ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 31/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

الحرب ليست دائما ناعمة!

محمد صادق الحسيني

2010-08-29

القدس العربي

لقد درج استخدام مصطلح الحرب الناعمة في السنة الاخيرة كثيرا وكان ذلك عن حق من الموضوعات الاساسية التي ظللت سماء المنطقة وارضها طبعا!

ومفهوم الحرب الناعمة باختصار هو اللجوء الى ادوات ومنهج اشتباكي مع الخصم عبر ادوات غير الادوات الخشنة - مقابل الناعمة - ومنهج هو غير منهج المواجهة المباشرة!

وقواعد الحرب الناعمة كما يقسمها اهل الاختصاص والخبرة هي كالتالي:

اولا: اللعب بقواعدك في ساحة الخصم وهي الحالة الامثل او المثلى.

ثانيا: اللعب بقواعدنا في ساحتنا وهي حالة جيدة نسبيا.

ثالثا: اللعب بقواعد الخصم في ساحة الخصم وهي حالة سيئة نسبيا.

رابعا: اللعب بقواعد الخصم في ساحتنا وهي الحالة الاسوأ.

بعد فشله في كافة معاركه الخشنة والقاسية والتي تطلبت الشجاعة والكفاءة القتالية والمقدرة على الصمود والصبر لجأ العدو الخارجي لامتنا في الآونة الاخيرة الى النوع الآنف الذكر من المعارك معنا دون حذف الخيار الآخر.

حصل هذا في فلسطين كما في العراق كما في افغانستان كما في ايران كما في لبنان كما في اقطار عربية واسلامية اخرى وان بدرجات اقل.

ننطلق من الحالة اللبنانية لانها الاقرب وايضا لانها الاكثر التصاقا بمصاديق ما نحن بصدد مناقشته فنقول:

بعدما اكتشف العدو الصهيوني وبكل وضوح في حربي تموز اللبنانية وكانون الفلسطينية بانه لم يعد قادرا على خوض حروبه العسكرية المعتادة بهمجيتها وتدميريتها المعروفة وبالشكل الخاطف والسريع والسهل كما كان قد اعتاد من قبل، قرر تغيير النهج وقواعد الاشتباك معا فكان خيار الحرب الناعمة!

ماهو نهج الحرب الناعمة كما يقول اصحاب الاختصاص؟

- الا يظهر العدو او الخصم الحقيقي على الشاشة مطلقا.

- ان يعم جو التشكيك والترديد في كل الثوابت التي اعتمدها الخصم. المفترض -الذي تشن عليه الحرب الناعمة- في الصراع.

- ان يتمظهر الاشتباك مع الخصم الخارجي الاصيل بلون محلي بديل تماما بمعنى ان يتبلور الوكيل المحلي في اطار بيئة حاضنة لاهداف الخصم بطريقة غير مباشرة.

- رابعا: وربما هو الاهم ان يستعير الوكيل المحلي البديل خطابا وطنيا حماسيا لا يثير اي شبهة من حوله بل والافضل بان يتبنى هو بالكامل مجموعة الثوابت المشكك بها وكأنه هو حامي حمى الوطن والسيادة والاستقلال بل وحتى الدين والقيم المثلى جميعا ان امكن!

واما قواعد الاشتباك فهي تلك التي اثرناها اعلاه والحالة الفضلى بالنسبة للخصم طبعا تصبح هي الحالة الرابعة اي: ان يلعب الوطني والثوري والمقاوم المطلوب كسره او هزمه في المعركة بقواعد العدو في ساحته هو!

السؤال الآن: الم تكن حادثة برج ابي حيدر البيروتية حالة مثالية لنجاح اسلوب الحرب الناعمة المشروحة اعلاه؟

نحن نتجرأ ونقول نعم، لماذا؟ لان الاقتتال حصل بقواعد الخصم اي عن طريق اطلاق الرصاص المخصص اصلا للدفاع عن بيروت الوطنية والمقاومة بوجه العدو الخارجي ووكلائه والذي لا يجوز ان ينزل الى الميدان الا في اطار الدفاع عن ثوابت المقاومة فاذا به ينزل وبقدرة قادر ليصوب باتجاه ابناء الجبهة الواحدة!

بمعنى آخر فقد نجح العدو في احداث شرخ داخلي كاد ان يتحول الى اقتتال داخلي محرم في العادة كما تم التصويب باتجاهات مذهبية بديلة عن اتجاه البوصلة الحقيقي اي استحضار احتمالات فتنة لطالما حذرنا منها واعتبرناها هي الاخطر والتي عملنا الكثير من اجل منعها باي ثمن.

اعرف ان الطرفين المعنيين بشكل مباشر بالحادث وصفاه بالفردي واختلاف بين اخوة السلاح وان الامر قد تم تجاوزه واننا تجاوزنا خطر الانجرار الى ما هو اخطر وان التحقيق لم ينته بعد وان نتائج التحقيق قد تكشف براءة الشباب من الجانبين او انهما وقعا ضحية بروفة' اعدها لهما آخرون وان احتمال دخول اكثر من طرف استخباراتي على الخط ليست واردة فقط بل هي ثابتة في المبدأ لان ما حصل يخالف كل ثوابت الطرفين اللذين 'اقتتلا' مكرهين!

ولكن بيت القصيد هو هاهنا، اي كيف ننجح في المستقبل من الافلات من كمائن مشابهة هي من صنع العدو الخارجي بشكل الحرب الناعمة، والتي يفترض حسب البرمجة النهائية لها ان لا تبقى ناعمة دائما بل ان الحالة المثلى لها في مخطط العدو هي ان تتحول الى حرب داخلية دامية لا يدخل العدو المباشر على الخط فيها الا في لحظات قطف الثمار الاخيرة!

لقد حصل هذا او ما يشبهه في ايران، اي نقل المعركة مع العدو الخارجي الى الداخل عن طريق الحرب الناعمة على امتداد عام كامل تقريبا كادت تدخل البلاد فيها فيما لا تحمد عقباه من فتنة عمياء اريد منها استنزاف النظام المقاوم عبر فتنة داخلية خيوطها الاساسية في خارج البلاد، رغم اختلاف الظروف والحيثيات والتفاصيل البتة، لكن الجوهر ظل واحدا واللافت ان شعار من نظموا تلك الحرب في كل مكان 'نريد دما بريئا يسقط' ليكون قميص عثمان طبعا!

وكاد ان يحصل في اماكن اخرى وهو لايزال مرشحا للحصول في اكثر من بلد عربي او اسلامي وباشكال متنوعة ومبتكرة!

فحذار ثم حذار اذن من كل اولئك المتلبسين بخطاب الصديق والمتقمصين لشخصية الملهوف على الوطن وثوابت الامة في المظهر، فيما هم يحفرون البئر تلو الاخرى ويحضرون الفخ تلو الآخر للايقاع بين ابناء الوطن الواحد والشعب الواحد والمعسكر الواحد تحت عناوين واسماء ورموز وشعارات وعناوين 'صديقة' ولطيفة وناعمة منها على سبيل المثال لا الحصر ما انبرت بعض الواجهات المتورطة في هذه الحرب الناعمة باشاعتها على مستوى الوطن العربي والاسلامي ومنها ما ركز عليه بعد حادث بيروت الاخير بشكل خاص.

ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر مقولات مثل مناهضة العنف ايا كان شكله ومصدره مقابل اشاعة ثقافة السلام والتسامح والتساهل مع الجميع ورفض لغة التخوين وعدم مصادرة الرأي الآخر ايا كان واخيرا وليس آخرا المطالبة بنزع السلاح من المدن والقرى والدساكر والمخيمات و.... بذريعة دعم جهود بناء الدولة الحديثة او السلطة في العراق او افغانستان او لبنان في حين اننا نعرف تماما بان وراء الاكمة ما وراءها، وان الهدف الغائي من وراء مثل هذه الاصوات في وقت يدق فيه العدو طبول الحرب ضدنا وينشر شركاته الامنية الميليشياوية المتوحشة ويضاعف عددها، انما هو نزع ارادة المقاومة من قبل الاهالي وتسليم مدننا وبلداتنا لهذا العدو الغازي، وبكلمة ان نصبح امة بلا هوية ولا لون ولا رائحة ولا طعم ولا دم، وحاشا لنا ان نكون كذلك وبيننا روح من قال: والله ما غزي قوم في عقر دارهم الا ذلوا!

======================

ماذا لو كان هذا النازي فلسطينيا؟

رأي القدس

2010-08-29

القدس العربي

لم يفاجئنا الحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لحركة 'شاس' بعظاته التي القاها اثناء درس ديني، وقال فيها 'انه يأمل ان يزول الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبقية الفلسطينيين عن الوجود'. فالرجل يمثل توجهاً كبيراً داخل اسرائيل يكن المشاعر نفسها للفلسطينيين على وجه الخصوص.

فحاخام الجيش الاسرائيلي اصدر 'فتوى' رسمية الى الجنود بعدم الرحمة بالفلسطينيين اثناء العدوان الاخير على قطاع غزة، كما طالب سياسيون اسرائيليون ممثلون في الحكومة والكنيست، واكثر من مرة، بطرد الفلسطينيين المقيمين في المناطق المحتلة عام 1948 بعد سحب حق المواطنة، وبالتالي الوجود منهم، باعتبارهم اغراباً، وباعتبار اسرائيل دولة لليهود فقط. ومن بين هؤلاء افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الحالي، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة، انها ليست المرة الاولى التي يمارس فيها الحاخام يوسف هذا التحريض العنصري الدموي ضد الفلسطينيين، فقد طالب في عام 2000 بابادة كل العرب، ووصفهم بالحشرات التي يجب سحقها، مما يعني ان الرجل متمسك بهذه المواقف، ويعمل على نشرها في وسط اتباعه، والصغار منهم على وجه التحديد، حتى يزرع الكراهية في نفوسهم، ويحرضهم على اعمال الابادة والقتل.

الحاخام عوفاديا يوسف ليس مختلاً عقلياً، كما انه لا يتزعم اقلية صغيرة هامشية، وانما يمثل حزباً يعتبر احد الاحزاب الرئيسية في الائتلاف اليميني الحاكم في اسرائيل حالياً، الامر الذي يضفي طابع المسؤولية، والقبول الضمني لتحريضه السافر على القتل.

ومن المفارقة ان هذه 'الفتاوى' تصدر عن هذا الحاخام في الوقت الذي يشد فيه الرئيس الفلسطيني وزعماء عرب آخرون الرحال الى واشنطن، للمشاركة في مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية امريكية من اجل التوصل الى تسوية سلام، عنوانها اقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل في ظل تعايش حقيقي بين الشعبين.

علينا ان نتخيل ردود الفعل الاسرائيلية والامريكية لو ان مثل هذا التحريض العنصري على الابادة الجماعية صدر عن وزير اوقاف او زعيم ديني او سياسي عربي او فلسطيني، ولماذا نذهب بعيداً، فالشعب الفلسطيني مازال يدفع ثمناً غالياً لاكذوبة القاء يهود اسرائيل في البحر التي نسبت زوراً الى السيد احمد الشقيري رئيس منظمة التحرير الاسبق، ولم يقدم اي باحث وثيقة رسمية تثبت ترديده لها.

لا فرق مطلقاً بين تحريض الحاخام عوفاديا يوسف على ابادة الفلسطينيين وتحريض الزعيم النازي هتلر على ابادة اليهود، فالاثنان يلتقيان على مبدأ الكراهية العنصرية، والرغبة في فناء الآخر، الفارق الوحيد والأبرز ان الاول زعيم ديني يهودي تحظى دولته بدعم العالم الغربي المتحضر، وتستطيع ان تقتل وتدمر وترتكب المجازر دون اي رادع او حتى الحد الأدنى من الادانة، فهي فوق كل القوانين والاعراف، طالما ان ضحاياها من العرب والمسلمين.

الصهيونية العالمية مارست ابشع انواع الابتزاز والتشهير ضد كل انسان حاول مجرد التشكيك بالمحرقة النازية او ارقامها، واستخدمت دائما وبشكل ارهابي تهمة معاداة السامية لتدمير واغتيال اي انسان ينتقد الاعمال الاجرامية الاسرائيلية في حق العرب والفلسطينيين منهم خاصة. ومن المؤسف ان العالم الغربي المتحضر خضع دائماً لأساليبها الابتزازية هذه، ولكننا لن نسمع كلمة منه تدين هذه العنصرية اليهودية التي تحرض على ابادة شعب عربي صغير، جرى اغتصاب ارضه بتشجيع منه، اي الغرب، ويعيش معظمه في الشتات حالياً، ومن بقي منه في وطنه يواجه المجازر وجرائم الحرب والتشريد بصفة يومية على ايدي ضحايا المحرقة النازية.

======================

أغيثوا باكستان

د. غسان اسماعيل عبدالخالق

الدستور

30-8-2010

باستثناء المساعدات التي قدمتها كل من الأردن و السعودية و الإمارات العربية ، فإن من الملاحظ أن هناك تجاهلاً عربياً و اسلامياً مؤسفاً لما تتعرض له باكستان من كوارث طبيعية مدمرة تجاوزت في آثارها كل التوقعات إلى الحد الذي دفع بالهيئات الدولية إلى مضاعفة احتياجاتها و توقعاتها يومياً جراء الأوضاع المأساوية المتفاقمة.

 

لقد اجتمع على باكستان في هذا العام السهر و الحمى فعلاً: فالظروف الاقتصادية بسبب الأزمة المالية العالمية هي الأسوأ و الأخطر إلى درجة الاعتقاد بأن باكستان على شفا إعلان إفلاسها أسوة باليونان. و الظروف السياسية هي الأسوأ و الأخطر أيضاً لأسباب أمنية بحتة: فالولايات المتحدة الأميركية التي تعد الحليف و الداعم الاستراتيجي الأول لباكستان تبدو متحفظة جداً في تقديم الدعم المالي و السياسي المطلوب للحكومة الباكستانية جراء استيائها الشديد من تنامي نفوذ حركة طالبان و تنظيم القاعدة في الداخل الباكستاني و على الحدود مع أفغانستان. و رغم أن الولايات المتحدة الأميركية تنفذ بانتظام العديد من الطلعات الجوية التي تسفر عادة عن عشرات القتلى و الجرحى داخل باكستان و على الحدود مع أفغانستان بدعوى ملاحقة الإرهابيين إلا أن هناك العديد من المسؤولين الأميركيين الذين يعتقدون بوجود ضباط كبار في المؤسسة العسكرية الباكستانية و بوجه خاص في المؤسسة العسكرية الاستخباراتية متعاطفين مع حركة طالبان وتنظيم القاعدة في الحد الأدنى... بل إن هناك العديد من المسؤولين الأميركيين الذين يتهمون ضباطاً في الاستخبارات العسكرية الباكستانية بالتواطؤ و التعاون مع حركة طالبان و تنظيم القاعدة.

 

و مما زاد الطين بلة تصريحات رئيس الوزراء البريطاني مؤخراً بخصوص مسؤولية الحكومة الباكستانية عن التفجيرات الدامية التي هزت الهند حيث عدّ باكستان دولة مصدّرة للإرهاب. و مع أن باكستان احتجت على هذه التصريحات إلا أن رئيس الوزراء البريطاني لم يتراجع عنها بل أكد تمسكه بها ، و بذلك تبدو باكستان كما لو أنها خسرت الحليف التاريخي و الأقدم الذي تربطها به علاقات سياسية و ثقافية و سكانية متميزة. و من البديهي القول بأن الفوضى الناجمة عن هذه العلاقات المضطربة مع الولايات المتحدة الأميركية و مع المملكة المتحدة تمثل مفصل العلاقة المتوترة أيضاً بين الحكومة الباكستانية و بين المعارضة الباكستانية التي لم تعد مقتصرة على الحركة الاسلامية بأطيافها المختلفة بل امتدت و اتسعت لتشمل العديد من الأحزاب و المنظمات الديموقراطية و العلمانية أيضاً.

 

مع أن حكومة باكستان و الباكستانيين هما دائماً في طليعة الحكومات و الشعوب الاسلامية المناصرة للقضايا العربية و الاسلامية ، إلا أننا لا نملك إلا أن نبدي استغرابنا الشديد لهذا التجاهل العربي و الاسلامي غير المبرر لواجب نجدة و إغاثة الباكستانيين الذين تجاوزت محنتهم زلزال هاييتي بكثير ، و كأن العرب و المسلمين الذين اعتادوا أن يهبوا للنجدة جراء القصف الاسرائيلي لغزة أو جراء القصف الأميركي لبغداد ينظرون للفيضانات المدمرة التي تجتاح باكستان على أنها ظواهر طبيعية صديقة،

======================

لا تقلقوا، لن يكون سلام

الون ليئال

هآرتس الاسرائيلية

الرأي الاردنية

30-8-2010

قبل نحو اسبوعين من حادثة الاسطول التركي سألتني احدى محطات الاذاعة كيف ستتطور القضية. أجبت: «كلما احتجنا الى استخدام المزيد من القوة، ستكون خسارتنا اكبر». هكذا أشعر ايضا عشية المحادثات مع محمود عباس. كلما استخدمنا قوتنا في المفاوضات في واشنطن أكثر، هكذا سيكون فشلنا أكبر. ظاهرا، حسن أن تبدأ محادثات مباشرة. المشكلة هي أن سلاما لن يخرج منها.

 ليس لاننا لا نحتاج الى سلام، فبدون سلام اسرائيلي – فلسطيني نحن شبه ضائعين. ولكنه لن يأتي.

لتحقيق السلام مطلوب نهج مغاير تماما في القيادة الاسرائيلية. حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان غير قادرة على التحرر من الاحساس بانهم يذهبون الى الكفاح في سبيل السلام حيال ابو مازن – حرب على الارض في الضفة، حرب على القدس وحرب على اللاجئين. اذا لم يغير هذا النهج من الاقصى الى الاقصى، في ظل تنفيذ التفافة حذوة حصان سياسية ودبلوماسية – فان المحادثات ستفشل.

اذا كانت النية هي الشروع في المناكفة مع الفلسطينيين، امام ناظر الامريكيين والعالم، فخسارة على وقت الجميع. في مثل هذه الحالة واضح للجميع أننا «سننتصر». فمن هو ابو مازن بالقياس الينا؟ اين طائراته القتالية؟ أين الغواصات؟ أين ديمونا؟ أين سييرت متكال؟ أين علاقاته في الكونغرس الامريكي؟ وبشكل عام، في الحالة التي يثير فيها حقا اعصابنا، دوما يمكن وقف نقل الاموال له. لا يمكن ادارة مفاوضات سلمية، مصالحة واخوة بين الولد الاقوى في الحي والاضعف، عندما تقوم على اساس معركة انزال الايدي. واضح تماما من سينتصر. ولكن بعد انتصار القوي، فان السلام والمصالحة لن تكونا. مثلما في حالة الاسطول التركي الى غزة «المنتصر» في المشادة سيكون مرة اخرى الخاسر الاساس.

ومع ذلك، نتنياهو هو في هذه اللحظة أملنا الوحيد. فقد وضع نفسه بين الجمهور الاسرائيلي بانه الوطني رقم واحد. ليس لديه خصم حقيقي في الساحة السياسية. اسرائيل تزدهر اقتصاديا، وبقدر كبير بفضله. نتنياهو بالفعل يمكنه أن يقود اسرائيل نحو السلام، ولكن ليس من خلال الروح القتالية التي ينطلق بها الى واشنطن. في الدخول الى محادثات السلام بمزاج حربي يوجد مخاطر اكثر مما يوجد أمل. فشل المحادثات يمكن ان يجعل الضفة غزة وابو مازن اسماعيل هنية، ناهيك عن الاثار في الساحة الدولية.

يجب أن نتحدث في واشنطن لا ان نثير الرعب؛ يجب ان نخطط (معا) لا أن نناور؛ ان نقنع وان نقتنع. وكل ذلك انطلاقا من العلم بان ليس لنا بديل عن هذه الخطوة. لدينا الكثير مما نخسره من فشل المحادثات من الفلسطينيين. فهم من شأنهم، في اقصى الاحوال، ان يبقوا بدون دولة خاصة بهم، ولكن نحن من شأننا أن نفقد دولتنا. لن نفقدها ماديا، ولكن هويتها ستضيع ومعها الرسالة التي كونها دولة الشعب اليهودي.

سيدي رئيس الوزراء، فقط شخص واحد في العالم يمكنه أن يفشل حقا في هذه المحادثات واسمه بنيامين نتنياهو. اذا ما كانت نجاحات، فسيتعين عليك أن تتقاسم جائزة نوبل للسلام مع جورج ميتشل وابو مازن. اذا كان فشل فهو سيكون لك وحدك فقط، وفشلك، سيدي رئيس الوزراء، لن يكون فشلنا، بل سيكون مصيبتنا. ولما كنت لا ارى في هذه الاثناء التفافة حذوة الحصان المطلوبة، فاني لا اصدق بانه سيكون سلام. استعدوا للجنة التحقيق.

======================

ثنائية الفقر والحرب

وجيه العتوم

الرأي الاردنية

30-8-2010

رحم الله الخليفة العادل عمر بن الخطاب، الذي قال «لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، ولو قدر لنا جمع الفقراء في العالم لكوَّنوا سكان قارة من الجياع، ويزيد عددهم على سكان الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا. فالوعد الذي تطلقه احيانا بعض الدول الغنية للقضاء على الفقر لم يتحقق منه شيء. بل زاد عدد الفقراء تحت خط الفقر بأكثر من 150 مليون شخص. كما تقول الاحصائيات ويبدو ان افقار الشعوب هو غاية معظم الحروب للهيمنة عليها والاستيلاء على مواردها وحرمانها منها وهناك نماذج كثيرة من الدول التي انهكتها الحروب مثل العراق الذي حوصر ونهبت ثرواته وانتشر الفقر في هذا البلد الشقيق رغم امكاناته الاقتصادية الهائلة كدولة غنية بالنفط، وهناك نماذج اخرى من الفقر تشمل بعض الدول العربية وفي المخيمات الفلسطينية التي تشكل افضل مثال على العلاقة بين الحروب وبين الفقر.

 

فالنزاعات والحروب التي وقعت على أرض فلسطين منذ تنفيذ فكرة الهجرة اليهودية إلى أرض الميعاد كما يدّعون وطرد أصحابها منها بالقوة افرزت أكبر موجة هجرة في التاريخ وما تبع ذلك من فقر واذلال وفاقة وضيق سبل الحياة اليومية بين جدران المخيمات الضيقة التعيسة وانتظار المعونات والمجتمع الدولي يتفرج ولا يحرك ساكناً بل يزيد من فقر الفلسطينيين بشن العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة عليهم ووصل الأمر في العراق الى انتشار التسول بشكل مرعب خاصة بين الاطفال وانحطاط المستوى المعيشي لغالبية الاسر العراقية هو المشكلة، فالأسر هناك خسرت من يعيلها فدفعت بالاطفال الى تسول كل شيء.

 

ان انهاء الحروب يعني انهاء الفقر وهما حركة واحدة لان فرص العمل تقل اثناء الحروب والنزاعات وبالتالي يسود الفقر كما وان شدة الفقر في بعض الدول مثل كمبوديا مثلا نتيجة الحروب والخلافات جعلت البعض هناك يبيع اطفاله ب100 دولار للطفل الواحد.

 

وهناك احصائية تقول انه تم بيع اكثر من 20 مليون طفل خلال السنوات العشر الاخيرة كان منها 99% بسبب الفقر، وافريقيا القارة السوداء التي تُعد افقر القارات واتعسها تجري فيها حركة عجيبة من الحروب الاهلية التي تؤدي الى الفقر. والفقر يعود فيؤدي الى النزاعات المسلحة للسيطرة على الموارد وتقود النزاعات بالتالي الى موجات التهجير والافقار من جديد والتي تعود لتشعل الحروب وعلينا في العالم العربي ان ننتبه لهذا الامر الخطير ومحاولة التعاون لقتل الفقر وايجاد الحلول له ولا بد من التركيز على الالتزام بدفع زكاة اموالنا لا بل على الحكومات العربية اولا ان تتبنى هذا الموضوع المهم جدا ومعاقبة كل من يتخلف عن دفع زكاة امواله واذا تم ذلك فلن يبقى فقير واحد في دول العالم كله.

======================

مسيحية قلقة !

ميشيل كيلو

السفير

30-8-2010

تعطي المسيحية العربية الانطباع بأنها قلقة وخائفة، وتتصرف بروحية متوجس يتعرض لتهديد يقوض وجوده. أما الأمثلة التي تؤكد ذلك، فنجدها في الموقف من حقوق الفلسطينيين المدنية في لبنان، التي تبدو الكنيسة كأنها ترى فيها شيئا يتجاوز حقوق هؤلاء المدنية، له آثار سلبية على مجمل علاقات وتوازنات الطوائف اللبنانية، مثلما نعثر عليها في موقف الكنيسة القبطية من قرار اعتمدته الدولة يبيح زواج المطلق.

رغم القلق والخوف المشتركين، ثمة اختلاف بين حالتي الكنيستين، يرجع في لبنان إلى تداخل الدين مع السياسة تداخلا يجعل السياسي والحزبي يتصرف كرجل دين ورجل الدين يبدو كأنه سياسي، في حين يفرضه في حالة مصر عقل كنسي يبدو كأنه متمسك بنظام الملل العثماني، الذي اعتبر زعيم كل ملة دينية ممثلا لها أمام الدولة، وكرس وجود الملل كدويلات دينية/ سياسية صغيرة داخل الدولة، أعاد الضعف الذي أصاب الدولة في رئاستي السادات ومبارك إنتاج جوانب من نظام الملة، كانت قد تلاشت بصورة تكاد تكون تامة خلال الحقبة الناصرية، مع توطد دور الدولة المركزية الشامل. في الحقبة بعد الناصرية، برز دورا الأزهر والكنيسة القبطية من جديد باعتبارهما مركزين لحياة مصر الدينية، مع ما انطوى ذالك عليه من نتائج سياسية، بلغت حد الاشتباك مع الدولة في أكثر من مناسبة، مع ما نجم عن هذا التطور من مشكلات تحدت الحكومة. برز دور الكنيسة القبطية عندما تراجع دور الدولة، حتى ليبدو وكأنها تريد العودة إلى نظام الملل العثماني أو ما يشبهه، وأنها تعمل لفرض نظامها الخاص على نظام الدولة، بذريعة اختلاف طبيعة المسيحي الشخصية، المحددة حصرا بنصوص دينه، عن أحوال غيره من مواطني مصر.

يلاحظ من يراقب أحوال وتصرفات كنيسة لبنان المارونية أنها ما زالت تعين نفسها من خلال خصوصيات تخطاها الزمن وقوض أسسها، أهمها التعامل مع بلدها بافتراض أنه مسيحي (مع أن أغلبية سكانه ليست مسيحية)، وأن للمسيحيين فيه حقوقا خاصة ليست ولا يجوز أن تكون لغيرهم، وتحصن الكنيسة موقفها بنمط من العلاقات بين الدين والسياسة مستمد من علاقة الدين بالسياسة في بيزنطة، وهي تقوم على وحدة المجتمعين السياسي والديني، وعلى أخذهما بنظام يوحدهما، يختلط فيه الزمني بالروحي ويقبل أحدهما الآخر. ومع أن المارونية تعترف بسلطة البابوية، فإنها لم تقبل الفصل الجذري، الذي اعتمدته البابوية تاريخيا بين النظام المسيحي والنظام السياسي، واحتفظت بما أخذته المارونية عن الكنيسة الشرقية بعد سقوط القسطنطينية، ألا وهو سلطان الكنيسة الذي يفرض على الساسة ربط مصيرهم بها.

هذه الخصوصية، الآتية من ماض بعيد، خلطت الديني بالزمني/السياسي، وجعلت الكنيسة مؤسسة سياسية أيضا، تعمل لتوطيد وإدامة أمر قائم يستند الى توازنات حساسة، يهدده أي اختلال أو اضطراب فيها، حتى إن كان عابرا أو جزئيا. لا عجب أن هذا الوضع أنتج حالة من القلق والتوجس لدى أنصار النظام الكنسي، تعود إلى صعوبة ضبط العلاقة بين السياسي والديني في المستويين المسيحي الخاص واللبناني العام، ومن التداخل ،غير المنضبط في حالات عديدة، بين مواقف قادة الأحزاب والميلشيات ورجال الدين، وأخيرا من عدم استقرار وضع مسيحي يجمع بين السياسة والسلاح والإيمان، يزداد ضعفا بسبب تناقض فرضيته الهشة عن «لبنان المسيحي» مع تنوع لبنان الديني القاسي، الذي أحدث تغيرات متتالية في علاقات قواه وطوائفه ونمط سياساتها، غير أن الكنيسة بفرعيها السياسي والديني سعت لاحتجازها، ورأت في الاعتراف بنتائجها انقلابا على النظام، ومشروع حرب أهلية !.

في هذا الواقع، الذي تجعل توازناته وتحولاته السلام هدنة بين حربين أهليتين، يصعب إصلاح النظام أو إعادة إنتاجه بما يتفق مع تحولاته ويعبر عنها، ويغدو أي تبدل سياسي أو ديموغرافي انقلابا على الأمر القائم يقوض أسسه، وينتشر قدر من القلق يسهم أكثر فأكثر في محو الفوارق بين رجل السياسة ورجل الدين، ويجعل الدفاع عن التوازن الذي يضمن «مسيحية لبنان» دفاعا عن الوطن وهويته وتفرده وسط محيطه العربي المتأخر.

مرت المسيحية في أطوار من الاضطراب استمرت قرونا عديدة، وغطت الشرقية والغربية منها، وطاولت عقائدها وتياراتها وركائزها الفكرية والروحية. لكن الاضطراب لم يضعفها أو يحد من سلطانها على النفوس، مع أنه قلص سلطان الكنيسة كمؤسسة. اجتازت المسيحية مخاطر وتعرضت لتحديات أكبر بكثير مما تشهده الكنائس العربية، التي حظيت غالبا برعاية دولها وتفهم مجتمعاتها العربية/ الإسلامية. ليست المسيحية كدين وكمؤسسة في خطر، لأن فلسطينيا يطالب بحقوقه المدنية المشروعة في لبنان، ولأن زوجة كاهن قبطي فرت مع رجل مسلم أحبته في مصر، أو لأن الدولة تتدخل هناك في أحوال الأقباط الشخصية، والواقع يفرض على المسيحية القبول بتغيير نظرتها إلى نفسها وغيرها في لبنان. مع ذلك، يوجد ثمة مشكلة حقيقية في الحالتين، تتخلص في أن الكنيسة الدينية/ السياسية تتغرب أكثر فأكثر عن واقع تفقد أكثر فأكثر السيطرة عليه، ولا تجد ما تواجهه به غير التمسك بحال فات زمانها، والانغلاق على الذات، وعقلية الملة. إن الإشكال الأكبر الذي تواجهه المسيحية العربية اليوم يأتي من أخطاء كنائسها: من فهمها للواقع ودورها فيه.

من الخطأ بمكان أن ترى الكنيسة في واقعها الخاص واقعا مستقلا أو منفصلا عن واقع مجامعاتها العام، أو أن تعتبر واقعها كل الواقع، فتجنح إلى الانغلاق على ذاتها ورفض التفاعل بإيجابية مع بيئتها ومحيطها، فإن اضطرتها ظروفها للتعامل معهما، فعلت ذلك بروحية مليئة بالتوجس والخوف، ورأت فيهما منبع أصولية إسلامية متطرفة عليها مقاومتها بأصولية مسيحية مضادة. من الخطأ أيضا تقسيم المجتمع إلى ملل ونحل مختلفة في كل شيء لمجرد أنها تنتمي إلى أديان متنوعة (هانتينغتونية عربية) ، لكل منها عالمه وخصائصه النوعية التي تجعله مختلفا عن غيره، يجب أن يبقى التعايش معه في أدنى الحدود، وإلا أطاح الاختلاط والتفاعل بالجميع.

أخيرا، من الخطأ الفادح أن ترى الكنيسة العربية في المسيحيين ضيوفا على بلدانهم، وإلا فهم خصوم لبقية أبنائها، وأن تقف جانبا أو على الحياد في معارك أوطانها ومواطنيها. ثمة هنا نقطة مهمة تتصل بصلب مشكلات الكنيسة (والمسجد)، وتتعلق بالآثار الخطيرة التي أنتجها غياب المواطنة، وما يرتبط بها من سيادة قانون وحقوق إنسان ومواطن، عن مجتمعاتنا ودولنا، ووضع القانون في خدمة تكوينات جزئية وخاصة (هذا هو تعريف الاستبداد عند فرويد)، ترى مصالحها ووظائفها بدلالة تشكيلات وفئات نافية للمجتمعية، تقوض الواقع السياسي بما هو واقع إنساني. في هذا الوضع، تتحول الكنيسة بدورها إلى مؤسسة جزئية أو خاصة تعزف عن رؤية المواطن في المسيحي، وترفض أن ترى فيه عربيا مسيحيا وليس مجرد مسيحي وحسب، بلا جذور وطنية أو قومية، يعبر اقتناعه بدينه عن خصوصيته كمواطن يعيش في مهد المسيحية الأول، ليست كنيسته وطنه، بل وطنه هو كنيسته، التي تعزز ما يجمعه مع بقية أبناء مجتمعه : رابطة المواطنة المتخطية لأي دين أو طائفة أو مذهب، التي تحول المسيحي إلى إنسان ومواطن في الدولة والمجتمع، تخضع صلاته مع غيره لحسابات تتعدى الدين، لكونها تنبع من الحقل المدني، الإنساني والمجتمعي، وتتنافى مع الطائفية، لأن هذه تلغي أسس وجوده المدني/المجتمعي، وتشكل خطرا عليه وعلى الهيئة المجتمعية العامة. لا مخرج للمسيحي (والمسلم)  وللكنيسة (والمسجد)  بغير مجتمع المواطنة المدني، المتعين بالإنسان كذات حرة وغير المتعين بالمؤمن: مسيحيا كان أم مسلما.

لا حل لمشاكل المسيحية خارج مجتمعها العربي، أو ضده. ولا حل لمشاكل المجتمع العربي على حساب الكنيسة، خارج أفق المسيحية وضدها. ذلك إن وقع، فسيكون كارثة تنزل بالمجتمعات العربية، ليس فقط بسبب الأهمية الرمزية والفعلية للعرب المسيحيين، بل كذلك لأن المجتمع سيكون قد اختار إبعاد نفسه عن مفهوم ونظام المواطنة، وغرق في نظام الملل والطوائف، الذي فيه نهايته كمجتمع.

لا حل لمشاكل المسيحية بوصفها مشاكل كنسية أو من اختصاص الكنيسة وحدها. المسيحية شيء والكنيسة شيء آخر: المسيحية دين والكنيسة مؤسسة. وإذا كان الدين يبقى دون مؤسسة فإن المؤسسة لا تعيش دون دين. لذلك، لا يحق للمؤسسة إغلاق الدين على نفسه وإخضاعه لمصالحها وإلحاقه بها وعزله عن محيطه، وعليها أن تكون ساحة يتفاعل فيها بانفتاح وتكامل مع نفسه وعالمه، ليتحول إلى ما أراد دوما أن يكونه : أداة لتحرير الإنسان من الخوف، ولتكامله مع مثيله والمختلف عنه في إطار لحمته المحبة وسداه التسامح. ليس المسيحي غير إنسان ينتمي إلى عالم قد لا يقاسمه إيمانه وعقيدته، لكنه يشترك معه في الإنسانية، التي لم يميز المسيح بين أبنائها، حين افتداها بجسده ودمه، على ما تخبرنا الأناجيل!

======================

سوريا وايران لا تجعلان تركيا قوة اقليمية

سركيس نعوم

النهار

30-8-2010

عن اسرائيل وايران الاسلامية والصراعات داخلها واحتمال تطورها تحدّث الموظف الارفع نفسه في "الادارة" البارزة اياها داخل الادارة الاميركية الذي يتعاطى مع معظم قضايا الشرق الأوسط ومشكلاته، قال: "بالنسبة الى اسرائيل واحتمال تنفيذها ضربة عسكرية ضد ايران دعني اقل لك اننا في سنة 2010 ولسنا في عام 1983، اي العام الذي دمرت فيه الطائرات الحربية الاسرائيلية المفاعل النووي العراقي "اوزيراك".

ان البنية التحتية النووية الايرانية اكثر تعقيداً من مفاعل "اوزيراك". صحيح ان اسرائيل تملك ترسانة كبيرة من الاسلحة الذرية والتقليدية. لكن قيامها بضرب أو تدمير البنى التحتية النووية لايران ليس امراً سهلاً. على كل لن تُقَدِّم اميركا من حيث المبدأ أي تغطية لاسرائيل كي تقوم بضرب ايران أو أي ضوء أخضر.

طبعاً تعرف اسرائيل مصالحها وتقيس مدى التهديد الخارجي عليها وخصوصاً من جانب ايران التي هي الآن المصدر الأول لتهديدها. وفي ضوء كل ذلك ستتحرك. علَّقت: تستطيع اسرائيل ان تنفذ ضربة عسكرية ضد ايران. لكن لا بد ان تواجه مشكلة في اليوم التالي للضربة، وان تنشأ مشكلة لها ولغيرها. اذ ان ايران قد ترد على اميركا وقواتها وحلفائها في المنطقة، ماذا يفعل حينئذ المسؤولون الاميركيون؟ هل ينجرون الى حرب مع ايران أو بالأحرى هل يسمحون لاسرائيل أن تجرهم وبلادهم الى حرب مع ايران؟ هذه هي المشكلة. اسرائيل وحدها لن تكون قادرة على مواجهة كل التحديات الايرانية والاخرى المتفرعة من ايران والحليفة لها. ردّ ولكن من دون التطرق مباشرة الى هذه الاسئلة. قال: "سوريا تعرف ان لنا مصالح في العراق ولبنان وفلسطين وتعرف ايضاً ان لنا مواقف من كل منها، وعليها ان تراعي كل ذلك. عندما طرح الرئيس اوباما سياسة الحوار مع ايران انطلق من وجود مصالح قد تلتقي مع مصالح ايران أو ربما من وجود مصالح مشتركة بين الدولتين. وهذا أمر يعترف به الكثيرون. وربما يكون له دور مستقبلاً عند تحديد العلاقات بين اميركا وايران. لكن ذلك لا يعني ان تكون ايران نووية (عسكرياً) أو ان تصبح قوة عالمية أو قوة مهيمنة على المنطقة. هناك مصالح للجميع لا بد من مراعاتها".

ماذا عن تركيا؟ سألت. اجاب: "لا اعرف. أردوغان رئيس وزرائها لن يعود عن الاتفاق الثلاثي الذي وقعه مع ايران والبرازيل. هناك الكثير من الحركة في تركيا. لننتظر ونرَ ما الذي ستسفر عنه هذه الحركة". علّقت: تريد تركيا ان تكون قوة اقليمية ذات دور مهم. رد: "حسن. قوة اقليمية اسلامية ومعتدلة تساعد على حل مشكلة الاسلاميين الاصوليين المتعصبين في المنطقة وخارجها كما تساعد على استيعابهم. وهذا جيد. لكن تركيا قوة اقليمية متحالفة مع ايران وسوريا فهذا أمر آخر. وهو ليس مفيداً في كل الاحوال. في اعتقادي لن تعطي روسيا ايران صواريخ اس300. وهي لا تقبل بتحولها دولة صواريخ باليستية تقليدية وأخرى ذات رؤوس نووية على حدودها".

ماذا في جعبة مسؤول رفيع في "ادارة" اخرى بارزة بدورها داخل الادارة الاميركية يتعاطى مع قضايا الشرق الأوسط؟

في بداية اللقاء سألني رأيي في امتناع لبنان عن التصويت في مجلس الأمن على القرار الرابع الذي فرض عقوبات جديدة على ايران الاسلامية، وأراد ان يعرف إن كنت توقعته. أجبت: صراحة لم اتوقعه مئة في المئة. سألني أصدقاء في واشنطن قبل جلسة التصويت عن رأيي في الموقف الذي سيتخذه لبنان فأجبت بأنه لن يؤيد العقوبات وأن نسبة امتناعه عن التصويت تبلغ 40 في المئة في حين ان نسبة التصويت ضدها تبلغ 60 في المئة. كما اراد هؤلاء الاصدقاء معرفة سبب الامتناع، فقلت انها اسباب وليست سبباً واحداً. منها تعرّض الحكومة التي يرئسها سعد الحريري والتي تضم اكثرية من 14 آذار لهجمات متلاحقة ومستمرة. وتعرضها لانتقادات وأحياناً اتهامات من "حزب الله" وحلفائه اللبنانيين كما من راعيته ايران وحليفته سوريا. ومطالبتهم إياها بالتصويت ضدالعقوبات في مجلس الأمن وعدم الاكتفاء بموقف الامتناع.

وعلى كل اعتقد ان الحكومة بشخص رئيسها وبالتفاهم مع رئيس الجمهورية وبعد التفاهم بين سوريا والسعودية قررت الامتناع عن التصويت. لكن الإخراج كان سيئاً. اذ ان التعليمات التي وجهت الى مندوب لبنان في مجلس الأمن لم تشر الى اي موقف عليه اتخاذه بل اكتفت باطلاعه ان مجلس الوزراء انقسم نصفين متساويين لدى البحث في الموضوع ثم التصويت عليه. كأنها تطلب منه عدم التصويت والإكتفاء بشرح "العجز" اللبناني عن اتخاذ موقف واحد. ثم سألت المسؤول الرفيع نفسه وامام آخرين حضروا اللقاء عن لقاءات سابقة له مع مسؤولين سوريين في مقدمهم وزير الخارجية وليد المعلم. فأجاب "في الحقيقة قمنا (أي هو وزملاء له) برحلتين الى دمشق. الاولى في شباط 2009 واعتقد انها كانت جيدة على وجه الاجمال. اما الثانية ففي ايار من العام نفسه وكانت صعبة وفيها شيء من التوتر وما الى ذلك". قلت: اخبرني عن الرحلة الثانية بالتفصيل اذا كان ذلك ممكناً. رد: "ربما تكون توقعات سوريا من قرار الرئيس اوباما الحوار معها اكثر من الواقع. وخصوصاً على صعيد رفع العقوبات الاميركية عنها وارسال سفير اميركي جديد الى دمشق بعد سنوات من خفض مستوى التمثيل الديبلوماسي الاميركي مع سوريا الى مستوى قائم بالاعمال. أوباما تحدث عن ارسال سفير جديد. وبعد تسعة أشهر عيّن شخصاً وارسل هذا التعيين الى الكونغرس للحصول على تثبيت له. وهو يواجه الآن صعوبات. وربما يحتاج تثبيت السفير ومن ثم ارساله الى مركز عمله الى ثلاثة أشهر اذ ان هناك اجراءات على وزارة الخارجية ان تقوم بها وخصوصاً ازاء الكونغرس. وهناك ايضاً العقوبات". ماذا عنها سألت؟ بماذا اجاب؟

======================

هل تشن «إسرائيل» حرباً جديدة في المنطقة؟

بقلم: غارث بورتر‏

موقع apherlnfo

الأثنين 30-8-2010م

ترجمة : منير الموسى

الثورة

في هذيانها الإجرامي ونزعاتها الحربية، تنوي إسرائيل خوض حرب على إيران، ثم إجبار الولايات المتحدة على إنهائها.

«تسويغ حرب إسرائيلية على إيران» الذي يسوق له رويل مارك جيرشت، يأتي مع انطلاق حملة جديدة للوبي الإسرائيلي تؤيد القرار 1553 المقدم إلى مجلس النواب الأميركي والذي يؤيد تماماً هجوماً إسرائيلياً على إيران، وجيرشت مؤرخ وصحفي أميركي مؤيد لسياسات حروب أميركا.‏

وفي هذه الحملة يبدو من المهم فهم هدف جيرشت وحكومة اليمين الإسرائيلية، وهو دعم هجوم إسرائيلي على إيران لتوريط الولايات المتحدة في حرب شاملة ومباشرة على إيران.‏

وهذه الاستراتيجية قائمة منذ زمن بعيد تجاه إيران، لأن إسرائيل لاتستطيع خوض غمار حرب دون دعم كامل من الولايات المتحدة، وهي تريد أن تكون مطمئنة بأن الولايات المتحدة سوف تنهي هذه الحرب التي بدأتها.‏

ويأمل جيرشت صراحة أن يؤدي رد الفعل الإيراني على هجوم إسرائيلي عليها إلى تدخل الولايات المتحدة في هذه الحرب.‏

ويراهن جيرشت على أن إيران في حال قيام إسرائيل بهجوم عليها، قد تقوم بتلغيم المضيق أو مدخل الخليج ماسيدفع الرئيس الأميركي أوباما إلى ضرب إيران، ويقترح جيرشت أن المنطق ذاته ممكن في حال قيام إيران بأي عمل ضد أهداف أميركية بعد الهجوم الإسرائيلي، وهو بهذا يعني أي هجوم ضد أي هدف أميركي في الشرق الأوسط، وكتب جيرشت أن أوباما من شأنه أن يجد نفسه مضطراً إلى الانتقام المباشر بعد هجوم مباغت إسرائيلي، وهنا الجملة المفتاحية في هذه المحاججة التي يسوقها جيرشت.‏

فأوباما سيجد نفسه مرغماً أن يتورط في الاعتداء الإسرائيلي على إيران بسبب الضغوط الداخلية التي لايستطيع مقاومتها، وهذا هو السبب الذي يدفع الإسرائيليين إلى حشد أغلبية كبيرة في الكونغرس وأمام الرأي العام لتأييد الحرب، وقطع الطريق أمام أوباما.‏

وعندما لاتتولد القناعة أن أوباما لن يلتحق بالحرب وراء إسرائيل، فلن يكون هناك ضربة إسرائيلية ضد إيران.‏

وكان جيرشت اعترف يوماً أن الهدف الحقيقي من حرب على إيران هو القضاء على الجمهورية الإسلامية بدفع الولايات المتحدة إلى خوض حرب عليها، وقد كشف أن هذا السيناريو يعود إلى عام 2000 أي عندما لم يكن البرنامج النووي الإيراني قائماً بعد، عندما أكد في مقال كتبه من بين مقالات كتاب «مشروع القرن الأميركي الجديد» أن إيران إذا تم ضبطها متلبسة في «عمل إرهابي» فإن البحرية الأميركية سترد بشكل صاعق».‏

وحتى يُفهم هذا الأمر بشكل أفضل، لعل وضوح جيرشت في هذا الصدد يكون كافياً لنفهم، إذ يطالب ليس بهجوم آني بصواريخ لتقليل عدد الضحايا، بل أن تستخدم واشنطن سلاحاً فتاكاً يؤدي إلى شلل إيران التام لضمان عدم مقدرتها على الرد.‏

وفي عامي 2006 -2007 فإن العقلية العدوانية الإسرائيلية كان لديها أسبابها لتعتقد أنها تستطيع أن تسيطر على سياسة الولايات المتحدة كي تشهد الحرب التي تتمناها، لأنها عنيت دافيد ويرميسر، أحد عملائها المنافحين عن موقف استراتيجي يتيح لها التأثير في اتجاه سياساتها.‏

ومعلوم أن ويرميسر وهو الذي كان من مستشاري بنيامين نتنياهو المقربين، وكذلك كان المستشار الأساسي لنائب الرئيس ديك تشيني لشؤون الشرق الأوسط، كان قد ألح على الإدارة الأميركية كي تشن حرباً على إيران، وكشف عن أن إلحاحه على شن الحرب عليها ليس من أجل برنامجها النووي، بل من أجل تغيير النظام فيها، وهذا ماقاله لصحيفة «تلغراف» عام 2007.‏

وبالطبع حرب كهذه لايمكن أن تشنّ فجأة، بل لابد من ذريعة عسكرية تبرر هجوماً محدوداً تكون له تداعيات وردات فعل تؤدي إلى تصعيد الحرب سريعاً.‏

وفي عام 2007 وبناء على نصائح ويرميسر، حاول تشيني دفع جورج بوش إلى شن حرب على إيران، وهي محاولة أفشلها البنتاغون.‏

وعلى حين أن ويرميسر شرع بتحريض تشيني منذ عام 2006، فإن جيرشت قدم الحجج ذاتها إلى مجلة ويكلي ستاندار بأن الهدف هوتغيير النظام في إيران.‏

وفكرة شن حرب مدمرة على إيران هي فكرة جنونية، ولكونها كذلك رفض القادة العسكريون الأميركيون شنها سواء في عهد بوش أو في عهد أوباما، ووجدت هذه الفكرة مقاومة شديدة لديهم، ولكن جيرشت يرى أن إسرائيل تتمنى أن تستطيع جر أوباما إلى حرب كهذه عن طريق الهيمنة الصهيونية في الكونغرس، ويتبجح جيرشت أن الديمقراطيين في الكونغرس «يحملون الآن عقلية مختلفة عما كانوا عليه أيام حكم بوش».‏

والحقيقة أن إسرائيل على الرغم من أنها تغدو أكثر فأكثر مارقة ولاسيما بعد عدوانها على غزة والمجزرة التي ارتكبتها بحق السفينة مرمرة، ولكن سيطرتها على الكونغرس تغدو محكمة أكثر من أي وقت مضى.‏

ونتنياهو اليوم على رأس السلطة في إسرائيل وهو الذي أعلن عام2001: «أنا أعرف أميركا جيداً، فهي شيء يمكن تحريكه بسهولة ما إن ندير البوصلة بشكل صحيح، فأميركا ليست عائقاً أمامنا».‏

======================

لغة وسياسة.. عرب

د. أحمد نوفل

السبيل 28/8/2010

في هذه الحلقة نتحدث عن العرب، وما هُمّش قوم ولا شعب، ولا شوهت صورة مجموعة من الناس كما جرى للعرب. وما امتهنت كرامة أمة كما جرى لهم، ولا تطاول الأعداء مهما كانوا أقزاماً كما تطاولوا على العرب.

فبلادهم مستباحة من قبل الصهاينة والأمريكان.. وهذا إلى حد ما مفهوم، فهؤلاء محسوبون في الأقوياء والقوى العظمى، لكن أن تتطاول على دولنا العربية حتى أثيوبيا وأوغندا وكينيا وبينين وتشاد.. وهل تذكرون أن أرتيريا احتلت بعض الجزر التابعة لبلد عربي، ولم تتهيب من "جامعة الدول العربية" ولم تحسب حساباً لغضبة عربية.. ولم تأتنا الأخبار منذ تلك السنين أنها غادرتها. فهي من المسكوت عنه. والخليج العربي مازلنا لا نستطيع تسميته باسمنا، وكل "العرائش" و"مدن الملح" و"عرائس الشمع" و"خيم المناسبات" المقامة على شواطئه وعلى مبعدة من شواطئه لم تستطع أن تفرض تسميتها، ودولة صهيون نجحت في سلب القدس منا وهي أقدس مقدساتنا بعد الحرمين وقبلتنا الأولى وهوّدتها ونحن نتفرج، وغيرت اسمها ونحن نتطلع، وطردت أهلها ونحن ننظر، ونسفت بيوتها والبلاهة لم تفارق نظراتنا الزائغة، وسحنتنا المصفرة المغبرة، وقلعت أشجارنا، وتهدد بالصوت العالي والفم الملآن قائلة مع الصيحة التي تسمع الصم والجلاميد سأهدم الأقصى وأقيم الهيكل..!

قال في اللسان، لسان العرب، عن العرب، تحت الجذر "عرب": "العُرب والعَرَب: جيل من الناس معروف، خلاف العجم، وهما واحد، (لا يقصد العرب والعجم واحد. بالطبع لا. مع أن كثيراً من العرب قد استعجم، واستعجم على العقل أن يفهم، ما الذي يدور في عالم العرب، لكنه يقصد أن العرب (بالضم) والعرب (بفتح ففتح) شيء واحد.) مثل العُجْم والعَجَم. (فعلاً كله زي بعضه. ووالله إن منا لأعدى علينا من أعدى أعدائنا. وأنّا منّا أعجام العقول والقلوب والنفوس أكثر من العجم المستعجمة! وأكثر ما يطلق العجم على الروم أو الأورام.)

قال الجوهري: العريب تصغير العرب. (فأل سوء من عمنا الجوهري –غير بتاع الكورة في مصر- وما درى أنه بهذا الفأل كان النحس فصغّر العرب لا في اللغة، ولكن في الواقع السياسي وتقزم دورهم، وضربتهم شيخوخة مبكرة، وهشاشة نظام وعظام!)

(ثم تصغير العرب بتصغير دورهم، وإنما تكبر الأمم والشعوب بالدور الذي تلعبه –بلغة العصر- أو الذي تنهض به، بلغة العرب، وتصغير العرب بمعنى تفتيت دولهم وبعضها تطوفه بالسيارة في أقل من نصف ساعة سواقة تأمل بلا استعجال. وتصغيرهم بمعنى تفتيت الوحدات الكبيرة.. نسبياً. فالعراق فتتوه إلى ثلاث عراقات متدابرة، والسودان برسم التصغير إلى ثلاث وحدات متعادية متعاركة.) (ولسة الحبل عالجرار.. فمصر على طاولة الانتظار وكذا باقي الأقطار)

نعود إلى اللسان والجوهري وتصغير العرب، فقد استشهد اللسان بأبيات شعر لأبي الهندي (دي آخرتها، أن يتكلم أبو الهندي عن العرب. ولقد زرت بلداً عربياً ونزلت شارع "العروبة" فيه، وسألت عن مكان فلم أجد أحداً يتكلم العربية، فقد كانوا كلهم هنوداً. ولعل الهنود يخطر ببالهم المطالبة بحكم ذاتي في بعض بلاد العرب وبيطلعلهم يا خالي!)

نعود إلى أبي الهندي واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس، فقد ذكر له اللسان أبياتاً لا تهمنا، ولكن موضع الشاهد منها قوله:

.. طعام العُريْب لا تشتهيه نفوس العجم

قال اللسان: صغّرهم تعظيماً! (يرحم أيام زمان فقد كنا قلة عزيزة. والآن كثرة ذليلة. قالوا: مِنْ قلة نحن يومئذ؟ قال: لا، بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل..) إلى آخر الحديث الشريف. والتصغير كما تعلمون يكون للتحقير، والتصغير للتحبب وللتعظيم، وإنما يحدد ذلك السياق والمتكلم، فإن كان ولياً محباً اتجه الكلام إلى جهة، فإن كان عدواً شعوبياً، اتجه الكلام إلى جهة أخرى مضادة.) ثم ضرب اللسان مثلاً على التصغير للتعظيم فقال: أنا جُذيلها المحكك، وعُذَيقها المرجّب.

بالعربي يعني: الغصن أو النخلة المثمرة.

قال الزمخشري في أساس البلاغة: الجذل: أصل الشجرة. وفي معنى عذق قال: فلان عَذقه في المجد باسق، وعِذقه في الكرم واسق.

ونعود إلى اللسان: "والعرب العاربة، هم الخلّص منهم، وأخذ من لفظه فأكد به، كقولهم: ليل لائل، تقول: عرب عاربة وعَرْباء: صُرحاء. ومتعربة ومستعربة: دُخلاء، ليسوا بخلّص".

(هذه تحتاج إلى وقفة، فالعرب المستعربة يزعمون أن منهم إسماعيل. بل هو من العرب العاربة الخلص. فمن أين أتوا أن أصوله ليست عربية. ولم لا يكون عربياً؟ وإلا فإن أصولنا كلها من المستعربة. بل نحن من العرب العاربة، وجذورها في الأرض والتاريخ ضاربة، وليست أنسابنا سائبة، ولا عن الصراط ناكبة، ولسنا من العرب الهاربة، المنتسبة إلى الأعداء التي هي علينا متكالبة، يحكّمون في مواقفهم مصالحهم الغالبة.. وأما مصالح الأمة فغائبة).

(وأما "المستعربون" فأقذر ما في جيش الصهاينة. وإليهم توكل كل مهمة قذرة من اغتيالات إلى اعتقالات، فأشكالهم عربية، ولسانهم عربي، وبعضهم أصوله عربية.. دون تفاصيل!)

وما رأيت اعتزازاً بنسبه الخالص إلى العرب كالذي رأيته في السودان.. ثم المغرب. حيث اختلطت الأنساب بالأفارقة وسوى ذلك.. ولسنا مع العصبيات بالطبع، فهذا شيء، والأنساب وعلمها ومعرفتها وتحريها شيء آخر. فأبو بكر رضي الله عنه من أعلم الخلق بأنساب العرب، وكم كتب من كتب في أنساب العرب، وجمهرة هذه الأنساب. فهذا علم وأي علم!

قال في اللسان: "والعربي منسوب إلى العرب، وإن لم يكن بدوياً. والأعرابي: البدوي، وهم الأعراب، والأعاريب: جمع الأعراب. وجاء في الشعر الفصيح: الأعاريب. وقيل: ليس الأعراب جمعاً لعرب، كما كان الأنباط جمعاً لنبط، وإنما العرب اسم جنس. والنسب إلى الأعراب: أعرابي. قال سيبويه: إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي؛ لأنه لا واحد له على هذا المعنى. ألا ترى أنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى؟ فهذا يقويه."

قلت: وهذا صحيح تماماً. فالقرآن استخدم لفظ الأعراب كما هنا في اللسان. فذكر القرآن الأعراب عدة مرات بهذا المعنى. وبالتحديد وردت كلمة "الأعراب" في القرآن 10 مرات، ست منها في سورة واحدة هي التوبة، كلها عدا موضعاً واحداً في موضع الذم.

ومن ذلك: "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً" "قل للمخلفين من الأعراب.." أما موضع الثناء الوحيد فهو: "ومن الأعراب من يؤمن بالله.." سورة التوبة9، آية99. فالأعراب هم البادون (وليس البدون). والبداوة مظنة "الجفاوة" و"القساوة"، ولذلك كان هذا الإلحاح على الهجرة إلى المدينة ليتعلم الأعراب من أدب المؤمنين على يد سيد النبيين صلى الله عليه وسلم.

ومن هنا شعور يوسف بالامتنان لمولاه الرحمن لنقل أهله من البداوة وحياة الأعراب إلى المدينة والحضر، فقال: "وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو" إنهما رحلتان وانتقالتان: هو من السجن وهم من البدو. أما كلمة عربي وعربياً فقد وردت كلمة عربي في وصف لسان القرآن. ووصف القرآن جاء "عربياً" وجاء 6 مرات قرآناً عربياً، ولساناً عربياً وحكماً عربياً. فهذه ثمانية، و3 مرات عربي فهذه 11 مرة، كلها تأكيد على عربية اللسان الذي به ووفقه ووفق قاموسه ولغته وبلاغته وعرفه اللغوي نزل القرآن. فهذه أولى قواعد فهم القرآن، أنه يفهم وفق لسان العرب وقانونهم اللغوي! وكما ترى فلم تأت "عربي" أو "عربياً" وصف لقوم.

أما القوم الذين فيهم نزل القرآن فعبر عنهم ب"الأميين"، وورد وصف النبي بالأمي مرتين. ووصف أمته بالوصف ذاته مرتين، وجاء مرة ثالثة على لسان اليهود: "ليس علينا في الأميين سبيل" يقصدون ما سوى اليهود، والعرب من هذا "السوى".

فالعربية تجمع كل المسلمين، وإن لم تكن العروبة جامعة للمسلمين. وعلى كل مسلم أن يتعلم العربية، وأن يكون جسر التواصل بين المسلمين لغة القرآن اللغة العربية. ولنا مع العرب والعروبة والعربية وقفات وحكايات.

فإلى الملتقى في حلقة تالية.

======================

من يبحث عن مصلحة العراق؟!

الافتتاحية

الاثنين 30-8-2010م

بقلم رئيس التحرير : أسعد عبود

الثورة

غداً الثلاثاء تنهي الولايات المتحدة الأميركية عملياتها العسكرية في العراق،

حسب ما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في تصريحه الأسبوعي يوم السبت الفائت «الثلاثاء وبعد أكثر من سبعة أعوام، ستنهي الولايات المتحدة مهمتها القتالية في العراق وتقوم بخطوة مهمة إلى الأمام وهي وقف الحرب بمسؤولية».‏

أين العراق في ذلك كله..؟!‏

الرئيس الأميركي ذكر سبع سنين من الحرب، و4400 قتيل أميركي.. ولم يذكر شيئاً عما حلّ في العراق خلال السنين السبع العجاف.. ولا عن نحو مليون شهيد عراقي دفعوا حياتهم ثمناً لهذه الحرب، ونحو 4 ملايين مشرد عن وطنه.‏

هو ينهي الحرب من جانبه.. يعني بالنسبة للولايات المتحدة.. وما عدا ذلك تركه للبلد «السيد والمستقل».‏

ضربة انتخابات محسوبة.. الرئيس وعد وأوفى بوعده.. وعد بإنهاء الحرب في العراق، وغداً يكون الأمر.. ولا ينتظر المواطن الأميركي منه أكثر من ذلك.. يعني اعتبار إخراج أميركا من الحرب هو إنهاء الحرب.. وترك العراق لمصيره.‏

لا يمكن لعربي أن يرفض إنهاء العمليات العسكرية الأميركية في العراق؟.. لكن هل يمكن لعربي أن يسكت عما يتهدد العراق..؟! وبالتأكيد الحل في العراق بين العراقيين وليس في قوات الاحتلال الراحلة إلى جهنم وبئس المصير.‏

لا أستطيع أن أتوقع مسبقاً نصيب قرار الرئيس أوباما من النجاح، حتى على الجانب الأميركي.‏

أما من الجانب العراقي.. فأنا أفترض أن ينتفض العراق ليستفيد من الفرصة التي يستطيع أن يحولها إلى تاريخية.. ويستطيع ليس فقط أن يتحمل فراغاً مزعوماً تتركه القوات الأميركية برحيلها.. بل أن يتحمل رحيل كل الأميركيين عن العراق.. لا 50 ألفاً.. ولا سفارة تجدد بلا حدود عهود الاستعمار الغابرة.‏

أميركا تنهي حربها على العراق.. «عسكرياً».‏

إذاً فلينه العراق حرب أميركا عليه بكل أشكالها.. بما فيها احتمالات الفتنة والاقتتال الداخلي والتعدي الاقتصادي والنهب والسرقة ووكالات النصب والاحتيال وعصابات التجسس والمخابرات.. نستطيع أن نعدّ كثيراً.. وهم أعداء خطرون لكن.. لا خطر عندما يريد العراقيون.‏

هذه ليست المرة الأولى التي تنهي أميركا الحرب من جانبها.. ما لا ينسى أبداً.. أن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش قد أنهاها أيضاً بإعلان النصر التاريخي؟!‏

في الأول من أيار 2003 ألقى الرئيس بوش خطاباً من على ظهر حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» في سواحل كاليفورنيا.. أعلن فيه نهاية الحرب.. وهنأ قواته بالنصر.. متباهياً بمقدراتها وتقنياتها الحربية.‏

كان قد دمر البلد الصغير.‏

وكان أيضاً يريد ضربة انتخابية.‏

وكان يرى ويقرأ كل شيء على الجانب الأميركي.. ولا عراق في الحسابات.‏

سنظلم كثيراً الرئيس أوباما بمقارنته بالرئيس بوش.. موقفاً معلناً ونيات..‏

لكن هي العين الأميركية الامبريالية لا ترى إلا مصالحها..‏

ماذا حلّ في العراق..؟!‏

ماذا بقي منه..؟!‏

ماذا ينتظره..؟!‏

لا يهم أحد منهما.. إلا بقدر ما يمكن أن يمس ذلك مصالحهما الامبريالية المتمثلة في إبقاء العراق بالشكل الذي يصلح لاستمرار نهب خيراته ومقدراته.‏

أيكون ذلك كله والعراق نائم.. والعرب نائمون؟.‏

في العراق اليوم من لا يرى، إلا بالعين ذاتها.. صاحبة النظرة الواحدة الواهمة الباحثة عن المصلحة من طرف واحد.. كذا بين العرب.‏

فمن الذي سيبحث عن مصلحة العراق؟!.‏

a-abboud@scs-net.org

======================

أميركا والرسالة الحقيقية

بقلم :جيسي جاكسون

البيان

30-8-2010

أُقصيت «شيرلي شيرود» من منصبها كمسؤولة في وزارة الزراعة الأميركية، ثم أعيدت مرة أخرى، بعد أن أدركت الإدارة الأميركية أن هجوم اليمينيين عليها لم يقم على أي أساس. ولكن حتى عرض الوظيفة يعكس نظرة خاطئة للمسألة. فشيرود مقاتلة من أجل الحرية. وهي لم تسع للوظيفة، وشغلها الشاغل هو العدالة.

 

ويشير مقطع فيديو من إحدى المدونات المحافظة إلى أن «شيرود» الموظفة الأميركية بوزارة الزراعة وهي من أصل إفريقي، رفضت تقديم مساعدة لأحد المزارعين البيض. وعندما شوهدت كلمتها بالكامل، تبيّن العكس.

 

وتسببت إساءة معاملتها في جولة أخرى من التعليقات حول الأميركيين من أصل إفريقي والبيت الأبيض. ولكن «شيرود» كانت تريد أن ينصب النقاش على ما يحدث للفقراء والعمال، وعلى وجه الخصوص العمال الملونين.

 

الولايات المتحدة تعاني من ركود كبير، ولكن الأميركيين من أصل إفريقي ولاتيني يعيشون، من حيث توافر فرص عمل، أزمة أشد وطأة من الركود العظيم في عام 1929.

 

ويبلغ معدل البطالة أكثر من 5 .9% بشكل عام، ولكن تتوزع بنحو 16% للأميركيين الأفارقة، و13% للأميركيين من أصول لاتينية. وتزداد الفوارق في ولاية إلينوي. ففي خريف العام 2009، بلغ معدل البطالة بين البيض في الولاية 9 .8%، وقارب على 6 .18% بالنسبة للأميركيين الأفارقة.

 

وتسجل البطالة طويلة الأمد معدلات قياسية جديدة، نظراً لعدم عودة فرص العمل إلى مستوياتها السابقة.

 

ومن خلال قراءة التفاصيل وما بين السطور، نجد أن معالم الكارثة بدأت تتجلى بشكل أكثر وضوحاً.

 

وترتب على هذه الحقائق آثار مدمرة بالنسبة لأصحاب المنازل من السود، والذين لا يمتلكون إلا قدراً ضئيلاً من الثروة أو المدخرات يمكن الاعتماد عليه. وأدى فقدان الوظائف أو خفض ساعات العمل إلى تفاقم أزمة ديون بطاقات الائتمان، والتأخر في سداد الرهون العقارية ودفع الفواتير، واقتطاعات من مدخرات التقاعد.

 

وهناك ما يقرب من واحد لكل خمسة أشخاص سود ولاتينيين ، يقول إنه لا يملك الدخل الكافي للوفاء بنفقاته الأساسية. فمعدلات الجوع تتزايد، في الوقت الذي لا يمكن سداد فواتير الرعاية الطبية.

 

وآثار ذلك قاسية بصفة خاصة على العائلات من الطبقة المتوسطة في مجتمعات السود واللاتينيين، التي كانت تعمل باجتهاد وتشق طريقها.

 

ونشر معهد الأبحاث الاجتماعية التابع لجامعة ميتشغان تقريراً مبدئياً، يوضح أنه بينما تراجعت نسبة ثروة أصحاب المنازل في الطبقة المتوسطة من البيض بمعدل 9% خلال فترة الركود العظيم، فإن المعدل لأصحاب المنازل من اللاتينيين تراجعت ب 52، وحوالي 30% بين السود.

 

ويشير المحللون في مركز «بيو» إلى أن السود واللاتينيين في الولايات المتحدة كانوا يعانون عدم مساواة في فقدان الوظائف، وهم الأكثر عرضة لأزمات الرهن العقاري وحبس الرهن.

 

ولكن مجدداً ليس هؤلاء فقط الذين يفقدون منازلهم يستشعرون التأثيرات. فهناك 48% من جميع أصحاب المنازل يقولون إن منازلهم فقدت قيمتها. وهناك حالة لكل خمس حالات رهون وصلت إلى حد الغرق.

 

ولا عجب في أنّ الركود العظيم له تبعات متباينة على السود واللاتينيين. وتعاني طبقة محدودي الدخل من العمّال بشكل أكبر من أصحاب الثروة، نظراً لضعف الاحتياطيات التي يعتمدون عليها.

 

ولكن ذلك يعني أن برامج الإغاثة لابد من أن تعالج الآثار الأكثر تفاقماً. وربما لا تصل مساعدات الرهون الكثيرين في مناطق الغرب الأوسط، حيث لم تكن توجد طفرة عقارية.

 

ولكن في منطقة «نيفادا»، حيث يوجد واحد من كل اثنين من المنازل الخاضعة للرهن وصل إلى حد الغرق بمعنى فقدان القيمة الكلية، فإن برنامجاً للتعافي يعد ضرورياً. وبالمثل، فإنه مع وجود معدلات بطالة هائلة بين الشباب، فإننا نحتاج إلى برامج مباشرة لتوفير فرص العمل من أجل تشغيل الناس.

 

وفي الوقت الذي بدأت تنكشف الرهبة حول قضية «شيرود»، فإن هذه الإدارة تتراجع عن موقفها كي تضمن أن أحداً لا يعتبر أنها تفضل الأميركيين الأفارقة.

 

ولكن علينا أن نتذكّر أن المعالجة الصحيحة للمشكلات، لا تعني أن نقوم بتطهير ساحل المحيط الهادي، بينما التسرب النفطي يحدث في خليج المكسيك.

مرشح سابق للرئاسة الأميركية

======================

المفاوض الفلسطيني بين فكي "الشراسة والتخدير"

آخر تحديث:الاثنين ,30/08/2010

كلوفيس مقصود

الخليج

لعل ما تتعمده “إسرائيل” وخاصة رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو هو أن لا يكون هناك أي تباينٍ ناهيك عن أي خلاف ينتج من القمة الثلاثية المزمع عقدها في 2 سبتمبر/ أيلول المقبل، بحيث يمكن أن تتحول دعوة نتنياهو إلى لقاء شهري مع الرئيس محمود عباس لإخراج القمة الثلاثية إلى اجتماعات ثنائية، وإرضاء للرئيس أوباما قد يعلن نتنياهو أنه مستعد لتجميد الاستيطان في ما يمسى بالمستوطنات العشوائية واستمرار حق الاستيطان أو البناء في المستوطنات الكبيرة التي يعتبر أنها صارت حقاً ل “إسرائيل” بمعنى الملكية . هذه المعادلة التي يعمل نتنياهو على تسويقها بأن الرئيس عباس إذا اعترض فهو من يعطل المسيرة التفاوضية التي دعا إليها الرئيس أوباما .

 

لذا فإن عودة البناء في المستوطنات الكبيرة تعني التنصل من التجميد الذي فيها، وبالتالي يخرج نتنياهو حكومته من أنها هي التي عطلت انطلاق المسيرة . من هذا المنظور يمكن ل “إسرائيل” أن تدعي أنها “تنازلت” وبالتالي تكون قد مهدت بإرضاء الرئيس أوباما من جهة على الأقل لمرحلة لاحقة في حين أن مصيدة أوسلو تصبح أكثر تضييقاً على واقع التفاوض للفريق الفلسطيني .

 

يتزامن هذا التكتيك “الإسرائيلي” مع حاجة ملحة للرئيس أوباما بأن يحقق إنجازاً ما يسهل له ولحزبه المرحلة الانتقالية لما بعد الانتخابات النصفية بحيث يستطيع إما إبقاء أكثرية في الكونجرس بمجلسيه أو على الأقل أن يخفف الأضرار، ويبدو أن هناك حاجة ملحة للإدارة الأمريكية بأن يكون هناك نجاحٌ ما خاصة وأن ما هو حاصل في العراق من عجز أو صعوبة فائقة في استقرار الحكم فيه بعد انسحاب حوالي مئة ألف جندي أمريكي من العراق تنفيذاً لوعد قام به بأن الحرب في العراق كانت غير شرعية كما أن ما هو حاصل في أفغانستان من صعوبات وتعقيدات يعمم انطباعاً بأن الاستمرار في مثل هذه النزاعات يجعل الرأي العام الأمريكي الذي يعاني من أزمات اقتصادية ومالية مصرّ على اختصار ما يعتبر أنها لم تعد أولويات مطلقة بالرغم من استمرار التحدي ووجود الجنرال بترايوس على رأس الحملة في أفغانستان والذي يتمتع برصيد مقبول من جانب الرأي العام الأمريكي . إذاً نستطيع الاستنتاج بأن هذه القمة التي نظمت بتسرع مفاجئ بحيث إن هناك تماسكاً في الحكومة “الإسرائيلية” في حين أن الرئيس أبومازن وإن كان له الحق القانوني في الدخول بالمحادثات المسماة خطأ مفاوضات - إلا أنه ضعيف جداً في شرعية التفويض الفاقد للمناعة التي تتطلبها الشرعية الفلسطينية كما تدل المعارضات المتكاثرة على التفاوض في هكذا ظروف، كما أن التمثيل للفريق المفاوض الفلسطيني ناقص من حيث الشمولية المطلوبة والتي على الأقل من شأنها تقليص درجة انعدام التوازن بين الفريقين “المتفاوضين” .

 

علينا أن ندرك أن المقالين اللذين كتبهما جورج ويل في واشنطن بوست كانا على أثر زيارته ل “إسرائيل” مؤخرا ومقابلته لنتنياهو وبالتالي قد لا يكون هذا ترديداً لكلام نتنياهو، ولكن الخطاب السائد لرئيس الحكومة “الإسرائيلية” ولحزبة مع حلفائه من اليمينيين المتطرفين يتميز بأنه قد يكون متطابقاً مع هذا التحليل . الأهم بنظري أن هذين المقالين يجب أن يتم الاطلاع عليهما وعلى مضمونهما لأن ما يعبر عنه ويل هو إلى حد كبير نقاط الارتكاز “للخطة التفاوضية” التي ينوي نتنياهو القيام بها في قمة واشنطن يوم 2 سبتمبر/ أيلول المقبل . وهذا يدل بنظري على الحملة المسعورة لتبرير مسبق لما يدعيه “حقوق ل “إسرائيل”” والتي يقودها الإعلاميون والدبلوماسيون الأمريكيون والتي تأتي بعد إيحاءات من “الإسرائيليين” وفي طليعتهم نتنياهو الذي يقود الفريق “الإسرائيلي” في القمة المقبلة .

 

إلا أن ال “نيويورك تايمز” بتاريخ 27 أغسطس/ آب نشرت مقالاً لمارتن إنديك السفير الأمريكي السابق في “إسرائيل” والمسؤول عن مركز صبان في واشنطن الذي أراد التطمين بأن هناك عناصر تساعد على إنجاح أو عدم إفشال هذه القمة، كون الأسباب الآتية تنطوي على احتمال نجاح القمة بمعنى أولاً أن العنف تقلص كثيراً في الآونة الأخيرة وأن السلطة الفلسطينية صارت مسؤولة عن منع الهجمات العنيفة على “الإسرائيليين” من أجل أن تثبت صدقيتها كشريك مفاوض، كما ألمح إلى أن حماس تمنع الهجمات ضد “إسرائيل” خوفاً من التدخل “الإسرائيلي” الذي قد ينزعها من السلطة، إضافة إلى ذلك أن العمليات الاستيطانية قد تضاءلت بشكل مميز نتيجة التجميد لمدة عشرة أشهر، وأنه ليس هناك مشاريع بناء مساكن في القدس الشرقية من بعد الضجة التي قام بها جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي أثناء زيارته ل “إسرائيل” في مارس/ آذار الماضي، وأن هدم المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية أقل مما كان عليه مقارنة بالسنوات الأخيرة (!) .

 

هذه الازدواجية بين شراسة شروط نتنياهو وتعمد التخدير بين مَنْ هُم أقل شراسة بين الصهاينة من شأنه أن يجعل المفاوض الفلسطيني بين فكي كماشة ثنائية الشراسة والتخدير . صحيحٌ أن الرئيس محمود عباس لم يستطع منطقياً إلا أن يلبي دعوة الرئيس أوباما، ولكن إزاء ما هو حاصل من أجواء وشروط مسبقة ووقائع على الأرض وفقدان للتوازن في القوى وعدم وجود سياسة موضوعية وحيادية مطلقة من قبل البيت الأبيض أعتقد أنه قد حان للرئيس عباس أن يؤكد ثوابت يجب أن تكون بديهية وهي أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” يجب أن تعترفا بأن الأراضي المحتلة منذ 1967 هي محتلة وخاضعة لاتفاقية جنيف الرابعة وبالتالي فإن تجميد الاستيطان استؤنف أو لم يستأنف، يجب أن يقابله طلب من المفاوض الفلسطيني بتفكيك المستوطنات، وبأن الاكتفاء بتفكيك المستوطنات المسماة بالعشوائية لا يكفي مطلقاً لاستمرار أي عمليات تفاوض وبالتالي لم يعد هناك مفر من التمسك بالثوابت أي الوحدة الوطنية الفلسطينية ومرجعية واحدة لمنظمة التحرير تشمل كل الفصائل الرئيسية في المنظمة بما فيها حماس، وأن لا تحصر السلطة الوطنية الراهنة علاقاتها الاستشارية بالحكومات المطبعة مع “إسرائيل” وأن تسترجع منظمة التحرير استراتيجية ثقافة التحرير، هذا ليس من قبيل التمني بل من مقتضيات الواقعية في إطار الالتزام بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس . ومعنى السيادة الكاملة أي سيادة على الأجواء والمياه الإقليمية وعلى الأرض .

 

ولعل دعوة الرئيس أوباما لزعماء الدولتين المطبعتين هو، بوعي أو من دون وعي، استباق لإبقاء “إسرائيل” من دون عقاب لعدوانها ولتمردها الدائم على الشرعية الدولية . هذا قليل من كثير إلا أن المطلوب من أبو مازن أن يكون رده العودة إلى شعبه وضمير الأمة بعد أن يلبي الدعوة التي جاءت كما وصفها “تحت شروط غير مقبولة” .

======================

الإرهاب: أنا مسلم... أنا ضحيته!

د. بثينة شعبان

الرأي العام

30-8-2010

الذين يسعون إلى جعل كلمة «إرهاب» مرادفاً لكلمة «إسلام» يحاولون الآن غسل أدمغتنا بعبارة « أنا مسلم، أنا ضد الإرهاب» التي بدأت العديد من الشاشات الناطقة بالعربية تروج لها خلال شهر رمضان المبارك، حيث يزداد معدل الإقبال على التلفزيون في الوطن العربي. هذه العبارة ليست من صنع المسلمين ولا هي من صنع اعداء الإرهاب الحقيقيين، وليس الهدف من تمويل إعلانها بهذه الكثافة خلال الشهر الفضيل تبرئة الإسلام من تهمة ألحقها به الصهاينة وحلفاؤهم من المحافظين الجدد في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهذا واضح من الإيحاء الأساسي لهذه العبارة الذي يؤكد على «مع أنني مسلم، فأنا ضد الإرهاب» وبهذا يوجه أعداؤنا لمليار شخص من المسلمين تهمة الإرهاب، وتتم تبرئة المسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس وغيرهم من الإرهاب. كم جريمة إرهابية يرتكبها الصهاينة ضد العرب المسلمين والمسيحيين داخل وخارج فلسطين يومياً من قتل واغتيال وهدم منازل وتجريف أراض وحصار وحرق مساجد والقائمة طويلة، ولكن هل رأينا يوماً عبارة تقول «أنا يهودي، أنا ضد الإرهاب»!

وكم ارتكبت القوات الأميركية والغربية المتحالفة معها الغازية للعراق وأفغانستان من جرائم حرب وإرهاب بما في ذلك مجازر جماعية وتفجيرات وتعذيب واغتيال راح ضحيتها أكثر من مليون عراقي ناهيك عن مئات الألوف من الأفغان والباكستانيين، والضحايا دوماً مسلمون من المدنيين والأطفال والنساء فهل رأينا يوماً عبارة «أنا مسيحي، أنا ضد الإرهاب»؟ ذلك لأن الهجمة العنصرية المركزة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وحتى اليوم موجهة ضد الإسلام والمسلمين. وإذا كان القياس بنتائج الحدث قياساً صحيحاً، وهو صحيح في الغالب، فإنه يصح القول ان احداث الحادي عشر من سبتمبر هدفت بالأساس إلى إيجاد المبرر لإعلان الحرب على المسلمين والتغطية على كل الجرائم الصهيونية التي ترتكبها قوات الكيان الإسرائيلي في فلسطين من تهويد وتهجير وقتل وسجن وتعذيب وتشريد. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ألا يستطيع مليار وثلاثمئة مليون مسلم التصدي لهذه الحملة العنصرية من خلال مؤسسات بحثية منفتحة ومطلعة وقادرة على مخاطبة الغرب بلغته وأسلوبه وإفهامه المعاني السامية للإسلام، والتي إذا ما انتشرت وتم تبنيها وتنفيذها بروحها السليمة تشكّل إنقاذاً حقيقياً للبشرية من كل المآسي والمعاصي التي تعبث بأمنها الروحي وسلامها النفسي وتناغمها الاجتماعي والإنساني؟ أهو الخوف من الإسلام الذي يدفع أعداءه لاختراع قصة، أو عبارة، أو فيلم، أو رسومات تحاول إلحاق التشويه بصورة الإسلام السمح؟ أين هم البشر اليوم من روح الإسلام السمحة والتي تقضي بأنك «إذا انتصرت على عدوك فاجعل عفوك عنه تعبيراً عن شكرك على مقدرتك عليه»، وأين هو العالم اليوم من سيرة خاتم الأنبياء (ص) الذي اعتبر تعليم عشرة أشخاص كافية لتحرير الأسير. ولنقارن ذلك بمعاملة الأميركيين والإسرائيليين للأسرى، وأمثلة «غوانتانامو» و«أبو غريب» والسجون الإسرائيلية الرهيبة دليل على الفارق الأخلاقي الهائل بين الروح الإنسانية السامية للإسلام وبين همجية أعدائه.

وأين نحن اليوم من هذه القيم الأخلاقية السامية للإسلام عندما نقرأ قصصاً تقشعر لها الأبدان عن التعذيب الهمجي والمعاملة الوحشية التي يلقاها الأسرى والأطفال والنساء في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان في سجون «المتحضرين» الغربيين السرية منها والعلنية. ثم إذا عدنا إلى أصل تسمية الإرهاب، ألم يكن المناضل نيلسون مانديلا يعتبر يوماً ما «إرهابياً» من قبل جلادي نظام الفصل العنصري، أو لم تعتبر جميع قوى المقاومة في الماضي والحاضر إرهابية من قبل قوات الاحتلال الفاشية والنازية والاستعمارية إلى أن انتصرت وحققت الاستقلال والحرية لشعوبها؟

أضف إلى ذلك أن التقارير التي نقرؤها اليوم على موقع «ويكيليكز» عن أفغانستان والعراق تظهر أن الولايات المتحدة هي التي تصدر الإرهاب إلى العالم («واشنطن بوست» 25 أغسطس2010). ثلاث أوراق مصنفة سرية من قبل مركز أبحاث الخلية الحمراء في ال«سي آي إيه» تسمي الباكستاني دافيد هيدلي وآخرين لتبرهن أن حكومة الولايات المتحدة أصبحت مصدرة للإرهاب. هيدلي اعترف بمسؤوليته عن هجمات بومباي التي أودت بحياة 160 شخصاً. وقد تم تسهيل تحركاته بين الولايات المتحدة وباكستان والهند، حسب قول الوكالة.

يضيف البحث أن «مثل هذا الأمر ليس جديداً ففي عام 1994 هاجر طبيب أميركي يهودي اسمه باروخ غولد شتاين من نيويورك إلى إسرائيل وانضم إلى المجموعة المتطرفة «كاش» وقتل تسعة وعشرين فلسطينياً يؤدون الصلاة في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل» تقول الورقة.

ومن المفيد التذكير أنه في الشهر الماضي نشرت مجموعة ويكيليكز 76 ألف وثيقة سرية من السجلات العسكرية الاميركية والتقارير الميدانية حول الحرب في أفغانستان. وقد أثار نشر هذه الوثائق الانتقادات لأن المعلومات تضع القوات الأميركية وعملائهم الأفغان في دائرة الاتهام بممارسة الأرهاب، وتعالت الطلبات من البنتاغون بأن يتم سحب هذه الوثائق. ويتزامن هذا مع فضيحة محمد زياد صالحي والذي نشرت عنها النيويورك تايمز (25 أغسطس 2010) مقالاً بعنوان «مساعد كارازاي أساسي في التحقيق بقضية الفساد وعميل للسي آي أي»، وتؤكد المعلومات أنه تم اطلاق سراح صالحي بناء على تدخل كارازاي، وذلك لأنه يعرف كل شيء عن صفقات الفساد داخل إدارة كارازاي.

وتعليقاً على هذه الفضيحة، يقول مسؤول أميركي: إن أسلوب دفع الأموال لمسؤولين حكوميين، أسلوب معقول حتى لو تحولوا في النتيجة إلى فاسدين». ويضيف هذا المسؤول «إذا قررنا كبلد أننا نتعامل في أفغانستان مع أي أحد يمكن أن يضع يده في الحصالة، علينا أن نعود إلى بلدنا الأن. إذا أرادت مخابرات في منطقة حرب معلومات لن تحصل عليها من الأم تيريزا أو من ماري بوبينر «النيويورك تايمز» (25 أغسطس2010) المقال نفسه. إن هذا اعتراف أكيد بالفصل المطلق بين الأخلاق وبين ما تقوم به القوات الأميركية في أفغانستان من جرائم والتي كرست الإرهاب والفساد وتدمير حياة الملايين من البشر، فكيف يحق لمثل هؤلاء أن يلوثوا اسم الإسلام بالارهاب الذي يمارسونه ويمولون الإرهابيين ويدربونهم على ممارسته، وكلنا نعرف دور المخابرات الأميركية على تدريب مجموعات الإرهاب التي يربطونها بالإسلام، لأن أعضاءها من المغرر بهم، كما حدث خلال الحرب الباردة، لا بل إنهم يستخدمون عصابات المرتزقة التي يطلقون عليها اليوم «الشركات الأمنية» (انظر مقال جاسون توماس بعنوان: أن تجعل أفغانستان أكثر خطورة) في ال «هيراليد تريبون» ( 25 أغسطس 2010) التي يُصرّ الكاتب أنها تقوم « بحماية الأجانب والمنظمات الأهلية والمؤن والمعونات»، أيضاً «حماية» أموال الفساد التي ترسل نقداً بعربات محمية.

ونلاحظ كل ما يكتب عن أفغانستان أن النفاق والفساد والمرتزقة ودفع الأموال، أصبحت أموراً معروفة للجميع، وأن الشعب الأفغاني وأمنه وحياته خارج دائرة الاهتمام كلياً. والأمر لم يكن مختلفاً جداً في العراق والذي يدعي غزاته أنهم «أكملوا المهمة بنجاح» بعد أن قتلوا بدم بارد أكثر من مليون مدني عراقي قصفاً وتفجيراً وتعذيباً واغتيالاً وبالمجازر الجماعية إنهم ينسحبون من العراق مخلفين وراءهم مئات القواعد العسكرية ومئات الألوف من السفاحين والقتلة والمرتزقة الذين يعملون تحت اسم «الشركات الأمنية» دعم ركائز الاحتلال الخفي بينما تركوا عراقاً مثخناً بالجراح، حيث توجد مليون أرملة وثلاثة ملايين يتيم. فبأي حق يتحدث هؤلاء عن الإسلام كمصدر للإرهاب، وكيف لهم أن يوجهوا التهم للمسلمين بالأرهاب وهم مصدرون أساسيون للإرهاب، وبأي طريقة تتجاوب الشاشات الناطقة بالعربية مع عبارات تهدف إلى وضع مئات الملايين من المسلمين في قفص الاتهام في هذا الشهر الفضيل الذي ينعم المسلمون جميعاً بفضائل ومكارم الإسلام السمح، هل يحق لمن يستخدم التعذيب والتفجير والاغتيال والفساد والحرب أسلوباً معلنا لاحتلال البلدان المسلمة الواحد بعد الاخر، وقتل الملايين من المسلمين الأبرياء، هل يحق لهؤلاء أن يتهموا المدافعين عن الحرية والكرامة والسيادة بالإرهاب؟ أو أن يملوا علينا، نحن المسلمين، معاني وأفكاراً وقيما أخلاقية هي جوهر ديننا بينما يصدرون سراً وعلناً قيم الإرهاب فيلتقطها بعض ضعاف النفوس والذين لديهم شعور بالنقص تجاه الغرب ويؤمنون بموضوعية وحيادية أبحاثه والتي هي موجهة مئة بالمئة لخدمة أهدافه الاستعمارية. أما العبارة التي يجب أن تروج لها الشاشات العربية فهي: أنا مسلم، أنا ضحية الإرهاب! أما أعداؤنا فإن عار الأرهاب، والحرب، والتهويد، والاستيطان، وهدم المنازل، والتعذيب، والاغتيال وغيرها من جرائم، سيلاحقهم مدى التاريخ، فهم صناع الإرهاب مهما كان دينهم، وأن ضحايا إرهابهم حتى أولئك المغرر بهم الذين يفجرون شوارعنا، ويقتلون أهليهم، فنحن نعرف من يدربهم ويمولهم ويوجه جرائمهم ضدنا، فنحن، المسلمين، دوماً ضحية إرهابهم، ونحن دوماً مناضلون من أجل الحرية والكرامة، ومجاهدون من أجل الخلاص من إرهابهم وقمعهم واحتلالهم واستيطانهم!

د. بثينة شعبان

المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية العربية السورية

====================

فشل واحتقان ونكبة

الإثنين, 30 أغسطس 2010

جميل الذيابي

الحياة

كنت أنوي الكتابة عن موضوع الاشتباكات التي حدثت في بيروت بين حزب الله وجمعية «الأحباش»، كونها تُظهر حجم الاحتقان «المدفون» بين الطوائف اللبنانية. يُظهر الصدام الأخير -الذي أسفر عن مقتل أربعة عناصر من كلا الطرفين- بجلاء حجم التوتر الداخلي و»هشاشة» السلم الأهلي الذي يحاصر أحياء بيروت، ما يوحي بانفجار صراع وصدام كبيرين لن يطيق بلد مثل لبنان احتمالهما. لكن في يوم الخميس الماضي، توقفت كثيراً عند صورتين مؤسفتين نشرتهما صحيفة «الجزيرة» السعودية، على صدر صفحتها الأولى.

الأولى كانت لطفلة باكستانية تقبل أختها الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها بضعة أيام. وكأن تلك الطفلة تتحدث للعالم وتطلب العون والمساعدة لبلاد منكوبة وفي الوقت نفسه تريد بقبلتها البريئة لشقيقتها تضميد جراح تلك المولودة في أيام «منكوبة»، ولسان حالها يقول ننتظر مستقبلاً «أبيض» يختلف عن حاضر «أسود» تموج فيه البلاد بين إرهاب ونكبات وفيضانات.

كتبت الصحيفة تحت الصورة تعليقاً حزيناً معبراً نصه «لا أملك من بهجة الدنيا غير هذه القبلة يا أختي». أما الصورة الثانية فكانت لجثة طفلة عراقية، إحدى ضحايا العملية الانتحارية في مدينة الكوت (جنوب شرقي بغداد)، التي قتل فيها أكثر من 50 شخصاً وأصيب نحو 200 آخرين، في سلسلة هجمات استهدفت مراكز وحواجز للشرطة العراقية قبل ستة أيام من الإعلان الرسمي عن انتهاء العمليات القتالية للقوات الأميركية في العراق. في اللوحة الزاهية، تزدحم الجهود الطيبة، إذ تبذل دول كثيرة، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة لمساعدات المنكوبين الباكستانيبن، فيما تظهر في مقابلها لوحة «خبيثة» بإعلان حركة «طالبان» استهداف أفراد المؤسسات الإغاثية الأجنبية التي تقدم مساعدات للمنكوبين. أي أن «طالبان» ( لن تكفي الناس شرها حتى في أحلك الأزمات الإنسانية).

هناك جهود ملموسة وحملات شعبية ومستشفيات ميدانية تقدمها السعودية لمساعدة باكستان بناءً على توجيهات صريحة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمواساة الباكستانين في محنة «مدمرة» في محاولة لتضميد جراح المتضررين ومساعدتهم لتجاوز نكبة أضرارها واسعة. للأسف، لا تزال حكومة زرداري تسجل فشلاً بعد فشل على مستوى سياساتها الداخلية والخارجية، ولاتزال حركتها بطيئة ورديئة أمام نكبة إنسانية كبيرة. كانت ستكون «النكبة» إن لم تكن «وصمة عار» على وجه حكومة زرداري في ظل تخاذلها لولا تدخل دول ومؤسسات إغاثية عالمية لتطويق الكارثة التي تعيشها البلاد.

وعلى رغم الجهود المبذولة والمعونات والمساعدات المرسلة فإن باكستان لا تزال تستصرخ العالم وشعبها يصرخ، والمشاهد الحية والصور المنقولة من هناك تظهر ضخامة حجم الكارثة، إذ أحصت الأمم المتحدة نزوح حوالى مليون شخص من إقليم السند (جنوب باكستان)، خلال الأيام الماضية، يضاف إليهم ستة ملايين آخرين نزحوا عن ديارهم بسبب الفيضانات التي تجتاح البلاد منذ نحو شهر. كما تحذّر مارتين موغوانغا، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن 72 ألف طفل باكستاني يواجهون الموت بسبب سوء التغذية والرعاية الطبية.

على الضفة الآخرى، يبدو الضوء حزيناً، إذ لا تزال بغداد تسبح في برك الدم وتئن من كثرة الجروح والشروخ بسبب تزايد العمليات الإرهابية وانتشار الفوضى، في بلاد غير آمنة ولا مستقرة وأهلها «محبطون» و»متشائمون» من أوضاع أمنية سيئة وتدخلات إيرانية «مسمومة».

أيضاً هنالك مقديشو «الفاشلة» التي تتخلف عن العالم بمئات السنين وحكوماتها المتعاقبة «تفشل» في تحقيق الأمن والاستقرار لشعب اعتاد على مشاهد القتل والمذابح، إذ تشهد البلاد معارك عنيفة وهجمات إرهابية واسعة يشنها متمردون وناقمون وقراصنة بر وبحر. في الصومال المعارك تتمدد والأسلحة تنتشر وجبهات القتال تتوسع، وساحات تبادل النار والقذائف «مفتوحة» على الفنادق والمنازل لحصد الأرواح وترويع الآمنين. حركة الشباب المجاهد «الإرهابية» لا تتردد في قتل الأطفال واضطهاد الناس وقتل مظاهر الحياة.

ما بين هذه وتلك، تظهر الصورة أكثر «سوداوية». ما بين الفشل في الصومال و الكارثة في باكستان، والإرهاب والتحزبات في العراق، والانقسام الفلسطيني والصراع الطائفي اللبناني، ووحشية «القاعدة» و»جنون» المتمردين، وعدم قدرة العقلاء على لجم الفاشلين، والرافضين للأمن والاستقرار، تتكرر المشاهد المأسوية، حتى وإن اختلف الزمان والمكان، بفضل الفشل الشعبي والحكومي.

أيحق لنا تخيل مشاهد تلك الدول وفشل حكوماتها وحال شعوبها ومسار الفوضى فيها، فيما لو رفع العالم اليد عنها نهائياً؟! هل ستستمر في طحن بعضها أم أنها ستتأكد أن العالم أدار ظهره لها وأن لا حياة آمنة من دون الوفاق والتكتل الوطني بدلاً من الانقسامات السياسية والاختلافات الطائفية والحزبية لتبدأ في تقوية أضلاع أجهزتها الأمنية وتحصين مؤسساتها الداخلية وتوحيد لغتها الوطنية لترسم لوحة جديدة تعبر عن أمل وتفاؤل بدلاً من «سوداوية» مقيمة!

======================

أميركا السنّية!

الإثنين, 30 أغسطس 2010

عبدالله ناصر العتيبي *

الحياة

اقترب اليوم الذي كان يختلف فيه العراقيون. اقترب موعد الانسحاب الأميركي من الأراضي العراقية وتسليم العملية الأمنية الى الجانب العراقي بقضّها وقضيضها وإشكالياتها وتعقيداتها وحساباتها وحساسياتها. جاء اليوم الذي سيكون فيه العراقيون أحراراً في إدارة بلدهم. جاء اليوم الذي سيضعهم أمام خيارين: إما أن يسلّموا بلدهم لجهات أجنبية جديدة لتكمل مسيرة الاحتلال الخارجي، وإما أن يديروه اعتماداً على تفاهم داخلي متناغم، يضع كل الأطراف العراقية في قلب الحقوق الفردية والجماعية.

تسليم البلد الى يد خارجية لا يحتاج إلى مجهود كبير، فكل ما يلزم هو فتح الباب لجهات مستعدة قبلاً للانقضاض على العراق بمجرد خروج المحتل الأميركي، فيما إدارة البلد اعتماداً على أهله تحتاج إلى جملة من الاستحقاقات الرئيسة يأتي على رأسها: الإيمان بالديموقراطية كمخرج للأزمة، والتخلص من مفهوم (توريث) الزعامة السياسية لرجال الدين، والعمل على إنماء التعايش الاجتماعي بين المجاميع الطائفية والعرقية في الشكل الذي يضمن ديمومة السلم الأهلي، والإيمان الكامل بقدرة العراق على الوقوف من جديد اعتماداً على قدراته الذاتية من دون الحاجة إلى يد أجنبية تمتد من وراء الحدود لمساعدته!

اقترب يوم الحسم، لكن كيف هي الأوضاع العراقية على الأرض؟ هل العراقيون مستعدون لتوديع أميركا إلى غير رجعة أم أن الوضع برمته يحتاج إلى إعادة تفكير ومراجعة مواقف؟

أبو مجاهد وهو أحد أهالي الفلّوجة السنّة (البسطاء) الذين شاركوا في المواجهات السنية الأميركية في 2004 وتعرض لجروح مقيمة وعاهات دائمة لا يعرف هل يشعر بالفرح لخروج الأميركيين من العراق أم يشعر بالحزن لتخليهم عن البلد في هذه المرحلة البالغة الحساسية. يقول أبو مجاهد في تقرير صحافي نشرته «الحياة» يوم الجمعة الماضي: «الانسحاب الآن ليس في مصلحة العراق لأنهم سيتركونه لإيران، وسنستبدل بالاحتلال الأميركي الاحتلال الإيراني الذي سيكون أطول عمراً وأكثر خطراً». وليس أبو مجاهد وحده الذي يبث هواجسه السنية، فهناك أيضاً زعامات سنية (غير بسيطة) تتخوف من خروج القوات الأميركية في هذا الوقت مثل فلاح النقيب عضو البرلمان عن كتلة العراقية الذي يقول: «إن الأميركيين فشلوا حتى الآن، وها هم يتركون العراق لدول أخرى»، والكل يعرف بالطبع من يقصد فلاح النقيب بعبارة «الدول الأخرى»! بسطاء السنّة و «معقّدوهم» يتخوفون من الفراغ العسكري المحتمل، لأنهم متأكدون من أن الكفة الشيعية سترجّح بقوة (اعتماداً على شكل المرحلة العراقية الحالية) حاملة معها عدداً غير نهائي من الاحتمالات التي تقف كلها في جهة مضادة للمصالح السنية. في مقابل ذلك، فإن الشريحة الكبرى من المكوّن الشيعي (سأعود الى الحديث عن المكون بعد أسطر) تنتظر بفارغ الصبر خروج القوات الأميركية من أرض السواد. فالغالبية العظمى من هذه الشريحة وأعني بها الأفراد البسطاء (إضافة إلى عدد محدود جداً من النخب السياسية الشيعية) تعتقد أن خلاص العراق لا يمكن أن يتم الحديث عنه والمحتل الأميركي يجثم على صدر الأمة العراقية، فيما النخب السياسية الشيعية الأخرى تتوزع في بهجتها بقرار أوباما الانسحابي على نغمتين متقابلتين: إما الارتماء في الحضن الإيراني السيا - ديني، وإما الانتصار على حزب البعث الذي يمثل في وجدان هذه النخب مكوناً سنياً إقصائياً!

يمكن القول إذاً إن جزءاً كبيراً من العراقيين السنّة يريدون أن تبقى (أميركا السنية) في العراق لأعوام قد يطول عددها لتعادل الثقل الشيعي المدعوم نظرياً، بحسب بعض الروايات السنية، بجهات شيعية خارجية. في المقابل، فإن الجزء الأكبر من العراقيين الشيعة ينتظرون بفارغ الصبر (أو بالصبر الذي سينفد قريباً جداً) جلاء الجنود الأميركيين وهم الذين هلّلوا ورحبوا قبل أكثر من سبع سنوات بمقدم (أميركا الشيعية) التي خلصتهم من الديكتاتورية السنية.

على الجانب الآخر، أو على ضفة البحر الأخرى، فإن أميركا التي ليست سنية ولا شيعية، وإنما العلمانية التي تولي أحياناً أوضاعها الداخلية اهتماماً كبيراً يفوق اهتماماتها بأوضاع العراق وأفغانستان والعالم الإسلامي مجتمعة؛ اختارت أن يكون انسحابها من العراق قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس ليدعم ذلك موقف الديموقراطيين عند غالبية الشعب الأميركي الذين لا يهمهم في مسألة العراق وأفغانستان وبقية أصقاع الدنيا سوى عودة الجندي الأميركي المسافر إلى حضن أمه.

لم يختر أوباما هذا التاريخ في شكل عشوائي أو غير مخطط له، وإنما جاء كل ذلك نتيجة لخطة انتخابية طويلة المدى، فخلال حملاته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة في 2008 كان يذكر في كل تجمع انتخابي أنه سيسحب القوات الأميركية من العراق بمجرد فوزه بالرئاسة. وعندما تغلب على جون ماكين المرشح الجمهوري للرئاسة، أعلن في 27 شباط (فبراير) 2009 أنه سيسحب القوات الأميركية من العراق بحلول الحادي والثلاثين من آب (أغسطس) 2010 ليضمن أيضاً فوزاً جديداً (اعتماداً على المشجبة العراقية) في انتخابات الكونغرس النصفية التي من المقرر عقدها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

ومن أجل هذا الانسحاب المرتبط بنيات انتخابية أميركية داخلية سنّ المسؤولون الأميركيون ألسنتهم (وهم الذين سنّوا أسلحتهم لسبع سنوات عجاف) ليثبتوا أن الأوضاع العراقية على ما يرام، وأن لا خوف من حدوث فراغ أمني تالٍ لخروجهم، وأن كل التقارير التي تفيد بتعقد الوضع العراقي في الأشهر المقبلة ما هي إلا تخيلات وتوهمات وتهويمات ليس لها وجود على أرض الواقع، وأن التفجيرات اليومية واستباحة الدماء العشوائية التي تضرب العراق هذه الأيام ما هي إلا محاولات يائسة! لوقف انتصار السلام على الحرب والفوضى والاضطراب الأمني.

ستخرج أميركا من العراق، لكنها قد تعود بعد أن تضع الانتخابات الأميركية أوزارها بحجج كثيرة يمكن أي دارس صغير للسياسة الأميركية خلال الستين سنة الماضية أن يكتبها واحداً تلو الآخر. قد تعود أميركا وقد لا تعود، لكن على العراقيين (شيعتهم وسنّتهم، كردهم وتركمانهم وعربهم) أن يعرفوا أن نوري المالكي ليس هو الخيار الأنسب وهو الذي ما زال يصنّف العراقيين بناء على طائفيتهم، اعتماداً على مرجعياته الدينية الخارجية، وما فلتة لسانه الأخيرة إلا مؤشر على طائفيته، عندما وصف القائمة العراقية (العلمانية) بأنها مكون سنّي! كما أن عليهم أن يعرفوا أن إياد علاوي ليس خياراً مناسباً كذلك وهو الذي قرر أخيراً - في تحدٍ صارخ للديموقراطية - أن الذين لم يفوزوا بالانتخابات يجب أن يكونوا جزءاً من العملية السياسية، ذلك ليضمن ولاء المؤمنين بزعامات التوريث السياسي! عليهم كذلك أن يفصلوا ما بين التوريث الديني والتوريث السياسي، فالتوريث الديني وإن كان غير ذي أصل في الديانة الإسلامية، إلا أنه يصبح شراً محضاً عندما يتورط بالعملية السياسية.

هل فاتني الحديث عن تركيا وإيران؟ قاتل الله العجلة وأميركا عندما تتشيّع وتتسنّن!

* كاتب سعودي.

======================

الحملة المتصاعدة على الإسلام.. من يتصدى لها؟

المستقبل - الاثنين 30 آب 2010

العدد 3756 - رأي و فكر - صفحة 19

محمد السماك

في عام 1986 أنشأ الأسقفان الانجيليان دونالد نورثوب وريتشارد رايت كنيسة جديدة منشقة عن كنيسة كانت قائمة منذ أوائل الثمانينات في بلدة والدو في فلوريدا بالولايات المتحدة. وكان لها كنيسة شقيقة في مدينة كولونيا في ألمانيا أسّسها أسقف آخر هو تيري جونز وهو أميركي انتقل من ميسوري إلى فلوريدا، ومنها هاجر إلى ألمانيا مبشّراً. بدأ جونز حياته الكنسية أسقفاً في كنيسة محلية في ميسوري حيث اتُهم باختلاس أموال الكنيسة، وكان من المنشقين عنه ابنته إيما. وأمام انكشاف الفضيحة، انتقل من ميسوري إلى فلوريدا مع زوجته سيلفيا ليعمل أسقفاً مساعداً ثم ليؤسس كنيسته الجديدة.

أطلق على كنيسته الإنجيلية الجديدة اسم "دوف". ومعناها اليمامة. وهي واحدة من آلاف الحركات الإنجيلية في الولايات المتحدة، إلا إنها أحدثها وأصغرها وأقلها شهرة وتأثيراً. غير ان هذه الحركة تحاول أن تدخل عالم الشهرة من بوابة العداء للإسلام.

فقد قررت استغلال ذكرى الحادث الإجرامي الذي ارتكبه تنظيم القاعدة في نيويورك في 11 أيلول 2001 لتطلق حملة التعريف عن نفسها في الولايات المتحدة وفي العالم. إذ دعت الكنيسة إلى تحويل الذكرى إلى "يوم إحراق القرآن".

في مطلع شهر آب 2010 الحالي، صدر لتيري جونز كتاب هو أول إنتاجه أطلق عليه اسم "الإسلام هو الشيطان" وكان قد استخدم هذه العبارة الشيطانية على شكل لوحة إعلانية كبيرة علّقها أمام مدخل الكنيسة. كما فرض على طلاب المدرسة الملحقة بالكنيسة استخدام قمصان مكتوب على صدرها: "المسيح هو المخلص"، ومكتوب على ظهرها: " الإسلام هو الشيطان".

وفي الشهر الماضي تموز أعلن باسم كنيسة "دوف" تنظيم يوم لحرق القرآن ليكون بمثابة إحياء لذكرى ضحايا مجزرة 11 أيلول.

ولتبرير ذلك نشر لائحة بعشرة أسباب (الوصايا العشر) يمكن تلخيصها بما يلي:

1- "أن الإسلام ينكر أن المسيح هو الله وينكر الصلب، وان هذا الإنكار يحرم المسلمين من الخلاص ومن الحياة الأبدية ويجعل مأواهم جهنم إلى الأبد".

2- "الإسلام ليس صادراً عن الله وليس مقدساً، ونصوصه إنسانية وليست إلهية ويزعم ان هذا ما أكده علماء مسلمون وغير مسلمين منذ بداية الإسلام".

3- "توجد تعاليم شيطانية في الإسلام مستمدة من التقاليد يعاني منها المسلمون والعالم".

4- "ان أقدم الكتب عن النبي محمد جرى تدوينها بعد مرور 120 عاماً على وفاته، وكل الكتب الإسلامية (القرآن والحديث والسيرة والتقاليد والتواريخ) مرتبكة ومتناقضة وغير موثوقة. ربما لم يكن هناك محمد في الأساس ومع ذلك فان المسلمين يتبعون التعاليم الهدامة للإسلام من دون تساؤل".

5- "لا يمكن احترام حياة محمد أو رسالته. فالمرحلة المكية من قيادته تبدو متأثرة بالبحث عن الحقيقة ولكن في المرحلة المدنية أفسدته القوة والطموحات الحياتية، وهي مواصفات يكرهها الله.. كما انها أدت إلى الاغتيالات السياسية وإلى المجازر المستمرة بشكل منتظم على أيدي أتباعه".

6- "ان القانون الإسلامي هو قانون شمولي بطبيعته. فهو لا يفرق بين الكنيسة والدولة. انه غير عقلاني ويفترض انه دائم لا يمكن تغييره ويجب قبوله دون نقاش".

7- "الإسلام لا يتماشى مع الديمقراطية ومع حقوق الإنسان ولا وجود في الإسلام للفرد الذي يحق له اتخاذ القرارات وتحمل المسؤوليات". و"المرأة هي مجرد ملكية للرجال، وبموجب التعاليم الإسلامية فان الإساءة للمرأة تلحق بالرجل عقابا صغيراً أو لا عقاب وفي أحيان كثيرة فان الإسلام يشجع على ارتكاب هذه الإساءات".

8- "لا يحق للمسلم أن يبدل دينه. ان عقاب الردة هو الموت".

9- "وفي عمق التعاليم الإسلامية والثقافة الإسلامية الخوف والغضب غير المبرر من الغرب".

10- "ان الإسلام هو سلاح الهيمنة العربية والاستعمار الإسلامي وحيث للإسلام قوة سياسية فان المسيحيين واليهود وسائر غير المسلمين يتعرضون للاضطهاد والتمييز ويجبرون على التحول عن دينهم. لقد ارتكبت مجازر وهدمت كنائس وكنس ومعابد وسواها من بيوت العبادة".

وعلى أساس هذه الأفكار "الشيطانية" العشر، دعا جونز المسيحيين إلى ما سماه "تهديم مملكة الظلام" واصفاً الإسلام بانه الشيطان والقرآن بأنه أكذوبة.

ومن خلال هذه الدعوة أدخل كنيسته المغمورة والتي تكاد لا تعرف خارج بلدة والدو الصغيرة، إلى العالمية، نظراً للضجة التي أثارها داخل الولايات المتحدة وخارجها.

كان لا بد من إلقاء الضوء على هذه "الأدبيات الشيطانية" لمعرفة المدى الذي بلغته ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، بمعنى كراهية الإسلام عن جهل به. فالنقاط العشر التي أوردها الأسقف جونز لتبرير دعوته إلى حرق القرآن الكريم تعكس أمرين أساسيين: الجهل بالإسلام عقيدةً وقيماً وتعاليم، والعداء له القائم على أساس هذا الجهل.

طبعاً ليست كنيسة "دوف" (اليمامة) المجهولة من الأكثرية الساحقة من مسيحيي العالم والولايات المتحدة ذاتها، هي وحدها التي تدعو إلى هذا الموقف العدائي من الإسلام. هناك حركة كنسية إنجيلية أميركية أكثر مغالاة في العداء للإسلام هي حركة الصهيونية المسيحانية التي تعتبر الإسلام عامل تعطيل للعودة الثانية للمسيح المنتظر بسبب معارضته تجميع اليهود في فلسطين وعدم تمكين الإسرائيليين من تهديم المسجد الأقصى لبناء الهيكل الذي يفترض بالمسيح أن يعود اليه. وهذه الحركة الواسعة الانتشار والقوية النفوذ في الولايات المتحدة لعبت دوراً مؤثراً في صناعة القرارات السياسية المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط على خلفية هذا الاعتقاد التوراتي. وقساوستها هم أول من تجرأ على الإسلام بالأوصاف الشيطانية.

إلا ان ذلك لا يعني ان كل الكنائس الإنجيلية الأميركية تشاركها هذا الاعتقاد العدواني. فالكنائس الإنجيلية الرئيسة تعارض هذا الاعتقاد من منطلقات دينية مسيحية في الدرجة الأولى، حتى ان الكنيسة المشيخية مثلاً، دعت مؤخراً إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى وقف تقديم المساعدات إلى إسرائيل إلى ان تتوقف عن بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة.

ثم ان الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الأميركيتين تذهبان في نظريتيهما إلى ما تقول به الكنيسة الصهيونية المسيحانية إلى حد وصفه بأنه خروج عن التعاليم الدينية ومحاولة لتقويل الإنجيل ما لم يقله.

وقد أطلقت هذه الكنائس الأميركية حركة للتنديد بدعوة كنيسة "دوف"، متهمة اياها بأنها حركة عنصرية لا علاقة للمسيحية بها من قريب أو بعيد.

وتتداعى في الوقت الحاضر كنائس انجيلية داخل الولايات المتحدة وخارجها مصر ولبنان لتحرك مضاد. حتى ان مجلس الكنائس العالمي في جنيف الذي يضم حوالي 349 كنسية انجيلية وارثوذكسية بدأ اتصالات مع الكنائس الأعضاء تمهيداً لإصدار بيان شجب ورفض واستنكار. ومن المعروف ان المجلس يعد لمؤتمر إسلامي مسيحي عالمي مشترك سوف يعقد في جنيف في مطلع شهر تشرين الثاني-نوفمبر المقبل. اما داخل الولايات المتحدة بالذات فان رد الفعل انعكس ايجاباً على المواقف المؤيدة لبناء مسجد في نيويورك بالقرب من الموقع الذي ارتكبت فيه جريمة 11-9-2001 وكان الرئيس اوباما وقبله محافظ نيويورك نفسه، قد أبديا تجاوباً مع بناء المسجد رغم معارضة بعض الجماعات المتصهينة المعادية للإسلام.

يبقى السؤال الأساس: ما هو دور منظمة المؤتمر الإسلامي وكيف ستتحرك لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية في كراهية الإسلام في العديد من المجتمعات الغربية؟ لقد سبق للأمين العام للمنظمة البروفسور إحسان أوغلو ان بادر إلى تنظيم لقاء علمي عُقد قبل سنوات في اسطنبول لوضع تصور للتصدي لهذه الظاهرة الهدامة. كما ان القمة الإسلامية التي عقدت في ماليزيا أوصت بوضع استراتيجية إسلامية موحدة لمواجهتها فكرياً وثقافياً وحوارياً ايضاً. الا ان النتائج العملية لا تزال دون مستوى تضخم الهجمة على الإسلام. ويقتضي هذا الأمر إعادة النظر في التصورات والبرامج التي نفذت أو التي يحتفظ بها في الأدراج.. وإطلاق حملة علمية منظمة بالتعاون مع الكنائس والمؤسسات الكنسية والعالمية في الولايات المتحدة وفي العالم.

ليس المطلوب رداً بإصدار فتوى مماثلة لتلك الفتوى التي قضت بإهدار دم الكاتب الهندي سلمان رشدي على كتابه آيات شيطانية. والتي جعلت منه نجماً عالمياً ومن كتابه مرجعاً وأساساً. وليس المطلوب رد فعل على النحو الذي جرى اثر نشر الصور الكاريكاتورية الدانمركية المسيئة للنبي محمد عليه السلام والتي فتحت صفحات الصحف الأوروبية والعالمية أمام هذه الصور البذيئة تعميماً لما تحمله من كراهية، والمطلوب رداً علمياً يخاطب العقل والمنطق ويعيد الكرة الشيطانية إلى مرمى أصحابها.

======================

تركيا تستعد للانتخابات: «الشرق الأوسط» ترصد الإيقاع السياسي في تركيا قبل استفتاء 12 سبتمبر

تركيا على مفترق طرق.. العلمنة والأسلمة (1)

«الشرق الأوسط»: ثائر عباس

30-8-2010

بالتزامن مع الدور المتنامي لتركيا في منطقة الشرق الأوسط والدول المحيطة بها في القوقاز والبلقان وأوروبا، تعيش «جمهورية أتاتورك»، مخاضا سياسيا حادا قد ينتج جمهورية جديدة يعود فيها «طعم الدين» إلى الدولة التي خلفت السلطنة العثمانية السابقة التي سادت في المنطقة نحو أربعة قرون قبل أن تنكفئ على علمانيتها وتتقوقع في حدود «تركية» التي رسمها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال المعروف بقانون من البرلمان ب«أتاتورك» أي «أبو الأتراك».

فقد استطاع الضابط الصغير الذي قاتل بعد الحرب العالمية الأولى لتحرير الأراضي التركية التي تم تقسيمها في مواجهة روسيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا واليونان التي احتلت أقساما من تركيا، بناء جمهورية تنكرت لكل ما هو قريب من العربية، بعدما حملت الثورات العربية مسؤولية تفكك السلطنة العثمانية، فانكفأت تركيا الحديثة عن حدود السلطنة الممتدة على أربع قارات إلى رقعة جغرافية يقع جسمها في آسيا وعقلها في أوروبا التي تقع فيها 3 في المائة من مساحة الدولة. وفي 3 مارس (آذار) 1924 ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحول المدارس الدينية إلى مدنية، وأعلن أن تركيا دولة علمانية.

أمر «أتاتورك» أبناء الجمهورية الجديدة بالتخلي عن الشرق وإدارة الوجه غربا نحو أوروبا للاقتداء بها، مع نفس قومي تركي واضح. تمت علمنة السلطنة التي حملت إرث خليفة المسلمين، حتى الأبجدية التركية تغيرت لاستعمال الحرف اللاتيني بدلا من الحرف العربي الذي استخدمته منذ إعلان إسلامها.

وقد عين مصطفى كمال الجيش الذي بناه في منصب «حامي العلمانية»، وقد لعب هذا الجيش دوره باقتدار لافت، فقد قام بانقلابين ونصف، على الأقل، خلال سنوات ما بعد إعلان الجمهورية تحت شعار المحافظة على علمانيتها، فانقلب مباشرة على السلطة المدنية عامي 1973 و1982، كما قام بنصف انقلاب ضد الإسلاميين عام 1997 بتوجيهه رسالة مباشرة إلى السلطة الحاكمة آنذاك. وأتى سعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بمثابة النقمة على الجيش، الذي بدأ يتراجع نفوذه أمام القوة الإسلامية الصاعدة في بلد غالبية سكانه الساحقة من المسلمين السنة، وبعد حل الأحزاب الإسلامية واحدا تلو الآخر بدءا من عام 1997، وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة منشقا عن حزب الفضيلة الإسلامي، وبدأ صعود الإسلام السياسي في تركيا بشكل كبير، مقابل تضاؤل نفوذ الجيش الذي قلصت التعديلات الدستورية المتتالية من قدرته على التدخل، بالإضافة إلى «المعايير الأوروبية».

وكان أن بدأت تركيا مع أردوغان، ووزير خارجيته سياسة جديدة عنوانها «صفر مشكلات» مع الجيران، كما بدأت باستعادة نفوذها ودورها في المناطق التي شكلت الرقعة الجغرافية للسلطنة العثمانية، مديرة وجهها هذه المرة شرقا من جديد اعترافا ب«خطأ» ارتكبه أتاتورك، وإعلانا عن خيبة أمل من أوروبا التي لا تزال ترفض تركيا المسلمة عضوا في اتحادها.

ويأتي استفتاء 12 سبتمبر (أيلول) بمثابة «المسمار الأخير» في نعش النفوذ السياسي للجيش التركي والمحكمة الدستورية، العنوانين الرئيسيين للدولة العلمانية، فإذا قال الأتراك نعم، كما هو متوقع على نطاق واسع، فإن تركيا الحديثة جدا ستكون مختلفة عن السابق، وربما تشهد الانتخابات البرلمانية المقبلة في صيف عام 2011 تغييرا استراتيجيا في وجه تركيا التي يخطط حكامها الحاليون لإعداد دستور جديد يتوقع العلمانيون أن يكون إعلانا لانتهاء الدولة العلمانية، رغم نفي قادة حزب العدالة والتنمية هذا الأمر.

«الشرق الأوسط» تحاول من خلال 7 حلقات أن تسبر أغوار التحول التركي الجديد والآفاق الممكنة للتغيير في جمهورية علمانية يحكمها الإسلاميون..

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ