ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
سلمان
العودة الإسلام
اليوم 17-08-2010 http://islamtoday.net/salman/artshow-28-138026.htm يفهم
الكثيرون كلمة (جهاد)، على أنها رديف
لكلمة (قتال)، ومن هنا أخذت رنينها
الخاص، فالجهاد على هذا هو حمل السلاح
في المعركة، وهو اختزال لمعنى كبير. ومن
جاري العادة أن يطلق المعنى العام على
بعض أفراده، ولكن حين يكون هذا الإطلاق
سببا في انحراف التفكير والسلوك تدعو
الضرورة للنأي عن هذا الاستعمال. جاءني
مرة أحد المتحمسين الذين وقعوا فيما
بعد في ورطة التفجير الداخلي، وكان
يقول لي: منذ طفولتي وأنا أقول: لا حل
إلا بالجهاد! قلت له: هذا غلط نشأت
عليه، وتأبى أن تعيد النظر فيه، ولعله
لأول مرة يسمع مثل هذه المجابهة، وتهيأ
للنزال، ولكنه بهت حينما سمعني أصحح له
وأقول: لا حل إلا بالإسلام، والإسلام
ليس هو الجهاد، وإن كان الجهاد شعيرة
من شعائره! إن أول
آية ذكر فيها الجهاد هي قوله سبحانه: «فلا
تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا»
[الفرقان:52]. وهي آية نزلت بمكة قبل
الإذن بالقتال، وقد تحدثت عن الجهاد
بالقرآن، ووصفت الجهاد به بأنه (جهاد
كبير). فالجهاد
الكبير، أو الأكبر، هو جهاد القرآن
بتلاوته، وتدبره، وفهمه، والعمل به،
والدعوة إليه، والوقوف عند حدوده،
والصبر على أحكامه وتحكيمه في قرارات
العقول، ومشاعر النفوس، وحركات
الجوارح. والجهاد
بالقرآن قد يوجه للكافرين به كما في
الآية (وجاهدهم به)، فيعني جهاد الحجة
والبرهان والإقناع، وإعداد العدة لذلك
بالعلم والبصيرة والحكمة والمجادلة
بالتي هي أحسن. وقد
يكون الجهاد الكبير غير موجه للكافرين
على وجه الخصوص، فيعني الجهاد في
ميادين الحياة كلها، من الإصلاح
والمعروف والبر والإقساط والتقوى
والتواصل، وهذه ألفاظ وردت في القرآن
الكريم في مقام الحث عليها، والأمر
بالتعاون فيها مع الآخرين، والتواصي
بها والصبر على تبعاتها. إن لفظ
(الجهاد الكبير) لفظ قرآني راسخ ومتقدم
ومتميز، فيجب إبرازه وحشد الجهود حوله
بمقتضى كونه (جهاد الحياة). وهو
الموضع الوحيد الذي وصف فيه الجهاد
بأنه كبير، وهو كبير فعلا بعمقه
وامتداده ومشقة الصبر عليه أمام طوفان
المتحمسين للاندفاعات العشوائية. وقد
جاء في حديث مرفوع «رجعنا من الجهاد
الأصغر إلى الجهاد الأكبر» وهذا
الحديث رواه البيهقي والخطيب بلفظ
مقارب، وهو ضعيف، من رواية عيسى بن
إبراهيم عن يحيى بن يعلى عن ليث بن أبي
سليم، والثلاثة ضعفاء ولكن تغني عنه
الآية الكريمة بوضوحها، وحين سألت
النساء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
عن مشاركتهن في القتال، قال: «عليهن
جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة. رواه
ابن ماجة، (وهو في البخاري بلفظ «جهادكن
الحج» بل في لفظ: لكن أفضل الجهاد، جهاد
لا قتال فيه: الحج والعمرة». فوصفه
بالأفضلية، مع النص على أنه لا قتال
فيه، فالحديث إذا يفك الارتباط الذهني
بين الجهاد والقتال بصورة لا لبس فيها. وقد
ورد في مواضع كثيرة في القرآن الكريم
الأمر بالجهاد بالنفس والمال، وهذه
شمولية بينة، لا تعني البذل في ميدان
المعركة فحسب، بل تعني بذل النفس
والنفيس في سبل الله، في سبيل الخير
وطرقه وأسبابه كلها، سواء كانت لمصالح
الدين أو لمصالح الدنيا. وفي
حديث أنس مرفوعا «جاهدوا المشركين
بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» رواه أبو
داود ، والنسائي، فالجهاد باللسان
يكون بالدعوة والإصلاح والبيان وإقامة
الحجة. ومثله
قوله (صلى الله عليه وسلم) لما ذكر
الأئمة المضلين في آخر الزمان «فمن
جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم
بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو
مؤمن...» أخرجه مسلم. فأشار إلى جهاد
القلب بالصبر والإنكار ورعاية المعاني
الشرعية الباطنة وتحقيقها. وفي
قوله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وسلم):
«يا أيها النبي جاهد الكفار
والمنافقين» [التحريم:9] تأكيد لهذا. فإن من
المجمع عليه أن جهاد المنافقين ليس هو
قتالهم، وإنما هو أمر وراء ذلك، من
المجادلة بالحجة والإقناع، أو اليقظة
والتفطن والحذر، أو كشف خططهم
وإحباطها .. وما شابه هذا. إذا
هناك جهاد النفس والمال، وجهاد اليد
واللسان، وجهاد القلب، وجهاد الدعوة،
وهناك (جهاد الحياة): جهاد
المسلمين لهم حياة ألا إن
الحياة هي الجهاد فبناء
الحياة وتنميتها، والتأسيس لنهضتها،
وتحقيق مصالح الناس ورفاهيتهم، وإصلاح
العقول والنفوس والأبدان، وتحسين
التعليم والصحة والاقتصاد والإعلام،
ورفع مستوى المعيشة، وتطوير أبحاث
العلوم، وتشجيع الإبداع، وحل المشكلات
القائمة .. كل ذلك هو من الجهاد، وهو من
طاعة الله ورسوله. وكلمة
جهاد مأخوذة في اللغة من الجهد، وهو
بذل الوسع واستفراغ الطاقة، فكل من بذل
وسعه واستفرغ طاقته في أمر مصلحة عامة
أو خاصة دينية أو دنيوية لا إثم فيها،
ولا قطيعة ولا إضرار بالآخرين فله حظ
من هذا المفهوم. إن
الاختراعات الحديثة كالسيارة أو
الهاتف أو الطائرة أو التلفاز .. قد
أحدثت في حياة الناس ومجتمعاتهم
وطرائق عيشهم في البناء والتواصل
والفهم والبرامج المختلفة أكثر بكثير
مما أحدثته المعارك الكبرى في
التاريخ، وأصحابها أصبحوا مشاهير
كشهرة القادة العسكريين العظام أو
أكثر. وهذا
يؤكد على الأهمية الكبرى لتعميق هذا
الفهم في نفوس الناشئة، ليدركوا أن
نجاحهم في التعليم أو الابتكار أو
التفكير الجاد هو مصلحة دنيوية، وإلى
ذلك فهو جهاد أخروي يرجى لهم عليه جزيل
الأجر ووافر الثواب، ومن سن في الإسلام
سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها،
فكم من الأجور تنالها حين تكون مخترعا
تقدم لملايين البشر تسهيلا في سفرهم أو
إقامتهم أو صحتهم أو علاقاتهم؟ أليس
تغيب هذا المفهوم الرباني سببا رئيسا
ومسؤولا أوليا عن التخلف الحضاري الذي
يعيشه المسلمون؟ والذي لا يفكر الكثير
من أبنائهم بالخلاص منه إلا من خلال
البندقية التي صنعها غيرهم؟ ================== المستقبل
- الخميس 23 أيلول 2010 العدد
3779 - رأي و فكر - صفحة 20 عدنان
السيد حسين أكد
الموفد الأميركي لعملية السلام في
الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشل
أن "السلام الشامل سيتجاوز المسافة
من الأمل الى الواقع. وكما قال الرئيس
اوباما، إن السلام الشامل يتضمن
السلام الفلسطيني والإسرائيلي،
والسلام المتفق عليه بين سوريا
واسرائيل، وأيضاً بين لبنان واسرائيل،
فضلاً عن التطبيع الكامل للعلاقات بين
اسرائيل وجيرانها، هذه الرؤية الكامنة
في صلب مبادرة السلام العربية التي جرى
توقيعها هنا في بيروت خلال العام
2002". وأضاف
ميتشل: "نحن بالتأكيد على بيّنة من
التحديات والعقبات، والصعوبات
الكثيرة، ولكن مهما كانت المهمة شاقة
وعسيرة، فإن البديل أسوأ بكثير. لذلك
ليس لدينا خيار سوى العمل معاً كأصدقاء
وحلفاء من أجل مستقبل لهذه المنطقة
وشعوبها. هناك البعض الذين عقدوا العزم
على العرقلة، ولكننا مصممون على العمل...". نستنتج
من هذا التصريح ان الإدارة الأميركية
تريد طمأنة لبنان وسوريا الى شمولية
العملية السلمية، وأنها لن تقتصر على
المسار الفلسطيني. هذا إضافة الى ورود
إشارة عابرة الى مبادرة السلام
العربية. ثمة
مجموعة أسئلة مطروحة حيال فرصة نجاح
التسوية وتحتاج الى تدخل أميركي ضاغط
اذا كان الهدف هو تطبيق قرارات الشرعية
الدولية، واحترام المرجعيات
القانونية، والعودة الى رسائل
التطمينات الأميركية التي وصلت الى
دمشق وبيروت وعمّان ومنظمة التحرير
الفلسطينية في خريف العام 1991، أي قبيل
انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق
الأوسط. من هذه
الأسئلة: هل تنفذ اسرائيل انسحاباً من
الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967،
كما دعا قرار مجلس الأمن الرقم 242،
والذي صار مرجعية التسوية في الشرق
الأوسط؟ وهل
يتوقف مسار الاستيطان في الضفة
الغربية كما طالب الجانب الفلسطيني
مراراً وتكراراً، أم أن تهويد القدس
سيستمر برغم كل المفاوضات الجارية؟ وماذا
عن قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم
في العودة الى وطنهم وفق منطق القانون
الدولي؟ أم أن سيف التوطين سيظل
مرفوعاً في وجه الدول التي تستضيف
الشتات الفلسطيني؟ يجيب
السيناتور ميتشل بالمطالبة بالتطبيع
الكامل مع اسرائيل، دون التعهد الحاسم
بالتزام مضمون مبادرة السلام العربية،
التي تدعو الى تنفيذ قرار الأمم
المتحدة الرقم 194، الذي يدعو الى عودة
اللاجئين الى وطنهم فلسطين. وثمة كلام
قاله عن توطين اللاجئين في لبنان مفاده:
"إن الولايات المتحدة تحترم سيادة
لبنان ودوره في السلام الشامل، وهي لا
تدعم ولن تدعم توطين اللاجئين
الفلسطينيين فيه". اذا
كان هذا هو الموقف الأميركي الرسمي
حيال التوطين في لبنان، لماذا لا يصدر
قرار دولي عن مجلس الأمن يتضمن تعهداً
صريحاً بعدم التوطين، مادامت فرنسا
وبريطانيا وروسيا والصين توافق على
هذا الموقف؟ الموقف الأميركي هو
الفيصل في هذا الموضوع الخطير، وهو
الذي يحسم إذا ما أراد. الى ذلك، لا
نوافق على ما قاله السيناتور ميتشل ان
القرار 1701، الخاص بلبنان، دعا الى وقف
دائم لإطلاق النار بين لبنان واسرائيل.
لقد دعا الى وقف العمليات الحربية فقط،
ودعا في الفقرة السادسة منه الى احترام
سيادة لبنان وأمنه، فهل أعمال التجسس
الإسرائيلية داخل المؤسسات اللبنانية
تنسجم مع القرار المذكور؟ كان
على السيناتور ان يتوقف عند الخرق
الإسرائيلي اليومي للسيادة
اللبنانية، بل إن الطيران الحربي
الإسرائيلي كان يحلّق في سماء لبنان
أثناء زيارته بيروت! ما بين
الجولة الاولى للمفاوضات الفلسطينية
الإسرائيلية في واشنطن، والجولة
الثانية في شرم الشيخ، صعوبات بادية
للعيان تكشف عن ابتعاد حكومة نتنياهو
عن أي فرصة للسلام. ما معنى عدم تجميد
الإستيطان؟ وما الهدف من الضغط على
السلطة الفلسطينية كي تتخذ إجراءات
ضاغطة ضد حركة حماس وغيرها من الحركات
المعترضة؟ هذه
السياسة الإسرائيلية مستمرة منذ بداية
التسوية، او بداية التفاوض. إنها سياسة
إضعاف المواقف العربية، بالعمل على
تجزئتها، وتشجيع الخلافات بينها،
واللعب على التناقضات الرسمية العربية
التي لا تزال مستمرة منذ نشوء قضية
فلسطين. هل
يرتقي العمل العربي المشترك الى مستوى
التحدي الإسرائيلي؟ وهل ثمة إمكانية
لبلورة سياسة عربية واحدة حيال تفاصيل
العملية السلمية لئلا تنعكس سلبياتها
على الداخل العربي؟ ========================= نيكولاس
كريستوف الشرق
الاوسط 23-9-2010 أشار
الكثير من الأميركيين إلى أنه يتعين
على مزيد من المسلمين المعتدلين
التصدي للمتطرفين، والترويج للتسامح
والاعتذار عما اقترفه أشقاؤهم من
المسلمين. هذه
نصيحة معتدلة، وباعتباري أحد
المعتدلين، سآخذ بها. وبموجب هذه
النصيحة، أعتذر إلى المسلمين عن موجة
التعصب والجنون التي وجهت إليكم في
الآونة الأخيرة. فالسم الذي انتشر عبر
موجات الأثير، والذي سوى بين المسلمين
والمتطرفين، أحرجنا أكثر مما أحرجكم.
المسلمون هم آخر أقلية في الولايات
المتحدة يمكن تحقيرها بصورة علنية،
وأعتذر إليكم عن هذه الافتراءات. لقد
استلهمت الفكرة من اعتذار نُشر في إحدى
الصحف. نشرت صحيفة «بورتلاند برس
هيرالد» في ولاية مين مقالا في صفحتها
الأولى قبل أسبوع مرفقا بصورة لنحو 3000
مسلم من السكان المحليين وهم يؤدون معا
صلاة العيد في نهاية شهر رمضان. كان
القراء غاضبين، لأن نشر هذا المقال
تزامن مع الذكرى التاسعة لأحداث
الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وأطلقوا
وابلا من الاحتجاجات ضد الصحيفة. لذا،
قامت الصحيفة بنشر اعتذار في صدر
صفحتها الأولى لاحترامها للمسلمين.
وكتب المحرر والناشر ريتشارد كنور،
قائلا: «بكل صدق نعتذر عما صدر منا. لقد
أخطأنا على الأقل، لأننا لم نقدم
التوازن في القصة ووضعها البارز في
الصفحة الأولى». واستنكرت مدونة
يكتبها جيمس بونيوزيك هذا الاعتذار،
حيث أعادت صياغته قائلة: «نأسف لأننا
صورنا المسلمين على أنهم بشر». لقد
اتصلت بالسيد كونور، وبدا أنه شخص لطيف.
بكل تأكيد، لا تعد صفحته الأولى مخصصة
للقصص بشأن المسلمين السيئين، مع وجود
مقالات بشأن المسلمين الصالحين في
الصفحات الداخلية. هل يجب أن تكون
تغطية أخبار المسلمين الملتزمين
بالقانون «متوازنة» عن طريق مناقشة
أفعال المتطرفين المسلمين؟ نعم،
التوازن، من يستطيع أن يكون ضد ذلك؟
لكن، هل يجب أن تكون تغطية زيارة
البابا بنديكتوس إلى بريطانيا «متوازنة»
عن طريق مناقشة أعمال الإرهابيين
الكاثوليك في آيرلندا؟ وماذا عن
الصحافة نفسها؟ أقاطع
هذا النقاش للصحافة المسالمة في ولاية
مين لتقديم بعض «التوازن». من الممكن
أن يكون الصحافيون أيضا إرهابيين
وسفاحين ومغتصبين. فعلى سبيل المثال،
روج صحافيو الإذاعة في رواندا للإبادة
الجماعية. أعتذر للمسلمين لسبب آخر.
وهذا السبب لا يتعلق بهم، بل يتعلق بنا.
أريد أن أدافع عن المسلمين من التعصب،
لكنني أود أيضا الدفاع عن أميركا ضد
المتطرفين الذين يدبرون موجة من
الكراهية الدينية. وإذا قبلنا ذلك،
فليس من الصعب فهم سبب هذا القبح. قاد
المسلمون المتطرفون إلى الخوف والكره
تجاه الإسلام ككل. وأجبرت التهديدات
التي أطلقها بعض المجانين المسلمون
خلال الأيام القليلة الماضية الرسامة
الكاريكاتورية في صحيفة «سيتل»، مولي
نوريس، على الاختباء بعدما رسمت صورة
كاريكاتورية عن النبي محمد، والتي
انتشرت انتشارا سريعا. ثم إن هناك 11
سبتمبر.. عندما قارنت في الآونة
الأخيرة الإجحاف في هذه الأيام تجاه
المسلمين بالتعصب التاريخي تجاه
الكاثوليك والمورمون واليهود
والأميركيين من أصل آسيوي، احتج
الكثير من القراء، وقالوا إن هذه
مقارنة زائفة. وكتبت واحدة من القراء
تدعى كارلا على المدونة الخاصة بي: «لم
يأت الكاثوليكيون واليهود إلى هنا
وقتلوا آلاف الأفراد». هذا صحيح، لكن
اليابانيون هاجموا بيرل هاربر، وفي
النهاية قتلوا من الأميركيين أكثر مما
قتل تنظيم القاعدة. وبسبب مخاوفنا،
قمنا بجمع أي أحد ينتمي إلى السلالة
اليابانية ووضعناهم في معسكرات اعتقال.
لقد كان التهديد حقيقيا، لكن
الهستيريا والمبالغة في رد الفعل كانت
كذلك أيضا.يميل الراديكاليون إلى
تمكين الراديكاليين، مما يخلق دوامة
من سوء الفهم والغضب المتبادلين. يعتقد
الكثير من الأميركيين أن أسامة بن لادن
ممثل المسلمين، ويعتقد الكثير من
الأفغان أن القس تيري جونز (الذي تحدث
عن حرق المصحف) ممثل للمسيحيين. يعتقد
الكثير من الأميركيين بكل تأكيد أن
المسلمين يميلون إلى العنف، بيد أن
البشر معقدون ومتنوعون للغاية لدرجة
أنه ليس من الممكن حشدهم في جماعات
نشكل استنتاجات مثيرة للاستياء بشأنها.
لقد تعلمنا ذلك في المقام الأول بشأن
السود واليهود وغيرهم من الجماعات
التي عانت التمييز على مدار التاريخ،
لكن لا يزال من الجيد الإدلاء ببيانات
شاملة بشأن «المسلمين» باعتبارهم كتلة
غير متمايزة.خلال السفريات التي قمت
بها، شاهدت بعض أسوأ الصور في الدول
الإسلامية: رجال الدين يقمعون الشعب في
إيران؛ إبعاد الفتيات عن المدارس في
أفغانستان باسم الدين؛ إخضاع الفتيات
للختان في أفريقيا باسم الإسلام؛
أمراء الحرب في اليمن والسودان يحملون
بنادق الكلاشنيكوف ويدعون أنهم يطيعون
أوامر الله. لكنني أيضا رأيت ما هو
مناقض لذلك: عمال المساعدات المسلمون
يخاطرون بحياتهم لتعليم الفتيات؛ إمام
باكستاني يحمي ضحايا الاغتصاب؛ زعماء
مسلمون يطلقون حملة ضد ختان الإناث
ويشيرون إلى أن ذلك ليس ممارسة
إسلامية؛ مسلمون باكستانيون يدافعون
عن المسيحيين والهنود المضطهدين؛ وقبل
كل ذلك، عدد لا يحصى من عمال المساعدات
المسلمين في الكونغو ودارفور
وبنغلاديش ومناطق أخرى كثيرة في أنحاء
العالم، تلهمهم في ذلك تعاليم القرآن،
يخاطرون بحياتهم لمساعدة الآخرين.
وهؤلاء المسلمون ساعدوا على المحافظة
على حياتي، ووضعوا مستوى من التعاطف
والرحمة والإيثار يجب علينا جميعا
محاكاته. أشعر بالاشمئزاز عندما أسمع
عن النظر إلى هذه النفوس اللطيفة
بالنظرة نفسها التي ننظر بها إلى
الإرهابيين بتنظيم القاعدة، وعندما
أسمع عن السخرية والاستهزاء بالدين
الذي يؤمنون به. أعتذر لهم وللآخرين
الذين جرى تشويه سمعتهم. *
خدمة «نيويورك تايمز» ========================= ديفيد
إغناتيوس الشرق
الاوسط 23-9-2010 هناك
خط رفيع فاصل بين تعريف الناس
بالتهديدات الأمنية القائمة، وإثارة
فزع الناس بدرجة بالغة عبر إطلاق
تحذيرات مهيجة للمشاعر بشأن الإرهاب.
وتستحق إدارة أوباما الثناء للجهود
التي بذلتها من أجل تقليص حدة بياناتها
العامة، لكن خلال الأسابيع الأخيرة
ربما يكون المسؤولون قد أخطأوا في
محاولتهم توفير قدر مفرط من المعلومات
بشأن الأخطار الإرهابية، خصوصا في
أوروبا. تبدو
واشنطن دوما في حالة تأهب أمني، ورغم
ذلك بدا من غير المألوف مشاهدة ضباط
يشهرون أسلحتهم الآلية عند مدخل مقر
رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية
الأميركية في لانجلي، صباح الثلاثاء.
وقد شاهدهم أحد العاملين البارزين في
الوكالة من مسافة وتساءل بصوت مرتفع: «ماذا
جرى؟». من
ناحيته، رفض جورج ليتل، المتحدث
الرسمي باسم الوكالة، تناول التفاصيل،
لكنه أدلى بتعليق عام قال فيه: «اتخذت
الإجراءات الأمنية داخل مقر رئاسة
وكالة الاستخبارات المركزية صورا
مختلفة بمرور الوقت، ودائما ما تشكل
هذه الإجراءات أولوية، سواء كانت
واضحة للعيان أم لا». وازدادت
المعضلة الأمنية تعقيدا بسبب
التحذيرات الحادة التي أطلقها هذا
الشهر مسؤولون في فرنسا وبريطانيا
وألمانيا. من الجيد أن نعلم ما إذا كان
المسؤولون الأميركيون يتفقون مع هذه
التقديرات الأجنبية لتفاقم التهديدات
الإرهابية، التي ربما تكون ناشئة عن
المناطق القبلية في باكستان. لقد ظللت
أطرح هذا التساؤل منذ الجمعة، لكن حتى
الآن لم أحصل سوى على هذا التعليق
المبهم من جانب المتحدث الرسمي ل«المركز
الوطني لمكافحة الإرهاب»: «هناك دوما
أمر يدبر في الخارج». الآن،
أتفق مع جهود الرئيس أوباما لتجنب
تكرار خطأ إدارة بوش برفع مستوى التأهب
في أي لحظة تتلقى خلالها معلومات
استخباراتية مثيرة للقلق. ومع ذلك،
تبقى هناك حاجة لتوفير مستوى لائق من
الوعي العام حتى يتمكن العامة من إدراك
أن الإرهاب بات حقيقة من حقائق الحياة
في العصر الحديث، وليس كارثة تهدد وجود
الأمة. ومن أجل خوض نقاش عام في وقت
مناسب حول التهديدات الإرهابية
القائمة، يجب أن تتفحص البيانات
الصادرة عن الحكومات الأخرى المعبرة
عن تنامي قلقها في هذا الصدد. في
تصريح لصحيفة «لو موند»، قال بيرنارد
سكوارسيني، المسؤول الأول عن جهود
مكافحة الإرهاب في فرنسا: «جميع
الأنوار حمراء وتضيء من جميع المناطق
في ذات الوقت». كان المسؤول الفرنسي قد
حذر خلال مقابلة أجرتها معه في 10
سبتمبر (أيلول) «جورنال دو ديمونش» من
أن مخاطر تعرض الأراضي الفرنسية لهجوم
إرهابي «أكبر من أي وقت مضى»، وأنه «لدى
النظر إلى الأمر بموضوعية يتضح أن هناك
أسبابا تستدعي الشعور بالقلق». ومما
زاد القلق الفرنسي تلقي باريس تحذيرا
عبر مكالمة هاتفية مجهولة المصدر في 14
سبتمبر من أن هجوما سيستهدف برج إيفل.
وعليه، سارعت الشرطة إلى إجلاء 2000 شخص
من المنطقة. وفي اليوم ذاته، حذرت
مكالمة أخرى من وجود قنبلة في محطة
للمترو في سانت ميشيل. إلا أنه اتضح زيف
التحذيرين. كما أعرب جورج زيرك، رئيس
المكتب الفيدرالي لمكافحة الجريمة في
ألمانيا، عن قلقه بهذا الشأن. وأخبر «دير
شبيغل» في 5 سبتمبر أنه منذ بداية عام
2009، لاحظت ألمانيا تنامي أعداد
المقيمين بها الذين يسافرون إلى
معسكرات إرهابية، وأنه صنف الآن 131
شخصا داخل ألمانيا ك«محرضين محتملين».
وأضاف أن 70 منهم «أكملوا تدريبا شبه
عسكري في معسكرات إرهابية»، وأن 40
خاضوا تجارب قتالية مع المتمردين في
أفغانستان. والتساؤل
الآن: ما هي الأرقام المناظرة داخل
الولايات المتحدة؟ هل يعلم مكتب
التحقيقات الفيدرالي ذلك؟ هل يشارك
مسؤولون أميركيون زيرك قلقه بشأن أنه
من العسير تعقب هؤلاء المسلحين بسبب
القيود المفروضة على تخزين البيانات
المرتبطة بالاتصالات عن بعد؟ من
ناحيته، حذر جوناثان إيفانز، رئيس
الاستخبارات البريطانية الداخلية (إم
5)، من تفاقم التهديدات الناشئة عن
اليمن والصومال، خلال كلمة ألقاها
الخميس الماضي أمام «وورشيبفول كمباني
أوف سيكيوريتي بروفشنالز». وأشار إلى
أن «عددا كبيرا من المقيمين في المملكة
المتحدة» يتلقون تدريبات على أيدي
أعضاء حركة «الشباب» الصومالية
الموالية ل«القاعدة»، وأن «الأمر لا
يعدو كونه مسألة وقت قبل أن نعاين وقوع
أعمال إرهابية في شوارعنا بتحريض من
هؤلاء المجندين الصوماليين». والتساؤل
الآن: ما رأي الحكومة الأميركية في هذه
التقارير المعنية بالإرهاب؟ هل هي
دقيقة أم مبالغ فيها؟ من جانبي، ليس
لدي معلومات يمكنني إفادة القراء بها
لاستمرار مسؤولي البيت الأبيض
والوكالات المختلفة في التعليق على
التقارير حتى مساء الثلاثاء. وعلى ما
يبدو، تتعلق التهديدات الجديدة بأهداف
داخل أوروبا، لكن المسؤولين
الأميركيين يركزون اهتمامهم أيضا على
معلومات في اليمن للقبض على أو قتل رجل
الدين الأميركي المولد أنور العولقي.
وفي الوقت الذي لا ينبغي أن يصاب
الأميركيون بولع بمتابعة التهديدات
الإرهابية لما يسببه ذلك من ضرر للضمير
الوطني، فإنه حال التوقف تماما عن
تناول قضية الإرهاب - مع رفض المسؤولين
الحكوميين في مختلف القطاعات الحديث
عنها - فإننا سنصبح وكأننا نعيش في عالم
افتراضي. من
ناحيته، شرح إيفانز لجمهور الجالسين
أمامه في لندن السبب وراء أهمية عقد
مناقشة عامة متعقلة حول الأمر، قائلا:
«خلال السنوات الأخيرة، استوردنا على
ما يبدو من وسائل الإعلام الأميركية
فرضية أن الإرهاب يمكن تلافي وقوعه
بنسبة 100%، ويجري النظر إلى أي حادث
إرهابي يقع باعتباره نتاجا لإخفاق
حكومي. إلا أن ذلك يعد أسلوبا غير منطقي
للتفكير في المخاطر الإرهابية ولا
يخدم سوى الإرهابيين أنفسهم». *
خدمة «واشنطن بوست» ========================= عيون
وآذان (مزيد من العجز والدجل) الاربعاء,
22 سبتمبر 2010 جهاد
الخازن الحياة كانت
حكومة نتانياهو أعلنت وقف البناء في
المستوطنات عشرة شهور تنتهي بنهاية
هذا الشهر. وكان الرئيس محمود عباس
أعلن أنه لن يستمر في المفاوضات مع
الإسرائيليين إذا استؤنف الاستيطان. ومع
اقتراب ساعة الحسم أصبح السؤال هل
يستطيع الرئيس أوباما اجتراح شيء من
السحر، مثل إخراج أرنب من القبعة،
وإيجاد مخرج لا يموت معه الذئب
الإسرائيلي أو تفنى الغنم الفلسطينية. المفاوضات
بدأت في الثاني من هذا الشهر في
واشنطن، واستؤنفت في شرم الشيخ ثم
القدس، وهناك جلسة مفاوضات مقررة قبل
نهاية الشهر بين كبير المفاوضين
الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات
وكبير المفاوضين الإسرائيليين اسحق
مولخو. كل هذا
لم يمنع نتانياهو من القول في اجتماع
مجلس الوزراء الإسرائيلي هذا الأسبوع
أنه لم يتعهد مواصلة وقف الاستيطان،
وأن يتبعه وزير الخارجية أفيغدور
ليبرمان موضحاً أن رئيس الوزراء «واضح»
في موقفه ولكن هناك من الناس من لا
يريدون أن يسمعوا. حارس
المواخير من مولدافا طلع بحل للنزاع هو
رفض مبدأ «الأرض مقابل السلام»
ومقايضة الأراضي والبشر. وهو يريد
تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في
فلسطين التي أصبح اسمها اسرائيل الى
أراضي السلطة الوطنية. وقد تحدث
تحديداً عن عضو الكنيست حنين زعبي
والشيخ رائد صلاح، فرأيه أن كل من يصرح
بأنه يقاوم الصهيونية ويعلن أنه
فلسطيني يجب أن يرحل عن اسرائيل. منطق
المقايضة يقضي أن يرحل ليبرمان الى
مولدافا، فلا بد أن هناك مواخير باقية
يستطيع العمل فيها، وأن يرحل معه مجرمو
الحرب واللصوص الذين جاؤوا الى فلسطين
فهي كانت وستبقى من البحر الى النهر،
وموافقة الفلسطينيين على دولة من 22 في
المئة من بلادهم لا تغير التاريخ أو
الجغرافيا، وإنما تعكس هزيمة عسكرية
للفلسطينيين، ووراءهم العرب
والمسلمون، أمام اليهود الخزر. ثم أن
يهوداً طلاب سلام في اسرائيل وحول
العالم يعارضون الصهيونية علناً، فهل
يهجرهم ليبرمان الى مولدافا؟ ازاء
كل ما سبق يقضي المنطق أن نقول ان لا
سلام ممكناً مع حكومة فاشستية تقتل
وتدمر وتواصل سرقة بدأت سنة 1948. هذه
الحكومة من الوقاحة، أو البذاءة، أن
تعقد روسيا صفقة صواريخ «كروز 800P»
مع سورية، فيقول نتانياهو أن الصفقة
مقلقة ومشكلة، وأن اسرائيل تعد رداً
عسكرياً عليها، وأن يقول ليبرمان إن
الصفقة تعرقل الوصول الى سلام في الشرق
الأوسط. نتانياهو
وليبرمان وأمثالهما من النازيين الجدد
المتطرفين يعرقلون الوصول الى سلام في
الشرق الأوسط، غير أنني أريد من القارئ
أن ينظر في معنى كلامهما، فهما يهددان
روسيا الآن (ويهددان باراك أوباما عبر
الكونغرس واللوبي) ويقولان إن اسرائيل
وحدها يجب أن تملك القوة العسكرية، فلا
ننسى الترسانة النووية والحرب على
إيران التي لا تملك قنبلة نووية، لفرض
الحل الذي تريد على الفلسطينيين،
ولتسيطر على المنطقة بقوة السلاح،
ولتهدد العالم الخارجي بعد الشرق
الأوسط. في مثل
هذا الوضع تصبح المفاوضات عبثية، أو هي
مفاوضات من أجل المفاوضات، حتى
ونتانياهو يروّج كذباً لنجاحها
واجرائه استفتاء عليها، فإدارة أوباما
تريدها لأنها بحاجة الى إنجاز عشية
الانتخابات النصفية الأميركية،
والحكومة الإسرائيلية تريدها لأنها
ترد بها على دعوات حول العالم لنزع
الشرعية عن اسرائيل بسبب جرائمها
المستمرة ضد الفلسطينيين، والرئيس
محمود عباس يريدها لأن خيار المقاومة
المسلحة غير موجود، وحتى لا يتهم بأن
الدولة المستقلة كانت على طاولة
المفاوضات إلا أنه ضيّع الفرصة. الرئيس
مبارك اقترح تمديد وقف الاستيطان
ثلاثة أشهر حتى لا تتوقف المفاوضات،
وأيده وزير شؤون الأقليات الإسرائيلي
افيشاي بريغمان، وهو من العمل، غير أن
هناك من اقترح مخرجاً آخر، فقد تردد في
واشنطن وإسرائيل حديث عن مقايضة
الجاسوس جوناثان بولارد المسجون في
الولايات المتحدة باستمرار وقف
الاستيطان. هذا
الاقتراح لا يكلف الأميركيين غير بعض
ماء الوجه، وهو غير موجود أصلاً،
فالأميركي بولارد خان «بلاده» وأعطى
اسرائيل حقائق ملأى بالوثائق الرسمية
السرية، ونتانياهو يستطيع أن يبرر
باطلاق بولارد مواصلة وقف الاستيطان
الذي تعارضه الأحزاب اليمينية التي
تشكل حكومته. وأهم نقطة في كل هذا
الحديث أن المفاوضات هي على الاحتلال،
لا الاستيطان الذي تستغله حكومة
نتانياهو لإبعاد الحل. لنفترض
لحظة أن حل بولارد أو غيره أوجد المخرج
الذي يريده الجميع، ثم نسأل ماذا سيحدث
بعد ذلك؟ أقول
لا شيء، لا شيء اطلاقاً، فلا سلام مع
هذه الحكومة الإسرائيلية، وإنما مزيد
من العجز الأميركي، والدجل الإسرائيلي
(الاستيطان لم يتوقف خلال الفترة
المعلنة)، والعجز الفلسطيني والعربي. ========================= الحرب
ليست تمريناً صهيونياً ميسراً آخر
تحديث:الخميس ,23/09/2010 فيصل
جلول الخليج طرح
جيفري ويت المدير السابق لوكالة
الاستخبارات في الجيش الأمريكي،
احتمالات ثلاثة لنهاية الحرب المقبلة
بين لبنان وسوريا من جهة، و”إسرائيل”
من جهة أخرى . وقال إن الاحتمال الأول
يتمثل في أن تحسم “إسرائيل” الحرب
لمصلحتها، وتفرض شروطها على
اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين،
والاحتمال الثاني أن تكون نتيجة الحرب
على غرار حرب أكتوبر/تشرين الأول عام ،1973
والاحتمال الثالث أن تكون على غرار حرب
عام ،2006 وفي هذه الحالة يستعد الطرفان
للحرب ثانية . ويرى ويت الخبير في “مركز
واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” أن “إسرائيل”
وحدها قادرة على الحسم، وإن لم تتمكن
من حسم الحرب لمصلحتها، فإن الفوضى
ستعم المنطقة، وهو ما ينذر بتغيير وجه
الشرق الأوسط، على حد تعبيره .
وللإشارة إلى نوع الحرب المقبلة
يستخدم وايت أوصافاً مثيرة ““إسرائيل”
ستحرق العشب اللبناني بدلاً من تشذيبه”
أو أنها “ستسوي الضاحية الجنوبية
بالأرض”، وستطيح بالبنية التحتية
اللبنانية، وأن الحرب قد تشمل مساحة
تصل إلى 40 ألف كلم مربع في لبنان وسوريا
. . الخ . على
الرغم من لقبه واختصاصه “الردعي”
معنوياً قد لا ينجح “ويت” في بث الرعب
في قلوب اللبنانيين والسوريين، ذلك
أنهم سمعوا طيلة السنوات الأربع
الماضية، كلاماً من “الإسرائيليين”
أنفسهم عن “حرب هدامة” غير مسبوقة، من
دون أن يتخلوا عن استعداداتهم للدفاع
عن أنفسهم، وبالتالي خوض الحرب
المقبلة، بهدف كسبها، بل جعلها وسيلة
لتغيير وجه المنطقة، وفقاً لتعهدات
الأمين العام لحزب الله السيد حسن
نصرالله ولتصريحات المسؤولين
السوريين . والملفت
في قراءة “ويت” للحرب المقبلة
استنتاجه بأنها قد تنتهي كما غيرها،
بأن يستعد الطرفان لحرب جديدة . بكلام
آخر تنتهي الحرب بدمار لبناني شامل
يرضى به اللبنانيون، ويعيدون إعمار
بلدهم تمهيداً لتدمير “إسرائيلي” آخر
في حرب أخرى، وكأنهم فطروا على
الانصياع لما تفعله “إسرائيل” من دون
أن يكون بوسعهم الرد عليها، وتحديد ما
يريدون هم أيضاً، وليس ما تريد هي
حصراً . ولعل الصهاينة بخلاف هذا
الباحث يحسبون أن دمار الحرب المقبلة
لن يكون قاصراً على اللبنانيين، وأن
الحرب أكثر تعقيداً من هذه الدراسة
وغيرها من الدراسات الموصوفة مجاملة
بالاستراتيجية . وفي
السياق يعكس هذا الكلام الاستعلائي
قدراً من الاستخفاف بعقول اللبنانيين
والسوريين، إذ يقدم الحرب بوصفها
تمريناً “إسرائيلياً” يمكن التحكم
بمساره ونتائجه من دون مفاجآت، ومن دون
حساب يذكر لإرادة وقدرة اللبنانيين
والسوريين، وربما الفلسطينيون . وبما
أن الدارس “اختصاصي مخابرات” فلربما
يريد الإيحاء بأنه يعرف ما يقول، وأن
معرفته واردة من معلومات استخبارية
رفيعة المستوى، وبالتالي لا جدال في
صحتها وفي جدية الاستنتاجات المبنية
عليها . لا
جديد في هذا النوع من الدراسات الموجهة
للرأي العام في بلداننا، فهي تقول ما
عرفناه على الدوام من أن لا جدوى من
تحدي “إسرائيل” ومجابهتها، وأن من
الأفضل الخضوع لإرادتها والعيش في هذه
المنطقة وفق شروطها، وأن الحرب تلحق
الدمار بالعربي المحارب وليس
بالصهاينة، وأن الحرب إن خسرتها “إسرائيل”
ستخلفها حرب أخرى، حتى تربح وتفرض
شروطها . إذن على العربي المحارب أن
يرتدع ويرعوي، ويكف عن القتال دفاعاً
عن مصالحه، حيث لا جدوى ولا فائدة من
القتال . كان
يمكن لهذا النوع من الدرسات أن يكوي
الوعي العربي قبل الانسحاب “الإسرائيلي”
من لبنان عام ،2000 وقبل حرب أفغانستان،
وحرب العراق، وصولاً إلى حرب العام 2006
في لبنان، فقد أدرك سكان هذه المنطقة
أن القوة الأعظم في العالم قابلة
للهزيمة عندما تكون معتدية، وأن “إسرائيل”
ما عادت قادرة على اخضاع أحد بواسطة
طيرانها الحربي وسفنها البحرية، طالما
أنها عاجزة عن احتلال أرضهم والبقاء
فيه، كما جرى في لبنان، وفي غزة، وعليه
ربما يجدر بالباحثين الموضوعيين أن
يستخلصوا من هاتين الحربين دروساً
مفيدة في تحديد مصير الحروب المقبلة
بين الدولة العبرية ومحيطها العربي .
وأول هذه الدروس أن تكوين المقاومة في
غزة ولبنان ينهض على دفاعات إيمانية
وأيديولوجية يصعب تطويعها عبر موازين
القوة العسكرية، وأن هذه الدفاعات
تردفها تحصينات عسكرية رفيعة من
الخبرة المتراكمة والانتصارات
المتتالية، فضلاً عن صورة العدو
المكسورة بعد أن قهر وشوهد ينوح ويهرب
من أرض المعركة، وذلك كله ليس من
التفصيلات الثانوية بل هو أساس مهم من
أسس ربح الحروب وخسارتها . تبقى
الإشارة إلى أن هذه الدراسة قد تترك
تأثيراً في القوى التي لا تريد
المقاومة في لبنان وفلسطين، وهنا
أيضاً يبدو أن المقاومة قد صارت بمنأى
عن مخاطر الفتن، فهي في غزة صامدة رغم
الحصار، ورغم حملات التشنيع، وهي في
لبنان تستعد للعودة إلى ما قبل العام ،2005
وفي الحالتين سيكون أثر دراسة ويت
هامشياً، ولربما مثيراً لحفيظة خبراء
الدعاية والتحريض في المقاومتين، أكثر
من أصحاب القرار العسكري، الذين قيل
فيهم بأنهم “لا يقرأون جرايد ولا
يهتمون بالأخبار” . . مع هذا النوع من
المقاومين من الصعب أن تكون الحرب
المقبلة تمريناً “إسرائيلياً”
ميسراً . ========================= الاحتلال
الأفقي والاستيطان العمودي آخر
تحديث:الخميس ,23/09/2010 خيري
منصور الخليج لن
تعدم الصهيونية الحيلة في أي مرحلة من
مراحلها كي تكرس الاحتلال وترسخ
الاستيطان، فبعد حكاية النمو الطبيعي
للمستوطنات التي اخترعها نتنياهو تأتي
حكاية أخرى لا تقل استخفافاً هي ما
يسمى الاستيطان العمودي، وعلينا أن
نقبل بهذه المتوالية بهزّ الرؤوس على
الأقل . هذا ما
يتوقعه ويراهن عليه نتنياهو في السطر
الأول من الصفحة الأولى في ملف
المفاوضات المباشرة، ومصطلحات
الاستيطان التي يجري اشتقاقها تباعاً
عن جذر واحد هو جذر الاحتلال ليست
بحاجة إلى عبقرية سياسية لتفنيدها،
فالنمو الطبيعي لليهود لم يقابله توقف
عن النمو لدى العرب، والعكس هو الأدق،
لأن معدل إنجاب المرأة اليهودية طفلان
ومعدل إنجاب المرأة العربية سبعة
أطفال، لهذا فالنمو الطبيعي ليس حكراً
على اليهود كي يصبح ذريعة جديدة
لمواصلة الاستيطان وتكثيفه بدلاً من
تجميده . أما
الاستيطان العمودي فهو يذكرنا بعبارة
قالها مزراحي عام ،1948 وهي أنه يحتاج
إلى متر مربع فقط، لأنه لو امتلكه على
الأرض فسوف يمتلك المساحة ذاتها حتى
أعالي السماء . إنها
رياضيات من طراز فريد وإن كانت
الكوميديا التي تغلفها تستدعي البكاء
لا الضحك، وتبعاً لهذه الرياضات أو
الهندسة السياسية لا الفراغية فإن
الاحتلال أفقي يشمل التراب كله من
الماء إلى الماء والاستيطان عمودي لا
يحده شيء ويمكن له أن يناطح السحاب ما
من تفاوض يمكن له أن يستمر إذا كان غير
متكافئ أولاً، وإذا كان رهينة للحذلقة
السياسية وفلسفة توليد المصطلحات
بالدينامية ذاتها التي تستولد بها
المستوطنات، لهذا فالتفاؤل لم يكن في
محلّه، اللهم إلا إذا كان المقصود به
القبول بما يجود به الآخر وفق المنطق
الذي أعلنه شمعون بيريز قبل سنوات أمام
الكونغرس عندما حصد ست دقائق من
التصفيق لأنه قال بأنه منتصر وأن ما
يتنازل عنه من الغنائم هو كرم منه وقد
تكون كلمة الكرم هي الصدقة، لكن
الترجمة حرّفتها . إن
العمودي والأفقي أو ما يسمى في الهندسة
الشّاقولي هي صيغ مبتكرة لكسب الوقت
وجعل الطرف الآخر يراوح مكانه، وقد لا
تتاح له بعد حين حتى المراوحة، لأن
المطلوب هو دولة يهودية خالصة مما
يستوجب مستقبلاً وربما في المدى
المنظور ترانسفير واسعاً لأكثر من
مليون فلسطيني تشبثوا لأكثر من ستة
عقود بعروبتهم وهويتهم وترابهم . ما
تخترعه الصهيونية في مختلف مراحلها من
ذرائع من أجل إدامة الاحتلال وتحويل
السطو إلى استحقاق هو طبعة عبرية منقحة
من طرائف جُحا، بدءاً من مسماره الذي
أراد إبقاءه في الجدار حتى سؤاله
لزوجته عن رطل اللحم الذي أكله القط
كما زعمت . ومن
المعروف أن جحا أحضر الميزان ووضع القط
عليه فكان وزنه رطلاً . . إذن أين هو
اللحم؟ وأين هو القط؟ وبالمقياس
الكوميدي الجحويّ ذاته أين هي مساحة
الدولة الفلسطينية القابلة للحياة؟
وكم هي مساحة المستوطنات بفرعيها
العمودي والأفقي . .؟ ولا أدري لماذا
ننسى أحياناً بأن السماء أيضاً محتلة
كما هو الماء والهواء واليابسة؟ أليس
الاحتلال الأفقي هو قاعدة الاستيطان
العمودي كي يكتمل صلب فلسطين كلها؟ ========================= الافتتاحية الخميس
23-9-2010م بقلم
رئيس التحرير أسعد عبود الثورة وإذ
الرباعية الدولية تتشجع وتتجرأ و«تحث..!»
إسرائيل على تمديد تجميد وقف
الاستيطان، لتأمين فرصة لاستمرار
التفاوض، دون أهداف محددة، أو دون أساس
لهذا التفاوض.. تتراجع
الولايات المتحدة عن «جرأتها» في
الطلب الخجول من إسرائيل لاستمرار
التجميد، وتطابق بينها وبين الموقف
الإسرائيلي؟! تراجع
الموقف الأميركي الطفيف الذي جعله
يطابق الموقف الإسرائيلي قائم على
أساس أن الطرفين اجتمعا واكتشفا أهمية
اجتماعهما..! وأنهما وضعا قضايا كبيرة
على الطاولة. بين
الجرأة «!» والجرأة «!».. بين الخيبة
والخيبة.. يخرج الصوت الفلسطيني
المفاوض مبحوحاً ضعيفاً كل ما يملكه أن
يهدد بمقاطعة المفاوضات. وحدها
إسرائيل التي بين «الجرأة» الرباعية
والتراجع الأميركي وبحة صوت المفاوض
الفلسطيني.. تتابع الاستيطان.. أكثر من
ذلك ترسل جيشها لدعم المستوطنين في
عدوانهم العنصري الإرهابي المستمر على
أبناء الشعب الفلسطيني. شهيد
ونحو عشرة جرحى برصاص المستوطنين. لو بقي
في العروق العربية دماء لانفجرت. يسرقون
الأرض.. يهدمون البيوت.. يبنون مستوطنات
لهم، وبكل وقاحة الإرهابي لايطيقون
رؤيتنا.. مجرد
رؤية فلسطيني كافية لاستثارة أي
مستوطن.. وطالما أنهم مسلحون.. ومدعومون
بجيش الحرب الصهيوني.. لا يتوانون عن
استخدام السلاح.. ويتركون لنا تضميد
الجراح ودفن الشهداء إن كان هناك متسع
من أمل. الحادثة
عادية جداً في السلوك والأسلوب
الإسرائيلي، وكيانهم بكامله قائم على
العدوان والقتل والدمار.. لكن.. للحادثة
طيفان مهمان: الطيف
الأول رسالة يكتبها المستوطنون إلى كل
الذين يأملون أن توقف إسرائيل
الاستيطان بالتفاوض الذي لا أساس له..
ولا هدف محدد منه.. من طالب منهم
باستمرار «التجميد» ومن تراجع عن طلبه..
رسالة تقول: نحن «هنا..!!» يعني
القوة الأكبر في القرار الإسرائيلي
التي يمثلها الاستيطان والمستوطنون. «نحن
هنا..» يعني
أنهم يرون أنفسهم فوق كل اعتبار.. وإذ
تتراجع الولايات المتحدة.. وتُجمِّل
الرباعية الواقع السيئ.. ويبح صوت
المفاوض الفلسطيني.. يقدم المستوطنون
على جريمهتم النكراء مؤكدين أنهم غير
معنيين بكل هذه التخرصات الممجوجة بين
الرعب والجرأة المزعومين. الطيف
الثاني للحادثة.. هو التصدي الشعبي
الفلسطيني للمجرمين.. والصورة تروي
ذكريات وتؤكد إمكانات.. وترى استعداداً.
تروي
ما ترويه عن الإرادة والعزم تدفع للحجر
بالدم والحياة. ذاك هو
الإحراج الحقيقي.. إن خرج الحَرَجُ من
عقاله.. وليس التهديد لوقف المفاوضات..
فهذه لعبتهم «لعبة العدو ومن معه».. هم
اخترعوها.. وهم يوقفونها متى أرادوا..لكن
وحدها المقاومة التي توقفهم عندما
تشاء. ========================= الجمعية
العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 65 ..
هل ما زالت إطاراً صالحاً لمعالجة
مشكلات العالم؟! .. مواجهة العواصف
المتلاحقة الخميس
23-9-2010م حسن
حسن الثورة على
الرغم من مرور حوالي خمسة وستين عاماً
على اطلاق ميثاق الأمم المتحدة في سان
فرانسيسكو في حزيران 1945 والذي كان نقلة
تاريخية في العلاقات الدولية، فإن
المنظمة الدولية لم تقترب بالقدر
المطلوب من تحقيق أهداف تأسيسها وحتى
يومنا هذا. ووضعت
الأسرة الدولية أهدافاً نبيلة لحفظ
الأمن والسلم الدوليين وقمع أعمال
العدوان وإنماء العلاقات الودية بين
الدول على أساس الاحترام المتبادل وحق
تقرير المصير والوصول إلى تعاون دولي
حقيقي في كافة المجالات على قاعدة
المساواة، ودون تمييز بين الشعوب ورفض
الميثاق التدخل في الشؤون الداخلية
للدول مع تعهد الأعضاء بالالتزام
بمقاصد الأمم المتحدة. والمفارقة
التاريخية التي رافقت الأمم المتحدة
منذ تأسيسها أن الظروف التي أنتجتها هي
نفسها الظروف التي أنشأت نظاما دوليا
عطل حركتها وكبلها بقيود وعجزت عن
التقدم باتجاه أهدافها، فالحرب
العالية الثانية وخسائرها الكبيرة
أيقظت المجتمع الدولي إلى ضرورة
الوقوف بحزم والتعهد بعدم تكرار
مآسيها، وعدم دفع ثمن أثقل كاهل العالم
فكان إعلان قيام الأمم المتحدة والتي
حرم ميثاقها العدوان والاحتلال وطالب
بالانسحاب من الأراضي المحتلة عبر
العدوان العسكري كما طالب دول العالم
بحل نزاعاتهم بالطرق السلمية. والمنظمة
الدولية منذ تأسيسها سعت إلى ضمان
المساواة بين الدول صغيرها وكبيرها
وأن يكون لكل منها صوتها المسموع داخل
الجمعية العامة وتصويتها المؤثر على
قراراتها، لكن مجلس الأمن ظل صيغة تعكس
نتائج الحرب العالمية الثانية وضم
خمسة أعضاء دائمين متمتعين بحق النقض
الفيتو الى جانب عشرة آخرين غير دائمين
ولا يتمتعون بهذا الحق. وظلت
الأمم المتحدة بهياكلها ومؤسساتها
ومنظماتها الإقليمية منذ تأسست عام 1945
منبرا حرا للتنسيق والتشاور وإطارا
صالحا لمعالجة المشكلات المتعددة
ولتقديم العون في مجالات التنمية
الاقتصادية والاجتماعية وفي ميادين
الصحة والتعليم والادارة، كما أنها
شكلت ضمانة لاستقلال الدول وسيادتها
ضد محاولات فرض الهيمنة والتبعية من
جانب المستعمرين والمغامرين
والمستوطنين القدامى والجدد. وقد
ازدادت المشكلات الدولية تعقيدا منذ
ثلاثة عقود، فالفقر ازداد بمعدلات
كبيرة وانتشر الايدز في القارة
الافريقية ومناطق اخرى من العالم
واتسعت الحروب الأهلية وازدادت
الكوارث البيئية الناتجة عن
الانبعاثات الحرارية التي تطلق معظمها
الشركات الكبرى في الولايات المتحدة،
وانهار الاتحاد السوفيتي واختل
التوازن النسبي الذي ساد إبان الحرب
الباردة ووجدت الأمم المتحدة في قمة
الألفية أن الحاجة باتت ملحة لتجديد
الآليات وحشد الامكانات من أجل مواجهة
العواصف المتلاحقة. وكان
متوقعا أن يعكس اتساع عدد الاعضاء
المنضمين إلى الجمعية العامة للامم
المتحدة تأثيرا ايجابيا على أشكال
العمل الجماعي وآليات التنسيق وأن
يمنح الجمعية العامة نفوذا أكبر على
مجلس الأمن لحفزه على وضع القرارات
التي يتخذها موضع التطبيق، لكن الأمر
اتخذ منحى آخر، فقد أسيء استخدام
الفيتو من جانب الولايات المتحدة
لعرقلة قرارات تدين ممارسات اسرائيل
الوحشية في الأراضي الفلسطينية
والعربية المحتلة وبينما، تطالب دول
عديدة مجلس الأمن أو الجمعية العامة
وفي مقدمتها فرنسا وروسيا والمانيا
ودول عدم الانحياز بدور محوري للمنظمة
في معالجة الوضع القائم في العراق
وأفغانستان وفي حل المشكلات الدولية
المزمنة جميعها فإن الولايات المتحدة
تتجاهل هذه الأصوات وتصر على رؤيتها
الأحادية غير عابئة بالأخطار التي
تهدد استقرار المجتمع الدولي أو بما
تتركه الحروب من أحقاد وكوارث. وكان
جوزيف ديس الرئيس الجديد للهيئة
الاممية قد دعا في خطابة الافتتاحي إلى
مواجهة تحديات عصرنا التي تهدد
استقرارنا وبقاءنا أيضا ومنها انتشار
أسلحة الدمار الشامل وتغير المناخ
وانعدام الأمن وإن الاحساس بانعدام
الأمن لم يكن أبدا أكبر مما هو عليه
اليوم وعدد ديس سلسلة التحديات وفي
مقدمتها تجاوز الثروة غير المسبوقة
والحرمان الفظيع واستبعاد الكثيرين عن
فرص العولمة، و أضاف: إننا بحاجة إلى
شبكة آليات فعالة أقليميا ودوليا تتسم
بالمرونة وسرعة الاستجابة للظروف التي
نواجهها اليوم. ونلحظ
بوضوح تخلي الليبرالية الجديدة عن
فكرة العقد التي مجدتها منذ الثورة
الفرنسية، واحلال العنف الواسع محلها،
وقد أولى المحافظون المتشددون اهتماما
كبيرا لدور العنف في الحياة
الاجتماعية، ومجدوا الحرب وقيمها، لكن
فلاسفتهم لم يحددوا كيف يمكن تجاوز
تبعاتها أو الغاؤها، فهم يعتقدون أن
الحرب والعنف متأصلان في الطبيعة
البشرية على حد تعبير أنطوني جيدنز. وكيف
تكون الحرب وسيلة لعلاج المشكلات
الدولية مادامت تجر إلى توترات
وتعقيدات كثيرة؟! والأمم
المتحدة مدعوة إلى تعزيز آلياتها
وتقوية دورها لمواجهة متطلبات الشعوب
وتلبية طموحاتها المشروعة في الأمن
والتنمية والسيادة وتجنب تقديم غطاء
لانتهاكات القانون الدولي وهي تستطيع
أن تدرأ الكوارث حين تضع قراراتها موضع
التطبيق فهل تتقدم المنظمة الدولية
لتحمل مسؤولياتها قبل أن تغدو إحدى
ضحايا العولمة المتوحشة؟!. ========================= كلينتون
والقوة الأميركية «الناعمة» بقلم
: د. إينا ميخائيلوفنا المتتبع
للخطاب السياسي الأميركي على مدى عقود
طويلة، يلاحظ أن مفردات الزعامة
والسيطرة على العالم لا تستخدم فيه
بشكل واضح، بل يستعاض عنها بمفردات
أخرى، مثل «الدفاع عن الحرية
والديمقراطية» و«حماية حقوق الإنسان»
و«مقاومة الأنظمة الدكتاتورية
المستبدة» و«ورفع الظلم والقهر عن
شعوب العالم».. وغيرها
من المصطلحات التي توحي وكأن لدى
الولايات المتحدة رسالة والتزامات
تجاه شعوب العالم أجمع، تمنحها الحق في
شن الحروب وتدبير الانقلابات ودعم
المتمردين والانفصاليين في كافة دول
العالم بلا استثناء! ولم
تكن واشنطن أبداً في حاجة لأن تقول
صراحة إنها تتزعم العالم وتسيطر عليه،
فقد كان هذا واقعاً ملموساً ومعروفاً
للجميع، ولا أحد يجادل فيه. أما
الآن، وفي ظل الظروف التي تمر بها من
أزمات مالية واقتصادية تتفاقم يوماً
بعد يوم ولا أحد يعرف مداها أو يستطيع
إيقافها، وفي ظل التورط في المستنقعين
العراقي والأفغاني اللذين تسببا في
تراجع صورة الولايات المتحدة ومكانتها
في العالم بشكل ملحوظ، وفي ظل تنامي
الصورة السيئة للولايات المتحدة في
العالم. وتراجع
مكانتها وتخلي حتى حلفائها الغربيين
عنها وسعيهم للتخلص من الروابط التي
تربطهم بها، وفي ظل تنامي قوى أخرى على
الساحة الدولية بشكل يؤثر كثيرا في
مكانة الولايات المتحدة وهيبتها
وقوتها العسكرية والاقتصادية
والسياسية.. في ظل
هذه الظروف يصبح الحديث المباشر عن
زعامة أميركا للعالم وسيطرتها عليه،
ضرباً من ضروب الجهل السياسي، أو
محاولة لإخفاء الحقائق المؤلمة عن
الشعب الأميركي البائس. الذي
يتحمل أعباء الأزمات الطاحنة ويدفع في
نفس الوقت من قوت يومه لتمويل الحروب
المجنونة غير المبررة، التي تخوضها
بلاده على بعد آلاف الكيلومترات عن
حدودها. مثل
هذا الحديث سمعناه منذ أيام من وزيرة
الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون،
في كلمة ألقتها في اجتماع
الدبلوماسيين وخبراء العلاقات
الخارجية في واشنطن. وهي
تتحدث عن استمرار الدور «الزعامي»
للولايات المتحدة الأميركية في الساحة
الدولية، منوهة بأنها ترى أنه من
الضروري أن تفرض الولايات المتحدة
سيطرتها على العالم في القرن الواحد
والعشرين. وللتخفيف
من حدة التصريحات التي بدا أنه لا أحد
من المستمعين مقتنع بها، حيث إن الجميع
في واشنطن باتوا لا يطيقون الحديث عن
القوة الأميركية التي جلبت للبلاد
الأزمات والفقر. وجلبت
للشعب الأميركي كراهية معظم شعوب
العالم، ارتأت كلينتون أن تعدّل في
حديثها، فعادت لتؤكد أنها لا تتحدث عن
القوة العسكرية، بل تقصد، كما قالت،
القوة «الناعمة»، وليس العسكرية. وهذه،
للعلم، أول مرة يستخدم فيها مصطلح
القوة «الناعمة» من قبل الشخصيات
الرئيسية في الإدارة الأميركية لوصف
القوة الأميركية، خاصة وأن واشنطن
كانت تصف قوة الدول الكبرى الأخرى
بأنها قوة «ناعمة» غير فعالة. واسترسلت
كلينتون في حديثها الذي كشف عن حالة
التراجع التي تعاني منها الولايات
المتحدة، حيث قالت إنه «على واشنطن أن
تستعين بدول مؤثرة أخرى، وهي الصين
والهند وتركيا والمكسيك والبرازيل
وإندونيسيا وجنوب إفريقيا وروسيا».هذه
الدول التي ذكرتها كلينتون بالتحديد،
لم تكن يوماً من الدول المؤثرة، في رأي
واشنطن! وعلى
ما يبدو فإن كلينتون أدركت أثناء
حديثها أنها وضعت روسيا في أسفل قائمة
الدول المؤثرة، وأن هذا ربما يفقد
حديثها المصداقية والواقعية،
فاستدركت هذا الأمر بسرعة، وعادت
لتؤكد بشدة على وجوب التعاون مع روسيا،
وتقول: «إن كل من يفكر بجد في حل
المشاكل العالمية، يعرف أنه لا يمكن
تحقيق الكثير في غياب التعاون بين
روسيا والولايات المتحدة». هذا
الحديث من وزيرة الخارجية الأميركية،
يعكس بوضوح معالم الأزمة السياسية
التي تعاني منها الولايات المتحدة
الآن بالتحديد، في ظل تراجع مكانتها
على الساحة الدولية وانصراف معظم
حلفائها الكبار عنها، ورفضهم للتورط
معها في مغامراتها العسكرية الفاشلة. حيث
بات من غير المنطقي ولا من المقبول
الحديث عن القوة العسكرية الأميركية،
الأمر الذي تضطر معه واشنطن للبحث عن
قوة بديلة. وبما
أن القوة الاقتصادية أصبح مشكوكاً
فيها بسبب الأزمة المالية والاقتصادية
العالمية، فقد بات الأمر يتطلب من
واشنطن البحث عن قوة أخرى تبرر بها
زعامتها المشكوك في أمرها أيضا، فلم
تجد سوى القوة «الناعمة» الوهمية! رئيسة
المركز الروسي الحديث لاستطلاعات
الرأي ========================= علي
حماده النهار 23-9-2010 الخبر:
من المقرر ان يزورنا الرئيس الايراني
محمود احمدي نجاد منتصف الشهر المقبل،
وسيكون في استقباله كبار اركان
الدولة، وفي مقدمهم الرؤساء الثلاثة،
والحكومة وغالبية النواب. وسيكون
اركان "حزب الله" في طليعة
المرحبين، ومن المؤكد ان يكون لقاؤه مع
الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله
من المحطات اللافتة خلال الزيارة. وسوف
يقوم نجاد بجولة في الجنوب ليصل الى
"بوابة فاطمة " عند الحدود مع
اسرائيل. وحسبما يشاع فإن رئيس
الجمهورية الاسلامية في ايران سيتوج
زيارة البوابة بحجر يرشقه من الجانب
اللبناني في اتجاه الجانب الاسرائيلي
ليدلل على العداء المطلق لإسرائيل. في
الشكل، لا مشكلة في ان يزورنا رئيس
دولة. فكيف اذا كان رئيس دولة كبيرة في
الاقليم مثل ايران؟ كذلك في المضمون
السياسي اللبناني البحت لا مشكلة بل كل
الترحيب بصرف النظر عما نكنه من مشاعر
للضيف الآتي، وبصرف النظر عن رأينا
بالشخص، وبما يمثله لا سيما منذ اعادة
انتخابه المثيرة للجدل قبل اكثر من
سنة، وما رافقها من احداث جعلت
الكثيرين في لبنان يشعرون انهم امام
مشهد مستنسخ في دلالاته السياسية عن
مشهد التمديد القسري للرئيس اميل لحود
والذي فرضه السوريون. فإعادة انتخاب
نجاد بالطريقة التي اتبعت وما رافقها
من اهتزاز لا بل ثورة في الداخل،
والقمع الذي مورس يذكّران اللبنانيين
المعنيين بما يحصل في ايران، ان من
عيّن الرئيس الايراني مرة ثانية
بصناديق الاقتراع المرصوصة، ثم قمع
الشعب الاعزل بالرصاص الحي ثم
بالاعتقالات والتعذيب الجسدي
والمعنوي واخيرا بالقضاء المعلب،
يمتلك قاعدة صلبة له في لبنان يمثلها
فريق سياسي في لبنان يعتبره معظم
اللبنانيين فريقا ممارسا للقمع
الداخلي بكل تلاوينه. من الغزوات
المسلحة، الى التسلط على الدولة، الى
التخوين على الطريقة الحاصلة في
طهران، وهو تخوين يهدر دم اللبنانيين
الاحرار. هذا الفريق مسلح وممول ومنظم
وموجه من الخارج من نظام الرئيس احمدي
نجاد. هذه هي
المشكلة. ألاّ يكون الرئيس الايراني
ضيفا في لبنان، يزور بلدا صديقا، بل
زعيم دولة يزور بلدا آخر هو اقرب الى
مستعمرة يجري بناؤها يوما بعد يوم في
اطار المشروع التوسعي الايراني في
المنطقة. ولعل اكثر ما يقلق اللبنانيين
ان مشروع الهيمنة الداخلية لا يتوقف
عند حد. من الغزوات والسلاح الترهيبي
الى التحكم بالدولة بتعطيلها اولا، ثم
افراغها، واخير باستتباعها، الى تعزيز
هواجس المجموعات اللبنانية الوجودية
في كل وقت وأوان. يزورنا
الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد،
وهو سيوجه رسالة من ارض لبنان تفيد ان
بلاد الارز ارض المشروع الايراني
الخصبة على الشاطئ الشرقي للمتوسط،
وسيشعر انه بين اهله واتباعه، ولكن قد
لا تسنح له فرصة ليكتشف ان في "لبنان
المستعمرة" شعباً اكثرياً يرفض ان
يكون حجرا على رقعة الشطرنج
الايرانية، شعباً لا يعترف بالهيمنة
القائمة محليا، ولا يعترف بالحق
القائم على القتل والترهيب. في
لبنان شعب اكثري عربي، كياني،
استقلالي مؤمن بالصيغة اللبنانية،
رافض ومقاوم لمشروع الهيمنة القائم.
هذا الشعب يرحب بالرئيس الايراني (على
رغم شرعيته المترنحة)، ولكنه لا يتدخل
بما يجري في الداخل الايراني، ويرفض
التدخلات على اشكالها، ويرفض ان يصير
"مستعمرة" للنظام الايراني على
ضفاف المتوسط. هذا الشعب يعاهد الرئيس
الايراني على ان يقاوم كل مشروع
استتباعي جديد، وكل هيمنة داخلية مهما
كان سلاحها ومهما بلغت دمويتها. أهلا
بالرئيس محمود احمدي نجاد صديقاً لا
مستعمراً. اهلا به ضيفا لا محتلا وإن
بأدوات محلية. ========================= من
سيحسم قرار التفاوض مع سوريا؟ رندى
حيدر النهار 23-9-2010 شهدت
العاصمة السورية في الأسبوع الماضي
سلسلة من الاجتماعات والاتصالات
أجراها موفدون بهدف تحريك العملية
السلمية بين إسرائيل وسوريا. وكان
أبرزها اللقاء الذي أجراه الموفد
الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل مع
الرئيس بشار الأسد، بهدف جس نبض سوريا
من موضوع استئناف المفاوضات، وابلاغه
رغبة الادارة الأميركية بتحريك عجلة
المفاوضات المتوقفة منذ عملية "الرصاص
المصبوب" على غزة. وليست
هذه المرة الأولى التي تطرح فيها
الادارة الأميركية موضوع معاودة
المفاوضات مع سوريا، فمنذ مجيء باراك
اوباما الى الرئاسة بدأ يبرز داخل هذه
الإدارة فريق يؤيد الانفتاح على
سوريا، ويدفع في اتجاه عودة المفاوضات
السياسية بينها وبين إسرائيل. وتجلى
ذلك بوضوح في عودة الحرارة الى
العلاقات الأميركية السورية التي شهدت
تراجعاً كبيراً خلال ولاية الرئيس
السابق جوج بوش، وفي تعيين سفير أميركي
جديد في دمشق، وتوافد الشخصيات
السياسية الأميركية الى العاصمة
السورية. لكن
وبالاستناد الى مصادر إسرائيلية، ثمة
خلاف في الرأي داخل هذه الإدارة من
موضوع العلاقة مع سوريا. ووفقاً لصحيفة
"يديعوت أحرونوت" هناك فريقان:
الأول يضم الموفد الخاص جورج ميتشل
ونائبه فرد هوف اللذين يعملان من أجل
تجدد المفاوضات على المسار السوري
جنباً الى جنب مع المسار الفلسطيني،
ويعتقدان بأن هذا سيشكل مظلة واقية
للتفاوض مع الفلسطينيين، ويعزز رؤية
الرئيس أوباما من السلام الشامل في
منطقة الشرق الأوسط. فمشاركة سوريا في
المفاوضات مع إسرائيل، سيزيد من
التناقضات بين المصالح السورية
والمصالح الإيرانية، يُضاف ذلك الى
التضارب في المصالح بين البلدين
بالنسبة الى ما يحصل في العراق، وذلك
في ظل التخوف السوري من السيطرة
الإيرانية على العراق، بعد انسحاب
الجيش الأميركي من هناك. أما
الفريق الثاني في الإدارة الأميركية،
فيضم مسؤولين كباراً في البيت الأبيض،
وفي مجلس الأمن القومي، من غير
المتحمسين لإشراك سوريا في المفاوضات،
اعتقاداً منهم أن السوريين غير ناضجين
بعد للتفاوض، ولكنهم مع ذلك يعترفون
بالأهمية الكبيرة للحوار مع سوريا،
لاحتوائها وتشجيعها على الخروج من "محور
الشر". في هذه
الأثناء، مازالت الحكومة الإسرائيلية
تتمسك بالصمت، وترفض التعليق على
المساعي الأميركية لتحريك المسار
السوري على الرغم من دعوة أكثر من معلق
إسرائيلي نتنياهو الى التخلي عن سياسة
الصمت والغموض، واتخاذ موقف صريح
وواضح من المطلب السوري الذي سبق وكرره
الرئيس السوري أكثر من مرة خلال
الأعوام الماضية، ألا وهو الانسحاب
الإسرائيلي الشامل من هضبة الجولان
مقابل السلام. منذ
أعوام هناك انقسام داخل إسرائيل من
موضوع المفاوضات مع سوريا. ففي الوقت
الذي يدعم فيه وزير الدفاع إيهود
باراك، وهيئة الأركان العامة للجيش
الإسرائيلي المفاوضات السياسية مع
سوريا، ويعتبران انها ضرورية لدعم
المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين،
ولإضعاف إيران؛ فإن هناك فريق آخر لا
يؤيد الفكرة، ويشكك في النيات السورية
من السلام، ويترأس هذا الفريق
المسؤولون عن جهاز "الموساد"،
ووزراء اليمين الذين يتهمون سوريا
باستخدام لغة مزدوجة، واستغلال الكلام
عن انفتاحها على السلام من أجل الخروج
من العزلة الديبلوماسية، واسترجاع
مكانتها ودورها الإقليميين. ويعطون
دليلاً على ذلك الزيارة الخاطفة التي
قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي
نجاد الى دمشق عقب زيارة ميتشل الى
هناك. في ظل
الانقسام الأميركي والإسرائيلي في
الرأي من عودة المفاوضات مع سوريا،
تبدو حتى الان حظوظ احياء مسار
المفاوضات ضعيفة، وغير واضحة؛ على
الرغم من الاقتناع الاسرائيلي شبة
العام بأن السلام مع سوريا أسهل وأقل
تعقيداً وأكثر قدرة على الثبات
والإستمرار من التوصل الى السلام مع
السلطة الفلسطينية. فشرط التوقيع على
اتفاقية سلام مع سوريا هو الانسحاب
الشامل من هضبة الجولان التي على الرغم
من مرور أكثر من 29 عاماً على اعلان ضمها
الى إسرائيل، ما زالت كل دول العالم
تنظر الى هذا الضم بأنه احتلال غير
شرعي لأراض عربية سورية. ========================= آلان
تورين وسليم عبدالمجيد ومفكرون آخرون
يسألون هل
تهدد «الساركوزية» منظومة القيم
الفرنسية؟ هيفاء
زعيتر السفير 23-9-2010 «لا
يقتصر دور المقاومة على التدخل في لحظة
الانهيار، بل هي فعل استمرار ومواجهة
كليين في وجه تفصيل قد يتراكم ليؤدي
إلى حالة الانهيار، وعندما يحصل هذا
الأخير نقاوم أيضاً». مفهوم المقاومة
الذي يطرحه سليم عبد المجيد ، مسؤول
برنامج الفلسفة في الكوليج
انترناسيونال، في مقال له في صحيفة
لوموند الفرنسية، بعيد كلياً عما
يسلكه الفرنسيون اليوم إزاء ما يحصل في
بلدهم من أزمات لا تنفك تتبلور لتتخذ
أبعاداً رمزية حادة. تتجلى في أزمة
ثقافية عميقة هي خير شاهد على بداية «ميتامورفوز»
حضاري مخيف. ما يخشاه العالم
والفرنسيون تحديداً هو فقدان فرنسا،
بقيادة ساركوزي، لمنظومة قيمها
الإنسانية الموروثة من ثورتها التي
أضاءت العالم يوماً وما زالت. والأسئلة
المطروحة في هذا المضمار غزيرة، من
قبيل هل فرنسا في صدد تحول سياسي أم
تحول ثقافي اجتماعي؟ هل تعيش أزمة
حضارية تتداعى فيها القيم في السياسة
والأخلاق والفكر والاقتصاد؟ هل تنحو
مع ساركوزي أو «بوش الصغير»، كما يحلو
للبعض تسميته، منحى محافظين جدد
ومفكرين محافظين جدد؟ عندما
تسقط القطرة التي
تفيض بها الكأس! تتحدد
ماهية الحضارات جميعاً بطبيعة
المنجزات الحضارية التي أبدعتها،
وبالنظرة الثقافية الشاملة التي
تؤسسها بناء على قابليتها للاستجابة
لأبناء الثقافات المغايرة. إلا أن
فرنسا اليوم بقيادة
ساركوزي يبدو
أنها تنقلب على مبادئ ثورتها الحضارية
والإنسانية وتعلن الثورة عليها. إذ لم
يكن 6 أيار 2007 يوماً عادياً في التاريخ،
فمن تابع ما كان يجري خلال الأشهر
السابقة لهذا اليوم في حملات ساركوزي
الانتخابية، كان يعلم أنه في هذا
التاريخ بالذات، وعندما أعلن ساركوزي
رئيساً، كانت فرنسا تتحضر لتلبس وجهها
الجديد، المتنكر للملامح الديغولية
التي رسمت التوجهات السياسية الفرنسية
لسنوات طويلة. «عشية
انتخاب الرئيس في 6 أيار 2007، وجدنا
أنفسنا نشكل مجموعة صغيرة من
المدافعين/ المقاومين ضد ما يهدد
الدولة. ثلاث سنوات مضت تلقينا فيها
الضربات وصمدنا بعزم. غير أننا لم
نتوصل لإيجاد الزخم المطلوب في لعبة
تغيير القوى». يشهد سليم عبد المجيد
على فترة ما بعد انتخاب ساركوزي، وهو
واحد من هذه المجموعة التي كان يثير
حنقها أثناء التظاهرات التي تنظمها،
عندما كانت ترفع الصوت عالياً ليصل الى
حدود الصراخ أحياناً ما تواجه به من
ردود أقلها العبارة الشائعة التي كان
يسارع الكثيرون لقولها: «بعض الهدوء
رجاءً، لا نواجه نظاماً فاشياً هنا». يقول
سليم «نحن نعلم جيداً أن ساركوزي ليس
بيتان ونظامه ليس نظاماً فاشياً. إلا
أننا نعلم أننا على حق كلياً بالوقوف
كمقاومين بوجه ما يفعله. فما ينتابنا
من إحراج وغضب ليسا نتاج إحساسنا بأن
ما قمنا به مبالغ فيه. إنما ينشأ من
انعدام قدرتنا على أن نترجم لمن
يحاورنا الصرخة الى مفهوم. وفي تحليل
لهذا الغضب ولهذا الصمت يمكننا ان
نستشف ماذا تعني كلمة مقاومة في فرنسا
اليوم، وهذا ما قد يسمح لنا ان نمهد
لوضع بعض الشروط التأسيسية لها». يتابع
سليم: «ليس الغرور ما يدفعنا إلى القول
إننا على حق إنما ما نراه من بديهيات لا
يمكن التغاضي عنها، وأنا أعجب كيف لا
يرفع الباقون من أبناء الشعب أصواتهم».
ثم يصوب سليم سؤاله على جوهر المشكلة،
«كيف نحدد «المرفوض» من الأمور بأنه
مرفوض؟ ما هي النبرة الصحيحة لذلك؟»
ويستغرب «كيف يمكن أن يصبح المرفوض
مجرد حدث عادي؟ وكيف نسمح له أن
يتراكم؟ كم من تفاصيل صغيرة مرفوضة مرت
ولم نعرها بالاً إلى أن تراكمت
وأوصلتنا الى هذه الحالة»؟ لا بد
ان نضع هذا الافتراض نصب أعيننا: «ما هو
مرفوض آخذ في التراكم ليكون ترسبات قد
لا ندركها في البداية، إلا عندما تتخطى
الحدود المقبولة. كي نوقف عملية الترسب
هذه، لا بد من فهم آلية حصولها. فكم من
مرة في السنوات الأخيرة وجدنا أنفسنا
فاغري الأفواه أمام «ساركوزي/ة» يشرح
ما هي ضرورات السجن الاحتياطي، أو
أهمية اختبار الحمض النووي للأطفال
المهاجرين، وما إلى ذلك من أساليب
دفاعية عن سياسات ساركوزي؟ وإذا كنا قد
بقينا مقفلي الأفواه في مواقف شبيهة،
فهذا ليس لأننا على خطأ، بل لأن
الإجابة تحتاج إلى أدلة وإثباتات..
ولهذا نحن اليوم نقف في هذه النقطة
الحمقاء إذ نفتقر إلى بناء قاعدة أدلة
واعية لدينا». وعن
السبب الرئيسي لتراكم المرفوض في
الدولة جواب واحد لدى سليم هو «الغباء».
ويقدم مثلاً حول المحامية كريستين
لاغارد، التي تم تنصيبها وزيرة
للتجارة الخارجية بحكومة دومينيك دو
فيلبان. والى فترة جد قريبة، كانت لا
تزال تدافع عن الشركات المتعددة
الجنسيات الأميركية، في مواجهة
نظيرتها الأوروبية والفرنسية. ومواقف
هذه المحامية تعكس تماماً صورة شخصية
مناضلة في مركز الدراسات الاستراتيجية
والدولية، وهو إحدى مجموعات «ثينك
تانك» (خلية تفكير) تعمل لصالح لوبي
البترول بالولايات المتحدة. فالسيدة
الوزيرة قد عملت على إصلاح قانون
العمل، لأن هذا الأخير بحسبها «يشكل
عائقاً كبيراً أمام التوظيف، وأمام
الكثير من قرارات المؤسسات». ومن أجل
فهم جيد لوجهة نظرها، فإنه لا يجب
مقارنة تصريحاتها بتصريحات ما يعرف
بفرنسا بحركة المؤسسات الفرنسية». الحركات
المقاومة بوجه «دين النفاق» هذا هو
النفاق في الدولة الذي يظهر في «طرح
المشاكل بطريقة حذقة لإضفاء الشرعية
على الحلول الكارثية المقترحة، مثل
طرح موضوع العولمة الرأسمالية على أنه
ظاهرة لا رجعة فيها، ضاربين عرض الحائط
الحلول التي وضعتها فرنسا لإعادة
تشكيل المسار. وهكذا يكون من غير
المجدي الرد على الغباء والنفاق خطوة
مقابل خطوة، لا مجال للنقاش هنا بل
للقمع. وتحقيق الهدف لا يتم إلا من خلال
إنتاج معنى ومفهوماً مستقلين، ومن
خلال خلق خلفية وعمق جديدين يمكن
للمعنى ان يولد فيهما وأن ينتشر مجدداً
وأن يلقى قبولاً جماعياً: ليصبح مبدأ.
لذلك، لا بد أن يكون للمقاومة معنى،
وهذا يعني بالنسبة للمنظمات القائمة
كالأحزاب والنقابات والجمعيات من
السخف الاعتقاد بأنه يمكن وضع برنامج
سياسي وفق ترتيب الموضوعات المختارة
من قبل وسائل الإعلام، او وفق أي ترتيب
آخر يستبعد العقل خلال بنائه». يتحمس
سليم في طرحه لعمل الحركات المقاومة، «هنا
تحديداً حركاتنا المقاومة ستكون أكثر
دراية بتنوعها. أفراد أو جماعات، عامة
و مجهولة، علمية وفنية او ناشطة بشكل
مباشر، على ضوء المصابيح، أو في شوارع
المدن، في الشبكات والتعاونيات
والجمعيات والنقابات والأحزاب وفي
الكتب والمقالات والإضرابات
والخطابات، الهادئة والصاخبة، لسبب
واحد أو لكافة الأسباب مجتمعة من أقصى
اليسار إلى الوسط وحتى إلى اليمين.
كلنا يجمعنا رفض واحد ليس لشخص ساركوزي
تحديداً، إنما لما يمثله (...)، هذا
التحالف بين الرأسمالية والقومية وبين
الديكتاتورية والخشونة». ويعقب سليم،
«طالما يجمعنا رفض مشترك، ألا يمكننا
الانتقال إلى وضع بيان مشترك؟ هذا
ضروري لنقف بوجه هذه الكتلة، الإلحاح
في المواجهة أساسي ولكنه غير كاف، لا
بد من تشكيل وحدة ضغط وعمل». «نحن
على حافة الإفلاس» لقد
علت الأصوات الغربية قبل العربية منها
حول ما تعيشه فرنسا في عهد ساركوزي من «فوضى»
و«انحراف» و«انهيار أخلاق» وأبرزه وصف
دومينيك دو فيليبان لما فعله ساركوزي ب«العار
الذي يلطخ رايتنا». من هذه
الأصوات صوت آلان تورين، عالم
الاجتماع الفرنسي، الذي يتخوف من
الصمت المطبق في الحياة السياسية
الاقتصادية والاجتماعية» إزاء
التغيرات الجذرية التي تشهدها البلاد
وما يرافقها من توجه لدى الحكومة بخفض
مستوى النقاش لأنها لا تملك الأجوبة. يرد
تورين في سؤال وجهته له صحيفة لوموند
الفرنسية عما إذا كان ما يجري من
تحركات في الشارع قادراً على زعزعة
الحكومة الفرنسية فيقول «إن هذه
المظاهرات «الأنتي
ساركوزية» تتحرك في الأفق نفسه
الذي يتحرك فيه ساركوزي. الطرفان
غريبان عن الكوارث الكبرى المحدقة بنا.
فقاعات صغيرة تنطلق وسرعان ما تعود
الحياة الى سياقها المعتاد بعيداً عن
واقع ما يجري فعلياً. الظاهر أن الحياة
العامة تمشي جنباً الى جنب الأعاصير
العاتية التي تجتاح البلاد». يضيف
تورين «عندما وقعت الأزمة الاقتصادية
لم يعرها أحد انتباهاً، فلطالما
اعتبرنا أن الامور سرعان ما ستعود إلى
نصابها. وهذا خطأ فإن دل هذا الامر على
شيء فهو يدل على جهلنا للأمور
واستخفافنا بها. فما يثيرني هو هذا
الصمت الذي يزداد أكثر فأكثر مع مضي
الوقت، نرى السفينة مهددة بالغرق بين
اللحظة والأخرى ونحن لاهون على ظهرها
نلعب الورق». وعن
تقييمه لأداء الحكومة الحالية لا
يتردد توران في الحكم على الرئيس وعلى
الحكومة بأنهم سيئو النية. لا يتحمل
الغجر مسؤولية آلامنا، إلا أن الحكومة
تلعب لعبة تحويل الأنظار». ويتقدم
تورين في تحليله السلبي قائلاً «لدي
شعور جدي بأن الحكومة تتأرجح على منحدر
خفيف سيودي بها إلى نهايتها. هل اليسار
أحسن استعداداً؟ كلا، اليسار ليس أفضل
حالاً، إلا ان لديه إيمان بضرورة البدء
من الصفر». كما
يرى تورين أن الأزمة نخرت الجسم
الاجتماعي بأكمله ف«نحن على حافة
الإفلاس. نجترّ أفكاراً وتحليلات
تافهة. نعيش في زمن «الميني
سياسة» وحالنا كحال العائلات التي
تتجنب مناقشة المواضيع التي تغضبها.
الإعاقة الحاصلة في معسكري اليمين
واليسار هي السبب وراء الموجة السائدة
اليوم المتلخصة بكلمتين «رهاب الأجانب».
لقد سقط علينا نيزك اسمه العولمة،
والاقتصاد ما زال خارج السيطرة.
فالأحزاب الكبرى والنقابات كلها ما
عادت تزن شيئاً. إدارة الاقتصاد تبخرت.
المنظومة الاجتماعية تهشمت إلى قطع
صغيرة متناثرة. والسياسة أصبحت خليطاً
من الكلمات و الصور والفراغ». ما
الحل إذاً؟ ما الذي سيحرك هذا الجسم
الاجتماعي الثقافي السياسي المتبلد؟
ألم تعد الفضيحة الأخلاقية تكفي لأن
تحرك شعب حقوق الإنسان؟ المؤكد أن
فرنسا وصلت إلى عتبة المرفوض في
السياسة والأخلاق والإنسان. الخوف كل
الخوف لدى العديدين هو ان تدخل فرنسا
الباب ولا يتغير شيء. ========================= ابراهيم
العبسي الرأي
الاردنية 23-9-2010 في
الوقت الذي تتسابق فيه الدول الغربية
خصوصا الولايات المتحدة والاتحاد
الاوروبي على فرض العقوبات القاسية
على ايران بحجة برنامجها النووي
السلمي، نجد ان هذه الدول تعارض بشدة
مشروع القرار العربي المقدم للوكالة
الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين
الماضي الذي يطالب اسرائيل بالانضمام
الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة
النووية في الشرق الاوسط. وبذلك تثبت
الولايات المتحدة وحلفاؤها
الاوروبيون للمرة المليون ازدواجية
معاييرهم والكيل بمكيالين في السياسات
الدولية، خصوصا تلك المتعلقة بالبقرة
المتوحشة الصهيونية( اسرائيل).
والذريعة التي تسوقها هذه الدول ،ان
نجاح مشروع القرار العربي يبعث برسالة
سلبية الى اسرائيل التي دخلت في
مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين من اجل
التوصل الى تسوية سلمية للصراع
الاسرائيلي الفلسطيني، ومن شأن مثل
هذا المشروع اذا ما تم اقراره ان ينسف
المفاوضات ويدفع اسرائيل الى المزيد
من التشدد ورفض اية تسوية مهما كانت.
فالسلام بالنسبة لاسرائيل ان يكون
لديها رادع نووي وان تكون متفوقة على
الدول العربية من اجل استمرار
محافظتها على امنها وكأن امن اسرائيل
لا يتحقق الا بامتلاكها لترسانة نووية
رهيبة تقول بعض المصادر انها تجاوزت ال
300 رأس نووي. اما امن الفلسطينيين
والعرب فلا تأتي اميركا على ذكره، مع
ان امنهم كان وما يزال وسيبقى مهددا من
قبل اسرائيل طوال الوقت ليس فقط بواسطة
اسلحتها النووية الرهيبة ولكن بتفوقها
العسكري التقليدي على العرب مجتمعين. طرح
اميركي عقيم واستجابة عمياء لنزعات
اسرائيل الشريرة التي لن توفر لها
ترسانتها النووية الامن مهما امتلكت
من اسلحة الدمار الشامل ، بل على العكس
فان الذي يوفر الامن لاسرائيل هو
تخليها تماما عن هذه الاسلحة المدمرة
وتقدمها نحو صناعة السلام الشامل
والعادل مع كل جيرانها وعلى رأسهم
الشعب الفلسطيني، اما
اصرار اسرائيل على الاحتفاظ بترسانتها
النووية وتهديد الامن والوجود
العربيين فمن شأنه ان يدفع العرب ودولا
اقليمية اخرى الى السعي لامتلاك مثل
الاسلحة لحماية استقلالها ووجودها في
ظل وجود دولة عدوانية توسعية مثل
اسرائيل لا تؤمن الا بالقوة . ========================= يسرائيل
شيرنتسل هآرتس
الاسرائيلية الرأي
الاردنية 23-9-2010 دهاء
التاريخ وجهنا كي نكون مرة اخرى في
مفاوضات مباشرة – بالضبط في الذكرى
العاشرة لاندلاع الانتفاضة الثانية،
التي نشبت بعد فشل قمة كامب ديفيد. هذه
المرة ايضا بدأت اعمال حماس، حاليا في
يهودا والسامرة (الضفة الغربية). مشوق
أن نجري مقايسة شاملة بين ظروف صيف 2000
وبين عهدنا، ولكن في هذا الاطار سأركز
على البعد الامني، على مسألة كيف ينبغي
لاسرائيل أن تستعد لخطر اعمال «ارهابية»
واسعة – انتفاضة ثالثة – في اثناء
المفاوضات، وبالتأكيد اذا ما فشلت مرة
اخرى. لنعد
بالتالي الى الوراء، الى الشهرين
الحرجين اللذين بين فشل مؤتمر كامب
ديفيد واندلاع العنف على الارض. خطر
العنف هذا لم يخفَ ابدا عن ناظر رئيس
الوزراء في حينه (الذي هو اليوم وزير
الدفاع)، وبقدر ما هو معروف فانه مع
اتضاح فشل المفاوضات وجه الجيش
الاسرائيلي والجهاز الامني للاستعداد
لمواجهة محتملة. هذا
الاعداد تم بالفعل، ولكن مشكوكا فيه
اذا كان ترافق وجهد سياسي جدي مع
القيادة الفلسطينية لمنع التدهور. برأيي،
مع أن الفلسطينيين يتحملون اساس الذنب
في التدهور الذي وقع بالفعل، الا انه
يخيل أن الارادة الاسرائيلية للاثبات
بان ياسر عرفات ليس فقط رد اقتراحات
اسرائيل بل وايضا دفع نحو مواجهة
مسلحة، كانت شديدة على نحو خاص. هل كان
يمكن لسلوك اسرائيلي أكثر ذكاءا عشية
اندلاع الانتفاضة أن يمنعها او
يؤخرها؟ لا يوجد على هذا السؤال جواب
قاطع، ولكن الشك مقلق بالتأكيد. في
اختبار النتيجة تبين في حينه ان
الاستعدادات العسكرية والاستخبارية
لم تكن بكافية: ففي غضون عدة اشهر علقت
اسرائيل في موجة ارهاب غير مسبوقة في
حجمها، ومن ناحية عدد الاماكن التي
تضررت يمكن أن نصفها بانها «حرب قلب
المدن»؛ كانت حاجة الى نحو اربع سنوات،
نحو الف قتيل، الاف الجرحى، حملة واسعة
النطاق في المناطق، فعل كثير الانتباه
من الجيش والمخابرات الاسرائيلية،
بداية اقامة جدار الفصل ووفاة عرفات كي
تنخفض بالتدريج حجوم «الارهاب» وبعد
ذلك القضاء شبه التام عليه. في
اسرائيل يسود الميل للتباهي بهذا
الانجاز وهو بالفعل انجاز حقيقي. ولكن
الفشل الخطير لسنوات 2000 – 2004 كاد يمحى
من البحث الجماهيري. فمثلا، لم تتشكل
في حينه أي لجنة تحقيق، خلافا مثلا
لحرب لبنان (التي كان حجم ضحاياها أقل
بكثير) أو الاسطول التركي (حدث هامشي
نسبيا، في النظرة العامة). كما أن رئيس
الوزراء نجح في التملص من الاستيضاح
الجماهيري الشامل عن مسؤوليته عن
الوضع البائس الذي علق فيه مواطنو
اسرائيل وان كان دفع لقاء ذلك ثمنا في
انتخابات 2001. هل خطر
الاشتعال قائم هذه المرة ايضا؟ للوهلة
الاولى تعمل الان عدة عوامل يمكنها ان
تقلص مثل هذا الخطر: التوقعات
الفلسطينية من المفاوضات اكثر تواضعا،
وعليه فان خيبة الامل من الفشل قد تكون
ايضا اقل دراماتيكية؛ وعلى رأس
القيادة الفلسطينية الحالية يوجد اناس
عارضوا في 2000 ايضا التوجه الى طريق «الارهاب»،
وهم على علم بالثمن الفظيع الذي دفعه
المجتمع الفلسطيني على اختياره لهذا
الطريق؛ كما يبدو أنه طرأ تآكل ما على
القدرة التنفيذية لشبكات «الارهاب» في
يهودا والسامرة (الضفة الغربية)؛ الجيش
الاسرائيلي والساحة الاسرائيلية بشكل
عام استخلصا، كما يمكن الافتراض،
دروسا تنفيذية عديدة واجزاء كبيرة من
الجدار استكملت. ولكن
ليس في كل هذا ما يلغي تماما خطر
الانفجار، ولا سيما في المستويات
الميدانية، التي ستشعل نارها جيدا
حماس. خلافا
للوضع في العام 2000 تتمتع حماس ايضا من
قدرة مستقلة على استخدام «الارهاب» من
قطاع غزة، الامر الذي من شأنه أن يجرنا
الى «رصاص مصبوب 2». كما تعلمنا على
جلدتنا باي سرعة يمكن لاجهزة الامن
الفلسطينية، التي تحظى في السنوات
الاخيرة بثناء مبرر على عملها، ان توجه
من جديد اسلحتها ضدنا. كما أن مكانة
القيادة الحالية ستضعف على ما يبدو اذا
لم يكن بوسعها ان تقدم أدلة على نجاح
طريقها، ومن شأنها أن تنجرف الى التطرف
وتسير في الخط مع عناصر «الارهاب». لا
يعني الامر ان اسرائيل لا ينبغي أن
تدخل في مفاوضات نجاحها غير مضمون، اذ
ان استمرار الجمود الحالي ايضا يكمن في
داخله تفاقم لخطر الاشتعال، ودون تحول
سياسي واضح يقلل دافع الساحة
الفلسطينية لمواصلة احباط «الارهاب».
ولكن يجب تعلم دروس الماضي. صحيح
أننا لا نوصي بشكل عام بالاستعداد ل «الحرب
السابقة»، ولكن هذه المرة يخيل أن
الامر ضروري. الدرس من حدث 2000 مزدوج.
على المستوى السياسي (فضلا عن المسألة
الجذرية للمواقف التي ينبغي لاسرائيل
ان تعرضها في المواضيع الجوهرية – وهو
موضوع جدير بالطبع ببحث منفضل)، ينبغي
الحرص كل الوقت على الحفاظ على اليات
الحوار على أعلى المستويات بحيث يكون
يمكنها تقليص خطر المواجهة حتى في حالة
الفشل. جدير
أيضا ان يكون للامريكيين، بصفتهم
العرابين الاساسيين للمفاوضات – خطط
احتياط وروافع ضغط لمثل هذه الحالة –
جهود التهدئة التي قامت بها مادلين
اولبرايت كانت اقل مما ينبغي ومتأخرة
اكثر مما ينبغي في العام 2000. على
المستوى التنفيذي يجب الامل بان تكون
الاستعدادات اكثر شمولية وجذرية مما
كان في العام 2000 وان تترافق وتصميم على
استخدام القوة السريعة وذات الاثر
الردعي. الثمن الذي دفعناه قبل عقد من
الزمان على «تمزيق اللثام» عن وجه
عرفات كان اثقل من أن يحتمل؛ اذا ما
تكرر مثل هذا السيناريو لا سمح الله،
فسيكون هذا فصلا بشعا على نحو خاص في
مسيرة السخافة الاسرائيلية. كما ان
رؤيا السلام نفسها ستتلقى ضربة قاضية
في الطرفين اذا ما ادت المحاولة
لتحقيقه مرة اخرى الى حمام دماء
متبادلة. ========================= حسن
عصفور الدستور 23-9-2010 أنهى
الشعب التركي الجدل الذي سيطر أسابيع
عدة على المشهد السياسي العام ليس في
تركيا فحسب ، بل في كثير من الدول ذات
الاهتمام بتطور التجربة التركية "الفريدة"
، وقرر الشعب القول بنعم كبيرة واضحة
ساطعة للتغييرات الدستورية التي
أرادها "حزب العدالة والتنمية"
بقيادة أردوغان - غول وخلفهم المفكر
الاستراتيجي للنهج السياسي الجديد
أحمد أوغلو. جاءت
نتائج الاستفتاء كما أرادها الحزب
الحاكم ، وربما أكثر تصويتا مئويا مما
توقع هو وغيره ، وبنسبة عالية جدا وفقا
للحديث عن استفتاء وليس انتخابات ، حيث
من المعروف أن نسبة المشاركة في كثير
من الاستفتاءات لا تكون مرتفعة ،
ولكنها في تركيا فاقت نسبة (72%) من اصحاب
حق المشاركة ، فيما قال منهم بنعم (58%) ،
وهي نسبة تشير الى ، كم هناك عطش ورغبة
في التغيير الدستوري الديمقراطي. ولعل
أبرز وصف لما حدث تصويتا هو ما أعلنه
أردوغان نفسه بأن "النعم" كانت
لاقصاء العقلية الانقلابية العسكرية ،
ولعل هذه العبارة تجد ترجمة لها في
موقف غالبية منظمات حقوق الانسان في
تركيا الني رحبت بشدة بهذا التصويت
الشعبي لرد الاعتبار للحريات الأساسية
التي صادرها انقلاب الجنرال "كنعان
أفرين" العام 1980 وأعدم يومها أكثر من
50 شخصا واعتقل الآلاف من أبناء الشعب
التركي ، التصويت الذي فتح الطريق
لمطالبة عديد المؤسسات الأهلية
لمحاكمة الجنرال الديكتاتور.. بينما
ذهب رئيس وزراء تركيا الحالي الى الرجل
الذي دفع حياته ثمنا للدفاع عن الدستور
العام 1960 (عدنان مندريس) رئيس وزراء
تركيا الأسبق كرسالة ذات مغزى. لقد
أثارت نتائج الاستفتاء شهية الكثيرين
للكتابة عنها ، فوصفتها الصحيفة
الأمريكية "لوس أنجلس تايمز"
بأنها أملا جديدا يقدمه أردوغان
لتركيا ، فيما أعلن الرئيس الأمريكي عن
سعادته الكبيرة ومعه الاتحاد الأوروبي
بنتائج الاستفتاء ، وتحدث أوباما عن
ذلك بأنه سيعزز من "الشراكة
النموذجية" بين أنقرة وواشنطن ،
فيما اعتبره قادة الاتحاد الأوروبي
تقدما هاما نحو تعزيز "المفهوم
الديمقراطي في تركيا" وترسيخ مبادئ
حقوق الانسان.. فيما رحبت به غالبية
القوى اليسارية التركية العلمانية (التي
كانت من ابرز ضحايا الانقلاب العسكري
العام 1980 ، ودفع الآلاف من أنصارها
ثمنا لمواجهة ذلك الانقلاب الفاشي ). ولذا
فالتغيير الدستوري التركي لم يكن
صراعا بين قوى "العلمانية" و"الاسلامية"
كما حاولت بعض الدوائر التعبير عن ذلك
، سواء من داخل معسكر الدفاع عن
العسكرة والانقلابية ترهيبا من قوى
"الاسلام السياسي"واستغلال هوية
حزب العدالة التركي ، مقابل بعض القوى
"المحسوبة على الاسلام السياسي"
والتي أرادت الالتحاف بلحاف أردوغاني
في كراهيتها للعلمانية المستديمة ،
ولكن الواقع الذي حدث لم يكن مطابقا
لما أريد من "معسكرين" كل له
حساباته ، فجوهر التغييرات كانت
تصويبا لما تم مصادرته من حقوق
ديمقراطية ومرتكزات لحقوق الانسان ،
وعبث يمنح العسكريين "سلطة داخل
السلطة" عند الضرورة على حساب رغبة
الشعب التصويتية ، و"سلطة قضائية
تبتعد عن كونها سلطة تحكم وفقا لمصلحة
البلاد العليا" ، وليس تلبية لرغبة
عسكرية مرعبة ، فالمواد التي أريد
تصويبها لا صلة لها بأي هوية طائفية
على الاطلاق كي يقوم بعض "الانقلابيين"
أو "المتأسلمين" من الترهيب أو
الترغيب فيها وفقا لحسابات خاصة ضيقة
عمياء. جوهر
التعديلات جاء لحماية "النهج
الديمقراطي" لتركيا الباحثة عن
مكانها أوروبيا بهوية اسلامية
ديمقراطية المنهج والتفكير ، بعيدة كل
البعد عن ذلك "النهج" الذي يسود
بين غالبية قوى "الاسلام السياسي"
في المنطقة العربية ، فحزب العدالة
التركي بقيادة أردوغان يؤسس لمنهج
علماني معاصر مستند الى قيم التسامح
وقبول الآخر واحترام الدستور واصول
"اللعبة الديمقراطية" وملجأه
دوما الشعب كحكم في الخلاف
والاختلافات وليس القوة العسكرية ولا
العقلية الانقلابية ، حزب اطاح بقائد
"الحزب الاسلامي التركي" أربكان
دون أن تنتابه لحظة عاطفة مع من كان له
الفضل في فوز "الاسلاميين"
بالانتخابات التركية ، لكنه لم يؤمن
بقواعد اللعبة الديمقراطية وأصول
الحكم فيها ، وأراد فرض طريقة حكمه ،
فكان قرار الانشقاق التاريخي لغول
وأردوغان وتأسيس حزب "علماني"
بهوية اسلامية ، قال عنه أردوغان أنه
مثيل للأحزاب المسيحية الديمقراطية
الأوروبية ردا علة من حاول من "الانقلابيين
الأتراك" ترهيب الغرب من هويته
الاسلامية.. ولم يكتف بترداد شعارات
توفير الأمن والآمان ، بل انتقل سريعا
لتصحيح مسار الوضع الاقتصادي التركي
وبناء مؤسسات علمية تعليمية تتماشى
والعصر الحديث علما وتعلما ، ولم يعيش
في دوامة الفتاوي ولم يشغل نفسه بما هو
"حلال وحرام" سوى المعلوم منها
وما يخدم "النهضة التركية الجديدة"..
ونجح في تجاوز كل المطبات التي أراد
الانقلابيون وضعا له في الطريق من
قضايا ذات بعد اجتماعي وديني وجره
لصراع حولها وجدل بها ، لكنه كان يدرك
جيدا ما يريد ، وقفز كليا نحو "البناء
الايجابي" لدولة متطورة اقتصاديا ،
مستفيدا كل الاستفادة من تلك "الشراكة
النموذجية مع أمريكا" وايضا من
اعادة تصويب العلاقة مع العمق العربي -
الاسلامي ومسار خاص مع أوروبا تحت
عنوان (الجسر بين عالم أوروبي وعالم
اسلامي).. عناوين وأسس قواهما الرؤية
العلمانية لبناء المؤسسة المدنية
الحديثة ، وفقا لقانون ودستور من خيار
الشعب ذاته. تجربة
تستحق الدراسة بكل ما لها وما عليها ،
بعيدا عن الأحكام السياسية منها فهي
تجربة فكرية غنية قد تعيد روحا
افتقدتها "قوى الاسلام السياسي
العربية" ، مهما حاولت الالتحاف
بفوز "حزب العدالة" فهي ليست منه
ولا شبيهة له ، وليتها تعلن ذللك
الانقلاب وتنتمي قولا وفعلا لنهج
أردوغاني ، فعندها سيكون هناك أمل بعرب
من نوع جديد. ملاحظة:
زيارات براك المتكررة الى واشنطن ،
تقريبا زيارة في الشهر ، الا تستحق
التساؤل عن سببها وغاياتها الحقة في ظل
التصعيد مع ايران وحلفائها. ========================= علي
الصفدي الدستور 23-9-2010 تأبى
العقلية الاستيطانية العنصرية
المسيطرة على حكومة الائتلاف اليميني
المتشدد في إسرائيل ، والتي تمثلها
وتعبر عنها أطراف عدة داخل الحكومة
أمثال المستوطن الروسي أفيغدور
ليبرمان وزير خارجية إسرائيل الذي
اقتحم وأمثاله وطناً لا يمتون له بأية
صلة من قريب أو بعيد ، وأنشأوا فيه
كياناً دخيلاً على أنقاض كيان أهله
وأصحابه الشرعيين من أبناء فلسطين ،
وأمثال حزب شاس الديني الذي يتوجه كبير
حاخاماته عوفاديا يوسف بالدعاء إلى
الله أن يُبلى الفلسطينيون بوباء يقضي
عليهم جميعاً ، تلك العقلية المتمرسة
داخل قلعتها العنصرية تأبى إلا أن
تبتكر يوماً بعد يوم عقبة جديدة تعيق
مسيرة المفاوضات المباشرة ، وتبدد ما
أجمع عليه المجتمع الدولي من مضامين
تسووية تقوم على حل الدولتين
المتجاورتين على أرض فلسطين
الانتدابية. والعقبة
الجديدة التي تفتقت عنها منهجية
نتنياهو - ليبرمان - شاس ، تتخذ ثلاثة
أبعاد هي: دولتان لشعبين بدلاً من حل
الدولتين المطروح دولياً ، وذلك بقصد
توصل إسرائيل إلى مبتغاها العنصري
بتحقيق يهودية الدولة لكيانها حتى
تتخلص من فلسطينيي الداخل وسحب
مواطنتهم بشكل جماعي وإدخالهم في
متاهات المصير المجهول بالرغم من حصول
الاعتراف المتبادل الذي أقرته اتفاقات
أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية
ودولة إسرائيل دون أية إشارة إلى
قوميتها أو ديانتها ، والبعد الثاني
المكمل لهدف البعد الأول والذي أفصح
عنه المستوطن الغريب عن أرض فلسطين
أفيغدور ليبرمان بتصريحه العلني ،
يتمثل بأن مبدأ المفاوضات ينبغي ألا
يكون الأرض مقابل السلام ، بل الأرض
والسكان معاً مقابل السلام ، وجعل
مواطني إسرائيل العرب إحدى القضايا
المركزية التي ينبغي أن تطرح على طاولة
المفاوضات ، وهدفه من كل ذلك واضح
تماماً بأنه يسعى إلى مواصلة التطهير
العرقي وإخراج فلسطينيي الداخل أصحاب
الأرض والوطن الأصليين الذين تشبثوا
بالبقاء في ديارهم بالرغم من كل
الضغوطات العنصرية واستبدالهم
بالمستوطنين الطارئين على هذه الديار
والذين وصلوا إليها بموجات متلاحقة
واستولوا عليها دون وجه حق ، أما
العقبة الثالثة والتي ستوقف مسار
المفاوضات المباشرة فهي وفق ما أكده
رئيس السلطة محمود عباس إصرار نتنياهو
على رفض تمديد تجميد الاستيطان في
القدس والضفة الغربية والذي لم يطبق
فعلياً على أرض الواقع ، وبدل مواصلة
الاستيطان على عدم الالتزام إسرائيل
بمتطلبات التسوية وبمحورها الأساس
القائم على إنشاء دولة فلسطينية
مستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967
بما فيها القدس الشرقية ، وبدون هذا
المحور فلا أمن ولا سلام في المنطقة ،
وقد أقر رئيس وزراء إسرائيل السابق
ايهود أولمرت في خطابه الذي ألقاه قبل
أيام أمام مؤتمر وثيقة جنيف بأن على كل
حكومة في إسرائيل أن تقبل بحقيقة أن
اتفاق الحل الدائم يجب أن ترتكز على
إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 مع
تبادل أراضْ (بين مناطق 67 و48) وأن على
الأطراف أن تفهم أنه لن تكون سيادة
حصرية لأي طرف من الأطراف في القدس. وطالما
استمرت إسرائيل بنهجها الاحتلالي
الاستيطاني ، وبإصرارها على عنصرية
مطالبها ويهودية دولتها ، فلن يتحقق لا
أمن ولا سلام ، وستصل المفاوضات إلى
طريق مسدود كما وصلت غيرها من قبل. ========================= الغرب
وتركيا: علاقة لم تعد باتجاه واحد د.
بشير موسى نافع 2010-09-22 القدس
العربي في
عددها الأخير، نشرت مجلة النيوزويك
الامريكية مقالة بعنوان'نجم الشرق'،
تناولت سياسات رئيس الحكومة التركي
الطيب رجب إردوغان الخارجية. المقالة،
التي سلطت الضوء على الشعبية
المتزايدة لإردوغان في أوساط شعوب
الشرق الأوسط، أثارت سلسلة من الأسئلة
حول التوجهات الحقيقية لحكومة حزب
العدالة والتنمية وما إن كانت تجر
تركيا بعيداً عن تحالفاتها التقليدية
مع الغرب، والولايات المتحدة على وجه
الخصوص. قبل
النيوزويك، وربما في لغة غير مسبوقة في
سياق الحديث حول رئيس حكومة دولة
صديقة، كتب المعلق في صحيفة وول ستريت
جورنال الامريكية اليمينية روبرت
بولوك يقول بأن إردوغان يقود بلاده 'في
انحطاط قومي نحو الجنون'. وقد شهدت
الأوساط الإعلامية الغربية والتركية
في الشهر الماضي ضجة صغيرة حول تقرير
نشرته صحيفة بريطانية، ادعى أن الرئيس
الامريكي أوباما وجه تهديداً صريحاً
لإردوغان بتعطيل صفقات التسلح
الامريكي لتركيا ما لم تغير حكومة
العدالة والتنمية سياساتها تجاه إيران
والدولة العبرية. خلال ساعات من نشره،
صدر عن واشنطن وأنقره تكذيبان قاطعان
للتقرير، الذي لا يستبعد أن يكون جزءاً
من حملة استهدفت إضعاف حظوظ إردوغان في
الحملة الدائرة آنذاك للاستفتاء على
حزمة كبيرة وجريئة من التعديلات على
الدستور التركي. ولكن
أحداً، على أية حال، لا يمكنه القول
بأن العلاقات التركية - الامريكية على
ما يرام. كما أن العلاقات التركية-
الإسرائيلية لم تمر بهذا المستوى من
التدهور من قبل. أما العلاقات التركية
بفرنسا وإلمانيا فيمكن القول أنها
تعيش مناخاً بارداً بالفعل، إن لم تكن
في حالة من الصقيع. الاستثناء البارز
في هذا الوضع الأقرب إلى التأزم، هي
العلاقات التركية - البريطانية، التي
أكدت عليها زيارة صاخبة ومثيرة قام بها
رئيس الحكومة البريطانية الجديدة
مؤخراً للعاصمة التركية. وليس من
الصعب، بالطبع، فهم الاستثناء
البريطاني، الذي يسعى منذ سنوات
لانتهاز فرصة الرفض الأوروبي لتركيا
لصالح تعزيز دور بريطانيا عالمياً. من
جهة، يبدو الغرب (والدولة العبرية لابد
أن تصنف في خانته) وكأنه يعيش حالة من
الصدمة في تعامله مع إردوغان وحكومته.
ومن جهة أخرى، يبدو إردوغان وكأنه لم
يعد يكترث بموقف الغرب من سياسات بلاده
وحكومته. فكيف نقرأ هذا التطور في
علاقات تركيا مع الغرب، العلاقات التي
صاغت رؤية العثمانيين للعالم منذ
منتصف القرن التاسع عشر، على الأقل،
ورؤية خلفاء رجال التحديث العثمانيين
في الجمهورية التركية منذ ولادة تركيا
الحديثة قبل زهاء التسعين عاماً؟ استقرت
علاقات الغرب بتركيا منذ أكثر من قرن
ونصف القرن على نمط واحد، لم يتغير إلا
قليلاً من مرحلة إلى أخرى ومن قضية إلى
أخرى. أقرب وصف لهذا النمط أنها علاقات
باتجاه واحد. فبعد قرون من التقدم في
شرق ووسط أوروبا، ومن السيطرة المطلقة
على حوض المتوسط الشرقي، فوجئ
العثمانيون على نحو ما بالحيوية
الأوروبية الجديدة على الجبهتين
الروسية والنمساوية. خلال
ثلاثة أرباع القرن، من الربع الأخير
للقرن الثامن عشر حتى منتصف التاسع
عشر، دفعت الحدود العثمانية على
الجبهتين مئات الأميال إلى الخلف،
وتنازلت السلطنة للمرة الأولى للروس
عن بلاد تقطنها شعوب مسلمة في القرم
وشمال القوقاز. وحتى في قلب بلاد
الإسلام القديمة، مثل الجزائر ومصر،
لم تعد الدولة قادرة على الدفاع عن
بلادها ورعيتها. في هذا المناخ، برزت
حفنة من رجال الدولة والحكم في اسطنبول
والقاهرة وتونس اعتقدت أن ليس ثمة سبيل
للانقاذ إلا بتعهد برامج تحديث واسعة
وسريعة، تحديث على النمط الأوروبي
الغربي الجديد. ومنذ انطلقت حركة
التحديث، في موازاة الانتشار
الإمبريالي المتسع، ورجال الدولة
العثمانيون والأتراك (كما أغلب رجال
الدولة في العواصم العربية والإسلامية
الأخرى) ينظرون إلى الغرب نظرة التوسل
والاسترضاء، تحكم سياساتهم تجاهه
مشاعر مستبطنة من الدونية، والرغبة في
تمثل خطواته ومواقفه ونمط حياته. كانت
الإصلاحات العثمانية في منتصف القرن
التاسع عشر، حتى وهي تستهدف تعزيز قوة
الدولة وتحسين معيشة رعاياها، مؤسسة
على نصائح أوروبية؛ وكذلك كانت خطى
حكومات الاتحاد والترقي بعد انقلابي
1908 1909. أما جمهورية مصطفى كمال، التي
أسست من قلب نضال مرير ضد قوات
الاحتلال الأوربية، فقد تبنت بصراحة
وحدة مشروعاً شاملاً وانقلابياً
للهندسة الاجتماعية والثقافية،
استهدف تحويل تركيا الجديدة إلى 'قطعة
من أوروبا.' كانت
حرب الاستقلال التركية القصيرة في
مطلع العشرينات من القرن العشرين،
التي حاول فيها مصطفى كمال ورفاقه
الحفاظ باستماتة على ما تبقى من
السلطنة حراً ومستقلاً، آخر منازعات
الأتراك مع الغرب. وبعدها استقرت
العلاقة على نحو أو آخر على أسس غير
متكافئة من الحاجات الاستراتيجية
والاقتصادية، ومن الإلحاق والتبعية.
أصبحت تركيا ما بعد الحرب الثانية
تعددية ديمقراطية
حتى تقبل في منتدى 'العالم الحر'، ولكن
حتى بعد أن انضمت تركيا لحلف الناتو،
لم تنظر لها الدول الحليفة شريكاً على
قدم المساواة، بالرغم من أن جيشها كان
وما يزال ثاني أكبر جيش في الحلف. ليس
في أي مرحلة من تاريخ الحلف، نظرت
واشنطن، زعيمة الحلف وقائدة المعسكر
الغربي في الحرب الباردة، إلى تركيا
كما نظرت إلى حليفاتها الأخريات في
الغرب الأوروبي. استخدمت
تركيا دولة مواجهة مع الاتحاد
السوفييتي والكتلة الشرقية، بكل ما
يعنيه هذا الدور من مخاطر، ولكن
الأتراك فوجئوا في مطلع الستينات أن
الصواريخ الامريكية المنصوبة في
بلادهم لحمايتها استخدمت ورقة مساومة
في أزمة الصواريخ الكوبية، وأن واشنطن
لم تكن على استعداد لدعم الموقف التركي
في الأزمة القبرصية، التي هددت حياة
القبارصة الأتراك. وحتى عندما أجرت
تركيا مراجعتها الشهيرة للسياسة
الخارجية في نهاية الستينات، لم يأت
التغيير جذرياً وكبيراً. اجتماعياً
وثقافياً، باتت أوروبا تنظر إلى
التركي، الذي عرفته طوال قرون غازياً
ومحارباً، باعتباره عاملاً متواضعاً
في مصانع الرخاء والنهوض الأوروبي
الجديد. بكلمة
أخرى، أوروبة تركيا وتغربها كان
قراراً تركيا بحتاً، لم يلزم الغرب بأي
شعور بالشراكة والتكافؤ مع الأتراك. الأتراك
اليوم محل اتهام؛ أو هم على الأحرى محل
سلسلة من الاتهامات المتراكمة منذ 2003.
برز التوتر للمرة الأولى عندما رفض
البرلمان التركي، الذي تسيطر عليه
أغلبية كبيرة لحزب العدالة والتنمية
الحاكم، السماح لإدارة بوش الابن
باستخدام الأراضي التركية لغزو العراق
من الشمال، القرار الذي جعل وزير دفاع
بوش رامسفيلد يوجه تهديداً صريحاً
لأنقرة. ولم تلبث إدارة بوش أن فوجئت
بتصريحات إردوغان الشاجبة لتصرفات
قوات الاحتلال الامريكية في الفلوجة
والمناطق السنية العراقية الأخرى.
خلال السنوات التالية، لم يكن من الصعب
فهم الدوافع خلف سياسات غض النظر
الامريكية في شمال العراق عن النشاطات
الإرهابية لحزب العمال الكردستاني.
ولكن إدارة بوش الثانية وجدت في
النهاية طريقة ما للمحافظة على علاقات
طبيعية، وإن غير دافئة ولا ودودة، مع
حكومة إردوغان، بعد أن لم يعد ثمة شك في
أن الإدارة جرت الولايات المتحدة إلى
سياسات حرب غير محسوبة العواقب. في
الحرب الإسرائيلية على لبنان والحرب
الأخرى على قطاع غزة، اختار رئيس
الحكومة التركي أن يعبر عن مواقفه
بصراحة لا لبس فيها، وأن تعكس هذه
المواقف مشاعر الشعب التركي ضد
الحربين. وبعد بداية صحية واستقبال حار
وترحيبي لأوباما في أنقرة واسطنبول،
جاء التدهور المتسارع في العلاقات
التركية - الإسرائيلية والموقف التركي
من الملف النووي الإيراني ليدفع بقدر
ملموس من التوتر إلى العلاقات بين
حكومة إردوغان وإدارة أوباما. في
الوقت نفسه، كان المحور الفرنسي
الإيراني يعرب بوضوح قاطع عن رفضه ضم
تركيا للاتحاد الأوروبي، بالرغم من أن
الطلب التركي للانضمام للاتحاد يعود
إلى عقود سابقة، عندما كان الاتحاد
مجرد سوق أوروبية مشتركة. لا الإصلاحات
السياسية المتعاقبة التي تبنتها حكومة
العدالة والتنمية منذ 2002، ولا
الزيارات المتوالية التي قام بها
المسؤولون الأتراك للعواصم
الأوروبية، ولا النمو الاقتصادي
التركي المذهل، ولا الانفراجات
المستمرة في علاقات تركيا بأرمينيا
واليونان وكافة دول البلقان، نجحت في
إقناع الأوروبيين الكبار في تغيير
موقفهم. التفاوض في الملفات الضرورية
لعملية الانضمام يسير بطيئاً، وليس
ثمة من وعد بانضمام تركيا للاتحاد، ولا
حتى بعد عقد أوعقدين. لم يعد أحد في
أوروبا يعتقد بمصداقية المقولات بأن
إردوغان يسعى إلى أسلمة الدولة
التركية، ولكن الرفض الأوروبي لتركيا
مؤسس على الخوف من المسلمين بحد ذاتهم
وليس من سياسات اسلمة موهومة. وبالرغم
من الآمال التركية بأن يساعد إقرار
التعديلات الدستورية الأخيرة على دفع
مفاوضات الانضمام للاتحاد قدماً، فلا
يجب أن يكون هناك وهم حول أن تكسب تركيا
قريباً عضوية النادي الأوروبي. تركيا
إردوغان لم تدر ظهرها للغرب. تبادلها
التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي لم
يزل يشكل نصف حجم تجارتها الخارجية،
وتصميمها على الانضمام للاتحاد
الأوروبي لم يزل على حاله. تركيا هي عضو
كامل في حلف الناتو، وليس هناك ولا أي
مؤشر على نية إردوغان الخروج من الحلف.
تتحمل تركيا مسؤولياتها بكفاءة
وإنسانية في أفغانستان، بدون أن تشارك
قواتها في الحرب الدائرة في البلاد؛
كما تشارك القوات التركية في قوات حفظ
السلام الدولية في جنوب لبنان. وكما
أغلب دول العالم، تعارض تركيا أي توجه
إيراني للتسلح النووي، مع توكيدها على
حق إيران في استخدام الطاقة النووية
لأهداف سلمية، ورغبتها في أن يحل
الخلاف الغربي - الإيراني عن طريق
التفاوض لا التهديد والحرب. ولكن مشكلة
الغرب مع تركيا إردوغان لا تتعلق بسجل
حكومته، وخياراتها الاستراتيجية
الكبرى. مشكلة
الغرب أن ثمة تركيا مختلفا يبرز الآن
أمامه، تركيا يريد أن يتعامل مع الغرب
على قدم المساواة، وعلى أساس من
التكافؤ لا الدونية والاستعلاء. وإلى
أن تدرك العواصم الغربية أن العالم من
حولها يتغير، وأن على سياساتها
ورؤيتها للآخرين أن تتغير هي الأخرى،
فالعلاقات التركية بالدول الغربية
مرشحة لبعض من التوتر. '
كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث ========================= قلق
سوري من خطر انهيار العراق وتقسيمه أمير
المفرجي 2010-09-22 القدس
العربي لاشك
أن بقاء هذا التقارب بين إيران وسورية
ونشاطهما الواضح حول قضايا المنطقة،
له علاقة مباشرة بنوعية الرؤية التي
يتبناها الهرمان الإيراني والسوري، كل
حسب مصلحته القطرية وتطلعاته القومية
التوسعية في ما يتعلق بملفات فلسطين
والعراق، لاسيما ان إيران وبوجود
حليفتها سورية تتفاعل في قضايا
المنطقة سياسياً واثنياً مستفيدة من
التغيرات الكبيرة التي جاءت بها جريمة
تدمير العراق وإضعاف الدور العربي في
منطقة الشرق الأوسط، بتهميش الدول
العربية ومن ضمنها سورية لصالح بروز
قوة مُختلقة من الغرب كإيران للعب دور (الدفاع
عن الحقوق العربية والإسلامية) في
قضايا الأمة المصيرية، من خلال إنهاء
منافسيها في العراق وحركة طالبان في
أفغانستان، ليتسنى لها الانفراد (في
الدفاع) عن قضايا العرب والمسلمين في
الشرق الأوسط. وهكذا
يتجه ميزان القوى لصالح إيران إلى درجة
التأثير اقتصاديا وسياسيا، من خلال
دعمها لبعض أنظمة وأحزاب المنطقة
القريبة منها، كسورية انطلاقا من فكرة
(إحياء الهلال الشيعي) العزيزة على
قلوب الزعماء في إيران، والعمل على جعل
سورية بلدا تابعا يعمل ويدور في مدارها
الفلكي. وقد عززت الجمهورية الإسلامية
هذه العلاقة لتأخذ بعدا اقتصاديا
واستثمارياً في قطاعات الاقتصاد
السوري، كالنفط والزراعة والصناعات
المختلفة وبأرقام قاربت الأربعة
مليارات دولار في السنوات الأخيرة. وعلى
الرغم من الاختلاف العقائدي الواضح في
الايديولوجية السياسية بين نظام البعث
العربي السوري العلماني للدكتور بشار
الأسد عن حليفه الثيوقراطي في
الجمهورية الإسلامية، فان مصالح
إستراتيجيتهما المشتركة في المساهمة
في التشكيل القادم لمنطقة الشرق
الأوسط، والدعم الاقتصادي الإيراني
قربتهم الواحد من الآخر. النقطة المهمة
والجديرة بالاهتمام، هي المطالب
السورية والإيرانية للإدارة
الأمريكية لتأمين دور إقليمي مهم لهما
في حسابات قضية الشرق الأوسط المحورية
ومشروع الدولة الفلسطينية، ناهيك عن
الرغبة في المشاركة في ترتيب الوضع
الجديد للعراق المغلوب على أمره بعد
بدء القوات الأمريكية في الانسحاب من
أرضه. فما بين إيران الطامحة والطامعة
لمد نفوذها في المحيط الجغرافي
العراقي، وبين تركيا ودورها التاريخي
في المنطقة، تحاول سورية لعب دور الطرف
العربي مستغلة المعطيات القديمة كطرف
مشارك وحيوي في الصراع العربي
الإسرائيلي، لاسترجاع أراضيها
المحتلة في الجولان وحل القضية
الفلسطينية، وما بين المعطيات الأخرى
الجديدة التي أولدتها مأساة العراق
وتوافقها مع القوى العراقية الوطنية
العلمانية التي تناضل للحفاظ على وحدة
العراق، والانتماء الوطني والتي
تحتضنها وتقدم لها التسهيلات على
التراب السوري، في الوقت الذي تسعى
إيران الى تأجيج التوتر الطائفي
وبالتالي ربط العراق اثنيا وسياسيا
بنظام ولاية الفقيه. ففي الوقت الذي
تسعى إيران لجعل العراق بلدا تابعا
يسير في فلكها عن طريق العزف على أوتار
الاثنية والتفريق، تأمل سورية في
اعادة وتقوية اسس القومية العربية
التي دمرها الاحتلال الأمريكي . بين
سورية والعراق العديد من النقاط
المشتركة، ففي إيديولوجية حزب البعث
العربي الاشتراكي تأخذ (القومية
العربية والعلمانية) مكانا رئيسياً في
الفكر السياسي والاجتماعي. وعلى الرغم
من وقوف الرئيس الراحل حافظ الأسد
بجانب الكويت ومن قبلها مع إيران في
حربها في نشر الاسلام السياسي ضد
العراق، رفضت سورية توفير الدعم
اللوجستي إلى قوات التحالف الاجنبي في
قصف العراق واعترضت على مشاركة الجيش
السوري في قتل العراقيين. في الوقت
نفسه، كان للصراع والاختلاف الشخصي
الناتج عن انقسام البعث في بغداد
ودمشق، نتائجه على العلاقات بين
البلدين، فقد حرص النظامان السوري
والعراقي في صراعهما الشخصي المتبادل
في عدم التأثير سلبيا على القاعدة
الشعبية الموجودة في كلا البلدين. ففي
الوقت الذي حظي فيه الرئيس الراحل صدام
حسين بشعبية واضحة من طرف أغلبية الشعب
السوري، سمح النظام السوري للعديد من
معارضي الرئيس العراقي السابق باللجوء
إلى سورية تطبيقا لإيديولوجية البعث
القومية العربية، التي عززتها المواقف
السورية الأخيرة غداة احتلال العراق،
بعد أن فتحت السلطات السورية حدودها
وسمحت لملايين العراقيين بالعثور على
ملجأ على أراضيها، في الوقت الذي عمدت
بعض البلدان المجاورة الأخرى الى
إغلاق حدودها ورفض تأمين المساعدة
لهذا الشعب المبتلى. وفي
الوقت الذي تتداخل فيه المصالح
الإيرانية الإستراتيجية بتلك التركية
والسورية والأمريكية في بلاد
الرافدين، تحاول سورية تفعيل
نشاطاتها، بإعادة بناء عراق سياسي
قريب منها، أي أن تتولى شخصيات تحت
تأثيرها الحقائب الرئيسة في النظام
العراقي الجديد، بما يضمن في أن تكون
لها كلمة في القرار السياسي، وهذا ما
يفسر قبول سورية أخيراً لشخصيات كأياد
علاوي وعادل عبد المهدي في حكم العراق،
حيث يرتبط هؤلاء بعلاقات قديمة وقوية
بالمسؤولين السوريين وخط حزب البعث
السوري، لاسيما ان التأثير على العراق
سياسياً يعني سهولة التأثير عليه على
المستوى الاقتصادي، وهنا يبدو لنا
بجلاء الاهتمام الرئيسي لسورية
بالاقتصاد العراقي ولما يوفره من
العملة الصعبة للخزينة السورية.
فجولات المالكي ووفوده المتعددة
وتلويحه بمعادلة النفط مقابل تسليم
المعارضة الوطنية لم تكن إلا إشارات
واضحة بفهم النظام الطائفي العراقي
الحاكم بالمطالب والنوايا السورية
واهتمامات دمشق التكتيكية على
المستويين الاقتصادي والسياسي في
الكعكة العراقية، بما يخدم الهدف
الإستراتيجي الذي وضعه الرئيس الأسد
للاستحواذ على أكبر ما يمكن من النفوذ
في العراق عشية انسحاب القوات
الأمريكية. وقد يكون هذا هو ثمن
وإغراءات سياسية تدفعها الإدارة
الأمريكية الجديدة لدمشق في العراق
عبر إهدائها أوراقا سياسية رابحة
عززتها نتائج انتخابات نيسان/ابريل
العراقية التشريعية. من هذا المنطق
يميل السوريون للتدخل في شؤون العراق
دفاعاً عن مصالحهم الوطنية والقومية
بعد أن تعاملت الولايات المتحدة معهم
كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها في إطار
التفاوض مع إسرائيل والقضية
الفلسطينية، ناهيك عن مسألة احتلال
الجولان وأهمية استرجاعها بالنسبة
للجانب السوري. وعلى
الرغم من وجود رغبة سورية وقومية صادقة
للامتداد في المحيط الإنساني العراقي
نتيجة لأهمية حجم العلاقات الإنسانية
التي تربط الشعبين السوري والعراقي،
فقد أثار الاحتلال الأمريكي للعراق
مخاوف حقيقية من أن يكون النظام السوري
الهدف القادم للولايات المتحدة، على
الرغم من تبدد هذا الخوف في الوقت
الحاضر نتيجة لمقاومة العراقيين
للوجود الأجنبي لبلادهم، وفشله في
تثبيت أقدامه في التراب العراقي، ومع
ذلك لا تزال سورية تشعر بالقلق من خطر
انهيار العراق وتقسيمه بإقامة دولة
كردية قد تعزز مطالب الأكراد في سورية
مما يفرض عليها التحرك في اتجاه الحفاظ
على وحدة العراق ونحو خط واضح ومستقل
يهدف إلى المصالحة الوطنية والسياسية
في بغداد، في الوقت الذي حاولت وتحاول
إيران اللعب على أوتار الاختلافات
العرقية والدينية. النقطة الجديرة
بالاهتمام في هذا السياق هو انه رغم
الاختلاف الكبير بين الجانبين ووجود
رغبة سورية صادقة في الدفاع عن وحدة
العراق لظروف خاصة تمس مكونات المجتمع
السوري، ورغم أهمية الفكر العقائدي
لحزب البعث السوري الهادف الى تعزيز
القومية العربية خلافا للجارة إيران،
تتلاقى المصلحة السورية والإيرانية في
إبقاء العراق ضعيفا ومهمشاً انطلاقا
من نتائج الصراع الإقليمي لمنطقة
الشرق الأوسط والخليج العربي التي
تخضع إلى توازنات معادلة التأثر
والتأثير في الجغرافية السياسية. ان
ترتيب ملفات المنطقة من قبل دول الجوار
العراقي لمصالحهم القومية والقطرية
يجب أن لا يوقف جهود النخبة الوطنية
العراقية في توحيد جهودها لإعادة بناء
دولة وطنية مستقلة غير متأثرة
باستراتجيات دول الجوار. كما ان للعراق
العربي موقفا وحقوقا تاريخية شرعية في
هذا الجزء المهم من العالم يتوافق مع
ثقله الاقتصادي والبشري والحضاري. لقد
كان وسيكون للعراق دور مؤثر مهم وحضاري
وعامل للاستقرار الحضاري والاجتماعي
في إحلال السلام العادل في هذه المنطقة
من العالم. '
كاتب عراقي ====================== تساؤلات
بين يدي بضاعة الشِعر الكاسدة! علي
الرشيد الشرق
القطرية 21/9/2010 أهداني
أحد أصحابي الشعراء نسخة من مجموعة
جديدة له صدرت عن إحدى دور النشر
بدولته التي يعدّ سكانها قرابة خمسة
ملايين نسمة، وقادني فضولي للتعرف على
تفاصيل عملية النشر منه إلى اكتشاف
حقائق مرة عن مؤشرات الظلم الذي يتعرض
لها الشعر كأحد الفنون الأدبية
الرئيسة خصوصا لدى العرب والتي تزداد
تفاقما جيلا إثر جيل. فاجأني
صاحبي أنه طبع من مجموعته الشعرية التي
لا يزيد عدد صفحاتها عن 48 صفحة من القطع
المتوسط 500 نسخة فقط لا غير، وقد جاء
ذلك بناء على نصيحة صاحب الدار الناشرة
بحجة أن سوق الشعر كاسدة وبضاعته غير
رائجة لدى روّاد المكتبات وزوّار
معارض الكتب، علما أن صاحبي ليس جديدا
على هذه الصنعة الأدبية، فهو ينظم
الشعر وينشره في المجلات والصحف، وله
دوواينه الموجهة للكبار والصغار منذ
ثلاثة عقود ونيف ، وعلاوة على ذلك فإن
تكاليف الطباعة كانت على حسابه، وقيمة
بيع النسخة الواحدة من المجموعة حسب
مافهمت لا تتجاوز دولارين. وتندّر
صاحب آخر لي وهو شاعر فاز العام الماضي
بالمركز الأول في مسابقة شعرية كبيرة
بإحدى دول الخليج وحصل على جائزة مالية
مجزية قائلا لمن حوله بعد استلامها :
"كيف تقولون أنّ الشعر لا يطعم خبزا"..
وقد أطلق مقولته بعد أن تمكّن بقيمة
الجائزة من شراء بيت له يؤويه ويؤوي
أولاده بعد أن ظلّ طيلة فترات عمره
الماضية يسكن بالإيجار، ولم يكن له ذلك
إلا بعد أن جاوز الستين من عمره، رغم ما
صدر له من مجموعات شعرية ودوواين وما
نشره في الصحف المحلية والعربية قبل
ذلك. ولو
قارنت جمهور الشعر بغيره من جماهير
ومحبي الفنون والهوايات الأخرى لوجدته
الأقل على الإطلاق غالبا
وللتأكد من
ذلك حسبك أن تحضر أمسية أو صباحية أو
ندوة شعرية. لم يعد
الشعر كما قال ابن فارس في فقه اللغة :
والشعر ديوان العرب، وبه حفظت
الأنساب، وعرفت المآثر، ومنه تعلمت
اللغة، وهو حجة فيما أشكل من غريب كتاب
الله، وغريب حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وحديث صحابته والتابعين. والسؤال
الذي يطرح نفسه إزاء هذا الواقع المؤلم
: أين يكمن الخلل؟ .. أهو في الشعراء
والمستوى الفني لما يصدر عنهم ، أم هو
في المتلقين وما وصل إليه حال ذائقتهم
الأدبية والبلاغية ، أم في الوضع الذي
آل عليه حال العربية عموما ومدى
الاهتمام بها في مدارسنا ومعاهدنا
وجامعاتنا العربية ومقدار تقديسنا
وتقديرنا لنا باعتبارها لغة القرآن
الكريم وإعطائها مكانتها اللائقة على
المستويات الرسمية والخاصة ، أم بسبب
عوامل الجذب والتشويق لفنون جديدة
صارت تشد أجيالنا على حساب الشعر
العربي الذي بدا أن البساط سحب من تحته.. قديما
قالوا عن الشعر: (إذا لم يهززك عند
سماعه فليس حرياً ان يقال له شعر)
وقسموا الشعراء إلى أربعة أصناف : شاعر
يجري ولا يجرى معه، وشاعر يخوض وسط
المعمعة، وشاعر لا تشتهي أن تسمعه،
وشاعر لا تستحي ن تصفعه. إن
الحقيقة تقتضي القول أن كثيرا من الشعر
لم يعد يشنّف آذاننا ويطرب مسامعنا كما
هو الحال عند سماع معلقات " امرؤ
القيس وزهير والنابغة .." أو من جاء
بعدهم كالبحتري والمتنبي وأبي فراس
الحمداني، أو شعراء العصر الحديث
كشوقي وحافظ إبراهيم والجواهري وعمر
أبي ريشة وبدوي الجبل ومعروف الرصافي
وفدوى طوقان ونازك الملائكة وبدر شاكر
السياب ونزار قباني ومحمود درويش
وغيرهم .. وبالتالي فإن هذا الوضع يشير
إلى تيار جارف من الشعراء قد لاتشتهي
السماع لهم أو قراءة انتاجهم بسبب
رداءة المستوى الفني وضعف سويته
البلاغية. على
الضفة الأخرى ثمة أسباب مهمة وراء كساد
بضاعة الشعر لدى أصحاب العلاقة
والمتلقين، تبدأ من تردي مكانة اللغة
العربية لدينا وإعلاء قيمة اللغات
الإفرنجية الأخرى على حسابها، وضعف
الإقبال على القراءة والمطالعة، وغياب
مدرّسي اللغة العربية الأكفاء، الذين
يحببون اللغة العربية لطلابهم منذ
الصغر ويكونون قادرين على إيصالهم إلى
تذوق آدابها شعرا ونثرا، بما تحويه من
جماليات، وما تكتنزه من صور
وانفعالات، أوتتضمنه من بيان مؤثّر
وموسيقى ساحرة ، واقتصار دورهم
عوضا عن ذلك على
التحفيظ والتلقين وتقديم المادة صمّاء
جافة بلا روح . وعندما
يقال عن دولة كموريتانيا بأنها "بلد
المليون شاعر" فإن ذلك لم يتأت إلا
لأن نظام التعليم هناك يهتم بالشعر
العربي وقواعد اللغة وتحفيظ الصغار
والكبار الكثير من عيون الشعر العربي
فضلا عن إلمامهم الكبير بقواعد اللغة
العربية . لقد
كان الخلفاء والسلاطين يحبون الشعر
ويرحبون بالشعراء في مجالسهم ويجزلون
لهم العطاء تعبيرا عن تقديرهم لديوان
العرب، أما الآن فإن الوضع اختلف
والصورة تغيرت وصار الشعراء في دولنا
العربية في الصفوف الخلفية على حساب
شرائح أخرى، يقاسون الأمرّين من أجل
تدبير لقمة عيشهم دون أن تقدر مكانتهم
الإبداعية إلاّ ما ندر . ويضاف
إلى ما سبق ظهور فنون وهوايات أخرى
صرفت الشباب عن الشعر والأدب عموما،
وساعد على ذلك تطور تكنولوجيا الإعلام
والاتصال بكل ما فيها من مؤثرات
جذّابة، فعمل درامي أو فيديو كليب
غنائي صار يستقطب الملايين من البشر
عبر شاشات التلفزة، وصارت الرياضة
ومباراياتها معشوقة الآلاف والملايين
من الشباب والفتيات في الملاعب وعبر
الشاشات الكترونية وهو ما يستدعي
دراسة هذا الواقع واستثمار التقانة
لصالح الشعر وإعادة الاعتبار له. نريد
أن تعود للقريض نضارته، وأن ينهض من
يجدد له شبابه، ويضخ الدماء في عروقه،
حتى يستعيد مكانته التي عرف بها، نريد
أن تكون له منتدياته ومهرجاناته كما
كان الحال في سوق عكاظ ملتقى للشعراء
وحاضنا لهم ومفجّرا لقرائحهم، تسهم
كما ساهم في إخراج عدد من الأسماء
والقصائد الشعرية الكبيرة (المعلقات)
في تاريخ الأدب العربي. ترى:
" هل ترجع الدار بعد البُعد ثانية..
وهل تعود لنا أيامنا الأُول"، أم
سنشهد مزيدا تقهر مكانة الشعر العربي ..
الأمر بيد هذه الأمة التي هي الخصم
والحكم بآن معا. ================== مسلمو
أميركا من العبودية إلى حرق نسخ القرآن
سمير
كرم* "السفير"
اللبنانية 17/9/2010 لم تكن
هجمات الحادي عشر من ايلول 2001 بداية
التاريخ. كما انها ليست بالتأكيد
نهايته. وهي
بالمثل ليست بداية تاريخ المسلمين في
اميركا ولا هي نهايته. انما
يبدو وسط ضباب يغشى الرؤية حول كل
القضايا هذه الايام
بلا استثناء تقريباً
ان هناك اعتقاداً قوياً لدى
كثيرين، مسلمين وغير مسلمين، اميركيين
وغير اميركيين، بأن تاريخ المسلمين في
اميركا حديث العهد، ربما لا يتجاوز
الاعوام التسعة التي مضت على احداث
الهجمات المشؤومة. والحقيقة
ابعد ما تكون عن هذا الاعتقاد. لقد بدأ
تاريخ المسلمين في اميركا مع بداية
استعمارها من جانب مكتشفيها الاسبان،
وبعد ذلك وعلى نطاق اوسع مع بداية
استعمارها استيطانياً من جانب
الامبراطورية البريطانية. فلقد
كان بين مرافقي كريستوفر كولومبوس،
مكتشف اميركا الى سواحل القارة في
رحلته الثالثة اليها، افراد من
المسلمين الاسبان، واحد على الأقل
يسجل التاريخ اسمه على انه واحد من
البربر، ينتمي أصلاً للشمال الأفريقي،
وشارك لاحقاً في استكشاف مناطق
اميركية، مما يعرف اليوم بأريزونا
ونيو مكسيكو لحساب الامبراطورية
الاسبانية. اما
البداية الحقيقية الجماعية لهذا
التاريخ، فكانت مع المسلمين الذين «شُحنوا»
قسراً مكبلين بالأغلال مع مواطنين
افارقة كثيرين، ونقلوا على السفن الى
سواحل اميركا إبان الاستعمار في مرحلة
إقامة المستعمرات. وتذكر كتب التاريخ (اذكر
منها بنوع خاص كتاب الدكتورة ايفون
حداد بالانكليزية بعنوان: مسلمو
اميركا، وكتاب سيدني اهيلستروم
بالانكليزية ايضا بعنوان: التاريخ
الديني للشعب الاميركي) ان نسبة
المسلمين بين الأفارقة الذين نقلوا
بالسفن عنوة الى اميركا
والذين مات منهم المئات غرقاً او
عطشاً في الرحلة عبر الاطلسي
كانت تتراوح بين 15 في المئة و30 في
المئة. كان هذا في القرنين السادس عشر
والسابع عشر. كما ان نسبة الذين نقلوا
ليصبحوا عبيداً أفريقيين في اميركا من
مناطق يسودها الاسلام في أفريقيا كانت
تربو على 50 في المئة. بعد ذلك في القرن
الثامن عشر بعد
ان استقلت الولايات المتحدة الاميركية
فإن بعض هؤلاء المسلمين كانوا اسرى بيد
البحارة الاميركيين اخذوا من الجزائر
في الاعوام من 1785 الى 1815 وكانوا من
اوائل من وقعت عليهم عيون الاميركيين
من ابناء المسلمين المنتمين لمنطقة
الشرق الاوسط. كان ذلك جزءاً من حرب
اطلقت عليها السلطات الاميركية اسم «حرب
القراصنة». ولم يكن مبرر التسمية الا
دفع الجزائريين عن سفنهم وشواطئهم ضد
سفن اميركية غازية. على
الرغم من قسوة الظروف التي نقلوا فيها
الى اميركا وكان
بعض هؤلاء المسلمين الافارقة امراء
وزعماء قبائل في بلادهم
لكنهم تركوا انطباعاً طيباً
للغاية لدى الاميركيين وخاصة المفكرين
والكتاب، حتى ان جون ادامز كتب في عام
1776 في كتاب له بعنوان «افكار عن
الحكومة» يصف الرسول محمد بأنه كان
ساعياً رصيناً وراء الحقيقة، شأنه شأن
سقراط وكونفوشيوس وزارادشت. وبعد ذلك
بسنوات قليلة اعلن جورج واشنطن بطلاً
للاستقلال الاميركي، وأول رئيس
للولايات المتحدة يعلن استعداده لأن
يوظف المسلمين والمنتمين لأي امة او
ديانة في ضيعته الخاصة في ولاية
فيرجينيا ماداموا عمالاً جيدين. في عام
1778 اقامت المملكة المغربية اول علاقات
دبلوماسية اقيمت مع الولايات المتحدة
ولم تمض سنوات حتى كان المجلس التشريعي
لولاية كارولينا الجنوبية يمنح
المغاربة في الولاية وضعاً قانونياً
خاصاً، ويعلن ان الولايات المتحدة لا
تكنّ اي عداء تجاه القوانين او الديانة
او الاستقرار الخاص بالمسلمين. وبعد
ذلك بسنوات قليلة دافع توماس جيفرسون،
مفكر الثورة الاميركية، والرئيس
الثالث للولايات المتحدة، عن حرية
الأديان، بما في ذلك الاسلام في
الولايات المتحدة، وشارك في إفطار
رمضاني اقامه سفير تونس عام 1809. وسط
هذه الأجواء الايجابية التي فرضها
احترام المسلمين لأنفسهم ودينهم
ومقدساتهم بدأت في الظهور في اوساط
المعارضة الاميركية «مخاوف» من
طموحهم، حتى ان مرشحاً معارضاً في
ولاية كارولينا الشمالية عام 1788 يدعى
وليام لانكستر اعلن: «دعونا نتذكر أننا
نشكل حكومة لملايين لم يولدوا بعد...
وفي مسار اربعمئة او خمسمئة سنة لا
اعرف كيف ستعمل هذه الحكومة، ذلك انني
اخشى ان يأتي يوم قد ينتخب فيه
كاثوليكي او مسلم رئيساً. ولست ارى
شيئاً يمنع حدوث هذا". ثم
يسجل التاريخ ايضاً ان الاميركي
الكسندر راسل ويب كان اول اميركي مرموق
يتحول الى الاسلام، وكان ذلك عام 1888
وكان الممثل الوحيد للمسلمين في «برلمان
الديانات العالمي». بعد ذلك في حقبة
الحرب الاهلية الاميركية، بين الشمال
المعارض للعبودية والجنوب المؤيد
لاستمرارها، وقعت حوادث كثيرة ضد
المسلمين وضد غيرهم من الأقليات
الدينية، ويذكر في هذا الصدد ان ضابطا
في الجيش الاميركي (الشمالي) اعلن عزمه
على ان ينقذ مجلداً واحداً من عملية
تدمير جامعة ألاباما، وكان هذا المجلد
نسخة نادرة من القران الكريم. ولا يمر
ذكر الحرب الاهلية الاميركية من دون ان
نذكر ان كثيرا من جنود الشمال من «السود»
كانوا مسلمين وقد حاربوا ضد العبودية
بحماس وإيمان عميق. وتذكر
كتب التاريخ الاميركي ان العبيد
المسلمين في اميركا تميزوا عن غيرهم من
العبيد الافريقيين بالمقاومة
والتصميم والتعليم. وهذا يذكر بما
اظهرته نتيجة استطلاع جرى مؤخراً (2005)
في الولايات المتحدة عن المواقف من
القضايا العامة، بما فيها الازمة
الاقتصادية، فقد تبين ان المسلمين
اظهروا في هذا الاستطلاع أنهم اكثر
وعياً وأعلى دخلاً وأعلى تعليماً من
باقي الجماعات الدينية والعرقية
الاميركية التي شملها هذا الاستطلاع.
وأهم من هذا، أن كثيراً من العبيد
المسلمين كانوا يظهرون تفوقاً في
معرفة اللغة العربية، بل إن بعضهم ألّف
كتباً في موضوعات الدين وغيرها، وهو في
اسر العبودية، مما حفز بعض مالكيهم
البيض لعتقهم او التفضل عليهم بتخصيص
مكان لهم للصلاة والكتابة. وإذا
كانت احدى معارك الوقت الحاضر في
اميركا تدور حول ما اذا كان يحق
للمسلمين الاميركيين إقامة مسجد في
موقع برجي مركز التجارة العالمي في
نيويورك، فإنه يجدر بالذكر ان
المسلمين اقاموا اول مسجد لهم في
اميركا وأول مقابر للمسلمين فيها عام
1915 وكان ذلك في ولاية مين، وأقامه
المسلمون من أصل الباني. ويجدر
بالذكر أيضاً ان عدد من يؤدون الخدمة
من المسلمين في القوات المسلحة
الاميركية يربو على 15 الف شخص (حسب
ارقام عام 2005). ومن
الناحية السياسية ينتظم المسلمون
الاميركيون في خمس منظمات
فيما يطلق عليه الآن التعبير
الاميركي «اللوبي الاسلامي». وهذه
المنظمات بترتيب
حجم عضويتها وكثافة نشاطها
هي: مجلس العلاقات الاميركية
الاسلامية المجلس
المسلم للعلاقات العامة
الكونغرس الاسلامي الاميركي
ائتلاف المسلمين الاحرار. وتتميز
هذه المنظمات جميعا بالاعتدال وتسعى
لإقامة علاقات ايجابية وجيدة مع
الادارات الاميركية المتعاقبة ومع
اعضاء الكونغرس والمنظمات الاميركية
لحقوق الانسان. اما
الحقبة الاخيرة منذ احداث 11 أيلول 2001
فإنها تعكس اشد احوال التوتر حول
المسلمين الاميركيين. ولعل نحت كلمة «إسلاموفوبيا»
لوصف الشعور الذي يعكسه التيار العام
للاعلام الاميركي ازاء المسلمين يدل
على امرين اولهما ان هذا الرهاب او
الخوف غير المبرر من المسلمين ظاهرة
مرضية اشبه ما تكون بحالات الهيستيريا.
وثانيهما انه مسؤولية المصاب به اكثر
مما هو مسؤولية المسلمين انفسهم.
ويلاحظ في هذا الصدد ان الإعلام
الاميركي ينقسم طوليا بصورة واضحة بين
إعلام مصاب بالإسلاموفوبيا وإعلام
يندد بهذه الظاهرة المرضية. وينتمي
معظم الاعلام الذي يدافع عن المسلمين
ويندد بالاتجاه الرامي الى إدانة كل
المسلمين الاميركيين بسبب هجمات 11
ايلول الى التيار الذي يميل نحو اليسار
او الفكر الليبرالي (المتحرر). اما
الاعلام الآخر، الذي لا يكف عن شن
الحملات على المسلمين راميا المسلمين
جميعاً بالارهاب والتعصب ويطلق هذه
الصفات نفسها على الاسلام ذاته، فهو
الاعلام اليميني الذي ينتمي اليه
غالبية الجمهوريين الاميركيين فضلا عن
المستفيدين من هذه الحملات من
المنتمين للوبي الصهيوني القوي. لقد
اظهر استطلاع للراي بين المسلمين ان
نسبة 53 في المئة منهم، تعتقد انه اصبح
من الصعب اكثر مما كان من قبل ان يكون
المرء مسلماً بعد هجمات 2001.. وأظهر
الاستطلاع نفسه ان ثمة شعوراً لدى
المسلمين الاميركيين، بأنه ينظر اليهم
على انهم ارهابيون. كما ان الحجاب اصبح
مصدراً للحرج، وفي حالات قليلة تتعرض
صاحبته للتحرش. في هذا
الجو تعرض اول عضو مسلم انتخب في
الكونغرس الاميركي
كيث اليسون لانتقادات
حادة لأنه شبه افعال الرئيس الاميركي
السابق جورج بوش ازاء المسلمين بعد
هجمات 11/9 بما فعله هتلر على اثر حريق
الرايشستاغ الالماني، حين اوقف العمل
بالحريات المدنية. وكانت اشد
الانتقادات لأليسون تلك التي جاءته من
متحف الهولوكوست (المحرقة) الاميركي
ومن عصبة مكافحة التشهير اليهودية. وتوجد
في الولايات المتحدة منظمة معادية
للمسلمين صراحة تدعى «جمعية المفكرين
الاسلاميين» وقد تأسست في نيويورك في
اعقاب احداث 11/9 وهي تقوم بتوزيع
منشورات تتضمن انتقادات متطرفة
للمسلمين الاميركيين خاصة، تربط بينهم
وبين الارهاب، وترمي الاسلام نفسه
بالحض على الارهاب وكراهية الآخر. ويجدر
بالذكر ان الغالبية الساحقة من
الاميركيين الذين يوصفون
او بالاحرى يصفون انفسهم
بأنهم خبراء الارهاب، بمن فيهم من
ينتمون لمراكز دراسات وأبحاث لها
مكانة رفيعة، انما يعتنقون وجهات نظر
تجاه المسلمين والاسلام تتسم بالتطرف
وتفتقد الى الموضوعية الى حد كبير. كما
يجدر بالذكر ان الرئيس الاميركي باراك
اوباما، على الرغم من محاولته تقليص
مشاعر الإسلاموفوبيا في انحاء
الولايات المتحدة، ووصولها الى حدود
التهديد بحرق نسخ القرآن، بدا في
الايام الماضية مع احتفالات الذكرى
السنوية التاسعة لأحداث 11/9 ممارساً
للتبرير لهذا التيار، حين قال إن حالة
الاقتصاد السيئة هي التي ساعدت على
إثارة الغضب ضد المسلمين والاسلام (...)
واستطرد فقال إن «الناس الذين هم
الاكثر اهتماما بنشوب حرب بين
الولايات المتحدة او الغرب والاسلام
هم القاعدة. " والملاحظة
العامة التي يمكن ان نختم بها ان
غالبية الذين يتطرقون الى موضوع
الاسلام والمسلمين في اميركا، لا
يريدون أبداً الرجوع الى تجارب الماضي
وما عاناه المسلمون حتى حققوا وضعهم
الراهن ... لا احد
يريد ان يعي، كيف تصرف المسلمون في
اقصى وأقسى اوقات ازماتهم وأزمات
اميركا ليعرف انهم اكثر اتزاناً
ورصانة مما يتهمون. هذا
موضوع له جذور تاريخية اعمق وأكثر
امتداداً من اي موضوع آخر بين
الاميركيين والمسلمين. اما كيف سيتمكن
الطرفان من الخروج من حملة التهديد
بحرق القرآن من دون تنفيذ هذا التهديد،
فهذا امر سيحتاج الى جهود كل الحكماء
والمفكرين من الطرفين لإطفاء النيران. *كاتب
وصحافي مصري ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |