ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J الإصلاح الديني
والإصلاح السياسي سمير حمدي 7/31/2010 القدس العربي منذ بداية النهضة العربية مثلت موضوعة
الإصلاح الديني إحدى القضايا المركزية
التي شغلت الأنتلجنسيا العربية في
سعيها نحو بناء أسس فكرية وثقافية تسمح
بتحقيق تقدم شامل في ظل سؤال مافتئ
يشغل الذهنية العربية ربما لخصته
رسالة شهيرة كتبها شكيب ارسلان حملت
عنوان "لماذا تأخر المسلمون وتقدم
غيرهم ؟". فمقولة الإصلاح الديني وان لم تكن وليدة
اللحظة إلا أنها ظلت الهاجس الأكبر
الذي يشغل الساحة الفكرية العربية منذ
نهايات القرن التاسع عشر وكان طبيعيا
أن يحصل الاختلاف في تشخيص المقصود
بالإصلاح وبالنتيجة التنازع إلى حد
الصراع في وضع الحلول وبناء النماذج
التفسيرية التي يمكن من خلالها تلمس
أفق الخروج من الأزمة التي يعانيها
الخطاب الديني كجزء من الأزمة الشاملة
في المنطقة العربية . فما المقصود
بالإصلاح الديني ؟وماهي أسسه ؟وكيف
يمكن التأسيس لرؤية جديدة تسمح
باحترام حرية المعتقد من جهة وان تحول
دون انقلاب الدين إلى عائق للتقدم بل
وتجعله رافعة للنهوض من جهة أخرى ؟وهل
يمكن الفصل بين الإصلاح الديني
والإصلاح السياسي ؟ يمكن القول إن فكرة الإصلاح الديني في
إطارها الإسلامي ظلت تتكرر طيلة فترات
تاريخ الإسلام تحت مقولة التجديد "إن
الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة
سنة من يجدد لها دينها" غير أنها في
صورها الكثيرة اتخذت ميسما واحدا يمكن
اختصاره في ما يلي : أمثَلة idéalisation الماضي والتماهي المتخيل معه. الدعوة إلى
العودة إلى الدين في صورته الأكثر صفاء
ونقاء باعتبار أن كل الأزمات إنما هي
نتاج الزيغ عن هذه الصورة الأولى
المفترضة. التصور المعكوس
للزمان التاريخي بحيث كلما ابتعدنا عن
الأصل كلما ازداد الفساد وفقدنا
الصورة المثلى التي تأسست لحظة انبجاس
الدعوة . الانتصار للتدين
الشكلي ولحرفية النص على حساب منطق
التأويل والاجتهاد والانفتاح على
التجارب الإنسانية المغايرة. ومن هذا المنطلق فان المقولات الأساسية
للدين ظلت حاضرة وبقوة ،تفعل فعلها في
الخطاب الديني بما فيه الخطاب "التجديدي"
(مقولات دارالإسلام ودارالحرب، الولاء
والبراء، الكفر والإيمان) وقد زاد
الطارئ الخارجي ممثلا في الاستعمار في
تكثيف هذه المقولات ومنحها شحنة
إيديولوجية عنيفة وظفتها حتى الأطراف
الغير متدينة في المعركة من اجل
التحرير. وبظهور دولة مابعد الاستقلال
تصاعدت أزمة الخطاب الديني في ظل تبني
الدولة الوطنية لمقولات هذا الخطاب في
تبرير ممارساتها السلطوية أو في
مواجهة خصومها (سواء أطراف المعارضة
العلمانية أو أنصار التيارات الدينية)
وهو أمرجعل إعادة النظر في طبيعة
الإصلاح الديني المنشود مطلبا ملحا في
إطار المعركة الإصلاحية الشاملة (سياسيا
واقتصاديا واجتماعيا). مقومات الإصلاح الديني المنشود: إن كل خطاب ديني هو في النهاية قائم على
جملة من البنى المركزية التي لا يمكن
نفيها أو الادعاء بأنها قابلة للإلغاء
أو النسخ وعلى هذا الأساس يمكن القول
مع إيريك فروم "إن دينا بعينه طالما
هو قادرعلى تحريك السلوك ليس مجرد
مجموعة معتقدات وشرائع ولكنه إيمان
مغروس بجذوره في البناء الخاص للشخصية
الفردية وطالما هو دين جماعة من البشر
فان له جذورا في الشخصية الاجتماعية
أيضا" وهو ما يعني أن أي إصلاح ديني
حقيقي لا ينبغي أن يرتبط بأي صورة من
الصور بالمطالبة بإلغاء المقولات
الرئيسية للدين أو الدعوة إلى إبعاد
النصوص الأساسية التي يقوم عليها ذلك
انه من غير الممكن عقلا وأيضا من واقع
التجربة أن تتخلى العقائد عن نصوصها
المؤسِسة بل إن كل محاولة لمصادمتها
بصورة فجة لن تثير إلا المزيد من ردود
الأفعال المتشنجة وتزيد من الالتفاف
حول أنصار الخطاب الأصولي، فالإصلاح
الديني يتم أولا وأساسا على مستوى
العقول (إصلاح التعليم ونشر الثقافة
التنويرية العقلانية) وثانيا على
مستوى الممارسة وأدوات التأويل فليس
المطلوب نفي الدين أو حشره في الزاوية
وإنما التأسيس لتصور يتم فيه التمايز
بين المجال الديني والمجال السياسي
واعتقد أن كثيرا ممن يتصورون أنهم
أعداء هذا الفصل وهذا التمايز سيقبلون
به إن تأكدوا أن القيمة الحاكمة
والمرجعية النهائية للمجتمع
وضمن ذلك مؤسسات صنع القرار هي
القيمة المطلقة (الحرية، العدالة،
المساواة)وليس لصالح فئة أو مجموعة أو
طبقة ومن هنا نكتشف مدى التو اشج بين
الإصلاح الديني والإصلاح السياسي لأنه
ثمة فارق كبير بين فصل الدين عن الدولة
وبين هيمنة الدولة على الدين . فالممارسة اليومية حتى لدى أكثر الجماعات
تدينا هي في جوهرها ممارسة علمانية حتى
وان اتخذت لبوسا دينيا فأي جماعة
إنسانية مهما بلغ تدينها
بما في ذلك المسلمون
لابد أن تتعامل في كثير من الأحيان
مع الزمان والمكان والطبيعة والجسد من
خلال إجراءات زمنية صارمة تراعي فيها
المصلحة ومنطق التوازن بين بؤر النفوذ
المختلفة في المجتمع ،ومن هذا المنطلق
يمكن القول إن الإصلاح الديني المنشود
ينبغي أن يتسم بما يلي : إن الإصلاح
الديني يتعلق بمراجعة موقع الدين في
صنع القرار وفي مدى اتساع مجال ماهو
ديني على حساب ما هو مدني . ليس المطلوب نفي
المقولات الرئيسية للدين (بما فيها
التكفير)لأنه أمر غير ممكن وإنما ينبغي
التركيزعلى الفصل بين ما هو مجال
للاعتقاد وما هو مجال للممارسة التي
تخضع للقانون ولسلطة الدولة التي
يُؤسس لها المجتمع ضمن توافق معين. إن ماهو ديني قد
يتحول إلى مشكلة إذا أقصيناه وأحس
المتدين انه محاصر وما تكشف عنه
التجربة أن الخطاب الديني يمكنه أن
يغذي إشكال الصراع ويدفعها إلى مداها
الأقصى إذا لم يُمنح الفرصة ليظل جزءا
من الحراك الاجتماعي ولكن ضمن ضوابط
تمنع عنه التوظيف السياسي من السلطة
أوالمعارضة على حدٍ سواء. ينبغي رفع
القداسة عن الممارسة الإنسانية مهما
كانت ومن باب
أولى الفعل السياسي
وهو ما يعني أن لا احد بإمكانه
الادعاء انه مخول للحديث باسم الدين . لا ينبغي أن
يٌطرح الإصلاح الديني بمعزل عن
الإصلاح الشامل لكل المجالات ففي كثير
من الأحيان يكون الإغراق في التدين
نتاجا لحيف اجتماعي أو لظلم سياسي يشعر
به قسم من المجتمع مما يدفعه نحو
المقدس بحثا عن العدل والتماسا
للإنصاف وتحررا من الظلم وان بصورة
لاواقعية . وأخيرا... إن الحاجة إلى التدين لا يمكن للإنسان أن
يتجرد منها وقد تكون إحدى مميزاته
الأكثر التصاقا به أما تمظهراتها فهي
على حد السواء" الدافع إلى المنجزات
الأكثر خصبا وروعة والجرائم الأكثر
إيلاما" كما يقول غرانجي، وبالنظر
إلى ما يكتسيه التدين من أهمية فإن
قضايا الإصلاح الديني تظل مطروحة
وبشدة ولا يمكن حلها إلا بنوع من
التوافق الضروري بين كل الأطراف
الفاعلة لبناء عقد اجتماعي جديد يتولى
ضبط مجال ما هو ديني وما هو سياسي ويضع
الأمور في نصابها وهذه قضايا ينبغي
حسمها اليوم قبل الغد لأنها لم تعد
تحتمل التأجيل . كاتب من تونس =================== رأي القدس 7/31/2010 القدس العربي لا شك ان زيارة العاهل السعودي الملك عبد
الله بن عبدالعزيز والرئيس السوري
بشار الأسد الى لبنان تشكل سابقة
تاريخية لانها الاولى من نوعها التي
يقوم بها زعيمان لدولتين يعتبران
الأكثر نفوذاً وتأثيراً في هذا البلد،
بهدف احتواء التوتر المتصاعد فيه مع
قرب صدور قرار المحكمة الدولية بشأن
جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل
رفيق الحريري، ولكن السؤال هو عما اذا
كانت زيارة تستغرق أربع ساعات فقط،
وذات طابع 'بروتوكولي' يمكن ان تحقق هذا
الهدف الصعب؟ اللبنانيون، والكتاب منهم على وجه
الخصوص، يفضلون دائماً نحت المصطلحات،
وتركيب المعادلات، ولهذا سمعنا الكثير
من هؤلاء يؤكدون ان المعادلة 'سين سين'
اي السعودية وسورية هي الكفيلة في حل
مشاكل لبنان، خاصة اذا توافق البلدان
في هذا الصدد، وهذه المعادلة ربما تكون
صحيحة في بعض الأحيان، ولكنها ليست
وحدها الكفيلة بحسم الأمور، وتحقيق
الأمن والاستقرار، فهناك عوامل داخلية
لها امتدادات خارجية تلعب دوراً لا
يمكن الاستهانة به في هذا الصدد. فهناك الدور الايراني، وهناك الدور
التخريبي الاسرائيلي المرتبط اساساً
بالسياسة الامريكية، وفوق هذا وذاك
هناك القرار 'المسيس' المتوقع للمحكمة
الدولية، والانعكاسات التي يمكن ان
تترتب عليه اقليمياً ومحلياً، خاصة
انه بات من المؤكد انه سيتضمن اتهاماً
صريحاً لعناصر تابعة للمقاومة
الاسلامية المتمثلة في 'حزب الله'
بالتورط في تنفيذ عملية الاغتيال هذه. السيد حسن نصر الله شكك مسبقاً في هذا
القرار ودوافعه، وهاجم المحكمة
ومصداقيتها بشدة في خطابه الاخير، وهو
محق في ذلك تماماً، فهذه المحكمة اتهمت
عناصر سورية بالوقوف خلف الجريمة،
واستعانت بشهود زور، واعتقلت ثلاثة من
قادة الأمن الوطني اللبناني لسنوات ثم
افرجت عنهم لسقوط الأدلة، والآن تتوجه
هذه المحكمة بأصابع الاتهام لحزب الله
في ذروة التحريض الاسرائيلي ضده في
خطوة تمهيدية لشن العدوان عليه. لا شك ان الزيارة المشتركة لزعيمي
المملكة العربية السعودية وسورية خطوة
مهمة غير مسبوقة ستثير الارتياح في
اوساط اللبنانيين في ظل توتر الاوضاع
الراهن، ولكن ربما تكون تهدئة الاعصاب
'مؤقتة' اللهم الا اذا نجح العاهل
السعودي بحكم صداقته القوية مع
الولايات المتحدة في الغاء قرار
المحكمة الدولية او ارجائه على اقل
تقدير، وهذا امر مشكوك فيه في الوقت
الراهن. التوتر الحالي في لبنان سببه الاساسي هو
الرغبة الاسرائيلية في القضاء على
المقاومة، من خلال ايجاد الحجج
والذرائع التي يمكن ان توفر الغطاء لأي
عدوان متوقع، واي تفسير آخر يجافي
الحقيقة علاوة على كونه غير مقنع. المطلوب حاليا التفاف العرب جميعا حول
المقاومة في لبنان ودعمها في مواجهة
المؤامرات الامريكية والاسرائيلية
التي تحاك ضدها، واذا كانت الزيارة
المشتركة للزعيمين السوري والسعودي
تصب في هذا الهدف، فانها ستستحق الوصف
الذي يطلق عليها بانها 'تاريخية'. اما
اذا كانت مجرد 'حراك' بروتوكولي يطلق
احكاماً ومواقف عامة حول سلامة لبنان
واستقراره فإنها ستكون زيارة عابرة،
مثل جميع الزيارات السابقة لزعماء
عرب، وما اكثرها. =================== الأجدى للإسرائيليين أن
يستجيبوا للسلام ضياء الفاهوم الدستور 7/31/2010 المتابعون للأحداث يستطيعون أن يستنتجوا
أن العرب قد استجابوا للسلام على أساس
حل الدولتين استجابة كبيرة جدا
بموافقة لجنة المتابعة العربية على
استئناف المفاوضات المباشرة بالكيفية
التي يراها الرئيس الفلسطيني محمود
عباس الذي يشترط لبدئها تحقيق تقدم في
موضوعي الأمن والحدود . وبذلك أصبحت الكرة الآن في الملعب
الإسرائيلي ، وبالذات في ملعب رئيس
الحكومة الإسرائيلية الحالية بنيامين
نتنياهو الذي عليه ، إن كان جادا في
الاتجاه الصحيح نحو السلام ، أن يقنع
المتآلفين معه في حكومته بأهمية
السلام والمضي قدما نحوه دون لف أو
دوران أو أن يسعى لتبديل الأحزاب
المشكلة لوزارته . الإشارات الواضحة التي جاءت من واشنطن
وعواصم أوروبية تفيد بأن المصلحة
الأميركية والأوروبية تقتضي إيجاد حل
عادل للنزاع العربي الإسرائيلي أساسه
إقامة الدولة الفلسطينية على التراب
الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس
الشرقية . وهذا لا يتعارض مع مصالح دول
أخرى كثيرة مهمة مثل الصين وروسيا
واليابان . وقد يبدو للبعض أن إدارة الرئيس أوباما لم
تستطع إقناع نتنياهو بضرورة التوجه
نحو السلام . ومع الاحترام الشديد لهذا
الرأي الذي له ما يبرره تماما إلا أن
الإدارة الأميركية الجديدة قد وعدت
الشعب الأميركي بالتغيير لما فيه
مصالحه على كافة المستويات كما وعدت
الدول العربية والإسلامية بأنها سوف
لن تدخر جهدا في سبيل إنهاء النزاع
العربي الإسرائيلي على أساس حل
الدولتين . وبالإضافة إلى ذلك فإن العقلية الغربية
لا ترى حرجا في استخدام كافة الوسائل
المتشددة أحيانا والمتساهلة أحيانا
أخرى في سبيل الوصول إلى ما تسعى
للوصول إليه . ومن هذا الباب فقد تعاملت
واشنطن مع نتنياهو على هذا الأساس ،
وبينت له أنها لن تتخلى عن أمن إسرائيل
ولكنها أيضا لها أصدقاء آخرون يجب أن
تأخذ مصالحهم بعين الاعتبار . لعل الصورة أن تكون قد وضحت إلى جميع
الإسرائيليين كما وضحت إلى العديد من
صحفييهم المشهورين الذين يواصلون
الحديث عن أهمية السلام واستحقاقاته
وأنه قد آن الأوان للانسحاب من الأراضي
العربية المحتلة عام 1967 وعلى الاعتراف
بحقوق الشعب الفلسطيني والعمل بإخلاص
من أجل إيجاد حل يتلاءم مع خارطة
الطريق وقرارات الشرعية الدولية في
هذا الشأن . ولعلهم أدركوا أيضا أنهم بعد تقرير
القاضي اليهودي غولدستون الذي أدان
العدوان الغاشم على قطاع غزة وطالب
بمحاكمة المسئولين عنه وبعد اعتداء
الجيش الإسرائيلي على مدنيين في أعالي
البحار جاؤوا لمساعدة أهل قطاع غزة
وكسر حصاره غير الإنساني لن يستطيعوا
التمادي في غيهم والاستمرار في إغضاب
كافة الشعوب المحبة للسلام والعدل
والإنصاف . ويا حبذا لو يدركون بسرعة أهمية المسجد
الأقصى المبارك وكافة المقدسات
الإسلامية والمسيحية للمسلمين والعرب
الذين كادوا أن يفقدوا صبرهم على تحدي
مشاعرهم بمواصلة الاعتداءات على
حرماتها ، ويعلموا أن أحدا لن يستطيع
أن يقبل بالتخلي عن الجهاد في سبيل
نصرتها مهما بلغت التضحيات . لذلك كله فإن من الأجدى للإسرائيليين أن
يستجيبوا للسلام والاستعداد لإعادة
الحقوق إلى أصحابها لأن البديل مهما
طال الزمن نزاع طويل الأجل ستكون له
نتائج وخيمة لا يعرف مداها إلا الله . =================== الرأي الاردنية 7/31/2010 جيفري كمب أثار كشف موقع «ويكيليكس»
عن الآلاف من الوثائق السرية التابعة
للجيش الأميركي، المتعلقة بتسع سنوات
من الحرب في أفغانستان، ضجة كبيرة في
الأوساط السياسية الغربية التي يبدو
أن الوثائق المنشورة وما جاء فيها من
معلومات أخذها على حين غرة! ومع ذلك لم
يرقَ الكشف الإعلامي إلى حد اعتباره
أزمة في العواصم الغربية لأن معظم
التسريبات التي نشرتها ثلاث صحف غربية
هي «نيويورك تايمز» الأميركية، و»ذي
جارديان» البريطانية ومجلة «دير شبيجل»
الألمانية، لم تأت بجديد، فلطالما
تحدثت الجهات الرسمية عن العلاقات
الوطيدة التي يقال إنها تربط بين أطراف
في الاستخبارات العسكرية الباكستانية
وقادة «طالبان» في أفغانستان. ولطالما أيضاً تطرقت وسائل الإعلام
وتقارير المنظمات الدولية إلى ما يقال
عن فساد حكومة كرزاي والممارسات غير
المسؤولة التي تقع هناك وتزيد من تدهور
الوضع الأفغاني. وأخيراً لم يكن جديداً
إشارة الوثائق إلى فشل العمليات
العسكرية التي شاركت فيها قوات
التحالف في القضاء على «طالبان»،
ناهيك عما تخلفه تلك العمليات من ضحايا
مدنيين تفاقم الوضع ولا تحله،
والحقيقة أن التداعيات السياسية
للتسريبات والأهمية التي ينطوي عليها
النقاش الذي فتحته لا يكمن في
المعلومات المتضمنة بقدر ما يكمن في
الإجماع الذي تشكل في الغرب بأن الوضع
في أفغانستان لا يسير على ما يرام،
وبأن العلاقات الأميركية- الباكستانية
ليست واضحة، بل يشوبها العديد من عوامل
التوتر وسوء الفهم وتضارب التأويلات
حول ما يعتبر انتصاراً في أفغانستان. هذا بالإضافة إلى تردد شائعات تقول إن
مسؤولين كباراً في قوات التحالف إلى
جانب آخرين في باكستان وأفغانستان
انخرطوا في مباحثات سرية مع قادة «طالبان»
لبحث إمكانات وقف الحرب والتوصل إلى حل
ينهي العنف والفوضى في أفغانستان،
وهذا في نظري هو أهم تطور وأخطره في
الوقت نفسه، لما يمكن أن يترتب عليه من
نتائج. وعلى رغم تأكيد المبعوث الأميركي الخاص
إلى باكستان وأفغانستان، ريتشارد
هولبروك، أن الدخول في حوار مع «طالبان»
ليس بالأمر السيئ، بل يمكن جني بعض
المكاسب من ورائه، إلا أنه لابد من
الانتباه إلى حقيقتين أساسيتين قبل
التورط في أي نقاش مع «طالبان»،
أولاهما تتمثل في السؤال الذي يفرض
نفسه بشأن حاجة «طالبان» إلى الحوار مع
أميركا إذا كانت تدرك أن هذه الأخيرة
تستعد لسحب قواتها! فما الذي يدفع «طالبان»
إلى الجلوس معها على طاولة المفاوضات
لعقد صفقة في حين يمكنها انتظار مغادرة
القوات الأميركية بحلول يوليو 2011 كما
تعهد أوباما بذلك؟. والحقيقة الثانية التي يتعين التفكير
فيها قبل تقديم أي تنازل إلى «طالبان»
هو مصير النساء والأطفال تحت حكم قاس
سيعمل منذ اليوم الأول على تقويض كل ما
حققته تلك الشريحة من الشعب الأفغاني
من حريات، بحيث سيعود الأطفال إلى
البؤس وحرمانهم من التعلم، كما ستغرق
النساء في الظلم والتعدي على حقوقهن. وعلينا ألا ننسى أيضاً تململ القوى
الإقليمية من أي صفقة محتملة مع «طالبان»،
لا سيما الأطراف التي حاربت إلى جانب
قوات تحالف الشمال قبل عام 2001 لإسقاط
حكم «طالبان» المناوئ لها مذهبيّاً،
ناهيك عن مخاوفها من زعزعة الاستقرار
في باكستان بسبب العنف واحتمال تأثير
ذلك على أمنها. وهنا نأتي إلى أهم ما يزعج أميركا وباقي
الدول الغربية الأخرى من الوضع الحالي
للحرب في أفغانستان والمتمثل في أفق
المستقبل في باكستان، فبعد سنوات من
القتال وإنفاق مبالغ طائلة من المال في
أفغانستان بدأ الرأي العام الأميركي
ينقلب على الحرب ويشكك في جدواها، وذلك
على رغم الصورة القاتمة التي ترسمها
وسائل الإعلام والمسؤولون للبلاد في
حال عودة «طالبان» إلى الحكم، والواقع
أن الرأي العام معذور في سحب تأييده
للحرب بسبب تواضع النتائج في وقت تواجه
فيه أميركا تحديات داخلية جسيمة. ولكن المسؤولين يعولون في إقناع
الأميركيين على المصير الذي ستؤول
إليه باكستان المجاورة إذا ما وصلت «طالبان»
إلى السلطة في أفغانستان وتأثير ذلك
على بلد يملك السلاح النووي، فشبح
تهديد الاستقرار في باكستان وانتشار
العنف والفوضى في عموم المنطقة يقض
مضاجع الأميركيين ويدفع المسؤولين إلى
التفكير مليّاً قبل الشروع في خطة سحب
القوات العسكرية من أفغانستان. وحتى لو أقرت
واشنطن سحب القوات كما هو مقرر خلال
السنة القادمة فإن ذلك سيكون رمزيّاً
كما سيبقى هذا الانسحاب رهيناً بالوضع
السياسي في أميركا وبما إذا كانت وتيرة
القتلى من الجنود الأميركيين في
أفغانستان ستظل مرتفعة كما هو عليه
الحال اليوم. وفي هذا السياق
المتذبذب داخل أميركا يمكن الإشارة
أيضاً إلى الهواجس الداخلية مثل دعوة
أعضاء «جمهوريين» في الكونجرس إلى
إنهاء الحرب ليس لاعتبارات
أيديولوجية، بل للتركيز على أولويات
أميركية مثل تأهيل البنية التحتية
المتقادمة وخلق الوظائف للأعداد
المتزايدة من الأميركيين العاطلين، ثم
إصلاح النظام التعليمي الذي يعاني من
اختلالات واضحة. وللتدليل على أولوية الداخل على الخارج
في التفكير الأميركي تكفي الإشارة إلى
العاصفة القوية التي ضربت يوم الأحد
الماضي منطقة واشنطن وتسببت في قطع
التيار الكهربائي عن نصف مليون شخص،
فحتى بعد مرور ثلاثة أيام بقي التيار
منقطعاً في مقاطعة مونتجومري التي
تعتبر أغنى المقاطعات الأميركية.
ولاشك أن أحداثاً مثل هذه تدفع العديد
من الأميركيين إلى التساؤل عن الحاجة
إلى خوض كل هذه المغامرات الخارجية
فيما تعاني أميركا من مشاكل داخلية. والحال أنه لو
تصاعدت النزعة الانعزالية فإن ذلك
سيؤدي إلى انكفاء أميركا على نفسها،
وسيسرع من خفض انخراطها المباشر في
العديد من الصراعات الدولية، ما قد
يفضي في النهاية إلى بروز بنية جديدة
للقوة في العالم لن تكون بالضرورة
قادرة على ضمان الاستقرار. ( مدير البرامج الإقليمية
الاستراتيجية في مركز نيكسون بالعاصمة
الأميركية واشنطن) الاتحاد الاماراتية =================== حازم مبيضين الرأي الاردنية 7/31/2010 يؤكد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري,
حين يعلن أن الإجماع على وجوب الالتزام
بتحقيق العدالة أمرٌ غير قابل للتأويل
أو المساءلة، وأن قضية المحكمة
الدولية الخاصة باغتيال والده قضية
التزام أخلاقي ووطني لحماية مجريات
العدالة، وقضية التزام شرعي يتم
التعاطي معها بروح المسؤولية، ويشدد
انه لا مكان لنفاذ الفتنة إلى الوحدة
الوطنية, مطالباً بعدم المضي في
التأويل واستنفار عواطف المواطنين,
يؤكد على أنه رجل دولة يضع مصلحة وطنه
فوق كل اعتبار, وعلى أنه رجل مبدأ لا
يتنازل عنه, خصوصاً وهو يؤكد أن هناك من
يتمنى أو يتصور أو يتوقع أن تكون قضية
اغتيال الرئيس الشهيد سبباً في اندلاع
فتنة مذهبية داخلية, وأنه لا مكان في
القاموس الوطني اللبناني لهذه المخاوف
أو الادعاءات أو التمنيات، وأنه لا
يبني أحكامه على أي معلومات ما تزال
حبيسة أدراج المحققين الدوليين. الحريري الابن يقود تيار المستقبل الذي
تتوضح ملامحه يوماً بعد يوم, بوصفه
تيار النظام الديمقراطي لبنانياً،
عربي الهوية والولاء، يسير على خطى
الرئيس الشهيد، ويسعى لأنّ يكون على
صورته وهو الذي خاض حرباً على الحرب
وأسقطها على أبواب بيروت, وحمل إلى
لبنان رؤية الوطن الواحد ورسالة العيش
المشترك، التي تعلو فوق نزاعات
الطوائف، وهو الذي يفخر بحمله لواء
الدفاع عن لبنان ومقاومة الإسرائيليين
في كل العواصم والمحافل، لإيمانه أنّ
إسرائيل لن تتمكن من لبنان إذا كانت
الدولة فيه قويةً ومتماسكة وليست مجرد
ملعب للطوائف، وهو على هذا الاساس تيار
يقود المجتمع لتحمل مسؤوليته في
الإنخراط في مشروع الدفاع عن الدولة
ومؤسساتها وأن يعلو منطق الدولة على كل
ما عداه مهما كانت الدواعي
والاعتبارات. معروف أن قضية إغتيال الشهيد الحريري وما
تبعها من اغتيالات لكوكبة من الشهداء،
لم تعد قضيّة وطنيّة لبنانيّة فحسب,
وإنما تحولت إلى مسألة عربية ودولية،
ومعروف أيضاً أن الإجماع على وجوب
الإلتزام بتحقيق العدالة مسألة غير
قابلة للتأويل أو المساومة. وعلى من
يتصورون أو يتخوفون أو يهولون أو
يتمنون أن تكون قضية اغتياله سبباً في
اندلاع أزمة لبنانية أو فتنة مذهبية،
أن يتفهموا أن الحريري الابن ومعه تيار
المستقبل لا يبني أحكامه أو وجهة نظره
على أية معلومات أو وقائع موجودة في
عهدة التحقيق بجريمة الاغتيال. في مواجهة حملات التصعيد الاستباقية
المنطلقة من قيادات تنفذ أجندات غير
وطنية يمكن بسهولة قراءة مواقف رجل
الدولة الداعي للتهدئة والابتعاد عن
الانفعال، والتزام الآداب السياسية
والوطنية, خصوصاً وهو يستذكر سيرة
والده الشهيد الذي قاوم الحرب الأهلية
في حياته والذي لن تكون روحه الطاهرة
سبباً لتجديد الفتنة, وهو رجل الدولة
الذي يضع مصلحة بلده فوق كل اعتبار
مؤكداً فتح صفحة جديدة مع القيادة
السورية، ومع الرئيس بشار الأسد
تحديداً، مبنية على الصدق والصراحة
والأخوة وعلى احترام سيادة واستقلال
الدولتين، مشددًا على إنهاء مرحلة لم
يعد من المصلحة ولا من الجائز
الاستمرار بها، ويجب طيها. حزب الله يواصل الترهيب معلناً أن الفتنة
تطل من جديد، وأن واشنطن جاهزة ومعها
بعض الدول العربية وبعض الحمقى
ليكونوا أجزاء في المشروع الجديد،
والجنرال عون جاهز للشد على يد الفتنة
معلناً أن صدقية المحكمة الدولية سقطت,
لأنها تبحث عمّن تلبسه طربوش الجريمة،
وليس عن مرتكب الجريمة, ومعهما رجل
المواقف المتذبذبة وليد جنبلاط الذي
يتساءل اليوم عن المنفعة من المحكمة
الدولية لو أنه طالب بها يوم اغتيال
والده الشهيد كمال جنبلاط الذي أورث
زعامته لمن لم يحفظ قداستها وسرها. =================== الكتلة التاريخية .. هل
تجيب عن أسئلة الديموقراطية؟ المستقبل - السبت 31 تموز 2010 العدد 3727 - رأي و فكر - صفحة 19 مراجعة: ريتا فرج لماذا نجحت تجربة الديموقراطية في الغرب
وتأخرت في العالم العربي؟ تبدو
الإشكالية المطروحة شديدة
الكلاسيكية، إذا ما تمت مقارنتها
بالتحولات التي يشهدها النظام السياسي
العالمي، خارج المجال العربي؛ وفي
الوقت الذي يتحرى البحّاثة الغربيون
عن مآلات ما بعد الحداثة، ما زالت
الأنظمة العربية، ومجتمعاتها
المأزومة تعيش أسئلة البحث عن
الديمقراطية ومآذق التعددية السياسية
وحرية الرأي. "نحو كتلة تاريخية ديموقراطية في
البلدان العربية" عنوان يتصدى
لأزمات بنيوية عميقة الجذور في
بيئتنا، يترصد فيه مجموعة من الكتّاب
العرب لسياقات الكتلة التاريخية
وتجلياتها، وفقاً للمفهوم الذي صاغه
كل من أنطونيو غرامشي والعلاّمة
الراحل محمد عابد الجابري؛ لماذا
الدعوة الى كتلة تاريخية على قاعدة
الديمقراطية؟ يتساءل علي خليفة
الكواري وعبد الفتاح ماضي في دراستهما
المشتركة. إصطلاحياً، حدد غرامشي مفهوم الكتلة
التاريخية على قاعدة الجمع بين الفئات
الهادفة الى تحقيق التغيير والاصلاح،
بغية إحداث التطور الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي الكفيل بالوقوف أمام
التوتاليتارية المتمثلة عنده
بالفاشية، أما الجابري فقد عمل على "تبيئة
فكرة غرامشي وتكييفها مع المغرب
والأقطار العربية" ضمن ثنائية
التحرر من الاستعمار، وبناء علاقات
اجتماعية متوازنة. والحال ما الذي عرقل
نشوء الكتلة التاريخية المنتجة
للديموقراطية؟ أزمة المجتمعات
العربية متعددة الجوانب، ففشل المشروع
الاصلاحي بتياراته القومية
والماركسية وحتى الإسلامية، أنتج حالة
من الانسداد البنيوي، والأنظمة
العربية تتجه نحو مزيد من التوريث مما
أجهض تجارب التعددية، والأهم من هذا
كله أن العرب، لم يمروا بدورة الانتاج
الديمقراطي والثقافي، فبقي البعد
السلطاني بما يحمله من إرث تاريخي،
امتد لقرون، يفعل فعله في الاجتماع
السياسي، والأخطر من كل هذه العوامل،
استقالة العرب من التاريخ، وإحالة
انكساراتهم الى عناصر ميتا تاريخية،
تخرج العقل من دائرة الواقع. من العام الى الخاص، وبعد أن رسمت الدراسة
الاولى السبل الآيلة، لبناء "الكتلة
التاريخية" وأهدافها وأطرافها
ومتطلباتها، تطال الأبحاث الأخرى،
عدداً من النماذج، لما سمّي بالتكتل
الديمقراطي في كل من اليمن والسودان
وتونس والعراق وليبيا ومصر. في الأنموذج اليمني، يبحث عبد الله
الفقيه، أستاذ العلوم السياسية في
جامعة صنعاء، عن المحاولات والمعوقات
والشروط المطلوبة لابتناء تجربة
ديمقراطية فاعلة في اليمن، وذلك عبر
عدة سياقات، أولها، السياق التاريخي،
الذي تجلى بإستحضار التجارب
الديمقراطية منذ قيام الوحدة عام 1990
حتى محاولة إحياء الديمقراطية في
الأزمنة الراهنة، وهي المرحلة التي
يراها الكاتب بأنها الأنضج؛ ثانيها،
بروز قناعات لدى القوى السياسية إثر
تجاربها الماضية، بضرورة تغيير النظام
الاستبدادي؛ ثالثها، التأسيس للقاء
المشترك الذي جمع بين الأحزاب اليمنية
عام 2002، وما نتج عنه من قناعة بأهمية
الاصلاح السياسي والوطني الشامل. منتقداً، مفهوم الارادة أو توفر عملية
أدلجة لتمظهرات الديمقراطية، يخلص عبد
الوهاب الأفندي، الذي تطرق الى أزمة
النظام السوداني، الى أن "الديمقراطية
ليست وليدة الضرورات الضاغطة، بل هي
حالة وليست منتجاً ثقافياً أو بضاعة
ايديولوجية"، مما يستوجب وجود بيئة
سياسية مستقرة قائمة على التوازنات
بين الأطراف، الأمر الذي ينتج
المؤسسات الآيلة لدعمها. لم يكن
السودان بعيداً عن تجربة الديمقراطية،
فالبيئة السودانية كما ينوه الافندي،
مؤهلة لامتصاص التعددية على المستويين
الشعبي والحزبي، لكنها لم تستطع
إدامتها، فلماذا تعثرت هذه التجارب
رغم توفر مثل هذا الدعم من قبل الكتل
السياسية؟ التنوع الديموغرافي،
والديني والسياسي، والعرقي، وتفشي
القبلية عرقل تثبيتها كما يؤكد
الافندي، وإذا نظرنا الى الفسيفساء
السودانية، لوجدنا أكثر من 245 قبيلة و
134 لغة مختلفة، فهل معنى ذلك أن التعدد
يشكل دليلاً على العنف السياسي؟ أو أنه
يبدي ممانعة لعقل الدولة المنبثقة
أصلاً من التجربة الديمقراطية؟ ولماذا
لا ينتج التعدد الوحدة الوطنية؟ لا
تقدم الحالة السودانية ، ما ينفي صحة
الأسئلة المطروحة، ورغم ذلك، يورد
الأفندي البدايات التاريخية لتشكل
الكتل الديمقراطية في السودان، بدءاً
من الحركة الوطنية مطلع العشرينات،
وصولاً الى إنقلاب 1989 وما نتج عنه من
توجهات سياسية تنادي بالديمقراطية،
التي تشكل في رأينا إحدى أبرز آليات
ضبط الصراع بين الجماعات. أزمة الديمقراطية في العراق، لا تقل
إنغلاقاً عن السودان واليمن، ورغم
تركيز سعد ناجي جواد، أستاذ العلوم
السياسية في جامعة بغداد، على اعتبار
مفهوم "الكتلة التاريخية"
مفهوماً مفارقاً للواقع العراقي، بسبب
طوباويته أولاً، ودعوات بناء الحكم
الإسلامي ثانياً، والمعوقات البنيوية
ثالثاً، لكنه لا ينفي ارهاصات
الديمقراطية في تاريخ بلاد الرافدين،
منذ ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني،
وصولاً الى الحرب العراقية -
الايرانية، التي تشكل مهمازها الأهم،
فلم تظهر حينها أي دعوات للانفصال أو
الفيدرالية، مما يعني أن الديمقراطية
ترتبط بعوامل مختلفة، فاقم الاحتلال
الاميركي من عرقلتها، ولعبت المعطيات
الداخلية، دوراً محوراً في إيقاف
وتيرتها، بسبب عدم إيمان الاطراف
السياسية بالعلمية الديمقراطية، وضعف
مركزية الدولة مقابل قوة الأطراف،
وغياب القيادات التي تمثل شريحة كبيرة
من العراقيين. هل تكفي الكتلة التاريخية لتثبيت دعائم
الديمقراطية في العالم العربي
المأزوم؟ لم تعالج الاطروحة بين
ايدينا هذا التساؤل المحوري، فالجواب
الديمقراطي، لا يكفي وحده لاجتراح
الحلول، فحجم المأذق يتعدى وجود كتلة
تاريخية، تقاوم الاستبداد، واحتكار
السلطة؛ والتأخر الحضاري الراهن، أو
الانسداد التاريخي، كما يصنفه هاشم
صالح، مرتبط بمؤشرات متبادلة من
الناحية الوظيفية؛ فالذهنية عندنا على
سبيل المثال، ذهنية اعتقادية، لا
تحاكي الواقع ضمن المبدأ الديكارتي،
ويأتي استحضار الدين ليقدم أجوبة
غيبية عن انغلاقات تاريخية، متأسسة
على عنف السلطة، والوهم الديني، الآخذ
في التمدد على وقع ذهنيات لا تكرس سوى
منطق الإرجاء، والكفّ عن مساءلة
الواقع العربي المضطرب. [ الكتاب: نحو كتلة تاريخية
ديموقراطية في البلدان العربية [ الكاتب: مجموعة من الباحثين [ الناشر: مركز دراسات الوحدة
العربية، بيروت، =================== لأنها لم تنفذ القرارات
الدولية ولا مبادئ مؤتمر مدريد إسرائيل هي سبب زعزعة الأمن
والاستقرار في المنطقة اميل خوري النهار 7/31/2010 يرى ديبلوماسي عربي سابق ان اسرائيل هي
سبب زعزعة الأمن والاستقرار في
المنطقة لأنها لا تريد السلام الشامل
والعادل، ولو انها كانت تريد هذا
السلام لنفذت القرارات الدولية ومبادئ
مؤتمر مدريد حين صدورها، ولما كانت
انطلقت من لبنان العمليات الفدائية
الفلسطينية ضد الاراضي الاسرائيلية
ودفع لبنان ثمن ذلك خسائر بشرية ومادية
جسيمة من جراء سلسلة اجتياحات لأراضيه
بلغ احدها العاصمة بيروت، ولما قامت في
لبنان مقاومة بقيادة "حزب الله"
ارغمت اسرائيل على الانسحاب من معظم
الاراضي اللبنانية التي تحتلها تنفيذا
للقرار 425، ولما كانت حرب تموز 2006 التي
انتهت بتسجيل اول هزيمة للجيش
الاسرائيلي لأنه عجز عن تحقيق اهدافه
الا وهي القضاء على المقاومة وفرض
السلام على لبنان بشروط اسرائيل. ولو ان الدولة العبرية كانت تريد السلام
لكانت نفذت بنود القرار 1701 من دون ان
تتذرع تبريرا لخرقه بدخول الاسلحة الى
"حزب الله" عبر الاراضي السورية،
بل ان تنفيذ هذا القرار، ولو من جانبها
فقط، كان سيحرج الاطراف الآخرين فلا
يعودون يجدون مبررا لاستمرار المقاومة
ولا لتدفق الاسلحة اليها. ولو انها
كانت تريد السلام الشامل والعادل
لكانت انسحبت من هضبة الجولان وعقدت
اتفاق سلام مع سوريا كما فعلت مع مصر
والاردن بانسحابها من الاراضي التي
تحتلها في هاتين الدولتين وعقدت
سلاماً معهما، ولما كانت تشكو الآن من
وجود قيادات فلسطينية متشددة في سوريا
تقوم بنشاط معاد لها، ولما كانت تشكو
ايضا من ارسال اسلحة الى كل تنظيم
مقاوم في المنطقة. ولو ان اسرائيل تريد السلام لكانت انسحبت
من الاراضي الفلسطينية التي تحتلها
ووافقت على اقامة دولة فلسطينية قابلة
للحياة عاصمتها القدس الشرقية، ولما
كانت تشكو الآن من وجود تنظيمات
فلسطينية مسلحة مثل حركة "حماس" و"الجهاد
الاسلامي" تقوم بأعمال عنف ضدها
وتطلق الصواريخ في اتجاه مستوطناتها
وترد عليها بغارات جوية وقصف مدفعي
مدمر. ولو انها نفذت القرارات الدولية
المتعلقة بالقضية الفلسطينية لما كانت
اسرائيل تشكو من وجود هذه التنظيمات
وتشترط نزع سلاحها قبل البحث في تنفيذ
هذه القرارات. في حين ان اسرائيل لو
انسحبت من بقية الاراضي اللبنانية،
لما كان ثمة مبرر لوجود مقاومة بقيادة
"حزب الله"، ولو انها انسحبت من
الجولان لما كانت تشكو من نشاط قيادات
فلسطينية متشددة في سوريا ولا من تدفق
الاسلحة الى "حزب الله" والى كل
مقاومة عبر الاراضي السورية، ولما ظل
الانقسام الفلسطيني لخلاف على اسس
السلام لو ان اسرائيل وافقت فعلا لا
قولا على اقامة دولة مستقلة
للفلسطينيين، ولما واصلت الهاء الشعب
الفلسطيني مدى سنوات بمفاوضات عبثية
مباشرة حيناً وغير مباشرة حينا آخر،
وتتحدى حتى الادارة الاميركية التي
تطلب بالحاح القبول بحل الدولتين،
فيما اسرائيل تواصل بناء المستوطنات
على الاراضي الفلسطينية المحتلة بحيث
لا يبقى مكان لاقامة الدولة
الفلسطينية، كما تواصل تهويد القدس
لئلا يبقى اثر لوجود فلسطيني فيها. ورغم هذا الوضع السيئ والتحدي الاسرائيلي
لكل دول العالم، فلا مجلس الامن اتخذ
الاجراءات الكفيلة بتنفيذ قراراته لحل
ازمة الشرق الاوسط، ولا الدول الكبرى
ارغمت اسرائيل على تنفيذ هذه القرارات
باعتماد الاجراءات التي تعتمدها ضد
ايران وغيرها، ولا الدول العربية حزمت
امرها واتفقت على اتخاذ القرار الذي
تواجه به اسرائيل، حربا كان ام سلما. حتى ان ايران ما كانت لتفكر في الحصول على
سلاح نووي لو ان اسرائيل كانت دولة
محبة للسلام وترغب فيه ولا تظل دولة
معتدية وترفض اعادة الحقوق المشروعة
الى اصحابها، وتخلق بالتالي الاسباب
التي تعزز حركة الارهاب في العالم بحيث
تصعب مكافحته من دون معالجة هذه
الاسباب. لقد نشرت صحيفة "هآرتس" قبل سنة
مقالا لأرييه شافيت تحت عنوان: "كبح
ايران يتطلب خطة سلام شاملة" جاء فيه:
"ان التصدي لايران يستوجب خطة سلمية
تقضي بتوحيد العرب المعتدلين
والاسرائيليين حول حلم السلم المشترك
واتخاذ خطوات لبناء الثقة، ويجب ايضا
تجسيد السلام من خلال خطوات جريئة
وواقعية، اذ على اسرائيل ان تدرك انه
من دون التزام السلام والتحرك في
اتجاهه ستصبح ايران بدون شك نووية". وقال قائد القوات الاميركية المركزية
الجنرال ديفيد بترايوس قبل ان يعين
قائدا لقوات التحالف في افغانستان: "ان
حل النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي
اساسي للغاية اذ انه سيكون خطوة
ايجابية الى الامام نحو عدم تعريض
القوات الاميركية للتهديد، وان معالجة
المسألة الفلسطينية سوف تساهم في
تمكين القادة العرب والمسلمين من
تقديم المزيد من المساعدة للولايات
المتحدة في حربها على الارهاب، وانه في
حال تم التوصل الى حل لهذه المسألة
يزول مبرر وجود "حزب الله" وغيره
من المجموعات المسلحة من خلال التوصل
الى اتفاق على عملية السلام في الشرق
الاوسط". ان موقف اسرائيل من عملية السلام هو اشبه
بذاك البائع الاسرائيلي المتجول الذي
يدق الابواب مع حقيبته عارضا بضاعته.
وعندما توجه اليه مواطن لشراء بعض ما
فيها فوجئ بأن الحقيبة فارغة! =================== الحديث عن مقايضات ينقل
المشكلة إلى حضن دول تكاليف مرتفعة لفرضية إلغاء
القرار الظني للمحكمة روزانا بومنصف النهار 7/31/2010 تترتب على سعي "حزب الله" الى الغاء
القرار الظني المنتظر أن يصدره المدعي
العام للمحكمة الخاصة بلبنان أو منع
صدوره تكاليف مرتفعة على مستويات عدة
محليا وخارجيا. فعلى الصعيد الخارجي
يعني تخلي المجتمع الدولي عن المحكمة
وسط مخاوف على استقرار لبنان وانهزامه
أمام الأسباب التي انشئت من أجلها. فهي
لم تنشأ بحسب مصادر ديبلوماسية للثأر
لاغتيال الرئيس رفيق الحريري بل من اجل
ردع الارهاب. ولا يعتقد احد ان المجتمع
الدولي يفكر في هذا الأمر الذي يعد
ادانة لمجلس الامن للمجتمع الدولي.
وتاليا فان الامر لا يعود الى المملكة
العربية السعودية وحدها بل الى
المجتمع الدولي كلاً. والكلفة الثانية يتحملها لبنان والثالثة
الرئيس سعد الحريري باعتبار ان تخليه
عن العدالة لن يكون على حساب والده
وحده بل سائر الشهداء الذين اغتيلوا
بعده علماً ان المحكمة قامت من أجل أن
تضع حداً لمثل هذه الاغتيالات نهائيا
في لبنان. ومنع صدور القرار الاتهامي
للمحكمة يعني سيطرة "حزب الله"
على البلد كليا في حين ان التهديد ب7
ايار جديد هو الوصول بالبلد الى
الخلاصة نفسها وكثر يفضلون في هذه
الحال تحميل الحزب مسؤولية اي مغامرة
عسكرية يقوم بها على التسليم له بواقع
السيطرة على مقدرات البلد من خلال
انهاء المحكمة. اضف ان خضوع الرئيس
الحريري للضغوط في هذا الاطار ايا تكن
الذريعة، وفي حال اخذت المواقف
الاسرائيلية التحريضية كمستند
ومرجعية وفق ما بات عليه الامر اخيرا
بالنسبة الى مواقف السياسيين في الحزب
او القريبين منه، يعني تخييره بين
موقعه في رئاسة الحكومة والعدالة. هذا الامر يفتح الباب امام احتمالات عدة
في مقدمها السؤال: هل يمكن ان يعمد
المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار
الى اصدار القرار الظني الاولي حول
اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل
الموعد المفترض في الخريف اي في
الاسابيع القليلة المقبلة؟ السؤل طرحه بعض المصادر افتراضاً أيضاً
باعتبار انه في حال صح كلام الامين
العام ل"حزب الله" السيد حسن
نصرالله ان القرار الظني جاهز وينتظر
في الادراج منذ سنتين الوقت السياسي
المناسب، فان من مصلحة القيمين على
المحكمة ان يكون ردهم على كل ما يجري
باستباق الموعد المفترض واصدار القرار
الظني. ويشدد كثر على ضرورة ان يكون للمحكمة موقف
من كل ما يجري في ظل افتراضات تطالها
على اكثر من مستوى بحيث سيكون من الصعب
محو هذه الافتراضات لاحقاً، وخصوصا ان
الحملات عليها لن تتوقف ولو انها توقعت
سلفاً ان يكون رد الفعل مماثلا كما
توقعت كل الدول المعنية والمتابعة
بمعنى ان هذا السيناريو التصعيدي كان
واردا مع الاتهامات السابقة لسوريا
يتكرر الآن مع "حزب الله". وما
يتوقع في هذه الحال ان تتهم المحكمة
بالتسييس، وهذه الاتهامات واقعة فعلا
ولا جديد فيها، في حين ان صدور القرار
الظني ربما ينقل المشهد فوراً الى
المرحلة التالية اي الى ما بعد القرار
الظني بدلا من ترك لبنان يعيش اشهرا من
التهويل والتهديد لمنع صدوره. هل هذا الامر وارد أم ان المسألة مفتوحة
على صفقات او مقايضات معينة؟ لا يعتقد احد ان تأجيل القرار الظني كخطوة
على طريق منعه من الصدور يمكن ان يسري
وفق ايحاءات وشروط مفادها ان الثمن او
المقايضة تقضي بحماية الرئيس سعد
الحريري وقوى 14 اذار. فالمجتمع الدولي
المعني بالمحكمة لا يقبل بهذه
المقايضة بل سيسعى الى صفقة او مقايضة
من نوع آخر وليس بالضرورة مع "حزب
الله". ويشير البعض الى ضرورة العودة
الى الصفقة التي عقدت مع ليبيا في
موضوع تفجير طائرة "لوكربي" لكي
يتبين للمعنيين ان المسألة ليست
بالسهولة التي يعتقدها البعض وهي
غالبا تعقد مع دول. والدول المعنية في
هذا الاطار هي سوريا وايران التي اشار
رئيس مجلس الشورى فيها علي لاريجاني ان
خطة "اميركا الحالية تقضي بالضغط
على ايران و"حزب الله" حتى تفسح في
المجال للكيان الصهيوني ان يطرح خطة
زائفة للسلام". فهل ثمة صلة او تخوف
من صلة بين الامرين ام خشية من ابعاد
سوريا عن ايران وفق ما توحي بعض
التصريحات وربما الطموحات على رغم
استبعاد الواعين لهذا الموضوع هذا
الامر ما لم يحصل تغير جذري في
المنطقة؟ الاسئلة كثيرة والاجوبة عنها ضبابية وغير
موجودة في غالب الاحيان حتى اشعار اخر. =================== نظرية المؤامرة... وتفتيت
العرب السبت, 31 يوليو 2010 عرفان نظام الدين * الحياة هناك جدل دائم ومستمر بين المثقفين العرب
حول ما آلت إليه الأمة وحال التدهور
المتواصل الرهيب والأسباب الحقيقية
لكل ما جرى من أحداث ونكبات ومآس
وهزائم وتراجع في مختلف مجالات الحياة.
فالبعض يضع كل اللوم على العرب أنفسهم
وعلى قياداتهم المتعاقبة على امتداد
الوطن العربي، والبعض الآخر يعلّق كل
المصائب على شماعة إسرائيل والغرب
والولايات المتحدة بالذات. ولكن، أين الحقيقة في كل ذلك بموضوعية
وصدق وصراحة مبنية على الوقائع وتسلسل
الأحداث ومعطيات الوثائق المتاحة
والحقائق التي ينجلي الضباب عنها
شيئاً فشيئاً مع ظهور الإعلام الجديد
وسهولة الوصول الى المعلومة بسرعة
وحرفية وإمكانات الاطلاع المباشر على
تطور الأحداث من خلال الفضائيات
العربية والأجنبية والإنترنت
والوسائل الأخرى المتاحة لكل إنسان؟ في أوساط المثقفين يتركز الجدل، وبعضه
بيزنطي، حول مسارين وتيارين، الأول
ينكر نظرية المؤامرة ويعتبر أن كل من
يتبناها لا يمت الى الواقع بصلة،
والثاني يؤكد ويجزم بأن نظرية
المؤامرة حقيقة ثابتة لا مجال
لإنكارها ولا استبعادها أو التقليل من
تأثيرها في الأحداث العربية المتلاحقة. وعلى رغم إيماني بالاتجاه العلمي المستند
إلى الوقائع والوثائق والمستندات
الحسية والملموسة، فإنني أميل الى
التيار الثاني وأستند في ذلك الى
الرؤية التاريخية للأحداث وربطها
بالجداول الزمنية وتسلسل مواقيت
حصولها، إضافة الى ما يكشف عنه النقاب
من وثائق سرية في الغرب وما يتوافر من
معلومات وما ينشر من مذكرات لشخصيات
شاركت في صنع الأحداث أو كانت شاهدة
عليها ومطلعة على مجرياتها. آخر ما كُشف عنه من وثائق الخارجية
البريطانية ما نشر في «الحياة» عن
الثورة الإيرانية وتخلي الغرب عن
الشاه الحليف القديم وتطوع أجهزته
للتوسط بين جنرالات الجيش وقادة
الثورة من رجال الدين وغيرهم لكي تسير
الأمور في شكل سلس وسلمي. وهذا ما يؤكد صحة ما نشره الشاه في
مذكراته عن تخلي الولايات المتحدة
وبريطانيا عنه بعد الضغط عليه لمنع
الجيش من قمع التظاهرات، وما نشر العام
الماضي من وثائق خطرة تتعلق بصراع
الحضارات والإسلاموفوبيا وموقف
القيادات الأميركية الفاعلة من الثورة
وانتصار التيار الداعي الى عدم
معارضتها والتخلي عن الحليف القديم
لأسباب أهمها الادعاء أن الخطر الآتي
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وهزيمة
الشيوعية يكمن في الإسلام الموحد وأن
الواجب يفترض على الغرب تطبيق سياسة «فرّق
تسد» من جديد بتشجيع الانقسامات
والنزاعات الطائفية والمذهبية الى أن
تخلص الوثيقة الى القول إن مثل هذا
النهج سيؤدي الى شق الصف الإسلامي «الى
الأبد»... وجاءت العبارة بالحرف الواحد. ولا حاجة الى التذكير بما جرى من أحداث
بعد هذه المرحلة، من إشعال نار الحرب
العراقية - الإيرانية الى احتلال
العراق وتطورات الأحداث في لبنان ودول
عربية عدة بهدف إثارة الفتنة الطائفية
والمذهبية بين الشيعة والسنّة على
امتداد العالم الإسلامي والباقي معروف
ومكشوف. ونحمد الله أن معظم هذه الفتن قد تم وأدها
وهي في مهدها حتى الآن، على رغم أنها
تطل برأسها بين الآونة والأخرى، ولكن
هذا ليس كل شيء، بل لا بد من العودة الى
القرن الماضي لرصد تسلسل الأحداث
والبناء عليها لتدعيم أركان نظرية
المؤامرة بكل جوانبها. ولو بدأنا من المؤتمر اليهودي العالمي في
أواخر القرن التاسع عشر لوجدنا أن
المؤامرة الصهيونية لافتراس فلسطين قد
رسمت في شكل مدروس، فقد بدأت بالضغط
على السلطان عبدالحميد لإقناعه
بالتخلي عن فلسطين والقدس، لكنه رفض
وأبى وقال كلمته المشهورة: «أقطع يدي
ولا أتخلى عن القدس»، بل ذهب بعيداً في
منع اليهود من دخول المدينة المقدسة.
وجرت محاولة ثانية باستخدام وسائل
الترهيب والترغيب وعرض إغراءات مالية
كبرى عليه، فأبى ورفض ثانية ثم توالت
الأحداث من تقاسم تركة «الرجل المريض»
وهو الإسم الذي أطلقوه على
الإمبراطورية العثمانية لتشجيع العرب
على الثورة بقيادة الشريف حسين بعد
إغراقهم بوعود الخلافة والوحدة، ولما
تحقق لهم ما أرادوا خانت بريطانيا،
ومعها الغرب، العرب وأخلّت بوعودها
وبدأ تنفيذ المؤامرة الخبيثة بإطلاق
وعد بلفور المشؤوم وفرض الانتداب على
الدول العربية بعد تقسيمها وتفتيتها
وفق ما عرف بخرائط سايكس - بيكو. واكتملت الفصول الأولى مع انتهاء الحرب
العالمية الثانية بإفساح المجال أمام
اليهود للاستيطان الاستعماري في
فلسطين ثم الاعتراف بقيام دولة
إسرائيل فيما العرب يتفرجون ويندبون
حظهم ويتبادلون الاتهامات. ومن يومها توالت فصول المؤامرة مع حروب
إسرائيلية على العرب وقضم المزيد من
الأراضي واحتلال القدس وسيناء والضفة
وغزة والجولان في حرب 1967 مقابل
انقلابات وثورات وفوضى ونقمة وخلافات
ونزاعات عربية - عربية ما أنزل الله بها
من سلطان... ومن يطلع على الوثائق
السرية المنشورة، وهي متاحة لكل من
يرغب، يدرك تماماً من يحركها ويتعرف
إلى الأدوات المحرضة والمنفذة
والمستفيدة وأبعاد الانقسام العربي
بين معسكري الغرب والشرق. الأمل الوحيد بزغ فجره في حرب السادس من
تشرين الأول (أكتوبر) 1973، ولكن أطراف
المؤامرة تكالبوا على إجهاض نتائجها
ومحاولة محو آثار البطولات التي قامت
بها القوات المصرية والسورية ومعها
قوات عربية من المغرب والسعودية
والأردن والعراق شاركت في شكل أو في
آخر ووقف المغفور له الملك فيصل بن
عبدالعزيز موقفاً بطولياً مشرفاً
باستخدام سلاح النفط ودعم قوة
المواجهة بالمال والموقف الجريء
والضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن السيّئ الذكر هنري كيسينجر وزير
الخارجية الأميركية الأسبق تصدى للنصر
وتزعم فريق العمل التآمري لإجهاضه
بتبني سياسة ما سمي بالخطوة خطوة و «اللي
فات مات» ومجاهرته بالقول (ومذكراته لم
تخف هذه الحقيقة) إنه لا يمكن حل قضية
الشرق الأوسط كقطعة واحدة بل لا بد من
تفتيتها الى مسارات مختلفة ومتباينة
وبالتوصل الى حلول جزئية بين الأطراف
العربية وإسرائيل (وهذا ما حدث)، إضافة
الى مجاهرته هو وغيره من عتاة الفكر
الصهيوني بضرورة تفتيت الدول العربية
وتقسيمها وضرب منظمة «أوبك»، مهدداً ب
«جعل العرب يشربون بترولهم». وتوالت
الأحداث من اغتيال الملك فيصل الى
إشعال نار الحرب اللبنانية والاجتياح
الإسرائيلي للبنان وإتمام عقد
الاتفاقات الجزئية وصولاً الى
اتفاقيات أوسلو بين الفلسطينيين
وإسرائيل ثم التخلص من الرئيس ياسر
عرفات بتسميمه والانسحاب من غزة
لتقسيم ما هو مقسم من فلسطين والباقي
معروف. ولا أورد هذا التسلسل المرعب للأحداث
لمجرد الندب والبكاء على الأطلال، بل
للتحذير من خطورة المراحل المقبلة
والمخططات المعدّة من مسلسل المؤامرة
الكبرى فيما العرب يتفرجون أو يختلفون
ويتباعدون ثم يفقدون دورهم التاريخي
بترك زمام الأمور للقوى الإقليمية وهي
إسرائيل وإيران وتركيا ومعها الولايات
المتحدة والغرب. ونظرة واقعية الى ما يدور الآن من أحداث
يثبت هذا الواقع المزري الذي ينذر
بالخطر، فالحروب تنهش جسد الأمة وتهدد
دولاً عربية عدة بالتفتيت والتقسيم
والدمار الشامل، من العراق المهدد
بالتقسيم الى اليمن الذي يشهد حروباً
عبثية ودعوات انفصالية الى السودان
الذي يخشى أن يكون قاب قوسين أو أدنى من
انفصال الجنوب وتجدد الحركات
الانفصالية في دارفور والشرق والشمال
وبالصومال المقسم الى عصابات تفني
بعضها بعضاً تحت راية الإسلام،
والإسلام براء منها، مروراً بأحداث
لبنان ومصر وتجدد النزاع المغربي -
الجزائري حول الصحراء من دون أن ننسى
آثار زلزال ايلول (سبتمبر) في نيويورك
وواشنطن وظهور «القاعدة» وما نجم عنه
من أضرار بحق العرب والمسلمين من
فلسطين الى أفغانستان بعدما استخدم
الغرب المجاهدين العرب والمسلمين في
تحطيم الاتحاد السوفياتي وفق «أجندة»
مشبوهة يكشف بعض جوانبها تسلسل
الأحداث في العالمين العربي والإسلامي. وبعد كل هذا، ماذا يمكننا أن نقول في شأن
نظرية المؤامرة... وبالتالي، هل سيبقى
العرب في حال استسلام لقدرهم وإدمان
مرض «المفعول به»؟ * كاتب عربي =================== السبت, 31 يوليو 2010 الياس حرفوش الحياة من ناحية، يحق للبنانيين أن يفرحوا
بالرعاية العربية التي تحيط بهم ايام
الشدائد. غير أن الصراحة تقتضي القول
من ناحية ثانية أن عليهم أن يقلقوا على
احوالهم وعلى وضعهم الهش المعرّض
للانهيار عند اول مفترق، اذا تعطلت هذه
الرعاية أو اذا لم تلعب، لسبب ما،
الدور الذي ينتظرونه منها. بلد مصيره مرتبط بتوازنات خارجية،
وبعبارة اوضح بصفقات، اذا حققت
اغراضها نجا من المقدّر له، وإذا فشلت
بات مصيره معلقاً في المجهول. متاريس
مرتفعة في وجه بعضها، لا ينقصها سوى
اطلاق الإشارة الأولى للمواجهة لينقضّ
أحدها على الآخر. من هنا أهمية
الاحتضان العربي المستمر للوضع
اللبناني المقلق، وأهمية الدور الذي
يلعبه التفاهم السعودي - السوري في هذه
الفترة لتوفير هذا الاحتضان. وربما كان
من حسن حظ البلد ان بين قياداته من
يستمع الى «نصائح» الخارج (!) اذ لو تُرك
الأمر لأهل الداخل وحدهم لكان السلم
الأهلي في وطن الأرز معرضاً للانهيار
كل يوم. ليس صدفة ان كل التسويات في سنوات الحرب
وفي السنوات التي تلت نهاية الحرب قد
حملت عناوين عربية، من الرياض
والقاهرة الى الدار البيضاء والدوحة.
وإذا كان من درس يمكن استخلاصه من هذا
الاهتمام فهو من جهة ان الوضع اللبناني
مرآة صافية يمكن من خلال الوقوف امامها
مشاهدة تشققات الوضع العربي كما هي،
ومن جهة ثانية أن بين الأشقاء العرب من
يعرف قيمة لبنان ويقدر اهمية
الاستقرار فيه، اكثر مما يقدر
اللبنانيون انفسهم هذه القيمة. وبقدر ما هي التسويات في البلد خاضعة
لعوامل التأثير الخارجي، كذلك يمكن
القول ان عناصر التفجير متصلة هي ايضاً
بالقنابل الموقوتة الخارجية. وليس أدل
على ذلك مما نسمعه هذه الأيام، في اطار
التصعيد القائم من جانب «حزب الله» في
وجه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان،
من تعليقات لعدد من المسؤولين
الإيرانيين، آخرهم رئيس مجلس الشورى
علي لاريجاني، من ان ايران هي
المستهدفة من خلال المحكمة. فالحكم في
طهران يعتبر ان المواجهة القائمة بينه
وبين المجتمع الدولي بسبب برنامجه
النووي المثير للشكوك باتت تشمل ايضاً
«حزب الله» باعتباره، كما تؤكد
المواقف الإيرانية، جزءاً من منظومتها
السياسية والأمنية. وهو ما سبق أن قيل
سابقاً خلال المواجهة بين «الأهالي»
والوحدة الفرنسية التابعة للقوات
الدولية في الجنوب، من ان تلك المواجهة
كانت رداً في حدود الممكن على التصويت
الفرنسي في مجلس الأمن على تشديد
العقوبات على ايران. من منظور كهذا يمكن القول ان المأزق الذي
تجد الوساطات العربية واللبنانيون
انفسهم امامه الآن يتجاوز ما يقال عن «تسييس»
للمحكمة او عن شهود الزور، الى مواجهة
كبيرة العناوين تتصل بما تقف امامه
المنطقة من تجاذبات وما يهددها من
انعكاسات الصراع بين الموقف الإيراني
وموقف المجتمع الدولي من الملف النووي.
وإذا كانت المواجهة على هذه الصورة
يصبح منطقياً طرح السؤال عما تستطيع
الوساطات العربية ان تفعله لإخراج
الوضع اللبناني من ازمته الحالية، بعد
ان بات هذا الوضع مفتوحاً على صراع هو
اكبر من قدرة لبنان ومن قدرة العرب على
احتماله او على ايجاد الحلول له. مع ذلك، ليس امام اللبنانيين سوى الصلاة
والتمني أن يُفلح الاهتمام والرعاية
العربيان في ابعاد شبح الاصطدام
الداخلي، او تأجيله على الأقل، لعلّ
نتائج المفاوضات الموعودة حول النووي
الإيراني في الخريف تنجح في تخفيف حدة
الصراع حول المحكمة وانعكاساته
الداخلية. =================== آخر تحديث:السبت ,31/07/2010 محمد نور الدين الخليج أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي أن
إعلان كوسوفا الاستقلال قبل عامين لا
ينتهك القانون الدولي . وربما تكون هذه أولى حالات إسباغ الشرعنة
على قرار انفصالي من جانب واحد، في حين
أن الحالات الأخرى المماثلة أو
المختلفة جاءت نتيجة توافق الطرفين
المعنيين، مثل انفصال تشيكيا
وسلوفاكيا عن بعضهما بعضاً، أو
إريتريا عن إثيوبيا، أو إصدار الأمم
المتحدة قرارات بذلك مثل تيمور
الشرقية . في حين أن حالات كثيرة لم تحظ بمثل هذا
الواقع، وبقيت معلقة ومصدراً للتوتر
مثل قبرص التركية ونظيرتها الجنوبية،
والشيشان وأبخازيا وناغورنو قره باغ . أما في فلسطين فهي حالة خاصة، وهي على
الصعيد القانوني الدولي كيانان بموجب
قرار التقسيم في العام 1947 . وفي حين
أعلن القسم الذي أعطته الأمم المتحدة
إلى اليهود استقلاله في 15 مايو/ أيار 1948
وحظي بالتأييد الدولي، لم يعلن القسم
الذي خصص للفلسطينيين موقفاً مماثلاً،
إذ رفض التقسيم واستتبع ذلك تسليم
مقاليد أمره إلى الدول العربية
المجاورة . وبقدر ما كان موقفه الرافض
ضد التقسيم منطقياً وطبيعياً بقدر ما
كان تسليم أمره إلى “إخوانه” من العرب
خاطئاً جداً، وجرّ عليه ويلات إضافية
تضاف إلى ويلات احتلال اليهود للقسم
الآخر من أرضه . الفلسطينيون اليوم ورغم كل القرارات
الدولية التي صدرت يمكن أن يعلنوا
دولتهم المستقلة ووفقاً لقرار التقسيم
المشؤوم نفسه، وما تلاه من قرارات
دولية . ولا يعلم إلا الله سبب القصور
والتهاون الذي يرتكبه الفلسطينيون بحق
وطنهم أو ما تبقى من وطنهم، حيث ثبت ب “الدليل
الشرعي” أن ما حكَّ جلدك مثل ظفرك ولو
كان ظفر أخيك من أمك وأبيك أو بالرضاعة
. من حيث المبدأ من حق أي أقلية أن تعبر عن
حقها في تقرير مصيرها بنفسها، خصوصاً
بعد ظهور النزعة القومية التي أصبحت من
الخصوصيات الطبيعية لكل الشعوب . وهي
نزعة ليست جديدة في التاريخ العربي
والإسلامي، بل تكمن في قلب النص
القرآني بقوله تعالى “وجعلناكم
شعوباً وقبائل لتعارفوا” ولم يقل جل
جلاله لتندمجوا ويذوب أحدكم في الآخر،
إلا بالدفاع عن تعاليم الإسلام . لقد
دعا الإسلام إلى التعرف إلى الآخر،
وأكثر من ذلك دعا إلى الاعتراف به بكل
خصوصياته من لون ولغة وأدب وثقافة . البعد السياسي من قضية الأقليات طفت بقوة
على السطح في القرنين الأخيرين في ظل
سيطرة امبراطوريات كبرى على أغلبية
الجغرافيا الكونية مثل الامبراطوريات
العثمانية والإنجليزية والفرنسية
وغيرها . ورمى الغرب كرة الأقليات في مرمى خصومه من
أجل تفكيكهم والسيطرة عليهم وتحويلهم
إلى مجرات صغيرة في كوكبه . هذا البعد الاستعماري من قضايا الأقليات
قائم وموجود ولا أحد ينكره لكن من
الافتراء وعدم الموضوعية حصر الأمر في
هذا البعد . لا بد من التمييز بعض الشيء بين قضايا
الأقليات أو مشكلاتها في العالم
الغربي، ومشكلاتها في العالم الثالث،
ومنها العالم العربي والإسلامي . ورغم أن الخصوصيات القومية معترف بها إلى
حد كبير في الغرب، غير أن نزعة
الاستقلال لا تزال تراود مجموعات
كبيرة منها على سبيل المثال الصراع بين
الفلامان والفال الفرنسيين في بلجيكا .
أيضاً الوضع في إيرلندا والنزعة
الانفصالية في إيطاليا . الأمر ينسحب على معظم الجمهوريات التي
كانت ضمن الاتحاد السوفييتي والمعسكر
الاشتراكي والتي كانت تتمتع باستقلال
ثقافي ولغوي واعتراف بهويتها . لكنها
كانت في قرارها السياسي تابعة للمركز
سواء في موسكو أو داخل جمهورياتها . أما في العالم العربي والإسلامي فإن
المشكلة أكثر خطورة . إذ في الأساس لم يعترف المركز بالأقليات
التي فيه إلا نادراً، وغالباً ما كان
الاعتراف كما يقال “كرتونياً” . وعلى هذا نشأت مشكلات في جنوب السودان،
وشمال العراق، وفي تركيا، وفي مصر، وفي
دول المغرب العربي وغيرها . مشكلة هذه الأقليات إذاً مزدوجة . لا
اعتراف داخلياً بها واستغلال خارجي،
فكانت النتيجة انقسامات داخلية
وحروباً أهلية وتدخلات خارجية
واستنزافاً للموارد البشرية
والطبيعية، وضياعاً للقرار
الاستقلالي، وعودة إلى حقب الجاهلية
وعصور الطوائف والأمراء . قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي يضع
الإصبع على الجرح . سوف يفاقم من
الاضطراب في مناطق الأقليات، إذ ستسعى
هذه إلى نيل استقلالها . لكن القرار من
جهة ثانية يجب أن يكون حافزاً للدول
التي توجد فيها أقليات لتأخذ
الأكثريات في الاعتبار أن هذه
الأقليات لها حقوق طبيعية وإنسانية
لجهة حرية الاعتقاد واللغة والمعاملة
على قدم المساواة كمواطنين وبشر في
الدول التي يوجدون فيها . مشكلة الأقليات موجودة في كل مكان في
العالم، لكنها في بلادنا العربية
والمسلمة تعبير عن قصور حضاري . =================== من التهويل إلى التهدئة
من أجل أوباما آخر تحديث:السبت ,31/07/2010 عصام نعمان الخليج بقليل من الفطنة، يلاحظ المرء أن المنطقة
انتقلت، خلال أيام معدودة، من فورة
التهويل إلى نعمة التهدئة . من تصريحات رئيس الأركان “الإسرائيلي”
الجنرال غابي أشكينازي الذي “بشّر”
اللبنانيين بتوترات واضطرابات أهلية
تعقب صدور القرار الظني عن المحكمة
الدولية منتصفَ شهر سبتمبر/ أيلول
المقبل، والقاضي ب “إدانة” عناصر من
حزب الله باغتيال الرئيس رفيق
الحريري، إلى تهديدات وزير الحرب
إيهود باراك بضرب مؤسسات الحكومة
اللبنانية إذا ما قصف حزب الله “تل
أبيب” بالصواريخ . ومن تصدي الأمين العام لحزب الله لحملة
التهويل بقرار المحكمة الدولية،
وإعلان رفضه أي اتهام لأعضاء حزبه بأي
دور أو علاقة باغتيال الحريري، وتحديه
خصوم حزبه المحليين بالموافقة على
محاكمة شهود الزور، إلى تمسك رئيس
الحكومة سعد الحريري بالمحكمة، ورفض
حلفائه من قوى 14 آذار مبدأ محاكمة شهود
الزور، بل تشكيك سمير جعجع بوجود شهود
زور أصلاً . ومن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس باشتراط موافقة “إسرائيل”
على مرجعية دولية للمفاوضات، ولا سيما
عند البحث في مسألة الحدود قبل ولوج
باب المفاوضات المباشرة، إلى شروع
بنيامين نتنياهو بجولة سياسية قادته
إلى مصر، حيث اجتمع إلى حسني مبارك
الذي دعا عباس إلى إثبات حسن النية،
وإلى الأردن حيث اتفق مع مليكه على “دفع
الجهود السلمية، وإيجاد البيئة
الكفيلة بانطلاق مفاوضات فلسطينية “إسرائيلية”
مباشرة وجادة وفاعلة” . في أثناء ذلك، بادرت “إسرائيل”، من دون
مقدمات، إلى الإفراج عن السفن التركية
المحتجزة لديها، مع سائر السفن
المشاركة في “أسطول الحرية لغزة”
وتسليمها إلى تركيا . غير أن ذروة المتغيرات تمثّلت بالقمة
الثلاثية بين العاهل السعودي الملك
عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري
بشار الأسد والرئيس اللبناني ميشال
سليمان في بيروت، والتي تم التعويل
عليها، على ما يبدو، لتحديد المسار
الذي ستسلكه الأزمة المستفحلة الناشئة
عن القرار الظني المرتقب صدوره عن
المدعي العام لدى المحكمة الدولية
الخاصة بلبنان، دانيال بلمار . ما سر هذا الانتقال المريب من التوتير
والتهويل إلى التليين والتهدئة؟ دوافع عدة تقف وراء ذلك . غير أن الدافع
الرئيس هو موقف باراك أوباما . فالرئيس
الأمريكي يواجه في الوقت الحاضر وإلى
مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل
أكبر تحدٍ لإدارته، وقد يقرر مصير
ولايته الثانية . إنه تحدي الانتخابات
النصفية التي يأمل الحزب الجمهوري
المعارض بانتصار كبير فيها، على صعيدي
مجلس النواب، ومجلس الشيوخ . أوباما لا يريد أن تتطور الأمور في بؤر
الصراع الرئيسة، إيران وأفغانستان
وفلسطين ولبنان والعراق، على نحوٍ
يستغله خصومه الجمهوريون للنيل من
مرشحي حزبه الديمقراطي في الانتخابات،
فتراه يبذل جهوداً استثنائية من أجل
تسكين الأجواء، ومحاصرة التوترات، وسد
الثغرات، وإعادة التواصل والحوار بين
أطراف الصراع . حيال إيران، يبذل أوباما جهوداً في
الكواليس لإعادتها إلى طاولة
المفاوضات، تنفيساً لأجواء الاحتقان،
واحتواء لموقف “إسرائيل” الناشطة،
عبر اللوبي اليهودي، من أجل العودة إلى
الخيار العسكري في التعامل مع
الجمهورية الإسلامية . إزاء أفغانستان، يركز أوباما على هدفين:
الأول، توفير الدعم المالي والاقتصادي
للرئيس حامد قرضاي، من أجل تسريع بناء
الدولة وإعدادها سياسياً وإدارياً
وأمنياً لتولي شؤون البلاد، بعد
انسحاب القوات الأطلسية في مستقبل
قريب أو بعيد . الثاني، حشد القوات
اللازمة من أجل محاولة إلحاق هزيمة
بطالبان في الجنوب، تساعد حكومة قرضاي
على تحقيق الهدف الأول . بالضغط على الفلسطينيين، وبرشوة نتنياهو
بعقوبات متصاعدة ضد إيران وعلاقات
باردة مع سوريا، يأمل أوباما بدفع
الفلسطينيين إلى طاولة مفاوضات مباشرة
مع “الإسرائيليين” لقاء وعود، لا
ضمانات، ببحث قضايا الحدود والأمن وسط
تجميد غير معلن للاستيطان، الأمر الذي
يحقق نوعاً من الانفراج المديد على
مستوى دول المنطقة العربية . ويوفد أوباما مبعوثيه، الواحد تلو الآخر،
إلى العراق لتطويق إيران والحدِّ من
نفوذها، في إطار التأكيد للعراقيين أن
القوات الأمريكية ستباشر الانسحاب
جزئياً أواخر الشهر المقبل، وكلياً
قبل نهاية العام المقبل . كل ذلك لتحقيق
أكبر قدر من التهدئة تستفيد منه أمريكا
وحلفاؤها، بحيث ينحصر الصراع بين
الأطراف الأخرى، عرباً وعجماً . محور الجهد الرئيسي لأوباما هو لبنان في
الوقت الحاضر . فهو وإن كان يدعم “إسرائيل”
في مخططها الرامي إلى محاولة تحجيم حزب
الله بما هو قائد المقاومة، إلا أنه
يحاذر انفجار الوضع الداخلي بسبب
استغلال “إسرائيل” وحلفاء أمريكا
المحليين للقرار الظني المرتقب المزمع
صدوره عن المحكمة الدولية، ما قد يؤدي
إلى أحد احتمالين: حرب أهلية، أو عدوان
“إسرائيلي” جديد . في كلا الحالين،
سينسحب الحدث على الوضع الانتخابي في
الولايات المتحدة، ويتيح لخصومه
الجمهوريين فرصة ثمينة للتحريض على
سياسته والنيل منه . لتفادي هذين الاحتمالين، يلتقي كثير من
المسؤولين العرب مع رغبة أوباما، بل مع
مصلحته، في التهدئة . بعض القوى يخشى أن
يخطئ أصدقاؤه اللبنانيون في صفوف 14
آذار في قراءة الأحداث والتطورات، وأن
يتصرفوا على نحوٍ مشابه لما حدث في 7
مايو/ أيار سنة 2008 وانتهى إلى إضعافهم،
وبالتالي إلى إكراههم على استجابة
مطالب أساسية لقوى المعارضة . كذلك لا
ترى قوى أخرى من “صف آخر” مصلحة في
عودة لبنان إلى الانقسام والاصطراع،
وتوفير الفرص ل “إسرائيل” لزرع
الفرقة والحرب الأهلية، أو لشن الحرب
على المقاومة، وربما على سوريا أيضاً . الجميع مجمع، إذاً، على التهدئة . لكن على
أي اساس؟ التهدئة علاج مسكّن ومؤقت، وليس علاجاً
مبرّئاً من المرض، جذرياً وطويل الأمد
. والانتقال من التهدئة إلى اجتراح
الحل الممكن يتوقف، بالدرجة الأولى،
على موازين القوى السائدة، محلياً
وإقليمياً، وتقييم الأطراف المتصارعة
لها . ففي حين تشعر القوى الوطنية
والقومية المؤيدة للمقاومة ولسوريا،
أنها الأقوى حاضراً ومستقبلاً، تعتقد
القوى المحلية المناوئة للمقاومة وغير
المتحالفة مع سوريا أنها، في منظور
نسبة القوى الموجودة إقليمياً، ولا
سيما الوجود العسكري الأمريكي في
المنطقة، ليست ضعيفة، وأن في وسعها
الصمود في وجه خصومها . ولعل أسوأ ما في الوضع الراهن أن ثمة من لا
يزال لا يستشعر، بل لا يريد أن يستشعر،
حراجة وضع أوباما، ولا يستثمر تالياً
حاجته إليه من أجل الاستحصال عبره على
تنازلات من “إسرائيل” تخدم الحقوق
العربية في فلسطين، وتحمي المقاومة في
لبنان . بالعكس، ما نراه على أرض الواقع
أن ثمة قوى تكارم أوباما وتحاول إرضاءه
ومساعدته على مواجهة التحديات، في
داخل أمريكا وفي المنطقة، ربما لأن
بعضها يشعر بأن “خطر” إيران ربما أصبح
أكبر من خطر “إسرائيل”! مستقبل
التهدئة المؤقتة هو الهدنة المديدة،
بانتظار جولة حرب جديدة تخوضها “إسرائيل”،
ومن ورائها أمريكا، في الوقت الملائم
لها . التهدئة بمقدار وبحسبان، والهدنة كذلك .
والمعيار والمكيال في كلا الحالين
أمريكيان بامتياز . =================== بقلم :خالد السرجاني البيان 7/31/2010 خلال زيارة الرئيس التركي عبد الله غول
إلى القاهرة مؤخرا ولقائه بالرئيس
حسني مبارك، حرص الجانبان المصري
والتركي على تأكيد أن علاقاتهما هي
علاقات تكامل وليست علاقات تنافس، كرد
غير مباشر على المقولات التي سادت في
الفترة الأخيرة، حول أن تركيا تسعى إلى
ملء الفراغ الذي تركته مصر في الشرق
الأوسط. والحاصل أن كلا الأمرين لا يخلو من صحة،
فعلاقة تركيا بمصر في ما يتعلق بمنطقة
الشرق الأوسط، علاقة معقدة يتداخل
فيها أكثر من عامل ويحركها أكثر من
هدف، ويتحكم فيها أكثر من مدخل، بما لا
يمكن معه التعامل معها ببساطة، كما هو
حاصل في معظم التحليلات السائدة حاليا.
فوفقا للعامل التاريخي، لا بد أن تكون
علاقات مصر بتركيا ليست طبيعية،
بالنظر الى أن مصر كانت واحدة من
ولايات السلطنة العثمانية لفترة
طويلة، لكن عامل التحالفات الخارجية
لكلتا الدولتين يفرض عليهما أن تكون
علاقاتهما على أحسن ما يكون. ووفقا للتحديات التي تشهدها منطقة الشرق
الأوسط حاليا، لا بد أن يكون هناك
تكامل أو تنسيق كامل بين البلدين، لكن
الصراع على الدور المركزي في المنطقة
بين قوتين تاريخيتين، يفرض عليهما
الصراع على الدور والمكانة. وعلى مدى التاريخ المعاصر، اعتبرت تركيا
قوة تدافع عن مصالح المسلمين السنة،
وجرت بينها وبين إيران صراعات وحروب
باردة اتخذت الطابع المذهبي، وحتى في
الفترة التي كانت الدولة التركية
علمانية تتخاصم مع الدين، كان الدفاع
عن السنة يعتبر من ثوابت سياستها
الإقليمية، وتنافست في هذا الأمر مع
السعودية ومصر. وفي رأي عدد كبير من المحللين الغربيين،
فإن الامتداد الإقليمي لإيران
وسيطرتها على السياسة العراقية في
السنوات الخمس الأخيرة، تدفع الدول
الثلاث إلى التنسيق في ما بينها، لأن
امتداد النفوذ الإيراني يهدد المصالح
الإقليمية للدول الثلاث ويمثل خطرا
على أمنها القومي. وهذا أحد مصادر فهم
العلاقات المصرية التركية في الوقت
الراهن. وهناك اختلاف بين رؤية الدول الثلاث
والدول الغربية حول سبل التعامل مع
التهديد الايراني، ففي الوقت الذي يرى
فيه الغرب أن الصدام والحصار هو
الأسلوب الأفضل، فإن الدول الثلاث،
على الأخص تركيا، ترى أن الاحتواء هو
الأسلوب الأمثل، ويتم ذلك عبر إقامة
علاقات طبيعية مع إيران، ولكن دون
إعطاء اي فرصة لها للامتداد الإقليمي،
وهذا ما يفسر الزيارات المتبادلة بين
مسؤولين أتراك ونظرائهم الإيرانيين. وفي رأي الدول الثلاث، فإن الصراع
المفتوح مع إيران يترك فراغا لإسرائيل
يجعلها هي القوة المهيمنة في منطقة
الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يهدد هو
الآخر المصالح الإقليمية لهذه الدول.
وبالتالي فإن هناك ما يجمع بين الدول
الثلاث، وعلى الأخص مصر وتركيا، في ما
يتعلق بمستقبل منطقة الشرق الأوسط. ولكن على الجانب الآخر، فإن تركيا تسعى
لأن يتحول النظام الاقليمي السائد
حاليا في المنطقة، الى نظام شرق اوسطي
تلعب فيه هي الدور المركزي، وهو ما قد
تقبل به كل من إيران وإسرائيل، لكنه
يفتح المجال أمام صراع على الدور بين
تركيا وكل من مصر والسعودية اللتين
تتمسكان بالنظام الاقليمي العربي،
وهذا أحد مصادر التناقض بين تركيا
ومصر، بما يعني أن علاقات الدولتين
يمتزج فيها الصراع مع التكامل. وحتى في القضايا التي تتخذ فيها الدولتان
موفقا مشتركا، فإن دوافع هذا الموقف
تختلف بينهما بما يصل أحيانا إلى درجة
التناقض. ففي ما يتعلق بالموقف من
الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب
الفلسطيني. فإن تركيا تتخذه لأنها تسعى إلى دور مركزي
وتريد أن تعطيه طابعا شعبيا، خاصة في
الدول العربية، في الوقت الذي تتخذ مصر
مواقفها وفقا للتداخل بين أمنها
الوطني وما يجري في فلسطين من أحداث
وتطورات، ووفقا لتوازنات علاقتها مع
الإسلام الأصولي المحلي، الذي له شبكة
علاقات تمتد إلى فلسطين. وبعيدا عن هذه التوازنات والتعقيدات
المتعلقة بعلاقات تركيا ومصر، فإن
سببا مهما من أسباب زيارة عبدالله غول
إلى القاهرة هو سبب رمزي، تسعى تركيا
من خلاله لطمأنة مصر في ما يتعلق بأنها
لا تسعى الى البحث عن دور إقليمي على
حسابها، وأنها لا تسعى إلى ملء فراغ
تركته مصر، بقدر ما أنها تسعى الى
استكمال بناء وضعت أسسه مصر نفسها. وذلك لأن النظام المصري الحالي بسبب
تداعيات كثيرة، أصبح يهتم بالأبعاد
الرمزية للتحركات السياسية. وهو ما
يؤكد أن زيارة غول هي في أساسها زيارة
تطمينية لمصر، أكثر منها زيارة تستهدف
أمورا أخرى سياسية أو اقتصادية، لكنها
في الوقت ذاته تفتح المجال أمام تواصل
آخر على صعيد السياسة والاقتصاد، يمكن
أن يتواصل في وقت لاحق بين الأجهزة
الفنية المختصة في البلدين. وفي هذا المجال لا بد من الإشارة الى أن
الاستثمارات التركية في مصر زادت في
السنوات الأخيرة، وهو ما يعتبر بمثابة
رسالة تطمينات أخرى من تركيا لمصر،
خاصة وأن توجيه الاستثمارات الخارجية
التركية يخضع لاعتبارات السياسة
الخارجية، حيث تلعب الحكومات التركية
دورا ما في تحديد جدول أعمال هذه
الاستثمارات والدول التي توجه إليها. كاتب مصري =================== بقلم :فيكتور ديفيس هانسون البيان 7/31/2010 عندما تمشي في شوارع ميونيخ أو ستراسبورغ
أو فيينا، ستعرف لماذا اعتقد
الأوروبيون على مدار العقود الأخيرة،
أنهم قد وصلوا إلى نهاية التاريخ. لا
يمكنك رؤية شرطي. المقاهي على أرصفة
الشوارع مزدحمة خلال منتصف الأسبوع،
بالذين يتناولون الغداء. الموضة
والعطلات والمتعة، تسيطر على لوحات
الإعلانات بمختلف أنواعها. راكبو الدراجات والقطارات الكهربائية
والسيارات الاقتصادية في استخدام
الوقود، يمرون بك في بيئة تغلفها
الخضرة، على العكس من منظر السيارات
الأميركية الفارهة التي تستخدم الكثير
من الوقود. عموما، هناك إحساس عام بالرضى عن ما تم
إنجازه، بين الديمقراطيين
الاشتراكيين في أوروبا، فهم يشعرون
بأن نوعا من التشابه في عموم قارتهم قد
تحقق، ليحل محل ألفيتين كاملتين من
الحروب والثورات المتواصلة في القارة.
الآن يبدو أن كل فرد يحصل على مسكن
وسيارة صغيرة ووظيفة حكومية ومعاش
تقاعدي، علاوة على السلام. وفي المقابل، فإن الجميع يعزفون نغمة
سياسية واحدة بارتياح، هي نغمة يسار
الوسط. ولكن تحت القشرة المتميزة التي
تغطي الاتحاد الأوروبي الآن، يتذكر
القليلون أن الطبيعة البشرية لا
تتوقف، ولا تمنح حتى للأوروبيين
الطيبين تصريح مرور لتفادي قوانينها
القاسية. وبشكل مفاجئ يأتي الانهيار المالي
اليوناني، والديون المتعاظمة التي يجب
سدادها، لتغضب وترعب الدائنين في شمال
أوروبا. الآن حتى أشد المتعصبين لليورو
يعيدون في صمت التفكير في كيان الاتحاد
الأوروبي برمته، الذي يمنح مزايا سخية
ولكنه لا يملك وسيلة سليمة لدفع
فاتورتها. على كل حال، من المفهوم أن
تُعيد توزيع الدخل بأخذ المال من
الألمان والنمساويين الأغنياء،
وتعطيه للألمان والنمساويين الفقراء. لكن من غير المفهوم، بالنسبة لكل الألمان
والنمساويين، أن يتم مد مظلة صدقاتهم
الاشتراكية لتشمل اليونانيين
والايطاليين والاسبان غير المجتهدين.
ورغم كل العبارات الجميلة التي تقال عن
الاتحاد الأوروبي الموحد، فإن الثقافة
القديمة واللغة والقومية، لا تزال هي
الأمور التي يمكن اتخاذها معيارا
لوحدة القارة. لكن التشاحن بشأن تريليون دولار من
الديون المعدومة في جنوب القارة، ليس
مشكلة أوروبية فقط. لماذا، على سبيل
المثال، تشجع سياسة الاستحقاقات
الأوروبية، من المهد إلى اللحد،
باستمرار على تراجع الكثافة السكانية
وعلى تراجع إنتاجية العمال الواضحة
لأي زائر عارض؟ ربما إذا تصرف الجميع
هكذا فإن الناس يجب أن يستمتعوا
بحياتهم في اللحظة الآنية. لماذا يجب أن نضحي من أجل الأبناء أو ندخر
شيئا للورثة؟ وكلما تحدث الاتحاد
الأوروبي أكثر عن الرعاية الشاملة،
كلما تراجع احتمال إقبال مواطنيه على
إنجاب الأطفال. يتقاطر الأوروبيون على كاتدرائياتهم
القديمة المهيبة ومتاحفهم الرائعة
وقلاعهم الفخمة، لإرضاء رغبة إنسانية
فطرية للاستمتاع بالانجازات الفنية
والمعمارية والدينية، حتى وإن تراجع
احتمال أن يبنوا مرة أخرى شيئا مثل
كاتدرائية روان أو قصر شونبرن أو قلعة
على نهر الراين. الكثير يقال عن التعددية الثقافية في
أوروبا، ورغبة القارة في السماح
للمسلمين من الشرق الأوسط وباكستان
وتركيا، بأن يعيشوا حياتهم كما
يريدون، دون صهرهم بالكامل في المجتمع
الأوروبي. لكن تسامحا مثل هذا يعكس في جزء منه خوفا
من التشدد والإرهاب. ورغم كل الكلام
الأوروبي عن الاتجاهات التقدمية نحو
حرية التعبير، فإن مثل هذه المبادئ
تتلاشى سريعا عندما يطالب المتشددون
بتطبيق الشريعة الإسلامية، أو عندما
يهددون رسامي الكاريكاتير والكتاب
الأوروبيين. يبدو أنه كلما تفاخرت أوروبا بتعدديتها
الثقافية، كلما تمددت المعازل العرقية
واتسعت، وكلما زاد شعور الأوروبيين
الأصليين بالمرارة تجاه المولودين في
الخارج. أوروبا عضو مسموع الصوت في الأمم المتحدة
ومنظمات أخرى متعددة الجنسيات، لكن
هذه الطوباوية الأممية تعتمد على
الحماية التي توفرها الولايات المتحدة
وجيشها الضخم، وإلا فسيتوجب إما تأسيس
جيوش أوروبية بتكلفة باهظة، وإما
التعرض للتهديد من وقت لآخر. لقد نسي
الأوروبيون أن كونهم لا يبحثون عن شن
الحرب، لا يعني بالضرورة أن الحرب لن
تبحث عنهم. باختصار، كرد فعل للتدمير الذاتي لأوروبا
في الحرب العالمية الثانية، وظهور
الوحشين التوأم؛ الفاشية والشيوعية،
ظن الأوروبيون أن باستطاعتهم تغيير
الطبيعة البشرية، من خلال تأسيس اتحاد
أوروبي مفعم بالحكمة وشامل الرعاية
للمواطنين. وبدلا من التعامل مع
الخطايا البشرية، اعتبر حكماء أوروبا
في الخمسين عاما الماضية، أنها من
الماضي. غير أن التاريخ البشري يعود الآن بقوة
وضراوة في أوروبا، بداية من الإعسار
المالي الذي يضرب دول المتوسط، إلى
التهديد الذي يمثله خطر التشدد، إلى
التراجع الديومغرافي، إلى الأخطار
الدولية الأخرى الماثلة في الأفق. ويبقى سؤال وحيد: في الوقت الذي تكتشف
أوروبا أن نظامها الديمقراطي
الاشتراكي لا يعمل جيدا، لماذا تبذل
الولايات المتحدة قصارى جهدها
لتقليده؟ أستاذ الدراسات الكلاسيكية في
جامعة ستانفورد الأميركية =================== نيران التصريحات
ومستقبل العلاقات الروسية
الإيرانية المستقبل - السبت 31 تموز 2010 العدد 3727 - رأي و فكر - صفحة 19 فيصل علوش تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة التصريحات
المتبادلة بين العاصمتين الإيرانية
والروسية، وخصوصا منذ تصويت الأخيرة
على الحزمة الرابعة من العقوبات
الدولية التي فرضها مجلس الأمن الدولي
ضد إيران في التاسع من حزيران (يونيو)
الماضي. وآخر هذه التصريحات ما نقله التلفزيون
الإيراني الرسمي (24/7)، عن الرئيس محمود
أحمدي نجاد من أن الرئيس الروسي ديمتري
ميدفيديف "أصبح الناطق باسم أعداء
إيران"، وذلك بعد أن أبلغ الأخير
سفراءه في الثاني عشر من تموز بأن
إيران "تقترب من امتلاك القدرة على
صنع أسلحة نووية". ثم عاد ودعا طهران
لتقديم "إيضاحات بشأن عناصر عسكرية
في برنامجها النووي". وبدا الكرملين
بذلك يقترب أكثر من الموقف الأميركي
والغربي بشأن البرنامج النووي
الإيراني. واعتبرت التصريحات بأنها
تعكس تحولا في الموقف الروسي، لأنها
كانت المرة الأولى التي ينبه فيها رئيس
روسي إلى تهديد محتمل جراء امكان
امتلاك طهران للسلاح النووي، بعد أن
أكد مسؤولون روس مرارا في الماضي أن
إيران "لا تملك قدرات لتطوير سلاح
نووي في المدى المنظور". وبدا إعلان ميدفيديف حول اقتراب إيران من
صنع قنبلة ذرية، في نظر بعضهم، بمثابة
صدى لتصريح سابق كان أدلى به مدير
وكالة الاستخبارات المركزية
الأميركية (سي أي إيه) ليون بانيتا،
واعتبره الرئيس الروسي في حينه "مقلقا".
بدورها اعتبرت طهران آنئذ أن "الاستخبارات
الأميركية والبريطانية تتلاعب بموسكو"،
وطرحت تساؤلات مشككة حول "أهداف
وصفقات من وراء الكواليس"؟!، ووجهت
تحذيرا مبطنا إلى الروس من إبرام صفقات
مع الولايات المتحدة لا ترضيها. وإذ تنحي طهران باللائمة على موسكو وتشير
إلى "صفقات محتملة" تقف وراء تبدل
موقفها، فإن عددا من المراقبين
والمحللين يعتبرون أن التجاهل
الإيراني للدور الروسي المفترض في
مشروع تبادل الوقود النووي المقدم
سابقا من الوكالة الدولية للطاقة
الذرية، والذي رفضته طهران، وفضّلت،
بدلا منه، التوقيع على الاتفاق
الثلاثي مع كل من تركيا والبرازيل، هو
الذي ساهم في تحول وجهة موسكو. ويعتقد هؤلاء المراقبون والمحللون أن ميل
طهران نحو أنقرة وبرازيليا، وتفضيلها
لهما على حساب موسكو، جعلها لا تبدي
تجاهلا للدور الروسي فحسب، بل تبدي
تجاهلا كذلك إلى واقع كون روسيا هي "الشريك
الدولي النووي الرئيسي لإيران" وهي
التي تبني أول محطة للطاقة النووية في
إيران بالقرب من ميناء بوشهر، (على رغم
تأخير افتتاح هذه المحطة مرارا!)، وهذا
ما دفع موسكو، في نظر هؤلاء، إلى
الانعطاف في موقفها، على الرغم من كون
إيران بالنسبة إليها أيضا "شريك
تجاري وتاريخي فاعل"، ووقعت معها
أخيرا اتفاقا لتزويدها بمشتقات نفطية،
يعود عليها بمليارات الدولارات. وإلى ذلك، فإن الموقف الروسي يندرج، في
نظر كثير من المراقبين، في إطار سياسة
خارجية تركز على تطوير علاقات موسكو مع
دول الاتحاد الأوروبي والولايات
المتحدة، وهو ما كان عبر عنه الرئيس
الروسي نفسه حين حدد أولويات بلاده،
على هذا الصعيد، في "بناء علاقات
دولية تخدم الانفتاح وتحسين الاقتصاد
الروسي"، ورأى أن على الدبلوماسية
الروسية" العمل بانفتاح وبراغماتية
والتخلص من الصيغ الجامدة التي حكمت
عملها في الماضي". ضمن هذا السياق جاء، حسب المراقبين،
التوقيع الروسي على تجديد معاهدة "ستارت
- 2" للحد من الأسلحة النووية
والإستراتيجية، ودعم موسكو لقرار مجلس
الأمن بتشديد العقوبات على إيران،
والسماح بعبور الشحنات الأطلسية
المتجهة إلى أفغانستان عبر الأراضي
الروسية، وكذلك الحل الهادئ أخيرا
لقضية الجواسيس مع الولايات المتحدة.
وكذلك توقيع اتفاقيات تجارية بمليارات
اليورو بين موسكو وبرلين ودعوة
ميدفيديف الشركات الألمانية إلى
المساهمة في تطوير الاقتصاد الروسي
"كي يواكب العصر" على حد تعبيره. وبالمقابل، فإن إيران تكتفي بالنزوع نحو
توجيه الاتهامات والتحذيرات، وتشديد
نبرتها حتى تجاه الدول التي ينبغي
عليها الحفاظ على علاقات طيبة معها، أو
أقله تحييدها وعدم دفعها إلى خندق
الأعداء. وكان آخر تلك التحذيرات ما
وجهه نجاد إلى دول الإتحاد الأوروبي،
عشية إقرارها لرزمة من العقوبات
الجديدة تعد من أضخم العقوبات التي
تبناها الاتحاد بحق إيران، وتستهدف
خصوصا قطاع النفط والغازوالنقل.
معتبرا أن "الأميركيين استطاعوا جر
عدد من الدول الأوروبية وروسيا
لمسايرة خططهم"، لكنه حذر بأن على
الجميع أن يعلموا بأن أي إجراء يتخذ ضد
إيران، "سيواجه برد فوري يجعلهم
يندمون"!. وبالاستناد إلى المبدأ الذي يقول بأن
الطموح للعب أدوار دولية وإقليمية
كبيرة، لابد أن يبنى على اقتصاد قوي
ومكين، فإن السؤال الذي يطرحه بعض
المراقبين هو: إذا لم يكن ذلك متوافرا
في الوقت الراهن حتى لروسيا (كما تشير
إلى ذلك تصريحات الرئيس ميدفيديف آنفة
الذكر)، وهي ثاني أكبر قوة نووية في
العالم، فهل تتوفر طهران على ذلك؟ ثم
ماذا ستنفع حيازة القوة النووية إذا
غابت عنها القاعدة الاقتصادية الصلبة؟
وهل نفعت تلك القوة، موسكو، من قبل؟ =================== عادل درويش الشرق الاوسط 7/31/2010 تسريب الأوراق العسكرية الأميركية من
البنتاغون حول سير العمليات في
أفغانستان، حادثة ضخمة (أكثر من 90 ألف
مسودة غير منقحة بعضها لم «يؤرشف»
للقسم المخصص)، وبدوي إعلامي حول ذلك
الأبصار والأذهان عن حقيقة أولية:
الأوراق المسربة لم تخبرنا بمعلومة
جديدة. لكن التسريبات تحولت في يد التيارات
اليسارية (المعادية لأميركا أصلا سواء
خاضت حرب أفغانستان أم لا) إلى طبلة
ضخمة. صحيفة «الغارديان» باعتبارها
سفينة قيادة أسطول اليسار الأوروبي -
الأنجلوسكسوني، أفردت 15 صفحة لعرض
انتقائي مفصل على مقاس المزاج المعادي
لأميركا. حادثة تسريب الأوراق للموقع الإلكتروني «Wikileaks» نفسها خبر صحافي؛ لكن اسأل أي
صحافي - ناهيك عن خبراء الدفاع ومكافحة
الإرهاب - أن يعثر فيما نشر من الأوراق
على ما يصلح خبرا، والإجابة «لا يوجد». «ويكي - ليكس» كلمة مركبة من كلمة مبتكرة
ويكي، والترجمة المفهومية (لا توجد
ترجمة حرفية) تعني «تسريبات من وإلى
وبمشاركة العامة». جوليان أسانغ، مؤسس
الموقع ومحرره، وزملاؤه لا يقومون
بالتحقيقات بأنفسهم، وإنما يعتمدون
على زوار الموقع لتقديم معلومات يحاول
المسؤولون إخفاءها، ربما لأن نشرها
يحرج مسؤولا يحاول خداع الرأي العام في
حالة الحكومة؛ أو المستهلك في حالة
شركات الإنتاج، أو المرضى في حالة
شركات الدواء. وآخرها مثلا تسريب
صحافيين من ال«بي بي سي» معلومات عن
قضية رفعتها شركة تخلص من النفايات ضد
الهيئة بعد بث الأخيرة تقريرا اتهم
الشركة بتهديد صحة سكان منطقة قريبة من
ميناء شحن بضاعتها، لكن الهيئة تصالحت
مع الشركة ومسحت الأشرطة. مقارنة أسانغ نشر موقعه لأوراق أفغانستان
بتسريبات وثائق فيتنام من البنتاغون
عام 1971، مغالطة تاريخية يمكن مقارنتها
بمحاولة الإسكندراني بيع الترام
للعمدة القادم من الصعيد قبل قرن ونصف
القرن. تسريبات القرن العشرين، مثلما سمت
الصحافة وثائق فيتنام، كانت ملفات
محفوظة ومرقمة لتقارير منقحة مؤرشفة (غير
حال أوراق أفغانستان). جهود الصحافة
وقتها كشفت هيكلا كاملا مركبا منظما
وله ميزانية لمهمة خداع وتضليل الشعب
وسلطته الرابعة؛ وهو أمر لم يحدث في
حرب أفغانستان. وبعكس أوراق فيتنام،
فإن أوراق أفغانستان ليست مرقمة
بتنظيم أرشيفي مرتب هيكليا. الفائدة التاريخية من تسريبات أوراق
أفغانستان هي لغير المتخصصين في
الشؤون العسكرية ومقاومة الإرهاب
الإظلامي، كالعاملين في هيئات خيرية
ومؤسسات تنشط في أفغانستان في مجال
تحرير النساء والأقليات والأطفال من
سطوة الطالبان وتوفير التعليم
والعلاج، وإعادة بناء الدولة، والقضاء
على زراعة الأفيون وتهريب المخدرات..
الفائدة هي تنبيه هؤلاء لما أدركه
المتخصصون قبل سنوات من بطلان ادعاء
شركات الأسلحة المتطورة في الثمانينات
أن حروب المستقبل ستكون مثل العمليات
الجراحية في الطب المتقدم؛ أي حصر
الخسائر في جانب «العدو» فقط مع تقليل
الخسائر المدنية إلى أدنى حد بسبب دقة
تصويب أجهزة توجيه هذه الأسلحة
ومحدودية قدرتها المهلكة في دائرة
صغيرة قطرها بضعة أقدام. عندما زرنا، نحن الصحافيين، هذه المواقع
قبل سنوات، كشفنا غفلة ادعاء صناع
الأسلحة المتطورة، فغالبية الشعب
الأفغاني وحكومته المنتخبة هم «نحن»
أي ضمن قوات التحالف، وكانت الخسائر في
صفوفهم كمدنيين مرتفعة. ليس فقط بسبب
أخطاء في أجهزة توجيه قنابل الطائرات
أو تحديد المواقع على الخرائط، بل لأن
«العدو»، أي طالبان وحلفاءها، من
إرهابيي «القاعدة»، اختاروا سلاحين
تكتيكيين لاستراتيجيتهم العسكرية:
الألغام المتروكة على قارعة الطريق «IEDs» (أفخاخ التفجير المرتجلة Improvised
Explosive Devices)،
وتفجر بإشارة لاسلكية أو بذبذبات
المرور. ولأنها مرتجلة، فهي ليست
دقيقة، حيث تصيب شظاياها المارة
ووسائل المرور، كمصرع 25 معظمهم نساء
وأطفال في باص في سوق نيمروز يوم
الأربعاء 28 يوليو (تموز). السلاح الآخر هو الانتحاريون بأحزمة
ناسفة أو بسيارات مفخخة، والضحايا
مدنيون لا وزن لهم في حساب الإظلاميين (ولا
نسميهم إسلاميين لرفض ملايين المسلمين
إرهاب المتشددين). وقد استمر بعض عناصر مخابرات باكستان في
دعم طالبان الأفغان (وليس طالبان
باكستان) فهي الأخرى لديها معلومات
قديمة، وأشرنا في «الشرق الأوسط» قبل
أعوام إلى اعتراف الرئيس السابق برويز
مشرف ضمنيا بمعاناته من فساد بعض عناصر
مخابراته الذين أثروا من دعم
المجاهدين الأفغان ضد السوفيات في
الثمانينات؛ مع وجود تيار يريد
الاحتفاظ بورقة طالبان الأفغان
لمقاومة نفوذ الهند من ناحية، ومساومة
كابل من ناحية أخرى بعد انسحاب قوات
التحالف. الحقيقة الأخرى التي تعمد ناشرو الأوراق
المسربة تغافلها (والمعلومات اختيرت
من أقليتها بعناية خبيثة) أن الأوراق
عن فترة 2004 إلى 2009، عندما تغافلت إدارة
جورج بوش عن أفغانستان مركزة على
العراق، هي التأثير الكبير
لاستراتيجية الجنرال ستانلي
ماكريستال في كسب ود القلوب وإقناع
العقول. فقد حول القسم الأكبر من
المجهود العسكري إلى حماية المدنيين
الأفغان ليسمح لهم بوقت كاف للتمتع
بالمكاسب الاجتماعية والثقافية
والاقتصادية التي حصلوا عليها في
المناطق المحررة من طالبان، كبناء
مستشفيات ومدارس للبنات ومراكز تعليم
ومكتبات ومراكز فنون وثقافة، وبالتالي
يدعمون الحكومة وقوات التحالف لحماية
هذه المكاسب. الواضح أن الهدف من نشر الأوراق، هو توفير
الوقود لمشعلي نار مناهضة الحرب في
أفغانستان. صحيح أن الحرب لا تلقى
شعبية كبيرة في بلدان حلف شمال الأطلسي.
ورغم أنها أطول من حرب فيتنام، فإنها
لم تولد زخم معارضة شعبية في أميركا أو
بريطانيا بضخامة وزخم المعارضة
الشعبية التي ولدتها حرب فيتنام،
وكانت حركة شعبية اشترك فيها الجنود
العائدون من فيتنام. والنشر الانتقائي للأوراق تم منذ أيام
فقط، ولذا فأثره على سير الحملة نفسها
لم يتضح بعد، وربما يكون له أثر مشابه
لأثر تجاوزات سجن أبو غريب في العراق (والتي
تمت فيها التحقيقات وعوقب مرتكبو
المخالفات)، وإن كان الفارق أن
التجاوزات كشفتها الصحافة وليس مسودات
تقارير كانت تعد للقيادات الميدانية
والوزارية. القوات الأميركية وقوات التحالف تستعد
للانسحاب خلال أشهر، وتسليم السلطة
تدريجيا للقوات الأفغانية. ومن
الحماقة أن تسمح القيادات السياسية
لقوات التحالف - أو الدول الإسلامية -
بالخضوع لابتزازات اليسار الطفولي،
والتيارات الساعية لإرجاع المجتمعات
الإسلامية إلى القرون الوسطى. ويجب ألا
تسمح لندن أو واشنطن أو زعامات العالم
الإسلامي الرشيدة لهذه التسريبات بأن
تحول تركيزها عن المهمة الأساسية وهي
هزيمة الإرهاب والتطرف في أفغانستان؛
فعودة الملا محمد عمر، وأيمن الظواهري
وأسامة بن لادن إلى كابل، ستصاحبها
قنابل الإرهاب والانتحاريين ليس في
شوارع لندن ونيويورك فقط بل أيضا في
القاهرة والرياض وعمان، حيث يتذكر أهل
هذه المدن جيدا كيف أهدر الإظلاميون
فيها دماء المسلمين قبل غيرهم. =================== عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 7/31/2010 منذ أسبوعين والعمل كان جاريا على إخراج
الزيارة الثنائية السعودية - السورية
إلى لبنان، كان لا بد من خطوة في غاية
الإثارة، ولم تكن هناك إثارة أكثر من
أن يظهر العاهل السعودي والرئيس
السوري معا على أرض مطار بيروت. وقد أثارت الزيارة الثنائية الجميع، أيضا
أثارت شجونا كثيرة في أوقات المحن هي
في بداياتها، ربما. المحكمة وإيران
والبناء العسكري لحزب الله ومفاوضات
سلام جديدة، كل هذه القضايا الأربع
كافية لخلق جو من الخوف يلف لا لبنان
وحده بل كل المنطقة. ولأن لبنان هو
الخاصرة العربية الرخوة، ومن السهولة
بث الرعب والفوضى من خلاله، فإن الحد
الأدنى للقوى الرئيسية في المنطقة أن
تحاول تهدئة الوضع في هذا البلد سريع
الحساسية. فهل يمكن منع الحريق في بلد ملتهب قبل
اشتعاله؟ الأمر ليس سهلا أبدا، لكن إذا
اتفقت القوى الرئيسية على عدم
الانزلاق نحو الخلافات الداخلية،
والتزم اللاعبون الأساسيون بقواعد
اللعبة السياسية، فإن الجميع يمكن أن
يتجاوزوا محنة القضايا الأربع الخطيرة
جدا. وهنا نرى سورية والسعودية
مستعدتان للالتزام بالقواعد الجديدة،
ويتبقى على الآخرين أن يقوموا بالأمر
ذاته. لكن ماذا لو لم يلتزم الآخرون، مثل إيران
وإسرائيل، بالهدنة الجديدة؟ أعتقد أن التزام بلدين أساسيين مثل
السعودية وسورية يعطي ضمانات أفضل،
لأنهما يمثلان اتجاهين مختلفين، وعلى
كل بلد السعي لمنع مجموعته من تخريب
الوضع على الأرض. مهمة صعبة لكن هذه
قيمة وجود اتفاق بين بلدين كبيرين
ومختلفين. وهنا نرى الصعاب جلية حتى في مناخ
الزيارة، فالأميركيون من جانبهم لم
يترددوا في تثبيت العقوبات على سورية
في نفس اليوم الذي يزور فيه الملك عبد
الله دمشق، وكذلك حزب الله الذي استقبل
الزيارة مهددا حكومة 14 آذار! ومع أن الطريق طويل من أجل تذليل المشكلات
المعلقة، مثل سلاح حزب الله الموجه
للداخل والعقوبات الأميركية على
سورية، فإنه بمجرد السير على الطريق
فإن الكثير يمكن أن يحدث. والتحدي
الحقيقي ليس في مبادرة الملك عبد الله
بالسفر إلى دمشق واصطحابه الرئيس بشار
الأسد، رغم نبلها وأهميتها، بل في
الاستفادة من هذه الخطوة المثيرة جدا
في وقت صعب وخطر جدا. وعلينا أن لا نهون من خطوات الملك عبد
الله، فهو الذي قلب المؤتمر في الكويت
عندما فاجأ الجميع بخطابه عن المصالحة
بعد أن جاء الجميع مستعدين للمنازلة.
لم يدر بخلد أحد مثل تلك المبادرة. وحتى
بعد نهاية الجلسة، واستضافة الملك
المتخاصمين على طاولة الغداء في
جناحه، كانت هناك شكوك بإمكانية منع
الحريق، والآن بعد عام ونصف العام نرى
النتيجة جيدة، شكرا للرجل. وهذه
المبادرة الثانية منه التي تكمل
الأولى. وهي تضع الجميع أمام أحد
طريقين، الأول حروب متسلسلة جديدة، أو
طريق سلام يفكك القضايا المعقدة. ==================== إعادة كتابة تاريخ
العرب والأتراك الإتحاد الاماراتية 2010 الجمعة 30 يوليو رياض نعسان أغا بعد أن زالت الغمامة السوداء التي استمرت
على مدى قرن ونيف تُعمّي كثيراً من الحقائق التاريخية التي شهدها تاريخ
العلاقات العربية التركية، وتلقي
ظلالها الداكنة على المشاعر الشعبية عند الأمتين
بات ضرورياً أن يعيد العرب والأتراك قراءة تاريخهم المشترك، وأن يكتبوه برؤية
خالية من التأثيرات السلبية التي فرضتها ظروف العقود الأخيرة من العهد
العثماني الذي شهد انهيارات متتالية
منذ أن اندست الحركة الصهيونية في جسد
الدولة، وقد دب فيه الضعف وتكالبت عليه
قوى غربية صاعدة بدأت تنهش فيه، وبرزت قوى
جديدة تبث التفرقة وتثير الحساسيات والنعرات العرقية والطائفية حتى أنهكت
قواه وأطلقت عليه اسم الرجل المريض، وبدأت توزع تركته على دول الغرب الأوروبي
التي بذلت جهوداً ضخمة لإقامة دولة إسرائيل في قلب الأمة العربية. وقد تناول المؤرخون المعاصرون بإسهاب دور
هذه الحركة الصهيونية في تمزيق الدولة العثمانية، وكان قد دب فيها فساد جعلها
قابلة للانهيار، وشهد العرب والأتراك معاً في نهاياتها تداعيات كبيرة لما تسلل
إلى قياداتها من ضعف، ولم يستطع السلطان عبد الحميد الثاني أن يوقف
الانهيار، ولم تترك له فرصة لإكمال
مشروعه النهضوي الذي بدأه بإعلان الدستور الذي
أفاد فيه من دساتير فرنسا وبلجيكا وسواهما من بلاد الغرب في رؤية إصلاحية
منفتحة عبر عنها اختياره للإصلاحي
مدحت باشا صدراً أعظم للدولة، ثم بناؤه خط
السكة الحديدية التي ربط بها قطار
الشرق السريع بين أوروبا وأسطنبول لتمتد عبر
الخط الحجازي إلى المدينة المنورة عبر دمشق، وجعل هذا الخط وقفاً إسلامياً لا
يدخل في موازنة الدولة. ولكن رؤى عبد الحميد الإصلاحية أخفقت
بسبب موقفه من الصهيونية، التي تمكنت
من تحطيمه وخلعه عام 1908، وسرعان ما انهارت
الإمبراطورية وأصبحت أشلاؤها مضغاً في فم الاستعمار الغربي، وكان العرب قد
تضرروا كثيراً من الضعف والتمزق، الذي
سبق الانهيار حيث ظهرت العصبيات القومية
والعرقية. وكان طبيعياً أن يلتف العرب
حول عروبتهم، وأن يعيدوا النظر في عقدهم
السياسي والاجتماعي مع شركائهم
التاريخيين، وأن يتطلعوا إلى الانفصال عن الدولة
العثمانية التي بدأت تحتضر. ليقيموا
دولة عربية تستعيد مكانتهم الحضارية التي
تخلوا عنها بعد انهيار دولتهم
العباسية التي غزاها المغول والصليبيون معاً فوقف
الأتراك مدافعين عن الإسلام فيها. وهنا أتذكر قول ابن خلدون، الذي أشاد بالأتراك
ورأى تدخلهم لإنقاذ الإسلام لطفاً من الله، فهم الذين بنوا بعد سقوط الدولة
العربية دولاً مسلمة تحافظ على الدين العظيم، فكانت دولة بني سامان وراء
النهر، ودولة بني سبكتين ودولة بني
طولون، ثم ظهرت الدولة السلجوقية ونهضت دولة
خوارزم، ودولة بني زنكي في الشام
والموصل، وقد تمكن الأتراك من لم شمل الأمة
الإسلامية وفيها العرب والترك
والأكراد والشركس وسواهم من الشعوب المسلمة، التي
لم تكن تفرق بين عربي وأعجمي. وكانت تعطي ولاءها لمن يخلص للأمة، ولمن يدافع
عن حدودها وحقوقها وكرامتها، ولمن
يحقق العدل فيها، فتوحدت قواها خلف قادة عظام
من أمثال عماد الدين ونور الدين وصلاح الدين والظاهر بيبرس. وقد تمكنوا من دحر
الصليبيين في حطين والمغول في عين جالوت، وبالطبع لا ننسى نحن العرب موقف
الأتراك العظيم في الدفاع عن المغرب العربي في مطلع القرن السادس عشر بعد سقوط
الأندلس فهم الذين قادوا نضال الشعب العربي في المغرب ضد هجوم الإسبان
والبرتغاليين يومذاك. وقد تمكن الأتراك من تحرير الجزائر ومن
يريد مزيداً من التفاصيل فليقرأ تاريخ الأخوة عروج وإلياس ومحمد وخير الدين
بربروس، وقد طبقت شهرتهم الآفاق، يوم أنقذوا آلاف المسلمين وحرروا الجزائر
وتلمسان، التي استشهد بابا عروج وهو
يدافع عنها، كما استشهد أخوه إلياس وهو يحرر
مستغانم. ولا أريد إسهاباً في سرد تاريخ يطول،
لكنني أريد الإشارة إلى عظمة هذا
التاريخ المشترك بين العرب والترك ، الذي شهد
انتكاسة منذ أن تراجع دور الإسلام، فلم يعد واسطة العقد التي تربط بين
المتحالفين، وإنما أصبحت العصبيات هي
الحاكمة، وكان مفجعاً أن يتمكن الاستعمار الأوروبي
من اصطياد أحلام العرب الذين تطلعوا إلى بناء دولة عربية موحدة مستقلة عبر
ثورتهم العربية الكبرى التي سرعان ما وقعت في الفخ البريطاني الذي تقاسم مع
الفرنسيين بلاد الشام والعراق،
واستكمل المستعمرون الجدد استيلاءهم على الوطن
العربي، في وقت احتدم فيه التنابذ بين العرب والأتراك، وقد بقي الطرفان على مدى
عقود أسرى حوادث مؤلمة وتداعيات محزنة، فالعرب لا ينسون ما فعل جمال باشا
بأحرارهم وقد سموه السفاح، والأتراك لا ينسون أن العرب قاموا بثورة عربية ضدهم
وتحالفوا مع الغرب... وهكذا اتسعت الهوة بين الأمتين وكتب كل منهما تاريخ ما
حدث بينهما من فراق ضمن رؤية ظرفية، اكتظت فيها الذاكرة بالأحداث المأساوية
التي ضغطت على الوجدان العام، وجعلته يفقد الموضوعية في تقويم أكثر من ستة قرون
من التاريخ المشترك، ومن الجهد الدؤوب لاستعادة مكانة الحضارة
الإسلامية في وقت كانت فيه أوروبا تشهد
ذروات نهضتها العلمية، ونسي العرب والأتراك
معاً كثيراً من الإيجابيات التي
جعلتهم ينصهرون في أمة واحدة، وتوقفوا عند رؤية
السلبيات وحدها. وقد حدث التباعد السياسي، حين تحالفت تركيا مع الغرب
بدءاً من عام 1923، ونأت عن محيطها
العربي والإسلامي والمسيحي، ووقعت في صدام مع
بعض جيرانها وشركائها التاريخيين،
وأصبحت طرفاً في تكتلات دولية لا تنسجم مع تكوين
شعبها الثقافي والعقائدي، ومع تاريخها الإسلامي، حتى جاء عام 2002 بقوى سياسية
متنورة جديدة، أعادت تركيا إلى مسارها الطبيعي وإلى دورها التاريخي، وإلى
محيطها العربي والإسلامي والمسيحي،
ولم يكد القرن الجديد يختم عقده الأول حتى أصبحت
تركيا قوة إقليمية صاعدة تمتلك رؤية متطورة في علاقاتها الدبلوماسية. وتستعيد
مكانتها في قلب العالم العربي والإسلامي، وتعبر عن أصالة شعبها في
حفاظه على قيم العدالة والحق، ولم يكن التغيير الذي شهدته تركيا خطاباً سياسياً
نظرياً، وإنما جاء معمداً بدم أبنائها الذين استشهدوا في قافلة الحرية التي
جعلت الدم التركي يمتزج بالدم العربي تماماً كما امتزج عبر القرون الماضية. ومن أجل البدء
بقراءة جديدة لتاريخنا المشترك وإعادة
كتابته ضمن رؤية موضوعية منفتحة على الإيجابيات، ستعقد وزارة
الثقافة السورية بالاشتراك مع أرسيكا
في أسطنبول مؤتمراً علمياً سيبدأ أعماله يوم
الأول من (أغسطس القادم 2010) بعنوان - العرب والأتراك، مسيرة تاريخ وحضارة،
والدعوة مفتوحة لكل المثقفين العرب والأتراك للمساهمة في إعادة قراءة وكتابة
هذا التاريخ. ----------------------- ماذا ينفع الحريري لو
ربح القرار الظني... وخسر البلد؟ «حزب الله» ينجز خطة المواجهة...
وينتظر الفرصة العربية السفير 30/7/2010 عماد مرمل صحيح ان القمة الثلاثية اللبنانية
السورية السعودية
ستشكل حدثا استثنائيا، يحتمل الكثير
من القراءات والدلالات، لكن الصحيح
ايضا ان الصورة قد تكون في الشكل أبلغ
من مضمونها، بمعنى ان المتوقع من القمة
لا يتعدى حدود التهدئة المرحلية، في ظل
صعوبة تعديل مسار القرار الظني
للمحكمة الدولية، لحسابات لا تتصل فقط
بضعف القدرة، وانما ايضا بنقص في
الرغبة لدى البعض ممن يفترض ان ورقة
اتهام حزب الله هي ثمينة الى الحد الذي
يحرص على الاحتفاط بها، بمعزل عن توقيت
استخدامها ومدى إمكان تأجيلها. وإذا كانت للقاهرة حساباتها الأميركية
البحتة، فإن هناك من يعتبر ان الرياض
معنية ببذل أقصى جهد ممكن لاحتواء
مخاطر القرار الظني، والتخفف من
المؤثرات الدولية الضاغطة، وخصوصا
الاميركية منها، ذلك ان حريق الفتنة
متى اندلع قد يمتد الى ساحات عربية
عدة، تختزن مواد مذهبية سريعة
الاشتعال، ليست الساحة السعودية بمنأى
عنها. وليس معروفا بعد إذا كانت هناك إمكانية
فعلية للتلاقي بين الموقف السوري الذي
لا يمكن ان يقبل بمحاصرة حزب الله في
زاوية الاتهام، والموقف السعودي
المتناغم المسكون بالهاجس و«الخطر
الايراني»، بحيث انه قد يجد في اتهام
حزب الله ما يعزز عناصر قوته في لبنان
والمنطقة. محليا، برغم ان الاقنية ليست مسدودة بين
سعد الحريري و«حزب الله»، إلا ان
الاخير يشعر بان رئيس الحكومة ليس
جاهزا بعد لاتخاذ قرار جريء ونوعي.
برأي قادة الحزب، يستطيع الحريري ان
يقول للسعوديين والاميركيين ان لا
فائدة من ان يربح القرار الظني ويخسر
البلد، لكنه لن يفعل على الارجح. يكتفي الحريري لغاية اليوم بشراء الوقت،
ويُروى انه شكا للرئيس بشار للأسد من
ان هناك في «حزب الله» من يهدد ب 7 ايار
جديد، كما حمل معه شكاوى أخرى الى
اللقاء مع الوزير سليمان فرنجية، كأنه
يحاول ان يستميل حلفاء الحزب او ان
يحيّدهم، في مهمة تبدو مستحيلة. يراقب «حزب الله» من جهته أثر الموجة
الاولى من التحذيرات التي أطلقها، وهو
يتمنى بطبيعة الحال ان تكون الرسالة قد
وصلت، وأن تنجح القمة الثلاثية في
تجنيب لبنان عاصفة القرار الظني، لكنه
يتجنب في الوقت ذاته الذهاب بعيدا في
التوقعات. لم يترك الحزب منذ البداية مجالا
لمباغتته ومحاولة فرض أمر واقع عليه.
وكما ان عملية أسر الجنديين
الاسرائيليين في 12 تموز 2006 أنقذت
المقاومة من ضربة مفاجئة كانت تُعَد
لاستهدافها على حين غرة، وفرضت على
العدو تقريب موعد الحرب من أيلول أو
تشرين الى تموز من دون ان تكون
استعداداته لها قد أُنجزت... هكذا، ووفق
سيناريو مشابه، نفذ «حزب الله» عملية
كوماندوس سياسية ل«أسر» مضمون القرار
الظني قبل ان تكتمل جهوزيته في أيلول
او تشرين المقبل ويفاجئ الحزب بتوجيه
الاتهام اليه، فيربكه، ويحرجه، ويدفعه
الى التصرف تحت وطأة الانفعال، من دون
استراتيجية واضحة. حينها، كان «حزب الله» سيبدو
كما يقول احد قيادييه البارزين
كالغريق الذي يكثر من الصراخ غير
المفيد، ويبتلع المياه، ويحرك يديه
وقدميه خبط عشواء، فيصيبه الإنهاك من
دون ان تكتب له النجاة. لقد اختار الحزب السيناريو البديل، فباغت
خصومه بهجوم غير متوقع، وبادر الى فتح
المعركة بتوقيته، متجاهلا التطمينات
النظرية التي تشبه «الشيكات بلا رصيد».
وفي العادة، فان اختيار التوقيت
الصحيح يشكل نصف المعركة... فكيف اذا
كان التوقيت سياسيا ولوجستيا لمن يريد
أن يقرأ كلمة «لوجستي» جيدا. ولأن المواجهة حساسة ومصيرية، يتولى
السيد نصر الله إدارتها شخصيا عبر
الخطوط الامامية، مازجا بين الضربات
الموضعية والحرب النفسية. ويؤكد
العارفون انه إذا لم تنجح الفرصة
العربية والمحلية في نزع فتيل القرار
الظني، فإن مؤتمره الصحافي قبل شهر
رمضان سيكون حدثا قائما بذاته، سواء من
حيث طول مدته الزمنية او من حيث ازدحام
مضمونه بالوثائق والمحاضر والتسجيلات
الصوتية التي ستكشف ما ظل مستورا حتى
الآن، وربما تكون كافية لقلب الطاولة. وإذا كان البعض قد أخذ على الحزب في
الاستحقاقات السابقة انه لجأ الى حصر
التشاور بحلقة ضيقة من الحلفاء، فهو
يمارس هذه المرة استراتيجية مختلفة،
آخذا بالاعتبار ان كل من وقف الى جانب
المقاومة يوما ما، يجب التعاطي معه على
اساس انه جزء عضوي وحيوي من اي مواجهة
آتية، لا سيما ان المستهدف الحقيقي هو
خيار المقاومة ككل، وليس الحزب حصرا. ولعل الحزب أراد ايضا ان يؤكد من خلال
التنوع الطائفي والمذهبي في هويات
ضيوف أمينه العام انه ليس معزولا ولا
يمكن استفراده، بل ان له عمقا سياسيا
حاضنا في كل الطوائف والمذاهب، بما
يكفي لحماية ظهره عند اللزوم. ولئن كان الحزب لن يقدم حاليا على أي خطوة
دراماتيكية قبل صدور القرار الظني
رسميا، لكن من الواضح انه يُعد حلفاءه
والارض لساعة الصفر المحتملة، وهناك
في دائرة القرار من يؤكد ان الامر لا
يندرج في إطار التهويل، وأن الحزب أنجز
فعلا وضع خطة التعامل مع القرار الظني،
متى صدر. ---------------------- بعض من الوعي القومي...الجهل
منه أفضل نحب الوطن ولا نحب الأنظمة
والخلط بينهما جهل على الأقل الحلقة الثالثة عادل سمارة كنعان 30/7/2010 كان نقاش الحلقتين السابقتين في نطاقين
فكري عام وتطبيقي على المستوى القومي
ولم يتم تقريب ولا مقايسة أو معاينة
المستويين على أية ساحة عربية، ولا
الساحة الفلسطينية خاصة لنرى على سبيل
المثال إسقاطات القطرية الرسمية على
المواطن الفرد. بكلمة أخرى هل حقاً
حولت الإيديولوجيا والواقع الاقتصادي
والتبعية والهزيمة واستدخال الهزيمة،
حولت المواطن الفرد إلى مسخ مواطن؟ كيف
انتهى المواطن الذي يلعن السلطة
الحاكمة إلى عبدٍ لها، يلعنها في السر
ويقبِّل نعليها ارتزاقا في النهار،
والأخطر أنه يفكر ويتصرف كما تريد هي
له! وإذا كانت هذه من سمات المرحلة على
الصعيد العربي العام، فإن خصوصية
الحالة الفلسطينية تتطلب نقداً حارقاً
للتشوهات التي تستشري فيها. لعل أخطر
هذه التشوهات وصول فلسطينيي الأرض
المحتلة إلى حالة من القطرية المفترضة
وهي حالة مريضة لثلاثة اسباب على الأقل: • فالقطرية بحد ذاتها حالة مرضية، • كما أن كونها مفترضة، اي أقل حقيقية
وواقعية من القطرية العربية التي هي
مريضة اصلاً. • وإذا كانت القطرية حالة مرضية في مختلف
القطريات العربية وهي على سلبياتها
أمكن التعايش معها إلى أن ترتقي قوى
التغيير لنفيها، فإن هذه الحالة خطيرة
في الوضع الفلسطيني لأن الفلسطينيين
هم الأكثر حاجة للموقف القومي والأكثر
تضررا من تفشي القطرية. وعليه، حين
تتفشى القطرية في الوضع الفلسطيني،
فكأن هذا الوضع يسير في طريق الانتحار
لعزله نفسه عن العمق العربي. هذا مع
وجوب الإشارة إلى مفارقة أن الطبقات
الشعبية العربية تعتبر القضية
الفلسطينية قضيتها القومية، في حين
تتمكن الإقليمية الفلسطينية بتعددها (إقليمية
يمينية وأقليمية يسارية) من تعبئة
الفلسطيني بقناعات قطرية غير عروبية! نماذج ميدانية من التشوُّه القطري ليس ما يلي تحليلاً لظاهرة القطرية
الفلسطينية أي للقوى الطبقية صاحبة
المصلحة في القطرية، وهي المصلحة التي
تتقاطع مع مصالح الاحتلال
والأمبريالية والكمبرادور العربي، بل
ما يلي هو مقاطع أو صور ملتقطة
بالتجربة الشخصية في الواقع الشعبي
اليومي وهي تعبير عن حالات ليس المقصود
تعميمها بل تقديمها كنماذج تتسع أو
تضيق، فهذا مرتبط بقراءة ميدانية
مسحية للواقع. يمر المرء بمحطات تحفر في دماغه ما لا
يُنسى ربما لأنها ذات قيمة فكرية عالية
أو لأن بها ما يصدم، أو لأنها تخالف أو
تناقض ما يعتبره بداهة عليا. في سياق المسألة القومية وهي قضية على
أهميتها وعموميتها ربما هي الأكثر
جدالا ونقاشاً واختلافاً بين العامة
والخاصة. ربما هي السردية الأكبر ، في
هذه المرحلة على الأقل. لذا، تتعدد
المفاهيم ومن ثم المواقف تجاهها. في
سياق هذه المسألة، بوسعي القول إن
الأمة العربية وهي المحرومة من وحدتها
دون مختلف الأمم تعاني ليس فقط من
المشروع المعادي لها بقيادة الدولة
القطرية التي تتمسك بالتجزئة وتحول
دون التنمية والتصنيع بل تعاني من كون
الجمهور العربي نفسه واقع في اختلاطات
مفاهيمية لهذه المسألة تجعل من
المواطن العادي قُطرياً دون وعي ولا
رغبة، وإنما تسليماً دون نقاش، وهذا
أخطر. ما سأناقشه في هذه الحلقة ليس المستوى
الفكري النظري فيما يخص القومية بمعنى
مرحليتها أو ديمومتها ثوريتها أو
فاشيتها.... حيث نوقشت في الحلقتين
السابقتين وإن باقتضاب، بل سأناقش
لحظات حديث مع أناس عاديين تكشف عن
وصول الانتماء القطري إلى العمق دون
تفكير ولا مراجعة، ولا أفضل ولا أجمل
للدولة القطرية من هذا؟ حين تتمأسس القطرية، سواء بسبب الانتماء
إلى حزب قطري، وهناك أحزابا قطرية في
قُطب فكري وأممية في القطب الآخر، دعني
هنا اسميها الأحزاب مكسورة الوسط،
بمعنى أنها تكفر بل تعادي البعد
القومي، فلا تستطيع الحراك المنهجي
حتى لو خلصت النوايا. كان ذلك في نقاش مع فلسطيني في لندن عام 1986
من حزب راكاح (القائمة الشيوعية
الجديدة في الأرض المحتلة 1948 –
الاحتلال الأول) حينما كانت هناك
اشتباكات على الحدود (بسبب نزاع على
الحدود ) بين تشاد وليبيا وتطوع بعض
رجال المنظمات الفلسطينية للقتال إلى
جانب ليبيا بينما كانت دول غربية تدعم
تشاد. كتبت حينها في جريدة العرب-لندن مقالاً
يؤيد هذا التطوع. وقد ناقشني هذا
الفلسطيني بحرقة وحرارة مستهجناً هذا
التطوع ومعتبراً أن هذا ليس شأن
الفلسطينيين، ثم ما هي ليبيا، بمعنى
حتى لو أُحتلت أرضها أو جزء منها، ماذا
يعنينا! كان الصديق آنذاك يعاني من بضعة مشاكل في
الوعي والانتماء: • الأولى ثقافته المرباة على اعتبار
القومية والانتماء القومي مسألة
شوفينية (وهو بالمناسبة من تلامذة
الراحل إميل حبيبي – المعادي للقومية
العربية بلا ضوابط) وهذا التفكير هو
بالطبع نتاج أدلجة الخط السوفييتي في
حقبة التحريفية. • ثقافته التي ترفض المسألة القومية من
حيث المبدأ ، وهو قصور لم يتعالج منه
الكثير من الشيوعيين العرب حتى اليوم! • وعجزه عن التفريق بين الأرض العربية
وبين نظام الحكم القطري، بمعنى بمقدار
ما نرفض النظام الحاكم في ليبياعلينا
بنفس القدر أن نحرص على الوطن. • هذا إضافة إلى الانحصارية الفلسطينية
بمعنى أن على كل العرب أن يناضلوا من
أجل فلسطين، وليس على الفلسطينيين حتى
أن يتعاطفوا مع اية قضية عربية! في أعقاب استرجاع العراق للكويت 2 آب 1989،
وقيام الولايات المتحدة ببناء تحالف
عدواني ضد العراق ضم ثلاثة وثلاين نظام
حكم ومنها السوري والمصري والمغربي
لتكون الجريمة عربية. ولعل أخطر ما في
هذه المشاركة هو ضرب الوعي والانتماء
القوميين بمعنى مشاركة اقطار عربية
إلى جانب الإمبريالية ضد قطر عربي آخر،
يسترد جزءاً منه، هذا رغم الزعم بأن
الكويت معترف بها نفاقاً من الأمم
المتحدة. والمقصود بهذه المشاركة حقن
المواطن العربي بأن لا وجود لقومية
عربية! أذكر أنني تحدثت آنذاك مع كادر
شاب في تنظيم فلسطيني راديكالي. كنت
ابثُّه ألم الشعور الدامي على تدمير
العراق. لكنني لم ألحظ عليه أي اكتراث
وكأنني أتحدث إليه عن نملة تسير قرب
قدمه! تيقنت طبعاً أن لا وعي ولا ثقافة
قومية لديه، وإنما عالمه هو عالم
فلسطيني بحت من طراز : "القرار
الوطني المستقل"! طبعاً قرار مستقل
عن الأمة العربية؟ وهكذا ، إذا كان
المواطن لا يكترث ولا يعلم، فما الذي
سيُخجل أو يُحرج نظام مصر وسوريا
والمغرب من المشاركة في العدوان! وكان نقاش آخر مع شخص آخر قبل احتلال
العراق وتدميره في عدوان 2003 بأيام حين
كنت في كندا، حيث التقيت مثقفاً
فلسطينياً آخراً من بقايا حزب العمال
الشيوعي الفلسطيني الذي اندثر فانضم
بعض منه لحركة فتح والبعض لصالح حركة
فدا. كان الرجل مغتبطاً لأن احتلال
العراق صار مؤكداً، وكأن الكيان الذي
سيدمَّر هو الكيان الصهيوني. لم أتخيل
أن امرىءٍ يمكن أن يغتبط لأية حرب
إمبريالية حتى لو ضد المريخ. ولم يدرك
كذلك هذا الرجل أن ما سيدمر هو قطر عربي
بشعب عربي وليس فقط نظام الحكم الذي
يكرهه. فليكرهه، ولكن كيف يمكن انتظار
الحرية من عدو البشرية. زار هذا الصديق
رام الله بعدها وحضر إلي مع الصديق
بسام الكعبي، خجل أن يفتح الموضوع،
واحترماً لهما لم أفتح الموضوع. ولكن
كانت تقاسيم الوجوه تتحدث وتحكي وتقرأ! وكان نقاش آخر مع صديق آخر بعد احتلال
العراق بأشهر، ولهذا الصديق موقف من
القومية العربية، موقف ليس من تمفصلات
الشيوعية التقليدية، لكنه كان كارهاً
للرئيس الشهيد صدام حسين. كان هو
المتحدث وقد ناقشه ثلاثة قبلي رفضوا
تأييده للاحتلال بزعمه أن الاحتلال
خلَّص العراق من "طغيان" البعث
وصدام حسين. ولكن حين ناقشته أنا
استشاط غضباً ونفر عني ومني سنوات! ولا
أدري إن كان حتى اليوم متمتعاً بجنة
الديمقراطية التي وهبها رعاة البقر –أو
البقر- للعراق! وهو رغم ثقافته ووعيه
قدعجز عن رؤية أن الأساس هو الاحتلال.
والغريب ان كل هؤلاء فلسطينيون أي من
بلد لم يمر غيره بالاحتلال كما مر ولا
يزال! هل الحكمة إذن أن الناس مع معايشة
الاحتلال يستمرؤوه، أم يتحولوا إلى
حالة انتقامية تتمنى أن يقع كل العالم
تحت الاحتلال. على طريقة بيت الشعر
لأبي فراس الحمداني: معللتي بالوصل والموت دونه إذا مِتُّ
ظمآنا فلا نزل القطرُ إن أخطر ما يمكن أن يحصل من امرىءٍ أن
يستسيغ احتلال جزء من وطنه أو أن لا
يشعر بأي حيف أو عار أو حنين للمقاومة،
فما بالك أن يؤيد. فعدم الشعور بلادة
وعجز ذهني، أما التأييد فلا يقع في أية
خانة احترام أو إنسانية. في حديث عادي شكى صديق مؤخراً أن السوريين
يضايقون على دخول الفلسطينيين إلى
سوريا وأنه حين يذهب إلى هناك يشعر
بكوابيس رقابة تكتم أنفاسه. وقد حيرني
هذا الشعور، فطالما أن الأمر على هذا
النحو، فما الداعي لزيارة سوريا وما
طعم النزهة في مكان مخيف! يقول صديق آخر
متعاطف مع سوريا بأن السوريين لا يحبون
زيارات أهل الأرض المحتلة لسوريا
لأنهم يخشون وجود جواسيس بين الزوار.
لذا يتبعون المثل القائل : "إقطع
السن واقطع وجعه"؟ وبرأيي أن هذا صحيح لأسباب عدة منها: • إن ما تقوله الأخبار عن شبكات التجسس في
لبنان هو أمر مريع؟ وإذا كان كل هذا في
لبنان، فلماذا لا يكون في فلسطين وهي
تحت الاحتلال الاستيطاني نفسه لمدة
أطول وبكل الامتلاء؟ أم أن الفلسطيني
عنصر خاص بينما اللبناني رخواً؟ • من ينكر أن الأرض المحتلة بشمت
جواسيساً؟ قد يفسر البعض هذا الحديث
بأنه تقليل من شأن الشعب الفلسطيني
ومعاناته ونضاله، وهذا غير صحيح؟ ولكن
الاحتلال اخترق كثيرين، فلماذا لا
يُرسل جواسيسا إلى سوريا لا سيما وأن
النظام السوري نظام ممانعة؟ • وهذا صحيح كذلك لأن المخطط الأميركي
بعد احتلال العراق وتدميره كان ذاهبا
باتجاه سوريا ولبنان، فهل من الممتع
لنا أن يتم تدمير سوريا، فقط لأن بيننا
من لا يؤمنون بالأمة والقومية
العربية؟ أليس الأساس أن سوريا وطننا
بغض النظر عن النظام؟ كيف يمكن لامرىءٍ
أن يبرر ذبح الوطن للتخلص من نظام
الحكم، وخاصة على ضوء مذبحة العراق! • وهذا صحيح كذلك، لأننا نحب سوريا كأرض
عربية كدولة، مهما اختلفنا مع النظام
الحاكم ورفضناه، ويجب أن لا نقبل تدمير
البلد من أجل تغيير النظام. • وهذا صحيح لأن تغيير النظام ، أي نظام،
يجب أن لا يأتي من الخارج بل من أهله،
وتجربة العراق ماثلة أمامنا. ترى ماذا
يقول الذين ايدوا تدمير العراق؟ ماذا
يقولون اليوم؟ • وهذا صحيح لأن المقاومة العراقية هي
التي حمت سوريا ومن ثم لبنان. هي
المقاومة التي أهلكت الوحش الأميركي
فلم يعد قادراً على استكمال احتلال
الهلال الخصيب، على الأقل. أما وبعد درس العراق، ما زال بيننا من
يعتبر احتلال سوريا أمرا عادياً لأن
وعيه القومي بسيط أو لأنه لا يؤمن
بالقومية، أو لأنه لا يحب النظام
الحاكم لأنه نظام غير ديمقراطي، أي
لأنه ولأنه وبعد ألف لأنه، فهذا من
الغرابة بمكان؟ لا مناص من وجوب التفريق بين الأرض، بين
الوطن وبين أنظمة الحكم. ولكن هل هذا
الخلط وتلك السذاجة هي من صنع الأفراد
بأنفسهم لأنفسهم، ومن عجز الأحزاب
وقطريتها، ومن التضليل الذي تبثه
الأنظمة القطرية؟ أم هو كذلك من صنع
دوائر الأكاديميا المخابراتية
الغربية ومن صنع أجهزة الكيان
الصهيوني، من هذه جميعا؟ إن الكثير من الأحزاب والحركات السياسية
هي قطرية بنفس المستوى، وهي ضد القومية
بنفس المستوى، ولذا، فهي تساهم بوعي
خبيث في خلط الأوراق فتخلط قداسة الوطن
بسياسات الأنظمة القطرية مما يقود إلى
تفكيك الوعي والانتماء القوميين، ولعل
أخطر ما في هذا أن هذا التفكيك بماهو
صورة مصغرة عن التجزئة والقطرية هو
أفضل ضمان لبقاء الكيان الصهيوني
الإشكنازي؟ فليتعظ أولو الألباب! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |