ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J حسن نصر الله في
مؤتمراته الصحفية محمد فاروق الإمام 8/12/2010 القدس العربي شاهدت كما شاهد
الملايين يوم السابع من تموز الحالي
النقل الحي الذي بثته معظم الفضائيات
العربية والأجنبية للمؤتمر الصحفي
للسيد حسن نصر الله، الذي لا أنكر أنه
– للوهلة الأولى - أدهشني بتحليله
الاستراتيجي العسكري البارع، وعرضه
الأخاذ للأدلة والقرائن التي تمكن
جهازه الفني في حزبه – كما قال - من
السطو عليها مباشرة من طائرات التجسس
الصهيونية التي كانت تقوم برصد
وتحركات السيد رفيق الحريري وتصوير خط
سيره وتنقلاته في بيروت، كما قدم
تقريراً مفصلا عن حركة الطيران الحربي
الصهيوني المكثف يوم تنفيذ الاغتيال،
وخاصة تواجد طائرة تجسس صهيونية من
طراز (أواكس) قرب سواحل العاصمة
اللبنانية. موجهاً أصابع الاتهام
للدولة العبرية باغتيال الرئيس الراحل
رفيق الحريري. ولو سلمنا جدلاً أن كل ما قاله السيد حسن
نصر الله صحيح مائة في المائة، فإننا
نصاب بالدهشة والاستغراب عن صمته
المطبق خلال السنوات الماضية عن هذه
المعلومات التي هي في حوزته والتي لم
يكشف عنها إلا بعد أن تسربت معلومات أن
هناك اتهام ظني ستقدمه المحكمة
الدولية بحق عدد من عناصر حزبه متورطون
في عملية الاغتيال. والدهشة الأكبر من صمته السابق الطويل
أنه لم يكشف عن وثائقه وقد وجهت كل
أصابع الاتهام إلى حليفه القوي ونصيره
النظام السوري وكان من المفترض إذا صحت
هذه المعلومات التي كشف النقاب عنها أن
تجنب سورية ما كان يمكن أن يوجه إليها
من اتهام كاد يورطها أمام المجتمع
الدولي والعالم ويعرضها لعقوبات قد
تصل إلى شن الاعتداء عليها ومحاسبتها. والأمر الثالث: لِمَ لم يقدم حسن نصر الله
هذه البراهين والوثائق والقرآن إلى
المحكمة الدولية ليساعد التحقيق في
سرعة كشف الحقيقة، ويجنب لبنان
الانقسامات والمماحكات وأحداث السابع
من أيار الدامية، ويقصّر من عمر هذه
المحكمة التي تكلف الخزينة اللبنانية
ملايين الدولارات. وأهم من كل ما تقدم.. لماذا لم يقدم حسن نصر
الله هذه الوقائع والبراهين والأدلة
والوثائق التي تمكن من الحصول عليها
إلى السيد رفيق الحريري قبل أن ينفذ
الموساد الإسرائيلي – كما يدعي –
اغتياله ويجنب اللبنانيين هذا المسلسل
الدموي الذي راح فيه نخبة من القادة
والمفكرين والساسة اللبنانيين الذين
كانوا كلهم يمثلون طيفاً واحداً هو طيف
الرابع عشر من آذار الذين سقطوا تباعاً
بعد عملية اغتيال الحريري. أخيراً لابد للمراقب والمحلل والمتابع
لخطابات ومؤتمرات السيد حسن نصر الله
الصحفية إلا أن يضع إشارة استفهام
عريضة على الصمت الطويل الذي التزمه
قبل عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري
وبعده، ويتساءل هل كان صمته تعبيراً عن
تقاطع مصالح – إذا ما صح اتهامه للدولة
العبرية بالتورط في عملية الاغتيال
وتبرئة ساحته – مع ما كانت ستقوم به
الدولة العبرية، جعلته يصمت هذا الصمت
الطويل وينتظر إلى أين ستؤول الأمور،
حتى إذا ما شعر بأصابع الاتهام توجه
نحوه راح لاهثاً لتبرئة ساحته وساحة
عناصره من التورط في عملية الاغتيال. الأيام القابلة ستكشف ولاشك كثيراً من
الأسرار الغامضة التي لا تزال تلف
عملية اغتيال رفيق الحريري ومن اغتيل
من بعده، وقد تأتي المعلومات من طرف
خفي لا يخطر على بال حسن نصر الله ولا
الدولة العبرية ولا النظام السوري ولا
أنصار هؤلاء أو المفتونين بهم ولا
خصومهم أو أعدائهم. كاتب سوري ================== الانسحاب الامريكي..
الاحتلال نجح في صياغة مشروع طائفي
لتفتيت العراق أمير المفرجي 8/12/2010 القدس العربي بعد أن شهدت الأشهر الأخيرة الماضية
تسليم العديد من القواعد العسكرية إلى
القوات العراقية، تتهيأ القوات
الأمريكية الغازية للانسحاب من بلاد
الرافدين بحلول نهاية شهر آب/اغسطس
الجاري، حسب خطط الانسحاب الأمريكي
الواردة في الاتفاقية الأمنية التي
وقعتها حكومة العراق مع الولايات
المتحدة الأمريكية في 13 كانون الأول/ديسمبر
2008. وهكذا يبدو لنا وللجميع ان الرئيس
اوباما نفذ فعلا ما وعده للشعب
الأمريكي وللعالم في الانسحاب من
العراق وتركه (بسلام) لأهله، وبالتالي
فقد تكون هذه التغيرات القادمة
كموشرات لنهاية اللعبة الأمريكية
ووجودها في هذا البلد منذ 2003، وهي في
نفس الوقت البداية لمعرفة الحقيقة عن
طبيعة الأهداف السياسية والاقتصادية
والعسكرية التي تم تنفيذها ضمن خطوط
الإستراتيجية الأمريكية المرسومة من
وجود قواتها الطويل في بلاد الرافدين. سياسيا، ومنذ اليوم الذي وطأت قدماها في
العراق، استطاعت الولايات المتحدة
بنجاح صياغة مشروع طائفي ومذهبي،
عزّزت من خلاله مفهوم الانقسام
والمحاصصة الطائفية وبالتالي زرع بذور
الحقد والبغضاء في المجتمع العراقي.
ومن خلال هذا التقسيم الطائفي أصبح
الوجود العسكري الأمريكي كحليف رئيسي
تتسابق اليه الاحزاب المذهبية،
ويتقاتل من أجله أُمراء الطوائف ونخبة
العراق الجديدة، في الوقت الذي عملت
أمريكا ما بوسعها على استقطابهم
لصالحها. وهكذا أصبح قادة العراق الجدد
حلفاء وثيقي الصلة ب'المحرر' القادم من
وراء البحار. وفي الوقت الذي احتدم فيه
الصراع الداخلي للفوز بكرسي السلطة في
العراق، تسارعت المؤسسات العسكرية
والسياسية الفاعلة في الإدارة
الأمريكية لوضع لمساتها الأخيرة
لإنجاز وتنفيذ فصول سيناريو احتلال
العراق وتدميره، ومن ثم تفتيته. وقد لا
أبالغ حين أقول بأن هذا التشرذم التي
تشهده الساحة السياسية العراقية
وتقلبات ساستها وتشبثهم بالسلطة، الذي
ازدادت وطأته وتشنجاته منذ إعلان
نتائج الانتخابات النيابية في آذار (مارس)
الماضي، هو جزء من هذه الإستراتيجية
الأمريكية المبنية على مبدأ تكريس
الفتنة والانقسام للمكون الاجتماعي
والسياسي العراقي. وعند إلقاء نظرة سريعة لحالة المشهد
السياسي العراقي قبل أيام معدودة من
بدء الانسحاب الأمريكي تظهر لنا صورة
واضحة لانقسام شيعي - شيعي من جهة،
وعلماني - طائفي من جهة اخرى، على الرغم
من إشارات الإدارة الأمريكية ووعودها
الجميلة في الوقوف على مسافة واحدة من
الجميع. وقد تكون الأحداث الأخيرة التي
شهدها المشهد السياسي العراقي
والمتمثلة في الطلاق الطائفي بين دولة
القانون وائتلاف الصدر
الحكيم وزيارة السيد علاوي
والمالكي المكوكية إلى شمال الوطن
العراقي لاستمالة بيضة القبان التي
يمُثلها الجانب الكردي، وهم حلفاء
أمريكا الحقيقيون، هو الدليل الواضح
لهذا النفاق الأمريكي وعقمه الفاضح
إذا أخذنا بعين الاعتبار الموقف
المزدوج للجانب الكردي في ولائه
الظاهر لكل من القائمة العراقية ودولة
القانون. وهكذا وبعد استقبال القادة
الكرد ومساندتهم للسيد أياد علاوي في
الشهر الماضي، يعلن الأكراد وبلسان
السيد مسعود البارزاني وعلى الرغم من
معرفتهم بحجم الصراع المصيري وخطورته
بالنسبة إلى هاتين القائمتين، وحجم
تمثيل مكونات العراق الرئيسية فيهما،
عن موافقتهم على ترشيح السيد المالكي
لولاية ثانية. وعلى الرغم من ان هذا
الموقف المزدوج للنخبة الحاكمة في
أربيل ووقوفها على مسافة واحدة من
المكونات الباقية، فهو في الوقت نفسه
يُمثل رغبة أمريكية في أن تكون بيضة
القبان الكردية أداة لتكريس الفتنة
والانقسام والشرذمة على ما تبقى من
رغبة وطنية لإنقاذ العراق المغلوب على
أمره. وهنا تكمن فعالية الوجود
الأمريكي وأهميته كطرف مُنظم، فعال
ورئيسي في قلب المشهد السياسي
العراقي، مما يسهل عليه ممارسة الضغوط
السياسية على الأحزاب التابعة لهن ومن
ثم رسم خارطة طريقها وتحديد مسارها.
وبازدياد محاولات الأحزاب السياسية
العراقية لإرضاء اليد الأمريكية
المتنفذة لتتويجهم كزعماء لحكم
العراقن كان الانبطاح والتبعية لهذه
اليد الأمريكية من قبل هذه الأحزاب
والشخصيات اكبر وغير محدود. وهكذا تنجح
الولايات المتحدة في لعبتها ومع
لُعبها من الساسة الجدد لتقسيم العراق
فهي التي جاءت بعلاوي وعلمانيته وهي
التي تريد بقاء المالكي وطائفيته وهي
أيضاُ التي وضعت الرئيس العراقي
الكردي طالباني في الحكم مع قوميته
وجعلت من كردستان العراق المكان الآمن
الوحيد، في الوقت الذي تحصد
الانفجارات بغداد ومدن العراق الأخرى. أما من الناحية الاقتصادية، فقد عملت
الولايات المتحدة الأمريكية وبجميع
إداراتها القديمة والحالية كل ما في
وسعها للاستيلاء على نفط العراق
وتنظيم تجارته. لقد كانت مسألة النفط
في قلب جدول أعمال فريق المهام
الأمريكية في إدارة بوش السابقة، الذي
استنتج أن تقلَص الموارد البترولية
العالمية وتزايد حاجة قوى كبرى صاعدة،
مثل فرنسا والصين والهند له، يفرضان
على الولايات المتحدة تعزيز قبضتها
على كل منطقة الخليج العربي، حيث أكّد
هذا الفريق أن 'حرب النفط' هي خيار 'شرعي'
للإدارة الأمريكية، كما سبقتها دعوات
عدة للمحافظين الجدد لغزو العراق. انّ
الإدارة الأمريكية باحتلالها للعراق
سيطرت على أحد اكبر ثلاثة احتياطي نفطي
في العالم، إذ تشير الأرقام المتوفرة
حول النفط العراقي حاليا إلى انّ
العراق يمتلك احتياطيا مؤكدا يبلغ
حوالي 115 مليار برميل وهذا يعني علمياً
وعمليا انّ أمريكا تتحكّم حاليا
بسيطرتها على أهم منابع النفط في
العالم واقتصاديات السوق التجاري
للدول الكبرى الأخرى. حيث يُمثل هذا
السوق التجاري عنصرا مهما إذا أخذنا
بعين الاعتبار ان السيطرة على نفط
العراق وبقية أنحاء الخليج لا يقتصر
هدفه على تأمين حاجة أمريكا من الوقود،
بل يتضمن كذلك تأمين الزعامة
الأمريكية الدولية، إذ في عالم، حيث
القوة العسكرية والاقتصادية للأمم،
تعتمد بشكل أساسي على واردات النفط،
فإن سيطرة أمريكية أكبر على البترول،
تعني نفوذاً أقل لمنافسيها على السلطة
العالمية، وبالتالي نجاح الهيمنة
الأمريكية على العالم. لقد دأبت
الولايات المتحدة منذ البداية على
جدولة وتصنيف لمصادر الطاقة في
المنطقة، وتقسيم طائفي لدول النفط
المراد منه تقسيما طائفيا للنفط: بعد
أن سيطرت الولايات المتحدة سابقا على
النفط العربي في المملكة العربية
السعودية والخليج عملت ومنذ اللحظات
الأولى من الاحتلال على تقسيم النفط
العراقي طائفيا وقوميا (نفط الجنوب
الشيعي ونفط الشمال الكردي) وتحديد
استقلالية التصرف به من قبل الإقليم
والعملاء الذين جاءت بهم لتسهيل
السيطرة عليه. عسكرياً، وعلى الرغم من هذا النجاح
النسبي للإدارة الأمريكية في تحقيق
أهدافها في المجالين السياسي
والاقتصادي في بلاد الرافدين، فشل
الوجود العسكري الأمريكي في العراق في
القضاء على روح المقاومة الوطنية
وإرغام المجتمع العراقي على تقبل
الواقع الجديد والمتمثل في حكومة
طائفية فاسدة لم تقدم لشعبها سوى الجوع
والحرمان، وغياب للخدمات الأساسية
مثلها مثل حكومة كرزاي الفاسدة التي
تحاول الإدارة الأمريكية الدفاع عنها،
بعد فشلها في إزاحة قوات طالبان
عسكريا، مما أدى إلى إرسال 30 ألف مقاتل
إضافي من الذين كانوا في العراق.
وبالإضافة لفشل الولايات الأمريكية في
حربها في أفغانستان، فشل الجيش
الأمريكي أيضا في القضاء نهائيا على
روح المقاومة الوطنية للشعب العراقي،
وهنا أقصد الدور الوطني والتاريخي
للمقاومة العراقية بدون استثناء في
إلحاق خسائر جسيمة بالمحتل الأمريكي
وجيشه. ورغم الصعوبات الكبيرة التي
واجها المقاوم العراقي من محاولات
لإضفاء طابع حزبي فئوي أو عشائري ناقص
على مقاومته الوطنية، بالإضافة إلى
الدور الخارجي المُخرب في شرذمة وحدة
المقاومة ومحاولة تجيير نشاط بعض
فصائلها لدول الجوار الإقليمية على
أساس 'قاعدي ومليشاوي إيراني وسعودي وأردني
وسوري'، كان للمقاومة الوطنية
العراقية شئنا أم أبينا الدور العراقي
الوطني والتاريخي في إلحاق خسائر
جسيمة بالمحتل الأمريكي وجيشه
ومجتمعه، الذي ما عاد يتحمل قتلاه
وجرحاه والأعداد الكبيرة من مختلي
العقول، ناهيك عن كل ما هُدر من أموال
المواطن الأمريكي وخسائره البشرية
التي لا تعوض وان تباينت أحجامها في
الوقت الحالي. ولكن وبغض النظر عن هذه الكلفة المادية
والبشرية الكبيرة للقوات الغازية في
العراق، فقد تستطيع أمريكا مستقبلا من
احتلالها لبلاد الرافدين الحصول على
موطئ قدم مهم في العراق والمنطقة، وهذا
ما سيؤمّن لها وجودا عسكريا مشتركا مع
حليفتها إسرائيل للسيطرة على المنطقة،
مما سيفتح الباب على مصراعيه لإيران
وتركيا للمشاركة والمساهمة في تقاسم
النفوذ، نظرا للقابلية العسكرية
والبشرية لكليهما. وبغياب الوجود
العربي المؤثر بعراق متأثر وبروز تفوق
عسكري واقتصادي وإرادة سياسية لهذه
الدول الإقليمية، وبما ان الجمهورية
الإسلامية تسعى إلى أن تصبح الدولة
الأقوى والأكثر تأثيرا في الشرق
الأوسط، فمن المُحتمل ان تلحق إيران
بتركيا لتصبحا شريكتين مهمتين لأمريكا
في السيطرة والإشراف على المنطقة. ومن
المُحتمل البعيد أيضا ان تنجح
الولايات المتحدة الأمريكية عسكريا
وبمساعدة إقليمية من قبل حلفائها
الجدد في تصفية جيوب المقاومة الوطنية
العراقية نهائيا وتقسيم العراق فعليا
على الخارطة ووأد روح بلاد الرافدين
المتجددة في الإنسان العراقي، حينها
تكون قد حقّقت (نصراً) عسكرياً ونوعياً
مهماً يُكمل ما حققته في المجالين
السياسي والاقتصادي ليقرأ في النهاية
على العراق الواحد الموحد السلام. ' كاتب من تيار المواطنة الوطني
العراقي ================== هل تكون وحدة وادي النيل
إنقاذا للسودان من التفكيك؟ د. يوسف نور عوض 8/12/2010 القدس العربي لم تتبق سوى أشهر قليلة على استفتاء جنوب
السودان، وهو الاستفتاء الذي سيتحدد
بعده مستقبل هذا القطر الكبير، وفي
الوقت الذي يتحدث فيه بعض قادة الشمال
بتفاؤل عن الاستفتاء كما يتحدثون عن
الوحدة الجاذبة، فإن التيارات
الجنوبية تعالج هذا الأمر بمهارة تامة
بكونها لا تظهر عداء لفكرة الوحدة
ولكنها تتحدث عن احتمالات الانفصال
لأسباب يجب ألا تكون من وجهة نظرهم
مدعاة لقطيعة بين الشمال والجنوب. ولا
شك أن هناك الكثيرين في شمال السودان
باتوا يؤيدون فكرة الانفصال من أجل
التفرغ لإقامة دولة عربية إسلامية
خالصة. يرون أن استمرار الجنوب ضمن
السودان يحد من قيامها. ودعنا نقف الآن -
عند بعض الآراء التي يسوقها بعض قادة
الجنوب البارزين لتبرير عملية
الانفصال كما هو الشأن عند بافان أموم
الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير
السودان. فقد قال باقان أموم في مؤتمر صحافي عقب
انتهاء ورشة العمل بين المؤتمر الوطني
والحركة الشعبية في القاهرة، إن معظم
السكان في جنوب السودان سيؤيدون
الانفصال في الاستفتاء الذي سيجرى في
التاسع من شهر كانون الثاني /يناير
المقبل، ذلك أن استفتاءات الرأي كلها
تؤيد ذلك، وقد ركز باقان على ما سماه
فشل الدولة السودانية خلال مرحلة
الاستقلال في جعل الوحدة جاذبة، ذاكرا
إن ملايين المواطنين في جنوب السودان
وغربه قتلوا بسبب سوء الإدارة وما
اعتبره تدخلات حكومية. وأما بالنسبة لقدرة الجنوب على الاستمرار
كدولة مستقلة فقد قال باقان إن الجنوب
يعيش منذ اتفاقية أديس أبابا في حكم
ذاتي ولا يتلقى أي مساعدة من شمال
السودان، وقال إن اتفاقية نيفاشا التي
وقعت في عام ألفين وخمسة وسعت من
صلاحيات الحكم في جنوب السودان، في وقت
لم يفعل فيه الحزب الوطني الحاكم أي
شيء من أجل الحفاظ على الوحدة. وقال
باقان أموم إن الجنوب لم يعد يحاجة إلى
مساعدات الشمال وهو قادر على أن يبني
دولته المستقلة معتمدا على ذاته. والسؤال المهم الذي على أموم الإجابة
عليه هو هل بناء الدولة الموحدة يعتمد
فقط على ما تم الاتفاق عليه في نيفاشا
أو على مواقف الحزب الوطني، أم أن
الدولة موجودة أصلا وأن أي محاولة
للانفصال هي في حقيقتها اعتداء على
وحدة ليس لجهة الحق في فصمها؟ الإجابة بكل بساطة هي أن ما تم الاتفاق
عليه في نيفاشا لم يكن مشروعا ولا
تبرره أي قواعد دولية، ذلك أن حكومة
الإنقاذ لم يفوضها أحد لكي تعطي
الجنوبيين حق الخيار بين الوحدة
والانفصال كما أن طمأنة الجنوبيين
بأنهم لن يبنوا قواعد أمريكية أو
إسرائيلية ليس كافيا لطمأنة سكان
الشمال. ذلك أنه في الوقت الذي ينفي فيه
باقان أموم إقامة مثل هذه القواعد،
تطلب حكومة الجنوب من بعض الموسيقيين
المحليين تأليف نشيد وطني باللغة
الانكليزية للدولة الجديدة، وقال
المسؤولون في جنوب السودان يجب أن يمجد
النشيد الجديد نضال جنوب السودان خلال
الخمسين عاما الماضية، والسؤال هو
النضال ضد من؟ والإجابة بكل تأكيد هي ضد ما يعتبرونه
احتلالا شماليا لجنوب السودان، ولا
مانع بالطبع أن يقوم الجنوبيون بتمجيد
أنفسهم ونضالهم ولكن يجب أن يعلموا
أنهم لا يواجهون أعداء في شمال
السودان، وإذا كانت قد حدثت أخطاء في
الماضي فيجب ألا ينظر إليها على أنها
مواقف عداء تستوجب الانفصال بل يجب أن
ينظر إليها على أنها أخطاء تستوجب
التصحيح وذلك ما يجب أن يتجه إليه
الجميع سواء كانوا في شمال السودان أم
في جنوبه. ولعل أخطر ما يتمسك به الجنوبيون في الوقت
الحاضر هو قولهم إنهم لا يريدون في هذه
المرحلة الدخول في مباحثات ترسيم
الحدود، وهذا قول خطير إذا تحقق
الانفصال، ذلك أن مدلول هذا الكلام هو
أن الجنوبيين يفكرون في ما هو أكثر
بكثير مما سيمنحه لهم الشمال في الوقت
الحاضر، وخاصة في إقليم أبيي، ولو تم
الاتفاق في هذه المرحلة، فقد يكون
حاسما ومقبولا، ولكن إذا بدأت
المناقشات بعد استقلال الجنوب فالأرجح
هو أن بعض الدول الأجنبية ستقف إلى
جانب الجنوبيين وستجعل الوضع صعبا في
إمكان التوصل إلى اتفاق بين الطرفين. والمسألة هنا لا تنتهي في جنوب السودان،
فقد سمعنا أخيرا أن حركة العدل
والمساواة طالبت بحق تقرير المصير،
ليس في إقليم دارفور وحده، بل أيضا في
إقليم كردفان، وقال أحمد حسين آدم إن
شعبي دارفور وكردفان بحاجة إلى أمل
وهما جديران بالعيش في دولة توفر لهما
حق المواطنة والديمقراطية والمساواة
وحكم القانون مؤكدا أن النظام السائد
في البلاد فشل في تحقيق كل المتطلبات. وكان طبيعيا مع التطورات الحادثة في جنوب
السودان أن تظهر دعوات جهوية سواء كان
ذلك في شرق السودان أم في غربه، وكلها
تطالب بالمطلب نفسه وهو الانفصال، فهل
الانفصال يحقق ما تريده النخب في هذه
الأقاليم؟ النخب لا تتحدث إلا عن مطالب هناك منطق
كبير في عرضها، ولكن هل المشكلة في
السودان في الوقت الحاضر بين أبناء
الوطن جميعا أم هي بين النخب ونظام
الحكم القائم؟ الإجابة من وجهة نظري هي أن الدعوات
الجهوية قد لا تكون موضوعية من حيث
مطالبها لأن انفصال الأقاليم قد لا
يحقق ما تريده هذه النخب من حيث
المبادىء التي تعلنها وليس ذلك مهما من
وجهة نظري، لأن كل ما تريده هذه النخب
هو الوصول إلى مراكز السلطة لممارسة
الأسلوب التقليدي الذي ظل يمارسه
الحكام في السودان، ولا أريد بذلك أن
أدافع عن أنظمة الحكم التي ظلت قائمة
في البلاد وهي في معظمها أنظمة حكم
عسكرية، لم يكن هناك مبرر لقيامها، ذلك
أن بلدا فيه تعدد ثقافي وعرقي مثل
السودان كان دائما بحاجة إلى أنظمة حكم
تمثل الجماهير حتى لا تظهر مثل هذه
الاتجاهات التي ظهرت الآن، وهنا لا بد
أن نوجه سؤالا أساسيا، هل يمكن تدارك
الوضع الحالي في السودان الآن؟ في رأيي
أن ذلك ليس ممكنا على الإطلاق لأنه لم
يتبق لاستفتاء الجنوب سوى بضعة أشهر،
والمرجح أن ينفصل الجنوب، وإذا انفصل
فإن ذلك يعني تفكيك السودان بأسره ذلك
أن أقاليم كثيرة ستطالب بالانفصال،
كما أن دولا أجنبية تعادي السودان سوف
تتدخل من أجل زيادة الطين بلة، وما
سيحدث هو أن الأقاليم لن تتوقف عند
الانفصال فقط، بل إن سكان حوض النيل
الذين ينتشرون على مدى الاف
الكيلومترات سيجدون أنفسهم في حالة
ضعف شديد، وذلك ما سيجعل الأقاليم
القديمة تتوجه نحوهم من أجل السيطرة
عليهم وبسط نفوذها على كامل أراضي
السودان من وجهة نظر جديدة. وفي رأيي فإن الخروج من هذا المأزق يكمن
في الفهم أولا أن سكان المركز وحكوماته
على الرغم من جوانب القصور عندهم فهم
لم يتغولوا على حقوق الأقاليم، ذلك أن
المركز لا يأخذ شيئا من الأقاليم بل هو
الذي يعطي الأقاليم، كما أن كثيرا من
أبناء الأقاليم يعيشون في المركز
ويشاركون في حكوماته وفي سلطته
وبالتالي لا يمكن أن يزعم أحد بأن سلطة
المركز كانت إقصائية من هذه الناحية. وما أراه مناسبا في هذه المرحلة هو ضرورة
تقوية وادي النيل، لأنه إذا كان وادي
النيل قويا فإن كثيرا من نخب الأقاليم
ستعيد النظر في توجهاته، كما أن من حق
سكان وادي النيل أن يحسوا بالأمن، ويجب
هنا أن نعلم أن وادي النيل لا يعني
السودان فقط بل يعني أيضا مصر، ويجب
هنا أن تدرك مصر أن أي تهديد للأمن في
وادي النيل سينعكس ضررا عليها، وهذه
الحقيقة أدركها بعض الساسة السودانيين
قبل الاستقلال ورفعوا شعار وحدة وادي
النيل وهو الشعار الذي لم تتحمس له مصر
في ذلك الوقت، ولا أعتقد أنها متحمسة
له في الوقت الحاضر، ولكن على مصر أن
تفكر بطريقة أكثر موضوعية كما على سكان
وادي النيل من السودانيين أن يفكروا
أيضا بموضوعية لأن التعاون بين مصر
والسودان هو الذي سيحافظ على وحدة
السودان في المرحلة المقبلة ويجعل
الحركات الانفصالية تعيد النظر في
أسلوب تفكيرها وحساباتها. ' كاتب من السودان ================== مليارديراتهم
ومليارديراتنا بمناسبة رمضان والزكاة ياسر الزعاترة الدستور 8/12/2010 في شهر حزيران الماضي أطلق الملياردير
الشهير بيل غيتس (مؤسس مايكروسوفت) ،
وزوجته ميليندا مشروعا واعدا أسمياه
"التعهد بالعطاء" ، وتقوم فكرته
على تشجيع المليارديرات في الولايات
المتحدة على التبرع بنصف ثرواتهم
للأعمال الخيرية ، في حياتهم أو
التوصية بذلك بعد موتهم ، وكانا هما
البادئان حيث تنازلا عن 26 مليارا من
ثروتهما لمؤسسة خيرية يرأساها وتعمل
في مجال الخدمة في الدول الفقيرة ، إلى
جانب تحسين فرص الأمريكيين في مشوارهم
الدراسي وفي سائر مناحي الحياة. من بين 403 مليارديرات أمريكيين وصلت ردود
فعل إيجابية من 40 يتصدرهم وارن بافيت ،
ثالث أغنى أغنياء العالم ، والذي تعهد
بالتنازل عن 99 في المئة من ثروته
للمؤسسة الخيرية التي يرأسها غيتس
وزوجته. وتتوقع مجلة فوربس أن استجابة
جميع المليارديرات للمشروع ستعني جمع
حوالي 600 مليار دولار. هناك الكثير مما يمكن أن يثيره هذا الخبر
من شجون ، لعل أولها هذا النظام
الرأسمالي البشع الذي يسمح بمراكمة
الثروات على هذا النحو الرهيب ، إذ
يملك ما لا يزيد عن 700 شخص في العالم
أكثر مما يملكه نصف البشر ، وهي ظاهرة
لم تعرف إلا خلال القرنين الماضيين ،
وقد لوحظ كيف أنتج انهيار الاتحاد
السوفياتي وتحول روسيا وبعض الدول
التي كانت تابعة للاتحاد إلى
الرأسمالية ، كيف أنتج خلال عقود قليلة
عشرات المليارديرات الذي أثروا بطرق
غير مشروعة عنوانها شراء ممتلكات
القطاع العام بأثمان بخسة ، إلى جانب
المخدرات وغسيل الأموال وما شابه من
وسائل مشبوهة في تحصيل الأموال. وفيما
استبشر العالم خيرا بإمكانية تغيير
هذا النظام المتوحش بعد الأزمة
المالية الأخيرة ، ها هو مسلسل الأحداث
يشير إلى أن شيئا لن يتغير في المدى
القريب ، وأن ذات النظام لا زال يواصل
عمله تبعا لما يدره من فوائد على القلة
القليلة من سكان العالم في الولايات
المتحدة والغرب ، مقابل أضراره على
معظم البشر الآخرين ، مع أن فقراء
الغرب لم يسلموا من تداعياته المرة
أيضا. ليس هذا ما يعنينا هنا ، فقد كتبنا من أجل
المقارنة بين مليارديراتهم ، وأقله
بعضهم ، وبين نظرائهم في العالم العربي
على وجه التحديد ، حيث تشير الأرقام
إلى وجود 31 ملياردير عربي تراجعوا خلال
الأزمة المالية الأخيرة إلى 24 ، بينما
يمكننا أن نتوقع عدد الذين يملكون أكثر
من مئة مليون بين العرب ، ثم بعد ذلك
عدد الذين يملكون أكثر من عشرة ملايين.
إنهم بمئات الآلاف من دون شك. لنتصور لو قام هؤلاء بدفع زكاة أموالهم
فقط ، وليس التبرع بنصف ثرواتهم كما هو
حال من انخرطوا وسينخرطون في مشروع بيل
جيتس ، هل سيبقى فقر في العالم العربي؟
وماذا لو عممنا ذلك على العالم
الإسلامي أيضا؟ إن أكثر هؤلاء ، حتى
المتدينين منهم ، يرفضون إجراء حساب
حقيقي لما يترتب عليهم من زكاة في
أموالهم ، وكم من مرة حاول بعضهم ذلك في
سياق تفكير بالتوبة والقيام بالفرائض
كافة ، ولما وجدوا الرقم مهولا غيروا
رأيهم ولم يدفعوا إلا القليل. ترى أكثر هؤلاء (أعني المتدينين) يدور على
معظم المذاهب والآراء الفقهية وأكثر
المشايخ من أجل البحث عن الفتاوى التي
تقلل ما يجب أن يدفعه من زكاة (عدم دفع
زكاة الأرض غير المخصصة للبناء
والزراعة مثالا) ، وتراه يأخذ بالآراء
الشاذة في هذا السياق ، لكأنه يتحايل
على رب العالمين والعياذ بالله. أما غير المتدينين ، وهم الغالبية ، فحدث
ولا حرج ، إنهم يمسكون أيديهم عن مسالك
الخير ، بينما يتفننون في صرف الأموال
على كل ما يغضب الله ، كما يتفننون في
الاستثمار في المشاريع التي لا تنفع
الناس إلا بالنزر اليسير ، ولا تسأل عن
سائر أشكال الترف المهلك التي يعرفها
أو يمكن أن يتخيلها البعض وليس الجميع.
ولا حاجة للتذكير هنا بأن كثيرا من تلك
الثروات لم يأت بطرق مشروعة. كل ذلك لا ينفي وجود أقوام من سائر الدول
العربية ، بخاصة الغنية ، يدهم ممدودة
بالخير في كل ميدان ، وهم أنفسهم الذين
ستروا ويسترون على الكثير من جيوب
الفقر في ديار العرب والمسلمين ، وهم
الذين طالما مدوا أيديهم بالمساعدة في
ميادين ذات صلة بنصرة الدين بالدفاع عن
حياض الأمة ، وهم رغم قلتهم قياسا
بالآخرين ، إلا أنهم يشكلون نقطة ضوء
تؤكد ما يمكن أن يفعله هذا الدين
العظيم بنفوس أبنائه حين يأخذونه بجد
وعزيمة ونية صادقة. ================== يوسف الحوراني الرأي الاردنية 8/12/2010 تموج المنطقة بالكثير من الأحداث
والتطورات السياسية والميدانية
والتحركات في طول المنطقة وعرضها ومن
حديث عن ورسالة تهديد أمريكية لفرض
المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، وتصريح صريح للمبعوث
الأمريكي السيناتور جورج ميتشل يختصر
الموقف النهائي بأن التفاوض في موضوع
الحدود والأمن على أساس الأراضي
الفلسطينية المحتلة في عام 1967 مرفوض
أمريكياً مثلما هو مرفوض إسرائيلياً،
ورفض تحديد مدد زمنية لأية مفاوضات
قادمة. وفي شرم الشيخ جرت لقاءات على
مستويات عالية، وفي لبنان مواجهات لجس
النبض بين الجيشين اللبناني
والإسرائيلي، وجولات من التدريب
ومحاكاة أي حرب قادمة أجراها الجيش
الإسرائيلي وفعل حزب الله ما يشبه ذلك،
وأعلن كل من الطرفين جهوزيته للحرب
لترتفع بعدها وتيرة تهديدات صدرت عن
أكثر من قيادي ومسؤول في إسرائيل ورد
الحزب بمثلها أو أقوى منها. أحمدي نجاد الرئيس الايراني أعلن أن
إسرائيل تستعد لشن حرب على دولتين في
المنطقة، و مايكل مولين رئيس أركان حرب
الجيوش الأمريكية، صرح بأن « ضرب إيران
ليس مستبعدا «، وكان الرئيس السوري
بشار الأسد أعلن ان السلام الحقيقي
يبتعد، وأن الحرب الحقيقية تقترب. يبدو أن الاختبار الأصعب والأكثر ملاءمة،
على ما يمكن قراءته، سيكون من لبنان
حيث تتجمع العديد من العناصر الأقرب
استهدافا وبخاصة حزب الله وباعتبار
لبنان يشكل نقطة إختبار لما يجري في
المنطقة ونقطة القوة والضعف معا في
المنطقة العربية، ويشكل هدفا
اسرائيليا يجري استغلال الوضع الخاص
الذي وجد فيه خلال العقود الثلاث
الاخيرة، ويجري اللعب عليه لتفجيره
شظايا طائفية تمنح اسرائيل الفرصة
والقوة لفرض المزيد من الشروط والقضاء
على أي شكل من أشكال المقاومة التي قد
تبديها بعض الأطراف العربية. إسرائيل ونتيجة الظروف التي وضعت فيها
سواء ما تعلق بتداعيات حادثة اسطول
الحرية وردود الفعل الأوروبية
والاسلامية والتركية والتحقيقات
الجارية أو تلك التي جرت ( تقرير
جولدستون ) على اثر العدوان على غزة أو
التي ممكن أن تجريها لجنة التحقيق
الدولية بخصوص الهجوم على باخرة « مافي
مرمرة «إضافة الى ما يشكله البرنامج
النووي الايراني من توتير وإنزعاج لها
وعدم الحسم في موضوع المفاوضات
المباشرة من جانب السلطة الفلسطينية
واصرار فصائل وأطراف فلسطينية على
التمسك بوقف الاستيطان وتحديد
المرجعية لهذه المفاوضات، تبحث عن
مخرج من المأزق والارتباك الذي هي عليه
ويجعل من خيار الحرب احتمالا قائما
أمامها بهدف قلب الطاولة وخلط الأوراق. هل نسمع أصوات طبول الحرب ؟ إسرائيل ضمن تركيبتها الراهنة وعلاقاتها
الدولية وفي الإطار الإقليمي كانت تجد
دوما في الحروب والتمرد على الشرعية
الدولية ورفض تنفيذ قراراتها طريقا
للخلاص من ما تعانيه من أوضاع ضاغطة،
مستندة الى دعم أمريكي وأوروبي. على العرب أن يدركوا ان مبادرتهم التي
يمنحون من خلالها الاعتراف والتطبيع
العلني وتقديم التنازلات لا يمكن ان
تقنع او ترضي اسرائيل، والعقلانية
العربية التي تدعو الى الاعتدال لم
تزدها الا شراسة وعدوانية وسوف تبقى
كذلك حتى تحقق اهدافها في التوسع
والهيمنة وفي تحقيق السيطرة، وعليهم
أن يروا في كل ذلك نفسا معاديا سيعبر عن
نفسه. ================== العقيدة العسكرية
الأميركية: من الصدمة والترويع إلى
دليل مكافحة التمرّد السفير 8/12/2010 نبيل نايلي «عمليات مكافحة التمرّد هي حرب تُخاض على
مستوى جامعي. إنها حرب رجل يفكر». من استشهادات الجنرال بتريوس بالفيلسوف
الروماني سينيك عرفت العقيدة العسكرية الأميركية مع
الجنرال دافيد بتريوس، تحوّلا جوهريا
فرضه تخبّط القوات الأميركية بالعراق
وأفغانستان وكثرة الخسائر المادية
والبشرية وانسداد الأفق نحو انسحاب
مشرّف يحفظ ماء وجه الإمبراطورية. ولم
يكن ذلك التحوّل بالهيّن إذ ان العقيدة
العسكرية الأميركية ترتكز على جملة من
الثوابت قليلا ما حاد عنها جنرالاتها.
فثقافة الاستئصال والسحق والإبادة،
الوليد الشرعي لسفر تكوينها على أنقاض
الهنود وجماجمهم، واعتماد أساليب
شيطنة الخصم وحشره داخل «محور شر»،
والقناعة بأن الولايات المتحدة «حاملة
مشعل الحضارة وصاحبة رسالة»، كل ذلك
أسهم في تأصيل تلك الثوابت لتدعّمها
حيازة الولايات المتحدة للأسلحة
الأكثر دمارا وفتكا، وذلك السبق
والتفوّق العلمي والتكنولوجي اللذين
حظيت بهما دون باقي الأمم، ممّا عمّق
عند استراتيجيي العسكرية الأميركية
فكرة «الحرب الخاطفة» و«النظيفة» و«النزهة»
و«حرب الصفر خسائر» بحيث أغفلوا
التفكير في حرب اليوم الموالي، أو حروب
ما بعد الحرب الباردة غير المتوازية،
التي لا تنفع معها قوة نيران ولا سيطرة
مطلقة على الجوّ والبرّ والبحر،
لأنّها ببساطة حروب استنزاف طويلة
الأمد تقاتل خلالها «أشباحا»، لا
جيوشا نظامية، تعتمد تكتيكات لا علاقة
لها بالحروب التقليدية. وقد تنبّه بعض
الاستراتيجيين من أمثال دافيد بتريوس
وخبير ومستشار الحكومة الأميركية
والكندية في مكافحة التمرد، الأسترالي
دافيد كيلكولان، الحاصل على شهادة
دكتوراه، من جامعة، University
of New South Wales ، والمهتمّ أساسا بانثروبولوجيا الإسلام
الأصولي وحركات التمرّد أو المقاومة،
لضرورة العمل على سد الثغرة القاتلة
بالعقيدة العسكرية الأميركية، خصوصا
بعد الفشل المروّع بالعراق وأفغانستان.
فكان التحوّل الجذري من عقيدة الصدمة
والترويع، Shock and Awe، إلى عقيدة بتريوس، التي عُرفت
بال COIN ،
أو COunterINsurgency
Field Manuel، عقيدة مكافحة التمرّد (إقرأ المقاومة).
فما سرّ هذه العقيدة، هل هي فعلا وليدة
تفتّق قريحة بتريوس وفريق عمله؟ ما هي
الأسس التي تنبني عليها وأهمّ
مضاعفاتها على العراق وأفغانستان؟ يوم الأربعاء 30 حزيران/يونيو، صدّق مجلس
الشيوخ الأميركي على تعيين الجنرال
ديفيد بتريوس كقائد عسكري أميركي جديد
في أفغانستان، وقد جاء التأييد دون
معارضة وبنسبة 99 صوتا مؤيدا. ليحلّ
مكان ستانلي ماكريستال، الذي أُبعد من
منصبه بعد تصريح لاذع نعت فيه إدارة
أوباما ومعاونيه ب«مجموعة من الجبناء
في البيت الأبيض: The
wimps in the White House» خلال لقاء صحفي مع مجلة رولينغ ستون.
تصريح عقّب عليه أوباما المهان بقوله:
إنّ «السّلوك الذي ظهر في مقال نشر
مؤخرا لا يتوافق والمعيار الذي يجب أن
يلتزم به جنرال قائد»... من الصعب خسارة
الجنرال ماكريستال، أعتقد أنه القرار
السليم لأمننا القومي». فمن هو هذا الجنرال الذي يعتبره أوباما
صماما لأمنه القومي ويحظى بنسبة تأييد
كهذه؟ هو من أصل هولندي. ولد بتريوس سنة
1952 والتحق بواست بوينت المرموقة، سنة
1974، حصل على شهادة دكتوراه في العلاقات
الدولية من جامعة برنستون العريقة حول
دروس حرب فيتنام، ونال لقب الجندي
المثقف، الذي كان وراء فكرة «الصولة Surge» التي مكنته من إضافة عدد
جنوده وتحقيق بعض التقدّم بالعراق. خاض
أولى حروبه بالعراق على رأس الفرقة
المجوقلة 101. أمام التغيرات الجذرية
التي لا حظها الجنرال سواء على مستوى
الحرب ومسرحها أو تلك التي حدثت مع
نهاية الحرب الباردة وتنامي الحروب
غير المتوازية و«الإرهاب» المعولم،
واستخلاصا لدروس الفشل والتورّط
الأميركي بالعراق وأفغانستان، قرّر
بتريوس إعادة النظر في العقيدة
العسكرية الأميركية مستأنسا حتى لا
نقول ناقلا حرفيا لما ورد بكتاب صدر
سنة 1964 لصاحبه دافيد غالولا،David
Galula، (1919-1968)
ومستعينا بالخبير دافيد كيلكولان David Kilcullen. (هل هي صدفة أن يُدعى ثلاثتهم
بدافيد؟). لم يتأثّر بتريوس كغيره من
صفوة استراتيجيي المؤسسة العسكرية
الأميركية لا بكلولسفيتس، ولا بليدل
هارت، بل بمفكّر عسكري فرنسي، ظلّ
مغمورا حتى 2006 حين صدر مخطوط بتريوس:
دليل مكافحة التمرّد، أو ما بات يُعرف
بعقيدته. استراتيجي مغمور ذلك المغمور هو دافيد غالولا، David Galula، (1919-1968):
من مواليد مدينة صفاقس التونسية سنة 1919،
يهودي الديانة، التحق بالمدرسة
العسكرية الفرنسية المرموقة، سن سير،Saint-Cyr،
وتخرّج منها سنة 1939، ثم عُزل سنة 1941
بموجب قوانين فيشي، المعادية للسامية.
بحكم إلمامه باللغة الصينية انضمّ
للبعثة العسكرية الفرنسية وشهد صعود
الزعيم ماو للحكم. مكث بالصين 5 سنوات
قضاها في دراسة التنظيم العسكري
والأيديولوجيا الصينية. ثم عمل بصفة
ملاحظ للأمم المتحدة باليونان سنة 1949،
أي شهد اندحار التمرّد الذي قام به
الشيوعيون. كل هذه المهام وهذا الترحال
مكّنه من جمع قاعدة بيانات ومن دراسة
ومتابعة حركات التمرّد والمقاومة عن
قرب. ذلك ما أهّله لأن يكون على رأس
كتيبة المدفعية عدد 45 بالجزائر سنة 1956،
وتحديدا بمنطقة جبل ميمون بالقبائل
الكبرى، حيث كانت حقلا لتجربة أفكاره
في قمع الانتفاضات وإجهاضها وكسر حركة
التمرّد. وكان أن لاقى نجاحا وعلا شأنه
بالمؤسسة العسكرية الفرنسية التي
قلّدته الأوسمة والنياشين، وذلك «لطرقه
الخاصة، التي طوّعت أغلبية معادية
لتصبح مساندة وداعمة لسياستنا»! كما
ورد عن وزارة الدفاع الفرنسية. وبات
غالولا يُدعى لعقد الندوات وليحاضر
أمام ضباط وعساكر الحلف الأطلسي قبل أن
يلتحق بهيئة أركان الجيش الفرنسي. أرسل
سنة 1959 إلى الولايات المتحدة، نورفولك
بفرجينيا، لمزاولة الدراسة، وهناك
تبادل أفكاره وربط شبكة علاقات قوية مع
العسكريين ورجال الفكر الاستراتيجي.
شغل خطة باحث ومدرّسا بجامعة هارفرد،
سنة 1962، ثم التحق بالمركز الأميركي
للبحوث والاستراتيجيات العسكرية
المعروف راند، RAND، وذلك بدعوة من ستيفن هوسمر. هناك ألّف،
بالإنكليزية، مخاض تجاربه في مؤلّفين
ظلاّ مغمورين حتى مجئ بتريوس وإعادة
الاعتبار لمن وصفه ب«كلاوسفيتس مكافحة
التمرّد» و«صاحب الرؤية الثاقبة التي
سمحت بتطوير العقيدة العسكرية
والذهنية الأميركيتين». حمل كتابه
الأوّل عنوان: «إقرار السلام بالجزائر».
أما الثاني والأبرز الذي تبنّاه
الجنرال واعتمده كمرجع رئيس خلال
صياغة دليل مقاومة التمرّد، لكي لا
نقول قام فقط بتحسين ما جاء فيه مضيفا
ما لم يكن متوفّرا لغالولا من دعم
لوجستي وتقني متقدّم وما توفّره
الثورة المعلوماتية من إمكانات، حتى
أنّه ألزم كل فريق عمله وضبّاطه
بالاطّلاع عليه والنّهل من تعاليمه.
كتاب مقاومة التمرّد، النظرية
والتطبيق، والذي خُطّ سنة 1964 ولم
يُترجم إلى الفرنسية إلاّ سنة 2008 أي
سنتين بعد صدور عقيدة بتريوس، على يد
دار النشر إيكونوميكا، مع توطئة
بإمضاء بتريوس نفسه، ترجمة خلت من قذفه
للإسلام وتعدّيه على حرمته ليس حبّا في
الإسلام طبعا، بل فقط لاعتبارات،
الصوابية السياسية. أما نظرية غالولا فقد ورثها عن
الماريشالين: غالياني (1849-1916)، وليوتي،
(1854-1934)، واعتمد فيها على ما ورد بكتاب:
الحرب المعاصرة، La
Guerre Moderne، لصاحبه الاستراتيجي العسكري
الفرنسي روجي ترنكيي، Roger
Trinquier، والذي يحدّد فيه 3 مراحل لعملية مكافحة
التمرّد، بدءا بالمدن فالقرى فمواقع
تمركز القوى المتمرّدة. ليفصّل بعدها
ما يجب القيام به: عزل المدن بتسييجها
لمراقبة المنافذ والتحكم في الحركة،
تقطيع أوصالها إلى أحياء، تعداد
السكان وترقيم منازلهم، توزيع بطاقات
هوية وتموين، عزل المدنيين عن
المتمرّدين، تنظيم حملات دهم
واستجوابات جماعية، إنشاء خلايا وشاية
وتخابر، تجريم كل عمل نضالي ونسب كل
حادث ل«المجرمين» و«الشرذمة الضالة» (إقرأ
المقاومين)، تصفية رؤوس الحركة،
وأخيرا عند الانتهاء من ضمان السيطرة
المطلقة على المدينة يتمّ الانتقال
للقرى وهكذا. كل هذه النقاط اعتمدها غالولا ليضيف
عليها تركيزه على طبيعة نقاط ضعف وقوة
حركة التمرّد ومقارنتها وإمكانات
الخصم، ليخلُص إلى 4 قوانين لمكافحة
حركة التمرّد: بدءا بالغاية التي يجب
أن تكون دائما كسب عقول الأهالي
وقلوبهم لتحييدهم وضمان تعاونهم، دعم
الأهالي يجب أن يكون منظّما، القضاء
على حركة التمرّد يجب أن يعتبر النصر
الحقيقي، إذ ليس النصر عسكريا بل سياسي.
وأخيرا ضرورة أن يتمّ صرف جهود
العمليات بالتّدرّج: المنطقة تلو
الأخرى. وذلك لقناعته أن عناصر نجاح
حركات التمرّد هي: القضية ذاتها ومدى
استقطابها للمناصرين، وجود حكومة
محلّية فاشلة، حالة أزمة تذكّي جذوة
التمرّد أو العصيان، العمق
الاستراتيجي والدعم الخارجي،
والخصائص الجغرافية والموارد البشرية
والنظام الاقتصادي. تدمير المتمردين أما كيف تتمّ عملية استئصال حركة التمرّد
فدليله، الذي تبنّاه بتريوس بحذافيره
ولم يفعل سوى تحيينه وتطويعه لواقع
العراق وأفغانستان وتوظيف إمكانات
الولايات المتحدة الهائلة، ينصح
غالولا بالتالي: تدمير المتمرّدين أو
شرذمتهم، نشر قوات ثابتة وأخرى متنقلة
بالقدر الكافي لتأمين منطقة «خضراء» «مُحرّرة»
للحيلولة دون عودة فلول التمرّد،
إنشاء حلقات تواصل مع الأهالي مع
مراقبة حركتهم وضبطها، إعطاء الانطباع
بأن القوات الغازية هي ضامن الأمن
الوحيد لكسب عقول الناس وقلوبهم،
اجتثاث التنظيم السرّي للمتمرّدين
باستثمار المادة التي يوفّرها العملاء
على أن تكون الضربة خاطفة حتى لا تؤلّب
من «أُلّفت» قلوبهم، تنظيم انتخابات «حرّة»
لتعيين حكومة محلّية مؤقتة، إشراك
العنصر النسائي و«تحريره من سلطة
الرجل»، اختبار مدى أهلية (إقرأ عمالة)
القيادة المحلّية بمنحها بعض المهام،
فرز العناصر وتحييد عديمي الكفاءة
والفاسدين والمحافظة على سلامة من
أثبتوا ولاءهم دون السقوط في الوصاية،
ضم القادة الذين تمّت تزكيتهم لحركة أو
تنظيم أو حزب مع التحذير من السّقوط في
هذا الامتحان لأنّ حركة التمرّد
تتربّص، ضم أو استئصال فلول التمرّد
خلال الاشتباك الأخير للقضاء على
النواة الصلبة بمشاركة الأهالي أنفسهم
وقوات محلية تمّ تدريبها للغرض، سواء
بقوّة السلاح أو من خلال مفاوضات «سلام
شجعان» (والتعبير لغالولا وليس لكاتب
هذه السطور)، وأخيرا إنجاح إعادة
الإعمار لتأليف قلوب أكثر عدد ممكن من
الأهالي وتنفيرهم في الفعل المقاوم. استراتيجية الأفعى ماذا عن إضافة بتريوس؟ إذا كنّا سنسلّم
بأنّه أضاف فعلا، يعرّف بتريوس عقيدته
بأنّها استراتيجيا أفعى «الأناكوندا Anaconda» التي تعمل على خنق حركة
التمرّد وذلك باعتماد مقاربة شاملة
تجفّف مصادرها وتقطع خطوط دعمها
اللوجستي وتصفّي قادتها وتعزل العناصر
المتشدّدة من المتمرّدين عمّن يمكن
تأليف قلوبهم واستيعابهم. موضحا: «أن
الأفكار الكبرى» حول العيش بين السكان
وكسب قلوبهم وعقولهم فرضت نفسها وأدت
إلى اعتماد مناهج تدريب جديدة». تحت
اسم: دليل مكافحة التمرّد، صدرت هذه
الوثيقة بتاريخ 15 ديسمبر 2006، ووردت في
220 صفحة و8 فصول تناول فيها بالتحليل
التوصيات الواجب اتباعها ونماذج
الاشتباكات والخطوط العريضة لقيادة
العمليات والتطبيقات العاجلة
لإنجاحها. وكان قد جمع لها «فريقا من
المتمرّدين على التقاليد، يشمل مجموعة
من الضبّاط المستعدّين للتفكير خارج
الإطار التقليدي» كما يشير ديفيد
اغناتيوس. وتحتوي استراتيجيته على 3
عناصر: هجومية ودفاعية وأخرى تثبيتية،
تتوقّف ثلاثتها على مدى كسب ودّ
الأهالي ومشاركتهم، حتى أنّه أوصى
بوضع ملصق لضبّاطه كُتب عليه: «ماذا
فعلت اليوم لكسب قلوب العراقيين؟ ثم
على الواقع والساحة والإمكانات
والمهمة. يؤكّد بتريوس على مسألة الشرعية كهدف
أساسي، لأن وجود حكومة محلّية ستسفّه
ما تعلنه حركة التمرّد، وعلى تظافر
الجهود والتجديف بتوحيد الخطاب وإن
اختلفت الأهداف، تغليب العملية
السياسية على العمليات العسكرية التي
يجب أن تراعي المضاعفات، تفهّم وتأقلم
القوات المكافحة للتمرّد مع مسرح
الأحداث، لأن معرفة طبيعة المجتمع
وثقافته وأدق تفاصيل تركيبته الإثنية
والدينية والأيديولوجية عوامل حاسمة
ومهمة، جمع المعلومات الميدانية وكل
شاردة وواردة تتعلّق بحركة التمرّد،
بدون عملاء تظل العمليات مضيعة للوقت
ومصدر نتائج معاكسة، العمل على عزل
المتمرّدين عن مجتمعهم وتسفيه قضيتهم
وقطع مصادر دعمهم، لا تقتيلهم وجعلهم
أبطالا، المسألة الأمنية كحجر الزاوية
لتأليف قلوب الأهالي وتجريم
المتمرّدين، التعجيل بتكليف قوات
محلية من الشرطة وغيرها لتتولى بنفسها
تلك المهام وكسر الحاجز النفسي، إعداد
القوات وتحضيرها نفسيا لتقبّل
استراتيجيا نفس طويل وقادرة على
التدمير والإعمار في الوقت ذاته،
استثمار المعلومات وسبرها وخلق
تطلّعات معقولة، لأن الشعوب بتقديره «مصابة
بعقدة الصعود إلى القمر»، لذلك تطالب
الأميركيين بصنع المستحيل وفي أسرع
وقت ! «ليحذّر بعدها من مغبّة السقوط في
امتحان الوعود غير المحققة الذي سيدفع
الأهالي إلى حضن المقاومة من جديد،
استعمال «معقول» للقوة بتحقيق
المعادلة الصعبة بين حفظ أمن القوات
والتخفيف من عدد قتلى الأهالي موصياً
بضرورة تكليف القوات المحلية بالمهام
القذرة، تشريك المرأة من خلال مشاريع
مثل تلك التي تحدّثت عنها الكاتبة
المناضلة هيفاء زنكة، «المصالحة» و«تمكين
المرأة» وورشات «الديموقراطية»،
القدرة على التأقلم والتكيّف مع
المحيط. وبتريوس أبرع من يفعل ذلك وهو
من شهد له، ديفيد اغناتيوس، أنّه «حوَّل
زيارة روتينية لقرية باراكي باراك
بأفغانستان إلى درس عملي في مكافحة
التمرّد، كان يشرب كوباً بعد كوب من
الشاي من أكواب متّسخة، ويأكل أرغفة
خبز محلّي، معايشاً المكان بكل ما فيه،
لإعطاء السكّان المحلّيين شعورا شخصيا
بجدية بالمهمة الأميركية»، وأخيرا
تقديم الدعم للحكومة المحلية وخلق
الانطباع بأن الولايات المتحدة لن
تتخلّى عنها. طبعا الترجمة العملية لكلّ هذه
البروتوكولات كانت كارثية على العراق
المتحلّل لا المحرّر، والذي يكاد
يُمسح من الخارطة وتضرّر على كل
الأصعدة ولم تسلم حتى الجينات من
نفايات اليورانيوم والفوسفور، وعاثت
فيه قوات الجنرال التي تلقّى بعضها
تدريبهم تحت إشراف جنرالات الكيان
الصهيوني الذين وفّروا تجسيدات لمدن
عربية بقباب ومآذن، ولسنا نبالغ إذا
قلنا إن بغداد وما يسمّى بالمنطقة
الخضراء وتلك الأسوار تحاكي أسلوب ما
يجري بفلسطين المحتلّة. وهذا حصر لبعض
المضاعفات: ÷ توظيف حالة الفوضى والفتنة المذهبية
للظهور بوجه المخلّص، والمحرّر وواهب
الحضارة والديموقراطية والمثل
السامية، استخدام ورقة الشحن المذهبي
والأيديولوجي والتفريط في الذاكرة
الوطنية وتدمير التراث والمواقع
الأثرية، لتفتيت البنية الاجتماعية
والعودة بها إلى ما قبل القبيلة، إنشاء
ما سمّي ب«الصحوات» لضرب تنظيم
القاعدة، شراء الذمم وتوزيع الأموال
الطائلة على العشائر، عزل الأهالي عن
المتمرّدين بكل السبل الوحشية ومراقبة
حركتهم وزرع العملاء بينهم لمتابعة
المتعاطفين والمناصرين والعناصر
المساهمة في الفعل المقاوم، إقامة
الجدران الكونكريتية العازلة بين
أحياء بغداد العاصمة حولها إلى سجن
ضخم، إنشاء معسكرات وسجون ومخيمات
الاعتقال وتطويقها بالكتل الخرسانية
العالية، تحويل العاصمة إلى كانتونات
طائفية معزولة لإذكاء الشحن الطائفي،
الحديث عن إقامة «سور بغداد أكبر أسوار
العراق المحتل»، رغم إنكار حكومة
العمالة، والذي سوف يمتد إلى مسافة 120
كيلومترا. مع مداخل أربعة مصمّمة
بطريقة قد تجعل منها لاحقا «بوابات
إلكترونية»، قد تستخدم معها بطاقات
ممغنطة، تحوي كل المعلومات اللازمة
والضرورية لمستخدمي المعابر، على
شاكلة المعابر أو الحواجز «الأمنية»
في الضفة الغربية من فلسطين المحتلة،
تخريب الطابع العمراني وطمس جمالية
المكان لتصبح المدن عبارة عن متاهات من
الجدران، وذلك من أجل كسر الإرادة
وتطويع الأشاوس والماجدات، تكريس
التطهير المذهبي لفرض توازنات
ديموغرافية تستخدم في المساومات حين
تدق ساعة الرحيل عن البلاد، تجيير
الوضع الميداني لفرضه كأمر واقع
وتكريس أن المحتل هو ضامن الأمن الوحيد.
تجربة العراق أسوأ من فيتنام لن تشفع للجنرال بتريوس «عقيدته»، عقيدة
غالولا بالأحرى، ولا ما سمّوه بهتانا «نجاح
تجربة العراق»، و توماس ريكس، صاحب
كتاب المقامرة: الجنرال بتريوس
والمغامرة العسكرية الأميركية في
العراق: 2006-2008، The
Gamble: General David Petraeus and the American Military Adventure
in Iraq, 2006-2008:، هو الآخر يخلُص إلى «أن تجربة
العراق أسوأ من فيتنام لسببين: أولا،
فيتنام كانت على هامش المصالح
الأميركية، في حين أن العراق يقع في
قلب منطقة مهمة جدا بالنسبة للاقتصاد
العالمي. وثانيا، لأن الحرب في العراق
لم تنته بعد، بل على العكس سوف تستمر
لفترة طويلة». كذلك أفغانستان لن تكون
العراق، لخصوصيات معطيات الواقع
العراقي، التاريخي والطوبوغرافي
والاجتماعي والاقتصادي والثقافي
والجيوبولتيكي... فلا الجغرافيا
متشابهة ولا التركيبة السكانية ولا
المذهبية متقاربة، ولا انعدام العمق
الاستراتيجي والتواطؤ والعمالة
والتضييق والحصار والتعتيم وكل ذلك
الذي عانته ولا تزال حركة المقاومة
المجيدة بالعراق، والذي تمعّش منه
الجنرال وعلوجه. ثم ان بتريوس «الراضخ
الخانع الراكع» وكل تلك المواصفات
التي عرّاها الباحث والمحلّل القدير
صبحي حديدي في مقال بالقدس العربي،
بتاريخ تاريخ: 7 يوليو 2010، الطامع
ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري
للانتخابات الرئاسية، والتائب عن
تصريحات أوردها رسمياً بخط يده
وممهورة باسمه، وأمام الكونغرس من
فضلكم، جاء فيها: «إن محاباة الولايات
المتحدة لإسرائيل تقوّض المصالح
الأميركية في الشرق الأوسط وتزيد من
المشاعر المعادية للولايات المتحدة..
وإن الغضب العربي بسبب القضية
الفلسطينية وانحياز واشنطن إلى جانب
إسرائيل يحدّ من قوة وعمق الشراكات
الأميركية مع الحكومات والشعوب في
المنطقة»، لينتهي بعدها
كما يفيد الأستاذ حديدي
ذليلا متملّقا اللوبي الصهيوني
متوسّلا ماكس بوت، Max
Boot،: «أنت
تعلم بأنني لم أنطق بهذا الكلام
شخصياً، بل هو مدوّن في شهادة توثيقية
فحسب... وهل يفيد التذكير بأنني استضفت
إيلي فيزل وزوجته في مقرّ أركاننا
الأحد الماضي؟ أو أنني سأكون الخطيب
الرئيسي في الذكرى ال 65 لتحرير معسكرات
الاعتقال النازية؟»! جنرال بصفات كهذه
وإن نعتوه «بالجندي المثقّف» و«البطل
الأميركي الكبير» و«ألمع رجال أميركا
بالعراق وأفغانستان»، سينتهي كغيره من
جنرالات الولايات المتحدة الذين كلّما
احتلّوا بلدا نهبوه ليرحلوا تاركين
وراءهم جيشا جرّارا من العملاء وحرّاس
السّجون السّاديين ومدمني المخدرات و«قوادي»
المواخير!!! لنذكّر فقط بآخر إنجاز بهذا
العراق «المُحرّر»، وارد على لسان
وزيرة «حقوق الإنسان» بحكومة العمالة
العراقية التي كشفت لصحيفة الصباح أن 12
ألف حكم بالإعدام قد صدر في العراق
خلال السنوات الخمس الماضية»! إعدامات
طالت نخبة المجتمع وأهم رموزه.. العراق
سينهض بمقاومته ووحدته الوطنية،
وبتريوس كغيره من الغزاة سيُعفّر أنفه
بالتّراب الأفغاني ثم يعود مذموما
مدحورا ليُوارى كغيره في مزبلة
التاريخ! الإمبراطورية تترنّح أو هي على شفير
الهاوية على ألاّ نركن قاعدين بانتظار
ملائكة الرحمن لتقاتل بدلا عنّا، ثم هل
في هذه الأمة أمثال من شهدوا موقعة
بدر، لتفعل؟ [ باحث بالفكر الاستراتيجي
جامعة السوربون لدراسات
الجيوبوليتيك، باريس. مراجع ^ ،Field Manual ،No.
3-24 ، التي صاغها الجنرال بتريوس،
ونشرت بتاريخ: 16 يونيو 2006، على الوصلة
التالية: http://www.fas.org/irp/doddir/army/fm3-24.pdf ^ موقع القيادة المركزية الأميركية،
الصفحة العربية، تحت عنوان: «تصريحات
الجنرال بتريوس التي أدلى بها في اليوم
الوطني لإحياء ذكرى المحرقة في متحف
إحياء ذكرى الإبادة النازية، الرابط
التالي: http://www.centcom.mil/ar/from-the-commander/gen-petraeus-remarks-at-the -holocaust-memorial-museum-national-day-of-remembrance-commemoration
^ بتريوس «الجندي المثقف» سينقل تجربة
العراق إلى أفغانستان، بتاريخ: 25 يونيو
2010 العدد 11532، الرابط التالي: http://www.aawsat.com/details.asp? section=4&issueno=11532&article=575470
^ مقال ديفيد اغناتيوس، David Ignatius ، القائد المناسب، Gen.
David Petraeus: The right commander for Afghanistan، الصادر بالواشنطن بوست،
بتاريخ: 24 يونيو 2010، الوصلة التالية: http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content /article/2010/06/23/AR2010062304005.html
^ موقع وزارة الخارجية الأميركية، الصفحة
العربية، الجنرال بتريوس يدلي بشهادة
عن الاستراتيجية في أفغانستان، بتاريخ
30 يونيو 2010، الوصلة التالية: http://www.america.gov/st/peacesec-arabic/2010/ June/20100630104434x0.434292.html?CP.rss=true
^ توماس ريكس، Thomas
E. Ricks، صاحب كتاب المقامرة: الجنرال بتريوس
والمغامرة العسكرية الأميركية في
العراق،: 2006-2008، The
Gamble: General David Petraeus and the American Military Adventure
in ^ صبحي حديدي، «الوقائع السبع في انقلاب
الجنرال رأسا على عقب»، الصادر بالقدس
العربي، تاريخ: 7 يوليو 2010. ^ راجع الدراسة الصادرة عن وزارة الدفاع
الفرنسية، مركز العقيدة ونشر القوات،
تحت عنوان: DE
GALULA A PETRAEUS، L’HERITAGE FRANCAIS DANS LA PENSEE AMERICAINE DE LA CONTRE-INSURRECTION،
الرابط التالي: http://www.cdef.terre.defense.gouv.fr/publications/ cahiers_drex/cahier_recherche/Galula_Petraeus.pdf
================== قراءة هادئة لمضمون قرار
مجلس الأمن الدولي المتعلق بإنشاء
المحكمة الخاصة بلبنان (1) عدنان عضوم السفير 8/12/2010 بتاريخ 31/5/2007، أصدر مجلس الأمن قراراً
برقم 1757/2007 بموجب الفصل السابع من
ميثاق الأمم المتحدة وقرَّر حرفيّاً
في البند الأول فقرة (أ) من قسمه
التنفيذي أنه يبدأ سريان أحكام
الوثيقة المرفقة المتعلقة بإنشاء
محكمة خاصة للبنان، بما في ذلك الضميمة
الملحقة بها، اعتباراً من 10 حزيران/يونيو
2007، ما لم ُتقدِّم حكومة لبنان قبل ذلك
التاريخ إخطاراً بموجب المادة 19 (1) من
الوثيقة المرفقة. وتناول هذا القرار في
بنوده الأخرى بعض المواضيع المتعلقة
باتفاق المقر (المادة 8 من الوثيقة)،
وتمويل المحكمة (المادة 5 فقرة (ب) من
الوثيقة) وتاريخ بدء المحكمة (المادة 19
من الوثيقة)، كما طلب المجلس من الأمين
العام أن يتخذ بالتنسيق مع الحكومة
اللبنانية عند الاقتضاء الإجراءات
والتدابير اللازمة لإنشاء المحكمة
الخاصة في موعد قريب على أن يُقدِّم
تقريراً إلى المجلس عن تنفيذ هذا
القرار في غضون تسعين يوماً وبعد ذلك
بشكل دوري. تعليقاً على هذا القرار، سنقوم في بادئ
الأمر بتعريف مهمة مجلس الأمن في مجال
الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين
بموجب الفصل السابع والتطبيق العملي
لأحكام هذا الفصل على الممارسات
السابقة لهذا المجلس وعلى القرار
الرقم 1757/2007 المشار إليه أعلاه، ثم
سنقوم بمناقشة مضمون هذا القرار
والمخالفات القانونية المرتكبة فيه،
كما سنبيِّن العقبات القانونية التي
تحول دون إمكانية وضع الاتفاقية
الثنائية بإنشاء المحكمة ذات الطابع
الدولي ونظامها الأساسي الموقعة من
الحكومة اللبنانية (كذا)... مَوضِع
التنفيذ بموجب قرار مُلزم تحت الفصل
السابع، وأخيراً سنعرض العقبات
الدستورية التي تعترض بدء تنفيذ
الاتفاقية وتكوين المحكمة ومباشرة
أعمالها. مهمة مجلس الأمن المحددة في الفصل السابع
والتطبيق العملي لأحكام هذا الفصل على
الممارسات السابقة وعلى القرار الرقم
1757/2007 ألف: سلطة مجلس الأمن التقديرية المطلقة في تطبيق المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة
نصت المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة على
ما يلي: «يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد
للسلم أو إخلال به أو كان قد وقع عمل
عدواني ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر
ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً
لأحكام المادتين 41 و 42 لحفظ السلم
والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه». أشارت الدراسات القانونية في موسوعة Jurisclasseur-
Droit International 2004- Fasc122 Organisation des Nations Unies-
Maintien de la Paix
التي تناولت مهمة مجلس الأمن في الحفاظ
على الأمن والسلم الدوليين بموجب
الفصل السابع وبالاستناد إلى الحالات
العملية التي تَصرَّف فيها هذا المجلس
بموجب الفصل المذكور أن مجلس الأمن
يتمتع بصلاحية استنسابية في التقدير Compétence
de Qualification Discrétionnaire
لتقرير ما إذا كانت الحالة التي
يعالجها تشكل تهديداً للسلم أو
إخلالاً به، ولا توجد حدود قانونية
معينة لهذه السلطة وأن الحدود الوحيدة
هي الحدود السياسية أي عدم استعمال أي
من الدول الخمس الدائمة العضوية حق
الفيتو. « Dans
cette opération de qualification ou de constatation d’une menace
à la paix, la discrétion du conseil, la marge d’appréciation
dont il dispose n’est pas juridiquement encadrée… Les
seules limites sont des limites politiques c’est-à-dire
l’accord entre les cinq membres permanents ». (المرجع المشار إليه أعلاه فقرة no. 30 ). إلا أن بعض الفقهاء في القانون الدولي
وبعض القضاة الدوليين قدَّموا حججاً
لتبرير موقفهم القائل بوجود حدود
لممارسة مجلس الأمن لسلطته التقديرية
المذكورة في المادة 39 من ميثاق الأمم
المتحدة المشار إليها أعلاه. فاعتبروا
أنه يجب أن يكون التهديد للسلم جدِّياً
لا لُبسَ فيه وأن لا يكون بالتالي مجرد
خيال أو عذر، ويجب وضع بعض الحدود
لسلطة مجلس الأمن لأنه من السهل تقديم
حالة دولية موضوع جدالات كبيرة بأنها
تشكل تهديداً للسلم والأمن حتى لو كانت
بعيدة جداً عن مفهوم التهديد الحقيقي. يراجع بهذا المعنى ما جاء في الموسوعة
المشار إليها أعلاه Jurisclasseur
Droit International 2004- Fasc122, no. 30-31-32: » La
menace ne doit être ni une simple fiction ni un prétexte «. …..» Certaines
limitations aux pouvoirs du Conseil de Sécurité sont nécessaires
car il n’est que trop facile de présenter une situation
internationale qui fait l’objet de vives controverses comme
impliquant une menace latente contre la paix et la sécurité même
si elle est trop éloignée pour paraître authentique «. وعلى هذا الأساس، اعتبر بعض رجال القانون
أن عدداً من قرارات مجلس الأمن لجهة
تقدير حالة ما، بأنها تهديد للسلم،
حملت في طيِّها إساءة لاستعمال السلطة
المعطاة لهذا المجلس (Qualifications
abusives) وقد وصفت هذا الأمر بأنه «انحراف سياسي»
(Dérive
politique) وليس قانونيا، بحيث لم يلتزم
مجلس الأمن بأهداف وغايات ميثاق الأمم
المتحدة في ممارسته مهمته المتمثلة
أساساً في الحفاظ على الأمن والسلم
الدوليين بشكل صحيح وحيادي. باء: توسيع نطاق التصرف بموجب الفصل
السابع تشير الدراسة الواردة في المرجع المشار
إليه أعلاه الى أنه بعد العام 1990 حصلت
عدة عمليات تَدَخُّل لمجلس الأمن
بموجب الفصل السابع، إلا أن معظم
القرارات التي اتخذت لحفظ السلام
الدولي كانت تختلف عن سابقاتها بحيث ان
طبيعة الخلافات التي تناولتها هي
خلافات عرقية أو دينية أو قومية، وأصبح
بالتالي مبدأ حفظ السلام الذي وُضِع
أساساً لمنع الخلافات بين الدول
يُطبَّق أكثر على الخلافات الداخلية
والحروب الأهلية، كما تبين أنه منذ عام
1991 تَوسَّعَ نطاق تطبيق الفصل السابع
من قبل مجلس الأمن مُبرَّراً بشاغل
إنساني، ومثال على ذلك القرار الرقم
827/1993 بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية
بموجب الفصل السابع لمحاكمة المسؤولين
عن الانتهاكات الفادحة والخطيرة
للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت
في يوغوسلافيا سابقاً منذ تاريخ 1/1/1991
وحتى تاريخ يحدده مجلس الأمن بعد إعادة
السلام. ولذات الشواغل الإنسانية صدر
القرار الرقم 955/1994 عن مجلس الأمن تحت
غطاء الفصل السابع بإنشاء محكمة
جنائية دولية لمحاكمة المسؤولين عن
جرائم الإبادة وانتهاكات القانون
الدولي الإنساني في رواندا والدول
المجاورة المرتكبة بين 1/1/1994 و 31/12/1994.
أما الأمثلة الأخرى لتطبيق الفصل
السابع، فهي حالات تتناول مساعدات
إنسانية في الصومال وكردستان العراق
والبوسنة، وذلك لتسهيل أعمال المنظمات
الإنسانية الدولية في هذه البلاد. ونظراً لهذا التوسع في نطاق تطبيق الفصل
السابع، تبيَّن حصول تعارض بين هذا
التدخل لمبررات إنسانية ومبدأ السيادة
الوطنية التي يرعاها القانون الدولي
رغم أهمية الشاغل الإنساني. إلا أنه
تبيَّن للمراقبين أن السيادة الوطنية
في الدول المعنية بهذه القرارات
الملزمة بموجب الفصل السابع (الصومال،
البوسنة، رواندا ويوغوسلافيا) كانت
معدومة أو منقوصة بسبب انهيار أو تفكك
المؤسسات الدستورية فيها (تراجع
الدراسة المشار إليها في المرجع أعلاه
الفقرات من 69 إلى 72). جيم: تطبيق الفصل السابع على الحالة اللبنانية الحاضرة بالنسبة لقرار مجلس الأمن الرقم 1757/2007
المشار إليه أعلاه والمتعلق بإنشاء
المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة
للبنان بموجب الفصل السابع، يقتضي
مناقشة مدى احترام قرار مجلس الأمن
المذكور لبنود ميثاق الأمم المتحدة
ولقواعد القانون الدولي العام ومدى
وجود تشابه بين الحالة اللبنانية
الحاضرة والحالات المشار إليها أعلاه
والتي سبق لمجلس الأمن أن عالجها
واستَوجَبت تطبيق الفصل السابع
لانتهاك القانون الدولي الإنساني أو
لمبررات إنسانية. -1- مدى إحترام القرار الرقم 1757/2007 بنود
ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون
الدولي. يتبيَّن أنه في بداية الأمر صدر القرار
الرقم 1664/2006 عن مجلس الأمن بالموافقة
على طلب الحكومة اللبنانية إنشاء
محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة
المسؤولين عن الجريمة الإرهابية التي
أودت بحياة الرئيس الحريري ورفاقه
وكلَّف هذا المجلس الأمين العام
التفاوض مع الحكومة اللبنانية وتقديم
مشروع اتفاق بين الأمم المتحدة
والدولة اللبنانية لإنشاء هذه المحكمة
استناداً لأعلى المعايير الدولية في
مجال العدل الجنائي. وقد جاء في مقدمة هذا القرار التأكيد على
احترام استقلال لبنان وسيادته، وهذا
الأمر يستتبع حتماً وجوب اتباع
الإجراءات الدستورية اللازمة لإبرام
الاتفاقيات الدولية وفقاً للدستور
اللبناني، لتصبح هذه الاتفاقية
الثنائية نافذة. إلا أن مجلس الأمن لم
ينتظر إتمام هذه الإجراءات الدستورية
اللبنانية فأصدر القرار الرقم 1757/2007
المستند إلى الفصل السابع ببدء نفاذ
الاتفاقية الثنائية. وأجرى بالتالي
اتفاقاً مع نفسه وحلَّ مكان الدولة
اللبنانية في هذا الأمر متجاوزاً
الأصول الدستورية الوطنية وقواعد
القانون الدولي العام التي لا تسمح
لأية جهة خارجية بانتهاك سيادة دولة ما
من خلال فرض اتفاق عليها بدون أن يتم
إبرامه وفقاً لدستورها، ومخالفاً
أيضاً أحكام المادة 2 فقرة (7) من ميثاق
الأمم المتحدة التي نصت على أنه ليس في
هذا الميثاق ما يسوِّغ للأمم المتحدة
أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم
السلطان الداخلي لدولة ما، إلا في حال
تطبيق التدابير القسرية. كما تقتضي الإشارة إلى أن تأخر الدولة
اللبنانية في إنجاز الإجراءات
الدستورية اللازمة لإبرام الاتفاق
المشار إليه أعلاه، كان سببه أمرا
جدّيا، كونه يتعلق بمخالفات دستورية
ارتكبتها الحكومة اللبنانية أدَّت إلى
خلافات سياسية داخلية وعقبات قانونية،
وبالتالي لا يوجد مبرِّر قانوني ولا
واقعي ليتصرف مجلس الأمن، بموجب الفصل
السابع لوضع الاتفاق حيِّز التنفيذ. -2- هل الحالة اللبنانية شبيهة بالحالات
السابقة التي استوجبت تطبيق الفصل
السابع؟ في البداية، يُطرح السؤال عما إذا كانت
الجريمة الإرهابية التي أودت بحياة
الرئيس الحريري ورفاقه والآثار
المترتبة عليها تشكل حقاً وفعلاً
تهديداً للسلم والأمن الدوليين. للإجابة عن هذا السؤال، تقتضي الإشارة
إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة في
تقريره الرقم 893/2006/S
تاريخ 15/11/2006 المتعلق بإنشاء المحكمة
الخاصة للبنان (الفقرة 25) قد استبعد
بالاستناد إلى آراء أعضاء مجلس الأمن
المهتمين بالأمر، إدراج الجرائم ضد
الإنسانية ضمن موضوع اختصاص المحكمة
واقتصر تعريف الجرائم التي ستنظر فيها
المحكمة بأنها جرائم عامة وفقاً
لقانون العقوبات اللبناني، ما يعني
أنه نتيجة للمفاوضات والمشاورات مع
أعضاء مجلس الأمن لم يُصَنَّف الهجوم
الإرهابي الذي أودى بحياة الرئيس
الحريري ورفاقه بأنه جريمة ضد
الإنسانية وانتهاكاً للقانون
الإنساني الدولي، وإلا لكان يقتضي
إنشاء المحكمة بموجب الفصل السابع،
وليس بموجب معاهدة ثنائية مع لبنان،
لأن الجرائم ضد الإنسانية هي التي تشكل
تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وأنه
مع ضخامة وهول هذه الجريمة وآثارها
الكارثية على لبنان، فإنها ليست جريمة
ضد الإنسانية بل جريمة إرهابية سياسية
فردية وطنية، ولا تشكل بالتالي خطراً
وضرراً على الإنسانية جمعاء وتهديداً
للسلم والأمن الدوليين. على ضوء ما تقدم، فإن الحالة اللبنانية
موضوع القرار الرقم 1757/2007 لا تشبه
مطلقاً أيا من الحالات السابقة المشار
إليها أعلاه والتي تَصرَّف فيها مجلس
الأمن بموجب الفصل السابع بحيث انه لم
تحصل في لبنان انتهاكات خطيرة للقانون
الإنساني الدولي بسبب ارتكاب جرائم ضد
الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية. كما
أنه لم تتعرَّض الدولة اللبنانية لحرب
أهلية أو اقتتال دموي داخلي بسبب نزاع
عرقي أو ديني أو قومي، كما أن السيادة
الوطنية اللبنانية ليست معدومة الوجود
بسبب انهيار وتفكك مؤسسات الدولة. لذلك، فإن على مجلس الأمن الذي يتمتع
بسلطة تقدير مطلقة للتصرُّف بموجب
الفصل السابع أن يلتزم بأهداف وغايات
ميثاق الأمم المتحدة في ممارسة مهمته
في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين
بشكل صحيح وحيادي، وهذا الالتزام غير
متوفر في القرار الرقم 1757/2007، وبالفعل
فإن مجلس الأمن رغم وجود خلاف وانقسام
بين المؤسسات الدستورية اللبنانية
بخصوص أحكام الاتفاق ونظام المحكمة
وعدم إتمام الإجراءات الدستورية وفقاً
للأصول المنصوص عليها في المادة 52 من
الدستور، قرر وضع هذا الاتفاق حيِّز
التنفيذ بناءً لطلب فريق سياسي واحد،
متجاهلاً المؤسسات الدستورية، في حين
أنه كان عليه حفاظاً على مصداقيته
التمسك بعقد الاتفاقية الدولية لإنشاء
المحكمة وفقاً للأصول الدستورية
اللبنانية، تفادياً لفقدان الثقة
بلبنان والمس بوحدته وسيادته
واستقراره الوطني. إن إقرار المحكمة
بموجب الفصل السابع هو إقرار بانعدام
مقوِّمات السيادة الوطنية وهذا مخالف
لواقع الحال، ولما تؤكده جميع قرارات
مجلس الأمن المتعلقة بقضية اغتيال
الرئيس الحريري ورفاقه. وتأكيداً على ذلك، لا بد من إيراد بعض ما
جاء في مداخلات مندوبي بعض الدول
الأعضاء في المجلس أثناء مناقشة
القرار المذكور من قبله، وقد امتنعت
هذه الدول نتيجة المناقشة عن التصويت
إلى جانب هذا القرار: فقد ارتأى مندوب
الصين لدى المجلس «أن اللبنانيين
منقسمون حول هذا الشأن فلماذا لا نقلق
على مضاعفات قرار كهذا؟»، أما المندوب
الروسي فرأى أن «القرار غير متوازن»
وحذَّر من عواقبه على المنطقة بكاملها
مشيراً إلى «أن هذا القرار ينال من
سيادة لبنان وموضحاً أن الفصل السابع
استخدم في محكمتي يوغوسلافيا ورواندا
حيث كانت هناك مذابح في مستوى مجازر
عالمية وهذا لا ينطبق على الوضع في
لبنان». وقال ان «المجلس تجاهل رسالة الرئيس إميل
لحود واعتمد رسالة الرئيس فؤاد
السنيورة وعليه فإن القرار منحاز». كما
أن المندوب القطري قال ان «القرار خَرق
قانوني ويمكن أن يعقِّد الأمور في دولة
بحاجة ماسة إلى تماسك في هذا الظرف،
وإن اعتماد المحكمة بموجب الفصل
السابع يخالف الهدف الحقيقي من
المحكمة ولن يؤمن الفصل السابع
الاستقرار في هذه الدولة». وقال مندوب
جنوب إفريقيا ان «هناك إجماعاً على
ضرورة العدالة وإقامة محكمة عادلة من
أعلى المواصفات، لكن لا يجوز فرض
المحكمة بموجب الفصل السابع ولا يحق
للمجلس تجاهل الدستور اللبناني ووحدة
لبنان». وأضاف انه لا يجوز للمجلس أخذ
موقف من النزاع الداخلي اللبناني وهذا
الموقف يؤثر سلباً على استقرار لبنان
ويتعارض مع ركائز القانون الدولي». مناقشة مضمون القرار الرقم 1757/2007 لبيان
التحوير في الوقائع، والمخالفات
القانونية المرتكبة. قبل مناقشة مضمون القرار رقم 1757/2007
سنتناول في البداية الآلية الدستورية
التي ترعى المفاوضة في عقد المعاهدات
الدولية لإبرامها سنداً لأحكام المادة
52 من الدستور اللبناني والقوانين
الأخرى ذات الصلة، ومدى تطبيق هذه
الآلية على مشروع المعاهدة مع الأمم
المتحدة لإنشاء المحكمة الخاصة وفي ما
بعد مناقشة مضمون مقدمة القرار
المذكور ومن ثم مناقشة بنود قسمه
التنفيذي، وآثارها القانونية. ألف: آلية المفاوضة في عقد المعاهدات
الدولية وإبرامها وفقاً لأحكام
الدستور اللبناني والقوانين ذات الصلة
ومدى تطبيقها على الاتفاقية الدولية
لإنشاء المحكمة الخاصة للبنان -1- آلية المفاوضة في عقد المعاهدات
الدولية وإبرامها وفقاً للدستور
والقوانين ذات الصلة. نصت المادة 52 من الدستور المعدلة بموجب
القانون الدستوري الرقم 18 تاريخ 21/9/1990
على الآلية الدستورية الواجب اتباعها
لعقد وإبرام المعاهدات الدولية وهي
التالية: «يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد
المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق
مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة إلا
بعد موافقة مجلس الوزراء. وتُطلع
الحكومة مجلس النواب عليها حينما
تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة
الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على
شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات
التجارية وسائر المعاهدات التي لا
يجوز فسخها سنة فسنة فلا يمكن إبرامها
إلا بعد موافقة مجلس النواب». تمرّ المعاهدات الدولية وفقاً للمادة 52
من الدستور بثلاث مراحل لا يمكن
الانتقال من مرحلة إلى أخرى إلا بعد
استنفاد تنفيذ المرحلة ما قبلها
إيجاباً: المرحلة الأولى
هي مرحلة تَولّي المفاوضة وإبرام
المعاهدة الدولية من قبل رئيس
الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
ومن الطبيعي أن لا يتولى رئيس
الجمهورية شخصياً القيام بالمفاوضة بل
المقصود أن يُشرف حصرياً وشخصياً على
مراحل المفاوضة وتطوراتها تمكيناً
لتقويم العملية وإعطاء الملاحظات
والتوجيهات، وعملية التفاوض والإبرام
هذه يقودها منذ البدء رئيس الجمهورية
بالاتفاق مع رئيس الحكومة بحيث يقفان
على كل مرحلة من مراحلها ويجريان
التقويم اللازم للمعاهدة قبل إبرامها
من قبلهما. إلا أنه لا يجوز لأي وزير غير وزير
الخارجية أو أي شخص تقني أو دبلوماسي
تمثيل الدولة اللبنانية في مرحلة
المفاوضة إلا إذا كان مزوَّداً بتفويض
صريح وخطّي صادر عن رئيس الدولة
شخصياً، باعتبار أن وزير الخارجية
وحده يمثِّل قانوناً رئيس الدولة بشأن
إجراء المفاوضات لعقد اتفاقات دولية
وذلك تطبيقاً لأحكام المرسوم الرقم 2885
تاريخ 16/12/1959، المتعلق بتنظيم وزارة
الخارجية ولا يحتاج بالتالي إلى تفويض
خطّي. (تراجع بهذا المعنى الاستشارة الرقم 2000/1996
تاريخ 4/4/1996 الصادرة عن هيئة التشريع
والاستشارات في وزارة العدل منشورة في
مجموعة صادر لاجتهادات هذه الهيئة
ص. 10188 جزء 10). كما أنه لا يدخل ضمن صلاحية الحكومة
اللبنانية أساساً بمقتضى المادة 52 من
الدستور اللبناني، حق المفاوضة
والتوقيع على المعاهدات. ولا يكون
بالتالي لهذه الحكومة الحق بتفويض مثل
هذه الصلاحيات التي تعود لرئيس
الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة. (تراجع
بهذا المعنى الاستشارة الرقم 1180/94
تاريخ 4/5/1994 في مجموعة هيئة التشريع
والاستشارات في وزارة العدل
القاضيان صادر وبريدي
ص 10171) المرحلة الثانية
هي مرحلة الإبرام الإجرائي بحيث انه في
حال توافق رئيس الجمهورية ورئيس مجلس
الوزراء وأبرَما المعاهدة معاً تُعرض
على مجلس الوزراء مجتمعاً للموافقة،
فإما أن يوافق عليها فتصبح مبرمة
إجرائياً، وإما يردّها، مع الإشارة
الى أنه في هذه المرحلة لا يجوز لمجلس
الوزراء أن يجري أي تعديل في نص
المعاهدة. المرحلة الثالثة
هي مرحلة الإبرام التشريعي بحيث تُعرض
المعاهدة المبرمة من قبل مجلس الوزراء
على مجلس النواب للموافقة فقط عندما
تنطوي هذه المعاهدة على شروط تتعلق
بمالية الدولة أو تكون معاهدة تجارية
أو معاهدة لا يجوز فسخها سنة فسنة.
فيحيل رئيس الجمهورية على مجلس النواب
مشروع القانون الرامي إلى الإجازة
للحكومة إبرام المعاهدة الذي يُرفع له
من مجلس الوزراء سنداً لأحكام المادة 53
من الدستور، فإما أن يُصدر مجلس النواب
قانوناً يُجيز للحكومة إبرام المعاهدة
أو يَرد مشروع القانون ولا يحق له
إجراء أي تعديل في نص المعاهدة. -2- مدى تطبيق الأصول الدستورية
والقانونية من قبل الحكومة اللبنانية
على آلية إبرام الاتفاقية بإنشاء
المحكمة الخاصة للبنان إن الحكومة اللبنانية تولَّت بالإنفراد
المفاوضات لوضع مشروع الاتفاقية مع
الأمم المتحدة لإنشاء المحكمة الخاصة
للبنان، وفوَّضت وزير العدل وقضاة
للقيام بهذه المفاوضات دون إشراك
وزارة الخارجية، وبدون أن يُزوِّد
رئيس الجمهورية الجهة المفاوضة بتفويض
رسمي وخطّي كما تقتضيه الأصول
القانونية، وتكون هذه الحكومة قد
خالفت الأصول الدستورية والقانونية في
هذه المرحلة بالاستناد إلى ما بيَّنا
أعلاه. وأثناء مرحلة المفاوضات بين الأمم
المتحدة والحكومة اللبنانية
والمخالفة للقانون وُضعت عدّة مسودات
تباعاً وقد اطلع رئيس الجمهورية عليها
وأبلغ ملاحظاته والتعديلات القانونية
الواجب إجراؤها على المسودة إلى وزير
العدل ورئيس الحكومة، وقد نُشرت في
حينه في وسائل الإعلام، إلا أنه لم تتم
حتى مناقشتها وفقاً للأصول في ما بين
رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وقد
أهمل وزير العدل والوفد القضائي
المفاوض هذه الملاحظات أيضاً ولم
يتمكن بالتالي رئيس الجمهورية من
الإشراف على سير المفاوضات كما تقتضيه
المادة 52 من الدستور، مع الإشارة إلى
أن تكليف مجلس الوزراء القضاة لإجراء
المفاوضات مع الأمم المتحدة بموجب
قرار صدر في جلسة لهذا المجلس، كان
يترأسها رئيس الجمهورية دون أن يكون له
حق التصويت، لا يشرّع هذا التكليف لأنه
صادر عن مجلس الوزراء الذي ليس له
صلاحية التفاوض التي تعود حصراً لرئيس
الجمهورية ورئيس الوزراء بمقتضى
المادة 52 من الدستور. وبمطلق الأحوال
إن التفويض المطلق للصلاحيات الممنوحة
لسلطة ما بموجب الدستور يُحظر بصورة
تامة وفقاً للمبادئ العامة التي استقر
عليها الفقه والاجتهاد في فرنسا. (تراجع بهذا المعنى الاستشارة الرقم 1180/94
المشار إليها أعلاه). لذلك، كان يجب على رئيس الوزراء الأخذ
بعين الاعتبار التعديلات التي طرحها
رئيس الجمهورية ومناقشتها معه حتى
التوصل إلى اتفاق بشأنها، إلا أنه
انفرد في تولّي المفاوضات واعتمد مع
وزير العدل والفريق القضائي المفاوض
نصاً لمشروع الاتفاقية بإنشاء المحكمة
الخاصة للبنان دون موافقة رئيس
الجمهورية على هذا المشروع وفقاً لما
تقتضيه الأصول الدستورية المنصوص
عليها في المادة 52 من الدستور. وبتاريخ 9/11/2006، وجَّه الأمين العام للأمم
المتحدة رسالة إلى الحكومة اللبنانية
أرفق بها الصيغة النهائية لمشروع
الاتفاقية ومشروع نظام المحكمة
الأساسي للموافقة عليها في حين أن
الأصول الدبلوماسية والعلاقات
الدولية الصحيحة تقضي بإبلاغ مثل هذه
الوثائق إلى وزير الخارجية أو رئيس
الجمهورية كونه رئيس الدولة وليس
لرئيس الحكومة. إذاً، لم يتبلَّغ رئيس
الجمهورية رسمياً هذه الوثائق إلا بعد
أن نشرت في وسائل الإعلام وبعد أن
طلبها رسمياً من وزير العدل، وهذه
مخالفة تزاد على المخالفات القانونية
والدستورية السابقة. وضع رئيس الجمهورية ملاحظات جوهرية
وخطِّية على هذين المشروعين وأبلغها
رسمياً لرئيس الحكومة تمكيناً
لمناقشتها معه والتوصل إلى اتفاق بشأن
إبرام مشروع الاتفاقية الثنائية كما
تقتضيه أحكام المادة 52 من الدستور،
وذلك بصرف النظر عن المخالفات
الدستورية والقانونية التي ارتكبها
رئيس الحكومة جهاراً ومراراً في
السابق، ولم يستجب رئيس الحكومة لطلب
رئيس الجمهورية. بتاريخ 12/11/2006، حصلت تطورات في ما يتعلق
بوضع الحكومة بحيث استقال منها جميع
الوزراء الذين يمثلون الطائفة الشيعية
ووزير أرثوذكسي، وفقدت هذه الحكومة
شرعيتها الدستورية بسبب استقالة هؤلاء
الوزراء، لأنها أصبحت سلطة بوضع مخالف
للدستور يتناقض مع ميثاق العيش
المشترك المنصوص عنه في الفقرة «ي» من
مقدمة الدستور وهو احدى ركائز وثيقة
الوفاق الوطني الموقعة في الطائف في
22/10/1989 التي كرَّست انتهاء الحرب
الأهلية في لبنان. (للبحث تتمة) ================== الحركة الإعلامية حقّقت
نقاطاً قد لا تنسحب دولياً لماذا لم يعرض نصرالله معطياته
في بداية الحملة ؟ روزانا بومنصف النهار 8/12/2010 لماذا لم يبدأ الامين العام ل"حزب الله"
السيد حسن نصر الله الدفاع عن الحزب
بازاء قرار ظني يتوقع ان يصدر عن
المحكمة الدولية الناظرة في جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري ويحتمل ان
يتضمن اتهامات الى افراد في الحزب من
المؤتمر الصحافي الذي عقده في التاسع
من آب الجاري ما دام انه كان واثقا أن
المعطيات التي يملك يمكن ان تظهر تورط
اسرائيل؟ ولماذا لم يبادر الى عرض هذه
المعطيات على رئيس الوزراء سعد
الحريري والمسؤولين اللبنانيين كي
تنقل الى لجنة التحقيق الدولية وربما
عقد مؤتمر صحافي يظهر فيه للرأي العام
وجود معطيات يحتمل ان تورط اسرائيل على
نحو مبكر ام ان ما حصل في المؤتمر
الصحافي الاخير هو المخرج لازمة غدت من
دون افق في ظل عدم القدرة على الذهاب
ابعد مما حصل حتى الان على كل الصعد
السياسية وحتى الميدانية؟ يعتقد مراقبون ان عدم ثقة السيد نصر الله
بالمحكمة لم تمنعه من التعاون مع لجنة
التحقيق والقبول باستماعها الى عناصر
من الحزب كان يجدر به ان يبدأ من الآخر
اي من المؤتمر الصحافي الاخير، فيوفر
على البلد واللبنانيين توترا ظهرت
انعكاساته بسرعة على الحركة السياحية
والاقتصادية، ولو كابر البعض، واحيا
الانقسامات التي كانت ضعفت في الفترة
الاخيرة. وهذه الاسئلة يثيرها
المراقبون وخصوصا ان السيد نصر الله
تلقى رد فعل ايجابيا الى حد بعيد من
طرفين معنيين اولهما "كتلة المستقبل"،
والآخر المحكمة التي، بحسب الاصول
يفترض ان تأخذ كل المعطيات التي تعرض
امامها للنظر فيها بصرف النظر عن مدى
صحتها. حتى ان التناقض لم يلبث ان ظهر
في مواقف حلفاء الحزب ولو في معرض
الدفاع عن المعطيات التي تقدم بها
السيد نصر الله بدعوتهم الى ان يأخذ
التحقيق الدولي منحى آخر والبدء به من
جديد. فاذا كانت لجنة التحقيق لم تنظر
حتى الآن في فرضية مسؤولية اسرائيل عن
الاغتيال، علما ان معلومات سابقة
افادت انها سبق ان عمدت الى البحث في
هذا الاحتمال، فان الربط الذي قام به
السيد نصر الله كان يمكن ان يؤدي على
الاقل الى اضطرار اللجنة الى البحث
مجددا ربما في ضوء المعطيات الجديدة
لمعرفة ما اذا كان هناك عناصر أغفلت. الا ان هذه المصادر تخشى الا يقبل الحزب
بأي موقف للمدعي العام بعدما سبق له ان
اعلن عدم ثقته بالمحكمة لان ذلك سيساهم
في استيعاب كل الضجيج المثار حولها
والمخاوف من تبعات القرار الظني
المحتمل فضلا عن ان هامش حركته سيتضاءل
متى اخذت معطياته على محمل الجد. اذ ان
الحركة الاعلامية والسياسية للسيد نصر
الله في الاسابيع الاخيرة هدفت في رأي
المراقبين وفقا لقراءة موضوعية غير
سياسية الى امرين: احدهما هو التحذير
من انعكاسات القرار الظني المحتمل
للمحكمة على الوضع الداخلي اذ وازن
بينه وبين الاستقرار في البلد. وهو امر
نجح فيه الى حد بعيد بدليل القمة
الثلاثية التي عقدت في قصر بعبدا بهدف
التهدئة ومنع انزلاق الامور الى اي
حوادث امنية. والهدف الآخر هو السعي
الى ضرب صدقية المحكمة بمحاولة اظهار
عدم اخذها كل الفرضيات في الاعتبار
مستحضرا الصراع مع اسرائيل الى
الواجهة على نحو يثير اسئلة حول توازن
الخطوط بين كثافة الكشف عن عملاء
لاسرائيل في هذه المرحلة وما ابرزه
السيد نصر الله من معطيات عن مدى قدرة
اسرائيل في الداخل اللبناني. وهذا
الاسلوب قد لا ينجح مع الامين العام
للحزب في ظل الانقسام الداخلي باعتبار
ان "حزب الله" وحلفاءه وصولا الى
ايران وسوريا يقولون بمنطق غير مقنع
للفريق الآخر الذي لا يزال مقتنعا
بنسبة كبيرة منه بمسؤولية سوريا حتى
اثبات العكس في المحكمة الدولية ولو ان
سوريا تتصرف على انها لم تعد معنية
بالمحكمة، وحتى لو ان النائب وليد
جنبلاط تراجع عما اعتبره اتهاما
سياسيا لسوريا في اغتيال الرئيس رفيق
الحريري. ولم يكن الرأي العام المؤيد
لهذا الفريق واردا بالنسبة اليه اتهام
"حزب الله" ولو ورد ذلك في صحف
غربية او على ألسنة مسؤولين
اسرائيليين. وينبغي القول ان مبادرة
السيد نصر الله في خطابه الاول في شن
حملة على المحكمة بذريعة انها
اسرائيلية كانت اول مقاربة فعلية عن
احتمال اتهام الحزب وليس اي مقال او
موقف آخر. وتاليا فان الحملة
الاستباقية للسيد نصر الله هي التي
سلطت الضوء على الموضوع. لكن اسلوب السيد نصر الله قد ينجح عربيا
على المستوى الشعبي وخصوصا مع رفع
مسألة اغتيال الحريري الى مصاف التورط
الاسرائيلي الذي لا يمكن نفيه في حوادث
موثقة ومؤكدة كحادث انصاريه او
العملاء. اما دوليا فالامر يختلف في ظل
اقتناع بان "حزب الله" لن يستطيع
ان يقدم على اي عمل داخلي قد يرتد سلبا
بقوة عليه. علما انه ليس سهلا الحديث عن
ارجاء القرار الظني او منع صدوره او
تغيير مضمونه. فاذا كان القرار الدولي
ثابتا في مواصلة المحكمة عملها فان لا
شيء يمكن ان يوقفها. ================== بقلم :احمد عمرابي البيان 8/12/2010 ليس بوسع أي إنسان في أي بقعة في العالم،
تعتمل في قلبه ذرة من الإيمان بالإخاء
الإنساني على إطلاقه ويتابع الأخبار
التليفزيونية، إلا أن تتملكه مشاعر
المواساة تجاه الكارثة الطبيعية
المتعاظمة، التي تجتاح الناس في
باكستان؛ أمطار فائقة الشدة تهطل على
مدى أيام، لتنشأ عنها فيضانات وسيول
هادرة، تسفر عن مقتل ألوف من البشر
وتشريد ملايين. لكن رغم الإقرار بخطورة الكارثة
وتداعياتها الرهيبة واتساع نطاقها،
يتردد سؤال كبير على ألسنة الناس: أين
الحكومة ومؤسساتها؟ وتتسع دائرة
التساؤل لينبثق عنها سؤال أكثر دقة: هل
كان من الممكن أن تكون الحكومة
الباكستانية أقل عجزا، لو لم تدفع
بباكستان إلى المشاركة في «الحرب
الأميركية على الإرهاب»؟ تصنف باكستان في إطار مجموعة دول العالم
الثالث الفقيرة، ذات الموارد والبنى
التحتية ومؤسسات الخدمات المتواضعة
أصلا، لكن تورطها في الحرب على مدى تسع
سنوات حتى الآن، أدى إلى استنزاف مريع
لاقتصادها الوطني، مما دفع بها إلى
حافة الإفلاس التام، فأصبحت الحكومة
تواجه عجزا على عجز. وجاءت كارثة
الفيضانات الطبيعية على نحو فجائي،
لتفضح كارثة الإفلاس. بادئ الأمر لم تكن باكستان طرفا مشاركا في
هذه الحرب، التي أشعلت فتيلها
الولايات المتحدة ضد قوات حركة طالبان
الأفغانية في عام 2001. كانت حربا
أميركية صرفا أشعلت في عهد الرئيس جورج
بوش الابن، لأسباب أميركية. فقد كان
الهدف من الغزو الذي أعلنته إدارة بوش،
هو القبض على قادة تنظيم «القاعدة»
المقيمين في مخابئ أفغانية، مما يتطلب
بالضرورة الإطاحة بنظام طالبان الحاكم
وإبادة ميليشياته وقواته الضاربة. والآن، وبعد تسع سنوات من القتال، لا تزال
الحرب دائرة بين القوات الغربية
بقيادة الولايات المتحدة، متنقلة من
فشل إلى فشل. لكن في هذه الأثناء توسعت
دائرة الحرب الجغرافية، لتشمل الإقليم
القبلي الباكستاني المحاذي للحدود مع
أفغانستان. هنا مارست الإدارة الأميركية ضغوطا على
الحكومة الباكستانية ومؤسساتها
العسكرية، لتكون شريكا في الحرب
بإرسال قوات من الجيش الباكستاني،
لدعم المجهود الحربي الأميركي في
الإقليم القبلي. وكما يقول المفكر
السياسي الباكستاني المرموق عمران
خان، فإن باكستان «تخوض حرب آخرين». رجال الإدارة الأميركية يرددون من حين
لآخر، أن الدور الباكستاني في الحرب «مدفوع
الثمن»، في إشارة من قبيل المن والأذى،
إلى أن الولايات المتحدة قدمت
لباكستان مساعدات تبلغ قيمتها 15 مليار
دولار. لكن تبقى في هذا السياق ملاحظتان: أولا؛
أن هذا المبلغ تلقته المؤسسة العسكرية
الباكستانية، وبالتالي لم يستفد منه
الاقتصاد الوطني. ثانيا؛ أن الاستنزاف
المالي المتعاظم بسبب الإنفاق العسكري
المتصاعد وانعكاسه على حركة الاقتصاد،
كلف الخزينة الباكستانية حتى الآن ما
يربو على 50 مليار دولار، وفقا لأرقام
البنك الدولي. للتعامل مع هذه المحنة الاقتصادية، اضطرت
الحكومة الباكستانية إلى الاقتراض
الخارجي، فلجأت إلى صندوق النقد
الدولي الذي تتصاحب مع قروضه شروط
كارثية، تزيد الطبقات محدودة الدخل
أي غالبية المجتمع
فقرا على فقر وبؤسا على بؤس، مثل
سحب الدعم للسلع الضرورية، وفرض
برنامج لخصخصة شركات القطاع العام. في
هذا الصدد يصرخ عمران خان قائلا: «نسيجنا
الاجتماعي يجري تدميره بسبب شروط
الصندوق». بكلمة واحدة، أصبحت باكستان الآن دولة في
حالة انهيار، مرشحة للتفاقم مع
استمرار مشاركتها في «الحرب الأميركية
على الإرهاب». وهي حالة كشفتها بصورة
درامية تداعيات كارثة الفيضانات
العارمة، فقد بدا أن كافة المؤسسات
الحكومية لا يتوافر لديها أي حد أدنى
من الاستعداد لمواجهة الأزمة
المتضاعفة، مما تطلب إنزال فرق من
الجيش. لكن حتى هذه الفرق انحصر نشاطها في إنقاذ
المواطنين في المناطق النائية، فليس
لديها بالتالي من مخزونات الأغذية
الاحتياطية ما يكفي لتوزيعه على
المنكوبين الجوعى. وفي هذا المجال، فإن
الجمعيات الخيرية حلت محل الأجهزة
الحكومية. لهذا السبب فضل رئيس الجمهورية آصف
زرداري الفرار من المشهد. فمع حلول
الكارثة العظمى لم يشأ الرئيس إلغاء
زيارته إلى أوروبا، وبينما كانت
الفيضانات المرعبة تغرق الآلاف وتشرد
الملايين، كان الرئيس زرداري يتفقد
قصره في فرنسا، ثم يزور لندن للالتقاء
مع أبنائه الذين يدرسون في الجامعات
البريطانية. لكن بما أن الكارثة مرشحة للتفاقم
والتوسع، فإن الرئيس زرداري سيجد نفسه
على مفترق طرق سياسي. فإما أن يعمل على
إنقاذ باكستان بالانسحاب من المشاركة
في الحرب الأميركية، وإما أن يرفض مجرد
النظر في خيار الانسحاب، فيتعرض نظامه
لنقمة شعبية كاسحة.. وإما أن يتقدم
باستقالته. مع استمرار تداعيات الكارثة، فإن احتمال
انتفاضة شعبية وارد بقوة. فالمد
الفيضاني لم يؤد إلى إتلاف المحاصيل
الزراعية الغذائية للموسم الحالي
فحسب، بل إن التلف واسع النطاق الذي
أصاب مشروعات الري في أنحاء البلاد،
يتهدد الموسم الزراعي المقبل.. مما
يهدد بدوره بانتشار مجاعة. إنها حقا كارثة طبيعية خطيرة، ولكن كان من
الممكن الحد من خطورتها، لولا أنها
نشبت في بلد في حالة حرب استنزافية..
وهي حرب كانت باكستان في غنى عنها. كاتب صحفي سوداني ================== أمريكا والعراق والحرب
المحتملة آخر تحديث:الخميس ,12/08/2010 محمد السعيد ادريس الخليج الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي
باراك أوباما إلى المرجع الشيعي
الأعلى في العراق السيد علي السيستاني
يحثه فيها على التدخل لحل أزمة تشكيل
الحكومة العراقية الجديدة، تكشف عن
واقع سياسي عراقي مأزوم لا ينافسه في
أزمته إلا تلك الأزمة المستحكمة التي
تواجه الإدارة الأمريكية في العراق
وتحول دون تمكينها من أن تظفر بانسحاب
آمن ومأمون من العراق يضمن للأمريكيين
ما يعتقدون أنهم نجحوا في تحقيقه من
مكاسب اقتصادية (نفطية ومالية) وأخرى
استراتيجية لخصها السفير الأمريكي في
العراق كريستوفر هيل، الذي يستعد الآن
لمغادرة منصبه في بغداد، بعبارة أراد
بها أن يبرز مدى النجاح الذي استطاع
الأمريكيون تحقيقه بغزوهم العراق
وتدميره واحتلاله قال فيها: “ساعدنا
على إيجاد ظروف لبروز عراق مستقر يجب
ألا يخافه أحد في المنطقة” . هذا الواقع المأزوم سواء كان بالنسبة
لأركان الحكم في العراق أو بالنسبة
للحليف الأمريكي هو المسؤول الأساسي
عن عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة في
العراق حتى الآن، ورسالة أوباما للسيد
السيستاني تعني أولاً اعتراف أمريكي
بالعجز عن تحقيق حكومة توافق واستقرار
في العراق تؤمن للأمريكيين الانسحاب
الآمن الذي يريدونه، وتؤمن للأمريكيين
أيضاً بقاء العراق على النحو الذي
يأملونه “عراق لا يخافه أحد”،
والرسالة هنا واضحة وتكشف بعض معالم
النظام الإقليمي الذي يريده
الأمريكيون في الشرق الأوسط: نظام ليس
للعراق الجديد دور في معادلة إدارته،
أي عراق ليس طرفاً في معادلة توازن
القوة داخل هذا النظام، وعراق لا يمثل
مصدراً للتهديد لا للنظام الإقليمي
ولا ل”إسرائيل” ولا للمصالح
الأمريكية . لكن رسالة أوباما للسيستاني تعني أيضاً
تلميحاً بقبول التوصل إلى تفاهم
أمريكي إيراني حول معادلة جديدة
لتوازن المصالح الأمريكية والإيرانية
في العراق بكل ما يعنيه ذلك من اعتراف
أمريكي بقوة النفوذ الإيراني في
العراق وبفعالية الدور الإيراني في
عرقلة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة
طالما أن هذه الحكومة لا تنسجم مع
المصالح الإيرانية في العراق، أو على
الأقل طالما أنها لم تراع ضرورة التوصل
إلى معادلة توازن مصالح إيرانية
أمريكية في العراق ترضى عنها طهران
مثلما ترضى عنها واشنطن . هذا المعنى الأخير يكشف أهمية كبيرة هذه
الأيام لأسباب عدة، أولها أن الحكومة
العراقية المنتظرة ستكون، في حالة
التوافق حولها، حكومة معنية بتثبيت
واقع سياسي جديد في العراق، هو واقع ما
بعد الاحتلال، أي واقع يجب أن يحمل كل
معالم هذا العراق الجديد الذي تريده
أمريكا وتريده إيران، وهذا ما أتصور
أنه السبب الأساسي في كل هذا التأخير
في تشكيل الحكومة العراقية، أما السبب
الثاني فهو ما يمكن تصوره من علاقة بين
الانسحاب الأمريكي من العراق، ووضعية
العراق الجديد، وبالتحديد مدى النفوذ
الإيراني في هذا العراق، واحتمالات
وقوع حرب في المنطقة سواء كانت الحرب
الكبرى، أي الحرب الأمريكية “الإسرائيلية”
ضد إيران وامتداد أداتها في المشرق
العربي خاصة في لبنان وقطاع غزة، أو
الحرب المحدودة سواء كانت ضد لبنان أو
جاءت في شكل عملية إجرامية ضد قطاع غزة
لتحقيق ما عجزت العملية السابقة (ديسمبر
2008 - يناير 2009) عن تحقيقه من أهداف وخاصة
القضاء نهائياً على الوجود العسكري
لحركة “حماس” في غزة واحتواء نفوذها
السياسي بما يؤمن انطلاق عملية
التفاوض المباشر بين “إسرائيل”
والسلطة الفلسطينية من دون عراقيل من
حركة “حماس” . مرجع هذه العلاقة بين الانسحاب الأمريكي
من العراق واحتمالات وقوع الحرب وما
يحدث داخل العراق من تفاعلات صاخبة
تتعلق بعملية تشكيل المعالم الأخيرة
للعراق الجديد الذي تريده أمريكا
وترضى عنه إيران، يتركز حول ما يمثله
استمرار هذا الواقع العراقي المأزوم
وما قد يفرضه هذا الواقع من عرقلة
الانسحاب الأمريكي من العراق وتحرر
الأمريكيين من كل ضغوط وهموم العراق .
فبقاء الأمريكيين متورطين في العراق
يعتبر أحد أهم أسباب التردد الأمريكي
في القبول بخيار الحرب سواء كانت ضد
إيران مباشرة أو ضد لبنان أو قطاع غزة .
فإذا ما تحررت واشنطن من ورطتها في
العراق وإذا استطاعت أن تفرض ذلك
العراق الجديد “المستقر والذي لا يمثل
تهديداً لجيرانه” فإنها ستكون أكثر
قدرة على القبول بخيار الحرب . هذه العلاقة ربما يكون لها وجه آخر، وهذا
الوجه له علاقته المباشرة برسالة
أوباما إلى السيستاني، فهي (الرسالة)
وإن كانت تكشف عن اعتراف أمريكي صريح
بعجز الأمريكيين منفردين عن حل أزمة
تشكيل الحكومة الجديدة، بالمعنى
الأوسع الذي يمتد إلى عملية تشكيل
العراق الجديد الذي ترضى عنه واشنطن كي
تسحب قواتها وهي مطمئنة، لكنها تكشف عن
قبول أمريكي بتفاهم ما مع إيران حول
هذا العراق الجديد، أو على الأقل
استعداد أمريكي لإجراء مثل هذا
التفاهم الذي قد يكون مدخلاً للتوصل
إلى “معادلة توازن مصالح” أمريكية
إيرانية في العراق، تقود أولاً إلى
تشكيل الحكومة الجديدة، وتحول ثانياً
دون وقوع الحرب سواء كانت ضد إيران أو
ضد حزب الله في لبنان أو ضد حركة “حماس”
في قطاع غزة، وربما يكون هذا التفاهم
الأمريكي الإيراني في العراق بداية
لما يسمى ب”صفقة مصالح” أمريكية
إيرانية تشمل الملف النووي وتمتد إلى
النظام الأمريكي ودور إيران في هذا
النظام . تداخل وتشابك غير مسبوق بين الأزمات
الإقليمية لكن أهم ما في هذا التداخل
والتشابك هو ما يكشفه من علاقة بين
الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله، وبين
ما نجحت إيران في القيام به من خلط
للأوراق وفرض معادلة جديدة لتوازن
القوى الإقليمية قد تضطر واشنطن إلى
القبول بها، لكن الأهم من هذا كله أن
العرب أصبحوا خارج المعادلتين . ================== آخر تحديث:الخميس ,12/08/2010 يوسف مكي الخليج في مطالع الخمسينات من القرن المنصرم عمل
الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور على
استكشاف إمكانية تحقيق السلام بين
العرب والصهاينة، وكلف الرئيس مندوبين
عنه للقيام بهذه المهمة . وكانت بداية
التحرك قد أخذت مكانها حين أعلن البيت
الأبيض عن تكليف كيرميت روزفلت السفر
لمنطقة الشرق الأوسط في مهمة لتقصي
الحقائق . وخلال جولته، التقى بالرئيس
المصري جمال عبد الناصر وطرح معه سبل
التوصل لتسوية مع الكيان الصهيوني .
وتكررت المحاولة مرة أخرى، بزيارة
النائب البريطاني والوزير السابق
ريتشارد كروسمان الذي التقى الرئيس
عبد الناصر، وأبلغه رسالة شفوية من
رئيس الحكومة “الإسرائيلية” ديفيد بن
غوريون يطلب فيها لقاء مع الرئيس عبد
الناصر في أي مكان يختاره وبأية صيغة .
وقد حاول كروسمان أن يستكشف نوايا
الرئيس المصري حيال الصراع مع الكيان
الصهيوني . وكان الرد المصري، أثناء اللقاءات التي
حدثت في تلك الفترة، حاسماً في رفضه
لأجراء أي اتصالات مباشرة أو غير
مباشرة مع الكيان الصهيوني . آنذاك ومع حالة العزلة واليأس والإحباط
التي عاناها الصهاينة، صدر تصريح لابن
غوريون، يعلن فيه أنه ليس بمستطاعه
التنبؤ بالدولة العربية الأولى، التي
ستقدم على توقيع معاهدة سلام مع “إسرائيل”،
لكنه متأكد أن لبنان سيكون الدولة
الثانية التي ستقدم على ذلك . قد مضى على ذلك التصريح ما يقرب من ستة
عقود، ولم تتحقق بعد نبوءة مؤسس الكيان
العبري في إخضاع لبنان . بل على النقيض
من ذلك، أضحى هذا البلد الجميل رمزاً
للكرامة والإباء . وغدا بعد نكسة
الخامس من يونيو/ حزيران عام 1967م،
حاضناً للمقاومة الفلسطينية، ومن خلال
جبهاته تمكنت المقاومة من تنفيذ
عمليات فدائية نوعية ضد الصهاينة .
وكان توقيع اتفاقية القاهرة بين
المقاومة والحكومة اللبنانية، الذي تم
توقيعه برعاية مصرية في 31 نوفمبر/
تشرين الثاني عام 1969م، والذي أجاز
للمقاومين الفلسطينيين تشكيل لجان
محلية بالمخيمات لرعاية مصالح
اللاجئين، تتولى تنظيم وجود الأسلحة
داخل المخيمات وتحديدها، قد شكل نقلة
نوعية في العلاقة بين لبنان وفلسطين،
عمدت لاحقاً بالدم، وانصهار كفاحهما
في مواجهة العدوان . خلال العقود التي مضت، ومع توقيع حكومات
مصر والأردن، وقيادة منظمة التحرير
الفلسطينية معاهدات سلام مع “إسرائيل”،
صار لبنان مفاجئة الأمة لذاتها، فهذا
البلد الذي لم يصطدم عسكرياً مع الكيان
الغاصب حتى نكسة يونيو، باستثناء
مشاركته الرمزية في الحرب العربية - “الإسرائيلية”
عام 1948م، أمسى بعد النكسة قطب الرحى
وعنوان المقاومة في الصراع مع
الصهاينة . وفي كل المحطات، كانت التضحيات ولا تزال
باهظة، والدماء غزيرة . فقد تواصل
العدوان على لبنان خلال العقود
الأربعة الأخيرة، من قنص للقادة
الفلسطينيين: كمال عدوان ويوسف النجار
وكمال ناصر، إلى تدمير لمطار بيروت،
عدا الاعتداءات المتكررة على القرى
الجنوبية، في نهاية الستينات إلى
اجتياح واسع عام 1978م، حتى غزو كبير
وحصار شامل للمقاومة الفلسطينية استمر
أكثر من ثمانين يوماً في بيروت انتهى
بخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان،
وترحيلها إلى أماكن متفرقة من الوطن
العربي، واحتلال أجزاء واسعة من جنوب
لبنان، جرى لاحقاً تنصيب سلطة محلية
موالية ل “إسرائيل” عليها، عرفت
بسلطة سعد حداد . وكانت مفاجأة أخرى،
تمثلت في مقاومة باسلة استمرت ثلاثة
عقود، وتمكنت من إلحاق هزائم متكررة
بالكيان الغاصب، أجبرته على الرحيل من
جنوب لبنان، مؤكدة حضور لبنان
التاريخي في النضال القومي العربي
لمواجهة الغطرسة الصهيونية، وأنه أصبح
طليعة وعنوان هذا النضال، وتلك مفاجئة
أخرى . إثر وصول الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن
للبيت الأبيض، أعيد طرح مشروع الشرق
الأوسط بحدة وأصبح هذا المشروع، بعد
حوادث 11 سبتمبر عام ،2001 وإعلان الإدارة
الأمريكية ما عرف بالحرب العالمية على
الإرهاب، حجر الزاوية في السياسة
الأمريكية . وعلى طريق تحقيقه، جرى
احتلال أفغانستان والعراق، وطويت صفحة
الوجود العسكري السوري في لبنان،
وأثناء ذلك اغتيل رئيس الحكومة
اللبنانية الأسبق رفيق الحريري،
واتهمت القيادة السورية بالضلوع
بعملية الاغتيال، وصدر قرار عن مجلس
الأمن الدولي بتشكيل محكمة دولية
للتحقيق مع المتهمين . وجاءت الهجمة “الإسرائيلية” على جنوب
لبنان في يوليو/ تموز عام ،2006 لتمثل
أعلى مراحل العدوان بحق المقاومة
الوطنية اللبنانية . وقد أريد لهذه
الحرب، حسب تعبير وزيرة الخارجية
الأمريكية كونداليزا رايس، مخاض
الولادة لشرق أوسط جديد . وكان الهدف
المعلن من الحرب هو القضاء على حزب
الله، بعد أن عجزت الحكومة اللبنانية
عن نزع سلاحه . ومرة أخرى أيضاً، فاجأ اللبنانيون العالم
بأسره، بانتصار المقاومة وهزيمة
العدوان . كما فاجأوه بمساندتهم
لمقاومته الوطنية وهي تتصدى للعدوان
وأفشلوا مراهنة الصهاينة على تفتيت
جبهة لبنان الداخلية . وكان موقف
القيادة السورية المتضامن مع لبنان،
أثناء الحرب، قد سجل أرقى المعاني في
التسامي فوق الجراح . لقد هبت سوريا
بأسرها لنصرة الأشقاء في لبنان، وفتحت
الأبواب من الشمال إلى الجنوب،
لاستقبال اللاجئين الفارين بجلدهم من
القصف الوحشي “الإسرائيلي”، معبرة عن
عمق التضامن بين الجسد الواحد، والوطن
الواحد . وليفاجأ العدو والعالم بفشل
محاولات خلق الفتنة، وفصم العلاقة بين
الشعبين الشقيقين: السوري واللبناني . وبالمثل أيضاً، جرت محاولات لتخريب
العلاقة بين الرياض ودمشق، وسادت
قطيعة أرادت لها القوى التي تضمر الشر
للشعبين السعودي والسوري أن تستمر .
لكن مبادرة خادم الحرمين الشريفين،
الملك عبد الله بن عبد العزيز، في
القمة العربية التي عقدت في الكويت،
والتي اقترح فيها تصفية الأجواء
العربية من الخلافات، لما فيه مصلحة
الأمة، مؤدية إلى حدوث تقارب في
المواقف، وبشكل خاص بين القيادتين في
المملكة وسوريا، حيث عادت المياه إلى
مجاريها، وتبادل القادة الزيارات . وقد
كان لهذه التطورات آثارها الإيجابية
على العلاقة بين دمشق وبيروت . وخلال الأسابيع الأخيرة، شهد لبنان
مفاجآت كثيرة أذهلت الكثير من
المراقبين، فقد وصل الرئيس السوري
بمعية خادم الحرمين على متن طائرة
سعودية إلى بيروت، واستقبلهما الرؤساء
اللبنانيون الثلاثة وشهدت بيروت
مهرجان فرح وعرس عربي كبير افتقدته في
السنوات الأخيرة وارتسمت البسمة على
شفاه العاشقين لأمة العرب، وكانت تلك
مفاجئة لبنانية جميلة ونبيلة . وأخيراً وليس آخراً محاولة العدو “الإسرائيلي”
قطع شجرة من قرية العديسة في جنوب
لبنان، تعيق كاميرات التجسس التي
نصبتها القوات “الإسرائيلية” .
المفاجأة هذه المرة، أن الذي تصدى لتلك
المحاولة هو الجيش اللبناني وليس
المقاومة الوطنية اللبنانية، وقد أثار
ذلك ذهول القادة الصهاينة، وجعلت رئيس
حكومة العدو نتنياهو يصف ما جرى بدقة ب
“أنه مفاجأة” . المفاجأة الأخرى، أن المقاومة اللبنانية
وضعت نفسها تحت تصرف الجيش، ومارست
ضبطاً للنفس فوت على العدو ذريعة الرد
على طلقات المقاومة، لكنها في الوقت
نفسه حذرت العدو من أن ضبط النفس ليس هو
القاعدة بل الاستثناء . وأن اليد ستبقى
دائماً على الزناد لمواجهة أي عدوان “إسرائيلي”
في المستقبل . وكان تضامن اللبنانيين، ووقوف الحكومة
اللبنانية خلف الجيش اللبناني،
باعتباره الحصن الحصين للدفاع عن
الوطن وكرامته، والتضامن العربي
الواسع، الشعبي والرسمي، مع لبنان،
أثناء الأزمة الأخيرة مفاجأة أخرى في
حسابات المتخاذلين والمستسلمين . فعسى أن يتعمم موسم مفاجآت لبنان، ويطل
بإشعاعاته، على عموم أرضنا العربية،
رافعاً راية العزة والكرامة، بديلاً
عن المهانة والاستسلام . ================== المستقبل الغامض يزيد
من حدة الصراع على السلطة في العراق الخميس, 12 أغسطس 2010 حميد الكفائي* الحياة التنافس الحالي المحتدم على السلطة في
العراق ليس تنافساً عادياً على مناصب
حكومية وفرص إدارية زائلة كما يراه
البعض، على رغم أن هذا جزء مهم منه، لكن
أسبابه الحقيقية أعمق من هذا بكثير وهي
تتركز حول الخشية من المستقبل الغامض
في ظل غياب ضمانات حقيقية لاستمرار
النظام الديموقراطي وبقاء التعددية
السياسية الحالية. الفرقاء السياسيون
في العراق خائفون من بعضهم البعض
ويخشون أكثر من يتولى المنصب الأهم في
البلاد وهو رئاسة الوزراء لأن صاحبه
سيمتلك المال والسلطة والنفوذ وكل
وسائل البقاء الأخرى، والأخطر من ذلك
كله، القدرة على إقصاء الخصوم. الانتخابات الماضية هي الأخيرة التي تجرى
في العراق في ظل وجود أجنبي مؤثر،
عسكرياً كان أم سياسياً، وقد تكون
الأخيرة التي تجرى في ظل أجواء سياسية
متعادلة، ليس فيها حاكم مطلق متسلط
ومحكوم طائع خائف. القوات الأميركية
سوف تغادر العراق بحلول نهاية عام 2011
والتأثير السياسي الأميركي لم يعد ذا
أهمية كبرى بل إنه آخذ في التناقص أكثر
فأكثر بحلول الانتخابات المقبلة عام
2014. الكل متخوف من الحاكم المقبل لأن بإمكانه
أن يغير قواعد اللعبة لمصلحته، وإن كان
مؤدلجاً، فسوف يسخِّر السلطة لبسط
نفوذه وتوسيع قاعدة المؤمنين
بأيديولجيته. من يتولى رئاسة الوزراء
الآن سوف يمتلك كل وسائل النفوذ والفوز
والبقاء في الحكم على الأمد البعيد، بل
قد يعد أبناءه لخلافته، كما يفعل بعض
القادة السياسيين الحاليين، كي يعود
الحكم في العراق بأيدي مجموعة قليلة من
العائلات المتنفذة دينياً وسياسياً
واقتصادياً، بينما يبقى الآخرون
يلهثون وراء سراب الديموقراطية
والمساواة والرخاء. ومن هنا لن تحل
المشكلة العراقية من دون وجود ضمانات
تحفظ حقوق الجميع، وبالأخص الغالبية
الصامتة من العراقيين. رئيس الوزراء نوري المالكي يقول إنه لا
يحق له التنازل عن أصوات من انتخبوه في
بغداد، وعددهم 650 ألفاً، لمصلحة شخص لم
يحصل على أكثر من 20 ألفاً! وقد يقصد
بذلك منافسه عادل عبد المهدي، وإنه لا
يسعى لمصلحة شخصية «ولو أراد الراحة»
لاختار أن يكون رئيساً للجمهورية! لأنه
منصب «من دون أخطار ومسؤولية ومشاكل»،
لكنه «لن يسمح لغير المؤهلين أن يصلوا
إلى السلطة». وفي قول المالكي هذا إساءة واضحة لمنصب
رئيس الدولة الذي يمثل وحدة البلاد
ورمز سيادتها، وإساءة لمنافسيه
السياسيين الآخرين الذين هم ليسوا أقل
أهلية منه أو حرصاً على أمن البلاد
ومستقبلها. إنه منطق لا ينسجم أبداً مع المبادئ
الديموقراطية، فمن يحق له اختيار
المؤهل هو الناخب العراقي وحده وليس
رئيس وزراء غير فائز وقد انتهت ولايته
منذ زمن. الدستور ينص على أن يحظى رئيس
الوزراء بتأييد 163 نائباً على الأقل،
أو ما يعادل 16 مليوناً وثلاثمئة ألف
عراقي، باعتبار أن كل مقعد برلماني
يمثل مئة ألف مواطن. لذلك فإن ما يتحدث
عنه رئيس الوزراء من تفويض شعبي له في
بغداد لا يمت بصلة لجوهر الشروط
الدستورية والقانونية، إذ ليس مهماً
أن يحصل المرشح على ألف صوت أو مئة ألف،
بل المهم هو أن يتجاوز العتبة
الانتخابية والكل بعد ذلك سواء. ولو افترضنا أن 89 نائباً ومن يمثلونهم من
العراقيين، كلهم يؤيدون المالكي، فإنه
سيكون بحاجة إلى تأييد ممثلي ما يقارب
سبعة ملايين ونصف المليون كي يصبح
رئيساً للوزراء. إصراره على البقاء حتى
مع معارضة حلفائه في الائتلاف الوطني،
قد أدخل العملية السياسية في نفق مظلم
وتسبب في تدهور الأمن والنظام العام،
ولا أحد يعلم حجم التدهور الذي سيحصل
قبل انفراج هذه الأزمة. قادة «الائتلاف الوطني» يجب أن يتحملوا
جزءاً من المسؤولية، فهم الذين خلقوا
هذا المأزق عندما تحالفوا مع «ائتلاف
دولة القانون»، فقد كانوا يعلمون
برغبة المالكي في البقاء في السلطة
وأنه ما كان ليرفض التحالف معهم قبل
الانتخابات لو أنهم قبلوا بتجديد
ولايته. بإمكان قادة «الائتلاف الوطني»
أن يحلّوا المشكلة بسهولة من خلال
إلغاء الاتفاق الذي أبرموه مع المالكي
والذي شكلوا بموجبه كتلة «التحالف
الوطني» التي لا أساس دستورياً لها،
فالمشرع، وبحسب تسجيلات مناقشات لجنة
كتابة الدستور، كان يقصد ب عبارة «الكتلة
النيابية الأكثر عدداً» في المادة 76،
أنها الكتلة المسجّلة لدى مفوضية
الانتخابات، وقد فُسرت المادة على هذا
النحو مرتين، عام 2005 و2006. قياديون في ائتلاف المالكي قالوها علناً
إن هناك «أموراً أخرى» يجب أن تؤخذ في
الاعتبار عند تشكيل الحكومة، غير
الحسابات الديموقراطية وعدد المقاعد
النيابية! والذي يُفهم من هذا الكلام
أن رئاسة الوزراء هي حكر على
الإسلاميين الشيعة تحديداً وهذا ينسف
الديموقراطية من أساسها ويؤسس لدولة
طائفية هامشية قلقة، لا احترام فيها
للمواطنة أو القانون ولن يكون فيها
مؤسسات ولا رخاء أو تقدم. دولة يظل طموح
أبنائها الهجرة إلى بلدان أخرى طلباً
للاستقرار والعيش الكريم. السجالات الجارية حالياً بين قادة
ائتلافي دولة القانون والوطني أضرت
بهم جميعاً ومزقت صورة السياسيين في
مخيلة المواطن العراقي الذي لم يعد يثق
حتى بالنظام الديموقراطي، إذ لم يرَ
منه حتى الآن سوى الانفلات الأمني
والفساد وسوء الخدمات والتكالب على
المناصب والمواقع. تمسك السيد المالكي
بموقعه قد أضر بسمعته وشوه إنجازاته
وأظهره بمظهر المحب للسلطة المتفاني
في سبيلها. وفي مقابل ذلك فإن زعيم القائمة العراقية
الدكتور إياد علاوي قد بدا مرناً كل
المرونة ولم يصر على تولي رئاسة
الوزراء لنفسه بل قال إن قائمته تضم
شخصيات أخرى مؤهلة لشغل المنصب. لكن الأهم هو التقيد بالدستور والاستحقاق
الانتخابي لقائمته. إن المرونة التي
اتسم بها موقف الدكتور علاوي،
بالإضافة إلى إصراره على رفض الطائفية
كلياً والتقيد بالمبادئ
الديموقراطية، تُطَمْئن كثيرين ممن
أوشكوا على اليأس، بأن هناك أملاً في
تحسن الأوضاع وعودة الاستقرار. لكن اتساع دائرة الخلاف وتزايد المطامع
والمطامح للأحزاب والأشخاص وتمسك
البعض بمواقف متشددة أملاً بالفوز
أخرج القضية عن سيطرة كتلة بعينها ووضع
العراق كله في مهب الريح. لا يزال الحلم
العراقي بحكومة قادرة على النهوض
بالاقتصاد والخدمات العامة وتحقيق
الأمن والمصالحة الوطنية قائماً. لكن حكومة كهذه يجب أن يتصدى لها ائتلاف
نيابي يجتمع فيه العراقيون على برامج
سياسية مدروسة صممت وفق المصلحة
الوطنية وبعيداً عن الطائفية
والمناطقية. وكي يطمئن الجميع، يجب على
القوى السياسية أن توجد آليات محكمة
تضمن استمرار النهج الديموقراطي وتمنع
استبداد أي طرف بالسلطة في المستقبل،
وفي خلاف ذلك فإن حالة الغموض وانعدام
الثقة الحالية سوف تتواصل لأمد غير
معلوم. ================== حاجة لبنان الى القرار
1701 وإلى المحكمة المستقبل - الخميس 12 آب 2010 العدد 3739 - رأي و فكر - صفحة 20 خيرالله خيرالله قبل كل شيء، ان المحافظة على الاستقرار
والامن والسلم الاهلي في لبنان مصلحة
عربية لا اكثر ولا اقلّ. ولذلك، ليس في
مصلحة لبنان المزايدة على احد وليس في
مصلحة اي طرف اقليمي المزايدة على
لبنان. يدرك العرب الحقيقيون هذه
المعادلة وهم يساعدون حاليا في جعل
اللبنانيين يستوعبونها حرصا على بلدهم
ومستقبل ابنائهم. ولذلك كانت زيارة
الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبيروت
والرئيس بشار الاسد. ولذلك ايضا كانت
زيارة امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل
ثاني ترافقه عقيلته الشيخة موزة. جاءت
زيارة امير قطر مباشرة بعد مغادرة
العاهل السعودي والرئيس السوري
العاصمة اللبنانية. يبدو واضحا ان هناك
شعورا عربيا عميقا بخطورة الوضع في
لبنان وبضرورة لملمته في اسرع ما يمكن.
وهذا ليس عائدا الى الايمان بان لبنان
بلد مهم للعرب من زاوية انه يقدم صورة
حضارية عنهم بفضل العيش المشترك بين
طوائف ومذاهب مختلفة فحسب، بل لان
الاستقرار اللبناني بات جزءا لا يتجزأ
من الاستقرار الاقليمي. هل هناك طرف
عربي مستعد في الوقت الراهن للمجازفة
باي مساس بالاستقرار في لبنان، خصوصا
ان اي صدام داخلي سيتخذ من دون ادنى شك
طابعا مذهبيا لا يخدم سوى إسرائيل؟
الاهم من ذلك، هل هناك ما يضمن ان تبقى
اي مواجهة بين لبنان وإسرائيل وحتى بين
ميليشيا "حزب الله" وإسرائيل في
اطار محصور والا تتحول الى حرب يشارك
فيها غير طرف اقليمي؟ من هذا المنطلق، لا مفرّ من التساؤل عمّا
يمكن عمله لتفادي اي تدهور في لبنان؟
الجواب بكل بساطة ان في استطاعة لبنان
اتخاذ سلسلة من الخطوات تصب في تكريس
الاستقرار. هناك قبل اي شيء آخر القرار
1701 الصادر عن مجلس الامن التابع للامم
المتحدة صيف العام 2006 والذي يفترض في
لبنان المحافظة عليه. تأتي بعد ذلك
المحكمة الدولية في قضية اغتيال
الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وهي محكمة
قامت بموجب قرار صادر عن مجلس الامن
ايضا ولا هدف لها سوى اقرار العدالة
ووقف مسلسل الاغتيالات الذي يعصف
بلبنان وكشف حقيقة الجرائم التي ذهب
ضحيتها منذ آذار من العام 1977، تاريخ
اغتيال كمال جنبلاط، احد كبار رجالات
البلد. ليس طبيعيا السعي الى النيل من القرار 1701.
درست كل كلمة في القرار، الذي اتخذ في
وقت كانت دولة قطر تمثل المجموعة
العربية في مجلس الامن، بدقة متناهية.
وقد لعب الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل
ثاني رئس الوزراء وزير الخارجية
القطري دورا مهما وقتذاك في صياغة
القرار بطريقة تجعله يصبّ في مصلحة
لبنان خصوصا والعرب عموما. شكل القرار
بداية مرحلة في لبنان نظرا الى انه سعى
الى تحويل الجنوب منطقة سلام بدل ان
يكون مجرد "ساحة" تستخدم لتوجيه
رسائل من هذا الطرف العربي او غير
العربي او ذاك الى إسرائيل من دون اي
اخذ في الاعتبار لمصلحة اهل الجنوب
الذين عانوا الامرّين منذ تخلي الدولة
اللبنانية عن سيادتها على تلك المنطقة
في العام 1969، تاريخ توقيع اتفاق
القاهرة المشؤوم مع منظمة التحرير
الفلسطينية. تكمن اهمية القرار 1701 في
انه عزز القوة الدولية الموجودة في
جنوب لبنان من جهة وسمح بعودة الجيش
البناني الى تلك المنطقة العزيزة على
قلب كل لبناني من جهة اخرى وذلك بعد
غياب استمر نحو ثلاثة عقود. من واجب لبنان حكومة وشعبا المحافظة على
القرار 1701 برموش العين نظرا الى ان
القرار وسيلة لمنع اي اعتداءات
إسرائيلية فضلا عن انه يتيح لاهل
الجنوب اعادة بناء بلداتهم وقراهم
ومنازلهم واستغلال الثروات التي في
المنطقة بحماية الجيش اللبناني الذي
اظهر اخيرا مدى حرصه على الدفاع عن كل
شبر من ارض الوطن الصغير. نعم هناك خريطة طريق للمحافظة على
الاستقرار في لبنان. البداية تكمن في
الامتناع عن تحويل الجنوب صندوق بريد
لأيّ كان وفي التزام قواعد الاشتباك
التي حددها القرار 1701. المهم تفادي
الدخول في لعبة التذاكي على المجتمع
الدولي الذي يعرف تماما اهمية
المحافظة على الاستقرار في جنوب لبنان.
لو لم يكن الامر كذلك، لما كانت هناك
قوات دولية معززة في المنطقة. تضم هذه
القوات بين ما تضم كتيبة تركية. هل
ارسلت تركيا جنودا الى جنوب لبنان لو
لم تكن على معرفة مسبقة ودقيقة بما على
المحك وباهمية ايجاد وسيلة للحؤول دون
اندلاع حرب جديدة انطلاقا من الجنوب؟ يتمثّل الجزء الثاني من خريطة الطريق
بترك المحكمة الدولية تقوم بما عليها
القيام به بعيدا عن التساؤلات
والاتهامات. لبنان في حاجة الى المحكمة.
لبنان في حاجة الى معرفة من ارتكب
الجرائم التي ذهب ضحيتها رفيق الحريري
ورفاقه ومجموعة من اشرف اللبنانيين
العرب على راسهم سمير قصير وجورج حاوي
وجبران تويني ووليد عيدو وبيار امين
الجميل وانطوان غانم واللواء فرنسوا
الحاج والرائد وسام عيد والشهداء
الاحياء مروان حماده ومي شدياق والياس
المرّ. لن تستقيم الامور في لبنان في
حال التعرض للمحكمة التي تعرف تماما ما
المطلوب منها. المحكمة وحدها تحدد ما
اذا كان هناك ما يسمى "شهود زور"
وما اذا كان هناك ما يستدعي ملاحقة
هؤلاء. يستطيع العرب خدمة لبنان عن طريق ابعاده
عن الحرب التي تبدو المنطقة في
انتظارها. لا حاجة الى اي تأويلات من اي
نوع كان، لا بالنسبة الى القرار 1701 ولا
بالنسبة الى المحكمة. لامفر من ترك
الجيش اللبناني يؤدي مهماته في الجنوب
بعيدا عن اي التفاف من اي نوع كان على
القرار 1701. ولا بدّ في الوقت ذاته من
ترك المحكمة وشأنها. في ذلك مصلحة
عربية نظرا الى ان اي شرارة تنطلق من
لبنان سيتجاوز حريقها حدود الوطن
الصغير. هل من مصلحة عربية في حرائق
اقليمية... تنطلق من الوطن الصغير؟ ================== أردوغان كسب جولة في
معركة تأسيس «تركيا جديدة» هدى الحسيني الشرق الاوسط 8/12/2010 ما إن تم الاتفاق على تعيين رئيس أركان
جديد حتى تسربت أنباء عن قرب التوصل
إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ما بين
الحكومة التركية وحزب العمال
الكردستاني. يوم الأحد 31 يوليو (تموز)
الماضي عُقد الاجتماع السنوي الحاسم
للمجلس العسكري الأعلى في أنقرة والذي
ضم وزير الدفاع و15 ضابطا من ذوي أربع
نجوم، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان
لاختيار رئيس للأركان وقادة الوحدات
التركية. أهمية الاجتماع الذي استمر
أربعة أيام أنه جرى وحكومة «حزب
العدالة والتنمية» تحاول منذ تسلمها
السلطة عام 2002 كسر ظهر المؤسسة
العسكرية والمؤسسة القضائية اللتين
حكمتا فعليا تركيا منذ عقود وقعت
خلالها أربعة انقلابات عسكرية. منذ سنتين والمؤسسة العسكرية تهيئ لإيصال
قائد القوات البرية الجنرال إيشيك
كوشانر لمنصب رئيس الأركان خلفا
للجنرال الكر باشبوغ، لذلك أوحت
للجنرال كوشانر بالبقاء هادئا طوال
هذه الفترة كي لا تجد حكومة أردوغان أي
مأخذ عليه يدفعها إلى عرقلة وصوله،
وكان يهم المؤسسة أيضا أن تختار كبار
مساعديه من الضباط. تدخل حكومة أردوغان مرحلة من الحسم
السياسي بينها وبين الجيش، بينها وبين
الأحزاب المعارضة، وبينها وبين حزب
العمال الكردستاني. لا يبدو أن أردوغان استطاع تسجيل
الانتصار الحاسم الذي كان يتطلع إليه
على المؤسسة العسكرية، كما أن الجيش من
جهته قدم تنازلات بتخليه عن بعض من
اختارهم كقادة وحدات ودرك، إنما حقق
انتصارا بإيصال الجنرال كوشانر. إذ كان
أردوغان رفض اقتراح الجيش بتعيين
الجنرال حسن اغسيز قائدا جديدا للقوات
البرية، في محاولة منه لعرقلة ترقية
كوشانر وإبقائه في منصبه، لكن عادت
رئاسة الجمهورية (عبد الله غل) وأعلنت
مساء الاثنين الماضي عن تعيين الجنرال
أردال جيلان أوغلو قائدا للقوات
البرية. الجنرال كوشانر في الرابعة والستين، قاد
فرقة من الكوماندوس التركي عندما
احتلت تركيا قبرص الشمالية عام 1974.
علماني متشدد، ويتطلع إليه الكثير من
الضباط على أنه أشد عزيمة من سلفه
الجنرال باشبوغ للوقوف في وجه محاولات
حكومة أردوغان لإضعاف الجيش والتشكيك
بمصداقيته. إذ يرى العديد من العسكريين
في قضية «المطرقة» حيث اتهمت الحكومة
196 عسكريا بالتخطيط لانقلاب عسكري عام
2003، بأنها قضية نسجتها الحكومة ضد سلطة
المؤسسة العسكرية، لا سيما أن عددا من
الضباط المتهمين يقاتلون الآن ضد حزب
العمال الكردستاني. ويُعرف كوشانر بأنه من المتشددين في كل
القضايا المتعلقة بعلمانية تركيا، كما
أنه يعارض أي تقارب مع الأكراد في جنوب
شرق تركيا. وبعد أن أزاح عبء ملء المناصب القيادية
العسكرية يريد أردوغان الانصراف إلى
تحقيق ما قد يساعد حزبه أكثر على تغيير
العقلية العسكرية ووضعها تحت نفوذ
الحكومات المدنية ومنع أي علاقة لها أو
سيطرة على مؤسسات أساسية في تركيا. ففي
12 سبتمبر (أيلول) سيجري استفتاء لإدخال
تعديلات على الدستور بحيث يزيد عدد
أعضاء المحكمة الدستورية من 11 إلى 17،
وعدد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء
والمدعين العامين من 7 إلى 22، وفي
ديسمبر (كانون الأول) من المتوقع أن
تبدأ محاكمة «المتورطين» في قضية «المطرقة».
وفي يوليو (تموز) من العام المقبل ستدعو
حكومة أردوغان إلى إجراء انتخابات
عامة. إذا لم يحسم أردوغان فوزه في الاستفتاء
فإن الصراع بين حزب العدالة والتنمية
والجيش سيستمر، لذلك كانت الحكومة
تريد أن تقرر بنفسها من يتبوأ المناصب
العالية في الجيش، ولهذا فإنها تشجع
على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار
مع المقاتلين الأكراد. إذ على الرغم من
تزايد المواجهات العسكرية على الحدود،
رحبت الحكومة بدعوة زعيم حزب «السلام
والديمقراطية» الموالي للأكراد، صلاح
الدين ديميرتاس، إلى وقف لإطلاق النار.
إذ أن هجمات مقاتلي حزب العمال
الكردستاني أثرت سلبا على الدعم
الشعبي لحزب «العدالة والتنمية»، وهذا
ما أقلق حكومة أردوغان المتوجهة نحو
الاستفتاء. وحسب مصادر مطلعة، فإن مسؤولين في
الحكومة أجروا اتصالات سرية مع الزعيم
الكردي عبد الله أوجلان في سجنه، وتردد
أنه جرى تقديم وعود له منها استعداد
الحكومة لدراسة الطرح الكردي الجديد: «حكم
ذاتي ديمقراطي»، كما أنها وافقت على
السماح لأوجلان بلقاء عائلته، الأمر
الذي يحدث للمرة الأولى منذ سجنه عام
1999. ومقابل كل هذه الخطوات الحكومية
أعطى أوجلان الأوامر للسياسيين
الأكراد باقتراح يدعو إلى وقف لإطلاق
النار. ثم إنه من مصلحة حزب العمال
الكردستاني التوصل إلى اتفاق مع حكومة
أردوغان قبل أن يتسلم الجنرال كوشانير
مهامه في رئاسة الأركان، كي لا يكونوا
هم ضحية صراعه مع الحكومة. ثم إن
المواجهات بين الحزب والجيش في جنوب
شرقي تركيا حيث الكثافة الكردية، دفع
بالكثير من المنظمات الإنسانية غير
الحكومية إلى الضغط على الطرفين لوقف
العمليات العسكرية، وهذا أظهر أن حزب
العمال الكردستاني لم يعد يتمتع بدعم
غير محدود من قبل المواطنين هناك. ويمكن لاحقا للحزب الكردي أن يقطف ثمار
اتفاق وقف إطلاق النار الذي تحتاجه
حكومة أردوغان لحشد التأييد الشعبي
لها في الاستفتاء من أجل تعديل
الدستور، خصوصا أن الأحزاب المعارضة،
والجسم القضائي العلماني الاتجاه،
يستعدون للمواجهة. كل التطورات الداخلية التركية تشير إلى
أن «تركيا جديدة» في طور التأسيس.
تركيا المحررة من وصاية النظام
العسكري الذي شل التطور الاقتصادي
والديمقراطي فيها. الاتحاد الأوروبي منذ سنوات يدعو تركيا
إلى تخفيف قبضة العسكر، وإلى سد
الثغرات في الدستور. وإذا كان الكثير
من الأتراك، علمانيين ومتدينين، يقفون
مع هذا التوجه، إلا أنهم غير واثقين من
تطلعات «حزب العدالة والتنمية»، ويرون
أن حكما متسلطا سيحل مكان حكم عسكري،
إذ أن الحكومة التركية تتعرض
لانتقادات من كثيرين، أصيبوا بخيبة
أمل من «حزب العدالة والتنمية»، فهي
حدت من الحرية الصحافية، وأغلقت بأمر
قضائي الكثير من «المدونات» الخاصة،
بالإضافة إلى الكثير من المواقع على
الإنترنت، كما أنها، تأتي بأحكام
قضائية للتنصت وتسجيل مكالمات كل
المناوئين للحزب الحاكم. في تركيزه على الداخل وعلى تقوية قبضة
حزبه على الدولة التركية، لن يجد
أردوغان الوقت الكافي للتركيز على
الأدوار الخارجية، فهو استرجع السفن
التركية التي حجزتها إسرائيل، ولم
يقطع علاقاته بها، ثم إن قيادة الجيش
عادت وأبلغته بأنها في حاجة إلى تقوية
علاقاتها الأمنية مع واشنطن، أما
الوساطة بين سورية وإسرائيل فإن
واشنطن منهمكة بإيجاد طريقة لإحياء
المفاوضات المباشرة على المسار
الفلسطيني - الإسرائيلي. وفرنسا عينت
من قبلها مسؤولا لتولي الملف
الإسرائيلي - السوري. وبهذا فإن كل
الأطراف أعطت الوقت لأردوغان لينتهي
من معاركه الداخلية التي ستشتعل أكثر
في الأسابيع المقبلة، لأنها ستحدد
مستقبل تركيا الجديدة، وبالذات مستقبل
«حزب العدالة والتنمية» وعما إذا كان
سيحل في تحكمه بكل مقاليد البلاد محل
قوة المؤسسة العسكرية، أو أن المعارضة
العلمانية ستهزمه! ================== راؤول كاسترو.. هل هو
غورباتشوف كوبا؟ جاكسون ديل الشرق الاوسط 8/12/2010 بدأ دور الكاردينال خايمي أورتيغا كوسيط
في حقوق الإنسان في كوبا مع حركة «سيدات
الرداء الأبيض». في شهر أبريل (نيسان)،
غضب رئيس أساقفة هافانا عندما حاصر
بلطجية نظام كاسترو الحاكم يومي أحد
متتاليين المسيرة الأسبوعية للنساء
اللائي يعربن عن الاحتجاج نيابة عن
أقاربهن السجناء السياسيين. أرسل
أورتيغا خطابا إلى الرئيس راؤول
كاسترو يقول إنه «إذا تسامحت الكنيسة
مع هذا في صمت، فسيكون ذلك جبنا منها». أرسل أورتيغا وغيره من قادة الكنيسة
الكثير من هذه الخطابات إلى راؤول
كاسترو وشقيقه فيدل على مر السنين.
ويقول الكاردينال إن الشيء المختلف في
هذا الخطاب هو أنه حصل على رد. ففي غضون
أسبوع، أبلغه راؤول أن حركة «سيدات
الرداء الأبيض» سيتم السماح لها
بمواصلة مسيراتها من دون أي مضايقة.
وفي غضون شهر، كان أورتيغا في أول لقاء
له مع راؤول كاسترو، الذي بدأ يخبره
بأنه يعتزم إطلاق سراح جميع السجناء
السياسيين في كوبا. ومنذ ذلك الحين، التقى الكاردينال، الذي
يبلغ من العمر 73 عاما، ثلاث مرات، مع
الرئيس، الذي يبلغ من العمر 79 عاما،
ليتحدث إليه حول إطلاق سراح السجناء
وإمكانية إحداث التغيير في كوبا. على
الرغم من ذلك لا يشمل هذا التغيير «الإصلاح»
وبكل تأكيد «الديمقراطية»، حيث إن
راؤول كاسترو لا يحب هذه الكلمات. ومع
ذلك اقتنع أورتيغا بأن «ذلك شيء جديد»،
كما قال لي في مقابلة أجريتها معه. يؤكد
أورتيغا أن الإفراج عن السجناء «احتمالات
مفتوحة». ما هو الشيء الممكن؟ أصبح ذلك سؤالا مهما
في الوقت الذي يتقدم فيه التغيير لدى
راؤول كاسترو، الذي لا يشمل الإصلاح،
إلى الأمام ويدرس الكونغرس تشريعا من
شأنه أن يمزق ما تبقى من «الحظر»
التجاري الأميركي برفع جميع القيود
المفروضة على السفر إلى كوبا وتحرير
الصادرات الغذائية. وتم حتى الآن إطلاق
سراح أكثر من عشرين من المنشقين
المسجونين وإرسالهم إلى المنفى في
إسبانيا والولايات المتحدة وتشيلي؛
وأعلن النظام الحاكم التزامه بالإفراج
عن 28 آخرين من بين أكثر من 100 لا يزالون
في السجن. وفي الأول من أغسطس (آب)، أعلن
راؤول كاسترو أن الحكومة ستسمح بمزيد
من الشركات الخاصة ونشاط التوظيف
الذاتي، كوسيلة لتشغيل مليون عامل،
يمثلون 20% من القوى العاملة بالدولة،
الذين تعتزم الحكومة تسريحهم. وتقول إحدى وجهات النظر إن ذلك يعد إعادة
لاستراتيجية كاسترو لإخراج النظام
الحاكم من مأزق، حيث إن الاقتصاد
الكوبي أكثر سوءا من المعتاد؛ انخفض
الإنتاج الغذائي بواقع 7.5% خلال النصف
الأول من العام الحالي، وكان موسم حصاد
السكر الماضي هو الأسوأ خلال قرن من
الزمان. وفي المرة الأخيرة التي واجهت
فيها الجزيرة مثل هذه الأزمة
الاقتصادية الحادة، في بداية تسعينات
القرن الماضي، خفف فيدل كاسترو القيود
على المؤسسات الخاصة. وبمجرد انتعاش
الاقتصاد، أغلق الكثير من الشركات
التي سمح بتأسيسها. ولا يعد إطلاق سراح
السجناء أمرا جديدا هو الآخر، حيث قام
فيدل بنفس الخطوة في 1969 و1979 و1998. ومع ذلك، يقول البعض من داخل وخارج كوبا
إن راؤول كاسترو سيفعل شيئا مختلفا،
حيث إنه يتفهم أن هذا النظام الستاليني
لا يستطيع الاستمرار في شكله الحالي،
ويريد تحديث هذا النظام ويحقق له
الاستقرار قبل أن يموت هو وشقيقه.
ويواجه راؤول مقاومة شديدة من فيدل
كاسترو، الذي بدأ، بعد غياب دام أربع
سنوات، يظهر علانية بعد أيام من إطلاق
سراح السجناء. بيد أن راؤول عازم على
الرغم من ذلك على المضي قدما بصورة
منهجية في برنامج للتغيير يمتد لسنوات
وليس لشهور. ويبدو أن الكاردينال أورتيغا يؤيد وجهة
النظر الأكثر تفاؤلا. لقد كان في زيارة
إلى واشنطن الأسبوع الماضي لتسلم
جائزة من جمعية «فرسان كولومبوس»؛ بيد
أن هذه الزيارة كانت الثانية في شهرين،
والتقى مسؤولين في إدارة أوباما
والكونغرس. ويشير إلى أن جزءا كبيرا من
أجندة كاسترو يتمثل في تحسين العلاقات
مع الولايات المتحدة بحيث يستطيع
الاقتصاد الكوبي تحقيق الانتعاش عن
طريق التجارة والاستثمار الأميركي.
وقال أورتيغا: «لديه رغبة في الحصول
على فرصة مع الحكومة الأميركية. وكرر
لي في مناسبات كثيرة أنه مستعد للتحدث
إلى الحكومة الأميركية مباشرة بشأن
جميع القضايا». هل يشمل ذلك الإصلاحات الديمقراطية التي
طالبت بها إدارة أوباما كشرط لتحسين
العلاقات؟ قال أورتيغا: «ينبغي أن يحدث
كل شيء خطوة بخطوة. ليس من الواقعي
البدء عند النهاية. إنها عملية. والأمر
الأكثر أهمية هو اتخاذ خطوات في هذه
العملية». لا أشك في صدق الكاردينال. لكنني أيضا أجد
أنه من الصعوبة الاعتقاد أن راؤول
كاسترو هو ميخائيل غورباتشوف كوبا.
وعلى أي حال، إنه يشبه يوري أندروبوف،
أحد أسلاف غورباتشوف المسنين، الذي
كان يعلم أن النظام السوفياتي ليس
نظاما مستداما، لكن لم يكن لديه
الإرادة أو النفوذ السياسي لتغييره. قد
يكون أورتيغا على صواب في أن حواره مع
راؤول كاسترو شيء جديد في كوبا. لكن لم
يحن بعد وقت التغيير الحقيقي، أو
المشاركة الأكثر عمقا مع الولايات
المتحدة. * خدمة «واشنطن بوست» ==================== جهاد الخازن المصدر: الحياة الخميس, 12 أغسطس 2010 مرتب النائب في البرلمان العراقي 30 مليون
دينار، أو 28 ألف دولار مع دفعتين في
السنة كل منهما مئة ألف دولار، أي ان
دخل النائب هو 560 ألف دولار في السنة (والمرتب
يستمر لمدة البرلمان التالي حتى لو خسر
النائب مقعده). كان هناك حديث عن خفض المرتبات مع
البرلمان الجديد في حدود 10 في المئة،
وأفترض ان النائب العراقي أصبح يقبض
نصف مليون دولار فقط في السنة. البرلمان الحالي عمره خمسة أشهر اختار
تسهيلاً للحساب أن أقول إن كل نائب
عراقي تقاضى خلالها 200 ألف دولار. وقد
عقد البرلمان جلستين: الأولى استمرت 20
دقيقة، والثانية عشر دقائق، فيكون
النائب تقاضى المئتي ألف دولار عن نصف
ساعة، ما يعني ان أجره في الساعة 400 ألف
دولار، وهو مبلغ أعتقد أنه يكفي ليسافر
أطباء «مايو كلينيك» كلهم من أميركا
لزيارتي في لندن وفحصي ساعة كاملة
وربما ساعتين. ليس في العراق نطاسي من جهابذة الطب (أتركهم
يفتشون عن معاني الكلمات)، والبرلمان
بانقسامه الطائفي والإثني عليل أو هو
بين العلل التي ابتلى بها العراق منذ
الاحتلال. ونعرف ان الكتل النيابية لا
تزال مختلفة على اختيار رئيس للوزراء،
وأرجح ان تستمر في البحث الى ما بعد شهر
الصوم، وربما الى نهاية الخريف،
فالخلاف ليس على مستقبل العراق، وما
ينفعه وما يضره، وإنما على اقتسام
الغنيمة في بلد يفتقر الى الكهرباء
والماء الصحي والخدمات كافة مع بطالة
عالية وأوبئة، فهناك ما يزيد على 1.8
بليون دولار هي مخصصات الرئاسات
الثلاث، الجمهورية والحكومة
والبرلمان، والذين يشغلون هذه المناصب
الثلاثة غير ملزمين بتقديم كشف حساب عن
إنفاقهم الى أي طرف. لا بد من ان في البرلمان العراقي وحوله
بعض الوطنيين الشرفاء الذين يريدون
الخير لبلدهم إلا أنني لا أعرفهم، فما
أعرف هو ان السياسيين العراقيين
يقتتلون على حصصهم من الأضحية التي
أصبحت اسماً آخر للعراق، فيما أقرأ
الأخبار الآتية: - مسح طبي للفلوجة رأسه البروفسور كريس
بازبي من جامعة ألستر وجد ان المخلفات
السامة للهجوم الأميركي على الفلوجة
سنة 2004 أسوأ منها في هيروشيما، فوفيات
الأطفال 80 في الألف مقابل 10 في الألف
للكويت مثلاً، وسرطان الدم 38 مرة أعلى
من المعدلات الخارجية. - الإرهابيون من القاعدة في بلاد الرافدين
ودولة العراق الإسلامية يسطون على
بنوك الدم ويسرقون المخزون فيها
لمعالجة جرحاهم. - العمليات الإرهابية في ازدياد، وهناك
عمليات انتحارية وتفجيرات وقتل
عشوائي، وحوالى مئتي ضحية في الشهر. - منذ الانتخابات، وحتى الشهر الماضي قتل
150 سياسياً وموظفاً حكومياً وزعيم
قبيلة وشرطياً، مع اعضاء في مجالس
الصحوة. في مثل هذا الوضع يصبح توافر الكهرباء، أو
انقطاعها إذا شئنا الدقة، أقل أهمية،
مع ذلك لا أفهم أن أغنى بلد عربي بعد «تحريره»
على يد أعظم قوة عسكرية واقتصادية في
العالم لا يوفر الكهرباء لمواطنيه،
وكان صدام حسين بعد تحرير الكويت وفرض
حصار عالمي على العراق أمر المهندسين
وكلهم من العراق، أن يصلحوا محطة
الدورة ففعلوا ووفروا الكهرباء
للمواطنين. طبعاً لا أستطيع أن أتكلم عن العراق من
دون أن أعطف على «محرريه» الأشاوس، وفي
الأخبار ان وزارة الدفاع الأميركية
فقدت، أو لا تعرف أين ذهب، 2.6 بليون
دولار من أموال الحكومة العراقية
المتجمعة من عائدات النفط. وأُقسِم إن
هذا ما قال المفتش العام الأميركي
للعراق. كيف تضيع 2.6 بليون دولار؟ هل يمكن ان
القائد الأميركي في العراق الجنرال
راي اديرنو كان يسحب هاتفه المحمول من
جيبه فسقط 2.6 بليون على الأرض ولم
ينتبه، وسرقها إرهابيو القاعدة لتمويل
إرهابهم؟ ربما نرتاح من الأميركيين ومصائبهم مع
وعد الرئيس أوباما بإكمال الانسحاب
العسكري الأميركي من العراق مع نهاية
هذا الشهر، وحديثه عن «التضحيات»
الأميركية فيما العراق هو الضحية. غير ان قراءة الخطاب تظهر عكس ما قال
الرئيس لأن «عملية حرية العراق»،
ونتائجها في السطور السابقة ستخلفها «عملية
الفجر الجديد» مع بقاء 50 ألف جندي
أميركي لتدريب العراقيين، أي لا
انسحاب. العراق اليوم يحتاج الى «ندّابة»، ولا
أقول سوى ربنا يستر. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |