ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
المستقبل
- الاثنين 6 أيلول 2010 العدد
3763 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد
السمّاك تخوض
الولايات المتحدة معركة داخلية. طرفا
المعركة هما المبادئ والقيم التي نصّ
عليهما الدستور الأميركي والتي نادى
بها المؤسسون الأوائل من جهة،
والمؤسسات الحزبية والكنسية التي ترفع
شعارات عنصرية متطرفة وتنادي بنوع
جديد من التطهير الديني من جهة ثانية. ليست
هذه المرة الأولى التي تجد الولايات
المتحدة نفسها في خضم هذه المعركة. في
المرة السابقة كان الأميركيون الذين
يتحدرون من أصول افريقية هم الضحية.
هذه المرة من الواضح ان الأميركيين
الذين يعتنقون الإسلام معرضون لأن
يكونوا الضحية. قبل
وفاته بأشهر قليلة، نشر المفكر
الأميركي المعروف صموئيل هانتنغتون -صاحب
نظرية صراع الحضارات- كتاباً جديداً
تنبأ فيه بوقوع صراع حضارات داخل
الولايات المتحدة. ولكنه لم يشر إلى
الإسلام في هذا الصراع إلا عرضاً. فقد
اعتبر ان الصراع سيكون بين محورين:
الأميركيون الإنجيليون البيض من جهة،
والأميركيون والذين يتحدرون من أصول
أميركية جنوبية وهم في أكثريتهم
الساحقة من الكاثوليك السمر والسود من
جهة ثانية. وتنبأ هانتنغتون بأن محاور
الصراع ستكون عنصرية (حول اللون)
وثقافية (حول اللغة) ودينية (حول المذهب
المسيحي). أما الإسلام فلم يعتبره
هانتنغتون جزءاً أساسياً من هذا
الصراع وإن لم يقلل من الإضاءة على "الخطر
الذي يشكله المسلمون على وحدة نسيج
المجتمع الأميركي". سياسياً
ينحصر التنافس السياسي في الولايات
المتحدة بين الحزبين الجمهوري
والديمقراطي. ويسعى كل منهما إلى
استقطاب الأميركيين الأفارقة
والأميركيين "الهسبانيك" أي
المتحدرين من دول أميركا الجنوبية
وخاصة من المكسيك. غير ان هذا التنافس
يستثني المسلمين، بل يبدو ان هناك
تنافساً بين الحزبين حول أي منهما يكون
أكثر سلبية وأشد عدائية من الآخر نحوهم.
يعكس هذا الواقع اليوم الموقف من قضية
بناء مسجد جديد في مانهاتن بنيويورك
قريب من الموقع الذي ارتكبت فيه جريمة
11-9-2001 والتي أدّت إلى مقتل حوالي ثلاثة
آلاف أميركي وإلى تدمير برجي التجارة
العالمي رمز القوة الاقتصادية للمدينة
وللولايات المتحدة. حتى ان
الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه
وقع ضحية هذا التنافس. فقد اشتغل
اللوبي الصهيوني على تشويه صورته
انطلاقاً من الخطاب التاريخي الذي
ألقاه في جامعة القاهرة قبل عامين، ومن
مطالبته إسرائيل بوقف بناء الاستيطان
أو تجميدها على الأقل لتسهيل عملية
إقرار تسوية ما مع الفلسطينيين. وتركزت
الحملة على الخلفية العائلية للرئيس
الأميركي وعلى اسم والده (حسين) ودينه (الإسلام).
وحاولت الإيحاء بأنه أي الرئيس- لا
يزال مسلماً. حتى ان استطلاعات الرأي
العام الأميركي تشير إلى أن أكثر من 20
بالمائة من الأميركيين يعتقدون بأن
الرئيس أوباما مسلم سراً. وفي خضم حملة
الكراهية على الإسلام، فان ذلك كان
كافياً حتى تشمل الحملة الرئيس
الأميركي !! وفي
الوقت الذي بدأت فيه معركة انتخابات
الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب، فان
هذه الحملة تعرّض الرئيس أوباما
لخسارة الأكثرية التي يتمتع بها الحزب
الديمقراطي في الكونغرس. وهو ما يخشاه
الحزب ذاته، ولذلك طالب بعض قادته من
الرئيس أن لا يشترك في الحملات العامة
لدعم مرشحي الحزب، لأن مشاركته قد
تنقلب سلباً وتصبح وبالاً عليهم ! لم
تعرف الولايات المتحدة هذا النوع من
الكراهية ضد الإسلام في اي وقت. كانت
دائماً تنتقد الإجراءات الأوروبية ضدّ
المسلمين وتعتبرها إجراءات عنصرية
متخلّفة، خاصة تلك التي تتعلق بحرية
العبادة (بناء المآذن والمساجد) وحرية
اللباس (الحجاب)، وحرية الطعام (المأكولات
الحلال). ولم تكن هذه القضايا المتفجرة
في العديد من المجتمعات الأوروبية
المختلفة، موضع اهتمام في المجتمع
الأميركي. فقد كان التعامل الأوروبي
معها موضع استهجان وسخرية في المجتمع
الأميركي. أما الآن فان الموقف يكاد أو
لعله بدأ ينقلب رأساً على عقب. وهنا
مصدر الخطورة. ومع اقتراب ذكرى جريمة
2001-9-11 يؤكد مؤشر الكراهية
الاسلاموفوبيا- ان هذه المشاعر
المستجدة على المجتمع الأميركي بلغت
مستويات عالية جداً. حتى أن احدى
الكنائس الانجيلية (كنيسة دوف) خصّصت
يوم إحياء ذكرى الجريمة لدعوة
المسيحيين إلى إحراق نسخة من القرآن
الكريم. والغاية
من هذه الدعوة توجيه ثلاث رسائل مباشرة:
الرسالة الأولى هي اتهام الإسلام
بالجريمة. والرسالة الثانية هي
التحريض على الانتقام من المسلمين.
والرسالة الثالثة هي تعميم
الاسلاموفوبيا في المجتمع الأميركي.
وبالنتيجة محاولة دفع الإسلام إلى
خارج دائرة المجتمع الأميركي والتعامل
مع المسلمين وكأنهم عناصر خطيرة
ومتآمرة غير قابلة للاستيعاب أو
الاندماج. وهذه هي المرة الأولى في
تاريخ الولايات المتحدة التي ترتفع
فيها دعوات "كنسية" من هذا النوع.
لقد عرفت الولايات المتحدة دعوة
أطلقها الجنرال ماك-آرثر عرفت
بالمكارثية، استهدفت الليبراليين
واليساريين الأميركيين بعد الحرب
العالمية الثانية. الا ان تلك الحملة
القمعية انطلقت على خلفية سياسية لم
تجد بين الكنائس الانجيلية الكبرى من
يتعاطف معها. اما الحملة التي تستهدف
المسلمين والإسلام اليوم فإنها تنطلق
من خلفية دينية وتقودها حركة كنسية
منضوية في الحزب الجمهوري قيادة
وقاعدة، وتلقى في الوقت ذاته تفهماً
وتجاوباً حتى من بعض قادة وقواعد الحزب
الديمقراطي. لا
يعني ذلك انه لا توجد أصوات عاقلة تندد
وتحذر من تصاعد الكراهية ضد الإسلام.
هناك أصوات مرتفعة من الكنائس
الكاثوليكية والارثوذكسية وكذلك من
الكنائس الانجيلية الأساسية في
الولايات المتحدة، الا ان موجة
الكراهية أصبحت جزءاً من عملية
التنافس السياسي على الكونغرس.. ومن ثم
على البيت الأبيض.. وهنا مصدر الخطر !! ومن
المحزن والمخزي في الوقت ذاته، أن هذه
التداعيات تتوالى وتتعاظم في غياب كلي
عن رؤية اسلامية واعية لما يجري،
ومؤهلة للتعامل مع ما يجري بما يتطلبه
من حكمة وتفهم ومواجهة عاقلة ومدروسة. فإذا
تواصلت حملة الكراهية في الانتشار
افقياً وعمودياً في المجتمع الأميركي،
واذا استمر عدم الاكتراث الاسلامي
بها، فانه يخشى ان يواجه المسلمون
الأميركيون في الولايات المتحدة ما
سبق أن واجهه اليهود الأوروبيون في
أوروبا من اضطهاد. فقد منعوا من دخول
فرنسا، كما منعوا من دخول بريطانيا.
وواجهوا في روسيا وفي دول أوروبة
الشرقية كل أنواع التمييز والقهر
والإقصاء. وكانت آخر أفظع الجرائم
الجماعية تلك التي ارتكبتها النازية
الألمانية ابان الحرب العالمية
الثانية. ما كان ذلك ليجري لو لم تكن
هناك خلفية دينية لتبرير تلك المواقف.
فالكنيسة كانت تتهم اليهود بالمسؤولية
عن صلب المسيح، وكانت تعتبر كل يهودي
مسؤولاً. وتجري
الآن محاولة تسويق هذا السيناريو ذاته
في الولايات المتحدة -وحتى في أوروبة-
مع المسلمين. وذلك من خلال الإيحاء بأن
الاسلام كدين هو مصدر الفكر الإرهابي
وبالتالي هو المسؤول عن الممارسات
الارهابية. وان الجرائم التي ارتكبها
مسلمون في الولايات المتحد وأوروبة
وحتى في دول عربية وإسلامية استهدفت
رعايا أميركيين وأوروبيين "مسيحيين"
يتحمل وزرها الإسلام والمسلمون جميعاً. ان
ثقافة الاتهام الجماعي، واتهام
العقيدة الدينية التي كانت وراء
معاناة اليهود في المجتمعات الأوروبية
تتوالد الآن في الولايات المتحدة
مستهدِفة المسلمين هذه المرة. فالدول
الأوروبية تعود أو بدأت العودة إلى
نقطة الصفر مرة جديدة ولكن هذه المرة
من خلال اتهام الإسلام واستهداف
المسلمين. صحيح
ان هذه الثقافة العدائية لا تزال في
مراحلها الأولية، ولكن وسائل الاعلام
الحديثة المتطورة مؤهلة لتعميمها
ونشرها "كالنار في الهشيم".
فالمجتمع الغربي (الأميركي الأوروبي)
يكاد يفقد احد اهم أسس مقوماته وهو
احترام الحريات العامة والتسامح ويكاد
يتحول إلى حقل يابس لكثرة الصدامات
الاجتماعية مع الجاليات الإسلامية
التي تعيش في كنفه. والمتطرفون من
الجانبين لا يألون جهداً في محاولات
إشعال هذا الحقل بفعل من هنا، وبرد فعل
من هناك. ومن الأمثلة على ذلك رسوم
الكاريكاتور الدانمركية، والفيلم
الهولندي وقوانين منع الحجاب والنقاب
وقبلها كتاب سلمان رشدي آيات شيطانية
وبعدها دعوة كنيسة أميركية لحرق
القرآن الكريم. يقول
المثل الصيني ان رحلة الألف ميل تبدأ
بخطوة واحدة، ورحلة الألف ميل في
كراهية الإسلام اجتازت خطوات عديدة.
الا انها لم تصل بعد إلى نقطة اللا عودة.
أما رحلة التصدي لحملة الكراهية فلم
تنطلق بعد. فلا تزال هناك امكانات
واسعة لمعالجتها ولاحتوائها، تصحيحاً
لنظرة الغرب عن الإسلام وتأسيساً
لإقامة علاقات معه على قاعدة الالتزام
بقيم وبتعاليم الإسلام السمح والمحب.
فهل نحن فاعلون؟ ========================= هل
صارت أميركا القوة العظمى المعطلة
والهزيلة؟ توماس
فريدمان الشرق
الاوسط 6-9-2010 دائما
ما كنت أقول لأصدقائي من الأوروبيين
خلال السنوات الأخيرة: إذن، لا تحبون
عالما تمثل فيه الولايات المتحدة قوة
عظمى؟ تخيلوا كيف سيبدو العالم وقد
خفتت فيه قوة الولايات المتحدة، لأنه
بلا شك سيعني تهديدا جيوسياسيا قريبا
منكم. نعم لقد خرجت الولايات المتحدة
قوة عظمى من الحرب العالمية الثانية
تحمل الخبز والسلاح للجميع، وإحدى
القوتين العظميين خلال الحرب الباردة،
والأمة التي لا غنى عنها بعد الانتصار
في الحرب الباردة، و«القوة العظمى
الهزيلة» اليوم. حاولوا أن تعتادوا
عليها، فهذا هو لقبنا الجديد. فلا حاجة
لأن يقلق معارضو الحرب بعد الآن بشأن
خيار الحرب، فلن نقوم بذلك مرة أخرى.
فلن نتحمل تكلفة غزو غرينادا اليوم. منذ
بداية الكساد الكبير في عام 2008، اتضح
للجميع أن طبيعة القائد - سواء أكانت
سياسية أم مؤسسية - آخذة في التغير في
الولايات المتحدة. خلال الفترة التي
تلت الحرب العالمية الثانية، كانت
كلمة قائد تعني، على الأرجح، التخلي عن
كل شيء لصالح الشعب. واليوم، وربما على
مدار العقد المقبل أيضا، ستعني كلمة
قائد في الولايات المتحدة، على
الأرجح، سلب المزيد من الحقوق من
الناخبين. وما من شك في أن القادة عندما
يسلبون ناخبيهم المزيد من الأشياء، لن
يفكروا في إنفاق المال على السياسة
الخارجية والحروب. فإن مؤشر السياسة
الخارجية والدفاع يتبعان المؤشر
الاقتصادي. سيكون هناك خفض إنفاق،
ويمكنك بالفعل سماع تحذيرات من وزير
الدفاع روبرت غيتس، وستشهد القوة
العظمى الهزيلة تأثيرات واسعة حول
العالم. كتاب «القوى العظمى الهزيلة:
قيادة أميركا للعالم في فترة الأزمة
الاقتصادية» هو عنوان لكتاب جديد صدر
في توقيت جيد لمعلمي وصديقي مايكل
ماندلبايوم، خبير السياسة الخارجية في
جامعة جون هوبكينز. أشار ماندلبايوم في
عام 2008 إلى أن «كل أشكال المعاشات التي
تقدمها الحكومة والرعاية الصحية (التي
تشمل الرعاية الطبية) تشكل 4% من
الإنتاج الأميركي الإجمالي. ووفق
المعدلات الحالية واقتراب أبناء فترة
ازدياد المواليد من الحصول على الدعم
الاجتماعي والرعاية الصحية، سيشكل ذلك
في عام 2050 ثمانية عشرة في المائة من كل
ما تنتجه الولايات المتحدة». يقول
ماندلبايوم «سيحول هذا - إضافة إلى
تكلفة إنقاذ أنفسنا من هذا الكساد -
الحياة العامة للولايات المتحدة بصورة
جوهرية، ومن ثم السياسة الخارجية أيضا.
فبعد أن كان شعارنا في السياسة الخاصة
بالشؤون الداخلية والخارجية خلال
العقود السبعة الماضية هو المزيد،
ستحل محلها في النصف الثاني من القرن
العشرين كلمة (أقل)». عندما
تثقل تلك الديون كاهل القوة العظمى
الوحيدة في العالم سيشعر الجميع بذلك.
كيف؟ هذا أمر يصعب التنبؤ به. لكن ما
أعرفه هو أن السمة الأكثر تفردا وأهمية
في السياسة الخارجية للولايات المتحدة
على مدار القرن الماضي كانت المدى التي
قدم من خلاله الدبلوماسيون الأميركيون
والقوات البحرية والجوية والبرية
الأميركية خدمات بالغة الأهمية بدءا
من البحار المفتوحة إلى التجارة الحرة
ومن محاولات الاحتواء إلى محاربة
الإرهاب والتي أفادت الكثيرين لجانبنا.
لقد كانت القوة الأميركية القوة
الرئيسية في الحفاظ على السلام
والاستقرار العالميين، ولعبت دور
الوسيط العالمي على مدار 70 عاما
الأخيرة. وهو دور لن يختفي لكنه سيتقلص
على الأغلب. وكثير من القوى العظمى
تراجعت من قبل، مثل بريطانيا على سبيل
المثال، ويقول ماندلبايوم، «عندما
فشلت بريطانيا في قيادة العالم تقدمت
الولايات المتحدة لتحل محلها، لذا فإن
خسارة السلام العالمي والرخاء يمكن أن
تكون ذا تأثير يفوق ما حدث مع تراجع
بريطانيا». ربما
تكون أوروبا غنية لكنها ضعيفة، والصين
غنية على المستوى القومي لكنها فقيرة
على أساس حصة الفرد فيها من الدخل
القومي ومن ثم ستضطر إلى التركيز
داخليا وإقليميا. وروسيا المدمنة على
النفط يمكن أن تسبب المشكلات لكنها
ليست مشروع قوة عظمى. ومن ثم فإن العالم
سيظل مكانا خطرا ومضطربا. كيف
يمكن التخفيف من تلك النتيجة؟ يرى
ماندلبايوم أن ذلك يتطلب 3 أمور:
الأولى، أننا بحاجة لأن نعيد أنفسنا
على الطريق الصحيح تجاه نمو اقتصادي
والعودة إلى التصنيع، مع تقديم
التضحيات اللازمة من العمل الجاد
والتوافق السياسي التي يتطلبها ذلك.
ثانيا، تحديد الأولويات، فقد شهدنا
قرنا كانت مصطلحات السياسة الخارجية
فيه تعتمد على «ما هو الحيوي؟ وما هو
الأكثر رغبة؟ أعتقد أنه في ظل وجود
رجال مخلصين وأموال يمكننا النجاح في
أفغانستان. لكن هل هذا حيوي؟ أنا متأكد
من أنه أمر مرغوب فيه، لكن هل هو حيوي؟
وأخيرا علينا أن ندعم ميزانيتنا ونضعف
ميزانية أعدائنا، والوسيلة الأفضل
للقيام بذلك في خطوة واحدة تتمثل في
فرض المزيد من الضرائب على الغازولين. إن
أميركا على وشك أن تتعلم درسا قاسيا،
ألا وهو: قد يمكنك أن تسرق الطريق إلى
الرخاء على المدى القصير لكنك لن
تستطيع ذلك لتكون قوة جيوسياسية على
المدى البعيد، فهذا يتطلب محركا
اقتصاديا متناميا وحقيقيا. وبالنسبة
لنا، فإن المدى القريب انتهى الآن. كان
هناك وقت لم يكن التفكير الجدي فيه
بشأن السياسة الخارجية الأميركية
يتطلب تفكيرا جديا بشأن السياسة
الاقتصادية، وقد ولى ذلك الزمن أيضا. إن
أميركا المثقلة بالديون لن تكون موطئا
للصقور أو على الأقل أفراد يخشى من
غضبهم. *
خدمة «نيويورك تايمز» ========================= النموذج
الاقتصادي الصيني ليس مناسبا للولايات
المتحدة كريستيا
فريلاند الشرق
الاوسط 6-9-2010 لننسَ
قضية «مسجد غراوند زيرو»، والإجازة
التي قضتها ميشيل أوباما في إسبانيا،
ولننسَ حتى التسرب النفطي داخل خليج
المكسيك. عندما ينظر المؤرخون في
المستقبل إلى صيف عام 2010، يحتمل بدرجة
كبيرة أن يوجّهوا اهتمامهم إلى نهضة
الصين وتحولها إلى ثاني أكبر اقتصاد في
العالم. وبصورة
عامة، يعد ذلك شيئا جيدا، فنهضة الصين -
وظهور الهند، وإن كان يحدث بدرجة أكثر
بطئا - يعني أن مئات الملايين من
المواطنين الفقراء للغاية ينضمون إلى
الاقتصاد العالمي ويصبحون أكثر ثراء.
وقد كانت الناتج المحلي الإجمالي
للفرد داخل هاتين الدولتين راكدا في
الفترة من 1820 إلى 1950. وبعد ذلك ارتفع
بنسبة 68 في المائة في الفترة من 1950 حتى
1973، وبنسبة 245 في المائة في الفترة من
1973 حتى 2002. ولكن
علينا توخي الحذر كي لا نتعلم الدرس
الخطأ من انبعاث الصين، فالدرس الأكثر
خطورة مفاده أن الاستبداد يحقق نتائج
طيبة. وقد
أصبحت هذه الفكرة مغرية على نحو خاص في
الوقت الذي يساور فيه الكثير من
الأميركيين، في اليمين واليسار، شكوك
بشأن كفاءة حكومتهم. وفي المقابل نجد
الكثيرين، ولا سيما بين النخبة
السياسية وداخل قطاع الأعمال
الأميركي، معجبين بكفاءة النموذج
الرأسمالي المعتمد على سيطرة الدولة
داخل الصين. وفي الواقع يوجد اتجاه
فكري رائج، مثلما يشير ستيفان هالبر
وإيان برمر وآخرون، يشير إلى أنه في
أعقاب الأزمة المالية العالمية يمكن
أن يحل النموذج الاقتصادي الصيني محل
النموذج الأميركي. ولكن ذلك يعد خطأ
فادحا. قد يكون للاقتصاد المركزي مهارة
في إخراج المجتمعات من الفقر الزراعي
ودفعها إلى العصر الصناعي، ولا سيما
عندما تكون التقنية اللازمة لذلك تم
اختراعها في أماكن أخرى. ولنتذكر أنه
في الثلاثينات والأربعينات
والخمسينات بدا القالب السوفياتي
قابلا للبقاء لهذا السبب على وجه
التحديد. وحتى
الوقت الحالي فإن نهضة الصين في الأغلب
ذات صلة بإدخال الصناعة إلى اقتصاد
ريفي فقير بصورة لا تصدق. وحاليا نجد أن
الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للفرد
داخل الصين، الذي تصل قيمته إلى 3600،
يساوي النسب داخل سلفادور وألبانيا.
ولم نرَ حتى الآن ما إذا كانت الدولة
الصينية المركزية والإدارة ستكون
قادرة على اتخاذ الخطوة المقبلة
والمنافسة في مجال الابتكار المالي
والتقني. وعندما شهدت كوريا الجنوبية
نفس التحول في الثمانينات تحولت أيضا
إلى شكل أكثر ديمقراطية من الحكم،
ونموذج الرأسمالية أكثر حرية. ومن
الأسباب التي قد تجعل الرأسمالية
الحكومية تتعثر في الوقت الذي تصبح في
الصين أكثر ثراء هو أنه قد يكون الصعب
جعل الناس مستهلكين من دون جعلهم
مواطنين حقيقيين. ومن التحديات
الاقتصادية الكبرى أمام الصين خلال
العقد المقبل: هل ستسمح لسوقها المحلي
بالنمو؟ وسيعني ذلك إعطاء المواطنين
الصينيين قوة إنفاق أكبر. وبينما يصبح
الصينيون أكثر برجوازية، قد يطلبون
المزيد من الحقوق السياسية. وسيكون
الابتكار قيدا آخر على الرأسمالية
الحكومية. قد يحتوي الاقتصاد السياسي
الأميركي على الكثير من الأخطاء،
البنية التحتية المنهارة والطبقة
المتوسطة المفرغة، ولكن لدى أميركا
ميزة عظمية لم يتسنَّ لدولة أخرى
محاكاتها، في ما يتعلق بالإبداع
واستخدامه وفق ما يريده الناس، نجد
أميركا نموذجا لا يتكرر، فبها شركة «أبل»
و«غوغل» و«فيس بوك». وهذه اختراعات
تقود الثورة التقنية، ولا يمكن سوى
لمجتمع مفتوح القيام بمثل ذلك. وفي
الواقع إن الصين عبارة نموذج يوضح
التهديد التي تطرحه الدول الاستبدادية
المركزية أمام التطور التقني الثوري.
ومن الأسئلة الهامة التي يواجهها
مؤرخون سبب تخلي الصين، التي كانت على
وشك ثورة صناعية في القرن الرابع عشر،
عن تغيير تقني راديكالي وتركها
الميدان لأوروبا. ثمة
تفسير مفضل لقرون الركود هذه، وهو نفس
ما نقدمه للمنظومة الحالية داخل
الصين، إنها الدولة الاستبدادية
المركزية. وكما كتب المؤرخ الاقتصادي
جويل موكير: «غياب المنافسة السياسية
لم يعنِ أن التقدم التقني لا يمكن
حدوثه، ولكنه كان يعني أن صناع
السياسية يمكن أن يوجهوا إليه ضربة
قاضية». وفي نفس الوقت، عندما قرر حاكم
داخل أوروبا المنقسمة والفوضوية الضغط
على المبدعين «لم يقم بأكثر من نقل
مركز الجاذبية الاقتصادية من منطقة
إلى أخرى». الديكتاتوريات ليست عظيمة
في تصحيح الذات. لا يجب
أن تكون الولايات المتحدة راضية عن
نهضة الصين، فعلى أقل القليل يعني ذلك
أن الشركات الأميركية والسياسيين
الأميركيين والشعب الأميركي في حاجة
إلى أن يتحولوا من الدور المريح كقوة
عظمى وحيدة في العالم إلى مهمة أصعب
تتضمن العمل في عالم متعدد الأقطاب. قد
يكون المعجبون بالصين على حق عندما
يشيرون إلى بعض مشاريع البنية التحتية
الرائعة داخل الدولة ويسألون لماذا لا
يمكن للأميركيين، الذين يزيد متوسط
دخلهم بمقدار أكثر من 12 مرة عن دخل
المواطنين الصينيين، تحقيق شيء كبير. ولكن
يمكن أن تحترم أميركا الصين من دون
محاكاتها، ومن السهل الإعجاب
بالدكتاتورين، ولا سيما إذا كانوا
بعيدين. ودائما ما تبدو الأسواق الحرة
والمجتمعات الحرة فوضوية وتعوزها
الكفاءة. ولكن عندما يتعلق الأمر
باختراع العالم الحديث والعيش في
أطرافه، فإن أفضل نموذج توصل إليه
العالم هو الرأسمالية الديمقراطية. *
محررة شؤون دولية لدى «طومسون رويترز» *
خدمة «واشنطن بوست» ========================= إشكالية
التوازن في التناول الدولي لموضوعات
حقوق الإنسان الإثنين,
06 سبتمبر 2010 وليد
محمود عبدالناصر * الحياة توافق
المجتمع الدولي منذ عقود، وتحديداً
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية،
على تقسيم حقوق الإنسان إلى خمس فئات:
المدنية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية. وبعد صدور
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن
الأمم المتحدة عام 1948، صدر العهدان
الدوليان في الستينات: عهد للحقوق
المدنية والسياسية وآخر للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
وأنشئ لكل منهما فريق خبراء لمراجعة
التزام الدول به، ولكن الخلاف لم يحسم
في أي مرحلة حول كيفية التعامل مع هذه
الحقوق من الناحية العملية. ففي
زمن الحرب الباردة، كان هناك انقسام
واضح بين المعسكرين الرئيسيين حينذاك،
فالمعسكر الرأسمالي الليبرالي الغربي
بقيادة الولايات المتحدة كان على أرض
الواقع يعطي الأولوية للحقوق المدنية
والسياسية، كما كان يفسر بقية الحقوق
بما يتناسب مع التفسير الأيديولوجي
الرأسمالي لمفهوم الحقوق. وعلى الجانب
الآخر، منحت دول الكتلة الاشتراكية
بزعامة الاتحاد السوفياتي السابق
الأولوية على الصعيد العملي للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
أيضاً طبقاً لتعريفها الأيديولوجي لها.
وحرص كل معسكر على إبراز تميزه ونجاح
نموذجه في ما يتعلق بالحقوق التي يرفع
لواءها ويمنحها الأولوية عملياً. ولم
ينته الخلاف حول هذه الهرمية المستترة
في تقدير أهمية الفئات المختلفة لحقوق
الإنسان بانتهاء الحرب الباردة وسقوط
الاتحاد السوفياتي. إلا أن الخلاف تحول
إلى خلاف بين الدول الغربية، ومن انضم
إليها من الدول الشيوعية السابقة في
أوروبا وبعض دول محدودة من العالم
الثالث، وبين مجموعات كبيرة من دول
العالم الثالث أو النامي. فالكثير
من الآراء انبعثت من الغرب عقب انتهاء
الحرب الباردة متغنية بانتصار
المنظومة القيمية الغربية على
منافستها الماركسية، وبالتالي فمن باب
أولى سيادة هذه المنظومة على الصعيد
العالمي، وأصبح المستهدف في هذه
الحالة العالم الثالث الذي كان من قبل،
ولعقود، مسرح المواجهة والمنافسة بين
الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي. إلا
أن الدول النامية في الجنوب لم تقبل في
معظمها بالتسليم بالبناء الهرمي لفئات
حقوق الإنسان، طبقاً للأولويات
الغربية، كما أن بعض الأصوات داخل
الغرب ذاته دعت إلى مراجعة أمينة لمدى
صحة هذه الهرمية وطالبت بإعادة النظر
فيها من دون حساسيات فرضها في السابق
التنافس مع معسكر آخر من واقع انتفاء
هذا المعسكر من الوجود وأخذاً في
الاعتبار ما أظهرته تجربة عقود
التنافس مع المعسكر السوفياتي من
أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية وضرورة التعامل معها بجدية
وعدم تجاهلها أو لي طرق تفسيرها. إلا أن
التعارض برز سريعاً وفي شكل متلاحق بين
غالبية المعسكر الغربي وعدد كبير من
الدول النامية، ومنها دول من الوزن
الثقيل في النظام الدولي، وجاءت عدة
مؤتمرات دولية في مجالات حقوق الإنسان
المختلفة في نهاية العقد الأخير من
الألفية الثانية ومطلع الألفية
الثالثة لتجسد هذه الخلافات المتصاعدة.
فعلى رغم إقرار الجميع بأهمية الحقوق
المدنية والسياسية، بخاصة عقب انتهاء
الحرب الباردة، برز أمران: الأول كيفية
تعريف هذه الحقوق، سواء كفئة مجمعة أو
كل منها على حدة، والثاني دفع الكثير
من بلدان الجنوب بطرح الخصوصية
الثقافية لكل مجتمع عند تناول هذه
الحقوق، إما من منطلق يرتبط بكيفية
التعريف أو بمدى ونطاق التطبيق، أو
أحياناً القبول بهذا الحق أصلاً
باعتباره حقاً من حقوق الإنسان. كذلك
تبنت دول الجنوب عبر منابرها مثل حركة
عدم الانحياز وغيرها من المنظمات
الإقليمية كمنظمة المؤتمر الإسلامي
وجامعة الدول العربية مقولة ضرورة عدم
التمييز في الأولوية بين مختلف فئات
حقوق الإنسان، وإيلاء الأهمية الواجبة
والمستحقة للحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية، بخاصة في ظل
السعي للاتفاق على صيغ وقواعد جديدة
تحكم العلاقات الدولية في أعقاب
انتهاء الحرب الباردة. وعلى
رغم تحويل لجنة حقوق الإنسان إلى مجلس
حقوق الإنسان بقرار من الجمعية العامة
للأمم المتحدة في 15 آذار (مارس) 2006، ومن
ثم ترقية وضع الجهاز الدولي التابع
للأمم المتحدة المنوط به قضايا حقوق
الإنسان، فإن هذا التحول أثبت أنه لم
يستطع تجاوز الإشكالية المتعلقة
بالتعامل على قدم المساواة مع مختلف
فئات حقوق الإنسان. ولا شك
أنه على الجانب الآخر، بخاصة على
الصعيد الثنائي، فإن العديد من الدول
والمؤسسات المانحة باتت، في شكل
متزايد، تربط تعاونها مع الدول
المتلقية في شأن برامج ومشروعات
للتنمية بالتزامها بمعايير معينة، من
ضمنها احترام حقوق الإنسان، مع
التركيز أساساً على الحقوق المدنية
والسياسية أو مجموعة مختارة منها في
شكل يعكس تحيزات قيمية بعينها، ووفقاً
لتعريف هذه الدول والمؤسسات. وإن كان
هذا الأمر ليس جديداً تماماً فإنه
ازداد بمعدلات مطردة منذ نهاية الحرب
الباردة، حيث أنه في فترات سابقة كان
يتم التغاضي عن هذه المعايير في ضوء
حسابات سياسية أو أمنية أو
جيواستراتيجية للجهة المانحة والدولة
أو مجموعة الدول التي تنتمي إليها في
ظل التنافس بين المعسكرين إبان الحرب
الباردة، الأمر الذي انتفى منذ مطلع
التسعينات. والثابت أن هذه الجهات
المانحة تبدي مرونة وليونة أكبر بكثير
عند التعامل مثلاً مع معايير تخص
حقوقاً اقتصادية واجتماعية وثقافية،
كحقوق العاملين وغير ذلك، بل تكون على
استعداد في بعض الأحيان للتغاضي كلية
عن مراعاة هذه الحقوق أو الالتزام
بتطبيقها، الأمر الذي لا يؤدي إلا إلى
تأكيد خلفية التحيز الأيديولوجي
والقيمي. وهكذا،
يظل اختلال التوازن في التعامل الدولي
مع موضوعات حقوق الإنسان قائماً، بحسب
فئاتها المختلفة، ليمثل عنصر عدم
استقرار في المنظومة الدولية لمعالجة
هذه القضايا، نظراً لما يضفيه من بعض
مظاهر عدم الثقة في عدالة وإنصاف هذا
التناول، وبالتالي غياب قدر لا بأس به
من صدقية هذا التناول، وكذلك عدم
القدرة على التيقن بالمستقبل في هذا
المقام، بالإضافة إلى التخوف المستمر
من الانتقائية وازدواجية المعايير في
هذا التناول على خلفية تحيزات
أيديولوجية أو سياسية مسبقة. *
كاتب مصري ========================= آخر
تحديث:الاثنين ,06/09/2010 عبدالله
السويجي الخليج بدأت
المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين
والصهاينة، محمود عباس، رئيس السلطة
الفلسطينية ذهب إلى الولايات المتحدة
وأعلن اعترافه ب”دولة إسرائيل” وفق
الاتفاقيات السابقة التي وقعها سلفه
الراحل ياسر عرفات، وطالب بشكل مبهم
بدولة ضمن حدود الأراضي التي احتلتها
“إسرائيل” في العام ،1967 وحل قضية
اللاجئين الفلسطينيين وفق القرارات
الدولية، وحل قضية المياه والكهرباء
والحدود وغيرها، ولم يطالب بدولة ذات
سيادة . نتنياهو
طالب بالأمن “وهي كلمة تحتمل
التأويلات كلها” وبدور “إسرائيلي”
في السيطرة على الحدود، والاعتراف ب “يهودية
إسرائيل”، وقال إن السلام يتطلب
تضحيات مؤلمة من الطرفين . السيدة
كلينتون، وزيرة خارجية الولايات
المتحدة، حضت العرب على دعم عملية
السلام بالأفعال وليس الأقوال “وكأنها
لا تعلم أن العرب طرحوا فكرة الأرض
مقابل السلام منذ أكثر من خمس سنوات”،
وقالت إن تحقيق السلام عملية صعبة
جداً، ولكنها ليست مستحيلة . ميتشل،
مبعوث السلام إلى الشرق الأوسط، وصف
الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة
على أنها “بناءة”، ولا نعرف إن كان
يقصد بناء المستوطنات أم لا . حماس،
بعثت برسالة للمشاركين في المفاوضات
المباشرة، بعملية صغيرة قامت بها،
وأعلنت أنها ستستمر في ممارسة
المقاومة من دون أن تطرح بديلاً،
وتعتقد أن المفاوضات لن تؤدي إلى شيء،
وإنها ستفشل حتماً . محمود
عباس دان “العملية الفدائية” وقال إن
أجهزته تتتبع الفاعلين، “وهكذا فإنهم
يتحولون إلى إرهابيين خارجين عن
القانون” . اتفق
الأطراف المتفاوضون على الاجتماع
ثانية “في المنطقة” بعد أسبوعين،
وهكذا، تكون المنطقة قد دخلت مرة أخرى
في “دائرة الكلام المباح واللامباح” . هل من
جديد في كل الكلام الذي سبق؟ قطعاً لا
جديد، الكلام ذاته يتكرر منذ 15 عاماً،
والقضية الفلسطينية تُستباح يومياً
على أيدي الصهاينة، والفلسطينيين
أيضاً . نذكركم،
أن نتنياهو حين كان رئيساً للوزراء في
فترة سابقة قال: لو مرت فترة ولايتي من
دون أن أقدم أي تنازلات، سأكون قد حققت
شيئاً كبيراً، وقال إنه على استعداد
للتفاوض إلى الأبد . نذكركم،
أن الاستراتيجية الصهيونية تقوم على
مبدأ الزمن، وأي يوم يمر و”دولة
إسرائيل” باقية، سيكون نصراً لها،
والاستراتيجية الأخرى هي أنهم يعملون
دائما للعودة إلى نقطة الصفر . ونذكركم
أيضاً، أن موقف السلطة الوطنية
الفلسطينية ليس على حاله بالتأكيد،
وقد تغير كثيراً منذ رحيل أبوعمار،
وسيكون عام التفاوض، ليس لتبادل وجهات
النظر والتوصل إلى اتفاق “الاتفاق
جاهز”، ولكن هذا العام هو لتمرير
الاتفاق شيئاً فشيئاً للشعب الفلسطيني
وللعرب، وقد يتخلل هذا العام ما يلي: -
عمليات تقوم بها حماس ربما في العمق
الصهيوني، وقد تستهدف “إسرائيليين”
حتى تستشيط “إسرائيل” غضباً، ويقوم
يوءاف غلينت، رئيس أركان جيش العدو
بتحقيق حلمه، والقيام بشن هجوم كبير
جدا على قطاع غزة . -
سيقوم جيش العدو، من دون ذريعة،
باقتحامات لمناطق في الضفة الغربية
وغزة، لاستفزاز المقاومة
والفلسطينيين للقيام بعمليات فدائية . -
سيحتدم الصدام بين السلطة في الضفة “فتح”،
والسلطة في غزة “حماس” وقد يصل إلى حد
التصفيات والاعتقالات . - قد
تحاول حماس القيام بانقلاب في الضفة
الغربية . وقد لا
يحدث كل هذا من الجانبين، وقد يمر
العام سلمياً، وقد تتحقق بعض النجاحات
ولكن إذا ما تحقق ما يلي: - إذا
لم تقم الولايات المتحدة أو الكيان
الصهيوني بشن هجوم على إيران، واندلاع
حرب في المنطقة . - إذا
اتفقت إيران وأمريكا على هدنة مدتها
عام أو أكثر، أو التوصل إلى حل سلمي
لمسألة النشاط النووي الإيراني، وشكل
التواجد الإيراني في العراق . - إذا
لم تنشب حرب بين حزب الله والكيان
الصهيوني . - إذا
لم تنشب حرب أهلية في لبنان - إذا
ما استعادت سوريا نفوذها في لبنان . - إذا
ما استعد العرب لتمويل ما يتوصل إليه
الطرفان الفلسطيني والصهيوني . وهكذا،
فإن المفاوضات ليست في واقع الأمر بين
الفلسطينيين والصهاينة، وإنما بين
أطراف إقليمية وعالمية، ومؤشر نجاح
المفاوضات سيكون محكوما بالمؤشرات
التي ذكرناها، والتي ليست سهلة كما
ترون، ولكنها ليست صعبة، وهناك تقارير
تتحدث عن مفاوضات واتصالات مباشرة
وغير مباشرة بين الولايات المتحدة
وإيران . قد
يستهجن البعض تركيزنا على الدور
الإيراني، ولا دهشة في ذلك، فإيران
تمتلك أوراقاً كبيرة في المنطقة، ورقة
حزب الله في لبنان، وورقة حماس في
فلسطين، وورقة العراق، وورقة الحوثيين
في اليمن . وامتلاك إيران لهذه الأوراق
لم يتم خلال ليلة وضحاها، وإنما تراكم
في ظل غياب الدور العربي في كل المناطق
التي تمتلك فيها إيران أوراقاً مهمة،
وهو الغياب ذاته للعرب عن القضية
الفلسطينية، ونتحدث هنا عن الفاعلية
المؤثرة والحقيقية في الدعم وإدارة
الصراع . هل نحن
في دوامة؟ نعم والمفاوضات لن تخرج أي
أحد منها، لا الفلسطينيين ولا
الصهاينة ولا العرب ولا الإيرانيين،
إلا إذا نال الشعب الفلسطيني حقوقه
كاملة . ترى ما هي حقوق الشعب
الفلسطيني؟ هنا يجب أن نسأل السلطة
الوطنية الفلسطينية، وسكان الضفة
الغربية، ونسأل حركة حماس وسكان قطاع
غزة، ونسأل اللاجئين الفلسطينيين في
الدول العربية والعالم، هل عدنا إلى
الدوامة ذاتها؟ نعم، ولكن هل يدرك
المتفاوضون، ولاسيما الجانب
الفلسطيني هذه الدوامة؟ لو أدركوها
لما ذهبوا إلى المفاوضات، ولكن كما
يبدو، أصبح اتجاه الطرفين يدور حول
مبدأ “المفاوضات المستدامة”، لكن
هناك فرق، “إسرائيل” قائمة وتبني
مؤسساتها وتهتم بشعبها، أما “دولة
فلسطين” فهي غير قائمة، وشعبها مشرد
في الداخل والخارج، وهنا تكمن الخسارة ========================= أوباما
ونتنياهو يعززان رصيدهما آخر
تحديث:الاثنين ,06/09/2010 عبد
الاله بلقزيز الخليج بلعت
السلطة الفلسطينية كل العبارات
القاطعة التي أطلقت قبل أشهر رفضاً
للتفاوض تحت تهديد سيف الاستيطان
وشروط “إسرائيل”، ودخلت في ما أعلن
محمود عباس أنه لن يدخل فيه معززاً
موقفه بالإعلان عن نيته عدم الترشح
ثانية لرئاسة السلطة . أما ما يسمى
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية، فمنحت غطاءها للتفاوض بعد
أن تحولت إلى مكتب خدمات سياسية
للسلطة، وترك أمر التسويق والتبرير
وتحسين نيات المفاوض الفلسطيني لدى
الرأي العام لموظفين يتحدثون اللغات
كافة حسب اختلاف الظروف والأحوال . فمن
تصريحات متماسكة ومتمسكة بالشروط
الوطنية والحقوق الثابتة، إلى أخرى
معتدلة، إلى ثالثة خجولة، إلى عاشرة لا
تعرف ماذا تقول . أما الفصائل
المعارضة، فلا حول لها ولا قوة ولا
تمثيل ولا فعالية، وأقصى ما تقتدر عليه
أن تسجل موقفها للتاريخ . المشهد
الفلسطيني هذا لا يناظره في بؤسه سوى
المشهد العربي . هذه “إسرائيل” تتحدى
دول العرب جميعاً، تفرض شروطها عليهم،
وتمرغ مبادراتهم السلمية في الأوحال،
وتجبر جامعتهم العربية على تبديل
مفرداتها وشروطها من الأعلى إلى أسفل
الأسفل، وتفرض على حكوماتها صمت
القبور وحياداً كاملاً تجاه ما يجري
وكأن التفاوض لا يعنيها ولا يمس مصير
دولها وشعوبها . أما الأحزاب والمنظمات
الشعبية، فبزت حكوماتها في الإعراض
الكامل عن الشأن الفلسطيني كما لو أن
قضية فلسطين باتت عبئاً عليها مثل
حكوماتها . ويبقى “الشارع العربي”،
مثل عادته، موسمياً، ينتظر مجزرة
دموية كبرى أو حرباً كي يستفيق لحظة ثم
يعود بعدها إلى عادته سادراً في نوم
عميق . والسلطة والحكومات العربية
جميعها تعرف أن هذا التفاوض الذي تدعى
إليه لن يتحصل منه حق ولن تنجم منه
نتائج سياسية غير العودة إلى نقطة
الصفر . وليس ذلك لأنها جرّبت التفاوض
منذ زهاء عشرين عاماً منذ “مؤتمر
مدريد” ولم تحصل على شيء، ولكن أيضاً
لأن شروطها للتفاوض لم تراع على الرغم
من أنه نُصَّ في “خريطة الطريق” على
وقف الاستيطان، وعلى الرغم من أنها
تنازلت طوعاً عن ذلك إلى مجرد تعليق
الاستيطان، ثم لأن “إسرائيل” وهذا هو
الأهم تفرض شروطاً مستحيلة ومهينة على
الفلسطينيين والعرب يعادل القبول بها
الانتحار السياسي، وآخرها شروط
نتنياهو المذلة وفي رأسها الاعتراف
بيهودية دولة “إسرائيل” . لماذا،
إذاً، تخوض في هذا الخيار التفاوضي
العبثي على مكين علمها بعبثيته ولا
جدواه؟ لأنها
لا تملك قرارها في مواجهة إرادة
الإدارة الأمريكية وإملاءاتها . هذه
واحدة، والثانية لأنها تعتقد أن من
الفائدة أن تدخل في التفاوض لمصلحة
باراك أوباما ولدعم موقفه في انتخابات
التجديد النصفي للكونغرس في الخريف
القادم . فأما
أنها لا تملك قرارها، فذلك مما لا
يحتاج بيانه إلى كثير شرح واستدلال،
يكفي أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع
حتى الآن أن تنتزع من إدارة أوباما
تعهداً بوقف الأنشطة الاستيطانية أو
بأن تنتهي المفاوضات إلى حل لمسائل
تقرير المصير: اللاجئين والقدس
والمستوطنات وحدود 67 للدولة
الفلسطينية . ويكفي أن الدول العربية
وجامعتها لا تملك أن تتمسك بالحد
الأدنى من شروطها السابقة لقبول
التفاوض ومنها وقف الاستيطان . وهل
يملك قراره من لا يملك سياسة مستقلة في
شأن ذي خطر مثل مستقبل فلسطين، ويتخذ
قرارات في القمة ثم ينساها في اليوم
التالي متعاملاً مع المعروض عليه
وكأنه المشروع السياسي الوحيد المتاح؟ وأما
أنها تبغي خوض المفاوضات لمساعدة
أوباما، فهو التفسير الوحيد الذي في
حوزتنا لفهم لغز هذه الموافقة الخرساء
والسريعة على الدعوة الأمريكية إلى
التفاوض المباشر . ولعل من الواضح أن
السياستين الفلسطينية والعربية لم
تبرحا رهاناً على إدارة أوباما حتى
الآن، على الرغم من أنهما اختبرتا حدود
قدرتها على الالتزام بوعودها وحدود ما
تستطيعه من ضغط على “إسرائيل” وحكومة
نتنياهو بالذات . والسياستان تيناك
تعتقدان أن إسداء خدمة لأوباما وحزبه
في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس
من شأنه، إن أبق على أغلبيته في
المجلسين، أن يطلق يده أكثر في شؤون
المنطقة ويحرر مبادراته من ضغوط
الجمهوريين واللوبي الصهيوني، ويدفعه
إلى مبادرات أفعل تجاه قضية فلسطين . حسابات
سيكتشف أصحابها كم هي قصيرة النَّفس
وقاصرة التقدير حين سيكتشفون أن
أوباما، وإن ثبّت أغلبيته في
المجلسين، لن يخطو في النصف الثاني من
ولايته أية خطوة ذات شأن أو قيمة لأنه
سيكون هو وإدارته وفريق مستشاريه
وحزبه مشغولاً بالانتخابات الرئاسية
وبأحلام ولاية ثانية عليه أن يكسب ود
الجمهور اليهودي واللوبي الصهيوني كي
يظفر بها . وسيكرر هؤلاء، حينها، ما
ارتكبوه في السابقات من الحالات
النظير من الأخطاء، ويعودون إلى نقطة
الصفر في انتظار قطرة غيث من إدارة
جديدة، وهكذا هي سيرتهم طالما ليس
لديهم مشروع سياسي، وطالما ظلوا
يحسبون أمريكا صاحبة الحل والعقد في
منطقتهم . ما
أغنانا عن بيان أن المستفيد الوحيد من
هذا التفاوض المباشر والعبثي هما
إدارة أوباما وحكومة نتنياهو: الأولى
لكي تعزز رصيدها الداخلي فتوحي للناخب
الأمريكي بأنها تحقق تقدماً في
السياسة الخارجية وفي أعقد ملفاتها (“الشرق
الأوسط”) لا يقل أهمية عن مكتسباتها
الداخلية في تأمين الرعاية الصحية
ووقف نزيف الأزمة المالية والاقتصادية
. والثانية لكي تقنع العالم وهي في عز
اندفاعتها الاستيطانية أنها تخوض “عملية
سلام” مع أعدائها . وكما ستستثمر إدارة
أوباما ذلك لدعم موقفها الانتخابي في
منافسات الكونغرس القادمة مع المعارضة
الجمهورية، ستستثمره حكومة نتنياهو ضد
معارضتها الداخلية ممثلة في “كاديما”
وحلفائه . وشكراً للفلسطينيين والعرب
على الهدية السياسية الطيبة . ========================= بقلم
:صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية البيان 6-9-2010 شعرنا
جميعا بالسعادة عندما رأينا الرئيس
أوباما يذهب إلى قاعدة فورت بليس يوم
الثلاثاء الماضي، قبل أن يلقي خطابه في
المكتب البيضاوي بشأن العراق، وليوجّه
الشكر لهؤلاء الأميركيين الذين تحملوا
أعباء هذه الحرب المأساوية والتي لا
مبرر لها. ويتمثل
شعاع من أشعة الضوء القليلة في الصراع،
في المسافة التي قطعتها الولايات
المتحدة منذ حرب فيتنام، عندما انتقد
الجنود الأبرياء بسبب قرارات اتخذها
سياسيون. حاول
الرئيس جورج بوش جعل العراق حربا خفية
تبدو بلا تكاليف، ورفض حضور جنازات
الجنود، وأخفى أكفانهم العائدة إلى
أميركا عن أعين الناس. لذا كان من
الملائم للرئيس أوباما، الذي عمل على
تحسين الرعاية الصحية لقدامى
المحاربين، وجعل ميزانية البنتاغون
أكثر عقلانية، أن يكرمهم. قال
أوباما في خطابه: «على الدوام، أدى
رجال ونساء أميركا الذي يرتدون الزي
العسكري، الخدمة بكل شجاعة وعزيمة».
وأضاف: كان هناك المواطنون الذين دعموا
هذه الحرب، ومواطنون عارضوها. وكلنا
متفقون على العرفان لجنودنا من الرجال
والنساء، وعلى أملنا من أجل مستقبل
العراق. جعلنا
الخطاب نتأمل في القدر الهزيل الذي
أنجزه بوش من غزو العراق دون داع في
مارس 2003، ثم بعد ذلك بشهرين أعلن
الانتصار على نحو يثير السخرية. وأثبتت
مسألة امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار
شامل أنها دعاية أطلقتها إدارة بوش.
فالحرب لم تخلق عهدا جديدا من
الديمقراطية في الشرق الأوسط، أو في
العراق على وجه التحديد. وقد جعلت
الحرب الأميركيين يشعرون بأنهم أقل
تمتعا بالأمن في جوانب عدة، وخلقت
منظمة جديدة للإرهابيين، وحوّلت موارد
أميركا العسكرية وإرادتها السياسية عن
أفغانستان. وقال
أوباما، إنه «آن الأوان لوضع الخلافات
حول العراق وراء ظهورنا»، ولكن من
المهم ألا ننسى مقدار الدمار الذي سببه
«بوش» من خلال تضليل الأميركيين بشأن
الأسلحة السامة، وحول القوات
الأميركية التي تقابل بكل ترحاب، وحول
خلق نموذج للديمقراطية في بغداد. لهذا
السبب، كان من المهم إعلان أوباما بكل
صراحة، أن الولايات المتحدة لم تتخلص
من هذا الصراع، فالقوات الأميركية سوف
تواجه المزيد من إراقة الدماء. إننا
نتمنى أن يفي أوباما بوعده بالتعاون مع
الحكومة العراقية بعد انسحاب القوات
القتالية. لم يكن
هناك نصر يعلن عنه ليلة الثلاثاء
الماضي، وكان أوباما محقا بألا يحاول
ذلك. فلو كان النصر ممكنا في هذه الحرب،
فإنه لم يتحقق، ولا تزال أميركا تواجه
تحديات مثبطة للهمة من الحرب الأخرى في
أفغانستان. وقال
أوباما، الذي كان يخاطب أولئك الذين
ادعوا أنه غير ملتزم بالحرب في
أفغانستان أو الذين يعتقدون أنه لن
يغادرها، إنه يتعين على الأميركيين
ألا يرتكبوا أخطاء، وسوف يلتزم بخطته
للبدء في انسحاب القوات في أغسطس
المقبل. ولا يزال يتعين عليه تقديم
تفسير، خلال وقت قريب، حول كيف سيتمكن
من تفكيك وتمزيق وهزيمة تنظيم القاعدة
والوفاء بهذا الجدول الزمني. وفيما
كنا نسمع جميعا حديث أوباما الهادئ
والواضح والبليغ كالعادة، فإننا
متحيرون من سبب حديثه للأميركيين بشكل
مباشر بهذه الصورة النادرة، وبشيء من
التردد. فهذا هو الخطاب الثاني له في
المكتب البيضاوي خلال أكثر من 19 شهرا
من توالي الأزمات. والبلاد
بحاجة إلى سماع المزيد من أوباما، على
وجه الخصوص حول ما يعتقده بشأن أكثر
المهام إلحاحا، ألا وهي «تعافي اقتصاد
الولايات المتحدة، وإعادة ملايين
الأميركيين الذين فقدوا وظائفهم إلى
أعمالهم». وفي
يوم إلقاء هذا الخطاب كان مهماً
التركيز على هذا المعلم في العراق،
وعلى بعض الأرقام الكئيبة: فقد قتل
أكثر من 4400 أميركي وجرح 35 ألفاً، كثير
منهم فقدوا أطرافهم، والرقم الآخر
الذي يكره الساسة الأميركيون ذكره،
وهو مقتل ما لا يقل عن 100 ألف عراقي في
الحرب. ========================= لماذا
لم يُعطَ "الحزب" ضوءاً أخضر
للمواجهة ؟ سركيس
نعوم النهار 6-9-2010 ربما
لم يكن "حزب الله" يدرك، يوم نشب
الخلاف بينه وبين الأكثرية في حكومة
الرئيس فؤاد السنيورة حول "المحكمة
الدولية" ان يدها قد تطاله في يوم ما
أو ان التطورات المفاجئة يمكن ان تجعل
منه المشتبه الوحيد في ضلوعه في جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولهذا
السبب ربما شدد الحزب على مواقفه
المبدئية وأبرزها اثنان. الأول، لفت
نظر الحكومة الى ان اسرائيل يمكن ان
تكون ضالعة في الجريمة المذكورة
ومحاولة لفت انتباه "المحكمة
الدولية" الى ذلك. أما الموقف
الثاني، فكان الدفاع بكل الوسائل
المتاحة عن سوريا التي اتهمها الشارع
اللبناني الأكثري وقادته في العلن
بالاغتيال أو على الأقل بالمسؤولية
عنه. وللسبب المذكور ايضاً ترك عملية
"المحكمة الدولية" تسير على النحو
الذي قررته الأكثرية الحكومية. ولو كان
عنده في تلك المرحلة شك ما في امكان
اعتباره مشتبهاً فيه لكان تصرف بطريقة
مغايرة. وكان قام بما يهدد منذ أشهر
بالقيام به دفاعاً عن نفسه وإن كانت
تهديداته غير مباشرة الى حد كبير.
والمقصود بهذا الكلام هو وضع اليد في
صورة كاملة على البلاد بواسطة الآلاف
من مقاتليه، وبتأييد ودعم من حلفائه
الداخليين والاقليميين، وبصمت مطبق من
الجهات الرسمية التي يفترض انها
مسؤولة عن حماية الدولة والمؤسسات
والارض والناس وحقوقهم. طبعاً لم يكن
أحد واثقاً من نجاح خطة كهذه مئة في
المئة. وفشلها كان يعني اغراق البلاد
في بحر الاقتتال المذهبي وربما
الطائفي. لكن في الحالين، أي في حالي
النجاح والاخفاق، فإن الوضع اللبناني
الذي ينشأ لا بد ان يؤثر سلباً على جهود
الجهات الدولية وحتى العربية الراعية
للمحكمة الدولية والمنتظرة قرارها
الاتهامي ثم احكامها بصبر نافد، إذ
يجعلها ذلك غير ذات موضوع. ماذا
فعل "حزب الله" عندما ادرك ان "المصيدة"
الدولية ربما كانت له اساساً أو ربما
صارت له لاحقاً لاسباب متنوعة؟ رأى
أولاً انه لا يستطيع رفض التجاوب مع
طلب المحكمة الاستماع الى اشخاص من
عنده وإن بصفة شهود في المرحلة الاولى.
وهي صفة قد تتحول بحيث يصبحون متهمين
في مراحل لاحقة، اذا ظهر من خلال
التحقيقات ما يبرر ذلك. فتجاوب، لكنه
قرر ثانياً، وكان ذلك قبل أشهر قليلة،
وضع خطة متكاملة لمواجهة المرحلة
الحالية والأخرى المقبلة بالتعاون مع
حلفاء الداخل والخارج، وهذا هو الخيار
المفضل لديه، او منفرداً في حال لاحظ
ضعفاً في الحماسة للتعاون معه كي يتجنب
الوقوع في "المصيدة" المذكورة.
اشتملت الخطة على عناصر قانونية،
وأخرى سياسية محلية واقليمية، وعلى
خيارات يمكن اللجوء اليها في الداخل،
وعلى خطط تنفيذية لها. وأجرى الحزب
خلال هذه المرحلة مشاورات واسعة مع
الحلفاء في الداخل والخارج، بعضها كان
رسمياً ومعلناً وبعضها الآخر لم يدرِ
به أحد. وكان الهدف من كل ذلك الحصول في
النهاية على ضوء أخضر من الحليف
الاقليمي الأقرب وصاحب الوجود الحليف
للحزب في لبنان للقيام بما يجب القيام
به في حال الاصرار "الدولي" على
استهداف الحزب. لكن هذا الضوء الأخضر
لم يأتِ. ولم يُشْعِل هذا الحليف الضوء
الأحمر في الوقت نفسه. فأبقى ذلك الضوء
الأصفر مشتعلاً وحده. وهذا النوع من
الضوء يثير الشكوك والحذر والتحفّظ
والتحوط وربما الخوف اكثر مما يثير
الاطمئنان. عند
هذا الحد قرر الحزب على ما يبدو، ومن
مراقبة حركته السياسية والاعلامية في
تنفيذ خطته الدفاعية، كما يسميها،
ولكن على مسؤوليته. فكانت سلسلة "الظهورات"
الاعلامية لأمينه العام السيد حسن نصر
الله، التي كان الهدف من التصعيد
التدريجي الذي مارسته، وضع اللبنانيين
على تناقضهم وانقساماتهم والحكومة على
انقسامها المعروف أمام خيار من اثنين.
الأول، مُرّ على الأكثرية وهو تجنيب
البلاد خطوات انقلابية او جولات عنف قد
لا تنتهي باتخاذ موقف من المحكمة
الدولية يفرغها من مضمونها ويجعلها
غير ذات موضوع رغم ان اي قرار في شأنها
صار أممياً. والثاني، مُرّ على
اللبنانيين كلهم وهو الامساك بالبلاد
بالقوة ووضعها على شفير هاوية سحيقة
السقوط فيها قاتل. طبعاً لم تستسلم
الأكثرية لكل ذلك، "فقاومت" ولكن
بالاعلام والمواقف السياسية و"الكلمة
الطيبة". وبدا للجميع ان لبنان ذاهب
الى معركة كسر عظم معروفة بدايتها ولكن
نهايتها مجهولة. اقلق ذلك حلفاء
الأكثرية من العرب وفي مقدمهم المملكة
العربية السعودية. وقد يكون اقلق سوريا
ايضاً لأن نجاح "حزب الله" وإن كان
حليفاً لها اساسياً في لبنان من شأنه
ارباكها. ذلك انه قد يخلق وضعاً شبيهاً
للوضع الذي خلقته ايام الحرب منظمة
التحرير الفلسطينية وسائر فصائلها. أي
قد يجعل الحزب منافساً لسوريا في
النفوذ على لبنان رغم شراكتهما في
السياسة، الأمر الذي يقلص دائرة
مرونتها السياسية اقليمياً ودولياً
وخصوصاً في ظل العلاقة العضوية
والايديولوجية القائمة ومنذ التأسيس
بين الحزب والجمهورية الاسلامية
الايرانية. ففضل "الشقيقان اللدودان"
السعودية وسوريا مصالحهما المنطلقة
شكلياً من لبنان والتقى زعيماهما في
دمشق، ثم انتقل الاثنان الى بيروت
والتقيا "رؤساء" لبنان. وقيل ان
اتفاقاً على التهدئة قد حصل بعد تعهد
السعودية بذل الجهد لارجاء صدور
القرار الظني عن المدعي العام في
المحكمة الدولية، باعتبار ان اي
تعهُّد آخر يتعلق بالمحكمة نفسها
مستحيل التنفيذ. ومذذاك لاحظ
اللبنانيون، ورغم استمرار الاطلالات
الشعبية والتلفزيونية للسيد حسن نصر
الله، ان الهدوء مطلوب بقرار اقليمي.
وتأكدوا بعد انتهاء حادث برج ابو حيدر
رغم استمرار ذيوله السياسية والمذهبية
ان هذا القرار جدّي. لكنهم يسألون: الى
متى يستمر الهدوء؟ وما هي عوامل التخلي
عنه؟ وهل الموقف واحد داخل الحلف
الاقليمي الراعي ل"حزب الله"؟ وهل
من صراعات بدأت داخل هذا الحلف في
لبنان؟ وهل يمكن ان يتضرر حلف سوريا –
ايران الذي صمد حتى الآن قرابة ثلاثين
سنة؟ ========================= ميشيل
كيلو السفير 6-9-2010 تعم من
حين لآخر أقوال أو مصطلحات يتلقفها
اللسان السياسي العربي، ويبدأ
بتكرارها بمناسبة وبدون مناسبة، كأنها
حقائق متعالية لا يرقى إليها شك. آخر
هذه الكلمات، التي انتشرت انتشار
النار في الهشيم، تلك التي تقول: ان
حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامية
التركية تعثمن بلادها، تمهيدا لعثمنة
العالم العربي، وتشن هجوما عاما يطاول
سائر الجبهات العربية، وخاصة منها
الفلسطينية والعراقية، لتحقيق هذا
الهدف. هل
صحيح أن أردوغان ورفاقه في حزب العدالة
والتنمية يريدون عثمنة تركيا، أي
إعادة بلادهم إلى الزمن السابق لعام 1908،
الذي بدأ معه تتريك الدولة العثمانية
وإضفاء طابع قومي حديث عليها قضى على
طابعها الثنائي: العثماني/ العربي،
وسعى إلى إخضاع العرب للترك، مع ما
ترتب على ذلك من سياسات إكراهية نفرت
عرب ذلك الزمن من الشريك الجديد،
ودفعتهم إلى الثورة عليه، بعد أن كانت
الامبراطورية إسلامية: لا عثمانية ولا
عربية، وكان ممكنا إيجاد صيغة لتعايش
جناحيها في إطارها الواسع: غير القومي
؟. هل
يمكن أن يفكر رجل عاقل كأردوغان بحذف
تاريخ عمره قرابة قرن، وقع خلاله تحديث
تركيا وتخليصها من أعباء ميراثها
العثماني، ليعود ببلاده إلى حقبة
تخطاها تطور تركيا والعالم، وصار
الرجوع إليها ضربا من الاستحالة، يهدد
وجود الدولة التركية برمته، إذا
افترضنا أن موازين القوى الداخلية
تسمح لأردوغان بإعادة تركيا إليه،
وكان بوسع قرابة أربعين بالمئة من
الناخبين المؤيدين له فرض إرادتهم،
غير القابلة للتحقيق، على بقية
مواطنيهم، المتمسكين بالدولة القومية
التركية في صيغتها الأتاتوركية
المتطرفة قوميا، المعارضين لأسلمتها،
الذين يرجح مراقبون كثر أن يطيحوا في
الانتخابات المقبلة بحكومة حزب
العدالة والتنمية الحاكم، الذي ينفي
بحرص شديد أنه حزب إسلامي؟ تمارس
حكومة أردوغان سياسات تستهدف ترميم
واستعادة علاقات تركيا، كدولة قومية،
مع العالم العربي، المستقل عنها. هذا
أمر لا جدال فيه. لكن أي نوع من
العلاقات يريد أردوغان، ومع أي عرب؟.
وهل ستكون علاقات تركيا مع سوريا
المجاورة من نوع علاقاتها مع مصر
والمغرب البعيدين؟. وهل ستكون
علاقاتها مع العراق من نمط علاقاتها
القديمة معه زمن الحكم العثماني، حين
كان ساحة صراع وقتال بين إسلامها السني
وإسلام إيران الصفوية الشيعية؟. وهل
ستستطيع، كما فعل النظام العثماني،
احتواء وتهدئة العالم العربي بدوله
المتعارضة المصالح والسياسات
والأهداف، المتباينة الأحجام
والرهانات والارتباطات؟. ثمة
هنا استحالة مضاعفة: استحالة رد تركيا
إلى زمن العثمانية الإسلامية، بعد أن
تحدثت أقسام واسعة من مجتمعها
وتعلمنت، واستحالة سيطرة تركيا
القومية على عالم عربي كبر كثيرا على
قبضتها الصغيرة، لم تعد الرابطة
الدينية تشده بعضه إلى بعض، كي تشده
إلى غير العرب من المسلمين، وأحلت
حكوماته ونظمه رابطة المصلحة، بأكثر
معانيها مباشرة وفسادا، محل أي رابطة
أخرى: قومية كانت أم دينية، وخرج منذ
زمن طويل من الرغبة في توحيد أو تجميع
قدراته وطاقاته، واستطاب حكامه
قطريته، لاعتقادهم أنها تضعف مجتمعاته
وتمكنهم من التحكم فيها بالطريقة التي
تحلو لها، فليس في مزاج الاتحاد أو
الارتباط مع أحد، إلا في حالتين: أن
تجبر صراعاته بعض أطرافه على
الاستقواء بدول من خارجه، منها تركيا،
التي ستجد نفسها غارقة في صراعات
وتناقضات عميقة وضاربة، وستركز جهودها
على الابتعاد عنها وتحرير نفسها من
النتائج الوخيمة التي يمكن أن تترتب
عليها، وسترغب على الأرجح في تقييد
دورها فيها إلى أدنى حد، وفي الانكفاء
على ذاتها، لمواصلة طريقها بعيدا عن
مشكلات العرب القاتلة . أن
يستدرجها الضعف العربي العام، وضعف
بعض جيرانها، إلى لعب دور يتخطى
قدراتها داخل المجال العربي، حيث ستجد
نفسها بعد حين على الجانب الخاسر من
المعادلات والصراعات الإقليمية
والدولية، وتسارع إلى التملص من
التزاماتها تجاه من وضعت يدها في
أيديهم. مهما
كان ما سيحدث، فإن تركيا الراهنة
ستكتفي على
الأرجح بعلاقات
طيبة مع العرب: من طبيعة اقتصادية أكثر
مما هي سياسية، أو سياسية بدمغة
اقتصادية غالبة، وستراقب ما يجري عن
كثب، أي عن بعد، لتفيد من الأمر القائم
العربي، وتتفادى ما قد يترتب على
انخراطها المباشر فيه من ضرر يلحق
بمصالحها ومكانتها الإقليمية
والدولية. وللعلم، فإن توجهها الجديد
نحو العرب تلازم مع تطورين مهمين: الانخراط
الإيراني العميق، المباشر والواسع، في
الشؤون العربية، الذي يهدد مكانتها
الإقليمية ودورها، ويستوجب الرد عليه
توسيع دائرة اهتمامها نحو الشرق، بعد
أن كانت طيلة نيف ونصف قرن مكرسة للغرب
وصراعاته مع السوفيات، واقتصرت على
تحديث داخلي من نمط برجوازي/ غربي،
اكتشفت بعد الثورة الإيرانية أنه لا
يحصنها داخليا، وأن عليها مصالحة
جوانب من عثمانيتها، لتتمكن من حماية
نظامها. أليس هذا هو السبب المحتمل
لصعود نجم حزب العدالة والتنمية، الذي
جاء من الإسلام السياسي إلى العلمانية
والمدنية، فجمع في سياساته ومواقفه
خير ما في التيارين من مشتركات، ووسع
دور تركيا دون أزمات وخضات داخلية،
وفتح أمامها أبواب الشرق، العربي
والإيراني، دون أن يؤدي ذلك إلى إغلاق
أبواب القومية والعلمانية، والقطيعة
مع الغرب، أو يحول دون بلورة نموذج
إسلامي جديد، نجح في التوفيق بين ما
كان يعد متناقضا: عنيت القومية
والعلمانية والجمهورية والديموقراطية
والإسلام والرأسمالية، بينما تتمسك
إيران بنموذج يصعب عليه اختراق العالم
العربي (يقتصر الاختراق إلى اليوم على
تنظيمات محدودة ومبعثرة هنا أو هناك)،
يتخبط في عزلة دولية خانقة، فلا يجد
غير السلاح لغة يكلم الغير من خلالها،
مع ما في هذا التطور من تقويض لفرص
إضفاء طابع إسلامي جامع عليه. في مقابل
هذا النموذج، تراهن تركيا على كسب
الدول دون اختراقها، وتطوير مشتركات
معها حاملها الاقتصاد وليس الدين أو
المذهبية، هي سبيلها إلى الخروج من
مشكلاتها، وليست السبيل إلى مزيد من
الغرق فيها أو إلى مشكلات جديدة ليست
بحاجة إليها ولا تقوى على التخلص منها .
الحاجة
إلى دور مختلف عن ذاك الذي لعبته في
الماضي القريب وقام على الانخراط في
تكتل دولي، غربي، يصارع تكتلا آخر،
سوفياتيا/ شرقيا، وهو دور حامله جيش
يتبنى نزعة قومية نجحت في تحديث تركيا
بدون أن تعرضها لخطر الاشتراكية،
ووضعتها في سياق عالمي لم يتعارض مع
طابعها الداخلي، نماها في سياق
رأسمالي دون أن يهدد استقلالها. ليس
الجيش أداة ملائمة لتنفيذ السياسة
الجديدة، التي تراجع فيها خطر الصراع
المسلح، وبرز الاقتصاد كساحة تواصل مع
الآخرين وكأداة تفاعل معهم ودخول إلى
بلدانهم، والاقتصاد بطبيعته ليس
عثمانيا أو تركيا، ولا يتطلب العثمنة
كي يصل إلى الأسواق الخارجية، وليست
لديه أساسا القوة الكافية لتحقيق ما
يجب أن تتضافر لبلوغه جهود وقدرات سائر
مؤسسات وقوى الدولة السياسية
والعسكرية، فضلا عن الاقتصادية. لا
يتطلب نجاح الدور الجديد عثمنة أحد،
وإلا فشل فشلا ذريعا، ولاحق هدفا
مستحيل التحقيق. كما لا يتطلب عثمنة
تركيا، وإن أعاد إليها بعض ما فقدته من
أواصر تاريخية مع جيرانها الأقربين،
وخاصة منهم العرب، الذين انفصلوا عنها
لأن جامعة الإسلام لم تكن كافية
لبقائهم تحت سيطرتها، والرابطة
القومية أبعدتهم عنها، وليسوا اليوم
مؤهلين، رغم تلاشي رابطتهم القومية من
سياساتهم، لاستعادة ماض تستحيل
استعادته، في ظل قطرية نظمهم العضوض. لا
يريد أحد عثمنة العرب، أقله لأن
عثمنتهم تخضعهم من جديد لمركز واحد.
وهذا ممنوع أميركيا وصهيونيا. ولا
يستطيع أحد عثمنة العرب، لان تركيا
نفسها ليست قادرة على، أو راغبة في
استعادة الحقبة العثمانية من تاريخها،
ولان محاولة استعادتها ستعني الحرب
الأهلية بين نصفيها المتعادلين:
الإسلامي والعلماني، وعودة جيشها إلى
الموقع والدور اللذين تحاول السياسة
إخراجه منهما، بقوة ظروف عالمية
ومحلية وإقليمية تغيرت سياسيا
واقتصاديا وعسكريا واستراتيجيا. تجتهد
حكومة العدالة والتنمية لرسم ما
يناسبها من رؤى جديدة. ليست ولن تكون
عثمانية بالتأكيد، مهما بلغ حجم الشوق
الإسلامي إلى ماض جسده سلطان كان اسمه
عبد الحميد، أطاح به الجيش التركي، بعد
فشل عثمنة الإسلام التي بلغت ذروتها في
سياساته، ورفضها العرب باسم الإسلام
والعروبة في آن معا، وانقلب أتاتورك
وجيشه عليها، قبل أن يقضوا على بقاياها
باسم القومية التركية. لن
تعود تركيا إلى الماضي، بينما هي تقدم
نموذجا ناجحا للتقدم نحو المستقبل. ولن
يتعثمن عرب تابوا عن عروبتهم لا كي
ينخرطوا في إطار إسلامي، بل كي لا يكون
هناك أي إطار يجمعهم، غير خلافاتهم
وتناقضاتهم المستشرية، المتفاقمة من
يوم ليوم ومن ساعة لساعة. ========================= د.
عبد الحميد مسلم المجالي Almajali.abdalhameed@yahoo.com الرأي
الاردنية 6-9-2010 لا
تحظى المفاوضات المباشرة بين
الفلسطينيين والاسرائيليين بشعبية في
العالم العربي ، ليس لان المفاوضات مع
اسرائيل مرفوضة من حيث المبدا بعد نحو
عشرين عاما من التفاوض ، بل لان خبرة
التفاوض مع الاسرائيليين لم تعط ادنى
امل بانهم يريدون السلام والتوصل الى
اتفاق تاريخي لانهاء النزاع. كما ان
ردود الفعل الرافضة لاستئناف
المفاوضات المباشرة، لم تكن لتاخذ هذه
المساحة من الاتساع، لو لم تعط مسالة
استئناف هذه المفاوضات اهمية اكبر مما
كانت عليه في السابق، بحيث وضعت في
سياق يماثل الى حد ما الموقف من
القضايا الجوهرية التي ستبحث خلال
المفاوضات. ولذا فان بعض المعارضين
لاستئناف هذه المفاوضات اعتبر ان مجرد
البدء بها يشكل اعلانا مسبقا للتنازل
عن الحقوق. لقد
ساهم الموقف الامريكي بعد تسلم اوباما
للحكم، في تشجيع الجانب الفلسطيني على
وضع بعض الشروط باعتبار ان واشنطن تؤيد
وضعها كالاستيطان مثلا، الا انه بعد ان
تشبع الرأي العام بفكرة الشروط
والمطالبات المسبقة، انسحبت الادارة
الامريكية من لعبة الاشتراطات لتترك
الطرف الفلسطيني مكشوفا يبحث له عن طرق
خلفية للانسحاب فوجدها في لجنة
المتابعة العربية واللجنة الرباعية
الدولية. وعلى
الرغم من ان الفلسطينيين والعرب
لايملكون خيارا سوى خيار التفاوض، وان
اي خيار اخر ليس سوى اقوال لاافعال،
فان اسئلة مهمة تطرح نفسها، ولاندري ان
كان الجانب الفلسطيني قد حصل على
اجابات عليها. ومن بين هذه الاسئلة هو
هل ان المفاوضات المباشرة بدات من
النقطة التي انتهت اليها المفاوضات
بين الجانبين في عام الفين وثمانية
اثناء فترة ايهود اولمرت؟ هل سيمارس
الامريكيون في المفاوضات دور الوسيط
ام الشريك والى أي مدى؟ ماهي الضمانات
لتنفيذ اسرائيل لاي اتفاق محتمل خاصة
وانها تنصلت من سلسلة من الاتفاقيات
السابقة منذ اوسلو؟ وهل ستشكل
القرارات الدولية وبيانات الرباعية
مرجعا اساسيا لهذه المفاوضات؟ الجانب
الفلسطيني يقول انه حصل على اجابة عن
السؤال الاخير على الاقل، غير ان
نتنياهو لا يعير اهتماما لذلك، ويعتبر
ان نتائج التفاوض تحكمه طاولة
المفاوضات. واضح
ان نتنياهو يركز في هذه المفاوضات على
شرطين رئيسيين وهما: الامن الواجب
حضوره في أي اتفاق محتمل مع
الفلسطينيين، ومسالة اعتراف الجانب
الفلسطيني باسرائيل دولة للشعب
اليهودي، والتي تثير هواجس جوهريه حول
مستقبل وجود العرب في اسرائيل. واذا
كان من الممكن التوصل في النهايه
لموضوع الامن، الا ان مسالة الاعتراف
بيهودية اسرائيل سيثير الكثير من
العنت خلال عملية التفاوض. ولانظن ان
الجانب الفلسطيني لديه مشكلة كبرى في
الاعلان عن اعتراف مشروط بالمحافظة
على مكانة العرب ووجودهم داخل الدولة
اليهودية. كما ان لهذا الشرط
الاسرائيلي مقابلاً فلسطينياً، وهو ان
تعترف اسرائيل بانها سلطة احتلال في
الاراضي المحتلة منذ عام سبعة وستين ،
وهو اعتراف سوف يعني الغاء أي مطالبات
اسرائيلية تاريخية او دينية في جميع
اراضي الضفة الغربية بما فيها القدس. لاشك
ان التفاؤل بالوصول الى اتفاق نهائي
بين الجانبين شبه معدوم ، وحتى لو توصل
الجانبان لهذا الاتفاق فان زعماءهم
لايملكون الشجاعة الكافية للامضاء
عليه، لان أي اتفاق سيشكل تسوية ،
والتسوية تعني تقديم الجانبين
لتنازلات رئيسية ، وهو امر مرفوض من
قبل الراي العام الذي لم يهيأ بعد
للقبول بهذه التنازلات. بعد ان
توصل الجانبان لاتفاق اوسلو الشهير،
شهدت اسرائيل عدة انقلابات ديموقراطية
كل منها كان يطيح بجانب مهم من
الاتفاق، ويمتنع عن الالتزام
بالاتفاقات اللاحقة ، الى ان وصل
الجانبان الى وضع يحكمه فراغ كامل من
الاتفاقيات سارية المفعول ، فمن سيحمي
أي اتفاق محتمل من التقلبات السياسية
في اسرائيل والتي لايمكن التنبؤ بها ،
ولعل في اتفاق اوسلو وما بعده عبرة لمن
يهمهم الامر. ========================= حول
الحملة الواسعة من الاعتقالات في
الضفة ياسر
الزعاترة الدستور 6-9-2010 حملة
رهيبة تلك التي شنتها أجهزة السلطة في
الضفة الغربية ضد حركة المقاومة
الإسلامية حماس خلال الأيام الأخيرة ،
تحديدا منذ تنفيذ العملية البطولية في
الخليل ، إذ طالت الحملة حوالي 700 من
قادة الحركة وعناصرها ، إضافة إلى
أولئك المعتقلين أصلا لدى الأجهزة
الأمنية قبل العملية. المعتقلون
من خيرة أبناء ونخب المجتمع الفلسطيني
، وكثير منهم أسرى محررون أنهوا
محكومياتهم في سجون الاحتلال وخرجوا ،
مع العلم أنهم جميعا ليسو من النوع
المشبوه بأية صلة بالعمل العسكري الذي
تتخصص أجهزة الاحتلال بملاحقته. الخلية
التي نفذت العملية كانت من دون شك خلية
متفردة لا صلة لها بالمعتقلين ، لأن
هؤلاء من النوع المكشوف والمراقب من
الطرف الفلسطيني والإسرائيلي في آن ،
لكن الاعتقالات لا تستهدف فقط البحث عن
منفذي العملية من خلال وجبات تعذيب
وتحقيق ستطال كثيرا من المعتقلين على
أمل فك لغز العملية ، أو العمليتين
بتعبير أدق ، لأن عملية رام الله التي
تسببت بجرح مستوطنين أكثر خطورة من حيث
دلالاتها المكانية ، حيث تصنف المدينة
بأنها الأكثر هدوءًا والأكثر رفاها ،
خلافا للخليل التي تحظى حماس فيها
بتأييد كبير. هذه
الوجبة من الاعتقالات هي تأكيد من طرف
السلطة للولايات المتحدة
والإسرائيليين على وفائها لبنود خريطة
الطريق وتعهدات التنسيق الأمني
وبرنامج السلام الاقتصادي ، وعلى
إصرارها على شطب حماس من المعادلة
الداخلية السياسية والاجتماعية ، وليس
العسكرية فقط. من
أهداف الاعتقالات أيضا إقناع حماس بأن
ثمن العملية أو أية عملية مشابهة سيكون
باهظا ، الأمر الذي ينبغي أن يدفع
التنظيم إلى المطالبة بوقف العمل
العسكري تبعا لكلفته الباهظة. والحق
أن حماس تعلم ذلك تمام العلم ، أعني
الكلفة الباهظة للعمل العسكري في
أجواء السلام الاقتصادي وتخلي حركة
فتح عن برنامج المقاومة بشكل كامل ،
وهي لم تنس بعدُ ما جرى لها إثر عملية
الوهم المتبدد التي اختطف من خلالها
الجندي شاليط ، لاسيما في الضفة
الغربية. لكن
ذلك لم يكن هو ما دفعها إلى التوقف عن
تنفيذ العمليات كما يذهب المرجفون ، بل
هي الإمكانية التي غابت تحت وطأة
الضربات المتوالية خلال الأعوام
الأخيرة ، وإذا كانت تهمة حماس هي
المحافظة على السلطة ، فما هي تهمة
الجهاد التي توقف فعلها العسكري
أيضا؟، لقد
كانت الضربات التي تعرضت لها خلايا
العمل المسلح رهيبة ، بحيث استهدفت
جميعا ، وها هي المحاولات المحمومة
لإنشاء خلايا جديدة تؤتي أكلها ، الأمر
الذي تبدأ من خلال عملية قتل الجنديين
في حزيران الماضي ، والتي انتهت إلى
اعتقال الخلية المنفذة ، وها هي خلية
أخرى تنفذ عملية المستوطنين ، وندعو
الله أن يحمي أبطالها ، وإن أشارت
التجارب السابقة إلى صعوبة ذلك في
أجواء من هذا النوع تتعاون فيها السلطة
بإخلاص منقطع النظير مع الاحتلال. أما
في غزة فالأمر مختلف بعض الشيء ، لأن
العمليات خارج نطاق الصواريخ شبه
مستحيلة بسبب السياج الأمني وخروج جيش
الاحتلال من القطاع ، بينما تسعى حماس
وقوى المقاومة إلى استغلال فترة
الهدوء في ترميم قوتها ومضاعفتها ،
وهذا ما لا يريد أولئك القوم الاعتراف
به. حماس
دائما متهمة في نظر هؤلاء ، فهي إن لم
تقاوم قالوا إنها تركت المقاومة من أجل
السلطة ، وإذا قاومت قالوا إنها تهدد
المصالح الوطنية وتغامر بأرواح
الفلسطينيين وتقدم هدايا لنتنياهو ،
والخلاصة أنها مكروهة في عرف هذا
المنطق الحزبي المقيت حتى لو حررت
الأندلس. عودة
إلى ما يجري في الضفة الغربية ، ذلك أن
هذه الحملة المسعورة من الاعتقالات لا
يمكن أن تشكل ضربة لحركة حماس ، بقدر ما
تزيد شعبيتها في وعي الجماهير ، لأنها
ببساطة تدفع ثمن مقاومة الاحتلال ،
بينما يأخذ الآخرون أجر التعاون معه
مكاسب وامتيازات. وفي النهاية يمكن
للجماهير التمييز بين الفريقين بكل
يسر وسهولة. ========================= العراق
بعد كل نكبة: من سوف يسرق مستقبله
ثانية؟ مطاع
صفدي 2010-09-05 القدس
العربي لا
يحتفل الرئيس أوباما بإنهاء حرب
أمريكا في العراق. لا يستطيع أن يدّعي
انتصاراً عسكرياً، على طريقة سلفه بوش
الصغير. لكن له احتفاله الذاتي الذي
يخص به نفسه، من حيث أنه أوفى بالعهد
الذي قطعه أمام جمهور ناخبيه عندما كان
مرشحاً للرئاسة، في أن يُخرج أمريكا من
كارثتها في العراق، كشرط لتجاوز
الأزمة الاقتصادية التي تُزعزع أركان
الإمبراطورية من داخل هيكلها. لكن من
يصدّق حقاً أن الجلاء العسكري، غير
المكتمل بعد، عن بلاد الرافدين سيتبعه
جلاء النفوذ السياسي والاستخباري
والاقتصادي. إذا كان الأول منظوراً
بعسكره ودباباته، فلن يكون الثاني
مرصوداً أو منتظراً إلا مع استعادة
العراق وحدته وحريته الحقيقية.
فالمسافة شاسعة إذن ما بين الجلاءين،
ولا يزال العراق الأصيل ضائعاً،
غارقاً تحت عراق الاحتلال و(إنجازاته).
ما يسمى بأزمة المسيرة السياسية
المستحكمة، يختصر مجموع العاهات
والتشوهات التي بذرها وغذاها وباء
الفساد والإفساد الأمريكي أينما حلَّ
وأقام أو ارتحل. السنوات
السبع العجاف الماضية من عمر
الاستبداد العسكري، كشفت عن العبقرية
الخارقة للاستعمار الجديد، في ترجمة
التسلط إلى آلة جبّارة لإنتاج أقذر
أنواع الشرور الجمعية الفتاكة،
المدمرة لأعمق خلايا الحياة للمجتمع
المقهور. أمريكا هي صاحبة هذا الاختراع
تحت علامته الفارقة في كون أن
استعمارها لا يجهز على ضحيته دفعة
واحدة، لكنه يجعلها تكرر قتل نفسها
بنفسها؛ فالعراق المحرر افتراضياً من
كابوس الاحتلال العسكري، كيف يمكنه أن
يعيد جمع أشلائه. سؤال استعادة الوجود
الضائع هو أشقّ من سؤال ولادته الأصلية.
ومع ذلك يبقى الرهان على انتهاض إرادة
الحياة مجدداً، إيماناً بان الأمة
التاريخية هي المالكة لذخيرة مستقبل
أفضل، متجاوز لحاضر بائس أو متهالك. حاول
الاحتلال الأمريكي أن يكرر الغزو
الصهيوني لفلسطين. أن يقسّم شعب العراق
إلى المجاميع المتنافرة التي ستشهد
على بعضها غزوات الإبادة المتبادلة،
لم يأت بشعب غازٍ من وراء البحار لكنه
حوّل العراق إلى شعبويات متقاتلة فيما
بينها في حاجة إلى قوة أخرى تضبطها،
تهبط فوقها من علٍ، تبرمج جولات
التقاتل والتهادن. فمن يقول ان
الاحتلال فشل في تحقيق غاياته فاضطر
أخيراً إلى الانسحاب، ذلك وهم وانخداع
بالظاهر وحده. فالعراق بعد جلاء العسكر
الأجنبي، أمسى مُحتَلاًّ بشعبوياته
الأهلوية تلك المتناسلة من بعضها،
والمنعكسة على مقومات المجتمع،
المزعزعة بفضل أعنف تجارب الأهوال
التي ابتُليَ بها سبعَ سنواتٍ عجاف،
كانت خلالها مدَنية العراق المكتسبة
منذ آلاف السنوات، هي الضحية الأولى،
بعد إنسانه المبدع الذي أضحى ذكرى
منسية بين فرسان العصبيات والمقتلات
واللصوصيات بأرقامها القياسية. هذه
الرموز الكالحة أضحت هي أبطال الساحة
الأخيرة، الممسكون ببهلوانيات (العملية
السياسية) التي لا بد لها أن تواجه
مصيرها المحتوم. بعد جلاء الاحتلال لا
بد أن تجلو هذه العملية السياسية
العقيمة وراءه. تبدأ
سلامة العراق مع ذاته، عندما يستعيد
شعبُه وحدتَه الثقافية في عين أجياله
الجديدة الصاعدة. فليست الانتماءات
الطارئة للهويات الفرعية سوى الطريق
المحفوف بأشواك التجربة المُرَّة التي
ذاقها كل فريق على طريقته خلال محنة
الاحتلال. هذه الانتماءات المصطنعة هي
الجاذبة لمختلف التدخلات مما وراء
حدود البلد. وإذا كان لإيران ثمة أدوار
أخرى ستلعبها بعد الجلاء العسكري
الأمريكي، ينبغي لها ألا تغدو أدواراً
لاحتلال مدني آخر؛ فالعراق الحر
المستقل هو أفضل جار كبير عربي لإيران،
يساعدها في الانفتاح المجتمعي
والإنساني على العمق العربي، إن
استطاع عقلاء الثورة الخُمَيْنيّة أن
يعيدوا اكتشاف طريقها المستقيم إلى
الشراكة الإيجابية في بناء عصر
الحداثة والقوة للنهضة العربية
الإسلامية الشاملة، مع بقية أعضائها
المؤسسين التاريخيين، لا أن تكون هي
البديل الوحيد عن هؤلاء جميعاً. يجري
كل هذا، في الوقت الذي أخذت فيه
الإمبراطورية الأمريكية المتهالكة،
تتلبَّس عقلَ وكيان إمبراطورية
صهيونية صاعدة، متربعة على عرش القارة
العربية الإسلامية؛ هذا التحول
الإمبراطوري المزدوج يراهن على ما
تبقى له من أسلحة التدمير الذاتي، في
تفتيت قوى هذه النهضة، في الحطّ بها
إلى مستوى شعبويات عصورها الوسطية
المظلمة. أخطر
غزو إمبراطوري، ليس بالجيوش القاهرة
وحدها، ولكن بتحويل جيوش الخصم، أي (إمكانياته)،
إلى مجرد أشباح تقاتل بعضها بالسيوف
الخشبية الصدئة، العتيقة إياها. أملاً
بحرمان النهضة العربية الإسلامية
لذاتها من إنتاج عصرها التنويري، كأن
يتبنى الاجتماع النهضوي الاختيار
المذهبي، بديلاً عن الاختيار بين
التخلف والتقدم، بين العبودية
والتقليد، أهلوياً أو أجنبياً، وبين
التحرر الفردي والجماعي. ليست
المشكلة في أن يكون الإنسان النهضوي
سنيّاً أو شيعياً، ولكن في أن يكون
مواطناً واعياً لحقوق المواطن له
وللآخرين وواجباتهم جميعاً إزاء بعضهم.
فمن المحزن حقاً أن يُختزل اسمُ الثورة
الأشمل إلى مضمون الاتباعية المذهبية،
مهما كانت صدقية الاعتقاد بالمعاني
الغيبية، لهذه النزعة دون سواها؛ فقد
أصبح مستقبل العراق بعد الاحتلال
الأمريكي مهدداً باحتلالات عديدة من
قبل الشعبويات المتنافسة على السلطة،
بقيادة زعامات أفرزتها (العملية
السياسية) إياها، التي أرادها
الأمريكي أن تنوب عنه بعد رحيله، في
الحفاظ على نموذج الشخصية المفروضة
على العراق بقوة الطغيان؛ هكذا سوف
تأخذ سلطة الشعبويات هذه على عاتقها،
مهمّة الإعاقة الذاتية المستديمة
لانتهاض العراق الحقيقي ما فوق كوارثه
السابقة واللاحقة. النظرة
العربية تتوجه اليوم نحو إيران،
الجارة الإسلامية الكبرى للعراق ولعرب
المشرق جميعاً؛ سؤالها لها هو كيف
يمكنها أن تقرأ الجلاء الأمريكي
بطريقة مختلفة عما كان عليه سلوكها
سابقاً، إزاء الاحتلال، والشعب المحتل.
هل ستدخل إيران مباراة الاستقلال
الجديد، هل ستصرّ على دور القائد لفريق
ضد الآخر، أم أنها قد تنضمّ إلى صف
الحكّام، أو ترضى بمقعد متقدم بين
المتفرجين؛ تلك أسئلة سوف يتوقف عليها
مصير المعركة الكبرى والأعلى للعرب
والإسلام معاً في الصراع الذروي مع
نهايات الإمبراطورية الصهيونية؛ فكل
خَفْضٍ لمستوى هذه المعركة إلى نوع من
الصراعات الشعبوية ما بين فئويات
مذاهب وعروقٍ وهويات فرعية وثانوية،
هو بمثابة تطوُّعٌ مجانيّ في التخريب
الذاتي، يصبّ في حساب الخصم الأكبر
المشترك. عودة
العراق صحيحاً سليماً معافى إلى شعبه
الأبيّ الخلاق، وإلى أمته الصامدة، هو
أهم ما تحتاجه جارته، إيران الثورة،
لفك عزلتها الإقليمية عن الخضم
العربي، ومن ثم، لكي تنهض بدورها
التاريخي كعضو مؤسس، في جبهة الصمود
والتصدي الجديدة، الصاعدة بقوى القارة
العربية الإسلامية. هذه الجبهة لم تعد
حلماً طوباوياً ميؤوساً منه. ساحاتها
المفتوحة ضد طاغوت العصر، إن لم تحقق
هزيمته عاجلاً، إلا أنها تمزق عن وجه
الوحش الضاري آخر أقنعة الإنسانية
الباطلة. مثلما تستنزف طاقاته
العسكرية والمالية، فإنها تدمر بقايا
مصداقيته حتى في أعين شعوبه الغاضبة.
فالرأسمالية المتراقصة على حوافي
هاويات الإفلاسات في مختلف مواردها
الحيوية، المسروقة أصلاً من فقراء
العالم أجمع، أصابت سيدتَها،
الأمبريالية العجوز، بمرض فقر الدم،
آخر أعراض الموت البطيء. ما
حققته هذه الجبهة الناشئة، وغير
المكتملة بعدُ في عددها وعدتها، أنها
أبطلت قدرة الأمبريالية الأسطورية على
إيقاع الانتصارات الحاسمة في خصومها.
بالمقابل اكتسبت هذه الجبهة ثقافة
الممانعة ضد الاستسلام. لكن
الامبريالية لن تستطيع الكفّ عن
ممارسة طبيعتها، لن تتوقف عن اختراع
الأعداء، وشن المزيد من الحروب،
المنفلتة أكثر فأكثر من أية ضوابط
شرعية أو أخلاقية. ولا يزال عدوها
الرمزي والفعلي الأكبر هو استعصاء
الشرق، من بوابته العربية والإسلامية،
على الغرب. ذلك كان محركاً لماضي
التاريخ السياسي والحضاري، وسوف يبقى
عنواناً رئيسياً للمصير الكوني. فلم
يحدث للأمبريالية أن تمتّعت بمثل
القوى الهائلة التي تمتلكها في حاضرها
الراهن، مستخدمةً أعلى فعالياتها
التقنية التدميرية في مقاتلة الشعوب
التي لا تكاد تمتلك إلا قواها البشرية
شبه العزلاء؛ ومع ذلك فإن آلافاً
معدودة من رجال المقاومات الأهلية،
أوقعت بالجيوش الجرارة وأسلحتها
الجهنمية أذلَّ أشكال الهزائم. هذه
الهزائم راكمت أسباب القطيعة الثقافية
بين الامبريالية وشعوبها التي تدفع
أثمانها بتوابيت قتلاها العائدة إلى
بيوتها، وبأفاعيل الأزمة الاقتصادية
المضطردة، بأفواج العاطلين عن العمل،
بانعدام الوظائف أمام أجيالها الشابة. الحضارة
الغربية تواجه موتها المحتوم ما دامت
لا تستطيع انفكاكاً عن إمبرياليتها؛
تلك الحقيقة لم يكن يبشّر بها قادتُها
الفكريون إلا على استحياء؛ لكن مجازر
العراق وفلسطين وأفغانستان جعلت آخر
رئيس حالي للبيت الأبيض لا يصل إليه
إلا على جناح شعار واحد، وهو الانسحاب
من الحروب؛ غير أن الامبريالية لا تغلق
حرباً إلا لتطلق حروباً أخرى. فالجلاء
عن العراق سوف يعني لها مضاعفةَ
الهمجية في أفغانستان. وإعادةَ تجذير
إسرائيل في قلب المشرق، وإجبار حكام
العرب على الاعتراف بها كدولة يهودية
خالصة، وبالتالي إغراق المشرق مجدداً
في مستنقعات حروب دينية ومذهبية لا
تنتهي. المعنى
الوحيد لتمثيلية المفاوضات الجديدة في
واشنطن بين الثلاثي: عباس وكلينتون
ونتنياهو، هو العودة الزائفة إلى
قاعدة الأساس في أزمة الأمبريالية مع
الشرق؛ لعل إخماد الحق الفلسطيني
نهائياً، قد يلغي عقيدة المقاومات
جميعها في القارة العربية الإسلامية
لكن من يقول ان عملاق هذه القارة
عائد إلى قمقمه يوماً ما.. '
مفكر عربي مقيم في باريس ========================= صبحي
حديدي 2010-09-05 القدس
العربي سامي
مبيض، الكاتب السوري والأستاذ في
جامعة القلمون والمعلّق بالإنكليزية
في صحف خليجية وآسيوية، عاكف هذه
الأيام على تأصيل مسألة 'العلمانية' في
سورية، وتأويل القرارات الحكومية التي
قضت بمنع دخول المنقبات إلى الحرم
الجامعي، ونقل قرابة 1200 معلّمة
ومدرّسة منقبة خارج سلك التعليم. وهو
يخلص إلى هذه النتيجة الدراماتيكية:
طيلة 400 سنة ظلت المرأة السورية ترتدي
النقاب، أو 'الملاية' في تعبيره، حتى
جاءت سنة 1920 فكسرت العرف فتاة عمرها 21
سنة، وتظاهرت سافرة في شوارع دمشق، مع
رجال تطوعوا في الجيش السوري لمحاربة
فرنسا الغازية. أغلب
الظنّ أنّ مبيض، وهو المولع بمسلسلات
التلفزيون الرمضانية كما تشير مقالاته
الأخيرة، أدمن على مشاهدة 'باب الحارة'
منذ جزئه الأوّل وحتى الخامس، فبلغ هذه
الخلاصة اعتماداً على صورة المرأة
الشامية كما قدّمها المسلسل، وألقى 'الملاية'
على أربعة قرون من تاريخ المرأة
السورية. وليس هنا المقام الملائم
لمناقشة تاريخ الحجاب والسفور في
سورية الحديثة، لكنّ واقعة الفتاة
التي يشير إليها مبيض (دون أن يذكر
اسمها، ولعله يقصد السيدة نازك العابد)
لم تكن أولى معارك السفور في سورية،
رغم مغزاها الرمزي الخاص، بالمقارنة
مع وقائع أخرى يسردها المؤرّخ عبد
العزيز العظمة، صاحب 'مرآة الشام'. مبيض،
الغارق حتى أذنيه في استنباط الدلالات
من سجال محافظي سورية وعلمانييها حول
مسلسل 'ما ملكت أيمانكم'، لا يبدو في
المقابل وكأنه يكترث بواقعة وجود
الطالبة طلّ الملوحي (19 سنة) قيد
الإعتقال لدى جهاز أمن الدولة، منذ
27/12/2009، ليس لأي ذنب آخر سوى أنها دوّنت
بعض أفكارها على شبكة الإنترنت.
والمفارقة أنّ غالبية موادّ الملوحي
تدافع عن المقاومة، وتمتدح رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
والشيخ رائد صلاح، وتحثّ على دعم صمود
غزّة، وتحنّ إلى قرى وبلدات فلسطين،
ولكنها لا تقول حرفاً واحداً ضدّ
النظام السوري! وأمّا الكتابات
القليلة التي تخصصها لقضايا المرأة،
فإنها تنمّ عن روح تحررية، لا تنقصها
الجسارة، وتساوي بين المرأة والرجل في
كلّ أمر: 'هي 'إنسان كالرجل، مساوية له
في الجوهر والمقام، وكافة الحقوق
والواجبات، عائلية كانت أم اجتماعية'،
كما تكتب الملوحي في مادّة تعود إلى
تشرين الثاني/نوفمبر 2008. هل ثمة
نقاب من طراز
آخر مختلف تماماً، لأنه كشّاف وفضّاح
يمنع مبيض من إدراج قضية الملوحي
في باب معارك تحرير المرأة، إنْ لم يكن
على صعيد مشاركتها في الحياة العامة،
فعلى الأقلّ في ما يخصّ ممارسة حقّ
التعبير؟ أليس في روح تلك المعارك
تشجيع الأجيال الشابة على امتلاك رأي
تحرّري، غير رجعي، مستنير، يشارك في
الحداثة عبر استخدام أحدث أدوات العصر
الإعلامية؟ آخر الأخبار تشير إلى أنّ
السلطات الأمنية أخذت تنكر اعتقال
الصبية الشابة، وهذا نذير خطير اعتادت
الأجهزة اللجوء إليه في حال وفاة
المعتقل تحت التعذيب. وأمّا رسالة
المناشدة المؤثرة، اليائسة البائسة،
التي وجّهتها والدة طلّ إلى بشار الأسد
مؤخراً، فقد وقعت على آذان صمّاء، ولا
حياة لمن تنادي. والحال
أنّ آذان مثقفين من أمثال مبيض، صمّاء
بدورها، إنما تكرّس سلوكَيْن متكاملين:
التواطؤ على ممارسة الصمت في قضايا مثل
اعتقال المدوّنة الشابة، أو الإكثار
من الضجيج والعجيج في قضايا أخرى آمنة
وشكلانية ولا تعرّض للأخطار والمساءلة.
مثلها، كذلك، انخراطهم في تشويه حقائق
التاريخ السوري، أو تدوينها على نحو
انتقائي متعمَّد، كما فعل مبيض نفسه في
بعض موادّ كتابه 'فولاذ وحرير: رجال
ونساء صنعوا سورية 1900
2000'، الذي صدر بالإنكليزية سنة 2005،
في 624 صفحة، واحتوى تراجم 341 من رجال
ونساء سورية في القرن العشرين. خذوا
ما يقوله مبيض عن رياض الترك، المعارض
السوري الأبرز: هو صاحب خطّ ماوي (نسبة
إلى ماو تسي تونغ)، اختلف فيه مع خالد
بكداش؛ واعتُقل سنة 1980، وأُفرج عنه سنة
1998 بعد أن تعهّد ب 'ترك السياسة وقضاء
ما تبقى من حياته في سلام وأمان'. أيضاً:
'خلال السنوات الثلاث التالية تجنّب
الترك الحياة العامة، فلم تضايقه
السلطات الحكومية'، حتى ظهر في برنامج
على فضائية 'الجزيرة'، وتحدّث 'بسلبيّة
بالغة عن الحكومة السورية'، ولهذا فقد 'اعتُقل
مجدداً، ثم أُطلق سراحه بأوامر من
الرئيس بشار الأسد في تشرين الثاني/نوفمبر
2002؛ ومنذئذ 'أقلع نهائياً عن كلّ نشاط
سياسي'! في
نطاق آخر، يدرج مبيض بثينة شعبان،
الوزيرة السابقة ومستشارة القصر
الإعلامية، في عداد كتّاب وفنّاني
سورية، ولكنه يتجاهل عشرات الأسماء
اللامعة التي لا يصحّ أن تغيب عن أبسط
موسوعة تاريخية، مثل عبد الباسط
الصوفي وسعيد حورانية وهاني الراهب
وممدوح عدوان وسليم بركات، في الأدب؛
ونذير نبعة ومروان قصاب باشي وسعيد
مخلوف، في الفنون التشكيلية؛ وأبو
خليل القباني وفايزة أحمد وسعاد حسني
ونجاة الصغيرة، في فنون المسرح
والغناء والسينما. وإذا
كان نقاب الوجه هو العلامة الظاهرة على
فعل، قسري أو إرادي، يعطّل ديناميكية
الانكشاف المتبادلة، والصحية، بين
المرأة والعالم الخارجي؛ فإنّ نقاب
الساكت عن الحقّ علامة خافية، لكنها
تؤدّي وظيفة معاكسة عملياً، لأنها
تسفر عن وجه شيطان أخرس! ========================= هل
نسير نحو مواجهة أمريكية مع طهران ؟ سعدون
شيحان 2010-09-05 القدس
العربي كثيرا
ما اعلنت الولايات المتحدة واسرائيل
عن قرب نفاذ الصبر من تصرفات النظام
الايراني وان هناك مخططا لاستعمال
القوة العسكرية كأخر الحلول نتيجة فشل
الدبلوماسية بالتعاطي مع مشروع ايران
النووي ..فهل كانتا جادتين باستخدام
القوة العسكرية وهل اتى الوقت المناسب
؟ مع
الدور الجديد للدبلوماسية الامريكية
ومساعيها لتفعيل السلام بين
الفلسطينيين والاسرائيليين وجولة
المفاوضات المقامة حاليا في واشنطن
يبدو ان هناك مساران متلازمان الاول
يسعى لجمع الاصوات المؤيدة للمشاريع
التي تنوي واشنطن القيام بها وبطبيعة
الحال كون المحيط الذي تنوي الولايات
المتحدة واسرائيل استهدافة "حتى وان
كان مجرد حرب كلامية " على ابواب
الدول العربية ومن الواجب اخذ رؤية
الشريك العربي بعين الاعتبار سيما وان
الجميع اصبح على يقين بان أي حرب في
المنطقة سيكون العرب ذاتهم الضحية
خاصة بعدما اعلنت طهران ان أي اعتداء
يمر من الارض او الاجواء العربية سيكون
هناك رد على البلدان التي فتحت اراضيها
للغزاة ... ومن
هنا فقرار السلام لم يكن عادلا للامة
العربية لانه يبدو جاء على خلفية مصالح
ابعد من تقاسم الارض وبناء الدولتين
ويتعدى ليصل الى مقايضة السلام
بالاجواء والامن الداخلي العربي ... الزعامات
العربية تعلم وربما تتغافل عن ان
اميركا واسرائيل ليستا جادتين بالقيام
بعمل عسكري اتجاه ايران ولعدة اسباب
منها ان وجود ايران مهم لعسكرة الخليج
بالقوات الامريكية حفاظا على الدول
النفطية الحليفة... والشعوب العربية
فقدتها الانظمة ولا يمكن اسكات صوت
المواطن العربي الموحد الا بخلق عدو
قريب من الحدود وابعاد اصوات المنادين
بالحرب على اسرائيل وهنا تقفز الينا
اشارة لموقف الشارع العربي في
الستينات والسبعينات عندما لم تكن
هناك في مخيلة العرب سوى الكيان
الصهيوني كعدو يجمع عليه الجميع ... اما
اسرائيل ذاتها فهي لا تتمنى انتهاء
الاسطورة الايرانية ولها اسباب ايضا
منها ان تدخلها في الشؤون العربية
واستعراض قوتها لم يكن يحمل شرعية وفق
رؤيتها سوى بوجود حزب الله في الجنوب
اللبناني وحركة حماس في قطاع غزة وهما
مدعومتين من ايران خاصة وان اسرائيل
تعلم تماما ان عقيدة المسلمين لا تسمح
بالسلام المستديم معها لانها تغتصب
مقدس اسلامي وهو القدس .. ولو
افترضنا ان اميركا كانت جادة وتصرفت
بدوافع الحفاظ على الامن والسلم
العالمي كما فعلت مع العراق وعمدت الى
القضاء على البعبع الايراني عندها
ماهو المبرر لوجود الاسطول والقواعد
الامريكية في الخليج وفي افغانستان
سيما وان افغانستان دولة حليفة وتزعم
نيتها سحب الجيش من هناك في السنوات
المقبلة ..ان وجود القوات الامريكية في
افغانستان ابعاده اكبر من القضاء على
القاعدة كما يتصور البعض بل هو مخطط
ستراتيجي شامل يمتد الى الصراع مع
العدو الازلي الاتحاد السوفيتي "روسيا"
حاليا ولعل تكالب الولايات المتحدة في
عقد صفقات ومعاهدات مع الجمهوريات
السوفيتيه المنشقة امر واضح للجميع .. ان من
الثوابت التي تتفق مع رؤيتنا حالتين
الاولى ان لا نية لاستهداف ايران مطلقا
سيما بعد اتضاح الدور الايراني المقبل
من المشاريع العربية ومنها الرسالة
التي حملها بايدن للعراقيين وفسرها
اياد علاوي زعيم الكتلة العراقية
عندها اطلق مبادرة بوساطة عربية تهدف
لتحديد الاطر الايرانية من تشكيل
الحكومة العراقية وثانيهما هو ان لا
نية لسحب القوات الامريكية من
افغانستان والخليج العربي بل على
العكس هناك نوايا لتعزيز الوجود
الامريكي في المنطقة كما حصل في العراق
عندما سحب الجيش وابقي على ما يقرب من 95
قاعدة امريكية هنا .. ان
الدور الايراني وحسب المعطيات يتفق
تماما مع ما مطلوب للمرحلة او كما
تريده اميركا واسرائيل فأميركا لم
تستطع السيطرة على الارض والمجتمع في
العراق لولا الفوضى التي خلقتها
المليشيات الايرانية في العراق
واسرائيل لم تكن لتجر محمود عباس الى
واشنطن في مفاوضات مذلة لولا ضغط حركة
حماس والتضييق الداخلي الذي احدثته
على "ابو مازن "فالرجل ادرك انه
امام خياران الهروب من المشهد السياسي
وترك حركة حماس تلتهم الكعكه او التوجة
لواشنطن وجولة المفاوضات الفاشلة
وبالحالتين الاعداء هم المستفيدون ... ان
اسرائيل تدين بالفضل لايران لانها
وضعت العرب بموقف اضعف من أي وقت مضى
ولم تحقق أي دولة في العالم او مؤسسة او
شخصية ما حققة احمدي نجاد وايران لها
ويكفيها ان مفاوضاتها مع العرب تقام
على اسس الاعتراف باسرائيل مقابل
الخلاص من ايران "ويقينا ان الامر
لعبة جديدة " وهو السر الذي يتكتم
عليه المفاوضين ...ومن الغريب ان نجد ما
رشح من هذة المفاوضات حديث عن ايقاف
الاستيطان وليس هناك حديث عن العودة
الى حدود عام 1967 وهي من الكوارث اضافة
الى عدم تضمين بنود التفاوض احقية
العودة لمن رحلوا وهجروا عن اراضيهم
ومساكنهم والطامة الكبرى غياب
الاعتراف بالقدس عاصمة لفلسطين بل
اصبح مصدر سعادة ابو مازن هو الاعتراف
بالعاصمة المشتركة للدولتين ... وفي
خضم المشهد هذا شيء وحيد سيكون معلوما
هو بقاء الوضع في المنطقة على حالة
وبقاء العدو الايراني محرك لغريزة
اسكات الشارع بسطوة الخوف والضحية هم
ذاتهم الشعوب العربية ..فألى متى يبقى
البعض يلهث خلف التو مان والنوايا
مكشوفة. كاتب
سياسي عراقي رئيس
تحرير صحيفة الشرقية المستقلة العامة ======================= السياسة
الخارجية التركية تنطلق من «الصفر»
نحو عمقها الاستراتيجي وتاريخها
العثماني ال«خوجا»
أحمد داود أوغلو رسم معالمها ودخل
الحكومة مترددا.. متمنيا «الموت خلال
التدريس».. اسطنبول
– ثائر عباس 03.09.2010
المصدر:
الشرق الأوسط في
الحلقة الرابعة من ملف « تركيا على
مفترق طرق: العلمنة أو الأسلمة » تعرض «الشرق
الأوسط » المتغيرات التي لحقت
بالسياسة الخارجية منذ وصول حزب
العدالة والتنمية إلى السلطة، التي
تبلورت أكثر مع وصول ال«خوجا» أحمد
داود أوغلو (أي الأستاذ باللغة التركية)
إلى قمة هرم السياسة الخارجية في
تركيا، حاملا معه إلى هذه الوزارة
نظرياته المثيرة للاهتمام حول «العمق
الاستراتيجي» و«العثمانية الجديدة». بالإضافة
إلى سياسة «تصفير المشكلات» مع
الجوار، فانتقل الوضع عند الحدود
التركية - السورية من منطقة استعداد
للحرب قبل 10 سنوات إلى منطقة تجارة
وسياحة مفتوحة بلا حدود تقريبا، أما
اليونان، التي تعتبر أبرز خصوم تركيا،
فقد توصلت إلى تأييد عضويتها في
الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى العمل
الدؤوب لحل المشكلة مع أرمينيا. ويعزو
كثيرون «الانقلاب» في السياسة
الخارجية التركية إلى داود أوغلو،
الذي وضع فيه رئيس الوزراء التركي رجب
طيب أردوغان ثقة كبيرة، ويقال إنه
سيكون مرشحه التالي لأحد المناصب
المهمة في الحزب الحاكم والدولة. وقد
سارع كثيرون لتلقيب داود أوغلو بأنه «كيسنجر
التركي»، للإشارة إلى فاعلية السياسة
الخارجية التركية في عهده، لكن هذا
اللقب يزعج وزير الخارجية التركي، على
الرغم من الشهرة الواسعة التي يحظى بها
كيسنجر. فالوزير
التركي كتب أطروحات طويلة يدين فيها
السياسات التي اتبعها كيسنجر،
والمقربون منه يرون أن هذا التوصيف «في
غير مكانه» لأن «واقعية» كيسنجر
مسؤولة عن الكثير من المأسي في الشرق
الأوسط وغيره، حتى إن بعض معاوني داود
أوغلو اتصلوا شخصيا بعدد من مستعملي
هذا الوصف من المفكرين والمحللين
العرب ل«التوضيح». على
الرغم من أن الرجلين (كيسنجر وداود
أوغلو) يمتلكان الكثير من أوجه
التشابه، فكلاهما درس العلاقات
الدولية وتخصص فيها، وكلاهما انخرط في
الوساطات بين العرب والإسرائيليين ضمن
جهود المفاوضات من أجل السلام،
وكلاهما تولي منصب وزير الخارجية وهو
في الخمسين من عمره، لكن هذا لم يجعل من
اللقب مقبولا لدى أوغلو والمقربين
منه، الذين يفضلون أن يسموه «داود
أوغلو» فقط كما يقول أحدهم. وقد
انتقد الوزير التركي في كتاب أصدره في
عام 2006 بعنوان: «العالم الإسلامي في
مهب التحولات الحضارية» مكتبة الشروق
الدولية، 2006، بعض أهم نظريات كيسنجر
وتلامذته، وركز انتقاداته على نظرية «صدام
الحضارات»، و«نظرية نهاية التاريخ»،
وانتقد أيضا كل نظريات النهاية التي
أنتجها الفكر الغربي خلال القرن
الماضي «نهاية الدين، ونهاية
الآيديولوجيا، ونهاية التاريخ»،
معتبرا أن النظرية التي تحاول أن تشرع
استخدام القوة لحماية مصالح القوى
الكبرى هي «مبدأ مفرغ من المضمون
الإنساني»، معتبرا أن المشكلة في «صدام
المصالح» وليس «صدام الحضارات»،
ويتوصل أوغلو في نهاية المطاف إلى أن «الحضارة
الغربية برمتها تمر بأزمة، وأزمتها
تتلخص في عجزها عن توفير الأمان
الوجودي والحرية، وهما هدفان أبديان
للإنسان على مر التاريخ، وكل حضارة
تفشل أو تتراجع عن تحقيقهما تصبح
متوترة وانفعالية تجاه الآخرين»،
معتبرا أن عجز الحضارة الغربية عن
توفير «الأمان» و«الحرية» للإنسان
يترجم في «رعونتها في التعامل مع بقية
شعوب العالم، وعدوانيتها تجاه الآخر،
وانتهاكها للتوازن الفطري بين القيم
المادية والقيم الأخلاقية الروحية،
وحتى للتوازن البيئي لحد التسبب في خرق
طبقة الأوزون، إضافة إلى أن نزعتها
الطاغية نحو العولمة تهدد بإلغاء
التعددية الحضارية، وفرض نمط واحد عن
طريق مزيد من القسر والإكراه». فيما
سمته دوائر أخرى ب«مهندس السياسة
الخارجية التركية»، وهو لقب يبدو أنه
لم يزعج الرجل الذي ينتظره مستقبل
سياسي كبير في «الدولة العثمانية
الجديدة» على الرغم من أنه لا يزال
يفضل العمل الأكاديمي عن السياسي. ويكشف
عبد الحميد بيليجي، وهو كاتب عمود في
صحيفة «زمان توداي» الناطقة
بالإنجليزية، ومن المقربين من داود
أوغلو، أن رئيس الوزراء رجب طيب
أردوغان عرض على داود أوغلو أن يتسلم
منصب وزير الخارجية بعد انتخابات عام
2007، لكن الأخير رفض ذلك، مشيرا إلى أنه
قبل المنصب من العرض الثاني، موضحا أنه
يعلم شخصيا أن داود أوغلو لا يزال يحن
إلى مهنته كأستاذ ولإكمال كتبه التي لم
ينتهي منها بعد. مستذكرا جملة رد بها
الأخير على سؤال لصحيفة تركية عن
الطريقة التي يود أن يموت بها، إذ أجاب
حينها: «خلال إعطائي الدروس». ويشير
بيليجي إلى أن داود أوغلو لعب دورا
كبيرا في تطور السياسة الخارجية
لتركيا، معتبرا أنه محترم جدا في
الدوائر الأميركية والفرنسية
والبريطانية والروسية، بالإضافة إلى
دوره في العراق وفي تخفيف التوتر بين
سورية وإسرائيل، ليخلص إلى أن أوغلو
استطاع أن يجعل من تركيا لاعبا محترما
في الشرق الأوسط بعد نكران طويل لدورها
هناك. أما
برهان كوروغلو، الأستاذ الجامعي،
القريب من داود أوغلو، فيرى أنه «رجل
عالم قبل كل شيء، فما كتبه كثير وهو غير
مترجم»، ويقول: «هو أكاديمي مرموق،
ويعرف المنطقة بشكل جيد. يعرف الغرب
فلسفيا وتاريخيا، ويعرف العالم العربي
والشرق الأوسط والشرق الأقصى، لأنه
درس في ماليزيا، وعاش في الشرق الأوسط،
وتحديدا في الأردن ومصر أيام دراسته.
وبعد أن تولي منصبه كمستشار لرئيس
الوزراء أمسك بالكثير من الملفات
المهمة جدا، كملفي العراق وسورية». «الرجل
لا يعرف النوم، وعنده قدرة عالية جدا
على استيعاب الأزمات، وكذلك عنده نظرة
استراتيجية عميقة»، يقول كوروغلو،
ويصفه بأنه «رجل مخلص لعمله ولشعوب
المنطقة، وعلى المستوى الفلسفي
والإنساني والسياسي يستطيع أن يستوعب
المشكلات ويجد الحلول الآنية، وعلى
المدى المتوسط والطويل، وهذه كلها
جعلت منه رجل الحلول». مشيرا إلى وجود «تجانس
وتعاون كبير بينه وبين رئيس الوزراء،
وتفاهم كبير مع الرئيس السوري بشار
الأسد ورؤساء آخرين، ولولا هذا
التعاون لكان من الصعب إنجاز هذه
الأعمال». ثم
يستطرد: «هذا الكتاب كتبه قبل أن تؤلف
حكومة العدالة والتنمية، ووجد الفرصة
لتطبيقها مع تسلمه منصبه، وهذا بفضل
دعم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء».
ويضيف: «لا نستطيع أن نقول إن شخصا ما
مسؤول لوحده، إنها سياسة حكومة وسياسة
دولة، هو له دور، لكن في النهاية، رئيس
الوزراء ورئيس الجهورية هما في قمة
السلم. وكلها قرارات تتخذ بشكل جامعي،
هناك ديمقراطية داخل الحزب، أكيد
يسمعون من (المعلم)، ولكن كل هذه
القرارات، هي قرارات تتخذ.. من ناحية أن
التنظير له دور، أكيد هذا الاتجاه كان
موجودا لدى الطيب أردوغان عندما كان
شابا، فقد كانت له عواطف تجاه الشرق
الأوسط». أما عن
«إسلامية داود أوغلو»، فيقول كوروغلو
إنه لا يقبل هذه التسمية الآيديولوجية
المستعملة في الغرب، مفضلا القول إن «داود
أوغلو رجل متدين، يؤمن بأن الدين
الإسلامي دين شريف، لكن في الوقت نفسه
يؤمن بأن الديمقراطية نظام حياة،
وبحقوق الإنسان»، موضحا أنه في حياته
الشخصية يطبق الإسلام كطريقة حياة.
ليخلص إلى القول إنه «أفضل وزير خارجية
جاء في تركيا ويعرف كل صغيرة وكبيرة في
المنطقة، وله وقفة كبيرة جدا في
الخارجية التركية وأدخل روحا جديدة في
الخارجية، كنا كثيرا ما ننتقد الروح
المتغربة في وزارة الخارجية التركية،
وأدخل روحا وطنية». ويمتلك
الوزير التركي 3 نظريات أساسية تعبر عن
رؤيته للعلاقات الدولية، وهي: نظرية
التحول الحضاري، ونظرية العمق
الاستراتيجي، ونظرية العثمانية
الجديدة. وقد طرح في الأولى رؤيته
لمستقبل العلاقات الدولية، مستنتجا أن
ما يجرى في العالم منذ سقوط الاتحاد
السوفياتي ليس تعبيرا عن انتصار
الرأسمالية الليبرالية، ولا عن نهاية
التاريخ، وإنما هو تعبير عن تحول حضاري
واسع المدى، وبموجب هذا التحول ينزاح
تدريجيا «المركز الحضاري الأطلسي
الأميركي»، وتحاول القارة الأوروبية
العجوز استرداده مرة أخرى من خلال «الاتحاد
الأوروبي»، كما تحاول آسيا «المركز
الباسيفيكي» بناء هذا المحور الجديد
بقيادة الصين والهند واليابان، كما
يحاول العالم الإسلامي من خلال حركات
الإحياء الإسلامي أن يبني محورا
حضاريا جديدا أيضا مرتكزا على تماسك
رؤيته للعالم، وفي القلب من هذه الرؤية
تقع قيمتا الحرية والأمان الوجودي
بالمعنى الإنساني الإسلامي. يرى
أوغلو أن «النموذج الإسلامي» في رؤيته
للعالم يضمن السلام مع البيئة بخلاف
النموذج الغربي؛ لأن المسلم يدرك أن
الكون هبة الله، وهو حق مشترك للجنس
البشري، ولذا لا بد من المحافظة على
البيئة، لأنها شرط جوهري لصلاحية
الكون للحياة. كذلك يؤكد أن النموذج
الإسلامي يعبر عن الأصالة والتعددية؛
فتصوره للتاريخ والزمن يؤكد الطبيعة
الدائرية وليست الخطية الأحادية، كما
الحضارة الغربية، ومن هنا أهمية
التجديد وقدرة الحضارة الإسلامية على
استعادة مكانتها، فالسيادة الحقيقية
لا تنطلق من التفوق المادي وحده، وإنما
من التفوق القيمي والروحي أيضا. ويشرح
داود أوغلو «العقبات التي تعترض نهضة
المحور الحضاري الإسلامي»، منبها إلى
أن المحور الحضاري الأميركي سيسعى
للاحتفاظ بتفوقه بشتى الوسائل
الأخلاقية وغير الأخلاقية، بما في ذلك
أن يتلاعب بالأسس الداخلية للمراكز
الحضارية البديلة له. ويرسم تصورا من
أربع مراحل، قطع منها المحور الإسلامي
ثلاثا ودخل في الرابعة، أولاها مرحلة
الخضوع للنزعة الاستعمارية، وثانيتها
مرحلة تحدي الهوية بعد سقوط الخلافة
العثمانية وحتى قيام ثورات التحرر من
الاستعمار، وثالثتها مرحلة نشأة دولة
ما بعد الاستعمار وسيطرة النخب
المتغربة عليها، ورابعتها يسميها «مرحلة
تجدد الإدراك الذاتي الإسلامي» وتخلصه
تدريجيا من عقدة الدونية التي سيطرت
على الذهنية المسلمة إبان الحقبة
الاستعمارية. ويضرب داود مثالا على ذلك
بخروج تركيا منذ منتصف الثمانينات من
سياسة الانكفاء على الذات، والعزلة عن
محيطها الاستراتيجي الإسلامي،
والقبول المتنامي لهذا التوجه في
السياسة الداخلية التركية. أما في
نظرية «العمق الاستراتيجي» التي ترسم
معالم السياسة الخارجية التركية
الحديثة، فإنه ينتقد «النظرة الغربية
والأميركية التي وضعت بلاده في مكانة
هامشية، أو طرفية ضمن النظام العالمي،
خاصة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة»،
مشددا على أن «تركيا دولة مركزية،
والدليل على ذلك هو وجود تركيا في مكان
قريب من الجغرافيا التي تسمى (أفروآسيا)،
أي أفريقيا وأوروبا وآسيا، فهي هنا
ليست دولة أطراف، هي من الناحية
الجغرافية دولة مركز وليست دولة
أطراف، فتركيا ليست دولة أوروبية
وحسب، بسبب موقعها المركزي، بل هي دولة
آسيوية أيضا. وليست دولة آسيوية وحسب،
بل هي دولة أوروبية أيضا، وهي ليست
دولة واقعة ضمن حوض البحر الأبيض
المتوسط وحسب، بل هي واقعة في حوض
البحر الأسود أيضا، كما توجد أجزاء من
تركيا في البلقان والقوقاز والشرق
الأوسط.. فتركيا،
والحالة هذه، تمتلك القدرة على
التأثير والتأثر بالدول المحيطة بها.
وإذا ما ألقينا نظرة تاريخية، سنجد أن
تركيا تقع وسط المكان الذي تشكل فيه
تاريخ الحضارات الموجودة في المنطقة،
وعندما نلقي نظرة على حضارة ما بين
النهرين والحضارات المصرية
واليونانية والإسلامية والرومانية
والعثمانية، سنجد أن تركيا ليست دولة
أطراف، بل هي دولة تؤثر في عدة حضارات
وتتأثر بها في الوقت نفسه؛ فهي دولة
مركز من الناحيتين التاريخية
والثقافية». مضيفا: «إذا ما ألقينا
نظرة إلى خطوط تدفق الطاقة، سنجد أن
هذه الخطوط تتوه وتضيع طريقها إذا ما
حذفتم تركيا من الخريطة، إذ إنه تمر من
تركيا خطوط أنابيب النفط والغاز
الطبيعي وخطوط نفط باكو تبليس وجيهان،
وخطوط أنابيب كركوك يمورتالك، وخطوط
أنابيب أخرى». ويستنتج
«المعلم» في نظريته أنه «إذا ما وحدنا
فضيلة الشرق، أي فضيلة الحضارة
الإسلامية مع عقلانية الغرب، ومع
خصوبة اقتصاد الشمال مع البحث عن
العدالة في الجنوب، نجد أن تركيا تمتلك
المؤهلات التي تمكنها من أن تصبح دولة
نموذجية للمعطيات الثقافية للعولمة
وللأفروآسيوية، وتمتلك قوة تستطيع من
خلالها التدفق نحو محيطها.. نحن لسنا
دولة أطراف. أما
نظرية العثمانية الجديدة، التي يتبرأ
منها حزب العدالة والتنمية، أي من
التسمية، فهي الأكثر إثارة للجدل على
المستوى الداخلي، حيث يعتبر أن «تراجع
تركيا خلال الحقبة الماضية يعود
لسياسة «القطيعة» التي سعت لفصل ماضي
تركيا العثمانية وعمقها الاستراتيجي
عن حاضر الجمهورية الكمالية ومحيطها
الإقليمي، التي عمقت أيضا الانقسام
بين «العلمانية»، و«الإسلامية»،
وغلبت الأمن على الحرية، وأحدثت أزمة «هوية»
في أوساط النخب التركية، خاصة بعد أن
تبين فشل العسكر في فرض هوية جديدة
بالقوة على المجتمع من أعلى هرم السلطة
التي أمسكوا بها. والحل
في تبني «عثمانية جديدة»، والعثمانية
الجديدة لا تعني بعث السياسات
التوسعية للدولة العثمانية، ولا
العودة للماضي الغابر، وإنما قوامها
ثلاثة مرتكزات، أولها: أن تتصالح تركيا
مع ذاتها الحضارية الإسلامية بسلام،
وتعتز بماضيها «العثماني» متعدد
الثقافات والأعراق، وتوسع الحريات في
الداخل، وتحفظ الأمن في الخارج.
بالإضافة إلى «استبطان حس العظمة
والكبرياء العثماني والثقة بالنفس عند
التصرف في السياسة الخارجية»، والثالث:
الاستمرار في الانفتاح على الغرب، مع
إقامة علاقات متوازنة مع الشرق
الإسلامي. أو بمعنى آخر «علمانية أقل
تشددا في الداخل، ودبلوماسية نشطة في
الخارج، خاصة في المجال الحيوي لتركيا». وكان
أوغلو قد كتب مقالا نشرته إحدى الصحف
التركية قال فيه «إن قطع تركيا لعلاقات
عمرها 500 عام مع الشرق، واتباعها
سياسات غربية خلال ال50 عاما الأخيرة،
كان أحد أسباب عزلتها وتراجع دورها». ويقدم
التقرير الذي نشرته مؤسسة (سيتا)
البحثية في أنقرة على موقعها
الإلكتروني رؤية داود أوغلو للسياسة
الخارجية التركية عقب تعيينه وزيرا
للخارجية، ويناقش التقرير خط السياسة
الخارجية التركية الجديدة وأدواتها،
لا سيما وسط مجهودات الدولة لحل
المشكلات المتأزمة في المناطق
المجاورة. ويرى
التقرير أن مهمة داود أوغلو ستكون في
التحول من التصميم الفكري للسياسات
إلى انخراط أكثر واقعية في السياسة
الخارجية، إضافة إلى أن عهده سيعمق
انخراط تركيا في السياسة الإقليمية
والمنظمات الدولية والسياسة العالمية.
ويشير إلى أن «ثمة إجماعا على أن داود
أوغلو هو الذي غير بصورة كبيرة في خطاب
سياسة تركيا الخارجية وممارستها، حيث
يجعلها تتسم بالحراك وتعدد الأبعاد،
فقد وضع لها رؤية وأسلوبا جديدين
وإطارا لتنفيذهما». معتبرا
أن رؤية داود أوغلو نجحت في الميدان
ونالت سياسته مشروعية لدى المنتقدين
المشككين داخل تركيا وخارجها،. غير أن
رؤيته وأسلوبه الجديدين كانا في
البداية موضوعا للكثير من النقاش، فقد
تساءل الكثيرون عما إذا كانا ملائمين
لسياسة تركيا الخارجية، وبعد سبع
سنوات انتقل النقاش أساسا إلى ما إذا
كانت سياسته ملائمة من دون حزب العدالة
والتنمية، ومن دونه هو في منصب
المستشار أم لا؟ وتستند
رؤية داود أوغلو في السياسة الخارجية،
بناء على التقرير، إلى التحول الداخلي
في تركيا، لا سيما توطيد الاستقرار
السياسي والاقتصادي في البلاد، فقد
سمح الإصلاح الداخلي في تركيا
وقدراتها الاقتصادية المتنامية
للبلاد بالبروز كراع للسلام في
المناطق المجاورة. وقام داود أوغلو
بصياغة سياسته الخارجية على أساس تصور
جغرافي جديد وضع حدا لما يسميه «إبعاد»
البلدان المجاورة لتركيا. ويكمن أحد
المكونات الأساسية لرؤيته في جعل
الصور السلبية والأفكار المسبقة، لا
سيما تلك المتعلقة بالشرق الأوسط،
شيئا من الماضي. وسمح هذا التحول
لتركيا بتحرير سياستها الخارجية تماما
من أغلال الاعتبارات الداخلية. ومهدت
رؤية داود أوغلو الطريق لبروز تصور
جديد يضع مختلف الفرضيات عن البلدان
الإقليمية في أذهان صانعي السياسة،
وتكمن المسألة الأساسية في التحول
المشار إليه آنفا، الذي أعاد تحديد
خيارات السياسة الخارجية، فاتخذت شكلا
جديدا متأثرة بما قام به داود أوغلو من
إعادة لتحديد دور تركيا في المناطق
المجاورة وفي السياسة الدولية، أي في «عمقها
الاستراتيجي»، بحيث توسعت الحدود إلى
ما وراء البلاد في الخريطة المعرفية
لأذهان صانعي السياسة. وزالت
في الذهنية الجديدة الحدود الإقليمية
أمام الانخراط التركي في البلدان
المجاورة، واكتسبت العلاقة بين «الجوار
والآخر» معنى جديدا بعد التخلص من ضغوط
تصورات التهديد الداخلية في السياسة
الإقليمية. وتستند رؤية داود أوغلو في
السياسة الخارجية إلى التحول الداخلي
في تركيا، لا سيما توطيد الاستقرار
السياسي والاقتصادي في البلاد. وتعد
مصلحة تركيا الجديدة في هذه المناطق
نتيجة ترتيب بيتها الداخلي واكتساب
الثقة في النفس في العلاقات الدولية
ووضع رؤية عالمية للسياسة الخارجية
والسعي لدور قيادي في السياسة
العالمية. وقد
استفادت سياسة الجوار التركية الجديدة
من رؤية تقوم على تقليص هذه المشكلات
في المناطق المجاورة لها، وهي الرؤية
التي أطلق عليها داود أوغلو نفسه سياسة
«صفر مشكلات» في حين تتفادى التورط في
المواجهات الدولية. وفي المقابل يقول
منتقدو أوغلو إن في رؤية داود أوغلو «نزعة
عثمانية جديدة»، مستدلين على ذلك بأن «معظم
سياسة تركيا الخارجية تجرى في
الأقاليم العثمانية السابقة». مستندين
إلى إشارة داود أوغلو إلى «الوشائج
التاريخية والثقافية». بطاقة
شخصية: > ولد
أحمد داود أوغلو عام 1959 في مدينة «قونيا»
الواقعة في قلب الأناضول، وتدرج في
التعليم حتى تخرج في قسم العلوم
السياسية عام 1984 في جامعة البوسفور،
إحدى أهم المؤسسات الجامعية التركية،
التي تدرس موادها باللغة الإنجليزية.
وتخرج في قسم «الاقتصاد والعلاقات
الدولية والعلوم السياسية» في
الجامعة، ونال أيضا درجة الماجستير في
الإدارة العامة، ودرجة الدكتوراه في
العلوم السياسية والعلاقات الدولية من
جامعة بوقازيشي. عمل
أستاذا في جامعة مرمرة بين عامي 1993 و1999،
ورئس إدارة العلاقات الدولية في جامعة
بيكنت في إسطنبول بتركيا. كما عمل في
أكثر من جامعة داخل تركيا وخارجها، كان
أهمها الجامعة الإسلامية في ماليزيا. منح
لقب سفير بقرار مشترك من الرئيس أحمد
نجدت سيزر، ورئيس الوزراء عبد الله غل،
وذلك في 17 يناير (كانون الثاني) 2003. قبل
أن يختاره رجب طيب أردوغان مستشارا
للسياسة الخارجية، وذلك للإشراف على
مهام الرصد والتخطيط والمشاركة في
عملية إطلاق سياسة خارجية جديدة
للبلاد عقب فوز حزب العدالة والتنمية
بالانتخابات البرلمانية التركية
وتشكيله الحكومة. وهو
متزوج وله أربعة أولاد (ثلاث فتيات
وشاب) ================== تخمة
في العروض وجنوح نحو القيم المحافظة أحمد
حسو مراجعة:
عبده جميل المخلافي حقوق
النشر: دويتشه فيله 2010 أكثر من
مائة مسلسل تلفزيوني مصري وسوري
وخليجي وإنتاج مشترك تعرض في شهر رمضان
لهذا العام. وفيما يرى البعض أن هذا
الشهر أصبح بمثابة سوق عكاظ للدراما
العربية، يحذر آخرون من كثرة الأعمال
التي تعرض وتأثيرها السلبي على
المشاهد. أحمد حسو في استعراض لهذا
المشهد الفني. قبل أن
تكشف محطات التلفزة عن عروضها لشهر
رمضان هذا العام كان المخرج نجدت أنزور
يعد مشاهديه بمفاجأة كبيرة. ولم يكن
أنزور يقصد بالمفاجأة مسلسله "ذاكرة
الجسد" المأخوذ عن رواية الكاتبة
الجزائرية أحلام مستغانمي التي تحمل
الاسم نفسه، لأن الرواية معروفة على
نطاق واسع، بل كان يقصد مسلسله الآخر،
الذي يحمل عنوان "وما ملكت أيمانكم".
فهذا المسلسل الذي يستند، حسب أنزور،
وبشكل كامل "على مذكرات شخصية لأحد
الجهاديين"، تعرض لانتقادات شديدة
بحيث بات الجمهور، وخصوصا السوري،
منقسما على نفسه حول استمرار عرض
المسلسل أو منعه. الانتقادات
جاءت من الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي
أحد أهم رجال الدين في سوريا وعلمائها.
فقد حذر البوطي من الاستمرار في بث
حلقات مسلسل " وما ملكت أيمانكم"،
معتبرا أن القصد منه "السخرية بالله
وبدين الله" وبأنه يفيض "بالهزء
من المتدينين من عباد الله". وقد
دافع أنزور عن مسلسله مؤكدا بأنه لم
يشأ الإساءة إلى أحد وأن مسلسله "يعكس
واقع المجتمع". وكشف أنزور بأن غضب
البوطي مصدره عنوان المسلسل لأن
الأخير يعتقد أن فيه سخرية من الإسلام
لأنه مقتبس من القرآن. سوق
عكاظ ـ "تخمة في عدد مسلسلات رمضان"
هذا
السجال بين الشيخ والمخرج في سوريا
يكشف المكانة التي وصلت إليها دراما
رمضان في العالم العربي وأهميتها
ودورها في تكوين الرأي العام وتوجيهه.
فالمخرج كان يعتقد بأن مسلسله سيحقق
"مفاجأة كبيرة" لأنه يعرض "نماذج
مختلفة من المجتمع الإسلامي كما هي في
الواقع، بجمالية فنية ودرامية خاصة
دون أن يدينها"، لكن النتيجة أن أحد
علماء الدين يطالب بوقف عرضه فورا. كما
أن المشاهدة العالية للمسلسلات
التلفزيونية في شهر رمضان تجعلها في
بؤرة الاهتمام. من
ناحية أخرى أصبح شهر رمضان للدراما
التلفزيونية كما كان "سوق عكاظ
للشعر في غابر الأزمان"، برأي
المخرج السوري سامر البرقاوي. ويكشف
البرقاوي، الذي يعرض مسلسله "بعد
السقوط" على قناة "سوريا دراما"،
في حوار مع دويتشه فيله، بأن "سوق
العرض الرمضاني فرض منطقه على
المخرجين والمنتجين ليكيفوا أعمالهم
معه؛ بمعنى أن تكون عدد الحلقات بعدد
أيام رمضان وأن يختاروا أفضل ما لديهم
لعرضه في هذه الفترة ذات المشاهدة
العالية جدا بحكم طقوس الشهر الفضيل". إلا أن
الكاتب والصحافي معن البياري يرى أن
هناك "تخمة مهولة في عدد المسلسلات
التي تعرض في رمضان ونوعيتها". ويضيف
البياري، في حوار مع دويتشه فيله، بأن
"هذه التخمة تربك الجميع، تربك
المشاهدين والممثلين وحتى المنتجين"،
مطالبا بتنظيم عرض المسلسلات. ويقترح
البياري إحداث ثلاثة مواسم في العام
بدلا من "موسم واحد"، أي موسم
رمضان. ويتساءل البياري كيف يمكن لأكثر
من "مائة مسلسل أن تأخذ حقها من
المشاهدة والمتابعة والنقد في شهر
واحد؟". المال
الخليجي والقيم المحافظة أما
الكاتب والناقد الفلسطيني رياض أبو
عواد فيرى أن عدد المسلسلات يتناسب مع
عدد الفضائيات العربية التي تزداد
باضطراد. وهذا الكم من المسلسلات "يتيح
للمشاهد أن يختار ما يناسبه ويراه
قريبا من ذوقه"، رافضا فكرة إحداث
مواسم موازية لشهر رمضان. ويضيف أبو
عواد، في حوار مع دويتشه فيله، بأن من
"الخطأ الاعتقاد بأن الكم يقف وراء
التسطيح والجنوح إلى القيم المحافظة
في دراما رمضان". فالفن انعكاس
للواقع الاجتماعي، والواقع العربي "يجنح
نحو المحافظة بالإضافة إلى أن رأس
المال المنتج أصبح محافظا فمعظم
الأعمال ممولة بتمويل خليجي". ليس هذا
فحسب، بل يرى أبو عواد، مدير مكتب
وكالة الأنباء الفرنسية في القاهرة،
أن "بعض المسلسلات تشهد ردة على
مستويات كثيرة وهناك تقديس لزمن مضى
دون مبرر وتقديمه بطريقة محافظة
ورجعية جدا" مذكرا بالجزء الخامس من
المسلسل السوري "باب الحارة" الذي
ينتمي إلى ما بات يعرف بدراما البيئة
الشامية ويتناول فترة الاحتلال
الفرنسي لسوريا. فالمسلسل يقدم "مظاهر
اجتماعية لفظتها المجتمعات العربية
منذ عقود ويقدمها بطريقة جذابة جدا
ومرغوب فيها كظاهرة تعدد الزوجات".
كما يشير أبو عواد إلى بعض المسلسلات
البدوية "الممولة تمويلا جيدا"
متسائلا عن "جدوى عرض هذه المسلسلات
غير الواقعية إلا إذا كانت نوعا من
الحنين إلى مرحلة البداوة في
المجتمعات العربية". وبالرغم
من هذه الظواهر "السلبية" فإن أبو
عواد يرصد نقطة إيجابية جدا في دراما
رمضان لهذا العام والمتمثلة بالأعمال
العربية ذات الإنتاج المشترك. ففي حين
شهد الوسطان الثقافي السوري والمصري
معارك في العام الماضي حول ما وصفه بعض
الممثلين المصريين بـ"غزو الدراما
السورية" للأعمال المصرية من خلال
مشاركة بعض النجوم السوريين في
الدراما المصرية، نجد في هذا الموسم
أعمالا مشتركة تتخطى سوريا ومصر إذ
يشترك فيها فنانون من الخليج. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |