ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
لماذا التفاؤل الحذر
بقمّة واشنطن؟ المستقبل - الاثنين 13 أيلول 2010 العدد 3769 - رأي و فكر - صفحة 19 خيرالله خيرالله خرجت الوفود العربية التي شاركت في القمة
الخماسية التي استضافتها واشنطن
أخيراً وضمت الرئيس باراك أوباما
والرئيس حسني مبارك والملك عبدالله
الثاني ورئيس السلطة الوطنية
الفلسطينية السيد محمود عبّاس (أبو
مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو بانطباع فحواه أن
هناك أملاً في التوصل الى تسوية ما. إنه
أمل ضعيف لكنه يستند الى معطيات لا
يمكن الاستهانة بها في أي شكل من
الأشكال. يعود ذلك الأمل الى أن الرئيس الأميركي
أخذ على عاتقه الدفع في هذا الاتجاه،
أذ أكد أمام الذين التقاهم أنه لن يألو
جهداً في سبيل التوصل الى اتفاق بين
الفلسطينيين والإسرائيليين في إطار
تسوية شاملة في المنطقة. بدا باراك
أوباما جدياً في مسعاه ولم يخف أنه
يعتبر التوصل الى إنهاء النزاع
الفلسطيني- الإسرائيلي أولوية نظراً
الى أن ذلك سيساعد الولايات المتحدة في
سعيها الى الانصراف الى معالجة قضايا
أخرى في غاية الأهمية بالنسبة اليها.
يأتي الوضع في أفغانستان على رأس هذه
القضايا التي تشمل بين ما تشمل الحالة
الفريدة من نوعها التي أسمها باكستان.
باتت باكستان تشكل الحديقة الخلفية
لحركة "طالبان" التي تتصدى للقوات
الأطلسية في أفغانستان وتحمي في الوقت
ذاته، ربما داخل باكستان نفسها، وجود
اسامة بن لادن وكبار مساعديه من قياديي
"القاعدة" في مناطق آمنة خارج
متناول القوات الأميركية. من الأسباب الأخرى التي دفعت الى بعض
التفاؤل بنتائج القمة الخماسية، التي
عقدت أصلاً منأجل تغطية العودة الى
المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، أن رئيس الوزراء
الإسرائيلي تحدث على غير عادته وربما
للمرة الأولى عن وجود "شريك فلسطيني"
يمكن التفاوض معه. في الماضي، كانت
استراتيجية نتنياهو تعتمد على افتراض
عدم وجود شريك فلسطيني في عملية السلام.
كان يستند دائماً الى الانقسام القائم
بين الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة
والى استمرار إطلاق الصواريخ من غزة من
جهة أخرى. الأهم من ذلك كله، أن رئيس
الوزراء الإسرائيلي، وعلى غير عادته
أيضاً، لم يستغل مقتل أربعة مستوطنين
في الخليل على يد عناصر من "حماس"،
قبيل هبوط طائرته في واشنطن، كي يضع
عراقيل في طريق نجاح القمة الخماسية.
على العكس من ذلك، اكتفى نتنياهو بعقد
مؤتمر صحافي ركز فيه على البعد الأمني
لأي اتفاق يمكن التوصل اليه مع
الفلسطينيين، وذلك انطلاقاً من حادث
الخليل. وفي القمة نفسها، تجاهل الحادث
وحاول الظهور في مظهر "رجل سلام"...
قادر على التوصل الى اتفاقات. بدا جلياً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا
يريد مواجهة مع الإدارة الأميركية
الحالية، أقله في الوقت الراهن. لا شك
أن نتنياهو بات يعرف، من خلال خبرته
الشخصية، الثمن الذي على أي رئيس
للوزراء في إسرائيل دفعه نتيجة مواجهة
مباشرة مع أي رئيس أميركي. ربما صار
رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي سبق له
أن واجه بيل كلينتون عندما كان الأخير
رئيساً، يفكر مرتين قبل أن يقول كلمة
لا للمقيم في البيت الأبيض. في
النهاية، ليس في استطاعة إسرائيل في
هذه المرحلة بالذات التفكير في أي صدام
من أي نوع كان مع واشنطن نظراً الى
معرفتها أن لا مجال لاستيعاب ما تسميه
"الخطر الإيراني" من دون تنسيق في
العمق مع الولايات المتحدة. بكلام
أوضح، تبين لنتنياهو أن عليه استرضاء
باراك أوباما عن طريق الاستجابة
لرغبته في التوصل الى تسوية بين
الفلسطينيين والإسرائيليين في حال كان
يريد أن تكون هناك مشاركة أميركية
فعلية في التصدي ل"الخطر الإيراني"
الذي تحول هاجساً إسرائيلياً. من حق العرب الذين شاركوا في قمة واشنطن
التفاؤل بحذر بنتائج القمة وباحتمال
تحقيق تقدم على المسار الفلسطيني
خصوصاً في ضوء الرغبة الأميركية
المعلنة في السعي الى سلام شامل في
المنطقة يشمل المسارين السوري
واللبناني أيضاً. ولكن من حق هؤلاء
أيضاً عدم الذهاب بعيداً في تفاؤلهم
لسببين على الأقلّ. يعود السبب الأول الى أن الرئيس أوباما لن
يعود رئيساً قوياً بعد انتخابات تجديد
قسم من أعضاء الكونغرس في تشرين الثاني
المقبل. كل الدلائل، بما في ذلك
استطلاعات الرأي العام، تشير الى أن
احتمال خسارته الأكثرية في مجلسي
الشيوخ والنواب وارد جداً. سيكون
أوباما بعد انتخابات الكونغرس، على
الأرجح، رئيساً ضعيفاً منشغلاً في
إعادة ترتيب البيت الداخلي على أمل أن
يتمكن من الحصول على ولاية رئاسية
ثانية. أما السبب الآخر الذي يدعو الى مزيد من
الحذر وتفادي الغرق في التفاؤل، فهو
عائد الى أن نتنياهو قد يجد الفرصة
المناسبة لفرض أجندته على أوباما
الضعيف الذي ستترتب عليه مواجهة مجلسي
الكونغرس معاً. وهذا يعني في طبيعة
الحال تجاهل التسوية مع الفلسطينيين
وجرّ أميركا الى التركيز على إيران ولا
شيء آخر غير إيران. الأخطر من ذلك كله،
أن إيران تلتقي مع هذا التوجه بطريقة
أو بأخرى من منطلق رغبتها في أن تكون
القوة الاقليمية المهيمنة، الى جانب
إسرائيل طبعاً. هل صدفة أن تنفذ "حماس"
عملية الخليل الأخيرة في الوقت الذي
كانت قمة واشنطن على وشك الانعقاد؟ هل
صدفة التصريحات النارية عن "محو
إسرائيل" التي يطلقها الرئيس محمود
أحمدي نجاد بين الحين والآخر؟ كانت عملية الخليل هدية من السماء لرئيس
وزراء في إسرائيل هدفه التفاوض من أجل
التفاوض وليس من أجل التوصل الى أي
اتفاق يستند الى خيار الدولتين. هل
تغيّر بيبي نتنياهو أم أنه سيعود الى
طبيعته الأصلية في غضون أسابيع قليلة
لا تزال تفصل عن انتخابات الكونغرس؟ ===================== 11 سبتمبر: يوم خطط
العنصريون لإحراق كتاب الله! بثينة شعبان الشرق الاوسط 13-9-2010 القول المأثور عن منطقتنا هو أن أبناء هذه
المنطقة لا يستيقظون على همّ قديم، لأن
كل صباح يطالعهم بهموم جديدة، وذلك
لكثرة ما يحاك لهذه المنطقة من كوارث
وحروب وحصار وغزوات وعقوبات استهدفت،
ولا تزال، غنى هذه المنطقة وموقعها
الجغرافي المتميز، وثرواتها
الطبيعية، وتراث أبنائها الغني، الذي
هو نتاج تراكم خبرات الحضارات التي
شيدوها طوال آلاف السنين. ويبدو أن خزائن العنصريين في الغرب لا
تنضب من الكراهية والحقد عليهم. وما
يحدث اليوم للمسلمين في أقطاب
المعمورة هو أشد خطرا من حرب باردة
شغلت العالم على مدى عقود بين قوتين
غربيتين عظيمتين، ذلك لأن الغرب قد
أعلن بطرق، وقوانين، وإجراءات لا
تحتمل الشك، أن الإسلام هو العدو، وأن
المسلمين هم المستهدفون اليوم، بعد أن
تم تحميلهم وزر أحداث الحادي عشر من
سبتمبر (أيلول)، على الرغم من أن
التحقيقات بهذا الصدد تثير زوبعة من
الأسئلة حول الحدث، وأهدافه، ومصداقية
ما نشر عنه، إذ يبقى الثابت الوحيد في
هذا الحدث هو أن الهدف منه شن حرب طويلة
الأمد ضد الإسلام والمسلمين. الإساءات للمسلمين ومقدساتهم تتوالى،
نظرا لعدم اتخاذ الدول الإسلامية أي
إجراء رادع. وهكذا نرى صاحب الرسوم
المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)
فيستر غارد أو القس الأميركي تيري جونز
الذي خطط لإحراق المصحف أمام الملأ في
الحادي عشر من سبتمبر يمارسان
عدوانهما على مقدساتنا، فيما تستمر «الديمقراطيات»
و«الديمقراطيون» الغربيون في تشجيع
هؤلاء وحمايتهم تحت مسميات «حرية
التعبير»، و«حرية الرأي»، إذ أن ما قيل
عن الخطة غير المسبوقة لقس في كنيسة
بإحراق كتاب سماوي غير مقبول تحت أي
ذريعة، ولا يعبّر أي مسؤول غربي عن نية
حقيقية أو حتى رغبة بسيطة لمنعه من
المضي قدما في خطته العنصرية الحاقدة
المسيئة لمشاعر أكثر من مليار
وثلاثمائة مسلم ومسلمة في العالم. فما هي أهمية وصف هذا العمل «بالمشين» من
قبل المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل، إذا كانت هي بالذات قد شاركت في
تكريم حاقد عنصري آخر أساء برسومه
لمشاعر أكثر من مليار مسلم ومسلمة
ينتشرون في 58 دولة. المفارقة هي أن
ميركل وفي كلمتها التي أثنت بها على «شجاعة»
هذا العنصري المتطرف الدنماركي فيستر
غارد، نددت بخطة الكنيسة الأميركية
حرق المصاحف، وقالت «إنه أمر مهين
ومشين وخاطئ». فكيف لم تر المستشارة
الألمانية أن تكريمها لفيستر غارد عمل
«مهين ومشين وخاطئ»، وهو ليس إلا الوجه
الأسبق للقس تيري جونز والذي لا شك
سيتم تكريمه لاحقا بعد خمس سنوات،
وربما سيتم صنع تمثال له كما وضع
الإسرائيليون تمثال السفاح روبنشتاين
الذي ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي في
الخليل التي ذهب ضحيتها عشرات المصلين
المسلمين على مدخل مدينة الخليل. كما
أنه سيتم تكريم الكاتب الألماني «سراسي»
الذي أصبح وجه العنصرية الأبرز ضد
المسلمين في ألمانيا بعد أن نشر في
كتابه أن «المسلمين يعانون من صعوبة في
الاندماج تتعلق بثقافتهم وجيناتهم
الوراثية» وأصبح التعبير عن أحكام
مسبقة متجذرة ضد المسلمين يتم تحت غطاء
«حرية التعبير» و«حرية الرأي».
والسؤال هو: هل يسمح الغرب ببحث موضوعي
ونزيه عن «المحرقة» أو مجرد الحديث
عنها في الإعلام؟ أوليست «المحرقة»
حدثا تاريخيا قابلا للبحث والكتابة
عنه، أولم تمنع قوانين «الديمقراطية»
و«حرية الرأي» العالم برمته من مجرد
ذكر «المحرقة»؟ وهل سيكون موقف الغرب
مجرد «الشجب» و«التعبير عن القلق» إذا
ما أراد أي شخص في العالم حرق نسخ من «الإنجيل»
أو «التوراة»؟ بالطبع لا يمكن لأي مسلم أن يفكر في مثل
هذا العمل المشين فعلا، لأنه يتناقض
وروح الإسلام السمحة وتعاليمه التي
تحترم كل الديانات فعلا لا قولا،
والدليل على ذلك أن مسلمي الولايات
المتحدة قرروا إقامة صلاة العيد في
كنيسة مارتن لوثر كينغ كرد حضاري على
كراهية القس تيري جونز وكل القوى
العنصرية التي تقف وراءه وتشجعه،
والتي ادعت العجز عن ردعه أو إيقافه،
لأن عدم ردعه من القيام بهذا العمل
المشين سببه التعاطف الخفي معه
ومباركة ما يقوم به في السر، على الرغم
من التظاهر بإدانته في العلن، لأن
تأكيد المعارضة له دون اتخاذ إجراء
صارم وحاسم لمنعه من القيام بهذا العمل
المشين لا قيمة لها ولا تعبر عن صدق
إدانة هذا الاعتداء على مشاعر ومقدسات
المسلمين. لنقارن فعل هذا القس المشين
مع أخبار «محاكمة» اثني عشر جنديا
أميركيا قتلوا مدنيين أفغان للمتعة
وجمعوا أصابعهم كهواية كما يجمع البعض
الطوابع! إن اختيار تاريخ الحادي عشر من سبتمبر
لإحراق المصاحف هو تاريخ جديد
للمسلمين لا يقل خطورة عن تفجيرات
الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بالنسبة
للولايات المتحدة، بل إنها مرشحة أن
تقود العالم إلى مزالق، ومآس، ومخاطر
غير مسبوقة في التاريخ، ذلك لأن هؤلاء
المتهاونين في دماء المسلمين، وكرامة
الإسلام، ومشاعر ومقدسات المسلمين، لا
يحسبون حسابا لمجتمعاتهم وسلامتها،
لأن الإساءات العنصرية ضد المسلمين
ومقدساتهم، التي يغضون الطرف عنها
اليوم، سوف تقض مضاجعهم غدا، وسوف ترتد
عليهم، ليس ضد مواطنيهم المسلمين فقط،
وإنما أيضا ضد المسيحيين واليهود. فالشعور بالعنصرية والازدراء للآخر شعور
معد، ولا يمكن لأحد أن يتمكن من
احتجازه ضمن القالب الذي اخترع من
أجله، بل سوف يتعدى هذا القالب لينتشر
بأشكال وصيغ غير مسبوقة، وتخرج عن إطار
السيطرة، وتنتشر في المستقبل كانتشار
النار في الهشيم، ولذلك فإن المسؤولين
في الغرب يتحملون مسؤولية إيقاف حملات
الكراهية الموجهة لمواطنيهم من
المسلمين، ليس منة أو معروفا
للمسلمين، بل ضرورة ملحة للحفاظ على
الأمن، والسلم، والعيش المشترك في
مدنهم، وقراهم، وجامعاتهم، ومؤسساتهم. وإذا كانت قلة قليلة من الحاقدين ذات
مصلحة في إثارة نار الفتنة هذه بين
المسلمين في الغرب ومواطنيهم من
المسيحيين واليهود هناك، فلا شك أن
الشعوب الغربية لا مصلحة لها إطلاقا في
السماح لمثل هذه الأعمال المشينة
بالمرور، لأنهم سوف يكتشفون لاحقا أن
تكريم فيستر غارد، وغض النظر عن محرقة
تيري جونز سوف تترك آثارها الجارحة
ونتائجها الوخيمة، ليس على المسلمين
الغربيين فقط، وإنما على المجتمعات
الغربية بأسرها. أما حكومات العالم الإسلامي، فإذا لم
تستيقظ حتى اليوم لتشكل كتلة دولية،
ومرجعية رادعة، وموقفا مدافعا عن
مقدسات المسلمين، فلا أعلم متى
ستستيقظ، ومتى ستعتبر أن ناقوس خطر
العنصرية الغربية قد علت أصواته اليوم
في جميع أنحاء العالم، ولا يجوز بعد
اليوم تجاهل هذا الخطر المستعر
بالأحقاد أو السكوت عنه. هل يرى المسلمون استخفاف العالم بالكارثة
التي حلت بباكستان؟ ولكن ليتخيلوا فقط
لو أن عشرة ملايين مشرد كانوا من أتباع
دين آخر، وفي بلد آخر لرأينا أموال بعض
المسلمين أنفسهم أسخى بكثير مما
رأيناه في هذا الحدث. إنها قضية متعددة
الجوانب، يتحمل الكثيرون مسؤولية
تاريخية فيها، ولكن الثابت في الأمر،
هو أن مسار الحقد على المسلمين مشين
وخطير، ليس فقط على المسلمين، وإنما
على العالم برمته، وأن المطلوب اليوم
هو أعمال تضع حدا لهذه العنصرية
والأحقاد، لا أقوال مرائية، ومواقف
متناقضة تلبس لبوسا كاذبة، ومفضوحة... «إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» صدق الله
العظيم. ===================== معركة مشكوك فيها لكسب
قلوب وعقول الأفغان ديفيد إغناتيوس * خدمة «واشنطن بوست» الشرق الاوسط 13-9-2010 يرى أي زائر للقواعد العسكرية الأميركية
في أفغانستان الكثير من شرائح برنامج «باور
بوينت» تدعي أنها تظهر التقدم الحاصل، على الرغم من
الانتكاسات. بيد أن هناك دراستين قادتا
إلى زيادة مخاوفي بأن الاستراتيجية
الحالية، من دون إدخال أي تغييرات
عليها، لن تحقق هدفها المتمثل في نقل
المسؤولية إلى الحكومة الأفغانية
بداية من يوليو (تموز) المقبل. وهذه التقارير مهمة، لأنها تتطرق إلى
الفرضية الرئيسية، وهي أنه يمكن تحسين
قوات الأمن الأفغانية ومؤسسات الحكم
في الوقت المناسب للقيام بعملية
تدريجية من نقل السلطة. وبالنظر إلى
هذه الدراسات، فكرت مليا وتساءلت، كما
في النكتة القديمة عن المزارع بولاية
مين الذي سأل عن الاتجاهات، هل الإجابة
الصحيحة بشأن مسارنا الطموح في
أفغانستان قد تكون: «لا تستطيع الذهاب
إلى هناك من هنا». إذا كان الأمر كذلك -
وإذا كان هناك نقاط ضعف في خطط الحكم
والتدريب - ينبغي للرئيس أوباما وقادته
العسكريين إذن تقديم تغييرات قبل فوات
الأوان. دعنا نبدأ بالحكم، كان من المقلق مشاهدة
الرئيس حميد كرزاي في كابل يرفض
ادعاءات الفساد بكل جرأة في اليوم نفسه
الذي كان فيه المودِعون يسحبون
أموالهم من مصرف له تاريخ من القروض
المشكوك فيها. وقال كرزاي على نحو ساخط
إن ناقديه عبارة عن عصابات، وشبّه
القبض على مسؤول فاسد في القصر الرئاسي
بالتكتيكات «السوفياتية». إنني حتى لا أتذكر أن الرؤساء نغو دينه
ديم ونغوين فان ثيو في فيتنام الجنوبية
كانوا متعجرفين تماما بشأن الانتقاد،
لكن هذه هي قوة الضعف: أفغانستان غير
مستقرة على الإطلاق لدرجة أن كرزاي
يفترض على ما يبدو أن الولايات المتحدة
ليس لديها أي بدائل سوى التمسك به. وتظهر دارسة، تمت بمشاركة الجيش، كيف أن
تحالفنا مع حكومة كرزاي يقوض الجهود
الرامية إلى تحقيق الاستقرار في
قندهار وهلمند، وهما اثنتان من ساحات
القتال الرئيسية. ولخصت الدراسة
مقابلات أجريت في إطار استطلاع رأي مع
552 رجلا في هاتين المقاطعتين من جانب
المجلس الدولي للأمن والتنمية ورئيسته
نورين ماكدونالد. وفي حين أن الأرقام لم تكن علمية بصورة
بحتة، فإنها تعد قائمة بالأخبار
السيئة: 7 في المائة من المستجيبين
قالوا إن المسؤولين بالحكومة
الأفغانية يحققون الأموال من الاتجار
بالمخدرات؛ و64 في المائة قالوا إن
هؤلاء المسؤولين المحليين على صلة
بحركة التمرد؛ و74 في المائة كانوا
قلقين بشأن إطعام أسرهم. هل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة
يساعد على إصلاح هذه المشكلات الناجمة
عن سوء الحكم؟ وبعيدا عن السكان
المحليين في هلمند وقندهار: 68 في
المائة قالوا إن قوات الناتو لا تحمي
السكان المحليين؛ و70 في المائة قالوا
إن العمليات العسكرية في منطقتهم سيئة
بالنسبة إلى الشعب الأفغاني؛ وفي
مارجا، التي أجرت فيها الولايات
المتحدة حملتها الصاخبة في فبراير (شباط)
لوضع «الحكومة في مربع»، و99 في المائة
قالوا إن مثل هذه العمليات العسكرية
تعد سيئة. وخلاصة القول: كلما حارب الجيش الأميركي
بشدة من أجل دعم حكومة كرزاي في هذه
المناطق الرئيسية في الجنوب، زاد
افتقاره إلى الشعبية. يجب حل هذه
المشكلة بأي طريقة. (سألت الجنرال
ديفيد بترايوس، قائد القوات الأميركية
في البلاد، بشأن هذه الدراسة؛ قال إنه
على علم بها، لكنه أشار إلى صغر حجم
العينة.). وأبرزت الدراسة الثانية الدعامة الكبيرة
الأخرى في الاستراتيجية الأميركية،
وهي خطة لإنشاء قوة من الشرطة والجيش
الأفغاني قوامها 306 آلاف جندي. وجاءت
الأرقام من اللفتنانت جنرال ويليام
كولدويل، الذي تولى في الآونة الأخيرة
مهمة التدريب في كابل. وأشار كولدويل إلى أنه في سبتمبر (أيلول)
الماضي، في الوقت الذي أعلن فيه القادة
العسكريون استراتيجية التدريب، كان
الجيش الأفغاني يتقلص بسبب الاستنزاف.
ورفع كولدويل الرواتب، لا سيما لأفراد
الشرطة المشهورين بفسادهم. ونتيجة
لذلك، انخفض الاستنزاف بين ما يسمى
بشرطة النظام المدني الوطنية
الأفغانية من معدل سنوي بلغ نحو 100 في
المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي
إلى نحو 25 في المائة في مارس (آذار). بيد
أن هذا المعدل ارتفع مرة أخرى ليصل إلى
50 في المائة تقريبا في يوليو (تموز). ويقول كولدويل إن الاستنزاف عالٍ للغاية،
نظرا لأن وتيرة العمل كثيفة للغاية.
إنها حلقة مفرغة: تحارب الشرطة المحلية
بعيدا عن الوطن، في الغالب في وحدات
مجهزة بصورة سريعة؛ لقد تم إضعاف روحها
المعنوية وتركت الخدمة؛ وتم الزج
بمزيد من المجندين لجسر الفجوات وتم
إرسالهم في مهمات بعيدة؛ لقد شعروا
بالإحباط وتركوا الخدمة؛ وهكذا. ويقول
كولدويل إنه يريد جعل هذه القوة «محترفة»،
لكن في دولة تعاني معدل أمية بلغ 70 في
المائة من السكان، فهذا العمل يحتاج
إلى جيل. ومن المقرر إجراء مراجعة مؤقتة
لاستراتيجية أفغانستان في شهر ديسمبر:
يريد البيت الأبيض «الضبط الدقيق،
وليس تغيير القناة». هذا أمر جيد، ما
دام المسؤولون يتوصلون إلى صورة واضحة
وعملية للاتجاه الذي يذهبون إليه. وكما يحب بترايوس أن يقول: «الصعب ليس
ميؤوسا منه»، لكن لا ينبغي كذلك أن
تكون الاستراتيجية ثابتة وغير قابلة
للتغيير. ===================== الإثنين, 13 سبتمبر 2010 جميل الذيابي الحياة ثمة قاسم مشترك بين القس تيري جونز و»شيخ»
تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن. إنه
التطرف، والعفن الفكري، وكراهية
الآخرين. بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001،
كتبت الصحافة أن ابن لادن رجل واحد في
مواجهة العالم بأسره، وقبيل ذكرى 11
سبتمبر في 2010، يمكن أن يكون العنوان
المناسب أن قساً أميركياً يتحدى
العالم ويحرك الإعلام خلفه. الحقيقة
القائمة، أن العالم لن يخلو من «نزق»
الكارهين والحاقدين والمجانين
والمبغضين للآخرين، لكن قدرة الإعلام
الجديد على سرعة نقل سيل الأخبار
وتناولها وتحليلها في اللحظة نفسها
زادت من مضغها حتى أصبح العالم كله
كأنه يسكن في غرفة واحدة، يقرأ ويشاهد
أخبار بعضه، ويتأثر بها ويؤثر فيها،
حتى أصبحت لابن لادن قيمة، وللقس جونز
شهرة. لا تركز هذه المقالة على ابن لادن الذي
أصبح معروفاً بالتطرف والإرهاب
والاختباء في الكهوف، لكنها تركز على
المريض الجديد القس الأميركي تيري
جونز الذي حبس الدم في عروق العالم
خوفاً من صدام جديد بين الأديان
والثقافات. تقول التقارير الصحافية إن تيري جونز
فاشل طوال حياته، لكنه نجح أخيراً في
تسليط الأضواء الإعلامية عليه بعد
دعوته أتباعه إلى حرق القرآن الكريم في
ذكرى 11 أيلول (سبتمبر)، اعتراضاً على
بناء مسجد بالقرب من موقع مركز التجارة
العالمي. يبلغ جونز من العمر 58 سنة، عمل
منها 30 عاماً في التبشير الفاشل، حتى
إن كتابه «الإسلام من الشيطان»، الذي
أصدره قبل شهرين لم يجد من يشتريه سوى
قلة، لكنه بعد أن دعا إلى حرق المصاحف
وجد شهرة عالمية، وبيع منه نحو 200 ألف
نسخة. فيما تعد كنيسته من الأفشل، إذ لم
يجمع لها سوى 51 عضواً، ما يؤكد أن فشله
التبشيري حفزه إلى تلك الدعوة «الكريهة»
لتسلط عليه الأضواء إعلامياً، مستغلاً
بذلك كرهه للإسلام. شخصية تيري الفاشلة لا تخبئ وراءها فكراً
أو معرفة، إذ كشفت شبكة «سي بي إس»
التلفزيونية الأميركية، أن قاضياً
أميركياً استدعاه الشهر الماضي حينما
أعلن خططه، فاتضح له أن جونز وزوجته لا
يعرفان سوى القليل عن الإسلام والقرآن.
وقالت الشبكة إن القاضي سأل جونز كم
مسلماً يعرفه شخصياً، فقال إنه لا يعرف
أي مسلم. لنتمعن في حجم الاهتمام وردود الأفعال
بهذا «النكرة» من داخل الولايات
المتحدة، فالرئيس باراك أوباما اعتبر
دعوته بمثابة «هدية للقاعدة ستؤدي إلى
تجنيد أعداد كبرى لحساب التنظيم
الإرهابي»، فيما وصفت وزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون خطط إحراق المصاحف ب«المشينة
والضالة». وأسف وزير العدل أريك هولدر
لعمل جونز، واصفاً تلك الدعوة بأنها «غبية
وخطرة»، فيما قال ريتشارد كيزيك أبرز
القادة الإنجيليين: «عيب على كل
المتعصبين الرافضين لإخوتنا
الأميركيين بسبب دينهم». في الجانب
الآخر، تواصلت ردود الأفعال الدولية،
إذ لم تتبقَ دولة لم تصدر استنكاراً أو
تنديداً، بخلاف المنظمات العالمية
أيضاً، إذ أعلنت الشرطة الدولية (الإنتربول)
أنها وجّهت تحذيراً شاملاً إلى
أعضائها ال188، من تصاعد العنف، واحتمال
حصول هجمات تستهدف أبرياء فيما لو
أُحرقت مصاحف. وفي برلين، وصفت
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل
مسعى جونز بأنه «قلة احترام وعمل مشين
وخاطئ». ووجّه الرئيس الإندونيسي
بامبانغ يودويونو رسالة إلى أوباما
حذّر فيها من أن ذلك «قد يؤدي إلى نزاع
بين الأديان»، فيما اعتبر رئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي أن
إحراق المصاحف «قد يُتخذ ذريعة من
المتطرفين لمزيد من عمليات القتل
والقتل المضاد». أما الرئيس
الباكستاني آصف زرداري فندّد بمخطط
جونز، معتبراً أنه «سيلهب مشاعر
المسلمين في العالم بأسره وسيحدث
ضرراً لا عودة عنه للانسجام بين
الأديان والسلام في العالم». وحذّر «مجلس
الكنائس العالمي» الذي يمثّل 349 فرعاً
في المسيحية، و»منظمة المؤتمر
الإسلامي» والأزهر من «كارثة على
العلاقات الإنسانية والتعايش السلمي».
كما دان الخطوة الاتحاد الأوروبي
والرئيس اللبناني ميشال سليمان
والفاتيكان وآخرون. لكن إذا تساءلنا: كيف سيكون رد فعل جونز
فيما لو حدث تجاهل لدعوته ولم يكترث
بها أحد بدلاً من مناقشتها وملاحقتها
واستجدائه هو وأتباعه؟ بالتأكيد كانت
مثل تلك الدعوة «الجوفاء» لتموت ولا
تتجاوز حدود مدينته الصغيرة (غينسفيل)،
مثلما ظل فاشلاً طوال 30 عاماً من حياته
التبشيرية، ولم يسمع به أحد. لكنه الإعلام الجديد القادر على النشر
والانتشار بسرعة «فائقة»، والذي يصنع
أحياناً من المرضى والمعتوهين نجوماً.
كل ما كان يتمناه جونز هو لفت الأنظار
إليه والاهتمام به، حتى إن آخر مطالبه
قبل أن يتراجع عن خططه هو أن تتحدث إليه
السلطات الأميركية. طبعاً ربما ليقول
للأميركيين «أنا مؤثِّر... إذاً أنا
موجود». لا شك في أن دعوة جونز استفزازية وكريهة
وبغيضة، لكن يجب على المسلمين في
المقابل عدم المبالغة في رد الفعل، حتى
لا يتحول العالم إلى كتلة من المحارق
والدماء، بسبب الانجرار خلف دعوات
العنصريين والمتطرفين والمعتوهين
والمرضى النفسيين. ===================== آخر تحديث:الاثنين ,13/09/2010 عبدالله السويجي الخليج أقام القس تيري جونز رئيس كنيسة متواضعة،
الدنيا ولم يقعدها بإعلانه أنه سيحرق
القرآن الكريم في مكان عام في جينسيفيل
في الولايات المتحدة الأمريكية، وهبّت
احتجاجات شعبية عربية وإسلامية تدين
هذا العمل وتستنكره، أما الاحتجاجات
الرسمية العربية والإسلامية فكانت
خفيفة وغريبة، وموضوعنا ليس عن تيري
جونز ولكن عن المسافة التي تفصل بين
الحرية الشخصية والاعتداء على
المعتقدات السماوية، إضافة إلى
الاحتجاجات العشوائية التي تنزل
للشارع، ويموت فيها بشر ويجرح آخرون،
وهؤلاء يعرفون أنهم لا يشكلون ضغوطاً
على حكوماتهم، وتضحياتهم أحياناً
تذروها الرياح، كما حدث مع الاحتجاجات
والمظاهرات التي خرجت ضد الكاتب
الإنجليزي سلمان رشدي، وراح ضحيتها
العشرات، بينما لا يزال رشدي ينعم
بحياته وبحماية من السلطات الإنجليزية
. قبل كل شيء لا بد من التذكير بأن أتباع هذه
الكنيسة لا يتجاوز عددهم خمسين شخصاً،
وتيري جونز الذي تسلم رئاستها في العام
1996 كان يعمل قبل ذلك مديراً لفندق
بمساعدة زوجته سيلفيا، ووفقاً لما جاء
في الموقع الإلكتروني ل(بي بي سي) فإن
تيري جونز، (وقبل تسلمه رئاسة هذه
الكنيسة أدار شؤون كنيسة مماثلة في
مدينة كولون بألمانيا وهي “المجموعة
المسيحية في كولون” لأكثر من 20 عاماً،
وطلب منه المنتمون لتلك الكنيسة سنة 2008
تركها بسبب خلاف حول “أسلوبه في
القيادة”، وفقاً لنائب رئيس الكنيسة
الألمانية ستيفان بار . وتقول صحيفة “جينسفيل
صن” إن محكمة كولون الإدارية دانت
جونز سنة 2002 وحكمت عليه بدفع غرامة
بسبب استخدامه لقب دكتور من دون
استحقاق، كما اتهمته ابنته إيما التي
كانت من كبار المنتمين إلى الكنيسة
بعدم الأمانة في التعاملات المالية،
ويقال إن إيما جونز لا تزال تقيم في
كولون بعد انشقاقها عن الكنيسة . هذا هو
تيري جونز الذي يقحم نفسه في أخطر
عملية عدائية تقدم عليها فرقة دينية
غير مسلمة . في هذه الأثناء، قامت المستشارة
الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الأربعاء
الماضي، بتكريم الرسام الدنماركي كورت
فيسترغارد، الذي أثارت رسوماته
المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
احتجاجات عنيفة في العالم الإسلامي،
قبل خمسة أعوام، حيث حصل فيسترغارد (75
عاماً) الذي يعيش تحت حماية الشرطة على
الجائزة تقديراً “لالتزامه الراسخ
بحرية الصحافة والرأي وشجاعته في
الدفاع عن القيم الديمقراطية على رغم
التهديدات بأعمال العنف والموت” التي
يتعرض لها، كما قال المسؤولون عن جائزة
(إم 100 ميديا 2010) . وإذا كان تيري جونز لا
يعكس وجهة نظر رسمية في حرقه للمصحف،
فإن أنجيلا ميركل، وهي أعلى سلطة في
ألمانيا، تعكس بالتأكيد وجهة نظر
رسمية، وبتكريم الرسام، فإنها لا تولي
اهتماماً لا للمسلمين ولا للعرب،
وتؤكد بأن ما قام به الرسام هو حرية
الصحافة والتعبير، ونحن في انتظار
ردود الفعل العربية والإسلامية
الرسمية على (الصديقة) ميركل، التي
تؤخذ بالأحضان لدى زيارتها الوطن
العربي والإسلامي . وهناك خيط رفيع بين حرية الصحافة
والتعبير وبين الاعتداء على حقوق
الأديان الأخرى، ونود أن نورد مثالاً
بسيطاً يحدث في أوروبا والعالم
الغربي، فإذا قام أحد الأشخاص بإزعاج
جيرانه عن طريق سماعه لموسيقا عالية،
أو تربية كلب مزعج ينبح طوال الليل
وغير ذلك، فهل سيسكت الجيران على ذلك؟
سيستدعون له الشرطة بتهمة إزعاج
الآخرين، فهل يا ترى يستوي الأمران؟
ومرة أخرى يمكن أن نضرب مثالاً بسيطاً،
هل ستكتفي السلطات بالتفرج لو أن أحد
الأشخاص هاجم زوجة رجل وهي بصحبة
زوجها؟ بالتأكيد ستعتبره اعتداء على
العرض، فكيف تقف صامتة عن اعتداء على
الدين، وهو والعرض صنوان .؟ إن من يشجع هؤلاء على ارتكاب هذه التصرفات
الوقحة، هو الصمت الرسمي العربي
والإسلامي، فحين قام الرسام الدنماركي
بالسخرية من رسولنا الكريم صلى الله
عليه وسلم لم تقم أي دولة باستدعاء أي
سفير أو وزير وتبليغ احتجاجها، وإنما
أطلقت العنان للشارع كي يخرج بفوضاه،
وقتلاه وجرحاه، ثم يعود الناس إلى
بيوتهم محملين بالحنق والغضب والحقد . إن الصمت في المواقف الرسمية هو الذي قاد
ويقود الصهاينة إلى استمراء الاعتداء
على المقدسات الإسلامية أيضاً، وكل
مراقب يعلم ما تقوم به دولة الكيان
الصهيوني من أعمال وإنشاءات يهودية
حول المسجد الأقصى، لتكريس يهودية
المكان، وهم يعلمون أنهم يقومون ببناء
عشرات المعابد والكنس اليهودية،
ويقومون بحفريات خطرة للغاية تحت
المسجد الأقصى، من دون رد فعل واحد،
بينما يواجه الفلسطينيون هذه الأعمال
بصدورهم العارية، وأياديهم الخالية
إلا من الإيمان بقدسية هذه الأماكن . إن من المفارقات العجيبة، قيام بعض
الأنظمة، بقمع أي قلم يريد التعبير عن
رأيه ضد الولايات المتحدة الأمريكية،
أو أي دولة أوروبية، وأحياناً الكيان
الصهيوني، ألا يستحق ما يحدث في العالم
من اعتداءات على صوت الروح العربية
والإسلامية، أن يطلق العنان لحرية
التعبير للمفكرين والمثقفين؟ أم أننا
نحترم حرية رأي الآخر، ولا نحترم حرية
رأينا؟ إن هذه الجماهير التي تخرج للشارع وتضحي
بأنفسها، لن تقدم على هذا لو أنها رأت
مواقف رسمية قوية وجريئة ضد هذه
التحرشات التي لا علاقة لها بالحرية
الشخصية . ولهذا، لا بد من استغلال هذه
المناسبة/ المناسبات، لتحرك عربي
شجاع، من خلال جامعة الدول العربية،
ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة
المؤتمر الإسلامي، وغيرها من
المؤسسات، للتعبير عن رفضهم لهذه
التصرفات التي تخدش الذوق العام والحس
العام والثقافة العامة، لأن العالم
الغربي اعتاد أن يتعامل بالكلام .
كلينتون تدين، وأوباما يرفض، ووزير
خارجية بريطانيا يحتج، وقائد قوات حلف
الأطلسي يستنكر، لقد تعلموا منا (الشجب)
بينما تستمر الأفعال الدنيئة على أرض
الواقع . ===================== آفاق التعاون العسكري
الروسي الإسرائيلي بقلم :ليونيد ألكسندروفتش البيان 13-9-2010 وقع وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديكوف
اتفاق تعاون عسكري، مع نظيره
الإسرائيلي ايهود باراك. ويحدد هذا
الاتفاق الأطر القانونية للتعاون
العسكري بين موسكو وتل أبيب، خلال
السنوات الخمس المقبلة. وكان التعاون
في السابق يستند إلى مذكرة تفاهم وقعها
وزير الدفاع السابق بافل غراتشوف،
خلال زيارته إلى إسرائيل عام 1995. وقد حدد الاتفاق الجديد عددا من مجالات
التعاون، منها تبادل المعلومات والمسح
الطبوغرافي، وإعداد وتدريب الكوادر
العسكرية. إلا أن سيرديكوف اعتبر أن
أهمية هذا الاتفاق تكمن في إمكانية
استفادة روسيا من الخبرات الإسرائيلية
في مرحلة إصلاح القوات الروسية، وأضاف
أن مواقف البلدين إزاء العديد من ملفات
السياسة الدولية تتجاوز مرحلة التقارب
إلى التطابق. ما دفع للاعتقاد بوجود تفاهمات أو
اتفاقات غير معلنة، حول اتجاهات تسويق
الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية.
بعبارة أخرى؛ التوقف عن توريد
الصواريخ المتطورة إلى سوريا، وعدم
تسليم ايران منظومة الصواريخ الدفاعية
«اس ? 300». في ما يخص منظومة «اس ? 300» فإن موسكو، ومنذ
شهور عديدة، أعلنت أن قرار تسليم
المنظومة إلى طهران لم يتخذ بعد، وأكدت
أنه قرار سياسي، يرتبط بالتطورات
السياسية على الساحة الدولية تجاه
أزمة الملف النووي الإيراني. أما صفقة صواريخ «ياخونت» فهي صواريخ
دفاعية، ولم تخرج عن إطار المواثيق
والأعراف الدولية، كما أنها لن تؤدي
للإخلال بالتوازن العسكري في الشرق
الأوسط. ولكن كعادة إسرائيل، لا يمكن أن تتم زيارة
رسمية إلى موسكو من جانب قادتها، دون
أن يطرحوا مطالب ترسم لروسيا خريطة
علاقاتها وتعاونها، في نفس الوقت الذي
لا تهتم إسرائيل كثيراً بمصالح روسيا،
بل أكثر من ذلك تعمل ضد مصالحها، حيث
تقوم بتوريد الأسلحة للقوات الجورجية،
وتدرب العسكريين الجورجيين الذين
يستعدون لحرب ضد روسيا على أراضيها. لذا لم يكن لدى العديد من المحللين
والمراقبين قناعة بأن تصريحات وزير
الدفاع الروسي سيرديكوف، بعد لقائه
بنظيره الإسرائيلي باراك، تعكس بالفعل
تعاونا حقيقيا واتفاقات مهمة وحيوية
بين موسكو وتل أبيب، ولدى الكثيرين
قناعة بأن إسرائيل لعبت دوراً في إضعاف
الدور الروسي في الشرق الأوسط، وعارضت
خطة مؤتمر موسكو الدولي لتسوية الصراع
العربي الإسرائيلي، وما زالت تتجاهل
المصالح الروسية في المنطقة. كل هذا يجعل من الاتفاق الروسي
الإسرائيلي مجرد تفاهم على تعاون
محدود في مجال التصنيع العسكري، كما
أشار رئيس الحكومة بوتين، وهو ما
تحتاجه روسيا لتطوير بعض منتجاتها
العسكرية، ولكي تتمكن من غزو أسواق
مغلقة عليها. ويمكن أن يكون هذا الاتفاق تمهيداً لبناء
مصنع لإنتاج طائرات الاستطلاع من دون
طيار في روسيا بالتعاون مع إسرائيل،
بدلا من شرائها منها أو من غيرها، كما
أنه يفتح الباب أمام المجمع الصناعي
العسكري الروسي، لكي يناقش مع
الإسرائيليين مشروعات تطوير طائرات
الميغ السوفيتية التي حصلت عليها تل
أبيب من دول أوروبا الشرقية، وتسويقها
في عدد من الأسواق الإقليمية. وقد حدد رئيس الحكومة مشروعات تمثل أهمية
بالنسبة لروسيا، منها مشروع تركيب
أجهزة ليزرية لتحديد المسافات والرصد
على الطائرات، واشار إلى أن هذا
التعاون من شأنه أن يزيد من تسويق
المنتجات الروسية. وهو من أهم أهداف حكومته. لكنه لم يتحدث عن
الملفات السياسية التي كان يحملها
باراك في جعبته، رغم أن وزير الدفاع
الإسرائيلى عرضها وأكد على أهميتها
بالنسبة لتل أبيب. ويبدو واضحاً أن روسيا التي ليس لديها
شريك استراتيجي في الشرق الأوسط،
تتبنى مواقف أكثر عدالة وجدية إزاء
الملفات الساحنة في المنطقة أكثر من
بقية الأطراف، لكنها في نفس الوقت لها
الحق في البحث عن تعاون اقتصادي
تجاري مثمر. وقد كشفت تجربة التسعينات أن التعاون
الروسي الإسرائيلي
في التصنيع العسكري، قد حقق نتائج ليست
سيئة، ما يطرح امكانية مواصلة هذا
التعاون ضمن أطر محددة. إضافة لذلك لا
بد من مراعاة أن روسيا ترسم سياساتها
التجارية على أسس براغماتية، وخلافاً
لما كان يحدث في العهد السوفييتي، فإن
روسيا تبيع منتجاتها العسكرية ولا
توزعها. لذا من الصعب ربط إيقاف بعض صفقات السلاح
لبعض الدول، مثل إيران وسوريا، بضغوط
خارجية أو تأثيرات سياسية، خاصة إذا
كانت هذه الصفقات لا تخل بالتوازنات،
ولا تتعارض مع المواثيق والأعراف
الدولية. كاتب روسي ===================== العقول الفعّالة
وتحديات العولمة بقلم :علي حرب البيان 13-9-2010 بيل غيتس يفاجئنا بمبادراته كما يفاجئنا
باختراعاته. ومن المعروف أن صاحب شركة
مايكروسوفت، الذي هو في رأس قائمة
الأغنياء في هذا العالم، قد تبرع
بالقسم الأكبر من شركته التجارية
لمؤسسته الإنمائية. واليوم يحاول بيل غيتس مع نظير له، هو
وورن بوفت، إقناع عدد من أصحاب
المليارات، بتخصيص كل واحد منهم نصف
ثروته لأعمال «التنمية». وأنا أستخدم
هذا المصطلح في توصيف العمل، لأن غيتس
لا يقوم بمجرد عمل خيري. إنه لا يقدم مساعدة أو مِنّة، وإنما يقوم
بعمل إنمائي حضاري، من منطلق وحدة
المصير البشري. ومن يفكر على هذا النحو
يعتبر أن مشكلة الفقراء هي مشكلة
الأغنياء في عصر تتقاطع فيه وتتشابك
الجهود والأعمال والمهام، فضلاً عن
المصالح والمصائر، بحيث تصبح
المسؤولية متبادلة، من كل واحد تجاه كل
واحد. مثل هذا العمل، الذي يجسد مبادرة فذّة
وخلاقة، في محاربة البؤس أو في ردم
الهوة بين الغنى والفقر، قد ينجح في ما
فشلت فيه الدول الصناعية والرأسمالية،
وفي ما فشل فيه أيضاً فلاسفة التقدم
ومنظرو اليسار وحركات التحرر. الأمر
الذي جعل المفكر الفرنسي جاك أتالي
يتحدث عن تشكيل حكومة عالمية من
الأغنياء، تقوم بجباية الضرائب
لمعالجة مشكلات الفقر والتخلف. أياً يكن، فنحن إزاء فاعل بشري جديد يمثله
بيل غيتس الذي أسهم بإبداعاته في مجال
البرمجيات، في صناعة العالم الراهن
وعولمته بالمعنى الغني والإيجابي. وغيتس غني، لكنه ذو عقل يردع وضمير يحاسب،
ولذا لا يسرف ولا يبذّر ما جمعه على غير
طائل، بل يسخّر ثروته لخير البشر عامة. وهذا النموذج هو مثال للدرس والاعتبار،
بالنسبة للأغنياء من العرب؛ وخاصة
بالنسبة للخائفين على خصوصيتهم من
الغزو الثقافي. فما يقوم به غيتس
ونظراؤه يتقاطع في الصميم، مع منظومة
القيم الإسلامية الداعية إلى التواصي
والتكافل والتراحم... والوجه الآخر للخوف من الغزو الثقافي، هو
الخوف من العولمة، وما فتحته من آفاق
أو ولّدته من متغيرات، على غير صعيد
وفي غير مجال. هذا ما يعبر عنه الكثيرون
من المثقفين والدعاة وأصحاب الشعارات
والمشاريع، الذين يمارسون الوصاية
الفاشلة على الهويات والمجتمعات، باسم
النهوض والتقدم والتحديث والعدالة...
أقول الوصاية الفاشلة، لأن مثل هذه
المواقف إنما تنمّ عن الجهل والتخلّف
والعجز، في ما يخص قراءة المجريات
ومواجهة التحديات وتدبّر الأزمات. يتبدّى ذلك في الموقف من العولمة في غير
وجه: الأول؛ هو التعامل معها كما لو أنها
أيديولوجية أو استراتيجية تستخدمها
هذه الدولة أو تلك الكتلة، في حين أن
العولمة هي ظاهرة تولّدت عن الثورة
التقنية والرقمية، وما فتحته من
إمكانات هائلة للاتصال والتبادل،
بسرعة الفكر والبرق، على نحو لا سابق
له من حيث الفاعلية والمردودية. الثاني؛ هو التعامل مع العولمة بوصفها
أمركة. صحيح أن أميركا، التي كانت
السباقة إلى اختراع الحاسوب والانخراط
في الزمن الرقمي، هي من صنّاع العولمة.
ولكن العولمة، بأدواتها الفائقة
وشبكاتها العنكبوتية، باتت ملك
البشرية جمعاء، وبإمكان كل واحد
الاشتغال بها واستثمارها. وهذا كاتب ومحلّل أميركي، ذو أصل آسيوي،
هو فريد زكريا، يتساءل في كتابه الصادر
حديثاً: متى تتعولم أميركا؟ ومبنى
السؤال أن هناك من يستثمر العولمة أفضل
مما تفعل الولايات المتحدة. ربما لأنها
ما زالت تتعامل مع المعطيات الجديدة
للعصر الإلكتروني، بعقلية المجتمع
الصناعي، أو بعقل إمبريالي أحادي، في
زمن ظهور التعدّدية والقوة الناعمة. الثالث؛ هو التعامل مع العولمة بعقلية
طوباوية، من خلال ثنائية الخير المحض
والشر الأقصى. ولكن العولمة ليست
فردوساً، إذ لا فردوس على هذه الأرض.
ولكنها ليست جحيماً، وإنما هي إمكانات
انبجست وآفاق اتسعت وفرص فتحت.. ولذا فإن نفعها أو ضررها، إنما يتوقف على
طريقة التعامل معها. قد تستخدم بصورة
سلبية أو مدمرة، لجني الأرباح غير
المشروعة وصنع الانهيارات المالية، أو
لتخريب العمران كما تفعل المنظمات
الإرهابية. ولكن يمكن استثمارها على
النحو الخلاق، الإيجابي والبنّاء.
وثمة شواهد تمثل نماذج في هذا الخصوص. الأول، هو شاهد اقتصادي تقدمه الصين؛ فهي
بعد أن تخلّت عن نهجها الثوري، أولت
أهمية قصوى للشأن الاقتصادي. ولذا فكر
الذين خلفوا ماوتسي تونغ في القيادة
والمسؤولية، في استغلال الموارد
وتنميتها أو خلقها، فأخذوا بحرّيّة
الأسواق، ولكنهم أبقوا على المركزية،
أي صنعوا نموذجهم الخاص في البناء
والتنمية. وكانت الحصيلة بعد ثلاثة عقود، أن حققت
الصين قفزة نوعية في مجالات النمو، حتى
أصبحت هي المقياس في هذا الخصوص، في
نظر العالم، بعد أن كانت تُصنّف في
خانة التخلّف. المثال الثاني فكري، يقدمه المفكر الهندي
أرماتيا سِن، الحائز على جائزة نوبل في
الاقتصاد، كما يتجلى ذلك في كتابه
الجديد «فكرة العدالة»، وفيه يستعيد
أهم النظريات والمدارس في المسألة، في
ضوء التحولات والأزمات، محاولاً
معالجة المسألة بالتخفيف من طابعها
النظري والمجرد، أو من شحنتها
المثالية والطوباوية. ولذا لم يركّز على المبادئ المطلقة
والمؤسسات المتعالية والقواعد
الصارمة، بل عالج المسألة بعقل نسبي
تعدّدي مفتوح على البدائل، مركِّزاً
على أطر العمل والسياقات الفعلية كما
على السلوكات والقدرات والمنجزات.
فنجح في تركيب مفهوم جديد للعدالة،
وقدّم مقاربات جديدة وتحليلات ثمينة،
يمكن لأيّ كان أن يستفيد منها، بصرف
النظر عن خصوصيته الثقافية. المثال الثالث إعلامي، تجسده قناة
الجزيرة. ومع أنني لست مع سياسة «الجزيرة»،
ولا مع اتجاهها المحافظ، فليس بوسعي أن
أنكر ما تسجله من نجاح غير مسبوق
عربياً، في مجال تخصصها واحترافها،
وآخر إنجاز حققته في هذا الخصوص
تغطيتها الإعلامية، طوال شهر كامل،
للحدث العالمي المتعلق بمباريات كأس
العالم لكرة القدم. وهكذا، فقد تفوّقت هذه القناة في ميدانها
وعلى ساحاتها الإعلامية، لكي تتصدّر
الواجهة وتحتل المكانة الثانية، أو
الأولى، بين نظيراتها. ولذا أصبح شعار
«الجزيرة» ماركة بين الماركات
العالمية المشهورة. نحن إزاء نماذج ثلاثة نجح أصحابها في
التعامل مع عصر العولمة، بأبجدياتها
الرقمية وفضاءاتها المفتوحة
ومنتجاتها الالكترونية، لأنهم لم
يحملوا هوياتهم على أكتافهم كعبء ثقيل
يشلّ حركتهم ويعطّل قدرتهم، ولم
يتحدثوا بلغة الغزو الثقافي أو
يطالبوا بالعودة عن العولمة، بل فكروا
بصورة حيّة، وخلاقة، فأنتجوا وأبدعوا
وأنجزوا ما به يغزون العالم، ليس
بالسيوف والمدافع، بل بالأفكار
والمعلومات، بالمنتجات والماركات. كاتب ومفكر لبناني ===================== الافتتاحية الأثنين 13-9-2010م بقلم رئيس التحرير أسعد عبود الثورة إذا كان القس «تيري جونز» يمثل اتجاهاً
أميركياً غربياً يعنيه تمزيق المصحف..فهو
بتراجعه لم يلغ ذاك الاتجاه.. وبتقديري
أن كل ما جرى كان مسرحية مقصودة. معتوه يقود كنيسة يتبعها 30 إلى 50 شخصاً
يعلن أنه سيقدم على حرق نسخ من المصحف
في ذكرى 11 أيلول.. فيروّج لعاصفة رفض
غربي.. لا أقول أبداً إنه رفض مدّع
وكاذب.. لا.. لا.. إنما القصة بكاملها
مفبركة ومصطنعة وسخيفة.. وعلامة
فبركتها وتصنيعها الاهتمام الإعلامي «الكبير»
بردّ الفعل الغربي «الرافض» لما أعلنه
القس الأرعن المعتوه.. يتبع ذلك على الفور تصريح للرئيس أوباما
يعلن فيه ألا حرب بين أميركا والإسلام..
لو كان الأمر كذلك.. يعني لو كانت الحرب
معلنة بين الإسلام وأميركا لهانت..
يحاربوننا، فنحاربهم.. نوحد قوانا ونقف
في وجههم.. لكن الغرب يدوّر الأمور بغير
هذه الطريقة الواضحة الجلية.. يعتمد
على القصص البديلة لإخفاء القصص
الحقيقية بما يتيح له توظيف كل شيء
لمصلحته.. معتمداً كثيراً – وبصراحة –
على سذاجتنا. هكذا.. افتعلوا المعركة.. وانتصروا فيها
لنا.. فانتصرنا..؟! أي كذب على الضمير
هذا..!! لقد دمروا ومعهم حليفتهم إسرائيل -التي لا
يمرّ يوم واحد لا تسيء فيه للإسلام
والمسلمين والمصاحف والجوامع وأيضاً
الكنائس والسلك الكهنوتي والرهبان-
جوامع كثيرة.. مساجد بلا عدد.. ومحوا
ثقافات بكاملها ولم يتشجعوا على رفض
ذلك والانتصار لنا في مقاومته، بل سموا
مقاومتنا له «إرهاباً»؟! لقد لعب الغرب طويلاً على وتر المشاعر
الإسلامية.. ولا سيما العفوية والبسيطة
منها.. وأنجز لمصلحته إنجازات خارقة. عندما كانت الدول الشيوعية.. كان الغرب
يرفع الدولار الأميركي ليقول: نحن
أعداء الإلحاد.. وعلى الدولار عبارة
دائمة تقول: نحن نثق بالله.. كثيراً ما رفعت العبارة في وجه كل من دافع
عن اتجاه تقدمي، رافضاً الفكر
الرأسمالي الامبريالي الذي تمثله
أميركا. هؤلاء كتابيون.. ويؤمنون بالله.. أما
الاتحاد السوفييتي ومن معه فشيوعيون
ملحدون..؟! طبعاً نحن لا نعترض على الكتابيين
والمؤمنين بالله..فقط نريد لفت النظر
إلى أن الحكاية بكاملها لعبة سياسية،
كانت وما زالت مستمرة.. وضمنها ما أعلنه
ذاك القس الأرعن. لم أسمعهم ينتفضون لرفض ما يشهده الأقصى
يومياً!! لم يعترضوا على ما يجري في
باكستان وأفغانستان يومياً!! لم
ينتصروا لجوامع بغداد ومساجد البصرة!!.
لماذا..؟! لماذا يصورون لنا أن جريمة ذاك القس هي
الجريمة وكل ما جرى في العراق «مقبول.»؟!
أتراهم يضحكون على عقولنا بعبارة «العالم
بلا صدام حسين.. أفضل».. هذا آخر تبرير
للسياسي البريطاني توني بلير، أحد
قادة تدمير العراق وهو يقرّ بفعلته
ويتبناها.. ولا تبرير عنده إلا تلك
العبارة التي لطالما تكررت كثيراً. لكن.. كم ثمن إزالة صدام حسين.. وهل كان
المطلوب إزالته عن السلطة و-لا اعتراض
على ذلك- أم إزالته من الوجود..؟! وليعلم الجميع.. القرآن في قلوبنا وعقولنا
وأرواحنا وليس على ورقهم الأصفر
المغبون. وموقفهم من زعيق ذاك القس المعتوه، لا
يغسل أيديهم مما اقترفته على مرِّ
السنين. ===================== الوضع اللبناني أمام
إعادة تموضع حيال محور ملتبس صعود الدور السوري بفضل إيران
أم على حسابها؟ روزانا بومنصف النهار 13-9-2010 لا يعترض احد على العلاقة الجديدة التي
يحاول رئيس الحكومة سعد الحريري
ارساءها مع سوريا على قواعد يفترض انها
جديدة بناء على علاقات ديبلوماسية
اقيمت بين البلدين وعلى علاقة شخصية مع
الرئيس السوري بشار الاسد فتحت كما قيل
صفحة جديدة لا تتضمن الكثير من شوائب
الماضي. الا ان هذه الصفحة تبدو ملتبسة
للكثير من المراقبين المحليين وسواهم
كونها تستعيد، اقله في التفاصيل التي
عهدها اللبنانيون في زمن الوصاية
السورية، جزءا لا بأس به من اداء
الماضي وخصوصا في ظل استعادة سوريا
مزيدا من نفوذها في لبنان. ففي الوقت الذي يزور الحريري سوريا في
سحور يؤكد العلاقة الجديدة بين
البلدين، تستعر الانتقادات من حلفاء
سوريا ضده، كما ان الرئيس السوري
يستقبل اشخاصا يسارعون الى شن هجمات
عليه، مما يعيد الى ذاكرة اللبنانيين
تجارب الماضي القريب، اذ كانت
الانتقادات والهجمات تدفع في اتجاه
الحصول على مزيد من الرعاية السورية
للوضع والتدخل لوقف هذه الحملات
وتاليا المزيد من المساومات، والبعض
يقول تنازلات بذريعة حماية الاستقرار
وتهدئة الحلفاء. وهذا ما ظهر في حملة
"حزب الله" اخيرا كما في حملة
حليفه المسيحي، وهو ما اعتبره كثر
تبادلاً للادوار من اجل مواصلة الضغط
على الحكومة ورئيسها، وان استهداف
البعض الاخر بين حين وآخر ليس الا
للتعمية فضلا عن انه يصيب اكثر من
عصفور بحجر واحد. ويرى هؤلاء المراقبون ما يحصل على حقيقته
من دون اوهام او التباس، وصولا الى ان
احد حلفاء سوريا النائب ميشال عون
اعتبر اخيرا في كلمة له ان اللبنانيين
تخلّوا اراديا عن السيادة والاستقلال
قاصدا بذلك فريق الاكثرية الحكومية
والنيابية علما ان كثرا يعتبرون انه
كان اول من قام بالخطوات على هذه
الطريق بعد انسحابه من فريق 14 اذار
لذرائع شكلية. الا ان الحريري ووفق مصادر معنية يقوم
بذلك اقتناعا منه بان العلاقة الجيدة
مع سوريا تؤمن استقرارا للبنان بعد ما
مر به خلال الاعوام الماضية فضلا عن ان
هناك عاملا اساسيا يعتقد ان دولا
اقليمية ودولية تدفع بسببه في هذا
الاتجاه، وهو ما بات متعارفا على
تسميته او اعتباره مسعى لابعاد سوريا
عن ايران وان الثمن الذي يدفعه لبنان
باستعادة سوريا جزءا كبيرا من نفوذها
فيه يتصل بعدم تركه لسيطرة "حزب الله".
ومن هذه الزاوية عادت سوريا لتكون
الناظم للعلاقات بين هذا الاخير
والافرقاء الاخرين في لبنان. اذ ان
الانفتاح الاميركي على سوريا يجد
مثيلا له في السياسية السعودية ايضا
وإنْ باسلوب مختلف. وتحاول هذه الدول
ان تدفع سوريا الى الانخراط في اطار ما
يفيد ان لبنان لا يمكن ان يبقى بعيدا عن
ذلك بغض النظر عن "المكافآت" التي
تحظى بها من كل صوب لهذه الغاية. وتبعا لذلك يثير كثر موضوع علاقة برودة او
توتر بين الحزب وسوريا برز حرص من جانب
الامين العام ل"حزب الله" السيد
حسن نصرالله على نفيها، كما ينفيها
السياسيون المتنقلون على خط دمشق
الذين ينقلون اصرارا سوريا على كون
الحزب خطا احمر ايا تكن الاحوال
والظروف. وهو امر تصر على نفيه ايضا
شخصيات سياسية، على غرار النائب وليد
جنبلاط الذي يقول في الحديث عن تباعد
ايراني سوري ينعكس على لبنان إنه غير
صحيح ومن بنات افكار سياسيين محليين في
حين ان ديبلوماسيين غربيين كثرا
يعتقدون ان هذا التباعد موجود وترجم
نفسه في العراق وهو يترجم نفسه في
لبنان كذلك، لان سوريا تحظى اليوم بما
تحظى به من احاطة اقليمية ودولية
مباشرة او بالواسطة لهذا الهدف بالذات.
لكن الصورة السياسية تبدو ملتبسة في هذه
النقطة، اذ في حين ان لهذا التباعد
ظواهره، فان هناك من يقول ان سوريا
تدفع بقوة الى جانب الحزب في حملته ضد
المحكمة لان احدا لا يملك المعطيات
الحقيقية عن القرار الظني بصرف النظر
عن تبرئة الرئيس الحريري سوريا سياسيا
او اعتبار السيد نصرالله ان هذا القرار
هو في الاتجاه نحو تبرئتها كما قال في
مطلع حملته على المحكمة فضلا عن عدم
تخليها عنه لاعتبارات واسباب اخرى. اضف الى ذلك ان الحزب هو من اعاد تأهيل
الدور السوري في لبنان من خلال التهديد
بسلاحه واثارة المخاوف الداخلية
والخارجية من هذا السلاح على لبنان
وعلى طبيعة النظام السياسي فيه. الامر
الذي يعني ان لايران فضلا في عودة
سوريا الى لبنان اقله من وجهة النظر
هذه. في حين يعتبر آخرون ان للانخراط
الاقليمي والدولي مع سوريا شروطه
ومستلزماته بحيث تغيب الرؤية الصحيحة.
فالوضع معقد جدا وكل طرف يعتقد انه
يستخدم الاخر وهو ربما يفعل ذلك، اذ ان
سوريا هي مفتاح الوجود الايراني في
لبنان، تماما كما ان "حزب الله"
اعاد تأهيل دور سوريا في لبنان اخيرا ،
في الوقت الذي تعتقد المملكة السعودية
وربما غيرها ايضا انها تدفع في اتجاه
تغيير استراتيجي في المنطقة من خلال
التحول السوري. وقد يكون بعض هذه
العوامل دقيقا وصحيحا، او كلها ايضا،
لكن كل يبني على اسس مختلفة والوضع
اللبناني يعيش مجمل هذه التحولات الى
محاولات التموضع واعادة التموضع ان لم
يكن كسب اوراق جديدة في حمأة الصراعات
والتجاذبات القائمة في المنطقة. ===================== ميشيل كيلو السفير 13-9-2010 لأسباب كثيرة، اتهم المثقفون، خلال تاريخ
أوروبا الحديث، بالزئبقية والتذبذب
بين الطبقات الاجتماعية ومواقفها
وأيديولوجياتها ومصالحها. قال نقاد المثقفين، إن هؤلاء لا يمثلون
طبقة اجتماعية ثابتة، ولا ينتسبون إلى
أحد قطبي المجتمع الحديث: قوى رأس
المال من جانب، والعمل من جانب آخر،
لذلك تراهم وسطيين يتأرجحون بلا توقف
بين هذين الطرفين المتصارعين، دون أن
يثبتوا، في الغالب، على رأي أو موقف،
أو يحددوا سمتاً واضحاً لحركتهم، فهم
قريبون من العمال هنا ومن رأس المال
هناك، وهم يبتعدون عن الاثنين
وينعزلون دونما سبب واضح عن الصراع
الاجتماعي والفكري، أو يخوضون صراعات
مزيفة ومفتعلة، هي بديل ما كان عليهم
فعله، لو كانوا من أصحاب الانتماء
الطبقي الواضح. هذا الرأي أدى إلى نتيجتين مهمتين، فقد: تعاملت الحركات
العمالية مع المثقفين بالنبذ
والاحتقار، ورفضت ضمهم إلى صفوفها
باعتبارهم تكويناً مجتمعياً يتمتع
باستقلال نسبي، حتى غدا لقب المثقف
شتيمة، وصارت الثقافة ذميمة، وانتشر
القبول بضرورة إخضاع الفكر والمعرفة (أي
الثقافة) لضرورات التكتيك السياسي،
ولوضع المثقف تحت سلطان الحزبي، بحجة
أنه ليس للثقافة هوية طبقية ثورية،
وأنها تضلل العمال وتنشر أيديولوجيا
ضارة في صفوفهم، تبلبلهم وتشوش
عواطفهم وأفكارهم، فلا مفر من نبذها
والحذر منها، وتقييدها. بنبذ المثقفين،
انحطت قيمة الثقافة وانحدر دورها في
حياة المجتمع وعلاقات أطرافه، وحدث
تقسيم عمل وضعها في جانب، وجعل العمال
كقوة مجتمعية صاعدة في جانب مقابل، مما
أبعد الثقافة عن قطاعات شعبية واسعة،
ووضعها، دون رغبة من المثقفين بل وضد
إرادتهم غالباً، في صف من اعتبروا
أعداء الشعب من برجوازية وجهات رجعية
ومحافظة. في أجواء كهذه، انتشرت أسطورة
«خيانات المثقفين»، وراج الحديث عنهم
كخصوم للقوى العاملة والمحرومة، وصارت
الثقافة مسبة وتهمة، وظهر تمجيد
العفوية على حساب الوعي، واعتبرت
الأولى العفوية
فطرة إنسانية سليمة تفضي إلى موقف
طبقي صحيح، والثانية تشويها يضلل من
يبتلى به. كما وضع الالتزام في مرتبة
أعلى بكثير من حرية الفكر، التي اعتبرت
ضربا من مرض برجوازي وغير إنساني. وعلى الرغم من أن قيادات الحركة العمالية
الأوروبية كانوا في معظمهم من الطبقة
الوسطى والمثقفين، فإنهم لم يفكروا
بتغيير نظرة أتباعهم إلى حملة
الثقافة، وقيل في تبرير هذه المفارقة
إن من انضموا إلى الحركة العمالية
تحولوا بفضل مواقفهم وانتماءاتهم
وأيديولوجيتهم الطبقية إلى عمال، ولم
يعودوا من طبقة المثقفين. بذلك تحول
الرأسمالي ومالك المصانع من أمثال
فريدريك إنجلز، صديق ماركس، إلى عامل،
وصار لينين بدوره عاملاً بالاختيار.
تلك حقبة كرست تقديس العامل وتخوين
المثقف، الذي لم يعد لديه ما ينجيه غير
تغيير جلده والانتساب إلى فردوس
العمال. لم يكن مؤسسا ما سمي فيما بعد «الاشتراكية
العلمية» عاملين، بل كانا من أبرز
مثقفي عصرهما وربما التاريخ، ومع ذلك،
تم تخوين المثقفين وإخراجهم من ملكوت
التقدم والثورة باسم نظريتهما، التي
قيل إنها ترتقي بمعتنقها إلى مستوى من
وعي الواقع يضعه خارج وفوق شرطه الذاتي
والموضوعي، يقيه التحول من عامل إلى
مثقف، ويجعل منه كادراً، تقني ثورات
وحركات اجتماعية، يختلف عن المثقف
اختلاف الأرض عن السماء. هذه المفارقة
الغريبة عاشت إلى زمن غير بعيد، شهد
مهازل أوهمت العمال والفلاحين وبقية
الكادحين أن جهلهم خير من ثقافة
المثقف، فهو لا يحول بينهم وبين معرفة
الواقع وتغيير مسار التاريخ، بينما
المثقف تائه محتار، وانتهازي يتربص
بالواقع قبل تحديد موقفه، ليسارع إلى
الانخراط فيه وتغيير جلده، وينقلب من
خصم لقوى العمل إلى نصير لها . [ [ [ [ تغيرت النظرة إلى المثقف، مع تبدل
استراتيجيات الثورة والصراع في
المجتمعات المتقدمة والحديثة، والقول
بإمكانية الانتقال السلمي إلى
الاشتراكية، منذ منتصف الخمسينيات من
القرن الماضي، وفشل الثورات
الاشتراكية والأحزاب الشيوعية في
الغرب، وتهافت الاعتقاد بصحة وصواب
نظرية الطبقتين المتصارعتين /المتجابهتين
في كل مجتمع، واستبدالها بنظرية
الطبقات الثلاث، التي اعتبرت الفئات
البينية لاعباً لدوره أهمية هائلة في
تقرير مصير الصراع الاجتماعي، كما ظهر
في تجربة الفاشية في إيطاليا والنازية
في ألمانيا، فلا بد إذن من كسبها أو
تحييدها بكسب أو تحييد مثقفيها، ولا
بديل لضم هؤلاء إلى الحركة العمالية،
كي لا يذهبوا في الاتجاه الآخر ويصيروا
ضدها، علماً بأن انقساماتها أضعفتها
وقوّت حاجتها إلى حلفاء يعززون
مواقعها. مع القول بإمكانية الانتقال
السلمي إلى الاشتراكية، وانتقاد
السياسات العمالية على يد مثقفي
العمال العضويين أنفسهم (جرامشي مثلا).
اقتربت الحركة العمالية من المثقفين،
وأخذت ترى فيهم «إنتلجنسيا» تقدمية،
إن انحازت إلى العمال مكنتهم من التخلص
من بعض مظاهر ضعفهم، ومن اختراق الخصم
بالأسلحة الثقافية/ المعرفية، التي
لطالما أتقن استخدامها ضدهم. ... كما سقطت التحفظات على المثقفين، مع
تعاظم الثورة العلمية / التقنية،
واتضاح دور الفكر في كشف أسرار الواقع
وتخليصه من أزماته وتجديده، وتعثر
تجربة الاشتراكية السوفييتية وانكشاف
طرق سحق المثقفين، وانتصار ثورة
العالم الثالث على الاستعمار الغربي،
التي لعب المثقفون الدور الأول فيها...
أخيراً، مع اهتمام الدول المتقدمة
بالثقافة والمثقفين، وصدور عشرات آلاف
الكتب والدراسات بأقلامهم. استعاد
المثقفون مكانتهم شيئاً فشيئاً،
ووسعوا دائرة حضورهم ونفوذهم، وتحولوا
إلى فرسان يخوضون معارك إنسانية
ونبيلة بالنيابة عن إنسانية لم تتجهّز
بعد للنزال الأخير، فهم يعدّون عقولها
ونفوسها لانتصار عملي سيلي انتصاراتهم
النظرية، وهم بالتالي طليعة ثورة
يرتبط نجاحها بنجاحهم، تتكوّن من طور
أول هم محاربوه، أسلحته ثقافية
أساساً، يدك المثقف خلاله حصون العدو
الأيديولوجية والفكرية، وطور ثانٍ
ستكمل الطبقات العاملة فيه عمل
المثقف، بالاستيلاء على السلطة وإنجاز
الانقلاب الاجتماعي والسياسي الحاسم.
في الطور الثاني، سيلعب المثقفون
دوراً لا يقل أهمية عن دورهم في الطور
الأول، فهم من يقود، إذن، عملية الثورة
في طوريها، وعليهم يتوقف الاستيلاء
على الحكم واستمرار الثورة ونجاحها. بذلك، انقلبت النظرة إلى المثقفين من
النقيض إلى النقيض، وتحوّل المثقف إلى
مناضل ثوري ورافعة للعمل السياسي
والنضالي والفكري، تتوقف على نشاطه
أقدار المجتمعات والدول، فهو الفاعل
الرئيس في الشأن العام، وصاحب المشروع
الثوري وحامله ومحققه، ومنتج فكر
الانتصار، الذي يتوقف عليه كل أمر آخر.
باكتشاف المثقف والاعتراف بدوره، صار
صاحب الكلمة وخصم النظم، وخاصة
المستبدة منها، والمدافع عن حقوق
الشعب، وداعية المجتمع المدني، وخفت
الحديث عن «خياناته»، بينما تبنّت
النظم القائمة خطاب العمال السابق
تجاهه، وأخذت تحرض الشعب عليه، خشية أن
ينقلب الفكر، باحتلال وعي المواطنين،
إلى قوة مادية يصعب قهرها. [ [ [ [ في الماضي، بالغ العاملون بأيديهم في
احتقار المثقف واتهامه بالسلبية
والهروب. وهم يبالغون اليوم في
إيجابيته وقدرته، ويرون فيه قدوة
ومرشداً يرتبط خلاصهم بدوره. هذا
الانقلاب، يبرز أهمية الثقافة ودور
وتأثير المثقف، ويرى فيه جهة فاعلة في
الدفاع عن الإنسان وحقوقه، خاصة في
المجتمعات المتأخرة، الغارقة في
احتجاز سياسي واجتماعي واقتصادي
وثقافي معقد ومزمن، أضعف كثيراً وجود
ودور البرجوازية والعمال، فلم يبق من
قوة يمكن أن تحمل التقدم وتخرج هذه
المجتمعات من مأزقها التاريخي غير
فئات المجتمع الوسطى، التي يحتل
المثقف مكانا مهما فيها، وله دور كبير
في تعيين وظائفها وتوسيع قدراتها! هل انتقلت العلاقة مع المثقف من الخطأ إلى
الصواب؟ هل كان المثقف في الماضي
خائناً فصار اليوم مخلّصاً؟ وهل كان
يتأرجح بين الطبقات فانحاز اليوم إلى
الشعب، أم أنه يتأرجح اليوم أيضاً بين
السلطة والمجتمع؟ أعتقد أن عندنا
نمطين من المثقف: واحد يرى نفسه ودوره
بدلالة السلطة، وآخر يعين دوره بدلالة
المجتمع. وبينما يميل مثقف النمط الأول
إلى السلطة، ويلتحق بسدنتها، وينقلب
إلى مطبل ومزمر عندها، فيكون مثقفاً من
النمط الذي خان الشعب، يتبنى مثقف
النمط الثاني حرية المواطن وحقوق
الإنسان والمجتمع المدني، ويبني دوره
في إطارها، فهو بشير زمن آت وصانع
الطور الأول، الفكري/ المعرفي، من
الثورة، وشريك فاعل في طورها الثاني،
وجهة محورية في الشأن العام، رأسه مخبر
المادة الفكرية/ المعرفية، الضرورية
لطور الثورة الأول، الثقافي/ المعرفي/
الفكري، الذي لا صانع له غير المثقف. بأي الدورين يجب أن يقوم المثقف العربي؟
هذا هو السؤال، الذي ستقرر الإجابة
عليه ما إذا كنا جديرين بالحرية، أم
مخلوقين لما نحن فيه من استعباد! ===================== اردوغان يلغي الفصل
الاخير من الاتاتوركية رأي القدس 2010-09-12 القدس العربي حقق رجب طيب اردوغان، وحزب 'العدالة
والتنمية' ذو الميول الاسلامية
انتصارا كبيرا على خصومه العلمانيين
والاتراك القوميين بالفوز في
الاستفتاء الذي اجري امس على تعديل
الدستور التركي الذي وضع بنوده
الانقلابيون العسكريون عام 1980 بعد
اطاحتهم بحكومة ديمقراطية منتخبة،
وتعليق العمل بالدستور، وحل البرلمان. اردوغان اراد المضي قدما في ادخال
التعديلات هذه للحد من سيطرة العسكر
ومنع الانقلابات العسكرية، وتقديم
جميع المتورطين فيها الى القضاء
لمحاكمتهم، الامر الذي دفع الى تكتل
معظم الاحزاب القومية والعلمانية ضده،
وأظهرت استطلاعات الرأي تقدما محدودا
للمؤيدين لهذه الاصلاحات، ولكن
اقرارها بنسبة 58 في المئة، وبنسبة
مشاركة اقتربت من ثمانين في المئة هي
الاعلى من نوعها، اكد تراجع
الاتاتوركية التركية وارثها العلماني
لمصلحة الاصلاحات الدستورية، مثلما
اكد اتساع دائرة التأييد للتوجه
السياسي والديني الذي يمثله حزب 'العدالة
والتنمية' بقيادة السيد اردوغان. هذه التعديلات الاصلاحية لن تؤدي الى
تعزيز المستقبل الديمقراطي لتركيا
فقط، وانما الى تصحيح اخطاء الماضي،
ووضع حد لسطوة المؤسسة العسكرية،
وهيمنتها على دوائر صنع القرار تحت
ستار كاذب اسمه الحفاظ على مستقبل
العلمانية. الآن سيعود العسكريون الى
ثكناتهم، بعد ان بات محظورا عليهم،
وبمقتضى الدستور، التدخل في العملية
السياسية، وقمع الارادة الشعبية، وحكم
صناديق الاقتراع. السيد اردوغان اجتاز اختبارا صعبا، كان
سيؤدي الفشل فيه الى انهاء زعامته
السياسية، وربما حزب 'العدالة
والتنمية' الذي يتزعمه، ولكنه باصراره
على اجراء هذا الاستفتاء رغم
التحذيرات والعقبات والتكتلات
المعارضة وشراستها في تعبئة المواطنين
الاتراك ضده، حقق تحولا تاريخيا سيغير
مسار العملية السياسية وربما مستقبل
تركيا. ومن المفارقة ان هذه التعديلات الدستورية
تقرب تركيا اكثر من الانضمام الى
الاتحاد الاوروبي نظريا، فسيطرة الجيش
على مقدرات البلاد كانت من المآخذ
الاوروبية على النظام السياسي التركي،
حيث طالبوا الاتراك ان يفعلوا ما فعله
اليونانيون من قبلهم، اي ابعاد
المؤسسة العسكرية كليا عن النظام
السياسي، واجراء التعديلات الدستورية
التي تضع حدا لانقلاباتهم العسكرية،
ولم تدخل اليونان الاتحاد الاوروبي
الا بعد اجراء هذه التعديلات. الامر المؤكد ان السيد اردوغان سيدخل
الانتخابات البرلمانية في تموز (يوليو)
المقبل وهو اكثر ثقة حيث بات يملك
تأييدا شعبيا كافيا لتشكيل حكومة من
حزبه فقط، ودون الاستعانة باي وزراء من
الاحزاب الصغيرة الممثلة في البرلمان. الشعب التركي اعطى اردوغان هذا التفويض
الكبير ليس بسبب ميوله الاسلامية فقط،
وانما بسبب انجازاته الاقتصادية
الكبرى على الارض، حيث باتت تركيا تحتل
المرتبة السادسة عشرة على سلم ترتيب
الاقتصاديات الاقوى في العالم. واصبحت
دولة اساسية في نادي الدول العشرين،
وتزحف بثقة لتصبح عضوا في مجموعة الدول
الثماني. اردوغان حقق هذا الانجاز التاريخي
بسياساته الذكية الداخلية والخارجية،
وتصالحه مع جميع جيرانه على اساس
المصالح المشتركة، وتسوية الخلافات
بالحوار، ووضع مصلحة تركيا فوق ما
عداها، والوقوف الى جانب قضايا الحق،
والتصدي للغطرسة الاسرائيلية وحصارها
الظالم لقطاع غزة. يستحق رئيس الوزراء التركي التهنئة على
هذا الانجاز الكبير المتمثل في انهاء
دكتاتورية العسكر، الخفية منها
والظاهرة، وترسيخ النظام الديمقراطي
التركي بعيدا عن انقلاباتها القمعية،
نشعر بالحسرة في الوطن العربي، حيث
باتت معظم انظمة الحكم تجسيدا او
امتدادا للانقلابات العسكرية، فلم تجن
شعوبنا غير الفساد والتخلف والقمع
الامني والفشل على الجبهتين: جبهة
السلام وجبهة الحرب. في الوطن العربي، وبسبب هيمنة المؤسسة
العسكرية لم تحصل الشعوب على
الديمقراطية، ولا على الجيوش القوية
القادرة على استعادة الحقوق المشروعة،
والحفاظ على السيادة الوطنية. ===================== الاستبداد السياسي مرة
أخرى.. دمى ضيعت الحق وقهرت طالبيه المصطفى مرادا 2010-09-12 القدس العربي من البديهي المصادرة اليوم؛ أنه لا يليق
لباحث حسن الاضطلاع بثورة العلوم
الإنسانية وجدة مناهجها وعقلانية
مفاهيمها، الادعاء بصلاحية هذا المنهج
أو ذاك بشكل أحادي في مقاربة الظواهر
الإنسانية، غير أننا لا نلبث نودع هذه
الحقيقة الميثودولوجية على قيمتها،
عندما يتعلق الأمر بتحليل قضايا العرب
اليوم، بدءا من السياسة وحقوق الإنسان
مرورا بالثقافة والاقتصاد، وصولا إلى
قضيتنا العربية الأولى، إنها قضايا
منظومة على إيقاع واحد، الاستبداد
والاستبداد ثم الاستبداد، وإلا فأي
وزن دبلوماسي او بالأحرى استراتيجي،
سيكون لشعوب مضطهدة وأنظمة مستبدة في
القضايا العربية، بما فيها قضية القدس
الشريف؟ لذلك فلا عجب ان كنا في هذا أقرب إلى
الكواكبي في كتابه 'طبائع الاستبداد
ومصارع الاستعباد' منه إلى طه حسين أو
محمد عبده وغيرهما من المصلحين، إن
أردنا الاعتماد على هذه المرجعية
النهضوية، لمعطيات تاريخية نحسبها
شواهد على صحة هذا الانحياز المنهجي،
معطيات كانت أيام الكواكبي وما فتئت
تعود بشكل أبدي على الساحة العربية،
فمن الاستعمار مرورا بالنكبة والنكسة
وحتى التراجيديا الفلسطينية الأخيرة
بغزة، الانفصال نفسه بين الشعوب
العربية وأنظمتهم، فإذا كان هذا
المعطى على فداحته في دول الاستعارة
والكناية؛ 'جزائر المليون شهيد' و'تونس
الخضراء' و'الجماهيرية' و'أم الدنيا' و'الشام'
وغيرها بمثابة الحقيقة التي لا ترتفع
إلا بملك الموت، فإن المهزلة الكبرى
يجسدها الوضع الداخلي الفلسطيني
تحديدا، فرحم الله درويش 'ما أكبر
الفكرة وما أصغر الدولة'. ولنفترض جدلا أن الكيان الصهيوني قَبِل
بالحق الفلسطيني في دولة مستقلة،
ومهما كانت حدودها الجغرافية، فإن
المشكل الرئيسي الذي ستواجهه هذه
الدولة هو أنها ستعيد إنتاج
الجمهوريات الملكية المتكاثرة فيما
يعرف بدول الطوق، والنتيجة هي أن الشعب
الفلسطيني سيكون له سجن كنعاني بدل
العبري، و'كلاهما في النارِ حطبُ'
بتعبير الرائع درويش، ولنفترض جدلا
دوما، مادام اليقين في السياسة لدى
العرب عملة مفقودة، لنفترض أن مصر
المحروسة فتحت معابر رفح قبل أو إبان
العدوان الصهيوني على غزة تحت إي مبرر،
ألن تعود القوى الكبرى لطرح مسألة غياب
الديمقراطية في نظام مبارك تماما كما
فعلوا مع صدام؟ ألن تعاد قضية الأقباط
إلى الواجهة من جديد؟ وهذان الافتراضان يدلان على شيء واحد، هو
أن الاستبداد السياسي يجعل الأنظمة
العربية ضعيفة في تدبير قضاياها
المصيرية، لأنه يعطي للقوى الكبرى
ورقة ضغط لفرض هذا الحل أو ذاك، أما
وهذه الأنظمة حريصة على استبدادها
وخاضعة للإملاءات الخارجية حرصا على
استبدادها، فإنها ستغدو في عرف قوى
الاستكبار العالمي 'قوى معتدلة' و'دولا
حليفة' إلى غير ذلك..، في حين أنها دمى
ضيعت الحق وقهرت طالبيه. وإذا كان البعض اليوم يحلو لهم أن يبشروا 'بصلاح
الدين الأسود' القادم إلى البيت
الأبيض، وتقديمه على أنه نهاية سياسة
الكيل بمكيالين الشهيرة أمريكيا،
فإنهم بهذا يفوتون على أنفسهم هذه
اللحظة التاريخية، للبدء بالتفكير
التاريخي والعقلاني في إشكالات
السياسة والحكم، وما يرتبط بهما من
شخصيات مفاهيمية، كالحق والقانون
والمؤسسات والسلوك المدني وسواها،
فإذا كان ديدن الشعوب العربية اليوم هو
أن تكون قضاياها في منأى عن تقلبات
مصالح السياسة الأمريكية، فإن هذا يمر
عبر طريق واحد، إنه تشريح الاستبداد
السياسي الذي يكتم أنفاسها منذ قرون،
والبدء بمسيرة التنوير، وما يستتبع
هذه المسيرة من رهانات لعل أهمها تأسيس
الأنظمة السياسية على مشروعية شعبية
ووطنية... وهذه هي أم القضايا في الساحة
العربية اليوم، أما الغطرسة الصهيونية
والانحياز الأمريكي والصمت الأوروبي
فهي أعراض ستزول في اعتقادنا بزوال
الاستبداد. فقد سبق للأستاذ عبد الله العروي في كتابه
'الايديولوجية العربية المعاصرة'، وهو
الكتاب الذي ظهر مباشرة بعد النكسة، أن
نبه جموع المصدومين من هول الحدث، إلى
أن العدو هزمنا بتكتيكه الحربي وأيضا
بديمقراطيته، وهذا التحليل في نظرنا
يصدق اليوم أيضا في النكسات المتوالية
على ساحتنا العربية، وإلا فما الذي منع
أنظمة عربية تعد من أغنى الدول عالميا،
لها وزن حقيقي في الاقتصاد العالمي، من
أن تضغط لوقف نزيف غزة قبل اندلاعه؟
لماذا ضغط عقيد ليبيا على سويسرا نفطيا
لوقف محاكمة ابنه هنيبعل، وضغطت
الدولة الوهابية على بريطانيا تجاريا،
لوقف التحقيق في صفقة اليمامة التي
تورط فيها كبار رجالاتها، ولم يحاولوا
حتى عندما تعلق الأمر بمصير شعب أعزل؟
لماذا ضغطوا هناك ولم يضغطوا هنا؟ إن
هذه الأسئلة على بداهتها تقود في نظرنا
الى جواب واحد، وهو 'درء المفسدة التي
ستنجم عن هذا'، وهي الضغط عليها هي أيضا
في ملفات سوداء أولها الاستبداد وما
يرتبط به من انتهاك لحقوق الإنسان، وهي
ملفات للأنظمة العربية السابقة الذكر
عراقة لا تضاهيها إلا عراقة الأمم
الأخرى في الديمقراطية وحقوق الإنسان. غير أن ما يعزز التحليل القائل بفشل
مشاريع النهضة العربية، هو استمرار
نفس الإشكالية اليوم، بل وازدياد وطأة
هذا الالتباس، ولعل من أهم مظاهره، ما
سبق لنا الاستهلال به في هذا القول، مع
إضافة هي أن الأنظمة العربية أضحت رمزا
للعراقة في الاستبداد، ولأن المكر صفة
ملازمة للتاريخ، حسبما صرح به هيغل،
فإن هذا يستلزم أن تكون العراقة في
الاستبداد جوهرا مميزا لنا عن
العالمين، وتكون العراقة في
الديمقراطية جوهرا مميزا للعالمين
عنا، وبين العراقتين عوالم متناظرة
بلغة المناطقة، عالم ديمقراطي حديث،
يصحح مساراته في السياسة والحكم
والقيم باستمرار، في أفق عالم أكثر
انفتاحا على الوضع البشري، وعالم
متخلف بنيويا، تعشش فيه كائنات مستبدة
وفاسدة ورجعية، تستمد مبرر وجودها من
شعارات أفيونية، تسمي الاستبداد
خصوصية حضارية، والانقلاب العسكري
ثورة جماهيرية، وتوريث الجمهورية
استمرارا في الحركة التصحيحية... إنهما
عالمان متناظران، تناظرا لا تردمه
الحلول التوفيقية وأنصاف الحلول
وأشباهها، وهذا مما ينبغي للناظر في
أمور سياستنا في العالم العربي
الانطلاق منه على سبيل المصادرة، أي
حين يفصل بين فكر وسياسة عالم الهُناك
وبين فكر وسياسة عالم الهُنا، هناك
الإنسان والعقل والتاريخ، وهنا
المستبد والمستبد والمستبد. الاستبداد العربي وأسسه العابرة للأزمنة: قد يفاجأ البعض عند مرادفتنا، أثناء
التقديم، الفكر السياسي السلطاني أو
الملوكي، بالفكر السياسي 'لميكيافلي'،
غير أن أهم القيم العقلية أو العِبَر
عند ابن خلدون، والمستخلصة من تاريخ
الأنظمة الاستبدادية والموسومة
باعتمادها الحديد والنار في تشييد
صرحها، والحفاظ على بيضة وحدتها، تلك
التي تؤكد، أن لا فرق بين مستبد وآخر،
اللهم إلا من حيث المرجع الذي يستند
إليها في بناء مشروعية سيادته، أي بين
المستبد الذي يستمد مشروعية سيادته من
الدين بصفته خليفة لله في الأرض، 'يد
الله التي تعطي ما أعطاه الله وتنزع ما
نزع الله'، وفق ما روي عن عبد الملك بن
مروان، ولنا في التاريخ الإسلامي
شواهد أخرى تغني السائلين وتريح
الحائرين في أمر نقاء سريرة 'خلفاء
الله'، والمستبد الآخر الذي يستمد
مشروعيته من 'نقاء عرقه'، وهذا ما حرصت
عليه دول استبدادية أخرى لا تقل سطوة
وشدة على رعاياها، وهذا ما استطاع
العلامة ابن خلدون التفصيل فيه على نحو
منهجي نادر، وسماه 'عصبية'. هكذا تتعدد أشكال الاستبداد وأزمنته
وأمكنته، لكن يبقى الاستبداد هو نفسه،
ومع أن الجمع بين المشروعيتين، غالبا
ما كان الأفضل لدى الخلفاء والأمراء،
إذ عملت أغلب الدول الاستبدادية على
المزج بين عنصر العرق وعنصر الحق
الإلهي، كنسبة الدولة الأموية لأمية،
أحد أشراف قريش، ونسبة العباسيين
للعباس عم الرسول (ص)، فكان ما كان من
أمر تاريخنا السياسي غير العظيم، من
حرق للأرض وسبي للنساء وقطع للنسل
وتقويض للعمران، ومع أن 'العرب هم أبعد
الأمم عن سياسة الحكم والملك وآدابهما'،
حسب ابن خلدون في 'المقدمة'، لأنهم
الأكثر بداوة وخشونة في الطباع، فإن
الحاكم العربي الوسطوي لم يجد بدا من
الانفتاح على علم السياسة عند غير
العرب، فكان الهوس بالفكر السياسي
الفارسي، (أنظر العقل السياسي العربي-
محدداته وتجلياته/ محمد عابد الجابري/
ركز دراسات الوحدة العربية /طبعة 2000)،
حيث لم يتردد الأمير العربي في تكسير
حدود ملته ومذهبه وآداب ثقافته، حرصا
منه على حفظ سطوته وترسيخ قواعد نظامه؛
فبعد أن استقر كرسي الخلافة للأمويين
بعد الاحتكام/المقلب، سارعوا إلى
الاستفادة من سياسية وحكم كسرى الفرس،
'الذي يتوجب تقبيل يده والسجود له،
وعدم مقاطعته أو معارضته، والذي يورث
خلافته بين آل بيته، وبذلك بدأ ما
سيعرف بآداب السلطان والاحترام الواجب
في حقه، ونفس الهوس بالفكر السياسي
للآخر المخالف في الملة، تكرر عند
العباسيين مع الفكر الفارسي أو
الكسروي، وخاصة 'أردشير' وهذا ما قصده
الأستاذ الجابري بالعبارة 'لم يدفنوا
بعد أباهم أردشير'، التي ختم بها كتاب 'نقد
العقل السياسي العربي'. إن نفس الهوس بالفكر السياسي الاستبدادي
للآخر المخالف لنا في الملة والتعود،
تكرر على نحو غريب في العصر الحالي
عندما سارع الحاكم العربي 'للدولة
الوطنية' إلى تطبيق تعاليم ميكيافلي في
كتاب 'الأمير'، لتجنب ثورات شعوبهم،
وسبل حكم مماليكهم وأقاليمهم، (خاصة
الأبواب من 1 إلى 6 من الكتاب)، وكذا ما
ينبغي أن يهتم به الحاكم من سلوكيات
كسبا للشهرة وانفرادا بالمجد، وما
ينبغي أن يتجنبه من قيم أخلاقية مضرة
بحكمه، تجنبا لانقلاب الطامعين
والمتملقين على حكمه (الأبواب من 15 إلى
23). هكذا يقع الاتصال بين مستبد الماضي
ومستبد الحاضر، مع ثوابت أساسية،
أولها أن الفكر السياسي المستفاد منه
كان مخالفا في الملة، وثانيا الحاكم
العربي لا ينفتح إلا على ما يزكي
مركزيته وحقه، لا حق شعبه، وهذا ما
يحيل إلى السؤال/القفل في هذا الموضوع
وهو: لماذا لا يجد الحاكم العربي على
غرار أسلافه، منذ ما يزيد عن أربعة عشر
قرنا، غضاضة في الانفتاح على آداب وفكر
الاستبداد لدى الآخر المخالف لنا في
الملة والتاريخ، بينما لا يتردد في
التشبث في حبل 'المحافظة' وشماعة 'الخصوصية'،
عندما يتعلق الأمر بفكر التنوير
والتحرر لدى هذا الآخر؟ وبلغة أخرى،
لماذا استهوانا البارحة 'أردشير'
الفارسي، واليوم يستهوينا 'ميكيافلي'
الأوروبي، بينما يزعجنا فكر وسياسة 'الأنوار'
الكوني؟ إن أهمية هذا النوع من الأسئلة الإشكالية
التي يطرحها الفكر السياسي العربي
المتنور اليوم، تشير إلى مسألة
أساسية، وهي أن النزوع الطبيعي للمُلك
والتملك والسطوة، والموجود على نحو
صميمي لدى البشر، يدفع بعضهم في الغالب
الأعم إلى تشييد أغشية دوغمائية مغلقة
تزكي حقهم/ رغبتهم في التفرد بالسطوة
والتملك، وهي أغشية تنتج عن عمليات
انتقاء مستمرة من المشترك الهوياتي، (دين/مذهب/عرق/ثقافة)،
لجمع الناس المنتشين بتميز هويتهم،
وتخديرهم للدفاع المحموم عن هذا الحق
الأحادي، لذلك يتخذ خطابهم أبعادا
تجييشية وشعبوية، تستهدف استمالة
وجدانات الناس، والاستفادة من
الاستعداد الفطري الموجود عند عامتهم،
للاندفاع وتجسيد أحلام هؤلاء النازعين
للسطوة، معتقدين بذلك أن أحلام
المبايَع هي أحلام مشتركة، لذلك تتخذ
كل المشاريع السياسية التي تستند الى
اندفاع عامة الناس، أشكالا رومانسية
على المستوى النظري، وأشكالا دموية
وتخريبية هائلة على المستوى العملي،
مادام الدافع لدى هؤلاء العامة، دافعا
وجدانيا خالصا، لكن عندما تتقوى شوكة
هؤلاء الطامعين في التسلط والتملك،
ويشتد عودهم، ويوقنون من ألا تكون فوق
أيديهم يد قاهرة، فإنهم لا يترددون في
تكسير حدود مبادئ ملتهم ومذاهبهم،
لاستعباد الرعية والضرب على أيديهم،
واستباحة أموالهم وهذه هي أحوال
الاستبداد 'كصفة للحكومة المطلقة
العنان فعلاً أو حكماً، والتي تتصرّف
في شؤون الرّعية كما تشاء بلا خشية
حساب ولا عقاب محققَين' (أنظر كتاب 'طبائع
الاستبداد ومصارع الاستعباد'/
الكواكبي ص 7)، فإذا ثبت إذن أن المستبد
العربي وفي المقولات السياسة والحكم
كما هي عند أسلافه من المستبدين في كل
الأزمنة والأمكنة، وإذا ثبت في
التاريخ أن لكل نبأ مستقرا، أفلا يجدر
بالجماهير العربية ونخبتها المثقفة
ومناضليها الملتزمين، وهم في عمق
انفصالهم عن أنصاف الآلهة الذين
يحكمونهم، أن يتدبروا أخبار وسيرة من
يعاصرهم من الأمم، لاستخراج العبر،
عِبَر أن الدولة تصون الدولة بالشعب
وليس من الشعب، وأن الدولة تصون
القانون بطبيعته المنفتحة على الوضع
البشري، وهي بهذا تجعل من كرامة
المواطن قيمة مطلقة تتعالى عن أي
استعمال.. إن دولة بهذه الطبيعة لا يمكنها إلا ان
تحقق الحسنيين، حسنى الانفتاح على
الفرد بكل شروطه البشرية القبلية،
تعزيزا لقيم المواطنة والعدالة
والمساواة وغيرها، وحسنى الانفتاح على
الكوني في فكر الآخر، تعزيزا لقيم
التعايش والتسامح والاختلاف، ومن شأن
هذا الانجاز التاريخي أن يغير جذريا
الأشكال الاستسلامية والسياسوية التي
تحكم الأنظمة العربية مع قضايا الأمة
المصيرية، فالشعوب المضطهدة والأنظمة
المستبدة والأحزاب الديماغوجية
والفعاليات المدنية الشعبوية، لن تقدم
أي شيء لقضايانا، اللهم إلا الغوغائية
في الاحتجاج والمساومة بالكراسي في
التفاوض، وتلفيق الحقائق في التحليل..
وهذه لعمري هي صورة طبق الأصل عن
راهننا، أما مستقبلنا فيبدأ بالخروج
من كهف الأشباح هذا، بتعبير أفلاطون؛
وكم هو مؤلم أن نشرع في الخروج من الكهف. ' باحث من المغرب ===================== رشيد حسن الدستور 13-9-2010 كشف القس تيري جونز ، بحملة الكراهية التي
قادها ويقودها ضد الإسلام والمسلمين
وتهديداته بحرق القرآن الكريم ، عن
أخطر ظاهرة أسفرت عنها جريمة تدمير
أبراج مانهاتن ، ومقتل أكثر من ثلاثة
آلاف إنسان بريء ، والتي كشفت عن نفسها
، بأساليب ووسائل كثيرة ، وخاصة في
اوروبا والولايات المتحدة الأميركية ،
بدءا من الرسوم المسيئة للرسول الكريم
، صلى الله عليه وسلم ، إلى ظاهرة
النواب اليمينيين ، ما يكشف عن تيار
خطير ، يذكرنا بجرائم النازيين ،
وأمثالهم من العنصريين البغيضين ، إلى
منع بناء المآذن في مساجد سويسرا ،
والجدال المحتدم حول منع الحجاب ،
والذي أصبح قانونا في بعض الدول
الأوروبية ، وما تتعرض له الجاليات
المسلمة من مضايقات في أوروبا وأميركا
وإن بنسب متفاوتة بين دولة وأخرى ، ولا
بأس هنا أن نذكر بجريمة قتل الصيدلانية
المصرية على يد ألماني حاقد داخل محكمة
ألمانية. الملاحظ في هذه الظاهرة الخطيرة ، أنها
أعلنت عن نفسها بقوة بعد أن تبناها
سياسيون وأحزاب حاكمة ، فكان إعلان
الرئيس الأميركي السابق جورج بوش
الصغير ، بأن حرب أميركا في أفغانستان
والعراق ، هي امتداد للحروب الصليبية
ضد المسلمين ، واستقبال المستشارة
الألمانية ، ميركل ، للرسام الذي أساء
للرسول صلى الله عليه وسلم ، وتزامن
ذلك بتهديدات القس جونز بحرق القرآن
الكريم ، وارتفاع مد الكراهية إلى حد
مطالبة نواب أوروبيين بطرد المسلمين
من أوروبا "نائب هولندي". لكن رغم
هذا المد الفاشي الحاقد المعادي
للإسلام والمسلمين ، إلا ان استطلاعات
الرأي العام تؤشر إلى أن هذه الظاهرة
لا تزال محصورة ، وأن التيار العقلاني
التنويري لا يزال يحتل الأغلبية ، وأن
ما حصل مؤخرا في أميركا ، هو أن الحزب
الجمهوري استغل موافقة أوباما ، على
إقامة مسجد قرطبة ، بالقرب من موقع
الجريمة في نيويورك ، لتحريض
الأميركيين ضد الرئيس ، وضد الحزب
الديمقراطي ، على أمل الفوز في
الانتخابات التشريعية في شهر تشرين
الثاني المقبل ، لدرجة أن %20 من
الأميركيين يعتقدون أن أوباما مسلم
يخفي إسلامه. لا نريد الخوض أكثر في استعراض نماذج من
ظاهرة الكراهية هذه ضد الإسلام
والمسلمين ، ولكن لا بد من الإشارة إلى
أن العدو الصهيوني ، استغل أحداث 11
أيلول ووظفها لخدمة مصالحة ومخططاته
التوسعية العدوانية ، ولضرب حركة
المقاومة ، مستغلا حالة الغضب
الأميركي الفوارة ، وهذا ما حدث بالفعل
فقد اعتبرت واشنطن حركة المقاومة جزءا
من الإرهاب ، فكان أول المتضريين من
هذه الأحداث هي القضية الفلسطينية هذا
أولا. ثانيا: إن تراجع جونز عن حرق القرآن
الكريم لم يتم لاقتناعه بأن إحراق
المصحف هو عمل أخرق ، وجريمة ضد
الإنسانية ، وضد الأديان والمعتقدات ،
وأسلوب منحط لا يقدم عليه إلى الجهلة
الحاقدون ، لم يتراجع بسبب كل ذلك ، بل
بطلب من الإدارة الأميركية ، وبالذات
من وزير الدفاع روبرت غيتس ، بعد أن أكد
له بأن حرق المصاحف سيلحق بالقوات
الأميركية في أفغانستان والعراق ،
وبالمصالح الأميركية في طول العالم
وعرضه ، أضرارا بليغة. ما يعني أن الإدارة الأميركية لم تتدخل
إلا بعد تحذير قائد القوات الأمريكية
في أفغانستان ، الجنرال باتريوس ، من
خطورة تداعيات حرق المصاحف ، على جنوده
الذين يلاقون مقاومة شديدة في
أفغانستان. ملاحظة أخيرة.. إن رد الدول العربية
والشارع العربي ، على تهديدات القس
جونز ، وحملة الكراهية التي شنها ، ولا
يزال ضد الإنسانية والمسلمين كان
متواضعا ، ولا يقارن مع غضبة الشعوب
الإسلامية في أفغانستان والباكستان
وأندونيسيا ، والتي كان لها الأثر
الأكبر في إجبار الإدارة الأميركية
على التدخل ، ما يستدعي التساؤل والبحث
عن الأسباب. "والله غالب على امره". ===================== لماذا على العالم أن
يعدل مساره؟ ضياء الفاهوم الدستور 13-9-2010 رغم أن الأمم المتحدة نجحت في كثير من
الأحيان في بلسمة جراح من فرض عليهم
العذاب لسبب أو لآخر في مناطق مختلفة
من العالم بتقديم العون لهم بأشكال
متعددة إلا أنها لم تنجح حتى الآن في حل
مشاكل دولية مهمة بشكل تعفي فيه البشر
من نزاعات مريرة يذهب ضحيتها كل يوم
العديد من الناس. عندما نتذكر أن الأمم المتحدة أقيمت في
العام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية ،
ذات الضحايا الكثيرة والمآسي المريعة
، من أجل تفادي مثل هذه الحرب المدمرة
واللجوء إلى الحوار في معالجة القضايا
الإنسانية ثم نرى ما يجري في عالمنا من
نزاعات وصراعات لا تعترف بما تقتضيه
الإنسانية من رحمة وتعايش سلمي بين
الإنسان وأخيه الإنسان ويكثر فيها
التعدي على كل الحقوق والمبادئ والقيم
نعرف إلى أي مستوى انحدر الجنس البشري
الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من حياة
غير إنسانية يستقوي فيها القوي على
الضعيف ، والذي يتمثل هذه الأيام في
أطماع الدول الكبرى بالسيطرة على
ثروات الشعوب. ما من أجل هذا أقيمت الأمم المتحدة وما من
أجل هذا وضع ميثاقها وتشكلت مؤسساتها
الدولية. وإذا ما أراد العالم أن يبعد
نفسه عن المآسي والويلات في كثير من
ربوعه فما عليه إلا أن يكون صادقا مع
نفسه ويلتزم بالقوانين والقرارات
الدولية بديمقراطية مطلقة ليس فيها حق
نقض ولا ما يحزنون. وإن لم يفعل ذلك فإن
الأمم المتحدة تكون قد أقيمت لصالح
الدول الكبرى التي عرفت حتى الآن كيف
تسيطر عليها وتستغلها وتجعلها بعيدة
كل البعد عن حقوق الإنسان التي تتغنى
بها هذه الدول في إعلامها ولكنها لا
تطبقها إلا بين مواطنيها في نفس الوقت
الذي تضن بها على مواطني البلاد الأخرى.
وإذا لم يعدل العالم مساره عن طريق
الالتزام بالميثاق الذي ارتضته الأمم
لنفسها فإنه يكون بذلك قد خرق القوانين
الدولية التي توافق عليها أهل الأرض من
أجل حل المشاكل الدولية بالطرق
السلمية ، والتي تقتضي أخذ مصالح
البشرية كلها بعين الاعتبار بشكل يحول
دون تحقيق مصالح دول وشعوب على حساب
ومصالح غيرها من دول وشعوب الأرض. وبعد البعد ، كل البعد ، عن الأهداف
الخيرة التي أقيمت على أساسها منظمة
الأمم المتحدة واستمرار الطغيان في
مناطق متعددة من العالم فإنه لا مناص
من أن يكثف مسؤولو العالم المحترمين
جهودهم ويوحدوا صفوفهم وصفوف دولهم
وشعوبها بهدف إعادة الأمم المتحدة إلى
العمل بكل جدية ونزاهة وإنصاف بموجب
ميثاقها وإلى إنهاء حالات الطغيان
التي تمارسها الدول الكبيرة التي يخضع
الكثير منها للألاعيب والافتراءات
الصهيونية التي تواصل العمل غير
الإنساني بكل ما أوتيت من قوة وبهتان
وتضليل. ولعله من المفيد أن يتذكر الغربيون ما
قاله قبل أكثر من مائتي عام توماس
جفرسون أول وزير للخارجية الأميركية
والذي أصبح في عام 1801 الرئيس الثالث
للولايات المتحدة الأميركية. قال
جفرسون "كل ما يتطلبه الطغيان
للبقاء هو بقاء ذوي الضمير الحي صامتين". هل من شك في أن الغرب قد طغى مدة طويلة من
الزمان وأنه آن الأوان كي لا يبقى
أصحاب الضمائر الحية صامتين حيال ما
يجري في هذا العالم من طغيان فاق
التصور وخاصة ذلك الذي يمارسه
الإسرائيليون وأتباعهم بحق
الفلسطينيين والعرب والمسلمين؟. على ذوي الضمائر الحية أن يرفضوا ذلك
بأعلى أصواتهم وأن يساهموا في العمل
الإيجابي من أجل مساندة الشعوب التي
تناضل من أجل دحر احتلال أراضيها.
وعليهم أن يدعموا قضايا الشعوب
العادلة وتركها تقرر مصيرها بنفسها
دونما وصاية من أحد ، وأن يساهموا أيضا
في إعادة الهيبة للمنظمة الدولية
ومساندتها في تعميم الالتزام
بقوانينها وتنفيذ قراراتها. وإذا لم
يغير العالم مساره باتجاه ما يعود
بالخير على جميع أبنائه فسوف يكون من
شأن ذلك أن يؤدي بالنتيجة إلى تدمير ما
تبقى من حضارته. ===================== أسئلة القوات الأميركية..
بلا إجابات ريتشارد هاس (رئيس مجلس العلاقات الخارجية
الأميركي) «تريبيون
ميديا سيرفس» والاتحاد الاماراتية الرأي الاردنية 13-9-2010 في حديث إلى الشعب الأميركي، ألقاه من
مكتبه في البيت الأبيض يوم 31 أغسطس،
أعلن الرئيس أوباما أن المهمة
الأميركية في العراق قد انتهت، بعد سبع
سنوات تكبدت فيها الولايات المتحدة
خسائر فادحة، وأن الوقت قد حان ل»طي
الصفحة». لكن طي الصفحة تماماً سيكون أمراً صعباً...
كما أن الرئيس في اعتقادي قد أثار
بخطابه هذا من الأسئلة أكثر مما قدم من
الإجابات. فمن المفترض على سبيل المثال، أن الخمسين
ألف جندي أميركي المتبقين في العراق
حالياً ستكون مهمتهم تقديم الاستشارة
والمساعدة للقوات العراقية عندما
يستدعي الأمر ذلك. لكن السؤال هنا هو:
ما الذي يمكن أن يحدث، إذا ما تبين فيما
بعد أن العراقيين غير قادرين على
التعامل بنجاح مع التهديد المستمر
الذي يمثله الإرهابيون، وتمثله
انقساماتهم الطائفية المتفاقمة،
ويمثله تدخل الجيران في شؤونهم
الداخلية بغية تأكيد النفوذ؟ وما الذي
تستطيع القوات الأميركية المتبقية في
العراق أن تفعله في مثل هذه الحالة؟
وما الذي يمكن للولايات المتحدة ذاتها
فعله بالنيابة عن العراق؟ هناك سؤال آخر: قد أعاد الرئيس أوباما
التأكيد على التزامه بإنهاء الوجود
العسكري الأميركي تماماً في العراق
بنهاية العام 2011... لكن هل سيكون من
الحكمة القيام بذلك؟ إن القيام بذلك
سيزيد من احتمالات تحول العراق إلى
مكان أكثر فوضى مما هو عليه في الوقت
الراهن. والعراقيون أنفسهم يدركون
ذلك، وإذا ما تمكن قادتهم السياسيون من
تشكيل حكومة فإن الأمر المتوقع، هو أن
يطالب هؤلاء القادة عشرات الآلاف من
الجنود الأميركيين بالبقاء هناك لفترة
أطول للمساعدة في المحافظة على الأمن
ولتقديم خدمات الاستشارة. وهناك احتمال
كبير لأن تكون الولايات المتحدة
مستعدة للموافقة على طلب هؤلاء
القادة، ليس فقط بشرط تقديم الطلب
ذاته، بل أيضاً بشرط إبداء الاستعداد
لدفع تكلفة ذلك البقاء. لقد قال الرئيس في خطابه إن ما يحدث في
العراق يمكن أن يمثل سابقة لما يمكن أن
يحدث مستقبلا في أفغانستان. بمعنى أنه
يمكن للقوات المنتشرة هناك أن تعمل على
الاستفادة من وجودها في تدريب القوات
الحكومية الأفغانية بحيث تكون تلك
القوات قادرة على الاضطلاع بدور أكبر،
من الدور المحدود الذي تقوم به حالياً...
وهو ما سيسمح بإجراء تخفيض في عديد
القوات لأميركية الموجودة هناك،
وتقليص المهام والأنشطة التي تقوم بها.
أما الانخراط في حرب مفتوحة النهايات
هناك، فهو أمر لا يفيد مصالح الولايات
المتحدة، ولا مصالح الشعب الأفغاني،
كما أعلن ذلك أوباما بنفسه. مع ذلك يبقى الارتباط الشرطي بين الأجندة
وبين الظروف الموجودة على الأرض،
معلماً أساسياً في سياسة الولايات
المتحدة في أفغانستان، وهو ارتباط
يعني أن القوات الأميركية الموجودة
هناك سوف تبدأ في الانسحاب خلال مدة
تقل عن العام، لكن وفق وتيرة سوف تتحدد
بناءً على الظروف فوق الأرض. والسؤال الذي يرد على الذهن في هذا السياق
هو: ماذا سيحدث إذا لم تتحسن الظروف في
أفغانستان بوتيرة تسمح بإجراء سحب
لأعداد كبيرة من القوات؟ هذا شيء وارد
للغاية، خصوصاً إذا ما أخذنا في
اعتبارنا أداء الحكومة الأفغانية، وما
يوجه لها من تهم فساد وانقسام على
نفسها وكونها تسيطر فقط على مساحة
محدودة من البلاد... وإذا ما أخذنا في
اعتبارنا أيضاً تدخلات «الشريك»
الباكستاني الذي تشير كافة الدلائل
إلى أنه يتبع أجندة خاصة به مستقلة عن
أجندة الولايات المتحدة، تحسباً لليوم
الذي تنسحب فيه قواتها من أفغانستان...
وإذا ما أخذنا في اعتبارنا كذلك «طالبان»
التي أثبتت قدرتها على العودة للعمل
مجدداً، واستعادة نفوذها في بعض
المناطق. ونأمل أن يأتي وقت، اليوم قبل الغد، لو
كان ذلك ممكناً، يرفض فيه أوباما
المقاربة القائمة على ربط خطة
الانسحاب بالظروف على الأرض، والعمل
بدلا من ذلك من أجل تحقيق أهداف أقل
طموحاً وأقل تكلفة بالتالي تقوم على
الاكتفاء بمطاردة الإرهابيين، وتأسيس
شراكات محلية، والبحث عن تسويات مع
قادة «طالبان» وعلى وجه الخصوص هؤلاء
الذين يبدون استعداداً للنأي بأنفسهم
عن «القاعدة». ومن المهم التأكيد على أن الاعتبارات
المتعلقة بالتكلفة تكتسب أهمية خاصة
هنا، وهو ما يتبين مما قاله الرئيس في
خطابه وهو «أن مهمتنا الأكثر إلحاحاً
هي العمل من أجل استعادة اقتصادنا
لقوته». ربما يكون ما قاله الرئيس صحيحاً من حيث
الجوهر، لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن
إنفاق 100 مليار دولار أو أكثر في
أفغانستان، كما تشير التقديرات، سوف
يجعل من مسألة خفض الإنفاق الدفاعي،
وخفض العجز في الميزانية الفيدرالية،
أمرين أكثر صعوبة بكثير مما يتوقع معظم
الخبراء. إذ كيف يمكن للولايات المتحدة في مثل هذه
الظروف أن تنجح في استعادة قاعدتها
المالية، والمحافظة على مكانتها
باعتبارها القوة القائدة في العالم؟
ربما يكون هذا السؤال هو الأهم على
الإطلاق من بين جميع الأسئلة المثارة،
وهو سؤال نتطلع أن يقوم الرئيس، وكذلك
الكونجرس، بالعمل بجدية كاملة من أجل
إيجاد إجابة مقنعة له. ===================== الرأي الاردنية 13-9-2010 أ. د. فيصل الرفوع ما زالت الأمة العربية، وبشيء من الحسرة
والكثير من الندامة، تدفع ثمن تداعيات
البيان رقم1 الذي كان ذات يوم يمثل
إسلوب التغيير السياسي والإقتصادي
والإجتماعي في وطننا العربي الكبير،
الذي شاءت أقداره أن يقع ضحية المخططات
الإستعمارية، قديمها وجديدها، و
إستشراء الثقافة القطرية و الولاء
الطائفي وعقدة « الأنا» التي ساهم في
مآسستها المستعمر نفسه ، إما مباشرة
على عينه او على أيدي أعوانه،أفراداً
ومؤسسات، سواء من خلال ما يسمى بمؤسسات
المجتمع المحلي وأصحاب المصالح
والشركات ومستمرئي السحت الحرام، أم
عبر ثقافة الإستلاب الحضاري التي أخذت
تستشري بين الشباب العربي في العقود
الأخيرة، وعلى حساب الثقافة العربية
والإسلامية والقيم التي أسسها ذات يوم
أجدادنا، قبل وبعد حلف الفضول. وبعد رحيل الإستعمار الشكلي، أوكلت
المهمة لبعض دول الجوار الجغرافي،
والتي بكل أسف يدعي بعضها «الإسلام»،
وحمايته والحفاظ علية . وآخذت هذه
الأطراف بممارسة أبغض تفاصيل التوجهات
الشعوبية وإفرازاتها، كما أصبحت هذه
الدول الأشد عداءً للنظام العربي من
الصهاينة أنفسهم. فإسرائيل عدو واضح
للوجود العربي، وتتعامل معه الأجيال
العربية على هذا الأساس. لكن هذه
الأطراف تمثل عدوا كامنا وليس من السهل
رصدها، بالرغم من مساهمتها المباشرة
في إبادة العرب المسلمين في العراق،
وفي تهيأت الظروف والمساعدة اللوجستية
لتدمير أفغانستان المسلمة. وتمارس نهج
« التقية» والذي يتناقض مع أبجديات
الإسلام وأصوله، وخارج على تعاليمه،
قرآناً وسنةً، وبالتالي يمثل «أخبث»
توجه وأخطر سلوك محدق بالعروبة
والإسلام. وإذا كان البيان رقم 1 وسياساته غير
العقلانية والبعيدة عن المنطق قد أعاد
بعض العواصم العربية إلى حظيرة
الإحتلال المباشر من الغرب، وتمارس
فيه وعلى أرضه أبشع عمليات التصفية
بناءً على الإنتماء الطائفي والمذهبي،
وتحول من مثال للإستقرار والأمن
والسلم المجتمعي في ظل النظام الملكي
الدستوري، إلى لا شيء، تائه وغارق في
خضم الصراعات البينية والمصالحية في
ظل البيان رقم1. فإن المطلوب من النظام
العربي أن يقف بحزم ضد كل الطروحات
التي تؤمن بالعنف كوسيلة للتغير، سواء
التغيير السياسي ام الإجتماعي ام
الإقتصادي، وتسير ضمن طريق الضلالة
وسلوكها غير الدستوري، والبعيد عن
الشرعية ومفهومها الحضاري الذي أقرته
القيم السماوية والأعراف الدولية.
وليدرك العرب بأن أي إختراق لشرعية
وأمن وسلامة لأي من مكونات النظام
العربي تعتبر مساساً بالأمن القومي
العربي برمته. والمثل العراقي الذي
قدمناه للتحالف المباشر وغير المقدس،
الغربي- الصهيوني- الشعوبي، وتداعياته
الخطيرة والكارثية على ألأمن القومي
العربي ليس ببعيد على كل ذي بصيرة وعقل. إن ما تعرضت له مملكة البحرين من إستهداف
لنظامها الملكي الدستوري، وسلمها
الأهلي، ووحدتها الوطنية، وهي على
أبواب ممارسة تجربتها الديمقراطية
الواعدة بعد عدة أسابيع، وعلى أيدي
أناس أقل ما يقال عنهم، بأنهم « دعاة
طائفية وطلاب فتنة»، وينفذون أجندات
أجنبية اهدافها النيل من المعاني
السامية للعروبة والإسلام، ممتشقين
لثقافة شعوبية بغيضة، يمثل سابقة
خطيرة، تهدف إلى تقويض الاركان التي
بنيت عليها القيم العربية والمباديء
السامية التي تمثل الركيزة الأساسية
للدين الإسلامي الحنيف. وبالتالي فإن المطلوب من النظام العربي،
من تطوان إلى المحمرة، الوقوف بحزم مع
مملكة البحرين لتمكينها من وأد الفتنة
الشعوبية في مهدها، وإرسال رسالة
واضحة لا لبس فيها لمن هم وراءها، بأن
العرب ليسوا بذلك الغباء حتى تنطلي
عليهم، مسيرات يوم القدس، وفي نفس
الوقت يمارس منظموها « تقيتهم» في
التعامل مع العرب على أبشع صورها، وهذا
الأسلوب في التعامل هو أبغض السياسات
وأشرها. مؤكدين لهم بأن البحرين بأهمية
قدسية القدس. ======================= تجارة الدين والجنس
والمخدرات والسحر...الزوار
الايرانيون في سورية نموذجا الدكتور علي الفريجي مجموعة العراق فوق الخط الاحمر ساقتني اقدار الشتات العراقي ليكون
اللقاء الذي يجمعني بعائلتي بعد عقدين
من الفراق في الجمهورية السورية
وتحديدا في منطقة السيدة زينب كون امي
اطال الله في عمرها احدى تلك العجائز
المولعات بالزيارات الدينية ، ونزولا
عند رغبتها طلبت العذر من معشوقتي فينا
لمدة اسبوع والتحقت بركب العائلة ولم
اكن اتوقع اني بعد عملية تنقيب وبحث لم
ابذل بها مجهودا كبيرا اني سأصل الى
ملامح مخطط ايراني مخيف في سورية
واليكم القصة .. تحول مرقد
السيدة زينب في سورية او ما يعرف
بمنطقة السيدة الى مركز ديني وتجاري
يتجمع فيه الشيعة من اللاجئين
العراقيين والزوار الإيرانيين
بالاضافة الى الالاف من الزوار من شيعة
الخليج الامر الذي اصبح يشبه دويلة
دينية داخل دولة بعثية !! حيث تنتشر في
المنطقة عشرات الحوزات العلمية
الدينية والحسينيات والمراكز
الثقافية والتعليمية الدينية
الإيرانية والعراقية الى جانب عشرات
المشافي والمستوصفات التي تحمل اسماء
رموز دينية شيعية مثل (مشفى الإمام
الخميني) و ( مستشفى الامام الصدر ) ... المنطقة القريبة من مخيمات عرب 48 باتت
مركز حراك تجاري وديني كبير فرضه رغبات
ودوافع الزوار فالنصب والاحتيال باسم
الدين سواء كان بدوافع العلاج او
بدوافع اكمال اركان الزيارات الدينية
الشيعية جعلت المنطقة باسرها تخضع
لمبادئ العرض والطلب مما تسبب بانتشار
تجارة المخدرات الايرانية التي هي سمة
غالبة لشريحة واسعة من الزوار
الايرانيون الرجال وانتشار زواج
المتعة الذي تبادل فيه الرجل والمرأة
الادوار حيث يؤكد الكثير من القاطنين
في المنطقة انهم تعرض عليهم طلبات زواج
للمتعة محددة من قبل الزوار النساء
ايرانيات وغير ايرانيات يقول ع .م وهم عراقي مقيم بالسيدة منذ 2003
ان هنالك الكثير من الزيجات الدينية
تقام في المنطقة بتراضي الطرفين ولمدة
محدودة حيث يعمد الكثير من شيعة الخليج
الى عقد زواج مؤقت مدة زيارته والعكس
يحدث مع زائرات ايرانيات وعراقيات
يعرض الفكرة ذاتها على رجال سوريون
وعراقيون وايرانيون وخليجيون ويؤكد ح .
ن وهو فلسطيني من عرب 48 ان الزواج يحدث
من خلال مكاتب بعض المرجعيات الدينية
او على يد احد رجال الدين وهو معلوم
المدة وتحفه في بعض الاحيان شروط صارمة
خوفا من الاستهتار بامره ... يعني تصوروا معي الموضوع .. مخدرات وجنس
ومصائد مغفلين ينصبها محتالون باسم
الدين ؟؟ ويقصد اكثر من 700 الف زائر سورية سنويا من
ايران وحدها تحقق سورية من استقبالهم
عائدات تصل إلى أكثر من 100 مليون دولار
أميركي في العام الواحد، بحسب
المعلومات المتداولة وهو رقم مهم
بالنسبة لسورية الدولة لكن نتخوف ان
يكون بداية للاضرار بدور سورية العربي
المشهود له عبر عقود النضال العربي .. من ناحية اخرى ساهم الاكتظاظ السكاني في
اضعاف البنية التحتية التي وجدت لعدد
اكثر بقليل من الناس مما يؤثر على
مستوى النظافة حيث تقوم البلدية يوميا
باخراج ما يقارب 80 طنا من القمامة
وتقوم الشرطة باعتقال ما معدله 30 شخص
يوميا في شجارات وصراعات واعتداءات
المنطقة تحولت الى مكان غير نظيف ولا
يليق باقدم عواصم الدنيا وانتشرت
الرشوة بشكل كبير فالكل يرشي الكل وهي
ظاهرة يمكن للمسؤول السوري ان يلمسها
بنفسه في حال نزل الى ميدان المشكلة ،
وانتشرت عشرات العيادات العطرية التي
تقدم نفسها كمراكز للاعشاب ولكنها
بالحقيقة مكان لممارسة الشعوذة والسحر
.. لا يمكن لاي كان ان يزايد على اصالة
وعراقة الشعب السوري ومواقفه وتضحياته
ولكن الحقيقة مؤلمة وقد لا ترضي
الكثيرون ... على الصعيد المذهبي لم يكن يوجد في سوريا
حتى العام 1995 سوى حوزتين للشيعة، وقد
أرتفع هذا العدد الى اثنتي عشرة حوزة
شيعية، في سوريا هي: (الحوزة الحيدرية،
حوزة الإمام جواد التبريزي، حوزة
الإمام الصادق، حوزة الرسول الأعظم،
حوزة الإمام المجتبى، حوزة الإمام
الحسين، حوزة الإمام زين العابدين،
حوزة قمر بني هاشم، حوزة إمام الزمان
التعليمية، حوزة الشهيدين الصديقين،
حوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات
الإسلامية، حوزة فقه الأئمة الأطهار،
التي أنشئت عام2006 ) وكل الحوزات تقوم
بأعمال التدريس من غير اشراف سوري على
المناهج او حتى اسلوب التدريس وفي عام
2003حصلت أول جامعة إسلامية شيعية
متخصصة بالعلوم الدينية على ترخيص
أمني للعمل داخل سورية، وتبع ذلك تأسيس
«مديرية الحوزات العلمية» بدمشق التي
باشرت عملها في عام 2005، خارج نطاق
الإدارة المختصة لمراقبة التعليم
الديني في سوريا، وهي إدارة التعليم
الديني في وزارة الأوقاف السورية،
وذلك بعد حصولها على موافقة جهاز الأمن
السياسي التابع لوزارة الداخلية
السورية هنا لابد من سؤال يطرح نفسه بقوة لماذا
هذا التواجد الايراني الضخم والمبرمج
؟ فان كان الموضوع دينيا مذهبيا فالكل يعلم
ان الشيعة الإمامية أقلية ضئيلة في
سورية ورغم انه ليس من السهل الاستناد
إلى إحصائيات دقيقة عن أعداد
المجموعات الدينية في سورية، بسبب
حساسية السلطة تجاه مثل هذه البيانات،
إلا أن تقرير "الحرية الدينية في
العالم" لعام 2006، الذي يصدر عن وزارة
الخارجية الأمريكية، يذكر أن العلويين
والإسماعيليين والشيعة يشكلون ما
نسبته 13 في المائة من عدد سكان سورية،
أي قرابة 2.2 مليون من إجمالي عدد
السكان، الذي يبلغ 18 مليون نسمة .. أما التقرير الصادر عن مركز ابن خلدون
للدراسات الإنمائية بالقاهرة عام 2005،
بعنوان "الملل والنحل والأعراق"،
فيشير إلى أن الشيعة يمثلون (1) في
المائة من عدد السكان، في حين يشكل
العلويون من 8 إلى 9 في المائة. بينما
تشير المصادر الشيعية على شبكة
الإنترنت إلى أن شيعة سورية يمثلون نحو
2 في المائة من إجمالي السكان. وان كان سياسيا فالكرة في ملعب ساسة العرب
لانهم المعنيون بالامر ======================= المراجعة أفيد من اللعب بالنار مداد القلم 13/9/2010 عبد العزيز كحيل في التاسع والعشرين من آب/ أغسطس عام 1966م
استشهد سيد قطب إعداما في عهد الرئيس
المصري الأسبق جمال عبد الناصر، وكان
كتابه "معالم في الطريق" من أبرز
ما اقتطف الادّعاء من فقراته ليقدم "الدليل"
على أن الكلمة والفكرة "تسوّغان"
الجريمة، ومرت عقود وتعرّض الإنجاز
الأكبر لسيّد "في ظلال القرآن"
للتهجّم أيضا على نطاق واسع في ظلّ
تحكيم ما يسمّى "الحرب على الإرهاب"
في الواقع الإسلامي والفكري –وليس
العسكري والسياسي فقط- في بلاد
المسلمين، وكما هو الحال مع كل كاتب
وكتاب، لا أحد ينكر أن يقع الكاتب
الكبير في هفوات، أو أن ينطوي كتاب
كبير على هفوات، إنّما قلّ في زمن "الانحطاط"
الذي استشرى في ميادين عديدة، مَن
يُنصف الكاتب والكتاب من التهجّم
والتعميم، ويعيد إليهما موقعهما في
مجرى التطوّر الفكري الذي يحتاج
المسلمون وتحتاج البشرية إليه، كيلا
تتحوّل الهيمنة المادية عبر الجيوب
والبطون إلى هيمنة فكرية عبر العقول
والقلوب أيضا. المقال التالي بقلم الكاتب الكريم عبد
العزيز كحيل مقال منصف، وجد التجاوب من
جانب القراء حيثما انتشر في مواقع
عديدة من الشبكة العالمية، وينشره "مداد
القلم" متأخّرا، مع الدعوة إلى
الحرص على التوازن في تعاملنا مع
كتّابنا وفكرنا وإبداعاتنا دون
استثناء.. التوازن في التقدير وفي
النقد، وفي الإشادة وفي الإدانة، وفي
الاستفادة من كل ما نجده خيرا، والتماس
العذر للمخلصين فيما يبدو لنا من
الأخطاء أو الهفوات. وفي عنوان المقال ما ينوّه –وإن لم يقصد
الكاتب ذلك على الأرجح- بما يتردّد هذه
الأيام، عن دعوة هوجاء تنطلق –للأسف-
من رجل كنيسة أمريكي، إلى "حرق أكبر
عدد ممكن من نسخ المصحف الشريف" مع
يوم 11/9/2010م.. بعد مرور عشرة أعوام على
تفجيرات نيويورك وواشنطون، وحملة "إحراق
البشر والحجر" التي شهدها العقد
الأوّل من القرن الميلادي الحادي
والعشرين.. عبر الحروب الأمريكية
الفاجرة. _______ إذا ذكر سيد قطب ذكر تفسيره "في ظلال
القرآن" وكتابه الأخير "معالم في
الطريق"، ولعلّنا لا نجد في العصر
الحديث من الكتب ما أثّر في جماعات من
الناس وأثار من ردود الأفعال مثل هذين
الكتابين، أمّا الظلال في طبعته
الأخيرة فهو نوع جديد من التفسير خرج
به صاحبه من النمط المعهود ليجعل منه
دليلاً للحركة الإسلاميّة والجماعة
المؤمنة يقود بهدي الوحي في دروب
العقيدة والسّلوك والحركة بخطى حثيثة
قويّة ودويّ إيماني شديد الوقع يوقظ
النائمين ويزعزع كل من حوّل الإسلام
إلى طقوس آليّة وأداء بارد، فكأنّه
النذير العريان والمعلم الصارم مع
طلبته والمدرّب الّذي لا يقبل بأقلّ من
درجة الامتياز. وعلى هذه الخطى سار كتاب "المعالم"،
فهو عصارة فكر المفكّر الملدوغ
بجراحات أليمة أصابت الإسلام
والمسلمين على يد طائفة منهم قطعت
علاقتها بهدي السماء فشوّهت صور
الجمال وطغت وظلمت، فهو يدعو إلى هبّة
قويّة مدويّة ترفض هذا الانحراف وتعود
بالمسلمين إلى صفاء العقيدة وحيويّتها
مهما تزيّنت الجاهليّة الحديثة
وانتفخت وعتت. ربّما وجد القارئ انطباعاً بسوداويّة
الحياة وقتامتها في عين سيد قطب،
وربّما سمع من بين السطور صوت السلاح
ونذر الحرب وأحكاماً صارمةً ضد
المسلمين المستكينين، لكنّه يجد أيضاً
–ومن غير شك– تحليلاً رائعاً لواقع
المسلمين ولحركة التاريخ الّتي وصلت
بهم إلى دركات الضعف والهوان، وذلك على
مستوى العمل السياسي والعوامل
النفسيّة الّتي تفنّن الشهيد في ربطها
بآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول –صلّى
الله عليه وسلّم–، بل تعدّى تحليله
حال المسلمين ليشمل البشريّة كلّها
لينتهيّ إلى حاجتها الماسّة لقيادة
جديدة توقف سعيها نحو الهاويّة وتمسك
بزمام مسيرتها صوب الإيمان، وهي قيادة
روحيّة لا تتوفّر شروطها وخصائصها سوى
في دين الله تعالى، بعد إفلاس المناهج
الوضعيّة كلّها، لكن القيادة المنشودة
في حاجة إلى بعث جديد لا ينطلق من الصفر
لكن من رصيد نظري وواقعي ضخم يشمل
الوحي المنزّل ونماذج الحكم الراشد
وتجربة "الجيل القرآني الفريد"
القابلة للاستئناف والمقاربة
العمليّة لإصلاح العقول والقلوب
والمجتمعات، ولن يتاح هذا إلاّ إذا فهم
المسلمون –وفي مقدّمتهم الطّليعة
الحركيّة الواعيّة– طبيعة المنهج
القرآنيّ في الإصلاح المتمثّلة في
العناية المركّزة بقضيّة الألوهيّة
والعبوديّة الّتي ترفع الإنسان إلى
مقام المستخلف في الأرض ليعمرها ويبني
الحضارة، هذه الحضارة الّتي ينصح
المفكّر الشّهيد ألاّ نبحث عنها
بعيداً، فالإسلام هو الحضارة وما عداه
جاهليّة، أي بناء ناقص قد يعجّ
بالإنجازات الماديّة والنشاط
الحياتيّ لكنّه بعيد عن القيّم
الدينيّة والأخلاق الربانيّة فيؤدّي
بالتالي إلى الصّراع الدائم ويعجّل
بسقوط الإنسان رغم الرفاهيّة ومظاهر
القوّة، وإنّما تتمثّل الحضارة في
إفراد الله تعالى بالعبوديّة والعبادة
وتحكيم شرعه على كلّ المستويات ليخوض
أصحابها بعد ذلك في الثقافة والإبداع
والإنتاج المادي. وقرّر –رحمه الل – بقوّة أن "لا إله
إلاّ الله" منهج للحياة لا مادة
للمناظرة والجدال والمباحث
التجريدية، وعمل على إقحامها في عالم
المشاعر والأفكار والتّدافع ليتميّز
بها المسلم في كلّ مجالات الحياة
ويستعلي بإيمانه على انحرافات الواقع
ومثبّطاته، ويرفع بها عقيدته في وجه
التحدّيّات، فهي في الوقت ذاته دافع له
وضابط لحركته ليحدث التوازن في
شخصيّته وسلوكه وبالتّالي في مجتمعه. وقد أعاد طرح الشريعة الإسلاميّة كشريعة
كونيّة بعد أن عملت أطراف على تحجيمها
وتقزيمها لتغدوّ مجرّد قوانين تحكم
بعض تصرّفات المسلمين في حياتهم
الشخصيّة على استحياء، وقال: لا، إنّها
شريعة لجميع البشر ولكلّ ميادين
الحياة، وهي بناء متكامل لا قطع
متناثرة يؤخذ بعضها ويترك بعضها حسب
الظروف والأهواء، إنّها شريعة الأزل
ومصدر التوفيق ودستور الحياة السعيدة. وحرص سيّد –رحمه الله– على انعتاق
المسلم من الانبهار المرضيّ بالحضارة
الغربيّة ودعوات الانصهار فيها بخيرها
وشرّها وحلوها ومرّها، وميّز –وكان من
أوّل من فعلوا هذا في العالم الإسلامي–
بين ما لدى الغرب من علوم بحتة ليست لها
أبعاد تخدش الانتماء الإيمانيّ وبين
العلوم الإنسانيّة والثقافة والفكر
وما يحمل بين طيّاتها من تصوّرات ورؤىً
وفلسفات مصادمة لقيمنا وأخلاقنا، أي
ميّز بين التّراث الإنساني وبين ما هو
خاص بنا من الإنسانيّات والاجتماعيّات
الّتي تحمل البصمة الإسلاميّة ومالها
من خصوصيّة عقديّة لا يمكن خلطها بأيّة
فلسفة وضعيّة. وفي السيّاق ذاته حرّر مسألة الولاء وشنّ
هجوماً فكريّاً مدعماً بنصوص قرآنيّة
على الدولة القومية وما تستلزمه من
مقتضيات بعيدة عن التصوّر الإسلاميّ
ليخلص أن للمسلم –على اختلاف الزمان
والمكان– جنسية واحدة هي عقيدته الّتي
تربطه بالمسلمين أينما وجدوا، لأنّه
إنسان تخلّص من وشائج الأرض والطين
واللحم والدم، ليعود إلى أخوّة
الإيمان وفق موازين الإسلام ومقاييسه
الّتي تنفي عصبيّة العشيرة والقبيلة
والقوم واللون والأرض والجنس. ويعترف الأستاذ سيّد –رحمه الله– أنّه
يدعو إلى نقلة بعيدة لكنّها ضروريّة
للتصالح مع الإسلام والانطلاق منه
لإنشاء حياة إنسانيّة جديدة لها قيمها
ورؤيتها ومعاييرها الخاصة مهما كانت
العقبات والتضحيّات، ومهما انتفخ
الباطل وانتفش، لأنّ هذا هو الطّريق،
ولا بد له من تربيّة إيمانيّة جادة
محرقة تخرّج طليعة مؤمنة تقود الركبّ
وتدعو إلى الله حتّى ينتصر الإسلام في
القلوب والعقول وفي أرض الله تعالى،
وتعلو راية واحدة هي راية التوحيد. ويدعو سيّد قطب إلى تجربة إيمانيّة فريدة
مرّ بها في حياته، وهي أن يعيش في ظلال
القرآن بروحه وفكره وشعوره وكيانه
كلّه، لحظةً لحظة وفكرةً فكرة ولفظةً
لفظة ليكتشف أن "الحياة في ظلال
القرآن نعمة، نعمة لا يعرفها إلاّ من
ذاقها، نعمة ترفع العمر وتباركه
وتزكّيه"، ليعتزّ بهذا الكتاب
الخالد فيتحرّر من رواسب الجاهليّة
بكلّ أشكالها ويفهم الوجود وسننه بعمق
وبصيرة ويعرف حقيقة تكريم الإنسان
ووظيفته ويحسن التّعامل مع عالم
الشّهادة وعالم الغيب، فيعيش بذلك "هادئ
النّفس مطمئن السريرة قرير الضمير يرى
يد الله في كلّ حادث وفي كلّ أمر، فيحيا
في كنف الله ورعايته"، ويدعو
البشريّة إلى الصلاح والراحة
والطمأنينة والرّفعة والبركة
والطهارة بالرّجوع إلى الله، وليس
لهذا الرّجوع إلاّ صورة واحدة وطريق
واحد هو العودة بالحياة كلّها إلى منهج
الله تعالى الّذي رسمه للبشريّة في
كتابه الكريم، إنّه تحكيم هذا الكتاب
في حياتها والتّحاكم إليه في شؤونها. ويذكّر المفكّر العظيم أن تنحيّة الإسلام
عن قيادة البشريّة حدث هائل في تاريخها
ونكبة قاصمة في حياتها أدّت إلى الفساد
في الأرض وشقاوة الناس، والعودة إلى
دين الله سيكون لها أثر إيجابي في
التنسيق بين سيرة الناس وسيرة الكون
ليحدث التوازن والحركة المثمرة
الصحيحة في حياة الإنسانيّة. هكذا تكلّم سيّد قطب.. فهل نحرق "الظّلال"
و"المعالم" لأنّ التصوّر الّذي
رسماه أقضّ مضاجع خصوم الإسلام؟ أم
لأنّ الطواغيت تحسّ أن ما فيهما من
أفكار تحرّر "عبيدهم"؟ أم لأنّ
هذه الأفكار القويّة المزلزلة تحرج
المؤسّسة الدينيّة الرسميّة هنا وهناك
على حساب حقائق الإسلام؟ أم نحرق "الظلال" و"المعالم"
لأنّ بعض خوارج هذا الزّمان نسوا حالهم
واتّهموا سيّد قطب بأنّه من الخوارج؟
أم نحرق الكتابين لأنّ فيهما آراء
مجانبة للصواب؟ فأيّ كتاب غير القرآن
الكريم ليست فيها بعض الآراء المجانبة
للصواب؟ لا.. نحن المسلمين لا نحرق الكتب، بل
نقرؤها ونميّز بين الغث والسمين،
ونلتفّ حول ما فيها من صواب ونصحّح ما
اعتراها من خطأ، فإذا كان الكاتب لم
يسطّر مؤلّفاته بالحبر وحده وإنّما
خطّها أيضاً بدمه في سبيل الله فإنّه
يكبر في أعيننا من غير أن نقدّسه،
ونستبعد من كتبه ما اعتراه الغلوّ من
غير أن نحرقها، فالمراجعة أفيد من
اللعب بالنار. ======================= مسافة أخلاقية مداها أن تكذب أو
تكتب عادل سمارة كنعان 10/9/2010 رفيقي أحمد حسين، وقد كتبت اسئلك وأنا
اعرف ما فيك قبْلاً. وقصدت ألخبث معك،
هذا صحيح. وكنت اقصد محاورتك كتابة
فليس بوسعنا أن نلتقي. أنت في المحتل 1948
وأنا في المحتل 1967 بكل ما عليه من
بوابات ولا طريق منه وإليه لأحد مثلي. الكتابة واجب ومسؤولية وموقف. أن تعرف في
أمرٍ يجب او تقدمه للناس، فالفكر حالة
شيوع بطبيعته. هو نتاج معرفة لم تتأتى
أو تتسنى للناس صدفة وبلا مقدمات بل
حصيلة ما اخذ عن غيره، لذا عليه أن
يقدمها لغيره. من هنا وجوب أن يكون
التعليم كالحب حراً واختياراً لا بيع
ولا تسليع. ولولا الملكية الخاصة لما
كان هناك حجباً للمعرفة سواء في الأدب
أو العلم. اقتناء المعرفة هو نقل الفكر من القيمة
الاستعمالية الحرة والبريئة إلى
القيمة التبادلية ارتكازاً على وباء
الملكية الخاصة. على هذه الملكية يقتتل
الأفراد كما الأمم، وينزُّ يفيض
التاريخ دماً ومنه التاريخ المقبل إلى
مدى لا نعرفه. تتحدد إنسانية المرء ضمن
حدود تقديم ما لديه لغيره. وهذا
التقديم مسؤولية ايضاً وموقف. مسؤولية
تقديم ما لديك بأفضل ما بوسعك، وموقف
بمعنى أن يكون المرء مخلصا للموقف الذي
تحمله كلمات ما يكتب لا أن يكتب أمس
تنظيرا لجمال أوسلو واليوم تعهيراً
لمقابحها، تظل أوسلو هي هي، أما هو فهو
أنا متعددة الأوان والجلود والسِحنْ.
بورك من يثبت ثبته الله. هل تتذكر يوم كتبت أنت عن أحدهم مقالة
بعنوان "المنديل والأرنب" ورغم أن
ما كتبته انت كان مؤدباً ومجازياً لكنه
كان عميقاً.وقتها وضعت كنعان في مشكلة،
وقد حاول البعض إلغاء رخصتها ليكتشفوا
أن رخصتها صادرة في المحتل 1948! والموقف هو الموقف. ما نكتبه هو بعض وعينا
وحتى أجسادنا. فإما أن يكون هامشياً
سوقياً مبُاعاً سلفاً، أو يتم عرضه في
السوق بحثاً عن مشترٍ، وإما أن يكون
قطعة صادقة منا، اقتربت منا أو ابتعدت
تحتفظ بقيمتها، قلناها اليوم او بعد
دهر هي نفسها من حيث صدقها واصالتها.
هكذا نتجنب المواربة ولا نربي عليها
الجيل المقبل. هكذا تربينا على بعض
معلمينا. الكلمة الزّلِقة كما الموقف المتزلف،
مؤذية وقاتلة للقارىء وليس للكاتب لأن
من يكتب للسوق وللسادة، لأن من يكذب
ويتلون يكون قد صاغ نفسه هكذا كسر
شوكتها وطوَّعها، وتمتع بما فعل، وبما
هو بالالوان فهو مسؤول وغير مسؤول عن
ما يكتب، لأنه يقدم بضاعة استهلاكية،
تؤكل وتُلفظ لاحقاً. والخطورة في جُبن
من يقرأ حين لا يُحاسب من يكذب. عايشت ذات زمن رجل سياسة من اليسار، كانت
البسملة بالنسبة إليه هي شتم أحد
السياسيين الفلسطينيين الكبار جداً.
وحين جاء الرجل والتسوية إلى الأرض
المحتلة قفز رجل السياسة إلى جانبه في
مقعد "وزاري" كنت ولا زلت أُشفق
على من تربوا على يدي هذا الرجل. ولكنه
كان من المهارة بمكان وهم من السذاجة
بمكان بحيث لم يروا سقوطه هذا. هل ترى
كم هي الكلمة خطيرة حين تتحول إلى
راقصة ليل؟ لست أدري حتى لحظة العمر هذه، كيف يكتب
امرىء معك اليوم وضدك غداً ,انت كما
أنت؟ كيف يُغنِّي امرىء للتسوية
ويغتني منها اليوم ويشتمها غداً ويعود
ليغسلها ويقبلها وهي غير قابلة
للتطهير. كيف يجلس هذا إلى أولاده
وزوجته؟ هل يجرؤون على تذكيره بتناقضه
وهو يقفز بين الحضن والقفا؟ هل يسأله
في ذلك مريدوه، أم أن هناك تصالحات
متفق عليها بين تجار المرحلة صغارا
وكباراً؟ هذا التفاز ليس ضمن الهفوات
والأخطاء، هذا سلوك منهجي. وإن كنت
أُدين هنا، أُدين الجمهور! لا أرى فرقاً بين هذا وبين رجل المخابرت،
اية مخابرات، الذي يعيش عمره في تعذيب
الناس لأنهم أهل فضيلة. هذا يعذب الجسد
ويفتك به وذاك يعذب الروح. وأخطر منهم
من يغطي هذا ويغطي ذاك ويكتب يمجدهم
ويتغزل به وبها!. أكدتَ لي أن لا حق لنا أن نكره. لا يجوز
للتاريخاني أن يكره فهو الوطني
والأممي والإنساني معاً. لكن له أن
يغضب ويثور ولا يكره. أن يغضب من
المرحلة، من شخوصها وطبقاتها ومصالحها
ومستفيديها والمتلطين بها وهذا حقنا...نغضب
لحظياً ثم....ننسى طويلاً ومؤبداً. ننسى
الغضب ولا ننسى المواقف وإلا كنا بلا
ذاكرة. وابعد من هذا، يجب ان نجعل من
مواقف المتلاعبين والخبثاء والعبثثين
وباعة الكلام ناقوس خطر يدق على مسامع
الناس جميعاً، هذا ليس كرهاً هذا نقد
واشتباك. أليس هذا الغياب للنقد هو الذي صيَّر
الخيانة وجهة نظر، والتزلُّف جعل أكل
المال السياسي حالة غزل، والكذب مهارة
لسان. حين يقول أو يفعل المرء ما هو
دنيىء ويلاقي مديحاً، ما الذي سيتركه
هذا الجوقُ المخادع للجيل المقبل؟
ترى، هل هذا الخنوع اللحظي هو نتاج
تربية على هذا الكذب وذاك التدليس وذاك
التزييف؟ لِمَ لا! أعود إلى وجوب الكتابة. فالكتابة صورة
واقع، وتصوير الواقع يمكن أن يكون
بالتخيُّل ويمكن أن يكون بالوقائع
ويمكن المزج بينهما. بين وجوب الكتابة
من مرتكز ثوري وخلوق وبين محددات
الكتابة من مدخل مستوى تطور الوعي
الجمعي في التشكيلة الاجتماعية
الاقتصادية، بين الحدين مسافة لا بد من
حسمها. هل توافقني أن ما يحسم حقا هو حد
السيف؟ أطلق لها السيف لا خوف ولا جلُ...أطلق لها
السيف وليشهد لها زُحلُ (المتنبي وكأنه
تنبأ بما نحن فيه) هي مسافة تتسع كلما كان الوعي اصيلا
متقدما منتمياً وكلما كانت التشكيلة
بالمقابل متخلفة. نعم للتشكيلة الاجتماعية الاقتصادية دور
حاسم في اللغة والثقافة والمواقف
وخاصة العلاقات الاجتماعية في مستوى
الثقافة. من يحملون ترسبات التفكير،
اقصد نمط التفكير الإقطاعي، حتى لو
كانوا يرتدون ملابس عصرية، أو حتى بلا
ملابس كما بعد حداثيين في الشكل، هم
ذهنياً ملوثين بنمط التفكير العلاقاتي
الإقطاعي بمعنى: التلاعب، الزوغان عن
نقد من يعرفون او يحبون، اعتبار النقد
تجريحاً حتى لو كان في الفكرة والنتاج
المكتوب. هذا التفكير إخضاع الكلي أو
الجماعي للفرد. فلا معنى عندها ان يقول
كانط: أنا افكر إذن انا موجود" لأن
المفترض في التفكير أن يخرج قولا
وكتابة واشتباكاً والتزاماً. كيف يمكن للناس أن تعرف أن هذا أو تلك، له
ماضٍ لا وطني، بينما يلمع اليوم في هذا
الموقع أو ذاك؟ من الذي يكذب هنا؟ هو،
أم من يعرف ولا ينطق؟ أم الإثنين؟ لا أود التعرض لسجل حياة هذا أو ذاك، لأن
هذا السجل يجب أن يذكره صاحبه لو كان
نظيفاً، وهيهات؟ دعني اقول: ماذا نقول
عن الذين يحملون البندقية ويطلقون
النار يومياً على أوسلو؟ وهم ممن فاوض
المثقفين الصهاينة منذ السبعينات،
وفاوضوا سلطة الكيان منذ مدريد 1991
وفاوضوا في أوسلو، واسسوا لعلاقات
تحتية مع دولة أوسلو (لا أقصد هنا اوسلو-ستان،
بل النرويج) سياسيا وأكاديميا...الخ
ماذا نقول لهؤلاء؟ أنتم خيارنا في
الجاهلية وخيارنا في الإسلام؟ تقول صورة الواقع أو يقتضي تصوير الواقع
أن لا بد من رصده كما يجب كي يكون القول
صدقاً. ورصد الواقع لا بد أن يتعيًّنْ.
والتعيُّن لا بد أن يجري التمثيل عليه
او حتى السرد التفصيلي له. وهذا يعيدنا
إلى الأشخاص إعادة عينية. فان تذكر
شخصاً يعني بنظره ومن يشبهونه أو
يلتقون معه أنك كاره له! فلا يجوز في
التشيكلة الأقرب إلى الإقطاع من حيث
نمط التفكير لا يجوز إلا المديح أو
التدليس هذا ما يحلو للهش كاتباً أو
مكتوبا عنه. والهش يتكسر بالنقد حتى لو
كان طرياً لدناً. ويكفي ذكر شخص حتى
تفقده وتفقد حتى من حوله مهما كنت
حقيقياً ومحقاً. هذا معنى الاعتداء على
الوعي العام والفتك به. فالأصل نقد
الذات، ولكن هيهات في شروط الهزيمة
التي تتناتج شبكات سرية من كل لون! هذا المستوى من العلاقة ودور الكاتب
وحرية الكتابة حالة قمع وإن لم يكن
بأجهزة الجلاوزة. فالنتيجة هي المنع،
وهي دوران حول القضايا دون التمثيل
عليها مما يبقيها خارج دائرة
التعيُّنْ. لغياب النقد والاشتباك، وللهروب من
التعيُّن، يُخلق جو من التلطي والكذب
وعدم المسؤولية عما يقول المرء أو
يكتب، فيسهل التبني المتأرجح لقضايا
متناقضة، طالما لا احدا يكشف المستور! قد يفيد هنا التعيُّن بالوقائع على الأقل
دون ذكر الشخوص. جائني شخص قبيل
انتخابات مجلس الحكم الذاتي الأخيرة (يسمونه
المجلس التشريعي دون وجه حق) وعرض
عليَّ المشاركة في قائمتهم مع سبعة
اشخاص ضمنهم إثنين من النصارى والباقي
من المسلمين بمن فيهم أنا. قلت له ألا
تعتقد أن علي أن أخجل على الأقل من وعيي
ومما كتبت، فلم ينقد أحد أوسلو بقدر ما
كتبت أنا! قال نحن ندخل الانتخابات
بموجب اتفاق القاهرة. قلت وهو اسوأ. صدقني يا رفيقي لو شاركت في الانتخابات
لما التفت إلا قلة مثلنا للتناقض الذي
كنت سأضع نفسي فيه، ولوجد هذا المنتقد
النظيف آلاف المكانس تصفعه. مرة أخرى: كما قلت لك هاتفياً قصدت تحريك موقفك
العميق ولغتك العربية، وما أكثر "اللغات"
غير العربية. هل نُحدِّث غير من نُحب؟
في هذا اللحظة، لم يعد كافٍ أن تكون
سيفاً، بل شبكة من الأسياف كي تحمي
وعيك ونظافتك في هيولى من التورط
والتعاقد والتغوُّط المفتخر بكل الدنس
الذي فيه ويُلقيه على الجميع. أعلم أنك تحب محمود درويش، وكان ناجي
العلي مثلك، وهو الذي طُرد من الكويت
كي يُقتل. وصدقني لو كنت أنت هناك
لقُتلت شرَّ قِتلة. أما أنا فعدت إلى
هنا هارباً بعد اغتيال ناجي، عدت إلى
بطن الحوت، لكن هذا الحوت ليس القاتل
وإن ربما ساعد وبالطبع احب ذلك. هل تعلم
أكثر ما يوجعني في ذكرى ناجي؟ أولئك
الذين/اللواتي يصرون على زيارة ضريحه
ثم يلوذون للتنقل من حضن تطبيعي إلى
آخر! قل لي بربك كيف يمكن للإنسان ان
يكون هكذا! لماذا يفعل كل هذا! أهو
المال، الشهرة، الموقع المكان، اللذة،
الخبز؟ لك أن ترفض أنوية
درويش وأن ترفض أنوية صغار القوم ايضاً.
أنا يقتلني في الموقف من العدو ما
يأخذه منا مجاناً ليوظفه في تثقيف
جمهوره بأن : العربي يركع، العرب دوماً
أدنى منَّا، نحن سادة كل شيىء حتى
وعيهم وإبداعهم. لهذا كان لا بد أن نتكاتب لندافع عن وعي
الناس المستلب بالفن العالي والمخترق
بالموقف الوضيع من العدو: التطبيع مع
العدو بالفن ايضاً، فن التطبيع. لذا
أذكر محمود ولا أذكر بُغاث الثقافة (هو/هي)،
فما بالك بمن هو/هن مطبعون بالسلوك
ومصابين بالعِيِّ عن التعبير مشافهة
وكتابة بالطبع. "جادك" وهذا بتعبير المطبعين، "غيث"
الصهيونية قبلنا، وكان لنا بهد هزيمة
1967، ولا أخفيك وكنت فتياً وعفياً
وشاركت كغيري محمولاً على مقولتين: • وحدنا، في الأرض المحتلة، لا نستطيع
هزيمة هذا العدو الممتد من واشنطن إلى
مكة • إنما علينا أن نقاوم بلا توقف. وبقيت كما أنا. وطوال هذه الفترة لم أرَ
الهزيمة بعيني ولا حتى بوعيي لأنها
كانت عسكرية بحتة، وأنا لا أؤمن
بالعسكر بل أكرههم. رايت الفقر
والمطاردة والتهديد والتشويه
والخيانة في الصداقة والحب والحرب
والقراءة والكتابة وكل شيء، لكنني لم
أرَ االهزيمة.. أما اليوم، فأرى
الهزيمة بكل الوعي الممكن وقد بدأت
تغزو الكثير من الأرحام تلقحها
بالعُقمِ أو بالهزيمة. لا بل أفظع،
فأرحاماً أخذت تستدعي التطبيع متغزلة
بجماله علانيةً مأخوذة بقول إحدى
كبيرات القوم التي استدعت رجال فيتنام
بعد (1967) للإنجاب منهم فإذا البعض قصروا/قصَّرن
الطريق إلى رجال شمشون! وكت كتبت عن تلك
العتيقة وأنا في السجة الأولى 1967، وكنا
في وعي يافع، ووصلها والتقتني صدفة 1978،
وقالت أنت:....؟ وكانت تحمل قطة على
ساعدها. فقلت أنا وأنا كما أنا! استدارت
ومضت. كان في وعيي البسيط آنذاك صدّ الهزيمة
الثقافية، التطبيع الثقافي. وللوفاء،
يحضرني هنا الحكيم الذي رحل ولم يجد
كلفة العلاج وسيكون مصيري ومصيرك
هكذا، بينما كما قال نزار الذي لا يحبه
المطبعون بزعم أنهم "مع" المرأة: في عصر زيت الكاز يطلب شاعر ثوباً...وترفل
بالحرير قِحابُ بعد اوسلو لجأ الحكيم للدفاع الثقافي.
ولكن بعد ما حل بمن ورائه ما يذكرني
بالقول التالي: وكيف مُقامي بالمدينة بعدما...قضى وَطَراً
منها جميل بن مَعْمَرِ هل فطن الحكيم متأخراً؟ لست ادري. صار
التطبيع ممأسساً، مؤسسات للخلايا
الميتة. ما حاولنا إصلاحه وجد فيها
ملاذاً من الوطن! التطبيع الثقافي يبدأ قبل الجيش وقبل راس
المال ويتواصل حتى يوم القيامة. يلتهم
الاستهلاكيون السلع، وتشتري الغانيات
الطيوب، ويتجالس القابضون من الأنجزة
والقنصليات في مناخات اللهو، ويبتاع
مدراء الأنجزة والمدراء العامون
سيارات فارهة...لكن كل هذه تُستهلك
تموت، والثقافة لا تموت تسري من جيل
إلى جيل ومن عمر إلى عمر ومن دهر إلى
دهر. تتسرب في الأرحام مع الجينات، من
الأب الأبناء، وفي كراسات الأحزاب من
الأمين العام إلى من ليس أميناً ولا
عاماً. ويكون لذلك الخراب، ويكون لذلك
وجوب المقاومة. نعم، نحن قِلَّة، وقبل كل شيء علينا نقد
أنفسنا لأننا اصبحنا قِلَة، حتى وأن لم
يكن لنا قِبَلاً بهؤلاء الأعداء
الممتدين على أربعة ارجاء الكوكب. بوسع
القمع والمال والمكان والمركز
والرحلات المتكررة على الطيران
الميمون واستدعاء اللغات الأجنبية
ودبابات الأنجزة وكرم المانحين سراً
وعلانيةً بوسع هذه اغتيالنا، وهي تفعل.
لكنها رغم ذلك تخافنا. هل تعلم أنهم
يهرمون قبلنا! ولماذا؟ لأنهم يمارسون
يعيشون لأنفسهم، والأهم على حساب
الغير كاستغلال وعلى حساب الوطن
كطفيليات. لذا فمقولتي في هذا الصدد:
يجب أن يموتوا/ن قبلنا. سيحصل. هل تعلم
لماذا؟ لأنهم يكرهوننا ويكوهون أنفسهم
لأن وجودنا يذكرهم بانفسهم حتى لو
تعروا عند ضريح غسان وناجي العلي وصبوا
على أجسادهم/ن الماء والبَرَدْ. أما
نحن فلا نتَّضع كي نكرههم، لكنا
نحتقرهم، ولا نستطيع بل ولا يجدر أن
نخفي ذلك. بل واجبنا أن لا نخفي ذلك،
نحن خصمهم ونقيضهم. لذا، يجب ان نقرر
العيش بأطول واينع منهم، فللموقف من
الحياة أثره. مِمَّ نتعذب؟ لا شيئاً
وسخاً فينا. قمنا بما علينا بكل ما
لدينا. لذا عند النوم ننظر في وجوهنا
ونبتسم. أما المتنقلبين بين أحضان
التطبيع والأنجزة والأنظمة فيفك
الواحد وجهه ويبصق عليه وينام حلماً
بوجه أفضل، لكنه حلم! هم يعَّيروننا بالفقر وضيق ذات اليد،
ونحن نواجههم بأنهم مرضى ضيق ذات
الموقف والكرامة والوعي. لهذا، لا يمكن إلا أن نكتب حتى لو آذى ذلك
من نحب ونحترم. ولا أُخفيك هذه مشكلة
عندي. فالصدق والتعيّن ضرورة لإيصال
الحقيقة، ولتلافي إيذاء البعض نلوي
عنق بعض الحقائق كي لا تؤشر إليهم،
ولكن في أحيان ما، يصعب ذلك جداً. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |