ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عرفات حجازي الدستور 25-7-2010 كشفت إسرائيل عن ورقتها الأخيرة في تصفية
القضية الفلسطينية والغاء
قدسية القدس وتهويدها وذلك عن
طريق اتباع ذات الأساليب التي
لجأت إليها في مفاوضات طابا
التي حولت مدينة الخليل
الإسلامية الى مدينة يهودية
وقامت بتحويل أهم مساجد
المسلمين وهو الحرم الابراهيمي
الشريف وتحويله الى كنيس كما
حولت كل القوانين والاتفاقات
الى مراسيم تمنع المسلمين من
الصلاة في الحرم الابراهيمي متى
شاؤوا وجعلت لليهود الحق في
إنتهاك كل المقدسات والصلاة في
كل الأوقات وتحويل علماء
المسلمين الى عمال نظافة ليس
أكثر... ومن يتابع ما تجريه اسرائيل اليوم على
الجانب الفلسطيني هو من أجل
نشوء خلافات بين الأطراف خاصة
فتح وحماس بدون مبررات ووضع
عراقيل لعدم إجراء مصالحة
بينهما كما حدث مؤخراً عندما
تلقت احدى الدول العربية
المعنية بالمصالحة توجيهات من
الرئيس الأمريكي بعدم استكمال
مشاريع المصالحة بين الجانبين
وجرى توجيه السلطة للإعلان في
الوسط الفلسطيني وفي كل مكان عن
عدم الاتفاق بين الجانبين وهو
الأمر الذي تخطط له اسرائيل
باستمرار التي كانت في كل مراحل
مفاوضاتها تمهد لإشعال
الخلافات بين الفلسطينيين حتى
يسهل فرض المشاريع التي تخطط
لها اسرائيل على شاكلة المشروع
الجديد لتقسيم القدس الذي تضمن
لإسرائيل تفجير الوحدة
الفلسطينية التي سيصبح من السهل
معها تهويد مدن القدس والخليل
ونابلس التي بدون الخلافات لن
تستطيع اسرائيل عمل أي شيء
لتهويدها ... القدس وفلسطين في خطر القدس في خطر .. والخطر الذي تواجهه
المدينة المقدسة ، يفوق الخطر
الذي يهدد كل شبر من الأراضي
المحتلة وهو يساوي الخطر الذي
يهدد مدينة الخليل التي حولوا
مسجدها الشريف إلى كنيس ويعملون
الآن على تغيير معالمها ونزع
عروبتها والاستيطان في قلبها . والخطر الذي يواجه القدس هو أضعاف الخطر
الذي يتهدد نابلس وبيت لحم
واريحا وقطاع غزة والجولان،، والتخطيط الصهيوني الذي أعدوه للقدس قد
يختلف عن كل الاساليب المعدة
للمدن والقرى والسهول والجبال
الأخرى.. إنهم يخططون للاستيلاء
على القدس كما يخططون للاستيلاء
على كافة الاراضي المحتلة الا
أنهم بالنسبة للقدس وبالنسبة
لشهرتها ولقدسيتها لموقعها في
العالم أجمع فانهم يسعون للحصول
على الشرعية الدولية والشرعية
العربية والشرعية الاسلامية في
الاستيلاء عليها وقد أعدوا لكل
احتمال عدته وما نقل السفارات
الأجنبية من تل أبيب إلى القدس
إلا اسلوب هزيل من الاساليب
الخبيثة ،، وانتخابات الكنيست عام 1984 التي شاركت
فيها كل الأطراف الإسرائيلية
كشفت الكثير من الأساليب
والنوايا المبيته لإنهاء
الوجود العربي والاسلامي من
المناطق المحتلة .. كما أن توزيع
الأدوار بين مختلف الأحزاب أبرز
مدى قدرة المخططين الصهيونيين
على الظهور بالوجوه المتباينة
المختلفة والمتناقضة ولكن التي
تنصب كلها في النتيجة في قناة
واحدة هي قناة الاغتصاب
والعدوان وانهاء الوجود العربي
والاسلامي من على كامل التراب
الفلسطيني ،،، وحتى تستطيع الحركة الصهيونية السيطرة
على اليهود في فلسطين المحتلة
من جهة وعلى العرب سواء كانوا من
الواقعين تحت الاحتلال عام 1948
أو الذين وقعوا تحت الاحتلال
بعد العدوان 1967 فانها وزعت
أحزابها وتجمعاتها على مختلف
شرائح السكان فأخذت بعض هذه
الأحزاب صورة الاشتراكية
والواقعية والتقرب من اليسار
والزعم بالسعي لمساواة جميع
السكان من عرب أو يهود كما أخذت
أحزاب أخرى الصورة المتناقضة
وهي حمل لواء الرأسمالية
والتبعية لأمريكا والغرب أو
التطرف سواء أكان ذلك في
الممارسات الدينية أم الأعمال
الارهابية حتى تضمن الحركة
الصهيونية أنها بهذا التوزيع
ستشعر كل مقيم في فلسطين
المحتلة أن له مظلة يستطيع أن
يتفيأ في ظلها أو يحتمي بها
ويحقق مصالحه عن طريق الإنضمام
لها ومنحه ولاءه وثقته لها ،، ومن خلال هذه الصورة عاش الفلسطينيون منذ
قيام الكيان الاسرائيلي عام 1948
تحت هاجس الخوف من تطرف
العصابات الاجرامية أو
التجمعات الدينية المتطرفة أو
غلاة اليمينيين الحاقدين
فوجدوا في بعض الأحزاب التي
رفعت شعار اليسار وجدوا فيها
حماية وأمنا فاتجهت اليها
وانضمت إلى صفوفها وهي تمني
النفس بالوصول الى واحة الأمان
وبلوغ الحماية والاستقرار
والحصول على حقها في العدالة
والمساواة ،، حزب المابام الحاقد ؟، ولكن رغم كل هذه الشعارات البراقة فإن
فلسطينيا واحداً لم يجد الحزب
الصهيوني الذي حقق له الحماية
الفعلية او استطاع أن يوفر له
الاستقرار والامان وكانت قصة
حزب "المابام"الذي ملأ
دستوره وقوانينه وأنظمته
وبلاغاته واعلاناته بكل شعارات
المساواة والاشتراكية الثورية
وحماية حقوق الفلسطينيين
الشرعية ودعواته المتواصلة
للاقلية العربية التي تعيش في
الجليل وشمال فلسطين المحتلة
منذ عام1948 الانضمام الى صفوفه
لتوفير الحماية لهم وصيانة
حقوقهم كانت قصة هذا الحزب لا
تختلف في حقيقتها وجوهرها عن
غيره من الأحزاب المغالية في
حقدها وتعصبها وعطشها في إبادة
الشعب الفلسطيني ،، وفعلا استطاع هذا الحزب أن يستقطب العمال
والشخصيات التقليدية ويضمهم
تحت لوائه عندما استجابوا
لشعارات الحزب التي كان من أبرز
مبادئها المناداة بالحياد
واعتماد سياسة الصراع الطبقي
ومساواة العرب في الحقوق وكذلك
عندما كان يشدد زعماء حزب
المابام على توجههم نحو الاتحاد
السوفياتي واعلان العداء للغرب
وخاصة للولايات المتحدة ،، ولأن"المابام"كان يشغل مركزاً
مؤثرًا ومهماً في حياة الكيان
الصهيوني بعد عام 1948 وكان يأتي
في الدرجة الثانية من القوة بعد
حزب "المابام" الذي كان
يتزعمه بن غوريون اقبل عليه
العرب وانضموا في صفوفه
اعتماداً على قوته التي قد
تستطيع توفير المساواة والحياة
الكريمة لهم،، ولكن مع التطورات والأحداث ومرور السنوات
تبين أن حزب "المابام" هو
حزب صهيوني أولاً وأخيراً وأن
كل شعاراته المرفوعة في الحرية
الاشتراكية ليست إلا وسيلة
لتحقيق المزيد من المكاسب
لاستمرار قوة الكيان الصهيوني
وديمومته ،، احقاد بن غوريون على العرب ،، والمابام اليوم لا زال يستقطب الكثير من
عرب 1948 ومن بين أعضائه الستة في
الكنيست العضو محمد وتد من قرية
جت في المثلث وقد احتل المركز
الرابع في قائمة المعراج التي
خاضت معركة الكنيست في يوليو 1948
. والجدير بالذكر أن المابام هو حليف حزب
العمل ويشاركه النضال السياسي
في تجمع "هالمعراج" ولكن
يمكن اعتبار حزب "المابام"أقرب
الأحزاب الصهيونية الى العرب
الذين يشكلون حوالي عشرين
بالمئة من منتسبيه.. كما يمكن
القول إن حزب العمل الذي كان
بقيادة "شمعون بيريز"
يعتمد استقطاب العرب على حزب
المابام لأن تاريخ حزب العمل
على ما كان يردده زعيمهم"بن
غوريون"من تصريحات ينادي
فيها بالقضاء على الوجود
والهوية العربية وليس أبلغ من
حقد هذا الزعيم عندما اضطرت
حكومة اسرائيل طباعة"الهوية
الشخصية" للمواطنين العرب
فأضافت الى الكلمات العبرية
كلمات بالعربية وعندما عرضت
نماذج الهوية الجديدة على "بن
غوريون"الذي كان يشغل منصب
رئيس الوزراء رفض لمس هذه
الهوية وهو يقول : سأقطع أصابع
يدي إذا لمست عربياً أوحتى إذا
تحسست أي أثر لهم ،، وهكذا فإن طريق حزب العمل للحصول على
أصوات الناخبين العرب كان يجب
أن تمر عبر حزب "المابام"
الذي مر من بين أعضائه في
الكنيست أحد العرب وقد وجد حزب
"المابام" فرصة لاستقطاب
أكبر قدر من الفعاليات العربية
فأعلن عن مشروع لحل مشكلة القدس
ظناً منه أن ذلك يزيد في التأييد
له والانضمام تحت لوائه ولكن
هذا مشروع"المابام" الذي
وضعه الدكتور"رامل بنكر"أحد
زعماء الحزب لم يحقق الأماني
الوطنية للشعب الفلسطيني
وللحقوق العربية والاسلامية ؟،. ================== حياة الحويك عطية الدستور 25-7-2010 هي العبارة التي استعملها الزعيم
اللبناني طلال ارسلان في مؤتمره
الصحافي امس ، فيما يؤشر الى
الاستحقاق الأمني الخطير الذي
قد يواجهه لبنان خلال الفترة
المقبلة . لكن السؤال الخطير
المطروح هو : هل سيكون التفجير
عبر اجتياح اسرائيلي على
الطريقة الاميركية في العراق ؟
ام ان التفجير سيحصل داخليا على
طريقة الحرب اللبنانية او
بالأحرى على طريقة عراق ما بعد
الاحتلال ؟ الدوائر السياسية العربية والاجنبية
تتحدث عن تسلح متسارع في لبنان ،
عن طائرات تحط في مطارات سرية في
الجبال ، وفي مناطق محددة ، وعن
معسكرات تدريب داخل البلد
وخارجه . النائب بهية الحريري
قالت في جلسة نيابية حول الحقوق
المدنية للفلسطينيين : انتبهوا
هناك فتح الاسلام وهناك جند
الشام . تحقيق صحفي على تلفزيون
الجديد يتم في مخيم عين الحلوة
ويتحدث عن عرض صفقة على
التنظيمات المسلحة في المخيم
لاستعمال سلاحها في وجه حزب
الله مقابل اقرار الحقوق
المدنية المطلوبة . الانباء
الدولية تتحدث عن تسرب مقاتلين
اصوليين جاؤوا حتى من الصومال ،
وعن سلسلة اغتيالات ستأتي ويتهم
بها من يراد اتهامه لاشعال
الفتنة. فهل تجاوزنا التخوف من
عرقنة لبنان الى التخوف من
صوملته ؟ الله ، ما الذي يعد لهذا البلد ؟ وهل من
بارقة امل للنفاذ من النفق ؟ النار اذا ما شبت في لبنان ، فهي لن توفر
احدا هذه المرة ، لأن الحريق معد
للمنطقة والحطب ناشف حد
الاشتعال الفوري ، فهل سيتمكن
من ابعاد النار عن الحطب ؟ القوات اللبنانية تضج بخطاب لا يمكن لمن
عاش مرحلة 1975 الا وان يستدل منها
الاستعداد الجاهز للفتنة ، بل
وان رغبة قوية في الانتقام تضاف
هذه المرة الى الاسباب الاخرى .
وتيار المستقبل يبدو مشدودا الى
شقه المتطرف على حساب شقه
المعتدل . المستقبل لا يقاتل ، لكنه مرشح لان يكون
ممول المقاتلين ، من القوات ومن
الاصوليين ، وسعد الحريري حاول
ابعاد هذه التهمة سلفا ، في
خطابه في البيال حيث ركز على
انفتاحه الديني والطائفي . لكنه
وللمرة الاولى في خطبه لم يذكر
المقاومة بكلمة. الرجل غص بدموعه مرتين ، وللوهلة الاولى
يمكن القول ببساطة انه انفعال
طبيعي من رجل ازاء ذكرى ابيه
الشهيد . لكن من ينتبه الى انها
المرة الاولى التي يغص فيها
الحريري بدمعه ، منذ خمس سنوات
مضت على رحيل والده ، يستنتج
ببساطة ايضا ان الأولى للانفعال
ان يكون اقوى على مسافة زمنية
قريبة من الحدث ، وهذا ما لم
يحصل . فلماذا تنبه الحزن الآن ؟
هل لأن الرجل يشعر انه في مأزق
صعب ولا حول له ولا قوة ويستحضر
والده ؟ ام - وذاك ما لا نريد
التصديق به - انه وكما يقول
البعض يمثل كي يستدرج العطف ،
منضما بذلك الى مدرسة سلفه
المخضرم فؤاد السنيورة ؟ خاصة
انه القى خطابا طويلا ببلاغة
وطلاقة ودون خطأ ، خطابا درسه
حتى التعب والاتقان . لماذا ؟ ام
لأن"هذا أوان الشد فاشتدي زيم
..." غدا سيأتي الدور على حسن نصرالله ، ولنر
ما سيكون رده ... لنمسك بقلوبنا
اكثر وهي تتهاوى خوفا على مصير
لبنان والمنطقة . ================== كاترينا فاندين هيوفيل (محللة
سياسية أميركية) واشنطن
بوست الاميركية الرأي الاردنية 25-7-2010 رغم الإصلاحات التي أقرها الكونجرس في
القطاع المالي الأميركي مثل
تمرير قانون إصلاح «وول ستريت»
وقانون حماية المستهلك، فإن
مهمة إدخال التغيرات المطلوبة
على الاقتصاد وضمان ازدهاره
واستفادة الجميع من خيراته
مازالت في بدايتها، ذلك أن
الإصلاح الهيكلي للاقتصاد لن
يأتي من خلال تشريع واحد يوافق
عليه الكونجرس، بل من خلال
نماذج اقتصادية جديدة تتميز
بالابتكار والإبداع وتعكس
القيم الديمقراطية لمجتمعنا. ولحسن الحظ أن بعضاً من هذه الأفكار
الجديدة ذات القدرة على التغيير
بدأت بالفعل في النضوج، وفيما
يلي خمس طرق لبناء اقتصاد أكثر
عدلاً يجري تجريبها حالياً من
قبل الكثير من الأميركيين: أولا هناك ما يمكن أن نطلق عليه «الخيار ب»،
فإذا كانت الشركات عادة ما تسعى
إلى الربح باعتباره الهدف
الأساسي لقيامها، بل يمكن
مقاضاة الشركة إنْ هي انحرفت عن
هدف تعظيم الأرباح بموجب
قانونها التأسيسي، فإن
السيناتور «جامي راسكين»، من
ولاية ماريلاند اقترح أسلوباً
آخر للعمل من خلال ما يعرف ب»تشريع
أرباح الشركات»، الذي تمت
المصادقة عليه على مستوى
الولاية وتحول إلى قانون ملزم،
وبموجب هذا القانون يمُنح
للشركات إمكانية التسجيل على
أنها «شركات ب» ما يعطيها حق
تعظيم الأرباح باعتباره الهدف
التقليدي لكل الشركات، لكن
أيضاً تحقيق أهداف أخرى يستفيد
منها الصالح العام مثل الحفاظ
على نظافة الهواء، أو احترام
الفضاءات المفتوحة وتوفير
السكن المناسب، وتخضع هذه
الأهداف التي تحددها الشركات
بموجب قانون «شركات ب» إلى
مراقبة ومتابعة من قبل طرف ثالث
ليتحول هذا النوع من الشركات
إلى نموذج جديد في عالم الأعمال
تتبنى منظوراً اجتماعياً، وقد
كان لافتاً انتقال هذا النوع من
الشركات خارج حدود ولاية
ماريلاند إلى فيرمونت، وهو
حالياً قيد الدراسة في ولايات
أخرى مثل نيويورك وبينسلفانيا
ونيوجيرسي وأوريجن وواشنطن
وكولورادو. وثانياً: البنوك الموجهة للناس، فقد
تدفقت مئات المليارات من
الأموال العامة لإنقاذ البنوك
في «وول ستريت»، التي بدورها
ردت الجميل بالرجوع إلى
ممارستها القديمة بتخصيص
مكافآت كبيرة حد الاستفزاز إلى
مديريها فيما هي عاجزة عن
القيام بدورها في تسهيل
الإقراض، لكن بنكاً واحداً لم
يحتج إلى الأموال العامة ولا
عانى من شح في السيولة، هذا
البنك هو بنك «شمال داكوتا»
المملوك من قبل الدولة، والسبب
أن المصرف الذي أُسس في العام 1919
تجنب القروض عالية الخطورة
والمشتقات المالية ما جعله يملك
احتياطيا ماليا يقدر بحوالي
أربعة مليارات دولار ليستمر في
تلبية حاجيات عملائه
الائتمانية. والحقيقة أن نموذج
البنوك المملوكة للدولة بات
خياراً جذاباً للولايات
والمواطنين الذين سئموا من
إعطاء أموالهم للبنوك الكبرى
التي لا تستثمر تلك الأموال في
مناطقهم، لذا تفكر العديد من
الولايات حالياً في تبني نموذج
البنوك التابعة للدولة مثل
ماساتشوستس وفرجينيا وواشنطن
وإيلينوي وغيرها. ثالثاً، التحكم في الأموال: ويعني ذلك فتح
حسابات بنكية في المصارف
الصغيرة والمحلية التي تقدم
خدماتها للمجتمع، وهي الفكرة
التي تدافع عنها «أريانا
هافينجتون» من خلال حملتها
الرامية إلى إقناع الناس بنقل
أموالهم إلى بنوك أفضل تقدم
خدمات أحسن للناس، وقد تجاوب مع
هذه الحملة إحدى أكبر النقابات
في نيويورك، بالإضافة إلى
المراقب العام بالمدينة «جون
ليو»، الذين وجهوا رسالة واضحة
إلى بنوك «وول ستريت» مفادها
أنهم لا يقبلون الطريقة التي
تتعامل بها تلك البنوك مع
الرهون العقارية، وانطوت
الرسالة على تهديد صريح بأن
يحول المواطنون الذين وضعوا
أموالهم ضمن صناديق للمعاشات في
البنك إلى مؤسسات أخرى، إذا لم
يغيروا قيودهم على الرهن
العقاري، وبالطبع ستتضرر تلك
البنوك لأنه ما لا يقل عن 500 ألف
عائلة تستثمر أموالهم في حسابات
خاصة لتأمين التقاعد، وإذا لم
تتصرف تلك البنوك الكبيرة وفقاً
لمصلحة الناس وتسهل عملية
الإقراض، فإنها ستعاني من نقص
في السيولة. رابعاً: فرض ضرائب على المضاربات: فقد بات
معروفاً اليوم الدور الذي لعبه
المضاربون في سوق الأسهم ب»وول
ستريت» ومراهناتهم على العملة
والمشتقات المالية في اندلاع
الأزمة المالية وانطلاق الركود
الاقتصادي، لذا يتعين فرض ضريبة
على المضاربات لوضح حد
للتجاوزات والتلاعب باستثمارات
الناس، فضريبة مثل 25.0 في المئة
على كل عملية مضاربة لن تكون
مشكلة بالنسبة للمستثمرين
النظاميين، لكنها ستكون مهمة
بالنسبة لمن يبحث عن أرباح
سريعة ومتكررة، كما أن الضريبة
ستدر دخلًا على خزينة الدولة
يصل إلى 180 مليار دولار في
السنة، وقد لاقت هذه الفكرة
قبولًا واسعاً على الصعيد
العالمي، حيث فرضت بريطانيا 5.0
في المئة على كل مضاربة تجرى في
سوق الأسهم بلندن، كما عبر كل من
نيكولا ساركوزي والمستشارة
الألمانية، أنجيلا ميركل، عن
تأييدهما للضريبة. خامساً، العامل هو المدير، فبعدما أشار
تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أن
الشركات تخزن ما قيمته 8.1
تريليون دولار، فيما تمتنع عن
التوظيف، بات من الضروري تغيير
هياكل الشركات وتمكين الموظفين
والعمال من حصص في أسهمها حتى
تصبح أكثر استجابة لاحتياجات
المجتمع وتنفتح على مطالبه،
وهذا ما قامت به تعاونية «إيفرجرين»
في كليفلاند، وهي تجمع يضم
شركات محلية يملكها العمال
بتمويل مشترك بين الخواص
والدولة، فالعمال يمتلكون
حصصاً في الشركات من خلال
اقتطاعات شهرية من الأجور مقابل
حصولهم على وظائف في مجالات
خضراء تحترم البيئة، وتركز
الشركات على السوق المحلية في
الولاية من خلال تزويد المؤسسات
المحلية مثل المستشفيات
والجامعات بما تحتاجه. وبالطبع يتطلب تحقيق هذه البرامج
والمقترحات البديلة، التي من
شأنها تغيير مفهوم القطاع
المالي من كونه مهيمنا على
الاقتصاد إلى خادم له، جهداً
كبيراً وتنظيماً محكماً من
المجتمع يمتد على مدى سنوات من
العمل والاجتهاد. ================== سمير منصور النهار 25-7-2010 لن تشكّل بعض التفاصيل المتعلقة بالحوار
الذي دار بين رئيس الحكومة سعد
الحريري والأمين العام ل"حزب
الله" السيد حسن نصرالله في
لقائهما الاخير مشكلة، إذ أنها
لم تمس الجوهر وهو أن ما قاله
الحريري لنصرالله كان بهدف
التعاون وقطع الطريق على مشاريع
فتنة يريد أصحابها استغلال
المحكمة الدولية لتحقيق مآربهم.
وأما التوضيح الذي صدر لاحقاً
عن أوساط الحريري فهو انه لم يكن
مستنداً الى معرفة بمضمون
القرار الظني المتوقع للمحكمة
الدولية كما أوحى كلام السيد
نصرالله، بل استناداً الى
سيناريوات أوردتها وسائل إعلام
مثل مجلة "درشبيغل"
الالمانية وصحيفة "الفيغارو"
الفرنسية، وأنه طرح الموضوع "انطلاقاً
من الحرص على التعاون لدرء
الفتنة" وهذا ما أكده على كل
حال الأمين العام ل"حزب الله"
في مؤتمره الصحافي الاخير،
تكراراً. وأما المشكلة الحقيقية، فهي لو أن
الحريري قال إنه مستند الى
معرفة بمضمون القرار الظني
وبذلك يكون كأنه يؤكد التسريبات
أو يصدّقها، وهو ما حرص على نفيه
تكراراً. وسط هذه الاجواء تبدو القضية الاساس في
المرحلة الراهنة، كيفية تصويب
عمل المحكمة الدولية والنأي بها
عن محاولات الاستغلال
الاسرائيلية وغيرها، من خلال
الترويج لمشاريع فتنة لم يتورع
بعض المسؤولين العسكريين
والسياسيين والاعلاميين
الاسرائيليين عن "تسويقها"
والحديث عنها جهاراً. ولعل
بياناً يصدر عن المحكمة الدولية
يتضمن نفياً لكل الأضاليل من
شأنه أن يضع حداً للتسريبات
ويطمئن الجميع. وتلك خطوة على
طريق تصويب الامور وإبعاد
المحكمة عن "لعبة الأمم"
ومحاولات الدس والتسييس،
ولكنها لا تكفي وحدها، بل أن
المطلوب موقفاً شجاعاً من
الجميع يتضمن تصوراً لخطة عمل
يمكن أن تؤول الى هذه النتيجة.
والفارق شاسع بين أن تصبح
المحكمة برمتها "مشروعاً
اسرائيلياً"، والتحذير من
محاولات استعمالها منصة
للترويج لمشاريع فتنة
اسرائيلية المنشأ بكل ما فيها
من اتهامات عشوائية يمنة ويسرة،
وبين أن تحصر عملها بالقضية
التي قامت من أجلها واستغلالها
للهجوم على "حزب الله" أو
غيره. وهنا يبقى السؤال الكبير:
كيف السبيل الى التمييز بين ما
هو مسيّس وما هو حقيقي؟ ذاك هو التحدي أمام الجميع وأولهم السيد
حسن نصرالله والرئيس سعد
الحريري، وفي استطاعتهما أن
يضطلعا بدور اساسي وفاعل في هذا
الاتجاه. ولئن بدا في ذلك شيء من السذاجة أو "الطوباوية"
فإن الواقع هو أن لا سبيل للخروج
من المأزق الذي زجت به البلاد،
إلا باجتراح صيغة يمكن من
خلالها الاجابة عن ذاك السؤال
الكبير. وإزاء العلاقة المتنامية لرئيس الحكومة
سعد الحريري مع الرئيس بشار
الاسد، والتي أعطاها حيّزاً
لافتاً في خطابه أمس خلال
افتتاح المؤتمر التأسيسي ل"تيار
المستقبل" في مجمع "بيال"،
فإن الرهان على دور فاعل ومؤثر
لسوريا في تصويب الامور
والمساعدة على توحيد المواقف من
المحكمة الدولية في جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري
ورفاقه، سيكون في محله، ولاسيما
في ظل علاقات سورية - سعودية
جيدة، وتعاون في هذا المجال بدأ
على ما يبدو، من خلال لقاءات
رفيعة معظمها ظل بعيداً من
الاعلام. وأما ما يحكى في بعض المجالس عن "متضررين"
من هذا التقارب، سواء السعودي -
السوري أو بين الاسد والحريري،
فيبقى من باب السؤال ولا يخلو
أحياناً من غمز من قناة ايران إذ
يذهب البعض بعيداً في الحديث عن
"حساسية ايرانية" من
اجتماعات تعقد في دمشق لتأليف
الحكومة العراقية أو من صورة
للأسد مع المرشح لترؤسها إياد
علاوي، أو من أخرى جمعت الاسد
والحريري وداود أوغلو وزير
خارجية تركيا يحلو لهؤلاء وضعها
الى جانب صورة سابقة بالأمس
القريب جمعت الاسد والرئيس
الايراني محمود أحمدي نجاد
والامين العام ل"حزب الله"
السيد حسن نصرالله، أو من زيارة
أمير قطر للعاهل السعودي في مقر
اقامته الصيفي في المغرب، كل
تلك الاستنتاجات تدحضها إشارات
سورية معبّرة ومحطات سابقة
أثبتت فيها دمشق أنها بارعة في
"وزن" علاقاتها والكيل
بميزان "الفرمشاني" عربياً
واقليمياً، وبالتالي فإن ربط
بعض المواقف المحلية التصعيدية
في الداخل ولاسيما من "حزب
الله" ب"حساسية" مستجدة
عند ايران، يبقى في إطار
التحليل ووجهة النظر ليس إلا... مهما يكن من أمر، فإن المسؤولية داخلية
قبل كل شيء. والجمهور اللبناني
"المتلقّي" على اختلافه
يبقى وحده "مشروع الضحية"
إذا فشل "كبار القوم" لا
سمح الله في عدم الانزلاق في
مشاريع الفتنة، فهلاّ هم
فاعلون؟ ================== ويليام فاف (كاتب ومحلل سياسي
أميركي) «تريبيون ميديا سيرفيسز» الرأي الاردنية 25-7-2010 ربما كانت الفكرة الأكثر تردداً في
الحوار العام الدائر بشأن
التوقعات المستقبلية، هي ما إذا
كانت الصين ستحل محل الولايات
المتحدة الأميركية باعتبارها
القوة الدولية العظمى. وهناك من
المؤرخين من سلم الآن بحتمية
هذه النظرية، مثلما فعل كذلك
كثير من المتنبئين
الاقتصاديين، الذين لا تعطي
تنبؤاتهم الحالية أي شعور
بالثقة أو التفاؤل بالنسبة
للزعامة الأميركية. فقد أشارت
تنبؤات وتحليلات «جولدمان ساكس»
على سبيل المثال، إلى أن الصين
ستحل محل الولايات المتحدة
باعتبارها أكبر اقتصاد عالمي
بحلول عام 2027. ولكن فات أولئك
المحللين أن كون اقتصاد دولة ما
هو الأكبر عالميّاً، لا يعني
بالضرورة أن تتحول هي آليّاً
إلى قوة عظمى أولى في المسرح
الدولي. كما أن سيادة العالم أو
قيادته ليست ميزة بل هي بلوى
وعبء أكبر بكثير مما يتصوره
أصحاب النظرة السطحية، وهذا ما
بدأت واشنطن اكتشافه للتو. ويعتبر كتاب «عندما تسود الصين العالم:
نهاية العالم الغربي وميلاد
النظام العالمي الجديد» لمؤلفه
مارتن جاك، مجرد واحد فحسب بين
عدد من الكتب التي نشرت مؤخراً
حول هذا الموضوع. ولكن السؤال هو:
لماذا ستسود الصين العالم بينما
عجزت الولايات المتحدة عن
القيام بهذا الدور على رغم
الجهود التي بذلها «الجمهوريون»
وصقور الحزب «الديمقراطي»
الذين يستمع إليهم أوباما الآن؟ بالمختصر المفيد يمكن القول إن مقولة
سيادة الصين القريبة للعالم لا
تخلو من التبسيط. فهي تقوم على
فرضية أن يتسيد الإنتاج الصناعي
وحده العالم، بصرف النظر عن
بقية العوامل الأخرى المهمة ذات
الصلة، ومن ضمنها قدرة الدولة
المعينة وفق كافة العوامل على
أن تصبح قوة سائدة عالميّاً. وكما نعلم فإن للصين وجارتها الهند قدرات
كامنة نظريّاً على الإنتاج
الصناعي الواسع. وتفسر هذه
القدرات إلى حد كبير بما
للدولتين من كثافة سكانية
هائلة، كما تمكنت كل منهما من مد
السوق العالمية -في ظل نمط
اقتصاد العولمة الحالي-
بالعمالة المدربة وزهيدة
التكلفة. وقد توافرت هذه العمالة أيضاً لاقتصادات
بعض الدول الأخرى واستطاعت
استغلالها بحكم نمط اقتصاد
العولمة السائد الآن. وقبل
سيادة هذا النمط، كان الصينيون
والهنود يكتفون بصناعة
منتجاتهم محليّاً. غير أنه يجب
القول إن الصين والهند لم
تبتكرا صناعاتهما الحديثة
محليّاً، إنما استوردتا
تقنياتها من الغرب بشكل أساسي. وتستفيد هذه الصناعة الحديثة في كلتا
الحالتين من الاستثمارات
الأجنبية، المعنية بإنتاج
السلع للأسواق الخارجية. وليس
متوقعاً لهذا الوضع الاقتصادي
الدولي أن يستمر هكذا إلى أبد
الدهر. فمما لا ريب فيه أن الاقتصادين الهندي
والصيني باتا عرضة للمنافسة في
سوق العمل، لاسيما العمالة
المتوافرة في دول أشد فقراً
وأقل تطوراً صناعيّاً منهما.
وغني عن القول إن الصين والهند
قد حققتا مكاسب كبيرة من
تجربتهما هذه، ويتوقع لهما أن
تفعلا ذلك في سياق تطورهما
الاقتصادي في المستقبل. بيد أن
الصين والهند تظلان على رغم ذلك
-ولسنوات مقبلة- اقتصادين
يحتلان مرتبة أقل من اقتصادات
الدول الأكثر تقدماً وتفوقاً
عليهما في مجالات الابتكار
التكنولوجي، والتقدم العلمي
العام. ولاشك أن نوعية المنظومة الصناعية
والحضارية هي التي تحدد ما إذا
كان في وسع مجتمع ما أن يسود
العالم أم لا. فلم تسد أوروبا
العالم منذ أيام الثورة
الصناعية وحتى الحروب الأهلية
الأوروبية المدمرة التي شهدها
القرن العشرون، إلا لأن أوروبا
هي التي اكتشفت قارات العالم،
وقد تعلم الأوروبيون مما
اكتشفوه، وتمكنوا من ابتكار
العلم والتكنولوجيا الحديثة.
كما تمكنت أوروبا من تنظيم
مجتمعاتها على نحو غير مسبوق في
تاريخ المجتمع البشري، بما في
ذلك التنظيم ابتكار نظم إدارية،
وتوفير مستويات معيشة
للمجتمعات ضمنت للحكومات
الأوروبية ولاء مجتمعاتها
ودعمها لها. ولا يمكن تفسير
التفوق الذي حققته أوروبا منذ
عصر الثورة الصناعية وحتى القرن
العشرين، بمجرد تفوقها
الإنتاجي الصناعي والزراعي
فحسب على بقية الشعوب والأمم،
بل يفسر ذلك التفوق بتثويرها
لطرائق العصور الوسطى في
الإنتاج المادي وأنماط الزراعة.
وفوق ذلك، تمكنت أوروبا من
إنتاج الأفكار التي سادت العصر،
في المجال العلمي وأيديولوجيات
التقدم والحكم، وكذلك إنتاج
النظريات ذات الصلة بالمجتمع
البشري وآفاق تطوره المستقبلي
وتنميته. ولا يزال العالم
إلى اليوم يعيش على تراث عصر
النهضة والاستنارة
الأوروبيتين، وعلى الإرث
السياسي الفلسفي الذي خلفته
حضارة أثينا القديمة وتراث
الحضارة الغربية عموماً. وقد نهضت الولايات المتحدة على رصيد هذا
التراث الأوروبي، وتمكنت من
توسيع نطاق النفوذ الغربي بفضل
مجتمعها الديمقراطي المبدع،
ومؤسساتها الفيدرالية،
وديمقراطية صناعتها وثقافتها.
واعتماداً على كل ذلك، تمكنت
الولايات المتحدة منذ عام 1945 من
نشر أفكارها وطموحاتها على
الصعيد الدولي بأسره، علاوة على
عولمة الأسواق العالمية ونظم
الاتصالات..وغيرهما كثير. ومما لا ريب فيه أن الصين أيضاً حضارة
إنسانية عظيمة ولها تاريخ عريق
في عصرها الذهبي، وكانت لها
ابتكاراتها العلمية
والتكنولوجية. كما أن الصين
القديمة شكلت أيضاً بفضل نفوذها
الثقافي والحضاري ما أصبح يعرف
حاليّاً بالشرق الأقصى. وعلى عكسها لم
تكن الهند دولة مركزية قوية ذات
يوم. ولكنها على رغم ذلك، تمكنت
من نشر حضارة دينية لا يزال
نفوذهاً ذائعاً إلى اليوم. وليس
مستبعداً أن تتحول الصين إلى
قوة دولية عظمى خلال نصف القرن
المقبل، وأن تتحقق لها طموحاتها
العسكرية، على رغم الصعوبات
المحيطة بهذه الطموحات. ولكن هل
يمكن للهند أو الصين -أو أيّ من
الاقتصادات الدولية المعاصرة
التي تحتل المرتبة العالمية
الثانية الآن- أن تصبح قوة قادرة
على سيادة العلم وشد الخيال
العالمي نحوها؟ وهل يتوقع
للأوروبيين والأميركيين أن
يفتنوا خلال نصف القرن المقبل
بالحضارتين الصينية والهندية
ويقبلون بدورهما الجديد،
باعتبارهم مجرد أفلاك ستدور حول
النجم الآسيوي؟ وبعبارة أخرى:
هل تسود الصين العالم حقاً؟ لا
أتوقع لأحد من الأحياء الآن أن
يبقى حتى يرى ذلك اليوم، لأن
المسألة قد تتجاوز فترة حياة
جيل. ================== العوامل الداخلية
والخارجية تعيد سوريا ضامناً
للاستقرار لا ضمانات في كلام الطمأنة مع
اشتداد سلاح الضغوط روزانا بومنصف النهار 25-7-2010 من يطمئن من في لبنان؟ كيف يمكن كل من
الافرقاء تبديد مخاوف الآخرين
وكيف يمكن تهدئة خواطر
اللبنانيين؟ في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل يومين
اعلن الامين العام ل"حزب الله"
السيد حسن نصرالله انه حصل من
رئيس الحكومة سعد الحريري على
تعهد انه سيخرج الى العلن في حال
اتهام القرار الظني للمحكمة
الدولية عناصر من الحزب باغتيال
والده لكي يستوعب هذه المسألة.
وخرج رئيس الحكومة بدوره ليعلن
ان لا خوف من فتنة مذهبية ولا من
حرب اسرائيلية نافياً صحة ما
جرى تداوله من سيناريوات ارعبت
اللبنانيين. ويكشف وزراء ان
وزيري "حزب الله" في
الحكومة محمد فنيش وحسين الحاج
حسن حاولا في الجلسة الاخيرة
لمجلس الوزراء ان يوضحا ان خطاب
السيد نصرالله التصعيدي كان
موجهاً الى الاسرة الدولية وليس
الى الداخل اللبناني. كما فهم من
بعض المداولات ان الحزب حريص
على حكومة الوحدة الوطنية التي
كانت مطلبه على اساس ان اي خيار
آخر ليس مفيداً للبنان. وخصوصا
ان كثرا يعتقدون ان الحزب
وحلفاءه يستفيدون من حسنات
السلطة بشكلها الحالي من دون
سيئاتها في حين ان وضع يدهم
عليها دون الشركاء الآخرين امر
يدفع بلبنان نحو المجهول. الا ان واقع الامور ان هذا الاطمئنان غير
كاف ولا احد يملك فعلاً اجوبة
عما يمكن ان يقبل عليه لبنان في
ضوء التفاعلات حول موضوع
المحكمة وقرارها الاتهامي
المرتقب. والسيد نصرالله لم يعط
اجوبة واضحة بل ابقى التساؤلات
حول هذه النقطة كجزء من الضغط
الذي ينوي ممارسته على الخارج
عبر الداخل اللبناني. فمن جهة
يبدو الحزب في حاجة الى طمأنة
الداخل اللبناني له بكل فئاته
ان القرار الاتهامي لا قيمة له
والتسليم بتسييسه مسبقاً. في
حين يحتاج الافرقاء الآخرون الى
الاطمئنان الى عدم سعي الحزب
الى استخدام سلاحه مرة جديدة
لوضع اليد اكثر على الدولة
اللبنانية عبر مجموعة مواقف
تطيح الحكومة كما تهدد الامن
مجددا وتضع البلد على شفير حرب
اهلية جديدة كما حصل في 7 ايار
2008. ومن مفارقات الامور ان تعود سوريا في
المرحلة الراهنة الضامن
للاستقرار الداخلي في ضوء جملة
عوامل بعضها داخلي والآخر خارجي:
احدها ارتياح دمشق الى تطور
علاقاتها الجديدة مع لبنان كما
ارتياحها الى علاقة قيادتها مع
الرئيس الحريري فضلاً عن
ارتياحها الى استعادة جزء من
نفوذها بشروط افضل من شروط
التحالف مع اي جهة داخلية اكانت
هذه الجهة "حزب الله" ام
القوى الاخرى التي تدور في فلكه.
ويثق كثر انه يهم سوريا ان تظهر
للمجتمع الدولي هذه المكاسب
واستعادتها دورها كعامل
استقرار في لبنان بعدما اعتبرت
في الاعوام القليلة الماضية
عامل زعزعة والدور الذي ظهرته
اخيرا على خط العراق والتعاون
مع تركيا لهذا الغرض وعودتها
محط اهتمام اقليمي ودولي امر
يعتقد كثيرون أنه من الصعب ان
تفرط به مجدداً. وقد فهمت المطالعة التي قدمها السيد
نصرالله في مؤتمره الصحافي عن
علاقة قوى 14 آذار وسوريا في اطار
ضرورة التزام الاخيرة جانبه بكل
قوة وليس في الوسط من خلال
العلاقات الجديدة مع الحريري.
اذ يخشى قريبون من الحزب ان تكون
سوريا على خط العرب في لبنان في
مقابل الخط الايراني مثلما هي
في العراق حالياً. اذ انه وعلى
رغم التحالف الاستراتيجي بين
ايران وسوريا، فان معطيات كثيرة
تحدث عن عدم تطابق كلي في سياسة
الجانبين. وهذا الأمر يترجم في
العراق راهناً ولا يعتقد ان
سوريا يمكن ان تغطي تحركاً
امنياً جديداً ل"حزب الله"
كما في 7 ايار 2008 لأن وضع الحزب
يده على السلطة يرجح غلبة
المنحى الايراني على المنحى
السوري في حين ان الصفحة تقلب في
لبنان لمصلحة دمشق. لكن كثراً يعتقدون ان الامر محفوف بخطر
شديد وسط استغراب عن مؤامرة
خارجية لاشعال الفتنة والكلام
على تحرك غير سياسي يقوم به "حزب
الله"، في حين ان الفتنة ينجر
اليها الافرقاء اللبنانيون
بالذات في ظل كلام مماثل. اضف
الى ذلك بروز هشاشة المواقع
والمؤسسات الرسمية باعتبار ان
ما يجري او يتم التلويح به يحصل
على نحو علني مما يشير الى
احتمال سقوط مواقع السلطة
ومؤسساتها ما دام ثمة عجز واضح
في التصدي لها علنا وواقعا. وهذا
العجز الرسمي وغير الرسمي في
استيعاب الامور ومنع التهديدات
من التصاعد لا يبشر بالخير
بالنسبة الى كثر وذلك قياسا
بتجربة الاعوام الماضية. اذ
تبدو شخصيات قريبة من "حزب
الله" واثقة من ان الضغط
المستمر السياسي اولاً ثم غير
السياسي لاحقا سيؤدي الى هدفه
بطريقة او بأخرى كائنا من كان
الذي يدفع الثمن اي الرئيس
الحريري من خلال تخليه عن معرفة
من قتل والده مع ما يعنيه ذلك من
انعكاسات على موقعه على مستويات
عدة او رئاسة الجمهورية من خلال
عدم قدرة الرئيس ميشال سليمان
لاسباب واقعية وموضوعية على منع
الانزلاق الى الفتنة التي يهدد
بها بعض الافرقاء في الداخل. ولذلك فان الكلام على طمأنة من هنا او
هناك يبدو واهياً ولا معنى له في
الواقع رغم اهميته وضرورته
وتقول الشخصيات القريبة من "حزب
الله" انها تأمل في ان يؤدي
الضغط السياسي والكلامي مفعوله
باعتباره انذاراً وتحذيراً
للمرحلة المقبلة تماما على ما
مهد الحزب لمواقف كثيرة في
الاعوام القليلة الماضية. اذ ان
منطق الامور كان يدفع الى
استبعاد سيناريوات تصعيدية
تبين لاحقاً انها تخطت المنطق
الذي لا يزال كثر يؤكدون انه
يسود الواقع السياسي في لبنان
في حين ان الامر ليس كذلك. ================== بقلم :د. حصة لوتاه البيان 25-7-2010 إبان احتلالهم للجزائر، قام أحد الجنود
الفرنسيين بتصوير لقطات في
استوديو تصوير، لبعض النساء
الجزائريات ممن يقعن خارج دائرة
القبول المجتمعي بعد أن دفع لهن
بعض المال، وأسمى تلك المجموعة
من الصور «المرأة الجزائرية» ثم
بعث بها، أي الصور، إلى فرنسا
لتصبح بعد ذلك عبارة عن بطاقات
بريدية سميت بالاسم الذي أطلقه
المصور عليها. العلامة البارزة التي ظهرت في تلك الصور،
هي ظهور النساء بغير حجابهن
المعروف عنهن في الجزائر، وفي
بعض اللقطات ظهرت أجزاء من
الاكتاف ومن الصدور، وهو ما
أعطى للمتفرج فرصة النظر بحرية
إلى تلك الأجساد واختراقها. كان الدافع وراء العمل الذي قام به ذلك
الجندي، كما تكشف الصور وكما
ذكر بعض المحللين، ومنهم مالك
علوله في كتابه «حريم الاستعمار»
(باللغة الإنجليزية)، هو محاولة
اختراق ذلك الستر الذي وضعته
المرأة الجزائرية على نفسها،
وتسيجت وراءه بعيدا عن نظرات
الجنود الفرنسيين وغيرهم، مما
شكل حالة من التوتر لدى اولئك
الجنود، كونهم لا يستطيعون
الكشف عما وراء ذلك الحجاب. ولا معرفة التعابير التي تحملها تلك
النساء ولا ما يخفينه تحت
ثيابهن، في الوقت الذي كانوا
يرون فيه استباحة الجزائر، أرضا
وشعبا، حقا من حقوقهم الطبيعية..
أو لم تكن رؤيتهم للجزائر وقتها
أنها جزء من فرنسا وأرض لهم مطلق
السيادة والسلطة عليها! ولم تكن تلك الصور التي التقطها ذلك
الجندي الفرنسي لبعض النساء
الجزائريات الفقيرات
والمشتغلات بتأجير أجسادهن،
إلا تعبيرا عن شكل من أشكال
الشعور بالسيطرة والتملك
للمرأة وللمجتمع الجزائري الذي
كانت نساؤه يتدثرن بأحجبتهن حتى
لا تنكشف أجسادهن أمام أحد،
وخاصة أولئك الجنود الذين
انتهكوا أرض الجزائر، وكان لا
بد لذلك الجندي من الشعور
بالانتصار على تلك الحواجز
واختراقها والتفوق عليها، كشكل
رمزي من أشكال الانتصار على ذلك
المجتمع. واليوم، عندما تستعيد النخب الحاكمة في
فرنسا تلك الرغبة في اختراق
حجاب النساء المسلمات، فإنها
أيضا تستعيد بعضا من تاريخها
الاستعماري المبني على محاولة
التغلغل والسيطرة، لأن السيطرة
فعل مرتبط بشكل ما بفعل
الانتهاك، والحاجز أو الحجاب،
شكل من أشكال التصدي التي تعزل
الآخر وتضع حدودا للمسافة
المسموح له باختراقها. وحين تصل درجة التعامل مع الحجاب هذا
المستوى على الصعيد السياسي
والشعبي في فرنسا، «قلعة الحرية»
كما كانت تسمى، وبلد الإخاء
والمساواة كما يقول الدستور
الذي بنيت عليه، فلا بد للمرء أن
يتساءل عن مدى وكيفية المساحات
التي تتجلى فيها تلك الشعارات،
وخاصة حين يتعلق الأمر بالآخر،
وتحديدا الآخر المسلم؟ إذ ليست التعبيرات الدائرة حول هذا
الموضوع في هذا الوقت بالذات،
إلا شكلا من أشكال تجلي الخطاب
الاستعماري القديم، والذي يظهر
بين الحين والآخر في الدول
الغربية بأشكال ونزعات مختلفة،
أبرزها رفض الرئيس الفرنسي
ساركوزي لدخول تركيا منظومة
البلدان الأوروبية، خوفا على
تحول أوروبا إلى الإسلام، أو
زيادة نفوذ المسلمين فيها، كما
تقول التحاليل والتصريحات
المختلفة لبعض الأوروبيين
وغيرهم. ولو لم تكن لهذه المسألة كل هذه الأبعاد
لما أثيرت، في اعتقادي، بكل هذا
الحجم، لأن لبس الحجاب، لو كان
مقتصرا على أمور تتعلق بالشكل
العام المتفق عليه في البلد، لم
تكن لتصبح بهذا الحجم، إذ ما
الذي يضير فرنسا في كون أولئك
النساء يتدثرن بأحجبتهن، وأنهن
يرتدن الأماكن العامة وهن
مختفيات تحت أسترهن؟ أليس الأمر متعلقا بكونهن فرضن ستارا على
من يريد الكشف عنهن فأصبحن لا
تخترقهن العيون وعصيات على
الكشف والمراقبة؟ وفي حال ارتأت
فرنسا أن لبس هذا النوع من
الحجاب قد يشكل شيئا من التهديد
للأمن المجتمعي فيها، ألم يكن
الأجدى عمل دراسات ميدانية تقوم
على تفحص أوضاع المسلمين
والمهاجرين فيها، ومعرفة ما إذا
كانوا فعلا يشكلون خطرا عليها. وهنا لن يجدوا من يعارضهم، إذ حتى الإسلام
إنما وجد ليمنح الإنسان بيئة
تحترم إنسانيته وتعلي من شأنه.
كما كان بإمكانها الاستعانة
برجال من الدين الإسلامي،
يعرفون حق المعرفة أن غطاء
الوجه لم يفرضه الإسلام وليس من
الدين، وإنما هو عرف اجتماعي
اختار بعض فئات المجتمع المسلم
التعامل به، لعزل نفسها عن فئات
أخرى (وهناك أمم أخرى استخدمته
لنفس الغرض). إن فرنسا يعرفها العالم كجمهورية حملت
الكثير من القيم الإيجابية
للحياة، ومن يعرف فرنسا جيدا
يعرف اسهامها الكبير في شؤون
كثيرة من الحياة، سواء في
الفلسفة أو الفنون أو العلوم أو
غيرها، وجدير بتلك الأمة أن
تحافظ على ما اكتسبته من قيم
إيجابية في هذه الحياة، لا أن
تصبح طيعة في أيدي رجال ينضحون
بالتحيز لقيم الاستعمار
والسيطرة، إذ، وبغض النظر عن
الادعاءات التي قيلت حول مسألة
محاربة الحجاب، فإن جوهرها لا
يبتعد، في اعتقادي، عما طرح من
تأويلات! وهناك بعد فلسفي آخر لهذه المسألة، نحتاج
حتى نقترب منه، إلى التعرف على
ما يملكه البصر من مكانة في
الفكر الغربي المعاصر، حتى
نتمكن من فك شفراته. فالغرب الحديث بنى مجمل معارفه المعاصرة
على المراقبة والنظر، حيث أصبحت
الملاحظة البصرية في جوهر
العلوم والمعارف، وتراجعت
البصيرة إلى درجة كبيرة في
العلم الغربي الحديث. وبغض النظر عن كون هذه المسألة، كانت تلقى
بعض التصدي من قبل علماء لم
يستندوا عليها كمرجعية مطلقة في
معارفهم، إلا أن السيادة
للملاحظة البصرية بقيت في مكان
المركز بدرجة كبيرة، وما عدى
ذلك يصبح علما قابلا للدحض أو
عدم القبول، إلا عند قلة من
علمائهم، بغض النظر عما تكشفه
الدراسات الحديثة في بعض
العلوم، مثل الفيزياء الكمية
وغيرها مما يكشف عن قصور في هذه
التصورات. إن المعرفة والدلالة المعرفية تبقى
مرتبطة بالكشف البصري في معظم
العلوم الغربية المعاصرة،
ومعرفة هذا البعد يقربنا أيضا
من التعرف على جذور الفكر
المادي، والذي هو مبني على
الملاحظة والنظر وإثبات الوجود
عن طريق التعرف إليه بصريا. وهنا يتقاطع الفكر الإسلامي مع الفكر
الغربي المعاصر في كونه، أي
الفكر الإسلامي، مرتكزا على
البصيرة وعلى التفكر في أمور
أكثر تجريدية وبعدا عن التجسد،
وذلك لكون هذا الفكر مرتكزا على
مرجعية غير مجسدة، ألا وهي وجود
الله سبحانه وتعالى. جامعة الإمارات ================== لبنان: بين الذئب
والعنزات الثلاث بقلم :د. محمد سلمان العبودي البيان 25-7-2010 ما هي قصة الصيف ولبنان؟ وهل هناك علاقة
نفسية بين كلمتي الحر و الحر(ب)؟
يبدو أن حرارة الجو المتزايدة
على جغرافية سطح الكرة الأرضية
لها تأثيرات سياسية - نفسية ؟
أوسطية. وإلا فلم نعد نفهم لماذا
تدق طبول الحرب على الشعب
اللبناني بالذات في شهري يوليو
وأغسطس من كل عام؟ إذا كانت المسألة لها أغراض تخريبية
اقتصادية لردم المنجم السياحي
على أهله وتدمير السياحة
اللبنانية التي تدر عليها سنويا
المليارات من الدولارات من جيوب
الفارين من أمام حر الخليج
والتي تنثر معظمها على الفنادق
وتأجير الشقق وارتياد المطاعم
والتسوق والمواصلات والسهرات
الفاخرة الأخرى، فإننا نتفهم
ذلك. فالحرب السياحية تكتيك
قديم عرفته المنطقة منذ زمن
طويل. وقد اكتشفها المقاومون والمعارضون
والمضربون في العالم فيما بعد.
واستهدفت واستنزفت هذه الحرب من
قبل العديد من الدول السياحية
كاليونان وأسبانيا وفرنسا
وتركيا ومصر والمغرب... إلخ.
فبمجرد حدوث انفجار واحد في سوق
شعبي أو في فندق حتى تلغى ثلاثة
أرباع الحجوزات. وتتكبد الدول
خسائر فادحة من جراء ذلك. ويكون التوقيت مهما، حيث ان إرهاب السياح
يجب أن يتم في فترة مناسبة، فإذا
كان بعيدا، نسي الأمر وعادت
الأمور إلى ما كانت عليه، ويجب
أن لا يكون بعد انتهاء إجازة
الصيف فيفقد هدفه، وإنما قبلها
بأيام قليلة أو في عز موسم
السياحة. وموسم السياحة في معظم دول العالم يبدأ في
شهر يوليو وأغسطس. وقد استفاد
موظفو وعمال وسائل النقل
كالطيران والسكك الحديدية
والمترو أيما استفادة من هذا
التكتيك في المطالبة بحقوقهم من
خلال اختيار فترة السياحة
لإعلان إضرابهم. وهي ورقة ضغط
قوية جدا على الجهة المستهدفة.
فسرعان ما تستسلم وتقدم
تنازلاتها. ويبدو أن إسرائيل تختار توقيتها بشكل
مدروس، وتعلم بأن لبنان يقوم
على المساعدات الخارجية
القليلة وعلى السياحة بشكل أكبر.
وتدمير هذا البلد الذي يتميز
بكل ما يرغب فيه السائحون من سحر
الطبيعة والمتعة و(الجو الحلو)،
يجب أن يتم على عدة أصعدة،
ابتداء من تدمير البنى التحتية
كما حدث في عدة حروب وآخرها حرب
2006، والتي عجزت الدولة عن
إعادتها على ما كانت عليه من
قبل، أو إثارة القلاقل والبلابل
بين الطوائف المختلفة والتي
يسهل إثارتها، كما يحدث الآن
وكما حدث من قبل، أو إرهابها ولو
إعلاميا بشن حرب مدمرة. ويكفي أن يشعر السائح بعدم الأمان حتى
يغير دفة سفينته متجها إلى
فرنسا أو سويسرا أو بريطانيا أو
بعض دول شرق آسيا، حيث يفرغ
جيوبه عدا ونقدا وهو غير قلق ولا
مفزوع كما لو ظل يهيم في شوارع
بحمدون أو عاليه أو السولتير. هكذا تضرب إسرائيل السياحة اللبنانية في
كل مرة. ويمضي الصيف ويمضي الشتا
كما تقول فيروز وإسرائيل لا
تهاجم لأنها تدرك جيدا أن ذلك
سينهك قواها هي أولا، ولا تضرب
لأن سياحتها هي اللي ستتضرر،
وتكتفي برفع العصا واستعراض
القوة. وقد يتساءل البعض، كيف لا يؤثر هذا التوتر
الذي تثيره إسرائيل في المنطقة
على السياحة في إسرائيل نفسها؟
الإجابة بسيطة: إن معظم سياح
إسرائيل من الغرب، وهؤلاء لا
يقرأون ما يحدث لدينا. نحن فقط
من يهتم بأي تصريح أو مقولة تصدر
ولو بشكل عابر في إسرائيل. وقد يكون الهدف ليس فقط السياحة وإنما
شوكة مقاومة حزب الله ومن يقف
معها ويدعمها في لبنان.
وإسرائيل والولايات المتحدة في
حيرة من أمرهما. هل يتم اجتثاث
إيران أولا بحجة ملفها النووي،
وتسقط أوراق سوريا وحزب الله
تباعا؟ أم يقطع رأس حزب الله
أولا ثم تفهم إيران وسوريا
مضمون الرسالة وترفع الراية
البيضاء؟ والمسألة خطيرة جدا ومعقدة. فالخوف يكمن
في أن ضرب إيران بعيدا قد يحرك
المقاومة في الجنوب لتخفيف
الضغط على حليفتها. والتعرض
لحزب الله قد يكرر ما حدث في
الحرب الأخيرة خاصة وأن
المقاومة قد اكتسبت خبرات جديدة
في مواجهة عدوها اللدود،
إسرائيل، ما قد يؤجل عملية ضرب
إيران إلى أمد بعيد. أما الحرب
على جبهتين فهذا آخر ما تفكر فيه
إسرائيل. إذا، في مرحلة الانتظار والتوتر واتخاذ
القرار الصعب، كان لزاما إرباك
حزب الله والمقاومة
واللبنانيين شعبا وأحزابا حتى
لا يستقر بلدهم على حال إلى يوم
القيامة. فكان الحل الأمثل
المؤقت هو العودة من جديد إلى
إثارة مسألة اغتيال رئيس
الوزراء السابق رفيق الحريري
واتهام عناصر من حزب الله، فهو
كفيل بشق الفرقة بين الطوائف
المختلفة. ومما يؤسف له هو استخدام دم هذا الرجل
كورقة لعب من قبل مختلف الأطراف
المتنازعة. والأغرب أن هذا
الشعب لا يتعلم من تجاربه
السابقة ولا حتى من قصة الذئب
والعنزات الثلاث التي كانت تروى
له قبل النوم. وخلافاتهم الطائفية أعمت أعينهم عن الذئب
الذي يقف على أبوابهم، بل هناك
منهم من يساعده على أن يفتح له
الباب، من خلال العملاء والخونة
لكي يقضي عليه بضربة واحدة!
والشعب اللبناني يدرك جيدا أن
بيته ما زال من قش، وأي نفخة
بسيطة ستطير به إلى ما لا رجعة
بعدها... فلنرى نتائج هذا الصيف على الصيف القادم....
================== الاستفتاء التركي بين
الإصلاح والسياسة آخر تحديث:الأحد ,25/07/2010 محمد نور الدين الخليج لو كان لتركيا أن
تختار الحدث الأبرز خارجياً في
العام 2010 أو على الأقل حتى الآن
لكان بالتأكيد الاعتداء “الإسرائيلي”
على أسطول الحرية وإراقة الدم
التركي لأول مرة على يد الدولة
العبرية . لكن لو كان الحدث داخلياً لكان الأبرز
بالتأكيد هو الاستفتاء الذي
سيجري في 12 أيلول/سبتمبر المقبل
على تعديلات دستورية تقدم بها
حزب العدالة والتنمية . ربما لا يبدو
الأمر كذلك بالنسبة للخارج
التركي ولا حتى لبعض الفئات في
الداخل التركي . لكن لو استعرضنا
التاريخ القريب لتركيا لوجدنا
أن الإصلاحات التي تمت عامي 2003 و2004
قد فتحت باب المفاوضات المباشرة
لعضوية الاتحاد الأوروبي .
وكانت في أساس التغيير الجزئي
لكن المهم في طبيعة النظام
السياسي في الداخل وتقليص هيمنة
نظام الوصاية العسكرية على
السلطة والحياة السياسية . ومع
أنه كان لا يزال أمام حزب
العدالة والتنمية الكثير
ليفعله غير أن ما تحقق حينها كان
منعطفاً في تطور النظام السياسي
في تركيا . وكلما كان حزب العدالة والتنمية يتباطأ
في الإصلاح وينشغل بهموم أمنية
وسياسية ونشاطات خارجية كانت
العقبات التي تواجهه في مسيرة
التغيير تعود لتبرز من جديد . وكان الفشل الأكبر في تلك المسيرة عدم
القدرة على الترويج لدستور مدني
جديد بعد انتصار الحزب الكاسح
في انتخابات ،2007 فضاعت فرصة
التغيير الكبرى دفعة واحدة . ولجأ الحزب إلى التغيير بالتقسيط عبر
تعديلات دستورية هنا وهناك .وأبرزها
تعديل بالسماح للمحجبات بدخول
الجامعات وآخر يتيح محاكمة
العسكريين أمام محاكم مدنية .
لكن المحكمة الدستورية أبطلت
التعديلين رغم أنه ليس من
اختصاصها إلغاء مضمون التعديل
بل النظر في ما إذا كان التعديل
اتبع الطرق القانونية ونال
النسب اللازمة من الأصوات . هذا كان في أساس التفكير باللجوء إلى
تعديلات دستورية واسعة لا تقتصر
على تعديلات بالمفرّق ولا ترقى
إلى مرتبة إعداد دستور مدني
شامل . لذا كان الاتجاه لتعديلات دستورية واسعة
تطال 26 مادة من الدستور . وإذا كانت العبرة ليست في عدد المواد
المراد تعديلها بل في مضمونها
فإن رزمة التعديلات الجديدة لم
تنل نسبة ثلثي الأصوات في
البرلمان لكنها نالت أصواتاً
كافية لكي يجاز إحالتها على
استفتاء شعبي تصبح بعدها نافذة
بالفعل . وللمرة الأولى ربما لا تبادر المحكمة
الدستورية إلى نسف التعديلات
ومنعها من الذهاب إلى استفتاء
بل بادرت إلى تغييرات محدودة
فيها لا تطال جوهرها ما أتاح أن
تطرح على استفتاء بعد أقل من 45
يوماً في 12 أيلول/سبتمبر المقبل
. جوهر الإصلاحات الجديدة أنها تغيّر من
بنية المحكمة الدستورية نفسها
بزيادة عدد أعضائها الحاليين
وطريقة تعيين أعضائها بحيث لا
تبقى المحكمة الدستورية تتفرد
بأعضائها الحاليين بقرارات
البرلمان أو أي قرارات أخرى ولا
تبقى عقبة أمام أي تعديلات
منطقية في الدستور والقوانين .كما
أن الإصلاحات الجديدة تفعل
الشيء نفسه مع المجلس الأعلى
للقضاة والمدّعين العامين الذي
يشكل مع المحكمة الدستورية
دولتين داخل الدولة وباتا بعد
صعوبة قيام العسكر بانقلابات
عسكرية الأداة الوحيدة لعرقلة
خطوات حزب العدالة والتنمية في
تغيير القوانين والتقدم على
طريق الإصلاح . ومن أهم التعديلات الجديدة محاكمة
العسكريين الذين لا يزالون في
خدمتهم أمام محاكم عسكرية إذا
لم يقتصر الجرم على شؤون عسكرية
صرف . أيضاً سيكون الأتراك في 12 سبتمبر /يلول
بالذات، ذكرى انقلاب 1980
العسكري، أمام فرصة تصفية
الحسابات مع قادة الانقلاب، رغم
أن معظمهم قد مات، ومع ذهنية
الانقلابات بحيث لا يتجرأ، أو
هكذا يفترض، أي جنرال عسكري على
القيام بانقلاب عسكري جديد لأن
المحاكمة ستنتظره فيما كان
القانون السابق يستثني قادة
انقلاب 12 أيلول/سبتمبر من أي
محاكمة . ستكون تركيا بالفعل في 12 سبتمبر/أيلول
المقبل أمام محطة حاسمة من
مسيرة إصلاح النظام . ومع أن
الأحزاب سوف تدلي بأصواتها ليس
على أساس مضمون الإصلاحات بل
على موقفها السياسي من حزب
العدالة والتنمية فإن نجاح
الإصلاحات في الاستفتاء إذا حصل
سيكون نجاحاً لكل الأتراك
ولمستقبل تركيا ويعزز من
ديموقراطيتها ومدنية النظام
والاستقرار . لكن الإصلاحات الجديدة ليست نهاية المطاف
بل إن الكثير لا يزال يحتاج
للتغيير لكن نجاح الإصلاحات
سيشجع بالتأكيد حزب العدالة
والتنمية وقوى التغيير على
الانتقال إلى الخطوة التالية
الجذرية وهي إعداد دستور مدني
جديد وشامل يضع فيه النقطة
الأخيرة على الحرف الأخير من
نظام الوصاية العسكرية
والقضائية المسمى ب”الدولة
العميقة” . ================== "إسرائيل"
والولايات المتحدة : علاقات
أمنية صاعدة آخر تحديث:الأحد ,25/07/2010 عدنان السيد الخليج بعد خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما
في جامعة القاهرة، الذي خاطب من
خلاله العالم الإسلامي، طُرحت
أسئلة عدة عن الصراع العربي “الإسرائيلي”
والدور الأمريكي في التسوية
السلمية المتوقّعة . هل يتمكن الرئيس الأمريكي من إلزام “إسرائيل”
التقيّد بقرارات الأمم المتحدة
إفساحاً في المجال أمام إنجاز
تسوية سلمية بدءاً من المسار
الفلسطيني؟ كيف ستتصرف، والحال هذه، جماعات الضغط
الصهيونية داخل الولايات
المتحدة، وهل ستمكّن الرئيس
الأمريكي من إنجاز مشروعه في
تحقيق التسوية؟ وكيف ستتصرّف الحكومات العربية حيال هذا
الملف، لجهة مساعدة الإدارة
الأمريكية على إرغام “إسرائيل”
للانخراط في عملية التسوية؟ هذه الأسئلة، وغيرها، ظلت مطروحة إلى
الآن، وستبقى إلى أمد غير
معلوم، طالما أن التسوية
السلمية مجمّدة تحت الضغوط
والشروط “الإسرائيلية” . وقعت خلافات سياسية ودبلوماسية بين
الإدارة الأمريكية وحكومة
نتنياهو، وموضوعاتها: حصار غزة
الذي تنفّذه “إسرائيل”،
وتطويق الضفة الغربية
واختراقها بالحواجز
والاعتقالات التعسفية،
واستمرار عمليات الاستيطان تحت
ذرائع واهية، وعدم الإفراج عن
المعتقلين الفلسطينيين . على أن اللجنة الرباعية الدولية،
المكوّنة من الولايات المتحدة
الأمريكية والاتحاد الأوروبي،
وروسيا، والأمم المتحدة، لم
تتمكن من أخذ زمام المبادرة
وتحريك العملية السلمية، بل إن
مصير اللجنة الرباعية صار
مطروحاً! وتراجعت معها “إسرائيل”
والولايات المتحدة: علاقات
أمنية صاعدة وعود وشعارات سابقة: خارطة الطريق، وحدود
دولة فلسطين، ومصير القدس
واللاجئين، وتجميد الاستيطان،
وغيرها . كما لم تتمكن مجموعة الدول العربية من صوغ
استراتيجيات بديلة عن تلك التي
أقرتها القمة العربية في بيروت
سنة 2002 . الملاحظ أن الخلافات السياسية بين إدارة
أوباما وحكومة نتنياهو لم تؤثر
سلباً في العلاقات الأمنية بين
الجانبين، لا بل حصل تعاون أمني
مفتوح، وكأن العلاقات السياسية
والدبلوماسية مستقرة وثابتة . من مظاهر التعاون الأمني الواسع بين
الطرفين: الاستعداد لنشر منظومة
(القبّة الحديدية) في العام
المقبل، وإجراء اختبار ناجح
لنظام الدفاع الصاروخي الجديد .
وتساهم الخزينة الأمريكية
بمبلغ 205 ملايين دولار أمريكي
لتمويل هذا المشروع . وصولاً إلى
إشعار “إسرائيل” بأنها قوية،
وليست عرضة لتهديد دول أو
جماعات في الشرق الأوسط، وفقاً
لوجهة النظر الأمريكية في وزارة
الدفاع ووكالة الاستخبارات
المركزية . إلى ذلك، تستمر اللقاءات على مستوى نواب
ومساعدي وزراء الخارجية لتبادل
الخبرات الأمنية والعسكرية،
وقد بلغ عددها أكثر من 75 لقاءً .
وتناولت قضايا عدة بينها، تطوير
نظام الدفاع الصاروخي في “إسرائيل”،
وزيادة الدعم المالي الأمريكي
في الشؤون العسكرية “الإسرائيلية”،
ليصل إلى ربع الإنفاق العسكري
الشامل . يوجز المتحدث باسم البنتاغون جيف موريل
عن وزير الدفاع الأمريكي روبرت
غيتس قوله: (إنه يؤمن بأن
التعاون العسكري بين بلاده و”إسرائيل”
هو تعاون غير مسبوق) . وهذه علامة
بارزة من علامات صعود العلاقات
الأمنية والعسكرية، على الرغم
من التعثّر السياسي
والدبلوماسي . تبدو القمة
الأمريكية “الإسرائيلية”
الأخيرة، بين أوباما ونتنياهو،
في وضع متقدم على مستوى تطوير
العلاقات الدبلوماسية
والسياسية، ومعالجة الإشكالات
السابقة في هذا المجال . فلا
ضغوط سياسية متوقعة في المرحلة
القصيرة التي تسبق الانتخابات
الجزئية للكونغرس في الخريف
المقبل، لأسباب أمريكية في
الدرجة الأولى، وبعدما تراجع
الزخم الذي أحدثه انتخاب أوباما
رئيساً للولايات المتحدة،
وتراجع معه تأثير الحزب
الديمقراطي في قطاعات مختلفة . في المقابل، لا تبدو عملية التسوية في وضع
جديد، أو في انطلاقة جديدة
متوقعة، لا بل إن أمين عام جامعة
الدول العربية أبدى قلقه من
الوصول إلى نهاية الثلاثة شهور
التي أعطتها الجامعة للنشاط
الدبلوماسي العربي كي يتم
تفعيله في مجال التسوية، دون
تحقيق أي نتيجة حتى الآن . هذا
القلق له ما يبرره، لا سيما أن
الأوضاع الإقليمية والدولية
غير مساعدة، والتهديدات “الإسرائيلية”
بالتصعيد مستمرة، بما لا يوحي
بأجواء السلام أو الاستقرار على
اتساع منطقة الشرق الأوسط . ================== التغيير في مصر بين صحة
الرئيس وتعثر الشارع السياسي الأحد, 25 يوليو 2010 حسن أبو طالب * الحياة الحديث عن التغيير في مصر بات أمراً
عادياً بين كل فئات الشعب، لا
تجد أكثر من اثنين يتحدثان في أي
قضية إلا وكان حديث التغيير
أمراً محتوماً. لم يعد الأمر
مقتصراً على أهل مصر وبعض العرب
المهتمين بما يجرى في أرض
الكنانة المحروسة، بل امتد إلى
وسائل إعلامية كثيرة ومن ورائها
أجهزة ومؤسسات تطلق الأخبار
الحقيقية والمفبركة لغرض أكبر.
البعض يعبر عن قلقه مما سيجرى في
اليوم التالي لنظام الرئيس
مبارك بصورة شديدة المبالغة من
جانب، ومن دون معلومات ذات
صدقية من جانب آخر. الحديث عن
صحة الرئيس هنا هو المدخل
لإثارة الغبار حول مستقبل
النظام والدور المصري، وحول
احتمال وصول الإسلاميين إلى
السلطة، ومستقبل معاهدة السلام
مع دولة الاحتلال في فلسطين. في غضون الاسبوعين الماضيين بدا الأمر
وكأنه مجرد موضوع صحافي مثير في
واحدة أو اثنتين من كبريات
الصحف والمجلات العالمية، غير
أن التكرار والإصرار، في أكثر
من مطبوعة يومية أو أسبوعية
اميركية وإسرائيلية وبعض صحف
عربية ليست على علاقة طيبة مع
النظام في مصر، على النغمة
والاستنتاجات نفسها بدا وكأنه
حملة تستهدف شيئاً ما أكبر من
مجرد التكهن بما سيجرى في مصر،
إن جاءت لحظة محتومة في حياة
البشر ولا راد لها. فقد تحدّث
البعض عن سيناريوات أميركية
لليوم التالي لنظام الرئيس
مبارك، وكأن النظام المصري
سينهار تماماً وسيكون معرضاً
لحالة الصومال مثلاً. وفي هذا
تكشف مدى عدم فهم آليات الحكم في
مصر وحجم المؤسسية فيه، وارتباط
القاعدة الشعبية، بما في ذلك
المعارضة نفسها، بمبدأ التغيير
السلمي والآمن وعبر القنوات
الدستورية والقانونية وليس أي
شيء آخر. وكم كان مثيراً أن يقوم الرئيس مبارك
بالكثير من النشاط البدني
والعلني ويشهد احتفالات كبرى في
كليات الحربية والشرطة ويستقبل
رؤساء دول من الصومال وتركيا،
ويجري مباحثات ويقوم بزيارات
ميدانية الى أكثر من موقع،
وكأنه يرد بالتجاهل والعمل
والنشاط، وفي الوقت نفسه تُصر
الصحف الأميركية والاسرائيلية
على اقتراب لحظة ميلاد نظام
جديد، وترشح له نجل الرئيس.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم
الرئاسة المصرية فإن نشاط
الرئيس هو خير رد على مزاعم هذه
التقارير الصحافية التي تفتقر
إلى المصادر المدققة. والمفارقة الأكبر أن هذا الزخم في النشر
الخارجي عن صحة الرئيس وقرب
التغيير الحتمي وطبيعة القلق
الاميركي والإسرائيلي من مصر
جديدة قد تغير معالم التوازنات
الاقليمية على غير هوى الغرب،
لم يثر الصدى الشعبي المطلوب،
على رغم إعادة نشره في الداخل
عبر صحف مستقلة وحزبية وبصورة
مثيرة أحياناً. ربما لأن الناس
تتحدث بالفعل عن التغيير وتتطلع
إليه أكثر مما يتحدث عنه صحافي
اجنبي زائر لبعض الوقت، أو حتى
مراسل مقيم كل همه أن يرسل
موضوعاً مثيراً يدغدغ به
المشاعر في بلده الأم أكثر مما
يهدف الى إحداث ضجة كبيرة في
الداخل المصري نفسه. فالناس في مصر، وعلى رغم ما في التعميم
علمياً من خطأ منهجي، يتطلعون
إلى التغيير، ويرغبون في إحداث
نقلة كبرى في الحياة العامة
والخاصة معاً، أكبر مما يتم
الحديث عنه في صحف الخارج. بيد
أن الوسيلة تبدو غير معروفة أو
يلفها الضباب والغموض. ومنذ
فترة ليست قصيرة هناك حالة من
الانتظار والترقب والتوقع لشيء
قادم قد يكون كبيراً وقد يهز
الحالة الوطنية بأسرها، لكنه
غير واضح بعد. الذين ينادون بأن
يكون هناك نائب للرئيس حتى تتضح
بعض معالم الصورة المستقبلية
للوطن، هم أنفسهم الذين ينادون
بأن تكون الانتخابات الرئاسية
نزيهة وشفافة وبلا قيود كتلك
الموجودة في المادة 76 الخاصة
بتنظيم الانتخابات الرئاسية
والتي تمنع عملياً ترشح أي شخص
غير حزبي. وإذا كان ذلك هو وضع
الناشطين سياسياً وقيادات
حزبية فما بال هؤلاء غير
الغارقين في تفاصيل الدستور
والقانون والمتمسكين بمعايير
النزاهة الدولية؟ حال السلطة، وبخاصة الحكومة، الذي يبدو
ثابتاً في المظهر ولكنه يعاني
الكثير من التباين بين أعضائها،
كما يكشفها الخلاف بين وزيرين
حول قضية تتعلق ببيع بعض من
أراضي الدولة، لا يختلف كثيراً
عن حال المعارضة وأحزابها
وجبهاتها وجمعيتها من أجل
التغيير. فالجميع يشهد انقساماً
وتضارباً وارتباكاً، ومما يزيد
الأمر سوءاً أن الانتخابات على
الأبواب، والفترة المتبقية لا
تزيد على ثلاثة أشهر، والحديث
الجاري يجمع ما بين المقاطعة
والتهديد بها، والمطالبة
بالمشاركة في الانتخابات ولكن
بضوابط تضمن نزاهتها
وشفافيتها، وأخيراً الاستعداد
للمشاركة ولكن من دون إعلان
برامج محددة حتى الآن. وإن كان
في الواقع هناك كثيرون محسوبون
على الحزب الوطني الحاكم وآخرون
مستقلون ومنهم قريبون من جماعة
«الإخوان المسلمين» وليسوا
بالضرورة أعضاء قياديين يقومون
بتحركات بين الناس وكأنهم حسموا
أمرهم بالمشاركة والترشح مهما
كان الوضع. وفي خلفية الصورة، ما زالت الجمعية
الوطنية للتغيير التي تعبر عن
جبهة شعبية عامة تتبنى سبعة
مبادئ اعلن عنها الدكتور محمد
البرادعي وتدور حول ضرورة تحقيق
المعايير الدولية للانتخابات
في الانتخابات المصرية
البرلمانية والرئاسية على
السواء، ما زالت تتحرك بين
الناس وتستقطب أعضاء جدداً
وترفع من وتيرة الضغط المعنوي
ضد الحكومة ومواقفها الرافضة
تغييرَ الدستور وقوانين
الانتخابات، وذلك حتى على رغم
خروج مؤسسها من حلبة السياسة
ومعضلاتها. وهو الخروج الذي
يجعل الجمعية في نظر البعض كابن
يتيم بلا أب. ولكنها في نظر أبرز
المؤيدين لها، ما زالت الجمعية
التي تعبر عن نبض الشارع
وطموحاته، لذا فهي بنظرهم أصبحت
حركة ذاتية التطور والنمو، وبما
يعكس حيويتها والتصاقها بهموم
الناس وتطلعاتهم المشروعة في
تغيير سلمي وآمن وتقدمي في الآن
نفسه. خروج البرادعي من الحلبة ميدانياً وليس
معنوياً، خضع لتفسيرات كثيرة،
منها ما ربط بين جوانب معينة في
شخصيته وجهله بالواقع السياسي
المصري، ومنها أنه تجاهل
الأحزاب السياسية وتصور أنه
يستطيع ان يحل محلها، كما تصور
أن له جماهيرية في الداخل مثل
تلك السمعة الدولية التي حظي
بها طوال العقدين الأخيرين. وفي
نظر البعض كان البرادعي مجرد
زوبعة و «استعراض اعلامي لا
أكثر ولا أقل». تعدد التفسيرات
يشير في جانبه الآخر إلى أن
الرجل استطاع بالفعل أن يحرك
مياهاً كثيرة حتى وإن اقتصر
دوره على مجرد إلقاء الحجر
الأول في البحيرة الساكنة. صورة عامة تجمع الكثير من المتناقضات
والإرباكات ولكنها لا تمنع
مثقفين ومهتمين بالشأن العام من
البحث في مستقبل الوطن وتحديد
وجهة الانتخابات المقبلة.
وقياساً على ما أجري في
انتخابات مجلس الشورى قبل
شهرين، فمن شبه المؤكد أن جماعة
«الاخوان المسلمين» قد تحصل على
عدد محدود جداً من المقاعد
النيابية والأرجح لا مقاعد على
الإطلاق، بينما المؤشرات ترجح
حصول أحزاب شرعية من بينها
الوفد والتجمع والناصري على عدد
من المقاعد التي من شأنها أن
تدمج هؤلاء في بنية السلطة
التشريعية وبحيث تثبت قيمة
العمل الشرعي كمعارضة في ظل
نظام تعددي مقيد. ومن شبه المؤكد أيضاً ألا يحدث التغيير
الشامل المطلوب، والمتضمن بحسب
بعض الاجتهادات تغييراً شبه
كامل للنخبة الحاكمة وإبعاد
رموز كثيرة من الحزب الوطني
ورجال الأعمال الذين يؤيدونه.
بيد أن المرجح بحسب اجتهادات
متابعين الشأنَ المصري بكل دقة
أن يحدث تغيير جزئي، ولكنه مهم،
ليس من خارج النخبة أو على يد
المعارضة المنقسمة على نفسها
والتي تغيب عنها فضيلة التحرك
الجبهوي المناسب لشروط اللحظة
الزمنية الراهنة، وإنما على يد
فئة من النخبة الموجودة داخل
النظام ذاته، والتي ترفض الفساد
والخضوع التام لسطوة رجال
الأعمال، والتي تدرك أن صورة
مصر في الخارج ليست على ما يرام،
وأن فيها خدوشاً كثيرة يجب
إصلاحها فوراً قبل أن يتعذر
الأمر ويصبح الثمن أكبر مما هو
عليه الآن. هؤلاء يدركون أن
الحزب الوطني الحاكم ليس سوى
جبهة في حد ذاته، وأن فيه تنوعاً
سياسياً وتتعدد فيه
الاجتهادات، ويخضع بين فترة
وأخرى إلى نوع من الترتيبات
والتوازنات الداخلية التي تفرض
نفسها في مواقف معينة، وتبني
سياسات مناسبة لفترة زمنية
ولكنها قابلة للتغيير حين تتغير
التوازنات التي تحملها. قد يرى البعض أن هذه مرونة موجودة في صلب
بنية الحزب نظراً لوجوده في قلب
السلطة منذ سنوات طويلة، وقد
يراها آخرون دليلاً على أن
الحزب الحاكم يعكس في داخله
خريطة مصغرة من الاتجاهات كتلك
الموجودة في المجتمع ككل،
وبالتالي فإن الحزب شأن كل ما هو
حي يخضع للتغير والتبدل سواء في
الاشخاص أو في الاتجاهات العامة. مقارنة وضع الحزب الحاكم بأحزاب المعارضة
تبدو ظالمة نظراً لفارق القوة
والسلطة والنفوذ بكل أشكاله،
ولكنها تفيد في توضيح عناصر
المسرح السياسي الشائك في مصر
في لحظة حرجة بكل المقاييس،
لحظة يعتبرها كثيرون فاصلة بين
عهدين، أحدهما قارب على الغروب
وآخر يبحث عن لحظة البداية
والشروق. * كاتب مصري ================== الأنساب صورة سلطان
الأمة واطّراح الأبنية
والأفراد الآحاد المستقبل - الاحد 25 تموز 2010 العدد 3721 - نوافذ - صفحة 9 وضاح شرارة يؤرق أهل المجتمعات العربية عموماً، وهم
يقصدون بلوغ أو إنجاز ما يرفعهم
إلى مرتبة القدوة "الكونية"
وينصب ما يصنعونه (أو يصنعه
بعضهم) معياراً عاماً وجامعاً
إنسانياً، وقوعُهم في خصوصية
بلدية يرغبون فيها وينفرون منها
في آن. ويبدو السعي هذا متناقضاً
ومتدافعاً. فإرادة الصفة
الكونية والإنسانية تلازمها
إرادة دمغ الإنجاز أو العمل
العلمي أو السياسي أو الثقافي
بدمغة الخصوصية "العربية"
الخالصة. والترجح بين حدين
يُجزم في بعد الشقة بينهما،
وعسر جمعهما أو تهجينهما،
يُسْلِم إلى ضروب من الإفراط في
التبعيد والتخصيص والتقييد
تؤدي بدورها إلى تقابلات وأضداد
محمومة. وقد يتذكر بعضنا تأويل
حصول أحمد زويل قبل نحو عقد من
الزمن على جائزة نوبل في
الفيزياء. فذهب بعض إلى أن
الجائزة "الكبيرة" قرينة
على مضاهاة "العقل العربي"،
ويفترض أن زويل قبس منه وبعض
فيضه، "العقل الغربي"،
وميزان نوبل آلة قياسه. وحمل
معلقون وسياسيون "نبوغ"
الباحث المصري الأميركي على
تربيته العائلية في مصر. وبعضهم
خصص أو عمَّ فقال الإسلامية.
وقصروا أثر دراسته الأميركية،
في معاهد الولايات المتحدة
ومختبراتها وفرق الأبحاث فيها،
على نقل التفوق من القوة إلى
الفعل أو التفعيل، على ما درج
القول. الفيض والنسب والصيغة الزويلية فرع ضئيل على أصل عظيم
هو أصل إنجاب الأمة. فيقال أن
أمة أنجبت فلاناً وفلان هو "عبد
الناصر" من غير "جمال"،
بديهة، أي ابن الأمة البكر
والمثال القاطع على البنوة
الأمية المباشرة والأشبه
بالخلق والتسوية والصنع من غير
تضافر أنساب أو أرحام، أو فلان
هو ملازم أول في الجيش اللبناني
خرج على قيادته الوطنية والتحق
بالفلسطينيين المسلحين وشهر
ولاءه العروبي لا تموت أو لن
تموت، على سبيل التأبيد الأثير
والمستحب. والرجال الكبار، "آيات
الله"، يبعثون على رأس كل مئة
عام، على تذكير أسرة رجل توفي
أخيراً، هم ولائد هذا الصنف من
الولادة، ويتحدرون من غير وساطة
أنفسهم، من الأمة التي لا تموت. ولعل تعذر تعليل إسهام الباحث العلمي
المصري الأميركي في احد ميادين
الأبحاث العلمية والتقنية
الكونية أو العالمية، من غير
حمله على بعض فيض "عقل" أو
"روح" أهله أو جماعته
وأمته، ومن طريق الإقرار
بفرادته وجَلْو هذه الفرادة في
هيئات وأبنية وأنظمة مشتركة،
علامة من علامات كثيرة على عسر
تدبر أمرين شديدي التلازم هما
فردية الأشخاص والآحاد، من وجه،
وتعهد الهيئات والأبنية
والأنظمة الاجتماعية (التعليمية
والتربوية والتقنية والذهنية
والقيمية والذاتية) الأشخاص
الآحاد وفرادتهم، وحمل فرد من
الناس ("العرب") على قومه،
على "عقلهم" أو على "أخلاقهم"،
وفي كلتا الحالين على جميعهم.
ونسبته إليهم من غير وساطة،
تقود إليه في الغالب أبنية
اجتماعية وسياسية وثقافية
تُحِل الجميع (أو الجماعة) في
آحاده (أو آحادها وأفرادها).
وتتناول الجماعة الآحاد
والأفراد، وتصنعهم وتعرِّفهم
وتلبسهم، على صيغة التبعيض. فهم
بعضها، صلباً ودماً ورحماً
واسماً وطباعاً ومكانة. وآلة تناول الجماعة الآحاد الأفراد على
صيغة التبعيض، أو القبس والفيض،
هي النسب أو الأنساب. فمن طريق
الانتساب، والانتساب ركن
الجماعة وعصبيتها وتماسكها
وعددها وشوكتها أو قوتها،
يستدرك الأفراد الآحاد على
انفراط عقد جميع الجماعة،
وتذررها عشائر وقبائل وبطوناً،
وفي آخر المطاف أفراداً "عضويين"
وتامي الخلقة والحياة
المتعضِّية. ويغالب النسب أو
الانتساب، والأبنية القرابية
والسياسية والمكانية المتحدرة
منه وحارسته والقوامة على
دوامه، الانفراطَ الطبيعي،
والتباين أو الفرق الاجتماعي
والصناعي، معاً. ويترتب على
الاستدراك (على انفراط عقد
الجميع) والمغالبة، بذل
الجماعات جهداً مجهداً في سبيل
الحؤول دون نهوض هيئات وأبنية
ونظم أو رسوم اجتماعية تتوسط
علاقات الأفراد الآحاد بنواة
الجماعة، أو بنفسها (روحها)
وعقلها المفترضين. فمثل هذه
العلاقات، أو الوسائط، تعقِّد
انتساب الأفراد الآحاد إلى
اصلابهم أو صلبهم الجامع، مناط
"وحدتهم" وتعصبهم، وهي
تضعفه وقد تبدده. فيحسب الواحد
انه عامل أو عالم أو تاجر أو
راقص قبل ان "يكون" من هذا
البلد، أو هذا الوطن، أو هذا
المذهب والمعتقد، أو هذه
العائلة... فينسب نفسه إلى جزء أو
فرع من أصل يفترض أوَّلَ
وركناً، ويفترض ابتداءً جامعاً
ومستوفياً التعريف التام
والحقيقي، ومفرِّقاً الأصيل من
الدخيل. فلا يستقيم القول السائر والمتفق عليه أن
مجتمعاتنا وبلداننا ودولنا "تنقصها"
المؤسسات والهيئات والأبنية
"المتخصصة" أو التقنية، أو
أنها "تفتقر" إلى "روح"
المبادرة الفردية و "المبدعة"،
وإلى المغامرة والمنافسة
والابتكار. والأدق ربما القول (بعد
الملاحظة والتقرير) أن
المجتمعات والبلدان والدول هذه
تدفع المؤسسات والهيئات
والأبنية الوسيطة دفعاً
ومدافعةً، وأنها تكاد تجمع على
إنكار جواز قيامها أو اضطلاعها
بأعمال أو مهمات تختص بها،
ويتولى أصحابها وأهلها مناقشة
معايير عملها، وإقرار هذه
المعايير. فتكثير المؤسسات
والهيئات والبنية الوسيطة يفتت
الجماعة دوائر وأجساماً
واختصاصات ومعايير وأحكام عمل،
ويشرذمها تالياً لحمات و"أنساباً"
(على معنى روابط "التضامن")
ويفرقها تواريخ وذاكرات،
ويشقها طبقات ويذررها أفراداً
وآحاداً. ويُكَثِّر هذا
الولاءاتِ، ويتركها للأهواء
والحوادث والآراء، ويقطع
اتصالها واصطفافها في مراتب
يحتوي بعضها بعضاً، ويتضمن
أعلاها أدناها ويبطنه. وانحلال
الجماعة، وجسمها الواحد
والمجتمِع على ما تكني عنه
الأمة على مثالها النسبي
والقرابي الأبوي والأخوي، يلد
مسوخاً غريبة يرى إليها "عقل"
الجماعة عدواناً على العقل
والمنطق السويين والمستقيمين. الطائفيتان... المستولية والمتربصة والحق أن مسألة انفراط الأمة، أو الجماعة
الجامعة، يقود تتبعها أو تعقبها
إلى وجهين مختلفين وليسا
متفرقين وحسب. والوجه المعهود
والمعروف في اختبارنا (العربي
والإسلامي) هو الانفراط "إلى"
قبائل وعشائر ودوائر أهل ونواح
وطوائف وملل وأصناف وطرق.
والقبائل والدوائر والنواحي
والملل تتداعى، أي يدعو بعضها
بعضاً ويجره ويعضده ويستدرجه
إلى الميل معه ومماشاته.
وتتضافر على القصد شطراً واحداً.
وينكر الحكم المركزي، "القومي"
ذو المصدر التشريعي والدستوري
الديني أو الوطني (شرط انتسابه
الصريح إلى الأمة وحمل نفسه على
قطعة منها تنتظر بفارغ الصبر
عودتها إليها)، ينكر على
الأبعاض أو القطع المنفرطة
طعنها العميق والثخين في الأمة
التي يقوم هو، الحكم المركزي
والعسكري الأمني غالباً،
مقامها. وهجاء الطائفية المرير،
ومعظمه يجري على ألسنة طوائف
مذهبية مستولية وبعضه على ألسنة
علمانيين ذهنيين أو "ذُهانيين"،
يكاد يكون الأدب "السياسي"
المشترك الأول. ولعل السبب في
عنف الهجاء وعمومه ودوامه، منذ
انحلال نظام الملل العثماني في
الثلث الأول من القرن التاسع
عشر، هو اشتراك المركز أو
المستولين، والخارجين عليه (أو
المعارضين في صيغة أقل فظاظة
وأقرب إلى الوقائع ومقالاتها)،
في علل وأنساب طائفية أو مللية
وأهلية متضاربة أو متقابلة، على
شاكلة "قبائل" الجمجمة
وعظامها المتناظرة. وأهل المركز يعلمون بعلم معصوم "إلهي"
(محمد باقر الصدر) وقاطع ان
انقلابهم (إلى) عصبية الدولة
المركزية، واستيلاءهم على هذه ب
"ضربة"، على قول أعجمي، هو
ثمرة ائتلاف ملي على ملل ضعيفة
اللحمة، وعلى إدارات وأجهزة
أصاب الاهتراء رأس "سمكتها".
وما حصل في الاستيلاء السابق
جائز في استيلاء لاحق. ويتهدد
السابق استيلاءٌ لاحق على
الدوام. فيبدو هذا وشيكاً، ولا
دافع له إلا بأحكام عرفية
وطوارئ متجددة "إلى الأبد"،
على القول المشهور. واستقرار
الاستيلاء والولاء على التضامن
العصبي المتقنع بأقنعة الدولة
المركزية الوطنية ("القومية"
= الأمة المنتظرة والكامنة) لا
يدفعه ولا يقيده، ما دام مجتمع
الجماعات على هذه الصورة، إلا
تضامن عصبي مثله (عصبية) وخلافه (مادة
عصبية وقواماً). فتخاف "ائتلافات"
شيعة العراق، على رغم عدد
نوابها الغالب وتوليها إنشاء
الإدارات والأجهزة في عهدة
أميركية متملقة، ائتلافاً
سنياً شيعياً يتهدد خليطه "الوطني"
صفاءها وتجانسها المفترضين.
وتتسمر الحياة السياسية
والحكومية في مكانها الدبق هذا.
ومضى على بعض "المراكز"
المستولية نحو نصف قرن، عصفت
تحولاته وأطواره بمجتمعات
العالم المزعومة راكدة، من غير
ان يطرأ عليها طارئ غير تعاقب
الدهر من غير سأم ولا سؤال ثقيل. والوجه المعهود والمعروف لانفراط الأمة
ودولتها (إلى) قبائل وملل ونواحٍ
وأصناف إنما تحاربه الدولة
العصبية المركزية لأنه الوجه
الشبيه بها، ونقيضها القوي
والناهل من معينها ومائها. وهو
يكذب زعمها إنها تقوم مقام
الأمة، وأنها عدلها وكفؤها،
وتقاتل، أي تقتل غالباً وتغتال
وتقهر وتصادر، بسيفها. فتنشأ عن
هذه الحال سلطنات أو ممالك أو
إمبراطوريات (في ترجمة عربية
تقريبية) تلم، على شاكلة
الأساطير الفرعونية، قَصَصاً
يُجمع بعضه إلى بعض، ويُضم ضماً.
وتبقى القطع أو الأجزاء على
حالها من الانكفاء الداخلي، ويبقى "الكل"
المجموع على حاله من الجمع
المفتعل والمتحاجر. فيقال "مناطق
مضمومة"، بعد 90 عاماً في
الأقضية الأربعة التي استوى
معها لبنان "كبيراً" في
حدود أهلية وملية، شأن تلك التي
غلبت على إنشاء الولايات
وتمييزها بعضها من بعض. ويقال
"البدون" في جماعات تتقلب
منذ قرون بين أظهر "المواطنين"
ولا يفصلهم عنهم حاجز غير نسب لا
يحول. ويسوغ الخوف من التوطين،
المدعو كذباً توطيناً لنفي
التبعة عن النفس، إنشاء معازل
سكنية بائسة ومهينة بذريعة
حمايتها هوية سياسية ووطنية
يُخشى تخلي أهلها المفترضين
عنها. ويحمل تسلحها في رعاية "قومية"
على مقاومتها "التوطين". الإصعاد والحلول ويقتصر "التوحيد" الرأسي على انتصاب
قوة مادية وأهلية غالبة،
غلبتُها الظرفية و "الواقعية"
رهنُ التزامها بعض القيود
والحدود في سوسها الجماعات
الأخرى الوطنية، فيها جماعتها
الأهلية نفسها، ورهن ضعف
الجماعات الأخرى وتفككها
وغرقها في منطقها العصبي والخاص.
ويحفظ لحمة السلطنة، التشريحية
والظاهرة، فزع الجماعات من ثمن
قيامها على الرأس المركزي
المقحم والمستولي، المتحصن
بالقوة العسكرية والأمنية
والإدارية. وهو ثمن أهلي باهظ لا
يطاق، على ما اختبر في عدن، "الديموقراطية
الشعبية"، في الأيام الأولى
من 1986، واختبر قبلها هنا وهناك
في "انتفاضات" مدينية
أهلية قمعت في دم غزير لم يُشف
منه غداة نحو 30 عاماً، ويحول دون
التئام جروحه قانون طوارئ مزمن.
ويحفظ لحمة السلطنة، من وجه آخر
ملازم، رعب الجوار الإقليمي،
وما يليه من جوار دولي أي
أوروبي، من تداعيات خروج
الجماعات الأهلية على عصبيات
دولها، وأثر التداعيات في "عمق"
الجوار "الاستراتيجي"
اللصيق، على قول مدرس علوم
سياسية تركي، "عثماني"
تاريخاً ومخاوفَ إن لم يكن
نسباً وعرقاً. ويتصدى الرأس السلطاني لتصدع الجسم
الملصوق الأجزاء قسراً، بآلة
المنطق التعبيري الذي تتفتق عنه
الأبنية النسبية والعصبية، إلى
تصديه بواسطة القوة المستولية
الواقعية والتلويح المروع
بالحروب الأهلية وتداعياتها
"العميقة". فعلى هذا المنطق
وهو "حس" شائع وعام يتشاركه
جمهور مجتمع في وقت من الأوقات،
ويقوم من معاملاتهم ومقالاتهم
مقام البدائه أو البديهيات تصدر
السياسة عن معنى جامع بؤرته
الأمة. ولا تطعن كثرة الأجسام
الأهلية في البؤرة وتوحيدها
المفترض. فمن طريق الإصعاد في
النسب تلفي أو تجد العشائر
والعصائب الكثيرة ظاهراً نفسها
"واحداً" حقيقة وجوهراً،
يجري في عروقها دم واحد هو تمثيل
على اسم ومعنى جامعين. وترد
الفروع على الأصول، وتطوى في
أصل أصولها من طريق الإصعاد في
النسب. وينزل السلطان، صاحب
السلطنة وأهله، الأصلَ أو
البؤرة، ويحلها حلولاً مقدساً،
أو "إلهياً" على قول بعض
الفرق و "أئمتها". وهذا
الضرب أو الصنف من الحلول يربط
عالم ما تحت القمر، على قول
يوناني قديم في "عالم"
الكون (الولادة) والفساد (التغير
والموت)، بعالم المعقولات
الثابتة. وقبول السلطان الهيئات والمؤسسات
والأبنية الدستورية التمثيلية
المنتخبة والقضائية والإدارية
والتقنية، أو رضوخه لها، إذعان
صوري وشكلي. وهذا ما يعلنه دستور
الجمهورية "الإسلامية"
الإيرانية من غير مواربة.
وتسليط المجالس، مجلس حراس
الدستور والخبراء والصيانة
ومجلس تشخيص مصلحة النظام، على
الهيئات الناخبة والمنتخبة،
وعلى الترشيحات والتعيينات
والقرارات والسياسات، في إشراف
المرشد الأعلى "الدائم"،
قرينة على إيداع السلطان وديعة
بيد من لا قيد من التمثيل
والمداولة والمصالح عليه. وهو
قرينة على قيام السلطان وأهله،
بمحل يتعالى على المحاسبة
والمراقبة والمداولة والمخالفة
العامية أو "الجمهورية".
وبعض الدساتير ينيط قيادة "الدولة
والمجتمع"، سلفاً بالحزب
الحاكم. والحزب الحاكم، المتحدر
من استيلاء، وُهب اصحابه نصف
قرن لتسويغ استيلائهم، من بعد.
فإذا شابت التوكيل المطلق من أي
قيد "شائبة"، هي رأي
الهيئات الناخبة وإرادتها، "جاز"
للولي، فقيهاً ام ابناً، تكرير
الشائبة وتهذيبها، وتشذيبها
بالقوة المسلحة "الشعبية". النقيض والضد وعلى هذا، فلا ضد للمتربع في سدة الولاية
المركزية المستولية والعصبية،
وينبغي ألا يكون عليه وعلى
سياساته قيد. فالقيد إذا كانت
الجماعات الطرفية والمتربصة
مصدره من تلقاء وجودها ومصالحها
وقوتها، عالج المركز الأمر
بمزيج من الاستجابة وشراء
الولاء والقمع. وحال بين العلاج
وبين استوائه سابقة يقاس عليها.
وإذا كان مصدر القيد قوة سياسية
وأهلية تنافس على السلطة كلها
باسم عصبية مهزومة ومغلوبة، حق
في هذه النفي من الحياة "العامة"،
أي دوام النفي من دائرة
المساومة وشراء الولاء الجزئي.
فلا ينبغي، على أي وجه أو مقدار،
ظهور معارضة سياسية تقوم من
المركز المستولي مقام الضد.
فتتولى إرساء المنازعة على
الحكم على قواعد أو نهج تصريف
الحكم وتداوله، وعلى توزيع
الأصول والاستثمارات والعوائد،
في إطار هوية تاريخية سياسية
تقر للحاضر وللتاريخ القريب
بحقيقة راهنة. والضد، ومقاومه،
هو خلاف النقيض الذي يتشارك
ونقيضه المثال النسبي والعصبي
الواحد والكلي. وليس أيسر على
المركز المستولي من قلب ضده،
إذا استوفى بعض شروط القيام،
إلى نقيض لا يستقيم معه وفيه إلا
النقض والنفي المعنويان، وإلا
الحرب الأهلية ومنزعها إلى
الاستئصال والغلبة المطلقة
وغير المقيدة. ويترتب هذا على
منطق التعبير السلطاني.
فالمتربع في المركز من طريق
الاستيلاء والقوة الواقعية،
على رغم قلته (أو أقليته)
وهامشيته تمثيلاً وعدداً
وموارد وقوة على التأليف، يساوي
الحكم بالاستيلاء، ويحسب انه
قادر على الحكم، وجدير به "مئة
مرة" على قول صاحبهم، ما دام
في وسعه ووسع كردوسه المسلح
والأمني ملء "البر"
بمسلحيه وسلاحه. وركن قوة التعبير السلطانية، أو سلاحها
الماضي والجارح هو الحرب و"مجتمعها"
المزعوم. والحرب تنفي المجتمع
واستواءه على علاقات تقسيم
العمل والاختلاف والتضامن
والتكامل معاً. فقسمة "المجتمع"
نقيضين معنويين وماديين،
وإدارة القسمة على هوية المجتمع
والدولة، وعلى انتسابهما
الجوهري والأصلي، تنصبان
العصبية المستولية في موقع
الأصل والقطب، وتنفيان
العصبيات الأخرى، الطرفية، أو
الوطنية المعارضة، إلى خارج
مريض ومعادٍ. فلا تدين ببقائها
إلا إلى استحالة استئصالها
المادي، وإلى الفزع والذعر
الإقليميين والدوليين اللذين
سبق الإلماح إليهما. ولا يبطل
الأمران السعي الدؤوب والملح في
إبطال العصبيات المعارضة
والطرفية بطلاناً معنوياً
يترتب عليه بطلان مادي وسياسي،
ولا في إخراجها من الانتساب إلى
أصل مشترك وجامع تالياً. وأوكلت
الثقافة "السياسية"
العربية الغالبة، وأجهزتها
وأبنيتها العاملة على النسب
والأصل والتراث إلى "فلسطين"،
وآلاتها العينية ومعانيها
النافذة ومقالاتها المعيارية،
الاضطلاع بالبطلان والإخراج
هذين، وبإدارة القسمة الأهلية
على "مجتمع الحرب" ونقيضيه
المتنافيين. وإناطة السياسة "العربية"
ومنازعاتها وخلافاتها، ب "فلسطين"
هذه، واختصار السياسة فيها بعد
حملها هي ("فلسطين"
المفترضة) على القداسة والأصل (القضية
الأولى) والصراع و "الوجود"
وحدَّي البقاء والاندثار...
يدخلها في حد التدين والحرب
الدينية الاستئصالية، ويخرجها
في الوقت نفسه من حد المنازعات
السياسية والاجتماعية
والثقافية الحادثة والحاضرة.
وتعليق السياسة "العربية"
المشتركة و "الجامعة" على
المعنى الفلسطيني الصوفي هذا،
يلحق السياسات المحلية بالمعنى
الصوفي، الأصلي والنسبي، وينفي
منها ما لا يحتمل الذوبان فيه،
ويقضي فيها بالمعيار الأصولي.
وفي ختام مطاف عمليات التعليق
والإلحاق والقضاء يتألق الرسم
العظمي والخميني الحرسي
المعروف: "مقاومة" هي نور
الوجود في جهة، و"لا جهة"
"إسرائيل" وظلمة الخلق
وديجوره وجهنمه. وغلبة النسب القدسي على السياسات
ومقالاتها وثقافتها، من طريق
المعنى الفلسطيني في صيغته
العروبية الإسلامية اليوم،
تلتهم المؤسسات والأبنية
والهيئات والأجسام الاجتماعية،
والوقائع المشتركة، وتطرح
الأفراد الآحاد، وتحيل تصورهم
على غير صورة الذهانيين
المجردين أو صورة "المقاومين
الاستشهاديين" الانتحاريين.
ولا يجتمع معنى "كوني" من
جماعات لا تفارق جميعَها إلا
فراق الموت. ولا ترى الأفراد
الآحاد إلا على صورة الجانحين
والمنحرفين والمدخولين، ولا
يبعد أن يرى الأفراد الآحاد
أنفسهم على هذه الصورة. وتحمل
الجماعات هذه الانقسام
والمنازعة على الاستدخال
والانتهاك، على نحو ما تحمل "الانتماء"
الغفل على السوية والصدق
والأصالة ======================== سيرة الحاج أمين
الحسيني في جريدة الأخبار ثائر دوري كنعان 24/7/2010 بدأب
يحسدون عليه ما فتئ بعض كتاب
جريدة الأخبار اللبنانية يشنون
الهجوم تلو الهجوم على الحاج
أمين الحسيني لسبب واحد وحيد لا
شريك له و هو تحالف الحاج أمين
مع هتلر في الحرب العالمية
الثانية. لعب
الحاج أمين دوراً تاريخياً
هاماً على مساحة المشرق العربي
في فترة تاريخية هامة. و كان له
ما له و عليه ما عليه، و هو - ككل
شخصية تاريخية- يجب أن يخضع
للدرس و للنقد و للتشريح و
للتفكيك، كما يفعل أي دارس
للتاريخ، إلا أن ذلك أبعد ما
يكون عن التناول المبتسر
الصبياني لشخصية الحاج في جريدة
الأخبار، و موضوع هذه المقالة
ليس الدفاع أو نقد الحاج أمين
الذي قيل في نقده الكثير، و إذا
أراد نقاده من كتاب الأخبار
إجراء تقييم جاد لسيرة الحاج
فليعودوا على الأقل إلى مذكرات
المرحوم الشقيري الذي ينقد
الحاج نقداً جاداً لاذعاً دون
أن يتطرق لحكاية تحالفه مع
هتلر، التي هي حكاية ثانوية
ضخمها الصهاينة و كتاب جريدة
الأخبار من اليساريين. يوحي
التركيز بالنقد على تحالف الحاج
أمين مع هتلر على أن كوارث الشعب
الفلسطيني كانت كلها بسبب هذا
التحالف، بما يعني ضمناً أنه لو
لم يتحالف الحاج مع هتلر لما كان
هناك نكبة، و ربما كانت الأمور
ستسير سيراً حسناً، هذا المضمر
الأول في الالحاح على شتم الحاج
الحسيني بحجة تحالفه مع هتلر.
أما المضمر الثاني فهو اعتبار
النازية ممثلة بهتلر قمة
الإجرام و الدموية و العنصرية
التي أنتجتها البشرية، و أنها
مجسدة للشر المطلق، و بالتالي
فإن كل من يلمسها يتلوث بشرها، و
يصبح حسب قانون التناضح العكسي
شريراً مثلها. التحالفات
في السياسة مسألة معقدة فقد
تحالف ستالين مع هتلر في بداية
الحرب قبل أن ينقض هتلر على هذا
التحالف، و تحالف ستالين مع كل
من بريطانيا و الولايات المتحدة
الأمريكية أثناء الحرب ثم
انقلبا على بعضهما و اعتبر كل
فريق من الحلفاء الفريق الآخر
رمزاً للشر المطلق، كما اعتبر
أتباع الولايات المتحدة كل من
يتحالف مع الإتحاد السوفيتي
شريراً يجب ادانته و بالعكس. كان
الحاج الحسيني يقوم بفعل سياسي
أثناء تحالفه مع هتلر، و هو فعل
مشروع تقوم به كل الأمم و الشعوب
عندما تتصدى لعدوان تعرضت له،
فهي تبحث عن العون من أي جهة
كانت. و موضوع هذا التحالف لا
أجده يقدم كثيراً أو يؤخر فيما
آلت إليه الأمور فيما بعد، لأن
هناك أمثلة تاريخية عربية
معاكسة تحالف فيها عرب مع
الحلفاء و لم يكن حصادهم أفضل من
حصاد الحاج، على سبيل المثال لم
يكن هناك مؤيدون لهتلر بين
السياسيين الجزائريين
الأساسيين، و تطوعت أعداد كبيرة
من الشباب الجزائري في جيوش
الحلفاء ( ُقدر عدد الجنود
المغاربة الذين حاربوا مع
الحلفاء بربع مليون )، و مات
كثير منهم في معارك الحلفاء في
الحرب العالمية الثانية. ماذا
كانت النتيجة ؟ هل شكرت فرنسا
لهذا الشعب ؟ هل ساعده الإنكليز
؟ هل وقفت أمريكا معه ؟ كانت
أولى المكافآت التي حصل عليها
هذا الشعب مجازر فرنسية في عيد
النصر على النازية عام 1945م، فقد
قتل الفرنسيون عشرات الآلاف من
هذا الشعب الذي قاتل في صفهم و
ساهم في تحرير بلدهم من النازية.
فليس مآل الأمور إذاً مرتبطاً
بتحالفات الحاج. الأمر الثاني
أيهما كان أكثر خطورة على
القضية الفلسطينية، تحالف
الشريف حسين مع الانكليز غير
الفاشيين و غير النازيين خلال
الحرب العالمية الأولى، أم
تحالف الحاج مع هتلر ؟ باعتقادي
إن تحالف الشريف حسين مع
الانكليز الديمقراطيين
المنتمين إلى العالم الحر في
الحرب العالمية الأولى هو الذي
أضاع فلسطين، لأن فلسطين ضاعت
في الحرب العالمية الأولى.
نأتي
لحكاية رفع هتلر و النازية
لمرتبة الشر المطلق، و هذا
الأمر يتعامل معه كتاب جريدة
الأخبار على أنه بديهية لا تقبل
النقض، و لا يأتيها الباطل من
أمام أو من خلف. النازية
ايديولوجية عنصرية مجرمة لكنها
لا تختلف كثيراً عن ايديولوجيات
العصر الغربي الذي يحكم العالم
منذ خمسمائة عام و نيف. تعرض
العرب في الأندلس إلى أول تطهير
عرقي و ثقافي في التاريخ على يد
الملوك الاسبان قبل أن يكون
هناك هتلر، و تعرض الهنود الحمر
إلى أكبر مقتلة بشرية على يد
الأنغلوساكسون دون أن تكون هناك
ايديولوجية نازية أو فاشية، و
قتل الفرنسيون مليون و نصف من
الجزائريين، و الفرنسيون
يحملون شرعة حقوق الإنسان
ومباديء الثورة الفرنسية في
الإخاء و المساواة، و اشتركت كل
الأطراف الغربية في قتل
الأفارقة و استعبادهم و تدمير
ثقافاتهم و كان نصيب ألمانيا
النازية في هذه المجازر هو
الأقل، و أنغلوساكسون اليوم -أعداء
هتلر و غير النازيين - يتابعون
القتل في العراق و أفغانستان و
فلسطين بهمة يحسدهم هتلر عليها،
فقد تجاوز عدد قتلاهم مليون
شهيد في العراق وحده دون أن يكون
هتلر هو المسؤول عن ذلك. إن هذه
الشيطنة لهتلر و للنازية مفهومة
بين أطراف متحاربة، و في سياق
تاريخ كتبه المنتصرون، و لو أن
هتلر كان المنتصر لكُتب التاريخ
بشكل مناقض لما هو مكتوب الآن،
ولرأينا مثقفي جريدة الأخبار
يكتبون معلقات حول مجزرة
دريسدن، المدينة الخالية من أي
منشآت عسكرية و التي دكتها
الطائرات الأمريكية
والبريطانية على رؤوس أهلها في
أعنف قصف جوي عرفه التاريخ ( قبل
قصف العراق ) مسببةً مقتل ما
يقدر بربع مليون شخص في يومين. و
لو انتصر هتلر كنا سنشاهد محاكم
في نومبرغ لمجرمي الحرب
الأمريكان الذين خططوا و أمروا
بقصف هيروشيما و ناغازاكي
بالقنبلة النووية.
النازية
عقيدة عنصرية متعصبة متعالية،
لكنها لا تختلف عن أي
ايديولوجيا حملها حكام هذا
العصر الأوربي – الأمريكي منذ
نشأته على عظام ضحاياه من العرب
و المسلمين في الأندلس، و حتى
الطريق الممتد بين القدس وبغداد
و كابول اليوم. و أما انفعال
اليساريين العرب المبالغ به ضد
النازية فلا تفسير له إلا
بالعبارة الشهيرة " إن أمطرت
في موسكو.....".فموسكو تضررت
بعمق من العدوان النازي و من
حقها أن تقول ما تريد في هتلر و
في النازية. لكن لو كان كتاب
جريدة الأخبار يرون المسألة
بعيون عربية لأدركوا على الفور
أن النازية لا تختلف بشيء عن
بقية عقائد العصر الغربي و
الدليل جروحنا و جثث ضحايانا. و
هتلر ليس أكثر اجراماً من بقية
قادة هذا العصر من ايزابيل و
فرينادو وصولاً إلى جورج بوش
الابن. ====================== بلال الحسن الشرق الاوسط 25-7-2010 لا يوجد في أميركا رجل سياسي يشبه الآخر.
ولكن توجد مؤسسة تقوم على سلسلة
من القواعد والمصالح والثوابت
الاستراتيجية، تجعل من كل رجل
سياسي نسخة تشبه الأخرى.
الفوارق تكون في المظهر وفي
الأسلوب وفي اللغة، ولكن
التشابه يكون في القرارات وفي
قواعد اللعبة. باراك أوباما مثلا رجل مثقف، ومتحدث
بارع، وخطيب، يختلف تماما عن
سلفه جورج بوش الذي يفتقر إلى
هذه الصفات كلها، ولكنهما في
الجوهر يكادان يكونان رجلا
واحدا، وهو ذاك الرجل الذي يتخذ
القرار بناء على توازنات مراكز
صنع القرار. وتعبر مراكز صنع
القرار عن توجهات ومصالح
واستراتيجيات، يتم بناؤها على
امتداد سنوات طوال، وهي لذلك لا
تتغير إلا على امتداد سنوات
طوال أيضا. وقد يبدو قولنا بأن أوباما وبوش يكادان
يكونان رجلا واحدا، أمرا غريبا
بعض الشيء. وبخاصة أن أوباما لم
يكن مجرد خلف شخصي لبوش، بل هو
جاء كخلف سياسي له، وهو «الديمقراطي»
الذي حل محل «الجمهوري»، وهو
الرئيس الذي جاء ليتجاوز سياسة
المحافظين الجدد مبشرا بسياسة
أميركية جديدة. كل هذا صحيح.
ولكن حين ننظر إلى الأمر من
زاوية المصالح والاستراتيجيات
ومراكز القوى، سنجد بالضرورة
شيئا آخر. لنتذكر، أن «عقلية» المحافظين الجدد وصلت
إلى السلطة عمليا منذ مطلع
الثمانينات، أي مع انتخاب
الرئيس رونالد ريغان رئيسا
للولايات المتحدة، وبدأ ريغان
فورا سياسة «حرب النجوم» التي
كانت المدماك الأول (أو الأخير)
في انهيار الاتحاد السوفياتي،
كما بدأ حربه ضد العمل الفدائي
الفلسطيني، وذلك عبر مبادرته
بعد انتهاء حرب إسرائيل على
لبنان عام 1982. وخلال عهد ريغان
بدأ تغلغل المحافظين الجدد في
مؤسسات الدولة الأميركية،
وبدأت أفكارهم تصبح مسموعة في
مراكز الأبحاث التي تلعب دورا
بارزا في عملية صنع القرار
السياسي الأميركي. ولم تتوقف
هذه العملية حتى في مرحلة رئاسة
بيل كلينتون (8 سنوات)، لأنه
أثناءها مثلا، أرسل المحافظون
الجدد رسالتهم السرية إلى
بنيامين نتنياهو، وكان آنذاك
رئيسا للوزراء (1996)، طالبين منه
أن يعطل مفاوضات ما بعد اتفاق
أوسلو. حمل الرسالة ريتشارد
بيرل، ونفذ طلب الرسالة
نتنياهو، الذي افتعل كل أنواع
المناورات الممكنة مع كلينتون
حتى ينجح في ذلك. وحين وصل جورج بوش عام 2000 إلى السلطة بدأ
التنفيذ الشامل لسياسة
المحافظين الجدد، سياسة
السيطرة على العالم بالقوة.
ورافق ذلك بالطبع، تغلغل رسمي
وعلني هذه المرة، في جميع أجهزة
السلطة وفي جميع مراكز البحث
والتفكير التي تتولى التمهيد
لصنع القرار السياسي. على قاعدة هذه الخلفية وما تمثله من
سياسات ومصالح، جاء باراك
أوباما إلى السلطة، جاء بتكتيك
سياسي أميركي جديد، برز وكأنه
يعني إلغاء سياسة المحافظين
الجدد. وهكذا.. أعلن أنه سيتراجع
عن سياسة الحرب المفتوحة ضد
العالم الإسلامي. وأعلن أنه
سيدافع عن مصالح أميركا ولكنه
لن يواصل محاربة الإرهاب في
العالم كله. وأعلن أنه سيبذل كل
جهد ممكن لإيجاد حل نهائي
للقضية الفلسطينية، وطلب لأول
مرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي
أن يلتزم بجملة من الشروط
أبرزها وقف الاستيطان في الضفة
الغربية وفي القدس. ولكن أوباما لم يستطع أن يصمد طويلا في
نهج وضع هذه السياسات موضع
التطبيق، وبدأ يتراجع عنها
واحدة تلو الأخرى، وتغيرت صورته
في نظر الرأي العام الأميركي،
وتراجعت شعبيته إلى ما دون 50%.
وبرزت هنا نظريتان في تفسير ذلك:
نظرية تقول إنه رجل ضعيف جاء من
الجامعة إلى السلطة وهو لا يعرف
دروبها المجهولة. ونظرية أخرى
مضحكة وسخيفة تقول إن نتنياهو
استطاع بعناده هزيمة أوباما. والحقيقة.. أن أوباما ليس رجلا ضعيفا، لا
في مواصفاته الشخصية، ولا في
تخطيطه السياسي، إذ وجد نفسه
أمام استحقاقين أميركيين
كبيرين، كان لا بد له أن يلائم
نفسه مع مطالب النجاح فيهما. الاستحقاق الأول: صياغة تشريعات تضمن قوة
سلطته الأميركية الداخلية، على
ضوء الأزمة الاقتصادية
العالمية التي هزت علاقة السلطة
مع المواطن الأميركي، كما هزت
بنية الاقتصاد الرأسمالي، التي
أصبحت بحاجة إلى تدعيم قوي كي لا
ينهار. وهنا استطاع أوباما أن
يستخلص من الكونغرس موافقته على
قرارين من أكثر القرارات
استراتيجية في مسيرة النظام
السياسي الأميركي. القرار الأول
هو ذلك المتعلق بالضمان
الاجتماعي الذي يخص غالبية
الناس، والذي يساعدهم على
مواجهة تبعات الأزمة
الاقتصادية في جانبها الصحي -
الاجتماعي، وهو قرار طالما عجز
عنه رؤساء أميركيون سابقون، وهو
أيضا قرار حاربه المحافظون
الجدد في فترة حكمهم، لأنه
يتناقض مع منظورهم للسلطة، حيث
على المواطن «القوي» أن يتدبر
أمره، وعلى المواطن «الضعيف» أن
يتدبر أمره أيضا. أما القرار
الاستراتيجي الثاني الذي
استخلصه أوباما من الكونغرس،
فهو القرار الاقتصادي الأبرز في
مسيرة الرأسمالية الأميركية،
الذي يقضي بتدخل الدولة في
مراقبة الشركات، والبنوك،
والبورصة، وأساليب العمل في
التجارة الداخلية وفي التجارة
العالمية. وهو قرار يجعل الدولة
شريكة في الاقتصاد، ومراقبة
للاقتصاد، متناقضا بذلك مع كل
نظريات الليبرالية
والنيوليبرالية. إن من شأن هذين
القرارين أن يبلورا صورة
لأوباما كرئيس قوي، وفعال،
وصاحب رؤية استراتيجية، ولكنها
رؤية استراتيجية أميركية
داخلية، تعزز مكانته كرئيس لا
كقائد دولي. الاستحقاق الثاني الذي واجهه أوباما، هو
استحقاق إبقاء حزبه الديمقراطي
متفوقا في الانتخابات،
الانتخابات النصفية أولا
القادمة بعد أشهر قليلة،
والانتخابات الشاملة ثانيا
التي يحين أوانها بعد انتهاء
فترة حكمه الأولى (4 سنوات)، حيث
يطمح كل رئيس في التجديد له
ولحزبه. في انتظار هذا الاستحقاق، شن المحافظون
الجدد حربا ضارية ضد أوباما،
ركزوا فيها على موقفه من
إسرائيل ومن التسوية مع
الفلسطينيين، وأثرت هذه الحملة
على مواقع حزبه الانتخابية،
وهنا أقدم أوباما على تراجعات
علنية كثيرة وسريعة لصالح
إسرائيل، وضد الفلسطينيين
والعرب، وهي التراجعات التي
دغدغت غرور نتنياهو ودفعته إلى
الحديث عن انتصاره على أوباما.
وهي أيضا التراجعات التي أساءت
إلى سمعته دوليا، بل وأظهرته
بمظهر الرئيس الضعيف، الذي يعِد
كثيرا ويتراجع كثيرا. ويبدو أن نتنياهو أقدم على هذه التراجعات
كجزء من تخطيطه الأساسي للنجاح
في اللعبة الأميركية الداخلية.
فهو من جهة «يساوم» رجال
المحافظين الجدد، الذين لا
يزالون متغلغلين داخل الأجهزة
الأميركية، من أجل تمرير
التشريعات التي يريدها، وهو من
جهة أخرى يضع في يد مرشحي حزبه
في الانتخابات النصفية أوراقا
تساعدهم في عملية المنافسة في
الانتخابات. وبهذا المعنى نعود ونقول، إن كل رجل سياسي
في أميركا هو نسخة تشبه الأخرى.
وبهذا المعنى نقول إن أوباما
ليس رجلا ضعيفا إنما هو صنع ما
يناسب مصالحه، ومصالح حزبه،
ومصالح رأسماليته المنهارة. وهو يفعل ذلك على حساب الفلسطينيين، وعلى
حساب العرب، ولصالح إسرائيل
الباغية والقوية.. ولأن هذه هي
أميركا في كل العصور. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |