ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 19/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


«ألفاغيت»: حرب تموز جديدة!

الأحد, 18 يوليو 2010

عادل مالك *

الحياة

في مقال سابق في هذه الصفحة تحدثنا عن أخطر أنواع الحروب وهي الجاسوسية، وانتهينا إلي المطالبة باتخاذ أحكام رادعة حتى ولو بلغ الأمر تعليق المشانق.

ومع علمنا أن لبنان تعهد لبعض الدول والهيئات الأوروبية بعدم تنفيذ أحكام الإعدام فإن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أبلغ «الحياة» أن المتعاملين مع العدو الإسرائيلي «يجب أن ينالوا عقابهم، لأن أدوارهم المشينة أدت ويمكن أن تؤدي إلى قتل العديد من الناس».

وبالفعل أصدرت المحكمة العسكرية حكماً بالإعدام على أحد أفراد شبكات التجسس العاملة لحساب إسرائيل المدعو أحمد منتش، كما طلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إنزال عقوبة الإعدام بمتعامل آخر مع إسرائيل ويدعى شربل قزي الذي كان يعمل لدى إحدى شركات الهاتف الخليوي «ألفا»... وخلال الساعات القليلة الماضية تم اعتقال عميل آخر بتهمة التخابر مع إسرائيل (طارق الربعة)، وهو يعمل في نفس الشركة «ألفا»، ويمكن أن نطلق على هذه الفضائح: «ألفاغيت».

ومرة جديدة يتم فيها اكتشاف واعتقال المزيد من المتعاملين، يتضح مدى خطورة اختراق أجهزة «الموساد» العمق اللبناني، وهو ما دفع إلى الواجهة عمليات الاغتيال التي تعرض لها لبنان في السنوات الأخيرة. ومع اعتقال عميلين في شركة «ألفا» برز أكثر فأكثر مدى خطورة سيطرة إسرائيل على التخابر بين اللبنانيين، باعتبار ان العميلين المعتقلين بإمكانهما تقديم «تسهيلات فنية وتقنية للعدو». وتتزامن هذه التطورات مع ذكرى مرور أربع سنوات على حرب تموز (يوليو) 2006، وعليه يمكن اعتبار ما حدث وما يمكن أن يحدث وكأنه حرب تموز من نوع جديد تقوم على الحرب التجسسية القائمة بين لبنان وإسرائيل، وخاصة عندما نتذكر أن قرار مجلس الأمن الشهير 1701 لا ينص على وقف نهائي للنار، بل على إنهاء العمليات العدائية، الأمر الذي يعني أن الجبهة مفتوحة على أكثر من احتمال في التعاطي مع إسرائيل.

وعندما يذكر القرار 1701 لا بد من أن يربط بما شهدته بعض القرى والمناطق في جنوب لبنان، من إشكاليات بين بعض أهالي هذه القرى، وأفراد الكتيبة الفرنسية العاملة ضمن قوات ال «يونيفيل»، ويمكن القول انه تم احتواء تداعيات هذه الحوادث. ومقياس الأمور سيكون التزام الجميع بمندرجات القرار وعدم تكرار ما حدث لشدة ما ينطوي عليه من مخاطر تتعدى الحدود اللبنانية  الإسرائيلية إلي إطار إقليمي.

علي صعيد لبناني آخر كان الأسبوع المنصرم أسبوع البحث في كيفية منح الفلسطينيين المقيمين على أرضه «الحقوق المدنية والإنسانية». وعلى رغم أن هذا الموضوع كان مثار العديد من المناقشات والتداول في مجلس النواب، أو بين زعماء الكتل النيابية فإن الأمور تتجه نحو منح اللاجئين الفلسطينيين «بعضاً» من هذه الحقوق. وتم تأجيل طرح الموضوع إلى 17 آب (أغسطس) المقبل، لإفساح المزيد من الآمال والمجال لإقرار هذه الحقوق في شكل إجماعي حتى لا تظهر معالم الانقسامات بين مختلف «الفصائل» اللبنانية. خاصة وان أي قرار سيتم التفاهم عليه يجب أن يأخذ بالاعتبار الأمرين الأساسيين التاليين: عدم التسليم بتوطين الفلسطينيين في لبنان من جهة، واحتفاظهم بحق العودة بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 194.

صيف لبنان شديد الحرارة وبيروت وسائر المناطق تعج بالسياح من مختلف الجنسيات. كل ما يطالب به الناس العاديون أن يتعاقد أهل الحكم على وفاق يبعد مخاطر التفجير. ولو حتى نهاية فصل الصيف على الأقل.

* صحافي وإعلامي لبناني

===================

الصراع التاريخي بين الساسة والعسكر!

الأحد, 18 يوليو 2010

السيد يسين *

الحياة

هل صحيح أن العسكريين القدامى لا يموتون أبداً كما صرح الجنرال ماكارثر أمام لجنة الاستماع بالكونغرس بعد أن عزله الرئيس هاري ترومان عقاباً له لعدم طاعته للأوامر التي أصدرها له بعدم التصعيد مع الصين في خضم الحرب بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية؟ إذا كانت هذه الصيحة التي أطلقها الجنرال ماكارثر تعبر عن عنجهية عسكرية قصوى، فإنها تعكس في الوقت نفسه العلاقات المعقدة بين الساسة المدنيين والقادة العسكريين!

والموقف نفسه حدث - كما ذكرنا في مقالنا الماضي – حين أقال الرئيس باراك أوباما منذ أسابيع قليلة الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأميركية في أفغانستان.

والسؤال الذي ينبغي إثارته هنا هو ما تاريخ وطبيعة العلاقات المعقدة بين المدنيين والعسكريين؟

إن ما يطلق عليه في علم السياسة «العلاقات المدنية العسكرية»، تصف العلاقات بين المجتمع المدني ككل والمؤسسة العسكرية، التي أسست لكل تدافع عنه. وهي بعبارة أخرى تصف العلاقة بين السلطة المدنية والسلطة العسكرية.

والدراسات في هذا الموضوع تنطلق من قاعدة أساسية مبناها أن سيطرة المدنيين على العسكريين أفضل في كل الأحوال من سيطرة العسكريين على الدولة.

والمشكلة التي يركز عليها الباحثون في هذا الميدان، هي معرفة كيف أسس مبدأ أن المدنيين لهم اليد العليا على العسكريين، والطرق التي تم بها الحفاظ عليه.

والبحث في هذا الميدان لا يقتصر فقط على علم السياسة. بل إن علوماً متعددة تشارك في دراسة هذه الإشكالية، مثل علم الاجتماع والقانون والفلسفة وعلم النفس والدراسات الثقافية والأنتروبولوجيا وعلم الاقتصاد والصحافة والدراسات العسكرية.

وهذه المباحث المتعددة تعالج في الواقع موضوعات شتى، من أبرزها السيطرة المدنية على العسكريين، والعسكرية باعتبارها مهنة لها تقاليدها الخاصة، والحرب، والمؤسسات العسكرية. والبحث في هذا المجال لا يقتصر على بلد واحد، ولكنه يتسع بنظرة مقارنة ليشمل دولاً متعددة لها ثقافات مختلفة. والمناقشات النظرية يمكن أن تمتد لدراسة دور الأطراف الأخرى في المجتمع بالإضافة إلى الدولة، والاتجاهات السياسية التي يمكن أن يتبناها العسكريون، كما هي الحال في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً.

وقد يكون لظهور النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا والنزعة العسكرية المتطرفة في اليابان، وهي الدول التي كونت ما أطلق عليه في الحرب العالمية الثانية «دول المحور» في مواجهة ما أطلق عليه دول «العالم الحر» أثر في إثارة التساؤلات حول خطورة عسكرة المجتمع، بحيث يصبح للعسكريين اليد العليا على المدنيين. وقد أدت تطورات الحرب الباردة وما أدت إليه من قرار الولايات المتحدة الأميركية بالاحتفاظ بجيش ضخم تنتشر قواته في مختلف أنحاء العالم، إلى التساؤل حول هل يمكن السيطرة عليه من قبل دولة ديموقراطية ليبرالية. ويمكن القول أن رواد هذا الموضوع هما عالم السياسة الأميركي الشهير صمويل هنتنغتون الذي نشر في السنوات الأخيرة كتابه عن «صراع الحضارات»، وكذلك عالم السياسة الذي تخصص في الموضوع وهو موريس جانوفيتز.

وقد قاد هذا النقد صمويل فينر الذي قرر أن أطروحات كل من هنتنغتون وجانوفيتز قد لا تصدق في الدول النامية، ما يتيح الفرصة للعسكريين للتدخل في السياسة. وقد يدعم هذه الأطروحة أن عدداً كبيراً من الانقلابات العسكرية قد حدث في أنحاء متفرقة من العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، خصوصاً في الستينات والسبعينات. والظاهرة نفسها لوحظت في أميركا اللاتينية. ولو نظرنا إلى العالم العربي لوجدنا الظاهرة نفسها، فقد قامت انقلابات عسكرية في سورية منذ عام 1949 بقيادة حسني الزعيم. وبعد ذلك توالت الانقلابات العسكرية لحزب البعث في كل من سورية والعراق. ولعل أبرز انقلاب عسكري عربي هو انقلاب 23 يوليو 1952 في مصر الذي قاده الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر، ثم الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد معمر القذافي في ليبيا.

ولعل كل هذه الانقلابات هي التي دفعت كثيراً من الباحثين والمفكرين العرب لبحث تأثير المؤسسة العسكرية على الممارسة الديموقراطية في الوطن العربي. وهناك أبحاث متعددة تناولت إشكالية العلاقات المدنية والعسكرية نشرت في المجلات المتخصصة وتناولت كثيراً من الموضوعات، من أهمها الطريقة الأوروبية في الحرب، وتركيز السلطة العسكرية، والمقارنة بين العلاقات المدنية والعسكرية في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، والوضع الخاص للعسكريين في تركيا، والمنصوص عليه صراحة في الدستور.

والأطروحة الأساسية التي صاغها صمويل هنتنغتون في كتابه الأساسي «العسكري والدولة»، أن الفرق الجوهري بين العسكريين والمدنيين أن الفئة الأولى عادة ما تتبنى اتجاهات محافظة، في حين أن الفئة الثانية غالباً ما تتبنى اتجاهات ليبرالية. وكل من المؤسسة العسكرية والمؤسسة المدنية لها قيمها الخاصة ومعاييرها التي تزن بها الأمور.

والسؤال هنا كيف يمكن للمؤسسة المدنية أن تهيمن على المؤسسة العسكرية وتضبط حركتها؟

والإجابة التي يقدمها هنتنغتون على هذا السؤال هي «الاحتراف العسكري» Professionalism. ويعني بذلك التركيز على عملية التنشئة العسكرية، خصوصاً بالنسبة الى فئة الضباط، باعتبارهم العناصر العسكرية المحترفة، وليس الجنود الذين يخدمون لفترة موقتة ثم يتركون الخدمة العسكرية.

وهذه التنشئة العسكرية تركز على قيم الانضباط، وتنفيذ الأوامر بغير مناقشة، والتضحية بالذات في سبيل الوطن.

وهم – نتيجة هذه التنشئة - يكونون عادة على استعداد للخضوع للأوامر الصادرة عن قادة السلطة المدنية، وعلى رأسهم بالطبع رئيس الجمهورية، الذي يعد القائد الأعلى للقوات المسلحة وكذلك وزير الدفاع.

والوسيلة المثلى لإدارة العلاقات بين المدنيين هي أن السلطة المدنية هي التي تحدد الأهداف للمؤسسة العسكرية في حالات الحروب أو المواجهات العسكرية، على أن تترك طريقة التنفيذ للقادة العسكريين ولا تتدخل في أعمالهم.

ولو أردنا أن نبتعد قليلاً عن الفروض النظرية ونظرنا إلى العلاقات بين المدنيين والعسكر في الوطن العربي، لاكتشفنا أنه في حالة مصر – على سبيل المثال – بعد انقلاب 23 يوليو 1952 والذي تحول إلى ثورة بحكم المشروع القومي الناصري الذي ركز على بعد العدالة الاجتماعية لجماهير الشعب العريضة، سلمت قيادة الجيش المصري لأحد الضباط الأحرار وهو عبد الحكيم عامر والذي كان برتبة رائد ورقي إلى رتبة لواء مرة واحدة، وبعد ذلك رقي إلى رتبة مشير. استطاع عبد الحكيم عامر بحكم شخصيته الكارزمية أن تكون له شعبية طاغية بين صفوف قادة وضباط القوات المسلحة، وحول الجيش إلى مؤسسة عسكرية تأتمر بأمره هو وليس بأمر رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر، والذي حاول عبثاً تحديد سلطاته من طريق تشكيل «مجلس للرئاسة» يضم كبار أعضاء مجلس قيادة الثورة ولكنه فشل فشلاً ذريعاً، لأن المشير عبد الحكيم عامر رفض تحديد سلطاته وهدد بالاستقالة. كان ذلك عام 1964 حيث قام عامر بما يطلق عليه «الانقلاب الصامت»، حيث منع الرئيس جمال عبد الناصر من التدخل في أي شأن يخص القوات المسلحة.

ثم جاءت هزيمة حزيران (يونيو) 1967 بكل أصدائها العميقة، وما ترتب عليها من تنحية المشير، ما أدى إلى انتحاره. ومنذ هذا الوقت صفيت المؤسسة العسكرية تماماً، وتحول الجيش المصري إلى جيش محترف بكل معاني الكلمة، بحيث يخضع القادة العسكريون للقادة المدنيين. ونتيجة لذلك استطاعت القوات المسلحة المصرية أن تبدع في حرب أكتوبر 1973، وتحقق إنجازات عسكرية عالمية.

ويضيق المقام عن تتبع حالات هيمنة العسكريين على السياسة في سورية والعراق وليبيا، ما يؤكد أن العلاقات المدنية العسكرية ومشكلاتها المتعددة لا تتعلق فقط بالدول الديموقراطية المتقدمة، ولكنها أخطر بكثير في الدول النامية لافتقارها إلى التقاليد الديموقراطية الأصيلة.

* كاتب مصري

===================

اليونيفيل" والحرب المحتملة

آخر تحديث:الأحد ,18/07/2010

محمد السعيد ادريس

الخليج

الاشتباكات التي وقعت بين القوة الفرنسية العاملة ضمن قوات المراقبة الدولية في جنوب لبنان المعروفة باسم “يونيفيل”، وبين الأهالي في بعض القرى الجنوبية، والضجيج الإعلامي، وامتداداته السياسية في أطراف الموالاة (فريق 14 آذار)، لم تكن عفوية بأي حال من الأحوال، فهذه الاشتباكات المتعمدة من جانب القوة الفرنسية في “اليونيفيل” تعتبر ضوءاً كاشفاً ورابطاً مشتركاً بين تطورات عدة تدفع لبنان نحو مواجهة قد تكون حاسمة تدبر لها “إسرائيل”، ولم يعد يؤخرها غير حسابات سياسية أمريكية “إسرائيلية” لها علاقة مباشرة بملف أزمة البرنامج النووي الإيراني وتطوراتها، وخاصة تداعياتها على ما يجري داخل العراق من استعدادات أمريكية لترتيب ملء الفراغ السياسي والعسكري الأمريكي بعد الانسحاب من ناحية، وله علاقة أيضاً ببعض الغموض المتعلق بملف العلاقات الأمريكية مع سوريا، وفرص تجديد التفاوض السوري “الإسرائيلي” سواء بالوساطة التركية أو بدخول الولايات المتحدة طرفاً مباشراً في هذه الوساطة . والغموض في هذا الملف عدم حسم الموقف الأمريكي “الإسرائيلي” من سوريا سلماً كان أم حرباً .

 

ولأن الحرب خيار قائم ومحتمل، فإن ما قامت به قوات “اليونيفيل” من تجاوز للقواعد الحاكمة لدورها في الجنوب اللبناني، وبالذات دخول القرى والتفتيش عن أسلحة واقتحام المنازل من دون مرافقة الجيش اللبناني، كشرط للتحرك في القرى اللبنانية، بل ورغم رفض واعتراض الجيش اللبناني على هذه المهام لا يمكن اعتباره إجراءات غير مدروسة، أو أنها تتم بمعزل عن أجواء التسخين والإعداد للحرب كهدف استراتيجي، لكنها، ولكي تصل إلى ذلك، تسعى إلى تحقيق أهداف تكتيكية أهمها تغيير قواعد الاشتباك في الجنوب، وتحويل أو انحراف هذه القوات الدولية، وخاصة الفرنسية منها، عن جوهر المهمة الموكلة إليها منذ 32 عاماً، أي منذ الاجتياح “الإسرائيلي” لجنوب لبنان عام 1978 بناء على القرار ،425 وهي المساعدة في إجبار “إسرائيل” على الانسحاب الكامل من جنوب لبنان ومنع اعتداءاتها عليه .

 

هدف تغيير قواعد الاشتباك كأول هدف تكتيكي من افتعال القوة الفرنسية في “اليونيفيل” للاشتباكات الأخيرة مع الأهالي وتحميل “حزب الله” مسؤوليتها، هو تغيير تلك المهمة من حماية الجنوب من الاعتداءات “الإسرائيلية”، ورصد هذه الاعتداءات وتبليغها إلى الأمن العام للأمم المتحدة، إلى مراقبة المقاومة، وخدمة مصالح “إسرائيل”، بل والتورط في جرائم تجسس لصالح الكيان الصهيوني، من خلال تعديل قواعد عملها في الجنوب، وإثارة الأزمة الآن قبيل شهرين فقط من موعد التجديد لهذه القوات يهدف إلى أن يأتي التمديد الجديد لها في جنوب لبنان مصحوباً بإعطائها صلاحيات جديدة، أبرزها التحرك الحر في قرى الجنوب، وأن تتحول إلى قوة تفتيش على المقاومة، وجعل جنوب لبنان منطقة مؤمنة ل “إسرائيل” من المقاومة، والتخلص من شرط مصاحبة الجيش اللبناني لعملياتها، بمعنى أن تتحول إلى قوة استطلاع متقدمة للجيش “الإسرائيلي” في جنوب لبنان .

 

ما يؤكد هذا الاستنتاج أن افتعال أزمة بين الأهالي في القرى الجنوبية وقوات اليونيفيل الفرنسية جاء مصحوباً ومتزامناً بأحداث وتطورات عديدة . أولى هذه التطورات إعلان “إسرائيل” لخرائط تكشف مواقع مخازن أسلحة تابعة للمقاومة في محاولة منها لجعل قضية “سلاح المقاومة” وخطره على أمن “إسرائيل” قضية لها كل الأولوية، ومنها يمكن تحقيق مجموعة أهداف، أولها جعل سلاح المقاومة بعد تضخيمه أحد المبررات الأساسية لحرب استباقية تعد لها “إسرائيل” ضد لبنان .

 

وثانيها، إعطاء المبررات الكافية لتوسيع مهام قوات اليونيفيل في الجنوب لسد ما تراه “إسرائيل” من “ثغرات” في القرار الدولي 1701 الذي وإن كان قد أبعد المقاومة إلى جنوب نهر الليطاني ودفع بالجيش اللبناني إلى الحدود للمرة الأولى، فإنه لم يمنع من وجود قوي غير منظور للمقاومة وأسلحتها في جنوب لبنان، ولذلك تسعى “إسرائيل” إلى تعديل هذا القرار بحيث يوسع من صلاحيات اليونيفيل ويجعلها قوة دولية هدفها تفريغ الجنوب نهائياً من المقاومة .

 

أما الهدف الثالث، وربما يكون الأهم، الدفع بتحويل مطلب تعديل القرار 1701 إلى قضية ساخنة أملاً في الوصول بهذا القرار، من خلال مجلس الأمن، إلى ما سبق أن كتبه في مجلة “نيوزويك” الأمريكية منذ فترة الكاتب فريد زكريا بالسعي إلى تطوير هذا القرار وتعديله ليصبح بمثابة مقدمة لاتفاقية سلام لبنانية “إسرائيلية” على غرار اتفاقية وادي عربة، أو معاهدة السلام المصرية “الإسرائيلية”، ما يطور من مهمة اليونيفيل إلى ما يشبه القوات الدولية العازلة الموجودة على الحدود بين مصر و”إسرائيل”، والتي هدفها بالأساس هو أمن “إسرائيل”، إلى جعل اليونيفيل طرفاً في حماية أمن “إسرائيل” .

 

ثاني التطورات التي سبقت افتعال قضية اليونيفيل في جنوب لبنان اكتشاف العديد من الخلايا الاستخباراتية “الإسرائيلية”، بعضها كان بمشاركة من أحد المشاركين في اليونيفيل، وآخرها كان توقيف موظف الاتصالات في شركة “ألفا” بتهمة التعامل مع “إسرائيل” . كل هذه الأنشطة الاستخباراتية “الإسرائيلية” تؤكد أن “إسرائيل” تنشط وتتحرك وتتعاون مع أطراف داخلية وإقليمية استعداداً لحرب قادمة، وأن “كلمة السر” في هذه الحرب هي سلاح المقاومة . والحملة التي تشتعل الآن سخونة من جانب البطريرك صفير وسمير جعجع .

 

ثالث هذه التطورات يتعلق باقتراب موعد إعلان المحكمة الدولية لحادثة اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق، وما يجري ترتيبه وإعداده بين أمريكا وفرنسا و”إسرائيل” في موضوع المحكمة الدولية، وخصوصاً التسريب “الإسرائيلي” حول إمكان حدوث تدهور أمني في لبنان، خصوصاً في الجنوب بعد صدور القرار الظني في حادثة اغتيال الحريري في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، حسب ما جاء على لسان رئيس الأركان “الإسرائيلي” الجنرال جابي أشكنازي الذي كشف هذا الموعد، كما كشف ما هو أهم، وهو ما يتعلق باحتمال اتهام “حزب الله” بالضلوع في الجريمة بعد استبعاد سوريا و”القاعدة” .

 

تطورات مهمة تزداد أهميتها مع حرص فرنسا وحلفائها في بيروت على فرض اتفاقية تعاون أمني مع لبنان على غرار الاتفاقية الأمريكية، ما يجعل من فرنسا طرفاً مباشراً في قضايا الأمن الداخلي اللبناني وترتيباته، وأولها بالطبع سلاح المقاومة الذي يسعى جميع هؤلاء إلى تجريده من منطلق كونه موجهاً نحو السلم والأمن الأهلي في لبنان وليس ضد “إسرائيل”، ونفي صفة المقاومة عن “حزب الله” وحصره في كونه مجرد أداة تغلغل إيرانية .

أحداث وتشابكات كثيرة هدفها المقاومة، وعنوانها “اليونيفيل” والحرب المحتملة .

===================

سلاح أمريكي في أفغانستان ضد روسيا

آخر تحديث:الأحد ,18/07/2010

محمد خليفة

الخليج

انتقد سفير روسيا لدى حلف شمال الأطلسي “الناتو” بشدة كلاً من الحلف والولايات المتحدة لتخليهما عن مكافحة تجارة المخدرات في أفغانستان، قائلاً: إن هذه السياسة أدت إلى فورة كبيرة في تهريب الهيروين، مما يعرض الأمن القومي الروسي للخطر .

 

وقال السفير ديميتري روغوزين في بروكسل الشهر الماضي إن روسيا تخسر أرواح 30 ألف شخص سنوياً بسبب تجارة المخدرات الأفغانية بالإضافة إلى وجود مليون مدمن روسي على المخدرات ما يجعل هذا الوضع بمثابة حرب غير معلنة ضد بلاده، ولكن الجنرال الأمريكي ستانلي ماكريستال قائد القوات الأمريكية والأطلسية في أفغانستان اتبع في الأشهر الأخيرة سياسة جديدة يسعى من خلالها لكسب تأييد السكان الأفغان، وهي سياسة تركت المزارعين الأفغان يختارون زراعاتهم بحرية . ولاحظ السفير الروسي تناقضاً في سياسة واشنطن إزاء تجارة المخدرات العالمية قائلاً إنه على النقيض من أفغانستان، فإن الولايات المتحدة تشن حرب مخدرات في كولومبيا لأن هذا البلد هو المصدر الأول للكوكايين الذي يصل إلى أمريكا ولكن في ما يتعلق بالهيروين الذي يذهب إلى روسيا أو البلدان الأخرى فإن الأمريكيين لا يفعلون عملياً أي شيء، وقد ازداد إنتاج المخدرات عشر مرات منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان عام ،2001 وفي الواقع فإن المهربين ينقلون الهيروين الأفغاني بحرية باتجاه الشمال إلى أسيا الوسطى وروسيا وكذلك باتجاه أوروبا الغربية .

 

وتشكّل مشكلة تعاطي المخدرات إحدى أبرز المشكلات المعاصرة التي تعاني منها المجتمعات على اختلاف مستوياتها المتقدمة والمتخلفة وتهدد أمنها وسلامتها، وهي من المشكلات الاجتماعية التي تؤثر في بناء المجتمع وأفراده بما يترتب عليها من آثار اقتصادية ونفسية وصحية سيئة . وتجدر الإشارة إلى أن تقريراً صادراً عن مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة قد أورد أن أفغانستان تنتج 92% من الأفيون في العالم، وهي المادة المخدرة التي يصنع منها الهيروين والمورفين، ويورد الأفيون إلى سوق قيمتها 65 مليار دولار، ويمر أكثر من 40% منه عبرالحدود الأفغانية الباكستانية، و30% عبر إيران وما يقرب من 25% عبر دول وسط آسيا، وتعد دول البلقان المعبر الرئيسي لمرور المخدرات نحو دول أوروبا . ويتعاطى الأفيون ما يقارب 15 مليون مدمن في العالم، ويؤدي إلى وفاة 100 ألف شخص سنوياً، ويستهلك الأوروبيون 88 طناً من الهيروين سنوياً، ويتجاوز ضحايا الأفيون في دول أوروبا خسائر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الأرواح خلال الحرب في أفغانستان، حيث تخسر قارة أوروبا 10 آلاف شخص سنوياً بسبب الإدمان على المخدرات الآتية من أفغانستان .

 

وتمارس زراعة الأفيون في الوديان العميقة الوعرة بين الجبال في 28 ولاية من ال 34 ولاية المكوّنة لأفغانستان، وتدر أرباحاً طائلة على المزراعين الفقراء مقارنة بمحاصيل أخرى كالقمح مثلاً . فتوفر الظروف المساعدة في أفغانستان جعلها في مقدمة الدول المنتجة للأفيون، حيث ينتشرالفقر والأمية، إذ إنها خامس أفقر بلد في العالم، ويبلغ تعداد سكانها 28 مليوناً، ويعيش 42% منهم بأقل من 14 دولاراً في الشهر، وتسكن أغلبية الشعب الأفغاني في القرى والجبال بينما تسكن القلة في المدن، وتشهد الظروف المعيشية والخدمات الأولية في البلاد تدهوراً حاداً، ويعاني أكثر من 70% منهم من سوء التغذية، وتحيق مخاطر المجاعة بالمناطق الفقيرة على الدوام .

 

وتصل نسبة الأمية في أفغانستان إلى 90% لدى النساء و63% لدى الرجال في المناطق الريفية حيث تعيش الغالبية من السكان، ويحتاج على الأقل 11 مليون أفغاني من سن 15 فما فوق لمحو أميتهم وتطوير مهاراتهم . بالإضافة إلى عوامل أخرى كضعف القانون الجنائي والحماية التي يوفرها أمراء الحرب وكبار المسؤولين في الشرطة والجيش والجهاز الإداري الأفغاني، وقيام عصابات وتجار المخدرات بشراء صمتهم بالرشوة أو بقتلهم مما يجعلهم وراء العديد من أعمال العنف وتدهور الحالة الأمنية . ويقوم هؤلاء بدور محوري في انتشارها، فهم الذين يدعمون المزارعين حيث يأخذ الفلاحون منهم قروضاً قبل موسم الزراعة في الشتاء ويسددونها في الربيع معتمدين على سعر الأفيون الخام، وفي حالة تراجع الأسعار عن العام الماضي يصبح المزارعون مدينين لهولاء التجار .

 

وقد ازداد إنتاج الأفيون بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول . وتنتشر المخدرات في حوالى 170 بلداً وإقليماً، حيث يزرع الحشيش وينتج في أفغانستان وباكستان وميانمار، ويزرع الكوكايين وينتج في أمريكا اللاتينية وبالتحديد في كولومبيا، وينتشر الكوكايين في القارة الأمريكية، وينتشر الحشيش والأفيون والمنشطات في آسيا وأوروبا .

 

وترتبط المخدرات بجرائم أخرى كالعصابات المنظمة التي تقوم بعمليات كالسرقة والخطف وغسيل الأموال، وحتى الأنشطة الاقتصادية المشروعة، حيث يصل تجار المخدرات إلى المؤسسات الكبرى ومواقع السلطة والتأثير في السياسات . كما أن هناك علاقة وطيدة بين الاتجار بالمخدرات وتمويل المتمردين والجماعات المسلحة والمجموعات الإجرامية في مختلف أرجاء العالم وبالتحديد في آسيا الوسطى وروسيا والبلقان . ووفقاً للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يشكل الاتجار بالمخدرات خطراً رئيسياً على الأمن والسلم الدوليين وبالأخص في أفغانستان وكولومبيا وماينمار، حيث تمول تجارة وإنتاج المخدرات صراعات مسلحة طويلة الأمد، وكذلك في أماكن أخرى مثل غرب إفريقيا وآسيا الوسطى وأمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي . ومن شأن انتشار تجارة وتهريب المخدرات في باكستان وآسيا الوسطى أن يؤدي إلى استخدم الأموال في تمويل أعمال العنف، فقد أصبحت منطقة للتبادل الحر لكل ما هو غير قانوني من مخدرات وأسلحة ومواد لصنع القنابل وعبور للمهاجرين غير الشرعيين، مما يعرقل عمليات حفظ السلام الأممية، ويحبط مساعي حل الصراعات وتحقيق السلام في أفغانستان وهايتي وغينيا بيساو وليبيريا وسيراليون ودول أخرى .

 

وهذه الظاهرة المتفاقمة تستدعي طرح مبادرة شاملة للقضاء على تجار المخدرات وتدمير معامل تصنيع المخدرات في المرتبة الأولى، كما تتوجب إيجاد مصدر بديل للرزق للمزارعين، وتشديد الرقابة على طرق التهريب الحدودية، وتعزيز التعاون بين الحكومات من أجل التصدي لجرائم الاتجار والتهريب وتعاطي المخدرات، وكذلك العمل على توضيح الآثار الناجمة المترتبة من تعاطي المخدرات على الشخص وبصفة خاصة التي تتصل بالنواحي الاجتماعية، وغرس الإيمان في الفرد وتدعيم الذات الأخلاقية لديه حتى لا يقع الفرد فريسة للأزمات النفسية التي تؤدي إلى انحرافات مختلفة منها العدوانية الشديدة واللامبالاة وممارسة ألوان من السلوك الضار بنفسه وبأسرته ومجتمعه وكذلك فقدان المعايير وصراع القيم الفردية مع القيم المجتمعية .

===================

صواريخ إيران تساعد واشنطن ضد موسكو

بقلم :ليونيد ألكسندروفتش

18-7-2010

البيان

كثيراً ما نسمع تساؤلات وجدلا كبيرا حول التصريحات التي تصدر عن المسؤولين الإيرانيين، خاصة عندما يتحدثون عن قوة إيران العسكرية وقدراتها على تدمير أعدائها وسحقهم، خاصة وأن هذه التصريحات غالبا ما ترتبط بإعلانات عن أسلحة حديثة تمتلكها القوات العسكرية الإيرانية، ويصل الأمر مرات عديدة إلى حد التصريح بأن هذه الأسلحة الحديثة هي صناعة إيرانية وبدون أي مساعدة أجنبية.

 

ربما يكون من حق النظام الإيراني، في ظل التهديدات والضغوط التي يواجهها سواء من الغرب وواشنطن أو من إسرائيل، أن يطلق مثل هذه التصريحات بهدف استعراض القوة وإبداء عدم الاهتمام والاستهتار بخصومه، وفي نفس الوقت يبث روح الحماس والوطنية في الشعب الإيراني ويجعله أكثر التفافا وتمسكا به.

 

ولكن هذا الأمر أحيانا يخدم أهداف الولايات المتحدة بينما يضر روسيا ويضعف من موقفها، خاصة عندما يكون الحديث عن الصواريخ، وقد سمعنا مؤخرا تصريحات لقائد القوات البرية في الجيش الإيراني أحمد رضا بوردستان يشير فيها إلى امتلاك القوات البرية الإيرانية أحدث المعدات العسكرية المتطورة والمصنعة محليا وتدريب أفرادها نظريا وعمليا على استخدامها ضد من وصفهم ب»الأعداء الطامعين في أراضي البلاد».

 

ويقول بوردستان في تصريحاته أنه بجهود وإمكانيات المتخصصين في الصناعات الدفاعية فان القوة البرية للجيش الإيراني في الوقت الحاضر مجهزة بأحدث أنواع الصواريخ المصنعة داخل البلاد، ويضيف قائلا »أقول بجرأة وثقة إننا نمتلك قدرة صاروخية عالية باستطاعتها إصابة أي هدف محدد، وأن هامش الخطأ في الصواريخ الإيرانية المتطورة وصلت إلى أدنى حد ممكن، وأن أي معتد سيكون في مرمى الصواريخ الجديدة».

 

مثل هذه التصريحات يصعب على الخبراء العسكريين تصديقها، وبالطبع لا تصدقها واشنطن وإسرائيل اللتان على علم جيد بكافة تفاصيل القوة العسكرية الإيرانية وكل ما لدى إيران من سلاح، ومصادرها في الحصول عليه أو تصنيعه داخل إيران، ولا يشك أحد في أن كل متر مربع في الأراضي الإيرانية مرصود جيدا من خلال الأقمار الصناعية وشبكات التجسس الأمريكية والإسرائيلية المنتشرة في هذه المنطقة.

 

والمحيطة بإيران من كافة الجهات، ولكن رغم هذا نجد واشنطن بالتحديد تعطي اهتماما واضحا لهذه التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين وتضخمها إعلاميا، وذلك بهدف استخدامها لتبرير كافة تصرفاتها ضد إيران أمام المجتمع الدولي، وأيضا لإقناع الأوروبيين بمبرراتها الواهية لنشر منظومات الدفاع الصاروخية وأنظمة باتريوت في أراضي دول أوروبا الشرقية، مثل بولندا وتشيكيا وغيرهما.

 

وتقول واشنطن إنها لا تقصد بها روسيا بل تقصد التهديدات القادمة من إيران، فنحن نسمع منذ أعوام الحديث يدور حول خطط واشنطن لإقامة درع صاروخي في أوروبا، وقيل إن هذا الدرع ضروري لحماية أوروبا من صواريخ إيرانية، والواقع أن هذه الرواية تسقط في أول مواجهة مع حقيقة أن إيران لا تقدر على إنتاج صواريخ حربية تستطيع الوصول إلى أوروبا، وأن كلام القادة العسكريين الإيرانيين في نجاح بلادهم في صنع الصواريخ الجديدة لا يعدو كونه مجرد استعراض ودعاية، فإذا كانت إيران لا تستطيع القيام بأعمال بناء المصافي النفطية لإنتاج البنزين من خلال الاعتماد على الذات فكيف لها أن تبني مصنعا لإنتاج تقنيات معقدة كالصواريخ؟.

 

ومن البديهي والمعروف جيدا للخبراء العسكريين أن الإنتاج الصناعي للصواريخ بكافة أنواعها ومداها أمر مستحيل دون إجراء عدد كبير من التجارب، ولا يمكن لإيران أن تجري تجارب الصواريخ سرا بعيدا عن أعين الآخرين.

 

واشنطن تستخدم التصريحات الإيرانية الصارخة والحادة لتحقيق أهدافها في تثبيت وجودها العسكري في أوروبا واستمرار ربط الأوروبيين بها أمنيا، خاصة وأن الأوروبيين بدأوا مؤخرا يفكرون في التخلي عن الاعتماد على الحماية العسكرية الأمريكية التي تكلفهم كثيرا، ويفكرون في تكوين منظومة أمنية أوروبية مستقلة عن حلف الناتو الذي تديره واشنطن لتحقيق طموحاتها واستراتيجياتها التوسعية بعيدا عن أوروبا.

 

هذا إلى جانب أن واشنطن تخشى كثيرا التقارب الروسي الأوروبي والمشاريع الأمنية المشتركة بينهما، ولهذا تقنع دول أوروبا الشرقية سرا بوجود مخاطر وتهديدات من روسيا حتى يقبلوا استضافة منظوماتها الصاروخية وقواعدها العسكرية على أراضيها حماية لها من أية طموحات روسية مستقبلية، بينما تعلن علنا أن التهديدات تأتي من إيران وليس من روسيا.

هكذا تستفيد واشنطن وتتضرر روسيا من تصريحات وصواريخ إيران.

كاتب روسي

===================

قوافل الحرية بين كسر الحصار وإنهاء الاحتلال

بقلم :جلال عارف

البيان

18-7-2010

لا شك في أن كل محاولة لكسر الحصار الظالم على غزة هي إسهام مطلوب لكشف المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في ظل هذا الحصار، ولتسليط الأضواء على بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وما ارتكبه من جرائم، ولفضح الطبيعة العدوانية والعنصرية للعدو الصهيوني المستعد لقتل الأبرياء لمجرد أنهم فكروا في تقديم الطعام والدواء للمحاصرين.

 

كما حدث مع السفينة التركية «مرمرة» التي مازالت آثار الجريمة التي ارتكبت تجاهها والأرواح التي راحت ضحية فيها، تحاصر إسرائيل، وتنبه ضمير العالم إلى ممارساتها النازية في حق الفلسطينيين والعرب، بل في حق العالم كله.

 

كل محاولة لكسر الحصار تبقي القضية حية، وتعيد تسليط الأضواء على الجريمة الإسرائيلية، وتفتح باباً للأمل أمام المحاصرين، لكن الأمر يقتضي الحذر منا، حتى يظل الهدف واضحاً، وحتى لا يتحول الأمر إلى المظهرية، وحتى لا نترك الجانب الأساسي وهو أن تكون القوافل القادمة لكسر الحصار تعبيراً عن ضمير عالمي ينحاز للحق العربي، ليتحول الأمر  على أيدينا  إلى منافسات بين أنظمة على كسب الأضواء أو كسب النقاط في معاركنا الفلسطينية أو العربية.

 

إن محاولات كسر الحصار كانت ثمرة جهود طويلة لمناضلين فلسطينيين من مختلف الاتجاهات مع ناشطين سياسيين ومفكرين وأنصار لحقوق الإنسان في كل أنحاء العالم، وكانت جزءًا من عمل كبير لوضع القضية الفلسطينية بكل جوانبها السياسية والإنسانية أمام الرأي العام العالمي، وفضح الاحتلال الإسرائيلي وممارساته البشعة والمدانة في كل القوانين الدولية.

 

ولاشك في أن الهمجية التي تعاملت بها إسرائيل مع قافلة الحرية قد أعطت دفعة كبيرة لهذه الحركة التي تستهدف حشد تضامن العالم مع القضية الفلسطينية، وهو ما ينبغي الحفاظ عليه وتطويره، بعيداً عن الصراعات الفلسطينية الداخلية، أو التناقضات العربية، أو المحاولات الصغيرة لتحقيق مكاسب تافهة على حساب القضية الأساسية.

 

إن ما حدث بعد جريمة إسرائيل مع قافلة الحرية حيث اقتيدت السفينة التي قامت بالمحاولة الثانية إلى ميناء أشدود، ثم مع السفينة الثالثة التي أرسلتها ليبيا والتي رست  بعد مفاوضات مطولة  في ميناء العريش المصري، وكذلك ما يمكن أن يحدث في رحلات قادمة تم الإعلان أنه يتم التحضير لها، يضع أمامنا عدة محاذير ينبغي التعامل معها بحكمة ومسؤولية، حتى لا نضيع ما تحقق من مكاسب، وحتى نضمن أن نستمر نحن في حصار إسرائيل أمام العالم، وتنامي تضامن الرأي العام في كل أنحاء العالم مع قضيتنا العادلة.

 

إن علينا أن ندرك أن التضامن العالمي الذي يتجسد في مشاركة النشطاء الأجانب في هذه القوافل يأتي  في معظمه  انطلاقا من الجانب الإنساني للقضية، ومن رفض تجويع شعب بحصار ظالم تدينه كل الشرائح والقوانين الدولية، وهذا جانب مهم لكسب تضامن شعوب العالم معنا.

 

ولكنه ليس الجانب الوحيد ولا ينبغي أن يكون كذلك، فالقضية  أساساً  هي قضية تحرير الأرض واستقلال الوطن، وبالتالي فإن زيادة المساعدات أو السماح بمرور بعض البضائع الممنوعة سواء كانت من الحمص والمايونيز أو حتى الأسمنت والطوب، وهو أمر جيد ومطلوب، ولكنه ليس البديل عن إزالة الاحتلال الذي مازال يحكم غزة ويتحكم في مصيرها، كما يحكم الضفة والقدس العربية.

 

إن محاولات كسر الحصار الظالم على شعبنا العربي الفلسطيني في غزة، لا ينبغي  بأي حال من الأحوال أن تنتهي بالإقرار بحق إسرائيل في فرض هذا الحصار، وهو ما يمكن أن يحدث بتكرار الانصياع لتعليمات إسرائيل بهذا الشأن بدلاً من تحديها.

 

ولا أحد بالطبع يطلب الدخول في معارك غير متكافئة أو تقديم الشهداء بلا ثمن، ولكن الهدف لابد أن يكون واضحاً، وطريق تقديم المساعدات الإنسانية معروف، وطريق تحدي الحصار أيضاً معروف، إن القيمة الأساسية لمثل هذه القوافل تأتي من مشاركة النشطاء والمفكرين والمبدعين والسياسيين الأجانب  لكي يكونوا شهوداً على الجريمة الإسرائيلية  وليس من المفيد أن نحولها لسباقات عربية لن تحقق شيئاً له قيمة.

 

في كل الأحوال علينا أن نحترس من تسليط الأضواء فقط على محاولات كسر الحصار على غزة، بينما المخططات الإسرائيلية تمضي في طريقها لاستكمال الاستيلاء على القدس، ولتوسيع المستعمرات في الضفة، خاصة في ظل الانشقاق الفلسطيني، والسعي الإسرائيلي لتثبيت الانفصال بين غزة والضفة، وبعد تراجع الموقف الأميركي وابتلاع أوباما وإدارته لكل ما قالوه عن إيقاف الاستيطان.

 

نعم، محاولات كسر الحصار عن غزة لابد أن تستمر وبكافة الوسائل، ومأساة شعبنا المحاصر في القطاع ينبغي أن تكون ماثلة على الدوام أمام ضمير العالم، والدعوات لمقاطعة إسرائيل ومحاكمة قادتها كمجرمي حرب لابد أن تتوسع يوما بعد يوم، ولكن رؤيتنا ينبغي أن تكون واضحة أمام أنفسنا وأمام العالم، حتى لا يتعامل مع رفع الحصار على أنه مجرد قضية إنسانية يتم حلها بتوصيل المعونات، وحتى لا يتم التعامل مع غزة بعيداً عما يجري في القدس، وحتى لا تأخذنا الصراعات الصغيرة إلى ما يخدم العدو.

 

نعم، حصار غزة لابد أن يسقط، لكن القضية ينبغي أن تظل قضية احتلال ينبغي أن يرحل، وأرض ينبغي أن تعود، وقدس لابد أن يفك أسره، ووطن اسمه فلسطين ينتظر حقه المشروع في الحرية والاستقلال.

كاتب صحفي مصري

===================

هل نجح تيركل في مهمته؟

بقلم:زئيف سيغال‏

ترجمة

الأحد 18-7-2010م

ترجمة: ليندا سكوتي

الثورة

لو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كان جاداً بتشكيل لجنة للتحقيق في العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي تجاه السفن المتوجهة إلى غزة،

كما يدعي شركاؤه في الحكم، ولم يكن هذا الأمر سوى مجرد عمل استعراضي، فإن اجتماع مجلس الوزراء سيكون فرصة ذهبية له للترويج لتوجهه هذا.‏

خلافاً لما يعتقده الكثير من الإسرائيليين، فإن الأميركيين لديهم الاطلاع والعلم على سائر الأسس القانونية والدستورية المطبقة في البلاد، وهم على دراية وفهم للتباين بين ما يعنيه تشكيل لجنة تحقيق رسمية يُسمى أعضاؤها من قبل رئيس المحكمة العليا، ولجنة التقصي الحكومية التي تُعين من قبل الوزراء. وإن هذين النوعين من اللجان تختلفان عن اللجنة غير الرسمية التي يرأسها يعقوب تيركل التي عهد إليها النظر في حادثة الأسطول المبحر إلى غزة، ذلك لأن لجنة تيركل تفتقر في الواقع إلى التفويض الحقيقي والوضع القانوني والصلاحيات التي تضمن لها القيام بما يلزم من التقصي، ولأن تشكيلها قد جاء من قبل عدد من المستشارين في مجلس الوزراء الذين يترأسهم وزير العدل ياكوف نئمان وجعل مهمتها تقتصر على كشف بعض الأمور الطفيفة دون الغوص في أمور أخرى ذات أهمية كبيرة.‏

إن ما يتعين على رئيس مجلس الوزراء أن يعلمه بأن القيام بتحقيق فعال يتسم بالصدقية سيضع الأساس لاحتمال عدم قيام الولايات المتحدة بدعم تشكيل لجنة دولية للتحقيق، علماً أن الأميركيين قد صرحوا بعدم استبعادهم تأييدها.‏

من الأمور المسلم بها، أن فرص تشكيل لجنة تحقيق رسمية ضعيفة جدا إلا في الحالة التي يطلب بها عدد من الوزراء من رئيس الحكومة تشكيلها، واقتران ذلك بموافقة وزير الدفاع إيهود باراك. وبهذا الشكل فقط، فإن قراراً بتعديل صلاحيات لجنة تيركل بجعلها لجنة تقص حكومية ذات صلاحيات واسعة ستأخذ طابعا قانونيا، وتكون لديها الامكانية الكاملة في إجراء التحقيق، الأمر الذي يشكل أهمية بالغة في عملها.‏

إن إعطاء لجنة التحقيق صلاحية التقصي سيمكنها من البحث والتدقيق للوصول إلى أهدافها، لكن إن بقيت على وضعها الراهن وبقي تفويضها مقتصرا على ما ورد بقرار إنشائها فإنها ستكون لجنة عقيمة وعديمة الفائدة وليس لها من أهمية في الداخل الإسرائيلي أو في العالم اجمع.‏

إن الصلاحيات المحدودة المعطاة لهذه اللجنة ستحول عملها إلى مجرد منتدى يدور به نقاش قانوني حول بعض المواضيع مثل مدى شرعية الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وفقاً لنصوص القانون الدولي، ومشروعية الحصار البحري المقام على مقربة من شواطئ غزة ومدى الالتزام الإسرائيلي بالقانون الدولي، والنظر بالتصرفات التي اتبعها منظموا الأسطول والآلية التي اتبعتها إسرائيل، وإجراءات المراقبة في الحالات التي تنتهك بها القوانين الدولية للحرب.‏

لم تخول لجنة تيركل بالتقصي في الإجراءات التي اتخذت لمجابهة الأسطول الصغير في المستوى السياسي، أو البحث في تصرف كبار المسؤولين العسكريين أمثال قائد سلاح البحرية الإسرائيلية، وإن الاقتصار على التفويض الحالي المعطى للجنة فيما يتعلق بالقوات العسكرية يسمح لها فقط بطلب المعلومات من رئيس هيئة أركان قوات الدفاع الإسرائيلية وتلقيها موجزاً عن التحقيقات العسكرية التي قامت بها رئاسة الأركان، يتنافى مع إجراء تحقيق جدي.‏

لا ريب أن التفويض الحالي المعطى للجنة يعتبر محدودا إذا ما قورن بالتفويض الذي أعطي إلى لجنة التحقيق الحكومية التي ترأسها القاضي المتقاعد إلياهو فينوغراد والتي حددت مهامها بإجراءات التحقيق في إخفاقات حرب لبنان الثانية، وشملت صلاحياتها التحقيق في التحضيرات والإجراءات للحرب في المستويين السياسي والعسكري، لذلك تمكنت من معالجة كل القضايا ذات العلاقة من حيث إدارة الحملة العسكرية أم النواحي المدنية والعسكرية والسياسية. الأمر الذي اتاح لها الإدلاء بآرائها واستنتاجاتها وتقديم التوصيات المناسبة حيال نتائج تلك الحرب.‏

تشكّل لجان التحقيق الرسمية بقرار من مجلس الوزراء، أو تسمى من قبل الوزراء المختصين في موضوع التحقيق، وقد سبق أن شهدنا لجنة تحقيق مشابهة للجنة الحالية وهي لجنة كاهان التي حققت في مجازر مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلا في لبنان التي أكدت بأنه لن يتسنى لها القيام باستكمال التحقيق على أكمل وجه إلا إذا تجاوزت الصلاحيات المعطاة لها. إن القرار الذي شكّل لجنة تيركل قد كبل أيادي القائمين عليها في التصرف، الأمر الذي سيفضي الى عدم توصلها إلى النتائج التي تطمح إليها.‏

إن أي جدل أو نقاش في مجلس الوزراء لن يفضي إلى تمكين اللجنة من النهوض باستحقاقات التقصي، ذلك لأنه دون تفويض واسع وشامل فإن أي جهود ستبذلها اللجنة ستذهب أدراج الرياح. لذلك طالب القاضي تيركل وأكد على ضرورة توسيع صلاحياته في التدقيق لأنه لن يتمكن من إنجاز المهمة الموكلة إليه إن لم يعط التفويض الحقيقي لمعالجة الأمور المنوطة به.‏

===================

أحبولة العملية التفاوضية الجديدة!

المستقبل - الاحد 18 تموز 2010

العدد 3714 - نوافذ - صفحة 9

ماجد كيالي

عند المحلل الإسرائيلي عكيفا ألدار ليس ثمة أمل بنتنياهو، في ما يتعلق بعملية التسوية، فهو يعتبره مجرد كاذب أو متلاعب. ولإثبات ذلك دعا ألدار إلى تسجيل يوم 7 حزيران، الذي "أبلغ فيه رئيس وزراء إسرائيل مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك بأنه إذا ما وافق الفلسطينيون على الحديث معه سيمكن، في غضون سنة واحدة، الوصول معهم إلى اتفاق". وبحسب ألدار "هذه الأقوال المفاجئة يجدر قصّها ولصقها إلى جانب مقطع الصحيفة من 7 تموز 1996، بداية عهد الولاية الأولى لنتنياهو كرئيس للوزراء (قبل 14 سنة بالضبط) حيث أعلن في مقابلة له مع شبكة سي بي إس: "سأفاجئ العالم مثلما فاجأه" ("هآرتس"، 12/7)؛ ولكنه لم يفعل شيئا.

خيبة أمل ألدار، وغيره، لاتقتصر على نتنياهو، فقط، بل هي تطال كل رؤساء حكومات إسرائيل من قادة حزبي العمل وكاديما، إذ بادر شمعون بيريز إلى شن حرب على لبنان (1996)، بدلا من حثّ عملية التسوية. أما ايهود باراك فبحجة الانتقال إلى التفاوض حول القضايا الأساسية (اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والترتيبات الأمنية) تهرّب من استحقاقات التسوية المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، وبالتالي من اتفاق أوسلو، ما أدى إلى زعزعة ثقة الفلسطينيين بالتسوية، وأدّى إلى المواجهات المسلحة، التي اندلعت أواخر عام 2000 (بعيد إخفاق مفاوضات كامب ديفيد 2). وفي عهده قاد ايهود اولمرت، زعيم "كاديما"، عملية الانسحاب الأحادي من غزة، وبعد ذلك، وفي غمرة انخراطه في مفاوضات مع الطرفين الفلسطيني والسوري (عبر وساطة تركية) شنّ حربا مدمرة ضد غزة (أواخر عام 2008)!

وما ينبغي الانتباه إليه أن إسرائيل خاضت، منذ انطلاق عملية التسوية في مدريد (1991)، عديداً من الحروب، ضد لبنان (1996 و2006)، وضد الفلسطينيين (2002 و2003 و20082009)، من دون أن تعلن انفكاكها من هذه العملية، بل على العكس من ذلك فإنها كانت تشن هذه الحروب بدعوى فرض التسوية، أو بدعوى إقناع الأطراف العرب بها، كما بعدم جدوى معاداة إسرائيل أو استهدافها.. على الرغم من أنها كانت تعمل واقعاً على تقويض هذه التسوية، أو إفراغها من مضمونها، لاسيما بالنسبة للفلسطينيين.

مؤخرا، وعندما ذهب نتنياهو إلى واشنطن، طرح على الرئيس الأميركي باراك اوباما الانتقال من المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين (التي يديرها جورج ميتشيل) إلى المفاوضات المباشرة، بدعوى حرصه على التقدم في هذا المسار! لكن مع هذه الدعوة تذرّع نتنياهو بأن انجاز التسوية مع الفلسطينيين (حتى بالمعايير الإسرائيلية المجحفة) يتطلب أيضا تعزيز العلاقة الأميركية  الإسرائيلية، ولجم نفوذ إيران في الشرق الأوسط (وضمن ذلك استهداف مشروعها النووي)، والأخذ بعين الاعتبار أمن إسرائيل، وانتهاجها سياسة الغموض النووي. وعلى الصعيد الداخلي فإن نتنياهو أكد في "مفاوضاته" مع اوباما، على خصوصية وضع القدس (البلدة القديمة)، وأهمية ضم اكبر قدر من الكتل الاستيطانية في الضفة لإسرائيل، وعدم الضغط باقتراحات تهدد ائتلافه الحكومي، والاعتراف بطابع إسرائيل كدولة يهودية.

هكذا، فإذا كانت تسوية تتعلق بإنهاء احتلال الضفة تتطلب كل هذه القائمة من المطالب والشروط، فعن أية تسوية يتحدث نتنياهو؟ ومتى ستحدث؟ وبأي ثمن؟

وللعلم فإن حجج نتنياهو في عهده الأول (19961999) كانت مختلفة، فحينها تذرّع ب"الأمن" أولا، حتى بات لقبه "السيد أمن"، وأيضا بحجة "التبادلية"، بمعنى أن الفلسطينيين يأخذون مقابل ما يعطون (وقف المقاومة ومراجعة مواقفهم)! وكما هو معلوم لم يكن وقتها ثمة برنامج نووي إيراني، ولم يكن ثمة توتر في العلاقة مع الولايات المتحدة، ولم يكن حزب الله في لبنان بهذه القوة، وفي فلسطين لم تكن حماس في السلطة بعد، وبرغم كل ذلك لم يذهب نتنياهو إلى التسوية.

في هذا الإطار، أيضا، كنا سمعنا عن حجج إسرائيلية مختلفة، تؤدي كلها إلى الغرض ذاته، وهو التهرب من عملية التسوية. فمرة يتم التحجج بضرورة "بناء الثقة"، والتدرّجية، علما أن معنى الثقة هنا هو ثقة الإسرائيليين بالفلسطينيين (أي ثقة المستعمِر بالمستعمَر!)، والتدرج في إنهاء الاحتلال! وفي مرحلة أخرى سمعنا بضرورة التحول من المفاوضات الانتقالية إلى المفاوضات حول قضايا الحل النهائي (عهد باراك). أما في عهد شارون (من موقعه كزعيم لليكود حينها) فسمعنا عن مقولة "عدم وجود شريك فلسطيني للسلام"! وهي المقولة التي سمحت لشارون بإدارة الظهر لعملية المفاوضات، وقضم كل "المنجزات" التي حققها الفلسطينيون (وفق اتفاق أوسلو 19932000)، ومعاودة احتلال مناطق الضفة التي كانت تخضع للإدارة الكاملة للسلطة. ثم تفتقت قريحته عن الانسحاب الأحادي من غزة، بحيث تحول القطاع، في ظل خلفه ايهود اولمرت، إلى سجن كبير لمليون ونصف من الفلسطينيين (قبل فوز "حماس" بالانتخابات)، مع الإبقاء على سيطرة إسرائيل في الضفة الغربية، التي باتت مقطعة الأوصال، بالمستوطنات العشوائية والكتل الاستيطانية وبالطرق الالتفافية وبمئات الحواجز العسكرية.

وبالمحصلة فإن سيناريو التلاعب والتملص وفرض الوقائع، الذي انتهجته كل الحكومات الإسرائيلية (كما قدمنا)، أدى إلى تنامي عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية (ضمنها القدس)، من 200 ألف مستوطن (1993) إلى 500 ألف مستوطن! مثلما أدى إلى تعزيز سيطرة إسرائيل على كل صغيرة وكبيرة في الأراضي المحتلة، وعلى حياة الفلسطينيين، حتى أكثر بكثير مما كانت عليه قبل اتفاق أوسلو.

الآن، لدى نتنياهو خطط أخرى، غير "الأمن"، وقد تحقق (في الضفة وغزة)، وغير "التبادلية"، وقد ارتد عنها بعدما وصل إليه الدور (وفق "خريطة الطريق")، لجهة رفضه وقف الاستيطان. خطط نتنياهو اليوم للتهرب من استحقاقات التسوية الفلسطينية، في إطار المفاوضات المباشرة، تأتي تحت عناوين من مثل: "دولة فلسطينية بحدود مؤقتة"، و"سلام اقتصادي"، و"بناء الدولة الفلسطينية من تحت".

===================

الاتحاد لأوروبي.. تحديات الإصلاح وإكراهات أميركا

ويليام فاف (كاتب ومحلل سياسي)

 «تريبيون ميديا سيرفيسز»

الرأي الاردنية

18-7-2010

اختتمت في إيطاليا، الأسبوع الماضي، أعمال أحدث اجتماع ضمن سلسلة من الاجتماعات التي تبحث سبل إصلاح طريقة عمل الاتحاد الأوروبي، تحت رعاية «معهد لوكسمبورج للدراسات الأوروبية والدولية»، والذي احتضنه القصر الرائع المرمم لعالم الاقتصاد الكندي الحائز على جائزة نوبل روبرت ماندل. الاجتماع الذي عرف مشاركة نحو أربعين محللا أكاديمياً من الاتحاد الأوروبي ومراقبين غير أكاديميين خلال الأزمة الحالية التي تلم بالاقتصاد العالمي، كان طبيعياً أن يجعل من المشاكل الاقتصادية والمالية أحد مواضيعه الرئيسية. لكن القيود السياسية الجماعية للاتحاد الأوروبي أقحمت نفسها في المناقشات، مثلما يحدث دائماً بالنظر للتوترات الوطنية والمؤسساتية داخل الاتحاد، والذي بات يضم اليوم 27 دولة، واستمرار الخلاف بين الحكومات الأعضاء في الاتحاد حول التعاطي مع التزامات واشنطن والنوايا السياسية بخصوص المشاكل الأمنية والسياسية الرئيسية في العالم.

وكان من الطبيعي أن يجد أميركي هذا الاجتماعَ مثيراً للاهتمام؛ لأنه يطرح سؤال الطبيعة الأساسية لأوروبا والوضع الحالي لعلاقتها مع واشنطن.

ويذكر هنا أن دعوة كيسنجر المستمرة لأن تخصص أوروبا لنفسها رقماً هاتفياً موحداً قد تمت الإجابة عنها اليوم ب27 رقماً هاتفياً ينبغي الاتصال بها، ولكل واحد منها مفتاح البلد الخاص به. غير أن الممثلة العليا الجديدة للعلاقات الخارجية، كاثرين آشتون، قالت في مقابلة أجريت معها مؤخراً إن التقدم الذي تم إحرازه منذ اتفاقية لشبونة، التي أصبحت سارية المفعول في ديسمبر الماضي، يكمن في حقيقة أنه ما على واشنطن اليوم إلا أن تتصل برقم مكتبها، حيث سيرد مجيب آلي: «اضغط على الرقم واحد لسياسة بريطانيا، اضغط على الرقم اثنين لسياسة ألمانيا، اضغط على الرقم ثلاثة...». وباختصار، مازال هناك غياب لسياسة أمنية وخارجية أوروبية بالمعنى الحقيقي، ما يعني أنه ليس ثمة تعريف متفق عليه للمصالح والأهداف المشتركة.

والواقع أن ثمة سياسات للاتحاد الأوروبي بخصوص «الأمن والدفاع المشترك». ففي مطبوعة نشرت مؤخرا ل»معهد الدراسات الأمنية» التابع للاتحاد الأوروبي تحت عنوان «سياسة الأمن والدفاع الأوروبي: السنوات العشر الأولى»، تم تعداد 23 مهمة للاتحاد الأوروبي في هذا الإطار خلال العقد الأول، تم وصفها وتحليلها بإسهاب.

 وقد يفاجأ عددُ المهمات المراقبين العاديين للاتحاد الأوروبي. فالمهمة الأولى كانت في البوسنة والهرسك، وكانت التالية في مقدونيا، والتالية في الكونجو. وفي آتشي بإندونيسيا، ثم مولدافيا، وأوكرانيا؛ وفي العراق، وفلسطين، وتشاد... وغيرها.

غير أن هذه المهمات لم تكن مهمات «أمن ودفاع» تماماً، وإنما عمليات لحفظ السلام، وهو المجال الذي استطاع فيه الاتحاد الأوروبي العمل بفعالية، حيث طبق تجربته في مجال التنمية المدنية وبناء الأمم داخل الدول الأعضاء الأحدث ضمن الاتحاد نفسه، واستعمل المورد الذي يميز بعض البلدان الأوروبية والمتمثل في مؤسسات الشرطة شبه العسكرية التقليدية، والتي لديها خبرة طويلة في ممارسة العمليات الشرطية والتدريب عليها. لكن هذه العمليات لم تكن أمنية مستقلة للاتحاد الأوروبي؛ حيث تم القيام بها جميعها في إطار مهمات دولية أكبر لحفظ السلام شاركت فيها مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة، و»الناتو».. إلخ.

والحال أن ذلك ليس هو ما كان يدور في ذهن بريطانيا وفرنسا في 1998 عندما أطلقتا اتفاقية التعاون العسكري، «مبادرة سانت مالو»، التي شكلت أساس التعاون الأمني والعسكري للاتحاد الأوروبي؛ حيث اقترحتا قيادة عسكرية أوروبية إلى جانب قوات من الجيوش الأوروبية تستطيع الرد بشكل سريع على حالات الطوارئ العسكرية وغيرها من الاحتياجات.

بيد أن إنفاق وحجم القوات العسكرية الأميركية، والذي يفوق بكثير المنافسين، هما عاملان مضللان، وذلك على اعتبار أن الولايات المتحدة تخوض سباقاً مع نفسها. فبانتهاء الحرب الباردة، لم تعد الولايات المتحدة تواجه أي تحد حول الزعامة. ولئن كان مستوى إنفاق الدول الأوروبية الكبرى على الدفاع من حيث نسبة الناتج الوطني الإجمالي أقل بكثير مقارنة مع الولايات المتحدة، فإن الناتج الوطني الإجمالي المشترك للاتحاد الأوروبي هو أكبر مقارنة مع الولايات المتحدة. والفرق يكمن في أن دول الاتحاد الأوروبي لا تخوض حروباً بتريليونات الدولارات، مثلما أنها غير مهتمة بالقيام بذلك عدا المساهمة المترددة والآخذة في التقلص.

لقد اختار الاتحاد الأوروبي عن وعي ألا يتحدى الولايات المتحدة كقوة عظمى، عسكرية وسياسية، وهو أمر يرضي جل الأعضاء ويوفر على أوروبا قدراً كبيراً من المال. كما أنه يتوخى موقفاً حذراً لأنه لا أحد يعرف ما قد تفعله الولايات المتحدة في حال لعب الأوروبيون دوراً يتحدى التفوق الأميركي. غير أنه أيضاً يركب مخاطرة لأن الولايات المتحدة تعيش حالياً فترة توتر وخلل سياسي داخلي، إضافة إلى ما يجب وصفه بصعود الطبقة العسكرية.

 ومن المعلوم أن السياسة الوطنية للولايات المتحدة ترسمها إلى حد كبير البنتاجون، ومما يوضح ذلك مثال «الزيادة» في عديد القوات في أفغانستان. غير أن ثمة أسباباً عديدة لتوقع «خسارة» الحرب في أفغانستان، وإمكانية سقوط العراق في دوامة العنف مجدداً. واللافت أن كل هذا يتم إغفاله في دوائر الاتحاد الأوروبي -علناً على الأقل- لكنني كثيرا ما أتساءل: كم من الأوروبيين يعتقدون خلاف ذلك سراً.

===================

مفتاح لفهم السياسة الأميركية

د. اسعد عبدالرحمن

الرأي الاردنية

18-7-2010

كي نفهم (وعند البعض: كي نتفهم) سياسة الرئيس الأميركي (باراك اوباما) في العالم، وفي منطقتنا، وبالذات قمته الأخيرة مع (بنيامين نتنياهو) علينا أن نفهم العقلية السياسية البراغماتية الأميركية التي تنظر إلى العالم من خلال مركزية الذات الأميركية (المصلحة الأميركية فوق كل المصالح)، مع اعتماد أسلوب المساومة في حل النزاعات وبالذات تلك غير القابلة للحلول الجذرية. ويتجلى هذا الأسلوب من خلال الطروحات الأميركية في المفاوضات غير المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية ومسألة الاستعمار/ «الاستيطان»، حيث تبدو تلك السياسة – في نظر غير الراضين عن طبيعتها «العملية» – وكأنها تحلق فوق الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، الأمر الذي يعكس المفاهيم السياسية الأميركية القائمة على المساومة، ونهج الاقناع وربما الضغط غير المباشر بدلا من الضغط المباشر، وذلك كله في ظل موقفها، غير المتصادم مع قوى اللوبي الصهيوني القوي، الأمر الذي خلق حالة من «الدعم التاريخي» لإسرائيل. لذا، فالسياسة الأميركية - المحكومة بعناصر الضغط الداخلية والتي عرف الصهاينة واليهود كيف يستغلونها في آلية التعامل مع قضايا المنطقة – تتبع آلية تجزئة القضايا وتعليق الحلول الشاملة والجذرية واعتماد سياسة التسليف/ المساومة، باعتبارها طريقة لإدارة الأزمة بانتظار اللحظة التاريخية المناسبة لحل الصراعات والنزاعات.

 

صناع القرار الأميركيون يؤمنون – في معظم الحالات – بكون المقاربة البراغماتية هي المقاربة الأفضل لخدمة مصالح الولايات المتحدة. وكلنا يذكر عملية الخروج على هذه المقاربة من خلال السياسة التي أعلنتها إدارة الرئيس السابق (جورج بوش) على أساس «الفوضى البناءة» او «الخلاقة», حتى ولو ادى ذلك الى سقوط أنظمة في المنطقة تعاونت معها لسنوات طويلة, ذلك أن المصلحة الأميركية هي التي تحدد طبيعة سقف العلاقات.

 

الراضون وغير الراضين عن السياسة الأميركية ينتظرون الآن انقضاء الشهرين القادمين حتى تتبين مدى نجاعة سياسة المساومة الأميركية مع الدولة الصهيونية. ففي أيلول/ سبتمبر القادم ستنتهي المحادثات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل و»القرار المؤقت»، بل والمزعوم، الذي اتخذته بوقف بناء بؤر «استيطانية» جديدة في مستعمرات الضفة الغربية، خاصة وأن الجميع يرى حجم التهديد الذي تشكله حماقات ومقارفات إسرائيل على المصالح الاميركية في المنطقة، مع تزايد شعور الإدارة الأميركية بعبثية محاولات إسرائيل تحقيق تقدم على مستوى التسوية وعموم الوضع في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن الاهانات الإسرائيلية الموجهة للمسؤولين الأميركيين تباعا خاصة في مسألة بناء «المستوطنات» في القدس المحتلة والضفة.

 

مثال آخر أشد وضوحا هو الموقف الأميركي من الحصار على قطاع غزة. فكما أفادت صحيفة (نيويورك تايمز) «فان الرئيس باراك أوباما يعتبر الحصار المفروض على القطاع حالا لا يمكن الدفاع عنه، ويعتزم الإلحاح على اعتماد مقاربة مغايرة تضمن من جهة أمن اسرائيل، وتتيح من جهة أخرى نقل مزيد من المساعدات الى القطاع في محاولة لامتصاص التوجهات الدولية» (المطالبة برفع الحصار كليا عن القطاع). بمعنى آخر، تحاول الإدارة الأميركية، في هذه المرحلة الحرجة، «تسليف» إسرائيل من خلال تخفيف الغضب العالمي عنها وتحويل التوجهات العالمية باتجاهات مغايرة للرغبة المتعاظمة الداعية الى رفع الحصار كليا، مع إبقاء الحصار لكن بشكل جزئي ينسف الواقع الموغل في الظلم لكنه «يضمن» «عدم توريد المستوردات التي يمكن استخدامها للأغراض العسكرية»، شريطة تأمين المستلزمات الحياتية للشعب الفلسطيني في القطاع!

 

للجميع مصالح، وهذا أساس التعامل بين الدول، لكن مع استمرار سياسة التسليف/ المساومة الأميركية وتزايد الوعي العالمي – والأميركي جزء منه – واتساع العزلة الاسرائيلية، هل يبقى اصرار إدارة (أوباما) على حل الصراع العربي - الإسرائيلي كبؤرة للتوتر تحول دون الاستقرار في عموم المنطقة إصرارا صامدا؟ في هذا السياق، كثيرة هي الكتابات الإسرائيلية المطلعة التي تقرر، أنه منذ توليه المسؤولية في «البيت الابيض»، ورغم أنه لم تحدث على أرض الواقع تغيرات كبيرة تجاه القضية الفلسطينية، ترجح هذه الكتابات أن (اوباما) حريص على استمرار المثابرة الحازمة من قبل ادارته في طرح المواقف الواضحة تجاه تعنت إسرائيل الرافضة التجاوب مع طلب الولايات المتحدة لإيجاد حل للصراع أقلها بوقف بناء «المستوطنات»، ونهايتها بتنفيذ «حل الدولتين» كما قالت به الإدارات الأميركية الأحدث سواء كانت «جمهورية» أو «ديموقراطية»!

===================

اولوية تطوير مؤشرات الإنذار المبكر للأزمات الاقتصادية والعمل بها

أ.د. فؤاد حمدي بسيسو

الدستور

18-7-2010

ضمن مسار الحكمة المنادية بتحويل الأزمة الاقتصادية العالمية إلى فرصة تعيد بناء قاعدة التنمية المستدامة في الدول النامية ومن ضمنها الأردن ، فإننا نعتقد أن موضوع مؤشرات الإنذار المبكر للأزمات كقاعدة انطلاق لسرعة التفاعل مع متطلبات الأزمات لدى بروز ملامحها في الأفق ، تمثل إحدى المحددات الرئيسية لإدارة الأزمات المالية الفعالة ، خاصة لكون هذا الموضوع واجه إخفاقا على المستوى الدولي فيما يتعلق بالأزمة الدولية الراهنة لما سجله من إخفاقات رصدتها وحدات التقييم الذاتي لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، كما لم تتعامل الجهات المختصة في مع مؤشرات الإنذار المبكر للأزمة المزدوجة (المالية والاقتصادية ) التي شهدها الأردن خلال الفترة 1988 - 1992 والتي شهدت انهيار الاحتياطي من العملات الأجنبية ، ومن ثم في قيمة الدينار الأردني وتراجع مختلف مؤشرات الاقتصاد الوطني ، على الرغم من توفر العديد من مؤشرات ميل منحنى النمو الاقتصادي نحو التراجع والركود ، حيث اتسم التعامل الرسمي في حينه ببرود أدى إلى تفاقم الأزمة وتعمقها ، ودفع الأردن في حينه كما دفع العالم في المرحلة الراهنة ولازال ثمنا باهظا لعدم الالتفات لمؤشرات الخطر أو عدم القدرة على التعامل مع ماوصلت إليه مؤشرات الإنذار المبكر من تطوير .

 

تستنفر هذه الحقائق الصارخة الهمم الموجهة لضمان الفاعلية في إدارة الأزمات بشكل عام والاستفادة من الأزمة الحالية بتحويلها إلى فرصة لإعادة بناء بيت الاقتصاد الدولي والبيت الاقتصادي الأردني بشكل خاص ، وعلى الرغم مما كتب حول هذا الموضوع فلا زالت هناك فجوه كبرى على المستويين الدولي والأردني تجاه الجهود المطلوبة لبناء القاعدة الفعالة للتعامل مع الأزمات .

 

لذلك فإننا نشير فيما يلي إلى الجوانب الأساسية المتعلقة بمفهوم الإنذار المبكر للأزمات ثم إلى أهم هذه المؤشرات على مستوى الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى هذه المؤشرات على المستوى الجزئي (مؤسسات قطاع الأعمال الخاص ).

 

نظام الإنذار المبكر عبارة عن القدرة على استيعاب الإشارات المتعلقة باحتمال حدوث الأزمات وذلك بالنسبة للاقتصاد الكلي مما يمكن من اتخاذ كافة التدابير لتجنبها ، و تقوم العملية على رصد و تسجيل الإشارات التي تنبئ عن قرب حدوث أزمة. و بالنسبة للمؤشرات المتعلقة بالمؤسسات الخاصة ينبغي أن تتمتع الإدارة التنفيذية العليا في المؤسسة المالية بالقدرة على التعرف على إشارات الإنذار المبكر للأزمات وبشكل دقيق ، ويقتضي ذلك تقييم المؤسسات لقدرتها على اكتشاف إشارات الإنذار المبكر واستكمال الأنظمة المتعلقة بذلك ، بالإضافة إلى امتلاك أدوات التحليل و التنبؤ بالأزمات من أجل تجنب وقوعها أو التخفيف من حدة آثارها لدى وقوعها.

 

تتصل مؤشرات الإنذار المبكر بالفروع الرئيسية الثلاثة لأنشطة الحكومة و القطاع المالي والقطاع العائلي والشركات ، مع الأخذ في الاعتبار احتمال انتشار الأزمة من قطاع إلى آخر ، فعلى سبيل المثال ، فإن حدوث عجز في المالية العامة قد يؤدي إلى اندفاع حول الطلب على الصرف الأجنبي ، وكذلك خلق أزمة ثقة تجاه البنوك التي تمتلك أدوات الدين العام ، بما يؤدي إلى إطلاق أزمة مصرفية.

 

يستخدم صندوق النقد الدولي المؤشرات التالية في رصده للأزمات

 

المؤشرات المتعلقة بالدين العام الداخلي والخارجي ، بما في ذلك تواريخ استحقاق المحافظ المالية و تواريخ السداد ، حساسية أسعار الفائدة ، و مكونات محفظة العملات الأجنبية. ومؤشر قياس نسبة الدين الخارجي إلى الصادرات والناتج المحلي الإجمالي تعتبر هامة حول طاقة البلد على الاقتراض والسداد. ونظراً لكون الدين العام هاماً فإن نسبة الدين إلى الدخل الضريبي تعتبر هامة لقياس القدرة على السداد تستحق هذه المؤشرات المتابعة والتقييم الجدي من قبل وزارة المالية والبنك المركزي الأردني في المرحلة الراهنة من عمر الأزمة العالمية.

 

ملاءة الاحتياطي التي تعتبر هامة لتعزيز قدرة البلد على تفادي الأزمات المتعلقة بالسيولة ( خاصة ما يتعلق بنسبة الاحتياطي إلى الديون قصيرة الأجل ، وتجدر الإشارة الى أن قيمة الاحتياطي من العملات الأجنبية والذي اتسم بسلامة مستواه واستمرارية نموه ساهم في امتصاص احتمالات تعميق انعكاسات الأزمة على الاقتصاد الأردني .

 

سلامة النظام المالي وتستخدم مؤشرات سلامة النظام المالي لتحديد قوة أو ضعف القطاع المالي ، و تتضمن ملاءة رأس المال للمؤسسات ، نوعية الأصول والمراكز خارج الميزانية والأريحية والسيولة ومدى تطور الديون ، وتساعد هذه المؤشرات في تحديد حساسية القطاع المالي لمخاطر السوق. بما فيها تطورات أسعار الفائدة و الصرف الأجنبي .

 

مؤشرات قطاع الشركات

 

تعتمد تحديد انعكاسات التطورات في أسعار الفائدة وأسعار الصرف الأجنبي على بنود ميزانية الشركات المتعلقة بالرفع المالي والأريحية والتدفقات النقدية والهيكل المالي نظراً لأهميتها.

 

ويمكن بناء الإطار المؤسسي المتعلق بالتعامل مع الأزمات وفق ما يلي :

 

لتحقيق أهداف نظام الإنذار المبكر للأزمات ينبغي التأكد من توفر مجموعة من المعلومات المتعلقة بتميزها بالشمول وما يقتضيه ذلك من دراسة وتحليل جميع أنشطة المؤسسة وتشابكاتها وتكاملها مع العمليات الأخرى المتعلقة بإدارة الأزمات والعمليات الإدارية المختصة بشؤون التخطيط و التنظيم و الرقابة وتقييم الأداء و الحوافز ، بالإضافة لاشتمال أنظمة الإنذار المبكر على معايير ومؤشرات قياس الإشارات المتعلقة بالأزمات ، ووضوح طرق القياس للمسؤولين المختصين بنظم الإنذار المبكر و التدريب عليها و متابعة تطوير نظم الإنذار المبكر لتتلاءم مع التطورات التي تحدث للمنظمة و البيئة المحيطة بها. كذلك توفير قاعدة معلومات و اتصالات ذات كفاءة و فاعلية لتحليل الإشارات وتفسيرها بالشكل الصحيح والاستجابة الفورية لمتطلباتها.

 

وفيما يتعلق بمؤشرات الإنذار المبكر لأزمات القطاع الخاص هناك العديد من المؤشرات التي يستدعي توفرها تقييم الموقف المتعلق باحتمالية حدوث الأزمات و هي كما يلي :

 

الارتفاع غير الحقيقي في أسعار الأسهم و الذي يؤدي إلى آثار سلبية في المدى المتوسط و طويل الأجل وكذلك الارتفاع أو الانخفاض الحاد في أسعار الأوراق المالية بسبب الإشاعات المفرطة.

 

الحروب و التغيرات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية في دولة معينة التي يكون لها تأثير على أنشطة أسواق رأس المال فيها.

 

التطورات غير الايجابية في سعر الفائدة و سعر الصرف و المضاربات و تدهور أسعار العملة الوطنية و مستوى التضخم و حدوث الدورات الاقتصادية من ركود و كساد و غيرها من عوامل التدهور الاقتصادي.

 

ضعف القطاع المصرفي و مواجهته لمشكلة السيولة.

 

تفاقم العجز في الميزان التجاري و ميزان المدفوعات و تصاعد أزمة الديون و استنزاف احتياطي العملات الأجنبية .

 

انتشار الفساد و الأخطاء الفادحة في السياسات الاقتصادية و المالية و النقدية .

 

تعرض الشركات المدرجة أوراقها المالية في السوق المالي لأزمات و اضطرابات تؤثر على أسعارها في السوق المالي . المحلية والحصول على مساعدات فنية و مالية من المؤسسات الدولية لمعالجة الأزمة .

 

تجدر الإشارة إلى أن مؤشرات الإنذار المبكر وتطويرها هي عملية تخضع لمتابعة مستمرة من قبل مؤسسات النظام المالي الدولي ، خاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التسويات الدولي و منتدى الاستقرار المالي للخروج بإطار جديد لنظام الإنذار المبكر والاهتمام برسم سيناريو التطورات في الاقتصاد الكلي والقطاع المالي على المستوى الدولي ورصد آثار انتقال التداعيات عبر الدول.

 

خلاصة القول إننا ندعو إلى متابعة حثيثة لاستكمال الإطار المؤسسي لمؤشرات الإنذار المبكر للأزمات (القاعدة الإحصائية والتحليلية والتأهيلية ) والذي يلعب دورا هاما في رصد ومتابعة تطورات الأزمة العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني ومتابعة التنسيق في ذلك مع مؤسسات النظام المالي الدولي . وإقامة أنظمة اتصال مع المؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة بالتعامل مع موضوع الأزمات(صندوق النقد العربي ، صناديق التنمية العربية ، مؤسسات الضمان ، البنك الإسلامي للتنمية ، ومؤسسات التصنيف ومواجهة الأخطار ، صندوق النقد الدولي ، البنك الدولي ، ويستهدف نظام الاتصالات هذا الاستفادة من تقييماتها للأزمة العالمية والتشاور معها في الأزمة المحلية والحصول على مساعدات فنية و مالية من المؤسسات الدولية لمعالجة الأزمة) . وهي مهمة تقع المسؤولية الرئيسية حولها على كل من البنك المركزي ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد الوطني وغرف التجارة والصناعة . وكذلك مختلف مؤسسات قطاع الأعمال الخاص ضمن استراتيجيات مواجهة الأخطار الاقتصادية والمالية والمصرفية.

===================

العلاقات الأميركية  الروسية

ديفيد إغناتيوس

الشرق الاوسط

18-7-2010

جاءتنا الشهر الحالي تذكرة من إرث الجاسوسية الذي يعود إلى فترة الحرب الباردة، ولا يزال يخيم على العلاقات الروسية الأميركية مثل عباءة رمادية غامضة. ولكن، في مصادفة غريبة، رأينا بعض الأدلة الدرامية التي تشير إلى عملية «إعادة ضبط» استراتيجية للعلاقات الأميركية الروسية، وتحولها من عداوة لا سبيل إلى تهدئتها إلى شراكة تتم، على الأقل، من حين لآخر. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو المسار الواقعي، في الوقت الذي تتحدث فيه الدولتان عن العمل معا على الرغم من استمرار الجواسيس التابعين لهما في البحث عن الأسرار؟

لننظر أولا إلى اتفاق تبادل الجواسيس، الذي جاء عقب عملية إلقاء القبض على 12 روسيا «غير قانوني» في أميركا. لم يحظ الروسيون الأربعة الذين خرجوا من موسكو في هذه المقايضة باهتمام كبير، وأقدّر أن الأعين كانت متجهة إلى الجاسوسة الجذابة آنا تشابمان. ولكن قيل لي إن اثنين من هؤلاء الروسيين من بين أهم «الأعين» التي قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بزرعها في خدمة الاستخبارات الروسية.

ويقول مسؤولون أميركيون إن ألكسندر زابورويسكي وغينادي فاسيلنكو هما أول من ساعد على تحديد هوية جاسوسين مهمين عملا لصالح روسيا في قلب الاستخبارات الأميركية؛ آلدريتش أيمز داخل وكالة الاستخبارات المركزية، وروبرت هانسن في مكتب التحقيقات الفيدرالي. ويشار إلى أن التقارير التي أعلن عنها بخصوص طريقة إلقاء القبض على أيمز وهانسن، وتظهر في لائحة الاتهام، وعلى الموقع الإلكتروني لمكتب التحقيقات الفيدرالي، عبارة عن قصص مختلقة بصورة جزئية. وتؤكد الروايات الرسمية على جهد حثيث من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي عبر التحقيق مع هانسن، وما يصفه موقع مكتب التحقيقات بأنه «عملية المراقبة الإلكترونية والمادية لأيمز، عبر تحقيق استغرق عشرة أشهر» أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقد كان هذا الجهد الاستخباراتي ضروريا بالتأكيد في وضع الأساس لدعاوى قانونية ضد أيمز وهانسن يمكن رفعها إلى المحكمة.

ولكن جاءت الاختراقات الحقيقية من عمليات سرية خطيرة داخل مركز موسكو، قام بها زابورويسكي وفاسيلنكو. وذكر لي الكثير من المصادر أنهما تمكنا من الوصول إلى أكثر الملفات حساسية، المرتبطة بأيمز وهانسن، وربما الأسرار المحاطة بأكبر قدر من الحراسة داخل «كي جي بي»، لدرجة أن أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية كان قادرا على تحديد بصمات أصابع هانسن على مراسلة كان قد أرسلها إلى مسؤولين داخل «كي جي بي». وهذه هي الطريقة التي تمكنت من خلالها وكالة الاستخبارات المركزية من إجباره على الحديث عن أسرار.

لقد سمعت عن إشارة إلى هذه العملية لأول مرة قبل عدة أعوام، ولكن كانت المعلومات غير قابلة للنشر حينها. وسألت مسؤولين أميركيين الأسبوع الحالي: هل رُفع الحظر حاليا بعد وصول أعين وكالة الاستخبارات المركزية بأمان إلى أميركا؟ وردوا بالإيجاب.

ويعرف الروسيون بالفعل التفاصيل؛ لقد ألقوا القبض على زابورويسكي، وهو كولونيل سابق في «كي جي بي» عام 2001، بعد إغرائه بالعودة إلى موسكو من الولايات المتحدة، حيث كان قد تقاعد. وألقي القبض على فاسيلنكو، وهو ميجور سابق في «كي جي بي»، لوقت قصير عام 1988. وبعد ذلك مرة أخرى عام 2005، وحينها صدر في حقه حكم بالسجن. وهذا هو قالب الاستخبارات القديم في مقابل إطار استخباراتي للعلاقات الروسية الأميركية، وقد كان قالب الاستخبارات القديم مادة ثرية للكثير من القصص عن الجاسوسية.

وجاء الشكل الجديد (وعليك أن تقرر هل كان مخلصا) في خطاب يوم الاثنين داخل موسكو، ألقاه الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف أمام مؤتمر للسفراء الروسيين. ويرتقي إلى كونه تصديقا شاملا من الكرملين على عملية إعادة ضبط العلاقات، التي تحاول إدارة أوباما الوصول إليها مع موسكو.

وبالتحديد، سمَّى ميدفيديف الولايات المتحدة كنموذج ل«تحالفات تحديث، خاصة مع شركائنا الدوليين الرئيسيين». وتحدث عن التعاون في الإصلاح المالي والسياسي والتقنية والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب. وقال إنه بعد زيارة مواقع عالية التقنية داخل أميركا، شاهد «أجندة إيجابية جدا» و«مستقبلا محتملا للتعاون بيننا». وربما الشيء الأكثر أهمية أن ميدفيديف انتقد إيران بلهجة صريحة غير معتادة، وقال: «من الواضح أن إيران تقترب من امتلاك قدرات يمكن أن تستخدم مبدئيا في تصنيع أسلحة نووية». وقال بحدة: «يتصرف الجانب الإيراني بصورة بعيدة كل البعد عن الصورة الصحيحة».

وتؤكد إدارة أوباما أن لغة ميدفيديف عن الاستيعاب ليست شيئا عرضيا، ولكن ثمرة دبلوماسية متساوقة وحريصة. وقد قابل الرئيس أوباما الرئيس الروسي ثماني مرات، وتحدث إليه عبر الهاتف تسع مرات. وقد كانت رسالة أوباما الدائمة أنه يريد شراكة جديدة. ومن أجل الوصول إلى ذلك، كان مستعدا إلى استيعاب وجهات نظر موسكو جزئيا فيما يتعلق بمنظومة الدفاع الصاروخية التي تنظر إليها روسيا على أنها تهديد.

والخيار بالنسبة لروسيا وأميركا حاليا يتمثل في الوصول إلى طريقة لاستخدام هذه الشراكة الناشئة. وإذا كان أوباما يتحلى بالجرأة، فسيساعد روسيا على أن تصبح دولة حديثة على الحقيقة، دولة لا يشعر فيها الصحافيون بالتهديد بسبب تحدي مصالح السلطة، ولا تستخدم فيها الطاقة كسلاح اقتصادي، وتُعتبر فيها البلطجة على الجيران أثرا من الماضي. وسيكون هذا النوع من التحالف الحقيقي مريعا لرواة الجاسوسية، فمَن سيقرأ رواية عن عملاء روسيين وأميركيين متعاونين؟ ومع ذلك، سيكون ذلك شيئا جيدا لصالح البلدين وللعالم كله.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ