ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
«رسالة
جنيف» لسان سيمون: من علوم العرب
الى المستقبل الأوروبي الخميس,
15 يوليو 2010 ابراهيم
العريس الحياة «إن
إدخال العلوم الوضيعة الى
أوروبا من طريق العرب، كان هو
الذي أدى الى تشكل ثورة مهمة ها
هي قد اكتملت اليوم تماماً،
سواء بالنسبة الى معارفنا
الخاصة، أو بالنسبة الى
نظرياتنا العامة في جانبها
النقدي. والحال انه ما كاد العرب
يبدأون، في المناطق الأوروبية
التي استولوا عليها، بإقامة
المدارس الخاصة بتلقين العلوم
التجريبية المبنية على
الملاحظة العيانية، حتى انبثق
تيار عام يقود العقول المميزة
كافة نحو هذا الضياء الجديد.
وعلى الفور قامت مدارس مشابهة
في أرجاء أوروبا الغربية كافة،
وأنشئت المراصد وصالات التشريح
ودواوين التاريخ الطبيعي في
ايطاليا، في فرنسا، في انكلترا
وفي المانيا (...). إن تفوق الوضعي
على الحدسي، والفيزيائي على
الغيبي كان ملحوظاً هنا منذ
البداية، حتى من جانب السلطات
الروحية الى درجة ان عدداً
كبيراً من رجال الدين وبينهم
باباوان، اتجهوا الى استكمال
دراستهم في قرطبة حيث درسوا
علوم الفلك على أيدي أساتذة عرب
(...). وهكذا ولدت قوة دنيوية
وضعية، هي القوة الصناعية، الى
جانب السلطة الدنيوية التي كانت
توصلت الى كامل تطورها...». هذا
النص الذي يرد في المجلد
العشرين من الأعمال الكاملة
لسان سيمون، والذي يركز فيه على
أهمية النظرة العلمية
التجريبية في النهضة
الأوروبية، ناسباً بدايات هذه
النظرة الى العرب، كان واحداً
من نصوصه الأساسية التي عبّر
فيها هذا المفكر الاشتراكي «الطوباوي»
الكبير، عن إيمانه بالعلم وسيلة
للتقدم الإنساني نحو الأفضل.
وهذا الإيمان نجده في معظم
كتابات سان سيمون مرتبطاً
بجذوره العربية. ولعل هذا ما جعل
السان سيمونيين، في القرن
التاسع عشر، يتوجهون الى مصر
وبعض المناطق العربية الأخرى،
مجربين اقامة مجتمعات مثالية
تقوم على العقل والعلم. ونعرف
اليوم ان واحداً من مشاريعهم
العمرانية - الحضارية الكبرى،
كان شق قناة السويس... المشروع
الذي تبناه بالتفاهم معهم
المهندس المصري محمد مظهر، الذي
سبق فيه دي ليسبس، بعقود من
السنين. >
وإذا كان هذا الجانب من الأفكار
السان سيمونية شبه منسي في
أيامنا هذه، في عالم عربي يرتد
الى الوراء... الى عصور التخلف
ناسياً ان التقدم كان، ذات يوم،
شيمته وهديته الى العالم، فإن
فكر سان سيمون لا يزال له كل
قوته وكل حضوره، وإن على
المستوى العقلي الثقافي، وهو ما
اكدته منذ اسابيع ندوة عن السان
سيمونيين اقيمت في المجلس
الأعلى للثقافة في القاهرة
بإشراف رئيس المجلس الدكتور
عماد أبو غازي في اول نشاط كبير
له منذ تسلّمه المنصب في الشتاء
الفائت، وشارك فيها عدد كبير من
المفكرين العرب والأوروبيين.
أما علاقة سان سيمون بقضية
العلم التجريبي ودوره في حياة
البشر وفي التقدم، فإننا
نتلمسه، أصلاً منذ كتاباته
المبكرة... التي لعل أشهرها،
وأهمها في هذا المجال «رسالة من
قاطن في جنيف الى معاصريه»، تلك
الرسالة الفكرية التحريضية
التي نشرها سان سيمون للمرة
الأولى في عام 1802، لتشكل الأساس
الذي ستبنى عليه أفكاره ونصوصه
اللاحقة. > لقد
كانت «رسالة جنيف» أول نص ينشره
سان سيمون... وهو انطلق فيها
متحدثاً، باسم نيوتن وثورته
العلمية معبراً عن ضرورة اقامة
استكتاب داعم لكل «أولئك الذين
يفنون حياتهم عاملين من أجل
التقدم العلمي»، مؤكداً ان «من
واجب البشرية التي تقوم من بين
الظلمات لتصل الى النور، ان
تنظّم البحث عن خير الانسانية
وسعادتها، أي عن خيرها وسعادتها
الخاصّين». والحال ان سان سيمون
ينبهنا هنا الى أن المسألة لا
تتعلق ب «السعي الأعمى لسد
الحاجات الأولية» بل تتعلق «بتوزيع
الأعباء وضروب التكريم والثناء
في شكل عادل يخط الدرب الجديد
للأجيال الشابة». والواقع ان في
إمكاننا أن نؤشر ها هنا الى بعض
اكثر صفحات هذه الرسالة أهمية...
ومنها تلك الصفحات التي يبدي
فيها سان سيمون شعوره بأن العمر
يتقدم به (كان عند ذاك في
الثانية والأربعين)، ما يعني
انه لم يعد، بعد ان خاض تجارب
عدة في الماضي، قادراً على ان
يقود الطريق الى المستقبل بنفسه...
لذا، فإنه يدعو «أهل العقل
والموهبة الى ان يكملوا الدرب
ويؤسسوا المجتمع الجديد». وهو،
إذ يُعمِل فكره في شكل دقيق
وجدّي في الدور الذي سيقوم به
العمال في المجتمع، يعبّر
لقرائه عن قدر تطلعه الى «اللحظة
التي سيتمكن فيها العلم من
المساهمة في الخير العام، وذلك
بفضل الجهود العلمية الانتاجية
التي سيكون كل واحد قد بذلها في
ذلك السبيل». وبعد أن يوضح سان
سيمون هذا مبدياً كل تفاؤل وأمل
في هذا السياق، يورد صفحات مهمة
يصوغ فيها، برسم الأجيال
المقبلة، تصوّره الحاسم
للمستقبل... وهو تصور بدا دائماً
في نظر دارسي سان سيمون وشارحي
فكره «غريباً وغامضاً رسم على
شكل رؤيا تنبؤية: في هذه الرؤيا
تظهر روح الله لتؤكد للبشر كافة
ان روما ستكف عن اعتبار نفسها
مركز الكنيسة وبالتالي مركز
الكون، وان الانسان إذ يتحرر من
كل ضروب المعتقدات الدوغمائية،
لن يجد، مدعوماً بذلك الروح
الإلهي، ما يقف حائلاً بينه
وبين تحقيقه مثله العليا. أما من
سيقف الى جانب الحضرة الإلهية،
في تلك الرؤيا، فهو نيوتن (مكتشف
قانون الجاذبية) الذي سيساهم
بالضرورة في تنظيم العالم
بطريقة شديدة العقلانية... عند
ذلك - ودائماً ضمن تصور طوباوي
لسان سيمون - سينقسم العالم
الأوروبي الى أربع مناطق كبرى:
انكليزية، فرنسية، ألمانية
وإيطالية... وسيتولى شؤون كل
منطقة مجلس يتألف من علماء
ومفكرين - لا ينتمون بالضرورة
عرقياً، الى هذه الأمم -، وهذه
المجالس، ستقوم بمهمات داخل
الاجتماع البشري، تحددها
قوانين ونظم عقلانية مبنية على
العلم... وعند ذاك، بفضل الجهود
الكثيفة والمتضافرة التي
سيتشارك في بذلها المجالس
والبشر جميعاً، كل بحسن طاقته
ومجال تخصصه، سنجدنا في كون
بارحه وباء الحرب الى الأبد...
بدءاً بأوروبا التي بفضل
مجالسها الأوروبية ستخلو من كل
أنواع الحروب التي لن تعود
اليها أبداً... ومن ثم وصولاً الى
العالم كله بفضل الطليعية
الأوروبية تلك. > قد
تكون رؤيا سان سيمون في هذا النص
خيالية، ما يضيف «مدينته»
الأوروبية هذه الى سلسلة «المدن
الفاضلة» التي عرفها تاريخ
الفكر... غير ان ما يميّز عمل هذا
المفكر، هو انه لم يكن يشتغل على
المستوى الفكري النظري وحده، بل
ان حواريين له وبينهم مهندسون
وعلماء ومفكرون كبار، كانوا
يتلقفون أفكاره ويسعون الى
وضعها موضع التطبيق. كذلك، فإن
أهمية هذا «المشروع» كانت تكمن
في ان صاحبه كان يرى، وفي كل
جدية، إمكاناً كبيراً لتحقيق
التفاهم البشري في المجتمع خارج
إطار العناصر السياسية
التقليدية، انطلاقاً - فقط - من
الاستناد الى تنظيم اقتصادي/
علمي للحياة الاجتماعية. > عاش
شارل هنري دي روفروا (كونت دي
سان سيمون) بين 1760 و1826، وهو
يعتبر الى جانب الانكليزي أوين
والفرنسي فورييه، في جذور الفكر
الاشتراكي الانساني، الذي
طوّره كثر، من بينهم كارل
ماركس، في القرن التاسع عشر. وقد
عاش سان سيمون المولود في
باريس، والذي سيرحل فيها بعد 65
عاماً من ولادته، حياة متقلبة
نشطة تراوحت بين البؤس ومحاولات
الانتحار، وبين النضالات
السياسية والفشل التجاري. وهو
اذا كان بدأ ينشر كتبه ورسائله
متأخراً، فإنه بدأ النضال
باكراً، لا سيما بعدما عاد الى
فرنسا إثر مشاركته، في جيش
لافاييت، في الحرب الاستقلالية
الأميركية... وقد ألّف سان سيمون
في حياته كتباً عدة نشرت في
عشرين مجلداً بعد رحيله. =================== بين
برلين وبيروت – تشريح الاختزال
العربي للآخر الخميس,
15 يوليو 2010 عمرو
حمزاوي * الحياة برلين،
منتصف التسعينات: أعلن «بيت
ثقافات العالم» (مؤسسة تعنى
بتمكين المواطنين والمقيمين في
العاصمة الألمانية من التعرف
والانفتاح على الإنتاج الفكري
والأدبي والفني في أقاليم
العالم المختلفة) عن تنظيم
قراءة شعرية للراحل نزار قباني
مصحوبة بترجمة الى اللغة
الألمانية لما سيلقيه من قصائد
وبعزف موسيقي لتخت شرقي صغير.
وروج بيت ثقافات العالم لقراءة
قباني بالإشادة به شاعراً
معاصراً للرومانسية العربية
ونصيراً لحقوق المرأة
ومساواتها بالرجل ومدافعاً
جريئاً عن العلمانية وحرية
التعبير عن الرأي وحرية الإبداع
الفكري والأدبي بعيداً من هواجس
الدين والتقاليد. وكان من شأن
هذه الإشادة الذكية في مخالفة
مضامينها الأساسية للانطباعات
السلبية السائدة آنذاك عن
العالم العربي أن تجتذب عدداً
لا بأس به من الألمان لحضور
قراءة قباني، بجانب الإقبال
الكبير المتوقع من العرب
المقيمين في برلين. فرومانسية
قباني (العربي الإنسان الرقيق
المشاعر) قدمت لجوهر مناقض
لتغطية الإعلام الألماني
للعالم العربي والتي اقتصرت في
العديد من الأحيان على أحداث
العنف وضحايا العمليات
الانتحارية (وحشية العرب). كذلك
كان من شأن نعت قباني بنصير
المرأة والمدافع عن العلمانية
وحرية الرأي (العربي العلماني)
تهدئة بعض هواجس الرأي العام
الألماني، هنا كنموذج لهواجس
أوروبية وغربية عامة، لجهة
تنامي النزعة المحافظة
والأصولية في العالم العربي
والصعود المستمر لتيارات دينية
ترفض المساواة الكاملة بين
المرأة والرجل وتسعى لتوظيف
المقدس الديني لتقييد حرية
الرأي والإبداع (العربي الأصولي
المتطرف). وبالفعل حضر لقراءة
قباني الشعرية جمهور ألماني
وعربي غفير، اقترب عدده
الإجمالي إن لم تخنّي الذاكرة
من ألف شخص، وجمع بين صفوفه، كما
دلّ المظهر الخارجي للجمهور
وأكدته لي بعض الأحاديث
الجانبية قبل القراءة وبعدها،
أطيافاً فكرية وأكاديمية
متنوعة. ثم
كانت الطامة الكبرى: رغب قباني
قبل الشروع في إلقاء بعض قصائده
في الترحيب بالجمهور الغفير
الذي لم يترك مقعداً خالياً في
القاعة الكبرى ل «بيت ثقافات
العالم»، فأشار إلى الإعجاب
العربي القديم بألمانيا
وفلاسفتها ومفكريها وشعرائها
وتقدير الشعوب العربية لقدرة
الألمان على النهوض بمجتمعهم
وبلدهم بعد حربين عالميتين
مدمرتين. وأعقب ذلك، وما زلت
أتذكر بدرجة من الدقة نص كلمات
قباني في هذه الجزئية، بالقول
إن الإعجاب العربي بألمانيا
امتد إلى مناصرة فريق كرة القدم
الألماني في بطولات كأس العالم
وحماسة جارفة في متابعة
انتصاراته كما كان العرب
يتحمسون ويتابعون بإعجاب
اكتساح الجيوش الألمانية
القارة الأوروبية أثناء الحرب
العالمية الثانية. هنا تعالت
همهمة الجمهور الألماني وصيحات
الامتعاض وغادر القاعة ما لا
يقل عن ثلث الجمهور (مجدداً إن
أسعفتني الذاكرة). وعلى رغم
التوتر البادي على وجوه
المنظمين الألمان ومن بقي من
الجمهور إلا أن أحداً لم يقاطع
قباني الذي تابع كلمته
الترحيبية مكرراً المضامين
ذاتها ومنتقلاً بعدها إلى إلقاء
مجموعة من قصائده مصحوبة بترجمة
للغة الألمانية وموسيقى شرقية،
لم ينجحا على رغم رقي الأولى
وجمال الثانية في استعادة
قابلية بقية الجمهور الألماني
للانفتاح على من تم تقديمه
شاعراً للرومانسية العربية،
عربياً جميلاً رقيق المشاعر (فكيف
لهذا أن يعجب بجرائم النازية
وعنف جيوشها؟). بيروت
والقاهرة، صيف 2010: في عدد جريدة
«الحياة» الصادر يوم السبت
الماضي، أشار الأستاذ حازم
صاغية في عموده في هذه الصفحة (تحت
عنوان «الاستغراب هو الموضوع»)
إلى ما شوهد في بيروت من
احتفالات لبعض مناصري فريق كرة
القدم الألماني بعد فوزه على
الفريق الأرجنتيني في كأس
العالم، بحملهم أعلاماً
ورموزاً نازية وأدائهم التحية
النازية على النحو الذي استوجب
احتجاجاً من السفارة الألمانية
لدى وزارة الخارجية اللبنانية،
«ذاك أن الألمان لم يكفوا منذ
نهاية الحرب العالمية الثانية
عن تنظيف ذواتهم وضمائرهم من
ماضي الارتكاب النازي. وهذا ما
فعلوه على الأصعدة جميعها من
برامج التعليم إلى الإنتاج
الثقافي إلى إعادة تأهيل
المجتمع عموماً». وعبرت بعض
رسائل التهنئة التي تلقيتها من
أقارب وأصدقاء في القاهرة،
يعرفون عني مناصرة الفريق
الألماني في كأس العالم، وكذلك
تعليقات عدد غير قليل من القراء
على المواقع الإلكترونية للصحف
المصرية (والعربية بوجه عام) عن
الإعجاب ذاته بالماضي النازي
لألمانيا بما حمله من «تصفية» و
«تعقب» لليهود و «انتصارات
كاسحة» عليهم وعلى القوى
الداعمة لهم. هؤلاء
المحتفلون في بيروت والقاهرة
بفريق كرة القدم الألماني في
كأس العالم 2010 بالاحتفاء
بألمانيا النازية وأفعالها
ورموزها أخفقوا، كما أشار
الأستاذ صاغية عن حق، في إدراك
عمق شعور الألمان الجمعي بالذنب
ورغبتهم في التطهر من الماضي
النازي - وهو لا يستدعى في
الفضاء العام الألماني إلا
مقروناً بمفردات كالإجرام
النازي وجرائم النازية ضد
الإنسانية - عبر الاعتراف
الصريح والمترجم مؤسساتياً في
قطاعات التربية المدنية
والتعليم والإعلام والإنتاج
الثقافي والفكري بالذنب،
والتفنيد المستمر لمقولات
النازية التبريرية. إلا أن
أولئك المحتفلين العرب، ولا
أدعي أنهم يمثلون اتجاهاً
سائداً في مجتمعاتنا، تعاموا
أيضاً عن العقيدة العنصرية التي
تبنتها النازية وروجت لها حتى
نهاية الحرب العالمية الثانية
وقطع المجتمع الألماني المعاصر
أشواطاً بعيدة في التخلص منها،
كما أظهر اختلاف ألوان بشرة
لاعبي الفريق الألماني المشارك
في كأس العالم 2010 وتنوع
الخلفيات العرقية التي تدلل
عليها أسماؤهم. المشترك
بين كلمة الراحل نزار قباني
الترحيبية في «بيت ثقافات
العالم» ببرلين منتصف
التسعينات وبين الاحتفاء
بإجرام ورموز الماضي النازي بعد
نجاحات الفريق الألماني في كأس
العالم من قبل بعض مناصريه في
بيروت والقاهرة هو قراءة مريضة
تختزل ما يثير إعجاب بعض الخواص
(الشاعر قباني) أو بعض العوام (متابعي
كرة القدم) بالآخر، وفي
الحالتين يكون الإعجاب بهذا
الآخر (المانيا) من خلال النظر
إلى سلسلة من أفعال ورموز
وأقوال يجرى تفسيرها انتصاراً
على أو انتقام من المتسبب في
عذابات الذات الجمعية العربية،
وهو هنا في قراءة ذلك البعض من
الخواص أو العوام يشار إليه
بمفردات تعميمية كاليهود أو
الصهيونية العالمية أو
العصابات الصهيونية أو ما شابه
من مفردات وصياغات أخرى ليست
بالشحيحة في قاموس اللغة
العربية. ثم يترتب على مثل هذه
القراءة المريضة تغييب كامل
لإمكانية التواصل مع الآخر
ودفعه إما إلى الانسحاب
والابتعاد، على ما دللت عليه
تجربة قباني ورد فعل قطاع واسع
من الجمهور الألماني، أو إلى
الاعتراض وتوجيه الانتقادات
علانية للاختزالية العربية،
كما أظهر احتجاج السفارة
الألمانية ببيروت. وغني عن
البيان أن اختزال الآخر يحدث
أيضاً حين تفسر أفعاله ورموزه
وأقواله انتصاراً لمعذب الذات
الجمعية العربية وتكريس لتفوقه
عليها وليس العكس، وهو الجوهر
الحاضر باستمرار في قراءة قطاع
واسع من خواص وعوام العرب
للولايات المتحدة الأميركية
وعلاقتها بإسرائيل. نحتاج
إلى وقفة صادقة مع الذات
ومراجعة جادة لقراءاتنا
الاختزالية للآخر. وفي خبرة
المجتمع الألماني في التطهر من
جرم النازية ومقولاتها
التبريرية التي جردت أتباع
الديانة اليهودية من صفة
الإنسانية ومن ثم أنتجت المحرقة
وغيرها من الفظائع، وفي التخلص
من الأفكار العنصرية هناك
العديد من الدروس العظيمة
الفائدة لنا كعرب. *
أكاديمي مصري. =================== بن
– درور يميني معاريف
الاسرائيلية الرأي
الاردنية 15-7-2010 إن
مجال التهويد مثل مجالات كثيرة
صودر من اليهود عامة او من
اليهود في اسرائيل خاصة لمصلحة
الاقلية الارثوذكسية. وكان يمكن
ان يكون هذا على ما يرام لولا أن
التهويد قد سلم لرجال دين من
جملة تيارات المحافظين على
الفرائض في اسرائيل. بيد ان
اسرائيل ليست ديمقراطية. هذه
اسطورة. إن اسرائيل هي أقلية
حاكمة. ففي مجالات كثيرة تسيطر
أقلية تملي ما تشاء مع المس
بالأكثرية. وهكذا الحال في مجال
الاعلام. وفي مجال القضاء. وفي
مجال انشاء دولة واحدة كبيرة
على حساب دولة يهودية. وهكذا
بطبيعة الامر في مجال التهويد.
ليس يعني هذا ان المتدينين
يسيطرون في مجال التهويد. بل
الحريديين. وليسوا الحريديين بل
المتطرفين منهم. على
حسب اقتراح قانون جديد يفترض أن
«يرتب» المسألة، يفترض ان يكون
التهويد من سلطة المؤسسة
الحاخامية وحدها. من جهة تنقل
السلطة من الفرع الحريدي وحده
الى جملة الحاخامات من التيار
الارثوذكسي. ومن
جهة ثانية يوجد هنا رفض لكل
تهويد يتم على يد تيارات أخرى.
بيد أننا نمكث وسط شعبنا. فانه
عندما يمنح سائر الحاخامات
السلطة يسيطر عليها الحريديون. هكذا
كانت الحال حتى اليوم. فقد
شاهدنا هذا الفيلم من قبل. رفضت
المحكمة الحاخامية العليا آلاف
عمليات التهويد التي تمت على يد
الحاخام حاييم دروكمان
الارثوذكسي الذي رأس جهاز
التهويد. وفي رد على ذلك نشرت
عريضة حاخامات مضادة للمحكمة
الحاخامية. وقد
حصلوا على الشجاعة آخر الأمر
ولكن ذلك لم يساعد. فقد بقيت
السيطرة الحريدية على
الحاخامية على حالها.
والحريديون، في جبهة موحدة
يؤيدون اقتراح القانون الجديد
وهم يعلمون لماذا. من هو
اليهودي اذن؟ اليهودي هو كل من
يربط مصيره بمصير شعب اسرائيل
في دولة اسرائيل ويعلن استعداده
لأن يكون مواطنا مخلصا، يفي
بجميع الواجبات، وليس هو صاحب
دين آخر. يوجد عشرات آلاف
المهاجرين من روسيا او من
اثيوبيا من غير اليهود على حسب
الشريعة. ولا يوجد أي احتمال لأن
يرتدوا ملابس الصلاة كل يوم إلا
اذا استعمل ها هنا صيغة ما من
محاكم التفتيش. لكنهم هنا. وهم
يتحدثون العبرية على الكمال
ويخدمون في الجيش. وهم مدمجون في
الصناعة والانتاج. ويستطيع كثير
منهم الهجرة الى دولة أخرى
لكنهم هنا اختيارا. وليسوا هم
وحدهم. يوجد أيضا عشرات آلاف
العمال الاجانب الذين يتحدث
ابناءهم العبرية السليمة. ربطوا
مصيرهم باسرائيل ويريدون أن
يجندوا في الجيش. صحيح، لم يأتوا
عن مشايعة. فقد أتوا عن ضائقة
وبحث عن مصدر عيش. لم تكن
اليهودية قط دين الوراثة او
العنصر او علم الاحياء.
والنموذج والقدوة هو روث
الموآبية. فقد ربطت مصيرها
بمصير الشعب الذي يعيش في صهيون
لا أكثر من ذلك. ومن نسلها الملك
داوود. وتزوج موسى سيبورا التي
لم تكن من أبناء شعب اسرائيل وقد
اصبحت كذلك. صحيح ليس كل ما كان
هنا قبل آلاف السنين يستحق ان
يكون اليوم ايضا. لكننا
بحماقتنا نفضل احيانا الامثلة
المظلمة وهنا يوجد عندنا تراث
مستنير. تراث روث الموآبية. يحسن
اذن ان نتبناها. على
مدى تاريخ شعب اسرائيل كله كانت
اختلافات في شؤون التهويد. فمن
جهة أوامر واضحة بقبول الاغيار
بلا أية حاجة الى اجراء صوري مع
أوامر قبولهم على أنهم متساوون
بين متساويين. ومن
جهة ثانية كانت فترات انغلاق
ايضا. في الاختلاف بين بيت شماي
وبيت هيلل، أيد هيلل تهويدا
تسهيليا لا يوجب اقامة الشريعة
بحرص. وفي كل ما يتعلق بتدقيقات
الشريعة قرر حتى موسى بن ميمون:
«ولا نكثر عليه ولا ندقق معه». في
العصر الحالي ايضا أرادت طائفة
كبيرة من رجال الدين التخفيف عن
المتهودين وتحويل مركز الثقل
الى حقيقة رغبتهم في الانضمام
الى الشعب اليهودي. هكذا كان
الحاخام شاؤول يسرائيلي،
والحاخام شلومو غورين وآخرون.
وهذا في أيامنا اتجاه الحاخام
أمسلم من شاس. فلماذا يا رب
العالمين نسلم التهويد الى
الفرع المشتد في الحريدية من
بين طائفة من المواقف اليهودية
تماما؟ انه ما قلناه: حكم
الأقلية. حان وقت الديمقراطية. =================== أكذوبة
المفاوضات المباشرة غطاء
لأكذوبة التجميد المستقبل
- الخميس 15 تموز 2010 العدد
3711 - رأي و فكر - صفحة 19 مصطفى
قاعود أما
وقد ثبت سابقا ولاحقا أن خطوة
التجميد المؤقت للاستيطان،
التي اتخذتها حكومة نتنياهو لحث
المفاوضات غير المباشرة لإرضاء
الإدارة الأميركية، ثبت أنها
مجرد كذبة، وبناء على شهادات
عدة لمقربين من نتنياهو، أنها
كانت مجرد تحصيل حاصل لأن تلك
المشاريع كانت مجمدة لأسباب
عملية تتعلق بالتنفيذ، ولا ضير
من استخدام تلك الواقعة للتضليل
والتخلص من الضغوط الدولية،
وإخراج إدارة أوباما من الحرج. اليوم
وبعدما شارفت مهلة التجميد على
الانتهاء، ومشاريع الاستيطان
في القدس باتت جاهزة، وحكومة
نتنياهو قد عقدت النية باتجاه
عدم التمديد، لأسباب تتعلق
بالمحافظة على الائتلاف
الحكومي الذي زعزعت أركانه عدة
معطيات، في مقدمتها تداعيات
عملية القرصنة ضد أسطول الحرية،
التي تركت علاقة إسرائيل مع
تركيا والعديد من دول العالم في
مهب الريح، وأصبحت العلاقة مع
تركيا تحديدا مادة للنزاع
الداخلي، جرى التعبير عنها في
البلبلة والارتباك وتبادل
الاتهامات بين أركان الإتلاف
وداخل الأحزاب المكونة له، وذلك
بعيد اللقاء الذي جمع وزير
الخارجة التركي داود أوغلو
بوزير التجارة والصناعة
الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر
في بروكسل، وأبلغت فيه تركيا
إسرائيل بشروطها لإصلاح
العلاقات، والتي تبدأ
بالاعتذار وتنتهي بالرفع
الكامل للحصار عن قطاع غزة،
وكانت تلك مادة للاختلاف داخل
حزب العمل من جهة وداخل
الائتلاف الحكومي من جهة أخرى،
كما أن الخطوة المنقوصة التي
اتخذها نتنياهو تحت عنوان رفع
الحصار المدني لصالح الحصار
الأمني، واعتبرها العديد من
الأوساط السياسية داخل إسرائيل
اعترافا صريحا بفشل سياسة
الحصار، لتصبح مادة خصبة بيد
الحزب المعارض الأكبر من خارج
الائتلاف ألا وهو كاديما بزعامة
تسيبي ليفني، التي خطأت خطوة
الحكومة وذلك لأن حزبها هو من
فرض الحصار وقاد العدوان على
غزة، هذا من جهة ومن جهة أخرى هي
تريد للأزمة داخل الائتلاف
الحكومي أن تتفاقم بهدف تحسين
شروطها التفاوضية في الانضمام
لأي إتلاف جديد، ومن بين أولئك
الذين عبروا عن عمق الأزمة التي
تعاني منها حكومة نتنياهو بشأن
الحصار أفرايم هيلفي وهو رئيس
سابق للموساد، حيث يقول في
مقابلة مع القناة العاشرة
الإسرائيلية" هذا الحصار
متواصل منذ ثلاث سنوات ومن
الواضح أنه لم يحقق غايته،
والسؤال ما هو ذلك الهدف أو
الغاية فإذا كان الهدف إسقاط
حماس لا اعتقد أن هذا الأمر كان
هدفا واقعيا". أمام
واقع الحال المتعلق بالحكومة
واضطرار نتنياهو لاتخاذ خطوات
أكثر تطرفا بشأن الاستيطان
بالقدس، بهدف الحفاظ على
الائتلاف لأن أكثر ما يقلقه هو
انضمام ليفني إلى الائتلاف
الحكومي، لذا حتى يهرب من هذا
الخيار لا بد من خطوات متطرفة
تغطي على الفشل بشأن الحصار،
إذا لا بد من وجهة نظر نتنياهو
من العودة للبناء في القدس ولكن
كيف السبيل إلى عدم تمديد فترة
التجميد، السبيل هو الذهاب نحو
كذبة أخرى تسقط الأولى، ألا وهي
كذبة المفاوضات المباشرة، ولكن
كيف يستقيم فإذا كان شرط
المفاوضات غير المباشرة تجميد
الاستيطان لأنه يخلق واقع حال
من جانب واحد يترك أثره على مصير
التسوية، السؤال يكون هل هذا
الهدف ينتفي عند الذهاب نحو
المفاوضات المباشرة، فإذا كانت
المفاوضات غير المباشرة تتطلب
التجميد فإن المباشرة تتطلب
الوقف الكامل لا بل وإزالة
المستوطنات كمقدمة للتسوية،
لكن من الواضح أن إسرائيل تنظر
للمفاوضات على أنها محطة لترسيم
ضمها للمستوطنات الكبرى
والقدس، وقد عبر الكاتب
الإسرائيلي عكيفا الدار في
مقالة له في هأرتس عن نظرة
نتنياهو لمستقبل التسوية
بالقول: (يوجد لرئيس الحكومة
نظرية منظمة تتعلق باللقاء بين
الحدود والأمن، في ولايته
السابقة عرض على الحكومة خريطة
"مصالح إسرائيل الحيوية"،
يشهد العقيد احتياط شاؤول
اريئيلي، الذي كان آنذاك نائب
السكرتير العسكري لرئيس
الحكومة ووزير الدفاع، بأن حدود
نتنياهو الأمنية تبقي في يد
إسرائيل أكثر من 40 في المائة من
أراضي الضفة. وبمفاهيم اتفاق
أوسلو الثاني، الذي وقعه إسحاق
رابين، تمكن هذه الخريطة من
تحويل المنطقة ب (سيطرة عسكرية
إسرائيلية وسيطرة مدنية للسلطة)
إلى المنطقة أ (سيطرة فلسطينية
كاملة) وان يضم إليها 20 في
المائة تقريبا من المنطقة ج (سيطرة
إسرائيلية كاملة")، وعلى هذا
مشاريع الاستيطان وخاصة في
القدس أصبحت جاهزة، وقد نشرت
معطياتها كاملة أيضا في هآرتس
في عددها الصادر يوم 5/7/2010 "ما
لا يقل عن 2.700 وحدة سكن مخطط
لبنائها في المناطق فور انتهاء
موعد التجميد في نهاية أيلول
هذا ما يتبين من فحص أجرته "هآرتس".
في هذه الأيام، تبذل في السلطات
المحلية جهود حثيثة لإنهاء
العمل على الأوراق اللازمة
لتنفيذ أذون البناء التي جمدت
وإصدار أذون جديدة"، إذا
نتنياهو طالب في واشنطن ببدء
المفاوضات المباشرة التي يعرف
أنها لن تنطلق، بهدف التخلص من
كذبة التجميد. =================== الاستراتيجية
الأميركية في العراق والدور
الإقليمي طارق
الدليمي الرأي
الاردنية 15-7-2010 يبدو
العراق الآن، في ظل انتخابات
ملفقة وغير حاسمة أبداً، مقبلا
على دوامة من الصراعات الداخلية
من جانب، والإقليمية من الجانب
الآخر. إن قوة «القبائل»
السياسية الحالية لن تسمح
للزعامات الفردية «الكاريكاتيرية»
بأن تنمو تدريجا، وأن تنجح
كثيراً في مصالحها الخاصة، بدون
«أن تحسب جيداً» إمكانيات هذه
القوى المسيطرة عملياً على «المشهد
السياسي» من هنا فإن الطبيعة
العضوية للعلاقة بين «القوى
الخاصة» في الداخل و«القوى
العامة» في الأقاليم المتاخمة
هي حجر الزاوية في بناء العراق
الجديد ضمن استراتيجية أوباما
الأخيرة. ينقسم
«الخارج» الإقليمي بالمفهوم
الجيوسياسي إلى مركزين: الأول
الامتداد العربي والثاني
الجوار الإسلامي، التركي
الإيراني. وكان هذا الإقليم
هو «المنصة» التي استعملت من
قبل الولايات المتحدة في «تحرير
العراق» من «الديكتاتورية»
وكانت «العتلة» في استخدام «القوة
المسلحة» من أجل تحقيق «الديموقراطية
الجديدة» في ظل «اقتصاد السوق»
الذي تدير حكومة «الوكالة»
المرتبطة مع المنظمات الدولية:
الأمم المتحدة وأجهزتها
المتوازية والتنفيذية، لبناء
العراق الجديد. لقد
تعاون الإقليم كله، ما عدا
سوريا تحديداً، في احتلال
العراق. وكان التقسيم «الإداري»
لمكونات الإقليم ينسجم مع
المشاركة «البنيوية» للدولة
المعنية وإمكانياتها الخاصة
ودرجة انخراطها في المشروع
العالمي بغض النظر عن الإطار «الإيديولوجي»
الذي تندرج فيه في ظل العولمة
وامتداداتها الاقتصادية
السياسية. من هنا فإن
استراتيجية اوباما، تركز على
النقاط الناجحة والمثمرة في
التعاون مع دول الإقليم في جانب
والعقبات والعثرات التي برزت من
خلال «الاحتلال
العملية السياسية
الانسحاب» في الجانب الآخر. وعليه
فإن التقسيم السياسي
للاستراتيجية، سيكون على ضوء «التقسيم»
الجيوسياسي الإقليمي العام في
علاقته الجدلية مع الوضع
الجيوسياسي الداخلي. إن هذا
التكريس سيكون صفة المرحلة
السابقة في إطارها الحاد،
العسكري أولا، والدبلوماسي
ثانياً، لكنه سيتغير «طفيفاً»
في المرحلة القادمة، حيث سيكون
إطاره الحاد، الدبلوماسي
السياسي أولاً، ومهامه
العسكرية اللوجستية ثانياً. من
هنا يجب التركيز على أن أميركا
ستعتمد في استراتجيتها الجديدة
على نقطتين: أولاً:
تفوقها العسكري الجوي الحاسم،
مع بقاء قوات خاصة محدودة
ومكثفة، والتي تتوازن مع قوة
وكثافة العلاقة السياسية بين
دول الجوار و«مكونات» الداخل
العراقي. ثانياً:
في هذه الاستراتيجية، لن تفرق
أميركا بين الصديق والمحايد
والخصم والعدو، وستبذل الجهود
الحثيثة لتوفير المواد
الإسمنتية اللازمة لبناء
علاقات، تشمل الجميع في «مجمع»
إقليمي مؤثر يتعاون معها في
التفاصيل، وافقت هذه القوى أم
رفضت! إن
تقسيم العراق سيتم: إلى «الشمال»
في عهدة «الحليف» التركي و«الوسط»
في التعاون مع المحيط العربي،
لا سيما التنسيق السعودي
الأردني، و«الجنوب» في صراع
سياسي مرير مع الحكومة
الإيرانية في طهران. تعتمد
الإدارة الأميركية في هذه
الملفات على عناصر أساسية ومهمة
في «هيكليتها البيروقراطية»
على عناصر جديدة بالمواكبة
والشفافية والتنفيذ اليومي
المباشر وغير المباشر. هنا تكمن
نقاط الاستراتيجية في بناء ما
يلي: 1/ فرق الاستطلاع
الاجتماعية، 2/ بناء المنظمات
الاجتماعية الأهلية، 3/ فروع
للشركات الاقتصادية الصغيرة
المرتبطة مباشرة مع الخارج، 4/
التدريب المكثف الميداني
والقاسي والمتلازم مع الإطار
العسكري الحقيقي. إن قاعدة «بلد»
في منتصف العراق هي «العاصمة»
الإقليمية الفعلية للولايات
المتحدة والتي هي موجودة في
التراث الكولونيالي العالمي
على مرّ التاريخ. يمكن
القول ان التركيز الاميركي على
العلاقة مع تركيا سيكون الحلقة
المركزية في الخطة
الاستراتيجية الجديدة. ويكشف «جيفري
كمب» المتخصص الأميركي في شؤون
الشرق الأوسط، عن الزيارة
الجديدة، في الأسابيع السابقة،
لوفد تركي ذي مستوى عال سياسي
وإداري، وصل إلى واشنطن ليناقش
العلاقات التركية الأميركية في
كل أبعادها السياسية المباشرة
والاستراتيجية العامة. ويفهم من
أحاديث الوفد، أن بعض جوانب
السياسة التركية «الجديدة» في
المنطقة، وتحديداً مسألة رفع
الحصار عن غزة، كانت مهمة
وناجحة في خلق «رأي عام» جديد
داخل «الفلسطينيين والعرب» من
أجل زحزحة النفوذ «الإيراني»
المتراكم والقيام بخطوات جديدة
تعيد مرة ثانية أهمية العامل «العربي»
في تطور الوضع السياسي في
الاقليم. وقد أكد أردوغان نفسه،
في خطابه في المنتدى العربي
التركي مؤخراً في استطبول
أن الحديث عن ابتعاد تركيا عن «التوجه
نحو أوروبا» هو وسخ بالمعنى
السياسي، وأيده وزير الخارجية
الايطالي للاتحاد الأوروبي،
جازماً بان الغرب يخطئ في الضغط
على تركيا، ودفعها إلى الابتعاد
عن أوروبا نحو الشرق، في الوقت
الذي تشير فيه الاستطلاعات
الداخلية التركية إلى أن حظوظ
نجاح حزب اردوغان في الانتخابات
القادمة محدودة. ويعتقد
العديد من الخبراء في السياسات
التركية، أن «تجليس» العلاقة
الأميركية مع تركيا ضروري الآن
لإنجاح الخطة الاستراتيجية في
العراق. وهي تتضمن النقاط
التالية: أولاً، كانت تركيا هي
الصلة المباشرة عموماً بين
أميركا و«السنة» في العراق
وخصوصاً العلاقة مع «المقاومة
الوطنية المسلحة» وفروعها
العسكرية والسياسية المختلفة
وتحديداً حزب البعث ومنظماته «العسكرية»
وبقايا الجيش السابق! ثانياً،
أدت تركيا دوراً مركزياً في
الانتخابات الأخيرة، لا سيما في
المناطق «السنية» والمختلطة،
وكانت جهودها المكثفة ناجحة
جداً في الموصل وكركوك. كما أن
علاقاتها «الخاصة» مع «القائمة
العراقية» لم تكن بعيدة عن
التأثيرات والرغبات الأميركية.
وإذ تطرح الإدارة التركية مسألة
وحدة العراق واستقلاله
وعلمانية الحكومة والحفاظ على
المسار الديموقراطي «للعملية
السياسة»، فإنها عملياً تلبي
ثنائياً المطالب الأميركية
الواضحة والحاجات العربية «الخجولة»
والمترددة. لكن
المشكلة الأساسية أيضاً في هذه
العلاقة التركية الأميركية،
تكمن دوماً في دور «الراعي
الاقليمي» الجديد للقضية «الكردية».
فالاستراتيجية الأميركية
الجديدة لا يمكنها «البقاء» في
سياستها السابقة والدخول في
التفاصيل أمام عوامل عديدة تضغط
على «الكرد»، ومنها 1، غليان
الوضع الداخلي وفشل السياسة
العامة «لازدواجية السلطة»
للحزبين الطالباني والبارزاني.
2، الضغوطات الإسرائيلية في
شمال العراق وعلاقتها مع «لوبي»
اقتصادي كردي. 3، العلاقة
المعقدة بين الحكم في إيران
والوضع الداخلي الكردي، والذي
تجلى مؤخراً في القصف الدائم
للقرى الحدودية والتوغل
لمسافات مهمة داخل العمق
العراقي. 4، العلاقة الصعبة بين
«السنجق الكردي» والحكومة «المركزية»
الهشة في بغداد. وعليه، فإن
المهمة التركية ستكون بفتح «الامتداد
الجغرافي التركي» لحكومة «اربيل»
التي تعيش في «قفص جيوسياسي»
ومساعدتها على بناء زعامة
سياسية موحدة تكون متلاصقة مع
السياسة التركية ومتلازمة مع
الاستراتيجية الأميركية في
بناء عراق جديد يقف بقوة أمام
النفوذ الإيراني المتراكم. إن
الاستراتيجية الأميركية في
العراق تتضمن التوازن المطلوب
بين بناء «حكومة» موالية
للبرنامج الأميركي في المنطقة
وبين الحفاظ على خيط سري
للعلاقة بين أميركا في العراق
والنفوذ الإيراني والاجتماعي
والمذهبي! إن الحكومة الجديدة
المتوازنة هي الجديرة بأن تؤدي
هذا الدور المزدوج. وبدون
الوصول إلى هذه النتائج
الملموسة فإن الصراع الأميركي
الإيراني في العراق سيكون
دائماً مفتوحاً على كل
الاحتمالات، وأولها الحرب
الأهلية الداخلية، وليس آخرها
الحرب الأهلية في المنطقة
والصراع العسكري الشامل. لا غرو
في أن الاستراتيجية الأميركية
واضحة بخصوص نزع المخالب
الإيرانية في العراق وترويض
علاقاتها السياسية
المذهبية وتطبيع هذه الصلات
وتدجينها لصالح المآرب
الاميركية. لكن هل يمكن
الاطمئنان إلى امكانية تطابق
حسابات أميركا في الحقل
الاستراتيجي مع حسابات إيران في
البيدر التكتيكي!!. إن
الاستراتيجية الأميركية
الجديدة في العراق لا تجيب عن
هذه الأسئلة الفاقعة، وهي تبدو
إلى حد ما غير مكترثة بتوضيح هذه
الجوانب الغامضة. وهي إذ تراهن
على عامل «الزمن»، وهو غير
موجود أبداً في كل الحسابات
السياسية في دول المنطقة بعجرها
العربي ، فإنها تكثف جهودها
الحالية على المسائل المباشرة
التالية: 1، تحقيق حكومة ائتلاف
علماني طوائفي
عرقي، تكون جسراً للهموم
العراقية الداخلية ومع الخارج
الإقليمي. 2، تساعدها هذه
الحكومة مباشرة وبالتفاصيل في
الخروج العسكري «المرتبة
جداوله» من العراق والبقاء
السياسي «المنظمة قوائمه» فيه
إلى محطة استراتيجية قادمة. وأخيراً
فإن الوضع العربي عموماً (ودول
الجدار خصوصاً)، بارع في خطابه
العالي في نبراته السياسية
والساخن في مساجلاته اليومية
والذي يدور حول نفسه منذ أكثر من
نصف قرن. كانت محطة الحرب
العراقية الإيرانية هي «المنصة»
الاستراتيجية التي انطلقت منها
أميركا في توفير كل الظروف
الملائمة لبناء «عتلتها»
التاريخية في إبقاء السيطرة
السياسية «للديموقراطية»
الغربية لشعوب المنطقة
والهيمنة العالمية لاقتصاد «السوق»
الداخلي والمكمل الضروري
والحاسم للاستراتيجية الكونية
الأميركية. [
سياسي وكاتب عراقي =================== الحرب
المذهبية لا تشمل السعودية ! سركيس
نعوم النهار 15-7-2010 بدأ
الموظف الاميركي الرفيع السابق
الذي لا يزال يتعاطى الشأن
العام في صورة غير رسمية اللقاء
بالحديث عن اسرائيل قال: "الوضع
الحالي داخل اسرائيل ليس
مترابطاً ولا متناسقاً. اهالي
اسرائيل والضفة الغربية
المحتلة لا يبالون بشيء.
للفلسطينيين منفذ واحد الى
مدينة القدس من الضفة اسمه "ابوديس".
مع الوقت ستقفله اسرائيل. ليست
هناك حلول لأزمة الشرق الاوسط
بمساراتها المتنوعة. صديقي
وصديقك الذي يتعاطى رسمياً مع
هذا الموضوع قد يتخلى عن مهمته
في الخريف المقبل. اذ ليس هناك
من عمل فعلي ولا تقدم سواء على
المسارين اللبناني والسوري او
في الموضوع الفلسطيني".
علّقتُ: يقال ان السيناتور جورج
ميتشل المكلّف من الرئيس اوباما
إحياء عملية السلام في الشرق
الاوسط قد يتخلى عن مهمته هذه
اواخر السنة الجارية. ردّ: "الرئيس
يريده ان يترك الآن. كيف
احوال لبنان الآن؟" سأل.
فشرحتها له بنوع من التفصيل.
فسأل مجدداً: "ماذا عن
المحكمة ذات الطابع الدولي
المكلفة محاكمة المتهمين
باغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
قال لي صديق اميركي يعرف سوريا
ويزورها وان بتقطع انها خائفة
من المحكمة". اجبت: كلمة خائفة
اعتقد انها في غير محلها. كانت
سوريا خائفة في السابق. وهي ربما
تجاوزت الخوف الآن، لكنها لا
تزال غير مطمئنة وحذرة. يقال ومن
جهات تعرف عن المحكمة اكثر من
غيرها ان التحقيقات لم تتوصل
الى الآن الى تفاصيل او أدلة او
معلومات دقيقة تتعلق بالجهة او
الجهات التي اتخذت قرار قتل
الحريري والأخرى التي خططت
والثالثة التي نفّذت. هناك
اشتباه في أفراد ينتمون الى "حزب
الله" اللبناني. وقد تم
استدعاؤهم للاستماع اليهم في
بيروت. وقد تكون هذه العملية
مستمرة. اذا اصدر المدعي العام
في المحكمة دانيال بلمار قراره
الظني وتضمن اشتباهاً فقط في
عناصر من الحزب المذكور فإن
الاخير لن يسكت. يمكن ان يقوم
بعمل ما لا اعرف ماهيته. وقد
يؤثر ذلك على لبنان. ذلك ان
قيادته قد تعتبر ربما ان هناك
تواطؤاً لحصر الاتهام به
وتالياً لخوض معركة معه تضعفه
أو تصفيه. اما اذا انطوى القرار
على اشتباه بجهات اخرى الى
عناصر من الحزب فان رد الفعل لن
يتغير. وعلى العكس فأنه قد يتأكد
انه سيكون مدعوماً من كل الجهات
التي ستعتبر نفسها "مستهدفة". علّق
الموظف الاميركي الرفيع السابق:
"كان السعوديون والاردنيون
ناشطين لبنانياً عام 2003 ويعملون
لإحداث اختراق حقيقي في اكثر من
مجال. لكن يبدو انهم لم يوفقوا،
اي "ما مشي الحال"".
علّقتُ: لا تنسَ ان سوريا طردت
كل العرب من لبنان من زمان بما
فيهم السعودية. ولا تنسَ ان
السعودية تعتبر ان لها موقفاً
مشتركاً مع سوريا حالياً او
ربما واحداً حيال العراق وهو
مختلف الى حد كبير عن موقف ايران.
وهي تعتبر ذلك بداية جيدة. ردّ
بسؤال عن العراق: "ماذا لديك
عن هذه البلاد؟ اياد علاوي قال
لي ان ايران لن تتراجع عن خططها
في العراق. لكنها قد تخفّف منها
او قد تعدّلها بعض الشيء اذا رأت
ضرورة لذلك او اذا اضطرتها
التطورات الى ذلك". اجبت:
علاوي خسر في العراق رغم حصوله
على الكتلة النيابية الاكبر في
البرلمان وان بنائب واحد (91) في
الانتخابات الاخيرة. وربحت
ايران. روّجت سوريا اخباراً عن
اتفاق مع السعودية وتركيا على
ان يكون علاوي رئيساً للحكومة
العراقية اذا فاز في الانتخابات.
وقيل آنذاك ان ايران حليفة
سوريا لن تمانع في ذلك. فاز
علاوي ولكن بضعف. فرفضته ايران
وغالبية الاحزاب الشيعية
الممثلة بالمالكي (رئيس الوزراء)
والسيدين عمار الحكيم ومقتدى
الصدر. وحجتهم انه علماني وبعثي
وسعودي وانه لا يمثل الشيعة لأن
السنّة هم الذين انتخبوه. وقد
عملت ايران على توحيد كل هؤلاء
بعد الانتخابات بعدما كانت فشلت
في ذلك قبل اجرائها. علّق: "يعني
ذلك ان الاتجاهات الدينية
الشيعية ستمسك بالسلطة في
العراق. السنّة متضايقون جداً،
وكل يوم يسقط منهم قتلى. قد
ينفجر الوضع في العراق". قلتُ:
يقال ان حرباً سنّية – شيعية قد
تندلع مجدداً في العراق ثم
تنطلق الى المنطقة. ردّ: "في
العراق قد يحصل ذلك. لكن اين في
المنطقة؟ اذا كان البعض يتحدث
عن السعودية واحتمال تورطها في
حرب كهذه فإن معلوماتي تؤكد
انها كثّفت اجراءاتها في
المنطقة الشرقية حيث للشيعة
وجود كبير. اما في البحرين
والكويت ولبنان فإن حرباً
كالمشار اليها محتملة". قبل
زيارتي لواشنطن كان في لبنان
خوف من ضربة عسكرية اسرائيلية
له ول"حزب الله". يبدو ان
هناك الآن بعض اطمئنان الى انها
ارجئت. ما رأيك. سألت. اجاب: "ارجئت
طبعاً. لكنها تبقى واردة. لا
تنسَ للصواريخ دورها في كل ذلك.
مع ايران لا بد ان تمشي الامور
في النهاية. في مصر "الاخوان
المسلمون" خطر مستمر. وجمال
نجل الرئيس مبارك غير مؤهل
لخلافته. الى متى يعيش مبارك؟"
ما هو موقف الجيش المصري من ذلك
كله؟ سألتُ، اجاب: "هذا هو
الاهم. المصريون صبورون كثيراً،
لكنهم ينفجرون بعد طول صبر.
وآنذاك لا يعرف احد ماذا يمكن ان
يحصل". ماذا
أيضاً في جعبة الموظف الاميركي
الرفيع السابق نفسه؟ =================== الانتخابات
الجديدة تكرس الانقسام في
اليابان بقلم
:صحيفة «جابان تايمز» البيان 15-7-2010 أظهرت
انتخابات المجلس الأعلى
للبرلمان في اليابان، ضعف ثقة
الناخبين في الحزب الديمقراطي
الحاكم بزعامة رئيس الوزراء «ناوتو
كان». نتائج الانتخابات تطيح
بآمال التحالف الحاكم في
الإبقاء على سيطرته على الغرفة
العليا في البرلمان، مما سيؤدي
إلى انقسام قد يأخذ اليابان إلى
حالة من عدم الاستقرار السياسي. التطورات
الأخيرة في المشهد الداخلي
الياباني، تفرض على جميع
الأحزاب السياسية تنحية
الخلافات جانبا، والتمسك
بأولوية إيجاد حلول للتحديات
الاقتصادية والمالية
والاجتماعية التي تواجهها
البلاد. ويبدو
أن التأييد الكبير الذي حصلت
عليه حكومة يسار الوسط منذ
تشكيلها بزعامة «كان»، جعلته
يعتقد أن الفوز في الانتخابات
أمر سهل المنال. إلا أنه سرعان
ما سقط في فخ فقدان ثقة
اليابانيين بهذه الحكومة، التي
يبدو أنها لم تقدم خطط إصلاح
مقنعة. الوعود
التي أطلقها «كان» خلال الدعاية
الانتخابية، كانت تتركز حول
الدعوة لزيادة ضريبة
الاستهلاك، وهو الأمر نفسه الذي
دعا إليه الحزب الليبرالي
الديمقراطي كوسيلة فعالة
لتخفيض العجز الهائل في
الموازنة. يذكر
أن الديون السيادية في اليابان
بلغت 862 تريليون ين، أو ما يعادل
180% من إجمالي الناتج المحلي
للبلاد، وهي نسبة تتجاوز ديون
اليونان التي تتراوح بين 130% و140%
من ناتجها المحلي. خطة
الإصلاح التي قدمها رئيس
الوزراء الياباني بشأن ضريبة
الاستهلاك، تنطوي على مشكلات
استراتيجية، إذ إنه لم يكن هناك
تمهيد معنوي لليابانيين بشأن
الخطة الجديدة، وهو ما أشار
إليه سلفه رئيس الوزراء السابق
يوكيو هاتوياما الذي توقع عدم
إمكانية حصول برنامج الإصلاح
على موافقة أعضاء المجلس الأدنى
في البرلمان، في فترة ولايته
الحالية. والمشكلة الثانية أن «كان»،
أثار شعورا لدى اليابانيين بأنه
سوف يتم تطبيق النظام الجديد في
أقرب فرصة. ثالثا
والأهم، هو أن «كان» أعطى
الناخبين انطباعا بأنه لم يدرس
خطة الضريبة بعناية فائقة. ففي
الوقت الذي دعا الحزب
الديمقراطي رئيس الوزراء
لتشكيل لجنة استشارية عليا
لمناقشة برامج الإصلاحات
الضريبية، استهل «كان» كلامه
بالحديث عن رغبته في استخدام
مقترحات الحزب الليبرالي
الديمقراطي بزيادة ضريبة
الاستهلاك بنسبة تتراوح بين 5
10 كمرجعية. هذا
الإعلان من جانبه أعطى انطباعا
لدى الناخبين بأنه ليست لديه
رؤية واضحة في هذا الخصوص، وأنه
يستمد أفكاره من الآخرين، حتى
ولو كانت المعارضة، مما أفقده
مصداقيته كزعيم سياسي يمكن
الاعتماد عليه. التخبط
الذي أصيب به «كان» بلغ مدى أبعد
من ذلك، حينما أدرك أن خطة
الإصلاح الضريبي لم تلق شعبية
لدى الرأي العام في اليابان،
فبادر بعرض سلسلة من الإجراءات
بهدف تخفيف الأعباء الضريبية
على طبقة محدودي الدخل، من خلال
ردّ قيمة ضريبة الاستهلاك التي
دفعوها. لكن هذا العرض الجديد لم
يقنع الناخب الياباني الذي بات
أقل ثقة في الحكومة وفي
إجراءاتها. وفي
أول تصريحات بعد إعلان نتائج
الانتخابات، اعتبر «كان» أن
هزيمة حزبه جاءت نتيجة سوء
تفسير لسياسته. ولكن على ما
يبدو، فإن الثقة المفرطة بالنفس
من جانب «كان»، هي المسؤولة في
المقام الأول عن تناوله مسألة
ضريبة الاستهلاك باستخفاف. ولعل
أبرز ما تمخضت عنه الانتخابات
الأخيرة في اليابان، هو ظهور
فئة جديدة من الناخبين المؤيدين
لبرنامج الحزب الناشئ «حزبك»،
والذي يدعو إلى تشكيل حكومة
مصغرة، وتقليص حجم الإجراءات
البيروقراطية في الدوائر
الحكومية. «حزبك»
نجح مؤخرا في زيادة عدد أعضائه
داخل المجلس الأعلى في
البرلمان، من عضو واحد إلى 11
عضوا، ما يعني أنه سيكون لاعبا
مؤثرا في المسرح السياسي
الياباني. =================== قراءة
في تطورات الملف النووي
الإيراني آخر
تحديث:الخميس ,15/07/2010 يوسف
مكي الخليج نحاول
في هذا الحديث، وأحاديث أخرى
قادمة، أن نقدم بقدر ما تتيحه
المساحة، قراءة تحليلية لتطور
موضوع الملف النووي الإيراني .
نحاول، من خلال هذه القراءة،
رسم صورة لمسرح المواجهة،
وللخيارات السياسية والعسكرية
المتاحة لمختلف الغرماء،
المتورطين بهذا الملف . في
خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي
السابق، جورج بوش، بعد أحداث
سبتمبر/أيلول ،2001 أطلق ما سمي ب”الحرب
على الإرهاب” . وتحدث عن “محور
للشر” حدده في العراق وإيران
وكوريا الشمالية . ومع أن
أفغانستان استثنيت من هذا
المحور، إلا أنها كانت المحطة
الأولى في تلك الحرب . فبعد
أسابيع قليلة من خطاب بوش، أنجز
الجيش الأمريكي احتلالها،
ليتوه فوق سفوحها وجبالها
العاتية . وتلازم ذلك مع التحضير
لاحتلال العراق، الذي نجز في 8
أبريل/نيسان عام 2003 . ورغم
تهديدات أمريكا المستمرة،
لكوريا الشمالية وإيران، بقيتا
بمنأى عن الاستهداف، مع ثبوت
امتلاكهما لأسلحة الدمار
الشامل، وسعيهما الأكيد لحيازة
التكنولوجيا النووية . وإذا
كان الموقف الأمريكي المتردد
تجاه الملف النووي الكوري
الشمالي، مفهوماً، نظراً
لارتباط الجزء الشمالي من كوريا
بتحالفات استراتيجية مع الصين
وروسيا، تجعل العبث بسيادتها
مساً مباشراً بتلك التحالفات،
بما يقحم الإدارة الأمريكية في
صراع مع دولتين كبريين، لا ترغب
هذه الإدارة بالدخول في صراع
مباشر معهما . فإن الحال مختلف
تماماً مع إيران، ومع ذلك لم
يتعامل الأمريكيون معها،
بصدمات الرعب والترهيب التي
تعاملوا بها في أفغانستان
والعراق . لقد
بقي موضوع الملف النووي
الإيراني معلقاً، من قبل
واشنطن، رغم الموقف الرافض
لحيازة إيران للتكنولوجيا
النووية . لقد استمر الصراع، بين
أمريكا وإيران، وتصاعد إيقاعه
عدة مرات، واقتربت المنطقة من
حافة الحرب، ثم تراجع فجأة،
ليجدد الحديث عن الحوار ثم يعاد
من جديد الحديث عن ضغوط وعقوبات
تفرض على إيران، في حالة مضيها
قدماً بتنفيذ برامجها النووية . كانت
المحطة الأخيرة، في هذا الصراع
صدور القرار رقم 1929 عن مجلس
الأمن الدولي الذي تضمن فرض
عقوبات جديدة، منعت بموجبه
إيران من بناء وحدات جديدة
لتخصيب اليورانيوم . كما حرم
عليها الاستثمار بالخارج في
نشاطات حساسة، مثل استخراج
اليورانيوم والتخصيب أو
النشاطات المتعلقة بالصواريخ
البالستية . وقد حظر القرار على
إيران شراء ثماني فئات من
الأسلحة الثقيلة كالدبابات
والعربات القتالية المصفحة
والمدافع من العيار الثقيل
والطائرات والمروحيات القتالية
والبوارج والصواريخ . ووسع
القرار مجال عمليات تفتيش السفن
في عرض البحر لتشمل الحمولات
البحرية المشتبه فيها والآتية
أو المتوجهة إلى طهران . ومنعت
إيران، من ممارسة أي نشاط مرتبط
بالصواريخ البالستية القادرة
على نقل أسلحة نووية . الواقع
أن القرار الذي تأخر صدوره
طويلاً، وكان نتاج عمل مكثف من
المساومات والمقايضات، جاء في
صيغة رفع عتب، من قبل “المجتمع
الدولي”، رغم النغمة العالية
لبنوده . فقد
أفصحت التصريحات الرسمية التي
صدرت عن مسؤولين كبار، في دول
مختلفة، بعد إعلان قرار مجلس
الأمن، عن عدم فاعليته . فموسكو
أعلنت على لسان وزير خارجيتها،
سيرغي لافروف أن العقوبات التي
تضمنها القرار لن تمنع روسيا عن
تسليم إيران صواريخ من طراز “إس
-300” . وأكدت أنها لن تتوقف عن
تنفيذ عقودها مع إيران في
المجالات النووية . أما الصين
فقد ضمنت عدم المس بصادراتها
إلى إيران ووارداتها منها، بما
في ذلك الاستثمارات النفطية
والأسلحة الدفاعية وسائر السلع
الاستهلاكية . والبرازيل وتركيا
اعترضتا على القرار، وأوحتا
بعدم التزامهما به، والأخيرة
دولة مجاورة لإيران، ولها حدود
واسعة معها . سؤال
مركزي يطرحه الموقف الأمريكي
غير الحاسم في تعامله مع الملف
الإيراني . لماذا اتسم هذا
الموقف بالتردد تجاه التعامل مع
إيران، في حين كان حاسماً في
المسألتين الأفغانية والعراقية
. إن الإجابة عن هذا السؤال،
ستسعفنا بالتأكيد، في تصور
الخيارات التي يمكن أن تلجأ
إليها الإدارة الأمريكية
الحالية في تعاطيها مع الملف
الإيراني . وكما
في كل مقاربة سياسية، لقضايا
صراعية، لا مناص من الأخذ بعين
الاعتبار، موقع البلد المستهدف
في خارطة التنافس الإقليمي،
ومعادلات التوازن الدولي،
والاستراتيجيات المعلنة للدول
الكبرى . فإن هذه القراءة ينبغي
أن تضع في الحسبان موقع إيران،
في هذه المقاربة، وعلاقة ذلك
بالخيارات الأمريكية المحتملة . في هذا
الاتجاه، نلحظ جملة من الأمور،
التي نعتقد أن وعيها لازم لوعي
لصياغة هذه المقاربة، فإيران،
كما هو العراق، بلد رخو، من حسن
طالعه أنها مثل منطقة
جيوسياسية، لا يسمح عمالقة
القوة بالعبث بها، كونها تعزل
الدب القطبي عن مياه الخليج
الدافئة . وفي كل المعاهدات
والأحلاف التي نشأت في المنطقة،
منذ الحرب العالمية الأولى حتى
قيام الجمهورية الإسلامية،
كانت إيران طرفاً فيها، وكان
بقاؤها مستقراً ولا يزال،
مطلباً غربياً، وأمريكياً
بامتياز، لأنه الضمانة
للحيلولة دون التسلل الروسي
للجنوب . ورغم هذه الميزة، التي
حظيت بها إيران، خلال حكم
الأسرتين القاجارية والبهلوية،
ثم في ظل الجمهورية الإسلامية،
فإنها بتشكلها الجغرافي
الحديث، مرشحة دائماً لقلاقل
مستقبلية، كون مخزونها البشري
يضم في أحشائه وفي جنباته،
تشكيلات إثنية، ودينية ومذهبية
تمثل نسبة لا يستهان بها من
تعداد سكانه . إن
اللوحة الفسيفسائية الإيرانية
والرخوة، تتيح للقوى الخارجية
استثمار الحلقات النافرة،
لتهديد وحدتها . فإلى الجنوب
الشرقي منها تقع منطقة بلوشستان
. ومعظم سكانها من البلوش،
ويمثلون قوة إثنية وطائفية
مختلفة، كونهم من أهل السنة .
والعمق الثقافي والديني لهؤلاء
يمتد واسعاً إلى منطقة الخليج
العربي، وتتصل شرقاً بباكستان،
وأفغانستان حيث يرتبط هؤلاء
بمجموعات عرقية مماثلة،
وبعلاقات تاريخية قديمة مع تلك
المجموعات . في
الجنوب الغربي من إيران، تقع
منطقة الأحواز التي يطلق عليها
الإيرانيون “خوزستان” . وتضم
مدناً عربية عريقة، كالأحواز
والمحمرة وعبدان والحويزة .
وكانت إمارة عربية موحدة، وقعت
مع البريطانيين معاهدة حماية،
شبيهة بالمعاهدات التي وقعتها
مشيخات الخليج، وآخر أمرائها هو
الشيخ خزعل الكعبي . وقد تم
احتلالها من قبل الفرس عام ،1925
أثناء حكم الشاه رضا خان، والد
شاه إيران الذي أطاحت به الثورة
. ورغم محاولة الحكومات
الإيرانية المختلفة “تفريس”
هذه المنطقة، من خلال طمس اللغة
العربية، وتشجيع الاستيطان
الفارسي بالمحمرة، فقد تمسك
أهلها بهويتهم العربية، وظلوا
يطالبون بحقوقهم الثقافية
والقومية . في
الشمال الغربي، تقطن الأقلية
الكردية، ويقدر تعداد سكانها
بما يزيد على السبعة ملايين
نسمة، ويشكلون امتداداً
تاريخياً وثقافياً لنظرائهم في
شمال العراق وجنوب شرقي تركيا .
وهناك أيضاً التركمان، ويشكلون
أقلية قومية لا يستهان بها،
ولهم علاقات ثقافية وتاريخية
بمركز لغتهم، تركيا . وجميع
هؤلاء يحملون صبوات في الانعتاق
الذاتي والتحرر الثقافي،
والتعبير عن كينونتهم . يضاف
إلى هذا الحضور الإثني المتعدد
الألوان، التعدد الديني، فرغم
أن الشيعة الإمامية يمثلون
الجزء الأكبر من شعوب إيران،
إلا أن هناك أقليات من اليهود
والمسيحيين والزرادشتيين،
والصابئة والبهائيين . وكل يطمح
في الاعتراف به، وبحقوقه
الدينية، فضلاً عما أشرنا له من
وجود مسلمين سنة، ضمن جميع
الأقليات القومية، آنفة الذكر:
بلوشاً وعرباً وأكراداً
وتركماناً . كان
النفاق الدولي، منذ نهاية الحرب
العالمية الأولى، وحتى يومنا
هذا قد تجاهل تماماً حقوق
الأقليات القومية والدينية
والمذهبية في إيران، بينما ركز
عليها في العراق . ما
علاقة هذه القراءة بتطورات أزمة
الملف الإيراني؟ وما هي
السيناريوهات المحتملة للتعامل
مع هذا الملف؟ ذلك ما سوف
نتناوله في الحديث القادم بإذن
الله . =================== آخر
تحديث:الخميس ,15/07/2010 محمد
جابر الأنصاري الخليج لا
أعول كثيراً على ما يكتبه روجيه
غارودي، فهو “مؤدلج” حتى أخمص
قدميه. وأنا اكتفي بالاطلاع على
آراء المؤدلجين، وإن كنت لا
أتبناها، لأن همي “معرفي”
بالدرجة الأولى، وقد التقيت
بروجيه غارودي عندما كنت
بباريس، وأجريت معه مقابلة
فكرية، نشرتها في كتابي (العالم
والعرب سنة ألفين) الصادر، عن
دار الآداب ببيروت عام 1988. وهو
مفكر معبأ ضد الولايات المتحدة
الأمريكية، ولا يلام أي شخص،
خاصةً من منطلق يساري أو
عالمثالثي، إذا تعبأ ضدها
فسلوكها السياسي في هذه المنطقة
من العالم يبرر ذلك. لكني أفضل
النظر “للظاهرة الأمريكية” في
سلبياتها وايجابياتها، وإذا
كانت سلبياتها واضحة للعيان،
فمن “ايجابياتها” الجديرة
بالذكر أنها بلد البحث العلمي
والجامعات، كما أنها بلد
الملتقى العظيم المتفاعل بين
الأعراق والأجناس، حيث استطاع
شخص غير أبيض كالرئيس أوباما
الوصول إلى الرئاسة لأول مرة في
التاريخ الأمريكي. إلا أن
روجيه غارودي، في كتابه الصادر
بالفرنسية، والمنشور في بيروت
عام ،1998 بعنوان (الولايات
المتحدة طليعة الانحطاط!) قد مر
بفكرة أعجبتني وأشاركه الرأي
فيها، وهي كما لخصها أحد
الباحثين:... منطق السوق الذي
يقول عنه روجيه غارودي بنوع من
التهكم بأنه يؤسس “لديانة
توحيدية “كونية جديدة هي “ديانة
السوق”. ولما كان “منطق السوق”
منفلتاً من كل منطق، فإنه يتعذر
إذاً وضع استراتيجية تحكّم
ومراقبة دائمة، لأن السمة
الطاغية على الأسواق العالمية
عدم استقرار المعاملات
والأزمات. إن هذه ظاهرة حقيقية
تسود العالم تتمثل في الأزمات
المالية الدورية والانهيار
المفاجئ للبورصات والعملات
والبنوك (مركز دراسات الوحدة
العربية، “العولمة والنظام
الدولي الجديد”، بيروت ،2000
مصطفى بن تمسك ص 138). فقد
استمرت البنوك في تشجيع مواطني
كافة الدول على “الاقتراض
السهل” منها لأجل شراء
الكماليات، ومد أرجلهم أكثر مما
تحتمله ألحفتهم، ثم عجزهم، في
النهاية، عن سداد تلك الديون ما
أدى إلى انهيار البنوك في أكثر
بلدان العالم. ومنذ
ستينات القرن العشرين، تنبأ
الفكر الاقتصادي الأمريكي
بدخول “مجتمع الاستهلاك” ضمن
التطور “الطبيعي” للعملية
الاقتصادية. ورغم النبرة
العالية للفكر الماركسي في نقد
“الرأسمالية” فإنه لم يشذ عنها
في الخضوع لمتطلبات الاستهلاك.
وربط “نجاحاته” في مختلف
البلدان التي ساد فيها، بقدرته
على الاستجابة لمتطلبات “الاستهلاك”.
كما يوجه “النقد” ذاته إلى
التجارب “الآسيوية” فقد تركز
همّها، عبر نضالاتها المشهودة،
على توفير المتطلبات
الاستهلاكية لمواطنيها،
واعتبرت ذلك مقياساً
لنجاحاتها، كما نلحظ اليوم في
الصين. وكما لمحنا من قبل في
اليابان، وربما في الهند ودول
أمريكا اللاتينية اليوم وغداً. إنه
المبدأ ذاته: استهلك حتى تهلك!
لا يحتاج الإنسان حاجة حقيقية،
في أي مكان من العالم، إلى
استهلاك ما يستهلكه أو “يقتنيه”
في يومنا هذا. فمن حيث الأكل
ينشغل الناس بتخفيف أوزانهم
وشحومهم في المجتمعات التي
أصبحت قادرة على استهلاك “الغذاء”!
ويبتلعون الأدوية تلو الأدوية
لتفادي مضار ذلك على صحتهم
وحياتهم، وفي أرفف الملابس هناك
“موديلات” معلقة منها، لم تلبس
إلا مرات قليلة، وأحياناً مرة
واحدة فقط لا غير. وازداد
عدد السيارات المنزلية، بحيث
أصبحت لدى كل فرد في العائلة
سيارة خاصة بمفرده، حتى لو
اشتراها بالدين والتقسيط. ونجم
عن ذلك ازدحام المرور وعرقلته
وتأخر من يريدون الوصول إلى
أعمالهم، أو انصراف بعض الناس
عن الخروج من بيوتهم أصلاً. وتلوثت
البيئة بدخان المصانع لإنتاج
المزيد والمزيد من متطلبات “الاستهلاك”
وتراكمت الساعات والأقلام
وأصناف الهدايا لدى الأفراد
المقتدرين، بينما ملايين
الفقراء في العالم يعانون من
مجاعات وأمراض ومساكن يمكن أن
تقع على رؤوسهم. لا
يذهب الإنسان المقتدر إلى السوق
وقت الحاجة وفي ذهنه شيء محدد
يحتاجه كي يشتريه. لقد أصبح
البعض، خاصةً النساء، يذهب إلى
“التسوق” كعادة وتسلية
وبرنامج يومي لا يمكن الاستغناء
عنه. إنها
ظاهرة “استهلك... حتى تهلك” في
طريقها لأن تصبح مقياس الرخاء
والازدهار و”التقدم” لدى كثير
من المجتمعات. فهل
يحصل التقدم بهذه الطريقة؟ بل
إن “ثقافة العصر” وعلومه
ومعارفه صارت، من طرف خفي، تشجع
على الاستهلاك الذي مدخله
التسوق. ففي
العلاج النفسي، صار بعض “الأطباء”
يقولون: إن أفضل طريقة لعلاج “الاكتئاب”
وما أشد انتشاره في عصرنا،
الانشغال بالتسوق وشراء المرأة
لما تريد من أحذية وفساتين.
علماً أن “الشراء العصبي” تحت
وطأة الاكتئاب لا يؤدي إلى
اختيار “الموديلات” المناسبة! حتى
هذا...!! فهل هو
استهلك... حتى تهلك أم
استهلك... حتى تصح؟! و”العولمة”
ظاهرة موضوعية غير مسؤولة عن
تفاقم نزعة “الاستهلاك” في
عالمنا المعاصر... والناس،
بمختلف طبقاتهم، عبيد هذه
النزعة منذ فجر التاريخ. فلم يكن
“الترف” وقد سماه ابن خلدون “الترف
المُؤذِن بخراب العمران” وليد
العولمة. فقد تحدث القرآن
الكريم عن الترف والمترفين
مراراً. واعتبرهم مسؤولين عن
خراب ديارهم. في
أعماق الغريزة البشرية: صوت
صارخ يقول: “استهلك حتى تهلك!”. =================== تركيا
أمام بيت الطاعة الأميركي نايف
النوايسة الرأي
الاردنية 15-7-2010 أقف
الآن مطولا أمام المشهد السياسي
التركي بعد تصريحات أوباما
الأخيرة التي ترتقي إلى مستوى
التحذير الصارخ لأوروبا،
ومثلما شكل هذا المشهد خوفا
وقلقا للسياسة الأمريكية في
المنطقة فأنه لفت النظر إلى قوة
هذا المشهد في أن يلعب دورا
استراتيجيا في إقليم الشرق
الأوسط وعلى وجه التحديد في
المنطقة العربية اللاهبة وفي
مقدمة قضاياها فلسطين. وعلي
أن احدد مثلث المصالح الإقليمية
في المنطقة والذي يتكون من
الكيان الصهيوني وإيران
وتركيا، ومن هنا يولد السؤال :
ما هو الدور الأمريكي داخل هذا
المثلث ؟ وكيف لنا أن نحدد ملامح
لدور عربي مفترض؟ للكيان
الصهيوني مشروع استيطاني عنصري
الذي لا يمكن أن يتحقق وجوده
خارج الأرض المحتلة ويجد هذا
الكيان دعما أمريكياً وغربياً
منقطع النظير إلى درجه يتلاشى
عندها الجبروت والصلف الأمريكي
إذا كان الأمر يخص وجود هذا
الكيان وأمنها بتأثير قوي من
اللوبي الصهيوني على صانع
القرار في البيت الأبيض؛ لذلك
تحوّل هذا الكيان إلى رقم ذهبي
يركع الغرب أمامه وأمريكا هي
أول الراكعين وبفضل هذه الحضانة
الشاذة تمدد المشروع
الاستيطاني الصهيوني التدميري
على النحو الذي لا يخفى على أحد. أما
إيران فهي كما نراها في ظاهر
مشهدها السياسي عدوةً للغرب
وعدوةً لكيان العدو، ولكنها في
الطرف الآخر للمشهد صاحبة مطامع
في المنطقة العربية ؛ مطامع ذات
جذور قديمة تعود لمرحلة سابقة
من الاستعمار الفارسي للمنطقة
العربية ثم إلى الدهليز الشعوبي
الذي أغرقت به هذه المنطقة
قرونا..ًوأما الموقف الأمريكي
المتشنج من إيران على الرغم من
غموضه،فهو ليس لأن المعلن من
الموقف الإيراني يذهب في
دلالاته الظاهرة إلى الانتصار
للقضية العربية المتمثلة في
فلسطين وإنما هو بحثها المسعور
عن دور لها في هذا الإقليم، وهذا
ما يتقاطع مع المشروع الصهيوني
في المنطقة وبالتالي يضر
بالمصالح الأمريكية والغربية،
وفي يقيني أن إيران معنية
بمصالحها الخاصة في المنطقة،
حتى صفتها « الإسلامية « هي
متوافقة تماما مع هذه المصالح
ولا نجد في هذه الصفة ما يجعلنا
نقترب من أدنى مستويات التعاطف
معها، وأمريكا والغرب يفهمان
هذه الحقيقة ولا ينظران إلى
الموقف الإيراني على اعتباره
موقفا إسلاميا وإنما يريانه
موقفا مصلحيا طامعا بقاعدة
الإقليم وهو ما يتعارض مع رغبة
الغرب وأمريكا التي تذهب إلى أن
يكون كيان العدو الصهيوني هو
سيد المنطقة بكاملها ومندوبها
المتنفذ فيها. وحينما
تحركت تركيا منذ اللحظة التي
تسلّم فيها حزب العدالة التركي
زمام الأمور ليكون لها دور في
المنطقة العربية كانت الحركة
تُومئ منذ البداية أن « إسرائيل
« هي سبب كل المشاكل في المنطقة،
ولا تتحدث تركيا من فراغ في التي
امتدت في الأرض العربية ونصف
أوربا حوالي أربعمائة سنة،
ورفضت أحلام اليهود وأطماعهم في
المنطقة منذ مائة سنة، تركيا
ليست متطفلة على قضايا المنطقة،
واللافت منذ الحرب العالمية
الأولى هو الغياب الطويل
لتركيا،وخفوت صوتها،وعدم
قدرتها على تجاوز تموضعها الذي
أراده الغرب لها، هذا التحرك لن
يُعجب الغرب أولا و» إسرائيل «
ثانيا ولن ترتاح له إيران ثالثا
لان هذا التحرك هو صوب الزعامة
في المنطقة وهو منبثق من قناعات
إسلامية هي على النقيض من
قناعات إيران.. من ذا الذي ينصب
ساريته أولا على هامة أمتنا
العربية ؟ الكيان
الصهيوني لا يرى إلا نفسه في
المنطقة وإيران تسعى لترى نفسها
في المنطقة وقد فعلت الكثير،
وتركيا التي ماطلها الاتحاد
الأوربي طويلا لتكون أوربية
الصفة غربية المنزع ترمي الآن
بثقلها على مفارق أزمات الأمة
العربية وتزرع دبابيسها
اللاذعة في الجسد الذي تتألم
منه أوربا وأمريكا « إسرائيل «،وما
أسطول الحرية ببعيد عن النظر. وحتى
تتخلص أمريكا من الخطر التركي
الذي بدأ يغرس بذوره في الأرض
العربية ويرسل جذوره إلى أساسات
الكيان الصهيوني لا بد لها من أن
ترفع البندقية التركية بعيدا
ليكون الطلق «طائشا» ولا يتسنى
لها ذلك الا إذا حشرت الجسم
التركي المتمدد في القمقم
الأوربي وبالتالي يكون قد دخل
بالتحايل في بيت الطاعة
الأمريكي.. فهل حقا ستتنبه تركيا
لهذا المخطط الأمريكي المكشوف
ويتم إبعادها من المنطقة وبأي
ثمن ؟ بيت الطاعة الأمريكي هو
الولاية الأخيرة في أمريكا وتضم
ما تبقّى من العالم خارج
جغرافية الولايات المتحدة. =================== العالم
العربي من الفقر الى استبداد
الانظمة د.عبدالله
تركماني 7/15/2010 القدس
العربي التمادي
في هدر الإمكانيات البشرية
والمادية يُعتبر من المظاهر
المهدِدة لأي مستقبل أفضل في
العالم العربي، فالدول العربية
رغم غنى مواردها الفعلية
والممكنة إلا أنها فقيرة في
عدالتها وإنتاجيتها. كما لا
نطرح قضية للنقاش لننتهي منها
وننتقل إلى غيرها، متجددين مع
مستجدات الزمان، وحاسمين ما
نتركه وراء ظهورنا، بل نترك
قضايانا مفتوحة، ومن ثم نترك
إراداتنا رهينة لهذا الموقف
المعلق، وهو مما يجمّد مسيرتنا
ويقعد بهمتنا عن النهوض، فنجد
أنفسنا نراوح في المواقع ذاتها،
رغم مرور السنين والعقود. لقد
تأجلت خطط التنمية العربية
الشاملة بحجة مقاومة
الاستعمار، واستبعدنا تطبيق
الديمقراطية بحجة تكريس الجهد
لتحرير فلسطين، ورفضنا مطالب
شعوبنا بالتطوير والتحديث
وإطلاق الحريات بحجة أنها 'قاصرة'
و'جاهلة' بحصولها على الحريات،
إذ تنفلت إلى الفوضى وتغرق في
الكوارث والصراعات. وتكفي
نظرة سريعة على واقع العالم
العربي من جميع الجوانب لتظهر
حجم المأساة، إذ لا يخلو تقرير
محلي أو إقليمي أو دولي عن
العالم العربي، من دون الإشارة
إلى أنّ المنطقة تضم أكبر نسبة
من الفقراء والمعدمين والذين
يعيشون تحت خط الفقر. يضاف إلى
الفقر حجم البطالة والعاطلين عن
العمل، الذين يصل عددهم إلى
الملايين، وهو رقم يشهد
ازدياداً كل عام ويطال جميع
فئات المجتمع، بحيث بات مئات
الآلاف من خريجي الجامعات
عاجزين عن الحصول على فرص عمل
لهم داخل بلدهم أو في إطار
العالم العربي الشامل. أما عن
حجم الأمية، فتجمع كل التقارير
على أنّ العالم العربي يقع في
أسفل الدرك بين شعوب العالم.
وتكتمل هذه الصورة القاتمة مع
التزايد غير المحدود للسكان،
مما يتسبب بمزيد من المآسي
للشعوب العربية. ويبدو
أنّ الفقر العالمي ليس كالفقر
في العالم العربي، فقد قال
تقرير التنمية البشرية لعام 2009:
إنّ شعوب العالم العربي من أكثر
شعوب الأرض فقراً، حيث متوسط
دخل الفرد السنوي لا يزيد على
ألف دولار لنسبة تزيد على 70' من
سكان العالم العربي. ويبدو أنّ
الفقر العربي خلال العشرين
عاماً القادمة سوف يزداد، في ظل
الانفجارات المتتالية للقنبلة
السكانية، وفي ظل شحّ المياه
المخيف الذي سيتعرض له العالم
العربي في السنوات القادمة.
وهذا التفاوت بين عدد السكان
العرب الهائل ونقص الموارد
الطبيعية، سوف يقود العالم
العربي إلى مصير مظلم وطريق
مسدود، ما لم يستيقظ العرب من
نومهم العميق الذي هم فيه الآن. أما
الملمح الآخر للفوات التاريخي
العربي، فقد تجلى في الضعف
المعرفي، فعلى الرغم من
الانتشار والتوسع الكمي في عدد
المدارس والجامعات والمعاهد
العليا، فقد صاحب ذلك التوسع
الكمي تدنٍّ مريع في نوعية
ومستوى التعليم في كل المراحل.
ففي كل التقارير الخاصة بتقييم
الجامعات في العالم، خلت
المواقع الخمسمائة الأولى من
أية جامعة عربية. وسحبت بعض
الجامعات الأوروبية اعترافها
بالشهادات العربية، بالذات من
بعض كليات الطب العربية. وتضرر
التعليم فوق الجامعي من التضخم
في منح درجات الماجستير
والدكتوراه، وتوزيع الألقاب
العلمية من دون ضوابط. ومن ناحية
أخرى، لا تعرف جامعاتنا البراءة
العلمية والسبق في الاكتشاف، إذ
لا يوجد اهتمام كافٍ بالبحث
العلمي، الذي يحظى بأضعف نصيب
في الميزانيات العربية مقارنة
بموازنات الأمن والدفاع. ومن
ناحية أخرى، عجزت كل الدول
العربية عن محو الأمية، بل عرف
كثير من الدول العربية ما يسمى
بالارتداد إلى الأمية في
الأرياف. وتفتح
هذه المعطيات الأعين على التأخر
العربي الشامل وعلى كيفية توظيف
الثروات العربية فيه، إذ يطرح
هدر الثروات العربية الآثار
التي تنعكس على الإنسان العربي
في ميادين متعددة، وتتسبب في
هدر شامل لهذا الإنسان نفسه.
ويمكن في هذا المجال التطرق إلى
نتائج ثلاث تتصل بآثار هذا
الهدر: أولاها، يتصل بالعوامل
النفسية التي يتسبب بها تخلف
الإنسان العربي اقتصادياً،
وانعكاسات ذلك على كيانه المادي
والمعنوي، مما يؤدي إلى حالة من
الاستلاب والقهر والعجز
الشامل، عجز عن العطاء والبناء
وعدم القدرة على المساهمة في
تطور المجتمع. يضاف إلى ذلك
نتيجة أخطر تتصل بفقدان هذا
الإنسان لحصانته الإنسانية،
تحت وطأة الحاجات المادية
والركض وراء لقمة العيش، بما
يجعله فاقداً لاستقلاليته
كإنسان، مستسلماً لقدر تأمين
الحاجات، وهي أقصر الطرق
لإذلاله وإهانته وفقدانه
لكرامته وحقوقه كإنسان. وثانيتها،
تتصل بكون الفقر يشكل تربة خصبة
لنمو وازدهار حركات التطرف
الأصولي ومادة للتصعيد
الإرهابي. إذ يجمع دارسو
الحركات الأصولية في العالم
العربي على الإشارة إلى عنصر
الإحباط واليأس الناجم عن
الحرمان والفقر وانسداد آفاق
المستقبل أمام أجيال شابة،
بوصفها عنصراً مركزياً في لجوء
هذه الأجيال إلى الحركات
الأصولية والعمل تحت رايتها،
إضافة إلى أثر هذا الحرمان في
تصعيد نزعات العنف لدى هذا
المواطن. لذلك يبدو أنه سيظل
شعار 'الإسلام هو الحل' مكتسباً
كل أهميته وقدرته على التجييش
طالما أنّ واقع القهر الراهن
يجرجر نفسه، ويقدم هدر الثروات
العربية كل يوم حجة إضافية
لاجتياح الشعار العقول العربية. وثالثتها،
أنّ التخلف والفقر السائدين
يشكلان المصدر الأساسي أيضاً
لسيادة الاستبداد السياسي
وتكريسه في العالم العربي، حيث
يواجه العالم العربي مسألة
السلطة السياسية ومن يملكها،
فتقوم أنظمة وراثية تتصرف
بكونها مالكة البشر والحجر،
وليس من حق المواطن العادي
سؤالها عما تفعل، وتتصرف في
قضايا تمس كيانه الوجودي. وفي
الواقع لم يكن الفقر والحرمان
والبؤس والإحباط في يوم من
الأيام أرضاً تنبت فيها نبتة
الديمقراطية، بما تتضمنه من
مساءلة للحاكم ومساواة في
الحقوق والواجبات، وإحلال حرية
الرأي والتعبير، وإجبار الحكام
على وضع الثروات العامة في خدمة
الشعب وتطوره، بل كان الفقر
والحرمان عنصرَيْ تكريس
الاستبداد في أغلب الأحيان،
والمادة التي تعين الحاكم على
الإمساك بالسلطة ومنع تكوّن
الحركات المعارضة، بل أنّ
التاريخ، القديم منه والحديث،
يقدم شهادات على دور الفقر
والإحباط واليأس التي تصيب
الشعوب في تقوية النزعات
الفاشية وصعود قواها إلى
السلطة، بوصفها جواباً وهمياً
تتلمسه الشعوب خلاصاً من أزمتها. هكذا،
ليس من المبالغة في التشاؤم
القول بأنّ هدر الثروات العربية
يساوي بالتمام هدر الإنسان
العربي في كل أبعاده ومستويات
وجوده، إنه إنكار لإنسانية هذا
الإنسان واحتقارٌ لقيمه وحقه في
الحياة الكريمة. إنّ هذا الهدر
للثروة مأساة عربية بكل معانيها
وأبعادها، والأصعب فيها تلك
الديمومة المتواصلة والعجز عن
اختراقها. '
كاتب وباحث سوري مقيم في تونس =================== طهران
وموسكو.. هل بدأ مشوار الافتراق؟ محمد
خرّوب الرأي
الاردنية 15-7-2010 ما كان
همساً ولغة مقتضبة ومفردات
مسربلة بالغموض, بات معلناً
ومحمولاً على تصريحات لاذعة
تفوح منها رائحة القطيعة, التي
قد لا تخضع لاعتبارات الربح
والخسارة أو بتوسل البراغماتية
«البنّاءة» (إن صح الوصف) التي
واصلت طهران وموسكو اللجوء
اليها, كلما بدت سُحُب الافتراق
بالاقتراب, شهدنا ذلك في مسألة «تشغيل»
مفاعل بوشهر (والذي قد لا يبدأ
العمل في شهر آب المقبل على ما
كانت موسكو وعدت به), وكانت
زيارة الرئيس الروسي السابق
فلاديمير بوتين بعض ابرز
تجلياتها, ثم ما لبثت احداث
جورجيا (اوسيتيا الجنوبية
وابخازيا) أن ازالت «معظم»
الشوائب والتوترات التي شابت
علاقات البلدين.. لكن
واشنطن لم تيأس, وواصلت «الدّق»
وخصوصاً بعد وصول باراك حسين
اوباما الى البيت الابيض, ومن ثم
«انهيار» الحوار الذي كان
اقترحه أول رئيس أميركي أسود
على طهران, الى ان جاءت مرحلة ما
بعد انتخابات 12 حزيران 2009
الرئاسية الايرانية,
والانتقادات العنيفة التي وجهت
لاوباما, اثر عدم دعمه للثورة
الخضراء واعتباره ما حدث, بعد
ذلك بمثابة شأن داخلي (تغيّر هذا
الموقف كما هو معروف) حتى بدأت
الامور تأخذ منحى آخر استفادت
منه موسكو لتحسين شروط تفاوضها
مع واشنطن, والتي تمثلت في
اتفاقية ستارت «2» وأيضاً في
تخلي ادارة اوباما عن مشروع
الدرع الصاروخية الذي وقف خلفه
جورج بوش وديك تشيني وزمرة
المحاظفين الجدد, حتى كانت
الملفات العالقة, روسيّاً
أميركياً وأطلسياً, موضوعة على
الطاولة في اطار رغبة مشتركة
باتخاذ خطوات ملموسة لبناء
الثقة (يعززها وجود ديمتري
مدفيديف في الكرملين, في ظل
احاديث آخذة بالانتشار عن
خلافات واضحة بينه وبين بوتين,
بل أن الاول (مدفيديف) بدا
مراوغاً عندما اجاب على سؤال
حول احتمالات ترشحه لولاية
ثانية في العام 2012, وكان اكثر
مناورة بقوله (رداً على سؤال آخر)
بأنه وبوتين على المستوى الشخصي
(...) ما نزال اصدقاء.. عين
واشنطن مفتوحة (في الاثناء) كانت
ما تزال مفتوحة على المشروع
النووي الايراني, وعملها الدؤوب
لم يتوقف في اتجاه «جلب» موسكو
الى مربعها واقناعها بشتى السبل
والوسائل بعدم معارضة مشروع
العقوبات, في نسختها الثالثة
والاصعب من سابقاتها التي كانت
تعد له الادارة الاميركية
بتعاون وثيق مع فرنسا وبريطانيا
والمانيا.. اصابت
ادارة اوباما نجاحاً ملحوظاً
عندما استطاعت أن تأخذ الى
جانبها الصين وروسيا في مجلس
الامن تصويتاً لصالح العقوبات,
فيما كانت اصداء اعلان طهران (تبادل
اليورانيوم بضمانات تركية
وبرازيلية) ما تزال تتردد في
أربع رياح الارض, لكن اوباما مضى
قدماً في دفع ايران نحو الحائط
وواصلت موسكو وبيجين ضخ المزيد
من التبريرات, والايحاء بأن
تصويتهما على القرار 1929 لم يكن
سوى محاولة لقطع الطريق على
عقوبات «أشد» كانت واشنطن
وحلفاؤها يضغطون لتمريرها.. طهران
التي وجدت نفسها وحيدة رغم
تصويت تركيا والبرازيل ضد
القرار, لم تجد سوى ايجاد
المبررات والذرائع واحياناً «التفهم»
– ولو في صيغة غير مقنعة –
لمواقف حليفتيها السابقتين, أو
على نحو أدق لمن كان «رفض» فرض
عقوبات جديدة من مصلحتهما.. لكن
التداعيات تواصلت وغدا ابتعاد
بيجين وموسكو واضحاً وملموساً,
فجاءت تصريحات ميدفيدف عن «قرب
امتلاك ايران قدرات تسلح نووي»..
لتثير غضب وفزع طهران, التي تخلت
عن حذرها الدبلوماسي, وراحت
تتحدث علناً عن «تلاعب»
الاستخبارات الاميركية
والبريطانية بموسكو, بل وذهبت
بعيداً في التأشير على «أهداف
وصفقات وراء الكواليس», تقف خلف
هذا الموقف الروسي المثير الذي
نال رضى واشنطن واعجابها.. أين من
هنا؟ أن
يقول منوشهر متكي ومن مدريد بأن
بلاده «ترفض» المواقف التي
اتخذتها روسيا خلال الشهور
الاخيرة, يعني أن الخلافات باتت
معلنة وأن الهوة آخذة في
الاتساع, وأن طهران لم يعد
بوسعها «الصمت» على تطور خطير
كهذا, لم يكن – فيما يبدو –
وارداً في ذهن «مهندسي»
الدبلوماسية الايرانية.. فهل
يمكن القول أن مشوار القطيعة قد
بدأ بين البلدين؟ أم أن الظروف
الاقليمية وغموض المشهد الدولي,
وشعور طهران بوطأة العقوبات
والعزلة الآخذة في الاشتداد,
سيدفعان الاخيرة الى الابقاء
على الحد الادنى من العلاقة, في
انتظار حدوث تطور أو حدث
دراماتيكي ما, وخصوصاً أن متكي
استدرك بالقول «روسيا جارتنا
ونريد اقامة علاقات جيدة معها,
لكننا ننتقد بعض مواقفها»؟ ثمة ما
هو أبعد من الانتقاد في الأفق.. فلننتظر.. =================== انتصار
ملموس في معركة اردوغان
الدستورية د.
بشير موسى نافع 7/15/2010 القدس
العربي يعتبر
القرار الذي أصدرته المحكمة
الدستورية العليا في تركيا مسار
الأربعاء، السابع من الشهر
الجاري، انتصاراً هاماً لحكومة
العدالة والتنمية في المعركة
التي تخوضها من أجل إجراء
تعديلات واسعة على الدستور. لم
يكن الانتصار كاملاً، بالطبع،
وقد ارتكبت المحكمة مرة أخرى
خطأ دستورياً وقانونياً جسيماً
في مداولاتها. ولكن ذلك لا ينفي
أن الطيب رجب إردوغان، رئيس
الحكومة التركية، وقادة حزبه،
تنفسوا الصعداء بعد رفض المحكمة
الدعوى التي تقدمت بها المعارضة
ضد حزمة التعديلات الدستورية،
ومطلبها إيقاف الاستفتاء
المقرر على هذه التعديلات.
فلماذا جاء انتصار حكومة
إردوغان غير كامل، وما الذي
يعنيه هذا الانتصار لمستقبل
الحكومة، التي لم تفتأ عن إثارة
الجدل، داخل تركيا وخارجها؟ لجأت
حكومة إردوغان إلى هذه الحزمة
من التعديلات الدستورية، نظراً
لتعثر محاولاتها كتابة دستور
جديد كلية، بفعل الموقف الذي
اتخذته قوى المعارضة ضد هذه
الجهود. يتطلب طرح دستور جديد
مستوى من الإجماع والتوافق، ولا
يمكن أن ينجز في ظل انقسام سياسي
حاد. لم تكن هذه هي المرة الأولى
التي يعدل فيها الدستور، ولكنها
الأوسع بلا شك، كونها تطال 26
مادة من دستور البلاد الإشكالي،
الذي وضع في فترة الأحكام
العرفية التي تلت انقلاب 1980
العسكري. كان يمكن لهذه
التعديلات أن تقر بالتصويت
البرلماني، ولكن أحداً من أحزاب
المعارضة الثلاثة الممثلة في
البرلمان التركي لم يصوت مع
التعديلات؛ ولم تستطع الحزمة
بالتالي الحصول على دعم ثلثي
الأصوات الضروري للإقرار
البرلماني. ما حدث أن التعديلات
حصلت على أكثر من نصف الأصوات،
وهو ما يؤهلها للعرض على
الاستفتاء الشعبي، بعد إقرار
رئيس الجمهورية لها. ولكن ما أن
أقر رئيس الجمهورية الاستفتاء
في ايار/ مايو الماضي، حتى تقدم
نواب حزب الشعب الجمهوري
المعارض للمحكمة الدستورية
بطلب لإلغاء التعديلات وإيقاف
الاستفتاء. ومن هنا بدأت فترة عض
الأصابع، بانتظار الحكم الذي
ستصدره المحكمة. ما وضع
البلاد في حالة من الانتظار
القلق أن سجل المحكمة لا يدفع
على الاطمئنان، ليس فقط لأن
أغلبية قضاتها الاحد عشر تحسب
على تيار الدولة القوية،
المهيمنة، بل أيضاً لأن المحكمة
عرفت بتجاوز صلاحياتها
القانونية والدستورية. تعتبر
حزمة التعديلات الحالية واحدة
من أكبر المحاولات طموحاً
لتعزيز حقوق الإنسان والحريات،
ودفع حدود سلطات الدولة
وهيمنتها إلى الخلف. وفي اثنتين
من أكثر التعديلات المقترحة
إثارة للجدل، تقترح حكومة
العدالة والتنمية إعادة بناء
مجلس القضاء الأعلى، الذي يتمتع
بسلطات هائلة على الجسم
القانوني والقضائي في البلاد،
وإعادة بناء المحكمة الدستورية
العليا ذاتها، التي تحتل موقعاً
مركزياً في التدافع على مستقبل
البلاد والدولة. وقد أثار قبول
المحكمة الدستورية بحث الدعوى
التي تقدمت بها المعارضة علامات
استفهام في الأوساط القانونية
الليبرالية في البلاد، نظراً
لأن المحكمة أعطت لنفسها حق
الحكم في تعديلات تمس تركيبها
وصلاحياتها ذاتها. ولكن مصدر
القلق الأكبر تعلق بالكيفية
التي اعتادت بها المحكمة تناول
التعديلات الدستورية التي
تعهدتها حكومة العدالة
والتنمية منذ توليها الحكم.
فالدستور التركي، حتى في صيغته
الحالية، يعطي المحكمة حق البحث
في التعديلات الدستورية من جهة
الشكل وليس المضمون؛ بمعنى
الفصل فيما إن كانت إجراءات
التعديل صحيحة، وليس جوهر
التعديل ذاته. ولكن للمحكمة
سوابق بالحكم على أساس مادة
التعديل وجوهره؛ كما حدث في
رفضها التعديل المتعلق بمسألة
الحجاب في 2007، حتى بعد حصوله على
أصوات أغلبية ثلثي أعضاء
البرلمان. ولأن التعديلات
الجديدة تأتي في وقت تصاعد
للتوتر الداخلي، بفعل
الاتهامات القضائية الموجهة
لعدد ملموس من العسكريين
السابقين والعناصر العلمانية
والقومية المتطرفة، على خلفية
جرائم ارتكبتها شبكة الإرغنكون
السرية والتآمر على الدولة، فقد
ساد اعتقاد بأن المحكمة
الدستورية ستجهض عملية التعديل
الدستوري وعقد الاستفتاء. بيد أن
الحكم جاء مفاجئة إلى حد كبير.
بأكثرية سبعة أصوات إلى أربعة،
صوت أعضاء المحكمة بالفعل لبحث
التعديلات من ناحية الجوهر لا
الشكل وحسب، في تجاوز آخر
للصلاحيات. ولكن أعضاء المحكمة
رفضوا طلب المعارضة إيقاف
التعديلات، وأقروا ذهاب الحزمة
بمجملها للاستفتاء الشعبي،
مجرين تغييرات جزئية على
التعديلات، سيما المادتين
المتعلقتين بمجلس القضاء
الأعلى والمحكمة الدستورية. في
مجملها، بلغ حجم التغيير الذي
أجراه أعضاء المحكمة 18 كلمة،
حدت من الصلاحيات التي تعطيها
التعديلات المقترحة لرئيس
الجمهورية في تعيين أعضاء مجلس
القضاء الأعلى والمحكمة
الدستورية، والقيود التي تضعها
التعديلات على عمل المؤسستين.
ولكن المحكمة لم تمس أصل البنية
الجديدة للمؤسستين، كما
تقترحها التعديلات. كانت
المحكمة قد تعرضت لضغوط واسعة
من الرأي العام أثناء
المداولات، والواضح أن قضاة
المحكمة لم ينقسموا على أنفسهم
وحسب، بل وأخذوا مجمل الوضع
السياسي في البلاد، ووضع تركيا
الخارجي، في الاعتبار. كان صدور
حكم ضد التعديلات سيعمق من
الانقسام الداخلي، ويضع
المحكمة في مرمى القوى
والتيارات الليبرالية
والإسلامية؛ كما كان سيضعف موقف
تركيا، أوروبياً وعالمياً،
وربما دفع إردوغان إلى الذهاب
لانتخابات مبكرة، يظهر فيها
أمام الشعب بمظهر المظلوم،
المستهدف من قوى التسلط في
مؤسسات الدولة والأحزاب
المعارضة. أثار
قرار المحكمة الدستورية ردود
فعل رافضة من أحزاب المعارضة
الرئيسية، بما في ذلك حزب الشعب
الجمهوري وحزب الحركة القومية،
إضافة للمجموعة الكردية
البرلمانية الصغيرة الموالية
لحزب العمال الكردستاني؛ التي
تعهدت جميعاً بدعوة الشعب إلى
رفض حزمة التعديلات في
الاستفتاء. كما وجهت قيادات حزب
العدالة والتنمية الحاكم، وعدد
من القانونيين ونشطي الجمعيات
المدنية، انتقادات لتجاوز
المحكمة الدستورية صلاحياتها
وإجراء تغييرات على نص
التعديلات، على اعتبار أن
المحكمة أعطت لنفسها حقاً
تشريعياً، فوق حقوق ممثلي الشعب
في البرلمان. ولكن ذلك لم يمنع
الشعور بالارتياح في أغلب أوساط
الحزب الحاكم والقوى الداعية
لكتابة دستور جديد. فقد خرجت
حكومة إردوغان من فترة الترقب
أقوى مما كانت عليه، وسيوفر
الاستفتاء للشعب فرصة لإبداء
رأيه في واحدة من أكبر الخطوات
لتعديل الدستور. ثمة عدد من
الدوائر النافذة، داخل تركيا
وخارجها، راهنت على أن المحكمة
الدستورية ستوجه ضربة أخرى
لإردوغان وحكومته، تمهد الطريق
لإطاحته في الانتخابات
البرلمانية المقبلة؛ وقد جاء
قرار المحكمة انتصاراً جزئياً،
وهاماً على أية حال، للحكومة
وشرعية سياساتها. طبقاً
للجدول الزمني الذي أعلنته لجنة
الانتخابات العليا، سيجري
الاستفتاء على حزمة التعديلات
في 12 ايلول/سبتمير القادم،
الذكرى الثلاثين لانقلاب 1980،
الذي وضع البلاد في المأزق
الدستوري والقانوني الذي تعيشه
منذ عقود. سيتيح مثل هذا التوقيت
لإردوغان تذكير الشعب بما جرته
الانقلابات العسكرية على
البلاد من كوارث، وبأن الدستور
موضع التعديل هو ذاته الذي
وضعته حكومة الانقلاب العسكرية.
ولكن خطط إردوغان في تحويل
الاستفتاء إلى حدث انتخابي
كبير، وحكم على أداء حكومته،
سيواجهه اصطفاف واسع من قوى
المعارضة: الحزبية، الكمالية،
العلمانية، القومية،
والتسلطية، المناهضة لسياسات
العدالة والتنمية الداخلية
والخارجية. وبالرغم من أن
الاستفتاء لا يعتبر مرآة دقيقة
لشعبية الحزب الحاكم وثقله
الشعبي، نظراً لأن من المتوقع
أن تحوز التعديلات على دعم قوى
وقطاعات لن تمنح صوتها في
الانتخابات البرلمانية
بالضرورة للعدالة والتنمية،
فإن أحداً من مراقبي الشأن
التركي ومستقبل البلاد السياسي
لا يمكنه التقليل من أهمية
نتائج هذا الاستفتاء. خلف ذلك،
ثمة عدد من الأسباب. منذ
توليها الحكم في نهاية 2002، نقلت
حكومة العدالة والتنمية تركيا
نقلات واسعة وغير مسبوقة، سواء
في المجال الاقتصادي أو
العلاقات الخارجية. وبعد ما
يزيد عن العام من الركود
الاقتصادي، الذي رسبته الأزمة
الاقتصادية والمالية العالمية،
تبدو توقعات الحكومة بأن تركيا
ستكون من أوائل الدول التي
ستخرج من مرحلة الركود صحيحة
إلى حد كبير. ولكن تركيا الجديدة
تواجه عدداً من المشاكل في
جبهات أخرى، بعضها يتعلق
بسياسات الحكومة ذاتها، وبعضها
يتعلق بأوضاع قديمة، استعصت
طويلاً على الحل. بين الأولى،
التوتر الواضح والملموس في
علاقات تركيا بالولايات
المتحدة والدولة العبرية،
والتوتر الخفي في علاقاتها مع
بعض الدول العربية، مثل مصر؛
وليس ثمة شك في أن هذا التوتر
يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسياسة
العدالة والتنمية الرامية
تعزيز وضع تركيا الإقليمي،
وإحياء الأبعاد العربية
والإسلامية لسياسة تركيا
الخارجية، إلى جانب الأبعاد
الأوروبية والغربية التقليدية.
أما المشاكل المستعصية، التي
عادت مؤخراً من جديد لتلقي
بعبئها على كاهل الوضع السياسي
التركي، فتشمل قضايا العلاقات
الشائكة مع أرمينيا، ذات الصلة
المباشرة بالعلاقات التركية
الآذرية، والقضية الكردية،
التي تلعب فيها الهجمات الدموية
المتصاعدة لحزب العمال
الكردستاني دوراً تخريبياً
ومعطلاً. ثمة
اعتقاد واسع النطاق في أوساط
القوى المعارضة لحكومة العدالة
والتنمية بأن الانتخابات
البرلمانية القادمة ستكون
فرصتها الأخيرة لإطاحة إردوغان
وحزبه، وإيقاف عجلة التغيير
السياسي والاجتماعي والدستوري
الذي يقوده. فشل المعارضة في
الانتخابات القادمة، المقرر
لها ربيع العام المقبل، يعني
إعطاء الحزب الحاكم فرصة كاملة
لولاية ثالثة، يمكن له فيها أن
يجعل متغيرات الوضع التركي غير
قابلة للإلغاء. ولذا، تشهد
السياسة التركية حشداً غير
مسبوق للقوى المعارضة،
ومحاولات سياسية وإعلامية
جاهدة لتعظيم حجم المشاكل التي
تواجهها الحكومة، بما في ذلك
القضية الكردية وعلاقات تركيا
بالولايات المتحدة والدولة
العبرية. وفي حال استطاعت
المعارضة إقناع الشعب بالتصويت
ضد حزمة التعديلات الدستورية،
أو تخفيض حجم الدعم الشعبي لها
إلى أقل مستوى ممكن، فسيكون ذلك
مؤشراً على نجاح الهجمة السياسة
والإعلامية ضد إردوغان وحزبه.
أما إن استطاع العدالة والتنمية
أن يحقق نسبة دعم شعبي عالية
نسبياً للتعديلات، فسيكون ذلك
مؤشراً إيجابياً على أن الحزب
يسير نحو انتصار انتخابي ثالث
في العام القادم. '
كاتب وباحث عربي في التاريخ
الحديث =================== ميوعة
أميركية... أم تحضير لشيء ما؟ المستقبل
- الخميس 15 تموز 2010 العدد
3711 - رأي و فكر - صفحة 19 خيرالله
خيرالله تطرح
التصرفات الأخيرة للإدارة
الاميركية مجموعة من الأسئلة،
خصوصاً بعدما بذل الرئيس باراك
أوباما جهوداً لإعادة مد الجسور
مع بنيامين نتنياهو. حصل ذلك من
دون أن يبدر عن الأخير أي ميل
لتغيير مواقفه. لم يأتِ بيبي حتى
على ذكر عبارة الدولة
الفلسطينية في التصريحات التي
أدلى بها في العاصمة الأميركية! بات
السؤال المطروح بعد مغادرة رئيس
الوزراء الإسرائيلي لواشنطن: هل
هناك ميوعة أميركية... أم هناك
تحضير لشيء ما كبير في منطقة
الشرق الأوسط حيث تواجه إدارة
أوباما أوضاعاً معقدة يمكن أن
تكلف الرئيس أوباما الكثير بما
في ذلك تحوله الى رئيس لولاية
واحدة فقط؟ من يتمعن في نتائج
الزيارة، يتوقف عند تطورين
مهمين. يتمثل التطور الأول في
عودة العلاقات الى طبيعتها بين
باراك أوباما ونتنياهو وذلك بعد
فترة جفاء استمرت أشهراً عدة.
يبدو جلياً أن الرئيس الأميركي
وجد، لأسباب داخلية قبل أي شيء
آخر، وربما خارجية أيضاً، أن
ليس في مصلحته الدخول في مواجهة
شخصية مع بيبي. كانت النتيجة أنه
امتدحه وصافحه بحرارة في حين
اتسم اللقاء ما قبل الأخير
بينهما بمقدار كبير من الجفاء
والمرارة، خصوصاً بعدما فوجئ
نائب الرئيس جو بايدن بالإعلان
عن مشاريع بناء جديدة في القدس
خلال وجوده في إسرائيل. أما
التطور المهم الآخر الذي تمخض
عن الزيارة فيتمثل في أن الرئيس
الأميركي وضع العلاقة مع
إسرائيل في إطار الشرق الأوسط
الكبير والمشاكل التي تواجه
الولايات المتحدة في المنطقة،
خصوصاً في العراق وأفغانستان
وفي مجال العلاقة مع إيران. وكان
لافتاً قول أوباما للتلفزيون
الإسرائيلي، في أول مقابلة له
معه منذ دخوله البيت الأبيض،
أنه لا يعتقد أن إسرائيل ستهاجم
إيران من أجل تأخير برنامجها
النووي من دون تنسيق مع
الولايات المتحدة. بدا واضحاً
أن الرئيس الأميركي يخشى إقدام
إسرائيل على مغامرة من نوع
مهاجمة إيران بما يؤدي الى مزيد
من التعقيدات في المنطقة. سعى
أوباما الى طمأنة إسرائيل، التي
خلقت لنفسها هاجس ما يسمى "القنبلة
النووية الإيرانية"، وذلك
عندما أكد عبر إحدى قنواتها
التلفزيونية، أن إيران لا تزال
تشكل بالنسبة اليه "أولوية
الأولويات". ما الذي يفعله
الرئيس الأميركي باستثناء أنه
يحاول كسب الوقت من أجل التفكير
ملياً في كيفية الخروج من
المستنقعات التي غرقت فيها
بلاده في الشرق الأوسط من دون
الاضطرار الى خوض حرب جديدة؟ ربما
كان باراك أوباما يستهدف من
الاستقبال الحار الذي خص به
بيبي إقناع إسرائيل بأن لا
فائدة من توجيه ضربة الى إيران
وأن مثل هذا العمل يرقى الى نوع
من الجنون إضافة الى أنه يزعزع
الاستقرار النسبي الذي تنعم به
المنطقة. أكثر من ذلك، إن مثل
هذا العمل المتهور يعرض القوات
الأميركية المنتشرة في ما يسمى
"الشرق الأوسط الكبير"
الممتد من أفغانستان الى
الصحراء الافريقية الى شتى
أنواع المخاطر. وربما كان
الرئيس الأميركي يبذل محاولة
أخيرة مع رئيس الوزراء
الإسرائيلي من أجل إقناعه أيضاً
بأن العقوبات تظل أفضل طريقة
لاستيعاب "الخطر الإيراني"،
أقله في المدى المنظور. وربما
يحاول أخيراً إقناع شخص متحجر
مثل بيبي نتنياهو بأن ايجاد
تسوية مع الفلسطينيين على أساس
خيار الدولتين تخدم
الاستراتيجية الأميركية في
المنطقة وتخفف من العداء العربي
والإسلامي لسياسات واشنطن. تخلي
أوباما عن فكرة إمكان ممارسة أي
نوع من الضغوط على إسرائيل،
يترك لبيبي الإقدام على خطوات
تصب في مصلحة المفاوضات
المباشرة من دون أن يلتزم
الأخير تجميد الاستيطان في
الضفة الغربية، علماً أن تجميد
الاستيطان شرط لا بدّ منه في حال
كانت إسرائيل تريد بالفعل
السلام وإنهاء احتلالها للأرض.
يبدو الرئيس الأميركي متجهاً
الى كل أنواع المساومات، بما في
ذلك مع كوريا الشمالية التي لم
يأت مجلس الأمن على ذكرها
بالاسم لدى اتخاذه، قبل أيام
قليلة، موقفاً من الهجوم الذي
تعرضت له سفينة حربية كورية
جنوبية. تجاهل مجلس الأمن،
بموافقة أميركية، كوريا
الشمالية على الرغم من أن كل
الأدلة تشير الى أنها وراء
الهجوم الذي أوقع قتلى بين
أفراد طاقم السفينة. ميوعة
مع بيبي نتنياهو ومساومات مع
كوريا الشمالية. ماذا يمكن
تسمية الصفقة مع روسيا التي
شملت تبادل أربعة عشر جاسوساً
في أول عملية من نوعها منذ نهاية
الحرب الباردة وانهيار الاتحاد
السوفياتي؟ من الصعب ايجاد
تسمية للصفقة باستثناء أن
الإدارة الأميركية التي اكتشفت
عشرة جواسيس روس يقيمون على
أرضها منذ سنوات طويلة، وجدت أن
من الأفضل لها لفلفة الموضوع
خدمة للمصلحة العليا للدولة.
جرى تبادل للجواسيس بين
الجانبين وتبين أن روسيا تريد
تفادي أي مشكلة من أي نوع كان مع
الأميركيين... هناك
أمور غريبة تحصل في الوقت ذاته.
تقبلت إدارة أوباما كل أنواع
الإهانات الإسرائيلية وصارت
فجأة تعتمد على حسن النية لدى
بيبي نتنياهو. هل هناك أثر لحسن
النية لدى رئيس الوزراء
الإسرائيلي الذي يؤمن بتكريس
الاحتلال لجزء من الضفة الغربية
بما في ذلك القدس الشرقية؟
فجأة، صار مطلوباً تحييد كوريا
الشمالية التي اعتبر مندوبها في
الأمم المتحدة ما حصل في مجلس
الأمن "انتصاراً سياسياً
كبيراً" لبلاده. لم يعد
وارداً الدخول في أي مواجهة مع
روسيا. ليس وارداً حتى التحقيق
مع جواسيسها لمحاولة معرفة حجم
المعلومات التي حصلوا عليها
ومدى إضرارها بالأمن الأميركي.
إنها مواقف محيرة لإدارة تبدو
وكأنها لا تعرف ماذا تريد... أو
ربما تعرف ذلك أكثر من اللزوم.
ثمة من يعتقد أن الرئيس
الأميركي يريد التهدئة ولا شيء
غير التهدئة في هذه المرحلة كي
يقرر قريباً ما الذي يجب عليه أن
يفعله بديلاً من الاستمرار في
سياسة إدارة الأزمات. اللهم إلا
إذا كانت إدارة الأزمات سياسة
في حد ذاتها. ================ ديف
إيغرز وجون برندرغاست الشرق
الاوسط 15-7-2010 يشكك
الأميركيون، لعدد من الأسباب
الوجيهة، في قدرتنا كدولة على
التأثير بإيجابية على الأحداث
في الخارج، فنحن نشارك في
نزاعين مشكوك في نتائجهما،
وبدأنا نتساءل عما إذا كانت أي
خطوة سنخطوها، في أي مكان،
ستكون صائبة أم لا. لكن المتابع
لتاريخ الولايات المتحدة يعلم
أنها قامت قبل وقت ليس بالطويل
بالقيام بعمليات تدخل خارجي
بصورة جريئة أدت إلى نتائج
إيجابية لا يمكن التشكيك فيها. خلال
الفترة من عام 1983 وحتى عام 2005
قتل أكثر من مليوني شخص وأجبر
أربعة ملايين مواطن على مغادرة
منازلهم في جنوب السودان خلال
الحرب بين الحكومة وجيش التحرير
الشعبي. وفي أعقاب وقت قصير من
تسلم جورج بوش مقاليد الرئاسة
قرر تسخير الجهود الدبلوماسية
بشكل كامل لإنهاء هذه الحرب،
التي تعد واحدة من أكثر الحروب
دموية في القرن العشرين. وقد
حقق نجاحا في ذلك. ففي عام 2005
ساعدت الولايات المتحدة كوسيط
في التوصل إلى اتفاق سلام شامل
بين الحكومة السودانية
والجنوبيين. وقد كانت تلك لحظة
مهمة في تاريخ الدبلوماسية
الدولية، والمثال الأوضح لما
يمكن أن تقوم به الولايات
المتحدة عندما تركز نفوذها
بصورة فاعلة. في هذا
الاتفاق الواضح والبسيط
والقابل للتفعيل حصل جنوب
السودان على ثلاثة أمور جوهرية:
«مشاركة قوية في الحكومة
المركزية في الوقت الذي حظي فيه
بحكم شبه مستقل واقتسام عائدات
النفط مناصفة (حيث تكمن غالبية
مناطق النفط في الجنوب)، وكذلك
القدرة على التصويت على
الانفصال عبر الاستفتاء. الاعتقاد
السائد في السودان أنه عندما
يأتي الاستفتاء سيصوت
الجنوبيون بأغلبية ساحقة لصالح
الانفصال. فمنذ استقلال السودان
عام 1965 تم تهميش الجنوب،
وإرهابهم وخضعوا لانتهاكات لا
تعد ولا تحصى لحقوق الإنسان تحت
الأنظمة المتتالية في الخرطوم،
ومن ثم ينظر إلى تشكيل حكومة
مستقلة في الجنوب على أنه حق
مقدس. لكن الاستفتاء الذي تقرر
له شهر يناير (كانون الثاني)،
على مبعدة ستة أشهر فقط، وكل
الدلائل تشير إلى أن الخرطوم
ستقوض عملية التصويت أو لن
تعترف بنتائجها. فأوقف حزب
المؤتمر الوطني كل الأجزاء ذات
الصلة باتفاق السلام،
والانتخابات الوطنية والمحلية
في أبريل (نيسان) - التي يتفق
جميع المراقبين الدوليين على
أنها جاءت عبر التزوير - تأتي
كسابقة تنذر بالشر. وإذا
جاء شهر يناير (كانون الثاني)
ومضى من دون وقوع الاستفتاء، أو
إذا تم التلاعب بالنتائج،فسوف
يندلع القتال مرة أخرى، فكلا
الجانبين يسلحان نفسيهما منذ
توقيع اتفاقية السلام، لذا
سيكون تجدد العنف بين الشمال
والجنوب أكثر من أي وقت مضى.
وإذا ما عادت الحرب في الجنوب
سيتفجر النزاع في دارفور، غرب
السودان، مرة أخرى. السماح
بانهيار هذا الانتصار
للدبلوماسية الدولية وترك شعب
جنوب السودان عرضة للظلم أمر لا
يحمل وازعا من ضمير. لكن
التساؤلات صارخة: ماذا يمكن أن
تفعل الولايات المتحدة
للحيلولة دون حرب يمكن أن تزهق
الملايين من الأرواح؟ كيف يمكن
للولايات المتحدة أن تؤثر مرة
أخرى في سلوك حكومة مستعدة
لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في
سبيل الاستئثار بالسلطة. من
المؤكد أن هذه الأسئلة تثير قلق
إدارة الرئيس أوباما، وقد عبر
عن ذلك الجنرال سكوت غريشن
المبعوث الخاص للإدارة
الأميركية إلى السودان في قوله:
«ليس لدينا حقا أي نفوذ أو ضغوط». لكننا
بالفعل نملك الضغط، فالسلام في
السودان تملكه الولايات
المتحدة. وتطوير سياسة قوية من
العصا والجزرة - التي استبعدت
تعدد الأطراف قدر الإمكان
والتصرف بأحادية عند الضرورة -
ستعزز اليد الدبلوماسية
للولايات المتحدة ولن تضعفها. وأعتقد
أن الضغوط التي تم التلويح بها
يجب أن تشمل فرض عقوبات على
مسؤولي الحزب الحاكم، ومنع
تخفيف الديون من قبل صندوق
النقد الدولي، وتأييد قرارات
الاعتقال الصادرة من المحكمة
الجنائية الدولية (ومن بينها
القرار الذي أصدرته المحكمة يوم
الاثنين الماضي بحق الرئيس حسن
عمر البشير بارتكاب جرائم إبادة
جماعية)، وتشديد حظر السلاح،
وتقديم المزيد من الدعم للجنوب. كي
تنجح هذه الجهود الدبلوماسية لا
بد من وجود حوافز على الطاولة
أيضا: ففي حالة - فقط - تحقق
السلام في جنوب السودان يمكننا
تعليق مذكرات الاعتقال من
المحكمة الجنائية لمدة عام
وتطبيع العلاقات بين واشنطن
والخرطوم. وينبغي نشر فرق تفاوض
أميركية من ذوي الخبرة في الحال
لدعم جهود الاتحاد الأفريقي
والأمم المتحدة بين الشمال
والجنوب كما حدث خلال اتفاق عام
2005. دائما
ما يقول بيل كلينتون إن أكثر
اللحظات التي أسف عليها خلال
رئاسته أنه لم يقم بالمزيد من
الجهد لوقف المذابح العرقية في
رواندا عام 1994. وكانت هناك
علامات على أن المتاعب كانت
تختمر قبل فترة طويلة من بدء
القتل، ولكن عندما بدأت المذابح
لم يتمكن كلينتون والمجتمع
الدولي من التصرف بشكل حاسم. هذه هي
لحظة رواندا بالنسبة للرئيس
أوباما، وقد بدأت تتكشف الآن
ببطء. ولم يفت الوقت بعد لأن
نمنع الحرب القادمة في السودان
وأن نحمي السلام الذي ساعدنا في
إقامته قبل خمس سنوات. *
ديف إيغرز صحافي ومؤلف كتاب «ما
هو الشيء؟» *
جون برندرغاست المؤسس المشارك
في مشروع كفاية، والذي شارك دون
شيدل في تأليف كتاب «حركة كفاية:
النضال لإنهاء أسوأ جرائم ضد
حقوق الإنسان في أفريقيا». ================== د.
عائض القرني الشرق
الأوسط 5/1/2010 فُتح
على بعض الناس باب تصعيب دخول
الجنة على عباد الله، فكأن
مفاتيح الجنة في جيبه يُدخل من
يشاء ويمنع من يشاء، وكأن صكوك
الغفران في يده، يرحم من يشاء
ويعذب من يشاء. فإذا وجد العصاةَ
بشّرهم بالنار وأقسم عليهم أن
لا يدخلوا الجنة، وإذا ذُكر له
الطائعون شكك في طاعتهم وذكر
عيوب أعمالهم، وإذا سمع نصوص
الرحمة لم يمرها على ظاهرها
وإنما يؤولها، حتى إني سمعت
بعضهم يشرح أحاديث تكفير الذنوب
مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن
قال سبحان الله وبحمده في يوم
مائة مرة غُفرت ذنوبه وإن كانت
كزبد البحر»، فقال معلّقا على
الحديث: الحديث ليس على ظاهره،
ولا تكفّر كل الذنوب ولا
الكبائر، وهناك شروط في تكفير
الذنوب لم تذكر في الحديث. وكأنه
يرد على رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ولما ذكر حديث «مَن قال لا
إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل
الجنة»، قال معلّقا: الحديث ليس
على ظاهره، وهناك شروط وفرائض
وموانع لا بد من اجتماعها حتى
يُجرى الحديث على ظاهره. وقائل
الحديث هو النبي المعصوم بأبي
هو وأمي صلى الله عليه وسلم،
أعرف الناس بمدلول اللغة، وأعلم
الناس بمراد ربه عز وجل، وأتقى
الناس وأخشاهم لمولاه تقدس اسمه. وهكذا
تستمر هذه الطائفة لتصعيب دخول
الجنة حتى لا يثق الطائع
بطاعته، ولا يتوب العاصي من
معصيته، فلا يذكّرونه بالتوبة
ولا برحمة أرحم الراحمين، فإن
جاء نص في الوعيد أجروه على
ظاهره وزادوا عليه كقوله صلى
الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة
نمام»، قالوا معنى الحديث أن
النمام خالد في النار محرم عليه
دخول الجنة، وهذا ليس مقصود
الحديث. وإذا أتت بشرى بالمغفرة
والرحمة في آية أو حديث غيّروا
المعنى وأفسدوا الفرحة
بالبشرى، وهذا المسلك الخطير في
تصعيب دخول الجنة يورث اليأس
والقنوط والإحباط عند كثير من
الناس حتى يقول بعضهم: ما دام
أننا إذا تبنا لا يُقبل منا، وأن
أعمالنا الصالحة مدخولة
بالرياء والسمعة، فما الفائدة
من طاعتنا إذا كنا هالكين أصلا؟ وجدت
شبابا محبطا صعّب عليهم بعض
الوعّاظ التوبة ودخول الجنة
فأصبحوا يرددون: ما الفائدة من
دعائنا ومن صلاتنا وقد تلوثنا
بالخطيئة وتلطخنا بالذنب؟
ووجدنا من أصابه الوسواس من
كثرة خوفه لأنه استمع إلى مواعظ
قاتلة وخطب تهديدية حماسية
تتوعد العصاة بنار تلظى ولا
تفتح لهم باب الأمل ولا الرجاء
برحمة الله. والسؤال: مَن الذي
رشح هذه الطائفة المتعنّتة في
الدين، المتنطعة في الشريعة،
لتحكم على الناس بدخول الجنة أو
الحرمان بدخلوها؟ مَن الذي
فوّضهم بتفريغ النصوص من
محتواها؟ فنصوص الرحمة عندهم
لها معنى آخر غير مراد من
ظاهرها، ولها باب باطن تدل عليه
نصوص أخرى، ونصوص العذاب
والوعيد تُجرى على ظاهرها ويزاد
عليها ويُجمع معها نصوص أشد
منها، فإذا ذكرتهم بالحديث
الصحيح عند مسلم عن أبي ذر أن
الرسول صلى الله عليه وسلم قال
له: «بشرني جبريل أنه من مات من
أمتك يشهد أن لا إله إلا الله
وأنك رسول الله فهو من أهل الجنة»،
قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ قال
صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن
سرق، قال أبو ذر: وإن زنا وإن
سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق، قال
أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ فقال
صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن
سرق على رغم أنف أبي ذر. فإذا
سمعوا هذا الحديث جعلوا له
تأويلا يخالف ظاهره. لماذا
لا نكون مع نصوص الكتاب والسنّة
بين الخوف والرجاء؟ ولماذا لا
نكون على ما قاله أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
حيث قال: «الفقيه كل الفقيه مَن
لم يؤمِّن الناس من مكر الله ولم
يقنّطهم من رحمة الله»؟ وهذا هو
منهج أهل العلم والإيمان، فإن
الله جمع في كتابه بين الخوف منه
والرجاء في رحمته فقال: «نَبِّئْ
عِبَادِي أَنِّي أَنَا
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وأَنَّ
عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ
الأَلِيمَ». =================== أزمات
الرئيس ساركوزي وفضائحه..
وإنفاقاته المتمادية بقلم:
أحمد منصور الأمان
16/7/2010 رغم
الحرارة الشديدة والرطوبة
القاسية التي غمرت صيف باريس
لعدة أيام وجعلتني أشعر بأني في
صيف دول الخليج ولست في صيف
باريس، فإن حرارة الأجواء
السياسية كانت هي الأشد، ورغم
الفضائح التي يواجهها الرئيس
ساركوزي من آن لآخر، والتي كان
آخرها ما نشر عن علاقاته
وعلاقات زوجته كارلا، لكنها
توجت بفضيحة كبيرة تفجرت حين
أعلن في الخامس من تموز عن
استقالة وزير التعاون
والفرنكفونية آلان جويانديه،
ووزير تنمية منطقة باريس
كريستيان بلان، على خلفية قضايا
فساد تتعلق بهدر الأموال العامة
من خلال الإفراط في إنفاقها. وكان
الأول قد اتهم من قبل الصحافة
بأنه استأجر طائرة خاصة نقلته
إلى منطقة الكاريبي في رحلة
عمل، ما كلف الدولة الفرنسية ما
يقارب 117 ألف يورو، إضافة إلى
الاشتباه باستفادته من رخصة
بناء غير قانونية لتوسيع منزل
يملكه في منطقة سان تروبيه
جنوبي فرنسا، أما الثاني فقد
اتهمته الصحافة الفرنسية بشراء
كمية من السيجار الكوبي قيمتها
اثنا عشر ألف يورو. وبالرغم
من أن كلا الرجلين أنكرا التهم
التي وجهت اليهما، وأعلن كل
منهما أنه كان ضحية للتغطية على
تصرفات آخرين وفضائح أكبر،
فسرعان ما ظهرت تصرفات الآخرين
والفضائح الأكبر، حيث ظهرت
فضيحة الرئيس ساركوزي نفسه،
التي وصفتها الصحافة بفضيحة «الظرف
المحشو بالنقود» وتتلخص القصة
التي لم تتوقف فصولها بعد في أن
ليليان بيتينكو وريثة شركة «لورييل»
لمستحضرات التجميل، وهي المرأة
الأكثر ثراء في فرنسا، قدمت
بطريقة غير مشروعة مبلغاً من
المال قيمته 150 ألف يورو لتمويل
حملة ساركوزي للانتخابات
الرئاسية في عام 2007، هذه
الفضيحة أتاحت المجال للصحافة
الفرنسية التي تتمتع بحرية
كبيرة أن تكشف كل يوم فصلاً من
فصول الفضيحة التي تفجرت الآن
بشكل كامل. حينما
أدلت كلير تيبو (المحاسبة لدى
بيتانكور) بحديث تفصيلي إلى
موقع «ميديا بارت» الإلكتروني،
المشهور بالتحقيقات الصحفية،
يوم الأربعاء 7 تموز تحدثت فيه
عن البلاغ الذي تقدمت به ضد
مستشار المليارديرة الفرنسية
بأنه سحب مبلغ 150 ألف يورو من أحد
المصارف في آذار من عام 2007
وقدمها لإريك فيرت وزير العمل
الفرنسي الحالي، الذي كان في
ذلك الوقت أمين صندوق حزب
الاتحاد من أجل الحركة الشعبية
الذي يرأسه ساركوزي، وذلك بهدف
تمويل حملة ساركوزي الانتخابية.
ورغم استدعاء كلير تيدو للتحقيق
معها، وممارسة ضغوط عليها،
وادعاء المسؤولين في الحكومة
أنها تراجعت عن اتهاماتها، إلا
أن محاميها أصدر بياناً نشرته
الصحف الفرنسية نفى تراجعها عن
أي معلومات أدلت بها، لاسيما ما
يتعلق بالمظاريف المليئة
بالنقود التي كانت توزع على
السياسيين بعد دعوات العشاء
والغداء التي كانت تقام لهم. وقد
أصابت هذه الفضيحة ساركوزي في
مقتل، فهي الأكبر من حيث حجمها،
بخلاف كل ما تعرض له منذ وصوله
للإليزيه، وقد دفع هذا الأمر
المعارضة إلى المطالبة بتحقيق
مستقل، ولا سيما أن القاضي الذي
يدير التحقيقات حسب اتهامات
عدوّ ساركوزي اللدود دومونيك
دوفليبان هو قاض مقرب منه،
وتابع للحكومة، ولا بدّ أن تدار
هذه التحقيقات من قبل قاضي
تحقيق مستقل، ولأن مستشاري
ساركوزي ورجاله يعيشون أسوأ
مراحل وجودهم في الإليزيه، فقد
صبوا جام غضبهم على الصحافة
والصحفيين الفرنسيين، واتهموا
الصحفيين بالفاشية، حيث غطت صور
ساركوزي القلقة والمتوترة
والغاضبة معظم الصحف، مع توالي
فصول الفضيحة التي يمكن لو
تراكمت أن تجبره على القيام بما
لا يمكن تصوره، لا سيما أن هذه
الفضيحة جاءت في جو مليء
بالضغوط والاحتقان، بدءاً من
هزيمة المنتخب الفرنسي في
المونديال وخروجه مبكراً، التي
تطورت من لعبة رياضية إلى أزمة
شعبية ودراما وطنية، مروراً
بأزمة النقاب التي احتلت جانباً
كبيراً من نقاشات البرلمان
والصحافة الفرنسية، إلى الحكم
الذي أصدرته محكمة فرنسية في
شهر أيار الماضي على وزير
الداخلية الفرنسي بغرامة بسبب
ملاحظات عنصرية تفوّه بها حول
العرب في شهر أيلول من العام
الماضي 2009، إلى مظاهرات
الاحتجاج حول رفع سن التقاعد
وغيرها. وقد
فجرت فضيحة ساركوزي الأخيرة
سجله في الرئاسة بشكل عام، وعاد
بعضهم إلى التقرير الذي أصدره
ديوان المحاسبة الفرنسي، أعلى
سلطة رقابية في فرنسا في شهر
تموز من العام الماضي 2009 حول
التجاوزات المالية في قصر
الإليزيه، والنفقات الباهظة
للرئيس ساركوزي، وهذه هي المرة
الأولى في تاريخ الجمهورية
الفرنسية التي يفتح فيها ملف
نفقات الإليزيه بعدما تجاوزت
نفقات ساركوزي ما أنفقه كافة
الرؤساء الذين سبقوه. وقد
أشار التقرير إلى أن التنقلات
الرئاسية للعام 2008 بلغت 14 مليون
يورو مع أسطول من السيارات
والطائرات، أما باقات الورود
فإن الرئيس وزوجته المطربة
كارلا بروني ينفقان يومياً 763
يورو أي سنوياً 257809 يورو على
الورود فقط، أما تنظيف ملابس
الرئيس وكارلا فإنه يكلف
الخزينة الفرنسية 155396 يورو،
علاوة على رصد التقرير لكثير من
المخالفات المالية التي يتجاوز
كثير منها الملايين. ورغم
العراقة التي تتمتع بها مؤسسات
الدولة في فرنسا، إلا أن بعض
المراقبين يرون أن ساركوزي يقوم
بتفكيك بنية النظام الجمهوري في
فرنسا بأسلوب الديكتاتورية
الناعمة، فهل ينجح ساركوزي في
تفكيك النظام الجمهوري في
فرنسا، أم أن فضائحه ستفككه
وتفكك نظامه؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |