ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J حسام الدجني 8/2/2010 القدس العربي يبدو أن تركيا لم تقف عند عبقرية المكان
والموقع الذي تتمتع به، الذي يشكل حلقة
وصل بين قارة آسيا وأوروبا، بل دمجت
عبقرية المكان مع عبقرية القائد رجب
طيب أردوغان رئيس حزب العدالة
والتنمية الإسلامي. حقق حزب العدالة والتنمية قفزة نوعية في
كل المجالات في تركيا، سواء كانت هذه
المجالات سياسية أو اقتصادية أو
اجتماعية، وحافظ على هامش من الحريات
لم تكن الدولة الأتاتوركية العلمانية
تمنحها من قبل للشعب التركي، مما دفع
العديد من الأتراك الذين هاجروا الى
أوروبا الى العودة الى بلدهم الام،
وكذلك استطاع حزب العدالة والتنمية
الحاكم وقف نزيف هجرة العقول الى خارج
تركيا، وكأن ماضي الدولة العثمانية
التليد يعود من جديد. لم تقف إنجازات تركيا عند هذا الحد، بل
تعدت ذلك لتصل الى السياسة الخارجية،
التي نجحت تركيا بامتياز في ادارة
سياساتها الخارجية، وفي تحديد الأوقات
التي تمارس فيها تركيا الدبلوماسية
الخشنة، وهذا ظهر جلياً في تعامل
الأتراك مع تداعيات أزمة أسطول
الحرية، عندما قامت دولة إسرائيل
بعمليات القرصنة في المياه الدولية ضد
سفينة مرمرة التركية التي كانت تحمل
مساعدات انسانية لشعب غزة المحاصر،
واستشهد حينها تسعة أتراك. ونجحت تركيا في حشد تأييد دولي كبير ضد
ممارسات اسرائيل، ومازالت تداعيات تلك
الأزمة مستمرة حتى هذه اللحظة. وتأتي العبقرية التركية من خلال رؤية
ثاقبة لقضايا المنطقة، ومن هنا بدأت
تركيا مؤخراً في الانتقال من
الدبلوماسية الخشنة إالى الدبلوماسية
الناعمة، وفعلاً نجحت تركيا، على ما
يبدو، في انتزاع موقف تاريخي قد يبنى
عليه مستقبلاً، وهو ما أدلى به السيد
ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا
أمام البرلمان التركي في أنقرة عندما
قال: 'إن الوضع الإنساني الحالي في قطاع
غزة هو أشبه ما يكون بمعسكر اعتقال
وأنه يجب أن يتغير عبر السماح بحرية
الحركة للسكان والمساعدات الإنسانية'. إن موقف السيد ديفيد كاميرون هو مؤشر
سياسي مهم على رفض أوروبي للسياسة
الاسرائيلية تجاه قطاع غزة، وكنتيجة
مباشرة لحجم الغليان الذي يشهده
الشارع الإنجليزي ضد ممارسات اسرائيل
في قطاع غزة، التي تجلت في ارتفاع نسبة
الاعتداءات ضد مؤسسات ومصالح صهيونية
في بريطانيا، وأيضاً يأتي استخدام
السيد كاميرون لمصطلح (معسكر اعتقال)
رسالة سياسية الى الحكومة الاسرائيلية
تذكرها بالماضي الأليم الذي عاشه
اليهود ابان معسكرات الاعتقال النازية
عام 1933. ومن خلال استخدام تركيا للدبلوماسية
الخشنة مع اسرائيل وانتقالها بعد ذلك
الى الدبلوماسية الناعمة، في مناورة
سياسية تخدم الأهداف القومية التركية،
أعتقد ان تركيا قد تحقق الهدف
الاستراتيجي الأهم لها والمتمثل في
دخولها منظومة الاتحاد الاوروبي، وهذا
ما تحدث به رئيس وزراء بريطانيا عندما
قال: 'إنه سيحارب من أجل عضوية تركيا في
الاتحاد الأوروبي وعبر عن غضبه لبطء
تقدم المفاوضات التي تجريها أنقرة
بهذا الشأن، وأضاف أن تركيا يمكن أن
تصبح قوة أوروبية مهمة ويمكن أن تصبح
همزة الوصل بين الشرق والغرب'. وهذا ما تطمح اليه تركيا وهو أن تحافظ على
علاقات مع الشرق والغرب، وهذا يجعل من
تركيا دولة محورية في المنطقة ذات
مستقبل سياسي واقتصادي قد ينافس قوى
دولية واقليمية في المنطقة. إن نموذج المدرسة الأردوغانية هو نموذج
صالح لأنظمتنا العربية والإسلامية،
وهو نموذج ناجح لتجربة حركات الإسلام
السياسي في الحكم، ولكن قد تختلف
البيئة السياسية من منطقة الى منطقة
كما تختلف الاهداف والرؤى والمصالح. ' كاتب فلسطيني ==================== الدَّين وإصلاح نظام
الاستحقاقات مايكل جيرسون (محلل سياسي أميركي) واشنطن بوست الاميركية الرأي الاردنية 8/2/2010 لعل مشكلة الديون في أميركا هي، في المقام
الأول، مشكلة برامج استحقاقات (والمقصود
بالاستحقاقات الإعانات التي تمنح
للأفراد الذين تتوفر فيهم متطلبات
الاستحقاق المحددة قانوناً). وأي إصلاح
جاد لتلك البرامج، لابد أن يتضمن تخصيص
معظم الموارد المحدودة للإنفاق على
برامج إعانة الفقراء، واستبعاد
الإعانات التي تدفع للأغنياء غير
المستحقين، ونقل الدعم المقدم للطبقة
الوسطى من نظام ل»المنافع المحددة «
إلى نظام ل «المساهمات المحددة». وبصرف النظر عن المهارة في صوغ الطريقة
التي يتم بها ذلك الانتقال، فإن نتيجته
المحتمة هي تخفيض المنافع التي كانت
تحصل عليها الطبقة الوسطى. وهذا على
وجه التحديد، هو السبب الذي دفع «الجمهوريين»
و»الديمقراطيين» إلى الفرار من موضوع
إصلاح الضمان الاجتماعي، كما تفر
الطيور المفزوعة. وما هو أسوأ من ذلك،
أن أوباما، والكونجرس الذي يسيطر عليه
«الديمقراطيون»، قد صمما استحقاقاً
صحيّاً جديداً يتم تمويله، أساسه سحب
جزء من الأرصدة المالية المخصصة
لبرنامج الرعاية الصحية «ميديكير»،
وهو ما سيجعل من موضوع تحقيق استقرار
هذا البرنامج وتوازنه مستقبلا أمراً
عسيراً للغاية. والإدارة في حالتنا
هذه، لم تتجنب الإصلاح فحسب، وإنما
عقدت أيضاً الأمور على الإدارات التي
ستأتي بعدها، «جمهورية» كانت أم «ديمقراطية». وهناك اتفاق يكاد يكون عامّاً على ضرورة
إصلاح نظام الاستحقاقات. ومع ذلك، فإن
المناورات السياسية التي تمارس بصدد
هذا البرنامج تجعل هذا الإصلاح يبدو
كمسألة ميؤوس منها تقريباً.
فالمدافعون الثابتون عن المسؤولية هم
تلك الفئة المعروفة باسم «صقور العجز
المالي» في الكونجرس، وهي فئة مكونة من
عدد من الأعضاء سيئ المزاج، الذين
يشهرون أصابع الاتهام في وجوه الآخرين
دوماً.. وكون هؤلاء الرجال على حق في
موقفهم لا يجعل منهم بالضرورة أشخاصاً
ذوي جاذبية بالنسبة للآخرين، كما لن
يتوافر منهم أبدا عدد كافٍ للاضطلاع
بمسؤولية أو مهمة على قدر كبير من
الجسامة. ولكن النطاق الواسع لمشكلة الدَّين يرتب
مسؤولية سياسية لم يكن أحد يتوقعها،
فوفقاً لبيانات مكتب الموازنة في
الكونجرس، من المتوقع زيادة الإنفاق
على البرامج الصحية الإجبارية،
والضمان الاجتماعي من 10 في المئة من
الناتج المحلي الإجمالي في الوقت
الراهن، إلى ما يقرب من 16 في المئة عام
2035. وهذا الكلام يعني، إذا ما نظرنا إليه من
منظور مختلف، أنه في بحر 25 عاماً من
الآن، سيتم تحويل كافة الموارد
الاقتصادية التي نستخدمها في الإنفاق
على الحكومة، إلى الإنفاق على برامج
الاستحقاقات فحسب.. بمعنى أن كل وظيفة،
وكل أولوية من أولويات الحكومة،
ستُبتلع نتيجة للإنفاق الزائد على
الرعاية الصحية والتقاعد. وهذا خيار.
أما الخيار الثاني المتاح فهو إجراء
تخفيض حاد في الموارد المادية التي
تخصص لدفع الضرائب بشكل عام. ولا شك أن أعضاء الكونجرس بحاجة إلى
الاهتمام بهذه النقطة بشكل خاص، وإلى
أن يوجه كل منهم لنفسه سؤالاً: هل أنت
من المؤيدين لإجراء تخفيض في الضرائب
بقصد زيادة النمو كالسيناتور «جون كيل»
(«جمهوري»- أريزونا)؟ ومن المعروف، أنه
بدون إصلاح نظام الاستحقاقات، فإن أية
تخفيضات في الضرائب يتم إجراؤها
مستقبلا ستمثل مهمة شبه مستحيلة من
وجهة نظر القائمين على الميزانيات..
فهل ستؤدي ذلك أيها المشرع أم أنك
ستدعم زيادة الإنفاق الدفاعي؟.. أم أنك
تريد المزيد من التركيز على محاربة
الفقر، وحماية قطاع الوحدات السكنية
متوسطة المستوى، والمساعدات
الخارجية، والأبحاث الصحية،
والمتنزهات الوطنية، والحماية
البيئية، والدوريات الحدودية، أم
التركيز فقط على حماية مصالح الدوائر
والمجتمعات التي تعيش فيها تلك الفئة.كل
هذا سيخضع لقيود وتحديدات شديدة بسبب
اتجاه النمو الحالي في إنفاق
الاستحقاقات. والحقيقة أن معركة الميزانية، إذا ما
فهمت على حقيقتها، لا تدور بين الأعضاء
الداعين للإنفاق الكبير، وصقور
الميزانية، وإنما بين أولئك الذين
يريدون أن ينفقوا مبالغ متزايدة
باستمرار من الميزانية على الرعاية
الصحية والتحويلات المالية لكبار
السن، وبين هؤلاء الذين يريدون
استخدام الميزانية لتحقيق مصلحة
الولاية التي يمثلونها بصرف النظر عن
أية اعتبارات أخرى. والسجال القادم بشأن الديون سيكون حساساً
وغير مريح، لأنه سيكون مقروناً
بتيارات تحتية من الصراعات الجيلية.
فمنذ قانون «الصفقة الجديدة» الذي
قدمه روزفلت في ثلاثنييات القرن
الماضي، شهدت أميركا نقلا واسع النطاق
للثروة من صغار السن في المجتمع إلى
كبار السن، وذلك من خلال برامج
الاستحقاقات مثل الضمان الاجتماعي
والرعاية الصحية «ميدي كير»، وهو
الأمر الذي حقق نتائج إيجابية بشكل
كبير. ولكن مكمن المشكلة أن هذا
التحويل يتسارع بشدة في الوقت الراهن
نتيجة لتحول موقف أعداد كبيرة من جيل
الآباء، ونتيجة لأن الناس في الوقت
الراهن يعيشون لسنوات أطول ويستفيدون
بعدد أكبر من المزايا، وهذا إن كان
شيئاً طيباً في حد ذاته إلا أنه يضيف
أعباء هائلة على الميزانية الفيدرالية
وعلى البرامج الفيدرالية. وقاعدة المؤيدين السياسيين للإنفاق
الإلزامي المتسارع بما في ذلك «الجمعية
الأميركية للمتقاعدين»، ومزودو
الخدمات الصحية، قوية لدى الحزبين
الرئيسيين في الكونجرس، ولكن هناك
حاجة إلى جانب ذلك لأن يكون التحالف
المطالب بإصلاح برامج الاستحقاقات
عريضاً أيضاً، وأن يشمل كل شخص تقريباً
بدءاً من الذين قاموا على تخفيض
الضرائب وصولاً إلى الداعين لزيادة
الإنفاق لتحقيق منافع شخصية. وعندما
يجد أعضاء الكونجرس صلاحيتهم
التشريعية، وقد تقلصت إلى حد كبير بسبب
الالتزامات الإجبارية، فإنه لا يكون
أمامهم سوى الانتباه للمسؤوليات
الأخرى الضرورية والصعبة. فالمسألة
بالنسبة لهم هي كما يلي: إما تبني خيار
إصلاح برامج الاستحقاق أو التحول إلى
مجرد أعضاء يجلسون على كراسٍ دون أن
تكون لهم أهمية. وأثناء ذلك، تبقى قضية إصلاح برامج
الاستحقاقات كقضية سياسية على قدر
كبير من الأهمية، وليس ميؤوساً، منها
على النحو الذي يحاول البعض تصويرها به. ==================== سورية وايران وفتنة
القرار الظني! محمد صادق الحسيني 8/2/2010 القدس العربي خسرت امريكا في ما مضى من الاشهر القليلة
ومعها اسرائيل الرهان اكثر من مرة في
ابعاد سورية عن ايران كما فشلوا فشلا
ذريعا حتى في الايحاء بانهم نجحوا في
فصل هذا البلد الممانع عن تلك الدولة
الحليفة للمقاومة العربية والاسلامية
عندما رد عليهم الرئيس الاسد متهكما
باننا ونزولا عند رغبتكم قررنا
الاقتراب اكثر فاكثر من ايران فرفعنا
التأشيرات بين البلدين! ولكن هاهي المحاولة تتكرر في الاسابيع
القليلة الماضية على خلفية ما بات يسمى
بالقرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة
باغتيال رفيق الحريري، والتي سيكون
حصادها امر من المر هذه المرة لان اصل
الفتنة قد تم وأدها وهي في مهدها فما
بالك في تشظياتها! فقد بدأوها حملة منظمة ومبرمجة تكالب على
اشعالها اكثر من طرف دولي بمعاضدة
اسرائيلية واضحة استهدفت 'شيطنة 'حزب
الله اللبناني اولا ومن ثم ايران على
خلفية القرار الظني المشار اليه،
والهدف هو اشعال اتون فتنة طائفية ولما
لم تنجح ذهبوا بعيدا في الترويج لمقولة
فصل سورية عن ايران وحزب الله كحد ادنى
بعد ما خسروا رهان الحد الاقصى! ومع ذلك لم ينجحوا لا في هذا ولا في ذاك
وعاد المرجفون في المدينة بخفي حنين
رغم كل سيناريوهات الحرب النفسية
وحروب المعلومات الاستخبارية! انها الدورة ذاتها تتكرر في كل مرة،
والهدف الاساسي من وراء كل ذلك بالطبع
هو تصفية القضية الفلسطينية من خلال
تمرير مشاريع وهمية تحت عنوان ضرورة
السلام من خلال العودة للمفاوضات! انها لعبة الامم التي باتت مكشوفة للداني
والقاصي، والتي لطالما اصطدمت بالحائط
المسدود، وتشظت حلقاتها على امتداد
العهود والعصور بصمود اهلنا واحبتنا
على ارض الرباط! لم يتعلموا الدرس من غزو العراق واجتياحه
واستباحته دون جدوى، كما لم يتعلموا من
قبل من غزو افغانستان ناهيك عن ادراكهم
فداحة خسارتهم لعدواني تموز وكانون ضد
اللبنانيين والفلسطينيين! لقد ارادوا ان يوحوا للعالم ويضحكوا على
ذقون العرب بان التعاون مع المحور
الامريكي الاسرائيلي ضد العراق المدجج
باسلحة الدمار الشامل كما زعموا
وروجوا يومها، هو من سيكفل لهم دولة
فلسطينية تخرج النظام العربي من حرجه
مع جماهيره الرافضة للتطبيع والغاضبة
ضد ثقافة الرضوخ والاستسلام للارادة
الامريكية الاسرائيلية. اليوم يحاولون جهدهم ان يستحضروا المشهد
بما يشبه ما قبل غزو العراق، لعمل شيء
ما ضد لبنان وسورية وايران، ولكن هيهات
لهم ذلك فالجميع على اهبة الاستعداد،
لم تحن ساعة المواجهة الحربية بعد
صحيح، لكن المعركة انطلقت منذ مدة وكل
التحركات التي تشاهدونها على الهواء
مباشرة ايها المواطنون الشرفاء ما هي
الا تحضير لساحة تلك الرصاصات
المقموعة في مخازنها خوفا من تكرار فشل
تموز/يوليو او كانون! اتفه ما في الحرب والاقل كلفة فيها هو
اطلاق الرصاصة الاولى المنذرة باندلاع
شرارة الحرب! واهم واخطر ما في الحرب هو الاستعداد
والجهوزية لصد الهجوم المباغت ومنعه
من مفاجأة الخصم! اسرائيل اليوم هي في اسوأ ايام تاريخها
على الاطلاق، فلا هي قادرة على تكرار
التافه والرخيص لانها تخاف الاخطر وهو
جهوزية الخصم واستعداده للرد وهو ما
جربته في عدوانين سابقين. ولا هي في حالة جهوزية تمنحها اليقين في
القدرة على صد اي هجوم مفاجئ من طرف
خصمها المتعدد الاطراف والمتنوع
التكتيكات! بالمقابل فان فصائل المقاومة الفلسطينية
وحزب الله اللبناني ومقاومته
الاسلامية وسورية وايران ومن خلال
تكاتفهم وتلاحمهم وتشاورهم وتنسيقهم
المستمر، ليس فقط يرصدون كل تحرك للعدو
حتى التافه والصغير منه، ما يجعلهم في
اعلى درجات الجهوزية لاحباط اي مباغتة
من جانب العدو دون ان يكونوا مضطرين
للجوء الى فعل ذاك العمل التافه
ابتداء، بل انهم ربما فاجأوه بعمل
الكبير مما لا يتوقعه ولم يعتد عليه في
تاريخ حروبه السابقة! وعليه فان العارفين بخفايا جبهة المقاومة
يجزمون بان من عجز في الحرب المباغتة
سيعجز في حروب الخداع والتضليل كما في
حروب اثارة الفرقة والتشتيت! وان ايران وسورية هما اليوم اكثر اقترابا
من بعضهم البعض من اي يوم مضى وهما
يعملان ليل نهار على تكسير الحلقة
الاخيرة من لعبة الامم! ==================== عن القوة والعصبية بين
ابن خلدون ومكيافيللي ميشيل كيلو السفير 8/2/2010 على حد علمي، كان ابن خلدون أول عالم
اجتماع وفيلسوف حضارة لفت الأنظار إلى
ما أسماه العصبية، التي اعتبرها
ضرورية لتأسيس الدول، وعدها مصدر قوة
أية جماعة بشرية، وعد القوة واحدة من
المظاهر الملازمة لها، فهي تكون شديدة
أو واهنة بقدر ما تكون العصبية التي
تحملها قوية أو ضعيفة. والعصبية رابطة روحية/ عضوية، دينية أو
دنيوية، تؤسس في قوم أو جماعة شعورا
قويا بوحدة الانتماء والهدف، المواقف
والتصرفات والغايات، طلبا لمصلحة
وسلطان هنا، أو دفاعا عن مصلحة وأمر
قائم هناك، أو كسبا لمكانة لم تكن لها
في الحالة الأولى، والمحافظة على
مكانة وموقع وتاليا مصالح في الحالة
الثانية. ومع أن الجماعات قد توجد دون
عصبية كهذه، عندما تكون جماعة خاما أو
في حال الطبيعة، فإنها تنتقل مع تبلور
عصبيتها المتصلة بغاية عامة تتجاوزها
من حال الطبيعة إلى حال السياسة،
وتاليا حال السلطان والتحضر، فلا
سياسة أو تحضر دون عصبية سياسية، أكانت
دينية أم قبلية أم عضوية. كما أن عقد
الجماعة السياسي لا ينفرط دون فقدان
آصرة العصبية التي حملتها إلى الحكم،
والتي يمهد تراخيها وضعفها لحلول
عصبية أخرى محلها، تقبل عندئذ
الانضواء فيها أو الرضوخ لها، أو
مغادرة إقليمها. على حد علمي، لم يعرف ميكيافيللي مفهوم
العصبية كرابطة فطرية تشد الجماعة
وتلهمها. لكنه رأى جانبا آخر هو
العصبية السياسية، عصبية الإمارة (السلطة)،
التي أقام عليها رؤيته الخاصة حول نمط
من ممارستها يتكفل بجعلها ناجحة
ودائمة، فكأنه رأى في السلطة عصبية
خاصة بالأمير، وفي الأمير تعبيراً عن
العصبية السياسية وتجسيماً لها، لذلك
أوضح بأمثلة تاريخية من الماضي
والحاضر كيف يجب عليه بناؤها
واستخدامها، كي لا يكون تحت سطوة أحد
أو اعتبار، ويكون الجميع تحت سطوته
وسلطانه. في الحالة
الأولى، كان ابن خلدون يصف ما جرى في
واقع تاريخي عاشه أو تأمله، ويقدم
فرضية عن صعود الممالك وانحدارها،
والعوامل التي تسهم في الحالتين،
والمراحل التي تمر العصبية فيها، عند
الصعود، وتلك التي تسبب انهيارها أو
انحدارها، في حالتي الغلبة والملك.
إنه، إذاً، وصف يتلمس قوانين تطور ما
يمكننا اعتباره البنية التحتية
والفوقية للجماعة، التي تلازم حالتين
متلازمتين من السياسة هما الجماعة
المزودة بدعوة تنتج القوة فالملك
وتولدانهما من آصرة هي العصبية:
الأرضية التي ينهضان عليها وتخترقهما،
فإن كانت وطيدة وراسخة كان الملك قوياً
وإلا تهافت وترك مكانه لبديل تتوافر
فيه تلك الشروط، التي كانت قد توافرت
لها في طور صعودها، وستتوافر لمن
يخلفها في طور ضعفها وهبوطها، القادم
حتما، بقوة حقيقة يؤكدها الواقع تقول
إن للملك دورة من مراحل خمس لا
يتخطاها، تأخذه تدريجيا إلى نقطة ذروة
يبدأ بعدها الانحدار والضعف، إلى أن
يزول على يد عصبية جديدة. أما في حالة ميكيافيللي، فإننا حيال
طريقة في التأمل تنصب على بنية سياسية
فوقية تشرحها أمثلة تاريخية مختلفة،
يتباين قصدها كل التباين عن قصد ابن
خلدون. يركز مكيافيللي على طرق إنتاج
السياسة انطلاقا من الأمير، صاحب
الملك ومجسد عصبية هو صانعها، فلا بد
أن يكون مستقلا عن أي شيء: من اعتبارات
وأسس الحكم الأخلاقية والتقليدية،
التي تلزمه بسلوك محدد لا يحيد عنه في
مختلف الأحوال، إلى اعتباراته الشخصية
والخاصة، وإلا ضعف وقيد يديه، وفشل في
تحقيق أمر واحد يجب ألا يحيد عنه هو
مصالحه المتغيرة من حال إلى أخرى،
وتتطلب أنماطا من السلوك متبدلة
بدورها تحددها حسابات باردة لا أثر
فيها لعاطفة أو أخلاق. هنا، لا يكون
الأمير قويا بقدر ما تكون عصبية
الجماعة التي تسانده فتية وقوية،
مثلما هي حالها عند ابن خلدون، بل يكون
قويا بقدر ما تستقل سلطته عن أية عصبية
خارجها، وخارج السلطة التي تستمد منه،
وبقدر ما يكون هو نفسه منبع أية عصبية
ونقطتها المركزية، والجهة التي
تنتجها، وتحدد طابعها وقوتها. لا يريد ما سبق عقد مقارنة بين مكيافيللي
وابن خلدون. إنه يريد التذكير بنموذجين
فكريين ربط أولهما بين الأمير والقوة،
التي هو منتجها ومصدرها، وثانيهما بين
عصبية جماعة صاعدة إلى السلطة،
وعصبيتها وهي فيها، ثم وهي تغادرها،
وبين قوة حكم وجد أن درجتها تتناسب
وشدة العصبية وحيويتها. كما يريد
التذكير بنظرة ترى في الجماعة محل
القوة الناجمة عن العصبية، وأخرى
مغايرة مكيافيللي
تعتبر الأمير منتج عصبيته الخاصة،
التي يفرضها على الجماعة. إلى هذا،
يريد هذا النص التأكيد على أمرين: أن رابطة
الوطنية الحديثة هي ضرب من عصبية قد
تؤهل جماعة ما لامتلاك القوة وقد لا
تؤهلها لذلك. ومثلها العصبيتان
القومية والإنسانية. فالعصبية لا تنتج
القوة إن لم تستند إلى دعوة تتخطى
بواسطتها ذاتها، وتنتقل إلى أشكال
تتجاوز حالتها الطبيعية: أشكال عامة،
سياسية وحضارية تشارك الجماعة فيها.
فإن لم تمتلك دعوة بدلالة الملك، كانت
عصبيتها خاوية، فارغة، أقرب إلى حال
الطبيعة منها إلى حال السياسة، وتاليا
حال الحضارة، مثلما هي عصبيات العرب في
أيامنا. إذا لم تمتلك
العصبية أتراها
بالأحرى العصبيات؟
العربية دعوة جديدة تقوم على
الإيمان بضرورة تخطي حالها الراهن،
انطلاقا من بنية تحتية هي جماعة حديثة:
وطنية وقومية، فإنها لن تبارحه، لأنها
لن تجد حوافز روحية ومعنوية تدفعها إلى
الخروج منه والانخراط في حال نقيضة
تتحول العصبية فيها إلى قوة سياسية
وحضارية تتفاعل وتتكامل مكونات
الجماعة فيها بعضها مع بعض، وتكتسب
طابعا غائيا لم يكن لها قبل العصبية،
يحفزها على الانتقال إلى حال تمكنها من
تحقيق مقاصد كانت عاجزة عن بلوغها،
لاختلاف بنيتها الاجتماعية المشحونة
بالعصبية عن سابقتها، واكتسابها قدرات
تمكنها من إنجاز ضروب من التقدم تتفق
وحالتها الجديدة، في دورة تطور حدها
الأول استيعاب ممكنات وقدرات لم تكن
مألوفة في ماضيها، وحدّها الثاني
انعكاس هذه الممكنات والقدرات عليها
وتزويدها بمقومات لم تكن لديها من قبل،
وهكذا دواليك، مما يخالف فرضية
المراحل الخمس، التي تبناها ابن خلدون
وهو يقرأ تجارب الملك الملموسة في عصره.
ثمة هنا ملاحظة تفرض نفسها: بينما أدى
ظهور الأمير العربي الحديث، الوطني أو
القومي/ الاشتراكي، إلى تكريس نمط من
الملك قاد شيئا فشيئا إلى تقويض
الجماعة والعصبية العربيتين، أسس
الأمير الأوروبي، الميكيافيللي
الأصل، جماعة وطنية وقومية استند إلى
عصبيتها، التي تبلورت وتوطدت على حساب
عصبيته، التي غدت عصبية حكم غير فردي
أو شخصي، مثلما هي حالها عند أميرنا
العربي الحديث. هكذا، انتقلنا نحن من
عصبية جماعة يجسدها الملك إلى ملك لا
هم له غير تقويض العصبية بتقويض حاملها:
الجماعة العربية الحديثة. بينما قبل
الأمير الأوروبي عصبية أحلت الجماعة
محله وجعلت ملكه مؤقتا ومشروطا
بقبولها. وملاحظة أخيرة يضمرها المنطق الخلدوني،
هي أن العصبية التي لا تستخدم تضعف إلى
أن تبلى وتزول. ليست العصبية قوة دفينة
تحافظ على نفسها في القلوب كما تحافظ
المياه الجوفية أو الثروات الباطنية
على نفسها في الأرض. العصبية التي لا
تستخدم تنفد، فإن استخدمت ضد عصبيات
أخرى دون أن يقترن استخدامها بدعوة
غايتها الملك، انصبت على مشكلات صغيرة
أو خلافات عابرة أو مصالح طارئة، وكانت
عامل تمزيق وإضعاف لا عامل توحيد وقوة،
وصارت، مثلما نلاحظ ذلك في واقعنا
العربي، عصبية دنيا، تفتح أبواب
الهاوية بدل أن تساعد على الارتقاء إلى
حال أعلى. لا قوة بلا عصبية تبعث عليها. ولا عصبية
دون دعوة تعطيها مضموناً يتكفل بنقلها
من حالة الطبيعة والركود إلى حالة
السياسة والحراك الحضاري. مشكلتنا،
نحن عرب هذه الأيام، أننا بلا دعوة
وحراك، وأن عصبياتنا السائدة، بما
فيها من طابع تشتيتي/ تمزيقي، انقلبت
إلى خناجر انغرست في قلوبنا، وأن
العصبيات الدنيا الخاصة بكل جماعة
ومجتمع من جماعاتنا ومجتمعاتنا، قوضت
العصبية العليا الجامعة، التي لا نهوض
لنا بغيرها، وأن الإمارة، التي ربط
مكيافيللي مصير الجماعة بمصيرها،
وأوكل إليها مهمة توحيدها وتقويتها،
تحولت إلى سلطة تشبه كثيرا ملك المرحلة
الخامسة الآيل إلى الزوال، فهي ضيقة
الصدر محدودة الأفق، شخصية وغارقة في
الفساد والفجور، لا تجد ما تديم من
خلاله ملكها غير القضاء على أية عصبية
مجتمعية يمكن أن تحمل بديلا منها، مع
أنها تفشل في، أو تعجز عن وقف انغماسها
في حال من التهتك هو آخر أطوار دورتها
الحياتية، وعلامة دامغة على فساد
دورها، الذي يطاول كل شيء: من مجتمعها
إلى ملكها! ربط مكيافيللي تقدم الجماعة بالأمير
السلطة والدولة
وربط ابن خلدون الدولة بالجماعة،
وجعل عمرها من عمر عصبيتها، التي
تنتجها دعوة خاصة تنفرد بتبنيها،
تترجمها إلى ما نسميه اليوم «شأنا عاما»
هو شرط بدء دورة حكم جديدة. ثم يقال لنا
إن تاريخنا كان دوماً تاريخ الملوك أو
الحكام الأفراد! ==================== جوانب إقليمية تواكب
الأزمة وتضفي مزيداً من التعقيدات ترسيخ عودة سوريا إلى رعاية
الإستقرار الداخلي روزانا بومنصف النهار 8/2/2010 لعل ابرز النتائج الاولية التي ادت اليها
حملة الامين العام ل"حزب الله"
السيد حسن نصرالله على المحكمة ذات
الطابع الدولي التي تنظر في جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه،
وسعيه الى منع صدور القرار الظني
المرتقب، انه رسخ عودة الدور السوري
الى لبنان "مشرعناً" عبر قبول
اجماعي به. فعلى رغم ان زيارة الرئيس
السوري بشار الاسد والملك السعودي
عبدالله بن عبد العزيز لبيروت اضاءت
على رعاية عربية مشتركة للوضع في
لبنان، فإن كثراً يخشون ان تعود الامور
لتترك لسوريا وحدها نتيجة اعتبارات
وعوامل عدة. والخشية التي اثارها السيد
نصرالله على الداخل اللبناني اعادت في
شكل او آخر الى سوريا دور رعاية
الاستقرار في لبنان بقبول داخلي حتى من
قوى 14 آذار وصولاً الى المجتمع الدولي
الذي ترك لبنان للرعاية السورية على
مراحل بعيد انفجار الحرب في لبنان عام
1975 خوفاً من انهيار الوضع فيه. والمشهد
نفسه يتكرر من حيث انزلاق اللبنانيين
والسياسيين في الدرجة الاولى الى
السياق نفسه بل الى السيناريو نفسه
بعناصر مختلفة تستخدم لهذه الغاية. اذ
في الوقت الذي تلهى اللبنانيون
بمحاولة معرفة المقايضة التي ستعقد في
مقابل عودة الاستقرار الى الداخل، لم
يفت بعض المراقبين مشهد زيارة الرئيس
السوري لقصر بعبدا محوطاً بالسياسيين
من قوى 8 آذار و14 آذار على حد سواء. ويخشى هؤلاء المراقبون غرق المسؤولين
اللبنانيين ومعم الخارج في معالجة
تداعيات مشكلة رسم معالمها "حزب
الله" في شكل مباشر على الاقل، في
حين ان ظاهر الامور يخفي الكثير من
البواطن الاخرى. فالتسريبات التي
ترددت بعد القمة الثلاثية في قصر بعبدا
مثلاً حرصت على ابراز مدى تمسك سوريا ب"حزب
الله" وعدم سماحها بأن تطاله
المحكمة تحت طائل العمل بقوة من اجل
وقفها وانهائها، في ما بدا رداً على
التفسيرات التي اعطيت لكلام السيد
نصرالله عن سوريا في مؤتمره الصحافي
الاخير، اذ فهم البعض من استعادة
الامين العام للحزب التاريخ الحديث
لقوى 14 آذار مع سوريا عدم قبوله بدور
الوسط الذي تضطلع به دمشق، وهو الذي
حمل لواءها خلال الاعوام الخمسة
الماضية. وعززت بعض التصريحات الغربية
والاميركية الاخيرة ودخولها على خط
الازمة في لبنان تدعو فيها الرئيس
السوري الى الاستماع الى ما سيقوله لها
الملك السعودي والابتعاد عن ايران،
الاقتناع بوجود مخاوف لدى الحزب في هذا
البعد. وهذه المشكلة تكمن في تحريك
عملية السلام على نحو جدي من خلال
الانتقال الى المفاوضات المباشرة بين
الفلسطينيين واسرائيل ودفع سوريا الى
الانتقال من تحالفها مع ايران الى موقع
آخر الى جانب العرب والسلام في المنطقة.
ويعتقد البعض في هذا السياق ان "حزب
الله" قد يكون قلقاً ليس من المحكمة
ذات الطابع الدولي وحدها بل ايضاً مما
تشكله مجموعة الضغوط عليه، فتضعضع
موقعه وقوته ولو من دون نزع سلاحه. اذ
ان دفع سوريا الى استئناف مفاوضات
السلام واغراءها بذلك سيعد مؤشراً
خطيراً يحذره الحزب. فسوريا لم تعد في
حاجة الى مفاوضات غير مباشرة مع
اسرائيل وملفها مع الدول العبرية في
موضوع الجولان قد اتفق على معظم نقاطه.
الا ان المعطيات الوحيدة التي تعوق
استئناف المفاوضات هي مطالبة سوريا
بفك ارتباطها ب"حزب الله"
وبالتنظيمات الفلسطينية الراديكالية.
اذ ان حديث رئيس البرلمان الايراني علي
لاريجاني كما كلام مسؤولين في "حزب
الله" عن موضوع السلام بدا وكأنه
يعكس قلقاً من هذا الاتجاه، في وقت
بدأت ايران تشعر بتصاعد الحماوة
واشتداد الخناق عليها نتيجة العقوبات
الدولية عليها وتسعى الى احياء
المفاوضات مع الغرب حول ملفها النووي
من اجل كسب الوقت على ما يعتقد. الا ان ثمة وجوهاً اقليمية متعددة اخرى
لهذا كله تضفي غموضاً كبيراً او
بالاحرى عدم وضوح ليس في موضوع تزايد
حماوة الوضع الداخلي في لبنان على وقع
تخوّف "حزب الله" من القرار الظني
للمحكمة فحسب، بل كذلك على وقع مجموعة
تطورات لا يملك المسؤولون اللبنانيون
عناصرها كاملة. اذ ليس واضحاً مدى
التزام الجانب الاميركي دفع المفاوضات
السلمية قدماً، وما اذا كانت المسألة
ككل، بما فيها موافقة العرب على معاودة
المفاوضات المباشرة بين اسرائيل
والفلسطينيين، تتصل بمساعدة الرئيس
الاميركي باراك اوباما على تأمين
عناصر خارجية للفوز في الانتخابات
النصفية للكونغرس الاميركي اوائل
تشرين الثاني المقبل. ام ان الامر
يتعدى ذلك الى خطوات جدية ابعد مدى
اضافة الى الهدف السابق. اذ انه على رغم
الكلام على السعي الى ابعاد سوريا عن
ايران، فإن الاميركيين انفسهم
يتداولون وجهات نظر متناقضة في هذا
الاطار، وخصوصاً في شأن ما تقوم به
سوريا، علماً ان هناك اقتناعا لديهم
بأنها ستبقى في ما يسمى محور الممانعة،
اقله حتى ترى فرصة جدية للسلام تتيح
لها الانتقال الى المحور الآخر. كل هذه
الامور تضيف ضبابية على ضبابية الواقع
اللبناني وحتى ما اذا كانت الحملات على
المحكمة الدولية غاية في ذاتها ام انها
تطول اهدافاً عدة تأخذ في طريقها
المحكمة ايضاً. ومن الصعب الجزم بوجود
من يقدم اجوبة لا يبدو ان احداً
يملكها، لكن في الطريق الى ذلك هناك
مكاسب وخسائر تترتب على افرقاء كثر. ==================== سوريا المتجلببة بالعرب
مجدّداً أمام اختبار نيّات نايلة تويني النهار 8/2/2010 كما حروب الآخرين على أرضنا، كذلك
مصالحاتهم، او تتويج هذه المصالحات
على البقعة القابلة للانفجار من داخل
مرتبط او عاكس لتردّي الاوضاع العربية
والاقليمية، وربما لتردّي علاقة ايران
بكل العالم. هكذا شهدنا في الايام القليلة الماضية
زيارات ولقاءات ودعوات الى التهدئة
والحوار في الداخل اللبناني. انها رعاية المملكة العربية السعودية،
وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله
بن عبد العزيز الذي جال في دول المنطقة
مصالحا، او ساعيا الى مصالحات ما كانت
ممكنة لولا التجلبب السوري الاخير في
العباءة العربية مجددا بعد العقوبات
الدولية على ايران، وبعد تلويح
المحكمة الدولية بقرار ظني لا يضمن احد
حتى الساعة ان لا يشمل سوريا او مقربين
ومتحالفين معها، وبعد انكفاء الدور
التركي عن كونه صلة وصل بين دمشق وبعض
الغرب مباشرة، واسرائيل بطريقة غير
مباشرة. لقد عملت المملكة العربية السعودية،
وبمساعدة مصر، على توفير الغطاء
للمفاوضات الفلسطينية ولنزع فتيل
التفجير اللبناني الذي يحركه الخارج
دوما، محوِّلا بعض الداخل ادوات. وقد
ضغطت المملكة على حلفائها قبل
المتخاصمين معها لإعادة الاعتبار الى
اتفاق الطائف الذي كرس انتهاء الحرب
بين اللبنانيين واعاد المؤسسات الى
لعب دورها الطبيعي، مع علمها بأن تنفيذ
الطائف عُطِّل او جاء مشوها لحسابات
اقليمية، بعضها فارسي، ترتبط بالصراع
السني الشيعي في المنطقة، وبسعي
اسرائيلي الى تغذيته لايقاع الفتنة
المذهبية مجددا. واذا كان 7 ايار 2008 حاول تكريس هذا
الانقسام وايقاظ الفتنة المذكورة، فان
دولة قطر بأميرها الشيخ حمد بن خليفة
آل ثاني ورئيس وزرائها وزير الخارجية
الشيخ حمد بن جبر تلقت الاشارة سريعا،
وتحركت لإعادة الامور الى نصابها
باتفاق الدوحة الذي أنقذ الطائف وساهم
في انتخاب رئيس للجمهورية ووضع
المؤسسات مجددا على السكة، وها هو يسعى
مجددا الى "دوحة جديدة" تعيد
الامور الى ما كانت عليه بعد المؤتمر
مباشرة. صحيح ان سوريا تمسك بمفاصل الحل، والنزاع
ايضا، في لبنان، لكنها لم تكن لتبادر
لولا الرعاية السعودية والدعم القطري
والموافقة المصرية الضمنية، وهي حاليا
امام امتحان صدقية في المضي بتهدئة
الخواطر وحث حلفائها على اعتماد
الحوار والمؤسسات بديلا من الشارع. لكن هل يعني ذلك، كما يروج البعض، اتفاقا
على التهدئة في مقابل المحكمة الدولية
وتعطيلها، وارجاء القرار الظني الى
أجل غير محدد؟ بالتأكيد لا، فعندما خرج الضباط الاربعة
من سجنهم، قال "معارضون" ان
المحكمة لم تستجب لطلبات "قوى 14 آذار"
بتأجيل الافراج عنهم الى ما بعد
الانتخابات النيابية، معترفين ضمنا
بان المحكمة الدولية لا تستجيب لأوامر
ورغبات الداخل اللبناني وحلفائه في
الخارج. فكيف لهم اليوم ان يطلبوا الى
رئيس الحكومة سعد الحريري ان يفعل ما
بوسعه لتبديل مضمون القرار الاتهامي. وكيف يطلبون الى اي جهة كانت، عربية ام
اجنبية، التدخل في عمل المحكمة
والتأثير في قراراتها؟ ان الرعاية العربية تهدف الى تحصين الوضع
الداخلي، ولكنها لا تستهدف حتما
التعمية على الحقيقة واعادة تسليم
الملف اللبناني للارادة السورية، كما
يحلو لحلفاء دمشق ان يروجوا هذه
الايام، والا لما كانت ضرورة لمشقات
الاسفار واللقاءات. هذه الرعاية تعمل على التوازنات
الاقليمية التي كرست "الطائف"
وبعده "الدوحة"، وربما تظهر قريبا
نتائج "بعبدا" لمواجهة التحديات
الكثيرة التي تحدّث عنها امير قطر،
والتي لا يمكن ازالة ألغامها بلغة
التخوين وتبادل الشتائم والتهديد
والوعيد السائدة هذه الايام. ان الرعاية العربية تحتاج الى رعاية اهل
الداخل لوطنهم، والاتفاق في ما بينهم
على طلب الحقيقة، وهي غير ما يسربه
الاعلام الاسرائيلي لأهداف لا تخفى
على احد. فالحقيقة التي نطلبها، المستندة الى
شواهد وشهود، هي المنقذة من مسلسلات
الارهاب التي قد تصيب الجميع مجددا،
والاهم من الشبهات التي ستلاحق البعض
اذا ما سعى الى التأثير في عمل المحكمة. ==================== أين ترتيب الأولويات في
الاستراتيجية الأميركية؟ بقلم بول كندي تريبيون ميديا سرفس ترجمة الأثنين 2-8-2010م ترجمة: حكمت فاكه الثورة ماذا يعني أن تقوم حكومة وطنية، ولاسيما
عندما تكون هذه الحكومة هي محط اهتمام
العالم كحكومة الولايات المتحدة،
بإصدار وثائق سياسية عامة، يفترض أن تشرح أولوياتها الدفاعية
واستراتيجيتها العالمية الشاملة؟ وما
المانع في أن تدع أميركا الجميع، بما
في ذلك أعداؤها يعرفون اهتماماتها
وخططها المستقبلية؟ إن الحجج التي سأضعها ليست دعوة للحكومة
حتى تلتزم السرية بشكل عام، حيث إن كل
نظام قائم يجب أن تكون لديه فكرة عن
القضايا السياسية المطروحة وأن يكون
ملماً بالتحديات الرئيسة التي تواجه
شعبه. سيقول النقاد المخضرمون: إن كل حكومة
أميركية وبعد سنة واحدة من انتخابها،
تقدم عادة «خطة لتخفيض العجز» وخطة
ثانية «لإصلاح الرعاية الصحية» وثالثة
«لإصلاح النظام التعليمي»، ويفترض
بتلك الخطط ألا تمنع الحكومة من شرح
نواياها وتحديد أولوياتها، والسؤال
الذي نريد طرحه هو: هل من الحكمة عمل
الشيء نفسه في ميادين خطرة وغير مأمونة
كاستراتيجية الدفاع والسياسة
الخارجية تحديداً؟ تاريخياً، كانت الحكومات عادة تتوخى
السرية عندما يتعلق الأمر بخططها
واستراتيجيتها الدفاعية والخارجية،
وبالموازنة بين إمكانياتها وقدراتها
القومية والتزاماتها نحو حلفائها. في هذا المجال، يكفي أن نعرف أن الحكومة
البريطانية، وفي سنوات الثلاثين
الخطرة من القرن الماضي أمضت أغلب
وقتها في تقييم الأخطار المحدقة
بالامبراطورية من قبل ألمانيا النازية
واليابان. ولكنها لم تطلع الشعب على تفاصيل ذلك، بل
اكتفت بالإشارة إلى أن الظروف قد
تدفعها للقتال خارج أراضيها حيث لم يكن
هناك مايدعو تلك الحكومة إلى تقديم
خدمة مجانية لحكومتي برلين وطوكيو من
خلال إطلاعهما على نواياها قياساً على
ذلك، ماذا يمكن أن نستنتج من حقيقة
قيام وزارة الدفاع الأميركية في شباط
الماضي بنشر وثيقة مطولة مؤلفة من مئة
وخمس صفحات سميت ب «المراجعة الدفاعية
للسنوات 20١0-2014» وهي وثيقة تُقدم كل
أربعة أعوام بتفويض من الكونغرس
الأميركي، ويفترض أن تقدم تقويماً
للقوات المسلحة الأميركية وسياساتها
الدفاعية وإجراء مسح لجميع التحديات
التي تواجه الدولة الأولى في العالم،
ويتم اعتمادها من قبل وزير الدفاع-روبرت
غيتس-؟ ثم ماذا يمكن أن نستنتج من قيام
البيت الأبيض بعد ذلك بثلاثة شهور وفي
أيار من عام 2010 بنشر مايُعرف ب «استراتيجية
الأمن القومي» المعتمدة من أوباما
شخصياً؟ وما الهدف من النشر؟ والثاني
أين ترتيب الأولويات فيها؟ تبدو إجابة السؤال الأول أسهل من الثاني
وهو أن نشر الوثيقتين يُعد أمراً جيداً
للعلاقات العامة، أي لتحسين الصورة
العامة للإدارة، ولاسيما إذا تذكرنا
أن الإدارات الأميركية المختلفة كانت
تتعرض لانتقادات كثيرة بسبب افتقارها
لمقاربة شاملة للشؤون الدولية ،أما
إجابة السؤال الثاني والمتعلق بترتيب
الأولويات في الوثيقتين، والنتيجة
أنهما لاتقدمان الكثير بخصوص أولويات
أوباما في السنوات القادمة وفي هذا
الإطار، نجد أن وثيقة «استراتيجية
الأمن القومي» التي قدمها البيت
الأبيض هي الأكثر «هزالاً» من بين
الاثنتين، فهي تبدأ بالقول: إن «أميركا
أمة في حالة حرب» بالرغم أنها لاتشرح
لنا، إذا كنا حقاً أمة في حالة حرب،
ولماذا لم نحشد ولم نعبئ أنفسنا للتصدي
لتحديات القرن الحادي والعشرين بنفس
الطريقة التي احتشدنا وعبأنا أنفسنا
لآخر حرب كبرى خضناها في القرن
العشرين، وما يلفت النظر في هذه
الوثيقة أنها لم تخصص للحرب والمهمة
التي نخوضها ضد تنظيم القاعدة
وحلفائها سوى ثلاث صفحات فقط وذلك قبل
أن تبدأ الوثيقة بعدها في الحديث عن
الأشياء الكبرى «مثل تأمين الفضاء
المعلوماتي وإنفاق دولارات الضرائب
بشكل متعقل وحكيم وتحسين قوة وتأثير
النموذج الذي نقدمه» وكلها عبارات
واصطلاحات شبيهة بمقدمة ميثاق الأمم
المتحدة منها إلى «وثيقة استراتيجية
قومية». أما وثيقة «المراجعة الدفاعية للسنوات «2010-2014»
فلم تكن أفضل من ذلك بكثير، حيث خصصت
أقساماً كبيرة في الحديث عن «الاهتمام
بشعبنا وإصلاح الطريقة التي نؤدي بها
أعمالنا» كما تضمنت قسماً عن «إطار
إدارة أخطار الدفاع»، ويفهم من بنود
تلك الاستراتيجية أن كل فرع من الفروع
الرئيسة في القوات المسلحة قد حاول أن
يضخم من دوره حتى يقتطع أكبر نصيب ممكن
من كعكة المخصصات الدفاعية. ومع ذلك فإن هذه الاستراتيجية ليست
استراتيجية كبرى مرتبة الأولويات، حيث
كان من المفترض أن تشير إلى الانحباس
الحراري وإلى الدول الفاشلة والتهديد
الذي تمثله، لكن الواضح أن الذين
شاركوا في إعداد تلك الوثيقة، لم
يكونوا مهتمين بتلك الأخطار
ولابالكيفية التي يمكن مواجهتها بها
من خلال الإمكانيات العسكرية الهائلة
المتوفرة لأميركا، كما لم تكن معنية
كثيراً أيضاً بالخطر الذي يمثله تهديد
أسلحة الدمار الشاملة ووسائل مواجهتها.
لقد كان واضحاً أن جميع تلك الخدمات
كانت تخشى وضع تعريف واضح للأولويات
العملياتية، ووضع تلك الأولويات في
سياقات الظروف الدولية، خوفاً من أن
تخسر جزءاً من نصيبها من كعكة المخصصات
الدفاعية. وإذا لم يتم إجراء تقدير على أعلى
المستويات من السرية والدهاء
والعقلانية الباردة في البيت الأبيض
والبنتاغون معاً، فإن مايمكن استنتاجه
من ذلك هو أن أميركا حقيقة ليس لديها
استراتيجية قومية مرتبة الأولويات على
الإطلاق. ==================== آخر تحديث:الاثنين ,02/08/2010 عبدالله السويجي الخليج زيارات مكثفة وفي توقيت واحد قام بها
زعماء عرب لبيروت، يضطلعون بأدوار
مختلفة على الساحة اللبنانية
والإقليمية، والعنوان العريض لهذه
الزيارات هو (التهدئة ونبذ العنف)، بعد
تسريب معلومات من المحكمة الدولية
الخاصة باغتيال رفيق الحريري، رئيس
وزراء لبنان السابق، تفيد باتهام
عناصر من حزب الله بالمشاركة في
الجريمة في العام ،2005 وعلى الرغم من أن
البيان الرئاسي اللبناني، والتصريحات
المعلنة لرؤساء السعودية وسوريا وقطر
ولبنان، لم تتطرق إلى موضوع المحكمة
الدولية، إلا أن لب الحديث، كما يبدو،
كان التداعيات التي يمكن أن تخلقها
الاتهامات، ولاسيما أن السيد حسن نصر
الله، شكك في نزاهتها متهماً إياها
بأنها سياسية، وإنها تعاقب المظلوم
وتنصر الظالم، الأمر الذي أوحى بأن حزب
الله قد يتخد إجراءات وخطوات قد تقود
لبنان إلى حرب جديدة مع الكيان
الصهيوني، أو تفجر الوضع المتوتر أصلا
في لبنان . فهل الحكاية كلها التي اجتمع حولها
الرؤساء الثلاثة تتعلق بقضية اتهام
عناصر في حزب الله، أم أن لها تفرعات
تطال العلاقات السعودية - الإيرانية،
والسورية - اللبنانية، والقضية
الفلسطينية، خصوصاً قضية الحقوق
المدنية للفلسطينيين في لبنان، التي
اعتقد البعض أنها مقدمة لتوطينهم وحل
قضية اللاجئين الفلسطينيين في إطار
طرح القضايا النهائية في المفاوضات
المباشرة التي لم تبدأ بعد؟ لا شك أن السعودية تتمتع بنفوذ قوي لدى
تيار المستقبل وعلى رأسه سعد الحريري،
رئيس وزراء لبنان، ولا شك أيضا أن
سوريا تتمتع بنفوذ قوي لدى حزب الله،
نتيجة تحالفها مع إيران، وارتباط
الحزب بعلاقات استراتيجية مع
الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أما
قطر، فإنها كما هو معلن، تقوم بدور
وسطي توسطي بين الأطراف جميعها، من دون
أن تخفي دعمها للبنان، ولا سيما في
قضية إعمار ما دمرته حرب العام ،2006
وبذلك، يكون لبنان، هذا البلد الصغير
بمساحته، الكبير بدوره الإقليمي، قد
استحوذ على اهتمام الساسة والقادة
العرب، الذين هبّوا لنجدته وتهدئة
الوضع بين الفرق المتنافسة منذ سنوات
طويلة، فهل كان لبنان على شفا فتنة
كبيرة، أو صدام مسلح بين الأطراف؟ وكيف
يمكن أن تقوم السعودية وسوريا بتهدئة
هذه الفتنة أو ردمها؟ الواقع في لبنان أكثر تعقيداً مما يبدو،
فالقضية ليست اتهام عناصر من حزب الله
بمقتل الحريري، وإنما اتهام الحزب
ذاته بمقتل الحريري، وهذا يعني تورط
إيران وسوريا بطريقة أو بأخرى، ولهذا
السبب، حضر الزعيمان السعودي والسوري،
وفي جعبتهما القول الكثير، والمساومات
الكثيرة، وربما الصدام الكثير، وكما
يبدو، فإن حضور الملك السعودي يركز على
الضغط على تيار المستقبل، والحريري،
وحضور الرئيس السوري، للتأكيد على هذا
الضغط، والوقوف إلى جانب حزب الله، بل
الوقوف إلى جانب سوريا ذاتها، ولكن، هل
تستطيع الدولتان الطلب من محكمة العدل
الدولية الخاصة بمقتل الحريري، أن
تسحب اتهامها لعناصر من حزب الله، وهو
الأمر الوحيد، الذي قد ينزع فتيل
التوتر من الساحة اللبنانية؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ستكون مغامرة
كبيرة، ولاسيما أن المحاكم الدولية
غير بريئة من النوايا السياسية، وتلعب
أدواراً ليس لها صلة بتحقيق العدالة،
كما حدث مع صدام حسين، الذي اتهم
بحيازة أسلحة دمار شامل، ثم تمت تبرئته
منها، ولكن هل كان سبب اجتياح العراق
هو قتل صدام، أم له علاقة بإعادة ترتيب
أوضاع المنطقة برمتها، وحماية الكيان
الصهيوني، والسيطرة على منابع النفط
في العراق والخليج العربي؟ القضية تبدو معقدة كثيراً، وغامضة
ومتشابكة وليست مفهومة بدقة، إلا أن
جوهرها ومسارها ليس كذلك، وجل الموضوع
يتعلق بالقضية الفلسطينية والترتيبات
التي تُطبخ في السر حالياً لحل قضية
اللاجئين في لبنان وغيره من الدول التي
تستضيف اللاجئين، إذ ليس مصادفة أن
تُثار قضية المحكمة الدولية واتهام
عناصر من حزب الله، بالتزامن مع طرح
الحقوق المدنية الفلسطينية في لبنان،
وهو البلد الوحيد في الوطن العربي
والعالم، الذي لا يسمح للفلسطينيين
بالعمل والتملك، وإن لبنان، الذي
اعتاد أن يحصل على ثمن لكل خطوة
يخطوها، فإنه يريد ثمناً لإقرار
الحقوق المدنية الفلسطينية، التي
سيناقشها مجلس النواب في السابع عشر من
هذا الشهر، ومن جهة ثانية، لا يرغب
رؤساء السعودية وقطر وسوريا بنشوب حرب
مع الكيان الصهيوني، لأن ذلك، سيخلط
الأوراق من جديد، وسيكرس الدور
الإيراني في لبنان بل ربما يجذره،
لتصبح إيران لاعباً قويا وعالمكشوف،
أما بالنسبة لسوريا، فإنها لا ترغب
أيضا بنشوب حرب لأنها تتطلع إلى
استعادة وجودها في لبنان، والحرب لن
تساعد على ذلك . الأوراق مختلطة، والوضع متوتر جدًا في
لبنان ومحيطه، والخوف ليس من اندلاع
فتنة مسلحة في لبنان، لأنه لا توجد قوة
تضاهي قوة حزب الله، لا في الجانب
الإسلامي ولا في الجانب المسيحي، وأي
صراع مسلح، ستكون الغلبة فيه لحزب
الله، إلا أن هذا لا يعني ألا تقوم بعض
الأطراف بافتعال صراع يقود حزب الله
للسيطرة على الساحة اللبنانية
عسكرياً، لإيجاد مبرر للتدخل الأجنبي،
وحشد تحالف عالمي ضده . وعلى الرغم من هذا الاختناق السياسي داخل
لبنان ومحيطه، إلا أنه من غير المتوقع
أن ينشب صراع مسلح في لبنان بسبب قوة
الردع المتمثلة في سلاح حزب الله، ومن
غير المتوقع أيضا أن تنشب حرب بين حزب
الله والكيان الصهيوني، بسبب
التعقيدات الإقليمية، ووضع الولايات
المتحدة الهش في العراق وأفغانستان،
وخيبة الأمل التي تركها الرئيس
الأمريكي أوباما في نفوس العرب، جراء
عدم التزامه بتعهداته، كل ذلك يقود إلى
بذل الجهود للمحافظة على الأمور كما
هي، ريثما يتم التوصل إلى حل معين،
وإذا لم يتحقق هذا الحل، فإن العالم قد
يشهد حرباً طاحنة في الشرق الأوسط،
تعيد خلط الأوراق من جديد . ==================== بقلم :جورج يو البيان 8/2/2010 أحيا العالم العام الماضي الذكرى المئتين
لولادة تشارلز دارون، الذي كان يؤمن
بأن الحياة عبارة عن صراع مع الأجناس
القديمة من أجل أن تحل محلها الأجناس
الجديدة، وكان يرى أن هذا الأمر ينطبق
على الإنسان أيضاً. غير أن الحقيقة الجديدة في عالم الصراع
اليوم، هي أن التاريخ ليس حتمياً، ومن
الصعب التنبؤ بمجرياته، فهناك دوماً
الكثير من الاحتمالات للمستقبل، وكل
احتمال منها يمثل حالة من حالات
التوازن الجزئية، وأي أزمة تنشب في
العالم ما هي إلا انفصال عن حالة
التوازن تلك، وانضواء تحت لواء حالة
توازن أخرى، في ما يسميه المحللون «مخروط
الاحتمالات». وبالنظر إلى هذا المخروط، يتبين لنا من
قراءة سريعة له أن العلاقة الرئيسة في
العالم، التي تستحق الرصد والمتابعة،
هي العلاقة الأميركية الصينية، كما أن
التحدي الرئيسي سيكمن في محاولة دمج
الصين سلمياً في نظام الحوكمة
العالمي، وهو الدمج الذي من المتوقع أن
يغير النظام العالمي نفسه حينها. لا شك أن التحول الذي طرأ على الصين نفسها
هو التطور المهم في هذا السياق، وقد
كتب الكثير حول عودة الصين إلى الساحة
الدولية وما شابه ذلك، غير أني أود
التركيز على ثلاث نقاط: أولا؛ إحساس الصين بذاتها وكيانها، فعبر
القرون الماضية، كان من واجب كل سلالة
صينية أن تدون تاريخ السلالة التي
قبلها، وقد تمت كتابة 24 تاريخاً للصين
حتى الآن، كان آخرها تاريخ «سلالة كينغ»،
التي حكمت الصين من عام 1644 وحتى عام 1911
عندما نشبت الثورة الجمهورية. والآن وبعد مرور قرن تقريباً على ذلك
التاريخ، يعكف المسؤولون الصينيون على
كتابة التاريخ الرسمي لتلك الفترة. لا
يوجد بلد أو حضارة في العالم يمتلك ذلك
الإحساس بالاستمرارية والكينونة مثل
الصين، غير أن إحساسها هذا يعتبر نقطة
قوة، ونقطة ضعف أيضاً؛ فناحية القوة هي
الثقة الكبيرة بالنفس التي تتمتع بها
الصين. وطالما صرح القادة الصينيون بأن الصين
عليها أن تتعلم من دول العالم الأخرى،
لكنها في النهاية ستكون لها رؤيتها
الخاصة للمستقبل. أما نقطة الضعف فتكمن
في الغرور، الذي يحول بين المؤسسات
والأفكار الصينية، وبين اندماجها
الحقيقي في العالم المعاصر المتنوع. مما لا شك فيه أن الصينيين لا يتمنون
تحويل غيرهم إلى تبني مناهجهم، بخلاف
ما كانت عليه الحال مع أميركا في
بداياتها، عندما كانت تعتقد أن «أمركة»
العالم هي الوسيلة المثلى للسيطرة
عليه، وترى أنها نجحت في هذا إلى حد
كبير، فلغة العولمة الحالية أميركية،
والأفكار التي تسود العالم حالياً
معظمها أفكار أميركية، وهذا هو الفرق
الجوهري بين الولايات المتحدة والصين. لو نظرنا إلى الثقافات السائدة، لوجدنا
أن الثقافة الأميركية عبارة عن خليط من
الثقافات المتعددة، وأنا لا أظن أن
الصين سوف تكون قادرة يوماً على توحيد
العالم كما عليه الحال اليوم، لأن
طريقة تفكيرها مختلفة تماماً ومتفردة،
حتى عندما ستصبح الاقتصاد الأكبر في
العالم، وهذا ما سيحدث على الأرجح خلال
عقود قليلة. ثانياً؛ التحضر والإعمار العجيب الذي
تشهده الصين، فالسرعة التي يجري بها
الإعمار والتمدن في الصين لم يشهدها
بلد آخر في التاريخ البشري كله، غير أن
المخططين في الصين يعلمون أنه لا توجد
مساحة كافية من الأرض للبناء مثلما حدث
في الولايات المتحدة، كما أن الصين
تمتلك أراضي زراعية أقل من الهند. وعلى الرغم من أنه توجد في الصين حالياً
شبكة طرق سريعة أطول من تلك الموجودة
في الولايات المتحدة، فإن الصينيين
يعلمون يقيناً أنهم لو امتلكوا سيارات
بالنسبة نفسها الموجودة في الولايات
المتحدة، فإن العالم كله سيغلي، كما لو
كان في مرجل. لهذا، ولعلمهم بأهمية
الحفاظ على الأرض وعلى مصادر الطاقة،
يعكف الصينيون على التخطيط لبناء مدن
ضخمة، تستوعب كل منها عشرات الملايين
من البشر. وهذه المدن لن تنمو بشكل فوضوي، كما يحدث
في مدن مثل مكسيكو سيتي أو لاغوس،
ولكنها ستكون مصممة لاستيعاب أعداد
البشر بسهولة، وستوفر لهم البنية
التحتية الملائمة، مع بناء القطارات
فائقة السرعة داخل تلك المدن وخارجها،
والمطارات الضخمة وناطحات السحاب
والمجمعات التقنية المتقدمة، التي تضم
الجامعات ومعاهد الأبحاث والمنشآت
الطليعية المساعدة. ثالثاً؛ الثقافة السياسية في الصين، فعلى
امتداد القرون السابقة نمت ثقافة
سياسية معينة وتطورت، بحيث جعلت من
الممكن حكم دولة بهذا الحجم القاري،
بواسطة نخبة بيروقراطية قليلة العدد،
وهي الحزب الشيوعي الذي لا يفتقر إلى
الحماس والحس العميق بالمسؤولية
الوطنية. من المثير للاهتمام أن نعلم أنه خلال فترة
حكم السلالتين »مينغ» و«كينغ»، كان
ممنوعاً على أي مسؤول أن يعمل على بعد
أقل من 400 ميل من مسقط رأسه، وذلك حتى لا
يتعرض لضغوط من جانب أقاربه، ويضطر
لمحاباتهم، وهذا يعني أنه بالنسبة
لبلد صغير مثل سنغافورة مثلاً، فليس
بالإمكان أن يحكمها سنغافوري. لكن قبل عدة سنوات تغير هذا القانون في
الصين، وتقريباً في معظم الحالات
اليوم، فإن قادة المقاطعات هم من أبناء
البلد، إلا في المقاطعات التي تتمتع
بحكم ذاتي، حيث يتولى المنصب الثاني في
الأهمية واحد من أبناء البلد، أما
الأول فلا. وعلى الرغم من أن السياسة ستتغير في الصين
بشكل كبير في العقود المقبلة، خصوصاً
مع حالة التمدن والإعمار الكبيرة التي
تشهدها البلاد، فإن أساسيات الحكم
الجوهرية، القائمة على هيمنة النخبة
البيروقراطية على مقاليد السلطة، ليس
من المرجح أن تتغير. دول نامية كثيرة في
الوقت الحالي تدرس النموذج الصيني،
على أمل أن تتعلم منها الحوكمة
الرصينة، ولأول مرة يظهر في العالم
منافس حقيقي للنموذج الغربي. وزير خارجية سنغافورة ==================== بقلم :صحيفة «اندبندنت»
البريطانية البيان 8/2/2010 انقضى الآن عام كامل على بدء تحقيقات لجنة
تشيلكوت في قرار بريطانيا بالدخول في
الحرب ضد العراق. إن انطلاق اللجنة كان
مفيداً بشكل كبير وغير متوقع. فقد وضع أمام الرأي العام برمته صورة
محبطة للطريقة التي سيقت بها البلاد
إلى الحرب، في مخالفة للنصائح
والتحذيرات التي صدرت من جانب معظم
الخبراء والمسؤولين، في ذلك الوقت. غير
أن التسرب البطيء المنتظم للأدلة،
أسهم بدرجة كبيرة في تأكيد ما كان يدور
في خلد الكثيرين، أكثر من كونه كشف
شيئاً جديداً مذهلًا. كان الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس
الوزراء البريطاني توني بلير، مصممين
على إحداث تغيير في النظام في العراق،
منذ فترة طويلة قبل يوليو 2002. أساء بلير
عرض طبيعة المزاعم بأن العراق يمكنه أن
ينشر أسلحة دمار شامل خلال 45 دقيقة. ولم يكن هناك أي دليل على وجود علاقة بين
تنظيم القاعدة وصدام حسين. وتم الضغط
على المدعي العام البريطاني اللورد
غولد سميث، لتغيير رأيه بشأن مشروعية
الحرب. وأخفيت تفاصيل المعلومات عن
الحكومة بشأن مسائل عدة. وقد ظهرت بعض الاختلافات الدقيقة؛ مفتش
الأمم المتحدة السابق عن الأسلحة هانز
بليكس، الذي تم تصويره على أنه كان
يعتقد بعدم امتلاك صدام أسلحة دمار
شامل، اعترف بأنه، ورغم تزايد اقتناعه
بذلك، أبلغ بلير بشكل واضح، أنه لا
يزال من المحتمل أن يكون صدام قد حاز
تلك الأسلحة. كانت هناك محاولات للتغطية على الآخرين
واعتذارات فردية، وكانت هناك اختلافات
في التفسير؛ قال القائد الأعلى السابق
الجنرال ريتشارد دانات، إن الجيش كان
على وشك الإصابة بالشلل في العام 2006
عندما تدخل بلير مرة أخرى في
أفغانستان، بينما كانت القوات
البريطانية لا تزال تحارب في العراق.
وعلى العكس من ذلك، قال بلير للجنة
التحقيق، إن الجنرالات نصحوه بأن
الحرب على الجبهتين أمر ممكن. إن مهمة سير تشيلكوت هي تمحيص الطريقة
التي كانت القرارات تتخذ بها، وكيف
كانت الأوامر تنفذ، واستخلاص الدروس
للمستقبل، أكثر من كونها تحديداً لمن
تقع عليه المسؤولية. بعض هذه الأمور
سيتم تناوله بالتفاصيل. من ذلك، كما هي
الحال مع ما قاله الجنرال دانات، أنه
كان على بريطانيا أن تزرع مدربين في
صفوف قوات الأمن العراقية، قبل وقت
طويل مما فعلت. ورغم أن تشيلكوت سيقدم للمؤرخين الكثير
من المعلومات من مصادرها الأساسية،
فإنه من الصعب أن نرى الآن ما إذا كانت
اللجنة ستلقي ضوءاً جديداً على السؤال
السياسي الأكثر أهمية، وهو: هل كانت
الحرب فكرة جيدة؟ فالتحقيقات لم تحقق
كشفاً جديداً في حد ذاتها. يرى البعض أن أعضاء فريق لجنة التحقيق لم
يحالفهم التوفيق في أداء مهمتهم. وقد
ادعى كارني روس الخبير البريطاني بشأن
العراق في الأمم المتحدة بين العامين
1997 و2002 إن فريق تشيلكوت لم يكن صارماً
بالدرجة الكافية، في التحقيق مع من تم
استدعاؤهم للإدلاء بأقوالهم. ويقال إن
اللجنة فشلت باستمرار في مواجهة
الشهود بالاختلافات والتناقضات بين
شهاداتهم والأدلة الموثقة التي توصلت
إليها. الأكثر من ذلك، بحسب روس، فإن وزارة
الخارجية البريطانية حجبت وثائق
أساسية احتاجها لتقديم دليل لائق
للجنة. لقد شكلت تحقيقات تشيلكوت إطاراً مفيداً
تمكن من خلاله شهود، مثل إليزا
ماننغهام رئيسة جهاز الاستخبارات
البريطاني إم آي 5 السابقة، من مناقضة
هراء حزب العمال الجديد المتواصل، بأن
حرب العراق لم تجعل جيلًا كاملاً من
المسلمين البريطانيين اليافعين أكثر
عرضة للوقوع في براثن التشدد. كما أنه ليس من المؤكد ما إذا كان مفيداً
قرار تشيلكوت، في وقت سابق، بتمديد
فترة قبول إفادات محامين دوليين حول
التبرير القانوني للغزو الذي تم عام
2003. ما نحتاجه من تشيلكوت هو حقائق
جديدة، وليس المزيد من آراء المحامين
الدوليين. وما لم يتوافر شهود جدد
لديهم شيء مهم ليقولوه، فربما يكون هذا
هو الوقت المناسب لإنهاء هذا التحقيق. ==================== الإثنين, 02 أغسطس 2010 جميل الذيابي الحياة تحركت رحلة الطائرة الملكية السعودية من
«كازابلانكا» المغربية إلى قاهرة
المعز، ومنها إلى عاصمة الأمويين (دمشق)،
ثم في رحلة قصيرة بزيارة صفتها «تاريخية»
إلى سويسرا الشرق (بيروت)، اصطحب فيها
خادم الحرمين الشريفين معه الرئيس
السوري بشار الأسد، قبل أن تصل إلى
عاصمة البتراء (عمان). في يوم الخميس تناول خادم الحرمين
الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز
والوفد الرسمي المرافق له الإفطار في
دمشق والغداء في بيروت والعشاء في عمان.
كان يوماً تحركه في قلب خادم الحرمين
الشريفين الملفات العربية الساخنة،
لتطبخ «أخوياً» على نار هادئة بعيداً
عن التشنجات لإبعاد التوترات عن
المنطقة. ربما كانت محطة بيروت الأهم،
على الأقل لاجتماع ثلاثة من القادة
العرب فيها لتهدئة النفوس وحض
اللبنانيين على نبذ الفرقة والابتعاد
عن الطائفية والمذهبية، وما صدر عن
القمة الثلاثية يطرح رؤية مشتركة حول
قضايا داخلية خاصة بلبنان وأخرى
إقليمية خاصة بالمنطقة العربية، إذ
أوضح البيان ضرورة التضامن والوقوف
صفّاً واحداً في وجه التحديات التي
تواجه المنطقة العربيّة، وفي مقدمها
العنجهية الإسرائيلية وممارساتها
التعسفيّة والإجراميّة ضدّ الشعب
الفلسطيني، وكذلك مواجهة ما يُحاك
للمنطقة العربيّة من دسائس ومؤامرات
لإرباكها بالفتن الطائفيّة
والمذهبيّة. من المعلوم أن المعاناة العربية لا تتوقف
عند حدود القضايا والأزمات السياسية
والاقتصادية والأمنية والاجتماعية
العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا، بل تتجاوزها إلى ضرورة البحث
عن دواء كفيل بعلاج الأمراض المزمنة في
العلاقات العربية - العربية، والتي
استهلكت كثيراً من الجهود العربية
لصياغة موقف ورؤية موحّدة تجاه قضايا
المنطقة وأزماتها، وهو ما ناشد خادم
الحرمين به القادة العرب خلال قمة
الكويت الاقتصادية بقوله: «إننا قادة
الأمة العربية مسؤولون جميعاً عن
الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا، وعن
الضعف الذي هدد تضامننا، أقول هذا ولا
أستثني أحداً منا، لقد مضى الذي مضى،
واليوم أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من
جراحنا، وأن نسمو على خلافاتنا، وأن
نهزم ظنون أعدائنا بنا ونقف موقفاً
مشرفاً يذكرنا به التاريخ وتفخر به
أمتنا». لا شك في أن الأزمات الداخلية والتحديات
الخارجية، تشكّل داءً مؤثراً في زعزعة
العمل العربي المشترك، وهو ما يحتاج
إلى التعاطي «الصريح» مع الملفات
العربية «المأزومة» بسياسة متقاربة
تتيح العمل برؤية واحدة حتى وإن اختلفت
وجهات النظر من وقت لآخر. المنطقة العربية تمرّ بمرحلة استقطاب حاد
واختلافات مذهبية وطائفية تكاد تشعل
حروباً أهلية في أكثر من بلد عربي،
إضافة إلى تنامي نفوذ إيران وظهورها
كقوة إقليمية «متمردة» على الأسرة
الدولية، وفي ظل هكذا أجواء وواقع تأتي
أهمية تحرك القادة العرب لتحقيق
المصالحة العربية، وتنقية أجواء العمل
المشترك، ومواجهة الملفات المحمومة،
وفي مقدمها كيفية تسويق مبادرة السلام
العربية ديبلوماسياً والعمل على
تفعيلها دولياً، اضافة إلى رفض التدخل
الإقليمي والخارجي في الملفات العربية
الداخلية. هناك ضرورة ملحّة لأن يعمل اللبنانيون
والفلسطينيون والعراقيون واليمنيون
والصوماليون والسودانيون على تعزيز
سبل الوفاق الوطني، والتمسّك بمنهجية
التهدئة نحو تعزيز الوحدة الوطنيّة،
وفتح الطرقات لكل محاولات الاستقرار
الداخلي لدرء الأخطار بدلاً من
التقاذف والتقاتل والعبث بأمن البلدان
والشعوب بوجود من يقتاتون على تلك
المشكلات ويزرعون الألغام على
الطرقات، فيتوجب على البلدان العربية
«المضطربة»، حل الخلافات بالابتعاد عن
اللجوء إلى العنف وتغليب مصالح
البلدان أولاً وأخيراً بعيداً عن أيّ
مصالح فئويّة، وذلك بالاحتكام إلى
الشرعيّة والمؤسسات الدستوريّة. لقد حرّك الملك عبدالله بن عبدالعزيز
خلال 72 ساعة في 4 عواصم عربية ملفات
كبيرة، مصّراً على استكمال مبادرته
نحو تحقيق مصالحة عربية شاملة، وإطفاء
الحرائق بين الأشقاء لغاية أمن
البلدان والشعوب، وهو ما يستدعي من
البقية تحمل المسؤولية والابتعاد عن
النرجسية السياسية والبدء في التواصل
الأخوي نحو تعزيز التضامن والعمل
المشترك لصياغة علاقات عربية - عربية
أكثر جدية، لنبذ خلافات يحاول صوغها
زعماء حروب «هلامية» وشعارات «كاذبة». ==================== الغزو الأمبراطوري
لسيادات الدول! الإثنين, 02 أغسطس 2010 السيد يسين * الحياة يسجل تاريخ العلاقات الدولية أن نشأة
الدول الحديثة منذ معاهدة «وستفاليا»
صاحبها مبدأ أساسي أصبح وكأنه عقيدة
مقدسة وهو سيادة الدولة، بمعنى أن
للدولة المعترف بها في مجتمع الدول
سيادة مطلقة على إقليمها براً وبحراً
وجواً. ليس ذلك فقط بل إن من المعاني الأساسية
لمبدأ السيادة عدم التدخل في شؤون
الدولة من قبل دولة أخرى أو حتى من
المجتمع الدولي وذلك في حالات السلم.
أما في حالات الحرب فهي تخضع لمبادئ
أخرى نظمها بدقة القانون الدولي العام.
ويشهد التاريخ خصوصاً تاريخ القرن
العشرين أنه قامت حروب كاملة دفاعاً عن
سيادة الدول التي أصبح من المسلمات أن
المهمة الأولى للنخب الحاكمة هي
الحفاظ عليها وإلا زالت الشرعية
السياسية لهذه النخب. ولو تأملنا تاريخ
العلاقات الدولية في أوروبا على وجه
الخصوص لأدركنا أن الذي كان يحمي مبدأ
سيادة الدول من الاعتداء هو التوازن
الدولي. وذلك بمعنى عدم انفراد دولة
كبرى بالقوة التي تسمح لها بإملاء
شروطها على دول أخرى. ولذلك كان حين
يختل هذا الميزان يفتح الباب واسعاً
وعريضاً أمام الاعتداء على سيادة
الدول. وهذا ما حدث في الثلاثينات حين صعد هتلر
ليصبح مستشار ألمانيا وحاكمها المطلق،
والذي أعد بلاده لتكون أمبراطورية
جديدة تبسط رواقها على كل بلاد أوروبا
بلا استثناء مستنداً في ذلك إلى قوة
ألمانيا العسكرية الفائقة التي تجاوزت
في مداها القوة العسكرية لكل الدول
الأوروبية مجتمعة. وهكذا دفع غرور
القوة بهتلر إلى أن يقوم بغزواته
العسكرية مستخدماً أسلوب «الهجوم
الصاعق» فاكتسح بلجيكا وبعد ذلك انقض
على فرنسا التي ظنت وهماً أن خط «ماجينو»
الدفاعي يمكن أن يصد عنها أي هجوم، إلا
أنه سقط في أيام! بل وصل الطموح
الأمبراطوري بهتلر إلى أن عاود غزو
الجزر البريطانية بل وغالى في شططه
وانطلق ليغزو الاتحاد السوفياتي وكان
في ذلك مصرعه بالمعنى التاريخي للكلمة
بعد أن نجح ستالين في أن يستنهض الشعور
الروسي بالعزة الوطنية واستطاع الجيش
الأحمر في مسيرة عسكرية رائعة صد
الهجوم الألماني بل وتعقب القوات
الألمانية المنسحبة من موسكو إلى
برلين! وانتهت الحرب العالمية الثانية
عام 1945 وأحست الدول بحاجتها إلى مؤسسة
دولية جديدة تحل محل «عصبة الأمم»
والتي ثبت أنها فشلت في الحفاظ على
السلام العالمي. وهكذا أنشئت الأمم المتحدة وفق ميثاق
حافل بالنصوص القانونية التي تحافظ في
المقام الأول على سيادة كل دولة، وتحدد
حقوق الدول في حالات السلم وفي حالات
الحرب على السواء. وأصبح مجلس الأمن
الذي يتشكل من دول دائمة العضوية
بالإضافة إلى دول أخرى يتم اختيارها
دورياً إشارة بارزة إلى أهمية مبدأ
التوازن الدولي في الحفاظ على سيادات
الدول. وساعد على استمرار النظام
الدولي بعد الحرب العالمية الثانية أن
القوة العسكرية الفائقة لم تعد
تحتكرها دولة واحدة، بل توزعت بين
الولايات المتحدة الأميركية من جانب
والاتحاد السوفياتي من جانب آخر. وساعد
على الاستقرار «توازن الرعب النووي»
بحكم أن كلاً من الدولتين تمتلك السلاح
النووي ما يمنع من أن تغامر أي دولة
منهما باستخدامه لأن في ذلك فناءها
بحكم أن الطرف الآخر سيستخدم السلاح
نفسه. وهكذا كما قرر بودريار (المفكر
الفرنسي المشهور وأحد نجوم ما بعد
الحداثة) حل الحديث عن احتمالات الحرب
محل الحرب الفعلية. وكان هذا مما لا شك فيه لمصلحة الإنسانية.
غير أنه مع السقوط المدوي للاتحاد
السوفياتي اختل التوازن وتحول النظام
الدولي الثنائي القطبية (الاتحاد
السوفياتي والولايات المتحدة
الأميركية) إلى نظام أحادي القطبية
تهيمن فيه الولايات المتحدة بحكم
قوتها العسكرية الفائقة على العالم.
باختصار تحولت أميركا إلى أمبراطورية
عظمى لا تستطيع أي دولة - بحكم الاختلال
الجسيم في موازين القوة - أن تردعها.
وهكذا صاغت الولايات المتحدة في عهد
الرئيس السابق جورج بوش وتحت تأثير
الفكر السياسي المتطرف لجماعة
المحافظين الجدد مذهباً جديداً في
الأمن القومي يسمح للولايات المتحدة
أن توجه ضربات استباقية لأي دولة إذا
أحست أنها يمكن بسياساتها أن تمس الأمن
القومي الأميركي. وبذلك نشأ مبدأ شرعية
التدخل السياسي حتى ولو بالقوة
العسكرية لتغيير النظم التي ترى
أميركا أنها منحرفة، أو «مارقة» بحسب
التعبير الذائع الآن. في ضوء ذلك غزت
الولايات المتحدة الأميركية
أفغانستان بعد أحداث 9/11 الإرهابية ثم
غزت العراق بزعم أنه يمتلك أسلحة دمار
شامل. ووسعت الأمبراطورية الأميركية
من بعد دوائر تدخلها في الشؤون
الداخلية للأمم، خصوصاً في مجال تعقب
مخالفات الدول لحقوق الإنسان. ولذلك أصدر الكونغرس الأميركي تشريعاً
يبيح لحكومة الولايات المتحدة مراقبة
كيفية تطبيق الدول لحقوق الإنسان،
وتسجيل ذلك في تقرير سنوي تعده وزارة
الخارجية الأميركية وترفعه إلى الرئيس
الأميركي ليقرر العقوبات المناسبة على
الدول التي خرقت حقوق الإنسان، وكأنه
الأمبراطور الأعظم الذي يحكم العالم!
ومن حقوق الإنسان تم الانتقال إلى
مشروع دعم الديموقراطية خصوصاً في
البلاد العربية والإسلامية، وهكذا نشأ
مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يحدد
الطرق التي من خلالها ستفرض الولايات
المتحدة الأميركية الديموقراطية التي
تراها فرضاً على الدول! في ضوء العرض
السابق نستطيع أن نفسر الخبر العجيب
الذي أذاعه موقع «أميركا إن آرابيك» من
واشنطن. يقول الخبر كما ورد في صحيفة «المصري
اليوم» المصرية بتاريخ 27 تموز (يوليو)
2010 ما يأتي: «أحال مجلس الشيوخ
الأميركي مشروع قرار يطالب بدعم
الديموقراطية والحريات في مصر، وإلغاء
قانون الطوارئ ورفع أي رقابة للحكومة
المصرية عن المساعدات الأجنبية». وقد
تقدم بالمشروع كل من السيناتور
الديموقراطي راسيل فاينغولد
والسيناتور روبرت كيسي والسيناتور
الديموقراطي ريتشارد ديرين والمرشح
السابق لرئاسة الجمهورية جون ماكين.
وعنوان المشروع المقترح «دعم
الديموقراطية وحقوق الإنسان والحريات
المدنية في مصر». وقررت مقدمة المشروع
الذي حصلت على نصه وكالة «أميركا ان
آرابيك» أن سبب وضعه هو «أهمية مصر
بالنسبة الى أهداف الأمن القومي
الأميركي ولثقلها الثقافي والفكري في
المنطقة العربية». ويطالب المشروع الحكومة المصرية بإلغاء
حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1981،
وتقديم أدلة تضمن نزاهة وشفافية
وصدقية انتخابات مجلس الشعب والرئاسة
المقبلة وضمان خلوها من أي عمليات
تزوير، وتوفير «تمويل مناسب يتيح وجود
مشرفين محليين ودوليين على الانتخابات
ومنظمات المجتمع المدني لضمان
الشفافية» كما طالب مشروع القرار برفع
«القيود الاشتراعية على الحريات في
الترشح للمجالس النيابية والتشريعية
وتأسيس الجمعيات وحرية الآراء» وإنهاء
ما سماه «كل عمليات الاعتقال
العشوائية والتعذيب وأشكال الإهانة
المختلفة». انتهى الخبر العجيب وبدأ
التساؤل الضروري: هل تعتقد الولايات
المتحدة الأميركية باعتبارها
الأمبراطورية العظمى التي تحكم العالم
أن من حقها الغزو المنظم لسيادة الدول؟
بعبارة أخرى يتحدث مشروع القانون
المقترح وكأنه ينظم الأمور ليس في دولة
مستقلة لها سيادتها المطلقة هي
جمهورية مصر العربية، ولكن في «ولاية»
تابعة للولايات المتحدة الأميركية
التي يرأسها الرئيس أوباما! يبدو أن
مبدأ سيادة الدول قد سقط نهائياً في ظل
الهيمنة الأمبراطورية الأميركية! * كاتب مصري ==================== الافتتاحية الاثنين 2-8-2010م بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود الثورة عرفت إسرائيل كيف تستخدم هذه العبارة
وتستثمرها وتسوقها.. العبارة بحد ذاتها
شرط مسبق يصل إلى حدود إعدام كل ما يخرج
عنه. تعني إسرائيل بالشروط المسبقة: الحقوق
واستعادة الأرض... ومرجعية القرارات
الدولية.. ومؤتمر مدريد.. والمفاوضات
التي تمت.. وإلى أين وصلت؟؟.. وما أقرت
به حكومات إسرائيلية.. كل ذلك وغيره
أيضاً شروط مسبقة..!! وبالتالي تعالوا إلى العدم؟! عودة دائمة
إلى نقطة الصفر..؟! بل تعالوا إلى الشروط الإسرائيلية.. من يستطيع أن يحدد شرطاً واحداً وضعته
إسرائيل ورفضه العرب..؟! ليس منذ زمن
مدريد وحسب... بل منذ كامب ديفيد؟!.. ربما
هناك بعض التفاصيل البسيطة، مثل
خلافها مع مصر على «طابا». ما عدا ذلك، منذ الاتفاقية المشؤومة،
مروراً بمهزلة أوسلو الكارثية.. ووادي
عربة فيما بعد.. وانتهاء بما يجري اليوم..
تجرنا إسرائيل إلى شروطها بنداً..
بنداً.. وشرطاً.. شرطاً.. والذي يرفض
يصنف مع العصاة.. والذي يقاوم يصنف مع
الإرهاب. من الصعب على قوة في العالم أن تسوق ما
سوقته إسرائيل بهذا الشكل المتناقض ..
تصرخ «دون شروط مسبقة» وتضع كل شروطها
عملياً ولفظياً ولا تراجع..!! هذا صعب
على أي كان إن لم يحظ برضى متخاذل دولي.
منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي لم
يظهر العالم - وفي مقدمته طبعاً
الولايات المتحدة - تراخياً وتخاذلاً
أمام السياسة الإسرائيلية وشروطها كما
يظهرها اليوم.. وبالتالي تسويق الشروط
الإسرائيلية لا تتم بفعل الشطارة
والكفاءة السياسية الإسرائيلية..
أبداً.. فالعالم كله مجّ الادعاءات
الإسرائيلية وملّ شروطها وكذبها.. وما
كانت حركة السيد رجب طيب أردوغان وهو
ينفض رداءه ويقول: «مللنا كذبكم..» إلا
صورة عالمية بالتأكيد. لكن التخاذل تحت
الوصاية الأميركية هو الذي يسهل تسويق
الكذب الإسرائيلي. قال العالم: لا للاستيطان. لا للاحتلال.. لا لحصار غزة.. لا للتدمير والقتل.. نعم للسلام. وتخاذل بعد ذلك.. لتجعل إسرائيل من كل تلك
اللاءات شروطاً مسبقة... ولتضع شرطها
الذي يعدم كل ما جرى حتى اليوم، ويعلن
عن مفاوضات مباشرة من الصفر..؟! وتقدم
ذلك على أساس أنه تحرر من الشروط
المسبقة!! وهو شرط لا يمر منه.. جهد أو فكر أو نيات
طيبة؟! أمام هذه السياسة.. ماذا يفعل العرب؟. في موقف يساعد المتخاذل على تخاذله تقول
لرئيس السلطة الفلسطينية.. الذي لا
يملك من السلطة إلا ما تقرره وتمنحه له
إسرائيل: فوّضناك.!! «أقسم بالله حرام عليكم، إن كنتم صادقين».
فوضتموه بماذا..؟! بأن يفاوض إسرائيل وحيداً..؟! ماذا يملك من أدوات التفاوض وتحصيل
الحقوق..؟! هل النيات الطيبة المفترضة.. هل الكفاءة
السياسية للتفاوض المفترضة أيضاً..
تكفي.. إن الرجل في حالة يرثى لها.. فبعد أن «تشبث»
أشهراً ب «دعم» عربي.. مطالباً بوقف
الاستيطان أولاً.. ثم قبل بالمفاوضات
غير المباشرة.. ها هو يدفع إلى
المفاوضات المباشرة دون أن يستطيع رسم
فضاء واحد لاحتمال ما يوصله إلى خطوة
ما. لا يشك ولن يشك أحد.. أننا نتمنى للرئيس
عباس كل التوفيق.. لكن.. لا يشك ولن يشك أحد.. أننا نملك من العقل
والتجربة والخبرة والرؤية الصادقة ما
يجعلنا، لسنا متشائمين حول الموضوع
وحسب.. بل واثقين أن لا نتيجة من ذلك كله
إلا هدر الزمن.. وأن تتأكد الولايات
المتحدة ومعها إسرائيل من صلاحيتنا
كعرب للتراجع بلا حدود عن كل شيء.. كي نجسد لهم الكذب حقيقة.. «دون شروط مسبقة». ==================== سياسة التعويضات بين
اليهود والفلسطينيين المستقبل - الاثنين 2 آب 2010 العدد 3729 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد السمّاك تعرّض اليهود خلال الحرب العالمية
الثانية على ايدي النازية الى عمليات
القتل الجماعي - الهولوكوست - بعد الحرب
جرى التعويض على اليهود بسخاء. حتى ان
فلسطين سُلخت عن الوطن العربي وشُرد
شعبها، لتحويلها الى وطن قومي لهم كما
جاء في وعد وزير الخارجية البريطاني
الأسبق بلفور. ثم أُغدقت عليهم
التعويضات المالية التي لم تتوقف حتى
اليوم. دفعت الحكومة الألمانية التي اقرت
بمسؤوليتها المعنوية عن جرائم النازية
60 مليار دولار. اضافة الى ذلك فُرض على
56 شركة ألمانية دفع مبلغ آخر قدره 5.2
مليار دولار للتعويض على اليهود الذين
عملوا في هذه الشركات بأقل من الاجر
الذي كانوا يستحقونه؟! كما فُرض على سويسرا - التي التزمت
بالحياد خلال الحرب - دفع مبلغ 1.250
مليار دولار للتعويض على اصحاب
الودائع المصرفية من اليهود الذين
قتلوا اثناء الحرب وبقيت ودائعهم
مجمدة. وقد شكلت هيئة دولية باشراف الولايات
المتحدة وبضغط منها أعدّت ملفاً آخر
خاصاً بشركات التأمين الأوروبية
لحملها على دفع تعويضات للورثة اليهود
من اصحاب عقود التأمين التي اجريت قبل
الحرب. وترأس تلك الهيئة لورنس
ايغلبرغر نائب وزير الخارجية
الاميركية في عهد الرئيس جورج بوش الاب
براتب شهري قدره 30 الف دولار. وجمعت الهيئة طلبات للتعويض من ورثة
حوالي 500 ألف يهودي، بعضهم لم يكن يملك
اي وثيقة تثبت أي حق له أو تؤكد أن أحد
أقربائه كان يملك بوليصة تأمين. بل أن
بعضهم لا يعرف حتى اسم شركة التأمين. كل
ما يعرفه أو يدّعي معرفته هو ان والده،
او خاله، او جده، كان مضموناً لدى شركة
ما. مع ذلك حصل كل واحد من اصحاب هذه
الادعاءات وعددهم 90 ألفاً على تعويض
رمزي بقيمة 12 ألف دولار. اما الآخرون
الذين يقدمون اي وثيقة تثبت وجود عقد
سابق فقد حصلوا فوراً على تعويضات وصلت
في مجموعها حسب تقدير الهيئة الى 10
مليار دولار. كان من الطبيعي ان تعترض شركات التأمين
الأوروبية على ما اعتبرته "ابتزازاً".
الا ان الادارة الاميركية هددتها بوضع
اليد على مصالحها داخل الولايات
المتحدة اذا لم تستجب لمطالب المدّعين.
حتى ان ولاية كاليفورنيا مثلاً، وضعت
قانوناً فرض على شركات التأمين
الاوروبية نشر لوائح بأسماء كل اصحاب
عقود التأمين المعقودة معها خلال
الفترة بين عامي 1920 و 1945. ولكن ما ان
اصدر مجلس القضاء الاميركي الاعلى
قراراً باعتبار هذا القانون غير
دستوري، حتى بدأ الالتفاف عليه من خلال
قرارين جديدين يلزمان الولايات
المتحدة أن تحمل الدول التي تنتمي
اليها هذه الشركات على الخضوع لطلبات
دفع التعويضات - من دون اللجوء الى
المحاكم القضائية سواء في أوروبة او
حتى في الولايات المتحدة نفسها. في ضوء هذه الوقائع لا بد من التساؤل عن
حقوق الفلسطينيين الذين صادرت إسرائيل
بيوتهم وممتلكاتها واراضيهم وطردتهم
من وطنهم؟.. ماذا عن حقوق عائلات الذين
تعرضوا للقتل الجماعي على ايدي
المنظمات اليهودية ثم الجيش
الإسرائيلي منذ ما قبل 1948 وحتى اليوم
من دير ياسين حتى جنين؟.. ماذا عن ورثة
جريمة بحر البقر في مصر، وقانا في
لبنان، على سبيل المثال لا الحصر؟ هذا في شأن التعويض المالي على جرائم
النازية الهولوكوست - أما التعويض
السياسي والعسكري فحدّث ولا حرج.
فإسرائيل تتمتع بحصانة ضد أي إدانة لها
على انتهاك القانون الدولي، او ميثاق
الأمم المتحدة، أو معاهدات جنيف، أو
ميثاق حقوق الانسان. فهي خارج المساءلة
والمحاسبة الدوليين. وبالتالي فهي خارج حدود المسؤولية عن
الجرائم التي ارتكبتها والتي ترتكبها
بحق الفلسطينيين. فرغم الإدانة
الحقوقية للحرب التي شنتها على غزة في
عام 2008 والتي أكدها تقرير الأمم
المتحدة الذي وصفته لجنة من القضاة
برئاسة القاضي اليهودي الجنوب افريقي
ريتشارد غولدستون، فان إسرائيل لم
تعاقَب ولم تحاسَب. وقبل ذلك عندما صدر
حكم المحكمة الدولية بشأن جدار الفصل
الذي تواصل بناءه فوق الأرض
الفلسطينية المصادرة والذي نص على لا
شرعية البناء وعلى وجوب ازالته، فان
إسرائيل ضربت بالحكم عرض الحائط ومضت
قدماً في مشروعها غير عابئة ولا مكترثة. من هنا السؤال كيف يمكن حمل إسرائيل على
دفع تعويضات لملايين الفلسطينيين
الذين نكبوا باستيلائها على وطنهم
وعلى بيوتهم وممتلكاتهم بعد أن طردتهم
منها؟. وأي اجراء يمكن أن يعتمده
الفلسطينيون خاصة، والعرب عامة (في
لبنان وسورية والأردن ومصر) للحصول على
تعويضات من إسرائيل نتيجة التقتيل
والتدمير اللذين أنزلته بهم؟. استباقاً لمثل هذه المطالب الفلسطينية
والعربية المشروعة، أعدّت إسرائيل
ملفاً معاكساً ليس لإنكار الحق
الفلسطيني والعربي بالتعويض فقط، إنما
لطرح موضوع الممتلكات اليهودية في
الدول العربية والتي تدّعي ان أصحابها
تخلوا عنها قسراً عندما هاجروا الى
إسرائيل.. وآخرهم يهود اليمن. ويتميز الملف الإسرائيلي بتضخيم عدد
اليهود، وبتضخيم قيمة ممتلكاتهم،
وبالتالي مطالبة الدول العربية
بالتعويض عليهم.. بدلاً من أن تطالب هذه
الدول بالحصول على تعويضات من إسرائيل!!. لا تملك الدول العربية احصاءات رسمية
بعدد اليهود الذين هاجروا منها، ولا
بقيمة ممتلكاتهم.. الأمر الذي يفسح
المجال أمام إسرائيل لتضخيم أعدادهم
وممتلكاتهم، على النحو الذي فعلته ولا
تزال في ألمانيا وفي الدول الأوروبية
الاخرى التي احتلتها القوات النازية. وفي الواقع فان هجرة اليهود العرب لم تكن
قسرية، ولا يمكن مقارنتها بشكل من
الأشكال مع تهجير الفلسطينيين من
مدنهم وقراهم وبلداتهم أثناء حربي 1948 و
1967، ثم ان التهجير جاء استجابة لقرار
مسبق استخدمت في تنفيذه كل أنواع
المذابح والمجازر الجماعية. أما الجانب القسري من عملية الهجرة
اليهودية من الدول العربية فقد جاء على
يد إسرائيل بالذات، وتشهد على ذلك
عملية "علي بابا" التي قام بها
الموساد الإسرائيلي في مطلع الخمسينات
من القرن الماضي والتي استهدفت وضع
متفجرات أمام عدد من الكنس اليهودية
والمحلات التجارية الخاصة باليهود في
بغداد، من أجل تخويفهم من المسلمين
العرب، وبالتالي حثهم على ترك العراق
والهجرة الى إسرائيل. ولا تنكر إسرائيل
هذه العملية التي أدت فعلاً الى هجرة
اليهود العراقيين. مع ذلك فان الملف
الإسرائيلي يطالب بالتعويض على هؤلاء
اليهود الذين وقعوا ضحية مؤامرة
التهجير الإسرائيلية وليس نتيجة ردّ
الفعل العربي منهم. وفوق ذلك فان التعويض الإسرائيلي على
الفلسطينيين ليس مطروحاً إسرائيلياً
من حيث المبدأ. فهو مطروح دولياً فقط.
ذلك ان إسرائيل تعتبر انها استرجعت
الأرض التي منحها الله لشعب إسرائيل.
وهذا يعني بنظرها ان الفلسطيين كانوا
مغتصبين للأرض وليسوا أصحاباً لها.
فكيف تدفع تعويضات لهم؟. فعندما رفض بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة
الإسرائيلية الطلب الأميركي بوقف بناء
المستوطنات اليهودية في مدينة القدس،
كان جوابه ان اليهود يبنون في هذه
المدينة منذ خمسة آلاف عام وانهم سوف
يواصلون البناء فيها كعاصمة لهم، مثل
باريس للفرنسيين، ولندن للبريطانيين
وواشنطن للأميركيين. ويعكس هذا الجواب
المفهوم الإسرائيلي "ليهودية
الدولة".. وهو مفهوم يتناقض مع مبدأ
التعويض على الممتلكات الفلسطينية
المسلوبة أو المصادرة. فاليهودية تعني
ان الفلسطينيين هم الذين سلبوا
وصادروا الأرض الفلسطينية، وان اليهود
هم الذين استرجعوها وحرروها تحقيقاً
للوعد الإلهي!!. والعائلات الفلسطينية التي تطرد من
بيوتها في القدس، ليحتلها المستوطنون
اليهود، تسمع كلاماً من هذا النوع
كتبرير لعملية الطرد والمصادرة. ان إسرائيل التي تمرست في فن الإبتزاز
للحصول على التعويضات، استطاعت أن
تبني من هذه التعويضات اقتصاد حرب منذ
عام 1948 حتى اليوم. بينما عجز
الفلسطينيون حتى عن بناء مخيمات توفر
الحد الأدنى من مقومات احترام الكرامة
الانسانية. لقد اعدّت إسرائيل ملفاتها لإجهاض
المطالب الفلسطينية المتوقعة. فماذا
ستفعل الدول العربية؟ ==================== بثينة شعبان الشرق الاوسط 8/2/2010 في زمن العالم الحرّ، الذي يدّعون، ينتظر
الناس الأخبار الحقيقية من موقع «ويكيليكس»
الذي أخذ على عاتقه تسريب وثائق
ومستندات تخبر عن حقيقة الأوضاع في
أفغانستان وعن المشكلة الكبرى التي
تواجهها قوات الناتو وقوات الولايات
المتحدة في وجه الهجمات المتصاعدة
لطالبان، على عكس ما تعكسه وسائل
الإعلام «الحرة»، كما ينقل يأس الشعب
الأفغاني من التوصل إلى حلول على يد
جيوش الناتو التي لم تجلب سوى الدمار
والقتل للمدنيين الأفغان. وبدلا من أن
يتم التعامل مع الوثائق والمستندات
كمؤشرات جديدة تستوجب وقفة جدية،
وربما تحركا مغايرا للمألوف والمتوقع،
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإن جلّ
الاهتمام الرسمي السياسي والإعلامي
انصبّ على كيفية حدوث التسريب،
والأشخاص المسؤولين عن هذا التسريب،
والأهداف المرتجاة من ورائه ضمن نظرية
تحويل كلّ من يقاوم هذا التوجّه
العسكري الأميركي الرسمي إلى مشتبه به
وربما إلى إرهابي. ومع ذلك ورغم التسريبات والضجة الرسمية
المصطنعة التي أثارتها هذه التسريبات،
فقد قرر الكونغرس منح 37 مليار دولار من
أجل الاستمرار في الحرب على أفغانستان
والعراق، حتى وإن تزامن هذا مع الكشف
عن «ضياع» عشرات المليارات في العراق،
وعدم وصول الأموال إلى الأهداف التي
رُسمت لها في واشنطن. هذا في مسألة تمسّ
أمن واقتصاد وسمعة الولايات المتحدة
في الصميم بسبب انخراطها المباشر
والمعلن في أفغانستان والعراق، فكيف
بنا إذا ما أردنا القياس على هذا الوضع
في الأخبار المتداولة في الغرب عن
فلسطين وحصار المدنيين في غزة وتهويد
القدس وتشريد فلسطينيي 1948 والاستيطان
في الضفة الغربية، حيث يمثّل
المستوطنون المتحكمون بالسلطة في
إسرائيل المصدر الوحيد لأخبار هذه
البقعة الجغرافية من العالم، ولا يمكن
لمنظمات حقوق الإنسان الوصول إلى
أماكن الحدث، حيث تمارس قوات الكيان
بمساعدة المتطرفين المستوطنين تطهيرا
عرقيا لا مثيل له في القرن الواحد
والعشرين دون أن نقرأ ولو خبرا واحدا
في وكالات الأنباء العالمية عن جرائم
هذا التطهير، ناهيك عن إدانته. لقد دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ
أيام قرية العراقيب عن بكرة أبيها، ولم
تسمح للسكان حتى بأخذ مقتنياتهم
العائلية. بحيث وقف ثلاثمائة وعشرون
إنسانا عاشوا وأجدادهم في هذه القرية
قبل نشوء الكيان الصهيوني، كما تدل
مقابرهم على ذلك، وقفوا يعاينون
تاريخهم وماضيهم وعلاقاتهم وقد تحولت
ركاما أمام أعينهم بفعل آلة عسكرية
عنصرية بغيضة جرّدتهم من إنسانيتهم
وصبّت جام غضبها عليهم، لا لذنب
ارتكبوه سوى لأنهم فلسطينيون، نابتون
من أعماق هذه الأرض التي يطمع فيها
الصهاينة والمستوطنون، ويستولون
عليها جزءا بعد جزء بقوة السلاح، وبدعم
غربي، وصمت دولي معيب يجب أن يندى له
جبين الإنسانية. وقرية العراقيب هي
واحدة من خمس وأربعين قرية تتعرض
للإبادة والتطهير العرقي من قبل كيان
استيطاني سبق وجودُ هذه القرى وجودَه
بمئات السنين، ومع ذلك يصمت «الإعلام
الغربي الحر» عن مصير هذه القرى، فيما
يغطي القرى الروسية التي دمرها حريق
الغابات الأخير. أضف إلى ذلك تهجير
الفلسطينيين من حيفا ويافا والقدس
ومدن وقرى إلى الضفة الغربية، وتقطيع
أوصال العوائل الفلسطينية التاريخية
والاجتماعية. ويتزامن كلّ هذا مع تدمير
المنازل العربية في القدس وشنّ غارات
على قطاع غزة وقتل الأبرياء وترهيب
السكان. ويحدثك القادمون من هناك عن
إجراءات عنصرية لا يعلم بها أحد سوى من
يعايشها من السكان الفلسطينيين حيث
تطلق قوات الاستيطان العنصرية كلّ
ليلة الخنازير البرية في قرى ومدن
الضفة الغربية لتطلق أصواتا وتعيث
فسادا وترعب وترهب السكان، وذلك
لدفعهم إلى الهجرة ومغادرة الأرض التي
هي هدف الاستيطان العنصري. ومع كل هذا وذاك تجد إجراءات البيت الأبيض
تتجه إلى تجميد أموال أشخاص سوريين «يهددون
استقرار لبنان!» حيث يقول أوباما
للكونغرس في رسالته بهذا الصدد: «إذا
كان سجل تطور إيجابي في العلاقة بين
سورية ولبنان فإن استمرار نقل الأسلحة
إلى حزب الله بما فيها أسلحة أكثر
تطورا، يؤدي إلى تقويض سيادة لبنان
ويساهم في عدم الاستقرار السياسي
والاقتصادي في المنطقة، ولا يزال يشكل
تهديدا للأمن القومي والسياسة
الخارجية للولايات المتحدة». في حين أن
تغاضي حكومات الولايات المتحدة عن
الجرائم العنصرية التي ترتكبها
إسرائيل وسياسة التطهير العرقي التي
تنفذها بتشجيع وتمويل ودعم من
الولايات المتحدة، هو الذي «يشكّل
تهديدا حقيقيا وجوهريا للأمن القومي
والسياسة الخارجية للولايات المتحدة»،
لأنه من جهة يفقد العرب أي ثقة
بمصداقية وحيادية الولايات المتحدة،
ومن جهة ثانية يفلت العنان لشيطان
العنصرية والطائفية والتطهير العرقي
في إسرائيل الذي إذا انفلت من عقاله لن
يجلب الدمار والكوارث لمنطقتنا فحسب،
بل للعالم برمته، ولن يكون أحد بمنأى
عن آثاره المدمرة. وإذا كان الرئيس
الأميركي أو أحد من فريقه يعتقد أن في
ذلك مجانبة للواقع فإني أشير عليهم
قراءة جدعون ليفي في «هآرتس» 25 يوليو (تموز)
2010 بعنوان: «الناس يريدون شرطة تقتل،
ولكن فقط العرب». في هذا المقال يتحدث
جدعون ليفي عن قتل الفلسطينيين
الأبرياء على أيدي الشرطة الإسرائيلية
ومن ثمّ تبرئة هذه الشرطة من قبل
المحاكم الإسرائيلية. ويسوق مثالا على
ذلك الشرطي شاهار ميزراهي الذي أعدم
مواطنا فلسطينيا كان يحاول الهرب،
وبلغت حدة التعاطف معه أن حوّله
الجمهور الإسرائيلي من قاتل إلى بطل،
كما يتحدث عن تبرئة الشرطي شموئيل
يهزيكل الذي أطلق الرصاص عام 2005 على
الفلسطيني سمير داري وأرداه قتيلا.
ويضيف ليفي: «لا يمضي أسبوع دون أن تضرب
الشرطة وتقتل مدنيا، وبدلا من مقاومة
هذه الظاهرة الخطيرة نقبل دعم جرائم
الشرطة ويترافق هذا مع صمت معيب من قبل
رئيس الوزراء نتنياهو ووزير العدل
ياكوف نيمان والمدعي العام يهودا
فيسنتاين. المحكمة العليا مرة أخرى
وحيدة ضد كلّ هذه الموجة من العنف التي
نادرا ما تذكر في الصحافة». ويختتم
ليفي بالقول: «البارحة قتلوا دون سبب
يذكر محمود غانم، وغدا هم مرشحون أن
يقتلوا مدنيين يهودا أيضا. حينذاك فقط
سوف نحتج بالتأكيد». إذا لم تكن هذه هي العنصرية، فما هو تعريف
العنصرية إذن؟ ولصالح من هذا الصمت
الدولي المريب في وجه هذا المدّ
العنصري المتنامي والمتصاعد في
إسرائيل؟ وفي مقال يفيد أن ذات التوجه
متجذر ومتصاعد في إسرائيل، يتحدث
أمنون شموش عن عنصرية أخرى في إسرائيل
بين أم يهودية أشكنازية وأخرى يهودية
مغربية أو إثيوبية. ويضيف: «إن
الافتراض الأساسي الذي يقود إلى الفشل
هو أن فهم العرب مناقض لفهمنا، فهم أقل
حكمة منا ومقاتلو العرب من أجل الحرية
هم إرهابيون مثيرون للاشمئزاز مختلفون
جذريا عن الإرهابيين اليهود الذي
أعجبنا بهم خلال الحكم البريطاني، وأن
الحياة غير مقدسة لديهم كما هي مقدسة
لدينا وأنهم إذا لم يحصلوا على
الحلويات سوف يطيحون بحكومة حماس التي
انتخبوها بغباء» (يديعوت أحرونوت، 23
يوليو 2010). وإذا كانت هذه الآراء والتحليلات لا تمثل
تسريبا مهما لحكومة الولايات المتحدة
والغرب فليقرأوا أيضا نيف غوردن في
جريدة «الغارديان» البريطانية بعنوان:
«التطهير العرقي في النقب الإسرائيلي»،
(مع أنه النقب الفلسطيني لأن كلّ قراه
فلسطينية)؛ حيث يقول الكاتب: «إن إبادة
القرية (الفلسطينية) بكاملها من قبل
الشرطة الإسرائيلية يُري المدى الذي
يمكن أن تذهب إليه الدولة لتحقيق هدفها
وهو تهويد منطقة النقب». ماذا ينتظر
الغرب والولايات المتحدة من أخبار
مسربة كي يعلموا علم اليقين أن صمتهم
وتغاضيهم عن أخطر جريمة تطهير عرقي
وإبادة عنصرية ترتكب في القرن الواحد
والعشرين سوف تمثل خطرا كاسحا ليس
للأمن القومي الأميركي فقط وإنما لأمن
منطقتنا والعالم أجمع. ===================== طارق الحميد الشرق الاوسط 8/2/2010 جملة مواقف لأطراف متناقضة حيال جولة
الملك عبد الله بن عبد العزيز العربية
وزيارته مع الرئيس السوري لبيروت،
تستحق القراءة، أولها الموقف
الأميركي؛ فعشية زيارة العاهل السعودي
لسورية صرح المتحدث باسم الخارجية
الأميركية تصريحا غريبا، ومستفزا، حين
طالب الرئيس السوري بالاستماع بانتباه
لما سيقوله الملك عبد الله حيال
العلاقة السورية - الإيرانية. وفي دمشق
قال لي مسؤول سعودي «معقولة.. ما الذي
تريده واشنطن؟!». أما فرنسا فقد اعتبرت الزيارة المشتركة
للعاهل السعودي والرئيس السوري للبنان
«صمام أمان»، إلا أنها تتخوف من «محدودية»
مفعولها، مع التشديد على أن محكمة
الحريري دولية ولا مساس بها. بينما
يحاول الإيرانيون الالتفاف على التحرك
السعودي، مثلهم مثل حزب الله، حيث يقول
السفير الإيراني في بيروت إن تحسن
العلاقة السعودية - السورية يعني
تقاربا سعوديا مع إيران، وفي هذا
استفزاز للسوريين بالطبع. أما حزب الله
فيقول إنه يرحب بالجهد السعودي لتطويق
محكمة الحريري، وهذا أمر غير صحيح، ولم
يقل به أحد. وعليه؛ فمن الواضح أن الأميركيين يريدون
استفزاز دمشق، وإحراجها، وبالتالي
الحيلولة دون تحقيق انفراجة في
العلاقة العربية - العربية، إلا
بشروطهم، وإلا كيف يفسر تصريح
الخارجية الأميركية، وتوقيت تجديد
العقوبة على سورية. والغريب أن واشنطن
تريد نهج سياسة «اليد الممدودة» تجاه
طهران، رغم كل ما تفعله إيران من
تخريب، ولا تريد من السعودي أن ينفتح
على السوري، والعكس، من أجل سلامة
المنطقة، التي يقف فيها الأميركي
عاجزا، سواء تجاه إيران أو إسرائيل.
فهل المطلوب أن نترك المنطقة تتدحرج
إلى الجحيم؟ والأمر نفسه مع الفرنسي؛ فباريس التي
انفتحت على دمشق يوم كانت أصابع
الاتهام حول اغتيال الحريري تصوب
مباشرة، وبحدة، إلى سورية، تقول اليوم
إنها قلقة من محدودية زيارة الملك عبد
الله والرئيس السوري لبيروت، وتؤكد أن
لا مساس بمحكمة الحريري. فهل يعقل أن
تخشى باريس اليوم على المحكمة التي
يقال إنها تلاحق حزب الله، ولم تخش
عليها يوم انفتحت باريس على دمشق قبل
عامين؟ شيء غريب فعلا! أما تصريحات السفير الإيراني فهي تنم عن
قلق؛ فإيران تصارع اليوم لحماية
المالكي في العراق، خصوصاً أن الطرفين
الأقل تحمساً له عربياً هما الرياض
ودمشق، كما تصارع لحماية حزب الله،
الذي يحاول بدوره التذاكي بتفسير مغزى
الزيارة السعودية - السورية لبيروت.
إلا أن الحزب، وفي غمرة الحالة
المتشنجة التي يعيشها، يتناسى أمراً
مهماً جداً يستحق التفكير، وهو أنه سبق
لدمشق أن أعلنت أنه في حال تم اتهام أي
من مسؤوليها باغتيال الحريري فإنها
ستحاكمه داخلياً بتهمة الخيانة
العظمى، بينما الحزب اليوم يقول إنه لن
يناقش، أو يحقق، أو يتباحث، بل ويهدد
الجميع في لبنان! وما يجب أن نتنبه له أخيراً، هو أنه رغماً
عن قول الإيرانيين وحزب الله إن محكمة
الحريري عمل أميركي - إسرائيلي، فإننا
نجد أن طهران والحزب هما اللذان
يتوافقان مع كل الذين يحاولون التشويش
على الجولة العربية المهمة والمؤثرة
التي قام بها الملك عبد الله من أجل
تحقيق التقارب العربي - العربي، وضمان
استقرار لبنان! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |