة في العالم العربي والعوالم الاخرى، لكي يجدوا لدى السيد ضالتهم المنشودة إن لجهة الثقة به وبحكمته وادارته وإن لجهة وضع عائدات الخمس والصدقات والنذور وما الى ذلك في "ذمته" وطوع تصرفه. ولقد نجح السيد لاحقاً بعد تأسيسه ادارة المبرات في انشاء دائرة خاصة مهمتها التواصل مع هؤلاء وتنظيم عملية الاستيفاء والجباية منهم. ولا شك في ان هذه الثقة المتعاظمة به من الشيعة العرب هي التي شجعت على سبيل المثال متمولاً شيعياً واحداً من الكويت هو السيد عبد الحسين بهمن على التكفل بمفرده ببناء مستشفى بهمن الضخم والحديث في حارة حريك والذي كلفت عملية بنائه عام 1996 اكثر من 13 مليون دولار.

ولا ريب ايضاً ان الثقة إياها التي ربطت بين السيد والنخب الشيعة المتعلمة هي التي جذبت طاقات علمية وهندسية وفكرية للتكوكب حوله وتقديم أفكار متطورة ومنتجة له، كمثل أفكار بناء مطاعم "الساحة" الشهيرة وملحقاتها، ومشاريع محطات الايتام، كشكل جديد مضمون من أشكال الرفد والدعم الماليين للمبرات ولبقية المشاريع والمؤسسات الرعائية والخدماتية الآخذة في النمو والاتساع أفقياً وعمودياً.

والأكيد ان السيد فضل الله كان يحاول ضمناً تقديم تجربة مميزة وجديدة وحضارية من نوعها في مجال ارساء مؤسسات مستديمة العطاء، انطلاقاً من أمرين اثنين نزلا منزلة كبرى في منظومة طروحات السيد ورؤاه التطويرية والتحديثية التي أتى جهاراً بها:

الاول: إن السيد كان يضع في أحاديثه وفي مجالسه الخاصة، وفي نتاجاته الفكرية ومقابلاته الاعلامية، ملاحظات سلبية على الاداء النمطي التقليدي للمرجعيات الشيعية في النجف الأشرف وسواه من حواضر الدراسة الحوزوية للعالم الشيعي، وهو الاداء المعتمد على "عرض" المرجع الواحد وعلى تفرده وبعض أفراد عائلته أو بعض أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة به، بكل أمور المرجعية، وعائداتها وأبواب علاقة المرجع بالمقلدين. ولم يعد جديداً القول انه بناء على هذا الانتقاد الصريح للشكل التقليدي لدور المرجعية، كانت للسيد دعوته الشهيرة أولاً الى شيء اسمه "شورى الفقهاء" وفحواه انه بعد تشعب الاهتمامات وتطور سبل العلاقة بين المرجع المقلد والمقلدين لم يعد جائزاً ان تحصر كل أمور المرجعية وعلاقاتها بالمريدين بيد مرجع واحد مهما بلغت قدرات هذا المرجع وطاقاته، واتسعت دائرة اجتهاداته وعالميته، بل صار لزاماً ايجاد هيئة فقهاء ومراجع، يتخصص كل منها بجانب معين من جوانب الحياة المعاصرة، فتقدم للعالم الشيعي والعالم الاسلامي نموذجاً راقياً من المرجعيات الرشيدة المتسعة الآفاق والمنفتحة على قضايا العصر وتشعبات الحياة. وهذا ما سماه المرجع فضل الله لاحقاً "معالم المرجعية الرشيدة الجديدة" التي ينبغي أن تتكون لتأتي متصالحة مع العصر وقضاياه الملحة والمتناسلة يومياً.

ولم يعد خافياً ايضاً ان السيد فضل الله كان يتحدث أحياناً كثيرة عن تنظيم يدنو من تجربة الفاتيكان، كمرجعية روحية ودينية للعالم الكاثوليكي.

الثاني: ان السيد فضل الله الذي سعى الى نموذج مختلف متميز عن المرجعيات الشيعية، كان يقارب دوماً في أحاديثه الخاصة مسألة افتقار المسلمين في لبنان، الشيعة على وجه التحديد، الى مؤسسات رعائية وتربوية وصحية واجتماعية تكون وقفيات وأوقافاً تؤمن لها الديمومة والنمو. ولا ريب ان السيد كان كسواه من علماء الشيعة ونخبها يعلم علم اليقين ان ثمة علماء شيعة بذلوا في مطالع القرن المنطوية صفحته، جهوداً جبارة في تأسيس تجربة رعائية وتربوية، مستندين الى دعم من الشيعة المقيمين والمغتربين على حد سواء، بغية ارساء مؤسسات رعائية، كمثل التجربة التي خاضها المرجع الشهيد الراحل السيد عبد الحسين شرف الدين في صور والتي أثمرت تجربة مؤسسة مدارس الجعفرية. ولكن هذه التجارب، على أهميتها، سرعان ما كان يصيبها الذبول والضمور، بفعل عاملين سلبيين اثنين: الاول عدم توافر جهة تدير المشروع والمؤسسة وتسهر عليهما بهدف حفظهما وصونهما من عوامل الاخفاق، والثاني وجود نظام خاص في الفقه الشيعي اسمه "الوقف الذري" والذي يعني ايكال أمر ادارة مؤسسة رعائية أو وقفية لذرية المرجع أو العالم الديني حصراً، وهو أمر ادى لاحقاً الى تبدد وضياع جهود وذبول تجارب كانت في حينها مضيئة وواعدة.

ولا شك في ان السيد فضل الله وسواه من الرموز الشيعية الدينية والسياسية يذكرون بمرارة، على سبيل المثال، مصير تجربة مؤسسات الامام الخوئي في بريطانيا وغيرها من دول العالم التي نهضت بفضل أموال مرجعية هذا الإمام، وما أصاب هذه المؤسسات من سلبيات وعلل، وما حكي عن ضياع ملايين الدولارات التي كانت باسم هذه المرجعية، بفعل غياب ادارة رشيدة ومنظمة تحسن ادارة هذه الاموال وتحافظ عليها وتنفقها في مصرفها الطبيعي.

وفي كل الاحوال، فإن كل المعطيات تشير الى ان المرجع السيد فضل الله قد وعى في حياته كل هذه المحاذير، ووضع نصب عينيه التجارب التي اعترتها السلبية لمن سبقه في عالم المرجعية، وقد احتاط لهذا الامر كله، ووضع نظماً واطراً وآليات إدارية، تضمن لهذه المؤسسات التي بذل جهداً كبيراً في سبيل انهاضها ودفعها قدماً، الا ان على عائلة السيد فضل الله وتلك النخبة التي واكبته وكانت موضع ثقته، ان تعطي لمن يعنيهم الامر اشارات واضحة وشفافة تجعلهم يطمئنون الى ان هذه المؤسسات وان كان ارسى لَبِناتها الأولى عقل جبار واحد، حظي بثقة المريدين والمقلدين، الا ان هناك عقولاً عدة مستعدة لكي تصونها وتحول دون تراجعها وتجعلهم ايضاً يتواصلون معها ويرفدونها، كما لو كان السيد فضل الله لا يزال حياً يرزق.

================

لهجة إسرائيلية "جديدة" تجاه سوريا

رندى حيدر

النهار

8-7-2010

يمكن تلخيص نتائج الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الى واشنطن على المفاوضات مع الفلسطينيين كالتالي: مقايضة الموافقة الإسرائيلية على تمديد قرار تجميد البناء في المستوطنات، الأمر الذي يعتبره الفلسطينيون تلبية لمطالبهم، بالبدء بالمفاوضات المباشرة، الذي يطالب به المسؤولون الإسرائيليون منذ فترة. وهذه حصيلة سياسية هزيلة بالمقارنة مع الجهود الضخمة المطلوبة من أجل تحقيق حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأميركية.

لذا فإن النتائج الحقيقية للزيارة يمكن البحث عنها على الصعيد الداخلي الإسرائيلي وعلى الصعيد الدولي. إن عودة الود والتفاهم بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وبنيامين نتنياهو من شأنه أن يشد من عضد الإئتلاف الحكومي اليميني القائم في إسرائيل. لا سيما وأن نتنياهو حرص خلال زيارته على ألا يقدم أية تنازلات يمكن أن تُغضب اليمين. فهو تجنب الحديث علناً عن الدولة الفلسطينية المستقلة، مثلما تجنب الإعلان عن موافقته على مواصلة قرار تجميد البناء في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة بعد انتهاء مدة سريانه في شهر ايلول المقبل.

ولا يخفى مدى تأثير الزيارة الأخيرة الناجحة لنتنياهو الى واشنطن على صورة إسرائيل أمام العالم. وكانت هذه الصورة قد تضررت كثيراً في الآونة الأخيرة بعد أحداث الهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات الإنسانية الى غزة والأزمة الكبيرة في العلاقات مع تركيا والتي تكاد تبلغ حد قطع العلاقات بين الدولتين.

فالتفاهم الذي توصل اليه نتنياهو مع أوباما سواء بالنسبة لمسار العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، أم بالنسبة للعملية السلمية في المنطقة، وبصورة خاصة التفاهم على قضية السلاح النووي الإيراني، زاد موقع إسرائيل الدولي قوة وأعاد اليها الثقة، بعد سلسلة الأزمات التي مرت بها العلاقات بين إسرائيل وأكثر من دولة أوروبية.

وبغض النظر عن الظروف الداخلية الأميركية التي دفعت أوباما الى تغيير موقفه من نتنياهو، فلا يمكن عدم التوقف أمام انعكاسات التفاهم الأميركي-الإسرائيلي على القضية المحورية التي تشغل بال المسؤولين في إسرائيل اليوم اي كيفية ردع إيران عن امتلاك سلاح نووي.

يحتل موضوع ردع إيران عن امتلاك سلاح نووي رأس أولويات الحكومة الإسرائيلية الحالية، لا سيما مع قناعة المسؤولين الإسرائيليين بأن العقوبات الاقتصادية لن تشكل رادعاً حقيقياً لإيران. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو ما تأثير التفاهم الإسرائيلي-الأميركي على الموقف الأميركي الرافض للضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؟

هناك تباين في وجهات النظر داخل إسرائيل من الموضوع؛ فهناك فريق يعتبر أن التوتر في العلاقات مع أميركا يعطي إسرائيل حرية في التصرف، ويجعلها غير ملزمة بالموقف الأميركي، وتالياً يسمح لها بتنفيذ الضربة العسكرية المحدودة التي في رأيهم ستؤخر لعشرات الأعوام حصول إيران على السلاح النووي.

في المقابل يرى فريق آخر أن عملاً عسكرياً بهذه الأهمية والخطورة لا يمكن أن يجري من دون موافقة أميركية ولو ضمنية، نظراً لإنعكاساته على الاستقرار في المنطقة بأسرها.

من جهة أخرى، بدأت تبرز قناعة في إسرائيل مفادها أن مواجة الخطر الإيراني تحتم مواجهة التحالف الوثيق لإيران بكل من سوريا و "حزب الله" في لبنان، وحركة "حماس" في غزة. وأن مصلحتها تقتضي تحييد هذه الجبهات، وتفكيكها عن بعضها البعض، وحصر المواجهة بإيران. وهي من أجل هذا الغرض تبذل جهوداً كبيرة لردع "حزب الله" في لبنان عبر التهديدات الدائمة والحرب النفسية المتواصلة، محذرة إياه بأن أي تورط جديد للحزب في الهجوم عليها سيكون ثمنه مؤلماً للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، وعلى الرغم من عدم تغير الموقف الرسمي الإسرائيلي منها، فهي في رأي المسؤولين الإسرائيليين "تتحدث عن السلام من جهة وتدعم التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى"؛ هناك كلام إسرائيلي آخر بدأ يظهر في الآونة الأخيرة يركز على المواقف المعتدلة للرئيس السوري بشار الأسد وآخرها تصريحه في اسبانيا بأن قطع العلاقات بين تركيا وإسرائيل يهدد الاستقرار في المنطقة، ويعتبر ذلك مؤشراً على امكانية التحاور معه.

 فهل تُقدم حكومة نتنياهو على احتواء خطر الجبهة السورية في أي مواجهة مستقبلية مع إيران عبر العودة الى المفاوضات غير المباشرة معها؟

================

تفجيرات لاهور والجماعات المسلحة

بقلم :صحيفة «غارديان» البريطانية

البيان

8-7-2010

التسامح مع الجماعات المتشددة، والمطالبة بانضمامها كحلفاء وأطراف في تسوية النزاعات الباكستانية بهدف احتواء عناصرها، لم يعد أمراً مقبولاً.

 

دعوات الصحوة ضد الجماعات الإسلامية في باكستان جاءت متأخرة، فبعد مرور نحو 18 شهراً من العمليات الدامية التي استهدفت فريق الكريكيت السريلانكي، وأفراد الشرطة والاستخبارات ومراكز التسوق وتجمع المدنيين من المسلمين وغيرهم، لا تزال السياسات نفسها قائمة دون تغيير.

 

الحكومة الباكستانية ما زالت مصرة على تصنيف جماعات الجهاد بين الصالح والطالح، ومنحت العفو لمجموعة المدارس الدينية ووفرت لهم المأوى. وتضاربت مواقف القادة الباكستانيين تجاه هذه الجماعات، على نحو أحدث انقساماً في الموقف الرسمي.

 

من الصعب الوثوق بموقف شهباز شريف، رئيس وزراء إقليم البنجاب وشقيق نواز شريف، والذي طمأن المسؤولين في لاهور بأنه لن يدع منفذي التفجيرات على إحدى دور العبادة الصوفية في الإقليم، يفلتون من العقاب.

 

وهو نفسه الذي كان قد طلب من حركة «طالبان» عدم مهاجمة الإقليم، بحجة أن حزبه يشاركهم بعض الأفكار، ثم عاد بعدئذ ليعترف بأن التصريحات كانت غير ملائمة.

 

وهذه الحكومة هي نفسها التي منحت تبرعات بقيمة 650 ألف جنيه استرليني لجماعة «الدعوة» التي صنفتها الأمم المتحدة ضمن جماعات الإرهاب، عقب تفجيرات مومباي الأخيرة.

 

وتعد تفجيرات لاهور، التي طالت أحد الأضرحة الصوفية، الثانية في سلسلة الهجمات ضد جماعات دينية خلال شهر واحد، وذلك بعد هجوم استهدف طائفة الأحمدية في باكستان نهاية مايو الماضي، وأودت بحياة 94 شخصاً.

 

ردود الأفعال بعد التفجيرات أشارت بأصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة، التي صعّدت حملاتها على جماعة الجهاد في منطقة الحزام القبلي.

 

هجمات الضريح الصوفي في لاهور، ترتبط بشكل وثيق بنزعة التعصب التي يتبناها أنصار جماعات أخرى، أفرادها يكفّرون أعمال الصوفية.

 

وتضاعف أعداد أنصار هذه الجماعات المتشددة، مع ظهور جماعة طالبان البنجابية، وجماعات أخرى في إقليم وزيرستان، تضافرت جهودها سوياً من أجل تكثيف الهجمات.

 

وقد انضم إلى هذه الجماعات عناصر من أفراد الجيش الباكستاني، كانت تقاتل القوات الهندية في كشمير خلال عقد التسعينات.

 

هذه الهجمات أثارت غضب الباكستانيين، لأن معظمهم يعتنق هذه الطريقة. وقد اجتاحت البلاد مظاهرات عقب الهجوم الذي راح ضحيته أبرياء، لا دخل لهم في ما يجري من مسلسل تصفية الحسابات والانتقام بين المتشددين والحكومة الباكستانية.

 

وزادت الضغوط على الحكومة الباكستانية لقمع عنف المتشددين، بعدما تعزز موقف الجيش من مكاسب حققها خلال هجمات على متمردي طالبان في شمال غرب البلاد.

 

وفي الوقت الذي كان يتعين على طالبان كسب ود حلفاء جدد لها في باكستان، قوبلت الهجمات الأخيرة بغضب عارم، ليس فقط على مستوى عامة الناس، بل كان لعلماء الدين موقف رافض لما يحدث، باعتبار أنه «يجب أن تستخدم يداً من حديد، بدلاً من التهديد بعد كل هجوم من هذا النوع»، كما يقول أحد علماء الدين الباكستانيين.

بينما يقول آخر: «ظللنا دائما مسالمين، لكن لا يجب أن يوضع صبرنا رهن الاختبار بعد الآن، ولا يجب أن تكتفي الحكومة بحظر أسماء الجماعات الإرهابية، وإنما يجب أيضاً أن تقمع أنشطتها».

================

في الموقف من الاستشراق

آخر تحديث:الخميس ,08/07/2010

يوسف مكي

الخليج

في الموقف من الاستشراق يصعب الخروج بقانون قيمي أو معياري عنه . فالاستشراق، ذو حدين . حد إيجابي يتمثل في التفاعل والتكامل بين الثقافات ومظاهر الحضارات الإنسانية، ويمثل عناصر التقدم والتسامح، التي ترى في النضال الإنساني وحدة لا تتجزأ، وتعتبر إنجازاتها في حلقة معينة إنجازاً للبشرية بأسرها . أما الحد الآخر، فيكمن في تسخير المعرفة والعلم وعملية الكشف لتحقيق الاختراق والهيمنة، وذلك هو النهج الذي اعتمده العلماء والباحثون والفرق الاستكشافية العلمية التي رافقت الاستعمار الغربي، وأصبحت طليعته ومن أهم أدواته في الكشف عن المكنونات والثقافات والثروات والعوامل الأخرى التي تمنح هذه المنطقة بصماتها وهويتها .

 

إن فهم الظاهرة الاستشراقية لن يكون دقيقاً، من دون وضعه في إطاره العام بالصراع بين الشرق والغرب . إن الخطاب هو تعبير عن الجهة التي تطلقه . فالخطابات العربية هي تعبير عن رؤية العرب، مثلما أن الخطابات الاستشراقية تعبر عن الجهة الغربية ومصالحها وامتيازاتها . لكن ذلك يضعنا إزاء قضية أخرى ينبغي التنبه لها، هي العلاقة بين الأنا والآخر .

 

إن التقسيم الحاد ل “الأنا” الذي هو موضوع الاستشراق و”الآخر” المتمثل في المستشرقين، يفترض في منطلقاته تجانس كل قطب من أقطاب المعادلة على حدة، وتنافر هذا القطب مع الآخر . وذلك في واقع الأمر، فصل تعسفي ينقصه الوعي بوجود تناقضات في المصالح والرؤى بالمجتمع الواحد، وأن الأمر لا يمكن وضعه في كفة ميزان واحدة عند كل طرف .

 

فعلى سبيل المثال، أشارت تقارير إلى أن نسبة كبيرة من شعوب أوروبا تتعاطف مع القضية الفلسطينية، وتجد في الكيان الصهيوني تهديداً جدياً للسلام العالمي، بينما تقف الحكومات الغربية والقوى التي تساندها هناك، مؤيدة للمشروع الصهيوني . وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أصدر مثقفون بارزون، أثناء الحرب التي شنتها حكومة بلادهم على أفغانستان، بيانهم المشهور “إنها ليست حربنا”، أدانوا سياسات حكومة بلادهم في أفغانستان والعراق وفلسطين .

 

إن ذلك يقتضي عدم اهمال الاختلافات بالخطاب الاستشراقي . فهذه الاختلافات، رغم كونها تدافع عن المنهجية الغربية، كمنهجية علمية، ملائمة للتطبيق على التراث الإسلامي، لكنها تختلف بشكل كبير في رؤيتها بما عدا ذلك . فالمقاربة بين مكسيم رودنسون وبيرنارد لويس، ترينا أن الأول ينطلق من رؤية ماركسية وموقف اجتماعي متعاطف مع شعوب الشرق، في حين ينتمي الآخر، إلى منهجية تاريخ الأفكار التقليدي، كما هو سائد في الغرب منذ القرن التاسع عشر، منهجية لا تعنى كثيراً بالشروط الاجتماعية والاقتصادية للموضوع المدروس . إنها كما يقول هاشم صالح “تدرس الأفكار وكأنها ذات كيان مستقل بذاته . وكذلك منهجية كلود كاهين، فهي تولي أهمية للعوامل الاجتماعية والاقتصادية أكثر من منهجية فرانسيسكو جابريالي، أو وليام كانت وبل سميث”، وهذا الفرق مهم لا ينبغي الاستهانة به . ويلاحظ أن الجيل الذي برز بين الحربين يميل إلى استخدام أحدث المنهجيات والمصطلحات والاستشهاد بأسماء المفكرين الطليعيين .

 

وبالمثل، فإن الاختلافات السائدة بين المستشرقين الغربيين لها ما يعادلها في خطابات المثقفين العرب . فالمواقف إزاء الاستشراق ليست كتلة واحدة منسجمة، وإنما هي مشكلة من عدة اتجاهات متغايرة متنوعة ومتناقضة .

 

الخلاصة أن المجتمعات الإنسانية، ليست كتلاً صماء، ولا هي بالمتجانسة، بل تتفاعل إنسانياً مع ما يجري حولها، وتحدد مواقفها، ليس بالضرورة على أسس الوعي والمعرفة والالتزام الأخلاقي، ولكن ضمن اعتبارات المصالح، وهي اعتبارات أكثر وجاهة وتقديراً في عرف المنتفعين وأصحاب رؤوس الأموال، والحكومات التي ترعى مصالحهم .

 

هذا القول عن “الآخر”، ينسحب أيضاً على “الأنا” فهذا الأنا- ليس مجتمعاً ساكناً أو منسجماً، ولا يعيش خارج التاريخ . إنه في القلب من هذا العالم يتأثر به ويؤثر فيه، وتحكم العلاقات بين أفراده وطبقاته قوانين الوحدة والتنافر، وهو أيضاً خاضع لصراع المصالح واختلاف الرؤى والتوجهات، داخل كل قطر على حدة . إنه بالإضافة إلى ذلك، يعيش واقعاً مجزءاً، فرضته طبيعة المواجهة مع المحتل، ورسم الخرائط بين المنتصرين . أصبحت الدولة القطرية مع مرور الأيام واقعاً معترفاً به، ومقبولاً من قبل شرائح اجتماعية مؤثرة بما يعني أننا أمام أكثر من أنا وأكثر من آخر . والأنا العربي قد تناقض بعضه مع بعضه الآخر في مواقفه، بشكل أصبح معه متعذراً الحديث عن موقف واحد وأنا واحدة . وقد تعاظمت الشروخ وتعددت المنافذ، وتضاربت المصالح بشكل دراماتيكي في العقود الأخيرة المنصرمة، واستمرت بشكل متصاعد، في البنيان الاجتماعي الواحد في معظم البلدان العربية . أصبح الآخر، إن في صيغة استعمار واحتلال أو في صيغة استشراق يهيمن في القلب من الأنا، ويجد خطوطاً عدة تدافع عنه . . . وتتصدى له هنا وهناك مقاومة، تتواجد أيضاً في القلب وفي الأطراف، وهناك في العواصم والمدن الرئيسية للآخر .

 

والخلاصة، أن الفصل بين ما هو إنساني على أساس اعتبارات الأنا والآخر لم يعد ممكناً، وأن الأمر الذي يجب أن نواجهه، في عملية الإبداع والفن والكتابة هو أننا لسنا قطباً واحداً في مواجهة قطب آخر، بل إن المواجهة هي في داخلنا وضمن شرائحنا، كما هي مواجهة في قلب الآخر وضمن شرائحه . ومن هنا يجب التمييز بين ما هو إنساني وقائم على أساس الاعتراف بالمصالح والتفاعل بين الشعوب، سواء صدر عنا أو صدر عن مبدعين وعلماء وفنانين فيما يمكن أن نطلق عليه بالاستشراق، وبين رفض الاحتلال والاستغلال بكافة شرائحه ومكوناته وأصوله وجنسياته .

 

ملاحظة أخرى في هذا الاتجاه، هي أن قراءاتنا المستمرة عن الاستشراق اتخذت طابع الهروب إلى الأمام . فالنخب العربية أمام تغييب حرية الفكر ومصادرة الرأي والرأي الآخر، وحالة الاستبداد والعجز عن مواجهة تلك الحالة، أخذت تبحث عن مشجب تعلق عليه أسباب فشلها ونكوصها وانكفائها، بدلاً من أن تقتحم وتتقدم إلى الأمام وتلعب الدور الذي يفترض فيها أن تمارسه . لقد كانت نخباً عاجزة حقاً، في مواجهة الاستعمار وأدواته، ولم تقدم مشاريع بديلة . كانت تنتظر من الآخر أن يتحمل مسؤوليتها التاريخية بالنيابة، وحين يقدم هذا الآخر مشاريعه التي تنسجم مع مصالحه تصاب بحالة غضب وإحباط، وتمارس ردة الفعل بدلاً من الفعل . وهكذا كانت أدبياتنا مرثيات وبكاء على الأطلال، وسخط على الآخر، بدلاً من أن تكون استشرافاً للمستقبل ورسماً لاستراتيجيات جديدة لمقاومة التغريب .

 

إن الحديث عن الاستشراق وأهمية الانفتاح على أدبياته وعطاءاته، والاستمرار في المطالبة برفع وتيرة تفعيل الحوار مع “الآخر” يطرح مشروعية أخرى لا تقل وجاهة، ولها أرجحية مؤكدة عليه، هي حوار “الأنا” . كيف يمكن في ظل انعدام الاعتراف بالتعددية واحترام الرأي الآخر، وتغييب مؤسسات المجتمع المدني أن يتحقق حوار متعادل ومتكافئ مع الذات، ننطلق منه في حوارنا مع الآخر . لقد كنا في المجتمعات القبلية والعشائرية نملك أدواتنا الخاصة لمثل هذا الحوار، المنطلق من وعي المرحلة التاريخية التي كنا نحياها، وتغيرت الظروف، وتراجعت القبيلة في ظل نمو مشوه للاقتصاد والمجتمع في معظم الأقطار العربية . ومع الضعف في التشكيلات الاجتماعية العربية، تعطلت عملية النمو السياسي والاجتماعي والاقتصادي على كل الأصعدة، فهل من المنطق أن نتكلم عن الاستشراق وعيوبه، وعن أهمية الحوار مع العناصر الفاعلة فيه، من دون أن نصلح بيتنا، ومن دون أن يتعمق الحوار في الداخل مع الأنا . . ثم ننطلق محصنين إلى الآخر . كيف يتحقق مثل هذا الحوار مع الأنا في الداخل، ذلك هو السؤال؟

================

فساد هنا وفساد هناك ولكن

آخر تحديث:الخميس ,08/07/2010

جميل مطر

الخليج

لا أعرف بلداً عشت فيه أو مررت به قبل عقدين أو أكثر لم يكن الفساد إلا جزءاً ضئيلاً أو معتدلاً فيما رأيت وشاهدت، ولا أعرف بلداً مشيت إليه في السنوات الأخيرة أو أمر به الآن مرور العابر أو الزائر إلا ورأيت الفساد موغلاً في كل ركن من أركانه ومؤثراً في كل صغيرة وكبيرة ومشوهاً العلاقات الاجتماعية، حتى علاقات الأب بابنه والزوج بزوجته، والصديقة أو الصديق بالصديق تأثرت .

 

لا حاجة بنا، في بلدنا العزيز، لتكليف متخصصين يقومون بحصر حكايات الفساد وأنواعه وجرائمه وتجارب المواطنين معه ثم يحللون ما جرى حصره وعده ويعدون تقريراً، لنعرف أن الفساد في مصر عم البلاد وفاض على الضفتين وأغرق ما لا يمكن تعويضه من قيم وعادات وثقة مواطن في سلطة تحكم وتساوي وسلطة تربي وتعلم وسلطة تعمر وتجبي .

 

تهامسنا حول أمانة الانتخابات الأخيرة قبل إجرائها لاختيار أعضاء مجلس الشورى . راح الهمس وحل محله الصوت العالي بعد إجرائها، تهامسنا لأن شعبنا ما يزال يتعامل مع سلطة جائرة بحسن نية ويتمنى من قلبه أن لا تتمادى السلطة في غيها فلا يعرف عندئذ ما هو فاعل بنفسه وعائلته ووطنه . الآن ومع اقتراب إجراء انتخابات مجلس الشعب لا أرى الناس يتهامسون، أسمعهم يتحدثون بالصراخ، تجاوزنا الحديث بالهمس إلى الحديث بالصوت العالي، وهذا أيضا تجاوزناه إلى الحديث بالصراخ .

 

****

 

خرج متحمساً، بفرط اليأس والقرف، من يقول في الجلسات الخاصة، كما في العامة، لماذا انتخابات وأحزاب وحركات تغيير ومظاهرات واحتجاجات ومطالب بحرية صحف وتعبير . يقول: دعونا نعلنها صراحة أننا نبحث عن مستبد عادل إن وجد، ندعوه إن وجدناه ليتطوع وحده أو مع فريق لأداء مهمة محددة . أن يمسك بمكنسة كبيرة وعريضة وطويلة يكنس بها مصر من شمالها إلى أقصى جنوبها ومن بحرها الأحمر وحدودنا الرخوة في الشرق إلى عمق مصر في الصحراء الغربية .

 

وبالحماسة نفسها، خرج بفرط اليأس والقرف نفسهما، من يقول في كل مكان إننا نريد انتخابات وأحزاباً وحركات تغيير ومظاهرات واحتجاجات وحرية صحف وتعبير، ولابد أيضا من تدخل أجنبي بالدعم السياسي والإعلامي من جانب دول ومؤسسات دولية ومجتمع مدني عالمي . يقول: لا حرج في طلب التدخل، كما أنه لا حرج على المريض في طلب المساعدة والدواء والراحة إن دعت الضرورة، وفي حالة مصرنا الراهنة لم يعد يخفى أن شرط الضرورة متوفر . يقولون لن يخلص البلد من الفساد إلا مجلس نواب منتخب بنزاهة وفي ظل حرية تعبير ووجود ضمانات تضمن سلامة أنصار التغيير ونشطاء الديمقراطية والحرية . ومن هذا المجلس تخرج حكومة شريفة يعاقبها القانون إن امتدت يدها إلى المال الحرام أو استخدمت أساليب غير شرعية للحصول على امتيازات لطبقة الحكم أو التفت حول القوانين وأصول الحكم الرشيد فتستبد زاعمة أن للقانون أنياباً .

 

****

 

جربنا أنواعاً من هذا الحكم، وجربنا نوعاً من الحكم الآخر، ومازلنا نعيش فساداً رهيباً . أسهل لنا، وأوفر وأقل تكلفة من العذاب والتعذيب أن نختار البديل الديمقراطي . نعرف أنه يأخذ وقتا أطول، لكن سنكون شهوداً ومراقبين على الفساد حين يولد وحين يموت . لن يولد خفية كما حدث في ظل الاستبداد، ولن يعيش إلى الأبد في ظل القانون واحترام الحقوق . ستقف الصحف والفضائيات والمظاهرات له بالمرصاد . ولن يفلت من العقاب الفاسد والمفسد وأعوان هذا ورفاق ذاك . لن تنحاز الحكومة للفاسدين ولن تخضع لمشيئتهم مهما بلغت قوتهم، ففى ظل الاستبداد يعتمد الفساد على قيادة سياسية هي التي تحمي أو تعاقب وأحياناً تمارس الحماية والعقاب في آن واحد ومع الشخص الواحد . يعرف الفاسدون ونعرف نحن أيضا أن قوة الفساد مستمدة من ضعف السياسيين حتى وإن بدوا مهيمنين على أذرع الإدارة والإعلام والأمن . لا رادع في النظم الديمقراطية سوى النواب والشيوخ الذين انتخبهم الشعب إن صلح حالهم، هؤلاء يملكون أن تكون الحكومة قوية، وأن تكون لكل من الأمن والإعلام إرادة قوية تدعمها حكمة المشرع ورقابته الدائمة وحرصه على المصلحة القومية التي من أجلها رشح نفسه ومن أجلها انتخبته الجماهير .

 

****

 

ولكن، وهي لكن كبيرة، من يضمن لي ولك نواباً وشيوخاً غير فاسدين أو على الأقل لا يقدمون مصالحهم الشخصية على مسؤولياتهم الوطنية التي يفترض أنهم التزموا بها حين قرروا دخول العمل العام . من يدلني ويدلكم على برلمان مارس هذه الفضائل الطبيعية المنطقية خلال العقود أو السنوات الأخيرة، واستطاع بفضل هذه الفضائل وبحكمة أعضائه تحجيم الفساد وقمع الفاسدين وسد المسالك أمام المفسدين .

 

فى الهند نموذج لديمقراطية عريقة عراقة مرحلة ما بعد الاستقلال في منتصف القرن العشرين، وسنوات من قبل الاستقلال قضاها السياسيون الهنود يتدربون في أحضان حاضنتهم البريطانية . لا جدال أن الهند بمعايير

 

 نظرية كثيرة تتمتع بنظام يسمح بتعدد الأحزاب وتجرى فيه انتخابات تحظى نزاهتها بتقدير واسع، حتى وإن كانت تتسم في أغلب الأحوال والمواقع بخضوعها لنفوذ ثروات خرافية وبخاصة في مجال شراء الأصوات والولاءات، مع كل ذلك يحظى النظام باستقرار سياسي معقول، ونشأت علاقة حميدة بين المؤسسات، أهمها العلاقة بين العسكر والمدنيين التي حرص المستعمر الإنجليزي على غرسها في المبادئ الدستورية ومنظومة الأخلاق الهندية . لولا هذا الغرس البريطاني لعانت الهند من بعض ما تعاني منه باكستان . والمعروف أنه كانت للإنجليز تجربة مع التقاليد العسكرية التي خلفها الحكم الامبراطوري المغولي في الهند حين كان للعسكر دور كبير في إدارة شؤون الدولة، وحين كانت التقاليد العسكرية أساس منظومة القيم . لا يعرف الكثيرون أن الإنجليز حين أسسوا للديمقراطية في الهند كانوا حريصين على إضعاف سلطات ومميزات الطبقة العليا التي كان يوكل إليها البريطانيون أحيانا حكم الجهات النائية أو المقاطعات التي تسكنها الأقليات مثل كشمير . هؤلاء كانوا يتمتعون بامتيازات كبيرة، وفي وقت من الأوقات كانت لهم جيوش صغيرة لحماية ممتلكاتهم ضد ثورات الفقراء واحتجاجات الفلاحين . هكذا استطاع البريطانيون تحصين الديمقراطية ضد القوة الاجتماعية التي تقف عادة عائقاً ضد إقامة الديمقراطية في كل المجتمعات وهي طبقة مالكي الأراضي والمسيطرة على نمط حياة طبقة الفلاحين .

 

من ناحية أخرى كان النضال ضد الاستعمار قد نهض على أكتاف قيادات من الطبقة الوسطى المتعلمة مستندة إلى قاعدة واسعة من الفقراء والبسطاء . ومن أجل هؤلاء، وبواسطتهم، استطاع المهاتما غاندى أن يقود النضال ضد الإنجليز ويشترط التقشف المادي أساسا للعمل السياسي في الهند . وبقيت صورة غاندي مهيمنة، صورة السياسي الذي يجب أن لا يحصل على دخل أكثر مما يستر جسده ويسد حاجاته الأساسية .

 

****

 

تغير الزمن، وتغيرت الأخلاق . الهند الجديدة نسيت غاندي، أو كان يجب أن تنساه لتساير التحولات التي جرت في أركان أخرى من العالم . طغت المادة وحب الظهور على كل شيء آخر . كان النواب الهنود يحصلون على مكافأة يومية تعادل دولاراً واحداً عن كل يوم عمل ولم تتحدد لهم رواتب ثابتة إلا في عام 1954 . الآن وصل الراتب إلى ما يعادل 345 دولاراً في الشهر أي حوالي 2000 جنيه مصري، يطلبون مضاعفتها خمس مرات وهو الطلب الذي أثار ثائرة الصحافيين والرأي العام؛ فالنائب حسب التقاليد السياسية الهندية خادم للشعب، ولا يصح بأي حال أن يحيا حياة متميزة في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 40% من السكان تحت خط الفقر، و300 مليون شخص من دون كهرباء . كان النواب في زمن الحكم الإنجليزي يركبون الدرجة الثالثة في القطارات ليعايشوا عن قرب عامة الشعب ويعيشوا مع مشكلاتهم التي هي لب مسؤولياتهم . يقول النواب الهنود إنهم يطلبون زيادة رواتبهم لأنها الأقل في العالم، ولأن كبار الموظفين في الهند يحصلون الآن على رواتب هائلة . يقولون أيضا إنهم يستقبلون في منازلهم بالعاصمة أبناء دوائرهم فيقدمون لهم الشاي بينما الراتب يكاد يسد ثمن الشاي الذي يقدم للضيوف خلال أسبوع واحد . أما الصحف فترى أن النائب يحصل على أضعاف مرتبه النقدي من خلال امتيازات معينة . يحصل على الكهرباء مجاناً والسفر مجاناً ويقبض مكافآت مخصصة للمساعدين والسكرتارية ويسكن في شقة وفرتها الدولة ومكالماته الهاتفية مجانية، هذا بالإضافة إلى البدلات والمكافآت النقدية غير المنتظمة التي يتقاضاها بمناسبة السفر إلى الخارج أو الاشتراك في مؤتمرات دولية وإقليمية ومحلية .

 

كان كبار الديمقراطيين في الهند حتى وقت قريب يركبون سيارة ماركة “أمباسادور” وهي مصنوعة في الهند ليستعملها أبناء الطبقة الوسطى كتاكسيات ولا يمتلكها إلا كبار رجال الإدارة والحكم . الآن هؤلاء يمتلكون المرسيدس وغيرها من السيارات الفارهة بينما يشكو النواب من أنهم لا يمتلكون سيارات مناسبة كتلك التي يمتلكها الوزراء والوكلاء والمديرون، وبخاصة تلك التي يمتلكها مديرو المصارف ورجال الأعمال الجدد .

 

عرفت الهند كيف تحافظ على الديمقراطية عندما كانت الطبقة الوسطى تقود العمل التنموي والسياسي والإداري في الهند . تغيرت الأدوار . فالديمقراطية بمفهومها الجديد في الهند تعتمد على أصوات الفقراء بعد أن تخلت الطبقة الوسطى عن مهامها القيادية أو غابت وتركت القيادة لرجال الأعمال وممثليهم وجمعياتهم . الطبقة الوسطى الجديدة كقرينتها في مصر لا مبالية بالسياسة ولكن منشغلة بمشكلاتها الحياتية اليومية .

 

كذلك عرفت الهند في السابق كيف تحافظ على ديمقراطيتها بفرض الرقابة المستمرة على الفجوة التي تفصل بين الأغنياء والفقراء . ثم جاءت فترة بعد الثمانينات وتفاقمت الفجوة هناك كما تفاقمت هنا في مصر . هذه الفجوة “شفطت” الطبقة السياسية وجعلتها تتوقف عن التفكير في العواقب الكارثية التي يمكن أن تنتج عنها لو استمرت .

 

وقد حدث . توقفت الطبقة السياسية هنا وهناك عن التفكير في عواقب الفجوة، واستمرت هنا وهناك هذه العواقب . وبالفعل نشبت هناك، وليس هنا وهناك، حرب أهلية في منطقة هي الأفقر في شمال شرقي الهند وتهدد بالاتساع .

================

قمة التضليل

الخميس, 08 يوليو 2010

زهير قصيباتي

الحياة

لا يمكن إنكار نجاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في تبييض صفحته لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، بافتراض اسودادها، ليس بسبب قتل الأتراك في «أسطول الحرية»، بل نتيجة إحراج البيت الأبيض وتطويق جهوده لإحياء المسار التفاوضي الفلسطيني، بسلسلة لا تنتهي من مشاريع الاستيطان.

وإذا كان بين الإسرائيليين مَن «فوجئ جداً» بانقلاب لهجة أوباما من التأنيب للحليف الى الإشادة بخطاه في تخفيف حصار غزة (يستعير تجربة الأميركيين في الحصار الاقتصادي لعراق صدام حسين)، فالحال أن الصدمة هي أقل ما يقال عن وقع قمة في البيت الأبيض، أرادها نتانياهو لتضليل واشنطن، ونجح أيَّما نجاح... فبات كل أمر، يصنّفه مهدِّداً لأمن إسرائيل، محظوراً لدى أوباما، والتصنيف مرة أخرى حق حصري لائتلاف المتطرفين في الدولة العبرية، تعجز عنه خبرة الأميركي وحنكة مبعوثه جورج ميتشل.

ما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن، بعد شهور من التوتر والاضطراب في العلاقة مع الشريك الأميركي، أنه تمكن من وضع أوباما في موقع من يطلب العذر ل «التمادي» في الإصرار على وقف الاستيطان، وعدم التصدي في مؤتمر المعاهدة النووية لجر إسرائيل الى قفص الاتهام للمرة الأولى، وعدم الإصرار على لائحة «حسن سلوك» فلسطيني يقدمها الرئيس محمود عباس كشرط لمجرد معاودة التفاوض.

تجاهل أوباما قضية الاعتداء على «أسطول الحرية»، ولم يصرّ على تمديد فترة التجميد الجزئي للاستيطان في الضفة الغربية، بل بدا وقد حوّل وجهة الضغوط إلى عباس كي يعلن قبوله أولاً مفاوضات مباشرة مع حكومة نتانياهو الذي سعى الى طرح نفسه عبر الإعلام الأميركي، داعية سلام يستجدي النيات الحسنة. وبعض هذا الإعلام (صحيفة «نيويورك تايمز») ربما لم يعنِ الرد على إهانة الإسرائيلي لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته الشهيرة وإحراجه بإعلان مخطط سرطاني استيطاني جديد... إذ اختارت الصحيفة يوم قمة التضليل في البيت الأبيض لتكشف هبات من جماعات أميركية ضخت خلال عشر سنين مئتي مليون دولار لتهويد أجزاء من الضفة الغربية والقدس الشرقية، وربما تسليح مستوطنين.

أما وزيرة الثقافة الإسرائيلية فلعلها حين استبقت قمة تبادل الورود والوعود بين أوباما ونتانياهو، برفض حاسم لأي تمديد لتجميد الاستيطان، سعت الى تخفيف الضغوط على رئيس الوزراء، اللاهث لمصافحة عباس ومعانقته أمام طاولة مفاوضات، لا أحد يعرف لها لوناً أو مدى زمنياً، أو لائحة أهداف. وحين يحدد عباس مسألتي الحدود والأمن، يرد رئيس الوزراء الإسرائيلي بوعد بإجراءات لبناء «الثقة»، عبر تخفيف القيود التي تكبّل تحرك الفلسطينيين. يكفي ذلك ليتشجع أوباما، فثمار التعاون الاستخباراتي والأمني بين واشنطن وتل أبيب كانت كافية لغسل القلوب في القمة، وعاد سيد البيت الأبيض ليذكّرنا بأن ما بين الحليفين لن ينكسر.

بصرف النظر عن احتمالات غسل العقول في خلوة القمة، لا يمكن الجانب الأميركي أن يدعي إصراراً على تعهد نتانياهو تمديد تجميد الاستيطان، كثمن حتمي للضغط على عباس وإقناعه بمفاوضات مباشرة وشيكة. والحال أن ما أفصح عنه أوباما للتفاؤل بهذه المحادثات قبل «وقت طويل» من أيلول (سبتمبر) المقبل، يضع السلطة الفلسطينية امام خيارين، كلاهما مرّ: الاقتناع برفع بعض الحواجز الإسرائيلية وتخفيف الطوق حول حركة الفلسطينيين في الضفة، للعودة الى المفاوضات، وتلقي سهام التخويف مجدداً من «حماس»، بلا أي مقابل جدي في محادثات بلا أفق، وإما رفض الفخ الإسرائيلي ومواجهة أزمة مع واشنطن.

الاحتمال الأخير هو ما يثير القلق لدى دول عربية معنية، إذ يبطِل أي مفعول لتلويح السلطة الفلسطينية بحلّ نفسها، وإن فعلت تخلي الساحة لخطط التهويد، وخفض مساحة مشروع الدولة لينكفئ وراء «حدود» غزة.

نجح نتانياهو حتماً في لعب ورقة «التهديدات الجديدة» التي تواجه «المصالح الأميركية – الإسرائيلية»، فيما قلبُ أوباما على معركة التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس، وعينه على كسب ود اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وإذا كان مبكراً القول بانقلاب الرئيس الأميركي على وعوده في مطلع عهده وخلال أزمة الثقة مع «الحليف الأول»، فالثابت أن لغة المصلحة المشتركة بين الفلسطينيين ما زالت أضعف بكثير من مسارات الحصار على غزة، والتهويد في الضفة. معها لا يمكن الرهان على مصالحة بينهم، ولا على أزمة تضعضع الحلف الذي «لا ينكسر».

================

«يونيفيل» وخدعة «الأهالي»

الخميس, 08 يوليو 2010

حسان حيدر

الحياة

قبل أيام من الذكرى الرابعة لحرب تموز 2006 يبدو الوضع في لبنان، وخصوصاً في جنوبه، شديد الخطورة، أساساً بسبب تهديدات اسرائيل واستعدادات جيشها المكثفة وما تسربه صحافتها عن خطط «لقطع اذرع ايران» طالما ان توجيه ضربة الى «الرأس» ممنوع بقرار اميركي، لكن أيضاً بسبب نجاح «حزب الله» في افراغ القرار 1701 من مضمونه وتمكنه من تطوير ترسانته وقواته الى مستوى افضل مما كانت عليه قبل الحرب الاخيرة، وهو أمر يجاهر به قادة الحزب انفسهم ولو انهم لا يصلون الى حد القول بأن هذه التعبئة تشمل المنطقة جنوب نهر الليطاني التي يفترض ان تكون منزوعة السلاح وتحت إشراف القوات الدولية والجيش اللبناني.

لكن ما يؤكد التكهنات بأن هذه المنطقة عادت في شكل متدرج منطقة عمليات رئيسة للحزب، مع ما يتطلبه ذلك من حرية في الحركة لعناصره، سلسلة المناوشات الأخيرة بين القوات الدولية و «الأهالي» تحت ذريعة ان «يونيفيل» لا تنسق تحركاتها مع الجيش اللبناني او «تجتهد» في تفسير القرار 1701، او انها تسعى الى «تعديل قواعد الاشتباك». وهذه الاتهامات التي سيقت ضد القوة الدولية صدرت عن جهات سياسية وإعلامية من «حزب الله» او قريبة منه، فيما لم يتبنّ الجيش اللبناني رسمياً أياً منها. علماً ان مستوى التنسيق بين «يونيفيل» والجيش لم يطرأ عليه اي تغيير منذ انتشار القوة الدولية، وأن هناك تبادلاً يومياً مسبقاً بين الطرفين لجدول نشاط كل منهما في منطقة العمليات والدوريات التي ينوي تسييرها وما اذا كانت تتطلب مواكبة من الجانب الآخر. ثم انه لم يسبق للجيش اللبناني منذ اربع سنوات ان اشتكى ولو لمرة واحدة من مستوى تنسيق القوات الدولية معه.

ولا بد هنا من التساؤل عن سر قدرة «الأهالي» على معرفة ما اذا كان وصول دورية للقوات الدولية الى قريتهم قد تم بالتنسيق مع الجيش او من دونه؟ كما يستتبع ذلك سؤالاً آخر عن التمييز الذي يتبعه «الأهالي» في التعامل مع وحدات القوات الدولية، اذ يتعرض الأوروبيون وحدهم ل «الغضب الشعبي» بينما لم نسمع مثلاً ان دورية للقوات الغانية رُشقت بالحجارة او ان «مدنيين» صادروا آلات التصوير الشخصية من جنود الكتيبة الهندية بعدما التقطوا صوراً لوديان غير مأهولة. فهل لهذا علاقة ما بتوجيهات خارجية ينفذها «حزب الله» في ضوء التوتر المتصاعد في العلاقات بين ايران والغرب بسبب العقوبات؟

قد يعتقد البعض في طهران، بعد اقرار العقوبات الدولية الجديدة واتباعها بعقوبات اميركية وأخرى اوروبية أشد، انه لا بد من فتح ثغرة في مكان ما تخفف الضغط عن كاهلها، وليس هناك أفضل من جنوب لبنان، حيث يمتلك «حزب الله»، الذي يعتبر نفسه «مكلفاً شرعاً» باستجابة طلبات القيادة الايرانية، القدرة والإمكانات التي تخوله مشاغلة الاميركيين والغرب في شكل غير مباشر.

وما يشهده جنوب لبنان حالياً من إشكالات مع «يونيفيل» يدخل في اطار الانتقال المبرمج الى المرحلة الجديدة التي تتطلب «ترويض» القوات الدولية وإفهامها بأن رغبتها في تنفيذ مهمتها القاضية بمنع الحزب من تخزين السلاح ونشر المقاتلين في منطقة جنوب الليطاني تعني مواجهة مع «الأهالي» لا يعرف أحد كيف ستتطور، مع ما يشمله ذلك من احتمال ان تسحب دول مشاركة في القوات الدولية وحداتها اذا رأت انه يصعب عليها قبول الامر الواقع.

وعملياً، أدت حوادث اعتراض دوريات القوة الدولية غرضها، إذ شارك ممثلون عن الحزب في اجتماع رسمي بين «يونيفيل» والجيش للبحث في المناوشات وسبل وقفها، في سابقة سيصعب كثيراً على القوات الدولية منع تكرارها. ويعني هذا ان الحزب صار المرجع الذي ستعود اليه هذه القوات كلما صادفتها صعوبات عملانية، على رغم ان القرار 1701 لا يعترف بأي جهة اخرى غير الحكومة اللبنانية يحق لها بسط نفوذها عبر قواتها المسلحة في المنطقة الحدودية.

وأكثر من ذلك، فإن «حزب الله» نجح في تغيير وظيفة القرار الدولي الذي يكلف القوات الدولية مساعدة الجيش اللبناني على بسط نفوذ الدولة، فصارت هي بحاجة الى حماية الجيش من «الاهالي».

================

تقدم.. ولكن ليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين

المستقبل - الخميس 8 تموز 2010

العدد 3705 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

قبل استقبال الرئيس باراك اوباما لرئيس الوزراء الاسرائيلي بيبي نتنياهو في البيت الابيض، راح الجانب الاميركي يتحدث عن تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وعن امل في العودة الى المفاوضات المباشرة بين الجانبين قريباً. الاكيد ان هناك تقدماً بين الاميركيين والفلسطينيين في شأن تحديد مرجعية المفاوضات ومسائل مرتبطة بالامن. ما هو اكيد ايضاً ان لا تقدم بين الفلسطينيين والاسرائيليين. الدليل على ذلك انه في كل لقاء بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية (ابو مازن) والمبعوث الاميركي جورج ميتشل، يسال "ابو مازن" ميتشل: هل هناك شيء محدد مطلوب مني، فيأتيه جواب المبعوث الرئاسي بالنفي. يبدو ميتشل، المغلوب على امره الى حد كبير، متفهماً لما يدور تماماً على الارض وان المشكلة في مكان آخر. انها في الاصرار الاسرائيلي على ممارسة الاحتلال.

ليس ما يشير، في ضوء السياسة التي تتبعها حكومة بيبي نتنياهو، خصوصا في القدس ومحيطها، الى وجود ما يبرر المفاوضات المباشرة او الكلام عن انفراج بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وهذا ما عبّر عنه صراحة رئيس السلطة الوطنية ورئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فيّاض اللذان اكدا اخيراً انه لم يحصل اي تقدم في هذا المجال. ثمة معلومات اكيدة تشير الى ان بيبي يرفض الرد على اي اقتراح خطي فلسطيني يحمله اليه ميتشل ويكتفي بالقول انه على استعداد للبحث في الاقتراح لدى بدء المفاوضات المباشرة مع "ابو مازن". عملياً، يرفض الجانب الاسرائيلي التزام اي موقف واضح باستثناء موقف السعي الى تكريس الاحتلال. هل من فلسطيني يقبل التفاوض من اجل استمرار الاحتلال والموافقة عليه، بل مباركته؟

بغض النظر عن مواقف ميتشل، يبدو ان ادارة باراك اوباما تسعى حالياً الى تحقيق انجاز ما، في مكان ما، في ضوء سلسلة النكسات التي تعرضت لها اخيراً بدءاً بالعجز عن معالجة مشكلة البقعة النفطية في خليج المكسيك وانتهاءً بما يدور في افغانستان مروراً بغياب استراتيجية واضحة في شأن التعاطي مع الملف النووي الايراني. ليس طبيعياً ان يكون هذا الانجاز الاميركي المطلوب تحقيقه على حساب الجانب الفلسطيني في وقت يبدو معروفاً ما المطلوب من اسرائيل من اجل قبول الفلسطينيين العودة الى المفاوضات المباشرة.

ثمة فارق بين ما تسعى اليه الادارة الاميركية وبين ما يريده الجانب الفلسطيني. تسعى الادارة الى الظهور في مظهر يوحي بانها ليست عاجزة. وعندما يلمح البيت الابيض الى ضرورة دخول الجانب الفلسطيني المفاوضات المباشرة، فهو يخدم عملياً نتنياهو الذي يقول كلاماً جميلاً للرئيس اوباما في كل مرّة يلتقيه ثم يفعل العكس على ارض الواقع مدركاً ان الادارة الاميركية الحالية ضعيفة وان الوقت لا يعمل لمصلحتها وان افغانستان ستكون فيتنام اخرى للجيش الاميركي وان العراق مقبل على تطورات في غاية الخطورة، خصوصا في حال الاصرار على سحب الجيش الاميركي في المواعيد المحددة لذلك تنفيذاً للوعود الانتخابية لباراك اوباما.

لا يستطيع الجانب الفلسطيني تجاهل اهمية العلاقة مع الادارة الاميركية وضرورة المحافظة عليها وتطويرها. لكنه لا يستطيع في الوقت ذاته تقديم مزيد من التنازلات الى اسرائيل من اجل ان يقول اوباما انه حقق انجازاً ما وان ادارته ليست مترددة الى الحد الذي يتصوره الاميركيون. اظهرت نتائج الاستطلاعات الاخيرة للرأي العام الاميركي ان شعبية الرئيس تتدهور في استمرار وان الثقة به تتراجع بعدما تبين ان تلك الآمال الكبيرة التي علّقت عليه لم تكن في محلها وانه آن اوان اتخاذ قرارات حاسمة تثبت ان الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى الوحيدة في العالم.

يفترض في الجانب الاميركي تشجيع الجانب الفلسطيني على عدم تقديم تنازلات، خصوصا في شأن الاستيطان ومرجعية عملية السلام اكان ذلك في مفاوضات مباشرة او غير مباشرة بين الجانبين. بدل ممارسة الضغوط غير المباشرة على الفلسطينيين، من البديهي ان تؤكد الادارة الاميركية ما التزمت به سابقاتها وما كرره اوباما نفسه غير مرة عن انه يدعم خيار الدولتين. في النهاية، ليس معقولاً ان لا تجد الادارة الاميركية مكاناً آخر غير فلسطين تثبت فيه انها قادرة على الضغط في اتجاه طرف ضعيف. على العكس من ذلك، بدل الضغط على الطرف الذي يعاني من الاحتلال والذي ينادي بما تنادي به والذي تدرك ان ليس لديه ما يقدمه الى نتنياهو، من المهم في حال كانت تريد استعادة صورة اميركا القوية، ان تثبت بالملموس انها صاحبة الكلمة الاولى والاخيرة في الشرق الاوسط. بكلام اوضح، عليها ان تؤكد ان سياستها في المنطقة لا ترسمها لها اسرائيل.

مرة اخرى، لا يستطيع الجانب الفلسطيني تجاهل اهمية العلاقة مع واشنطن. كذلك، لا يستطيع ان ينسى ان اسرائيل ركزت في كل وقت على نسف العلاقة الاميركية- الفلسطينية. لكن الفلسطينيين غير قادرين في اي لحظة على تجاهل ان هناك اسساً لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة. في مقدم هذه الاسس التفاوض استنادا الى مرجعية محددة هي خطوط العام 1967. ان الدعوة الى العودة الى المفاوضات المباشرة من دون مرجعية واضحة للعملية هي بمثابة دعوة الى الفلسطينيين من اجل ممارسة لعبة التفاوض من اجل التفاوض التي لا يعرف بيبي غيرها. هل هذا ما تريده الادارة الاميركية التي ستكشف عندئذ انها اضعف مما يتصور العالم وانها في حال تخبط ولم تجد من تمارس عليه ضغوطها، وان بطريقة غير مباشرة، سوى الجانب الفلسطيني؟

اقلّ ما يمكن قوله في هذه المرحلة ان ادارة اوباما امام امتحان يتجاوز القضية المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية. ما على المحك اهم من ذلك بكثير. هل لا يزال في الامكان التعاطي مع ادارة قادرة على اتخاذ مبادرات ام ان الامر اسقط بيد اوباما وان من يراهن على انه رئيس لولاية واحدة على حق... ولذلك، يبدو رهان بيبي نتنياهو في محله!

================

نتنياهو بين الكونغرس والبنتاغون

وليد أبي مرشد

الشرق الاوسط

8-7-2010

توقيت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن مع الذكرى ال234 لاستقلال الولايات المتحدة يحرك في أذهان العديدين تساؤلات عن موعد «الاستقلال» الأميركي المأمول (بعد عمر طويل) عن القرار الإسرائيلي في الشرق الأوسط، خصوصا أن الغاية «النفسية» من الزيارة هي محو آثار ما اعتبرته إسرائيل «جفاء» غير مبرر في معاملة الرئيس باراك أوباما نتنياهو إبان زيارته السابقة لواشنطن.

ورغم أن الإدارة الأميركية تعتبر أن موقف نتنياهو من تمديد قرار التجميد (الشكلي) لعمليات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو المؤشر الأبرز على جدية قبول نتنياهو التعامل مع حل «الدولتين» المتعايشتين بسلام في الشرق الأوسط، فقد يكون المؤشر الأصدق على أهمية تسريع التسوية السلمية تنامي الأصوات الأميركية التي بدأت تشكك في ما تجنيه الولايات المتحدة من تحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل في ظل تفاقم ما تسميه واشنطن «المصاعب الإسلامية» للولايات المتحدة في العالم.

لافت أن يصبح مسؤولون مرموقون في المؤسسة العسكرية الأميركية أوضح رؤية للمردود السياسي الكارثي لهذا التحالف على مصالح بلدهم في الشرق الأوسط من المؤسسة السياسية نفسها - ربما بحكم خضوع نحو ثلثي أعضاء الكونغرس لضغوط و«مغريات» اللوبي الصهيوني في واشنطن.

ورغم أن المفارقة اللافتة في تباين وجهات نظر العسكريين والسياسيين تنطلق من تجربة الاحتلال الأميركي لكل من العراق وأفغانستان، لا يبدو مستبعدا أن يتحول التفاوت في تقييم أبعاد التحالف الأميركي - الإسرائيلي إلى نقطة تباين مستقبلي في تحديد الأولويات الأميركية في الخارج بين الكونغرس والبنتاغون.

الجنرال ديفيد بترايوس - الذي قاد القوات الأميركية في حربي العراق وأفغانستان - كان واضحا في تحذيره من أن مواصلة إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية يعرض القوات الأميركية للخطر في البلدين بسبب تغذيته لمشاعر العداء الإسلامي لإسرائيل واستطرادا الولايات المتحدة.

وفي أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي في أعالي البحار على المدنيين العزل في «أسطول الحرية» وما سببه من إحراج لعلاقة واشنطن بحليف أطلسي أساسي في المنطقة، خرج المدير السابق في وزارة الدفاع الأميركية، أنتوني كوردسمان، عن المألوف في المؤسسة العسكرية الأميركية بوصفه لإسرائيل ك«عبء استراتيجي» على الولايات المتحدة. ورغم تسليمه، في دراسة وضعها عن الشرق الأوسط، بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن «التزامها المعنوي» بإسرائيل، فقد اعتبر بالمقابل أن «عمق هذا الالتزام لا يبرر ولا يعطي عذرا لتصرفات للحكومة الإسرائيلية تجعل إسرائيل، من غير ذي ضرورة، عبئا استراتيجيا».

بالنسبة لكوردسمان، «آن الأوان لأن تدرك إسرائيل أن عليها موجبات تجاه الولايات المتحدة، تماما كما للولايات المتحدة موجبات تجاهها، وأن تصبح أكثر احتسابا للمدى الذي تختبر فيه حدود صبر الولايات المتحدة واستغلالها لدعم اليهود الأميركيين لها».

من المبكر طبعا الافتراض بأن تجربة العسكريين الأميركيين في كل من العراق وأفغانستان ستساهم في إعادة نظر قريبة في دبلوماسية واشنطن الشرق أوسطية. ولكن المؤشرات الأولية لما يمكن وصفه ب«التململ» العسكري من الحظوة الإسرائيلية الثقيلة على واشنطن قد تكون بداية نمو خطّين متباينين، إلى حد ما، داخل موقع القرار الأميركي: خط البنتاغون (وزارة الدفاع) - العملي بمنطقه، وخط الكونغرس - الآيديولوجي بدوافعه. وإذا جازت، بهذه المناسبة، العودة إلى التاريخ القريب يصح التذكير بأن رؤية الرئيس الأميركي - الوحيد الذي يمكن اعتباره أقرب إلى مدرسة البنتاغون منه إلى الكونغرس - للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، أي الجنرال دوايت أيزنهاور، كانت الأكثر انعتاقا من تأثير اللوبي الصهيوني في واشنطن والأكثر مراعاة للمصلحة الأميركية الخالصة، كما أثبت من موقفه المعارض للعدوان الإسرائيلي - البريطاني - الفرنسي على مصر عام 1956.

لا جدال في أن الصيغة الديمقراطية المطبقة حاليا في الولايات المتحدة تحول دون «تمدد» نفوذ العسكريين إلى القرار السياسي. ولكن اتجاه الولايات المتحدة المتنامي إلى لعب دور الدولة الأعظم في العالم، وما يستتبعه من اعتماد متزايد على المؤسسة العسكرية، يصعب أن يستمر بنجاح دون إعطاء البنتاغون كلمة أكبر في دبلوماسية واشنطن الخارجية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ