ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
'فضل
الله' رجل التجديد ورمز
المقاومة والتحرير د.
عمر الكبيسي 7/10/2010 القدس
العربي من
المؤكد أن وفاة العلامة محمد
حسين فضل الله بما تحمل من حجم
الفاجعة وهول المصيبة وسرِّ
حكمة الله في توقيتها، تثير في
نفوس من يعرفون قيمة هذا العالم
الجليل ويدركون عمق فهمه
وإنسانيته ووطنيته أسى كبيرا
وحزنا عميقا، مع ما يحسب له من
شخصية نادرة فذة نالت تعلق
عارفيه ومحبيه ومقلديه وحب من
قدم لهم يد الاهتمام والرعاية
وتقدير المقاومين والمجاهدين
وتقييم اللبنانيين والعرب
والمسلمين واعتراف الخصوم
والمعارضين قبل الاتباع
والمؤيدين بشجاعته وتواضعه
وانسانيته ووطنيته وعروبته
ومقاومته وعطفه وحنانه وتواضعه
وبساطته وشجاعته وإبداعه
ومبادراته وإنجازته. شخصية
كهذه لا تتأسى النفوس على ما
حققت وانجزت، وإنما تتأسى على
ندرة تكرارها وتجددها وتعويضها
في زمن تشتد فيه الأزمات
وتتحالك فيه على الأمة المصائب
ويغلب على جمعها الهوان، زمن
يخفت فيه الضياء وتنطفئ فيه
الشموع ويسود فيه القهر والظلام
ويعم اليأس والإحباط، في مسرح
تنتحر فيه الفضيلة وتشهد الساحة
افتقارها الى الرموز والرجال
والأبطال. 'فضل
الله' كبير إنسانيا حين يفتي دون
غيره بطهارة الإنسان أين ما كان
و'فضل الله' عادل عندما يفتي
بشرعية أن تعاقب المرأة زوجها
أن جار على حقوقها وتطلب
التفريق، و'فضل الله' تحرري
عندما ينفي الولاية على المرأة
البالغة، و'فضل الله' مناضل
عندما أطلق المقاومة بوجه
الاحتلال، و'فضل الله' لبناني
وعروبي وإسلامي عندما يتبنى
الوحدة أساسا للقوة والتحرير، و'فضل
الله' عبقري عندما ينبذ
الطائفية ويكفر بأكاذيب
وممارسات وتقاليد الموروث
الفاسدة، و'فضل الله' علمي وعملي
عندما يفتي بشرعية الأخذ
بقوانين الفلك وأدواته
ومراصده، و'فضل الله' عالم
متواضع حين يفتي بجواز تقليد
غير الأعلم، و'فضل الله' الأجرأ
والمتميز بطرح القاعدة الفقهية
عندما يصل الفقيه الى القناعة
الثابتة والوضوح في الرؤية، و'فضل
الله' الأكرم من غيره في نفي
مبرر التحوُّط والتردد في
الإفتاء، و'فضل الله' كان الأبصر
في تشخيص الأخطاء وتحليل
المواقف والأكثر حكمة في ترويج
الحوار والنقاش بين معارضيه
والمختلفين معه والأصلب في
الموقف في قضايا مقاومة
الاحتلال الصهيوني والأمريكي
والأجنبي والنابه السبَّاق في
تعرية الطائفية والتشظي
والمقلِّد الشجاع لمن يعتقد
بصحة نهجه ورصانة موقفه والكاتب
الواضح في فتاواه وفقهه وعلمه
ومؤلفاته ورسائله وندواته
ومحاضراته، و'فضل الله' بسبب كل
ما ذكرته وما لم أذكره كان علامة
الأمة ومرجع التجديد والتغيير
والمقاومة والوحدة والتحرير في
زمن الجمود والتبرير والهوان
والتشظي والاحتلال. رحل
الفقيد فضل الله مطمئن النفس عن
أدائه راضيا غير مترددٍ في
أرائه وطرح أفكاره لكنه رحل
مليئا بهموم مستقبل الأمة،
دعوني أناديه بفقيد فلسطين لأن
وجود إسرائيل في المنطقة كان
يعني له التحدي الكبير والهاجس
والكابوس، ورحل الفقيد في حالة
قنوط من حالة التناقض التي
تخترق عمق المفكر العربي
والإسلامي فيما يتعلق
بالمقاومة والتحرير وعلاقة
الدين بالدولة. لم يكترث في
حياته بما تثير أفكاره من ردود
وما تعرض له من إسفاف وصدود
ومحاولات إقصاء مقصود لغاية يوم
الأجل الموعود ليجمع على تميزه
المحب والمقلد والحاسد
والحقود؛ تمسك بالمذهب وما تعصب
وجدد بما اقتنع فكان الأرجح
والأصوب وكان في مرجعيته الى
الشارع أقوى وأقرب. رحل
الفقيد بأداء مثالي وتوازن
وحكمة عالية وبفكر وقَّاد
متصاعد وذكر خالد! عزاؤنا فيه أن
تستمر المسيرة وتتكامل الخطى
على نهجه المنشود بشجاعة الموقف
وبالتحدي والصمود. '
كاتب عراقي ====================== رأي
القدس 7/10/2010 القدس
العربي يتعرض
السيد رجب طيب اردوغان رئيس
الوزراء التركي الى ضغوط مكثفة
هذه الأيام، من قبل ادارة
الرئيس الامريكي باراك اوباما
من أجل تخفيف حدة التوتر في
العلاقات بين الحكومتين
التركية والاسرائيلية، على اثر
الاعتداء الاسرائيلي على سفينة
مرمرة واستشهاد تسعة نشطاء
أتراك كانوا على متنها. هذه
الضغوط أخذت طابعاً أكثر قوة
بعد زيارة بنيامين نتنياهو رئيس
الوزراء الاسرائيلي لواشنطن
واللقاء الذي جاء أكثر حرارة مع
الرئيس باراك اوباما بالمقارنة
مع اللقاء الذي سبقه، فقد كان
واضحاً توجه الرئيس الامريكي
الجديد في عدم اغضاب مضيفه
الاسرائيلي، وتقديم لائحة
مطالب مطولة اليه، خاصة فيما
يتعلق بوقف كامل لأعمال
الاستيطان في الأراضي المحتلة،
والقدس على وجه الخصوص، وتمديد
فترة التجميد التي تنتهي بنهاية
أيلول/سبتمبر المقبل. من
الواضح ان الرئيس اوباما
وادارته أكثر حرصاً على ترطيب
الأجواء بين الحكومتين التركية
والاسرائيلية من محاولة انقاذ
عملية سلمية، تتناول الملف
الفلسطيني الاسرائيلي، دخلت في
النزع الأخير، وبات من الصعب،
ان لم يكن من المستحيل اعادة
الحياة اليها مجدداً. فالادارة
الامريكية تدرك جيداً ان تركيا
هي الحليف الاستراتيجي الوحيد
لاسرائيل في المنطقة، وتحول
تركيا ضد اسرائيل ربما يؤدي الى
قلب جميع المعادلات الامريكية
في المنطقة بأسرها، خاصة
اذا وضعنا في الاعتبار حالة
الضعف التي تعيشها مصر حالياً،
والغموض الذي يحيط بصحة رئيسها
حسني مبارك، وعدم وجود اي
ترتيبات واضحة لانتقال سلمي
للسلطة فيها. السيد
اردوغان طالب اسرائيل بمجموعة
من المطالب كشرط لاصلاح
العلاقات معها، أبرزها ضرورة
الاعتذار دون اي تردد على
جريمتها بقتل مواطنين اتراك
كانوا على ظهر السفينة مرمرة،
وتعويض ذويهم، واعادة السفن
المحتجزة في ميناء اسدود،
والقبول بتشكيل لجنة دولية
محايدة، ورفع الحصار عن قطاع
غزة. نتنياهو
رفض رفضاً قاطعاً الاعتذار،
مثلما رفض القبول بلجنة تحقيق
دولية، واكتفى بالتعبير عن
الأسف فقط، ولا توجد اي مؤشرات
تفيد بانه قد يتراجع عن موقفه
هذا، الامر الذي يفسر طبيعة
الضغوط الامريكية على الزعيم
التركي ومطالبته بتخفيف شروطه
كحل لهذه الأزمة. أمر
مؤسف ان تلجأ الادارة الامريكية
الى عادتها القديمة، او
بالاحرى، عادة جميع الادارات
الامريكية السابقة بالضغط على
الطرف صاحب الحق او المظلوم،
لتقديم تنازلات، وتجنب الضغط
على الطرف الاسرائيلي المعتدي،
خوفاً من اللوبي اليهودي القوي،
او اقتناعاً برضوخ العرب
والمسلمين للضغوط الامريكية
باعتبارهم الطرف الأضعف. اننا
نطالب السيد اردوغان بالتمسك
بجميع شروطه وعدم التراجع عن اي
منها، والاصرار على اقدام الطرف
الاسرائيلي بتلبيتها، ليس
لانها شروط عادلة ومحقة، وانما
لأن التراجع عنها ربما يلحق
الكثير من الضرر بصورته، ومكانة
بلاده، في العالمين العربي
والاسلامي. اسرائيل
هي التي تحتاج تركيا وليس
العكس، فقيمة الصادرات التركية
لاسرائيل لا تزيد عن ملياري
دولار مقابل أكثر من ثلاثين
مليار دولار للعالم العربي، ثم
ماذا لدى اسرائيل لتقدمه لتركيا
وهو غير موجود في الدول الغربية
الاخرى الاكثر تقدماً؟ ومن
هنا فان اسرائيل هي التي من
المفترض ان تحرص على العلاقات
الجيدة مع تركيا، واذا كان
الحال كذلك، فعليها ان تدفع ثمن
استكبارها وعدوانها على سفنها
بالطريقة الاجرامية التي
شاهدناها على شاشات التلفزة،
فالاعتذار او التعويض لضحايا
المجزرة لن يعيدا هؤلاء الشهداء
الى الحياة مجدداً، اما رفع
الحصار عن غزة وتشكيل لجنة
تحقيق دولية فهما من صميم
الاعراف الدولية، لان هناك
قناعة لدى جميع الاطراف الدولية
بعدم قانونية هذا الحصار، ناهيك
عن فشله في تحقيق اي من أهدافه،
سواء تركيع الشعب الفلسطيني، او
اطاحة حكومة حماس او الافراج عن
الجندي الاسرائيلي الأسير
جلعاد شليط. ====================== الرأي
الاردنية 7/10/2010 آرون
ديفيد ميلر* لقد
أضعنا ليلتها الطريق، إذ لم يكن
سهلاً الوصول إلى الإقامة
الرئاسية في منتجع كامب ديفيد
بسبب ضيق الطريق والتوائها، هذا
فضلاً عن العتمة التي لفت
المكان وأعاقت الرؤية، ويبدو
أننا أضعنا منعطفاً ما في مكان
معين من منعرجات الطريق، وحينها
قلت مازحًا لدنيس روس، كبير
المفاوضين الأميركيين في القمة
الفلسطينية- الإسرائيلية التي
احتضنتها كامب ديفيد يومذاك:
كيف يمكننا مساعدة بيل كلينتون
على التوصل إلى اتفاق بين رئيس
الوزراء الإسرائيلي باراك،
والزعيم الفلسطيني عرفات، إذا
لم ننجح حتى في الوصول إلى مقر
إقامة الرئيس؟ والحقيقة أنني لم
أكن أعرف بأن مزاحي القاتم ذلك
سيتحول إلى واقع قائم بعد فترة
قصيرة؛ فقبل عشر سنوات وفي مثل
هذا الشهر أقنع رئيس وزراء
إسرائيلي مستعد للمجازفة
رئيساً أميركيّاً مستعداً هو
أيضاً للمخاطرة بعقد قمة
تاريخية مع زعيم فلسطيني لم
يبدِ القدر نفسه من المجازفة في
نظري. فالصعود
إلى قمة التلة بحثاً عن اتفاق
ينهي الصراع ثم الانحدار بعدها
إلى واد سحيق من انعدام الثقة
والمرارة والعنف التي أعقبت
انهيار تلك الجهود وتعثر عملية
السلام ما زال يلقي بظلاله حتى
اليوم على المنطقة وإن كان ما
زال أمامنا وقت للتعافي من
تداعياته والعودة إلى عملية
السلام. ولا شك
أن قصة كامب ديفيد بكل ما تحمله
من مرارة تكتسي أهمية قصوى مع
جهود رئيس أميركي آخر مستعد
للمغامرة، بعدما أعاد «ضبط»
علاقته مع رئيس الوزراء
الإسرائيلي الحالي، من قراره
المصيري حول صناعة السلام في
الشرق الأوسط: فهل سيقترح خطة
أميركية شاملة؟ أم سيقتصر على
طرح مقترحات محددة تجسر الهوة
بين الطرفين حول قضايا أساسية؟
أم أنه سيقترح قمة تطرح كل هذه
القضايا على طاولة الحل؟ ومهما
كانت المقاربة التي سيختارها
أوباما، علماً أنه قد يحتاج في
ظل الجمود الحالي إلى المقاربات
الثلاث معاً، لابد أولا من فهم
الأسباب التي أدت إلى فشل القمة
السابقة. ولعل مما يحسن
الاستئناس به هنا من الأقوال
المأثورة أن الأديب الأميركي
الشهير «مارك توين» الذي قال إن
التاريخ لا يعيد نفسه أكد هو
نفسه مع ذلك أن التاريخ له إيقاع
خاص، ما يجعلنا أمام ثلاثة دروس
أساسية ما زال صداها يتردد منذ
قمة 2000 ومن الضروري الاستفادة
منها في ظل المحاولات الجارية
حاليّاً للتوصل إلى تسوية: أولا
يتعين معرفة الموقف الحقيقي
للإسرائيليين كما الفلسطينيين،
وهو ما لم نكن نعرفه في عام 2000،
فلو عرفنا موقف كل طرف على حدة
لأدركنا أن الفجوة بين الطرفين
شاسعة، وأنه لا أحد منهما،
باراك أو عرفات، كان مستعداً
لدفع الثمن لتجسير تلك الهوة،
ناهيك عن إنهاء الصراع، وبالطبع
لا توجد قمة سلام لا تنطوي على
احتمال الفشل، ولا يوجد مفاوض
يستطيع القول على وجه الدقة أين
يقف طرفا الصراع قبل بدء
المفاوضات والتعبير عن تلك
المواقف. بل إن القمم، كالمراجل
المليئة بالماء، لا أحد يعرف
أين سيتجه فيها القادة تحت
حرارة الضغط، وكيف ستتحول
أفكارهم مع تقدم المفاوضات،
ولكننا في عام 2000 واجهنا
اختلافات كبيرة بين الطرفين
قوضت الثقة بينهما، كما أننا
بنينا تقديراتنا استناداً إلى
ما هو ممكن وليس إلى ما هو محتمل
دون التحلي بقدر أكبر من
الواقعية. أما
الدرس الثاني من القمة فهو
معرفة الراعي لموقفه الذاتي
وإدارة القمة على هذا الأساس،
فكلينتون على رغم ذكائه وقدراته
لم يُدر القمة ولم يتحكم في
مجرياتها، والحقيقة أننا أيضاً
كمساعدين له لم نضع أمامه
استراتيجية قابلة للنجاح،
والسبب أننا تركنا عرفات وباراك
يضعان أجندتهما الخاصة دون وجود
صيغة أميركية شاملة تتحكم في
القمة. وفيما كان يفترض في القمة
أن تستمر 13 يوماً انتهت فعليّاً
في اليوم الرابع عندما قدمنا
إلى باراك ورقة أميركية تتضمن
أفكاراً لتعزيز الثقة واجهها
بالرفض، وبعد إعادة صياغتها
وعرضها على عرفات أشاح بوجهه
عنها هو الآخر. والحقيقة أنه كان
على الولايات المتحدة تبني موقف
حازم منذ البداية بطرح أفكار
على الطرفين والإصرار على تلقي
رد فيه مقترحات محددة للوصول
إلى اتفاق. وأخيراً
يبقى الدرس الثالث المتمثل في
الوقوف إلى جانب الحل وليس إلى
جانب طرف على حساب آخر، وهو ما
لم نقم به خلال قمة 2000، وبعبارة
كيسنجر فقد كنا نعمل كمحامين
ندافع عن إسرائيل بدل التركيز
على الاتفاقية نفسها، ولكن لابد
من الاعتراف أيضاً بأن عرفات لم
يسهل الأمور علينا، فباعتباره
الطرف الأضعف لم يأتِ للتفاوض
بل لضمان بقائه والوقوف إلى
جانب كلينتون. ومع ذلك لا يمكن
النجاح أبداً ونحن نبني
منطلقاتنا الأساسية في عملية
التفاوض على ما هو مقبول لدى
إسرائيل أولا، وأن نعرض الأفكار
التي نتوصل إليها على إسرائيل
قبل الفلسطينيين. واليوم
بعد مرور عشر سنوات على القمة
وانعدام فرصة حقيقية لإنهاء
الصراع والتوصل إلى تسوية يأتي
أوباما الذي ربما يختلف معنا في
هذا التقييم القاتم باعتباره
زعيماً جاء للتغيير ليقرر البدء
في محاولة جديدة، ولهذا السبب
عليه الاستفادة من دروس يوليو
2000 بأن يعرف جيداً ماذا يريد من
كل طرف قبل الإعلان عن أية قمة،
وأن يفهم حدود الهوة بين
الطرفين ويسعى إلى تجسيرها، ثم
التحكم في وتيرة وبنية
المفاوضات بتبني صيغة واضحة. وأخيراً
عليه تجنب الحديث باسم طرف على
حساب الآخر. أما إذا تجاهل
أوباما هذه الدروس وفشلت قمة
أخرى في التوصل إلى حل، فإن
الرئيس الذين بنى تصوره على حل
الدولتين للصراع الفلسطيني
الإسرائيلي سيجد نفسه في موقف
الزعيم الذي انتهى بدفن هذا
الحل ووضع حد لوجوده. *
(باحث رئيسي بمركز ودرو ويلسون
ومستشار بوزارة الخارجية
الأميركية لستة وزراء سابقين). «إم.
سي. تي. إنترناشيونال» والاتحاد
الاماراتية ====================== فالح
الطويل الرأي
الاردنية 7/10/2010 في
المؤتمر الصحفي الذي عقده
نتنياهو وأوباما في البيت
الأبيض بعد الزيارة، وجه الأول
للرئيس الأمريكي الدعوة لزيارة
إسرائيل فرد أوباما قائلا،» أنا
جاهز.» ثم قيل في التعليق على
هذا الجواب أن الرئيس ينوي
توضيح رأيه للإسرائيليين،
مباشرة، في أن تحرك إسرائيل
الجاد باتجاه السلام سيكون في
مصلحتهم ومصلحة أمريكا أيضا. لكنهم
يعرفون نواياه ويرفضونها. وقد
أجابوه حتى قبل أن يكون رئيسا
حين اختاروا حكومة نتنياهو-
ليبرمان في الانتخابات الأخيرة.
وهم سيرون في زيارته لهم
اعترافا منه بأن نتنياهو أصلب
منه وأشد حزما وأقدر على
المغامرة به وبصداقته كرئيس
أمريكي، وأكثر إدراكا لحقيقة
الموقف الأمريكي الداعم فعليا
لسياساته. وللتوضيح أكثر، يجب
إيراد الحقائق الصارخة التالية
التي لا يشك أحد في عالمنا
العربي بأن أوباما يعرف بها
أيضا: 1- تقوم
مجموعات أمريكية، وبعلم وزارة
الخزانة الأمريكية وبموافقتها،
كما تبين مؤخرا، بتقديم معونات
مالية لسكان كل المستوطنات
الإسرائيلية في الضفة الغربية
ومنها ما يسمى بالمستوطنات «
غير القانونية» التي لم تجزها
حكومة إسرائيل بعد. وهي معونات
تستفيد من الإعفاء الضريبي الذي
يطبق على أية معونات تقدم
للخارج لأسباب إنسانية. أي أن
الولايات المتحدة تساهم، عمليا
ببناء المستوطنات في الأرض
المحتلة وتدعم المستوطنين. 2-لذا
صار طلب أوباما من نتنياهو
الاستمرار في تجميد الاستيطان
في الضفة الغربية لما بعد
أيلول، مجرد كلام، ومدخلا
للموافقة على شرط نتنياهو
بضرورة البدء بالمفاوضات
المباشرة مع رام الله. وهو شرط
قبله أوباما في تصريحاته في
البيت الأبيض معتمدا على أن
نتنياهو أقنعه برغبته في السلام
-»ذلك السلام،» حسب تعبير
الرئيس. 3-
والعرب جميعا يعرفون أن «ذلك
السلام» هو سلام إسرائيلي مبني
على استراتيجية تقوم على تحقيق
الأمن الإسرائيلي المطلق،
وفرضه على المنطقة والعالم
والبيت الأبيض أيضا؛ وتجريد
الرئيس الأمريكي من أية قدرة
على تغيير الاتجاه الذي رسم في
هذه الزيارة، أو جعله صعبا درجة
الاستحالة. 4- لم
يأت في أخبار الزيارة أن
نتنياهو قبل بفكرة تجميد
الاستيطان الإسرائيلي في
القدس؛ أو حتى التوقف عن طرد
الفلسطينيين منها. حالة عائلة (أبو
ناب)، وهو مثل كان في صدر
الأخبار أثناء الزيارة، مهددة
الآن بالاستيلاء على منازلها في
سلوان وتدميرها بحجة ليس صعبا
على الإسرائيليين تدبيرها خلال
ساعات. كما أن ثلاثة نواب
فلسطينيين ووزير سابق في السلطة
مهددون بالطرد أيضا. يبدو أن
نتنياهو أقنع أوباما بعبث
التعرض للقرار الإسرائيلي. 5-
وأشياء أخرى كثيرة، لا مساحة
لها هنا، تجاوزها الرئيس
الأمريكي، في لقائه مع نتنياهو،
تضع علامة استفهام على كل ما كنا
سمعناه منه سابقا. يحق
لنتنياهو أن يقول هذه المرة
أيضا وبملء فيه: « لقد ربحت.» ومع
ذلك، ما زلنا نتمنى، بالضد من
قناعاتنا، أن يكون الأمر غير ما
أعلن، وأن ثمة أشياء فرضت على
نتنياهو، وقبل بها، تذكرنا بأن
واشنطن عاصمة الدولة العظمى
الأولى في العالم. ====================== الجمعة,
09 يوليو 2010 باتريك
سيل * الحياة لم تقم
الولايات المتحدة بعد بإجراء
تقويم جدي لمغامرتها المؤسفة في
العراق. فلا شكّ في أنّ الجراح
السياسية والجسدية على حدّ سواء
لم تندمل بعد. لكن، لا بدّ من أن
يتمّ في يوم من الأيام إجراء
تقويم شامل للوضع. فما هو
الثمن الفعلي الذي ترتب على
مسددي الضرائب الأميركيين دفعه
جرّاء الحرب؟ ما هي الحصيلة
الحقيقية للقتلى والجرحى من
الأميركيين ومن حلفائهم ومن
العراقيين أيضاً؟ ما هي
التقديرات المتعلقة بالأضرار
المادية؟ من الذي يجب أن يتحمل
مسؤولية تدمير بلد عربي أساسي؟ لماذا
لم يتمّ تحديد هوية المحافظين
الجدد الذين حضّوا على شنّ حرب
ولم تتمّ معاقبتهم على رغم أنهم
اختلقوا دلائل أظهرت أنّ صدام
حسين يملك أسلحة دمار شامل
ومرتبط بتنظيم «القاعدة»؟ ما هو
الدور الذي أدته إسرائيل على
هذا الصعيد؟ ومن هي
الجهة المسؤولة عن إطلاق شرور
الطائفية القاتلة في العراق وعن
بروز إيران كقوة إقليمية وعن
إعادة تشكيل جيو- سياسي لمنطقة
الخليج وعن الخطر المحتمل الذي
تفرضه إمدادات الطاقة على
العالم الصناعي؟ يجب أن
ننتظر جيلاً كاملاً قبل أن نحصل
على أجوبة وافية عن هذه
الأسئلة، هذا إن طُرحت في ما بعد.
يبدو أنّ نائب الرئيس الأميركي
جو بايدن قد لمس خلال زيارته
الأخيرة للعراق، والتي استمرت
ثلاثة أيام، تراجعاً في النفوذ
الأميركي على صعيد صناعة
الأحداث. سيشهد
شهر آب (أغسطس) نهاية مهمّة
أميركا القتالية في العراق.
وبحلول نهاية هذا الشهر سيتقلص
عدد القوات الأميركية إلى 50 ألف
جندي بعد أن وصل إلى 165 ألفا في
ذروة عملية «زيادة عدد القوات».
كما من المتوقع أن تنسحب أميركا
بالكامل من هذا البلد في نهاية
العام المقبل. ويبدو الرئيس
باراك أوباما مصمّماً على تخليص
أميركا من حرب طالما عارضها.
لكن، لا بدّ من أن يتقلص نفوذ
الولايات المتحدة في العراق بعد
أن تسحب قواتها منه. فما الدور
الذي ستؤديه أميركا حينها؟ ما
الهدف من تشييد سفارة أميركية
في منطقة محصّنة في بغداد مع
العلم أن تكلفة بنائها بلغت 750
مليون دولار وأنها تمتد على
مساحة 104 ألف متر مربع على طول
نهر دجلة؟ تضمّ هذه السفارة
التي تُعدّ من أضخم السفارات في
العالم وأقلها ترحيباً وأكثرها
بذخاً، حوالى 1200 ديبلوماسي
وجندي وموظف حكومي من 14 هيئة
فيديرالية. فهل تعتبر هذه
الخطوة تفريطاً هائلاً
بالموارد؟ أم أنها خطأ فادح آخر
يُضاف على اللائحة الطويلة من
الأخطاء التي برزت حين قامت
مجموعة من المحافظين الجدد في
إدارة جورج بوش الابن بانتهاز
الفرصة التي وفرتها أحداث
الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)
لممارسة الضغوط كي تتمّ إطاحة
صدام حسين، وهو الزعيم العربي
الذي اعتبرت إسرائيل بأنه يفرض
خطراً محتملاً؟ فيما
تحاول أميركا تخطي العقبات
والمشاكل التي تواجهها، لا يزال
السياسيون العراقيون يتشاجرون
مع بعضهم بعضاً ويحاولون
استمالة مجموعة كبيرة من
الأحزاب في البرلمان الذي يضمّ
325 عضواً، والذي نشأ إثر
انتخابات آذار (مارس) الماضي،
والتي اعتمد فيها نظام التمثيل
النسبي. يبدو نوري المالكي رئيس
الوزراء الحالي مصمّماً على
المحافظة على منصبه على رغم أنّ
المؤيدين له قد حصلوا على أصوات
أقل من الأصوات التي حاز عليها
المؤيدون لأياد علاوي وهو رئيس
أسبق للوزراء. يرأس مالكي
ائتلافاً شيعياً يدعى «دولة
القانون» فيما يرأس علاوي
ائتلافاً أكثر علمانية يدعى «العراقية»
مع العلم أن أياً منهما لا يحظى
بأكثرية مطلقة. وفي
محاولة منه للحصول على
الأكثرية، عقد المالكي صفقة مع
مجموعة ثالثة هي الوفاق الوطني
العراقي. إنه عبارة عن ائتلاف
بين الصدريين (الشيعة المتشددين
بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى
الصدر) والمجلس الأعلى الإسلامي
في العراق. وتكمن المشكلة في أنّ
الصدريين والمجلس الإسلامي
الأعلى في العراق لا يريدون
المالكي رئيساً للوزراء. فهم
يملكون مرشحين لهم لهذا المنصب. قد
تكون الصفقة التي عقدها المالكي
مع الوفاق الوطني العراقي مجرد
مناورة تهدف إلى ممارسة الضغوط
على علاوي حتى يدخل في ائتلاف
معه يحظى فيه بالسلطة المطلقة. ولدى
وصوله إلى بغداد يوم الأحد
الماضي، تسرع بايدن في الإعلان
بأنه «متفائل للغاية» بشأن
الديموقراطية في العراق. فكان
من الواضح بعد أن رحل أنه فشل في
حضّ هذه المجموعات المتصلبة في
رأيها على تشكيل حكومة. وفي
الوقت الحالي على الأقل، لم
يتمّ بعد خرق جدار الأزمة
السياسية التي بدأت منذ أربعة
أشهر أي بعد انتخابات السابع من
آذار (مارس). يدّعي
الشيعة بأنّ السلطة حق شرعي لهم
بما أنهم يشكلون أكثرية في هذا
البلد. إلا أنّ السنة سيثيرون
المشاكل في حال تمّ استبعادهم
بالكامل. فقد حكموا بطريقة أو
بأخرى العراق منذ العشرينات أي
عندما أنشأت بريطانيا هذه
الدولة من ثلاث محافظات تابعة
للدولة العثمانية ولغاية
الاجتياح الأنغلو - أميركي
العام 2003. يحظى ائتلاف علاوي «العراقية»
بدعم سني، وهو بالتالي مرشح
أفضل من ائتلاف «دولة القانون»
بقيادة المالكي للترويج للسلام
الاجتماعي والطائفي في هذا
البلد المتصدع الذي يشهد أعمال
عنف ويعاني عدم استقرار. فيما
يتراجع نفوذ أميركا، يسعى
المنافسون الإقليميون إلى أخذ
مكانها. ويبدو أنّ الأميركيين
لم يلاحظوا بأنّه من المتوقع أن
تبلغ الصادرات الإيرانية إلى
العراق خلال هذه السنة 7 بلايين
دولار، أي سبع مرات أكثر من
العام 2007 كما أنه من المحتمل أن
تصل إلى 10 بلايين دولار. شاركت
حوالى مئة شركة إيرانية في
المعرض الدولي في البصرة في
نهاية الشهر الماضي. ويتطلع بعض
الزعماء المحليين إلى إقامة
شراكة سياسية واقتصادية بين
الدولتين ذات الأغلبية الشيعية
اللتين تسيطران معاً على مخزون
النفط والغاز. فهما قادرتان على
السيطرة على سوق الطاقة الدولي. وخلال
حفلة استقبال أقيمت في السفارة
الأميركية في بغداد توجه بايدن
إلى الزعماء العراقيين بالقول:
«يجب ألا تدعوا أي دولة بدءا من
الولايات المتحدة وصولاً إلى أي
دولة في المنطقة من أن تملي
عليكم مستقبلكم وأنا متأكد من
أنكم لن تسمحوا بحصول هذا الأمر».
قد يكون فات الأوان على تقديم
نصائح مماثلة. فيقوم كلّ من
العراق وإيران وتركيا وسورية
وقطر والبلدان الأخرى بعقد
الصفقات وبتشكيل الائتلافات
خارج المدار الأميركي. وعلى
رغم أنّ العراق لن يحظى ربما
بحكومة جديدة، لا تزال الحكومة
السابقة تعمل بشكل جيد نوعاً ما
لا سيما في المناطق الأساسية
التي تتطلب الأمن والتي تعتبر
غنية بالنفط. يسيّر الجيش
العراقي حالياً دوريات له في
مختلف المدن من دون مساعدة
القوات الأميركية. إلا أنّ ذلك
لم يضع حداً للاعتداءات
الانتحارية أو للجرائم
السياسية والطائفية لكن يبدو
أنّ حدة العنف بدأت تتراجع. دخلت
مجموعات النفط الغربية
والصينية السوق العراقية. ففي 29
حزيران (يونيو)، وافقت الحكومة
العراقية على صفقة بإدارة شركة
«شل» تقضي بتطوير بين 25 و30
تريليون قدماً مكعباً من مخزون
الغاز من أصل أربعة مشاريع نفط
رئيسة في محافظة البصرة. ويبدو
واضحاً أن الأموال ستبدأ
بالتدفق إلى العراق الذي سيتمكن
من إعادة إعمار الدمار الذي
خلفته الحرب. كما سيتم إيجاد
صيغة سياسية لحكم هذا البلد. أما
علماء التاريخ المقبلون
فسيعتبرون الدمار الذي لحق
بالعراق أحد أكبر الجرائم التي
شهدتها بداية القرن الحادي
والعشرين. *
كاتب بريطاني متخصص في شؤون
الشرق الاوسط ====================== الجمعة,
09 يوليو 2010 بالما
دي مايوركا - راغدة درغام الحياة لا بأس
في استئناف المفاوضات المباشرة
بين السلطة الفلسطينية
والحكومة الإسرائيلية في غضون «أسابيع»،
طالما أن لدى الرئيس باراك
أوباما تصورا واضحا للدور
الأميركي في المفاوضات من
الناحية الاستراتيجية ومن
ناحية هيكلية الآراء وكيفية
تنفيذها. الرئيس الفلسطيني
محمود عباس سيعود، على الأرجح،
الى المفاوضات المباشرة بعد «إصلاح»
نسبي للعلاقة الأميركية -
الإسرائيلية أثناء لقاء أوباما
رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو في واشنطن هذا
الأسبوع. فهو لا يريد أن يقع في
فخ «افتقاد الشريك الفلسطيني»
الذي تنصبه إسرائيل للسلطة
الفلسطينية. وهو لا يملك خيارات
أخرى نظراً الى أن قرار الحرب مع
إسرائيل غائب تماماً عن
الاستراتيجية العربية، الفردية
منها والجماعية. الآن، وبعدما
تصرف نتانياهو وكأن المفاوضات
الثنائية هي خياره التكتيكي
لسلام استراتيجي، يجب على جميع
الشركاء في «عملية السلام» أن
يعتمدوا استراتيجية مشتركة
تتمسك بقدمي نتانياهو فوق النار
كي لا يعود الى الهروب من
استحقاقات السلام. ما
يجدر ب «أبو مازن» أن يقوم به هو
ألاّ يعطي نتانياهو ورقة «الشريك
الهارب» من المفاوضات. عليه أن
يقلب الطاولة ليظهر أن الساسة
الإسرائيليين استخدموا دائما
ورقة «افتقاد الشريك» للتملص من
العملية السلمية كلما اختمرت. هذا
يتطلب من أوباما أن يتعهد،
ضمناً أو علناً، أمورا عدة من
بينها الآتي: أولاً،
ضرورة استمرار «الشريك»
الأميركي في المفاوضات
المباشرة. فالحكومة
الإسرائيلية تريد حليفاً
أميركياً لها في أية مفاوضات
وليس شريكاً أميركياً متوازناً
وعادلاً وعازماً على إيجاد
الحلول. حكومة
إسرائيل أرادت الخروج السريع من
المفاوضات «التقاربية» التي
قام بها المبعوث الأميركي جورج
ميتشل، لأنها أرادت ابعاد
الأميركي عن المفاوضات
للاستفراد بالفلسطيني بلا
مراقبة وبلا ضمانات وبلا محاسبة.
وحتى إذا توقفت «التقاربية» وتم
استبدالها بالمباشرة، لا مناص
من دور أميركي فاعل في أي صيغة
لصنع السلام الفلسطيني -
الإسرائيلي. وفي هذا الأمر،
تبدو سورية محقة في إصرارها على
دور أميركي مباشرة في أية
مفاوضات سورية - إسرائيلية.
والطرف الفلسطيني يجب أن يصر
على هذا الدور. ثانياً،
يجب تعريف الدور الأميركي في أي
مفاوضات بصورة تخرجه عن ماضي «الراعي»
أو «الوسيط»، لأن تلك الحقبة
باءت بالفشل. الجميع
يعرف أن العلاقة الأميركية -
الإسرائيلية تحالفية وعميقة
واستراتيجية وفائقة الأهمية.
إنما هذا شيء والدور الأميركي
في العملية التفاوضية شيء آخر.
وقد حان الوقت لصياغة وتعريف
ولعب دور أميركي جديد في
العملية التفاوضية للسلام. وهذا
دور يجب على أوباما نفسه أن يقود
تعريفه وصياغته. إنما
الدور الأميركي ليس وحده الدور
الضروري في هذا المنعطف. فهذه
الحقبة تتطلب تفعيل الشركاء،
تماشياً مع استراتيجية أوباما
العامة نحو مختلف القضايا
الإقليمية. أي ان هذه الجولة من
المفاوضات المباشرة، بغض النظر
إذا اتخذت مسار قمة ثلاثية أو
خطة أميركية متكاملة وشاملة
وجاهزة للفرض على الطرفين، يجب
أن ترافقها شراكتان، شراكة
عربية للضغط على الطرف
الفلسطيني ولحمايته والسير معه
يداً بيد الى الأمام، عندما
تُتخذ القرارات الصعبة. وشراكة
أوروبية (اللجنة الرباعية)
للضغط على إسرائيل فعلاً
وعملياً وبإجراءات، كي تقتنع
أخيراً بأنها ليست فوق المحاسبة
بل ان هناك استعدادا لتفعيل
أدوات العقوبات ضدها. وهذه
العقوبات والأدوات متوافرة
حقاً في الأيادي الأوروبية. الشريك
الروسي في «اللجنة الرباعية»
عليه مسؤوليات مضاعفة ومتعددة.
إنه مُطالب بالضغوط على جميع
الأطراف والكف عن لعب الورقة
الروسية ذات بعد المصالح فقط مع
كل الأطراف. روسيا مطالبة بأن
تحسم أمرها نحو السلطة
الفلسطينية. فلا يجوز لها أن
تمضي في لعب ورقة «حماس» على
حساب السلطة الفلسطينية على
روسيا أيضاً أن تساعد حقاً
وفعلاً قوى الاعتدال في المنطقة
بدلاً من لعب «السكتين». تدرك
روسيا، شأنها شأن تركيا، أن دعم
«حماس» له ترجمة بالغة البساطة
في المعادلة الفلسطينية، وهي،
سحب الدعم الضروري عن السلطة.
وهذا في الواقع يصب في مصلحة
إسرائيل. أما
الأمم المتحدة، الشريك الرابع
في «الرباعية» فإن مهماتها يجب
أن تصب كأولوية في خانة «الشرعية»
في المرتبة الأولى. فالسلطة
الأخلاقية والشرعية الدولية
هما أهم ذخيرة والعمود الفقري
للمنظمة الدولية. الأمين العام
بان كي مون يفهم ذلك تماماً لكنه
مُقيّد بنصائح مستشاريه الذين
يسلبونه أحياناً حرية القيادة
وأحياناً أنه مُقيّد بطموحاته
الشخصية. ما
يجدر ببان كي مون ومستشاريه
إدراكه هو ان الفرصة التي
يقدمها أوباما هي فرصة استغلال
المساحة المتاحة للأمم المتحدة
بقليل من القيادة. وقد حان موعد
الإقدام ضمن الظروف المتاحة. ثالثاً،
إن المدمرين والمخربين
والاعتذاريين للتطرف، أينما
كانوا - داخل الحكومة
الإسرائيلية، أو في صفوف «حماس»،
أو بين المزايدين على
الفلسطينيين باسم المقاومة، أو
أولئك الذين اختطفوا وارتهنوا
الاسلام والقضية الفلسطينية
لغاياتهم النرجسية،
أوالمسيحيين الأميركيين في «حزام
التوراة»، كلهم سيسعون الى
تدمير العملية السلمية كلما
اقتربت من الاختمار. ما يجب
على الإدارة الأميركية أن تفعله
هو أن تقود حملة الترفع عن «دعوات»
الخضوع لإملاءات التخريب
والتدمير. وهذا يتطلب قيادة
نوعية ليست صعبة على الإدارة
الأميركية. رابعاً،
ستتصاعد ضغوط جوقة المنادين ب «الواقعية»
التي تدعو الى الاكتفاء
بالمستطاع أمام واقع التفوق
الإسرائيلي والضعف الفلسطيني.
أهم وأصعب التحديات أمام باراك
أوباما هو هذا التحدي. فمن جهة،
ستتعالى نغمة «المستطاع»
والخضوع «للواقعية» الداعية
الى الضغط على الفلسطينيين
للموافقة على أدنى ما تقدمه
إليهم إسرائيل. ومن جهة،
ستتعالى في آذان أوباما وفريقه
خطورة الإذعان لضغوط ودعوات «الواقعية»
و «المستطاع» لأنها المسمار
الذي سيدق في نعش العملية
السلمية. خامساً،
كل هذا يعني أن على أوباما أن
يتوجه الى طاولة استئناف
المفاوضات المباشرة
باستراتيجية وهيكلية للآراء
وللتنفيذ. والأفضل أن تتمثل في
ورقة تدوّن الموقف الأميركي
بوضوح وبتفعيل بما يتعدى خريطة
الطريق الى حل الدولتين التي
كانت إنجازاً لرؤية جورج دبليو
بوش. عليه
أن يتقدم بورقة متكاملة أميركية
الوزن والنفوذ والعزم
والإملاء، وليس بورقة أخذ وعطاء
تُضعِف الدور الأميركي وتجعله
قابلاً للمساومة والاستهزاء
والازدراء. فلقد استنفذ جورج
ميتشيل مرحلة الأخذ والعطاء
وحان الوقت لتسلم أوباما زمام
القيادة لفرض الحلول بالوزن
الأميركي وبالشراكة الدولية
والعربية والإسلامية وكذلك
اليهودية في صفوف الاعتدال. يجب أن
يتم ذلك موثّقاً بإيضاح كلفة
الرفض من دون التباس. والكلفة
يجب أن تكون أوروبية وروسية
وداخل الأمم المتحدة وليس فقط
أميركية. أجواء
الرأي العام العالمي تساعد
كثيراً، في هذا المنعطف، على
اتخاذ خطوات غير اعتيادية.
فالرأي العام غاضب على إسرائيل
لانتهاكاتها المستمرة للقانون
الدولي والقانون الإنساني
وغاضب أيضاً على الذين يغلّفون
إسرائيل بحرام الحماية من
المحاسبة. والولايات المتحدة
على رأس القائمة. اليوم،
ان إسرائيل في عزلة عالمية.
اليوم، هناك عتب على أوباما
وفريقه لظهورهما امام جزء من
الرأي العام وكأنهما في حالة
تراجع دائم أمام ال «لا»
الإسرائيلية. اليوم، هناك لغة
جديدة قد دخلت القاموس العالمي،
والأميركي. وهي لغة «المصلحة
القومية الأميركية» المعرّضة
الى الاذى في حال استمرت
الحماية الأميركية العمياء
للتطرف الإسرائيلي. حان
الوقت اليوم لوضع برنامج زمني
ومواعيد حاسمة تجبر إسرائيل على
الكف عن المماطلة والتسويف.
الحاجة ماسة اليوم الى إيضاح
معالم من سيُلام بدلاً من
الوقوع في فخ اللوم التلقائي
للفلسطينيين تحت ضغوط اللوبي
الإسرائيلي القدير في تسيير هذه
اللعبة. أوباما
يفهم ما يدور، وهو أعطى هذا
الموضوع أولوية فدرسه دراسة
عميقة عكس أسلافه. ما عليه أن
يفعله هو أن يقدم على إخراج
المفاوضات من خانة الانحياز
الأميركي لإسرائيل. فذلك
الانحياز هو الذي أفشل
المفاوضات في كل مراحلها
السابقة، وقد حان زمن النقلة
النوعية في الدور الأميركي في
صنع السلام في الشرق الأوسط. ====================== أوباما
ونتنياهو والعودة إلى "لغز"
العلاقات آخر
تحديث:السبت ,10/07/2010 محمد
السعيد ادريس الخليج قبل أن
يذهب بنيامين نتنياهو رئيس
حكومة الكيان الصهيوني إلى
واشنطن بأقل من أسبوع التقى
السفير “الإسرائيلي” لدى
الولايات المتحدة مايكل أورن في
تل أبيب بعدد من كبار موظفي
الخارجية “الإسرائيلية” (دائرة
أمريكا الشمالية ومركز الأبحاث
السياسية بالوزارة) لتقييم
العلاقات الأمريكية - “الإسرائيلية”
في ظل التوتر الحادث بين
البلدين ضمن عملية الاعداد
لزيارة نتنياهو للعاصمة
الأمريكية ولقائه المرتقب مع
الرئيس باراك أوباما . في
اجتماع السفير أورن بخبراء
الخارجية “الإسرائيلية” كان
الهاجس الحاكم لهذا الاجتماع هو
كيف يمكن وقف تداعي الخلافات
وتوسع فجوة الثقة بين البلدين
وإعادة الأمور إلى طبيعتها بين
الولايات المتحدة و”إسرائيل”
بعد مجموعة التوترات المتلاحقة
التي فرضت نفسها على العلاقات
ابتداء من الخلاف حول أولوية
الملفات خاصة الملف الإيراني
والملف الفلسطيني، وملف التوسع
الاستيطاني “الإسرائيلي” في
القدس والضفة الغربية وملف
التسلح النووي “الإسرائيلي”
واتهام تل أبيب لواشنطن
بالتقاعس عن التزاماتها
التاريخية نحو القدرات النووية
“الإسرائيلية” على نحو ما ظهر
في اجتماعات مؤتمر مراجعة
معاهدة حظر انتشار الأسلحة
النووية الذي عقد مؤخراً في مقر
الأمم المتحدة في نيويورك (3-28
مايو/أيار 2010) وأخيراً ملف
الجريمة “الإسرائيلية” ضد
أسطول الحرية وتدهور العلاقات
التركية - “الإسرائيلية”،
والحصار “الإسرائيلي” المفروض
على قطاع غزة . كان
السؤال الذي شغل خبراء الخارجية
“الإسرائيلية” في لقائهم مع
سفيرهم في واشنطن هو: هل هناك
أمل في انقاذ العلاقات
المتدهورة بين الولايات
المتحدة و”إسرائيل” واستعادة
هذه العلاقات طبيعتها؟ الدافع
لهذا السؤال كان التقييم شديد
السلبية الذي قدمه السفير مايكل
أورن للعلاقات الأمريكية - “الإسرائيلية”
في الوقت الراهن أي قبيل وصول
نتنياهو إلى واشنطن ولقائه مع
الرئيس أوباما . فقد
رأى السفير مايكل أورن أن شرخاً
يسود العلاقات الآن بين “إسرائيل”
والولايات المتحدة، معتبراً أن
ذلك بمثابة “تصدع كالذي يحدث في
قشرة الكرة الأرضية ويحدث
تحركاً بين القارات” وليس مجرد
شرخ محدود الأثر . كما أوضح أن ما
هو حادث الآن “ليس مجرد أزمة”
لأنه في الأزمات مد وجذر، بينما
الحاصل هو “تحول جوهري” في
السياسة الأمريكية تجاه “إسرائيل”،
وهو تحول يأتي في إطار “تغير
شامل ورؤية مختلفة تماماً”،
ولمزيد من التوضيح قال إن
الرئيس الأمريكي باراك أوباما
ليس مدفوعاً الآن في علاقات مع
“إسرائيل” بمشاعر والتزامات
تعهد بها في الماضي، أو بأفكار
ودية، بل يتحرك انطلاقاً من
مصالح واعتبارات وأعصاب باردة،
وحذر من أنه “يصعب جداً ممارسة
ضغوط على أوباما، لأن ما يحدث
الآن هو أداء لشخص واحد، وهو
الذي يتخذ جميع القرارات بصورة
مركزية” لافتاً إلى أنه لا توجد
مشكلة لدى “إسرائيل” بالوصول
إلى مستشاري أوباما، لكن
المشكلة هي أنهم “لا ينجحون في
التأثير عليه” . هذا
التقييم كان من شأنه أن يضع
اجتهادات خبراء وزارة الخارجية
“الإسرائيلية” أمام طريق
مسدود، والوصول إلى يقين بأنه
لا أمل في أن يعود نتنياهو من
لقائه مع أوباما بشيء إيجابي،
وأن ما حذر منه في الشهر الماضي
رئيس الاستخبارات “الإسرائيلية”:
(الموساد) مائير داغان أصبح
حقيقة، فقد فاجأ داغان لجنة
الخارجية والأمن في الكنيست “الإسرائيلي”
(البرلمان) بإعلان أن “إسرائيل”
تتحول بالتدريج إلى “عبء على
الولايات المتحدة وليس ذخراً
لها” . كلام
داغان كان يرتكز على عوامل
موضوعية وتحولات جوهرية حدثت في
توازن القوى العالمي، وحدوث
تغير في أولويات الأجندة
الأمريكية العالمية نتيجة
لتغيرات لحقت بالأدوار
الأمريكية عالمياً إثر تحولات
توازن القوى وظهور قوى عالمية
جديدة فرضت نفسها كشريك فاعل في
القرار الدولي، وكان استنتاجه
أن مجمل هذه التطورات والتحولات
تقول إن “إسرائيل” لم تعد لها
الأهمية الاستراتيجية السابقة
لدى الولايات المتحدة، نظراً
لأن الولايات المتحدة لم تعد في
حاجة إلى الخدمات التقليدية
التي كانت تقوم بها في فترات
سابقة . فما
قاله الرئيس الأمريكي عقب لقائه
في البيت الأبيض يوم الثلاثاء
الماضي مع نتنياهو جعل الرئيس
الأمريكي أشبه بمتحدث رسمي “إسرائيلي”
يتحدث بلسان بنيامين نتنياهو،
وأضحى الرئيس الأمريكي هو من
يخطب ود رئيس الحكومة “الإسرائيلية”
ويؤكد على كل مطالبه، ابتداء من
اعطاء كل الأولوية للملف النووي
الإيراني باعتبار أن احتمال
امتلاك إيران أسلحة نووية يعتبر
خطراً لا يمكن السماح بحدوثه
نظراً لأنه يهدد أمن “إسرائيل”
وامتداداً إلى سحب أي تعهد
أمريكي بما جرى الاتفاق عليه في
مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار
الأسلحة النووية وبالذات ما
يتعلق بمطالبة “إسرائيل”
بالتوقيع على معاهدة الحظر
والخضوع لترتيبات التفتيش
والشفافية التي تقوم بها
الوكالة الدولية للطاقة
الذرية، وتجديد الالتزام
الأمريكي التاريخي بالتستر على
القدرات النووية “الإسرائيلية”
ورفض ممارسة أي ضغوط دولية
لاجبارها على التوقيع على
معاهدة حظر انتشار الأسلحة
النووية . تغير
بدرجة مائة في المائة من جانب
الرئيس الأمريكي من دون التزام
بالمصالح الأمريكية وما
يتهددها من مخاطر لسببين أولهما
أنه لا يجد من يهدد هذه المصالح
من الأصدقاء العرب، وثانيهما
اعتبارات الانتخابات الأمريكية
والمصالح الانتخابية للحزب
الديمقراطي وتدني شعبية الرئيس
إلى أدنى مستوياتها بسبب اساءته
للعلاقة مع “إسرائيل” طيلة
الأشهر الماضية التي كانت كفيلة
باقناعه بأنه ليس في مقدوره ولا
في مقدور أي رئيس أمريكي أن يسيء
إلى “إسرائيل” طالما أن “اللعبة
السياسية الأمريكية” خاضعة
لابتزاز “اللوبي الصهيوني”
الأمريكي وأعوانه، وطالما أن
مصالح القوى والشركات
الأمريكية آمنة في الشرق الأوسط
من دون تهديد، وطالما أن كل
ممارسات “إسرائيل” ضد العرب
والمسلمين لم تحولها بعد إلى “عبء”
على هذه المصالح، وأن العكس هو
الذي يحدث، فهذه الممارسات “الإسرائيلية”
هي التي تجعل العرب (حلفاء
أمريكا) أكثر استعداداً لتقديم
التنازلات في أداء يجعل علاقات
هؤلاء العرب بأمريكا “لغزاً”
يفوق في تعقيده “لغز” العلاقات
“الإسرائيلية” - الأمريكية . ====================== تقرير
بان كي مون وتحريك النزاعات آخر
تحديث:السبت ,10/07/2010 سليمان
تقي الدين الخليج أصدر
الأمين العام للأمم المتحدة بان
كي مون تقريره الدوري عن تنفيذ
القرار 1701 في جنوب لبنان . جاء
التقرير شاملاً كل الأوضاع
اللبنانية، فتناول تطور الوضع
على صعيد الحوار الوطني حول
الاستراتيجية الدفاعية، كما
تناول موضوع السلاح الفلسطيني
خارج المخيمات وداخلها، وعرض
لما جرى تداوله في بعض الأوساط
الدولية عن إعطاء سوريا سلاحاً
صاروخياً جديداً للمقاومة،
وتوقف عند تطور العلاقة بين
قوات الأمم المتحدة “اليونيفيل”
والجيش اللبناني والأهالي في
جنوب لبنان . انطوى
تقرير الأمين العام على تقييم
سلبي للأوضاع محذراً من
احتمالات عودة التوتر واستئناف
الأعمال العدائية . يذكر هنا أن
القرار الدولي 1701 لم يلحظ وقفاً
نهائياً لإطلاق النار، بل وقفاً
للأعمال العدائية . طبعاً لم
يلحظ تقرير الأمين العام كون
الدولة الصهيونية تنتهك
باستمرار القرار الدولي في أكثر
من مجال بما فيها اختطاف
مواطنين لبنانيين خلف الخط
الأزرق . ذكر التقرير فقط
الطلعات الجوية الاستكشافية
فوق الأراضي اللبنانية . لم
يتوقف أبداً عند إلزام القرار
الدولي بإخلاء مزارع شبعا وتلال
كفرشوبا لصالح قوات الأمم
المتحدة، بل ذكر فقط ضرورة
الجلاء عن القسم الشمالي من
بلدة الغجر وهو الجزء الأقل
أهمية . لكن التقرير اعتبر ما
تعلنه المقاومة عن جهوزية
واستعداد للرد على أي عدوان،
وامتلاكها لسلاح يطاول الحدود
البحرية لفلسطين المحتلة،
دليلاً على استمرار حصولها على
السلاح وهو ما يشكل خرقاً . ولم
يلحظ التقرير الدولي مثلاً
تهديدات القيادة السياسية
والعسكرية للدولة الصهيونية
نحو لبنان والدول العربية
الأخرى ومنها طبعاً سوريا . يأتي
تقرير الأمين العام في ظروف
مستجدة على الجبهة الجنوبية،
حيث تتحرك قوات “اليونيفيل”
لأول مرة في مناورات واسعة تحت
عنوان احتمالات شن حرب صاروخية
من جنوب لبنان باتجاه فلسطين
المحتلة، وقد اصطدمت تلك
المناورات بالأهالي في أكثر من
بلدة وموقع، ووقع بعض الجرحى
حيث حصلت اشتباكات بالحجارة
والأيدي والسلاح الأبيض . ودعا
المسؤولون الفرنسيون الدولة
الصهيونية لاجتناب الاشتباك مع
قواتهم في حال اندلاع أعمال
العنف، وكل التقارير الدولية
تحذر من انقلاب الوضع في الجنوب
نتيجة سوء تقدير للموقف، أو
هكذا صرّح أمين عام جامعة الدول
العربية . الصحف
الغربية البارزة تنشر بين الحين
والآخر سيناريوهات للحرب
المحتملة أو المتوقعة، ومؤخراً
تناولت الصحف اللبنانية مشهداً
لاندلاع الحرب على لبنان وحده
في الخريف المقبل بعد أن تكون
الأجواء اللبنانية قد عادت إلى
التأزم السياسي في إثر صدور
القرار الظني عن المحكمة
الدولية الذي يرجح أنه سيتجه
إلى اتهام “حزب الله” على نحو
ما سربت مجلة “دير شبيغل”
الألمانية . في هذا السيناريو
فإن الحرب على لبنان ستكون
شاملة وتدميرية، لا تستثني أية
منطقة ولا أية جماعة، وهي تهدف
إلى خلق أوضاع إنسانية غير
محتملة تؤدي إلى محاصرة
المقاومة وسلاحها سياسياً
وبتصاعد الغضب الشعبي من مآسي
الحرب، ولا يخفي المعلقون
الاستراتيجيون في الدولة
الصهيونية أن مثل هذه
الاحتمالات واردة لحظة شعور
الكيان الصهيوني بإمكان حصر
الحرب على الجبهة اللبنانية
واستبعاد المواجهة مع سوريا
وإيران . لا أحد يدري تماماً رد
الفعل السوري في مثل هذه
الظروف، لكن المسؤولين
السوريين أعلنوا في غير مناسبة
أن الحرب ستكون شاملة، بأي معنى
وبأية حدود وما هو مسرحها وما هي
ظروفها، لا أحد يستطيع أن يجزم،
غير أن كل ما يشاع على هذا
الصعيد ينطلق من زاوية واحدة هي
زاوية الفعل الصهيوني . لا شك في
أن هذا الفعل كبير وخطير، ويملك
قدرات تدميرية هائلة ويستطيع
استخدام أسلحة نوعية ومحرمة
دولياً وهو في حل من أمره لأنه
لا يتعرض لأي مساءلة على
المستوى الدولي . لكن رد الفعل
المتوقع ليس سهلاً كما يعتقد
بعض المراقبين، واحتمالات
الاحتلال الميداني من الصعوبة
بمكان تجعل النتائج السياسية
للحرب غير مضمونة لصالح مثل هذا
العدوان، وربما كان الهدف
الرئيسي فعلاً هو خلق أوضاع
سياسية مناهضة للمقاومة
واستثمارها . هذه
الفرضية حقيقية، فالحرب ليست
حدثاً عسكرياً فقط، ليست
النتيجة العسكرية وحدها ما يقرر
النتائج الأخرى، وفي مطلق
الأحوال استبعاد الحرب ليس
تفكيراً صحيحاً، لأن حاجة
الكيان الصهيوني والغرب إليها
ضرورة ماسة . أمام هذا الانسداد
في الآفاق السياسية خاصة إذا
انجلت المفاوضات غير المباشرة
مع الفلسطينيين عن فشل وهي
ذاهبة في هذا الاتجاه، فإن
الحرب على لبنان ليست لبنانية
فقط، إنما هي ذات هدف إقليمي، إذ
تستطيع الحرب أن تغيّر التوازن
القلق الحالي، وتستطيع أن تقلّص
الدور السوري والدور الإيراني
أو هكذا يراد لها أن تكون . وعلى
الجبهة الداخلية في لبنان ما
زال خط الانقسام الوطني قائماً
ولا اجماعات حول السياسات
الإقليمية، وهناك رهانات لدى
بعض القوى على تغيير الموقف،
وهناك من يتوقع المزيد من
الضغوط على سوريا بعد تأخير
عودة السفير الأمريكي وتأزم
المشكلات الإقليمية من العراق
إلى فلسطين . جميع
الملفات في المنطقة تراوح
مكانها، فلا مصالحة عراقية ولا
حكومة وحدة وطنية . لا حل على
المسار الفلسطيني ولا بوادر
مفاوضات سياسية جدية . لا
تفاهمات عميقة عربياً في
الموضوع اللبناني . هناك دول ما
زالت تعمل على دعم قوى لبنانية
ترفض نتائج اتفاقية “الدوحة”،
وقد ظهر مؤخراً تباين في
التعامل مع مسألة انكشاف شبكات
الجواسيس والعملاء، هناك من
يعتقد، ربما عن حق أن اختراق
نظام الاتصالات اللبناني قد
ساهم في نتائج التحقيق الدولي .
والعكس صحيح أيضاً ربما كان كشف
هذا الاختراق سيؤثر في مصداقية
قرارات المحكمة الدولية . عودة
الحذر إلى دور المحكمة الدولية
ووظيفتها هو أمر مشروع لا سيّما
أن ما رافق التحقيقات لم يكن
مهنياً وشفافاً، وقد خالطه تدخل
لحرف التحقيق عبر افتعال الشهود
والتحريض في اتجاه معين، وما
تزال المحكمة الدولية أداة
فعالة للتأثير في مجريات
السياسة اللبنانية، وعلى الأقل
أن قرار هذه المحكمة قد يفتح
النزاع مجدداً بين الفئات
اللبنانية الطائفية
والمذاهبية، وربما يشكل
انتكاسة في العلاقات العربية
اللبنانية السورية والسورية
السعودية أو يوظف في هذا
الاتجاه . اللافت في كل ما يجري
هنا أن الركود الحالي في
العلاقات العربية لا يسمح
بتدارك الأزمات الآتية
والمشكلات التي ترتسم في الأفق
اللبناني، أما اللبنانيون فهم
الضحايا لكن قادتهم يغامرون في
كل شيء ولا تقدم في المسؤولية
التي يظهرونها . ====================== يهود
العالم ومواجهة الانحراف
الإسرائيلي بقلم
:محمد خالد الأزعر البيان بعد
بضعة أيام من القرصنة
الإسرائيلية الدموية ضد قافلة
الحرية المتجهة إلى قطاع غزة
المحاصر، وجه البوند ستاج (البرلمان)
الألماني انتقادات صريحة إلي
إسرائيل؛ محورها إدانة هذه
الفعلة واستنكارها. وفي هذا
السياق، أجمع ممثلو الائتلاف
الحاكم والمعارضة على أن «استخدام
القوة في التعامل مع سفن
المساعدة الإنسانية كان خطأ
كبيراً من جانب تل أبيب..». تأتي
إستثنائية هذا الموقف من كونه
أول بادرة سلبية تصدر عن
الأحزاب الألمانية بالإجماع
بحق إسرائيل. وقد نكون بصدد
واقعة فارقة تؤشر إلى بداية
تصدع الإنشداد الألماني لمفهوم
النظر إلى هذه الدولة كضحية بغض
النظر عن التفصيلات.. وذلك بناء
على عقدة الذنب تجاه اليهود،
وهي المرجعية الأكثر استقراراً
في العقل السياسي الألماني منذ
ما بعد العهد النازي. اللافت
أكثر أن هذا التقريع الحزبي
اقترن بتحرك عملي رديف من جانب
مجموعة من اليهود الألمان؛
خلاصته إعداد حملة مساعدات ستشق
طريقها بحراً إلى غزة في نهاية
يوليو المقبل. المجموعة تحمل
اسماً موحياً هو «يهود من أجل
السلام»، وقد ذكرت متحدثة عنها
في برلين بأن الرحلة المزمعة
ستضم يهوداً وغير يهود، ولكن
الأولوية ستمنح لليهود،مشاركة
منهم في كسر حصار غزة. هناك
إذاً توجه للتخلي عن فكرة
الطهرية الإسرائيلية من لدن
أكثر الدول المحورية أوروبياً
ودولياً تبنياً لمفهوم المحرقة
اليهودية وتوابعها بحسب الزعم
الصهيوني، وذلك على الصعيدين
الرسمي بعامة والشعبي اليهودي
بخاصة. هذا
تطور جدير بالملاحظة والمتابعة
لجهة إرهاصه أيضاً بدور
للجاليات اليهودية في إنزال
إسرائيل من عليائها؛ من
قداستها، وإدراجها في زمرة
الدول غير المنزهة عن اقتراف
الموبقات الأخلاقية والقانونية
والسياسية التي تقتضي المحاسبة.
فالبوندستاج الألماني طالب ب«التحقيق
الدولي الشامل في الحادثة وبرفع
الحصار عن غزة..». إنطلاق
ألسنة بعض يهود ألمانيا ضد
الخروقات الإسرائيلية، ربما
جرأ قطاعات يهودية عالمية أخرى
على البوح بمواقف مماثلة إزاء
دولة تزعم بملء الفاه تمثيلها
لهم والتحدث باسمهم. ونحسب أن
إستنطاق هذه القطاعات وتشجيعها
وحثها على هذا البوح، هو أحد
الأعباء الملقاة على المعنيين
بمسار الصراع ومصيره على أرض
فلسطين وجوارها. وتتصاعد
علة هذا التقدير في ضوء إلحاح
حراس المشروع الصهيوني على
تحصيل الاعتراف بكيانهم
السياسي (إسرائيل) كدولة يهودية.
إن تحولا كهذا سوف يؤثر جوهرياً
على المسافة المفترضة بين يهود
العالم- بغض النظر عن مواقعهم
وتابعياتهم الوطنية- وبين
إسرائيل. ففي الحد الأدنى،
سيثور لغط حول مسؤولية كل
اليهود عن سياسات «دولتهم»
المسماة إسرائيل.. أو ستدخل
الجاليات اليهودية في جدل واسع
بشأن دورهم في صناعة هذه
السياسات وتطبيقاتها. وفي
الحد الأقصى، ستصبح الجاليات
اليهودية مسؤولة بشكل مباشر عما
ترتكبه إسرائيل من سياسات
وسلوكيات. ومن الوارد بقوة أن
يذهب بعض أصحاب الرؤي
والتكييفات السياسية أو
الدينية «المتطرفة» إلى مساءلة
هذه الجاليات أو ما يقع منها بين
ظهرانيهم ومتناول أيديهم عن هذه
السياسات. في
مناسبات قريبة تاريخياً، عرفت
بعض العواصم كباريس ولندن
وأنقرة وبيونس أيريس، شيئاً من
ردود الأفعال العنفية ضد مصالح
يهودية بسبب الدعاوى
الإسرائيلية بتمثيل اليهود. جرى
ذلك من قبل أن تجهر إسرائيل
بيهوديتها الخالصة.. فكيف الحال
بمثل هذه الردود والتداعيات في
حال جرت المصادقة على هكذا
هوية؟! قافلة
جماعة السلام اليهودية
الألمانية المزمعة خطوة موفقة
من حيث المبنى والمعنى، لا سيما
إن كانت مشتقة بالفعل عن
استشعار بمخاطر التصرفات
الإسرائيلية على أحوال اليهود
ومستقبلهم في عوالم الآخرين.. هؤلاء
الذين يشكلون تقريباً ضعف عدد
اليهود في إسرائيل. وإذا لم يكن
هذا الاستشعار قائماً، فان
أنصار القضية الفلسطينية
والعاطفين على إستقامة اليهود
دينياً وأخلاقياً وسياسياً
ملزمون بالتنبيه إليه والتعريف
به. ندفع
بهذا التصور وفي تقديرنا أن
الجاليات اليهودية منظمة
ومؤطرة ومتواصلة بعملية تشبيك
كبيرة فيما بينها، بما يمكنها
من اتخاذ مواقف مشتركة. ونتصور
بالتداعي، أن جهر هذه الجاليات
بانتقاد ما يسيء اليها من
سياسات وسلوكيات إجرامية
إسرائيلية، ربما فاق في تأثيره
ما يتخذه المجتمع الدولي بأسره
من مواقف رادعة لهذه السياسات. كاتب
واكاديمي فلسطيني ====================== بقلم
:حسين العودات البيان 7/10/2010 اختلط
مفهوما الحداثة والتحديث في
الثقافة العربية المعاصرة،
سواء لدى الأنظمة السياسية أم
لدى المتعلمين والمثقفين
والناس العاديين، ولم ينج من
تداخل المفهومين في أذهانهم سوى
فئة قليلة من النخبة
والأكاديميين، وكادا يتوحدان
في ثقافة العديد من الشرائح
الثقافية والاجتماعية. وقد
اعتقد البعض أن التحديث هو
الحداثة، وعليه فقد وصلت هذه
الحداثة حسب رأيه إلى مجتمعاتنا
العربية، وها نحن نتطور بثبات
وعلى وشك امتلاك ناصية الحداثة
والمجتمع الحديث والدولة
الحديثة، ولابد أن تنضج حداثتنا
وتأخذ أبعادها الفلسفية
والاقتصادية والاجتماعية
والسياسية والقومية وغيرها. بادئ
ذي بدء ينبغي التفريق بين
التحديث والحداثة، فالتحديث هو
الأخذ بالتطور العلمي والتقني،
وإشادة البنية التحتية للمجتمع
حسب معطيات هذا التطور وفي
مختلف جوانب الحياة العمرانية،
وأنماط الاستهلاك والعيش
والمواصلات والاتصالات، وأدوات
وأساليب الرفاه، وغيرها من
المنتجات والمخترعات التي وصلت
إليها البشرية، وتكاد مجتمعات
العالم تتشابه من حيث بنية
التحديث وإطاره العام، والفرق
بينها هو في الواقع فرق بدرجة
التحديث من جهة وبأن بعضها صانع
للتحديث وبعضها الآخر مطبق له
وناقل ومقلد من جهة أخرى. أما
الحداثة فهي أمر مختلف كلياً عن
التحديث، لأنها تهتم بالجوانب
الفلسفية والفكرية والثقافية
والسياسية القائمة في
المجتمعات ومفاهيمها، فقد قدمت
الحداثة مفاهيم جديدة في
الفلسفة، وشددت على تبني
العقلانية وتفعيل العقل، وعلى
العلمانية، وأحدثت قفزة فكرية
شديدة الأهمية في تاريخ الفكر
الإنساني، وحققت ثورة سياسية من
خلال تبنيها أسساً جديدة للدولة
الحديثة كمفاهيم الحرية
والمساواة والديمقراطية، وقبل
ذلك تأكيد مفهوم الفرد الحر (الفردانية)
إضافة إلى إصلاح الخطاب الديني
ونقد التراث. وقد
نقلت الحداثة العالم، حسب قول
أحد الفلاسفة (من الزراعة إلى
الصناعة، ومن الإقطاعية إلى
الدولة القومية، ومن الاستبداد
إلى الديمقراطية، ومن تهميش
الفرد إلى المبالغة في سلطته). وفي
ضوء هذا نلاحظ فرقاً شاسعاً بين
اصطلاحي الحداثة والتحديث،
ولعل كون التحديث ابناً شرعياً
للحداثة، وتابعاً إلزامياً
لها، ونتيجة من نتائج مفاعيلها
في المجتمعات الحديثة، جعل معظم
الناس بمن فيهم بعض المثقفين
يخلطون بين المفهومين ويلتبس
عليهم الفرق بينهما. وباختصار
نقول : تتعلق الحداثة بفكر
الإنسان ومفاهيمه وبنية
الدولة، ومرحلة التطور
الاقتصادي الاجتماعي والتطور
السياسي أيضاً، بينما يعبر
التحديث عن نفسه بالتطبيقات
العلمية والتقنية والمخترعات،
ووسائل الاستعمال اليومي وما
يشبهها. يلاحظ
الدارسون للحداثة ونشوئها
وتاريخها أمرين: أولهما أن
تطورها كان بطيئاً، فقد احتاجت
إلى ثلاثة قرون حتى بلغت مرحلة
النضوج، من القرن السادس عشر
إلى القرن التاسع عشر، وعلى هذا
فهي ليست قراراً سياسياً، أو
نظرية فيلسوف، أو برنامج نخبة،
وإنما واقع تاريخي، وتطور شامل
اجتماعي اقتصادي، ويرى بعض
الفلاسفة فيها تجربة تاريخية
مريرة عرفتها المجتمعات،
ومفهوماً ينتمي لكل الأزمان،
لأن لكل عصر حداثته، والأمر
الثاني هو أن الحداثة التي
تعيشها المجتمعات المعاصرة هي
من منتجات النهضة الأوروبية،
فقد كانت هذه النهضة ومعها عصر
التنوير مدخلاً لها ومحرضاً
عليها. لكنها
مع ذلك ليست مفهوماً أوروبياً
أو حكراً على التطور الأوروبي
أو على عصر النهضة فهي لا وطن
لها، وليس لها نموذج واحد، فلكل
عصر حداثته، وكلما فعّلنا
العقلانية والتنوير
والديمقراطية وانتقلنا من عالم
الخرافات إلى عالم العقل ومن
الاستبداد إلى الديمقراطية،
كلما اقتربنا من الإمساك
بتلابيب الحداثة. لقد
تعثرت مشاريع الحداثة في
البلدان العربية وربما فشلت
جميعها، وذلك لأسباب عديدة
موضوعية أو مصطنعة، منها أن بعض
المثقفين العرب اعتبروا أن
الحداثة مستوردة فقد أتت مع
المستعمرين oوالغزاة
الأوروبيين، الذين مارسوها على
حقيقتها في بلادهم ومارسوا
عكسها في البلدان المستعمرة،
فلم يحترموا الحريات
والديمقراطية وحق الشعوب في
تقرير مصيرها وحقوق الإنسان
عامة. ولذلك
كان التحزب للحداثة لدى أبناء
البلدان المستعمرة كأنه تحزب
للاستعمار، فضلاً عن إشكالية
مفاهيم العلمانية واعتبارها
لدى بعض الشرائح الاجتماعية
نوعاً من أنواع الإلحاد،
واعتقاد البعض الآخر أن إصلاح
الخطاب الديني هو ردة على الدين
برمته، وأن نقد التراث يعني
القطع معه واتخاذ موقف عدمي
منه، في الوقت الذي شوهت بعض
الأنظمة السياسية العربية
مفاهيم الحداثة. ورفضت
ممارستها أو تطبيقها، وأشاعت
مفاهيم جديدة بدلاً عنها،
وحاولت استبدال التحديث بها،
وإقناع الناس أن التحديث هو
الحداثة وبالتالي فلا ينقص
تطورنا شيء. الملاحظ
أن البحوث المتعلقة بالحداثة
وإشكالياتها وفشلها في البلدان
العريبة هي بحوث قليلة وربما
نادرة قياساً لما يجب أن تكون
عليه، فلم تشغل الحداثة جدياً
لا النخبة ولا المثقفين بشكل
عام ولا حتى الفلاسفة منهم،
ولولا اهتمام بعض المثقفين
العرب والمغاربة خاصة بإعداد
دراسات عن الحداثة عامة،
والحداثة العربية بشكل خاص،
لكان مخزوننا الثقافي عنها
فقيراً إلى حد الإدقاع. شكك
بعض الفلاسفة بجوانب عديدة من
جدوى الحداثة، وانتقدوا بعض
مفاهيمها وقيمها، ونادوا
بنظرية (ما بعد الحداثة) التي
يتهمها معارضوها بأنها غالت
بالنسبية المعرفية والأخلاقية،
حتى كادت أن تلغي الثوابت، وقد
انتقل المفهوم فيها من المنفعة
إلى اللذة، وأصبح الاستهلاك لا
الإنتاج هو هدف المجتمع، وتم
تنميط السلع على مستوى شامل،
وهاهي ما بعد الحداثة تقود
العالم إلى بلوغ النهايات :
نهايات التاريخ والأيديولوجيا
والسببية والحضارة وغيرها. وأخيراً
ينبغي أن نتذكر أن كثيراً من
مجتمعات الدنيا تعيش مرحلة ما
بعد الحداثة، بينما ما زالت
مجتمعاتنا العربية تعيش مرحلة
ما قبلها، فهي لم تحقق نهضتها
بعد، فكيف بحداثتها. كاتب
سوري ====================== حرب
المئة عام العربية الإسرائيلية سمير
كرم السفير 7/10/2010 لا
يكاد احد منا يتذكر حرب المئة
عام الأوروبية التي دامت طوال
الفترة من عام 1338 الى عام 1453. فهي
تمر بنا مجرد نبذة سريعة في
دراستنا الثانوية عندما يدخل
تاريخ اوروبا في مناهجنا
الدراسية، ولا نلبث ان ننساها. حرب
المئة عام كانت حرباً متقطعة
ولكنها متواصلة بين انكلترا
وفرنسا ومن اجل تخليص المناطق
الفرنسية التي كانت واقعة تحت
سيطرة الانكليز ، وكذلك تخليص
السيادة الفرنسية من مزاعم ملوك
بريطانيا المتوالين في تلك
الحقبة بأن لهم السيادة على
فرنسا ولهم وراثة عرشها. اننا
في الغالب لا نعرف أن حرب المئة
عام الأوروبية انتهت بانتصار
حاسم للمقاومة الفرنسية بقيادة
«القديسة» جان دارك، التي قلبت
موازين تلك الحرب باستيلائها
على اورليان عام 1429. وبعد
استشهاد جان دارك حرقاً على
أيدي أعدائها الانكليز عام 1431
بتسعة اعوام كاملة، عادت
النورماندي الى فرنسا بفضل
المقاومة، ثم أعادت المقاومة
بوردو الى السيادة الفرنسية عام
1453 ولم تلبث في عام 1458 ان
استعادت كاليه التي كان
الانكليز قد وضعوا أيديهم عليها
عام 1360. ويبدو
ان ما هو مشترك بين حرب المئة
عام الأوروبية وحرب المئة عام
العربية الإسرائيلية ليس مجرد
الامتداد الزمني الطويل. الأهم
هو استمرار المقاومة، وفي فترة
حاسمة اتخاذ المقاومة طابع
الجهاد الديني حتى انتصار
المقاومة. لعل من
الضروري التذكير بمجريات حرب
المئة عام الأوروبية في الوقت
الحالي الذي يبدو فيه وكأن
العالم قد اعتاد على الصراع
العربي الإسرائيلي، بحيث اصبح
يعرف كيف يتعايش معه، بل لعل بعض
الاطراف صار يخشى ان ينتهي هذا
الصراع، فتنشأ عن ذلك ظروف
وأحوال محلية وإقليمية ودولية
غير مألوفة، والأخطر غير
ملائمة، لاستمراره في الحياة او
في الحكم (...). نعم
لقد حدثت حالة من الاعتياد على
حرب المئة عام العربية
الاسرائيلية، خاصة لدى الاطراف
الخارجية التي تخوضها بأدوار
متباينة، ابتداءً من دور مصدر
السلاح ومصدر التأييد السياسي
والاقتصادي والدبلوماسي، وهذا
دور تؤديه الولايات المتحدة
بالكامل منذ عام 1967 في دعمها
لإسرائيل في هذه الحرب، ودور
التلويح بما يشبه الحياد كما
يؤديه الاتحاد الاوروبي الآن.
وهذا دور على الرغم من انه لا
يعد استمراراً للدور الأوروبي
القديم كالذي لعبته فرنسا في
حرب السويس عام 1956 الا انه لا
يقترب من حياد حقيقي ولا من
انفصال نهائي عن الدور الاميركي.
ربما لهذا يمكن ان نعزو ذلك الى
ما نعتبره الاعتياد على العيش
والتكيف مع الصراع العربي
الإسرائيلي، بل والاستفادة
مادياً منه: استمرار الحصول على
النفط العربي، استمرار
الاستثمار الاقتصادي والمالي
في الاقتصادات العربية، خاصة في
الدول التي تبدي «اعتدالاً» في
مواقفها من الصراع. والملاحظ
ان القوى الفاعلة الاساسية في
العالم تبذل جهوداً كبيرة من
اجل استمرار الصراع، تفوق تلك
التي تقوم بها من أجل إنهاء هذا
الصراع. كأنها تدرك ان العالم لن
يعود كما هو اذا انتهى هذا
الصراع. وكأنها تعتقد أن
مصالحها قد لا تعود مصونة في
عالم ما بعد الصراع العربي
الإسرائيلي، خاصة اذا انتهى على
النحو الذي انتهت اليه حرب
المئة عام الأوروبية... اي
بانتصار المقاومة بصورة نهائية
وحاسمة. ولتوضيح
هذه النقطة قد يكون من المفيد ان
نرى الصراع الأميركي الإيراني
في ضوء الصراع العربي
الإسرائيلي. إن اشتداد حدة
الصراع الاميركي ضد إيران لا
يعود مفهوماً بوضوح إلا
باعتباره احد الضمانات
الاميركية لاستمرار الصراع
العربي الإسرائيلي عن طريق حجب
الدور الإيراني فيه. وليس من
سبيل الى حجب إيران عن دور في
الصراع العربي الإسرائيلي يتفق
مع مبادئها ومصالحها معاً إلا
بشغلها بصراع ربما اكثر حدة ...ربما
بحدة صراع نووي. إن حجم
ونوع التناقضات بين الولايات
المتحدة وإيران لا يكفي لتبرير
حدة الموقف الاميركي من إيران،
إنما يبرره ويدفع باتجاهه حجم
ونوع التناقضات بين ايران
الثورة الاسلامية وإسرائيل
الكيان الصهيوني الممسك
باحتكار القوة النووية في منطقة
الشرق الاوسط. والصراع
الراهن مع تركيا يعطي أوضح
الأدلة على ان الولايات المتحدة
تخشى من دور يمكن أن تؤديه دولة
عضو في حلف الاطلسي ارتبطت مع
الولايات المتحدة ومع اوروبا
بأوثق صلات التحالف
الاستراتيجي والسياسي. فما أن
بدت على تركيا علامات على تغيير
باتجاه تأييد الجانب العربي (الإسلامي)
في الصراع العربي الإسرائيلي
بعد سنوات طويلة من اتباع
الطريق الاميركي في هذا الصراع،
حتى بدأت الولايات المتحدة تقف
من تركيا موقفاً يتجه باتجاه
التشابه مع موقفها من إيران.
أصبحت تركيا بشكل شبه فجائي
عاملاً فاعلاً في تأثيرات
الصراع العربي الإسرائيلي يمكن
أن يكشف مواقف الأطراف المباشرة
العربية التي انحازت لجانب
الإبقاء على الصراع كما هو أو
اذا امكن دفعه باتجاه نهاية
توطيد مصالح اسرائيل. بل
الواقع أن الولايات المتحدة لا
تكتفي في مواجهة الإضافة
الإيرانية وبعدها التركية الى
عناصر مقاومة التفوق
الإسرائيلي الاستراتيجي
والسياسي، بانتهاج سياسة حرب ضد
إيران وسياسة ضغط ضد تركيا ... ان
الولايات المتحدة تلعب دوراً لم
تصل خطورته إلى الصراع العربي
الاسرائيلي الى هذه الدرجة. وهو
دور يدفع حلف الاطلسي دفعاً
حثيثاً الى التوسع الاستراتيجي
(العسكري أساساً) في منطقة الشرق
الاوسط عبر اتفاقات مع إسرائيل
تتضمن المناورات البحرية
والجوية والبرية المشتركة مع
القوات الاسرائيلية. وهذه تمثل
اول ما تمثل إنذاراً للدول
والقوى المناوئة لإسرائيل بأن
حلف الاطلسي لن يكون بعيداً في
حالة نشوب عمليات تكون إسرائيل
فيها هدفاً. ويشمل
هذا الإنذار غير المباشر إيران
وتركيا ولكنه يشمل بدرجة اساسية
الدول المعتدلة العربية التي
تجد نفسها في حيرة بين اتجاهات
الرأي وسط جماهيرها وما تريده
منها الولايات المتحدة. ولا
يغيب عن بالنا ان خطة إشراك حلف
الاطلسي في الدفاع عن إسرائيل
قد استوجبت في السنتين
الاخيرتين بوجه خاص عقد اتفاقات
لها الخصائص ذاتها التي اتسمت
بها الاتفاقات مع اسرائيل...
اتفاقات شملت مصر والأردن وبعض
دويلات الخليج. فإذا
صحت الأنباء الملحة عن حالة
استعداد أميركية اسرائيلية لشن
ضربات واسعة النطاق على إيران
تشمل عدة آلاف كثيرة من الأهداف
الاستراتيجية والاقتصادية،
فمعنى هذا ان الدول التي ارتبطت
باتفاقات للمناورات المشتركة
مع حلف الاطلسي ستجد نفسها
مجبرة على تنفيذ عمليات مشتركة
مع إسرائيل ومع الناتو ... عمليات
موجهة ضد إيران. وليس خافياً أن
أطرافاً عديدة رأت في قرار مجلس
الامن الاخير بزيادة العقوبات
على إيران تحت ضغط أميركي غير
مسبوق باعتباره إشارة «ضوء اخضر»
من المجلس تحت إمرة أميركا
بالموافقة على توجيه ضربات
هجومية ضد إيران بذريعة وقف
نشاطها الرامي الى اكتساب سلاح
نووي. يتحدث
المخططون الاستراتيجيون
الاميركيون المؤيدون لسياسة
ادارة اوباما تجاه إيران
والمعارضون لها على السواء عما
يسمونه الآن «ضربة وقائية نووية»
تستعد الولايات المتحدة
لتوجيهها الى إيران باعتبار انه
ليس من سبيل آخر لوقف «الخطر
النووي الإيراني». هل
تذهب الولايات المتحدة الى هذا
الحد في حماية اسرائيل؟ لقد حل
هذا السؤال محل السؤال الذي كان
مطروحاً قبله، وهو هل تهاجم
اسرائيل ايران؟ ويؤكد المخططون
الاستراتيجيون الاميركيون انه
اصبح في حكم المؤكد منذ شهر
تشرين الاول/اكتوبر الماضي ان
اسرائيل لا تملك الوسائل التي
تمكنها من مهاجمة ايران على
النطاق المخطط له والذي يشمل
كما قلنا آلافاً مؤلفة من
الاهداف الاستراتيجية
والاقتصادية، بما في ذلك منشآت
البنى التحتية مثل محطات الطاقة
والجسور والطرق... ويضيفون انه
بالتالي لم يعد مفر من التنسيق
مع البنتاغون. ولم يمض وقت طويل
حتى استبدلت هذه الكلمات
الاخيرة بالقول بأن هذه مهمة لا
تستطيع القيام بها إلا الولايات
المتحدة. وقد لحظ المراقبون ان
آخر مرة جرت فيها إشارة الى
احتمال قيام اسرائيل بمهاجمة
ايران كانت في تصريحات نصحت
فيها هيلاري كلنتون وزيرة
الخارجية الاميركية مستمعيها
بأن لا يستبعدوا هجوماً
استباقياً اسرائيلياً على
إيران، وكان ذلك في شهر حزيران
يونيو من العام الماضي. والتحذير
بالأحرى الإنذار يشمل تركيا اذا
تبّنت تركيا سياسات إلغاء
التعاون العسكري مع اسرائيل،
التي اصبحت سياسة فاعلة منذ
وقوع الهجوم الإسرائيلي
الإجرامي على السفينة التركية،
ضمن قافلة الحرية لنقل المعونات
الانسانية الى شعب غزة المحاصر،
ولكنه بالطبع لا يشمل توجيه
ضربات عسكرية من أي نوع لتركيا.
وربما لا يصل الإنذار الى تركيا
الى أكثر من تأييد انقلاب عسكري
داخلي يتخلص من حكومة الحزب
الحاكم برئاسة الطيب اردوغان. يضاف
الى هذا تحرك الولايات المتحدة
لبناء قواعد عسكرية في بلدان
آسيا الوسطى (الجمهوريات
السوفياتية السابقة). فعلى
الرغم من ان المصادر الاميركية
تعتبر ان الهدف هو أساساً إحاطة
روسيا بقوة عسكرية اميركية من
كافة الجهات وفي الوقت نفسه
الاقتراب من الصين التي وصلت
قوتها العسكرية الى حدود
تعتبرها الولايات المتحدة
خطراً لا يمكن السكوت عنه، الا
ان قرب جمهوريات آسيا الوسطى من
إيران وما هو معروف عن نفوذ
إيران العقائدي والثقافي فيها،
امور تجزم بأن الولايات المتحدة
إنما تهدف ضمن ما تهدف إليه في
تلك المنطقة الى التصدي لإيران
ومحاصرتها بشبكة من المنشآت
والقواعد العسكرية الأميركية. وقد
دعا التحرك الأميركي في آسيا
الوسطى بعض المحللين
الاميركيين لأن يفسروا عدم
استخدام روسيا او الصين حق
الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار
العقوبات على إيران بأنه من
دلائل خوف كل من موسكو وبيجين من
هذا الزحف العسكري الأميركي
وليس فقط كدليل على المدى الذي
وصلت اليه السيطرة الاميركية
على مجلس الامن (مايكل
شوسودوفسكي: في غلوبال ريسيرش
على شبكة الانترنت). ويؤكد
شوسودوفسكي أن هجوماً على إيران
سيؤدي على الفور الى تصعيد
عسكري... إن الشرق الاوسط بأكمله
ومنطقة آسيا الوسطى ستشتعل، وهو
وضع يمكن ان يتحول الى سيناريو
حرب عالمية ثالثة. وبمعنى واقعي
جداً فإن مغامرة عسكرية أميركية
أطلسية إسرائيلية تهدد مستقبل
البشرية. مع ذلك
فإنه ليس مستبعداً ان الولايات
المتحدة تناور من اجل استمرار
الصراع العربي الاسرائيلي
كوسيلة للحيلولة دون نهاية تطرد
اسرائيل من مركزها الاستراتيجي
الراهن، سواء استوجب هذا مهاجمة
ايران او شغلها باستمرار بخطر
حرب مقبلة. ان
الولايات المتحدة هي المستفيد
الاكبر من استمرار الصراع
العربي الاسرائيلي من دون نهاية
حاسمة، وهي لا تجد نفسها مستعدة
لتخسر كل مكاسبها ومواقعها التي
يؤمّنها لها استمرار الصراع،
حتى أصبح حرب المئة عام العربية.
====================== الولايات
المتحدة و"العافية"
الإيرانية! المستقبل
- السبت 10 تموز 2010 العدد
s2076 - رأي و فكر - صفحة 11 مرح
البقاعي تكاد
تكون واقعة الرابع من تشرين
الثاني للعام 1979 في السفارة
الأميركية بطهران واتخاذ
الديبلوماسيين الأميركيين في
حينها رهائن لمدة 444 يوما، حجر
الأساس لدراما الارتجاج الأمني
والنزوع الجهادي الانتحاري
الذي يحمل هوية محاربة "النصارى"
وثقافتهم في الغرب الأميركي -
العدو، وذلك في شريط من العنف
الموصول اندلع متواقتا مع
اضطرام الثورة الخمينيّة
الشيعيّة منذ نيف وثلاثين عاما،
مارّا بتفجير مقر مشاة البحرية
الأميركية في بيروت في العام 1983،
بالغاً ذروته العنفيّة في هجمات
الحادي عشر من سبتمبر/أيلول
الانتحارية في العام 2001، وهذه
المرة في العقر من الدار
الأميركية. اتخذت
إدارة الرئيس جيمي كارتر
الديمقراطية قرار دعم ثورة
الإمام الخميني إثر اشتداد
أوارها، مُشَيِّدة قرارها هذا
على نظرية "الحزام الأخضر"
التي صاغها آنذاك مستشار الأمن
الوطني في حكومة كارتر زبيغنيو
بريجنسكي، والتي مفادها أن نشوء
أنظمة إسلامية في منطقة الشرق
الأوسط، مدعومة أميركياً،
سيكون بإمكانها، وبما لديها من
دعم جماهيري قاعدته الإسلام، أن
تشكل بدائل حقيقية للنظم
الاستبدادية القائمة من جهة،
وأن تكبح جماح حركات اليسار
المناصرة للاتحاد السوفييتي،
قبل انحلال عقده، من أخرى. ومن
أجل إشهار دعمه لنظام الملالي
الوليد في إيران قام الرئيس
الأسبق كارتر برفع الحظر عن بيع
الأسلحة والبضائع لإيران الذي
كان ساريا منذ العام 1978،
وللتأكيد على ميوله لنصرة أصحاب
العمائم رفض منح شاه إيران
تأشيرة دخول إلى الولايات
المتحدة لتلقي العلاج في
نيويورك! أما
لغة الاعتذار والاستعطاف التي
تعامل بها الرئيس كارتر خلال
أزمة الرهائن، كأن يخاطب
الخميني مباشرة، في رسالة خطية
خاصة منه، ملتمسا حل مشكلة
الرهائن من "رجل يؤمن بالله"،
ناهيك عن لهجة مبعوثه للأمم
المتحدة، أندرو يونغ، الذي توسل
لآية الله الخميني أن يظهر "شهامة
ورحمة" مطلقا عليه صفة "
قديس القرن العشرين"، فقد
جاءت لتغذّي النزعة العنفيّة
لدى المجموعات الإسلامية
المتطرفة، وتؤجج لغة التعنت في
التعامل مع الأميركيين لما
لمسوا فيهم من ضعف وتخبّط في
مواجهة مشهد ديبلوماسييهم
يساقون معصوبي الأعين ومكبلي
الأذرع أمام كاميرات العالم؛ ما
دفع بالرئيس الجمهوري رونالد
بريغان أن يخاطب الخميني حال
فوزه على منافسه الديمقراطي
كارتر في انتخابات الرئاسة
للعام 1980 قائلا: "لو كنت في
موقعك لسعيت إلى التوصل إلى حل
مع كارتر فهو رجل لطيف، وأنا على
ثقة من أن موقفي حينما أصل إلى
البيت الأبيض حيال هذه القضية
لن يعجبك"! أما ردّ الفعل
الإيراني فجاء مباشرا وحاسما
بإطلاق سراح الرهائن
الأميركيين في اليوم الأول
لدخول الرئيس ريغان ومباشرته
لمهامه الرئاسية من المكتب
البيضاوي. هذه
العلاقة الملتبسة بين الولايات
المتحدة وإيران ما لبثت تثير
إشارات الاستفهام، والتعجب
أيضا، على غير صعيد. فعلاقة المد
والجزر بين البلدين "العدويّن"
إنما تخضع لبوصلة المصالح
الاستراتيجية التي تتفاوت بين
تقارب وتباعد في غير منطقة من
العالم. فأولوياتهما
الإستراتيجية المشتركة كانت قد
جمعتهما خلال الغزو الأميركي
لأفغانستان عام 2001 حين سقط نظام
طالبان الأصولي هناك، وشعرت
إيران بالبراء من وجع التشنج
السلفي في خاصرتها اليمنى؛
بينما استأصل الأميركيون نظام
صدام حسين الشوفيني القومي عن
خاصرتها اليسرى، فكانت العافية
السياسية الإيرانية في بدر
اكتمالها. يحتشد
الخطاب الإيراني السياسي
الرسمي بمصطلحات الترويج
للعداء للغرب والولايات
المتحدة وحليفتها اسرائيل،
بينما تجد أميركا في دولة
الملالي مكمنا للشر المنتظر ذي
المخالب النووية الذي ينذر
بتقويض أمن العالم بأسره. ومع
عودة التصعيد الإيراني
الأميركي المتعلق بالبرنامج
النووي الإيراني، تداولت
الصحافة العالمية أنباء مفادها
أن إيران تعاونت عن كثب مع
الولايات المتحدة، ومن خلال
قنوات ديبلوماسية في أقسام
رعاية المصالح في سفارات
باكستان وسويسرا في واشنطن
وطهران، ومن خلال لندن حليفة
واشنطن في حرب العراق، من أجل
حشد دعم العراقيين للانتخابات
العراقية الأخيرة، وتهيئة
المناخ السلمي لقيامها. وفي حدث
سابق، وخلال المواجهات مع
ميليشيات مقتدى الصدر في النجف
أعلن وزير الخارجية الإيراني
آنذاك، كمال خرازي، أن الولايات
المتحدة الأميركية طلبت من
طهران مساعدتها في تسوية الأزمة
من خلال التأثير على الجماعات
الشيعية العراقية النافذة،
ودفعها باتجاه التهدئة، ما من
شأنه حقن الدماء الأميركية التي
قد تذرف في مواجهات محتملة مع
رجال الصدر المدجّجين بالعقيدة
والسلاح. من
نافل القول ان لإيران طموحها
النوويّ المُلحّ، معزّزاً
بهاجسها الإمبراطوري التليد.
وهي ما فتئت تسعى لامتلاك أوراق
رابحة على الساحة الدولية تقايض
بواسطتها مضيّها الموتور في
هذين المشروعين. ومنذ الاحتلال
الأميركي للعراق في نيسان من
العام 2003 لعبت إيران دور محامي
الشيطان المزدوج المهام في
المسألة العراقية، وسعت
بانتظام إلى الاتخاذ من نفوذها
الشيعي هناك ورقة ضاغطة لمساومة
الأميركيين وشراء صمتهم خلال
سعيها لامتلاك السلاح النووي،
ومدّ حبال نفوذها الإقليمي،
والتمادي في استعراض عنجهيتها
على مسمع ومرأى من دول الجوار
وعلى رأسها دول الخليج "الفارسي"
كما يطيب لإيران "الفارسية"
أن تدعوه. فصل
المقال هنا يأتي على لسان ويد
ابن الثورة الخمينية الأسبق،
وزعيم المعارضة الإصلاحية
الحالي، مير حسين موسوي، الذي
ترأس الحكومة الإيرانية في فترة
حربها مع العراق بين عامي 1980-1988،
حين أقرّ علنا بفشل الثورة
الإسلامية قائلا: "إن الحركة
الخضراء لن تتخلى عن معركتها
السلمية إلى أن يتم مراعاة حقوق
الشعب كاملة". وهو لا يتوانى
أن يدحض شرعية دكتاتورية ما بعد
الشاه، التي قامت باسم الدين،
مؤكدا في تصريح له على موقعه
الالكتروني: كلمة، أن "جذور
الظلم والدكتاتورية مازالت
موجودة في إيران، وأن الثورة
الإسلامية لم تحقق أهدافها
بإلغاء الاستبداد من البلاد"،
مشيراً إلى أن "كمّ أفواه
الإعلام، وزجّ الإصلاحيين في
السجون، وانتهاج العنف المنظّم
في مواجهة المواطنين العزْل
الذين يطالبون سلميا في الشارع
باحترام حقوقهم، لهو دليل دامغ
على أن مظاهر العسف والتسلط
التي سادت في حقبة الشاه مازالت
حيّة ترزق، تحرسها عصيّ ورشاشات
الباسيج المسعورة". هكذا،
بين "الحزام الأخضر"
الكارتري 1979، و"الحركة
الخضراء" الموسوية 2010، وبين
رحيل الاتحاد السوفييتي وبقاء
المستبدّين، يقف المراقب للشأن
الإيراني حائرا في قراءة
الأوراق الإيرانية - الأميركية،
التي بدأ الحبر يتداخل فيها
مختلطا بين الأحمر والأزرق
والأخضر، بما يتعثر فكّ
مفرداته، وتضيع منه شفرة اللغة
لكشف طلاسم ذاك الرهاب الذي زجّ
الطرفين، الأميركي والإيراني،
في زواج متعة ممتدّ، مع سابق
العمد والترصّد! ====================== الشرق
الاوسط 7/10/2010 يبدو
أن بعض القنوات الإعلامية
المحسوبة على الإعلام العربي هي
إعلام موجات عاطفية وشعورية
فقاعية صارخة، فارغة من أي
مضمون حقيقي، أو رسالة
استراتيجية هادفة. وبالرغم من
أنه ليس بالضرورة أن يخضع
الإعلام لقوانين وأحكام
العدالة وأسس الحيادية
الفكرية، فإنه في الوقت نفسه لا
يجوز أن يجنح إلى العدمية
المعرفية، والتفرد بصناعة
الجهل، بحيث يبدو أن الأمور
حاليا في العالم العربي وصلت
إلى درجة أنه لو لم يكن هنالك
إعلام، ربما كانت الحالة أفضل.
لأن الكثير من المتلقين لا
يملكون منظومة فكرية، وهم صفحات
بيضاء في انتظار التأثير
الإعلامي، فيأتي التأثير
الإعلامي التهييجي المغيب
للعقل والمنطق والتحليل
الموضوعي السليم، فتتشكل
منظومة فكرية عند المتلقي، ومن
ثم يعود هذا المتلقي إلى تلقي
الوسيلة الإعلامية، لا، بل
المشاركة في الحدث الإعلامي من
خلال الاتصال والتفاعل مع
الوسائل التكنولوجية الكثيرة،
فتكتمل دائرة الجهل. ولنضرب
أحدث الأمثلة على ما نقول،
انخراط بعض قنوات الإعلام
العربي في الترويج الزائد
لتركيا الأردوغانية، وتجاهل أو
نسيان أن هناك في تركيا مشكلة
كبيرة تتقارب في الكثير من
جوانبها مع قضية من الجنس نفسه
للقضية التي من أجلها يتعاطفون
معها. فإن
كانوا ناصرين للحق والعدل تجاه
بني جلدتهم.. فلماذا تتغير
الآية، وتنقلب، عندما يتعلق
الأمر بالآخرين، ولا يكتفي
هؤلاء المروجون بهذا، بل يطلقون
الأسماء والألقاب على رئيس
الحكومة التركية، الذي يجيد
الضرب على وتر نقطة ضعف العرب،
وهي «غزة». مشهد
إعلامي يزرع الجهل ليحصد
الدمار، مشهد يخلط الأمور بعضها
ببعض، حتى يتوه فيه ذو العقل.
فما بالكم بهؤلاء السذج
والبسطاء الذين لم يقرأوا في
حياتهم تاريخ تركيا، أو أسباب
المشكلة الكردية في تركيا؟
وللأسف الشديد، فإن هناك الكثير
من الكتاب والإعلاميين ينخرطون
(من حيث يدرون أو لا يدرون) في
موجة اتهام الكرد بافتعال
الأحداث الأخيرة مع تركيا، بسبب
تعاطفها مع القضية الفلسطينية،
منطلقين من نظرية المؤامرة،
التي استُهلكت حتى باتت أسطوانة
مشروخة. هؤلاء
يتجاهلون أن دعوات للحوار أطلقت
عشرات المرات من جانب كرد تركيا
تجاه الحكومات التركية
المتعاقبة، وتم تجاهلها،
واستعيض عنها بالحروب والويلات
والمآسي، ويتجاهلون أن عشرين
مليون كردي في تركيا غير معترَف
بوجودهم كشعب على أرضه
التاريخية. ويتجاهلون أن الكرد
قد قدموا دماء زكية في سبيل
فلسطين، وضحى الكثير منهم
بأرواحهم، عندما كانوا يقاومون
اجتياح لبنان من قبل الجيش
الإسرائيلي عام 1982، في قلعة
الشقيف (وصلاح الدين الأيوبي
وتحريره للقدس)، والفلسطينيون
يعرفون ذلك جيدا. إذن
لماذا كل هذا التجاهل، وهذا
الاستهلاك الإعلامي،
والاستخفاف بعقول مشاهدين لا
يملكون من الوعي ما يستطيعون به
تحليل الأحداث بربط بعضها ببعض،
وفك عواملها وحيثياتها
وجوانبها كافة. ====================== هيثم
المالح: ثمانون عاما أغلبها
طردا وسجنا أحمد
أبو مطر ايلاف
- الخميس 8 تموز/ يوليو 2010 الحكم
الذي أصدرته محكمة الجنايات
العسكرية السورية الثانية يوم
الأحد الموافق الرابع من يوليو
2010، القاضي بسجن الناشط الحقوقي
السوري هيثم المالح ثلاثة سنوات
جديدة، على أساس تهمة أطلقت
عليها المحكمة اسم "إضعاف
الروح الوطنية "، يعتبر كارثة
إنسانية بكل المعايير التي منها: أولا:
هذا الناشط الحقوقي يبلغ من
العمر عند إصدار الحكم الجائر
ثمانين عاما، أمضاها في عمل
دؤوب جاد، يكفي التذكر لمن لا
يعرفه، أنه من مواليد دمشق عام
1931 (قبل استقلال سوريا بأربعة
عشر عاما، وقبل احتلال لواء
الإسكندرونة السوري من تركيا
بخمسة أعوام)، وحاصل على
الإجازة في القانون ودبلوم
القانون الدولي العام، مما
أهّله للعمل كمحام عام 1957 قبل أن
ينتقل بعد عام واحد للقضاء، وفي
العام 1966 تمّ تسريحه من عمله،
فعاد لعمله كمحام بالإضافة
لانشغاله بالعمل السياسي الذي
أدّى لاعتقاله لستة أعوام
متواصلة بين عامي 1980 – 1986 في زمن
الرئيس حافظ الأسد ضمن حملة
أمنية عامة، شملت العديد من
نشطاء حرية الرأي والمعارضين
النقابيين والسياسيين. وهو من
النشطاء في منظمة العفو الدولية
التي تتابع انتهاكات حقوق
الإنسان حول العالم أجمع. وهذا
الحكم وما سبقه من سجن يكاد يكون
مستمرا أغلب مراحل حياته التي
كان فيها جريئا في محاربة القمع
السياسي والفساد بكافة أنواعه. ثانيا:
تنفيذ الحكم الجديد لثلاثة
سنوات سجن جديدة، يعني أنه
سينتهي منها وهو في الثالثة
والثمانين من عمره، وهذا بحد
ذاته مأسآة لا يقبلها ضمير أو
عقل، خاصة أنّ هيثم المالح لم
يرتكب جناية أو خيانة وطنية،
بالعكس فكافة انتقاداته للقمع
السياسي ومصادرة حرية الرأي
والفساد، تنسجم تماما مع مقررات
كافة مؤتمرات حزب البعث العربي
الاشتراكي الحاكم التي تؤكد
دوما على هذه المبادىء،
وبالتالي فإن اعتقاله لهذه
الأسباب يؤكد ازدواجية واضحة
غير مقبولة، أو عدم جدية الحزب
الحاكم في إعلاناته هذه، خاصة
في ظلّ اعتقالات نشطاء حرية
الرأي والتعبير التي تكاد تكون
يومية في سورية. ثالثا:
من غير المنطقي أو الطبيعي أو
الأخلاقي أن تستمر وضعية حقوق
الإنسان وحرية التعبير
المقموعة بلا حدود في سورية
العظيمة تاريخا وشعبا. وأنا
شخصيا عندما أكتب عن ذلك وأنتقد
استمراريته لا أنطلق من خلفية
حقد شخصي، بل من ضمير وطني يعرف
أن هذا الوضع لا يليق بالشعب
السوري وصبره ونضالاته
وانجازاته المحلية والعربية.
ومن المهم أن يعي الجميع خاصة
أصحاب القرا ر في سورية أنّ
الأوطان لا يدافع عنها إلا
أحرارها، ويكفي المثال الرمزي
التاريخي الخاص بعنترة العبسي،
عندما كان عبدا وهاجمت قبيلة
أخرى قبيلة سيده، فطلب منه
السيد أن يستل سيفه ويدافع عن
القبيلة، فكان رد العبد عنترة:"
سيدي..العبد لا يجيد الكر"،
فقال له: كر يا عنترة وأنت حر".
فاستل سيفه وأبلى بلاءا حسنا
جعله مثال الشجاعة في الأمثال
العربية، ولأن التاريخ العربي
مشكوك في الكثير من رواياته،
أصبح عنترة أيضا مثالا للبطولات
الوهمية المبالغ فيها، فنقول
دوما لحكامنا أصحاب البطولات
الخطابية الأرضية والفضائية:"
يا عمي...مجرد عنتريات". لذلك
فلا يليق بالشعب السوري العظيم
سوى ديمقراطية وتعددية سياسية
وحرية رأي سقفها السماء، لأنه
من غير المقبول استمرار سيطرة
حزب واحد على السلطة والشعب
والثروة منذ نصف قرن بالتمام
والكمال. كيف
يمكن اضعاف الروح الوطنية؟ أوردت
حيثيات حكم السجن الجديد للناشط
الحقوقي هيثم المالح أنه في
كتاباته وأقواله يسعى إلى (إضعاف
الروح الوطنية)، وقد فكّرت
طويلا في هذه الجملة فلم أجد لها
أي مستند في أقوال وتصريحات
وأعمال هيثم المالح، لأنه كما
قلت من يسعى للحرية
والديمقراطية والتعددية
السياسية الحقيقية، إنما يسعى
لتقوية الروح الوطنية والتمسك
بصلابة الوطن ومناعته
الداخلية، وهذا ما جعلني أفسر
سقوط بغداد أمام قوات التحالف
الدولي دون اطلاق رصاصة واحدة
بأن سببه هو تساؤل الشعب والجيش
العراقي: نطلق الرصاص دفاعا عن
من؟ عن نظام أرهبنا وقتل مئات
ألاف منّا؟ لذلك رمى الجميع
سلاحهم وعادوا لمنازلهم، فدخلت
قوات التحالف الدولي بسهولة
وأمان، وفرّ القائد البطل
المؤمن صدام، إلى أن لقيّ
المصير الذي يليق به تاريخيا
وإنسانيا. ويكفي صرخة غوار
الطوشة " دريد لحام" الفنان
السوري في إحدى مسرحياته، عندما
أبلغهم المختار أنّ الضبع احتل
الضيعة، كناية عن احتلال
إسرائيل للجولان السوري : مختار
هيك ضيعة ما بدي إياها...صحتين
على قلبك يا ضبع!!!. وكأنه يقصد
أدافع عن الضيعة لماذا؟ عن
الفساد أو السجون أو القمع
فيها؟. وإذا
أخذنا على محمل الجد موضوع "
إضعاف الروح الوطنية " كتهمة
فلي زملاء سوريون كتاب معروفون،
لهم عشرات المقالات في نقد قاس
وعنيف لما يسمونه"منظومة
البداوة والأعراب"، قياسا
على ذلك من حق أي مواطن في تلك
المنظومة ان يرفع ضدهم قضايا
عديدة بتهمة"إضعاف الروح
الوطنية" في بلادهم. طبعا
وهذا غير مقبول فمن حق أي مواطن
النقد ضمن حرية التعبير، بدليل
أنّ الأمريكي مايكل مور كتب
مجلدات في نقد الإدارة
الأمريكية، ومع ذلك أو بسبب ذلك
حصل على جائزة الأوسكار بينما
في بلادنا جائزته السجن
والتعذيب. والسجن
بالسجن يذكر..قوقعة مصطفى خليفة من
يريد أن يعيش معاناة الناشط
الحقوقي الثمانيني هيثم
المالح، ولمشاركته في عذاباته،
أنصحه بقراءة رواية الروائي
السوري مصطفى خليفة (القوقعة..يوميات
متلصص). هذه الرواية كتبها
المواطن السوري المسيحي مصطفي
خليفة الذي عاد لوطنه سورية بعد
ستة سنوات من الدراسة في فرنسا،
ليتم اعتقاله بتهمة الانتماء
لجماعة الإخوان السملمين،
ويسجن ثلاثة عشر عاما...تصوروا
مسيحي عضو في جماعة الإخوان
المسلمين وثلاثة عشر عاما من
السجن...أتحدى حجرا أن لا يبكي
عند قراءة هذه الرواية..وأنصح من
سيقرأها بتناول حبوب مهدئة كي
لا يصاب برفع الضغط وربما أعراض
أخرى...ولأنها رواية مهمة سوف
أقدمها قريبا للقارىء كي يعرف
ماذا يعني رفع الضغط لمجرد
قراءة تجربة السجن لدى مسيحي
متهم بعضوية جماعة الإخوان
المسلمين. وفي النهاية لا نملك
إلا القول: الحرية...الحرية
لهيثم المالح...هذه الحرية التي
لم يلتفت لها أي نظام عربي رسمي
بينما طالبت بها وأدانت سجنه
الولايات المتحدة الأمريكية
وكندا...فهل يستطيع العرب الهجرة
الجماعية لهاتين الدولتين؟
افتحوا باب الهجرة وستروا كم
عربي يبقى في بلاد العرب سجوني!!.
===================== لماذا
يرفض الإسرائيليون الاعتذار؟ خميس
التوبي صحيفة
الوطن العمانية كان
لافتاً الفعل ورد الفعل من قبل
وزيري خارجية تركيا والكيان
الإسرائيلي أحمد داوود أوغلو
المطالب باعتذار إسرائيلي عن
جريمة العدوان على أسطول
الحرية، وأفيجدور ليبرمان
الرافض لتقديم الاعتذار،
معتبراً أن أنقرة تتذرع بالكيان
المحتل لتبرير ما وصفها ب"تغيرات
داخلية" في تركيا. في
الحقيقة بالنسبة إلى حجم
الجريمة وطريقة تنفيذها
المؤكدة على أن النية مبيتة عن
سبق إصرار وترصد من أجل إحداث
مجزرة بحق أولئك المتضامنين
المدنيين على متن سفينة مرمرة،
فإن الاعتذار وحده لا يكفي، وهو
أقل شيء تطالب به تركيا
لاسترداد حقوق أولئك الضحايا
الأتراك الذين ذهبوا ضحية
الإرهاب الإسرائيلي في المياه
الدولية، وهو أيضاً أقل شيء
لتهدئة الخواطر ومشاعر الغضب
التي تتملك الشعب التركي الذي
يطالب بمحاكمة عادلة للمجرمين
الإسرائيليين حتى لا تذهب دماء
إخوانهم سدى. لكن
الكيان الإسرائيلي لديه خيار
آخر مغاير تماماً للمطلب الرسمي
التركي وهو الرفض المطلق لتقديم
أي اعتذار، ساعياً في ذلك إلى
تحقيق عدة أمور من بينها: أولاً:
إن الاعتذار في حد ذاته يعني
هزيمة دبلوماسية وسياسية
تقودها تركيا ومن خلفها الدول
العربية المطالبة بمحاكمة
الجناة الإسرائيليين ورفع
الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل،
وأن الانتصار التركي سوف يعزز
مكانة تركيا في المنطقة ويدفع
الدول العربية إلى الالتفاف
بشكل أكبر حول تركيا، ما قد يؤدي
إلى تشكيل تحالف عربي - تركي
مستقبلاً، خصوصاً أن الكيان
الإسرائيلي يدرك تماماً أن وجود
قوة إقليمية يلتف حولها العرب
سيقوي موقفهم وسيوحدهم في
مواجهة الاحتلال الإسرائيلي،
فهو لم يصدق نفسه أنه إلى الآن
نجح في جعل العرب أشتاتاً ونجح
في إبعادهم عن إيران القوة
الإقليمية الأخرى وتخريب
العلاقة بينهما. صحيح
أن تركيا تربطها بالكيان
الإسرائيلي اتفاقيات عسكرية
وأمنية واقتصادية، وتسعى إلى
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
بشكل كامل، لكن عندما تجد أنقرة
البدائل التي تغنيها عن مواصلة
أحلامها فإن كل ذلك قابل
للتغيير. ثانياً:
إن مجرد الاعتذار يؤكد بما لا
يدع مجالاً للشك بأن الكيان
الإسرائيلي قد اعترف ضمناً بأنه
مجرم، وأنه قد خرق القانون
الدولي بارتكابه الجريمة في
المياه الدولية، وبالتالي فإن
ذلك يناقض ما ساقه من ترهات
وأكاذيب وتلفيقات لتبرير
الجريمة، ما يجعل موقفه أكثر
حرجاً أمام الرأي العام العالمي.
ثالثاً:
الاعتذار فيه تسويغ لقدوم سفن
أخرى لكسر الحصار الظالم عن
قطاع غزة، وفيه إضعاف لموقف
الكيان الإسرائيلي من ضرورة
بقاء الحصار، فهو يرى في الحصار
خطّاً أحمر لا يمكن تجاوزه،
ولذلك فالإسرائيليون قبلوا على
مضض دخول بعض السلع غير
الأساسية في إطار ما يعرف ب"تخفيف"
الحصار في محاولة منهم لامتصاص
موجة الغضب وحدة المطالب برفع
الحصار عن غزة، أي بمعنى آخر هو
علاج موضعي ووقتي لا أكثر،
سرعان ما يعود الوضع إلى سابق
عهده من حصار ظالم ومرهق بمجرد
أن تعود مياه العلاقات التركية -
الإسرائيلية إلى مجاريها. وثمة
حديث عن أن "الحملة الأوروبية
لرفع الحصار عن غزة" تستعد
لتسيير "أسطول الحرية 2"
وأنه يتم تجهيزه للتوجه إلى غزة
حاملاً مساعدات إنسانية، وأنه
يشهد إقبالاً كبيراً ويضم 7 سفن
أوروبية مع احتمال مشاركة نحو 9
آلاف شخص، وأكدت الحملة أن
الأسطول سيحمل "مفاجآت"
للجانب الإسرائيلي. رابعاً:
عدم الاعتذار فضلاً عن عدم قبول
الإسرائيليين بتشكيل لجنة
تحقيق دولية في جريمة العدوان
على أسطول الحرية؛ أي تجريد
الأتراك من أي حق، إنما يريد منه
الكيان الإسرائيلي هز ثقة
الشارع التركي في حكومته التي
يقودها حزب العدالة والتنمية،
يترافق ذلك مع ضربات يقودها حزب
العمال الكردستاني المتمرد،
وهو ما يؤكد الشكوك أن هذا الحزب
المتمرد يتلقى الدعم من الكيان
الإسرائيلي وأن التغلغل
الصهيوني في شمال العراق وحتى
الحدود الإيرانية - التركية هو
موجود بالفعل، حيث من الملاحظ
أنه بمجرد أن تحمى نبرة
المواجهة بين تركيا والكيان
الإسرائيلي يتم الإعلان عن هجوم
للمتمردين الأكراد على موقع
عسكري تركي أو مدني وسقوط عدد من
الجنود والمدنيين بين قتيل
وجريح، فعلى سبيل المثال تزامن
الاعتداء على أسطول الحرية مع
اعتداء كردي على موقع للجيش
التركي راح ضحيته ستة جنود
أتراك، وإثر التهديد التركي
بقطع العلاقات مع الكيان
الإسرائيلي تم الإعلان (الليلة
قبل الماضية) عن مقتل ثلاثة جنود
في مواجهات بين الجيش التركي
ومتمردين أكراد جنوب شرق تركيا.
بمعنى آخر أن الإسرائيليين ومن
ورائهم الأميركيون يرون في
الدعم الخفي لحزب العمال
ومكافحته في العلن ضالتهم
لإبقاء تركيا تحت العباءة
الإسرائيلية - الأميركية. =================== الإسلام
والآباء المؤسسون والرابع من
تموز/يوليو فرانكي
مارتن مصدر
المقال: خدمة الأرضية المشتركة
الإخبارية 9
تموز/يوليو2010 واشنطن
العاصمة – اجتمع الأمريكيون في
الرابع من تموز/يوليو هذا العام
في حفلات الشواء وشاهدوا عروض
الألعاب النارية، وتذكّروا
الرجال الذين اجتمعوا في
فيلادلفيا لتوقيع إعلان
الاستقلال عام 1776. تُشكِّل
الاحتفالات بالنسبة للكثيرين
تذكيراً بقيمة الحرية، وبدولة
أقامها الشعب في معارضة مباشرة
للمَلَكية والطغيان. إلا
أنه من السهل أحياناً أن ننسى أن
مؤسسي أمريكا كانوا مهتمين
أيضاً بنوع آخر من الحرية: حرية
العبادة. كانت
الحرية الدينية بالنسبة للآباء
المؤسسين تكمن في جوهر كون
الإنسان أمريكياً. كتب جورج
واشنطن، أول رئيس أمريكي، أن
أمريكا مفتوحة لاستقبال "المظلومين
والمضطهدين من جميع الشعوب
والديانات"، بمن فيهم
المسيحيين واليهود والمسلمين.
إلا أنه عبر التاريخ، فشلت
أمريكا أحياناً في تحقيق هذا
المفهوم المثالي، وخاصة بعد
أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. شَهدْتُ
ذلك بشكل مباشر عندما سافرْت
كعضو في فريق بحوث ترأسه
الأستاذ أكبر أحمد من الجامعة
الأمريكية إلى 75 مدينة أمريكية
ومائة مسجد لإنجاز الكتاب
الجديد "رحلة عبر أمريكا:
تحدّي الإسلام"، الذي يبحث في
كيفية انخراط المسلمين
الأمريكيين في المجتمع
الأمريكي، ويناقش بالتالي في
موضوع الهوية الأمريكية. قابلنا
مواطنين أمريكيين مسلمين وضعوا
في السجن نتيجة اشتباه بأنهم
يخططون لنشاطات إرهابية أو
يشاركون بها، دون محاكمة وبظروف
غير إنسانية. وقابلنا آخرين
أُلقيَت قنابل حارقة على
مساجدهم، وآخرين تعرضوا لهجمات
ومضايقات من قبل أعضاء في
مجتمعاتهم المحلية. لا
يحتاج المرء لأكثر من أن يدير
جهاز التلفزيون ليرى كيف يمتلئ
الإعلام بمعلّقين يسخرون
ويهزؤون من القرآن الكريم
والنبي (ص). وقد وصل الأمر لدرجة
أن بعض الأمريكيين أخبروني أن
المسلمين لا يمكن أن يكونوا
أمريكيين. يتوجب
على هؤلاء الأمريكيين قراءة
كلمات آبائنا المؤسسين. أظهر
هؤلاء العلماء ورجال الدولة
العظام احتراماً هائلاً
للإسلام، وخرجوا عن طريقهم
للترحيب بالمسلمين. وصف جون
آدامز، ثاني رئيس أمريكي النبي
محمد (ص) بأنه واحد من أعظم
الرجال الذين سعوا للوصول إلى
الحقيقة، مثل سقراط وكونفوشيوس.
تعلّم توماس جيفرسون، ثالث رئيس
أمريكي والمؤلف الذي صاغ كلمات
إعلان الاستقلال، اللغة
العربية مستخدماً نسخته من
القرآن الكريم، وقد استضاف أول
مأدبة إفطار رئاسية. كذلك
استخدم الآباء المؤسسون مبادئ
الحضارات الإسلامية، ضمن غيرها
في تشكيل الأنظمة السياسية
والقضائية الأمريكية. لعل
أكثر الكتابات الملفتة للنظر عن
الإسلام والتي كتبها الآباء
المؤسسين هي تلك التي جاءت من
بنجامين فرانكلين الفيلسوف
والعالِم الأمريكي العظيم. عبّر
فرانكلين عن احترامه للإسلام
وإيمانه العميق بالحرية
الدينية عندما كتب عن رغبته
رؤية مفتي اسطنبول يبشّر
بالإسلام من منبر في فيلادلفيا. إلا
أنه واجه تحدياً من مواطنيه
لإقناعهم بأن يكونوا بنفس هذا
القدر من التسامح. في
كانون الأول/ديسمبر 1763 قامت
مجموعة قوامها خمسون من
المستكشفين الأوائل من
بنسلفانيا، والذين أرادوا وقف
هجمات السكان الأمريكيين
الأصليين على منازلهم، ونتيجة
لشعورهم بالإحباط لعدم اتخاذ
الحكومة إجراءات ضد القبائل
العدائية، قاموا بتعذيب وتشويه
وقتل مجموعة مسالمة من السكان
الأمريكيين الأصليين المسيحيين
بأسلوب رهيب مثير للاشمئزاز. وقد
كتب بنجامين فرانكلين قائلاً أن
هؤلاء المستكشفين الذين يُفترض
أنهم مسيحيون كانوا أكثر بربرية
من هؤلاء الذين ادّعوا أنهم
أعلى مرتبة منهم. كما
أكّد فرانكلين أن الأمريكيين
الأصليين كانوا في وضع أكثر
أمناً لو أنهم كانوا يعيشون في
بلد مسلم، حيث أن الإسلام
يتعامل بإنسانية حتى مع الأسرى،
أكثر مما أظهره هؤلاء الرجال
تجاه أناس أحرار. وقد امتدح
فرانكلين شعور الرحمة الذي
يتمتع به النبي محمد (ص) قائلاً
أن النبي امتدح إنسانية الجنود
الذين عاملوا أسراهم بالحُسنى.
كما تحدث فرانكلين كذلك عن
إعجابه بالسلطان صلاح الدين في
القرن الثاني عشر، كحاكم أظهر
العدالة والرحمة. تملك
نظرة الآباء المؤسسين، في بلد
تعاني فيه المشاعر ضد المسلمين
من عدم الاستقرار أهمية كبيرة.
وفي أوقات من التوتر السائد بين
بعض الناس في الولايات المتحدة
والعالم المسلم، يستطيع كل من
المسلمين وغير المسلمين
الاستفادة إذا ما هم أخذوا بعين
الاعتبار كل من المثل الأمريكية
للآباء المؤسسين والمثل
الإسلامية التي كانوا
يحترمونها بعمق. وقد
تعرضت هذه المثل المتكاملة مع
بعضها البعض للتحدّي حتى العمق
في مواجهات ما بعد الحادي عشر من
أيلول/سبتمبر. لذا، وبينما نعود
إلى روتين الحياة بعد احتفالات
الرابع من تموز/يوليو، آمل أن
نأخذ الوقت لنستذكر أمريكا
الحقيقية كما تخيلها هؤلاء
الرجال العظماء عام 1776، وأن
نعمل على جعلها حقيقة. لا يتوقع
الآباء المؤسسون منا أقلّ من
ذلك. ـــــــــــ *
فرانكي مارتن زميل بحوث في مركز
ابن خلدون بكلية الخدمة الدولية
بالجامعة الأمريكية. كُتب هذا
المقال لخدمة الأرضية المشتركة
الإخبارية. تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ====================== ليام
هاردي مصدر
المقال: خدمة الأرضية المشتركة
الإخبارية 9
تموز/يوليو2010 اسطنبول،
تركيا – تم في الأسابيع الأخيرة
إجراء إعادة تقييم دولية لتركيا
بعد هجوم القوات الإسرائيلية
على سفن الإغاثة التركية
المتوجهة إلى غزة، والذي أدى
إلى مقتل تسعة أشخاص، وبعد أن
أنذرت صفقة تركية برازيلية
بإعطاء تصويت سلبي على عقوبات
مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة على برنامج إيران
النووي. أدّت
هذه الأحداث إلى تشجيع تعليقات
إعلامية حول "تحوّل في المحور"
في منظور الدولة من الغرب إلى
الشرق، الأمر الذي أثار جدلاً
من واشنطن إلى أنقرة، وإلى ما
وراء ذلك. إلا أن الإصلاح
الدستوري، وهو بند على الأجندة
الواقعة في قلب الجدل حول "التحوّل
في المحور"، والتي يمكن أن
يكون له أعمق الأثر وأبعد
التداعيات بالنسبة للمجتمع
التركي، فقد أهميته في الحوار
العام بسبب هذه القضايا الأخيرة. يحتاج
السياسيون الأتراك وأفراد
الجمهور التركي لأن يعيدوا
تركيز اهتمامهم على الإصلاح
الدستوري. يتفق
الكثيرون على أن دستور الدولة
الذي تفرضه المؤسسة العسكرية
يعاني من كثير من الشوائب، حيث
يحتوي على قيود على حريات
التعبير الأساسية وحريات
التعبير الديني والانخراط في
الجمعيات والتجمعات. وقد طالب
الاتحاد الأوروبي وبشكل متكرر
بإصلاح الدستور كجزء من طلب
تركيا الانضمام إلى الاتحاد،
كما أعرب كبير المفاوضين لشؤون
الاتحاد الأوروبي، إيغيمين
باغيش، إضافة إلى العديد من
المسؤولين الأتراك ذوي الرتب
العالية عن هذه الحاجة. الواقع
أن حزمة من الإصلاحات الدستورية
قد تم اقتراحها وسيتم التصويت
عليها في استفتاء عام يوم 12
أيلول/سبتمبر، رغم أنها تواجه
احتمالات الإلغاء من قبل
المحكمة الدستورية في الدولة
نتيجة لقضية رفعها حزب الشعب
الجمهوري المعارض. ويناقش
البعض أن الحزمة تتخذ إجراءات
إيجابية لمعالجة القضايا
المتعلقة بالحقوق والحريات
الأساسية وسلطة المحاكم
العسكرية. ويقول آخرون أن
التعديلات ليست كبيرة جداً بحيث
توفر لتركيا التغييرات
الديمقراطية الحقيقية الضرورية.
فهي على سبيل المثال لا تخفّض
عتبة ال 10% الانتخابية لتمثيل
الأحزاب السياسية في البرلمان،
وهي لا تتطلب انتخابات أوّلية
للأحزاب، وهي لا تخفّض فعلياً
قدرة الحزب الحاكم على حظر
الأحزاب السياسية الأخرى. كما
تم انتقاد تغييرات أخرى تتعلق
بإعادة تشكيل النظام القضائي
على أنها انتهازية سياسية من
جانب حزب العدالة والتنمية
الحاكم، الأمر الذي يقلّل
بالفعل من فصل وموازنة القوى
واستقلالية النظام القضائي. أستطيع
تقديم بعض وجهات النظر المعمقة،
مُخاطراً بأن أتّهم بأنني أجنبي
فضولي، حول كيفية إلهام حوار
فكري حول هذا الموضوع من خلال
الإشارة إلى كتب التاريخ من
بلدي الولايات المتحدة. أثناء
حوارهم حول اعتماد دستور
الولايات المتحدة، قدم
المفكّرون في عامي 1787 و1788، 85
مقالاً تضع الخطوط العريضة
لفلسفة وحوافز النظام المقترح
للحكم، إضافة إلى العديد من
المقالات ضد المقترحات. أصبحت
هذه المقالات تُعرَف بشكل شائع
باسم "الأوراق الفيدرالية"
والأوراق "المضادة
للفيدرالية"، وكان مؤلفوها
يهدفون إلى التأثير على عملية
اعتماد الدستور وتشكيل
تفسيراته المستقبلية. لم
ينتج عن تلك العملية وثيقة
كاملة، حيث أن دستور الولايات
المتحدة ترك القدرة على ممارسة
عبودية الأمريكيين من أصول
إفريقية. إلا أنه تمكن من إنتاج
أكثر المواثيق استقراراً
وبقاءاً لنظام حكم في تاريخ
العالم، مع تحديد واضح للحقوق
والحريات التي تضع خطوطها
العريضة التعديلات العشرة
الأولى، وتوازن قوى واضح
المعالم بين السلطات الحكومية
التنفيذية والتشريعية
والقضائية. ورغم
أن الأحوال السائدة في أمريكا
المستعمرة وتركيا الحديثة
تختلف إلى درجة بعيدة، فقد
يتمكن المشرّعون والمفكّرون
الأتراك من تكرار نجاح التجربة
الأمريكية وتجنّب مجالات فشلها
من خلال إعطاء الإصلاحات
الدستورية الأولوية العظمى في
المنبر العام، كما فعل هؤلاء
الذين قاموا بتأطير الدستور
الأمريكي. سوف
ينظر مواطنو تركيا بعد سنوات من
الآن إلى الوراء إلى هذه الفترة
الزمنية ويتساءلوا كيف تم
الإعداد لهياكلهم الاجتماعية
ونظام حكمهم. سوف يتساءلون، ما
الذي فعله قادتنا بشكل صحيح؟ ما
الذي فعلوه بشكل خاطئ؟ يتوجب
على هؤلاء الذين لهم مصلحة في
إيجاد إطار ديمقراطي مستدام
لنظام تركيا السياسي أن يُظهروا
الآن مستوى جاداً من بُعد النظر
فيما يتعلق بالإصلاح الدستوري
ووضعه على رأس أجندة الدولة.
ربما تستطيع الدولة، بوجود
مؤسسات ديمقراطية مرضية في
مكانها، أن تستمر في البناء على
الحرية والازدهار المتزايدين
اللذين ترحب بهما هذه
التغييرات، وجعل الجدل القديم
قدم الزمان حول كون تركيا غربية
أو شرقية، أموراً عفا عليها
الزمن. ــــــــــــ *
ليام هاردي كاتب وباحث مستقل
مركزه اسطنبول. كُتب هذا المقال
لخدمة الأرضية المشتركة
الإخبارية. تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ======================= سوريا
التي تحرج مؤيديها بلا مبرر
مقبول ياسر
الزعاترة العرب
القطرية 30-6-2010 لم يكد
علي العبد الله يخرج من السجن
بتهمة إضعاف الروح الوطنية حتى
تقرر الإبقاء عليه بذات التهمة
إثر كتابته مقالاً حول العلاقات
السورية الإيرانية، الأمر الذي
تكرر مراراً خلال السنوات
الأخيرة بحق عدد من نشطاء حقوق
الإنسان ورموز المعارضة. نتحدث
عن سوريا من موقع المحب، إذ لا
يمكن إلا لجاحد، وربما مظلوم لا
يسمح له الظلم برؤية ما هو
إيجابي في ظالمه، لا يمكنه
إنكار المواقف المتميزة للنظام
على صعيد قضايا الأمة، وإذا
كانت الجماهير (باستثناء
العراقية، والكويتية طبعاً) قد
غفرت لصدام حسين كل مساوئه على
صعيد القمع الداخلي بسب تحديه
الإرادة الأميركية، فإن الأمر
ينطبق على النظام السوري الذي
وقف خلف انتصار مايو 2000 الذي
أخرج الصهاينة أذلّة من الجنوب
اللبناني، كما دعم المقاومة في
فلسطين ولبنان، في ذات الوقت
الذي كان له دوره في إفشال
المشروع الأميركي في العراق عبر
احتضان المقاومة أيضاً. هذا
الوجه المشرّف للنظام على صعيد
القضايا القومية ما زال مختلفاً
عندما يتعلق الأمر بالداخل،
أعني ما يتعلق بالمواطن السوري
في قضاياه المحلية المتعلقة
بالحريات والفساد وما شابه ذلك. لا
مجال لعقد مقارنة بين واقع
الحريات وحقوق الإنسان أيام
الراحل حافظ الأسد، وبين عهد
نجله بشار، فالمسافة شاسعة من
دون شك، الأمر الذي قد يكون موضع
جدل إذا تعلق الأمر بمنظومة
الفساد التي يتحدث عنها كثيرون،
من دون أن يكون بوسعنا التفصيل
في الأمر نظراً لقلة المعلومات
في واقع منغلق على نفسه بدرجة
كبيرة. هل كان
بوسع علي العبد الله (حتى لو
أراد) أن يُضعف الروح الوطنية في
سوريا مهما تحدث وكتب لو كان
المواطن في وضع مريح، بينما
يتابع مواقف بلاده المتميزة على
الصعيد القومي؟ كلا بالتأكيد. حين
يكون المواطن مطحوناً بالقمع
والفساد، فسيكون من الصعب عليه
الإقرار بأن لنظامه مواقف
مشرفة، وهي حقيقة نواجهها مع
كثير من السوريين، ليس
الإسلاميين منهم، ولكن غير
الإسلاميين أيضاً، إذ يلجأ
كثيرون إلى حديث المؤامرة في
تفسير الكثير من المواقف على
نحو يُفرغها من مضمونها الوطني
والقومي، بل ويحيل بعضها
تواطؤاً ضد الأمة، مع وجود
قطاعات لا بأس بها من الناس تفهم
الأمر في سياقه الطبيعي، وتفرق
بين سياسات الداخل وسياسات
الخارج. لا أحد
يتحدث عن تحويل سوريا إلى
سويسرا، وما هو مطلوب هو قدر من
الحرية والانفتاح الذي يدفع
الناس إلى الالتفاف حول
قيادتهم، الأمر الذي سيمنحها
مزيداً من القوة في مواجهة
الأعداء، وإن وجدت الكثير من
الإسناد من طرف جماهير الأمة في
مواجهة الاستهداف الخارجي. لا
نتحدث هنا عن حالة «الإخوان
المسلمين» وحدهم كما سيتبادر
إلى ذهن البعض، بدليل أن أكثر
قضايا حقوق الإنسان في الفترة
الأخيرة لا تخصهم، مع أن قضيتهم
لم تنتهِ فصولها بعد، من حيث
المعتقلين والمفقودين، وربما
المهجرين الذين قام النظام
بخطوة جيدة حيالهم تمثلت في
تسوية أوضاعهم القانونية، وإن
بجواز سفر لمدة عامين فقط لا
غير، فضلاً عن التساهل في
عودتهم الفردية. نتحدث
هنا عن انفتاح عام يمكن أن يطول
الإخوان وسواهم، بما في ذلك
إلغاء القانون رقم 49 الذي يحكم
بالإعدام على كل منتسب إلى
الجماعة، مع العلم أن العودة
الفردية خيار معقول بالنسبة
إليهم إذا أرادوا العمل، لا
مجرد الوجود في الخارج وفق مسار
يفضي إلى التلاشي بمرور الوقت.
ففي تونس يتحرك رجال حركة
النهضة الخارجين من السجن رغم
أنف النظام، لأن المعارضة لا
تطلب إذنا لكي تتحرك بين الناس،
بل تنتزع ذلك بقوة الإرادة
واحتضان الجماهير، وليس ثمة
نظام يتصدق على معارضته بالمجان. في
سوريا، ورغم حالة الإنكار التي
تتلبس البعض، ثمة حالة فريدة من
اللقاء بين توجهات الناس
وسياسات النظام فيما يتصل
بالقضايا الخارجية التي تهم
الإسلاميين تحديداً أكثر من
سواها تبعاً لقناعتهم بأهمية
الصراع مع المشروع الصهيوني
الأميركي، وفي حال شُفعت بقدر
من الانفتاح الداخلي، فسيكون
الموقف جيداً إلى حد كبير،
والنظام قادر على ذلك إذا تجاوز
العقلية الأمنية التي ربما
ينصحه بها أقوام اعتادوا عليها
بمرور الوقت، ولم يعودوا قادرين
على التخلص منها رغم التغيرات
التي اجتاحت العالم خلال
الألفية الجديدة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |