ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J أي صهيونية؟ ماذا فعلتم
في فلسطين؟ خليل قانصو 8/4/2010 القدس العربي إن الدراسات الذي ي نجزها، على التوالي،
المفكر الفرنسي اللامع ريجيس دوبريه،
في مجال الكشف عن الجذور والأصول وفي
مجال رصد الوقائع وطرق النقل والسرد،
بقصد الحيلولة دون الانقطاع بين
الأجيال والح قب، تمثل على الأرجح،
مظهرا من مظاهر المقاومة الفكرية ضد
هيمنة الدعاية، واصطناع الحقائق
وترويضها لمصلحة أصحاب النفوذ. ولعل من
فوائد مثل هذه الأعمال، تسليط الضوء
على دور العقائد والمؤسسات والمعارف
والقدرات المادية والتطبيقات
العملية، في حدوث تطورات ومتبدلات
تاريخية. ومن فوائدها أيضا، أن المثقف
الذي يضطلع، ضمن هذا السياق، بمهمة 'النقل'،
لا يكون عادة، وسيطا أو مقررا محايدا،
ولكنه يسمي الأشياء بأسمائها، ويصفها
بما هي. أي ليس بالضرورة كما تبدو. على
قاعدة أن ح ف ظ الرواية، هو دليل على
الأهمية التي يمنحها أي اها الحافظ،
هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية، فان
الاهتمام بالمحفوظ يؤدي، في أغلب
الأحيان، إلى إدخال تعديلات عليه. ومن المعروف انه في مضمار بحثه وتنقيبه عن
العناصر التي أسست، لبعض الروايات
التي يروّجها مفكرون في بلاد الغرب،
جال ريجيس دوبريه في بلاد الشام،
وتحديدا في المناطق التي شهدت، كما
تقول الرواية، ظهور السيد المسيح
ودعوته، ودوّن ما رآه وسمعه وما خ ل فه
ذلك لديه من انطباعات في كتاب قي م، حمل
عنوان (un
candide en Terre Sainte) من
الممكن ترجمته، 'ساذج في الأرض المقدسة'،
وهو كتاب يأتي بعد مداورة غنية قام
بها، على موضوع 'الدين والقداسة'. يكفي
هذا الاستطراد للقول بأن المواقف التي
يعبر عنها دوبريه بخصوص المسألة
الفلسطينية، انما ترتكز على معاينة
ميدانية من جهة وعلى خبرة 'المُحق ق' (m'diologue) من
جهة ثانية، في ترميم الحقيقة، إعتمادا
على تمييز أصل الرواية مما علق بها من
زخرف الكلام ومما طرأ عليها من تحولات.
ويصيب الخبير، من حيث المبدأ، غالبا،
ولكنه يخطئ أحيانا. إذ من البديهي، أنه بات يكترث بهذا
المسألة، ويوليها عناية ملحوظة،
لاسيما أن حقيقة ما يجري في فلسطين، لم
تعد خافية على كل ذي بصر وسمع. فهناك من
يعرف، وهم الك ثرة في دولة المستعمرين
الإسرائيليين. هؤلاء يوافقون على
إخراج الفلسطينيين من منازلهم
وإقصائهم، بالقوة والإرهاب، عن أرضهم
أو حبسهم في المعتقلات أو حصارهم أو
اقفال الطرقات أمامهم. وهناك قلة من الإسرائيليين يحتجون
ويعترضون على سياسة التمييز العنصري
المتبعة في فلسطين. لاشك أنهم، يشدون
عضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة
الغربية، ولكن نشاطهم لا يرقى باسثناء
بعض الأفراد منهم، إلى المستوى
المطلوب لرفض تلك السياسة ومقاومتها
إلى جانب الفلسطينيين المناهضين
للعنصرية والاستعمار، بكافة الوسائل
الممكنة. أما اللافت للنظر، فهو جماعة من المثقفين
الإسرائيليين يعترف أفرادها، خصوصا في
وسائل الإعلام الغربية، إذ ما يحق
للإسرائيليين قوله، في هذه الوسائل،
لا يحق لغيرهم، بأن سياسة الحكومة
الإسرائيلية في الأرض المحتلة سنة 1967،
تعب ر عن قصر النظر وأحيانا عن العمى
الكامل. ولكنهم يغفلون التطرق إلى
وقائع الحياة اليومية بالنسبة إلى
الفلسطيني، ويختارون البقاء في
العموميات، واستخدام الإشارات
المبهمة. فلا ترد على السنتهم، كلمة 'احتلال'
أو 'اغتصاب' أو'تطهير عرقي'. وتراهم
يبذلون قصارى جهدهم، لتبرير، جنون
السلطات الإسرائيلية، بما وقع لليهود
في اوروبا، (على أيدي الأوروبيين)،
وبالخوف من محرقة جديدة نهائية. ومهما
يكن فإن هؤلاء الناس ينتقدون السلطة
عندما يكونون خارجها، ولا يترددون
بقبول المناصب التي تعرض عليهم أيا كان
لون الحكومة وسياستها. ففي دولة
المستعمرين الإسرائيليين، تجد
أحيانا، وزراء ينتمون إلى 'اليسار' في
حكومة 'يمينية متطرفة'، وأحيانا أخرى
وزراء، من جماعات جابوتنسكي وبيغن
وشامير وشارون، في حكومة غالبية
أعضائها ينتمون إلى 'الإشتراكية
الدولية'. وكأن قانون الاستعمار يجيز
أثناء حملات الترهيب والإبعاد ضد
السكان الأصليين، ليس مخادعة الآخرين
وحسب، وانما مخادعة النفس أيضا. وربما يكون هذا هو السبب الذي حمل ريجيس
دوبريه على الكتابة إلى صديقه
الإسرائيلي الذي كان سفيرا في باريس في
عهد شارون، ويدّعي بانه 'صهيوني متعاطف
مع الفلسطينيين'. (َA
un ami isra'lien, Flammarion). وأغلب الظن أن دوبريه يغتنم هذه الفرصة
للتعبير عن رأيه في محاور أساسية من
محاور القضية الفلسطينية، استنادا إلى
اعتقاده بأن مصارحة صديق يهودي
اسرائيلي في مثل هذه الأمور باتت في
هذا الزمان، أسهل وأقل مخاطرة من
تناولها في حضرة مواطن فرنسي. لأن من
الفرنسيين، كما يقول، من هم أكثر حماسة
لإسرائيل من الإسرائيليين أنفسهم.
وردا على هذه الملاحظة، تحديدا، يأتي
جواب الصديق الإسرائيلي كرجع صدى. 'قرأت
رسالتك في الطائرة التي كانت تقلني إلى
الدوحة في قطر... وقبل ذلك طالعت صحف
اليوم لأقف على آخر مفاجآت العملية
التي وقعت في دبي، وكانت نتيجتها تصفية
اختصاصي في تهريب الأسلحة إلى حماس.
أما أنا فإنني أذهب إلى الخليج كل سنة
لحضور اللقاء الدوري لنادي موناكو،
وهو مجمع فكري، يضم أشخاصا مهذبين
يأتون من أوروبا، والبلاد العربية
واسرائيل وفلسطين، ليتباحثوا في موضوع
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حتى الث
مالة'. وكأنه يريد أن يقول لدوبريه 'لا
تكن فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين.
إننا نلتقي جميعا في امارات الخليج'. لا يخفي دوبرية في مطلع رسالته حزنه على
شعب 'أدوارد سعيد ومحمود درويش'، بحسب
قوله، منذ 'أن داخلته ثقافة الموت،
وأطبق عليه نظام شرطة الأخلاق في قطاع
غزة وفساد وقصور سلطة فلسطينية لا سلطة
لها' في الضفة. ولكن يبدو أن خيبته، كان
وقعها كبيرا، لما أظهره 'الأقوياء
والمنتصرون، الذين ينتمون مثله إلى
نفس الجهة'. فلقد تحولوا إلى متطرفين
متشددين وتراجعوا 'إلى ماض يطلون منه
على الحاضر من فوهة مدفع دبابة ميركافا'.
بدءا، يسأل الكاتب صديقه الإسرائيلي،
إلى أي صهيونية ينتمي؟ فيقول ان تكون
صهيونيا متعاطفا مع الفلسطينيين كما
تدعي، يعني انك تقبل حل الدولتين
المتجاورتين. أين الخريطة التي تبين
الحدود؟ ولكن الخطيئة الأصلية اسمها
النكبة: ثمانمئة ألف من السكان
الأصليين، طردوا وهجروا بالقوة، بموجب
الخطة دالت التي اقتضى تنفيذها سنة 1948،
تحت قيادة بن غوريون جرف الكثير من
القرى واعدام عدد كبير من الناس في
الساحات ليرتاع الباقون. بن غوريون لم
يكن إذن، صهيونيا متعاطفا مع
الفلسطينيين. لو كانت دولة اسرائيل مشروعا استعماريا
أقامته الحركة الصهيونية على أرض شعب
تم ترحيله لأمكن التغاضي عن الأمر، من
وجهة نظر دوبريه، بذريعة أن اعتبارات
واقعية سياسية كانت سائدة في اوروبا في
النصف الأول من القرن الماضي، هي التي
فرضتها. ولكنه يرى أن المشكلة هي أن هذه
الدولة الاستعمارية 'لم تتوقف عن
الاستعمار والاغتصاب واقتلاع الناس من
أرضهم'. وهنا يضع أمام صديقه
الإسرائيلي لائحة ثانية: ثمانية عشر
ألف منزل هدمت، منذ سنة 1967، وسبعمئة
وخمسون ألفا من الفلسطينيين ألقي
القبض عليهم وأودعوا السجون، في وقت من الأوقات،
ومازال، في الراهن أحد عشر الفا منهم،
معتقلين. وهناك ستمئة حاجز عسكري في
الضفة الغربية، فضلا عن الإهانات، وفظاظة تصرفات الجنود والمستوطنين، ثم
يذكرصديقه الإسرائيلي بقانون 'العودة'
المعمول به، في يومنا هذا. الذي يعطي
لليهودي الأجنبي، حتى لو نزل في فلسطين
آتيا من كوكب مارس، امكانية معاملة
الفلسطيني وكأنه أجنبي، وأن عليه أن
يستأذنه في الذهاب إلى حقله، وفي جني
غلة زرعه . وفي أوراق دوبريه عن الصهيونية، أيضا، ما
يكشف تواطؤ دول الغرب الاستعمارية
معها. فلقد قبلت هذه الدول بأن يكون من
واجب السكان الأصليين، إذا احتلت
بلادهم، أن 'يحترموا في كل وقت ومكان
أمن المحتلين، من دون أي معاملة بالمثل'.
واصطنعت معاني جديدة، كما يقول، فصار
حصار الناس في قطاع غزة، منة من المحتل
الذي قرر سحب جنوده ومستوطنيه، وبدل
القول ان القطاع أغرق تحت سيل من
القنابل، يقال شنت إسرائيل حربا، ليست
متماثلة، ضد الارهابيين، دفاعا عن
المدنيين. أما اغتيال ناشط فلسطيني،
حتى لو كان داخل عمارة تعج بالساكنين
المدنيين، فلقد قبلنا في الغرب،
بتعبير 'إصابة هدف' كما يقول
الإسرائيليون، وليس 'حكما بالإعدام،
وقتلا'، لا ينقض إلغاء عقوبة الإعدام!
والحائط قبلناه أيضا وقبلنا تسميتكم
له 'حاجز أمني'. وفي ختام الفصل، الذي يتضمن إعادة نظر في
موضوع الصهيونية، بين الحلم والحقيقة،
وبين الإعلان عن النوايا والفعل، يشير
الكاتب إلى الفرق الكبير، بحسب مفهومه
بين دولة لليهود من جهة ودولة يهودية
من جهة ثانية. بمعنى أن هذه الأخيرة،
ستتحول حكما، إلى 'دولة للحاخامات
ولجنرالات الجيش'. فلقد استعمرت فلسطين
بالتوراة والبندقية. وفي مثل هذا
السياق، ليس غريبا أن ي ستبدل اسم
مدينة نابلس باسم سيشيم. وأن تبقى
اسرائيل دولة من دون دستور، تطبق فيها 'الشريعة
التوراتية'، ليصل دوبريه الى خلاصة: 'رحلت
اليوتوبيا حاسرة الرأس، وعادت
الأسطورة وقد اعتمرت القبة'. ولكن هذا كله، لا يمنع صديقه، الذي كان
سفيرا لشارون في باريس، فضلا عن أنه
مؤرخ، من القفز فوق، الوقائع
والبراهين جميعها. ليكرر، اللازمة
نفسها، بأن الصهيونية تعني له، أرضا
يشعر اليهود بأنها أرضهم، ولا يستطيع
أحد نفيهم عنها فيصنعون، كما يشاؤون
مصيرهم المشترك. لماذا كان المستعمرون
أول من استخدم الدين، فادعوا أن فلسطين
هي أرض الميعاد، ثم ينكرون بعد ذلك على
المقهورين حقهم بالرجوع إلى دينهم. كأن
هذا الرجل لم يسمع يوما، باللاجئين
الفلسطينيين، ولم يقرأ حرفا واحدا مما
كتبه، زملاء مؤرخون مثله، وإسرائيليون
أو كانوا اسرائيليين مثله. ورغم ذلك،
فهو يدعي أنه يعترف للآخر، بنفس الحق
الذي يريده لنفسه. متناسيا أن صيادي
السمك في القطاع ليسوا أحرارا! وأن
مصداقية ادعاءاتها تكذبها زمر
المستوطنين في الخليل! والعجب العجاب أن سفير شارون في باريس كتب
في جوابه على رسالة دوبريه أيضا، أنه
يتبرأ، من صهيونية، 'الثيران' التي
تمسك بالسلطة في أسرائيل حاليا، وهي
الصهيونية، التي ذكرها دوبريه، تحت
تسميات كمثل صهيونية بيغين، وليبرمان
وبلير وبوش. وبالتالي فإنه لا يرى جدوى
من النقاش معهم، فهم من عالم وهو من من
عالم آخر كما يزعم. ليت الفلسطينيين
وأشقاءهم العرب، الذين يفاوضون، سرا
وعلانية، تارة بطريقة مباشرة وتارة
أخرى بطريقة غير مباشرة، يقرأون ما
كتبه صديق دوبريه، عن المتطرفين الذي
يقودون دولة المستعمرين، انه يكاد أن
يكون نوعا من التوبة، فيعتبرون ولا
يجرّون الشعب الفلسطيني إلى الوقوع في
مصيدة أعدائه. ================= منظومات القيم
الانسانية بين التوسع والانكماش د. سعيد الشهابي 8/4/2010 القدس العربي في مقابل القول بوجود 'قيم انسانية مطلقة'
أصبح قاموس التعامل الانساني يحتوي
مصطلحات جديدة قديمة من نوع 'نسبية
القيم' او 'ازدواجية المعايير' او 'الكيل
بمكيالين' لتفسير ما يبدو من عدم
انسجام بين ما هو 'قيمة مثالية' وما هو
قيمة خاضعة للمعايير البشرية. ولم يعد
الحديث عن قيم مطلقة موضوعيا، خصوصا في
ظل الممارسات الانسانية، خصوصا على
مستوى ممارسات الدول. وليس صعبا الربط
بين اضطراب الوضع الامني والسياسي
الدوليين وحالة الاحباط التي تغمر
نفوس قطاعات واسعة خصوصا النشطاء في
المجالات الحقوقية والسياسية. وهنا يستلزم طرح تساؤلات من نوع: ما هو
المطلق وما هو النسبي في المنظومة
الانسانية؟ وفي ظل ثقافة ما بعد
الحداثة، وهي الحالة الطبيعية التي
وصلت اليها الطبقات المثقفة في الغرب،
اصبح ثمة تلازم بين تفكير الطبقة
المثقفة التي أسست لمقولة نسبية
القيم، وممارسات الانظمة التي تحكم
دولها. ففي غياب القيم المطلقة التي
تتسم بالثبات وتستحق قدرا من القداسة،
اصبحت الحكومات المعاصرة قادرة على
تبرير سياساتها بطرح مقولات عن 'نسبية'
تلك القيم والتشبث بمنطق 'المصلحة
الوطنية' تارة، و'الخصوصية الثقافية'
تارة اخرى، و'مواجهة التطرف' من جهة
ثالثة. هذا بخلاف المنظومة الاخلاقية
الاسلامية التي تنطلق على اسس ثابتة
تحظى بقداسة لا تمس. وبتأطير القيم
الانسانية بالقيم الالهية الثابتة،
يصبح من الصعب تبرير الانحراف عن تلك
القيم، الا بانتهاج المنطق التبريري
المؤسس على مقولات من نوع 'المصلحة' وهي
قيم خاضعة للذوق البشري يفتقد القداسة
والثبات، وقوة الحجة. ولكن حتى في حال
السعي للتمسك بالقيم المطلقة، يبرز
الخلاف حول ظاهرة 'الأصالة' وظاهرة 'الاجتهاد'،
الامر الذي يوحي بما يشبه التناقض بين
الالتزام ب 'النص'
الذي يعتبر حالة مطلقة للقيم
والاحكام، و'الرأي'. هذا مع اصرار
المتكلمين على عدم امكان حدوث التناقض
بين 'الايمان' و'العقل'. هذه المقولة
صحيحة في مرحلة التأسيس العقيدي،
ولكنها لا تصمد عندما يتجه الاهتمام
لتأسيس نظام حياتي يتعاطى مع الناس
وهمومهم وحقوقهم وواجباتهم. وبعيدا عن السجالات العقيدية، ثمة سجال
سياسي يتعمق خصوصا مع نمو ظاهرة الوعي
الحقوقي في العالم، والسعي لتفكيك
جانبي 'الحقوق' و'الواجبات' المرتبطين
بالانسان. ويبدو ان من تداعيات ظواهر 'التطرف'
و'العنف' و'الحرب ضد الارهاب' من جانب،
واطروحات 'المجتمع المدني' و'منظومة
حقوق الانسان' والتشبث بنظام 'الديمقراطية
الليبرالية' التي تمثل لدى البعض ذروة
ما توصل الانسان اليه خلال بحثه الطويل
عن النظام السياسي الامثل من جانب آخر،
الضغط من اجل اعادة النظر في ما كان
يعتبر من ثوابت الحضارة الغربية
الحديثة خصوصا في السنوات الاخيرة.
وهنا تبرز المفارقة بين ما هو 'منظومة
قيمية ثابتة' لدى الغرب وما هو 'اجراءات
من اجل تحقيق المصلحة العامة' واضحة
وجلية حتى اصبحت واحدا من اكبر
التحديات التي تواجه النظام السياسي
المؤسس على 'الديمقراطية الليبرالية'.
فبالاضافة للاصطراع السياسي المنطلق
تارة بسبب تنامي ظاهرة التطرف
والارهاب، ام نتيجة ما يبدو من صعود
بديل فكري وحضاري منافس، ام بدعوى منع
انتشار اسلحة الدمار الشامل، اصبح
الغرب اليوم متهما بعدم وفائه لقيمه
الخاصة التي سعى لترويجها وخاض الحروب
احيانا بدعوى نشرها. الاتهامات التي
تطرح ضد الغرب وسياساته خطيرة، ومن
شأنها، فيما لو توفرت وسائل اعلام
فاعلة، ان تمثل تحديا حقيقيا ليس
للنفوذ السياسي الغربي فحسب، بل
للمنظومة الفكرية والاخلاقية التي
تقوم الحضارة الغربية الحديثة على
اسسها. ومن القيم التي تخضع للتفسيرات
المصلحية او 'الميكافيللية' مقولة 'حرية
التعبير' و'الحرية الشخصية' و'حق الشعوب
في تقرير المصير' و'الحق في التحرر من
العبودية والاستغلال' و'الحق في
التطوير والتنمية' و'ان المتهم بريء
حتى تثبت ادانته'. وعلى جميع هذه
الصعدان هناك من الوقائع ما يدفع
للتشكيك في مدى وفاء الغربيين لمنظومة
القيم التي يعتبرونها مائزا خاصا بهم،
قادرا على تبرير الفجوة المتوسعة
بينهم وبين الآخرين. وبرغم سعيهم
المتواصل للتمييز ضد عالم المسلمين
الذي يعتبرونه متخلفا من الناحية
التكنولوجية وعلى مستوى الاطروحات
القيمية والانتماء الفكري والعقيدي،
فان محاولاتهم التقرب من الدول
الناهضة كالصين والهند ليست مضمونة
النتائج، بسبب حالة الاستعلاء التي
تميز حضارة الغرب. ولتوضيح الفكرة يمكن طرح ما يلي: في
الشهور الاخيرة، تعرضت حرية التعبير
في الغرب لامتحانات حقيقية، كشفت
للآخرين عدم استعداد الدول الغربية في
الوقت الحاضر للالتزام بمقتضيات تلك
الحرية. فبالاضافة لفرض حصار على العقل
الغربي ومنعه من مناقشة تاريخه
المعاصر خشية تعرية الدعاوى الصهيونية
في ما يتعلق بمعاناتهم في اوروبا خلال
القرن الماضي، تعرضت حرية التعبير
لحصار غير مسبوق منذ ايام محاكم
التفتيش في القرن الثالث عشر. وجاء
اقالة هيلين توماس، عميدة الصحافيين
الامريكيين، بسبب تعبيرها عن وجهة نظر
سياسية ازاء 'اسرائيل' ليعصف بتلك
الحرية وليضع مقولة 'التسامح' امام
المحك. وقد أثارت النهاية التي فرضت
على الصحافية المرموقة جدالا حادا ليس
في الاوساط الثقافية والاعلامية
الغربية التي اصبحت طيعة ومسايرة لما
يطرحه السياسيون في بقية انحاء
العالم، خصوصا في الاوساط العربية
والاسلامية. فكيف يمكن معاقبة اعلامية
لديها من الخبرة ما يربو على الستين
عاما بهذه الطريقة القاسية لانها
مارست حقا طبيعيا في التعبير عن الرأي
وطالبت اليهود ب 'لخروج
من فلسطين والعودة من حيث أتوا'؟ ثم
جاءت قضية الصحافية، أوكتافيا نصر،
التي تعمل مع قناة ال سي
ان ان الأمريكية، عندما اطلقت كلمات
فسرها رؤساؤها بانها تأييد للمرحوم
آية الله السيد محمد حسين فضل الله. ثم
جاءت قضية السفيرة البريطانية في
بيروت، فرانسيس غاي، التي تعرضت لشيء
من اللوم والتعنيف على ايدي مسؤوليها
بوزارة الخارجية البريطانية. وكانت
السفيرة هي الاخرى قد اطلقت بضع كلمات
عبر مدونتها، عبرت بها عن اعجابها
بشخصية المرجع الراحل بقدر من
الانسانية والانصاف من خلال تجربتها
الشخصية. أليست الاجراءات بحق هؤلاء
حصارا لحرية التعبير؟ وتمثل 'الحرية الشخصية' واحدة من المقولات
التي قامت عليها حضارة الغرب
الليبرالية. فالحرية الشخصية مكفولة،
ولا يجوز التعدي عليها او النيل منها.
وكان الفرنسيون من أول الغربيين الذين
تصدوا لهذه الظاهرة واعتبروا ثورتهم
قبل اكثر من مائتي عام تأسيسا لمبدأ
الحرية الشخصية. فكيف يسمح الفرنسيون
لانفسهم قمع تلك الحرية عندما تتصل
بالمسلمين؟ أليست المرأة الغربية حرة
في اتخاذ قرار ما تلبس وما لا تلبس؟
لماذا يمنع الحجاب في المدارس
والجامعات؟ ولم تنحصر تلك القرارات
المجحفة التي تعتبر انتهاكا لمبدأ
الحرية الشخصية، بفرنسا، بل تبعتها
هولندا وبلجيكا والمانيا. انه تجسيد
للصراع بين 'القيم' التي اصبحت نسبية
وليست مطلقة، و'الآخر' خصوصا الاسلام
الذي ينظر اليه البعض انه ثقافة اجنبية
من شأنها ان تزحف باتجاه الغرب وتهدد
هويته الثقافية والدينية، مع ان الامر
ليس كذلك. ومن خلال التظاهرات الكثيرة
التي خرجت في شوارع العواصم الغربية في
الاعوام الاخيرة يتضح عمق خشية
المسلمين من الوقوع ضحايا للتعصب
والانغلاق والتنكر للثوابت الفكرية
والاخلاقية، وبالتحديد لمقولة 'الحرية
الشخصية'. بعض الاعلاميين والحقوقيين،
وهم قليلون، واجه حملة التصدي للحجاب
والنقاب الاسلاميين ودعا الى ضرورة
احترام قيم 'الحرية الشخصية'، ولكن
بدون جدوى. ويتعرض 'حق تقرير المصير' هو
الآخر للحصار، ومن مصاديق ذلك منع
الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وفشل
الغربيين في اجبار الاسرئيليين على
الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة
عن مجلس الامن الدولي، ومن بينها
القرارات التي تعتبر الوجود
الاسرائيلي في الاراضي التي احتلت في
1967 'احتلالا' وتقر النضال بهدف تحرير
الارض الواقعة تحت الاحتلال. ويدعم
الغربيون من جهة اخرى انظمة القمع
والاستبداد في العالمين العربي
والاسلامي، ضد دعوات الانفتاح والتحرر
من العبودية، ويتنكرون لحق تلك الشعوب
في تقرير مصيرها واختيار النظام
السياسي الذي يناسبها. وبهذا الموقف
يتنكر الغربيون لقيم الديمقراطية
الليبرالية التي ارتضوها واعلنوها من
معالم حضارتهم. ولذلك استطاعت انظمة
الاستبداد والقمع الاستمرار في
الهيمنة على البلدان العربية بدون
خشية من ردع خارجي او عقوبات من اية جهة
دولية معنية. وهناك مصاديق اخرى للتنكر للقيم خصوصا في
مجال حقوق الانسان. ومن ذلك ممارسة
التعذيب بحق المعتقلين الذين اختطفتهم
الولايات المتحدة من بلدان عديدة. وما
يزال البيت الابيض عاجزا او مترددا عن
مطالبة عناصر الامن والاستخبارات
بالتوقف عن ممارسة التعذيب برغم الصور
البشعة لذلك التعذيب خصوصا ما يسمى 'الإيهام
بالغرق' والحرمان من النوم وغير ذلك من
الممارسات. وربما الاخطر من ذلك تسيسس
قضية حقوق الانسان باستعمالها سلاحا
ضد الدول غير الصديقة للغرب، وغض الطرف
عن الممارسات المشينة في المجالات
الحقوقية. فتارة تطرح الحقوق انها قيم
كونية متفق عليها بين دول العالم،
ومحمية بمعاهدات واتفاقات دولية،
وتارة تطرح كقيم نسبية وليست مطلقة.
هذا المجال الواسع في النظر للقضايا
الحيوية يتيح للدول الغربية المجال
للمراوغة ازاءها، وعدم اعتبارها جانبا
في التفاوض مع الدول الاخرى الا ضمن
اطر محدودة. ولذلك تواصلت الانتهاكات،
واستطاعت الانظمة القمعية الافلات من
العقوبة الدولية، ولم يجرم مرتكبو
جرائم التعدي على حقوق الانسان الا
نادرا. ولذلك بقيت الحريات العامة
مقموعة، والاهتمام بها محدودا، ولم
تتحول الى هم دولي تؤسس سياسات الدول
عليه. والامر نفسه ينطبق على مقولة 'حق
الشعوب في تقرير مصيرها'. ففيما تم دعم
شعوب اوروبا الشرقية للتخلص من
الانظمة الشيوعية، تواصل الدعم الغربي
للانظمة التسلطية برغم نضال شعوبها
لتقرير مصيرها. وهنا تبرز قضية فلسطين
في واجهة القضايا التي لم يتم التعامل
معها ضمن مقولة 'حق تقرير المصير'، بل
يتواصل الاضطهاد الصهيوني بدعم غربي
لذلك الشعب، برغم وجود العديد من
القرارات الدولية الصادرة عن مجلس
الامن الدولي ضد القمع الصهيوني. وليس
سرا القول ان كلا من الولايات المتحدة
وبريطانيا دعمتا نظام الفصل العنصري
في جنوب افريقيا عقودا، لانه كان نظاما
يمثل البيض ويقمع السود بالقانون
المدعوم بالموقف السياسي والامني من 'الدول
البيضاء' في الغرب. ولذلك تبدو مقولة 'حق
تقرير المصير' نسبية وليست مطلقة.
وينطبق الامر كذلك على الشعوب الباحثة
عن الحرية بعيدا عن الوصاية الفئوية او
الحزبية او القبلية. ولكن الغرب وضع في
موازاة ذلك مقولات اخرى لتبرير
سياساته. من بين هذه المقولات: الحفظ
على التوازن، وضمان المصالح، ودعم
الامن والاستقرار، وهي مقولات تستخدم
لتبرير التقاعس عن دعم القيم الاساسية.
العالم بين نسبية القيم واطلاقها، يواجه
ازمة ذات أبعاد اخلاقية، اصبحت تتحدى
النظام السياسي الدولي الذي يتم فرضه
بالقوة، ليس ضمن منظومة قيم ثابتة
ومطلقة، بل مطاطة ونسبية ومزاجية
ومسيسة. والسؤال هنا: هل يمكن اقامة
نظام سياسي دولي بمنطلقات قيمية
مشوشة، تؤطرها ثقافة الانسان المتحرر
من المرجعية الفكرية والاخلاقية
الثابتة؟ فما صلابة نظام كهذا؟ هل هناك
حرية اختيار حقيقية للبشر في عالم
يهيمن عليه اصحاب القوة المادية
المفرطة؟ في القرون الماضية كان
التحكم في الآخرين والسيطرة عليهم يتم
بالقوة المادية وحدها، تحت غطاء
التفوق الاخلاقي والقيمي. ولكن في عالم
اليوم، تغطى السيطرة المادية بدعاوى
التمايز الثقافي والاخلاقي، وان لم
يكن هناك ما يدعم تلك الدعاوى. برغم ذلك
فقد اتضح بالدليل القاطع ان القوى
الغربية المتفوقة ماديا يتجسد فيها
الخواء الاخلاقي بمستويات مرعبة. '' كاتب وصحافي بحريني يقيم في
لندن ================= الفلوجة... أوضاع أسوأ من
هيروشيما؟ باتريك كوكبيرن - «كاونتر بانش» الدستور
8/4/2010 إن الزيادات المأساوية في معدل الوفيات
بين الأطفال الرضع ، وحالات السرطان
وسرطان الدم في مدينة الفلوجة
العراقية ، التي قصفها رجال المارينز
الأميركيين في عام 2004 ، تجاوزت تلك
الحالات التي تحدث عنها الناجون من
القنابل الذرية التي ألقيت على
هيروشيما وناغازاكي في عام 1945 ، وفقا
لما جاء في دراسة جديدة. وقد اشتكى الأطباء العراقيون في الفلوجة
منذ عام 2005 من الأعداد الهائلة من
الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية ،
تتراوح هذه الحالات من طفلة ولدت
برأسين إلى شلل في الأطراف السفلية.
وقالوا أنهم يعاينون أيضا حالات سرطان
أكثر بكثير مما كانو يعاينونه قبل
معركة الفلوجة ، التي وقعت بين جنود
الولايات المتحدة والمتمردين. هذه الشكاوى يدعمها المسح الذي أظهر أن
هناك زيادة تصل إلى أربعة أضعاف لكافة
أنواع السرطانات ، وزيادة مقدارها
إثني عشر ضعفا لسرطانات الأطفال تحت سن
الرابعة عشرة. وأن معدل الوفيات بين
الرضع في المدينة هو أكثر بأربع مرات
من المعدل الموجود في الأردن ، الدولة
المجاورة ، وأكثر بثماني مرات من
الكويت. الدكتور كريس بوسباي ، وهو أستاذ زائر من
جامعة أولستر وأحد العاملين على المسح
الذي أجري على 4800 شخص في الفلوجة ، قال
إنه من الصعب إثبات السبب الرئيس
للسرطانات والعيوب الخلقية عند
الولادة. وأضاف أنه "ليحدث تأثير مثل
هذا ، يجب أن يكون السكان تعرضوا لكمْ
كبير جدا من أشعة عملت على إحداث طفرة
بيولوجية في العام 2004 عندما وقعت
الهجمات". أولا ، حاصر رجال المارينز الأميركيين
الفلوجة ثم قصفوها ، الفلوجة مدينة تقع
على بعد 30 ميلا غرب بغداد ، في شهر
نيسان عام 2004 ، بعد مقتل أربعة موظفين
أميركيين من شركة الأمن الأميركية
بلاك ووتر وحرق جثثهم. وبعد ثماني شهور
من التأجيل ، قصف رجال المارينز
المدينة في شهر تشرين الثاني مستخدمين
سلاح المدفعية والقصف الجوي ضد مواقع
المتمردين. اعترفت قوات الولايات
المتحدة بعد ذلك أنها استخدمت الفسفور
الأبيض بالإضافة إلى أنواع أخرى من
الذخيرة. في الهجوم ، تعامل ضباط الولايات المتحدة
، وإلى حد كبير ، مع الفلوجة على أنها
منطقة يسمح لهم فيها باستخدام أي نوع
من الأسلحة دون قيود في محاولة منهم
لتقليل عدد الإصابات في صفوف جنودهم.
وقد روّع المسؤولون البريطانيون من
مدى عدم الاهتمام بالإصابات المدنية.
العميد نيجل أيلوين فوستر ، وهو قائد
بريطاني خدم مع القوات الأميركية في
بغداد ، يتذكر ما حدث قائلا "خلال
العمليات التحضيرية لعملية تطهير
الفلوجة في شهر تشرين الثاني عام 2004 ،
وفي ليلة واحدة أطلق أكثر من 40 قذيفة
مدفعية من عيار 155 مليلتر على قطاع صغير
من المدينة". وأضاف أن القائد العسكري الذي أمر بهذا
الاستخدام المدمر لإطلاق النار لم
يعتبر ما حدث أمرا مهما بما يكفي
ليذكرها في تقريره اليومي الذي يقدمه
للجنرال الأميركي المسؤول. يقول
الدكتور بوسباي أنه في الوقت الذي لم
يتمكن فيه من تحديد نوع الأسلحة التي
استخدمتها قوات المارينز ، فإن حجم
الضرر الجيني الذي يعانى منه السكان
يشير إلى استخدام اليورانيوم بشكل ما.
وقال: "اعتقد أنهم استخدموا سلاحا
جديدا ضد المباني لخرق الجدران وقتل
هؤلاء الذين بداخلها". كان المسح قد أجراه فريق من 11 باحثا في
شهري كانون الثاني وشباط هذا العام.
زار الفريق 711 منزلا في الفلوجة ، ربات
البيوت ، اللواتي طلب منهن تعبأة
الاستبيان قمن بإعطاء تفاصيل عن حالات
السرطان وحصيلة الولادات ومعدل
الوفيات الرضع. حتى هذه اللحظة فإن
الحكومة العراقية غير راغبة في الرد
على شكاوى المواطنيين المتعلقة بالضرر
الذي لحق بصحتهم خلال العمليات
العسكرية. في البداية نظر السكان المحليون نحو
الباحثين بشيء من الشك ، وبشكل خاص بعد
أن بثت محطة التلفزيون العراقي تقريرا
يقول إن المسح تجريه مجموعة من
الإرهابيين ، وأي شخص يتعامل معهم أو
يجيب عن الأسئلة يمكن أن يعرض نفسه
للاعتقال. وبعد ذلك ، قام المنظمون
للمسح بوضع ترتيبات بحيث يكون بصحبتهم
شخص له مكانته في المجتمع لتهدئة
الشكوك. أجرى الدراسة ، والتي تحمل عنوان "معدل
وفيات الرضع ونسبة مواليد الذكور
للإناث في الفلوجة ، العراق بين عامي
2005 - "9002 ، كل من الدكتور بوسباي ،
وملاك حمدان وانتصار أريابي ، وخلصت
الدراسة إلى أن رواية الأشخاص عن
الزيادة الكبيرة في حالات السرطان
والعيوب الخلقية عند الولادة هي
روايات صحيحة. وجدت أن معدل وفيات
الرضع هو 80 لكل ألف طفل مقارنة ب 19 في
مصر ، 17و في الأردن و 9,7 في الكويت.
ويقول التقرير أن أنواع السرطان "مشابهة
للأنواع التي أصيب بها الناجون من
كارثة هيروشيما ممن تعرضوا للأشعة
الأيونية التي أنبعثت من القنبلة
واليورانيوم الناتج عن الإنفجار". ووجد الباحثون أن سرطان الدم تضاعف 38 مرة
، وأن سرطان الثدي لدى النساء تضاعف
عشر مرات ، بالإضافة إلى زيادة كبيرة
في سرطان الغدة اللمفاوية وأورام
الدماغ لدى البالغين. الناجون من كارثة
هيروشيما ظهرت لديهم زيادة 17 مرة في
سرطان الدم ، لكن في الفلوجة ، يقول
الدكتور بوسباي ، ما يدهش ليس فقط
الانتشار الكبير للسرطان إنما السرعة
التي يصيب بها الناس. ما يسترعي الانتباه بصورة خاصة في هذه
الدراسة هي اكتشاف أن نسبة الذكور
للإناث بين المواليد الأولاد والبنات
قد تغير. فبين السكان الطبيعيين تكون
النسبة ولادة 1050 صبي مقابل كل 1000 بنت ،
لكن بالنسبة للمواليد منذ عام 2005 فقد
كان الإجهاض بجنين ذكر يشكل 18 بالمئة ،
لذا كان معدل المواليد الذكور للإناث
850 ذكرا مقابل كل ألف مولودة من الإناث.
ومعدل نسبة الذكور للإناث هذا مؤشر على
ضرر جيني يصيب الذكور أكثر من البنات.
وكان قد اكتشف تغيير مشابه في معدل
نسبة الذكور للإناث بعد كارثة
هيروشيما. خفضت الولايات المتحدة من استخدامها لقوة
النيران في العراق منذ عام 2007 بسبب
الغضب التي تثيره بين المدنيين. لكن في
الوقت ذاته هناك انحدار في الرعاية
الصحية وشروط النظافة في العراق منذ
عام ,2003 تأثير الحرب على المدنيين في
الفلوجة كان أشد من أي مكان آخر في
العراق لأن المدينة ظلت محاصرة
ومعزولة عن بقية أنحاء البلد لفترة
طويلة بعد عام ,2004 كانت عملية إصلاح
الأضرار التي وقعت جراء الحرب بطيئة
جدا وكان مواطنو المدينة يخشون الذهاب
إلى المستشفيات في بغداد بسبب نقاط
التفتيش العسكرية على الطريق المؤدية
إلى العاصمة. ================= د. جلال فاخوري النهار 8/4/2010 يقول جان جاك روسو» إذا كان الأفراد
يخضعون في علاقاتهم للقوانين وللبشر
فإن المجتمعات تحتفظ في علاقاتها
باستقلال البلاد» أما الفيلسوف «كانت»
فيقول «أن حالة السلم بين الأفراد ليست
هي حالة الطبيعة التي هي أقرب إلى حالة
الحرب التي إن لم تكن معلنة دوماً فهي
منذرة ومتوعدة دائماً» أما هيجل فيرى «أن
الهدف الأساسي بين الأفراد هو السيادة
وتكمن حقيقة العلاقات الخاصة بين
الأفراد في إرادة كل منهم الذاتية.
وهنا يبدأ السؤال هل علاقة اللبنانيين
فيما بينهم هي السيادة؟ هل سيادة لبنان
هي الرابط الذي يجمع اللبنانيين؟ إذا
كان الأمر كذلك فلم التناحر الذي قد
يؤدي إلى حرب أهلية وفتنة طائفية تسعى
لها إسرائيل بدل الحرب العقلية؟ وإذا
لم تكن سيادة لبنان هي الهدف عند
الجميع والكل
يدّعي هذا أفلا
تكون التهديدات الإسرائيلية بشن حرب
في الخريف على لبنان هو الذي يجمعهم
حول السيادة؟ وقبل المبادأة إلى
الإجابة حول السيادة فالجميع يرى أن
سيادة لبنان هي هدف ينبغي الدفاع عنه
بكل الوسائل وأول المدافعين
والمقاومين عن سيادة لبنان هي
المقاومة اللبنانية، وإذا كانت
المقاومة في العقل الوطني اللبناني
أمراً يصعب التخلّي عنه فلماذا تصرّ
بعض الأطراف على أن القرار الضمني
للمحكمة الدولية حول اتهام حزب الله
بقتل الحريري وهم يعلمون أن هذا
الاتهام سيفضي إلى فتنة شيعية سنيّة قد
تقضي على استقلال لبنان هذا من جهة
أمّا من جهة أخرى فإن تهديدات إسرائيل
بشن حرب ساخنة على لبنان في خريف هذا
العام قد لا تتبلور إلى حرب فعلية لذلك
فقد تلجأ إسرائيل إلى إحداث فتنة بين
اللبنانيين أنفسهم وهذا من وجهة نظر
إسرائيل بديلاً عن الحرب الساخنة
اعتقاداً من إسرائيل أن الحرب
الطائفية اللبنانية قد تؤدي إلى
القضاء على حزب الله طالما أن الهدف من
إحداث الفتنة أو الحرب الساخنة هي
القضاء على حزب الله مذكّراً بما قاله
باراك وزير دفاع إسرائيل أنه إذا قصف
حزب الله تل أبيب فإن إسرائيل سوف تقصف
كل المؤسسات اللبنانية والشركات
والبنوك. ولعلّني أذكر مرة أخرى أن رئيس وزراء
لبنان سعد الحريري قال أكثر من مرة أن
المقاومة اللبنانية جزء من لبنان
وقوته وأمنه ولن يسمح بالقضاء على
المقاومة. إذن ما الذي يجري على الساحة
اللبنانية من تخوّف وتحسّب إما من
الفتنة نتيجة استغلال إسرائيل للقرار
الظني الذي قد يصدر عن المحكمة الدولية
حول اتهام أعضاء من حزب الله لإثارة
الفتنة السنيّة الشيعية ضد حزب الله.صحيح
أن الجميع حريصون على كشف حقيقة اغتيال
الحريري لكن أن يُصار إلى إحداث فتنة
أو حرب أهلية فهذا محرّم على
اللبنانيين. فهل يدرك اللبنانيون هذا
التحريم؟و هل يدرك اللبنانيون أن
اللعبة الإسرائيلية في استغلال القرار
الفني حول حزب الله هو خطورة يجب أن يعي
أبعادها كل مسؤول أو غير مسؤول لبناني. لقد خاض لبنان حرباً مدة خمس عشرة سنة
نتيجة الفتنة وجرى احتلال لبنان في سنة
1982 وتعرّض لبنان لعدة جرائم إسرائيلية
أهمها صبرا وشاتيلا ومذبحة قانا وحرب
سنة 2006. وللآن لم يع اللبنانيون اللعب
الإسرائيلي، والحقيقة بعد فشل المشروع
الأمريكي في المنطقة راحت إسرائيل
تبحث عن ذرائع لاسترداد هيبتها التي
فقدتها في سنة 2006 في لبنان ويبدو
لإسرائيل أن أفضل فرصة ومجال لاسترداد
هذه الهيبة وبعد فشل المشروع الأمريكي
هو إمّا الحرب الساخنة غير مضمونة
النتائج لإسرائيل وإمّا إحداث فتنة
بقتل اللبنانيين بعضهم لعل إسرائيل
تخرج بنتيجة إيجابية وهي تصفية حزب
الله لتعيد للمشروع الأميركي مكانته.
وتبدو النتائج تستبق الأحداث وهي أن أي
مغامرة إسرائيلية في لبنان سواء كان
بإحداث فتنة أو بشن حرب ساخنة لن تعيد
التاريخ إلى الوراء وقد تصطدم بوقفة
لبنانية صارمة ضدّها أما أن يستجيب
اللبنانيون لما تريده إسرائيل فمحرّم
على اللبنانيين. ================= مأزق المواطنة والهويات
الإنغلاقية المستقبل - الاربعاء 4 آب 2010 العدد 3731 - رأي و فكر - صفحة 19 ماجد الشيخ في ظل استلاب المواطنة واغتصاب حقوقها
ومصادرتها، لم تؤدّ الهويات
الانغلاقية على اختلاف تجلياتها
الأيديولوجية، إلاّ إلى إضافة عوامل
أخرى إلى أسباب انسداد كل أفق ممكن،
أمام أي مشروع يتوسل أي مستوى من تحقق
شروط المواطنة، فضلا عن أي مستوى من
مستويات تحقق تلك الهويات، لا سيما وهي
تتمظهر لفظيا على مستوى الخطاب، أو
تتخندق في سلوك سياسوي طائفيا ومذهبيا
أو إثنيا، أو أي شكل آخر من أشكال
التقسيمات والتقاسمات التي فعلت فعلها
في مجتمعات أنظمة، أو دول على اختلاف
أنظمتها السياسية. وفي أجواء الفرز والاصطفافات الحادة
وانحيازاتها وانزياحاتها
اللاعقلانية، وسيادة روح التقاسم
التفتيتي، وهيمنة مجموعة من سلطات
الأمر الواقع على الفضاء العام،
أمسينا أكثر احتياجا لسيادة مفاهيم
المواطنة وقيمها، كونها رأس رمح
وطليعة البحث عن حقوق مهضومة ومصادرة،
ومحاربة كرجس دنيوي يقابل "أيقونات
مقدسة" تنبع من لدن سلطة أو سلطات
الهيمنة السياسية والاجتماعية
والمجتمعية والاقتصادية، والدينية من
بينها وفي مقدمتها طبعا. وفي هذا
النطاق تتحدد، وقد تحددت منذ زمن في
العديد من بلدان مشرقنا وحتى مغربنا
العربي والعالم الثالث عموما، واجبات
الخضوع لموجبات السلطة، دون أن تقترن
هذه العملية بمحددات الحقوق التي
ينبغي أن تشمل ب "خيرها
العميم" كل فئات الشعب أو الأمة، بغض
النظر عن أعداد هذا المكون أو ذاك،
وعلى اختلاف تلك المكونات، قليلها
والكثير، كون الجميع تجمعهما أو يفترض
ثقافة حقوق مواطنية واحدة، لها قيمها
الواضحة والناصعة، كما أن عليها وفي
سياق بنائها لهويتها الوطنية الجامعة،
مهمة فتح آفاق واسعة لعملية بناء مجتمع
مدني ديمقراطي، يؤسس أو يتأسس على
قاعدة فضاء عام، خال من شوائب وموبقات
التمذهب الطوائفي أو القوموي
السياسوي، كما الدينوي. إن شرط بناء وتحقق مفاهيم المواطنة
والمساواة وحيازة الحقوق الأساسية؛
السياسية والاجتماعية والإنسانية، لا
يعني ولن يعني إلغاء الهويات الفرعية
المستقلة، أو مصادرتها واستبعادها
لصالح هوية كلية/شمولية أيديولوجية
الطابع، حيث يتأكد تهميش كل الفئات
واستبعاد حقوقها القانونية الأساسية
والإنسانية. وهذا هو واقع حال العديد
من الفئات بغض النظر عن أعدادها التي
ما برحت تعيش واقع تهميشها وكأنه قدر
لا يرد، فيما الأنظمة التسلطية
الحاكمة/الشمولية ما تني تحدد طبيعة
اندماج هذه الفئات، كون هذا التحديد،
شرطا أوليا للتخلي عن الهوية
المستقلة، كالأكراد مثلا في عدد من
بلدان المنطقة المشرقية وتركيا،
والأمازيغ في بلدان المغرب العربي،
وفي إيران ليس الوضع أحسن حالا إن لم
يكن أسوأ. وإذ يلاحظ سمير أمين "أن المساواة
القانونية لم تكن سمة من سمات الأنظمة
التقليدية العربية أو الشرقية"، فإن
مصطلحات مثل الانغلاق أو الانسداد
واستعصاء الوصول إلى حلول حداثية أو
نهضوية ناجعة، ليست إلاّ توصيفا دقيقا
لحالنا الراهن، حيث أن الانتقاص من
حقوق المواطنة، والتعاطي معها بطريقة
جزئية أو تجزيئية، إنما هي وبشهادة
العديد من الشواهد التاريخية،
والواقعية القديمة والراهنة،
الامتداد الموروث من ماض لم يستطع، أو
لم تستطع ثقافته، تجاوز عناصر التخلف
والتفكيك والانقسام، وتجاوز مفاهيم
الأكثرية والأقلية، حيث اندحرت كل
مشاريع النهوض والتنوير، وتركت مفاهيم
المواطنة وقيمها نهبا لمصادرات قوى
الانغلاق السلطوية؛ الدينية منها
والقوموية على حد سواء. إذن.. فالمصادرة المشهودة لحقوق الإنسان
في هذا الزمن، وفي بلادنا وما يجاورها
من بلدان تتماثل تاريخيا في درجة "تطورها"
وفي درجات تخلفها وانحطاط سياساتها
القانونية والحقوقية والدستورية، لم
تعد قاصرة أو تقتصر على فئات محرومة،
حقوقها مهضومة، بل هي ظاهرة عامة، نشأت
في ظلها ما تسمى مشكلة الأقليات، وفي
الذهن التعصبي الشوفيني لمطلقي حملات
الترويج الاستعدائي والاستعلائي ضد
هذه المشكلة، أن الأغلبية الحاكمة
فعلا، والمهيمنة سلطويا وتسلطيا هي
"الأحق" في تعيين ماهية الهوية
وطبيعة الانتماء، وبلورة الحقوق
وتوزيعها كقسمة ضيزى ضد فسيفساء
الهويات الفرعية المستقلة، واعتبارها
"ملكية خاصة" وتابعا من توابع
لحظة تاريخية "انتهت" بمغنم
انتصاري لأغلبية موهومة، كانت تعاظم
من أوهامها كلما احتدم صراع سياسي لا
تحسمه أوهام العظمة، قدر ما يمكن أن
تقدم له أهداف بناء مجتمع مدني
ديمقراطي تعددي، آفاقا هامة للخروج من
انسدادات الانغلاق والهويات
الانغلاقية، وتأكيد كل سلطة على
أيديولوجيتها وفق سرديات أساطيرها
الخاصة. ولئن لم تكن للمواطنة ومفاهيمها وقيمها
أن تتحقق، دون الإقرار بمبادئ العقد
الاجتماعي وسيادة روح القانون، وإشاعة
ثقافة الحقوق، كذلك فإن الافتقار إلى
القواعد الأساس للمواطنة، كونها دليل
عمل وطني ودستوري وقانوني لا غنى عنه،
لا يمكن أن يتأسس خارج أطر مجتمع مدني
ديمقراطي علماني ذات إرث مؤسساتي. وهذا
غير متوافر في ظل أنظمة تسلطية/شمولية،
تطرد في ظل هيمنتها أي شكل من أشكال
ثقافة المواطنة وتأكيد الحقوق. وما
يجري اليوم عمليا ومنذ أن رست هذه
الأنظمة غير الدستورية واستوت على
عروش سلطاتها المتشابهة، رغم اختلاف
أنظمتها السياسية (ملكية، جمهورية،
بين بين، أنظمة توريثية، أنظمة
استبدادية، أبدية، ديكتاتورية.. إلخ)
أنها وبتشجيع منها وحفاظا على استمرار
سلطاتها الهيمنية على الدولة وعلى
المجتمع، استبدلت علاقات المواطنة
بعلاقات ولاء ما قبل دولتية؛ منفعية
ومصلحية، حتى أن بعضها يذهب في اعتماده
الأمني أو المخابراتي على انتقائه
الأقلوي من لدن بعض أفراد أقلية هنا أو
هناك، كحارس أمني أمين على نظامه
وأجهزته القمعية! هكذا.. نحن والحالة هذه؛ لسنا أمام مأزق
مواطنة لأقليات عددية محدودة، إنما
نحن في مواجهة مأزق مواطنة عامة
وشاملة، تشمل كل مكونات مجتمعات
أنظمتنا السلطوية، حيث تحول المجتمع
الواحد إلى مجموعة مجتمعات انشطارية
متعادية، كل يغرد في سربه الخاص، ويرهن
ذاته لهوية مفترضة، موهومة، أكثر
انغلاقا كلما شاعت ثقافة الولاءات ما
قبل الدولتية، وتفشت في نسيج مجتمع
دولة يفترض أن القائمين عليها وعليه،
أكثر انسجاما وفقا لمبادئ دستورية
وقانونية وحقوقية مفتقدة، ذلك أن مأزق
الوعي الهوياتي أو المواطني هو الداء،
قبل الحديث عن أي شيء آخر له علاقة
بالنصوص. فما يجري ويعتمل في النفوس من
عوامل الفرقة والاستعلاء والاستعداء،
هو ما ينبغي معالجته، وذلك كدفعة أولى
من حساب تسييد المجتمع المدني
الديمقراطي العلماني كسيد أعلى، يتوجب
احترامه من أجل الوصول إلى دولة مواطنة
حقيقية، سرديات الهوية فيها مفتوحة
على فضاء عام، مفتوح بدوره على سرديات
الواقع لا على سرديات الأسطورة أو
الأساطير المؤسسة الموروثة أو المعطاة
والممنوحة أزليا! ================= السفير 4-8-2010 نصري الصايغ حديث الحرب رائج. إسرائيل تستعد، إيران
ترد، واشنطن تتريث، واللبنانيون في
منزلة بين المنزلتين: فريق يستبعدها
ولا يلغيها، وفريق يحدد لها مواعيد،
أقربها إلى المنطق: بعيد صدور القرار
الظني واتهام عناصر من حزب الله. حديث الحرب في الخليج، ضد ايران، بسبب
برنامجها النووي، لم يفتر. المنازلة
بين محور «الممانعة» ومحور «الاعتدال»،
تدور بعيداً عن التخوم الإيرانية. بعض
فصولها في العراق، بعضها الآخر في
فيينا، والكثير منها، في الأقنية
السرية، بين العواصم العربية ومراكز
القرار الدولي والإسرائيلي. منصة أخرى تضاف إلى هذه المنازلة في لبنان.
لا طاقة ولا حجة ولا آلية لدرء خطر
الحرب. ولكل حجته: إسرائيل تريد رأس حزب
الله، لن توفر مناسبة، ستقتنص الفرص
كلها إذا سنحت، ستوفر الأرضية للفرص
المقبلة، ستكتب أو تملي، إعلاميا، ضمن
امبراطورية إعلامها المنتشر في
العالم، قراراً ظنياً يطال رأس
المقاومة، ممثّلاً بقائدها السيد حسن
نصر الله. ستضخ إعلاماً يطحن صورة
المقاومة، ليظهرها «إرهابا»، يمارس
القتل والاغتيال والخطف... ملفات
التحريض جاهزة، أسلحة الإعلام، ترسانة
من التقارير والتلفيقات، والعالم
الغربي جاهز ليصدقها، والعالم العربي
يؤهل نفسه للتبشير بها، على المستوى
الرسمي، في أقل تعديل. بعدها، من يضمن أن لا تفتعل إسرائيل
حادثة، تكرر فيها حرب تموز، بقتال
مختلف، واستراتيجية محددة، تهدف إلى
تدمير حزب الله، وإخراج سوريا من
المعادلة، وهزيمة إيران في خطوطها
الأمامية. هنا، في لبنان، الحوار مختلف. القول
باستبعاد الفتنة، فيما خارطة الطريق
إلى السلام الأهلي تمر بأرض مزروعة
بألغام الانتقام من السابع من أيار،
واستكمال عدة حرب تموز، عبر تبرئة
المحكمة من الانحياز، ولا علاقة
للبنانيين بمحكمة دولية مستقلة...
لكنها تشهر سيف الفصل السابع فوق
الرؤوس. فريق ينتظر القرار المنتظر. وفريق يحاول
إسقاط القرار، بسلاح لم يكتشفه بعد.
إذ، لا يسقط القرار بالكلام، بل بما لم
نصل إليه من وسائل. وللقرار الظني شبهة التلفيق. المحكمة
الدولية متهمة وعليها إثبات براءتها.
لوثة السياسة تتعقبها. ميليس دشنها
وبلمار لم يفلح في تبديدها، بعد إصراره
على تجهيل شهود الزور، عبر الامتناع عن
تسليم التحقيقات المزورة. سيرة المحكمة التي تم تسليمها من قبل
الحكومة الأسبق، في ليلة كالحة
النوايا، «للمجتمع الدولي» المنحاز،
صوّبت على دمشق ونالت سوريا نصيبها من
الاعتداء ودفعته انسحاباً من لبنان.
حزب الله نال نصيبه ولن يدفعه. سوريا
كانت يومها في لبنان، كانت عندنا.. حزب
الله مقيم عنده، وإقامته راسخة، بكلفة
الشهادة وبوثيقة الدماء وببراءة
الجدارة.. حزب الله يقيم في بيئة هي
بيته وعقيدته وشعبه، تؤهله ليكون
عاصياً وعصياً، وليس سهلاً على قوة
اختراق قوته. انه صائب ويصيب. صمت المحكمة لا يبرئها، ولا يخفي تسييسها.
تحييد المحكمة واعتبارها فوق الشبهات،
لدى بعض اللبنانيين، هو تعبير عما
تشتهيه النفوس من اتهام للحزب. استمرار
القصف الإسرائيلي بالقرار الظني، يضع
الجميع أمام السؤال التالي: من يحمي
لبنان من الفتنة، أو هل المطلوب حماية
المحكمة من الاتهام، ولو ذاق لبنان طعم
التهمة المر، كما ذاقت سوريا والضباط
الأربعة؟ إذا امتنع الجواب «فلنشعل حروبا صغيرة».
حروب بالكلمات، تستولد حروبا أخرى
متعددة. قد لا تحتاج إسرائيل إلى توغل
قواتها لغزو لبنان. ستتركه رهينة
هواجسه وأحقاده. ستتركه فريسة خوفه،
وستحرضه على تأهيل الحلبة، للرقص
الدامي، فيما العالم الغربي مطمئن إلى
سلامة إسرائيل وحراجة الوضع اللبناني،
المنشغل بالتهمة، دفعاً من فريق،
وقبولاً من فريق. إذا اهترأ الوضع في لبنان، فلن تكون
إسرائيل غبية، لدرجة الامتناع عن
توجيه الضربة القاضية... لإيران وسوريا
وحزب الله، في لبنان. وإذا ضعفت
المقاومة، لا سمح الله، فإن إسرائيل
تصير طليقة اليد لتوجيه سلاحها، بيسر
أكثر، لإخضاع سوريا لمستلزمات السلام،
اقتداءً بالاعتدال العربي، ولتوجيه
ضربتها لإيران، مطمئنة إلى أن جبهتها
الشمالية في حال من الشلل. هذا وجه من وجوه المواجهة. غير أن حزب الله، لم ينتظر ولن ينتظر، أن
يبادر القرار الظني إلى التنفيذ. لديه
القدرة على الحسم. قبضته هي الكلمة
الفصل، ولن يتورع عن رفعها، كما فعل في
السابع من أيار. شعار لا مساس
بالمقاومة، يدافع عنه بالسياسة والحجة...
وبالسلاح إذا لزم الأمر. وقد يخرج أقوى
مما كان، برغم الأخطار المستولدة
والمستوردة. يحتاج حزب الله، في
استراتيجيته لإسقاط القرار الظني،
وإثبات انحياز المحكمة الدولية، إلى
أكثر من نفي تورط عناصر تابعة له
بالاغتيال. النفي مفيد ولكنه غير كاف...
فهل لدى الحزب رواية أخرى؟ أليس لدى
أجهزته الأمنية معلومات عن عملية
الاغتيال؟ أليس لديها ملفات عن كيفية
إجراء التحقيقات، والطرق الملتوية
التي سلكها؟ أليس لديها ملفات حول
إدارة الاتهامات؟ لا يواجه التزوير بالنفي، بل بالحقائق.
فليسفر الحزب عما لديه. ليكشف أوراقه
وأوراق الآخرين. الحبل يعقد حول عنقه،
وليس هناك من هو قادر أو مستعد لفك
الأنشوطة. سيقال سراً، فليبق الحبل
معلقاً فوق رأس الحزب إلى ما شاء ربك. من يحارب إيران في الخليج والعراق، ليس من
مصلحته أن يريحها في لبنان، ومن ينتظر
تأديب سوريا على سلوكها السياسي، ليس
يهتم أبداً بتخليص حليفه الاستراتيجي. لا ينقذ حزب الله غير حزب الله. إما بقوة
الإقناع بما يملكه من حقائق، وإما
بإقناع الآخرين بقوته. وفي الحالين،
نحن أمام حروب صغيرة، قد نشعلها
بأيدينا. ================= راجح الخوري النهار 4-8-2010 يتجاوز الاعتداء الدامي على منطقة عديسة
في جنوب لبنان، فظاظة الخروق
الاسرائيلية المتلاحقة والوقحة
للقرار 1701، ليشكل عدواناً كاملاً له
أهداف لا تقتصر على الوضع العسكري
والأمني في الجنوب فحسب، بل تتصل
بالجهود والمساعي المبذولة للمحافظة
على الامن والهدوء في لبنان. واذا كان الجيش اللبناني الذي لم يكد
ينتهي من الاحتفال بعيده، قد تعرّض
لهذا الاعتداء البشع، فإنه اكد امس مرة
جديدة، جهوزه لمواجهة اي اعتداء على أي
شبر من الاراضي اللبنانية، ووقوفه
الحازم عند الحدود وسهره للرد على
العدو الاسرائيلي، الذي يواصل
تهديداته بوتيرة متزايدة مهدداً
بتدمير مؤسسات الدولة اللبنانية. لم تكتفِ حكومة القتلة في تل ابيب باتهام
الجيش اللبناني ببدء اطلاق النار،
محمّلة الحكومة اللبنانية المسؤولية،
بل حاولت ان تسبق الحكومة اللبنانية في
اللجوء الى مجلس الأمن، في وقت كان
ممثل الامين العام للامم المتحدة في
بيروت مايكل وليامس يعلن أن اطلاق
النار بدأ من الاسرائيليين في اتجاه
قرية عديسة. لم تكتفِ اسرائيل بكل هذا، بل استعملت
قنابل الفوسفور الابيض الذي احرق
أراضي عديسة، بعدما كانت قد زعمت قبل
أسبوعين، انها قررت الامتناع عن
استعمال هذا السلاح المجرم الذي
اعتمدت عليه في تحويل قطاع غزة مسرحاً
ل "الهولوكوست النازي" الجديد
المجرم! ❑ ❑ ❑ في أي حال، ما حصل في منطقة عديسة يشكّل
عدواناً في اتجاهات كثيرة ويحمل رسائل
الى أمكنة متعددة: ❑ أولاً: ان رسالة دامية إجرامية الى الجيش
اللبناني، الذي يعزز عديده ويوسّع
رقعة انتشاره في الجنوب، ليقوم بدوره
الوطني في مواجهة اسرائيل واعتداءاتها
وتهديداتها الدائمة. ❑ ثانياً: هو رسالة استفزاز وقحة الى "حزب
الله" قبل ساعات من الخطاب، الذي
ألقاه السيد حسن نصرالله لمناسبة
الاحتفال بذكرى الانتصار على العدو
الاسرائيلي. ومن الواضح ان تل ابيب
أرادت إفساد هذه الذكرى عبر عدوانها
الدموي، لكن الجيش كان بالمرصاد
فتصدّى لها وأوقع قتلى وجرحى في صفوف
الإسرائيليين. ❑ ثالثاً: يشكل هذا أيضاً عدواناً سافراً
على الجهد العربي المشترك الذي تبلور
في خلال القمة الثلاثية التي عقدت في
بيروت، واكدت دعم الاستقرار والهدوء
في لبنان، ومساندته في مواجهة سيل
التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة ضده. ومن حيث التوقيت يبدو الامر بمثابة
اعتداء على المملكة العربية السعودية
وسوريا بعد الزيارة التاريخية لخادم
الحرمين الشريفين والرئيس بشار الاسد
الى لبنان لدعمه ومؤازرته. ❑ رابعاً: يشكل هذا ايضاً عدواناً وقحاً
على قطر وأميرها حمد بن خليفة آل ثاني
وخصوصاً بعد زيارته التاريخية التي
تفقد فيها الجنوب، وسط احتفالات شعبية
ورسمية، لمناسبة انتهاء اعمال اعادة
البناء التي تمت بمساهمة من قطر، بعد
العدوان الاجرامي الاسرائيلي على
لبنان صيف عام 2006. ❑ خامساً: هذا اعتداء مباشر على قرار لجنة
المتابعة العربية إعطاء الضوء الاخضر
للسلطة الفلسطينية للدخول في
المفاوضات المباشرة، وأي مفاوضات
والفوسفور الأبيض في سماء الجنوب يحرق
أراضي عديسة؟ ❑ سادساً: هذا استفزاز بقصد استمطار تصعيد
يؤدي الى حرب تستعد لها اسرائيل،
وخصوصاً الآن، بعدما بدا ان ايران تتجه
الى مفاوضات من دون شروط مع اميركا
والدول الكبرى، لحل مسألة النوويات،
بما يبعد الحلم الاسرائيلي بأن تتعرض
المنشآت النووية الايرانية للتدمير في
عمليات قصف جوي مجنونة طبعاً. ❑ ❑ ❑ تبقى حاشية لعصارة الألم والدم والمرارة،
التي، كان دائماً لقريتي الكفير
الصابرة والصامدة والمقهورة والمنسية
أيضاً، نصيب فاجع فيها ومنها. هكذا مزّقت الشظايا المجرمة امس قلوبنا
الكئيبة والمترعة بالوجع، عندما سقط
زميلنا الأب الصالح الكادح عساف ابو
رحال على مذبح الوطن وعلى درب الحبر
المجبول بالدم، راكضاً تحت النار
لتغطية خبر العدوان المجرم وتسطير
هدوء البال للعائلة والاهل. قبل ساعات كان عساف يقف دامعاً من فخر
وتأثر وهو يرى ولده ضابطاً يتخرج
حاملاً سيف لبنان، لكنه خرّ شهيداً...
وبعد اليوم يجف الدمع فينا ولا يجف في
نصل السيف الذي فقد زنداً او الزند
الذي فقد سيفاً. ================= بقلم : ألكسي مالاشنكو نوفوستي ترجمة الأربعاء 4-8-2010م ترجمة د. إبراهيم زعير الثورة من الواضح أن منطقة جنوب آسيا ، أصبحت
إحدى المناطق الأكثر توتراً وخطراً ،
إذا لم تكن منطقة الخطر الرئيسي في
آسيا . فتطور الأحداث في أفغانستان
وعلى الحدود الأفغانية - الباكستانية ، والعلاقات المتوترة بين باكستان والهند ،
مرتبط بشكل مباشر بالعجز الأميركي
وقوات التحالف عن تحقيق النجاح الحاسم
على طالبان ، ما وسع المساحة
الجيوبولتيكية التي تعاني من عدم
الاستقرار ، والممتدة من المحيط
الأطلسي حتى المحيط الهادي. وهذه المنطقة وكأنها تحولت إلى منطقة
مجابهة بين العالم الغربي والعالم
الإسلامي عموماً ، و التي أخذت تؤثر
بعمق على مصير السياسة الغربية
والأميركية على المستوى العالمي .
والدول المجاورة لأفغانستان تتأثر
بشكل مباشر بما يحدث في هذا البلد
الممزق. وجميع الدول المجاورة أصبح
لديها قناعة بأن استمرار الوضع على
ماهو عليه، سيؤثر سلباً عليها، شاءت أم
لم تشأ. ويضع المحللون ثلاثة
سيناريوهات محتملة لتطور الوضع
الأفغاني. الأول : التوصل إلى استقرار الوضع على
أساس عقد اتفاق بين الحكومة الأفغانية
وقسم من حركة طالبان الذين أبدوا
استعدادهم للحوار والتوصل الى حل وسط
يعيد البلاد الى الاستقرار ،
بالمشاركة في حكومة ائتلاف وطني ، وهذا
يعني أن تلقي حركة طالبان أسلحتها
وتتحول الى حركة سياسية مثلها مثل
الحركات الأخرى ، وفي هذه الحالة فإن
دول آسيا الوسطى ستسارع للاعتراف بمثل
هذه التسوية ، وتعتقد بأن مثل هذا
التوجه سيلاقي تأييد السكان المحليين
في الدول الإسلامية المحيطة
بافغانستان، على أساس التوصل الى
المصالحة بين الحركات الإسلامية
الداخلية مع حكوماتها , وعندئذ يقنعون
أنفسهم ، أن الإسلام الداخلي حقق ما
يصبو إليه والذي يتحدث عنه دائماً ،
بأنه يسعى لإقامة دولة عادلة بما في
ذلك حركة طالبان . وهذا السيناريو
سيخدم القوى والدول التي تتحدث عن
مخاطر الحركات المتطرفة لديها ، والتي
لها علاقة بطالبان، وتشارك طالبان في
العمليات المناهضة لقوات التحالف في
أفغانستان. السيناريو الثاني : استمرار المسألة
الأفغانية دون حل ، وتستمر الحرب ،
والذي يعني استمرار الاتصال بين
طالبان والحركات الإسلامية داخل دول
آسيا الوسطى سراً أو علناً ، وفي هذه
الحالة ستبقى دول آسيا الوسطى أراضيها
ممراً لنقل المعدات والقوات العسكرية
الأميركية وقوات التحالف المتوجهة إلى
أفغانستان، ما يؤدي بالضرورة إلى
استمرار الحركات المناهضة لحكومات
أفغانستان ، ما يؤدي بالضرورة الى
استمرار الحركات المناهضة لحكومات هذه
البلدان التي وضعت نفسها في خدمة
القوات الأميركية والحرب على ما نطلق
عليه « الإرهاب» في أفغانستان الذي
تتأثر به بشكل مباشر أو غير مباشر. وإذا ما قيض لهذا السيناريو أن يستمر فإن
عدم الاستقرار سيكون السمة الأساسية
للوضع في آسيا الوسطى ، وسيكون سبباً
للمصادمات بين القوات الحكومية
والحركات الإسلامية المؤيدة لطالبان .
لذلك فإن دول آسيا الوسطى معنية جداً
باستقرار الوضع في أفغانستان. السيناريو الثالث : هزيمة طالبان عسكرياً
، وهذا من الممكن أن يؤدي الى
الاستقرار ، ولكنه استقرار مؤقت ، لقد
بينت الحقائق الموضوعية الواقعية ، أن
طالبان من غير الممكن أن تختفي ، وإذا
ما منيت الحركة بهزيمة ، فإنها قادرة
وخلال فترة زمنية قياسية على إعادة
تجميع صفوفها وتنظيم نفسها لكي تستمر
في النضال . أما العناصر الأجنبية في
حركة «طالبان » القادمة من آسيا الوسطى
، من الممكن أن تعود بسرعة وتشارك في
العمليات العسكرية داخل أفغانستان،
أما الباقون فإنهم سيكونون أعضاء
نشطاء في صفوف المعارضة . وعموماً فإن هزيمة طالبان احتمال غير
واقعي وغير ممكن تقريباً. والسؤال ، هل لدى دول آسيا الوسطى إمكانية
التأثير على تطورات الأوضاع داخل
أفغانستان ؟ وهنا من الصعب إيجاد جواب
إيجابي على هذا السؤال . صحيح أن بعض دول آسيا الوسطى توثق
علاقاتها الاقتصادية وعلاقات التعاون
مع الحكومة الأفغانية ؟ مثلاً لدى
طاجكستان خطة لبناء محطات كهربائية في
أفغانستان ، ومثل هذه الخطة موجودة مع
باكستان ، ومن الممكن أن يساعد
الاستقرار على ضمان امدادات الطاقة من
آسيا الوسطى إلى الدول الأخرى عبر
أفغانستان ، ما يحقق أرباحاً كبيرة
جداً لهذه البلدان ،وهناك العديد من
المشاريع المهمة التي من الممكن لدول
آسيا الوسطى أن تساهم فيها وتحقق فوائد
غير قليلة ، ولكن ذلك يتطلب وقف
العمليات الحربية. الآن تجري احاديث كثيرة حول العمل
المشترك ضد تجارة المخدرات ، للوهلة
الأولى يبدو أن هذا المجال مناسب
للتعاون، إلا أن ازدياد انتاج الخشخاش
والأنواع الأخرى من المخدرات إلى عشرة
أضعاف في أفغانستان ودخول أعداد كبيرة
من الناس في تجارة هذه السلع في جميع
دول آسيا الوسطى المجاورة لأفغانستان
، وحصولهم على مرابح كبيرة وانضمام
أعداد من النخب السياسية والمسؤولة في
العديد من الدول بهذه التجارة سراً ،
ما عقّد عملية مكافحة هذه التجارة ذات
الريعية العالية جداً . مما يجعل عملية
مكافحة المخدرات مجرد أمنية لا أكثر. أما ما يتعلق بموقف الصين ، فهي دون أدنى
شك تقف ضد الحركات المتطرفة وتعتقد أن
هزيمة طالبان ، ستخفف ضغط القوى
المتطرفة عليها في الداخل الصيني . أما
روسيا مازالت ترفض التورط في عمليات
قوات التحالف داخل افغانستان ، وترفض
أي مشاركة عسكرية في دعم قوات التحالف
، رغم أنها تسعى لاستقرار الوضع في
جمهوريات آسيا الوسطى التي تلقى حركات
التطرف دعماً من طالبان . من الواضح أن
إعادة الوضع الى حالته الطبيعية
أفغانستان لن يتم في عام 2011، وهو موعد
خروج القوات الأميركية من هذا البلد ،
وليس من الطبيعي التفكير بأنه من
الممكن وضع حد للصراع في الأعوام
القريبة القادمة ، ربما سيكتسب
أشكالاً أخرى ومستويات متنوعة ،
ولايمكن التوقع أن تكون هذه الأشكال
أقل حدة. مما يرغم الجميع في محيط
أفغانستان والدول المعنية بإيجاد طرق
أخرى لحل المشكلة الافغانية !! ================= الافتتاحية الأربعاء 4-8-2010م بقلم: رئيس التحرير- أسعد عبود الثورة لم تهدأ إسرائيل منذ هزيمتها في حرب تموز
قبل عامين.. ولن تهدأ. بل هي أحدثت خطوة
تصعيدية..إذ انتقلت من شهيتها إلى
أجواء اللا حرب واللا سلم إلى رغبة شبه
معلنة بالحرب. بعد حرب تموز أعلنت الحرب على غزة.. وفشلت..
ثم أعلنت الحرب على أسطول الحرية وسقطت
أمام العالم... وفي كل يوم وأمام أعين قوات الأمم المتحدة
في الجنوب اللبناني «اليونيفيل»..
تتحدى أمن لبنان واستقراره..بل هي لا
تترك أي فرصة لتأزيم الوضع في لبنان
وإدخاله في أجواء تناسب مزاجها الحربي
العدواني إلا وتستغلها.. وآخر ما حرر في
ذلك أن تستخدم المحكمة الدولية التي
يفترض أنها تبحث عن الحقيقة والعدالة
ومحاسبة المجرمين في لبنان، الى عنصر
تأزيم يهدد بالفتنة والقضاء على السلم
الأهلي. كلما شعرت إسرائيل بتصدي العرب للمخاطر
التي تحيط بها لبنان والمنطقة ومساعي
السلام.. ازدادت شراسة، فهي لا تريد
للبنان أن يستقر على راية انتصار.. ولا
للمنطقة أن تأخذ دولها فرصتها لحل
مشكلاتها.. ولا للسلام أن يجد أرضية
صالحة له.. وعندما توهمت أنها خرقت الصف العربي في
الطريق إلى إثارة الفتنة في لبنان..جاءتها
صفعة حقيقية وأكيدة من سورية والعربية
السعودية ولبنان في قمة بيروت
الثلاثية.. وأيضاً من الزيارة غير
العادية للشيخ حمد بن خليفة أمير دولة
قطر.. إنه الرد العربي على محاولات
إثارة الفتن في لبنان.. رد عربي سلمي عملي حيوي..أجابت عليه
الولايات المتحدة كوكيلة سياسية
لرغبات إسرائيل، بمحاولة تشويهه.. وردت
عليه إسرائيل بعدوان أمس على لبنان..الذي
أدى إلى استشهاد جنديين لبنانيين وجرح
آخرين واستشهاد الزميل الصحفي
اللبناني «غسان أبو رحال» من الزميلة
الأخبار. كل شيء ينذر ويقول: لن تهدأ إسرائيل.. يقول شاؤول موفاز رئيس أركان جيش العدو
الصهيوني السابق: إن إسرائيل لن ترد
على هذه الأحداث.. وأنها لن تنجر خلف ما
سماه «استفزازات»!! لا أعتقد أن لعاقل أن يشكك في أن الإفادة
الوحيدة الممكنة من كلام موفاز هي في
اعتباره تمويهاً وتضليلاً.. إسرائيل افتعلت الحدث.. وتقول لن ترد.. كل العرب مدعوون للرد.. كل القوى المحبة للسلام في العالم مدعوة
للرد .. وأخذ القضية في إطارها الجدي. لا بد من الوقوف الى جانب لبنان.. بقوة
وإشعار إسرائيل والعالم بذلك.. «سورية» معنية جداً بأمن لبنان واستقراره..
نحن سعداء جداً ببطولات الجيش اللبناني
في مواجهة العدو.. هذا هو لبنان.. الحر.. السيد.. العربي.. هذا هو لبنان الذي يعلن السيد الرئيس بشار
الأسد «وقوف سورية إلى جانبه ضد
الاعتداء السافر الذي شنته إسرائيل
على أراضيه».. هذا هو السيد الرئيس بشار الأسد.. هذه هي
سورية.. هذا هو لبنان.. ولن نهزم.. لن نهزم ولدينا كل القناعة أن كل العرب
يقفون إلى جانب لبنان.. وأن وقفتهم
ستحقق هزيمة أخرى بإسرائيل.. قد تهدأ الأجواء لبعض الوقت.. وكلنا يقظة.. كلنا تحسّب..كلنا يقين.. أن
إسرائيل لن تهدأ.. فلا يعفي أحد نفسه من المسؤولية.. لبنان
يحتاج لكل موقف.. لكل بندقية تقف في وجه
إسرائيل..وهو لبنان المنتصر دائماً..بشعبه..بجيشه..وبمقاومته.
================= مرارة العنصرية في
أميركا أوباما بقلم :د.منار الشوربجي البيان 4-8-2010 حين أرسلت للجريدة مقال الأسبوع الماضي،
لم أكن أتصور أن دليلا جديدا على ما
طرحته سيأتي بأسرع مما توقعت. فقد جرت
وقائع مهمة ذات صلة، حتى قبل مثول
العدد الذي حمل مقالي للطبع. كان مقال
الأسبوع الماضي يؤكد على أن أوباما عبء
على الأقليات، وليس العكس كما يتصور
البعض. وكنت قد تحدثت عن ازدياد عنفوان اليمين
المتطرف، الذي ينضح بالعنصرية منذ
تولي أوباما. لكن الأحداث سرعان ما
أكدت أن أوباما بانحنائه لهذا اليمين
وحساسيته المفرطة إزاء ملف الأقليات،
يسيء لذلك الملف كما لم يسيء له رئيس
ديمقراطي طوال العقود الأربعين
الأخيرة. والقصة باختصار، أن أحد رموز اليمين
العنصري كان قد عرض شريط فيديو لا يزيد
عن ثلاث دقائق، تتحدث فيه شيرلي شيرود
مديرة برامج التنمية الريفية التابعة
لوزارة الزراعة. وما يوحي به الشريط،
هو أن شيرود ذات الأصول الإفريقية،
تعترف بأنها ميزت ضد مزارع أبيض لكونه
أبيض، ورفضت أن تقدم له المساعدة وفق
قواعد وظيفتها. وبسرعة مذهلة كان الشريط على أغلب
المواقع اليمينية، وتلقفته قناة فوكس
نيوز اليمينية ذائعة الصيت، وراحت
تنفخ في القصة وتكررها على مدار الساعة.
وما هي إلا ساعات حتى كانت السيدة
شيرود قد أجبرت على الاستقالة وطردت من
منصبها. لكن ما هي إلا ساعات أخرى، حتى انكشفت
الحقيقة. فالشريط مفبرك، وهو مقتطع من
سياق خطاب لشيرود مدته 43 دقيقة. ومن
يشاهد الخطاب كله يدرك بوضوح أن شيرود
كانت تقول العكس بالضبط، فهي كانت تدعو
لتخطي العنصرية مهما كانت مرارتها. بل
إن المزارع الأبيض الذي قيل إن شيرلي
ميزت ضده، خرج عن صمته وشهد هو وزوجته
بأنه لولا مساعدة شيرلي له لفقد مزرعته.
في مثل هذا السياق ماذا تتوقع، عزيزى
القارئ، من أوباما، أول رئيس أسود
لأميركا؟ قد تتوقع حين يصله خبر شريط
الدقائق الثلاث، أن يرفض إقالة السيدة
قبل التحقيق أولا. أو قد تتوقع بعد أن
طردت من منصبها أن يأمر فورا بإعادتها. أو ربما تتوقع أن يلقي خطابا للأمة يتحدث
فيه عن المسألة العرقية، ويناقش خطورة
ما جرى باعتباره جرس إنذار. أو ربما
تتوقع من الرجل، كأضعف الإيمان، أن
يتصل هو نفسه بالسيدة التي وقع عليها
كل هذا الظلم وهي تخدم في إدارته. أهم من ذلك كله، قد تتوقع أن يلفت اسم «شيرود»
انتباه أوباما. فالسيدة شيرلي تحمل اسم
زوجها الراحل شارلز شيرود، أحد أهم
رموز حركة الحقوق المدنية في
الستينات، وهو من الجناح الذي أصر على
أن تضم الحركة البيض إلى جانب السود،
بل ترك إحدى المنظمات حين قصرت عضويتها
على السود. باختصار؛ لك أن تتوقع أن يعرف أوباما شيئا
عن رموز حركة الحقوق المدنية،
والتاريخ المشرف لتلك السيدة التي
استطاعت أن تتغلب على العنصرية في
أعماقها، رغم أن أباها قتل على يد
مزارع أبيض زمن العنصرية، ولم يتم حتى
التحقيق في الجريمة. عزيزى القارئ، يؤسفني أن أقول لك إن أيا
من هذا لم يحدث من أوباما. فالبيت
الأبيض وافق على طردها من منصبها فورا
دون تحقيق، ثم زعم أن وزير الزراعة
أخطره بإقالتها ولم يستشره(!!) بينما
قالت شيرود إنها تلقت ثلاثة اتصالات
رسمية، قيل لها فيها إن البيت الأبيض
نفسه يطلب استقالتها. وعندما ظهرت حقيقة الأمر، اعتذر المتحدث
باسم البيت الأبيض لشيرود في مؤتمر
صحفي. أما أوباما نفسه، فلا حس ولا خبر!
لا مؤتمر صحفوُُِّّ://م-لُكَّ.نفٌُّّيْم.كٍُ/س/0.3.6؟كٌَُّكفٌم=مَ÷صسيا،
ولا خطاب ولا اتصال بشيرود نفسها. حتى المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث
باسمه، كان مليئا بالتلعثم كلما سئل عن
موقف أوباما شخصيا. وكان تفسير المتحدث
الرسمي لأسباب موقف البيت الأبيض،
أسوأ من الموقف نفسه، لأنه كان دليلا
على انحناء أوباما الكامل لليمين
المتطرف. فهو قال إن السبب هو «الثقافة
السائدة» (ويقصد طبعا التطرف اليميني
الذي جعله على استعداد للتضحية ببريئة
ليجنب نفسه هجوم اليمين) والوقع السريع
للإعلام والحاجة لمواكبته. وقد أدت الواقعة إلى تفاقم التوتر بين
أوباما والنواب السود في الكونغرس،
الذين انتقدوا الإدارة في بيان
أصدروه، لكن الأهم هو رد فعل أوباما
إزاء ما دعا له النواب في بيانهم. فهم
دعوا إلى حوار وطني شامل حول المسألة
العرقية، يناقش تلك القضية بجدية. وهو
مطلب بسيط ومهم في آن معا، وسبق أن
استجاب لمثله بيل كلينتون حين كان
رئيسا. فماذا كان رد فعل أوباما؟ «سوف
نبحث الأمر»، هكذا قال المتحدث باسمه!! يقول البعض في الدفاع عن موقف أوباما
البائس من الأقليات، وبالذات السود،
إن الرجل أول رئيس أسود لأميركا، ولكنه
رئيس لكل الأميركيين ولا يمكنه أن يبدو
وكأنه رئيس للسود أو الأقليات فقط.
والإجابة عندي أن مثل هذا المنطق ينطوي
على تغليط لا علاقة له بالواقع. صحيح أن أوباما رئيس لكل الأميركيين،
ولكن الصحيح أيضا أنه رئيس ينتمي للحزب
الديمقراطي، الحزب الذي عرف تقليديا
منذ الستينات بالدفاع عن الأقليات
وحماية الأقل حظا في المجتمع. ومن ثم فالمتوقع من أوباما، ليس كأسود
وإنما كديمقراطي، أن يتصرف كأي رئيس
ديمقراطي آخر سبقه منذ عهد جونسون،
خصوصا وأن آخر رئيس ديمقراطي سبقه كان
رئيسا عشقه سود أميركا، ولا يزالون
يحبونه حتى هذه اللحظة. فبيل كلينتون
هو الرئيس الذي أطلقت عليه أديبة نوبل
السوداء توني موريسون «أول رئيس أسود
لأميركا». لقد أثبتت هذه الواقعة أن كل ما قيل عند
تولي أوباما، من أن أميركا تعيش زمن «ما
بعد العرقية» وما بعد العنصرية، يدخل
في باب الطرائف التي لا علاقة لها
بالواقع الذي تعيشه الأقليات. كاتبة مصرية ================= "هيثم المالح" ..
شركاء في التّهَم.. شركاء في الجريمة نوال السباعي الجزيرة 4/8/2010 " إضعاف الروح الوطنية" .. "نشر
أخبار كاذبة" .. "وهن نفسية الأمة"
.. "إضعاف الشعور القومي" .. "دسّ
الدسائس لدى دولة معادية".."ذم
القضاء".. "إيقاظ النعرات
العنصرية والمذهبية".."تشكيل
حلقات نقاش شبابية".."تحقير
الرئيس" !! ، هذه بعض التّهم التي
وجهت إلى المحامي والقاضي والناشط
الاجتماعي والحقوقي السوري الكبير "هيثم
المالح" – الرجل الأمة- ، وآخرين من
المناضلين بالكلمة والموقف من النساء
والرجال ، شيبا وشباب ، من طلائع
المجتمع السوري ، الذين اعتقلوا وقدم
بعضهم إلى محاكمات في.. محاكم "أمن
الدولة"! ، و"محاكم عسكرية"!! ،
لتخرج علينا هذه المحاكم بأحكام "تاريخية"!
، تليق بهذه "التّهم التاريخية"! ،
التي لايخرج عن التلبس بها أي سوري
أعرفه ، من أي انتماء أو دين أو عرق أو
ثقافة أو مستوى اقتصادي!!، داخل سورية
أو في أي مكان على وجه الأرض حيث امتدت
مهاجر السوريين – فضلاعن الأشقاء
العرب من مختلف الدول العربية ،
والأصدقاء من مختلف دول العالم - ،
لايوجد سوري غير متلبس بهذه التّهم،
ماعدا "دسّ الدسائس لدى دولة أجنبية"
-إذ لم تصل معرفتي بالناس إلى درجة
التواصل مع الجواسيس والخونة- !!!،
وكذلك تهمة .. إنشاء "حلقات النقاش
الشبابية" ، التي تعتبر اليوم واحدة
من أرقى وسائل تطوير الفكر والثقافة في
المحافل الأكاديمية العالمية. كلنا نسبّ المسؤولين ونتندر بحكاياتهم ،
كلنا نتناقل "النكت" والأخبار
والآراء السياسية الخاصة بأداء
حكوماتنا وأزلامها !، كلنا نسخر من
الشعارات التي ترفعها ، وفراغها من
المصداقية والمضمون والنزاهة ، كلنا ..
نستخدم عبارات الممثل السوري الرائد
"دريد لحام" في مسرحياته – سارية
المفعول الثقافي بعد أربعين سنة-
لتوصيف واقعنا المؤلم ، كلنا ..نسخر من
التطبيل والتزمير بالانتماآت الوطنية
والقومية في زمن سقطت فيه أوراق التوت
عن عورات الأنظمة العربية -خاصة بعد
غزو العراق -، والسوريون على وجه
الخصوص .. ممزقون عاطفيا بين إعجابهم
برئيسهم بشار الأسد ومواقفه القومية ،
وخيبة أملهم المريرة داخليا ، حيث
يُسحق المواطن بين عجلتي الاستبداد
السياسي والعفن الاجتماعي. كلنا ..متلبس بهذه التّهم "الجنائية
العظمى" التي لم تستح المحاكم "العسكرية"
ولامحاكم "أمن الدولة" من النظر
فيها ، ولا من إصدار أحكام تعتبر وصمة
عار في جبين سورية حكومة وشعبا ضدّ
ممثلي الشعب الحقيقيين ، الذين
امتلكوا من الشجاعة والصدق مامكنهم من
الوقوف في وجه فساد الأجهزة العجوز
المتسرطنة ، التي ماتزال تخبط خبط
عشواء عمياء حاقدة في ملاحقة الأحرار
الذين لم تأخذهم في "قول" كلمة
الحق لومة لائم .. ولكنهم وعلى الرغم من
ذلك لم يُخطئوا الطريق ، ولم يستدعوا
صوت الدم ، ولم يحملوا أو يدعوا لحمل
السلاح ، ولم يدعوا لتغيير نظام حكم! ،
ولم يعملوا للوصول إلى السلطة! ، ولم
يخوضوا معارك خطأ لافي الزمان ولافي
المكان ، كما فعل غيرهم من قبل فهلكت
البلاد وأُنهك العباد بين جنون
الثورات وانتقام السلطات!. ماذا تركت محاكم أمن الدولة والمحاكم
العسكرية إذن لمُعلني الانقلابات؟! ،
وأصحاب التكفير والتفجيرات الذين بُحت
أصواتنا ونحن نطلب منهم – إن ألقوا
السمع- مراجعة فكرهم وأساليبهم في
التعامل مع الواقع العربي البئيس ؟ كيف
يمكن بعد الآن لذلك الشباب أن يصدق أن
الأساليب السلمية يمكنها أن تُحدث
علامة فارقة في حياة هذه المنطقة
الموبوءة بالظلم؟!. تتصل بي دائما سيدات سوريات من داخل سورية
و خارجها يشتكين الظلم المضاعف الواقع
عليهن من الأزواج والمجتمع ، ظلم يبلغ
حد انعدام النصير من أهل أو أصدقاء أو
شخصيات إسلامية أومؤسسات المجتمع ،
ويجعل النساء خاصة "المتدينات "
منهن في مواجهة أسوار اليأس والانهيار
، وأحيانا التفكير بالانتحار ، ولم أجد
أمامي في الآونة الأخيرة إلا أن أطلب
إلى بعضهن أن يتوجهن برسالة إلى رئيس
الجمهورية شخصيا ليُنصفهن من هذا
الظلم الفادح الذي تعاني منه معظم نساء
سورية بصمت وصبر منقطعي النظير ،
لايضاهيهما إلا صبر الشعب على أذى
أجهزة نزع الأمن ، وصمته على هذه
الانتهاكات الخطيرة التي تجري بين
جنبيه وهو خائف يتلفت ! لقد كانت قناعتي
ومازالت بأن الرئيس السوري بما عُرف
عنه سيقوم برفع الظلم عن هؤلاء النسوة
فور اطلاعه على أوضاعهن! ، ولكن هل تصل
مثل هذه الرسائل والحالات إلى الرئيس
السوري ؟ أم أن أجهزة نزع الأمن
السورية تسد الأبواب وترفع الأسوار ؟
ماهي حقيقة صلة الرئيس بقضايا الشعب
ومسؤوليته عما يجري مع هذا الشعب
سياسيا واجتماعيا ؟!. هؤلاء السيدات السوريات ، لاتختلف شكواهن
ومحنتهن مع مجتمعهن وأسرهن ،عن محن
هؤلاء الرجال والنساء الشجعان مع
أجهزة الأمن والمخابرات الأخطبوطية
التي تعيش في القرن الواحد والعشرين
عقلية القرون الوسطى ومحاكم التفتيش
الأوربية ، تلاحق المواطن على الكلمة
والفكرة والموقف ، وتنكل بالقيادات
التي أقامت ولم ترحل أو تُرَحَل ، ثبتت
في وجه العاصفة لأنها تؤمن بالوطن
وتؤمن بالإنسان ، اختارت طريق
المعارضة السلمية في موطنها وبين
ناسها وأهلها للتغيير في محاولة
حقيقية جديرة بالاحترام . لقد اختلط السياسي بالاجتماعي في حياة
الشعب السوري كما في حياة غيره من شعوب
المنطقة إلى درجة جعلت الجميع شركاء في
تهمة القول ، كما شركاء في جريمة الصمت
عن الفعل. لاأجد كثير اختلاف بين القضيتين
والموضوعين !، كلاهما قضية ظلم وجور،
هؤلاء السيدات يمثلن معاناة شريحة
واسعة من النساء والأطفال في سورية ممن
لاينالون دعما من مجتمع متفسخ مشوه
القيم لايجد فيه الضعيف يداً حانية
تمتد للنصرة ولاحتى أُذن عدل تستمع إلى
الشكوى ، كذلك "هيثم المالح" يمثل
بدوره وضع شريحة من الشعب السوري ، ممن
يرفضون النفاق والمداهنة ، والسكوت عن
الفساد في بلد التصدي والتحدي ، الذي
يعتبر نفسه ويعتبره العرب خط المواجهة
الأخير مع العدو الصهيوني ، ولعل جريمة
"هيثم المالح" بلغت أقصى مدى في
الضرب على وتر الدور بالغ السلبية الذي
تلعبه أجهزة نزع الأمن في بلد يمتاز
بمواقفه القومية، وهذا مايجعلني
أستهجن وأرفض أن تتدخل الدول الغربية
في هذه المسألة !!، "هيثم المالح"
في غنى عن مثل هذه الأصوات تنادي
بحريته ، في محاولة قذرة منها لانتهاز
الفرصة للغمز من الموقف السوري في
محافل السياسة الدولية وفي مواجهة "اسرائيل"
، وكنا نود لو أن هذه الدول الغربية
وقبل أن توزع على الآخرين الدروس
والمواعظ في مجال حقوق الإنسان ، أن
تلتفت إلى مجتمعاتها لترى الانتهاكات
الخطيرة لحقوق الإنسان ، حيث لايرقى
احترام المهاجرين فيها إلى مستوى
احترامها لحقوق الحيوانات!!، وماتهبهم
إياه الدساتير والديمقراطية ينتهكه
مجتمع تسيره وسائل الإعلام بالتشويه
والأباطيل. إن محنة "هيثم المالح" ليست محنة
نظام لايحسن قراءة التاريخ ، ولايعرف
التعامل مع الأحرار والرجال والواقع
والمستقبل فحسب ، ولكنها محنة شعب
التبس في مفاهيمه الحق بالباطل ، بل هي
محنة منطقة كاملة ، سوريا ليست فيها
إلا جزءا من منظومة سياسية اجتماعية
قائمة على الظلم السياسي و الاجتماعي ،
يتم انتهاك حقوق الإنسان فيها باسم
قضاياها الكبرى ، وقد نسي حكامها أن
محاربة الأعداء لاتكون بجيش من
الأعداء ، ولا بقوافل من السجناء
الأبرياء ، ولا بتكميم الأفواه ، وكسر
إرادة الحياة والحرية!. مع أصوات أحرار
هذا الوطن نطالب بإيقاف هذه المهزلة-
الفضيحة ، بحق "هيثم المالح"
وإخوانه وأخواته من رجال ونساء الشرف
والشجاعة والمحنة، كما بحق هذه الأمة
التي تستحق شيئا من الحرية وشيئا من
الكرامة وشيئا من الاحترام من قبل
حكامها قبل أن لاينفع قول ولارأي في
مواجهة طوفان أعمى أصم قادم لامحالة!. ================ قمة بيروت الثلاثية
قراءة في النتائج والاحتمالات بقلم :جورج ناصيف البيان 4-8-2010 القمة الثلاثية السعودية السورية
اللبنانية،
التي انعقدت في بيروت الأسبوع الفائت،
كانت استثنائية بأكثر من معيار.
استثنائية لأنها الزيارة الأولى التي
يزور فيها العاهل السعودي الملك عبد
الله بيروت، بعدما زارها مرات في
السابق يوم كان ولياً للعهد. استثنائية لأنها أيضاً الزيارة الرسمية
الأولى التي يقوم بها الرئيس السوري
بشار الاسد إلى بيروت، منذ تولي الرئيس
العماد ميشال سليمان السلطة قبل
عامين، وبعد زيارات متوالية إلى دمشق
قام بها الرئيسان سليمان وسعد الحريري.
استثنائية لأنها تمت بشكل مشترك بين
العاهل السعودي والرئيس السوري للمرة
الأولى في تاريخ لبنان، خصوصاً أن
سوريا لا تبدي تقليديا ارتياحا لأية
مشاركة عربية لها في رعاية مباشرة
للوضع اللبناني، بحيث أكدت صلابة
التوافق السعودي السوري
حول الملفات اللبنانية، الذي تجلى
بداية في قمة الدوحة. واستثنائية لأنها تحدثت في البيان
الختامي إثر الزيارة، عن جملة من
المواقف السعودية السورية
المشتركة، في طليعتها رفض الاحتكام
إلى العنف، وتأكيد مرجعية الطائف
ومرجعية الدوحة، ودعم حكومة الاتحاد
الوطني في لبنان. معروف أن الملف شبه الوحيد في القمة، كان
ملف المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة
الرئيس رفيق الحريري، والسجال السياسي
الذي اندلع في بيروت حول التسريبات
الإسرائيلية باتهام «حزب الله»
بالوقوف خلف هذا الاغتيال، وتوقع صدور
القرار الظني للمحكمة في سبتمبر
المقبل حاملا هذه التهمة. فماذا جرى من تداولات حول الملف؟ وما هي
احتمالات تكوين موقف سعودي سوري
من مسألة الاتهام الموجه إلى «حزب الله»؟
وكيف سيتم تدارك أي تدهور أمني في حال
صدور الاتهام؟ المعلومات التي تجمعت في بيروت من مصادر
موثوقة، تشير إلى المعطيات التالية: أولاً؛ ما هو مؤكد بداية أن «حزب الله» لم
يطلق المواجهة اليوم في وجه القرار
الظني لينهيها غداً، بل إن المناخ
السائد في أوساطه، فضلاً عن الاعلانات
المتكررة للسيد حسن نصر الله، تشير إلى
أن «حزب الله» لن يتوقف عن المنازلة ضد
المحكمة الدولية، قبل أن يحقق ثمناً
معنويا ما. ثانياً؛ ما هو مؤكد بالمقدار نفسه، أن
التوافق السوري السعودي
الذي يتعزز يوميا، سيحول دون أن تمضي
الأمور نحو الاضطراب الأمني، بدليل أن
لبنان شهد «قمة دوحة» على أراضيه،
لتأكيد أن السلم الأهلي خط أحمر ليس
مسموحا لأحد بتجاوزه. وقد ذهبت اجتماعات رئيس الجمهورية ميشال
سليمان مع أركان طاولة الحوار، في
الاتجاه نفسه لجهة ضبط النقاش السياسي
تحت سقف معين لا يضطرب معه الأمن،
الأمر الذي لقي تجاوبا من جميع
القيادات السياسية، وأخصها تيار «المستقبل»
الذي قرن تأييده للمحكمة مع تأكيد
رغبته في تعزيز العلاقة مع سوريا
بقيادة رئيس الحكومة الشيخ سعد
الحريري. أين، إذن، ستستقر الأمور؟ في معلومات وتحليلات قوى حكومية وسياسية
عديدة، أن «حزب الله» يتحرك ضمن حدين:
حد أدنى وحد أقصى. في الحد الأدنى يطمح
الحزب إلى: هز صدقية
المحكمة، دوليا وإقليميا ولبنانيا،
حتى تفقد الهالة المعنوية التي تحيط
بها ويغدو التشكيك في أحكامها تشكيكاً
مقبولا على المستوى السياسي والشعبي. دفع المحكمة
نفسها إلى التوسع في تحقيقاتها
ومراجعة استنتاجاتها، بما فيها مزيد
من الفحص لاحتمال أن تكون إسرائيل
ضالعة في عملية اغتيال الحريري، وهو
الأمر الذي عاب السيد نصر الله على
المحكمة عدم التدقيق فيه، أو الانصراف
إلى دراسة احتماله دراسة متأنية. تأخير صدور
القرار الظني، وإفساح المجال أمام
مشاورات دولية مكثفة لدراسة انعكاساته
على الوضع اللبناني، على قاعدة أن
أطرافا لبنانية مؤثرة تشكك في أي قرار
تصدره المحكمة، خصوصاً بعد اتهامها
بأنها «إسرائيلية» وذات «أجندة»
معادية ل«حزب الله» تريد الانتقام
منه، بعد فشل عدوان تموز 2006 في تحقيق
ذلك. أما الحد الأقصى الذي ترجح هذه القوى أن «حزب
الله» يتطلع إلى تحقيقه أو يقبل به،
فيراوح بين: دفع الحكومة
اللبنانية إلى سحب القضاة اللبنانيين
المعينين في هيئة المحكمة، لإفقادها
الشرعية اللبنانية، وتشكيكاً
بالقرارات الصادرة عنها. دفع الحكومة
اللبنانية لإيقاف مساهمة الدولة في
تمويل أعمال المحكمة ونفقات اشتغالها
للسنة المقبلة وما يليها. قيام ممثلي
المعارضة بالاستقالة من الحكومة،
تعبيراً عن رفضهم التغطية اللبنانية
الرسمية للمحكمة، رغم أن «اتفاق
الدوحة» ينص على الامتناع عن اللجوء
إلى سلاح المقاطعة أو الاستقالة
تعطيلا للعمل الحكومي. ربما يكون تحقيق هذه الأهداف صعبا، نظراً
لحاجة كل قرار حكومي إلى موافقة جميع
الأطراف، الأمر الذي يصعب توقعه اليوم
على الأقل. لذلك، يعمل بعض الجهات على اقتراح مخرج
عبر الرئيس الحريري، وهو «ولي الدم»
كما دعاه السيد نصر الله، بإصدار تعليق
على قرارات المحكمة، في حال اتهامها
أفرادا من «حزب الله» بتدبير مؤامرة
الاغتيال، يعلن فيه عدم اقتناعه
بالأسباب والحيثيات، معتبرا إياها
قرائن غير «صلبة» أو دامغة، الأمر الذي
يشكل ترضية معنوية ل«حزب الله» وتبرئة
له من قلب عائلة الشهيد رفيق الحريري. ويتكامل هذا «المخرج» مع محاولات لتعزيز
قنوات الحوار مع سوريا وافتتاحها مع
إيران، في محاولة للضغط على «حزب الله»،
لمنع أي تصعيد كلامي من أن يتحول إلى
سخونة أمنية لن تفيد أيا من الأطراف
الاقليمية أو المحلية. أما على مستوى الداخل، فثمة جهد حثيث
لإيقاف كل التعليقات حول القرار الظني
للمحكمة، بداعي أنها ردود تفتقر
لمعلومات موثوقة، وبعدما قرر السيد
حسن نصر الله تأخير إطلالته الإعلامية
إلى ما بعد زيارة العاهل السعودي إلى
لبنان، تبريداً للأجواء وإفساحا في
المجال أمام الاتصالات البعيدة عن
الأضواء. كما تردد في بيروت أن الملك السعودي قد
يبذل جهداً مع الولايات المتحدة، من
أجل إرجاء القرار الظني أو تعديله،
وإعادة فتح الاحتمالات المتعلقة
بالاغتيال. قمة بيروت أراحت جميع الأطراف، وجلبت
شيئا من البرودة إلى المناخ السياسي
الحار الذي كان يعيشه لبنان، لكن ثمة
شكوكاً في أنها وفرت الحل المتكامل
والمقبول من «حزب الله».في انتظار ان
يصدر الحزب تعليقا على بيان القمة
الثلاثية. كاتب لبناني ================= هل الشرق الأوسط مقدم
على حرب حتمية؟ آخر تحديث:الأربعاء ,04/08/2010 فولكر بيرتس الخليج فؤاد السنيورة، رئيس الوزراء اللبناني
السابق، رجل رصين الفكر ويتمتع بخبرة
عميقة في كل ما يتصل بسياسة الشرق
الأوسط . لذا، فإنه حين يتحدث عن “قطارات
بلا سائقين تنطلق على مسار تصادمي”،
كما فعل مؤخراً أثناء لقاء خاص في
برلين، فهذا يعني أن الأطراف المهتمة
ربما كان عليها أن تجهز نفسها للتعامل
مع تطورات غير مرغوب فيها . بطبيعة
الحال، لا أحد في المنطقة يدعو إلى
الحرب، ولكن يبدو أن مزاج ما قبل الحرب
آخذ في الازدياد . هناك أربعة عوامل -كلها
ليست بالعوامل الجديدة، ولكن أياً
منها كاف لزعزعة الاستقرار بمفرده-
يعمل كل منها على مضاعفة تأثير بقيتها:
الافتقار إلى الأمل، والسياسات
الحكومية الخطرة، وخواء السلطة
الإقليمية، وغياب الوساطة الخارجية
النشطة . قد يكون من المطمئن أن أغلب الفلسطينيين و”الإسرائيليين”
ما زالوا يؤيدون حل الدولتين، ولكن من
غير المطمئن أن أغلب “الإسرائيليين”
والأغلبية العظمى من الفلسطينيين
فقدوا كل الأمل في تحقق هذا الحل على
الإطلاق . فضلاً عن ذلك فإن التجميد
الجزئي للمستوطنات والذي قبلته حكومة
“إسرائيل” سوف ينتهي بحلول سبتمبر/
أيلول . ومن غير المرجح أن تبدأ أي مفاوضات مباشرة
جادة من دون تجميد بناء المستوطنات،
ولا أظن أن رئيس الوزراء “الإسرائيلي”
بنيامين نتنياهو قد يعلن عن تجميد
المستوطنات، وذلك نظراً للمقاومة التي
يلقاها داخل حكومته الائتلافية . أما
سوريا التي كانت حتى نهاية عام 2008
تشارك في محادثات التقارب مع “إسرائيل”
والتي بدأت بوساطة تركية، فإنها لا
تتوقع استئناف المحادثات مع “إسرائيل”
في أي وقت قريب، ولعل هذا من بين
الأسباب التي دعت الرئيس السوري بشار
الأسد في بعض المناسبات إلى ذِكر الحرب
باعتبارها خياراً، كما فعل مؤخراً في
مدريد . وعلاوة على ذلك، يتحدث “الإسرائيليون”
وبعض الأشخاص المقربين من حزب الله في
لبنان عن “جولة أخرى”، في حين يعتقد
العديد من المحللين والخبراء في منطقة
الشرق الأوسط، أن نشوب حرب محدودة قد
يؤدي إلى كسر جمود الموقف السياسي
الراكد، ويستشهدون في هذا السياق بحرب
1973 التي ساعدت على إحلال السلام بين
مصر و”إسرائيل” . ولكن الحروب التي
أعقبت ذلك، وآخر الحروب في المنطقة -حرب
لبنان في عام ،2006 وحرب غزة في ديسمبر/
كانون الأول 2008 ويناير/ كانون الثاني
2009- لا تدعم هذه النظرية المتهورة . إن
إيران، التي لم يكن نفوذها في المشرق
العربي سبباً في نشوء المشاكل التي لم
تُحَل في الشرق الأوسط، بقدر ما كان
نتيجة لهذه المشاكل في واقع الأمر، لا
تزال مستمرة في تحدي قرار فرض العقوبات
الجديدة الذي أصدره مجلس الأمن التابع
للأمم المتحدة . والواقع أن افتقار
حكام إيران إلى الثقة بالغرب لا يقل عن
افتقار الغرب إلى الثقة بهم، وهم
مستمرون في تضخيم الشكوك الدولية بسبب
أقوالهم وأفعالهم . وتلعب أحاديث
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد
المتكررة حول زوال “إسرائيل” في
النهاية دوراً كبيراً في تعزيز حجة “الإسرائيليين”
الذين يتحدثون عن ضرورة إنهاء
البرنامج النووي الإيراني عسكرياً . إن بعض أهم اللاعبين في الشرق الأوسط
يعملون على تصعيد خطر وقوع المواجهة،
لأنهم إما فقدوا الحس اللائق ببيئتهم
الإقليمية والدولية، وإما يسعون إلى
دعم سلطتهم السياسية من خلال
الاستفزاز وتبني سياسة حافة الهاوية .
فلا شك أن قِصَر نظر نتنياهو الذي
يدفعه إلى رفض التخلي عن المستوطنات
والأراضي المحتلة، يهدد مصلحة “إسرائيل”
في الأمد البعيد في التوصل إلى تسوية
عادلة مع الفلسطينيين . وفي هجومها
القاتل الذي شنته على أسطول الحرية
الذي كان متوجهاً إلى غزة في شهر مايو/أيار،
أظهرت حكومة نتنياهو نوعاً من التوحد
السياسي في عجزها عن إدراك حقيقة
مفادها أنه حتى أقرب أصدقاء “إسرائيل”
لم تعد لديهم الرغبة في تقبل العواقب
الإنسانية المترتبة على حصار غزة . وفي العالم العربي لن نجد في الوقت الحالي
أي قوة مهيمنة قادرة على التخطيط
للاستقرار أو الترويج له خارج حدودها
الوطنية . وسوف يستغرق الأمر وقتاً
طويلاً قبل أن يتمكن العراق من
الاضطلاع بدور إقليمي من جديد . أما
أجندة الإصلاح السعودية فإنها تتعلق
في الأساس بقضايا داخلية . وكان الركود
السياسي في مصر سبباً في الحد من
نفوذها الإقليمي . ولا شك أن قطر تبالغ
في تقدير قوتها . لذا فإن القوة
الإقليمية الوحيدة في الشرق الأوسط
اليوم هي إيران، ولكنها ليست قوة داعمة
للاستقرار، ومن الواضح أن البلدان
العربية تدرك هذه الحقيقة . وبقدر
كراهيتها لنشوب أي حرب في المنطقة،
فإنها تخشى بصورة خاصة اندلاع حرب بين
“إسرائيل” أو الولايات المتحدة
وإيران، وذلك لأنها تدرك تمام الإدراك
أن تأثيرها في أحداث حرب كهذه سوف يكون
ضئيلاً للغاية . والواقع أن الديناميكيات الإقليمية
البينية في الشرق الأوسط اليوم، أصبحت
مدفوعة بنفوذ ثلاث دول، ليس من بينها
أي دولة عربية: وهي “إسرائيل” وإيران،
وعلى نحو متزايد تركيا . ففي الأعوام
الأخيرة حاولت تركيا التوسط بين “إسرائيل”
وسوريا، وبين “إسرائيل” وحماس، وبين
الطوائف المتنازعة في لبنان، ومؤخراً
بين إيران والدول الخمس الدائمة
العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا . ويتعين على تركيا الآن أن تستمر في
الاضطلاع بهذا الدور، ولكن الحكومة
التركية سمحت لنفسها على نحو متزايد
بالانجراف إلى صراعات الشرق الأوسط،
بدلاً من العمل بوصفها وسيطاً نزيهاً . كانت لإدارة أوباما بداية قوية في ما يتصل
بمشاكل الشرق الأوسط، ولكن بعد انقضاء
عام ونصف العام منذ تنصيبه رئيساً
للولايات المتحدة، تحولت “يده
الممدودة” إلى إيران إلى قبضة، ومن
المرجح أن تستمر القضايا الداخلية
التي تشغل بال أوباما وفريقه إلى نهاية
انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/
تشرين الثاني المقبل على الأقل، الأمر
الذي لابد أن يحول دون أي دبلوماسية
نشطة طوال الأشهر الحرجة المقبلة . ولكن ماذا عن الاتحاد الأوروبي؟ الواقع
أننا لم نشهد أي قدر يُذكَر من
دبلوماسية منع الأزمات من جانب بروكسل
أو عواصم أوروبا الوطنية، ولم يبذل أي
من وزراء خارجية بلدان الاتحاد
الأوروبي الكبرى أي محاولة للتوسط
ببين أقرب صديقين إلى أوروبا في منطقة
البحر الأبيض المتوسط، “إسرائيل”
وتركيا . قبل عشرين عاماً، وفي الأسابيع التي سبقت
غزو العراق للكويت، انتبه العديد من
المراقبين إلى بوادر أزمة تلوح في
الأفق، ولكن اللاعبين العرب والغربيين
تمكنوا على نحو ما من إقناع أنفسهم بأن
الأمور لن تخرج عن نطاق السيطرة . والحق أن تلك الأزمة، وغيرها من الأزمات
التي سبقتها أو تلتها، أظهرت أن
التوترات في الشرق الأوسط نادراً ما
تحل بمرور الوقت . فهي في بعض الأحيان
تُحَل من خلال التدخل الدبلوماسي
النشط من جانب لاعبين إقليميين أو
دوليين، وفي أحيان أخرى تتحول إلى عنف
لا زمام له . ================= آخر تحديث:الأربعاء ,04/08/2010 ميشيل كيلو الخليج لم تعقد بعد قمة عربية للتباحث في الشأن
الاقتصادي العربي، رغم أهميته . لم
تعقد كذلك قمة عربية لتدارس أوضاع
العالم العربي الاجتماعية، رغم
حساسيتها الفائقة . وبقيت الثقافة في
عالم العرب خارج أي بحث رسمي عربي عام،
في مؤتمر قمة أو في غيره، مع أن للثقافة
مكانة مركزية في حياة الأمم، خاصة في
مراحل تشكلها السياسي . مع طرح فكرة قمة عربية تناقش أوضاع
الثقافة في وطننا الكبير، يكون عالمنا
الرسمي قد انتبه إلى أهمية المسألة
الثقافية، سواء من حيث دورها في حياتنا
المعاصرة، التي لن تتكامل عناصرها إن
بقيت الثقافة سلبية الأثر في تأسيسها،
أو من حيث قدرتها على جمع شتات العرب،
الذين فرقتهم السياسة، بينما بقي
اقتصادهم برانياً بالنسبة إلى وجودهم .
فهل تعني الدعوة الحالية إلى مؤتمر
عربي للثقافة انتباه أولي الأمر منا
إلى دور الثقافة في رتق الفتق الذي
ترتب على سياساتنا المتناحرة في
المجالين الوطني والقومي، وصار من
الضروري وطنياً وقومياً التخلص منه،
أم أنه سيكون هناك وضع يد على الثقافة
في عالمنا الذي غابت عنه جميع عناصر
ومكونات التوحيد، وبقيت ثقافته في
أيدي نخب إن كانت غير منضبطة مكنتها
أزماته من لعب دور مفتاحي في حياته
السياسية أيضاً، فمن غير الجائز
إبقاؤها بعيداً عن أيدي النظم، كي لا
تتسبب في هزات أو مفاجآت تفوق في حجمها
ومداها تلك التي تعاني منها سائر دول
العرب وحكوماتهم، برز أثرها في الحراك
الثقافي خلال مطالع القرن الحالي داخل
أكثر من دولة عربية، مع ما قاله من جديد
وأحدثه من أثر، وسببه من إحراج هنا
وهناك، وظل أثره باقياً إلى أيامنا،
وترشحه التطورات القادمة للتجدد
والتعمق؟ بغض النظر عن الأجوبة على هذه التساؤلات،
التي يحق للمثقف العربي طرحها في عالم
رسمي لم يبد في أي وقت ما يليق بالثقافة
من اهتمام واحترام، ولم يتخذ يوما خطوة
جدية واحدة تمكن الثقافة من النمو
والتطور وممارسة الدور الذي هي جديرة
بممارسته في حياة أمة تغالب هزيمة
تاريخية مديدة، فإن التفكير بعقد قمة
عربية للثقافة هو أمر حميد إلى أبعد
الحدود، بالنظر إلى ما بلغه حال
الثقافة من تدهور وانهيار في عالمنا
العربي الممزق، الذي يغلق كل بلد من
بلدانه حدوده أمام منتجات البلدان
الأخرى الثقافية، ويحول دون تداولها،
ويتجاهل ما تتطلبه الثقافة من بنى
تحتية، ومخصصات مادية، وعوامل معنوية
وروحية، وأجواء إبداع وتفتح، وضرورات
تواصل مع عالم سبقنا حتى صار في عالم
علم ومعرفة وثقافة يختلف نوعياً عن
عالمنا الشديد التأخر، المعادي في
أحيان وبلدان كثيرة للعلم والمعرفة
والثقافة، بينما يعاني الإنتاج
الثقافي عندنا من تماوت تزايد باضطراد
بفعل هوة التخلف عن العالم، حتى صار
تماوته يهدد وجودنا ذاته، ويقوض ما
تركه الأجداد لنا من وحدة روحية
ومعنوية، وإطار تاريخي جامع، ويدمر ما
ورثناه من أنماط تواصل وتفاعل تركها
لنا الإسلام وحضارة سابقة له امتدت
آلافاً كثيرة من السنين، صنعها
أجدادنا بأيديهم وعقولهم، فمكنتنا من
البقاء رغم ما تعرضنا له من غزو
واجتياح وكوارث، وتفكك سياسي واقتصادي
وتخلع اجتماعي، وأتاحت لنا حراكاً
داخلياً شديد المرونة جعل أي وافد
إلينا يجد مكاناً في صفوفنا، ويندمج في
بنيتنا ويتحول من غريب طارئ إلى محلي
أصيل، بعد أن رفع إطارنا الحضاري
والتطوري العام: الاقتصادي والاجتماعي
والثقافي / اللغوي، مستواه الوجودي، من
دون أن يقوض خصوصيته أو يسلبه الحق في
ممارسة أكثر الأدوار أصالة ونفوذاً . قمة للثقافة؟ نعم، وبحماسة شديدة، على أن
تكون قمة على أعلى مستوى سياسي وثقافي،
ما دام تلاقي النخبة السياسية والنخبة
الثقافية أول خطوة حقيقية على الطريق
المفضي إلى خارج مأزقنا العربي
المخيف، وأهم خطوة في مواجهة أخطار
خارجية كثيرة يحولها عجزنا الرسمي
وضعف مجتمعاتنا وتبعثرها إلى أخطار
قاتلة، بدأت بقضم وطننا عام 1948 في
فلسطين، ولم تتوقف منذ ذلك التاريخ عن
إعداد الشروط اللازمة للاستيلاء على
مفاصله المهمة وثرواته وموقعه
الاستراتيجي، جاعلة من تفكيكه وإسقاطه
جزءاً بعد آخر أمراً ممكناً، كما ظهر
خلال السنوات الأخيرة في العراق، الذي
كان يبدو واحداً من أكثر أجزاء الوطن
العربي مركزية وقوة، لكنه سقط خلال
أيام قليلة وعجز منذئذ عن النهوض، ولا
يعرف أحد بالضبط ماذا سيكون مصيره،
وعلى من سيكون الدور بعده . قمة للثقافة؟ نعم، وبحماسة صادقة، على أن
تتدارس مشكلاتنا جميعها من منظور
ثقافي/ معرفي لا يكذب ولا ينافق، هو
الأرضية التي يلتقي فيها وعليها
السياسي والاقتصادي والاجتماعي
والمعرفي والوجودي . . الخ، فلا يبقى
موضوع إلا ويكون محل درس وتأمل
واجتهاد، ولا تتردد القمة في التصدي
بالنقاش والتفكير لأي محظور أو ممنوع،
ليس فقط لأنها أول قمة للثقافة، بل
كذلك لأنها يجب أن تفعل في المجال
الثقافي ما عجزت القمم عن فعله في
المجال السياسي: إرساء أسس وثوابت
جامعة تشكل حاضنة وطنية وقومية داخلية
ينمو فيها عقل العرب وكيانهم الروحي
والمادي، فيتخطون بمعونته وفيه خلافات
السياسة وتناقضاتها، وينتقلون،
بالثقافة، إلى حال تلزمهم بتخطي
فرقتهم الرسمية وعجزهم، وتنمي مشتركات
تحتضنها عقول عامتهم وخاصتهم وتحولها
إلى عنصر توحيد يضغط على صناع قرارهم،
فيكون دور الثقافة شبيها بدور دينهم في
تأسيس هويتهم وإبقائها بعيدة عن
المؤثرات القاتلة لخلافاتهم
المعنّدة، ومصالحهم السياسية
المتضاربة . في هذه المناسبة، من الطبيعي القول: إن
الثقافة تعني الحق في الحرية والمعرفة
والتواصل، فلا ثقافة من دون حرية تتيح
المعرفة وتمنح العارف حق التواصل مع
غيره، فالحرية ضرورية لاكتساب المعرفة
وهذه مستحيلة من دون تواصل، على أن
يكون الحق في الحرية للأفراد
والجماعات، ويكون التواصل طليقاً وفي
متناول الجميع ومتخطياً لأية حدود أو
قيود، عسى أن نسترد بالحرية والتواصل
تلك الأجواء التي جعلت مجالس الخلفاء
أماكن لإنتاج المعرفة، ناقش المختلفون
فيها كل ما كانوا يريدون مناقشته،
وأوصلوا المعرفة إلى عامة الناس، حتى
إن أعرابياً بقي اسمه مجهولاً في
التاريخ التقى ذات يوم الفيلسوف
الفارابي، فسأله أن يشرح له ما غمض
عليه من كتاب أرسطو في المنطق (الأورغانون
الكبير)، فاعتذر الفارابي (الذي كان
يلقب بالمعلم الثاني، باعتبار أن
المعلم الأول هو أرسطو نفسه) لأنه لا
يستطيع الشرح من دون الكتاب، فقال
الرجل: أبحث عنك منذ عشرة أعوام، بعد أن
حفظت نص الكتاب عن ظهر قلب، وسأتلو
عليك ما لم أفهمه منه فتشرحه لي، وهكذا
كان . قمة للثقافة؟ نعم، وبحماسة شديدة، على أن
يكون رهانها ذلك العربي، الذي حفظ كتاب
أرسطو عن ظهر قلب وطفق يبحث عن
الفارابي طوال عشرة أعوام علّه يشرح له
فقرات منه لم يفهمها، وتلك العلاقة،
التي جمعت الخلفاء بعقول عصرهم، بل
وجعلت بعضهم من علمائه، وأخيراً تلك
العلاقة التي وضعت الفيلسوف في متناول
العربي العادي، الذي عرف الفلسفة
وقرأها، وبلغ من اهتمامه أنه ضاق ذرعاً
بجهله بعض فقراتها ونصوصها، فأخذ يبحث
عمن يشرحها له طوال عشرة أعوام . قمة للثقافة؟ نعم، على أن ترفرف عليها روح
الخليفة المأمون وذاك الأعرابي، الذي
لا نعرف اسمه، وقد يكون أي واحد من
مواطنينا، متى أتيح لهم الحق في الحرية
والتواصل . ================= الاربعاء, 04 أغسطس 2010 عمرو الله صالح * الحياة قد تشعل سياسة كارزاي بإزاء طالبان
حرباًَ أهلية جديدة بأفغانستان. ويخشى
أن تؤدي حرب العصابات الحالية الى حرب
عامة تشترك فيها الجماعات القبلية
والقومية، وتقتتل فيها دون هوادة.
والحق أن سياسة كارزاي الطالبانية
والبشتونية جزء أو وجه من سياسة عامة
أدت الى قطع الجسور بين كابول، أي
كارزاي، وبين جماعات أفغانستان
الأخرى، من طاجيك وأوزبك وهزارة.
وإقصائي شخصياً عن منصب مديرية الأمن
الوطنية في أوائل حزيران (يونيو)،
بذريعة إخفاقي في الحؤول دون قصف «الجيرغا»
المنعقدة بكابول، هو إجراء سياسي يعود
الى خلافي مع الرئيس على سياسة «المصالحة»
التي ينتهجها كارزاي، ويدعو طالبان
الى استجابتها. وما كان احتمالاً ضعيفاً في ذهن الرئيس،
طوال الأعوام الستة التي كنت في
أثنائها على رأس جهاز الاستخبارات
الوطني، انقلب في السنة الأخيرة
يقيناً وركناً سياسياً ثابتاً. فهو خلص
من عجز الحلف الأطلسي عن الانتصار على
التمرد في السنوات التسع المنصرمة،
منذ الحملة الأميركية غداة 11 أيلول (سبتمبر)
2001، ومن فشله في إقناع باكستان بالقضاء
على ملاجئهم بأراضيها، الى أنه لن
ينتصر هو عليهم، ولن يحمل باكستان على
ما لم يحملها «الأطلسي» عليه. وانتهى
الى أن الحوار هو الحل الوحيد الباقي. والمشكلة هي ان اقتراح الحوار يصدر عن طرف
واحد. وطالبان غير مبالين به، وهو ليس
شاغلهم. فهم يركبون موجة عالية. ويزعم «الأطلسي»
انهم محشورون. وقد يصدق هذا في
المقاتلين المحليين والبلديين. وهو لا
يصدق أبداً في القادة الذين يحلون
ضيوفاً على باكستان، فلماذا يستجيبون
دعوة الحوار والحال هذه؟ ودعوة كارزاي
ناعمة. وهي تخاطب متطرفين يعتنقون
إيديولوجية حادة وقاطعة. وتمييز
طالبان أفغانستان من «القاعدة» خطأ.
وربما هناك فرق بين طالبان المحليين،
مرة أخرى، وبين مجندي «القاعدة». ولكن
الفرق يقتصر على الصعيد هذا، ولا
يتجاوزه الى القادة. وأنا أرى الملا
عمر نسخة أفغانية عن بول بوت (زعيم
الخمير الحمر حين استولوا في 1978 على
كمبوديا). والدعوة الى محاورة طالبان
هي في مثابة اعتراف باضطلاعهم بدور «حركة
تحرر وطني». وهذا سذاجة فادحة. والعامل الفادح الآخر
هو لعبة باكستان المزدوجة. والقرائن
عليها تلال من التقارير الاستخبارية.
فعلى رأس القوات الطالبانية نحو 200
قائد يحلون ضيوفاً على باكستان،
وتتولى أجهزتها الأمنية حمايتهم. وإذا
أخفق «الأطلسي» بباكستان برزت باكستان
قوة إقليمية، واتسع نفوذها الى حدود
أفغانستان شمالاً. ولا ريب في أن
تحذيري كارزاي على الدوام من دور
باكستان هو أحد أسباب عزلي من منصبي
وعملي. والحرب الأهلية التي تطرق
الأبواب قد تكون شراً من تلك التي
اندلعت في التسعينات الماضية، غداة
انسحاب القوات السوفياتية. فطالبان
اليوم هم أقوى مما كانوا يومها، وأقل
ميلاً الى المساومة. وعليه، فالأمر
عاجل، والخطر داهم، ولا عذر للقاعد. * مدير جهاز الأمن الوطني
سابقاً الافغاني (2004 - 2010) وأحد مساعدي
أحمد شاه مسعود ببانشير، عن «لوموند»
الفرنسية، 25 - 26/7/2010، إعداد وضاح شرارة ================= مجتمع عارضِ القلق
والآلام النفسية الفردية الاربعاء, 04 أغسطس 2010 ألان إهينبيرغ * الحياة الظاهرة الاجتماعية العريضة التي ينبغي
تعليلها وتفسيرها هي مكانة المشاعر
والانفعالات في المجتمعات المتقدمة،
وانشغال المجتمع والسياسة بالذاتية
الفردية. وتقدر الإحصاءات المصيرية ب 25
في المئة السكان الذين يشكون، في
السنة، اضطراباً عصبياً أو نفسياً،
والاضطراب هذا، في معظم الأحوال، ناجم
عن القلق أو الاكتئاب. وتبلغ كلفة
العناية بأصحاب الأعراض، في الاتحاد
الأوروبي، 3 الى 4 في المئة من الناتج
الإجمالي الداخلي. ويلاحظ ان اختلال
الصحة النفسية يتطاول الى الاجتماع
والاختلاط وعلاقاتهما. وعلاقاتنا
الاجتماعية، اليوم، إنما «تتكلم» لغة
مشاعرنا وانفعالاتنا. ويتوسل الفرنسيون الى العبارة عن اختلال
روابط الاجتماع والاختلال في مجتمعهم
و «كلام» الاختلال لغة المشاعر
والانفعالات، بلفظة «عارض قلق» (على
مثال: عارض صحي). وهذه اللفظة لا قرين
لها في بريطانيا ولا في اسكندينافيا
ولا في الولايات المتحدة. فيقال ان
المجتمع يشكو عارض قلق أو ان عارض قلق
أصاب الرابطة الاجتماعية. وهي، أي
اللفظة، تفيد معنى الهشاشة والتصدع.
وتصيب الهشاشة شخصية المرء (او المرأة)،
وهذه هي عنوان الفردية والذاتية،
وتولي الواحد المسؤولية عن نفسه بنفسه.
وعليه، فعارض القلق في المجتمع هو ثمرة
ضعف الرابطة أو العروة الاجتماعية، من
وجه، وهو، من وجه آخر، القرينة على
تعاظم ثقل المسؤوليات والاختبارات
التي ينوء الفرد بها وتمتحنه. وفي آخر
المطاف، قد يعجز أهل المجتمع (الفرنسي)
عن القول ما الذي يجمعهم ويؤلف بينهم. وإذا صح أن أهل مجتمع من المجتمعات هم في
آن، من يفعلون في الحياة الاجتماعية
وينفعلون بها، جاز ان نخلص من تغير صور
الفعل الى تغير صور الانفعال. والتغير
الكبير الذي طرأ على الحياة
الاجتماعية المعاصرة هو تولي المرء أو
الفرد أمور نفسه بنفسه، وقيامه بها.
ونظير تغير الفعل انقلب الانفعال الى
الآلام النفسية وعارض القلق الذي
يلخصها. فآلام النفس هي العبارة التي
تلازم المشكلات والنزاعات الناجمة عن
الحياة الاجتماعية وروابطها في
مجتمعنا اليوم. والكلام على المشكلات
والنزاعات في لغة الألم النفسي
والقلق، لا يسع مجتمعاتنا تجاهله ولا
التغاضي عنه. فهو وسيط الأفراد
الإلزامي الى الإعلان عن شكاويهم
وجهرها وإسماعها الملأ. والشكوى فعل
لغوي، وهي تتوجه الى مخاطبين يفترض
فيهم فهمها، واستعمالها في جوابهم أو
ردحهم، والصحة النفسية جزء من الظواهر
التي تشترك فيها حياة الجماعة، على
خلاف علم الانحرافات النفسية العام
التقليدي أو طب الأمراض العصبية و «العقلية». وتغيُر حال الألم النفسي هو قرينة على ان
انحرافات واختلالات فردية، من صنف ما،
صارت أعراضاً وانفعالات اجتماعية.
فتتمخض التعاسة الشخصية عن اضطرابات
تصيب حلقة المخالطة القريبة، على نحو
ما تصيب المنشأة (أو الشركة) والأسرة
السياسية. وتختبر المجتمعات، في
الاضطرابات الناجمة عن التعاسة
الشخصية، ومعالجة الشطر القدري أو
الإجباري من الحوادث والوقائع.
والتعاسة والشر والمرض هي مادة هذا
الشطر القدري. وحري بدارس الاجتماعيات
إنزال المسألة من عليائها
الميتافيزيقية الى الحياة العادية
والسائرة. وعلى خلاف الشكوى الفرنسية، وإلقائها
اللوم عن الاضطرابات الفردية والشخصية
على عارض القلق المجتمعين يلقي
التنديد الأميركي التبعة على الفرد،
ويبرئ المجتمع من التبعة. فيذهب
الأميركيان كريستوفر لاش وروبرت
بيلّاه الى ان نرجسية الفرد (الأميركي)
ووهن وطنيته المدنية، وتخليه عن
الأخلاقيات الجمهورية، هي السبب في
قصور المجتمع المعاصر، وتردي الحياة
الجماعية وتآكلها. ويلخص التشخيص
الأميركي العلة في خسارة الذات (أو ذات
النفس، وما يقوم منها مقام نواتها
المتماسكة والمبادرة). والذات، أو ذات النفس، تجمع في نازع واحد
ومشترك بناء الفرد وبناء الجماعة (الوطنية
أو المهنية او المحلية). وعلى خلافها،
يوجب المثال الفرنسي فصل الفرد من
الجماعة، ثم إرساء الفرد على ركن
الجماعة، وتوكيلها هي بكفالة حريته
وحمايته معاً. فإذا انكفأت الجماعة، أو
بدا للأفراد انها تقصر عن كفالة حريتهم
وحمايتهم، أصابهم عارض القلق، والشعور
بالهشاشة، المشهودان اليوم. والدولة
الأميركية تولت، حين نشأت، جمع
المعمرين، والتأليف بينهم بواسطة
رابطة فيديرالية (ائتلافية). والمعمرون
هؤلاء أحرار (مستقلون) ومتساوون.
وأقرتهم الدولة الفيديرالية على
حريتهم ومساواتهم وإرادتهم وتعاقدهم،
ودعتهم الى التزام قسمهم وعهدهم. وأما في فرنسا، فلم تؤلف الدولة بين افراد
أحرار ومتساوين بل تولت هي تحريرهم من
نظم التبعية التي كانوا أسرى هيمنتها.
واضطلعت، بعد فك وثاقاتهم وروابطهم
التقليدية، بالتحكيم في نزاعاتهم
المتخلفة عن تحررهم، وذلك من طريق بسط
رعاية اجتماعية وارفة على ضعفائهم. ولا
يقتصر الفرق بين المثالين الفرنسي
والأميركي على الدولة. فهو يتطاول الى
الديانة. وتلابس الدولة الفرنسية صبغة
دينية قوية بقيت من آثار النزاع الطويل
بينها وبين الكنيسة الكاثوليكية،
وتوليها هي محل الكنيسة رابطة المجتمع
بهذه، ونازعها الى تأطيره وتهذيبه
وتربية روحانيته والأخذ بيده على طريق
خلاصه أو تقدمه. وقام الجسم التعليمي
المدرسي بدور الإكليروس المدني،
وانتصب بإزاء المجتمع قاضياً وناقداً
ومقوماً وعالماً عارفاً. فإذا تلكأت
الدولة أو تعثرت، فقد الأفراد سندهم
ودليلهم. ويرقى النازع الفردي، أو الفردية
الأميركية، الى النشأة الطهرانية
والبروتستانتية الأولى في القرن
السابع عشر. ويحمل النازع
البروتستانتي كل فرد من الناس على
كنيسة. ونريد النازع البروتستانتي
الأميركي على هذا عاملاً جديداً هو
اشتراط الإرادة الشخصية، وطلب نية
التعاقد والتعاهد، على المسيحي.
والكاثوليكي يقدم على الاعتراف بينما
يفحص البروتستانتي ضميره. والفردية
السياسية الأميركية تتوج الفردية
الدينية البروتستانتية، وتمضي عليها.
فترسي المجتمع السياسي، أو الجماعة
السياسية، على خواص الفرد الداخلية
وأولها مَلَكة تسيير نفسه بنفسه. وتعقد
عقداً متساوياً ومتجانساً بين الدائرة
الخاصة وبين الدائرة العامة، فلا ينفك
الإنجاز او النجاح الشخصي من بناء
الجماعة السياسية بناء عادلاً ومجزياً.
وذات النفس الأميركية مفهوم اجتماعي
سبقت صفته الاجتماعية صياغته الفلسفية
والنفسانية. ويتفرع المفهوم ويصرف
تصريفاً كثير الأوجه: فهو ذات النفس
المستقلة والواثقة، وهو ذات النفس
الحاكمة نفسها بنفسها فرداً وجماعة
متضامنين، وهو حد التمام الشخصي وحد
المساواة المترتبة عن المجتمع
الديموقراطي والوصلة بين الحدين. وحين شخص الأميركيون أزمة النرجسية
حملوها على قصور في القيام بالنفس.
وحملها دارسو الاجتماعيات الفرنسيون
على إفراط في قيام الأفراد بأنفسهم
ناجم عن انفراط الهيئة الاجتماعية
وتقوض مؤسساتها وأجسامها. فخشي
الفرنسيون تخلي الدولة عن المجتمع،
وتركه نهباً لنزاع الأفراد لا ضابط له،
وتدور دوائره على الضعفاء المتروكين،
على «الطريقة الأميركية»، يتحمل
واحدهم المسؤولية عن نفسه. وعلى حين
تجمع فكرة ذات النفس الأميركيين، تقسم
الفرنسيين. وهؤلاء تجمعهم فكرة الهيئة
العامة (أو الدولة). والاستقلال بالنفس استقر حالاً عامة في
فرنسا حين اصابت دولة الرعاية الأزمة
التي لم تشف منها. فجُمع الاستقلال
بالنفس الى «عودة» الليبرالية، ونهض
نقيضاً لمعارضتها السارية في الثقافة
السياسية الفرنسية منذ القرن الثامن
عشر. وهذا قلب الانقسام الفرنسي.
فالمساواة الفرنسية تعرفها المساواة
في شروط الحماية. وهي تفترض الرتبة أو
المرتبة، على معنى الوظيفة ومثالها
الوظيفة العامة أو الحكومية. والهيئة،
على هذا المعنى، هي الوصلة بين العام
وبين الخاص، أو المقدس. ومثالها ليس
الفرقة البروتستانتية التي يعتنقها
المؤمن صادراً عن إرادة ذاتية بل
الكنيسة الكاثوليكية القائمة
بالوساطة بين المؤمن والخالق. ولعل عارض القلق الشائع هو ثمرة اصطدام
الأبنية الفرنسية المخالفة
لليبرالية، والمتخلفة عن نظام الهيئة -
وحمايتها ورعايتها، بالإطار
الليبرالي. فيُنكر على الإطار
الليبرالي قيامه بمحل السبب والعلة من
تآكل دالة الهيئات والمؤسسات، وهشاشة
الحياة، وامحاء علامات الاستدلال.
والألم النفسي هو ثمن غلبة الإطار
الليبرالي على الحياة الاجتماعية.
واختلال هذه هو منشأ عارض القلق الذي
تصيب آلامه وتعاسته الأفراد، وتقضّ
على الذات مضجعها. وفي الأثناء، افتقرت
المساواة، على معنى الحماية والمرتبة
المكتسبتين، أركانها ومسوغاتها.
ومصادر التفاوت اليوم هو الغرق في
موارد العلاقات والمعرفة، وبإزاء
متطلبات العمل المرن والمتقلب. وليس
وهن الرابطة الاجتماعية هو علة عارض
القلق بل انقلاب التفاوت الاجتماعي
وصوره من حال الى حال، ونهوض صور
التفاوت على العامل الفردي والشخصي
الذي لا تقر له الأبنية العملية
والسياسية الفرنسية إلا بمحل ضيق. * دارس اجتماعيات الفردية، عن «إسبري»
الفرنسية، 7/2010، إعداد وضاح شرارة ================= السعي للنيل من المحكمة
الدولية مستحيل الاربعاء, 04 أغسطس 2010 رندة تقي الدين الحياة الضجيج الدائر في لبنان حول المحكمة
الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري
ورفاقه لا جدوى فيه سوى خلق أجواء توتر
وتشنج في البلد، لأنه لن يلغي عمل
القاضي الدولي دانيال بلمار ولا
المحكمة الدولية. إن كان هدف هذا
الضجيج هو التخويف من الفتنة وتعطيل
البلد أكثر مما هو معطّل حالياً، فهذا
بحد ذاته تسييس لنتيجة محكمة لم تصدر
بعد قرارها الظني، ولا يُعرف ما فيه. التسييس هو في استباق القرار الظني
والتخويف بالفتنة للضغط على الحكومة
اللبنانية لطلب إلغاء المحكمة. ما معنى
تسييس المحكمة؟ هل ان اغتيال الرئيس
الحريري ورفاقه جريمة سرقة أو جريمة
جنائية بحتة؟ الجريمة سياسية واغتيال
الحريري لأسباب سياسية بحتة، كما
اغتيل قبله رؤساء وزعماء في لبنان
خرجوا عن الخط الذي رُسِم لهم اقليمياً. لا شك في أن القرار الظني الذي سيصدر عن
القاضي بلمار سيكون مرتبطا بالسياسة.
لأن منفذي اغتيال الحريري نفذوا
أغراضاً سياسية واضحة، ولا يمكن إلا أن
يحمل القرار الظني إزاء المجرمين معنى
سياسياً. فالقول إنه لا ينبغي تسييس
المحكمة لا معنى له، الا اذا ابتدعت
أفكار جديدة للقول أن اغتيال الحريري
ورفاقه نفذ لأغراض غير السياسة؟ يشن اليوم «حزب الله»، وحلفاؤه في لبنان،
حملة مبكرة على قرار ظني لم يصدر بعد.
والضجيج حول تسييس القرار يذكر برواية
دوستويفسكي «الجريمة والعقاب» حيث
يعتبر البطل المجرم راسكولنيكوف نفسه
إنساناً خارقاً، وأنه في إمكانه تنفيذ
عمل إجرامي كريه لسبب جيد بالنسبة
اليه، لكنه لم يتمكن في النهاية من
التخلص من العذاب والألم لتنفيذ
جريمته. ومع استمرار الحملة على المحكمة التي لن
تلغى، يجدر طرح السؤال عن سبب نشر
التخويف والتوتر، في حين أن لا أحد سوى
القاتل يعرف من قتل الحريري. وإذا كان هذا الضجيج لخدمة الحليف
الإيراني الذي يحاول ضرب قرارات مجلس
الأمن من خلال لبنان، بدءاً بالقرار 1559
الذي يتحدث عن سلاح «حزب الله» ثم
القرار 1691 لإنشاء المحكمة الدولية
للوصول الى القرار الدولي الأخير 1929
بالعقوبات الدولية الموجعة على إيران،
فإن هذه القرارات لن تلغى. أما إذا كان من أجل الضغط على الحكومة
اللبنانية لطلب إلغاء المحكمة فهذا
أيضاً غير ممكن، لأن المحكمة تم
تمويلها لهذه السنة، وبلمار مدرك أن
عليه أن يسرع بعمله طالما لديه التمويل
الكافي لسير عمله كي لا يتعرض الى
التباطؤ بالتمويل. فالتهديد بالفتنة لتعطيل أو إلغاء
المحكمة مجرّد تهويل، لأنه لم يعد
بالإمكان إلغاء محكمة تم إنشاؤها. أما
تسييسها فلا معنى لذلك كون الجريمة
سياسية بكل الأحوال. وإن كان القرار
الظني وجه الاتهام الى لبنانيين أو
سوريين أو إسرائيليين، فهذا بحد ذاته
تسييس كون السبب نفسه سياسياً. فلنتوقف
عن الاختباء وراء كلمات واتهامات
غرضها التسييس والتوتر والهيمنة
بالقوة. ولنتذكر شهداءنا الذين سقطوا،
وذهبت دماؤهم مثل من سبقهم من الشهداء.
فلماذا قتل سمير قصير وجبران تويني
وبيار جميل ووليد عيدو وباسل فليحان
وفرانسوا الحج؟ ولماذا قتل كمال
جنبلاط وبشير جميل ورينيه معوّض وجورج
حاوي؟ ولماذا كاد يُقتل مروان حمادة؟
فكل هذه الدماء تُهدر بقرار قاتل
المطلوب عدم توقيفه وعدم إيجاده وعدم
كشفه، لأن قانون القتل والاغتيال في
لبنان مطلوب أن يكون أقوى من القانون
الدولي. فحان الوقت أن تظهر الحقيقة
وألاّ يبنى على الزيارات الرفيعة التي
تمت في لبنان سيناريوات غير واقعية
بإلغاء المحكمة. فالمحكمة الدولية لا
يمكن أن تُقتل. ================= التاريخ والاستراتيجية
في أفغانستان عبد المنعم سعيد الشرق الاوسط 4-8-2010 هناك بعض المقالات أحيانا تحتاج قدرا من
التعريف بالمفاهيم الأساسية؛ وهنا فإن
التاريخ هو عملية تطورية تتداخل فيها
مئات، بل آلاف، وربما حتى ملايين
العناصر الاقتصادية والاجتماعية
والتكنولوجية والسياسية، التي يتفاعل
بعضها مع بعض لكي تنتج بعد ذلك واقعا
مختلفا عما كان. وقد اختلف المؤرخون
وعلماء الاجتماع والمفكرون والفلاسفة
حول أهمية هذه العناصر وأكثرها فاعلية
في تحريك المجتمعات من نقطة إلى أخرى؛
ولكنهم جميعا اتفقوا على أن لا شيء
يبقى على حاله، وأن التغيير والانتقال
من نقطة إلى أخرى هو من سنن الكون حتى
عندما توصف مجتمعات بالجمود والتخلف.
هي عملية طويلة المدى بالضرورة، قد
يسرعها تطور تكنولوجي، أو ثورة عارمة
تكون أشبه بعملية تسخين عناصر المادة
حتى تتفاعل بسرعة أكبر وتتحول إلى وضع
جديد. الاستراتيجية على الجانب الآخر
هي عملية إنسانية محضة تتعلق بوسائط
الانتقال ما بين الموارد والأهداف في
مسرح أو ساحة بعينها، وبدايتها تعريف
وتحديد المصالح المراد وقايتها أو
حمايتها ووضعها في صورة نقاط بعينها
يراد الوصول إليها في فترة زمنية
محددة، ومن ثم يمكن الحديث عن
الاستراتيجية العسكرية أو الأخرى
الاقتصادية وهكذا. لذا فإن التاريخ
يقيّم حسب المرحلة أو الزمن الذي يصل
إليه من تقدم أو تراجع، أما
الاستراتيجية فإن تقييمها عنوانه
النجاح أو الفشل. هذه المقدمة كانت ضرورية لتقييم الوثائق
التي تم الكشف عنها مؤخرا فيما يخص
الحملة العسكرية الأميركية والغربية
في أفغانستان. وبغض النظر عما إذا كان
نشر هذه الوثائق واجبا أم لا، وهل هو من
قبيل ممارسة حرية الصحافة أو أنه نوع
من التفريط في الأمن القومي، فإن
المسألة كلها تكشف حالة من الفشل
الناجم عن الجهل بالفارق بين
الاستراتيجية والتاريخ. لقد ذهبت
الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى
أفغانستان لهدف محدد وهو إلحاق
الهزيمة بجماعة الإرهابيين الذين
خططوا ودربوا لعمليات إرهابية جرت في
مناطق مختلفة من العالم ولكن أهمها
وأكثرها قسوة تلك العمليات التي جرت في
الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 في
نيويورك وواشنطن. مثل ذلك يمثل عملية
استراتيجية لها هدف محدد يتطلب تعبئة
الموارد البشرية والمادية من أجل
تحقيقه ودون الزيغ عنه إلى أهداف أخرى،
وبخاصة إذا كانت هذه الأهداف لا يمكن
حصرها ووضعها بدقة ووضوح. وكان ذلك تحديدا هو ما وضعته الولايات
المتحدة وحلفاؤها للحرب في أفغانستان
حينما خلطت الاستراتيجي بالتاريخ،
وبينما كانت تقوم بعملياتها العسكرية
التي تستدعي بناء أكبر قدر من
التحالفات القادرة على هزيمة الخصم،
كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها
يوسعون من دوائر الخصوم من خلال محاولة
دفع التاريخ إلى الأمام من خلال
الديمقراطية و«بناء الأمة» الأفغانية.
وحتى قبل أن تنتج المهمة تقدما من أي
نوع سواء تجاه الهدف الاستراتيجي
بالقضاء على الإرهابيين كانت قد ذهبت
إلى العراق لكي تقضي على إرهاب لم يكن
موجودا فجاء إليها، ومعه قررت بناء
العراق وتفكيك الأمة العراقية حتى
انتهى الأمر إلى دولة ديمقراطية تفشل
في تشكيل حكومة لمدة أربعة شهور. ولا
يخفى على أحد أن بناء الأمم،
والديمقراطية، والتنمية، والتقدم، هي
مفاهيم تاريخية يدخل فيها العديد من
العناصر التي يستحيل على قوات أجنبية
القيام بها مهما توفر لها من موارد
وقدرات. «الوثائق الأفغانية» - إذا جاز التعبير -
التي نشرتها شبكة «ويكيليكس» ونقلت
عنها كبريات الصحف العالمية والشبكات
التلفزيونية تكشف ذلك بوضوح حيث ترصد
هذه الوثائق انتهاكات عديدة من قبل
القوات الأميركية منها قيام قوات من «المارينز»
بإطلاق نار بصورة عشوائية عقب تعرضها
لهجوم بالقرب من مدينة جلال آباد في
عام 2007 الأمر الذي أسفر عن مصرع 19 مدنيا
وإصابة نحو 50 آخرين، ومنها قتل 7 ضباط
وجرح 4 من الشرطة الأفغانية في يونيو (حزيران)
2007 قبل أن يعتبر الحادث ناتجا عن سوء
فهم. مثل هذا الحادث قد يكون عاديا
أثناء الحروب التي تمارس فيها عمليات
الدفاع والهجوم من أجل تحقيق الهدف
الاستراتيجي، ولكن لأن الولايات
المتحدة تريد اللعب بالتاريخ في الوقت
نفسه عن طريق الديمقراطية والتنمية
والقومية فإنه يستحيل ضبط ذلك مع
ممارسة القتل في الوقت نفسه. وتشير الوثائق أيضا إلى أن الاستخبارات
الباكستانية تدعم حركة طالبان وحددت
الرئيس السابق للاستخبارات الجنرال
حميد غل بالاسم، حيث قالت إنه شارك في
اجتماع مع متمردين عقد في يناير (كانون
الثاني) 2009. كما قالت إن إيران تقوم
بدعم عناصر طالبان بالسلاح في مدينة
بيرجند المحاذية للحدود الإيرانية -
الأفغانية، لمحاربة القوات الأميركية.
هنا أيضا يتبدى التناقض بين
الاستراتيجية والتاريخ، فلو أن الهدف
الاستراتيجي - أي القضاء على
الإرهابيين - كان هو الموضوع لكان
ممكنا بناء تحالف أو حتى تآلف مؤقت مع
كل من باكستان وإيران للتعامل مع
الموضوع. ولكن لأن القضية اختلط بها
التاريخ فإنه لم يعد مفهوما في كثير من
بلدان العالم الإسلامي عما إذا كانت
أميركا وحلفاؤها الغربيون يريدون
القضاء على الإرهاب أم القضاء على
عادات وتقاليد امتدت لآلاف السنين،
والأخطر أن أعداء التحالف الغربي
نجحوا في جعل القضية حربا على الإسلام،
وهو أمر عندما تختلط الاستراتيجية
بالتاريخ لا يمكن الهرب من وجوده ضمن
أجندة المشاركين الذين يعتقدون بعد
فترة قصيرة أنه ما دام لا يوجد حماس
لبناء الأمة، أو قيام الديمقراطية،
فلا بد أن هناك خطأ من نوع أو آخر في
العقيدة الأساسية لهذه الأمم. المدهش في الموضوع أن أحدا في الغرب لم
يعد أبدا إلى تاريخ الغرب نفسه عندما
مر بالفترات القبائلية والعشائرية
والمذهبية ليعرف أنه لا يصح بناء الأمة
دون قيام السوق الواحدة، ولا يمكن قيام
الديمقراطية دون ظهور طبقة صناعية
وسطى، مع بلورة مؤسسات معقدة تقوم على
تعريف ومراعاة مصالح مشتركة. مثل ذلك
لا يقيمه الغزو الأجنبي، الذي ينسى بعد
فترة مهمته الأصلية، بل إنه يعمل في
مناخ معاد تماما يجعل عملية التخلص من
الإرهابيين مستحيلة. الخلط بين
التاريخ والاستراتيجية يعطي
الإرهابيين أكبر هدية لأنه ينقل
المعركة من التهديد الذي يمثلونه في
المجتمعات التي يعيشون فيها وهم
يستخدمون أساليب للحياة تنتمي إلى
العصور الوسطى بما فيها من قهر للنساء
والرجال أيضا، إلى تهديد معتقدات وطرق
في الحياة تتماشى مع درجة التقدم
الاجتماعي والثقافي السائدة. وفى
الاستراتيجية يكون توازن القوى في
صالح الغرب، أما في التاريخ فإن توازن
القوى ينقلب لصالح الإرهابيين.
الوثائق الأفغانية تشهد بذلك، ولم تكن
هناك حاجة لوثائق عراقية لكي تؤكدها. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 4-8-2010 أمر عجيب، فبينما يؤكد الرئيس الأميركي
عزم بلاده سحب قواتها من العراق نهاية
الشهر، ما زال رئيس الوزراء العراقي
يواصل التمسك بالسلطة رغم خسارته
الانتخابات الاخيرة، بل وتدافع عنه
إيران بالقول: أقبلو بالمالكي ولو
ضربكم على رؤوسكم! ونقول «أمر عجيب» لأن المتابع لا يملك إلا
أن يتساءل: وما هو الفرق إذاً بين نوري
المالكي وصدام حسين؛ فالأول يقول إن
علاوي تقدم بالانتخابات بفارق صوت،
ولا يعتبر تلك خسارة، بينما صدام كان
يقول إن العراقيين قد صوتوا له بدمائهم
بنسبة 100 في المائة؟ والسؤال الأهم:
لماذا إذاً أطاحت القوات الأميركية
بصدام حسين لتخلف لنا، وللعراقيين،
صدّاماً آخر، هو المالكي، ولكن تحت
غطاء ديمقراطي؟ واشنطن بررت غزوها للعراق بالبحث عن
أسلحة الدمار الشامل، التي لم تجدها،
وإن كانت الأسلحة الأخطر هي تلك العقول
التي أدارت العراق تحت قيادة صدام، إلا
أنه بعد ذلك عاد الأميركيون ليقولوا إن
إطاحة صدام من شأنها أن تطلق ربيع
الديمقراطية بالمنطقة، وليس العراق
وحسب، وما يحدث إلى اليوم هو العكس؛
فمعاناة العراقيين بازدياد، والخطر
الذي يحدق بالعراق، والمنطقة، ينذر
بفتح أبواب الجحيم على الجميع. فحديث الأميركيين عن ديمقراطية العراق،
وضرورة أن يتدبر العراقيون أمر بلادهم
بأنفسهم كلام جميل، لكنه عذر جيد لفعل
قبيح، فما الفرق بين صدام والمالكي؟
وكيف هو حال العراق اليوم مقارنة
بالأمس؟ وما هي حجم المخاطر المتوقعة
من العراق، وعليه، بعد الانسحاب
الأميركي، مقارنة بعهد صدام حسين؟
نقول هذا ليس حرصاً على بقاء المحتل،
وإنما من باب أن على من أفسد بغداد أن
يصلحها، ومن أفسد العراق هم
الأميركيون الذين بات من الواضح أن كل
خططهم، قبل غزو العراق، كانت متركزة
على كيفية إسقاط نظام صدام، دون أن
يملكوا خطة واضحة لما بعد ذلك. وعليه فإن ديمقراطية العراق اليوم هي
أشبه بمن اختطف طفلا من أهله، ثم ألقى
به في حارة بلطجية وقال له تدبر أمورك
لتتعلم أسرار الحياة، وسر البقاء،
فالديمقراطية غرسة تسقى بالعمل،
والمثابرة، والصبر، وأحياناً
بالدماء، لكن زرعها دائماً ما يكون
مصاحباً لجهد مواز من البناء، وهذا ما
يفتقده العراق، حيث فرضت عليه
الديمقراطية بشكل سطحي تماماً. فملخص ما فعله الأميركيون هناك هو أنهم
أدخلوا العراق المريض بعمر فترة حكم
صدام حسين وأخضعوه لعملية جراحية
صعبة، وحرجة، وطلبوا منه، أي العراق،
ثاني يوم العملية أن ينهض ويركض في
سباق ألف متر تتابع، في منطقة تعج
بالذئاب! عراق ما بعد صدام لم يكن بحاجة لديمقراطية
سطحية، بل كان، ولا يزال، بحاجة إلى
حاكم قوي، من الجيش، ومن قماشة العادل
المستبد، أو كمال أتاتورك عراقي،
ليهيئ البلاد لمرحلة ما بعد صدام،
ويضمن بناء المؤسسات، وتجنيب العراق
الوقوع في أيدي قوى طامعة، ويحميه من
الطائفية والاحتراب ليضمن له الوصول
إلى مرحلة دولة المؤسسات الديمقراطية
الحقيقية، لا دولة حكام طائفيين لا
يرون أبعد من أرنبة أنوفهم. وهذا ما
تؤكده أحداث العراق كل يوم. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |