ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 16/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

يمكن الوقوف في وجه الضغط الأميركي

المستقبل - الاربعاء 15 أيلول 2010

العدد 3771 - رأي و فكر - صفحة 19

يورام اتينغر

( كاتب يميني، خبير في الشؤون الأميركية)

نهاية الأسبوع الماضي ضاعف الرئيس الأميركي باراك أوباما الضغط و" أوصى" بمواصلة تجميد البناء في المستوطنات طالما استمرت المفاوضات. وهنا المكان المناسب للقول: كل من ادعى أن رئيس حكومة إسرائيل لا يستطيع الوقوف أمام ضغط الرئيس الأميركي، وأنه يتعين عليه التعهد بتقديم تنازلات جارفة بناء على هذا الادعاء، إنما يرتكب خطأ دراماتيكيا، أو يقوم بعملية تضليل بصورة فضائحية، وربما يحاول التهرب من خلال تقديم الأعذار والذرائع.

مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة متينة كما كانت دوما، وحتى أنه من المتوقع أن تتعزز هذه المكانة في أعقاب انتخابات الكونغرس الشهر المقبل. ففي الشهر الماضي أُدرجت إسرائيل، من قبل " معهد راسموسان" المرموق- للسنة الثانية على التوالي- في المرتبة الثالثة، بعد كندا وبريطانيا، في قائمة حلفاء الولايات المتحدة الذين يحظون بأكبر نسبة تعاطف من قبل الجمهور الأميركي ( 71 في المئة). وهي تقدمت بذلك على ألمانيا، اليابان، فرنسا والمكسيك، وتقدمت كثيرا على مصر ( 42 في المئة)، السعودية ( 21 في المئة فقط).

في نيسان 2010، أظهر استطلاع " معهد كفينيبياك"- الذي يقتبس عنه بصورة دورية " نيويورك تايمز"، "واشنطن بوست"، ومحطة سي أن أن- أن الجمهور الأميركي يمنح أوباما اسنادا في مواضيع الخارجية والأمن باستثناء موضوع واحد: إسرائيل. ذلك أن 66 في المئة من الجمهور الأميركي يلزمون الرئيس أوباما بتأييد قوي لإسرائيل ( مقابل 19 في المئة فقط يعارضون هذا الدعم).

في شباط 2010 وضع استطلاع " غالوب" إسرائيل ( 67 في المئة) ضمن الدول الخمس الأولى الأكثر تعاطفا وودا من قبل مواطني الولايات المتحدة الأميركية، بينما تذيل السلطة الفلسطينية القائمة في المرتبة الأخيرة إلى جانب كوريا الشمالية وإيران.

في حزيران 2010، وجد استطلاع " غالوب" أن تهديد الارهاب يقف على رأس سلم أولويات الأميركيين ويتقدم على مشاكل البطالة، الصحة، المهاجرين غير القانونيين، التدخل العسكري في العراق وأفغانستان، وجودة البيئة.

في حزيران 2010 أفاد تقرير " غالوب" أن الأميركيين- خلافا لأوباما- لا يثقون بالأمم المتحدة. هذه المعطيات تسلط الضوء على القاسم المشترك الواسع بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل، التي تُعتبر نموذجا أساسيا في محاربة الارهاب وتحدي الأمم المتحدة.

وهذا الاسبوع بالتحديد، كشف " معهد راسموسان" في استطلاع جديد أن معظم مواطني الولايات المتحدة مستعدون لإرسال الجيش لمساعدة خمس دول فقط، حيث تحتل إسرائيل المرتبة الثالثة ( 59 في المئة)، بعد كندا وبريطانيا.

لكن الاستطلاع الأكثر أهمية يجري يوميا في الكونغرس. فالمشرعون في مجلسي النواب والشيوخ يؤيدون بصورة جارفة التشريعات والقرارات المؤيدة لإسرائيل، حتى لو تحفظ الرئيس عليها: نحو 75 في المئة في مجلس النواب، و85 في المئة في مجلس الشيوخ. فالمشرعون- وبشكل خاص 435 من أعضاء مجلس النواب الذين يتنافسون مرة كل عامين- يعون مشاعر الناخب، قوته ومركزيته في نظام الحكم الأميركي، الذي يُعتبر الأكثر تمثيلا في العالم ويمنح الكونغرس قوة موازية لقوة الرئيس.

لقد تزايد تأييد الكونغرس لإسرائيل في أعقاب انتخابات تشرين الأول، مع انضمام عشرات المشرعين الجدد، معظمهم من أصحاب "النهج الأمني"، يؤمنون بقيم يهودية- مسيحية ( تاناخ)، يتحفظون على الأمم المتحدة، ويرون في الدولة اليهودية حليفاً مميزاً على المستوى القيمي والاستراتيجي في الصراع ضد الارهاب الاسلامي.

سيغيب عن الكونغرس الجديد- الذي سيكون في وسعه تقييد الرئيس في مواضيع داخلية وخارجية، قسم من المنتقدين اللاذعين لإسرائيل، من بينهم رئيس لجنة الميزانيات الذي يتمتع بقوة هائلة، ديفيد أوبي، فيك سنايدر، بيل دلهانت، وكارولين كيلفتريك.

تعاطف الجمهور الأميركي والكونغرس مع الدولة اليهودية متجذر وثابت منذ وصول المستوطنين الأوائل إلى الولايات المتحدة في القرن السابع عشر. لذلك يوجد في الولايات المتحدة مواقع تحمل أسماء " تاناخية" أكثر مما يوجد في دولة أُخرى من العالم.

في العام 1891، قبل ست سنوات على انعقاد الكونغرس الصهيوني الأول، وقع رئيس مجلس النواب، رئيس لجنة الخارجية في مجلس النواب، و400 شخصية إضافية على " عريضة بلكستون" التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل. في العام 1922 صادق مجلس النواب ومجلس الشيوخ على قرار مشترك يدعو إلى إقامة وطن قومي يهودي على كل الأرض بين النهر والبحر.

في العام 2010 تجسد كل استطلاعات الرأي أن التعاطف مع إسرائيل يمثل أحد مواضيع الإجماع القليلة جدا في المجتمع الأميركي، الذي يعاني من تطرف القطبية السياسية. الدولة اليهودية تتمتع بتعاطف صلب على الرغم من سياسة الرئيس أوباما (الذي يُعتبر رجل يسار- متطرف في نظر غالبية الجمهور الأميركي)، على الرغم من أن وسائل الإعلام " النخبوية"، وعلى الرغم من العداء في الجامعات وعلى الرغم من ازدواجية المعايير ومعاداة السامية في الأمم المتحدة وأوروبا.

إن خضوع رئيس الحكومة الإسرائيلية لضغط الرئيس الأميركي، في ظل تجاهل التأييد المميز للناخب والمشرع الأميركي لإسرائيل، سيشكل صفعة للديمقراطية ومسا خطيرا بالمصالح الإسرائيلية.

كل رؤساء الحكومة، من بن غوريون حتى شامير، اعتادوا التلويح بهذا التأييد لصد الضغط الرئاسي، على الرغم من الموارد المادية الضعيفة نسبيا التي كانت في حوزتهم. فرئيس الحكومة نتنياهو يقود دولة تُظهر قوة اقتصادية، تكنولوجية، وأمنية، بصورة استثنائية على الحلبة الدولية، فيما العالم الحر واع للعواصف الإسلامية التي تهدد أمنه. هل سينجح في السير على طريق زعماء 1948-1992، أم أنه سيسحب البساط من تحت أقدام مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة؟

=======================

استفتاء تركيا.. هزيمة ثقيلة

جونيت اولسفر

الشرق الاوسط

15-9-2010

عانى الناخبون الأتراك، الذين رفضوا التعديلات الدستورية الجديدة، وأنا واحد منهم، هزيمة ثقيلة في الاستفتاء على تعديل الدستور في 12 سبتمبر (أيلول) الحالي، فقد فاقت أعداد الناخبين المؤيدين لتعديل الدستور، الرافضين بنحو ستة أضعاف، وهو أمر ينبغي على الأتراك الذين صوتوا ب«لا» التفكير فيه مليا.

لم تدفعني ضخامة العدد إلى التحول عن موقفي، لكني سأحاول تحليل هذه النتائج اليوم.

1) لم يكن الاستفتاء على جملة تعديلات دستورية، لذا أزعم أن 95 في المائة ممن أدلوا بأصواتهم لم يعلموا تفاصيل بشأن ذلك. لكن ذلك ليس خطأ أحد، فلا يتوقع أحد أن تعرف البلاد كل تفاصيل المواد ال26 التي سيجرى بشأنها التعديل، أو الموافقة عليها أو رفضها جملة واحدة. فالناس تقرر وفق وجهات نظرها السياسية.

2) نظرا لأن تلك هي الحالة، فقد حولت الحكومة والمعارضة العملية إلى «تصويت على الثقة في الحكومة»، وفي النهاية فازت الحكومة بنسبة 58 في المائة من الأصوات، على الرغم من أن إجمالي ناخبيها ليس كبيرا. وهذا رقم جيد إلى حد ما.

3) تحول الاستفتاء نفسه إلى تصويت بشأن الثقة في الرئيس الجديد لحزب الشعب الجمهوري المعارض، الرئيس كمال كليتشيداروغلو، وبالتالي تم التصويت على نهج كليتشيداروغلو أيضا. وعلى الرغم من محاولة حزب الشعب الجمهوري تحويل نسبة 48 في المائة التي حصل عليها لصالحه، فإن المعارضة فقدت عددا كبيرا من الأصوات منذ الانتخابات الأخيرة. ومن ثم لم يتكيف الأفراد مع صورة كليتشيداروغلو كرئيس للوزراء.

4) استسلم حزب الحركة القومية للتأييد في الأقاليم التي فازوا بها في الانتخابات الماضية، خاصة في محافظة أوسمانية (جنوب تركيا)، ومن ثم أصبح حزب الحركة القومية واحدا من أكبر الخاسرين في الاستفتاء. وبات واضحا أن القوميين الأتراك لا يتفقون مع سياسات حزب الحركة القومية، حيث اتهم زعيم الحزب دولت بهشلي بالتراخي قبل الاستفتاء الشعبي، والآن ستكون قيادته محل نقاش.

5) كان الفائز الثاني في هذا الاستفتاء هو اتفاق سلام مع الأكراد والحزب الديمقراطي، الذين نجحوا في تمييز أنفسهم كمقاطعين بين «نعم» و«لا»، وأظهروا للجميع أنهم يمثلون حقيقة مختلفة في البلاد، وسوف نناقش تفاصيل هذه القضية في مقال لاحق.

6) لسوء الحظ فإن هناك الآن خريطة تحمل ثلاثة ألوان لتركيا أمامنا، وقد أحزنني هذا الفصل للألوان. فالبحر الأبيض المتوسط وإيجة وتراقيا يمثلها لون واحد، فيما يمثل أقاليم وسط الأناضول والبحر الأسود لون مختلف، ويهيمن اللون الثالث على الجنوب الشرقي. لقد حان الوقت لكي نفكر مليا في هذه المشكلة سويا.

7) تغلب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على عقبة مهدت له الطريق لقيام نظام رئاسي شمولي في تركيا، والآن هناك عقبة أخرى تواجهه، هي الرئيس الحالي عبد الله غل.

8) لا أعلم إن كنا سنبدأ في وضع دستور جديد في 2011 أم لا، لكن الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن المواد الدستورية الخاصة بالمحكمة الدستورية والهيئة العليا للقضاة والمدعين العامين لن تتغير، بغض النظر عمن سيحكم البلاد في 2011. لقد قدمت الهيئة القضائية للهيئة التنفيذية على طبق من ذهب من خلال هذه المواد الدستورية، ولا أحد يمكنه مقاومة إغراء هاتين المادتين.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية

=======================

ما المطلوب من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية؟

الاربعاء, 15 سبتمبر 2010

هيلين كلارك

الحياة

لأولئك الذين يرزحون تحت وطأة الفقر، لا تمثل الأهداف الإنمائية للألفية مجرد أهداف نظرية أو طموحات مجردة، بل إنها مهدت سبلاً عملية لعيش حياة أفضل، حياة توفر إمكانية الحصول على قدر كافٍ من الطعام والدخل، وعلى الخدمات الأساسية تعليماً وصحة، ومياهاً نقية ونظام صرف صحي نظيفاً، وكذلك يسهل فيها تمكين المرأة.

فتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية يوفر حياة أفضل لمليارات الناس. وهي أهداف ممكنة التحقيق إذا تم تبني مجموعة السياسات التي خضعت للتجربة والاختبار، وتمت مواءمتها وفق السياقات لكفالة إحراز التقدم نحو بلوغ تلك الأهداف.

وإذ استند برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دراسات مستمدة من خمسين بلداً سعت للوقوف على التدخلات الناجعة والمعوقات المشتركة الحائلة دون إحراز التقدم، فقد أكمل البرنامج تقويماً دولياً لتحديد المجالات الواجب التركيز عليها بغية تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وحُدِّدت ثمانية مجالات للعمل:

أولاً: أهمية التنمية. فيجب أن تمتلك البلدان الحريصة على تحقيق تلك الأهداف استراتيجيات إنمائية تستند إلى توافق آراء وطني واسع النطاق؛ ومفيد للغاية أن تصبح مؤسسات البلد متفاعلة في استجابتها، وخاضعة للمساءلة، وأن تمتلك القدرة على تنفيذ السياسات والبرامج المعنية بالأهداف. ويمكن شركاء التنمية الدوليين تقديم المساعدة، بدعم مناهج التخطيط التي تعتمد وجهات نظر الفقراء والمهمّشين، وبدعم سبل تعزيز القدرات المطلوبة لتعبئة الموارد، وصنع القرارات المستندة إلى الدلائل، وتقديم الخدمات.

ثانياً: ضرورة إيجاد عدد أكبر من نماذج النمو. فالأدلة تشير إلى أن التخفيضات السريعة في الفقر والجوع تأتي نتيجة للنمو الاقتصادي الذي يولد فرصاً للعمل تركز خصوصاً على الزراعة والتنمية الريفية حيث تعتمد أعداد كبيرة في سبل عيشها على الأراضي الزراعية.

وفي عالم آخذ في النمو، يعتمد 2.5 مليار شخص في معيشتهم على الزراعة؛ ومن ثم، فتعزيز الإنتاج الزراعي يمكنه سريعاً أن يقلل معدلات الفقر ويحسّن مستوى الأمن الغذائي. وليصبح المزارعون أكثر إنتاجية، فإنهم بحاجة الى نوعية أفضل من المخصبات والبذور، ولخدمات الإرشاد الزراعي، وحيازة مضمونة للأراضي، وإمكانية النفاذ إلى الأسواق.

وتقدم غانا مثالاً جيداً على ما يمكن عمله: فقد نجحت في رفع حجم إنتاجها الغذائي بنسبة أربعين في المئة عبر برنامج يوفر الدعم للمخصبات على المستوى الوطني، ما ساهم بدوره في خفض معدلات الجوع بنسبة تسعة في المئة بين 2003 و2005.

وتعزيز إنتاج المَزارِع يقتضي إدخال التحسينات على البنية التحتية في الريف، ومن المتوقع أن تساعد النتائج التي خلصت إليها جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية في دعم مصالح الفقراء والبلدان الفقيرة التي تعتمد على الزراعة. لقد شهدت العقود الأخيرة تراجعاً حاداً في نصيب القطاع الزراعي من المساعدة الإنمائية الرسمية، وكان اتفاق مجموعة الثمانية التي عقدت قمتها في آكيلا، العام المنصرم، للاستثمار في الأمن الغذائي العالمي بمثابة خطوة إيجابية لعكس مسار هذا التراجع.

ثالثاً: تحسين فرص الفتيات والنساء. يشكل هذا المجال قوة دفع هائلة للتقدم لتحقيق الأهداف الإنمائية جميعها؛ إذ تشير الدلائل إلى أن أطفال النساء اللواتي يحصلن على قدر من التعليم الرسمي يُرجح أن يبقوا على قيد الحياة حتى سن الخامسة، وأن يحصلوا على غذاء كافٍ ويتلقوا التحصينات الأساسية ضد الأمراض وأن يتم قيدهم في المدارس. ففي فيتنام، يصل معدل وفيات الأطفال إلى 27 حالة لكل ألف مولود حي، وذلك لأطفال الأمهات اللواتي حصلن على التعليم الابتدائي، فيما يصل معدل وفيات الأطفال الذين لم تحصل أمهاتهم على أي تعليم إلى 66 حالة لكل ألف مولود حي.

وعموماً، يجب أن يتصدر تمكين النساء والفتيات قائمة الأوليات، بما يشمل تدابير تخفف من عبء الأنشطة المنزلية وتمنح نطاقاً أوسع للتمكين الاقتصادي والسياسي. وتعالج بعض البلدان هذه القضية بتبني نظام الحصص لتمثيل المرأة (الكوتا)، وتضرب رواندا مثالاً لافتاً للنظر في هذا المجال حيث تصل نسبة البرلمانيات إلى أعلى نسبها في العالم؛ إذ تفوق نسبتهن في البرلمان ال50 في المئة، وتصل إلى 35 في المئة في مجلس الشيوخ و36 في المئة في مجلس الوزراء.

رابعاً: ضرورة الاستثمار في الصحة، والتعليم، والمياه النظيفة، والصرف الصحي، وإعداد الكوادر المهنية المؤهلة لإدارة هذه الخدمات. فقد تم تحقيق مكاسب سريعة في مجالي التعليم والرعاية الصحية في البلدان التي خصصت قدراً كافياً من الاستثمارات العامة لهذين المجالين الحيويين، والتي رافقها إلغاء للرسوم. فمثلاً، شهدت بلدان كإثيوبيا وغانا وكينيا وموزمبيق وملاوي ونيبال وتنزانيا طفرة في الالتحاق بالمدارس الابتدائية بعد إلغاء الرسوم المدرسية.

وساهمت الشراكات العالمية الجديدة في رفع نسب التحصين الجماعي ضد الأمراض، وتوزيع ناموسيات الأسرّة للوقاية من الملاريا، وتوافر العقاقير المضادة لفيروسات النسخ العكسي للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، وضمان إشراف أطقم طبية مؤهلة على الولادات. فمثلاً، حصل 700 مليون طفل حول العالم على اللقاح ضد الحصبة بين 2000 و2008، ما أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات التي تسببها بما يعادل 68 في المئة.

وتدخلات كهذه أثبتت مدى نجاعتها؛ ويجب الآن أن تتضافر جهودنا لتعميمها على نطاق واسع وضمان استدامة المكاسب المحققة، حتى إبان التراجع الاقتصادي.

خامساً: ضرورة الارتقاء بمستوى الحماية الاجتماعية وفرص العمل. فبرامج التحويل النقدي ك «بولسا فاميليا» في البرازيل، و «أوبورتونيدادس» في المكسيك، أدت إلى رفع معدلات التمدرُس، وخفض عمالة الأطفال، وتحققت هذه النجاحات بفضل المحفزات النقدية التي تُقدّم لقاء التمدرس.

ولا ينبغي النظر الى الحماية الاجتماعية كاستنزاف لموازنة أي من الدول، بل أن تُعد استثماراً مهمّاً في بناء القوة المرنة اللازمة للتعامل مع الصدمات الحاضرة والمستقبلية، وصون المكاسب الإنمائية التي تحققت بجهد جهيد.

سادساً: التوسع في طرق الحصول على الطاقة، وفي إمكانية تحقيق التنمية القائمة على استخدام نسب منخفضة من الكربون. فلهذا تأثير مضاعف في بلوغ الأهداف الإنمائية؛ إذ ترفع حجم الإنتاجية، وتقلل عدد الوفيات الناتجة من استنشاق انبعاث الكربون، وتنير المنازل والمدارس والمستشفيات، وتحرر النساء والفتيات من الأعمال المنزلية التي تستنفد وقتهن، كطحن الحبوب.

ومثلاً، أدى التوسع في الحصول على الطاقة في بوركينا فاسو وغانا ومالي والسنغال إلى تأمين فرص جديدة مولدة للدخل للنساء، وفي الوقت ذاته إلى تخفيض الوقت الذي كن يستغرقنه في جمع خشب الوقود والمياه وباقي الأعمال المنزلية.

وفي عصر مقيّد بتقليل استعمال الكربون، يعتبر النمو القائم على تقليص بصمة الكربون أمراً حيويّاً لجميع البلدان. ولتحقيق ذلك، من الضروري إبرام اتفاقات معنية بالمناخ - من شأنها توليد قدر كبير من التمويل لوضع حلول للحصول على الطاقة وتحقيق التنمية باستخدام نسبة منخفضة من الكربون، كما يجب ألا يُسمح لهذه الاتفاقات بالسقوط من قائمة الأوليات الدولية.

سابعاً: تحسين تعبئة الموارد المحلية حاسم لتسريع التقدم لتحقيق الأهداف الإنمائية بما فيها تحسين جباية الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية. كما ينبغي التصرف في الموارد على نحو جيد. فعلى البلدان أن تقوّم وتعدّل موازنتها دورياً لتعظيم العوائد التي تجلبها استثماراتها للأموال العامة.

ثامناً: ضرورة وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته بتقديم المساعدات الإنمائية وضمان سريانها في شكل متوقع وتحسين مدى فاعليتها. وقد تكون المعونة الموجهة في شكل جيد حافزاً لبلوغ الأهداف الإنمائية، ولمساعدة البلدان على بناء القدرات ووضع البرامج اللازمة لجذب الاستثمار الخاص وتمويل تغير المناخ.

إن نسبة العجز بين توقعات تقديم المساعدة الإنمائية لعام 2010 والوعود التي قُدِّمت في اجتماع مجموعة الثماني في جلين ايغلز في 2005، تقارب 0.05 بالمئة من مجموع الدخل القومي الإجمالي للبلدان المتقدمة. ويمكن، بل يجب، سد الفجوة، حتى في هذه الأوقات التي تمثل تحدياً. بعض البلدان تفي بالتزاماتها، بيد أن البعض الآخر لا يقوم بذلك.

ومن المهم أن نحتفي بما تم إحرازه من تقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية. فمثلاً، منذ 1991، تمكنت تنزانيا من رفع معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية بما يفوق 90 في المئة؛ وخفضت جنوب أفريقيا نسبة الذين لا يحصلون على مياه صالحة للشرب إلى النصف؛ كما انخفضت معدلات الفقر في مصر إلى النصف منذ 1999. ونحن الآن في مرحلة يجب ألا نستسلم فيها إلى اليأس أمام العقبات الحائلة دون تحقيق الأهداف الإنمائية، أو أن نسعى إلى الحد من طموحنا في تحقيقها، جميعاً وفي شكل كامل. الركود العالمي، وأزمتا الغذاء والوقود في السنوات الأخيرة، وتحديات تغير المناخ والكوارث الطبيعية، كلها أدت بصفة عامة إلى تعقيد مسيرة التقدم نحو 2015، ولكنها لا تجعل الأهداف الإنمائية مستحيلة المنال، إذا عقدنا العزم جميعاً على رغبتنا في تحقيقها.

وبلوغ الأهداف يعني توفير حياة أفضل للفقراء والمستضعفين في جميع أنحاء العالم، والقرارات التي تصنعها الآن بلداننا ومجتمعاتنا ومنظماتنا قرارات مصيرية لتحقيق أهداف الألفية.

* مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيسة الوزراء السابقة لنيوزيلندا.

=======================

فلسطين: لماذا لا يوجد حل؟

آخر تحديث:الأربعاء ,15/09/2010

ميشيل كيلو

الخليج

لم تعد قضية فلسطين تطرح على ناسها غير الأسئلة الصعبة، فتزيدهم حيرة على حيرة، على أن أكثر أسئلة فلسطين أهمية هو الآتي: لماذا لم ينجح أي مسعى منذ مدريد عام 1991 إلى اليوم في إيجاد حل للمشكلة التي تعترف الأطراف العربية والإقليمية والدولية بأنها مشكلة المشاكل، وأنه يتوقف على حلها بزوغ حقبة مديدة من السلام والأمن والازدهار، في كل مكان من هذه الدنيا؟ وكذلك: لماذا لم تنجح أمريكا في الضغط على “إسرائيل” كي تقبل حلاً هذه نتائجه، لا شك في أنه سيخدم مصالحها بنسبة مليون في المئة؟

 

قبل الرد على هذين السؤالين، أود التذكير بحقائق واكبت ما سمي آنذاك حل القضية الفلسطينية:

 

أولى هذه الحقائق أن العالم العربي كان قد بدأ مصالحة “إسرائيل”، مباشرة بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام ،1973 وتعهد بعدم شن أو خوض حرب أخرى ضدها، رغم أنها لم تخرج جيشها في ما بعد من أراضي العرب المحتلة، وإنما سحبته من بعضها وأبقته في بعضها الآخر، وتحديداً في أراضي فلسطين وسوريا ولبنان . بانسحاب “إسرائيل” من أراضي مصر والأردن، اكتمل التغيير في الموقف العربي من القضية الذي كان يرى فيها جزءاً مركزياً من المعركة ضد الاحتلال، وغدت بالنسبة إليه جزءاً من سياسة خارجية تؤيد موقف فلسطين التفاوضي كما تقرره منظمة التحرير . برفع الغطاء العربي عن القضية، لم تعد محور ما كان يسمى “النضال العربي” أو “قضيته المركزية” .

 

وثانية الحقائق، أن الاتحاد السوفييتي كان ينهار ويتلاشى في هذه الأثناء، وأن انهياره رفع جزءاً رئيساً من الغطاء الدولي عن القضية الفلسطينية التي فقدت بفقده حليفاً ونصيراً رأى فيها واحدة من روافع الصراع مع أمريكا والغرب، وشيئاً يتخطى فلسطين إلى العالم، فمارس ضغوطاً على خصومها الكثيرين: من العرب وغير العرب، وعمل على حمايتها وضمان استمرارها . باختفاء السوفييت تغير وضع القضية وضعفت منظمة التحرير .

 

وثالثة الحقائق، أن تراجع وتلاشي بعدي القضية العربي والدولي كان يمكن أن يطوي صفحة فلسطين، لولا انتفاضة شعبها التي بدت وكأنها تعوضها عما فقدته، وتقدم بديلاً ضاغطاً على العالم، يصعب إخراجه من المعركة .

 

بسبب هذه التحولات، كان من الصعب أن تحصل المنظمة على حل وطني يعيد كامل الأرض ويقيم الدولة المستقلة . لقد فقدت فلسطين أوراقاً مهمة:عربية ودولية، بينما كانت “إسرائيل” ترفض حلاً يبادل الأرض بالسلام، وتعتقد أن قدرة المنظمة على إيذائها تتراجع باطّراد، وأن استيلاءها على ما لم تضمه بعد من أرض فلسطين غدا ممكناً، خاصة أن انحياز أمريكا إليها لن يتغير، وأن حدود الحل ستقع حتماً بين إعادة حد أدنى من الأرض إلى منظمة التحرير، وبين حد أدنى من السلطة هو نوع من الحكم الذاتي على السكان .

 

هذا الحل قرر الأمريكيون أن يمر في مرحلتين: أولى يقوم خلالها الحكم الذاتي، تستعيد المنظمة فيه مساحة قليلة من الأرض (13% من الضفة وغزة)، وثانية تترك لمفاوضات نهائية لا شأن لأحد غير ممثلي الفلسطينيين و”الإسرائيليين” في تحديد ما سيتمخض عنها، ستقرر الوضع النهائي لفلسطين، ول “إسرائيل” أيضاً . انتهت المرحلة الأولى من المفاوضات عام ،1993 وقام بعدها حكم ذاتي فلسطيني في مناطق قليلة من فلسطين 1967 . إلا أنه منذ ذلك اليوم وحتى اللحظة، لم يتم أي شيء بالنسبة إلى مفاوضات المرحلة الثانية، النهائية، التي ستقرر قيام الدولة الفلسطينية وحدودها وعاصمتها، وستحل مشكلة اللاجئين والمستوطنات والمياه . . إلخ . في هذه الأثناء، أعاد الصهاينة احتلال الضفة الغربية، وانسحبوا من غزة، فضاع الحكم الذاتي من الأولى، وتوطن في الثانية، حيث تحكم حماس، بعد طرد المنظمة بالقوة من القطاع، فكان الصراع بينها وبين المنظمة قشة قصمت ظهر البعير الفلسطيني، وجعلت تحقيق أي هدف من أهدافه ضرباً من المحال . بالانقسام الفلسطيني وما تلاه من قتال، اكتملت دائرة الضعف الفلسطيني التي كانت قد بدأت ترتسم عربياً بعيد عام ،1976 ودولياً بعد 1991 .

 

يتساءل العقل العربي لماذا لا تضغط أمريكا على “إسرائيل”، وهل تستطيع حقاً الضغط عليها . يظهر من العرض المختصر الذي قدمته أنها ليست على خلاف معها كي تضغط عليها، ويؤكد أنها تعتقد مثلها أن المنظمة حصلت عام 1991 على أكثر مما تستحق، على ما كانت عاجزة عن انتزاعه بالقوة، لو رفضت أمريكا و”إسرائيل” إعطاءها إياه سلماً . واليوم، وبعد أن ضعفت المنظمة وتم شق الصف الفلسطيني إلى وطنيين وإسلاميين، بلغ العداء بينهما حد القتل، لا مجال لإقامة دولة فلسطينية في غير عالم الكلام والوعود، عالم موجه نحو إدارة الأزمة الفلسطينية، سينحدر بقدرات فلسطين إلى درك لن يخرج منه أي حل عادل للقضية، خاصة أن أصحابها صاروا عاجزين عن فعل أي شيء لمصلحتها، على الصعيدين السياسي والعسكري، وهم ينخرطون في عملية تمزيق وانتحار ذاتي قاتلة، حولتها إلى ورقة بيد قوى إقليمية تكثر من الحديث عن قدسية القضية، مع أنها لا تساوي عندها فلساً واحدا .

 

استخدم الأمريكيون القضية الفلسطينية طوال نصف قرن ونيف لترويض العرب، وهم يستخدمونها الآن لترويض المنطقة أيضاً . بما أن الترويض بدأ للتو، في ظروف تختلف اختلافاً هائلاً عن ظروف ما قبل احتلال العراق، فإن من الصحيح القول: إن قضية فلسطين دخلت في المجهول، والدليل: الموعد الذي حدده البيت الأبيض لإقامة دولتها العتيدة، وهو خامس موعد يحدده لقيامها، منذ عام 1993 .

 

لن تحصل فلسطين على شيء غير المزيد من إضعاف قدراتها وتمزيق صفوفها، لسبب سبق ذكره، هو أن الطرف الآخر يعتقد جازماً أنها حصلت على أكثر مما تستحق، وأخذت ما لم تكن موازين القوى تتيح لها أخذه، وأنه ليس بوسعها السعي إلى ما هو أكثر منه، بعد تدهور وضعها الذاتي إلى حد أفقدها آخر ورقة كان يمكنها: وحدتها الوطنية .

 

يقال منذ بعض الوقت: إن أمريكا جادة في البحث عن حل للقضية، بسبب تأثيرها السلبي في مصالحها الإقليمية والدولية . لو كان الوضع الفلسطيني قوياً، لكان هذا القول صحيحاً . ولو كانت أمريكا بحاجة إلى الفلسطينيين، ولم يكن الفلسطينيون هم الذين يحتاجون إلى أمريكا، لكان الأمر صحيحاً . لكن الوضع الفلسطيني سيّئ إلى درجة تجعل بديل أي إخفاق، المزيد من الاعتماد على أمريكا، وحاجة ممثلي فلسطين إلى واشنطن أكبر بكثير من حاجة واشنطن إلى هؤلاء، خاصة بعد أن فقدوا القسم الأكبر من أوراقهم الدولية والإقليمية والعربية والذاتية .

=======================

أي حل لقضية فلسطين

آخر تحديث:الأربعاء ,15/09/2010

سليم الحص

الخليج

نقول بكل بساطة: إن انتهت القدس، لا قدّر الله، انتهت فلسطين . وإن انتهت فلسطين لا سمح الله انتهت الأمة العربية . وإن انتهت الأمة العربية تبدد المسلمون في كل مكان . فلا خيار أمامنا في المواجهة إلا رفع شعار أن الأمة العربية باقية على العهد في تشبثها المطلق بالقدس قطب الرحى في قضية المصير العربي التي تتجسد في فلسطين .

 

كان طبيعياً إطلاق تسمية قضية العرب المركزية على قضية فلسطين منذ أن كانت . ما كانت قضية فلسطين يوماً قضية الفلسطينيين وحدهم . ولو كانت كذلك لكانت تبددت عند تشريد الشعب الفلسطيني على امتداد أطراف المنطقة العربية في الحرب العربية “الإسرائيلية” الأولى عام 1948 . بقيت القدس رمزاً لوحدة القضية ووحدة المصير من وحدة القضية . لم يستطع العدو الصهيوني اللعين ابتلاع القدس وصرف أنظار العرب عنها، فأخذ في قضمها . فإذا بالاحتلال “الإسرائيلي” يرسي قواعد سكانية له في ما بات يسمى القدس الغربية، بالتمايز عن القدس العربية، علماً بأن القدس ما كانت يوماً إلا عربية، وفي الآونة الأخيرة، أي خلال السنوات المنصرمة، أخذ العدو الصهيوني يتحفز إلى الانقضاض على القطاع العربي من القدس كي تغدو القدس كلياً في يده .

 

واستهداف القدس له بالطبع أكثر من معنى . فالقدس تكتنز بين جنباتها معالم تاريخية لها قدسية عند المسلمين والمسيحيين، وكذلك عند اليهود . والحملة الصهيونية في فلسطين كانت ولا تزال منذ بدايتها ترتدي عند اليهود طابعاً دينياً، أو هكذا صور رواد الحركة الصهيونية لإثارة مشاعر بني جلدتهم وشد عزيمتهم وتوحيد إرادتهم . ولو أن التجارب المرة أظهرت بجلاء في ما بعد أن كثرة من “الإسرائيليين” ما كانوا يوماً يهوداً إلاّ في التعبئة للاستيلاء على فلسطين العربية . وكون القدس قبلة المسلمين والمسيحيين جعل منها قطب الرحى في صراع مديد ومتشعب . والمعروف أن القدس عند المسلمين هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين . فالمسلمون كانوا في فجر ظهورهم يتوجهون في صلاتهم مع الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) صوب القدس قبل أن يأمرهم الله بالتوجه إلى مكة المكرمة . فلا غرو في القول إن القدس وفلسطين وجهان لقضية واحدة، وهما لا ينفصمان . فالقدس، كما فلسطين، هي القضية .

 

المشروع العربي للسلام لم يكن على مستوى القضية ببعديها الوطني والقومي . فالمبادرة تجد الحل في العودة إلى حدود العام ،1967 وكأنما لم يكن هناك قضية قبل ذلك العام . هل ننسى أن الفترة السابقة حفلت بالحروب والمواجهات كان منها حرب عام ،1948 التي عرفت بالنكبة، وحرب عام 1956 واعتداءات “إسرائيلية” وصدامات كادت أن تكون شبه يومية . والصهاينة لم يتركوا لحدود عام 1967 أثراً بما زرعوا ويزرعون من مستوطنات يهودية في كل مكان . والحديث عن حدود عام 1967 يوحي وكأنما كان ثمة كيان صهيوني قبل تلك السنة وكانت تلك حدوده . والكل يعلم أنه لم يكن هناك وجود لكيان يهودي قبل النكبة في عام 1948 . فيبدو وكأن المشروع العربي للسلام يأخذ ضمناً بمقولة “الحق للقوة” التي كانت في خلفية المنطق، أو بالأحرى اللامنطق، الصهيوني، طوال الحملة التي شنها الصهاينة، بتغطية ودعم مطلق من الدول الكبرى، وبالأخص من الدولة العظمى أمريكا، لإقامة الكيان الصهيوني على أرض العرب .

 

العرب يجب أن لا يرضوا بحل يقوم على تجاور دولتين: إحداهما عربية والأخرى يهودية . فلسطين قطر عربي ينبغي أن يبقى واحداً موحداً، عاصمته القدس بطبيعة الحال، ولتكن فيه جالية يهودية تضم كل اليهود الموجودين على أرض فلسطين في الوقت الحاضر . فأي بلد في العالم في العصر الحديث لا يضم جاليات وجاليات . ونحن اللبنانيين أكثر من يعي ذلك بالنظر إلى الانتشار الاغترابي اللبناني الواسع جداً في شتى أرجاء المعمورة . يكاد لا يوجد بلد في العالم لا يحتضن جاليات من المغتربين اللبنانيين، ومن الحقائق المعروفة أن اللبنانيين، أو الذين هم من أصل لبناني، هم أكثر عدداً من اللبنانيين المقيمين في الوطن الأم وبفارق محسوس .

 

الحل لقضية العرب المركزية في نظرنا يجب أن يقوم على تحرير فلسطين وإقامة وطن فلسطيني موحد على أرضها يضم اليهود جالية ضمن شعبه ذي الغالبية العربية الراجحة . على أن يعود إلى فلسطين جميع اللاجئين الفلسطينيين من شتى أرجاء العالم . والقدس بالطبع هي العاصمة .

 

أما التسويات المطروحة على الساحة هذه الأيام فلا تمتّ إلى الحلول الحقيقية بصلة . فتقسيم فلسطين إلى شطر عربي وشطر صهيوني اكتسب فعلياً الكثير من الصدقية منذ قيام الكيان “الإسرائيلي” وترسخه بدعم من المجتمع الدولي ولا سيما من الدولة العظمى أمريكا . وأصبح اليوم هو الحل الوحيد المطروح مع وجود تباينات في المواقف حيال بعض التفاصيل، من مثل تحديد المساحة التي سيشغلها الشطر العربي في مقابل الشطر “الإسرائيلي”، وكذلك الخصوصيات التي ستتمتع بها كلتا الدولتين على المستويين الإقليمي والدولي، بالطبع مع وجود جنوح دولي صارخ إلى منح الكيان الصهيوني من الخصوصيات ما لا يقاس بما يمنح الكيان العربي .

 

مشاريع التسوية كانت جميعها عقيمة فلم تؤدِ إلى حل ناجع . والحل الناجع لن يكون إلا ذاك الذي يبنى على الحق والعدل . من هنا قولنا إن الحل لن يكون إلا على قاعدة تحرير فلسطين وإقامة وطن فلسطيني موحد على أرضها، فتكون فلسطين قطراً عربياً يضم اليهود جالية ضمن شعبه ذي الغالبية العربية الراجحة وفق ما تملي المعطيات القائمة .

=======================

العراق في المرآة

بقلم :فيكتور ديفز هانسون

البيان

15-9-2010

سيؤيد معظم الأميركيين دعوة الرئيس أوباما للتحلّي بالصبر في أفغانستان، وسياسته لاستمرار التخفيض المقرر منذ فترة طويلة للقوات في العراق. ولكن كان هناك شيء غريب في خطابه بأسره حول العراق، فقد كان كما لو أن أوباما مُجهد، وليس مفعماً بالحيوية.

 

لذا فإننا الآن أمام عراق باهت وأفغانستان باهتة، وخطاب باهت حول الأمل في التغيير ومعالجة الركود. الأمر بدا تقريباً وكأنه عمل روتيني. وربما الضجر الذي أصاب أوباما نشأ عن إخفاقه في تحقيق المستحيل.

 

كيف يمكن لناقد عنيف سابق للعراق، فضلًا عن فريقه الدبلوماسي (مثل «بايدن» صاحب الرغبة الصاخبة في تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق، وهيلاري كلينتون صاحبة فكرة إيقاف عدم القدرة على التصديق)، أن يستطيعوا إقناعنا بأن العراق كان «فصلاً متميزاً»؟

 

في سبتمبر 2007، طالب عضو مجلس الشيوخ أوباما، بعودة جميع القوات القتالية إلى أرض الوطن بحلول مارس 2008؛ وبعد ذلك بقليل عدّل طلبه من خلال تكرار أن الولايات المتحدة عليها أن «تبدأ فوراً بإخراج قواتنا القتالية».

 

وأعلن أن رفع القوات الأميركية، الذي أنقذ العراق، لم يعد فعالًا، وأنه سوف يوقف ذلك إذا وصل للسلطة، وفي الواقع إيقاف جميع أشكال التمويل. جوهر المسألة هنا ليس الازدواجية، ولكن بدلاً من ذلك، تفسير سبب عدم تأثر أوباما أخيراً بحجته الخاصة به.

 

كما أن الإطار العام للانسحاب كان مقرراً كجزء من تصور بوش/ بترايوس لوضع القوة مع العراقيين. ويتعين تهنئة أوباما على أنه ما زال يحافظ على هذا التصور، ولكن لا بد من أن يوجه إليه الانتقاد لأنه أشار إلى أنه اقتراحه هو، وعلى عدم الإشارة إلى أن رفع القوات الأميركية هو الذي أسفر عن ذلك كله.

 

لذلك، مرة أخرى، فإنها كانت لحظة غريبة، فهل من المفترض أن نعتقد أنه بعد مرور عشرين شهراً، يكون الرئيس هو المسؤول عن سجله (مثلاً، بوش لا يمكن تصديقه كونه منعزلًا، ولكن تقديم دعم حاسم لرفع القوات الأميركية الذي سمح بالانسحاب).

 

ولكن ليس مسؤولًا بشكل تام عندما لا تتناسب الظروف (يجب أن توجه أصابع اللوم إلى بوش على ترك اقتصاد سيئ، لدرجة تعجز عن معالجتها سياسة الاقتراض التي اتبعها أوباما)؟

 

وهنا نود أن نضيف بعض الأفكار:

 

أولاً، يحذر أوباما من «حروب مفتوحة»، كما لو كان يمكن تحريكها تقريباً. ولكن الحروب تنتهي، لا عندما تصل إلى توقيت عقلاني ومتفق عليه مسبقاً، ولكن عادة عندما يتم تبني خيارات حرب قاسية، يمكن أن تؤدي إلى النصر أو تنتهي بالهزيمة.

 

يتعين على طرف واحد أن يقرر، لأسباب طيبة أو سيئة، أنه لا يريد الكفاح من أجل الفوز، أو ببساطة لا يعتقد أن لديه موارد النصر.

 

ثانياً، إن «طي صفحة» لا يغدو أكثر حكمة من تقديم وعد بتحديد موعد مستهدف للانسحاب. فلو اندلع العنف غداً في الأنبار، بالتأكيد سوف نرتد إلى الخلف صفحة لتقديم الدعم، الجوي على الأقل إن لم يكن أكثر، للقوات العراقية.

 

ثالثاً، التركيز الموضوعي على الإغلاق، يذكرني بشمال فيتنام نحو عام 1974. فالشيوعيون أدركوا، حينها، أن اتفاقات عام 1973 لم تعد تنفذ، ولذلك حان الوقت للمضي قدماً إلى الفوز بما فشلوا في تحقيقه على مدار العقد الماضي.

 

رابعاً، لقد تأثرت بما سيكون عليه الحال إذا ما جاء هذا النص على لسان جورج بوش، فسوف تسخر منه الأغلبية المناهضة للحرب في الكونغرس.

 

ولكن تاريخياً، وأوباما يعرف ذلك، فإن الرؤساء من الحزب الديمقراطي أثناء الحرب، أمثال ويلسون وفرانكلين روزفلت وترومان وكينيدي وليندون جونسون وكلينتون، يحصلون على مهلة في المسائل المتعلقة بالحرب، استناداً إلى افتراض أنه، خلافاً للمحافظين، فإن الليبراليين يذهبون إلى الحرب على مضض، عندما تفرض عليهم فقط.

 

ورأينا ذلك فعلاً مع الصمت المفاجئ للجناح اليساري، بشأن موقف أوباما في غوانتانامو والمحاكم والمحتالين والتصعيد في أفغانستان.

 

خامساً، أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي أثار فيها أوباما أموراً مثل «ليكسينغتون» أو «إيو جيما»، وهو أمر نادى الكثيرون منا بأن يقوم به منذ زمن طويل.

 

سادساً، هل كان العراق يستحق كل هذه الكلفة؟ وهل استطاع أوباما أن يورد أي شيء إيجابي آخر سوى الأمور المبتذلة والتافهة؟

 

طرحت هذه التساؤلات بأثر رجعي في كل حرب، سواء أكانت الحرب الأهلية أو الحرب الأميركية الإسبانية أو الحرب العالمية الأولى أو كوريا أو فيتنام. الحقيقة في ما يتعلق بالعراق، أنه رغم هذه المأساة والضياع، فقد اجترح الجيش الأميركي معجزة. بعد ما يقرب من سبع سنوات، فإن حكومة دستورية تصمد في هذا البلد.

 

وغالباً ما ننسى أن جميع القرارات ال23 التي أصدرها الكونغرس بشأن الحرب في العام 2002، نفذها الجيش الأميركي، بداية من تنفيذ قرارات حرب الخليج الأولى ووقف عمليات الإبادة ضد الأكراد وعرب الأهوار، والحيلولة دون تعزيز الدولة العراقية للإرهاب، وإنهاء العمليات الانتحارية.

وربما بعض ما سبق، هو ما كان يقصده الرئيس أوباما ب«فصل متميز»، أو ما كان يعنيه نائبه «بايدن» بأنها أعظم إنجازات إدارته.

أستاذ الدراسات الكلاسيكية في جامعة ستانفورد الأميركية

=======================

أميركا والتركيز على الداخل

بقلم :صحيفة «تشاينا ديلي» الصينية

البيان

15-9-2010

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أخيرا، النهاية الرسمية للمهمة القتالية للولايات المتحدة في العراق، التي استغرقت سبع سنوات، قائلا إن واشنطن قد اضطلعت بمسؤوليتها و«الآن حان الوقت لطي الصفحة».

 

وتعتبر هذه إشارة إلى أن إدارة أوباما شرعت في مهمة التخلص من الفوضى السياسية والاقتصادية والعسكرية التي خلفها سلفه.

 

كان الغرض من غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة شق طريق لأميركا في الشرق الأوسط، وتأسيس «حكومة» استناداً إلى «مبادئ الديمقراطية الغربية»، والتأثير على التنمية في البلدان العربية. لو أن الولايات المتحدة كانت قد حاولت تحقيق هذا الغرض، لأمكنها أن تنجح في تطوير مصالح أمنها الوطني.

 

في الظاهر، سحب أوباما القوات الأميركية من العراق، من أجل الوفاء بوعده خلال الحملة الانتخابية، ولكن الولايات المتحدة دفعت ثمناً باهظا لتورطها في العراق: مقتل أكثر من 4400 جندي، وجرح 30 ألفا آخرين، علاوة على إنفاق مئات المليارات من الدولارات. وهذا الثمن أكبر بكثير مما دُفع أثناء الحربين الكورية والفيتنامية.

 

لقد شل الإنفاق العسكري الكبير حركة اقتصاد الولايات المتحدة، وأوجد عجزا ماليا ضخما. عندما دخل جورج بوش البيت الأبيض في 2001، كانت الولايات المتحدة لا يزال لديها فائض مالي (حتى وإن كان قليلا). ووقعت إدارة بوش في فخ العجز والدين، مع مضيها قدما في الحرب على الإرهاب.

 

وتسببت حرب العراق في انقسام المجتمع الأميركي، مع تزايد المشاعر المناهضة للحرب بسبب الركود الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة، والاضطرابات في العراق، وارتفاع عدد ضحايا الولايات المتحدة واستنزاف مواردها الكبيرة، كل ذلك أضاف عبئا ضريبيا باهظا على الأميركيين.

 

وكان أوباما قد عارض حرب العراق منذ أن كان عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي، الأمر الذي ساعده في أن يصبح أول رئيس أميركي من أصل إفريقي. ولكن بعد توليه مهام منصبه، قرر إرسال المزيد من الجنود إلى أفغانستان، مما أدى إلى تقسيم حزبه الديمقراطي تقريبا.

 

لذا فإنه في الوقت الراهن، على الأقل، يتعين على أوباما الوفاء بوعده الذي أطلقه في الحملة الانتخابية، وتحويل تركيزه إلى المشكلات الداخلية، وخاصة الاقتصادية. إن حرب العراق لم تستنزف موارد الولايات المتحدة فحسب، بل أيضا شوهت صورتها.

 

والقوات القتالية الأميركية تخلّف وراءها فوضى رهيبة في العراق، وهو على النقيض تماما مما كان قد أعلنه بوش قبل سبع سنوات عندما قال: إن الولايات المتحدة تحركت من أجل تحسين حياة وسبل معيشة العراقيين. فما جناه العراقيون في الواقع هو مسلسل من الموت والدمار والمعاناة اللاإنسانية.

 

أضف إلى ذلك أن الهجمات الإرهابية، والعمليات المضادة للجيش الأميركي، والصراعات بين الشيعة والسنة وبين الجماعات العرقية العراقية والأكراد حولت العراق إلى ساحة معارك كبيرة. ولكن ربما أكثر ما يخشاه الأميركيون، هو تدخل قوى إقليمية للتأثير على السياسات في العراق.

 

ومن المبكر جداً القول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد تعلمت درسا من الحرب على العراق، ولكن على الأقل فإن الكثير من صانعي السياسات ومتخذي القرار في واشنطن قد أدركوا الآن أهمية تغيير استراتيجيتهم الخارجية.

 

يدور النقاش حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تتراجع، منذ بعض الوقت، ففي عام 2000 شكّل إجمالي الناتج المحلي الأميركي أكثر من 33% من الاقتصاد العالمي، ولكن بحلول 2009 تراجعت هذه النسبة إلى 23%.

أوباما يعلم تماما أن التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة يجب أن يستحوذ على صدارة الأولويات، لأن التدهور الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى تراجع عام في البلاد.

وهذا يعني أنه يجب أن يركز على حل المشكلات الداخلية في أميركا، لا سيما أن عملياتها في العراق (لا تزال لديها قوات هناك) والحرب في أفغانستان، تشكل عبئا كبيرا على الولايات المتحدة، وهي الأمور التي يود أن يتخلص منها لخوض الانتخابات المقبلة.

=======================

السودان يا عرب

الافتتاحية

الأربعاء 15-9-2010م

بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود

الثورة

منذ اتجه العقل العربي المعاصر إلى فكرة الوحدة العربية، أو بالأحرى «الوحدات العربية..» لم يكن السودان بشماله وجنوبه بعيداً عن هذه الفكرة..

على العكس من ذلك.. أظهر السودانيون انتماء عروبياً لافتاً.. وللعلم كان لحزب البعث العربي الاشتراكي تنظيم مهم في هذا البلد، الذي قد ينظر إليه بتبسيط لشأنه.. علماً أنه بلد يضم شعباً مسيساً منذ يومه..‏

الحزب الشيوعي السوداني كان من أقوى الأحزاب الشيوعية في الوطن العربي قبل أن يتلقى ضربة قاصمة إثر محاولة انقلاب قادها الرائد المرحوم هاشم العطا في أواسط السبعينيات وانتهت إلى إعدام عدد كبير من الشيوعيين والقادة النقابيين.‏

وعبر التاريخ كان السودان توءم مصر «وادي النيل» وكررت كتب التاريخ القديم مراراً عبارة «مصر والسودان».. ويوم قامت محاولة تشكيل اتحاد عربي كمشروع وحدوي كان السودان رابع دوله مع سورية ومصر وليبيا.‏

من جهة أخرى لقب السودان ب «سلة الغذاء العربي».‏

لكن..‏

سياسياًَ وسياسياً أولاً وبالتدخل الخارجي الدائم بهذا البلد العربي الكبير كان السودان ينتقل من واقع إلى أسوأ منه.. حتى اكتشفوا النفط.. فبدأت ملامح الكارثة ترتسم.. «النفط مستعبد الشعوب».‏

وبدأ التخريب من كل اتجاه.. لا أبرئ أحداً.. ولا أستثني أحداً.‏

وزادت التدخلات وأصبحت علنية دون مواربة.‏

تدخلات عسكرية عبر إفريقيا.. وعبر السماء «قصفت الولايات المتحدة معملاً للأدوية بصواريخ مجهولة المصدر على أساس أنه موقع لأسلحة الدمار الشامل».. وتدخلات سياسية لا تقول ماذا تريد لكنها تعرف ما تريد وقد أمسكت بأطراف عدة لخيوط اللعبة.‏

هكذا وفي محصلة هذا التردي.. طرح استفتاء الجنوب «9 كانون الثاني 2011» على مسمع الجميع ومرآهم.. وقد استنجد السودان أكثر من مرة بمحيطه العربي.. لكن...؟!‏

استفتاء الجنوب يعني ببساطة تقسيم السودان..‏

يعني غياباً كبيراً لدولة عربية كبيرة.. كان يمكن أن تكون ذات فعل حقيقي في حياة وضمير الأمة العربية.. كما هي نظرياً..‏

أنا لا أستبق نتائج الاستفتاء.‏

وأتمنى دون أي احتمال آخر أن يختار الجنوبيون وحدة السودان وليس استقلال الجنوب.‏

لكن قناعتي أنه لو كان هناك أي احتمال لمثل هذه النتائج لما كان الاستفتاء..!!‏

الذين رسموا الطريق إلى هذا الاستفتاء يعرفون نتيجته..‏

حلم... ألا يكون الأمر كذلك.. وأن تثبت وحدة السودان.‏

لكن أسأل سؤالاً:‏

هل من الشرعي والقانوني أن يقسم بلد على أساس استفتاء في ظروف غير طبيعية كالتي يشهدها السودان اليوم..؟!‏

ولهذا السؤال ملحق يقول:‏

ما موقف العرب من ذلك.. أعني من تقسيم السودان؟.‏

لقد أكدت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية - ولا أعتقد أن أحدكم يشكك بمعلوماتها حول مايجري هناك- أن الجنوب سيختار الانفصال حتماً.‏

وبدت متهيبة لهذا الواقع الجديد في هذه المنطقة.‏

أميركا متهيبة.. رغم أصابع لا تخفي حركتها الخفية فيما يجري وسيجري..‏

نحن العرب غير متهيبين ! وكأن الأمر لا يعنينا.. وربما ترسل جامعة الدول العربية بعثة لمراقبة الاستفتاء ولتكون شاهدة على الجريمة.‏

السودان يا عرب..‏

السودان..‏

أن يقسّم السودان باستفتاء فكل دولكم مهددة بالمصير ذاته.‏

a-abboud@scs-net.org

=======================

غزة... على حافة الكارثة دائماً!!

بقلم ادموند ساندرز‏

كريستيان ساينس مونيتور

الأربعاء 15-9-2010م

ترجمة: حكمت فاكه

الثورة

في أعقاب الهجوم الشرس والوحشي الذي شنته إسرائيل في الحادي والثلاثين من شهر أيار الماضي على سفن أسطول الحرية، تم توجيه انتقادات غير مسبوقه إلى الحصار الذي ظلت تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات،

فبالإضافة إلى الحصار البحري على القطاع، تفرض كل من مصر وإسرائيل قيوداً مشددة على حركة البضائع والأفراد عبر حدودهما ويتأثر بهذه القيود حتى المرضى الفلسطينيين الذين تضطرهم ظروفهم وحالاتهم المرضية إلى السفر للعلاج خارج القطاع.‏

ومن جانبها تدافع إسرائيل عن سياساتها المطبقة وتصفها بالضرورية لمنع وصول الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى مقاتلي حركة حماس، ولاسيما الحركة التي تسيطر على القطاع وتواصل تمسكها بعدم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ويصف المسؤولون الإسرائيليون التقارير الواردة عن تردي الأوضاع الإنسانية في القطاع بأنها مبالغ فيها بل نفى رئيس الوزراء نتنياهو وجود أزمة إنسانية أصلاً في القطاع جاء ذلك خلال لقاء تلفزيوني له أجري مؤخراً لكن وفقاً لرأي الخبراء، فإن توصيف الوضع الحالي في القطاع ليس بالقضية السهلة فعلى حد قول- كريس غانيس- الناطق الرسمي باسم وكالة الغوث والأشغال التابعة للأمم المتحدة، وهي الوكالة التي تقدم المعونات للاجئين الفلسطينيين: «نحن لانتحدث هنا عن كارثة طبيعية ناشئة عن فشل موسم الأمطار، فالذي نقصده هو أن غزة ترمز إلى كارثة سياسية ذات أبعاد وعواقب إنسانية مثيرة للقلق» وعليه فهناك من يحاجج بالتحسن المطرد لمستويات الإعمار في القطاع.‏

لكن يلاحظ آخرون أن عدد القتلى من المدنيين في القطاع أثناء الحملة العسكرية التي نفذتها إسرائيل قبل تسعة عشر شهراً، يزيد عن مجموع عدد القتلى المدنيين في إقليم دارفور السوداني طوال العام الماضي 2009 وصحيح أيضاً أن أمراض سوء التغذية لاتزال أبعد من أن توصف بأنها حالة طارئة مثيرة للقلق، لكن في الوقت نفسه يتزايد اعتماد أعداد أكبر من الغزيين على المساعدات الغذائية الدولية، أكثر مما يفعل الصوماليون.‏

ومن جانبهم، لايبلغ المسؤولون الصحيون عن انتشار أوبئة الكوليرا والحصبة والإسهالات ومع ذلك فإن نسبة تلوث المياه في القطاع تصل 90 بالمئة، وهي نسبة تجعلها غير قابلة للشرب، وفي المتوسط يلقى اثنان من مواطني القطاع يومياً حتفهم تحت تأثير الأمراض التي تستدعي الحصول على أذن السفر نحو الخارج بسبب البيروقراطية والقيود المشددة المفروضة على هذه الاجراءات، وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية.‏

وعلى حد وصف رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة- محمود ظاهر فإن هذه ليست من نوع الكوارث التي يشاهدها الناس في المناطق الأخرى من العالم فالقطاع يظل على حافة الكارثة دائماً، وبدون تقديم المساعدات اللازمة من المجتمع الدولي، فإنه من السهل أن يتحول الوضع الحالي إلى كارثة حقيقية وبين العبور على امتداد نصف ميل إلى محطة تفتيش-إيريز- والوصول إلى غزة ليس هناك سوى التضاد الصارخ ففي الجانب الإسرائيلي هناك مراكز التسوق والإشارات المرورية أما في قطاع غزة، فهناك العربات التي تجرها الحمير وقطعان الأغنام التي تعبر الشوارع وباستطاعة المرء أن يرى الشباب والأطفال الصغار وهم ينبشون ركام وحطام المباني التي هدمتها القنابل الإسرائيلية بحثاً عما تبقى من مواد المباني وفي ممرات الشوارع الجانبية، عادة ماترى العاطلين وأصحاب المحال التجارية وهم يدخنون ويشربون الشاي بحثاً عن زبائن نادراً مايأتون.‏

وإذا ما انتقلنا إلى مشفى الشفاء حيث يحدثنا مديرها العام الدكتور حسين عاشور عن أن الوضع في مؤسسته الصحية المكتظة بالمرضى أبعد من أن يكون طبيعياً، ذلك أن المشفى تصارع من أجل الإبقاء على أبوابها مفتوحة أمام المرضى في ظل القيود التي تفرضها كل من مصر وإسرائيل على عبور المواد والمعدات الطبية اللازمة، فقد ظل قسم الرنين المغناطيسي مغلقاً منذ عام كامل بسبب عدم تمكنه من الحصول على قطع الغيار لإصلاحه، وهناك نقص حاد في الأصباغ الطبية التي تستخدم في تشخيص أمراض السرطان وكذلك نقص مماثل في البطاريات المستخدمة في أجهزة غسيل الكلى، ولاتقل مدة انتظار المرضى للعمليات غير الطارئة مثل إزالة اللوزات والفتاق عن ثمانية عشر شهراً.‏

ومنذ بدء الحصارتقلص اقتصاد غزة المحلي الضعيف أصلاً وبالنتيجة أصبح يعيش نحو ثلثي سكان القطاع تحت خط الفقر بينما تتجاوز معدلات البطالة بين الشباب 40 بالمئة إضافة إلى ذلك تم إغلاق مايزيد على 95 بالمئة من مصانع القطاع أبوابها.‏

وليس ذلك فحسب، بل تدهورت صناعة صيد الأسماك التي بقيت مزدهرة باستمرار إلى حد أرغم المواطنين على الاعتماد على المعونات الغذائية الخارجية.‏

وعلى حد قول -ساري باشي- رئيس منظمة- جيشا- الإسرائيلية المدافعة عن مواطني قطاع غزة، فإن الهدف هوممارسة ضغط مستمر على حماس عن طريق تخريب الاقتصاد المحلي، وهذا مايجب وصفه بأنه عقوبة جماعية لسكان القطاع.‏

=======================

عالم تيري جونز، أو أقل

سمير عطا الله

النهار

15-9-2010

لساعات طويلة، بدا هذا العالم عالم تيري جونز. اتخذ الكرة رهينة، ورفع في وجهنا مسدسا من ورق. كان يعرف، بقدر ما يعرف غيره، اي ثمن سوف يدفع اذا احرق نسخة من القرآن، في يوم عيد الفطر. ولكن طاب له ان يتسلى بنا جميعا: رئيس أميركا الذي من جذور اسلامية وافريقية، الفاتيكان، الذي سارع الى الادانة، وعواصم اوروبا المرتعدة من ان يشعل اي اخرق ما صار يُعرف بصدام الحضارات، تحديدا: صراع الغرب والاسلام، لان الحضارات الاخرى ليست على السلك الكهربائي العالي التوتر، على رغم شبح كشمير وباكستان وما حدث حتى الماضي القريب مع الهندوس، في بعض الهند ايضا.

ارتعد العالم من هول متغيراته. هذه حرب شبه عالمية، لا تقتضي قتل اورشيدوق النمسا على جسر في ساراييفو، ولا ان يهجم مستشار المانيا على تشيكوسلوفاكيا بحجة حماية ألمانها في اقليم السوديت. هذه حرب لا تقتضي اكثر من قس مجهول في كنيسة مجهولة في بلدة مجهولة، جعله عصر الاعلام الفضائي طوال ثلاثة ايام اكثر شهرة، بل أكثر قوة من اول رئيس اسود لبلد مزقته اشهر الحروب الاهلية بسبب غلو بعضه في الاستعباد.

اتحد العالم، في لحظة نادرة، في وجه تيري جونز. متظاهرو نيويورك ومتظاهرو قندهار. اصوات الاسلام واصوات المسيحية. مساجد الغرب وكنائس الشرق. اما تيري جونز، فوقف يحضر الفيلم المشوق حتى اللحظة الاخيرة، مستمدا من ألفرد هيتشكوك اساليب حبس الانفاس، في انتظار النهاية السعيدة.

قبل اي شيء، استدعى تيري جونز الاضواء وآلات التصوير. جاؤوا الى بلدته من كل مكان. صوروه فتصوّر. استصرحوه فصرّح. ناشدوه فاستمهل. فاوضوه فتدلل. ثم جاء نداء من الرئيس نفسه في البيت الابيض، فوضع تيري جونز يده على خده، وتصنّع بانه اخذ يفكر في الامر.

عام 1963 قدم ستانلي كرامر للعالم كوميديا تشبه هذا العالم، بعنوان: "انه عالم مجنون مجنون مجنون مجنون"، حشد فيها مجموعة رائعة من الممثلين والكوميديين، يتقدمهم سبنسر ترايسي وجيم ديورانتي. مجموعة مجانين يطاردون 350 الف دولار مسروقة من مصنع للتونة، يطاردهم رئيس الشرطة، الذي يرى فيهم مجرد هواة واغبياء، فيقرر ان يسرق المبلغ لنفسه.

لا احد في القصة يتوقف لحظة ليفكر. لا احد يخطر له ان القانون ينتظر في نهاية الطريق. ما من احد خطر له انه قبل ان يسافر تيري جونز الى نيويورك ليكون هناك في 11 ايلول، يمكن ان يوقف في مخفر محلي، الى جانب السوقة، بتهمة تعريض الامن العام والسلامة العامة للخطر.

او لعله خطر ذلك للبعض. خطر ذلك لباراك حسين اوباما، الذي قال في نفسه، يا لها من مناسبة لن تتكرر، ان اقف بين حقدين عبثيين، حقد يمثله تيري جونز بكل هزاله الشخصي المضحك، وحقد يمثله 11 ايلول، بالركام والخراب، اقف بينهما لأعلن ما اخفق جورج بوش في اعلانه: لسنا، ولن ندخل في حرب مع الاسلام.

ولعل ذلك خطر ايضا للفاتيكان، ان يستنكر احراق المصحف واثارة مشاعر المسلمين في مناسبة عاصفة وعابرة معا، بدل ان يرى نفسه مستنكرا في مواجهة مريعة في نيجيريا، او في هجوم على الاشرفية، سببه رسام كاريكاتور من توائم تيري جونز في الدانمارك. ما هي علاقة الاشرفية بدانماركي حشاش؟ عالم تيري جونز. ان تقع المسيحية في يد قس يعرف مدى مضاحك الاعلام المعاصر وشبقه الى الاثارة، او ان يقع الاسلام في قبضة فتوى من النوع الذي يجعل رجلا اخاً بالرضاعة اذا وقع على ثدي امرأة!

الفارق بين العالم "المشعور" والعالم الشفاف، هو مدى تلاعب تيري جونز بكوكب جُعل سريع الاشتعال. لم يكن عالما افضل من قبل. لقد ذهب الى الحرب حول ثلاثة محيطات، بطائراته وسفنه ومسدساته وخناجره، ثم استخدم فوقها القنبلة الذرية. اسوأ تجار العبيد، اسوأهم واحقرهم على الاطلاق، كانوا افارقة سودا. الذي كان يسلم الافريقي لأبشع أنواع ظلم الرجل الابيض، كان افريقيا. واحيانا كان عربيا ايضا. لكن عالم تيري جونز ليس فظا ومريعا فقط بل هو مضحك ايضا. عالم اصبح الحدث فيه يصوره مخرجون، كما في السينما. اعطى تيري جونز 150 تصريحا تلفزيونيا في يوم واحد: هنا السي ان ان، دعونا نقدم لكم، على الهواء، لمحة عن فكر القس تيري جونز.

من سام تيري جونز؟

من اي معهد او مؤسسة لاهوتية تخرج؟ ما هو مرجع كنيسته؟ بموجب اي فكر ديني او لاهوتي يريد ان يحرق المصحف؟ لا يملك هذا العالم الوقت للاسئلة والاجوبة. انه هناك، برمته، على باب تيري جونز. ألم يقل عبدالله القصيمي قبل اربعين عاما ان "العالم ليس عقلا"؟ وهو القائل ايضا ان "العرب ظاهرة صوتية" استنادا الى المرحلة الفكرية التي كان يقضي فيها المذيع احمد سعيد؟ غير متوقع ان يصبح العالم برمته ظاهرة تلفزيونية، حصة العرب منها اكثر من الف فضائية، ترقص وتطبخ وتبث رسائل النجوى، في امة تعيش بعز الفضاء المزدوج: قنوات وجوالات. "سيلولير" بالعربي الفصيح.

مر في تاريخ الولايات المتحدة كبار كثيرون: جاء ابراهام لينكولن من كوخ في سهول كنتاكي، اشبه ب"كوخ العم طوم"، ولم ينتم في حياته الى كنيسة، لكنه في ذلك الكوخ نشأ على القيم ومحاربة العبودية، ووضع جيمس مونرو مبادئ مثالية، وتبنى جورج مارشال اوروبا المدمرة في الحرب، ووضع جورج كنان نظرية "الاحتواء" بدل الحرب، ووقف عشرات الملايين ضد مجازر حكوماتهم في الفيتنام وكمبوديا. لكن عددا من الرجال زعزعوا علاقة اميركا بالانسانية عموما، وبالمسلمين على نحو خاص.

هؤلاء اقاموا علاقة واشنطن بالبشر وفقا لمصلحة الكارتيلات ومشيئتها: خرجت ادارة آيزنهاور من تمويل اعظم مشروع في مصر، "السد العالي"، لان وزير خارجيته جون فوستر دالس، نزل عند ضغط مزارعي وتجار القطن الذين خافوا من منافسة القطن المصري. جاء جورج بوش الى الرئاسة وحوله ممثلو كارتيلات السلاح، يتقدمهم عتي يدعى ديك تشيني، والى جانبه دونالد رامسفيلد الذي لبى ذات مرة دعوة فاسلاف هافل الى المسرح. وعندما خرج سئل عن رأيه في المسرحية فاطلق جملته العبقرية الشهيرة "لست افهم في المسرح. فانا من شيكاغو".

لو استخدم جورج بوش تعبير "سوف نقاتلهم" بدل "سوف نشن عليهم حرباً صليبية" (Crusade) غداة 11 ايلول 2001، لكان نصف التاريخ قد تغير. ولكن من اين لرجل لم يغادر التكساس الا الى المكسيك، ان يدرك الفارق بين تعبير شائع يستخدم في لغة "الركبي"، ووقع مثل هذه الكلمة على عالم اسلامي لم تخرج الحروب الصليبية من ذاكرته؟ ألم يكن رأس مال بوش في انتخابات حاكمية تكساس انه وقّع 200 حكم بالاعدام، في بلاد عُرفت مدى التاريخ بانها بلاد "الكاوبوي"؟

عالم تيري جونز المزدوج، هزلا ونكدا، صنعه نصف قرن من السياسة الاميركية في فلسطين وفي الشرق الاوسط واخيرا في العراق، حيث دمّر الاخرق الذي وقّع 200 حكم بالاعدام في تكساس، وحدة واحد من اهم بلدان العرب وكيانه ومستقبله. يرتكب الكبار الارتكابات الكبرى، فيصبح العالم تحت رحمة الصغار بمجرد ان يهددوا بالارتكاب. مرة اخرى اعود الى السينما (والى الستينات، مع الاعتذار) لان تيري جونز يذكر ب"طوم جونز"، الاريستوقراطي الريفي الذي عاث فسادا في نساء القرى. في النهاية يكاد يشنق، لكنه لا يشنق.

بلغ تيري جونز الحبل ثم تراجع. لكنه كاد يعلِّق معه هذا العالم المترنح ابدا فوق منصة ما، في مكان ما. ويحسن ان نأخذ فيديل كاسترو، المعلق الصحافي الآن، على محمل الجد عندما يتخوف من انفجار نووي. فالرجل كاد يمحو هذا العالم من الوجود ذات زمن، لولا ان نيكيتا خروشوف كان قد شاهد ماذا تعني الحرب في لينينغراد وستالينغراد، المدينتين اللتين هزمتا مغروري اوروبا: الكورسيكي بونابرت والنمسوي ادولف هتلر. كلاهما قاد جيشا ليس جيش بلاده الى بلاد يعذبها البرد وفجأة برد اعداؤها.

=======================

الصين والنظام العالمي الجديد

نعوم تشومسكي

أستاذ اللغويات في معهد ماساشوستس للتكنولوجي

الرأي الاردنية

15-9-2010

وسط التهديدات المزعومة التي تواجهها القوة العظمى المسيطرة في العالم، تبرز الصين بهدوء وبقوة كمنافس لها. وتقوم الولايات المتحدة من جهتها بالتدقيق عن كثب في نوايا الصين. أشار «توم شانكر» في صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن وزارة الدفاع الأميركية قد أعربت في إطار دراسة أجرتها في 13 أغسطس الماضي عن خشيتها من قيام الصين بتوسيع قواها العسكرية بطرق «تحول دون قدرة السفن الحربية الأميركية على إنجاز عملها في المياه الدولية قبالة الساحل».

كما تخشى واشنطن من أن يؤدي «نقص صراحة الصين بشأن نمو جيشها وقدراته ونواياه إلى الاخلال باستقرار منطقة حيوية في الكرة الأرضية».

أما الولايات المتحدة فتعبّر من جهتها بصراحة عن نيتها العمل بحرية في جميع أرجاء «المنطقة الحيوية» المحيطة بالصين (كما في أي مكان آخر).

وأعلنت الولايات المتحدة أنها قادرة على القيام بذلك بفضل ميزانيتها العسكرية المتنامية التي توازي تقريباً ميزانية سائر بلدان العالم مجتمعة، وبفضل آلاف القواعد العسكرية الموجودة في جميع أنحاء الكرة الأرضية إلى جانب ريادتها الكبيرة في تكنولوجيا التدمير والهيمنة.

وتبلورت قلة إدراك الصين لقواعد المرونة الدولية في اعتراضها على الخطة القاضية بمشاركة حاملة الطائرات الأميركية التي تعمل بالطاقة النووية المتقدّمة «يو. أس. أس. جورج واشنطن» في التدريبات العسكرية الأميركية والكورية الجنوبية بالقرب من ساحل الصين في شهر يوليو الماضي معتبرة أنها قادرة على شنّ ضربة ضد بكين. يدرك الغرب بالمقابل أنّ الولايات المتحدة تجري هذا النوع من العمليات للدفاع عن استقرارها وعن أمنها الخاص.

يحظى مصطلح «استقرار» بمعنى تقني في إطار الخطاب المتعلق بالشؤون الدولية، فهو يعني سيطرة الولايات المتحدة. لكن، لم يفاجأ أحد عندما أعلن «جايمز شايس» المحرر الأسبق لمجلة «فورين أفيرز» أنه بهدف فرض «الاستقرار» في تشيلي عام 1973 كان من الضروري «الاخلال باستقرار» هذا البلد عبر الإطاحة بالحكومة المنتخبة برئاسة سلفادور أليندي وقيام نظام ديكتاتوري برئاسة الجنرال أوجوستو بينوشيه، الذي اعتمد سياسة القتل والتعذيب والتشريد، وأرسى شبكة إرهابية، الأمر الذي شجّع على قيام أنظمة مماثلة في أماكن أخرى مع العلم أنها حظيت بدعم الولايات المتحدة، وذلك من أجل فرض الاستقرار والأمن.

ليس ضرورياً القول بأنّ أمن الولايات المتحدة يتطلب سيطرة مطلقة. وقد تطرّق المؤرخ «جون لويس غاديس» من جامعة «يل» إلى هذا الموضوع في كتابه المعنون ب «المفاجأة والأمن والتجربة الأميركية»، حيث درس جذور عقيدة الحرب الوقائية، التي شنها بوش الابن.

ويقوم المبدأ التشغيلي على فكرة أن التوسع هو «السبيل لفرض الأمن» مع العلم أنّ «غاديس» قد أشار إلى أن الرئيس «جون كينسي آدامز»، وهو مؤلف فكرة «القدر المتجلي»، قد أرسى هذه العقيدة منذ حوالى قرنين.

وعندما أعلن بوش أنه «ينبغي على الأميركيين الاستعداد للقيام بتحرك استباقي عند الضرورة للدفاع عن حريتنا وعن حياتنا»، اعتبر «غاديس» أنه «كان يذكّر بتقليد قديم عوضاً عن إرساء تقليد جديد»، مكرراً بذلك المبادئ التي «أدركها جميع الرؤساء جيداً بدءاً بآدامز وصولاً إلى وودرو ويلسون».

وينطبق ذلك أيضاً على الرؤساء الذين خلفوا ويلسون لغاية اليوم. ارتكزت عقيدة كلينتون على حقّ الولايات المتحدة في استخدام القوة العسكرية لتضمن «وصولها المطلق إلى الأسواق الأساسية وإمدادات الطاقة والموارد الاستراتيجية»، من دون الحاجة إلى تلفيق ذرائع شبيهة بتلك التي لفقها بوش الابن.

ويرى وزير الدفاع في إدارة كلينتون ويليام كوهن أنه يجدر بالولايات المتحدة إبقاء القوات العسكرية منتشرة في أوروبا وآسيا «من أجل تكوين آراء الناس حولنا»، و»صناعة الأحداث التي ستؤثر على حياتنا وعلى أمننا».

واعتبر المؤرخ العسكري «أندرو باسيفيتش» أن هذا التصرف الذي يكرّس حالة حرب دائمة هو عقيدة استراتيجية جديدة تعززت خلال ولاية بوش الابن وخلال ولاية أوباما الحالية.

يعلم كلّ زعيم عصابة أن خسارة السيطرة على الأمور من شأنه أن يقوّض نظام الهيمنة فيما يتم تشجيع الآخرين على إتباع مسار مماثل.

ويعتبر هذا المبدأ المركزي للسلطة شبيهاً ب»نظرية الدومينو»، وهو المصطلح الذي يستخدمه صانعو السياسات، والذي يعني عملياً أن «فيروس» التنمية المستقلة الناجحة قد «ينشر العدوى» في مكان آخر، فيجب بالتالي أن يتمّ تدميره مع العلم أن الأنظمة الديكتاتورية العنيفة تقوم بتلقيح الضحايا المحتملين له ضده.

وأشارت الدراسة التي أجرتها وزارة الدفاع الأميركية إلى أن ميزانية الصين العسكرية قد بلغت 150 بليون دولار عام 2009، واقتربت من «خُمس الميزانية التي صرفتها وزارة الدفاع لشن الحربين في العراق وأفغانستان» في تلك السنة، ما يشكل جزءاً صغيراً من مجمل ميزانية الولايات المتحدة العسكرية.

بوسعنا تفهم المخاوف التي تراود واشنطن في حال أخذنا بالاعتبار الافتراض القائل بأن الولايات المتحدة يجب أن تبقى «قوة مطلقة» في معظم العالم، وأن تحظى ب»هيمنة عسكرية واقتصادية»، إضافة إلى «الحدّ من قدرة الدول التي قد تعترض مخططاتها العالمية على ممارسة سيادتها».

هذه هي المبادئ التي أرساها المخططون رفيعو المستوى والخبراء في السياسة الخارجية خلال الحرب العالمية الثانية حين كانوا ينشئون إطار عمل للمرحلة التالية للحرب، والتي تمّ تطبيقها بشكل واسع.

وكانت الولايات المتحدة ترغب في الحفاظ على هذه السيطرة في «منطقة كبرى»، تشمل نصف الكرة الأرضية الغربي والشرق الأقصى والإمبراطورية البريطانية السابقة فضلاً عن موارد الطاقة الأساسية في الشرق الأوسط.

وفيما بدأت روسيا بسحق الجيوش النازية بعد معركة ستالينجراد، توسعت أهداف المنطقة الكبرى لتشمل أكبر جزء ممكن من أوراسيا.

وقيل إن أوروبا قد تختار إتباع مسار مستقل يتوافق مع نظرة ديجول لأوروبا، التي تمتد من الأطلسي إلى الأورال. وتمّ إنشاء منظمة حلف شمال الأطلسي لمواجهة هذا التهديد. والجدير ذكره أنّ هذه المسألة لا تزال مطروحة اليوم لا سيما أنه يتمّ توسيع مهام حلف شمال الأطلسي ليصبح قوة تدخّل بقيادة الولايات المتحدة مسؤولة عن السيطرة على «البنية التحتية الأساسية»، التابعة لنظام الطاقة العالمي الذي يعتمد عليه الغرب.

منذ أن أصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى المسيطرة في العالم خلال الحرب العالمية الثانية سعت إلى المحافظة على نظام سيطرة عالمي. إلا أنه لم يكن من السهل الحفاظ على هذا المشروع. فمن الواضح أنّ هذا النظام يتهاوى، وقد ينتج عنه عواقب في المستقبل. فقد باتت الصين لاعباً يتمتع بتأثير واسع ويفرض تحدياً كبيراً.

=====================

علاقة سوريا و"حزب الله"تحالفية وليست تبعية

سركيس نعوم

النهار

15-9-2010

تابع القريبون أنفسهم من قيادة "حزب الله" شرحهم لمواقفها من القضايا الكثيرة الطاغية على الساحة السياسية في لبنان والمنطقة مثل الحزب ولبنان والمقاومة في فلسطين المحتلة، فقالوا "ان سوريا الاسد لا تستغني عن الحزب وان الحزب لا يستغني عن سوريا. فله "دالة" بالغة الاهمية على سوريا وله موقع مهم ومحترم جداً عند قيادتها. وقالوا ايضاً ان سعد الحريري ضعيف، لا احد يعرف كيف سيتحرك، وربما يكون ضائعاً. بدأ يتصرف كأنه يمثل دولة كبرى. وقد لاحظ السوريون ذلك عندما وجّه اليهم بعض "النصائح" المتعلقة بالتعامل مع الحزب. في اختصار ان العلاقة بين سوريا و"حزب الله" جيدة جداً، وبين سوريا وايران جيدة جدا. وستبقى كذلك لأن اميركا لا تستطيع اعطاء سوريا اي شيء يمكن ان يغريها بتغيير سياسات او مواقف او حتى استراتيجيات".

ألا تُعتبر اعادة الجولان كاملاً الى سوريا، كما كان قبل حرب 1967 اغراء لا يمكن الا التجاوب معه؟

اجاب القريبون جداً انفسهم من الحزب: "يمكن قطع وعد جدي باعادة الجولان الى اصحابه. لكن الجولان لا يهم سوريا. يهمها لبنان و"حزب الله" وايران و"حماس" والمقاومة اي الأزمة بكل عناصرها. ذلك انها بواسطة هذه الأزمة فرضت نفسها لاعباً قوياً ورقماً صعبا في المنطقة بعد الانسحاب "المُذِل" من لبنان في اعقاب اغتيال الحريري. في اي حال نكرر ما قلنا لك لدى لقائنا قبل نحو عام، وهو ان علاقة الحزب مع سوريا جيدة، لكنها ليست علاقة تبعية. انها علاقة تحالف ومصارحة ومن ثم تفاهم. فما لا يؤمن به او ما يعرف انه يخرب البلاد ولا يفيد المقاومة في صراعها مع اسرائيل لا يفعله. وقد برهن ذلك اثناء الاعتصام "الخيمي" (من خِيَم) وسط بيروت اذ رفض ورغم "نصائح" سوريا دخول السرايا الحكومية التي كان "يعتصم" فيها رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة وعدد من وزرائه ومستشاريه. وقد كرر رفضه هذا عندما طالبه حلفاء داخليون بالامر نفسه. الحزب لا يريد ان يخرب البلاد. انه يعرف ماذا يريد واي علاقات يقيم. ألم يلفت نظرك ويعطيك الفكرة الحقيقية عن عمق علاقة "حزب الله" بسوريا ان وليد جنبلاط عاد اليها من بوابته؟".

اما في موضوع ايران، تابع القريبون جداً انفسهم من قيادة "حزب الله"، "فان علاقته جيدة معها. انت تسميها ايديولوجية، حسنا. لكنها ليست علاقة اعطاء اوامر من طهران وتنفيذ الحزب لها. هناك ثقة بين قيادته وايران منذ تأسيسه. وهذا يجعل المناقشة سمة العلاقة وليس الاوامر. اما القول بوجود سوريين وايرانيين (بالانتماء السياسي طبعا) داخل الحزب فانه مثير للضحك. قد يحصل اختلاف داخل القيادة وتناقض، لكن هذا الحزب قائم على "النظرية الحديدية" (الصرامة). المناقشات داخله واجبة، لكن عندما يُتّخذ القرار يدافع الجميع عنه ويعملون لتنفيذه. لا يوجد فلتان عند الحزب. ولا احد يستطيع ان يفتح على حسابه داخله. هل سمعت عن "انشقاق" حصل داخل الحزب منذ تأسيسه؟ مرة واحدة خرج عنه امين عام سابق له هو الشيخ صبحي الطفيلي. لكنه خرج وحده".

"العلاقة الايديولوجية" هذه بين "حزب الله" والجمهورية الاسلامية الايرانية هل تقضي باشتباك الاول مع اسرائيل عسكرياً في حال تعرضت الثانية لضربة عسكرية كبيرة اسرائيلية او اميركية أو اسرائيلية – اميركية مشتركة؟ يقول خبراء اميركيون في قضايا المنطقة وفي مقدمها سوريا وايران واسرائيل ومتابعون لأوضاع وللسياسات حيالها في واشنطن رغم تعاقب الادارات الحاكمة، ان النظام الايراني حاول اقناع الرئيس الاميركي "الجديد" باراك اوباما ومساعديه بأن قلقهم من نياته النووية في غير محلها. ذلك انه يعرف الحدود وسيحترمها. وذلك يعني أنه سيكتفي بالتقدم الذي تحققه ابحاثه النووية السلمية وانه لن يتجاوز ذلك الى محاولة تحقيق تقدم مماثل يمكّنه من امتلاك ما يتيح له انتاج سلاح نووي اذا احتاج اليه في يوم من الايام. لكنهم يؤكدون ان النظام المذكور فشل في محاولة الاقناع. وعلى العكس من ذلك فانه زاد في قلق اوباما وادارته وخصوصا بعدما تأكدا من ان ايران لن توقف ابحاثها النووية او لن تقبل تسوية دولية لملفها النووي الاشكالي الا بعد تحقيق كل اغراضها منه سلمية كانت او عسكرية. ويعود هذا الفشل في رأي الخبراء الاميركيين انفسهم الى عدم معرفة الايرانيين بحجم المعلومات والمعطيات الدقيقة التي كانت في حوزة محيط اوباما، والى ان ما اعطاه العالِم الايراني النووي المنشق للأميركيين من معلومات اثار شكوكهم بدلا من تبديد ما كان موجوداً منها، وربما جعلهم يدركون ان انشقاقه كان مدروساً اي حصل بقرار من النظام او بعض قادته في طهران. انطلاقاً من ذلك يرى الخبراء ان الطريقة الوحيدة والصحيحة للقضاء على الشكوك المشار اليها هي اقدام ايران على فتح منشآتها النووية امام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي ايضا البحث مع مجموعة ال5+1 بكل صراحة في كل تفاصيل ملفها النووي. واذا لم تفعل ذلك فان الشكوك ستزداد كما اخطار المواجهة العسكرية، وخصوصا اذا فشلت العقوبات الدولية والاميركية والاوروبية على قساوتها في اقناع حكام طهران بالتجاوب او بالاعتدال، او على الاقل بتلبية دعوة اوباما الى الحوار التي وجهها اليها. وفي اي حال، هناك اعتقاد عند بعض المسؤولين في واشنطن ان ايران ستجتاز الخط الاحمر النووي خلال سنة من الآن. وهذا يعني ان التوترات في المنطقة اي الشرق الاوسط ستزداد وستتفاقم خلال مدة اقصاها ستة اشهر (الربيع المقبل ربما). ويعني ايضاً ان الافرقاء الحقيقيين كلهم سيكونون في مرحلة الاستعداد الكبير للمواجهة (Show Down) والحسم. وهنا يتساءل الخبراء والمتابعون الاميركيون انفسهم اذا كان مضمون بعض خطب الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله وخصوصا المتعلق باسرائيل والقضية الفلسطينية واميركا وايران ليس جزءا من الاستعداد المذكور اعلاه، ويختمون بالقول ان هناك شيئاً يُعد وانهم يشمون رائحة "عاطلة".

==========================

دروس الاستفتاء التركي

سمير صالحة

الشرق الاوسط

15-9-2010

انتخابات 22 يوليو (تموز) 2007 كانت تاريخ البروفة الأولى لزحزحة الهيكل و12 سبتمبر (أيلول) 2010 كان موعد إسقاطه. الغالبية في تركيا لم تعد تريد الحديث عن خطوط حمراء فرضها البعض للتلطي بحصون وقلاع العلمانيين والأتاتوركيين المتشددين. المسافة تتقلص يوما بعد الآخر بين توجهين وتيارين وذهنيتين تصادمتا لعقود في تركيا. والعامل المؤثر هنا هو قرار الشارع التركي الذي صوت بنسبة 58 في المائة لصالح التعديلات الدستورية وبالتالي رفع البطاقة الصفراء بوجه أساليب التخوين والإهانة والاستفزاز التي ستكون مكلفة لكل المتاجرين بها.. المقترع التركي قال وبشكل حاسم: نعم للتغيير وإعلان دستور جديد ولبقاء حزب العدالة والتنمية في الحكم لحقبة جديدة لحماية الانتصارات والإنجازات التي تحققت في الداخل والخارج.

المحكمة الدستورية قالت كلمتها قبل عامين في مواجهة قرار البرلمان وارتفاع 411 إصبعا باسم إزالة التوتر في موضوع الحجاب. والبعض يريد اليوم تجاهل 22 مليون إصبع رفع باسم التغيير والتجديد ومواصلة طريق الإصلاحات، متجاهلا الفرق الشاسع بين ال«نعم» وال«لا». المقترع التركي كان يعرف وهو في طريقه إلى مراكز التصويت أنها معركة طحن عظام جديدة وأنها لم تكن مسألة تصويت عادي على استفتاء لتغيير بعض المواد الدستورية. هي كانت مواجهة بين قوى المعارضة التي تريد إزاحة أردوغان «المزعج والمتمرد» وحزبه عن الحكم وتصفية هذا النهج وأسلوب الإدارة من جهة وملايين المراهنين على ضرورة المضي فيما بدأه الحزب وتحقيق الوعود التي قطعها من جهة ثانية.

الصناديق تقول إن رجب طيب أردوغان وحزبه حققا انتصارا كبيرا كانا يريدانه ويحتاجان إليه لمواصلة حملات الإصلاح والتغيير ولاسترداد بعض المعنويات في أعقاب أكثر من طعنة واستفزاز وتمرد داخلي وخارجي في الآونة الأخيرة دفعت الكثيرين لطرح السؤال عما إذا كانت ساعة التفكك والتراجع قد اقتربت بالنسبة لعهد العدالة، فكان الرد عنيفا بحجم قوة التحريض والاستفزاز والسيناريوهات الحالمة.

أردوغان كان له ما أراد، وبات يملك المزيد من القوة لمواصلة البرامج والحملات الإصلاحية، لا، بل إن هذه النتائج ستدفعه لإخراج الكثير من الملفات من درج مكتبه بعدما كان قد أجبر على وضعها جانبا بسبب التهويل والتهديد، والمفاجآت المقبلة ستتمحور حول إطلاق دستور جديد للبلاد ومناقشة النظام الرئاسي بدل النظام البرلماني القائم وتحضير أردوغان نفسه للتذكير بأنه على استعداد لتسلم القيادة من عبد الله غل عند انتهاء فترة حكمه الرئاسي واللجوء إلى انتخابات نيابية عامة مبكرة إذا ما أصرت المعارضة على المنازلة بما بقي لديها من عتاد وذخيرة.

لكن المقترع التركي قال أيضا إن حكومة أردوغان لا بد أن تتعامل بجدية مع قرار 14 مليون مواطن بعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، كان أكراد جنوب شرق تركيا الحصة الأكبر فيهم. فقرار المقاطعة الذي تبناه حزب السلم والديمقراطية نجح إلى حد كبير في مدن الغالبية الكردية، ولا يمكن التخفي وراء الأصابع لتجاهل قضية داخلية كبيرة من هذا النوع وضرورة التعامل معها بأسلوب انفتاحي ديمقراطي عادل لحماية الأرض والشعب والمؤسسات.

الدرس الذي استخلصه الغرب من صناديق الاقتراع هو أن تركيا اقتربت خطوة أخرى من المشروع الأوروبي، في حين أن مراكز القوى في الاتحاد مثل ألمانيا وفرنسا تتمسك بعرقلة طلب عضويتها وطرح البدائل والخيارات التي ترفضها أنقرة جملة وتفصيلا، ملوّحة بتوسيع رقعة بدائلها الاستراتيجية الإقليمية والدولية ضمن حملات انفتاحية شاملة على العالمين العربي والإسلامي والجار الروسي تحديدا.

أما الدرس الذي وصل إليه الإعلام العربي، كما تابعنا في اليومين الأخيرين، كان مع الأسف يتمحور حول «صفعة جديدة للعلمانيين» و«تراجع متواصل في نفوذ الجيش» و«القلاع الأتاتوركية تسقط الواحدة بعد الأخرى» معظمها تجاهل أخذ العبر والدروس من مسار التجربة الديمقراطية الجديدة في تركيا التي تعيشها البلاد منذ أكثر من 10 أعوام تحديدا. قليلون جدا هم الذين كتبوا عن موضوع الحريات ومطلب التغيير الذي يزداد انتشارا بشكليه العمودي والأفقي وضرورة الاستفادة من التجربة التركية في العلاقة بين الأنظمة والقيادات السياسية والقواعد الشعبية في عواصمنا العربية.

===================

الأمريكان والعراق والمنطقة...

المشروع فشل، لكنما الأهداف الامبراطورية لم تتبدل!

عبداللطيف مهنا

كنعان 7/9/2010

"الحروب القادمة في الشرق الأوسط لن تكون بين الدول بل ستكون داخلها"

هنري كيسنجر

من يافطة "تحرير العراق"، وما رافق الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين من مزاعم وأكاذيب شهيرة ومعروفة سيقت لتبرير احتلاله وتدمير كافة أسس الدولة فيه، إلى يافطة "الفجر الجديد"، وأخدوعة "إنهاء العمليات القتالية"، وما بين اليافطتين من تسميات أو توصيفات أمريكية تعددت لتجليات الحرب المستمرة عليه، وعمليات إعادة تموضع الاحتلال، الذي لم يأت ليجلو عنه دون ضمانة إدامة الهيمنة الأمريكية عليه، وعلى المنطقة، أو إعادة تنظيم سبل هذه الهيمنة وتمويهها ... مرت حتى الآن سبعة أعوام ونصف على فشل المشروع الأمريكي في المنطقة العربية وجوارها الإسلامي، والذي تظلل بيافطة أخرى سحبت من التداول أطلق عليها "الشرق الأوسط الجديد"، باعتبار هذا الاحتلال، ونظراً لمركزية العراق الجيوسياسية والقومية والإسلامية في هذه المنطقة، حجر الزاوية في هذا المشروع، والمنطلق والمرتكز لاستهدافاته العديدة المعروفة، والتي لا مجال هنا لتعدادها... لماذا نقول الفشل؟

 

لأنه، حتى الآن، لا يمكن إطلاق صفة النجاح إلا على واحدة من استهدافات الغزو، وهي تدمير هذا البلد العربي وتخريبه وإدارة المقتلة الرهيبة الدائرة فيه، والتي ترتقي بها أرقامها المتصاعدة يومياً، لجهة القتلى والجرحى والمعاقين واليتامى والأرامل والمشردين والمهجرين، إلى درجة نوع من الإبادة البشرية المستمرة الفصول، منها المكشوفة ومنها الغامضة و الأخرى المموهة.

لقد جاء الأمريكان إلى العراق يدفعهم الهدف الذي عبر عنه الداهية الأشر كيسنجر في مذكراته، وأطلقه كوصية من وصاياه الشريرة العديدة: إن "من يريد السيطرة على الأمتين العربية والإسلامية، فعليه أن يدمر الأمة العراقية، باعتبارها الحلقة الرئيسية فيهما"... لقد دمروا العراق، وأعادوه، كما هدد بيكر قبل الغزو، إلى ما قبل العصور الوسطى، لكن ماذا بعد ما فعلوه... ماذا عن باقي الاستهدافات، أو ما كان كامناً خلف هدف احتلاله وتدميره؟

 

في البداية، ومن على ظهر حاملة طائرات، أعلن بوش بلهجة نابليونية: "المهمة أنجزت"، بمعنى أنه أعلن انتصار الغزاة وانتهاء القتال والتفرغ لجني ثمار الانتصار واحصاء غنائمه. انطلقت المقاومة العراقية، والتي قلنا في مقالنا السابق، أنها المقاومة الأسرع في التاريخ، والمستمرة والمتسعة مهما تكثفت حولها واحكمت سبل التجاهل والتشويه والتجهيل الإعلامي، بما يعني أن المهمة القتالية لجيوش الاحتلال وردائفها من حشود المرتزقة لم تنته، وهو الأمر المشهود طيلة هذه السنوات الأمريكية السبعة والنصف العجاف في أرض السواد أو ما عرف بالورطة العراقية، هذه المضافة إلى الورطة الأفغانية التي سبقتها والتي مضى عليها حتى الآن تسع سنوات... اليوم يأتي خلفه أوباما ليقول، أن "المهمة القتالية الأمريكية في العراق انتهت"، لكنه يردف، لقد دفعت الولايات المتحدة هناك "ثمناً باهظاً"، وأنه "الآن حان الوقت لقلب الصفحة"!

 

فيما يتعلق بالثمن الباهظ، فمنه، وفق ما أعلن رسمياً، أكثر من أربعة آلاف جندي قتيل وسبعين ألف جريح، وهذا لا يشمل الأرقام الأخرى المكتومة، المتعلقة بالمرتزقة أو المتعاقدين وأصناف هذه الجيوش الجرارة الخفية الرديفة والتي لا يعلن الأمريكان عنها. هذا بشرياً، أما مادياً فأكثر من ترليون دولار انفقت حتى الآن على هذه الحرب العدوانية الفاجرة، والتي لها أثرها المشهود في الأزمة الاقتصادية الأمريكية الراهنة التي لا يلوح على المدى المنظور أفق التعافي منها. أما الخسائر المعنوية والأخلاقية التي لحقت بالإمبراطورية وبصورتها البشعة أصلاً فحدث عنها ولا حرج... وغدا قلب الصفحة دونه خرط القتاد...

 

لقد حاول الأمريكان طيلة سنوات الغزو صناعة عراق مابعد الاحتلال وفق مبتغيات استهدافاتهم. جاؤه ومعهم عراقييهم ونصبوهم حكاماً، ولم يتوقفوا حتى اللحظة عن الكلام حول ما عرف بالعملية السياسية أو الاسم الكوتي للعراق الأمريكي، والآن يعلنون "انتهاء العمليات القتالية" بينما عراقهم المنشود هذا يتخبط في أزمة تشكيل حكومة مزمنة مضى عليها نصف عام أعقب ما سمي بالانتخابات البرلمانية. كتل "العملية السياسية" تتصارع مع بعضها البعض، وبايدن يبذل جهوده أو املاءاته لجمعها ولا ينجح، والمركز في بغداد، أو بالأحرى في المنطقة الخضراء، في تنازع لن تهدأ وتيرته مع الطرف الكردي ذو الشهية المفتوحة لقضم المزيد من أطراف هذا المركز، والتصرف بتفرد فيما هو تحت سيطرته من نفط وغاز، أو ما يعرف بشرعية العقود... إذن، ما هو جوهر هذا الموصوف بالانسحاب الأمريكي، أو "انهاء المهمة القتالية" وفق التوصيف الأوبامي!

 

يقول أوباما: إن "الوقت لم يحن بعد للاحتفال بالنصر، وما زال هناك الكثير من العمل الذي يتعين أداؤه"... وإذ لا يبدو أن يوم الاحتفال هذا سوف يأتي، فما هو كثير العمل هذا الذي عليهم أداؤه؟

 

إن فيما قاله أوباما، وما شابه من أقوال نائبة بايدن ووزير حربه غيتس وجنرالاته في العراق، وماهو من حقائق على الأرض الآن، يدل دلالة لاتحتاج إلى براهين بأن الخروج النظري الأمريكي لجيوش الاحتلال وفق الكيفية التي يجري تطبيقها ليست إلا محاولة لتخفيف أعباء الاحتلال عبر بعض التغيير في شكله ومهمته، بالإضافة إلى ما يمكن وصفه بالخروج الانتخابي، فالمعروف أن الغزاة المنسحبين قد خلفوا وراءهم حضوراً سياسياً وأمنياً كثيفاً. 94 قاعدة عسكرية. خمسين ألف جندي، من بينهم ما يقارب الخمسة آلاف قوات خاصة، ويردفهم مائة ألف من المرتزقة، وبعد أن أطلقوا في البلد المنكود عديد حيتان النهب من شركاتهم الكبرى النهمة، التي حظيت بالعقود المجزية في ظل الاحتلال، في ظل الاعلان بصريح العبارة أن الهدف الأبعد لهم هو بقاء 14 قاعدة عسكرية ضخمة... والإبقاء على العراق في ظل حكومات دمى مستدامة تحركها أكبر سفارة عرفتها العلاقات الدولية... يقول بايدن: إنه "حتى لو كنا نخفض عديد قواتنا فنحن نزيد التزامنا في قضايا أخرى"!

 

إذن، هو تخفيف لأعباء الاحتلال ليس إلا، أي تماماً، وإن اختلفت أشكال الوقائع، الأشبه بما جرى من تخفيفه في الضفة والقطاع الفلسطينيين بعيد اتفاق أوسلو، الأمر الذي يجرنا إلى ملاحظة الرابط أو العلاقة والتزامن بين هذا "الانسحاب" واحتفالية أوباما للسلام المزعوم في واشنطن قبل أيام... والتي ليس من المنتظر أن تجديه فتيلاً إزاء تراجع شعبيته ومصداقيته وأغلبيته المهددة في الكونغرس... و المقارنة عبر هذا التساؤل: هل حال المنطقة الخضراء، التي يقلقها الخروج المزعوم للاحتلال، ببعيدة عن حال السلطة في المقاطعة... هذه السلطة البائسة التي تفاوض لتؤجل انهيارها، وتلتزم التفاوض خياراً لا بديل عنه ليتيحوا لها سبل العيش والبقاء، وتنتهج التنازل باعتباره بالنسبة لها ولمن تفاوض سبب الاستمرار.

 

في كل الأحوال، المشروع الأمريكي في العراق يتراجع، وفي المنطقة يفشل، ومهما كان حجم الانسحاب الأمريكي الذي تم، فهو في النهاية ينبئ بأن الإمبراطورية لم تعد دولة جوار تلقي بكلكلها الثقيل بين ظهرانيها، وهي بهذا الانسحاب أو اعادة تشكيل الاحتلال قد خلفت شاءت ام أبت فراغاً تتحرك بالضرورة أطراف عديدة لملئه، وهو تراجع يأتي تلقائياً لصالح قوى المقاومة والممانعة، والأدوار الإقليمية، وسيكون له أثر بعيد على حلفاء العم سام في المنطقة. ودولياً وبعد فشل استراتيجية قتل المدنيين في أفغانستان وفق توصيف لكرزاي وليس غيره، واقتراب موعد الهزيمة، وفق الحلفاء الأطلسيين أنفسهم، سيكون له أثر كبير وكبير على السطوة الإمبراطورية دولياً... وكل هذا مقروناً بصعود المراكز الكونية المنافسة، وفشل حروب القضاء على المقاومات باسم الحرب على الإرهاب، لاسيما في لبنان وفلسطين، و ارهاصات التحول الإستراتيجي التركي، وفشل ما أطلقوا عليه ب"الثورة الخضراء" في إيران، وتعاظم دورها الإقليمي، وبدء العمل في مفاعل بوشهر النووي... المشروع الأمريكي في العراق تراجع رغم بقاء الاحتلال، وفي المنطقة فشل، لكنما الأهداف الإمبراطورية في بلادنا باقية لم تتبدل... يقول برنارد لويس، الأب الروحي للمحافظين الجدد، كلاماً يذكرنا بنصيحة الداهية كيسنجر: إن "الحروب القادمة في الشرق الأوسط لن تكون بين الدول بل ستكون داخلها"!!!

======================

اليونان وتركيا ودبلوماسية كرة السلة من الجذور

ليونيداس اويكونوماكيس

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

10 أيلول/سبتمبر 2010

www.commongroundnews.org

أثينا – يجري مع كتابة هذه الكلمات حدث هام جداً في لعبة كرة السلة في تركيا: بطولة العالم لعام 2010، التي يعقدها اتحاد كرة السلة العالمي. وكمعجب بلعبة كرة السلة سوف أخاطر بأن أتوقع أن يكون هناك فائزين إثنين هذه السنة: تركيا واليونان.

 

لا تسرع في معارضتي، فأنا أعلم أنه لا يمكن أن يكون هناك سوى فائز واحد على الملعب. ولكن يمكن أن يكون هناك أكثر من فائز خارج الملعب. يمكن أن يشكل هذا الحدث فرصة تحتاجها كل من اليونان وتركيا للتقرب من بعضهما بعضاً، ليس من حيث السياسة العليا وإنما من حيث المبادرات التي تأتي من الأسفل، من الجذور.

من الأمثلة على ذلك راية صممتها مجموعة ملتزمة من هواة كرة السلة اليونانيين يطلقون على أنفسهم اسم "بيلا رغوي" أو طيور اللقلق، وهو الطير الذي كان رمزاً لبطولة أوروبا بكرة السلة عام 1987 والتي فازت فيها اليونان في أثينا. وقد كُتِب على الراية التي تُعرَض على جوانب ملاعب كرة السلة في تركيا، باليونانية والتركية والإنجليزية: "نحن جيران ولسنا أعداء".

 

أعلنت تركيا مؤخراً نيتها إزالة اليونان من المرتبة العليا في وثيقة سياسة الأمن الوطني، في إشارة إلى أنها لم تعد تعتبر اليونان التهديد الأكبر الذي يواجهها. أعلن وزير الخارجية التركية أحمد دافوتوغلو كذلك أن اليونان وتركيا تخوضان الآن حواراً لوضع نهاية للمعارك الجوية قصيرة المدى المستمرة فوق مناطق في بحر إيجة، والتي تكلف أحياناً حياة طيارين. إضافة إلى ذلك أعيد فتح دير سوميلا المسيحي الأرثوذكسي للعبادة للمرة الأولى منذ 88 سنة في شهر آب/أغسطس الماضي بعد أن رفعت الحكومة منعاً على عقد القداس الديني في هذا الدير. ويشكّل ذلك مؤشراً آخر على حسن النية من جانب تركيا.

لا يمكن بالطبع فصل هذه التطورات عن نشاطات مجلس التعاون الإستراتيجي حديث التأسيس الذي تم تشكيله هذه السنة لتسريع التعاون الثنائي بين الدولتين. ويتكون المجلس من عشرة أتراك وسبعة يونانيين أعضاء في مجلس الوزراء، وقد عقد جلسته الأولى في أثينا في أيار/مايو 2010. وقد وقع الوزراء في تلك الجلسة 22 اتفاقية وبروتوكول تعاون حول قضايا تتعلق بحماية البيئة، بما فيها حماية التنوع البيئي وتبادل الممارسات الجيدة والخبرات والتعليم، بما في ذلك إجراء تغييرات في الكتب المنهجية التي تولّد العداء، والسياحة وتشجيع رحلات سياحية مشتركة والتعاون في القضايا الثقافية.

وعلى الطرف الثاني من بحر إيجة، أصبحت اليونان، وهو أمر قد يدعو إلى الاستغراب، واحدة من المساندين المخلصين بل المتفانين لطلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كما تعمل اليونان على التقارب بين الأمتين العدوتين السابقتين، وهو أمر لم يحصل منذ قاد وزير خارجية تركيا الراحل إسماعي تشيم ورئيس الوزراء اليوناني جورجيوس باباندريو عام 1999 "محادثات دبلوماسية الزلزال" بعد أن ضرب زلزالان مدمران اليونان وتركيا في تلك السنة، وهرعت كلا الدولتين لمساعدة الأخرى بإرسال مجموعات إغاثة طارئة. وقد نتج عن تلك المحادثات سلسلة من إجراءات بناء الثقة، الأمر الذي خفف من التوترات بين البلدين.

بغض النظر عن مداها، فإن أية جهود للتقارب، فقد تم ترتيبها "من الأعلى"، من قبل النخب السياسية للدولتين، وليس من قبل السكان أنفسهم.

ففي الوقت الذي تنظر فيه النخب السياسية اليونانية إلى طلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على أنه فرصة لتسوية قضايا تاريخية وخلافات ثنائية، لا يشارك الجمهور اليوناني بهذا المنظور. خضعت اليونان للاحتلال العثماني لمدة 400 سنة، وانخرطت كلا الدولتين في حروب مرات عديدة منذ ذلك الوقت، بما فيها حروب البلقان والحرب العالمية الأولى وحرب قبرص عام 1974. لسوء الحظ أن اليوناني العادي ما زال معادياً تجاه تركيا والشعب التركي، وينسحب الأمر نفسه على التركي العادي تجاه اليونانيين.

وتعتبر العداءات كذلك منتجات جانبية لعداء تاريخي أذكت ناره دعاية الدولة السياسية، كما يُرى في كتب التاريخ المدرسية في كلا الدولتين. وما لم تتغير هذه العقلية على مستوى الأتراك واليونانيين أنفسهم، لا يمكن للتقارب اليوناني الذكي أن يكون ناجحاً أو حقيقياً.

 

لهذا السبب نحتاج إلى المزيد من المبادرات "من الجذور"، على نسق محبي لعبة كرة السلة اليونانيين من مجموعة بيلاغروي (اللقالق)، مع المبادرات السياسية التي تدفعها الحكومتان اليونانية والتركية. الحاجة ماسة لتغيير في كتب التاريخ المدرسية التي تولد العداء، إضافة إلى تخفيض هائل في الإنفاق العسكري على الجانبين، والذي يعتبر من أكبر الإنفاق حجماً في حلف الناتو.

 

كما يتوجب علينا جميعاً، محللين وباحثين وناشطين وصحفيين، أن نشجّع جميع المبادرات البناءة عند ظهورها. ففي نهاية المطاف، "جميعنا جيران ولسنا أعداء"، وعلينا أن نتذكر ذلك دائماً.

ــــــــــــ

* ليونيداس اويكونوماكيس باحث مشارك بجامعة كريت وكذلك في جامعة الشرق الأوسط الفنية، ويعمل حالياً في برنامج للتنمية المستدامة في منطقة بحر إيجة. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=======================

سياسة سويسرية في الولايات المتحدة الأمريكية

آرييل كاستنر

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

10 أيلول/سبتمبر 2010

www.commongroundnews.org

واشنطن العاصمة – إليكم قصة قد تبدو معروفة: حاول زعيم جالية مسلمة بناء مسجد بدعم من عمدة المدينة، إلا أن طلبه اجتذب احتجاجات على صعيد وطني مما أدى إلى رفضه. حدثت هذه القصة في سويسرا قبل بضع سنوات، ولكن لأنها حدثت أثناء فترة الانتخابات الوطنية هناك، فهي توفر بعض الأفكار المعمّقة الهامة مع دخول الولايات المتحدة موسم حملتها الانتخابية في خضمّ خلافات تحيط ببناء مركز للجالية المُسلمة قرب موقع الصفر.

في عام 2006، سعى الألباني المولد، مطالب كاراديمي، الذي عاش في سويسرا منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، للحصول على موافقة حكومة المقاطعة في بيرن لبناء مسجد في بلدته لاغنثال. ورغم موافقة السلطات المحلية، أوقفت المعارضة الشعبية لمئذنة طولها 16,5 قدماً المشروع. علّق كاراديمي على الأمر قائلاً: "اعتقدت في الواقع أن الأمر سوف يشجع الحوار".

ناقش معارضو المشروع من السويسريين أنهم ليسوا ضد المسلمين أو قدرتهم على ممارسة دينهم. عارضوا بدلاً من ذلك الأسلوب الذي اختار فيه المسلمون بناء منشآتهم الدينية. "ليس لدينا شيء ضد المسلمين، ولكننا لا نريد المآذن، فهي رموز للإسلام السياسي العدائي"، كما صرح أوسكار فريسنغر، عضو البرلمان من حزب الشعب السويسري من أقصى اليمين.

 

هناك أمور موازية مزعجة إلى حد ما مع ما يحصل في الولايات المتحدة. ولكن يبدو أن العديد من الأمريكيين، بمن فيهم زعماء سياسيين تقدميين، لم يتعلموا من الحالة السويسرية، التي يمكن أن تكون لها معانٍ ضمنية لانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر للكونجرس وما وراءها.

وقع الخلاف السويسري في وقت يسوده عدم الوضوح الاقتصادي، وسط مخاوف أثارها المحافظون حول هوية الدولة المتغيرة، وعلى خلفية انتخابات عام 2007 البرلمانية، وهو مناخ مماثل للمناخ السائد في الولايات المتحدة. ففي الحالة السويسرية شن حزب الشعب السويسري حملة خلافية خاطبت مخاوف السكان، ليس فقط من خلال معارضة المسجد ومئذنته، وإنما المناداة كذلك بطرد المهاجرين إذا ارتكب أبناؤهم جرائم. فاز حزب الشعب السويسري في تلك السنة بتسعة وعشرين بالمائة من الأصوات الانتخابية، وهي أعلى نسبة بين كافة الأحزاب، وأعلى نسبة فاز بها حزب سياسي منذ أكثر من 90 سنة.

وكما هو الحال في سويسرا، أثارت قضية محلية إستراتيجية أوسع في سنة انتخابية وطنية من قبل مرشحين محافظين يخاطبون أسوأ مخاوف السكان. تمخّض عن ذلك في الولايات المتحدة مناشدة مخاوف مجموعة موتورة من الناخبين المحتملين، هم أعضاء حركة "حفل الشاي" المحافظين.

 

في وقت لا تُعتبر فيه أجزاء من السكان موتورة سياسياً، جعلت المعارضة المفوّهة التي أثارتها حركة "حفل الشاي" ضد السياسات التي يقترحها الرئيس، مضافاً إليها حماسها السياسي، جعلت أعضاءها جمهوراً يلجأ إليه المرشحون الجمهوريين.

 

نتيجة لذلك، ومثل الحملة السويسرية، لم ينادِ العديد من المرشحين والمسؤولين السياسيين في الولايات المتحدة بنقل المركز الاجتماعي الإسلامي المعروف ب "بارك 51" إلى أبعد من مربعين بعيداً عن موقع الصفر فحسب، ولكنهم ساندوا كذلك إجراءات معارضة للهجرة تلائم مجموعة "حفل الشاي"، مثل عقد جلسات تحقيق في الكونجرس حول إمكانية إلغاء أحكام دستورية تقضي بإعطاء الجنسية للذين يولدون في الولايات المتحدة رغم وجود والديهم في أمريكا بشكل غير قانوني.

 

يشكّل ما يحصل في الولايات المتحدة اليوم أكثر من مجرد تعبير عن الإحباط من عدم وضوح الأوضاع الاقتصادية السائدة. إنه عدم موافقة من جانب المحافظين على الاتجاه الذي تسير نحوه هوية الدولة.

نتيجة لذلك، كان مايكل بلومبرغ عمدة مدينة نيويورك على حق عندما ناقش بأن ما يمكن خسارته في جدل بارك 51 هو الحقوق الدستورية ومبادئ الولايات المتحدة الجوهرية. يتوجب على الديمقراطيين والزعماء السياسيين التقدميين أن يفعلوا الشيء نفسه ويقدموا رسالة متماسكة موحدة لا ترفض جهود معارضي بارك 51 فحسب، وإنما تعمل على صياغة موقفهم حول الاتجاه الذي يتوجب على الولايات المتحدة السير فيه. لن يساعد طرح رسالة تضم الدفاع عن حقوق الجماعات الدينية والعرقية على حشد الناخبين التقدميين في الانتخابات المقبلة فحسب، وإنما سيساعد كذلك على حماية قيم الدولة في المستقبل.

بعد سنتين من الانتخابات البرلمانية السويسرية، أقرت الدولة استفتاءاً دستورياً لمنع بناء المآذن. قد يناقش البعض أن شيئاً كهذا لا يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة، ولكن تذكروا: يضمن دستور سويسرا، مثله مثل دستور الولايات المتحدة الحريات الدينية.

ـــــــــــ

* آرييل كاستنر محلل للشؤون الخارجية ومحرر في واشنطن العاصمة. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=====================

حوار الأديان في عالم معولم

طارق أوبرو

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

10 أيلول/سبتمبر 2010

www.commongroundnews.org

بوردو، فرنسا – من الأساسي في هذه الأوقات الانخراط في حوار الأديان والثقافات، إذا أخذنا بالاعتبار الأسلوب الذي يتطور فيه عالمنا. نشهد في مرحلة عولمة ما بعد الحداثة انحطاطاً في الإيمان بفلسفة التقدم: لم تعد فكرة الخلاص العلمانية تملك الإجابات على مصادر القلق الوجودية في وقتنا الحاضر.

 

تتصارع الإنسانية مع شكوك عميقة سببها العولمة الاقتصادية والحدود التي يسهل النفاذ منها واختلاط الثقافات والتقاليد نتيجة للهجرة، وأساليب تزداد ذكاءاً في التواصل والتنقل.

 

أنا على قناعة بأنه في هذا المناخ المضطرب، تعرض الديانات احتمالات الكرم والحكمة والمشاعر الأخلاقية من التسامي، القادرة على إيجاد رابط قوي بين الشعوب وراء خلافاتها. قد تكون لنا معتقدات مختلفة ونكون ممن يتبع مدارس مختلفة في الفكر الفلسفي ولما وراء الطبيعي، ولكنني أعتقد بقوة أنه من الممكن التشارك في نظام عالمي براغماتي من الأخلاقيات يسمح لنا جميعاً أن نعيش معاً.

قد تختلف التفاصيل من تقليد لآخر، ولكن باستطاعتنا بالتأكيد أن نعمل معاً نحو مستقبل أكثر أماناً وسلاماً.

ليست الأديان أفكارا تجريدية، وحوار الأديان هو قبل كل شيء مجابهة بين بني البشر الذين قد ينتمون إلى تقاليد دينية مختلفة ولكنهم رغم ذلك يتشاركون في نفس الإنسانية ونفس العالم ونفس الواقع وأحياناً نفس الثقافة والوضع الاجتماعي واللغة وأساليب التفكير والاهتمامات.

لذا فإن أخلاقيات العمل المشترك ممكنة.

فحوار الأديان والثقافات هو بالدرجة الأولى قضية فهم "الآخر". يجب أن تحفزه أولاً وقبل كل شيء رغبة طبيعية بلقاء الآخر، الذي يختلف ولكنه، متماثل من نواحٍ عديدة. وفي نهاية المطاف، نحن ننتمي جميعاً إلى نفس الأسرة الكبيرة من بني البشر. نحن مختلفون عرقياً ولغوياً ودينياً، ولكن هذه الفروقات هي التي تغنينا.

 

يطلب منا القرآن الكريم أن نعرف بعضنا بعضاً. "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا". (13:49) ولكن الحوار ليس فقط عن معرفة بعضنا بعضاً.

 

يجب أن يكون الحوار، في المناخ الحالي المتوتر، جزءاً من إستراتيجية جغرافية سياسية يمكن أن نسميها إستراتيجية جيوثيولوجية، يمكنها أن تساعد عل بناء التفاهم بين الأمم وأن تساهم بالسلام داخل المجتمعات وبين الشعوب.

 

هدف حوار الأديان هو منع التوترات التي يمكن أن تبرز بين المجتمعات الدينية. يمكن لإستراتيجية جيوثيولوجية أن ترد على تهديد عملية مرتبة لسحب العلمانية كتلك المذكورة أعلاه، التي تشكل تهديداً للأديان الفردية، من خلال توقع أشكال عنفية من الدين تنعش ادعاءات هوية تستطيع تمزيق نسيج المجتمعات وتعرض الوحدة الوطنية للخطر وتطلق نزاعات بين الأمم.

لذا من المهم جداً اليوم ألا تحوّل الديانات عالميتها إلى السلطوية، التي تُفشِل القيم الروحانية التي تدافع عنها.

يتوجب على جميع الأديان أن توفر التأكيدات وتقدم الأمل بحياة فضلى وأكثر عدلاً ومساواة. بدلاً من محاربة بعضها بعضاً يتوجب عليها أن تقاتل، يداً بيد ضد تهديدات العنف وسوء الفهم التي تعرّض إنسانيتنا للخطر.

ــــــــ

* طارق أوبرو هو مدير مسجد بوردو ورئيس جمعية الأئمة الفرنسية. هذا المقال جزء من سلسلة حول الزعماء الدينيين وحوار الأديان، وقد كُتب لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ