ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
حرّية التأويل، مفتاح
العلمانية في الإسلام اختلاف إشكاليّات العلمانية
بين أوروبا والعالم العربي جورج قرم* العلمانية التي ما انفكّت تثير سجالات لم
تهدأ في العالم العربي والإسلامي حتّى
اليوم، باتت بحاجة ماسّة إلى إعادة
نظر، بعيداً عن التبسيط والنمذجة التي
لحقت بهذا المفهوم وأضرّت به بشدة.
فالنقاشات التي تدور حول العلمانية في
الإسلام تنطلق من أداة قياس هي التجربة
الأوروبية، ولعلّ هذا أول إشكالات
التعاطي مع الأمر. فإذ تحيلنا التجربة
الأوروبية إلى حروبٍ دينيّة استمرّت
قرونا، فإن الاستقراء الدقيق للتاريخ
العربي والإسلامي يشير بوضوح إلى أن
القيمة الجوهريّة للعلمانية، ونعني
"حريّة الفكر" وما إليها من
احترام التنوّع الديني، كانت مزدهرة
في التاريخ الإسلامي المبكِّر قبل أن
تتبلور في أوروبا بعد قرونٍ من الحروب
الدامية. لماذا تُعتبر المجتمعات الإسلامية غير
مؤهّلة لاتّباع نظامٍ علمانيّ كالذي
طوّرته ومارسته المجتمعات الأوروبية؟
لنكتفِ بالتذكير بالصعوبات الضخمة
التي تمّت مواجهتها خلال تاريخ
أوروبا، ومنها الحروب الدينيّة
الرهيبة بين الكاثوليك والبروتستانت.
ولنذكّر أيضاً بالتاريخ الطويل
للمسيحية الأرثوذوكسية، البيزنطية
والروسية، وبالعلاقات المعقّدة التي
كانت قائمة بين الكنيسة والدولة على
مدى قرون، بما فيه خلال الفترة التي
أعقبت انهيار الشيوعيّة. تنتمي الأدوات المفهوميّة التي
نستخدمها، للحديث عن الدين والسياسية
أو عن الدولة والدين، إلى نموذجٍ خاصّ
بأوروبا، وهي علاقات لم تتّخذ طابعاً
سلميّاً فعليّاً إلاّ مع بداية القرن
العشرين. واستخدامها المباشر
والمُفرِط، لتحليل العلاقة بين السلطة
والدين في المجتمعات المسلمة، يشوّش
في الواقع طبيعة المشاكل الحقيقية
التي تخصّ تلك المجتمعات المسلمة. فالعلمانية لا تعني سوى غياب استغلال
السياسة من قبل السلطة الدينية،
والعكس أيضاً. وبهذا المعنى، تشكّل
العلمانية الركيزة الأساسيّة للحرّية
الإنسانية. وبغية تحقيقها، تفرِض هذه
الحرّية فصل المؤسّسات السياسية عن
المؤسّسات الدينية. لكنّ الإغراء كبير
في اللجوء إلى استغلال الدين من قبل
السياسة، والعكس، في إدارة المجتمعات.
علماً أنّ هذا هو ثمن الحرّية
الإنسانية، حتّى تلك التي تُوصي بها
النصوص المقدّسة الأساسية والمؤسّسة
للديانات السماوية الثلاث. إن كان الإنسان بحاجة إلى الشعور بما هو
مقدّس والتعبير عن روحانيّته، فهو
يحتاج بالقدر نفسه لتحكيم عقله وحرّية
قراره ، بعكس ما قد تؤكّد عليه بعض
المدارس الدينية التي تتذرّع
بالقدريّة في الديانات السماوية
الثلاث. لكن العلمانية ليست مفهوماً
مُطلَقاً يتحقّق على أساس عقيدةٍ
موحّدة ونموذجٍ مؤسّساتي محدّد. بل هي
خلاصة لتطوّرات تاريخية معقّدة، ككلّ
ظاهرةٍ بشريّة. لذا، لا يجب أن نبقى
رهينة الخصوصية التاريخيّة للنموذج
الأوروبي وتلاوينه المختلفة. لم يمكِن لأيّ ملكٍ أو إمبراطورٍ أو أميرٍ
الادّعاء بممارسته الحكم دون موافقة
البابا لقد طُبع هذا النموذج في الواقع بالنفوذ
التاريخي القويّ للكنيسة الكاثوليكية
الرومانية، الذي شكّل سابقة. فقد نُسخ
نظامها عن نظام الإمبراطورية
الرومانيّة التي ورثتها، بعدما تسبّبت
السلطات البربرية بانهيار المؤسّسات
الرومانية في أوروبا الغربية. حينها
بدت الكنيسة بمثابة المؤسّسة القادرة
على صون إدارة المجتمع والمحافظة على
الثقافة والمعرفة. وهذا ما سيكون الوضع
عليه على مدى القرون الوسطى. لقد عزّزت الكنيسة باستمرار سلطتها
الموحِّدة، من خلال محاربتها التي لم
ترحم، للوثنية، ولليهوديّة ولكافّة
أشكال الهرطقات المسيحيّة بالنسبة إلى
العقائد التي حدّدتها المجامع
الكنسية، والتي كانت تهدّد وحدتها
ووحدة المجتمعات التي أخذتها على
عاتقها. وإن كانت قد سمحت تدريجيّاً
بتطوير سلطاتٍ مدنيّة الطابع، فكانت
تُخضع أيّ سلطةٍ خارجةٍ عن سلطتها
لمراقبةٍ دقيقة من قبل البيروقراطيّة
الضخمة للإكليروس التي تستمدّ سلطتها
السياسية الدينيّة من قائد الكنيسة
الرومانية. فما من ملكٍ، أو إمبراطور
أو أمير أو دوق كان يمكنه الادّعاء في
أوروبا الإقطاعية بسط سيطرته على
منطقةٍ جغرافية ما، دون موافقة البابا
قائد الكنيسة، ودون مراقبةٍ مستمرّة
من قبل ممثّليه في المناطق، خصوصاً
الأساقفة؛ تلك الشخصيّات التي لعبت
دوراً سياسيّاً بارزاً في نظام مراقبة
السلطة المدنية لحساب قائد الكنيسة في
روما. وما احتفال التتويج الذي يخصّ به
البابا أيّ سلطةٍ سياسيّة إلاّ عنصر لا
غنى عنه لعمل أيّة سلطة مدنية. سيستمرّ هذا الوضع إلى حين اندلاع
الثورات البروتستانتية المختلفة التي
شهدها القرن السادس عشر؛ لكنّه سيظلّ
قائماً في الدول التي بقيت كاثوليكية
لثلاثة قرونٍ إضافية. ففي بداية القرن
التاسع عشر، شعر نابوليون بونابرت
بالحاجة إلى تتويج نفسه إمبراطوراً من
قبل البابا، في حين أنّ وجود الكنيسة
في إيطاليا وإسبانيا والبرتغال
واليونان، سيظلّ يشكّل عنصراً مهمّاً
في الحياة السياسية والاجتماعية، خلال
القسم الأكبر من القرن العشرين. لنذكّر
هنا بأنّ مسألة العلاقات بين الكنيسة
والدولة، في فرنسا، خصوصاً فيما
يتعلّق بالنظام التربوي، لم تُحَلّ
إلاّ من خلال قانون 1905 الشهير الذي
سيثير السجالات حتى طوال القرن
العشرين [1]. بدءاً من أوائل القرن السابع عشر، ولّدت
الثورات المختلفة التي قامت ضدّ وصاية
الكنيسة الرومانية مئة وخمسين سنةً من
الحروب الدينيّة المروّعة فتكت
بأوروبا. إنّها أولى الحروب الحديثة
التي زرعت بذور التوتاليتارية
الشموليّة في أوروبا، لأنّها كانت
حروب إبادة للآخر، وليست حروب غزوٍ
عسكريّ لأراضي بغية توسيع نفوذ مملكةٍ
أو إمارةٍ ما [2]. فتعصّبٌ غير اعتيادي
كان يحرّك الكاثوليك والبروتستانت،
على حدٍّ سواء، المصمّمين كلاهما على
وضع حدٍّ لوجود الآخر. والعنف الذي
اتّسمت به بعض فصول الثورة الفرنسية،
لم يكن سوى استعادة لنموذج العنف نفسه
الذي ظهر خلال هذه الحروب الدينية. لم تهدأ تلك الحروب بالكامل إلاّ مع
معاهدة وستفاليا (1648) التي أقرّت مبدأ
"صاحب الملك هو صاحب الدين cujus
regio egios religio" الشهير والمكروه، الذي فرض
ديانة الأمير أو الحاكم على كافّة سكان
المنطقة التي يحكمها؛ بحيث لم يبقَ
أمام معارضي هذا المبدأ سوى مغادرة
المنطقة. وخلال هذه الفترة من التاريخ
الأوروبي، فرض مفهوم "دين الدولة"
نفسه في التنظيم السياسي لأوروبا [3].
ووسط هذا المناخ، أرسى كالفين في جنيف،
حيث استحوذ على السلطة، حكماً
إرهابيّاً سياسيّاً دينيّاً، يمكن
اعتباره أول نظام توتاليتاري حديث
ومنظّم رسمياً [4]. لكن فترة الحروب الدينية في أوروبا
ستساهم أيضاً، بصورة متناقضة، في
تبلور ذهنيّة النهضة Renaissance. فهذه الذهنية هي أيضاً ذهنية
التسامح والانفتاح، كما بشّر بها
إيراسموس، الشخصية البارزة. وهي أيضاً
ذهنيّة تطوّر الفنون والعلوم والعودة
إلى الإرث اليوناني الروماني القديم،
لتحويله إلى نموذجٍ للمستقبل المفتوح
على التقدّم ونشر قيم الكائن البشري
كمواطنٍ يتمتّع بكامل حقوقه ضمن حيّز
المدينة. لذا كانت الفلسفة الليبرالية
لعصر الأنوار قابلة للتفتّح بالكامل
في القرن الثامن عشر. بحسب الشرح الممتاز للمؤرّخ الإنجليزي
الكبير، أرنولد توينبي، ستترك أوروبا
النقاشات الدينية العقائدية التي
ولّدت حروب الدين العنيفة، لتتّجه
أكثر فأكثر نحو العلم وتطوير العقل [5].
وسيجسّد الموسوعيّون بالفعل هذه
الحركة؛ وكذلك سيفعل فكر مونتيسكيو في
فرنسا أو فكر إيمانويل كانط في ألمانيا.
فقد حرّر هذا الأخير الأخلاق من الدين،
من خلال بذله جهداً مذهلاً في التفكير
في قوانينٍ أخلاقية عالميّة، فرديّة
وجماعيّة على حدّ سواء. إنّ النزعة الإنسانية والمواطنيّة
العالمية اللتيْن تشكّلان الوجه
الأسمى للثقافة الأوروبية، تعبّران
جيداً عن هذا الرفض لأيّ تعصّبٍ دينيّ
سياسي، وعن الرغبة في تحرير الإنسان من
كافّة أشكال القمع وانعدام المساواة
الذي لا تيرتكز على الكفاءة والعمل
الفعّال إجتماعياً. هذا ما سيهدف إليه
الإعلان الشهير لحقوق الإنسان
والمواطن الذي أنتجته الثورة
الفرنسية، والذي لا يزال يُلهِم حتى
يومنا تطوّر العالم. فهذا الإعلان الذي
ينصّ على حرّية الاعتقاد المطلقة،
باعتبارها حقّاً إنسانياً أساسيّاً،
يشكّل أيضاً العقد المؤسّس للذهنية
العلمانيّة، لأنّه يهدف أيضاً إلى
تجنّب أيّ استغلالٍ للدين من قبل
السلطة السياسية أو أيّ إخضاعٍ لهذه
السلطة من قبل الدين. كما أنّه يحلّ
المبدأ المكروه الذي يرغم الرّعايا
على اتّباع ديانة أميرهم. هكذا، لم يتطلب الأمر أقلّ من أربعة عشر
قرناً لنشر ذهنية العلمانيّة وقبول
التعدّدية الدينيّة داخل حيّز المدينة.
وسيتطلّب تطبيقها في أوروبا قرناً آخر.
لكنّ المسألة لم تمنع تعرّض اليهود،
مرّةً جديدة، في القرن العشرين، وتحت
تأثير النظريات العنصريّة
للتوتاليتارية الهتلريّة القاتلة،
لإبادةٍ وحشيّة بشكلٍ إستثنائي، يُشار
إليها اليوم بعبارة ال"هولوكوست"
(المحرقة) الواردة في الكتاب المقدّس. تقدّمت النهضة في الإسلام على الانحطاط،
وهذا اختلافٌ أساسي مع أوروبا المسار التاريخي للديانة الإسلامية
مختلف تماماً. إذ اتّبعت هذه الأخيرة
تطوّراً معاكساً لتطوّر المسيحية.
وستتّسم خصوصيّتها أيضاً بتكيّفها مع
التركيبات الاجتماعية السياسية التي
ورثها الغزاة العرب. إنّها من جهة،
تركيبات الإمبراطورية البيزنطية التي
كانت مسيطرة على المحيط الشرقي
والجنوبي للبحر المتوسط مع ظهور
الإسلام، ومن جهةٍ أخرى تركيبات
الإمبراطورية الفارسيّة الساسانيّة
التي كانت تبسِط سيطرتها على بلاد ما
بين النهرين والهضاب الإيرانية
العالية. فالأهمّية المعطاة لسلطة
الإمبراطور في الشؤون الدينية، كما
كانت عليه الحال في بيزنطة، ستولّد
الممارسة السنّية للسلطة خلفاً لها؛
في حين سنجد اليوم السلطة الدينية
للكهنة الزرادشتيين في الإمبراطورية
الساسانية، متمثّلة في نفوذ
واستقلالية رجال الدين الشيعة بالنسبة
إلى السلطة السياسية. في كلا الحالتيْن، لا نشهد فقط على عدم
وجود كنيسةٍ في الإسلام، تمارس نفوذها
على السلطة المدنيّة، بل أيضاً على
خضوع الفقهاء والعلماء المسلمين
بصورةٍ عامّة للرقابة الوثيقة للسلطة
السياسية المدنيّة. لا شك أنّه من
واجبات السلطة المدنيّة الحرص على "الأمر
بالإحسان والنهي عن المنكر"
الإسلامية، وتحقيق العدالة استناداً
إلى المعايير والتعاليم التي تمّ
تطويرها من خلال النصوص المقدّسة
وتأويلاتها، إضافةً إلى النموذج
السلوكي الذي تمّ استنباطه من سيرة
الرسول (السنّة النبوية). غير أنّ
النفوذ المطلق للسلطة المدنيّة يسمح
لها بالتحكّم بالفقهاء والقضاة، حرّاس
القانون، وتوجيههم. فهؤلاء ليسوا
متنظمين أبداً ضمن تركيبةٍ هرميّة
قويّة للسلطة. والسلطة المدنية هي التي
تعيّن ممثّلي السلطات الدينية، القضاة
والشيوخ الذين يشرفون، من خلال
الفتاوى، على حسن تطبيق القانون
المُستنبط من النصّ القرآني. ولن تصبح السلطة المنظّمة رسمياً في
متناول الإسلام الشيعي الذي كان
يتعرّض للمحاربة والتهميش من قبل
الإسلام السنّي، سوى مؤخراً، بمناسبة
الثورة الدينية الإيرانية في العام 1979،
التي شكّلت تجربةً فريدةً من نوعها
ومحصورةً جغرافياً بإيران. حيث تمّ
إيجاد تسوية من خلال وضع تركيبةٍ
دستوريّة توفّق بين المبادىء الحديثة
للسيادة الشعبية وانتخاب ممثلين
للشعب، إضافةً إلى رئيسٍ للجمهورية
يتمّ انتخابه من خلال الاستفتاء
العام، وتنظيم مراقبة مؤسّساتية لرجال
الدين على هذه السلطة المدنية من خلال
نظام "ولاية الفقيه". بحكم ذلك، ستشكّل القرون الأولى لمسار
السلطة، في ظلّ الإمبراطورية
الأمويّة، ومن ثمّ خلال القرن الأول
للإمبراطورية العباسية، فترةً
إستثنائية تتميّز بليبراليّتها في
مجال حرّية الفكر وتأويل النصّ
القرآني. طبعاً انتفت بالكامل بقايا
الوثنية المتركّزة في شبه الجزيرة
العربية، في حين أنّ حرّية المعتقد لدى
اليهود والمسيحيّين وحتّى
الزرادشتيّين في بلاد الفرس، سيتمّ
تأكَّيدها بقوة. هذا في حين انتشرت
عشرات مدارس تأويل النصّ القرآنيّ
والسنّة دون أن يتمّ قمعها من قبل
السلطة المدنية [6]. لاحقاً، ستعود هذه
الليبرالية التي اختفت في الشرق
المسلم، لتظهر في الهند، بلد
التعدّدية الدينيّة بامتياز، أثناء
بناء إمبراطورية المغول. على أيّ حال، وخلال العصر الذهبي الأوّل
للحضارة الإسلاميّة، لم يكن هنالك من
مطاردة للزنادقة، ولا محارق، ولا
ثيوقراطية، كتلك التي سينشئها كالفين
في جنيف. حتى أنّ الفلسفة ستبدأ
بالازدهار، مُستعيدةً الإرث اليوناني
ومطوّرةً إيّاه من خلال طرح مسألة
العلاقة بين الإيمان والعقل [7]. هكذا
ستشكّل الإمبراطورية العبّاسية التي
كانت تُشعّ من بلاد ما بين النهرين
والتي أسّست بغداد، لكن أيضاً الأندلس
(الأمويّة) في شبه الجزيرة الإيبيرية،
نماذجاً لليبراليّة إسلاميّة كبيرة
استبقت الليبرالية الأوروبية بعدّة
قرون، وشكّلت في الوقت نفسه العصر
الذهبي لعلوم الفلك والطبّ وعلوم
النباتات والمياه [8]. هنا، تقدّمت
النهضة على الانحطاط؛ ما يشكّل
اختلافاً أساسياً مع التاريخ الأوروبي.
فقد أثار الإسلام، بعد فترةٍ قصيرةٍ
على ظهوره، نهضةً مدهشةً في المجتمعات
التي أصبح فيها هو الدين المُسيطِر. أمّا سخرية الأقدار، فتجلّت في أنّ هذا
الإرث التمديني الثريّ جداً قد خصّب
الفكر الأوروبي وزرع فيه بذور نهضته،
في حين شهد الشرق على الخسارة
التدريجية لهذا الإرث أو على حدّه
بقوّة؛ فمنذ بداية القرن العاشر تمّ
الإعلان عن إقفال أبواب التأويل
وتجميد العقيدة السنيّة التي أصبحت
مهيمنة [9]. ففي تلك الفترة، تمّ الإبقاء رسميّاً فقط
على أربع مدارسٍ فقهيّة، لتُشرِف على
التأويلات القرآنية، بهدف ممارسة
العدالة أو إصدار آراءٍ شرعيّة تتعلّق
بقضايا الحياة والمدينة [10]. وهكذا تمّ
تجميد العقيدة واعتبار الفكر الفلسفيّ
خطراً على الإيمان الديني. ترافق هذا الإقفال مع سلسلةٍ من الأحداث
التاريخيّة الأساسية والمأساوية،
كالحروب الصليبية التي استُتبعت فوراً
بغزوات المغول، وبالتدمير الكثيف
المادّي والاجتماعي الذي تسبّبت به.
وأصبحت مؤسّسة الخلافة مجرّد طيف، في
حين فرض الغزاة المحرّرون، أي الأتراك
السلاجقة، ومن ثمّ العثمانيون، هذا
التوحيد القسريّ للعقيدة لمصلحة
المذهب السنّيّ، الذي بات منوطاً
بمدارس الفقه الأربع هذه. وسيستمرّ
الوضع إلى حين استعادة الصلة بالثقافة
الأوروبية مع بداية القرن التاسع عشر. وسيكون للثورة الفرنسية صدى كبير في
العالم العثماني، خصوصاً في مقاطعاته
العربية. ففي مصر، سُلب الحكم من
المماليك الأتراك من قبل محمّد علي،
الألبانيّ الأصل هو أيضاً، والذي بادر
إلى عملٍ إصلاحيّ مهمّ في المؤسّسات
السياسيّة والاجتماعيّة وفي الاقتصاد
المصري؛ وقد امتدّت هذه النزعة
الإصلاحية إلى لبنان وسوريا اللذين
خضعا للسيطرة المصرية لبضعة أعوام
(1830-1840)؛ في حين أُرغم السلاطين
العثمانيّون في اسطنبول، وبضغطٍ من
أوروبا، على الانخراط بدورهم في
إصلاحٍ تحديثيّ من خلال ما سمي ب"التنظيمات".
في المقاطعات العربية، اتّخذت حركة
النهضة هذه بُعداً لغويّاً، أدبياً
وثقافياً مهمّاً. حيث بدأ الإعجاب
بفلسفة عصر الأنوار ومبادىء تحرّر
الإنسان، وكذلك المرأة، يتجلّى في
أوساط النخب؛ حتى أنّه ظهر لدى العلماء
المتخرّجين من جامعة الأزهر الدينية
العريقة في مصر [11]. وستحتدم السجالات
بين المحافظين والمُحدثين
الليبراليين. وسيبدأ القانون الوضعيّ
الطابع، المُتسورد من أوروبا، يدخل
الحيّز الجزائي والتجاري والقضائي.
وستتطوّر الحركة في القرن العشرين،
خصوصاً في مصر وسوريا والعراق وتونس،
في حين سيفرض مصطفى كمال في تركيا، بعد
انهيار الإمبراطورية العثمانية
وإلغاء الخلافة، نظاماً سياسيّاً
ودستوريّاً مرتكزاً على مبادىء
العلمانية على الطريقة الأوروبية. حتى بداية سبعينات القرن الماضي، كانت
حركة التحديث الفكري والثقافي،
والدستوريّ أيضاً، تتقدّم بخطى كبيرة
داخل العالم العربي. وكانت كلّ من مصر
وتونس وسوريا والعراق، تمارس، بدرجاتٍ
متفاوتة الجرأة، علمانيةً متوسّعةً
راحت تثير استياء الأوساط المحافظة
التي كانت تعتبِر نفسها وصيّة على
العقيدة الإسلاميّة. وقدتأثّرت
القومية العربية، التيشهدت أوج
ازدهارها بعد الحرب العالمية الثانية،
هي أيضاً بمفهوم وضعيّ للأمة، وفق
النموذج العلماني الذي لا يتنكّر
للدين، لكنّه لا يجعل منه العنصر
الأساسي للهويّة الاجتماعية
والقوميّة العربية. وقد تجسّد هذ
المفهوم حينها في الأحزاب
الجماهيريّة، على غرار الحركة
الناصرية وحزب البعث في العراق وسوريا
[12]. ونحن نعلم بأنّ هزيمة الجيوش العربية في
مواجهة إسرائيل، خلال حرب حزيران/يونيو
1967، ومن ثمّ تصاعد النفوذ النفطيّ
والمالي والسياسيّ للمملكة العربية
السعودية، قد شكّلا العنصريْن
الأساسيّيْن للتداعي السريع جداً
للقوميّة العربية ذات الطابع
العلمانيّ. فالسعوديّة التي كانت
تشكّل القلب النابض للنزعة الدينية
المحافظة في المنطقة، منذ نشوء
المملكة في العام 1925، قد نشرت وصدّرت
العقيدة الوهّابية التي تُقصي الآخر،
أخذةً عنوان "الصحوة الإسلامية"
في منتصف السبعينات مستغلّةً الأوضاع
للاستفادة من الخيبة القومية الشاملة
نتيجة الهزيمة التي تكبّدتها الدولتان
العربيتان الرائدتان لهذه القوميّة،
مصر وسوريا، في مواجهة إسرائيل. وسيخضع
العالم العربي، والعالم المسلِم بصورة
أشمل، في الفترة السعوديّة، لسياسات
ناشطة تقوم على "إعادة أسلمة"
المجتمعات، كنذيرٍ للعودة الكبيرة
للدين إلى مجمل المجتمعات التوحيدية
[13]. منذ ذلك الحين، بدأ إرث النهضة يتداعى
تدريجياً. واعتُبرت العلمانية "مؤامرةً"
من قبل الغرب، لتجريد المجتمعات
المسلمة من ثقافتها وشخصيّتها ولمنعها
من استعادة "أصالتها". ومن خلال
استعادة الإشكالية الأوروبيّة لأخصام
العلمانية، أكّد هذا الإسلام المتصلّب
جداً على ضرورة الحفاظ على الدين في
كافّة مجالات الحياة في المدينة،
وتفسير تطوّر العالم ضمن إطارٍ دينيّ،
وبالتالي قذف الحداثة المقرونة بحضارة
وقيم المجتمعات الغربية المسيحيّة.
فكان العلماء أو المفكّرون الداعون
إلى الإسلام يُشبعون سامعيهم باستمرار
بأنّه لا يمكن للإسلام إطلاقاً
التكيّف مع نظامٍ سياسيّ يفصل الدين عن
الدولة، أو الزمني عن الروحي، دون
إدراكهم حتّى لولوجهم عالماً ثقافياً
وإشكاليّة خاصّة بالسجالات حول
العلمانية، شهدتها بالذات الأوساط
المسيحية الأوروبية، لا علاقة لها
بالمشاكل الاجتماعية السياسيّة
للمجتمعات المسلمة. في تلك الفترة نفسها، جاءت الثورة
الدينيّة الإيرانية بنموذجٍ جديدٍ
للحكم الإسلامي، يوفّق بين تقليد
الإرث الديني الشيعيّ والمبادىء
الدستورية الحديثة. مع العلم أنّ هذا
النموذج لم يرفض فقط من قبل السلطات
الدينيّة السنيّة كافّة، بل حتّى من
قبل العديد من أساتذة الفقه ضمن
المجتمعات الشيعيّة، بما فيه داخل
إيران نفسها. في الإسلام، تقضي العلمانية بإعادة حرّية
التأويل إنّ المشكلة الأساسية التي تعاني منها
المجتمعات المسلمة ليست إذاً الفصل
بين الزمنيّ والدينيّ، أو بين الدولة
والدين، بما أنّ الدولة لطالما كانت
بين أيدي سلطةٍ وحيدة، يترأسها
مدنيّون بصورةٍ حصرية، وهي بالتالي
مدنيّة الطابع. بالأحرى تقتصِر
الإشكالية الحقيقيّة للعلمانية في
الإسلام، على إدراجها ضمن إطارها
التاريخي الحقيقيّ (وليس الخيالي)
والإرث الثقافي والفكريّ للمجتمعات
المسلمة، وفي خوض معركة عامّة للعودة
إلى الممارسة القديمة للقرون الذهبية
التي شهدتها الحضارة الإسلامية، عندما
كانت السلطات تمارس حرّية مطلقة في
تأويل النصّ المقدّس، الأمر الذي سمح
بالازدهار الاستثنائي للفنون والآداب
والعلوم والفلسفة. فعوضاً عن استخدام مفاهيم وأفكار
الإشكاليّة العلمانيّة الأوروبيّة،
على المفكّرين في العالم العربي،
والعالم المسلم بصورةٍ أشمل، المطالبة
بالعودة إلى إرث الحرّية الفكرية الذي
شكّل فيما مضى عظمة المدينة المسلمة؛
وعليهم المطالبة بإعادة فتح أبواب
الفقه والتأسيس لحرّية التأويل في
النصّ المقدّس، التي تشكّل مسألةً
أساسيةّ وأوّليّة لتنمية حرّية الفكر
في نطاقها الواسع. وضمن الإطار
الإسلاميّ اليوم، يمرّ المنفذ إلى
الحرّيات السياسية، أوّلاً وأساساً،
بهذه الحريّة الأوليّة والأساسية التي
أسّسها العالم المسلم في الماضي،
والتي لم تكُن موجودة على الإطلاق في
أوروبا المسيحية أو في الإمبراطوريتين
البيزنطية والساسانية. إنّ دولة القانون، وحقوق الإنسان، وصون
كرامة كلّ كائنٍ بشريّ، هي أيضاً
مفاهيمٌ دُمِجَت بثقافة النهضة
العربية الحديثة. لكن هذه المفاهيم قد
فقدت معناها تحت تأثير "الصحوة
الإسلامية" المحافظة والسلطويّة [14].
تجدر إذاً المطالبة بإصرار بحرّية
التأويل، التي تشكّل الشرط الأوّلي
لتفكيك أواصر السلطويّة السياسية
والامتثالية الفكريّة المتصلّبة
والمعقِّمة السائدة منذ نصف قرن. إنّه النضال الأكثر بسالةً، وحتى الأكثر
خطورةً وسط المناخ السائد؛ ذاك الذي
يقضي بالمطالبة بإعادة التأسيس لحرّية
التفكير، ضمن إطار الوحي القرآنيّ
نفسه. وقد دفع البعض حياتهم ثمن ذلك [15]
أو اضطرّوا للعيش في المنفى [16]. وخلال
السجالات والمناظرات التي هزّت عصر
النهضة العربية حول هذا الموضوع،
غالباً ما كان الأزهريّون أكثر شجاعةً
من العلمانيّين أنفسهم، الذين نأوا عن
ساحة المعركة أو تخلّوا عنها بالكامل،
بما فيه خلال العصر الذهبي للقوميّة
العربيّة العلمانيّة. ومن المهمّ هنا التذكير بأنّ القرآن
الكريم نفسه قد تحدّث مرّات عدّة عن
التنوّع البشري الذي يريده الله،
والذي يجب بالتالي احترامه. حتّى أنّ
هنالك آيةً تقول بوضوحٍ تام أنّه: "لا
إكراه في الدين"، كما أنّ هنالك
عدداً كبيراً من الآيات الأخرى التي
تفرِض إجراء مناقشات لاهوتيّة مع
المسيحيّين أو اليهود، بروحيّةٍ من
التسامح والتهذيب [17]. في المقابل، إنّ الثقل الذي لا ينتهي،
ودوران السجالات حول الإسلام التي
تشهدها أوروبا والولايات المتحدة في
دوائر مفرغة، عدا عن العقيدة الواهنة
للتصادم المزعوم بين الحضارات والردود
على هذه العقيدة من خلال الدعوة إلى
حوار الحضارات والثقافات والأديان،
تشكّل كلّها عناصر إضافية في التشنّج
الانتمائي الذي تشهده المجتمعات
الإسلامية، والذي تستفيد منه السلطات
الدكتاتورية المتواجدة على تلك
المجتمعات [18]. فهي تشلّ أيّ فكرٍ
مُحدثٍ ونقديّ، وتجمّد كافّة الأفرقاء
في مواقفٍ دفاعيّة اعتذاريّة، وتغذّي
أيضاً ترسّخ إشكالية العلمنة الخاصّة
بتاريخ المسيحية الأوروبية في جميع
السجالات حول الإسلام. آن الأوان للنضال من أجل إرساء المعنى
العميق لمفهوم "العلمنة"، كعنصرٍ
أساسيّ في حرّية كلّ وعيٍ بشريّ [19].
وأيّ شكلٍ آخر من النضال ليس في محلّه
ويشكّل انحرافاً لا جدوى منه. ــــــــ * أستاذ في جامعة القديس يوسف -
بيروت. وزير المالية اللبناني الأسبق،
استشاري إقتصاديّ وماليّ من مؤلفاته: Orient-Occident,
la fracture imaginaire, La Decouverte, Paris, 2005, La Question
religieuse au XXIe siecle, La Decouverte, Paris, 2006, et Le
Proche-Orient Eclate. 1956-2006, Gallimard, Folio/histoire, Paris
2005. La Mediterranée. Espace de conflit, espace de reve,
L’Harmattan, Paris, 2002. "شرق وغرب. الشرخ الأسطوري"،
دار الساقي، بيروت، 2003؛ "المسألة
الدينيّة في القرن الواحد والعشرين"،
دار الفارابي، بيروت، 2008؛ "انفجار
المشرق العربي"، دار الفارابي،
بيروت، 2007؛ و"الفوضى الاقتصادية
الدولية"، دار الطليعة، بيروت، 1994. ــــــــــ [1] Mona OUZOF, L’Ecole,
l’Eglise et la République (1871-1914), Editions Cana/Jean
Offredo, Paris, 1982. [2] حول هذا الموضوع، الاطّلاع على كتابنا: La question religieuse au XXIè siècle. Géopolitique
et crise de la postmodernité, La Découverte, [3] من العبث ربط دولةٍ ما، بصفتها نظامٍ
للسلطة البيروقراطية، بديانةٍ ما،
أيّاً كانت. فقد تلعب دوراً في الحرص
على حسن تطبيق الأخلاق والقيم، وحتّى
القوانين المنبثقة من الدين، ولكن لا
يمكنها اتّخاذ صفةٍ دينيّة إلاّ في حال
ترأسها رجال دين، كما كانت الحال عليه
بالنسبة إلى الحكومات الدينية،
النادرة جداً في التاريخ. وهذا المفهوم
هو، ببساطة، نتيجة حروب الأديان في
أوروبا. وقد أدّت الحداثة الأوروبية
إلى اعتماد هذا المفهوم في دساتير كافة
الدول المسلمة. [4] الاطّلاع على كتاب: Stephen
ZWEIG, Conscience contre violence ou Castellion contre Calvin,
Paris, Le Castor Astral, 1997 (الذي تُرجم الى الألمانية في العام 1935)،
وهو قصة رائعة عن دكتاتورية كالفين في
جنيف، للروائي الذي يعتبرها صواباً
التجربة الأوروبية الأولى
للتوتاليتارية، ضمن إطار تصاعد
النازية. [5] Arnold TOYNBEE, La Religion
vue par un historien, Gallimard, Paris, 1963 (pp. 205-206) [6] يشهد على ذلك الكتاب الشهير لمحمّد بن
عبد الكريم الشهرستاني، "كتاب الملل
والنحل" (الذي قدّمه وترجمه جان كلود
فيرنيه لدى منشورات Geuthner باريس في العام 1984، والذي يصف
كافّة مدارس التأويل هذه. يعتبرها
المترجِم "هرطقات"، الأمر الذي
يشكّل بالطبع تفسيراً لا معنى له ضمن
الإطار التاريخي المسلم في فترة ما قبل
إقفال أبواب التأويل. زيظهر ذلك
الترسّخ القوي للإشكاليات المسيحية في
تحليل المجتمعات المسلمة. يمكن أيضاً
الاطّلاع على كتاب: Henri
LAOUST, Les schismes dans l’Islam. Introduction à une étude de
la religion musulmane, Payot, [7] الاطلاع على كتب:Alain
DE LIBERA, Penser au Moyen Âge, Seuil, Paris, 1991 و Kurt FLASCH, Introduction à la philosophie médiévale,
Flammarion, Paris, 1992 . إضافة الى السيرة الذاتية
للفيلسوف الشهير والعالم المسلم إبن
رشد الذي كان له تأثير كبير في الفكر
الأوروبي خلال القرون الوسطى، والتي
وضعها دومينيك أورفوي: Averroès. Les ambitions d’un intellectuel musulman,
Flammarion, Paris, 1998. وإقرأ: باتريك مكربنة وهوا هوي
فونغ: "هل فضح سرّ المعرّي؟، لوموند
ديبلوماتيك النشرة العربيّة، كانون
الأوّل/ديسمبر 2009، http://www.mondiploar.com/article.p... [8] هذا لم يمنع السجالات اللاهوتية
السياسية داخل السلطة من اتّخاذ منحى
عنيف، كما كانت الحال عليه بالنسبة إلى
الخصومة بين مختلف فروع عائلات مكّة
الكبرى التي خرج منها النبي، والتي
أدّت إلى المواجهة بين أنصار الخليفة
علي ابن أبي طالب وأنصار معاوية بن أبي
سفيان الخليفة الأموي، والتي ستكرّس
الاختلافات بين الشيعة والسنّة؛ أو
حتّى الخلاف حول منزلة القرآن بين
المعتزلة (أنصار تاريخية النصّ
القرآني ومقاربته بالعقل) والمحافظين
المؤيّدين لقراءة حرفية للنصّ الذي
يعتبرونه مُنزلاً لأنّه من صنيع الله. [9] لكن لا يجب ألاّ ننسى أنّ إنشاء جامعة
الأزهر في القاهرة قد جاء خلال الحقبة
الفاطمية، وهي خلافة شيعية. [10] إنّها المذاهب الحنبليةّ والمالكية
والشافعية والحنفيّة، التي تحمل كلّ
منها إسم مؤسّسها. وهي تدّعي انتماءها
للسنّة وتُعتبر جميعها شرعية، وتُطبّق
في مختلف أنحاء العالم المسلم. في حين
لا تزال الشيعيّة حتى يومنا هذا تسمح
بتعدّدية الآراء الدينية التي تصدرها
المرجعيات الدينية، المقيمة في مراكز
التعليم الشيعية الكبرى مثل "قم"
في إيران أو النجف في العراق أو في
لبنان. [11] يمكن مراجعة كتاب ألبرت حوراني
الكلاسيكي حول الموضوعArabic Tought in the Liberal Age, 1798-1939, Oxford
University Press, Londres, 1967. [12] Georges CORM, Le
Proche-Orient éclaté 1956-2007, Gallimard, Folio/histoire, Paris,
2007. [13] المرجع السابق وGeorges
Corm, La question religieuse … op. cit. [14] إن ممارسات الدول الغربية في قضايا
حقوق الإنسان، من الكيل بمكيالين إلى
العقوبات الدولية غير المسؤولة ضد
التجاوزات التي تحصل في الشرق الأوسط،
قد ساهمت كثيراً في إفقاد مبدأ
الديموقراطية الأساسي مصداقيته. حيث
يصار إلى التغاضي عن الأنظمة السياسية
"الصديقة" للغرب وأولها اسرائيل
بينما تتعرض الانظمة التي لا توالي
المصالح الغربية في سياستاها
الاقليمية لحملات إعلامية عدائية
مكثّفة. [15] خصوصاً محمود طه الواعظ المستنير
والمحدث في السودان، والذي حكم عليه
بالعدام شنقاً في ظل حكم النميري، أو
فرج فوده الذي اغتيل في مصر على يد
مجموعةٍ إسلامية متطرفة. حول محمود طه
وغيره من المفكرين الاسلاميين الذين
مارسوا حرية التأويل للنصّ القرآني
وفككوا بعض المفاهيم اللاحقة للقرآن
وهي من تطوير علماء الشريعة في ظروفٍ
تاريخية وصراعات محدّدة على السلطة،
راجعZiad HAFEZ, Vers une refondation de la pensée
religieuse musulmane: quatre penseurs arabes d’aujourd’hui, en
cours de parution aux éditions Actes Sud/Sindbad, Paris. [16] هذه حال نصر حامد أبو زيد الأستاذ في
جامعة القاهرة والذي منعت مؤلّفاته
وأصدر بعض رجال الدين بحقّه فتاوى
بالقتل فعاش في المنفى الهولندي. دون
ذكر الإرهاب الذي تمارسه هذه الأفعال
على مثقّفين آخرين يمارسون الفكر
الديني النقدي. راجع Ziad HAFEZ, Vers une
refondation …, op. cit. . نلاحظ بأنّ المفكرين الذين يمارسون
الفكر النقدي من داخل التراث الإسلامي
نفسه ومن ضمن منطقه التاريخي نفسه هم
الذين يتعرضون غالباً للهجمات الأكثر
شراسةً، وحتّى إلى الاعتداءات الجسدية
وصولاً إلى الاغتيال. [17] Georges CORM, Histoire du
pluralisme religieux …., op. cit. [18] Georges CORM,
Orient-Occident, La fracture imaginaire, La Découverte, Paris, 2002
et L’Europe et le mythe de l’Occident. La construction d’une
histoire, La Découverte, [19] راجع مفهوم "علمنة العلمانية"
الذي حدّدناه داخل منطق النصوص
المقدّسة المسيحية والإسلامية في مقال
صدر في جريدة "النهار" اللبنانية
عام 1985 واستعدناه في كتابنا: "لبنان
المعاصر. تاريخ ومجتمع"، المكتبة
الشرقية، بيروت 2004؛ وقد طوّرنا هذا
المفهوم في كتاب Orient-Occident…, op. cit. حيث أشرنا إلى "العلمنة
الخادعة"، أي تلك التي تعتمد فقط على
واقع مؤسساتي صوريّ، في حين تبقى
النظرة الحقيقيّة إلى العالم مضبوطة
بالإيمان باعتلاء دينٍ أو حضارة على
الآخرين، وهذا ليس من العلمانية بشيء.
تمّ عرض نسخة موسّعة لهذا المقال خلال
المؤتمر الذي عقدته جامعة الروح القدس
- الكسليك، لبنان، تحت عنوان "Vers
une Laïcité Revisitée ". ==================== ما معنى افتقار الإسلام
إلى كنيسة وفيه سلطة أشدّ وطأة؟ ميشيل كيلو السفير 20-9-2010 نشر الأستاذ الدكتور جورج قرم مقالة في
مجلة اللوموند ديبلوماتيك (عدد شهر
آذار من عام 2010) حول إشكاليات
العلمانية بين أوروبا والعالم العربي،
جعل عنوانها «حرية التأويل هي المفتاح
في الإسلام». في مقالته، يؤكد الكاتب مجموعة مسائل
رئيسة، أهمها اثنتان: أن تاريخ أوروبا
ليس تاريخ المسلمين والعرب، وأن
اختلاف التاريخين يكمن في كون ثانيهما
عرف حرية الفكر، وهو قيمة جوهرية في
العلمانية، بينما لم يعرفها الآخر،
الأوروبي، قبل نهاية القرن السابع عشر.
لذلك كانت المسألة الرئيسة في أوروبا
هي فصل الدين عن الدولة، والفصل بين
الروحي، المستولى عليه من قبل مؤسسة
منظمة وحاكمة هي الكنيسة، والزمني،
كما مثلته دولة اختلفت في ماهيتها
ووظائفها عن الكنيسة، التي تزايدت
الحاجة إلى التحرر من قبضتها الممسكة
بكل شيء، بعد أن تبلورت في الواقع
العناصر الكفيلة بجعل تجاوزها أمراً
ضرورياً وممكناً، علماً بأن سيطرتها
استمرت حتى القرن التاسع عشر، وكان آخر
شكل رمزي لها قيام بابا روما بوضع تاج
الإمبراطورية على رأس نابليون بونابرت
مطالع القرن المذكور. بالمقابل، لم
يعرف الإسلام كنيسة تدير شؤونه، ولم
يكن على رأس دولته رجل دين كالبابا، بل
حكمه دوماً رجال دولة مدنيون، فصلوا
بين الدين والدولة، وإن اتبعوا تعاليم
الدين إلى هذه الدرجة أو تلك، لكنهم
جعلوها متفقة مع مصالح الدولة لا الدين.
المشكلة عندنا هي أن باب التأويل أغلق
في القرن العاشر، مما قيّد حرية الفكر
وحدّ من العلمانية كأمر واقع، فلا حاجة
هنا ولا مجال لعلمانية من نمط أوروبي
تفصل الدولة عن الدين أو تطيح بسلطة
كنيسة وبابا لا وجود لهما. ولا بد من
فتح الطريق من جديد أمام حرية التأويل،
التي ستعيد الأمور إلى نصابها وتتكفل
بحل المشكلة. آمل أن لا يكون هذا التلخيص قد حجب بعض
جوانب مقالة الدكتور قرم أو أساء
إليها، وأجد أن من الضروري إبداء بعض
الملاحظات حولها: 1 عرفت سيطرة الكنيسة البابوية على الدولة
والحياة العامة في أوروبا مراحل
متباينة، وكانت في صعود وهبوط
بلغ صعودها أوجه قبل وخلال حروب
الفرنجة، ثم بدأ بالهبوط بعد أن مر في
مراحل خمس، كانت أولاها في القرنين
الخامس والسادس، عندما تمتعت السلطة
الكنسية بالأولية على السلطة الزمنية،
وبدأت ثانيتها مع مجيء شارلمان
وانفصال كنيسة الغرب عن كنيسة الشرق
وركون البابا إلى الغرب، وثالثتها مع
سيطرة شارلمان وإقامة النظام المسيحي
تحت إشراف الإمبراطورية في الغرب،
ورابعتها مع استيلاء الكنيسة على تراث
شارلمان وثأرها من السلطة الزمنية
التي كان قد خلّفها وراءه، وخامستها مع
محاولة سلالة أوتو إعادة بناء
إمبراطورية الغرب
. هذه الأطوار المتعاقبة، تقول إن
سيطرة الكنيسة لم تكن من طبيعة واحدة
في جميع مراحلها قبل الإصلاح
البروتستانتي، كما يؤكد الدكتور قرم.
من الأدلة على ذلك رسالة بعثها شارلمان
عام 800 إلى البابا ليون الثالث يخاطبه
فيها قائلاً: «نحن نقاتل دفاعاً عن
صليب المسيح ضد الكفار ومن أجل نشر
رسالته بين الوثنيين، وتبارك أنت
أسلحتنا وتصلي من أجل انتصاراتنا ...
وتحرص على أن يكون سلوكك متفقاً مع
تعاليم المسيح». بينما وجه هوغو كابيت،
الملك الفرنسي المتمرد على البابوية،
كلامه إلى رئيس الكنيسة (البابا)
قائلاً: «كلانا تلقى سلطته من الله
حسب قول بولس الرسول: «كل سلطة من
الله» فلست
بحاجة إلى بركتك وتطويبك لي ملكاً».
ومن المعلوم أنه سادت في تلك الحقبة من
صراع السلطتين الدينية والزمنية
نظرتان: إحداهما في الشرق المسيحي
اعترفت بوحدة الإمبراطورية والمجتمع
المسيحي وقبلت إقامة نظام موحد يختلط
فيه الزمني بالروحي ويقبل أحدهما
الآخر، والثانية في الغرب وضع أسسها
القديس أوغسطين، فصلت جذرياً بين
النظامين المسيحي والإمبراطوري،
لكنها اقتبست عن الشرق مبدأ ربط
الإمبراطور ومصيره بمصير الدين الرسمي.
هذا المبدأ، انتشر في الغرب على يد
قسطنطين، قبل سقوط روما، علماً بأن
تدهور مؤسسات الإمبراطورية لم يلحق
ضرراً جدياً بالكنيسة، التي عرفت كيف
تتأقلم مع الوضع الجديد وتفيد منه. إلى
هذا، هناك رسالة للبابا غريغوار
الكبير يخاطب فيها الإمبراطور، «هذا
الكركدن الذي دجنه لله»، بالقول: «لقد
أعطيت السلطة كي تساعد من يبتغون فعل
الخير وتوسيع الطريق التي تقود إلى
السماء، لتكون المملكة الأرضية في
خدمة ملكوت السموات». وبلغ تنظير
السيطرة الكنسية أوجَهُ في نظرية
السيفين لبرنارد دو كليرفو، التي تقول:
«يخص السيفان الروحي والمادي كلاهما
الكنيسة، لكن السيف المادي يجب أن يشهر
من أجل الكنيسة، والروحي من قبلها، على
أن يكون أحدهما بيد الكاهن والآخر بيد
الجندي، ويكون الأمر للكاهن بقيادة
الإمبراطور». إلى هذا، هناك خلاف حول
المدة التي بقيت سيطرة الكنيسة
خلالها، وحول ما إذا كانت سيطرة إلهية
مباشرة مارستها الكنيسة أم سيطرة
كنسية بتكليف من الله، والفارق بينهما
كبير، ما دامت الثانية تحتمل وجود سلطة
زمنية إلى جانب السلطة الكنسية، وفي
قراءات معينة، فوقها، بالنظر إلى أن
الإمبراطور أو الملك هو من الكنيسة،
وأنه يمارس سلطة منحه إياها الله، فلا
يحق للكنيسة التدخل فيها أو الاعتراض
عليها. في القرن الثالث عشر، سيقول فيلسوف
الكنيسة الأكبر توما الأكويني إن: «أفضل
النظم السياسية هو ذلك الذي يخضع
الهيئة الاجتماعية إلى حكم فرد واحد.
لكن هذا لا يعني أن النظام الأمثل هو أن
ينفرد بحكم الدولة رجل واحد، فالأمير
لا يستطيع تأمين خير الشعب العام إلا
إذا استند إليه (إلى الشعب)، وعليه إذن
الدعوة إلى تعاون جميع القوى
الاجتماعية المفيدة للمصلحة العامة،
كي يتولى قيادتها وتوحيدها، وينشأ
نظام أحكمت مقاديره». أما روبرت فولز،
فيلاحظ: «إن تاريخ أوروبا يتسم منذ
القرن الثاني عشر بإعادة بناء الدولة
الملكية، انطلاقاً من النظام الإقطاعي»،
قبل أن يضيف: «إن إحدى نتائج الإصلاح
الغريغوري بالنسبة إلى البابوية
المعززة كانت النزوع إلى محاكاة
الإمبراطورية». أريد القول: إن علاقة
السلطة الكنسية بالسلطة الزمنية ظلت
طيلة نيف وثلاثة عشر قرناً في صعود
وهبوط، وبقيت محل شدّ وجذب شديدين،
وكانت أكثر تعقيداً بكثير من أن تلخصها
عبارة أو فكرة تعميمية، تخضع السلطة
الزمنية للكنسية، وتؤكد ذلك بمثال
نابليون الذي وضع البابا تاج
الإمبراطور على رأسه، علما بأن البابا
هو الذي استدعي إلى باريس، وأن نابليون
وضع التاج على رأسه بيديه، وليس بيدي
البابا. 2 يقول الدكتور قرم: «إن دولة القانون،
وحقوق الإنسان، وصون كرامة كل كائن
بشري، هي أيضاً مفاهيم دمجت بثقافة
النهضة العربية الحديثة، لكن هذه
المفاهيم فقدت معناها تحت تأثير «الصحوة
الإسلامية» المحافظة والسلطوية».
أعتقد أنه كان من الصحيح لو أن الكاتب
ذكّر بدور الحركة القومية العربية
ودولتها، التي ألغت، قبل الصحوة
الإسلامية بفترة غير قصيرة، دولة
القانون وحقوق الإنسان، بينما
أنتجتهما وحمتهما الحركة القومية
الأوروبية، مما يفسر العوز
الديموقراطي الذي أصاب الحركة القومية
العربية ودولتها منذ ستينيات القرن
الماضي، ويظهر عيبها الرئيس والسبب
الذي أفرغها من مضمونها التقدمي وقاد
إلى تقويضها في مرحلة مبكرة من حكمها.
رفضت الصحوة الإسلامية هذه المفاهيم،
لكن الدولة القومية كانت قد قضت قبل
ذلك على وجودها الفعلي ودورها، ولم
تكتف فقط بإفقادها معناها. 3 ينفي الدكتور قرم أن يكون في الإسلام
كنيسة، ويطالب في الوقت نفسه بإطلاق
حرية التأويل، فمن هي الجهة التي
يطالبها بذلك، ومن الذي يقيد هذه
الحرية؟ إذا كانت هناك جهة بيدها منع
وإطلاق حرية التأويل، ألا تكون هذه
الجهة كنيسة أو سلطة كنسية وإن لم تتخذ
شكلاً كنسياً؟ ألا تستخدم في هذه
الحالة قراراتها وسيطرتها لأغراض
كنيسة؟ ما معنى الحديث عن افتقار
الإسلام إلى كنيسة، إذا كانت توجد في
مكان ما سلطة لا يستطيع، أو لا يريد أحد
تحديدها، نجحت في تقييد حرية التأويل
طيلة عشرة قرون، وفرضت عقائد ومذاهب
بعينها على المؤمنين، من الصعب
مناقشتها ونقض مقولاتها والخروج على
اجتهاداتها وفقهها؟ ومن الذي قام في
الإسلام ب«تجميد العقيدة وعد الفكر
الفلسفي خطراً على الإيمان الديني»
حسب قول الدكتور قرم، وكيف لا يكون هذا
أشد هولاً من الكنيسة، التي بدأت
سيطرتها الفكرية والسياسية تتداعى منذ
القرن الثالث عشر، مع أنها لم تدم غير
خمسة قرون واجهت خلالها مقاومة متشعبة
وضارية، فكرية وسياسية( 1)، بينما
يستكين عالم الإسلام في رحاب
الأشعرية، التي جمدت الاجتهاد
والتأويل واعتبرتهما بدعة وضلالة، وما
زالت قادرة اليوم أيضاً على تجميدهما. 4 يتحدث الدكتور
قرم عن «السلطة السياسية المدنية،
التي يخضع الفقهاء والعلماء المسلمون
بصورة عامة لرقابتها الوثيقة». هل كانت
هذه السلطة السياسية محمولة من مجتمع
مواطنين أحرار، فيصح عندئذ اعتبارها
مدنية تغطي مجمل المجال السياسي
والعام، أم أنه يجب أن نفتش لها عن صفة
أخرى، سياسية لكنها غير مدنية؟ أود إضافة ملاحظة أخيرة تناقش فقرة من نص
الدكتور قرم تقول: «إن المسار التاريخي
للديانة الإسلامية مختلف تماما (عن
المسار الأوروبي الحديث)، إذ اتبعت هذه
الأخيرة تطورا معاكسا لتطور المسيحية،
واتسمت خصوصيتها أيضا بتكيفها مع
التركيبات الاجتماعية السياسية التي
ورثها الغزاة العرب. إنها، من جهة،
تركيبات الإمبراطورية البيزنطية التي
كانت مسيطرة على المحيط الشرقي
والجنوبي للبحر المتوسط مع ظهور
الإسلام، ومن جهة أخرى تركيبات
الإمبراطورية الفارسية الساسانية
التي كانت تبسط سيطرتها على بلاد ما
بين النهرين والهضاب الإيرانية
العالية. فالأهمية المعطاة لسلطة
الإمبراطور في الشؤون الدينية، كما
كانت عليه الحال في بيزنطة، ستولد
الممارسة السنية للسلطة خلفا لها،
فيما نجد اليوم السلطة الدينية للكهنة
الزرادشتيين في الإمبراطورية
الساسانية متمثلة في نفوذ رجال الدين
الشيعة واستقلاليتهم بالنسبة إلى
السلطة السياسية». لن أتوقف عند «نفوذ
رجال الدين الشيعة واستقلاليتهم
بالنسبة إلى السلطة السياسية»، التي
تناقض أطروحة أستاذنا حول عدم وجود
كنيسة في الإسلام، وأسجل أن السلطة
السياسية ليست اليوم مستقلة عن نفوذ
وتحكم رجال الدين الشيعة، وأن سيطرتهم
عليها كانت تستحق وقفة طويلة ومتأملة،
بسبب أهميتها بالنسبة إلى أطروحة «فرادة
النموذج الإسلامي»، الذي تماشى وتماثل
مع نماذج حكم البلدان المجاورة،
القائمة في عصره، وأخذ تنظيمه عنها،
قبل حدوث انعطاف من نمط غير مسبوق في
أشكال السياسة ونظمها، جسده النموذج
الأوروبي الحديث، الذي قام على ركائز
ومفردات لم تكن معروفة في النماذج التي
اقتبس الإسلام نظامه عنها، وشكل
ظهورها ونجاحها في الغرب تحولا
تاريخيا نوعيا طاول جميع نظم السياسة،
وجعلها ترى نفسها وتعيد إنتاج ذاتها
بدلالته، لكونه ابتدع منظومة مفاهيم
ومقولات ونظريات لم تعرفها النظم
السابقة جميعها، وفي مقدمها النظام
الإسلامي، السياسي والأيديولوجي،
وأخذ بأشكال من التنظيم السياسي
والاجتماعي ما كان الانتقال من العصر
الزراعي ثم التجاري إلى العصر الصناعي
لينجح بدونها، ارتكزت، بين أشياء
أخرى، على العلمانية وما ترتب عليها من
مواطنة وحقوق إنسان وديموقراطية ودولة
تمثيلية/مدنية. السؤال هو : هل يمكن
فعلاً إعادة إنتاج «النظام الإسلامي»
في حاضنة هذا الانقلاب، الذي يمثل حقبة
جديدة في تاريخ البشرية طبعت بطابعها
وجود وثقافة الشعوب والأمم الأخرى؟
وهل يستطع النظام الإسلامي تجديد
وتحديث دولنا ومجتمعاتنا وضمان لحاقنا
بالعصر والانتماء إليه؟ وهل تكفي حرية
التأويل الديني ل: تحقيق انقلاب سياسي/
اجتماعي، مفهومي وعملي، يبقي من جهة
على فرادتنا، ويمكننا من جهة أخرى من
تحقيق ما سبق لغيرنا أن حققه من تقدم
مادي وثقافي، ولكن عبر دروب خاصة بنا
مختلفة عن دروبه؟ أصل الآن إلى لب الموضوع، الذي فيه مفتاح
الإجابة على الأسئلة السابقة، وألخصه
في السؤال التالي : هل صحيح أن
العلمانية اقتصرت في الغرب على فصل
الدين عن الدولة، أو الزمني عن الروحي؟
وهل صحيح أن حرية التأويل هي المفتاح
في الإسلام؟ أعتقد أن العلمانية ليست
مفهوما سياسيا إلا على السطح، أما في
العمق، فهي مفهوم فلسفي/ ثقافي أحدث
نتائج ثورية في الفكر والممارسة
السياسيين، كما في الحركة الاجتماعية.
فلسفياً، تعني العلمانية فصل الإلهي
عن الإنساني، فصل المقدس عن الدنيوي،
ورؤية الإلهي بدلالة الإنساني، عقب
تاريخ طويل رأى الإنسان نفسه فيه
بدلالة الإلهي، بتأثير الدين وسطوة
الكنيسة كمؤسسة وسلطة. هذا التحول جعل
الإنسان مركز ومحور العلاقة مع الله،
فصارت مركزيته العامل الذي سيعين
ويفسر سائر جوانب وجوده، بعد أن فتح
الباب أمام نمو وتبلور نمط جديد من
النظر أفضى إلى منظومة فكرية مفتوحة
ومتكاملة، تشمل سائر مناحي وجود
الإنسان وظواهره، وترى الله والطبيعة
بدلالته. هل هذه النظرة خاصة بأوروبا وحدها، ألا
يتسع لها الإسلام ؟ أعتقد أن الجواب
على شق السؤال الأول موجود لدى أرسطو،
الذي يعرف الإنسان بالكلمات التالية: «ذات
حرة وجديرة بالحرية بغض النظر عن
تعييناتها». إذا قبلنا فكرة أن الإنسان
يتعين بالحرية، بحريته، كان علينا
الإقرار بأن الفكر الديني عامة
والإسلامي خاصة لم يعرفه، وأن انتفاء
وجوده يجعل الإسلام عاجزاً عن تحقيق
نمط العلمانية الذي فصل الإنساني عن
الإلهي والدنيوي عن المقدس، ورأى
الإنساني والدنيوي في أولويته
واستقلاليته المطلقتين. يقدم الدكتور قرم حلاً لهذه المعضلة من
طبيعة فقهية/ سياسية، يرى أنه سيفضي
إلى العلمانية أو هو العلمانية في
تجربتنا المختلفة عن التجربة
الأوروبية. ولكن: ألا يشترك الإنسان
عندنا مع إنسان أرسطو وأي إنسان آخر في
كونه ذاتاً حرة تتعين بحريتها، أم أنه
يجب أن يبقى متعينا بواحدة من تعييناته
الموضوعية، أي إيمانه، الذي ليس، في
فلسفة أرسطو، محددا أوليا، بل هو محدد
ثانوي إن عيّناه من خلاله عجزنا عن
رؤية الدين والله بدلالته، وعجز هو عن
تحرير نفسه، بالعلمانية أو بغيرها، من
الكنيسة. مشكلتنا في هذا «النموذج
الإسلامي الفريد» أنه يحل المؤمن محل
الإنسان، يعين الإنسان بالإيمان،
فتنتفي المساواة بين البشر،
والعلمانية تعني بين
أشياء أخرى مساواة
البشر، كما تنتفي السياسة كفاعلية
تمكّن الإنسان، حسب تعبير لبيير مانيه
في كتاب «مدينة الإنسان»، من أن «يقرر
تلقي إنسانيته من نفسه، ويعمل على أن
يكون خالق تكوينه الخاص»( 2). ليس الإنسان الحر محور العقل السياسي
والفلسفي الإسلامي الحالي، مع أن الله
استخلفه هو، ولم يستخلف المؤمن أو
المسلم في الأرض، بعد اكتمال الرسالة
المحمدية، كما يخبرنا القرآن الكريم.
بيد أن العقل الإسلامي السائد يجهل أو
يتجاهل هذا للأسف، ويضع المؤمن فوق
الإنسان، ويرفض وجود الأخير كاسم نوع
مستقل عن صفاته، ويراه تحت حيثية وحيدة
الجانب هي الإيمان، يعتبره متعيناً
بها، وأراها بفضل
أرسطو ثانوية
وتسببت بجزء من الخراب الذي نعيشه، في
الفكر والواقع، السياسة والمجتمع،
العقل والروح... الخ. هل يمكن بناء مفهوم إسلامي للعلمانية، إن
بقي العقل الإسلامي مفتقراً إلى فهم
للإنسان يرى فيه كائنا قوامه ذاته
الحرة، منفصلا ومستقلا عن الإلهي؟ هل
يمكن لحرية التأويل أن تفضي حقا إلى
العلمانية، إن هي افتقرت إلى هذه
الركيزة الفلسفية، التي أذكّر من جديد
أنها أنجبت نمطاً جديداً من علاقة
الإنسان بذاته وبالعالم، وبالدولة
والمجتمع، قامت على المواطنة
والمساواة والعدالة والحرية
والديموقراطية؟ ما هذه العلمانية التي
ترفض فكرة المساواة بين البشر، وتضع
المؤمن، في سائر أحواله، فوق الإنسان،
إن كان غير مؤمن؟ وهل سيترتب فصل الدين
عن الدولة بالضرورة على حرية التأويل،
التي كانت متاحة طيلة قرنين تقريباً،
لم ينفصل الدين عن الدولة خلالهما، ثم
منعتها سلطة ما طيلة القرون العشرة
الماضية، دون أن ينتقص منعها من اقتناع
العقل الإسلامي السائد بامتلاكه أجوبة
صحيحة على جميع أسئلة الوجود والواقع
والفكر، وإيمانه بأن الحرية تستهدف
تقويض عالم الإسلام الكامل وإخضاعه
لعالم أوروبا: الكافر والناقص؟ أخيرا، هل فصل الزمني عن الروحي يعادل
تماما فصل الدين عن الدولة، وهل يجوز
أن نساوي بين الفصلين في السرد؟ أليس
أمرا لافتا أن تطور العقل الإسلامي بقي
مقاربا لتطور العقل الأوروبي حتى
نهاية القرن الحادي عشر وربما أواسط
القرن الثاني عشر، ثم افترقا، فتطور
الثاني عبر معارك فكرية شتى داخل وخارج
الكنيسة نحو العلمانية بمعناها
الفلسفي ثم السياسي، في حين انتكس
الأول ودخل في حالة همود وجمود جعلته
يحظر الأسئلة ويتمسك بتأويل وحيد للنص
(هنا مكمن المشكلة الحقيقية)، يرفض حق
المسلم في أن يقوم بقراءته الخاصة له؟
ألم يتسبب هذا الاختلاف في افتراق
المنهجين الفكريين ونشوء عالمين
متباينين أشد التباين تفصلهما هوة
تعاظمت حتى صارا بصورة متزايدة من
زمنين وتاريخين مختلفين، ينتج أحدهما
شروط تقدم لا قيد عليه
نعرف جميعا عيوبه ونواقصه
وثانيهما غربة متعاظمة عن التقدم
والعالم، فيتقوقع أكثر فأكثر على
ذاته، ويحبس نفسه في زمن مضى ومفاهيم
تقادمت، يبدد جهوده ووقته في سعي فاشل
لإعادة إنتاجها في حاضر تنتفي منه شروط
وإمكانيات بعثهما، فلا يجد جوابا على
هزيمته وغربته غير الخروج على زمنه
ومنه، وإن بقوة السلاح. أعتقد أن العلمانية مشكلة فلسفية/ فكرية
ذات مضامين ونتائج اجتماعية وفكرية،
قبل أن تكون مشكلة سياسية. أما جذرها
فلا يكمن في علاقة الدين بالدولة، بل
في علاقة الإنساني بالإلهي، وما يمكن
أن يترتب عليها من ثورة ثقافية متنوعة
المنطويات غنية المضامين، تفضي إلى
إعادة إنتاج السياسة والمجتمع
والاقتصاد في حاضنة مفتوحة مركزها
الإنسان بما هو ذات تتعيّن بالحرية.
إذا لم نمتلك هذا الأساس الفلسفي/
الفكري، الذي ليس معادياً بالضرورة
للدين أو لرجاله، ولم ننجز هذه الثورة
الثقافية الشاملة والعميقة، التي
ستجسر الهوة بيننا وبين عصرنا،
وستضعنا فيه وستجعلنا منه، فإن أي
تدبير سياسي أو إجرائي سيكون ناقصا، لن
يلبي حاجتنا إلى حال تجعل «الشأن
السياسي حقيقة نسقنا البشري،
والديموقراطية حقيقة شأننا السياسي،
وطاعة القانون، الذي نعطيه لأنفسنا،
حقيقة ديموقراطيتنا»، كما يقول بيير
مانيه ! المراجع : 1 تاريخ لأفكار
السياسية. تأليف جان توشار وترجمة ناجي
الدراوشة. إصدار وزارة الثقافة، دمشق
عام 1984. الجزء الأول، صفحات مختلفة . 2 مدينة الإنسان،
تأليف بيير مانيه، ترجمة فاطمة لجيوشي.
إصدار وزارة الثقافة، دمشق 1972، صفحات
مختلفة . =================== بريطانيا
ومرحلة الابتعاد عن الحروب الأميركية المستقبل
- الاثنين 4 تشرين الأول 2010 العدد
3790 - رأي و فكر - صفحة 19 خيرالله
خيرالله يعطي
المؤتمر السنوي لحزب العمال في
بريطانيا فكرة عن التحولات التي
يشهدها العالم عموما والمملكة المتحدة
على وجه الخصوص. فالانتقادات التي
وجهها اد ميليباند الزعيم الجديد
للحزب الى بلاده بسبب قرارها القاضي
بالمشاركة في الحرب على العراق تعطي
فكرة عن عمق الازمة التي تواجه السياسة
الخارجية البريطانية بسبب انسياقها
خلف السياسة الاميركية. لم يتردد
ميليباند في وصف السياسة البريطانية
تجاه العراق بانها كانت "خطأ"
ارتكبه رئيس الوزراء السابق توني بلير
الذي انجر الى الحرب في العام 2003 عندما
قبل ان يكون وزيرا للخارجية في ادارة
بوش الابن، اي مجرد موظف كبير في تلك
الادارة. يكتشف
اد ميليباند، ابن الاربعين عاما، ان
السبيل الوحيد لاعادة حزب العمال الى
السلطة في يوم من الايام يتمثل في
الانقلاب على توني بلير وعلى السياسات
الخاطئة التي اتبعها والتي حولت
بريطانيا الى تابع للولايات المتحدة
ليس الا. ما لا يمكن تجاهله في هذا
المجال ان بلير الذي اعاد العمال الى 10
داونينغ ستريت بعد غياب طويل اعتمد
سياسة تقوم على تقليد مارغريت تاتشر
التي اعادت الحياة الى حزب المحافظين
واحدثت ثورة اقتصادية في بريطانيا
مستندة الى افكار ليبيرالية قبل اي شيء
اخر. لم تكن تاتشر، في اثناء وجودها في
موقعها مجرد رئيسة للوزراء في
بريطانيا. كانت زعيمة من زعماء العالم
الحر. استطاعت ان تفرض سياساتها على
الولايات المتحدة عندما وقفت الى جانب
الرئيس بوش الاب في العام 1990 ودعته الى
عدم التهاون في موضوع الاحتلال
العراقي للكويت. وقد استمع بوش الاب
الى نصيحتها وعمل ما كان عليه عمله
بصفة كونه زعيم العالم الحر الخارج من
انتصار ساحق على الاتحاد السوفياتي
وكل ما كان يمثله ايام الحرب الباردة. يكمن
الفارق بين بلير وتاتشر في ان الاول
اتبع سياسة من كانت تسمى "المرأة
الحديد" ولكن من موقع مختلف. قبل
بلير لدى توليه رئاسة الحكومة ان يكون
تابعا للولايات المتحدة وليس صاحب
اجندة سياسية خاصة يستطيع فرضها على
واشنطن وعلى المقيم في البيت الابيض.
الان، جاء وقت محاسبة بلير على كل ما
ارتكبه. هذه المحاسبة تبدو شرطا لا بدّ
منه كي يستعيد حزب العمال اي امل في
العودة الى السلطة بعد ثلاث او اربع
سنوات من الان حين يحل موعد الانتخابات
العامة. في
بداية اي محاسبة لبلير يأتي العراق.
لماذا ذهب الجيش البريطاني الى العراق
وما هي الاسباب الحقيقة التي دفعت بلير
الى قبول التورط في حرب ذات نتائج
كارثية على غير صعيد؟ مثل هذا النوع من
الاسئلة بدأ يطرح حاليا في بريطانيا.
اكثر من ذلك، يعرف اد ميليباند، الزعيم
الجديد لحزب العمال، ان لا امل له في
اعادة حزبه الى الواجهة يوما من دون
عملية نقد للذات في العمق تؤدي الى
ادانة تصرفات توني بلير. كان
الاعتقاد السائد في مرحلة معينة سبقت
الحرب الاميركية على العراق ان
البريطانيين يعرفون البلد جيدا وانهم
سيعيدون ترتيب الاوضاع فيه بعد اسقاط
النظام العائلي- البعثي الذي اقامه
صدّام حسين. كان الامل كبيرا في ان يلعب
البريطانيون، بسبب خبرتهم الطويلة في
شؤون التركيبة العراقية وتفاصيلها،
دورا في مجال اعادة ترتيب الاوضاع في
هذا البلد بما يحافظ على التوازنات
الداخلية من جهة وما يحول دون تمدد
النفوذ الإيراني فيه من جهة اخرى. تبين
في ما بعد ان الخبرة البريطانية في
العراق محدودة جدا... كل ما في الامر ان
توني بلير قرر ان يسير في ركب جورج بوش
الابن من دون طرح اي نوع من الاسئلة. ما يدل
على حجم الكارثة التي ادت اليها حرب
العراق الطريقة التي انسحب بها
البريطانيون من البصرة. هناك جنرال
اميركي معروف يدعى جاك كين يعمل حاليا
مستشارا في البيت الابيض يقول الاتي
:" اعتقد ان انسحاب القوات
البريطانية من البصرة وتجمعها في مطار
المدينة في العام 2007 شكل خطأ فادحا.
جعلت تلك الخطوة سكان المدينة يخضعون
لتبعية إيران التي عاملتهم بوحشية
وارعبتهم وهددتهم". خرج البريطانيون
من العراق وبقي الإيراني يسرح ويمرح في
الجنوب وفي مناطق اخرى... بعدما تحقق ما
كان يحلم به دائما وهو انهيار السلطة
المركزية في بغداد، وذلك من دون ان
يخسر جنديا واحدا! كان من
بين شروط النجاح لمارغريت تاتشر اعادة
ترتيب الاقتصاد وبنائه على اسس جديدة
عصرية بدءا بالتخلص من نفوذ نقابات
العمال. كان من بين شروط النجاح لتوني
بلير الظهور في مظهر القادر على السير
على خطى تاتشر، على الرغم انه يتزعم
حزب العمال المنافس، وهو حزب اشتراكي
في الاصل. في
السنة 2010، يبدو ان الشرط الاول لنجاح
اي زعيم لاي حزب بريطاني، يتمثل في
الانقلاب على توني بلير وما كان يرمز
اليه. لهذا السبب، فاز اد ميليبند على
شقيقه الاكبر ديفيد ميليباند الذي كان
اسمه مرتبطا ببلير وبخليفته غوردون
براون. تبحث بريطانيا حاليا عن سياسة
خاصة بها. على الرغم من انها مضطرة
للمشاركة في حرب افغانستان، ليس امام
الحكومة التي يرئسها ديفيد كاميرون
والمعارضة التي بات يتزعمها اد
ميليباند سوى التفكير مليا في كيفية
الخروج من الرمال المتحركة الافغانية.
انها بكل بساطة مرحلة جيدة تدخلها
الامبراطورية السابقة التي لم تكن
تغيب عنها الشمس. اسم هذه المرحلة
الابتعاد قدر الامكان عن الولايات
المتحدة وعن حروبها... ===================== أين
تقف واشنطن من «أراضي الشرق الأوسط
المحتلة»؟ اياد
ابو شقرا الشرق
الاوسط 4-10-2010 «الحقيقة
جميلة.. وكذلك الأكاذيب» (ايمرسون) مهما
حاول المرء أن يحسن الظن في نيات
الإدارة الأميركية الحالية، فلا بد أن
يصل إلى استنتاجين لا ثالث لهما إزاء
مقاربتها أزمات منطقة الشرق الأوسط. الاستنتاج
الأول، أنها عاجزة عن حسم المسائل
الإقليمية، لأسباب ذاتية وموضوعية.
وهذا مع أن لهب الشرق الأوسط وما يتصل
بمكوناته وصل يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001
إلى «عاصمتي» أميركا السياسية
والمالية. والاستنتاج
الثاني، أنها قليلة الصدق في ما تدعيه
من مبادئ، فهي رغم كلامها الكثير عن
الحقوق والأخلاقيات، فإنها لا تعني
تماما ما تقوله. اليوم
يمسك بملف الرعاية الأميركية
للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية،
رجل محنك ومحام ناجح وسياسي ذو تجربة
ضخمة في دهاليز الكونغرس الأميركي..
اسمه جورج ميتشل، الزعيم السابق
للأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ،
وراعي مسار المفاوضات الآيرلندية..
الآيرلندي - اللبناني الأصل. ميتشل،
بفضل الشق الآيرلندي من هويته، كان
يتمتع بفهم عميق لجذور الأزمة
الآيرلندية. وحقا أصاب نجاحا في
تسويتها لم يحققه غيره. وهو اليوم، من
خلفيته «العربية» الواعية لتعقيدات
أزمات الشرق الأوسط، يحاول تحقيق
اختراق ما في الموضوع الإسرائيلي -
الفلسطيني. طبعا،
لا ميتشل، ولا جيمس بيكر من قبله، ولا
أي شخصية أميركية اضطلعت بعملية
تفاوضية بين الإسرائيليين
والفلسطينيين تستطيع أن تزعم أن
واشنطن على مسافة واحدة من طرفي
العملية التفاوضية، ففي حين كانت
إسرائيل دائما، ولا تزال، الحليف
الاستراتيجي الوحيد لواشنطن في الشرق
الأوسط، ظلت واشنطن تعتبر منظمة
التحرير الفلسطينية، التي هي الممثل
الشرعي للشعب الفلسطيني، منظمة
إرهابية.. وذلك حتى «مفاوضات أوسلو». واليوم
مطلوب من الطرف الفلسطيني «التفاوض من
أجل التفاوض»، والوثوق بحكومة
إسرائيلية لا تؤمن بمبدأ «الأرض مقابل
السلام»، ولا تقبل البحث في مصير
القدس، ولا مناقشة مسألة حق العودة.. بل
إنها لا تقبل حتى وقف عمليات هدم
المنازل وبناء المستعمرات، بينما
يتفاوض معها الفلسطينيون. والويل كل
الويل إذا اعترض المفاوض الفلسطيني أو
استنكف. وهذا مع التذكير بأن «شرعية»
هذا المفاوض تشكك بها قوى «أمر واقع»
في غزة تصر - ولها بعض الحق في ذلك - على
أنها تحظى بالشرعية الانتخابية، وتحظى
أيضا بدعم إقليمي معروف. وهنا،
نصل إلى المجال الجغرافي والبعد
الزمني المحيطين بهذه الحالة
الكارثية، فنحن في بقعة من العالم
تترابط فيها الحساسيات وتتقاطع
الولاءات، وعاشت منذ قرون تراكم أحقاد
وولاءات خطيرة. اليوم
تحمل إيران، أحد أضلاع «الثلاثي غير
العربي» في المنطقة - مع تركيا
وإسرائيل - شعار تحرير فلسطين تحت
قيادة الملالي في ظل عجز عربي شبه كامل.
كذلك تنهض تركيا أيضا من «سبات»
الأتاتوركية تحت رايات إسلامية وتباشر
تفتيشها المستحق عن دور في العالم
العربي اليتيم. أما إسرائيل، التي
أسسها أوروبيون علمانيون واشتراكيون،
بعضهم صدق حلم «أرض الميعاد»، وسعى حقا
لشكل من أشكال التعايش مع «سكان الأرض
الأصليين»، فيحكمها يمين فاشي وعنصري
يتذرع بمطالب جماعات المستعمرين
التوراتيين ويستقوي بهم لرفض أي صيغة
سلام. إزاء
واقع كهذا، يفترض أن العقل العملي
الأميركي متنبه لوجود علاقة سببية
تربط كل الخيوط، وتتحكم في المبررات.
غير أن واشنطن تبدو اليوم، كما كانت
دائما، إما عاجزة عن فرض حل على
إسرائيل يسحب البساط من تحت أولئك
الذين كانت تسميهم «أعداء السلام»،
وإما متجاهلة تماما لأهمية فرض الحل،
بل ثمة الآن من بات مقتنعا بأنها ضالعة
في تواطؤ فظيع مع صيغة تفجيرية يريدها
مخططو اليمين الإسرائيلي. ولكن
هذا التواطؤ لا يقتصر على الأراضي
الفلسطينية، بدليل «توارد الخواطر»
الغريب بين واشنطن وطهران إزاء إبقاء
نوري المالكي على رأس الحكومة
العراقية. وهو تطور غريب، لأن واشنطن
التي حكمت العراق منذ 2003 تتفهم كل
تعقيداته وحساسياته. ومع هذا، يبدو
أنها تسلمه اليوم تسليم اليد كأرض
محتلة إلى إيران.. وإلا فالفوضى. وهذا
هو أيضا الخيار نفسه تقريبا الذي تقدمه
واشنطن للبنان، بالرغم من ترديد
سفرائها تعهد «الدعم الكامل لسيادة
لبنان»، فتهديدات حزب الله، ومن خلفه
طهران ودمشق، في موضوع المحكمة
الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري،
واضحة تماما، وهي إما أن يسلم لهم
البلد، وكفى الله المؤمنين شر القتال..
وإلا فالفتنة المستيقظة جدا. ====================== حرب
اميركا في افغانستان بلا نهاية! الإثنين,
04 أكتوبر 2010 جميل
مطر * الحياة ليس
صعباً على المدقق في تفاصيل عملية صنع
السياسة في الولايات المتحدة ملاحظة
الاختلاف في درجات التأثير لقوى
المصالح والضغط على البيت الأبيض، بين
إدارة وإدارة، وبين قضية وأخرى. لاحظ
محللون الاختلاف البيّن بين الدور
الذي مارسه بعض مراكز البحث والعصف
الفكري في التأثير على عملية صنع
القرار والسياسة في عهد الرئيس بوش
ودورها في عهد الرئيس كلينتون. ولا
يخفي بعض المتابعين عن قرب لتطور
السياسات الأميركية اقتناعهم بأن
المؤسسة العسكرية الأميركية صار لها
صوت أعلى من الصوت الذي اعتادت عليه في
أزمنة سابقة. وأظن أن لدى الكثيرين من
هؤلاء أمثلة محددة لدعم هذا الرأي
ومنها الموقف الذي اتخذه القادة
العسكريون الأميركيون من المناورات
السياسية والضغوط الداخلية التي
تمارسها إسرائيل لتعطيل مسيرات «السلام»
في الشرق الأوسط. وهو الموقف الذي عبر
عنه بوضوح ملفت للنظر وغير معتاد
الجنرال ديفيد بيترايوس في أواخر أيام
مهمته كقائد للقيادة المركزية
الأميركية في الشرق الأوسط، وقبل أن
يتولى مهمة قيادة القوات المتحالفة في
أفغانستان. كانت
أيضاً مثيرة للانتباه الإشارات
والتلميحات الصادرة عن القيادة
السياسية الأميركية، ممثلة أحياناً في
نائب الرئيس جو بايدن وأحياناً أخرى في
السيدة هيلاري كلينتون. كانت أيضاً وما
زالت مثيرة للانتباه الطريقة التي
تعامل بها وزير الدفاع روبرت غيتس مع
كبار القادة العسكريين خلال المراحل
الأخيرة التي سبقت إعلان الرئيس
اوباما اكتمال المهمة القتالية في
العراق ثم خلال بعض الجدل المسموع
همساً عندما طلب العسكريون زيادة
القوات المسلحة العاملة في أفغانستان
أسوة بالزيادة التي تقررت في العراق
وأدت إلى تجميد القتال استجابة لرغبة
الرئيس الأميركي والرأي العام في
الانسحاب مبكراً من العراق. لم يحدث في
كل هذه الحالات أن خرج إلى الرأي العام
ما ينم عن وجود خلافات جذرية بين
القيادة السياسية والقيادة العسكرية.
ولكن لم يكن خافياً في الوقت نفسه أن
اختلافات في وجهات النظر وفي السياسات
الواجب انتهاجها كانت قائمة، وأن
المؤسسة العسكرية صارت أشد حرصاً على
إسماع صوتها في أمور سياسية واقتصادية
تؤثر سلباً أو إيجاباً على أمن القوات
وسلامتها. لذلك
جاءت المعلومات التي عرفت بتسريبات «ويكيليكس»
Wikileaks ثم شذرات من كتاب
بوب وودوورد الجديد بعنوان «حروب
أوباما» بمثابة صدمتين متلاحقتين لكلا
الطرفين، المؤسسة العسكرية والقيادة
السياسية. صحيح أن الترتيبات كشفت عن
خروقات كثيرة في مجال حقوق الإنسان
وسوء التصرف في ساحات الحرب وعن فساد
مريع في أفغانستان وتسيب في انضباط
القوات الأميركية وعلاقاتها
بالزعامات المحلية، إلا أن ما تسرب من
كتاب وودوورد قبل نشره يوم 27 أيلول (سبتمبر)
الماضي جعل الرأي العام الأميركي
وخارج أميركا يرى تسريبات «ويكيليكس»
في ضوء جديد ومختلف أضاف إلى صدقيتها
وحضها على تقديم المزيد. انكشفت
أمامنا الآن أمور عدة أو تأكدت، وهي
التي كانت قبل نشر كتاب وودوورد
وتسريبات «ويلكيليكس» اجتهادات أكثر
منها معلومات مؤكدة أو نتائج موثقة.
انكشف على سبيل المثال: أولاً:
أن الولايات المتحدة تحارب بجيوش «كثيرة»
وليس بجيش واحد كما كان العهد بحروب
أميركا النظامية في كوريا وفيتنام. ظهر
انه إلى جانب ما كان معروفاً عن
تشكيلات المرتزقة، أي شركات الأمن
الخاص وهذه كان يقال عنها أن دورها لا
يتعدى حماية شاحنات القوات المتحالفة
وقياداتها والزوار من كبار
الدبلوماسيين ورجال الكونغرس، يوجد
جيش يقدر بثلاثة آلاف جندي أفغاني
تدربه وتموله وتحركه وكالة
الاستخبارات الأميركية (CIA).
وظيفة هذا الجيش العمل بحرية كاملة في
مناطق الحدود الباشتونية لاغتيال قادة
«طالبان»، وبخاصة الباكستانيين منهم. ثانياً:
أنه لم يعد ممكناً بأي حال من الأحوال
توقع أن تعود العلاقات بين أميركا
وباكستان إلى سابق عهدها، فالدماء
التي سالت في باكستان نتيجة خطة
الجنرال مايك مولين وريتشارد هولبروك
مبعوث الوزيرة هيلاري كلينتون توسيع
ساحة الحرب في الأراضي الباكستانية
دماء غزيرة وقد تكون هذه الدماء ضرورية
وكافية لتنشيط أو إشعال بؤر شديدة
التطرف عرقياً أو دينياً. وغير خاف على
كل حال ما تردده دوائر إعلامية وسياسية
في باكستان من أن الاستخبارات
الأميركية تثير فتناً طائفية في
باكستان، وبخاصة بين الشيعة والسنة،
لتحويل أنظار الإسلاميين إلى الداخل
وصرف اهتمامهم عن تدبير الانتقام من
القوات الأميركية التي تسببت في دمار
هائل لإقليم وزيرستان في شمال شرقي
باكستان ولكثير من مدنها. هكذا تكون
باكستان قد انتقلت من طرف خارجي إلى
طرف أصيل في حرب لم يكن ممكناً إدخالها
فيها لو أن القوات الأميركية دخلت
نظامياً واحتلت أقاليم في باكستان
واصطدمت بالقوات المسلحة الباكستانية.
ثالثاً:
بتحول باكستان ساحة حرب فعلية تزداد
حتماً سخونة أجواء التوتر في منطقة
جنوب آسيا بعد أن امتدت إليها نيران
أطول حرب عرفتها القارة الأسيوية، وهي
حرب أميركا في أفغانستان. لم تكن شبه
القارة الهندية ولا كانت آسيا بأسرها
في حاجة الآن إلى الإخلال بتوازن دقيق
للقوى بين الهند وباكستان، فالضعف
الباكستاني الناتج من انتهاك
العسكريين الأميركيين ووكالة
الاستخبارات الأميركية لسيادة
باكستان سيجعل المفاوض الباكستاني أشد
عناداً مع المفاوض الهندي، عدوه
اللدود المتزايد قوة وغطرسة. من ناحية
أخرى، يخشى أن يؤدي هذا الاختلال في
التوازن إلى ارتماء الباكستانيين في
أحضان القوة الأسيوية الأعظم، وبخاصة
أن كلاً منهما صار في حاجة الى الآخر
أشد من أي وقت مضى. وبالمنطق ذاته لا
يخفي معلقون قلقهم من احتمال أن يجد
أنصار إقامة تحالف هندي إيراني في
الفوضى الناشبة في باكستان وعلو صوت
الجنرالات البكستانيين في انتقاد
الحكومة المدنية طاقة تدعم موافقتهم. رابعاً:
انكشفت كذلك الرغبة العسكرية
الأميركية في عدم الخروج «المبكر» من
أفغانستان وربما رغبتها في توطيد
وجودها حتى تتأكد من أن الصين وروسيا
لن تمثلا تهديداً للهيمنة الأميركية
في آسيا في الوقت الذي تؤكد مختلف
الرؤى أن الصين مستمرة في الصعود إلى
مواقع القيادة الدولية، وأنها عازمة
على أن تكون لها أقوى منظومة بحرية في
العالم إن لم يكن في التاريخ، كما يقول
روبرت كابلان الزميل في مجلس الشؤون
الخارجية في نيويورك، وأنها تتقدم
بخطى حثيثة وواثقة على طريق تأمين
منطقة بحر الصين الجنوبي، ومنه إلى
بنغلاديش وسيريلانكا وباكستان لتحيط
بالهند. خامساً: إن الولايات المتحدة
بما تفعله الآن ربما تكرر ما حدث أثناء
الحرب ضد الاحتلال السوفياتي حين شجعت
على قيام تحالفات بين قيادات الطاجيك
والهازار والأوزبيك وبمحاولتها فرض
هيمنة قوات الشمال على الحكم في كابول
من دون مراعاة مكانة الباشتون، وهي
المحاولة التي تسببت في اغتيال أحمد
شاه مسعود، قبل يومين من حادثة تفجير
برجي نيويورك وقبل أسابيع من غزو
أميركا لأفغانستان . يخشى
الكثيرون أن تكون القيادة العسكرية
الأميركية قد استحوذ عليها طموح كطموح
غزاة آخرين استهانوا بالمقاومة
الأفغانية، فأساؤوا التصرف وسلكوا
طرقاً غير مألوفة وخرجوا شراذم
ومفككين. لا أظن أن القوات الأميركية
قادرة على تحقيق نصر ضد شعوب أفغانستان
بجيوش مهما بلغ عددها مهمتها الأساسية
قتل أو اعتقال عشرات أو حتى مئات من
قادة القبائل الأفغانية، فكل قائد
أفغاني يعتقل أو يموت في مناطق الحدود
الباشتونية يحل محله على الفور ابن له
أو ابن عم. عندئذ
قد تتحقق رغبة بعض القادة العسكريين
الأميركيين الذين يريدونها حرباً لا
نهائية. *
كاتب مصري ====================== د.
بثينة شعبان الرأي
العام 4-10-2010 تبنّى
هذا الأسبوع مجلس حقوق الإنسان في
الأمم المتحدة تقريراً يدين إسرائيل
لهجومها على أسطول الحرية في 31 مايو
الماضي، وقد ورد في تقرير لجنة تقصّي
الحقائق في مجريات الاعتداء العسكري
الإسرائيلي على نشطاء الحرية العزّل
من السلاح، أن «ثمة أدلة تدعم ملاحقة
إسرائيل لارتكابها جريمة القتل
المتعمد والتعذيب والمعاملة غير
الإنسانية، الأمر الذي تسبب عمداً
بآلام كبيرة وبجروح خطيرة». وأضاف
الخبراء «أن ملابسات مقتل ستة من
الركاب (النشطاء على سفينة مرمرة)
على الأقل تتطابق بشكل ما، مع التصفية
الجسدية خارج القانون وبشكل عشوائي
دون محاكمة»، مشيرين إلى «انتهاكات
خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي
الإنساني». ومع ذلك فإن السفير
البلجيكي الذي كان يتحدث باسم الاتحاد
الأوروبي أوصى بالامتناع عن التصويت،
أما السفيرة الأميركية ايلين دوناهوي
فقد أكدت أن واشنطن تعارض القرار، أي
أنهما يؤيدان جرائم القتل والتعذيب
التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد
المدنيين الأبرياء العزّل ويعتبرانها
مبررة. ورغم
تأكيد اللجنة أن «إسرائيل ارتكبت
جريمة قتل متعمد»، لم يُحِلْ معدو
التقرير إسرائيل إلى المحكمة الجنائية
الدولية كما كان يجب أن تُحال إسرائيل
إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد «تقرير
غولدستون» في أعقاب الحرب على غزة 2008
2009، والتي قتلت القوات الإسرائيلية
فيها أكثر من 1400 مدني فلسطيني. وذكر
ديبلوماسيون أن القرارين أخذا في
الاعتبار النداءات العامة والخاصة من
الدول الغربية والسلطة الفلسطينية «لتجنب
أي إجراء يخلق مصاعب جديدة لعملية
السلام في الشرق الأوسط» التي استؤنفت
اخيراً، غير أن نصّي التقريرين يدعوان
إلى إجراء مناقشات جديدة بشأن
القضيتين في جلسة المجلس في مارس
وإبريل من العام المقبل! وهكذا
يتم التعامل بكل هذه النعومة، واللطف،
والهدوء، والتأجيل، والتمييع، مع
جرائم قتل مدنيين أبرياء على الأرض وفي
عرض البحر، فقط لأن الجناة هم جنود
إسرائيليون، تدعمهم وتبرّر لهم القوى
الغربية كل جرائمهم، لأن الضحايا هم
عرب ومسلمون من فلسطين وتركيا. وحتى
الحقائق التي نشرت في التقرير والتي
وصفت «عنف الجيش الإسرائيلي» تجاه
القافلة ب «الوحشي» لم تلقَ حظها في
القنوات الفضائية ووسائل الإعلام، ولم
يسمع بها سوى المتابع الحثيث
للقضيتين، وذلك لأن وسائل الإعلام بمن
يمتلكها ويوجهها، وصلت مرحلة من
التواطؤ مع اللاعبين السياسيين، وذلك
من خلال انتقاء الأخبار وتسليط كل
الأضواء على ما تشاء منها، وإبقاء ما
تشاء منها في الظلام، بحيث لا ينفذ
منها شيء إلى وعي وذاكرة وضمير الجمهور
المتابع. هذه هي
المرة الأولى التي يتبنّى بها مجلس
حقوق الإنسان تقريراً يدين أعمال
إسرائيل الوحشية، ومع ذلك لم يأخذ حقه
من الدعم، أو التغطية، أو المتابعة
السياسية والإعلامية، والسبب واضح،
ذلك لأن الاتحاد الأوروبي والولايات
المتحدة سارعا للوقوف ضده بحجة «الحرص
على عملية السلام»، وحقيقة الموقف هو
الحرص على قدرة إسرائيل على الاستمرار
في ارتكاب جرائمها، والتنكيل بالسكان
العرب وطردهم من أحيائهم ومنازلهم
ومدنهم، ليحلّ محلهم مستوطنون قادمون
من خارج المكان. التدخل
الثاني للإعلام بالسياسة في هذا
الأسبوع، هو في إخفات الأضواء عن
مجموعة ناشطين يهود على متن السفينة «ايرين»
أبحروا إلى غزة للتأكيد للعالم أن
اليهود لا يؤيدون جميعاً سياسة الحصار
الإسرائيلية، وكان بينهم الناجي من
المحرقة رئوفين مسكوفتيش (82) عاما،
والقبطان غلين سيكر من لندن، والضابط
الإسرائيلي السابق ايتامار شابيرا،
ومساعد القبطان يوناتان شابيرا. إذ كيف
يروّج الإعلام لهذا الحدث، بينما يصرخ
الحكام الإسرائيليون ويطالبون
بيهودية دولة إسرائيل؟ ويحاولون بناء
محادثات السلام على هذا الأساس، وهو
أساس عنصري لكيان يضم مسلمين
ومسيحيين، إلا إذا كان الهدف من هذا
الشعار هو أيضاً ارتكاب جريمة التطهير
العرقي بحق مواطنين عاشوا على هذه
الأرض منذ آلاف الأعوام كما حدث عام 1948؟
ومع
أنّ هذه هي المرة الأولى التي يتخذ بها
يهود إسرائيليون وأوروبيون وأميركيون
خطوة مهمة وجريئة وذات مغزى إنساني ضد
سياسات إسرائيل العنصرية، ويساهمون في
كسر جدار الحقد (كما أسموه)، فإن
الإعلام لم يولِ هذه الخطوة المهمة ما
تستحقه من اهتمام، ولم يبن عليها ليظهر
كم هو عدد اليهود في العالم الذين
يعبّرون عن إدانتهم لجرائم إسرائيل
العنصرية، وأن هذا الكيان لا يحظى
بإجماع أتباع الديانة اليهودية كما
يدّعي، وأن الدين اليهودي بريء مما
يمارسه هذا الكيان من قتل وتعذيب
وتشريد. ودور الإعلام هنا يظهر في
الانتقاء أولاً، ومدى الترويج أو عدمه
ثانياً. كما أن
ما كتبه روني كاسرلز (انظر جريدة «اللوس
انجلز تايمز» 29/9/2010) والذي يعبّر عن شرف
وكرامة اليهود بمواقفه المؤيدة
للعدالة في فلسطين، عن حملة مقاطعة
إسرائيل في الجامعات والنقابات في
جنوب أفريقيا، وما تحققه حملات
المقاطعة لإسرائيل اليوم من ايرلندا،
إلى الولايات المتحدة، أمر في غاية
الأهمية، لأنه يذكّر ببداية انهيار
نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا،
وفي هذا برهان على تعاظم وقوف اليهود
ضد الإجرام الإسرائيلي، وعلى تصاعد
حملات المقاطعة ضد الكيان الصهيوني.
ومع ذلك فإن أقصى ما يفعله قادة
العالم، هو أن «ينتقدوا» إسرائيل
لاستمرارها في الاستيطان، ورفضها
إيقافه، رغم الإغراءات والضمانات التي
قدّمت لها من واشنطن حسب ما أفادت
التقارير. وحتى
حين تكون إسرائيل المسؤولة الوحيدة عن
تعثر المفاوضات، فإن اللغة التي
يستخدمها الناطق باسم الخارجية
الأميركية، تحاول بكل المعايير عدم
تحميل إسرائيل مسؤولية تعثر
المفاوضات، حيث قال فيليب كراولي
الناطق باسم الخارجية الأميركية حين
استأنفت إسرائيل عمليات الاستيطان
التي تعني عملياً التطهير العرقي بحق
السكان الأصليين، قال «أصبنا بخيبة
أمل، ولكننا نبقى مركزين على الهدف
البعيد الأمد، وسوف نتحدث مع الأطراف
حول منعكسات القرار الإسرائيلي». وأضاف
«في ضوء القرار الذي اتُخذ البارحة،
لدينا معضلة علينا أن نحلها، حيث لا
توجد مفاوضات مباشرة على جدول الأعمال
في هذه اللحظة». كيف وضع كلمة «أطراف»
ليشير وكأن كل الأطراف مسؤولة عن هذه «العقبة»،
بينما هو الكيان الإسرائيلي الوحيد
المسؤول عن تعثر وفشل المفاوضات منذ
عشرين عاماً، وليس فقط اليوم؟ تواطؤ
السياسيين الغربيين مع جرائم إسرائيل،
يتمثّل في امتناعهم أو رفضهم التصويت
على القرارات التي تدين المجرمين
عندما يكون الضحايا عرباً، يضاف إلى
تواطؤ الإعلام بتجنبه المسألة، أو
بوضعها تحت أضواء خافتة في الساحة
الإعلامية، بحيث لا تلقى اهتماماً ولا
تشكل وقعاً على آراء وضمائر الرأي
العام. حتى قضية الاستيطان هذه، والتي
حولوها إلى مجرد كلمة، وإلى مجرد
تأجيل، أو تأجيل التجميد لشهر أو
شهرين، بينما هي تترجم على الواقع إلى
جرائم تطهير عرقي للسكان الأصليين في
حي سلوان وحي الجراح والقدس والخليل
مثلاً. فها هو الطفل الفلسطيني كرم
خالد دعنا (13 عاماً) يتلقى أمراً من
محكمة عسكرية إسرائيلية بتشريده من
منزله وإبعاده عن عائلته ووضعه في سجن
عوفر، والذي قال لأبيه والإسرائيليون
يقتادونه بعيداً عنه «أريد العودة إلى
منزلنا لكي ألعب مع إخوتي وأنام في
غرفتي». ماذا يقول سفير الاتحاد
الأوروبي وسفيرة الولايات المتحدة في
مجلس حقوق الإنسان لهذا الطفل، هل
يمتنعون عن التصويت، وماذا إذا كان
الطفل كرم خالد دعنا (13 عاماً) أحد
أبنائهم فماذا يفعلون، وماذا يقولون
لأهالي حي الجراح وحي سلوان في القدس،
حيث بدأت «محكمة الاحتلال» باتخاذ
أحكام للاستيلاء على حي عربي موغل في
القدم والعراقة، تلو الآخر بدلاً من
منزل تلو الآخر، وذلك دون شك لالتهام
المدينة العربية القديمة وتهويدها في
أسرع وقت ممكن؟ إنه
لأمر متصل جداً، أنه في العام 2009، قُتل
أكثر من مئة صحافي وهم يمارسون عملهم،
ولا شك لديّ، أن هؤلاء جميعاً من
الساعين إلى إظهار الحقيقة حتى على
حساب حياتهم التي ضحوا بها بنبل وشرف.
فهل أصبح الإعلام اليوم، والذي كان
الغرض منه نقل الحقائق، هل أصبح
متواطئاً مع الساسة لطمس الجرائم
المرتكبة ضد الإنسانية بشتى السبل،
وهل على الرأي العام البحث عن الأخبار
الصادقة وإعادة جدولة أولوياتها؟
فالمطلوب مثلاً من الإعلام لكي يكون
صادقاً، هو سرد قصص معاناة السكان
الأصليين مع المستوطنين، كما هي، على
مسامع العالم لنتجاوز بذلك أحكام
سفراء الاتحاد الأوروبي وواشنطن، ونصل
إلى ضمير العالم الحرّ، والذي دون شك
سيقف مع العدالة الفلسطينية حين يدرك
حجم الظلم المفروض عليهم والمُمارس
ضدهم في الليل والنهار. ====================== بقلم
:أريانا هافنغتون البيان 4-10-2010 حزب
الشاي غاضب! حقا. أو هكذا تقول لنا
مرارا وتكرارا وسائل الإعلام. ووفقا
للحكمة التقليدية، فإن هذه هي قصة هذا
الانتخاب، وعلى الأرجح الانتخابات
المقبلة: فمن يعارضون أوباما غاضبون،
وقد التفوا حول حزب الشاي. ولكن وفقا
لحكمة أكثر تقليدية، فإن هذا الأمر
يعتبر خطأ. ليس
هناك شك في أن أتباع حزب الشاي غاضبون،
ولكن ما ينقص هذا السرد هو الحقيقة
القائلة إن الجميع غاضبون.وكما تبين لي
من خلال حديثي في مؤتمر سائقات
الشاحنات، أخيرا، فإنه حتى الذين
يحبون الرئيس الأميركي والذين لا
يتخيلون التصويت لأي شخص آخر من غير
الحزب الديمقراطي، هؤلاء أيضا غاضبون. ليس من
الصعب أن نفهم سبب ذلك. كيف يمكنك
متابعة ما يحدث في أميركا ولا تغضب؟
وكل مرة أتابع فيها الأخبار، يتجدد
غضبي. الفقر يزداد، ولا نهاية في الأفق
لمعدل البطالة المرتفع وحالات حبس
الرهن. وكما قال كبير المستشارين
الاقتصاديين للرئيس أوباما، «أوستان
غولسبي» أخيرا، فإن هذه الأرقام لن
تتغير قريبا. لذا
فلا عجب ألا يكون أتباع حزب الشاي
وحدهم هم الغاضبون. وإذا واصلنا ربط
الغضب بحزب الشاي بصورة حصرية، فإن
النقاش العام الذي نجريه، سوف يصبح
خيارا زائفا بين الوضع الراهن وجدول
أعمال سيدمر أميركا. وكما
أوضحت الكاتبة «جين ماير» في مجلة «نيويوركر»
الأميركية، في وصفها للإخوة «كوش»
المليارديرات الذين يدعمهم حزب الشاي،
فإن من يقفون وراء الحزب يدفعون
بالأفكار نفسها منذ وقت طويل، ولكنهم
استغلوا الغضب المشروع في البلاد
وتمكّنوا من توجيهه ليخدم غاياتهم
الخاصة. هل أنت غاضب؟ حسنا، فأنت من
الواضح أنك متوافق مع برنامجهم. أو
هكذا حالهم كما تعتقد. ولكن،
في الواقع، هناك أكثر من طريقة لتوجيه
الغضب. نعم، يمكنك التشويه والتفرقة
واختيار كبش الفداء. يمكنك أن تستغل
المخاوف ا؟قتصادية للناس بحشد حملة من
الكراهية في غير صالح أميركا، ضد
أقليات دينية. يمكنك محاولة قطع سبل
التعاطف بالإيحاء، كما فعل مرشح مجلس
الشيوخ الأميركي في ولاية نيفادا «شارون
أنغل»، بأن هؤلاء العاطلين عن العمل ما
هم إلا كسولون متشردون، يفضلون
التقاعس وجمع شيكات البطالة بدلا من
البحث عن عمل. وبالنسبة ل«جو ميلر»
المرشح لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي
عن حزب الشاي، في أكثر المناطق إيغالا
في اتجاه الشمال عن ولاية ألاسكا، فإنه
يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يدعي أن
استحقاقات البطالة في الواقع غير
دستورية. لذا،
فإنه من المؤكد أن التلاعب واستغلال
خوف الناس وغضبهم، والقلق إزاء
الاقتصاد لتفرقة الناس بعضهم عن بعض،
هي إحدى الطرق للمضي. ولكن لا يوجد سبب
لكون هذا يجب أن يكون الثمرة المنطقية
الوحيدة للغضب. في الواقع، هناك مسار
آخر يتم اتخاذه. فالغضب يمكن كبح جماحه
وتوجيهه، ذلك أن الطاقة الكامنة وراءه
تستغل للتواصل والوصول، واتخاذ إجراء
لجعل الحياة أفضل للأسرة وللآخرين ممن
هم بحاجة إلى مساعدة. في هذه
الأيام، يدور معظم الحديث في ما بيننا
حول أشكال النقص التي نعانيها، مثل
النقص في فرص العمل، ونقص الإيرادات (ومن
ثم تزايد العجز وتصاعد الدين). ولكن
لدينا أيضا فائض في الطاقة،
والمهارات، بالنسبة لهؤلاء العاطلين
عن العمل أو طاقات العمال غير المستغلة
بشكل كامل، وأيضا لدينا فائض في الوقت. إن ما
أدهشني كثيرا أثناء إجراء بحث حول
كتابي، وحاليا وأنا أقوم بجولة في جميع
أنحاء البلاد، كان هذا الإبداع غير
العادي المنتشر في جميع المجتمعات
المحلية، والذي يستوعب المشكلات التي
تواجه أميركا. فعلى
سبيل المثال، هناك «سيث ريمس» من
بورتلاند في ولاية أوريغون، والذي
أكتب عنه في كتابي «أميركا العالم
الثالث». فبعد أن فقد وظيفته كحارس في
ديسمبر 2008، بدأ هو وصديقته «ميشيل كينغ»
إنشاء منظمة «لدينا وقت للمساعدة». المنظمة
عبارة عن ملتقى على شبكة الانترنت،
مهمته التعرف الى من لديهم الوقت
للمساعدة (العديد منهم، مثل «ريمس»، تم
تسريحهم من وظائفهم) في ما يتعلق
بالاحتياجات المحلية في المجتمع. وحتى
الآن، قدموا مساعدات في بناء حدائق
عامة، وإصلاح السيارات لمن لا
يستطيعون الاستعانة بميكانيكي،
وتوفير تجهيزات المعاقين لمساعدة من
ينتقلون من بيوتهم. ثم
هناك «شيريل جاكوبس»، التي تقوم، إلى
جانب وظيفتها في شركة كبيرة كمحامية،
بعمل تطوعي كجزء من برنامج تحويل حبس
الرهن العقاري السكني الناجح للغاية
في فيلادلفيا، الذي يساعد أصحاب
المنازل في مواجهة مشكلة حبس الرهن في
إطار عملية قانونية. وبعد تسريحها من
عملها، اضطلعت «جاكوبس» بالمزيد من
قضايا حبس الرهن، وفي نهاية المطاف
بدأت عملها الخاص من أجل مساعدة الناس
على الاحتفاظ بمنازلهم. عندما
كنت في ديترويت أخيرا، التقيت «إريك
جرغنس» مصمم الديكورات الداخلية،
والذي لديه فرص عمل أقل مما كان لديه في
مدينته التي اجتاحها الركود. حتى انه
يستخدم مهاراته غير المستغلة لتوفير
مأوى للنساء، إلى مساحة جميلة ومريحة
من أجل النساء اللواتي يعتبرن هذه
المساحة منزلا مؤقتا. ويعمل «جرغنس» مع
الموردين للحصول على تبرعات، واستقدام
مصممين آخرين. الفكرة ليس الهدف منها
مجرد تجميل أشياء ببعض المفارش
والكراسي التي يتم التبرع بها، ولكن من
أجل خلق إحساس بالدفء والسلامة
والراحة. لذا
ونحن في مفترق الطرق من تاريخ أمتنا،
فإن أشخاصا مثل «سيث» و«ميشيل» و«شيريل»
و«إريك»، وعشرات الألوف من الأشخاص
الآخرين على امتداد أميركا، يظهرون
طريقة أخرى للانطلاق. إن غضبنا إما أن
يقودنا إلى الاستفادة من غرائزنا
الأساسية، أو من خصال أفضل في طبيعتنا.
ومستقبل أميركا نفسه يتوقف على القرار
الذي تتخذه في هذا الشأن. ====================== بقلم
:صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»
الأميركية البيان 4-10-2010 استخدام
التجارة كأداة لتحقيق أفضلية في السوق
أو كبديل للحرب، له حدود. فقد مضت الصين
بعيداً جداً في غمار قيامها بخفض
صادرات المعادن النادرة إلى اليابان،
فهل ستمضي الولايات المتحدة بعيداً
أيضاً في معاقبة الصين بسبب التلاعب
بالعملة؟ هل العالم مشرف على عاصفة
خطيرة من عمليات الانتقام التجاري
والعقوبات الاقتصادية؟ بشكل
منفصل، فإن مثل هذه الإجراءات غالباً
ما تبدو جديرة باتخاذها. فمجلس النواب
الأميركي، على سبيل المثال، وافق
أخيراً على مشروع قانون يقضي بتسهيل
قيام وزارة التجارة بمعاقبة الصين على
التلاعب في سعر عملتها، وهي طريقة غير
عادلة لتحقيق أفضلية للمصدرين
الصينيين. ولكن
بكين يبدو أنها كانت تستبق هذه الخطوة،
وذلك من خلال فرض رسوم مرتفعة على
واردات الدواجن الأميركية. قبل
أسبوعين، قامت اليابان بمساعدة
المصدرين المتعثرين، من خلال التدخل
في أسواق العملة لخفض قيمة الين، للمرة
الأولى منذ ست سنوات. كما عمد العديد من
دول أميركا اللاتينية وآسيا إلى تغيير
أسعار عملاتها بصورة مصطنعة، من أجل
توفير الوظائف المرتبطة بالتصدير. ولكن
هذه الأمور إذا وضعت مجتمعة في
الاعتبار، فإنها ترقى إلى «حرب عملات»
على الصعيد العالمي، حسبما حذر وزير
المالية البرازيلي «جويدو مانتيغا».
دول كثيرة تتنافس في تخفيض قيمة العملة
من أجل إيجاد ميزة تجارية، لكنها تتسبب
في الإضرار بنظام للتجارة العالمية
قائم على السوق. قادت
الولايات المتحدة، في الوقت نفسه،
الكثير من الدول نحو تشديد العقوبات
على إيران وكوريا الشمالية في ضوء
برامجهما النووية. ولكن بعد ذلك، وفي
خطوة سياسية مماثلة بثت ارتجافات على
امتداد آسيا وداخل البنتاغون، أوقفت
الصين أخيراً صادرات معادن «التربة
النادرة» إلى صناعات التكنولوجيا
المتقدمة في اليابان، ضمن النزاع معها
حول مجموعة من الجزر الصغيرة. ووصف
مسؤول ياباني الإجراء الذي اتخذته
الصين بأنه «هجوم مفاجئ»، تلك العبارة
التي استخدمتها الولايات المتحدة
مراراً بشأن القصف الياباني ل«بيرل
هاربور» في عام 1941. وما
جعل انتقام الصين أمراً شديد الإثارة
للقلق، هو أنها تسيطر على 97% من إنتاج
العالم من هذه العناصر ال17 الفلزية
الفريدة، مثل الديسبروزيوم. وتحتوي
هذه المعادن على خصائص غير عادية وذات
أهمية جوهرية، في صناعة أجهزة
الكمبيوتر والتلفزيون والقنابل
الذكية والمقاتلات الجوية والسيارات
المدارة بالبطارية وتوربينات الرياح،
والعديد من المنتجات المتقدمة الأخرى. خلال
السنوات الخمس الماضية، بدأت بكين
تقييد الصادرات المعدنية النادرة
ببطء، كي تجبر المصنّعين الأجانب على
إقامة الصناعات في الصين، مثل مصانع
السيارات الكهربائية، في الوقت الذي
يزداد الإقبال العالمي على هذه
العناصر. واستخدام
التجارة كأداة أو سلاح يمكن بسهولة أن
يخرج عن نطاق السيطرة، لا سيما مع بلد
مثل الصين لا يولي اهتماماً للحفاظ على
النظام الذي يحكم الاقتصاد العالمي،
أو يسعى وراء نفوذ قوي على الصناعات
والدفاعات الاستراتيجية للدول الأخرى.
إن
التهديد بالمعاملة بالمثل، يخيم
دائماً على العقوبات التجارية التي
يفرضها أي بلد. وللعقوبات سجل مختلط في
تغيير مسار الشؤون الدولية، فأحياناً
تؤتي ثمارها، كما حدث بالنسبة لإنهاء
حكم البيض في جنوب إفريقيا، والاحتلال
في فيتنام وكمبوديا. ولكنها لا تسفر عن
شيء في الغالب. لقد
مضت الصين بعيداً جداً في التشدد بشأن
صادراتها من معادن التربة النادرة إلى
اليابان، وراقب العديد من الدول هذه
الخطوة. الاقتصاد العالمي يحتاج إلى أن
نصونه، حتى وإن كانت الصين لم تفهم ذلك
بعد. ====================== المفاوضات
الفلسطينية الإسرائيلية إلى أين؟ اضاءات الاثنين
4-10-2010م خلف
علي المفتاح الثورة اتبعت
الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة
أسلوباً واستراتيجية واحدة في تعاطيها
مع المفاوضات مع أي طرف عربي ولاسيما
الفلسطيني يتأسس على قاعدة توليد قضية
فرعية من قضية أساسية وجعلها
مركز الثقل والحوار والأساس في
المفاوضات بحيث يتشكل انطباع عام لدى
كافة المهتمين بعملية السلام بأن
المطلوب من الكيان الصهيوني التخلي
عنها ليكون ذلك إثبات حسن نياته تجاه
عملية السلام وهناك العديد من الأمثلة
على ذلك أقربها ما تعلق باستئناف
المفاوضات المباشرة مع السلطة
الفلسطينية حيث أصبح المطلوب
إسرائيلياً هو وقف عمليات الاستيطان
ليكون المدخل للمفاوضات، في حين أن
المنطق التفاوضي يستوجب أن يكون
المطلوب من الجانب الإسرائيلي إعلان
استعداده للانسحاب من الأراضي العربية
المحتلة وقيام دولة فلسطينية عاصمتها
القدس والاعتراف بحق العودة وهي
العناصر الاستراتيجية لأي عملية سلام
حقيقية في المنطقة ليكون جدول أعمال
المفاوضات المفترضة متركزاً حول الصيغ
والكيفيات التي تحكم العلاقة بين
الطرفين العربي والإسرائيلي في إطار
أي اتفاقية سلام يتم توقيعها بينهما. الأمر
الآخر ضمن تلك الاستراتيجية هو
الاستفراد بالأطراف العربية على قاعدة
فرق تسد مع التركيز على إضعاف الطرف
ذاته وهذا ما حدث مع الجانب الفلسطيني
الذي ذهب إلى واشنطن وهو مجرد من
أسلحته السياسية التي يفترض أن
يمتلكها، وهي من حيث المبدأ ثلاثة فلا
يوجد موقف فلسطيني موحد من المفاوضات
فهناك معارضة لها من مكونات وقوى
أساسية في الساحة الفلسطينية وكذلك لا
يوجد موقف عربي موحد منها بدليل معارضة
سورية لما توصلت إليه السباعية
العربية وتحذيرها من ذلك المطب وهو ما
تحقق بالفعل حيث ولدت المفاوضات ميتة
بدليل وصولها لطريق مسدود قبل أن تبدأ
عملياً وليس كطقس احتفالي كما حدث في
واشنطن إضافة إلى عدم توفر إرادة دولية
حقيقية ضاغطة على الكيان الصهيوني
تجعله يستجيب لاستحقاقات عملية السلام.
ولا شك
أن المسألة الأساسية التي يجب ألا تغيب
عن حسابات أحد في إطار ما يسمى عملية
السلام أنه لم تتوفر إرادة سياسية
ورغبة إسرائيلية في السلام لدى كافة
الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. إن ما
جرى ويجري من مفاوضات مع الكيان
الصهيوني هو نوع من العبث السياسي
ومضيعة للوقت المستفيد الوحيد منه
الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والتي
هي كثيرة الشبه بالمجتمع الذي أنتجها
وانتخبها لتكون العنوان السياسي له
وكذلك الإدارة الأميركية التي لم يعد
يهمها إلا أن تكون هناك مفاوضات دون
النظر إلى ناتجها وخاصة أنها أعلنت غير
مرة عدم رغبتها في الضغط على الطرف
الإسرائيلي ليستجيب لاستحقاقات عملية
السلام وهذا ما يجعل العدو الصهيوني
متحللاً من أي التزام جدي حول ذلك. إن
قراءة في تاريخ الصراعات بين الدول
خاصة ما انتهى منها بمفاوضات سلام يدل
دلالة قاطعة على أن الفيصل فيها ليس
قدرة المتحاورين وحنكتهم السياسية
وإنما ما جرى ويجري على الأرض وساحات
المواجهة على مختلف مستوياتها
وأشكالها وفي مقدمتها خيار المقاومة
الذي هو الخيار الاستراتيجي في مواجهة
أي عدو متغطرس كعدونا التاريخي (إسرائيل).
====================== لماذا
تريد أميركا تغيير استراتيجيتها؟ بقلم:
وليام فاف تريبيون
ميديا سرفس ترجمة الأثنين
4-10-2010م ترجمة:حكمت
فاكه الثورة يبدو
أن قرار أوباما الذي تعهّد به بإجراء
مراجعة شاملة للسياسة الأمريكية بحلول
كانون أول القادم يواجه صعوبات جمة
نظراً للاستراتيجية الحالية المعمول
بها في أفغانستان والتي تقوم على زيادة
عدد القوات الأمريكية، وهي
الاستراتيجية التي بدأ أوباما بالعمل
بها منذ توليه السلطة. وأكثر من ذلك فإن
البنتاغون يعمل بعكس اتجاه تطلعات
أوباما بالخروج من أفغانستان، إذ يعمل
في الوقت الحاضر على بناء قواعد عسكرية
جديدة في أفغانستان لاستضافة عدد
إضافي من القوات الأمريكية، بكل ما
تحمله هذه القواعد من نمط حياة يشبه ما
هو موجود داخل أمريكا، من مطاعم
الوجبات الخفيفة والسريعة ومحال
التسوق والصرافة وغيرها من المنشآت.
وكأن إقامة المجمّعات المعزولة عن
السكان وبناء مدن خاصة بالجنود هي
الدور الجديد للمؤسسة العسكرية
الأمريكية بالعالم. إن
بناء قاعدة جديدة في أفغانستان تؤمن كل
ما يحتاجه الجنود، يبعث برسالة واضحة
للأفغان كما (للمتمردين) بأن أمريكا لا
تريد الخروج من أفغانستان في أي زمن
قريب بالرغم من جميع المراجعات التي
يخطط أوباما للقيام بها على السياسة
الأمريكية، وهو ما ينقلنا إلى موضوع
اتخاذ القرار في واشنطن وتحديداً رسم
السياسة الأمريكية تجاه أفغانستان. هذا
يُظهر أن قرار الزيادة في عدد القوات
الأمريكية كان قد اتخذ من قبل المؤسسة
العسكرية حتى قبل دخول أوباما البيت
الأبيض وبأن الجنرالات العسكريين
الأمريكيين من أمثال -بترايوس-
وماكريستال- كانوا حقيقة يعملون على
نقل القوات الأمريكية من العراق إلى
أفغانستان في إطار التوجه الجديد الذي
يركز على أفغانستان باعتبارها المعركة
الرئيسية لأمريكا ضد الإرهاب والتشدد،
ولم يكن على أوباما سوى التوقيع على
استراتيجية الجيش الذي مازال يعتقد
الكثير من أركانه أنهم أعرف بما يجري
في ساحة المعركة والأكثر قدرة على
صياغة الخطط العسكرية مقارنة برئيس
جديد تسلم مقاليد السلطة من سلفه للتو.
ويبدو
أن المؤسسة العسكرية تهتم أكثر
بالأساسيات والطريقة المثلى لكسب
الحروب خلافاً للسياسيين الذين يركزون
على الصورة الأسمى بتفاصيلها
الجيوسياسية، آخذين بعين الاعتبار
المصالح الكبرى لأمريكا ومجمل
المنظومة الإقليمية والدولية التي
تتحرك فيها أمريكا، وفي هذا الإطار
الذي يروج فيه السياسيون والأكاديميون
لما يعتبره العسكريون خروجاً عن النص،
وصلني في الآونة الأخيرة في بريدي
الالكتروني تقرير أعده (مركز الأمن
الأمريكي الجديد) يذكر فيه التحديات
الأمريكية في بعض مناطق العالم. يشير
التقرير إلى كتاب صدر مؤخراً للمؤلف-
روبرت كابلان- تحت عنوان (مونسون) الذي
يشرح فيه الدلالة الاستراتيجية
والأهمية القصوى للبلدان المشاطئة
للمحيط الهندي بخصوص المصالح
الأمريكية وخاصة الهند والصين. ووفقاً
للكتاب فإن المحيط الهندي يمثل المكان
الذي تخاض فيه المعركة الحقيقية من أجل
الديمقراطية، والاستقلال في مجال
الطاقة والحرية الدينية التي سيتم
كسبها أو خسارتها على سواحله وهي
المنطقة أيضاً التي يجب على السياسة
الأمريكية التركيز عليها للاحتفاظ
بمكانتها في عالم دائم التغير. والحقيقة
أني أجد هذا الطرح غريباً بعض الشيء
والسؤال القائم هو: لماذا يكتسي المحيط
الهندي هذه الأهمية وليس المحيطان
الأطلسي والهادي مثلاً؟ وخاصة أن
الصين والهند يجاوران المحيط الهندي
بالإضافة إلى المحيط الهادي الذي لا
يقل عنهما من حيث الأهمية
الاستراتيجية بالنسبة لأمريكا التي
خاضت معارك طاحنة من أجله خلال الحرب
العالمية الثانية مع اليابان. ولا
أعرف أيضاً لماذا التركيز على الهند
والصين باعتبارهما قوتين تنافسان
أمريكا في المنطقة، ولا نتحدث مثلاً عن
اليابان، وباقي دول جنوب شرق آسيا، كما
لا أستطيع إقامة العلاقة بين ما يمثله
المحيط الهندي من أهمية كطريق بحري
لنقل الطاقة إلى الأسواق العالمية
وبين الديمقراطية والحرية الدينية. والسؤال
الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تريد
أمريكا التغيير في استراتيجيتها؟ الجواب
على هذا السؤال هو ما أكده وزير الدفاع
الأمريكي في تصريح سابق قال فيه: (إن
أفغانستان هي مختبر حروب القرن الحادي
والعشرين). ويبدو أن قوات حلف شمال
الأطلسي منهمكة هي الأخرى في تغيير
استراتيجيتها لمواجهة حروب (التمرد rebellion). ولكن ماذا لو
انقلب الوضع واضطرت الجيوش خوض حروب
تقليدية مثلما اضطرت القوات الكندية
خوضها في الحروب الكورية؟ ====================== أميركا
وسوريا الأسد: تعاون على "القطعة"
! سركيس
نعوم النهار 4-10-2010 ربما
لم يفاجأ المسؤولون السوريون كثيراً
باصرار الكونغرس الاميركي مرة جديدة
على رفض تثبيت السفير الاميركي المعين
منذ أشهر في دمشق وتأخيره. ذلك انهم
يعرفون ان الرئيس باراك اوباما لم يخدع
سوريا وان نياته الحوارية معها صادقة
وان عدم تثبيت السفير الاميركي الجديد
لديها يعود الى اعتبارات يتعلق بعضها
بصراع جمهوري – ديموقراطي شرس، في حين
يتعلق بعضها الآخر بعدم شعبية سوريا في
كثير من الدوائر الاميركية. لكن هؤلاء
المسؤولين لم يشعروا طبعاً بالارتياح
الى استمرار غياب سفير الدولة العظمى
عن عاصمتهم، وربما يكونون بدأوا
يتخلون عن انطباع يفيد ان تطبيعاً
للعلاقات مع اميركا سيتحقق وان
احتمالات تحوله لاحقاً تنسيقاً
وتعاوناً عميقاً ليست قليلة على
الاطلاق. ولا يعني ذلك انهم عادوا الى
انطباعاتهم السابقة وهي ان الحرب
الباردة المباشرة او غير المباشرة مع
اميركا ستعود. إذ ان لا مصلحة في ذلك
لأي من الدولتين وخصوصاً بعد التطورات
الكثيرة التي حصلت في المنطقة في
السنوات الاخيرة والتي لم تكن في مصلحة
اميركا. لكنه يعني ان دمشق وواشنطن
بعدما توصلتا الى اقتناع بأن التحسن
الثابت في العلاقة بينهما القابل
للتحول نوعاً من التحالف لا يبدو
متوقعاً الآن وفي المستقبل المنظور.
واسباب ذلك كثيرة أبرزها اثنان. الأول،
ان سوريا تريد من اميركا امرين. اولهما
لا تستطيع اميركا ان تعطيها اياه وهو
استعادة الجولان المحتل عام 1967 من
اسرائيل، ليس لعدم رغبة بل لعدم قدرة
على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور
على ممارسة الضغط اللازم على اسرائيل
كي تقرر عملياً انها تريد السلام
الفعلي مع جيرانها في الشرق الأوسط.
والآخر هو لبنان وقد استعادته سوريا من
دون "جميلة اميركا" وربما غصباً
عنها. وهي في طور تحصين الاستعادة هذه.
كما انها تعرف ان اميركا وفي هذه
المرحلة ستجد نفسها مضطرة الى دعم
سوريا في لبنان، وان في مقابل شروط غير
تعجيزية، وذلك تلافياً لحرب مذهبية
بين ابنائه لا بد ان تكون لها انعكاسات
سلبية على المنطقة، وتلافياً لتحول
لبنان ساحة ايرانية لسوريا وجود مهم
فيها. وهذا تطور خطير ومؤذ لاسرائيل
ولاميركا ولحلفائها من العرب. أما
السبب الثاني لعدم انتظام علاقة
التعاون القابلة للتحول "تحالفاً"
بين سوريا واميركا فهو عدم قدرة الاولى
على اعطاء الثانية ما تريده منها في
هذه المرحلة، وهو التخلي عن "حزب
الله" اللبناني. وكذلك التخلي عن
حركة "حماس" الفلسطينية. وهو
اخيراً التخلي عن ايران الاسلامية
التي تمثل منذ عقود ثلاثة التحدي
الابرز للغرب ولاميركا والمجتمع
الدولي واسرائيل ولحلفاء اميركا من
العرب. علماً ان هذا التحدي صار الاخطر
بعد تحقيق ايران نجاحات اساسية على
صعيد التسلح التقليدي المتطور وعلى
صعيد اكتساب التكنولوجيا النووية
فضلاً عن انها قد لا تكون بعيدة عن
تحقيق نجاحات اخرى في وقت غير بعيد على
صعيد التسلح غير التقليدي. انطلاقاً من
ذلك كله يعتقد مراقبون للعلاقات
الاميركية – السورية من عرب واميركيين
ان المسؤولين في كل من دمشق وواشنطن
ربما يكونون في مرحلة تنظيم الاختلاف
في ما بينهما ريثما يصبحون قادرين على
بلوغ مرحلة التفاهم فالتعاون والتنسيق
ومن ثم "التحالف". وهذا يعني
الاتفاق على معالجة كل قضية مختلف
عليها بينهما من دون ربطها بالقضايا
الاخرى، والحرص على تجنّب العداء
والبحث عن مخارج مشتركة لكل المشكلات
التي تعترضهم. هل من
انعكاس مباشر لهذا النوع من العلاقات
بين اميركا وسوريا على لبنان؟ يجيب
المراقبون الاميركيون المشار اليهم عن
هذا السؤال بانهم يعتقدون بوجود نوع من
التقاء المصالح في هذه المرحلة بين
سوريا بشار الاسد والمملكة العربية
السعودية ورئيس حكومة لبنان سعد
الحريري. وهو التقاء تشجعه اميركا التي
لا تزال سلبيتها حيال ايران ظاهرة من
جراء تشددها ورفضها التحاور الهادف مع
ادارة اوباما، ولا تمانع في ان يضمن
لسوريا دوراً أول في لبنان وخصوصاً اذا
اسفرت التطورات الاقليمية عن استئناف
للتفاوض بين سوريا واسرائيل. انطلاقاً
من ذلك يرى هؤلاء ان سعد الحريري قد
يبقى رئيساً للحكومة مدة طويلة. هل
الجواب الاخير هذا واقعي؟ الوقائع لا
تشير الى ذلك. ونكتفي بتوضيح هذا الأمر
عبر اسئلة فقط تلافياً لتعميق الجروح.
أولها، هل الضغط الذي يمارس على
الحريري للتخلي عن المحكمة عملياً وعن
السلطة الفعلية رغم "احتفاظه"
بموقع رئاسة الحكومة وللتسليم خارجياً
لسوريا وربما ايران وداخلياً ل"حزب
الله" ومن يمثل بكل شيء، هل ان ذلك في
مصلحته؟ وثانيها، هل ترى السعودية
مصلحة لها في اعادة لبنان الى سوريا
المتحالفة مع ايران التي تعتبرها
خطراً عليها وفي التخلي عن حلفائها فيه
ودعمها اياه للمحافظة على سيادته
ونظامه وحريته؟ وثالثها، هل لسوريا
مصلحة وبعد استكمال سيطرتها على لبنان
من جديد في ابقاء الجهات والشخصيات
التي شكلت خطراً أكبر أو التي ستبقى
تشكل خطراً كهذا مستقبلاً كلما اتيحت
الفرصة لها؟ وهل لها مصلحة في ابقائها
في السلطة؟ ورابعها، من يضمن بقاء
الحريري رئيساً للحكومة مدة طويلة؟
وهل له مصلحة في ذلك؟ وخامسها، هل
لأميركا مصلحة في تحول لبنان قاعدة
سوريا – ايرانية أو قاعدة لسوريا
المتمسكة بتحالفها مع ايران الرافضة
أي تطبيع مع واشنطن؟ ====================== هل
أصبح «تجميد الاستيطان» تنازلاً
مؤلماً؟ كلوفيس
مقصود السفير 4-10-2010 الآن،
نحن بانتظار القرار من لجنة المتابعة
العربية، حيث يتم التداول فيما إذا كان
من ضرورة قومية باعتبار
أن اللجنة تختزل الإرادة القومية؟ كي
يعود الرئيس محمود عباس إلى استئناف
المحادثات المسماة خطأ «المفاوضات» مع
إسرائيل، كون الاستئناف أصبح على ما
يبدو حاجة ملحة للإدارة الأميركية،
وكون إدارة أوباما تتوقع كالعادة أن
تظهر اللجنة تفهمها لحاجتها للاستمرار
في «المفاوضات.» الدليل على هذا
الإصرار الأميركي للعودة إلى
المفاوضات والتخوف من احتمال انسحاب
فلسطيني من العملية التفاوضية أن
الطلب الأميركي من نتنياهو انحسر في
تجميد الاستيطان لمدة شهرين قادمين. طلب
تجميد الاستيطان له ثمن، ما دفع
الإدارة الأميركية إلى إعطاء الحكومة
الإسرائيلية ما وصف «بالضمانات» التي
تنطوي على حضور عسكري إسرائيلي مقبول
أميركياً في منطقة الغور، ومساعدات
إضافية بأسلحة جديدة ومتطورة، وضمان
أميركي بأنه لن يصل أسلحة إلى الكيان
الفلسطيني، ناهيك عن وعدٍ مسبق بأن
الولايات المتحدة لن تسمح بانعقاد
لمجلس الأمن يعالج القضية الفلسطينية
بأي شكل من الأشكال. على ما
يبدو أن نتنياهو يعتبر هذه الضمانات «غير
كافية» وأنه في أقصى حالات «التنازل»
قد يفكر بالتمديد لمدة شهر واحد في
مقابل الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي
بولارت. الذي يمكن أن يكون عنصرا
مساهما في بقاء الحكومة الراهنة خاصة
بوجود وزير الخارجية ليبرمان الذي
طمأننا معالي وزير الخارجية المصري
السيد أبو الغيط، بأنه لا يمثل وجهة
نظر نتنياهو، ولو كان هذا الكلام
دقيقاً فلماذا لم يُفصل ليبرمان من
الحكومة فوراً لأن التغاضي عن إقالة
وزير الخارجية هو الدليل القاطع على أن
هذه وجهة نظر تمثل حقيقة الموقف، ولكن
نتنياهو يخرجها بشكل أقرب للالتباس من
حقيقة السياسة. بمعنى
آخر ما هو حاصل في هذه اللحظات التي
نستطيع اعتبارها مصيرية لمستقبل
القضية الفلسطينية أن إدارة أوباما
تستسهل التجاوب العربي وخاصة تجاوب
السلطة الفلسطينية. وتكمن المفارقة
هنا في أن إسرائيل التي تريد أن تبعد أي
قِوى دولية سواء أكانت أوروبية أو
أممية من التعامل مع القضية
الفلسطينية وأن تكون الولايات المتحدة
وحدها مؤهلة لإدارة هذا الصراع، مما
يمكنها من ممارسة الابتزاز الإسرائيلي
للإدارة الأميركية من خلال تفعيل
اللوبي الإسرائيلي بالشكل الذي برز
بأكثر من ثمانين عضوا في الكونغرس
يحاولون إلغاء أي تفهم لبعض الحقائق
والحقوق للشعب الفلسطيني، ومن ثم
التبني الفوري لكل مطلب إسرائيلي. لذلك
أصبحت حاجة الرئيس أوباما إلى إقناع
نتنياهو بالتجاوب عرضةً لما يشابه
المزيد من «الضمانات» المنطوية، التي
تمكن إسرائيل من جعل أي حقوق للشعب
الفلسطيني تتآكل تدريجياً حيناً،
وبسرعة أحياناً. يستتبع
هذا أن ما يقوم به السيناتور جورج
ميتشل من حراكٍ منذ استلام الرئيس
أوباما السلطة أصبح محصوراً في أن تكون
هناك محادثات، وهذا ما يعيدنا إلى ما
تم استنتاجه منذ يونيو/ حزيران 1967 إلى
اليوم، بأنه إذا لم تتمكن إدارة أوباما
والمجتمع الدولي من انتزاع اعتراف من
إسرائيل كونها في الأراضي الفلسطينية
المحتلة هي سلطة محتلة، لذا عدم
الإصرار على هذا المنطلق القانوني من
قبل الدول العربية وتأكيده كشرط مسبق
هو عملياً كما شاهدنا في الأيام
الأخيرة، يستولد ممارسة الابتزاز
للإدارة الأميركية، ما يعبر عن سخاء
الضمانات المقترحة، بما يوجب الاقتناع
بأن الوقت قد حان بأن لا توفر لجنة
المتابعة في المرحلة الحالية أي غطاء
لاستمرار المحادثات. نقول هذا لأنه منذ
أوسلو، وعملية التآكل في الحقوق
الفلسطينية ليست فقط مستمرة، بل
متنامية، وأن لجنة المتابعة المفترض
أنها تمثل النظام العربي السائد وانه
موكول إليها العمل على الأقل، بتنفيذ
قرارات القمم العربية والالتزام بها،
وأن تسعى لوقف التآكل، وأن تكف عن
المطالبة بالتجميد، كأن هذه منّة من
إسرائيل، وبالتالي كأن الاستيطان أصبح
حقاً لإسرائيل، وإن تجاوبت في التجميد
في الشهرين القادمين تتحول استجابة
إسرائيل إلى «تنازل أليم» كما تصرح
إسرائيل دائما في هذا الشأن. ... وإن
كان ما تبناه مجلس حقوق الإنسان أخيراً
في التقرير الذي وضعته لجنة تقصي
الحقائق في جنيف والذي وقف المندوب
الأميركي وحده ضده، وأكدت نتائجه
النية الإجرامية لإسرائيل وخاصة
عمليات القتل المتعمدة التي جرت قبل
احتلال سفينة مرمرة، وبالتالي أكدت
الطابع السلمي لنشطاء أسطول الحرية
التركي كما تضمنت وجود أدلة تدين
إسرائيل، فلماذا لم يأخذ هذا التقرير
بالجدية القادرة على ردع إسرائيل. إذا
كان هناك من جدية واضحة في الالتزام
بالحد الأدنى الذي رسمته قرارات القمة
المتعلقة بالمبادرة العربية، لعل على
لجنة المتابعة أن تؤكد وحدة المرجعية
الفلسطينية، وعلى ضرورة أن لا تبقى
إسرائيل متفلتة من العقاب لإدمانها
على خرق القانون الدولي والشرعية
الدولية والقرارات الأممية المتعلقة
بحقوق الشعب الفلسطيني، وأن يكون
لخرقها كلفةً رادعة تنطوي على إجراءات
تقوم بها الدول العربية. وأخيراً
هل يسمح لنا الاقتراح إضافة إلى وحدة
المرجعية الفلسطينية وعدم إسقاط خيار
المقاومة، المطالبة بإعادة تفعيل
المقاطعة العربية، وتعليق العلاقات
الدبلوماسية القائمة حتى ننقذ القضية
ونضمن أن تبقى قضية مصيرية لفلسطين
وللعرب، وحتى لا نجعل مما هو حاصل كما
يقال في أوساط الدبلوماسية العربية
الراهنة أنه ليس هناك وفرة بدائلٍ أخرى!
البدائل
متوفرة إذا توفرت الإرادة. السؤال... هل
هذه الإجراءات ممكنة؟ هي ممكنة إذا
اعتبرنا الكرامة فعلا وليس شعاراً. [
مدير مركز عالم الجنوب بالجامعة
الأميركية بواشنطن ينشر
بالتزامن مع جريدة «الشروق» المصرية ====================== المنعطف
الأميركي.. العودة إلى الديمقراطية *
روبرت كاجان الرأي
الاردنية 4-10-2010 بعد
مرور سنتين على إدارة أوباما، يبرز
تغير واضح في سياستها الخارجية لا يمكن
إغفاله. فإذا كانت المرحلة الأولى
انصبت على ترميم صورة أميركا حول
العالم من خلال إظهار وجه أكثر ودية
للجميع، لاسيما أمام الخصوم، فإن
المرحلة الثانية ستقوم على ممارسة
أميركا لنفوذ أكبر حتى ولو كان ذلك
يعني تحدي البعض وإحباط البعض الآخر.
وأيضاً إذا كانت المرحلة الأولى قد
ركزت على «إعادة ضبط» العلاقات
الأميركية مع القوى الكبرى، مثل الصين
وروسيا، فهي ستعمل في المرحلة القادمة
على تقييم حدود وإكراهات سياسة إعادة
الضبط تلك، وتبني مواقف صارمة عندما
تتباين وجهات النظر. وكما أن المرحلة
الأولى التي اهتمت بتكريس التعاون بين
القوى العالمية الصاعدة والتركيز على
مفهوم مجموعة العشرين الغامض وغير
المفهوم، فهي ستفسح في المرحلة
الثانية المجال للتعامل مع حلفاء
أميركا الأساسيين في العالم
الديمقراطي. وإذا كانت أميركا في
المرحلة الأولى قد سعت إلى الابتعاد عن
تركة بوش، فإن الإدارة الأميركية في
المرحلة الثانية ستتخلى عن القيود
التي فرضتها على نفسها عبر الاستمرار
في رعاية المصالح الأميركية
التقليدية، حتى لو كانت تلك المصالح
ضمن أجندة بوش. ومع أن هذا التحول مازال
في طور التخمين، فإن الإشارات
والدلائل على حدوثه عديدة ومتنوعة
تسير في اتجاه تأكيده بدل نفيه. ومن تلك
الدلائل القوية عودة أميركا إلى
حلفائها التقلديين، وفي هذا الإطار
لنقارن الخطاب الأخير لوزيرة الخارجية
الأميركية أمام مجلس العلاقات
الخارجية مع خطابها في المنبر نفسه
خلال الصيف الماضي، ففي خطابها الأقدم
خلال 2009 بدت كلينتون وكأنها محاضرة في
إحدى الجامعات تتحدث عن المثاليات
عندما تطرقت إلى استخدام أميركا «للقوة
الناعمة» لحل «المشاكل القائمة في
عالم متعدد الشركاء»، وفيما ركزت في
خطابها ذاك على العلاقات الأميركية مع
روسيا والصين والبرازيل وباقي القوى
الصاعدة، مرت مرور الكرام على حلفائنا
الديمقراطيين ولم تخصص لهم سوى فقرة في
آخر الخطاب. لكن في
خطابها هذه السنة كان لافتاً إشارة
كلينتون إلى روسيا والصين باعتبارهما
أنظمة سلطوية وليسا فقط شركاء
للتعاون، بينما أفردت عشر فقرات من
خطابها للإشادة بالعلاقات الأميركية
مع «حلفائنا المقربين الذين يتقاسمون
معنا القيم والمصالح الأساسية» سواء
في أوروبا أو أميركا الشمالية أو آسيا.
والأمر لا يتعلق هنا بلغة خطابية، بل
بتوجه جديد للإدارة الأميركية اتضح
بالخصوص في شرق آسيا عندما انتقلت
الإدارة من فكرة ضبابية تقوم على تقديم
«ضمانات استراتيجية» للصين، إلى تبني
سياسة ملموسة ترتكز على تطمين حلفائنا
وشركائنا بأن الولايات المتحدة ستدافع
عنهم ضد الضغوط المتنامية للقوة
العسكرية الصينية. وهكذا رأينا كيف
أعقبت تصريحات كلينتون القوية في
هانوي خلال يوليو الماضي، والمعارِضة
للمساعي الصينية للهيمنة على بحر جنوب
الصين، أعقبتها تصريحات أخرى لا تقل
قوة من الرئيس أوباما خلال اجتماع عقده
مع قادة دول جنوب شرق آسيا. كما أن
العلاقات الأميركية الهندية التي عانت
في المرحلة الأولى، تشهد الآن
انتعاشاً حقيقياً في وقت يستعد فيه
أوباما لزيارة نيودلهي. ومع أن السبب
وراء هذا الاندفاع الآسيوي إلى الحضن
الأميركي يرجع في جزء منه إلى السلوك
الصيني في الإقليم وتخوف دول المنطقة
من التمدد الصيني، فإنه لا يمكن إنكار
الجهود التي بذلتها الإدارة لتكريس
تحالفنا الآسيوي. أما في
أوروبا فقد سعت كلينتون بكل ما تستطيع
لإبراز الاهتمام الأميركي بتلك الدول
المتوجسة من النوايا الروسية، لاسيما
بعد التنديد الصريح الذي أكد عليه
أوباما وهيلاري خلال الاجتياح الروسي
لجورجيا، بل إن وزيرة الخارجية قامت في
يوليو الماضي بزيارة لجورجيا وبولندا
لإعادة ضبط السباق مع روسيا ووضع
النقاط على الحروف. ومن
القرائن الأخرى على التحول الجاري في
السياسة الخارجية الأميركية، العودة
إلى الديمقراطية؛ فقبل عام لم يكن
ليخطر على بال أحد تخصيص أوباما ثلث
خطابه أمام الأمم المتحدة للحديث عن
الديمقراطية، أو استخدام عبارات مثل «الحرية»
و»الاستبداد»، لما اقترنت به هذه
اللغة في أذهان الناس من سياسة بوش
السابقة. ولم يفت هيلاري أيضاً التركيز
في خطاباتها على الدول التي «تسحق
الحريات العامة والمجتمع المدني»،
وتوجيه انتقادات لاذعة للأنظمة
السلطوية في العديد من مناطق العالم. ويضاف
إلى ذلك، عودة أميركا إلى الساحة
الدولية، فقبل عام كان الحديث السائد
عن عالم ما بعد أميركا، فبدا أوباما
وكأنه الرئيس الذي يجسد هذا الواقع،
لكن اليوم نلمس تفاؤلا أكبر لدى
المسؤولين الأميركيين، حيث تكلمت
هيلاري عن «اللحظة الأميركية»، وزادت
كلمات أخرى لو قيلت في المرحلة الأولى
لأدرجت في إطار الغطرسة الأميركية،
مشيرة إلى أن «العالم يعول علينا
للقيادة الكونية». فما الذي يفسر هذا
التغيير؟ الحقيقة أنه يرجع في جزء منه
إلى الجهود الناجحة التي بذلها أوباما
لتغيير صورة أميركا في العالم بحيث
أصبح مستساغاً اليوم التعامل مع قيادة
أميركا للعالم مقارنة بأيام بوش. لكن
أيضاً يرجع هذا التغير إلى الحقائق
العالمية؛ فإيران لم تتجاوب مع سياسة
الانخراط والتواصل، كما أن الصين عجزت
عن إثبات نفسها كشريك مسؤول، بل ظهرت
أكثر كقوة سلطوية لا تتردد في استعراض
عضلاتها العسكرية في الإقليم، هذا
بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة
ليست بلد «الواقعيين» إنما بلد مازال
متشبثاً بالقناعات الأساسية حول تفوق
الديمقراطية على ما عداها من أشكال
الحكم الأخرى، مؤمنة بأنها ستبقى
دائماً من المحددات الرئيسية للسياسة
الخارجية الأميركية. *
(كاتب ومحلل سياسي أميركي) واشنطن
بوست الاميركية ====================== حلمي
الأسمر الدستور 4-10-2010 تفصلنا
عن الموعد المقرر لبدء استفتاء على
استقلال أو انفصال أقل من مائة يوم ،
السيناريوهات المتوقعة في اليوم
التالي للاستفتاء ربما تكون أكثر سوءا
من احتمال عدم إجراء الاستفتاء ،
فالاستفتاء - إن جرى في موعده - سيؤدي
على الأغلب لتقسيم البلاد الى دولتين ،
واذا أدير الاستفتاء بشكل سيىء فقد
يزعزع ذلك استقرار المنطقة بالكامل ،
أما إذا لم يتم فالأمر لن يكون أقل سوءا
، حيث يحتمل عودة الحرب بين الشمال
والجنوب ، وانهيار اتفاق السلام الذي
أبرم العام 2005 وأنهى عقودا من الصراع
بين شمال السودان وجنوبه. السودان
كما يبدو يخوض معركته منفردا ، ويواجه
أكثر الأيام خطورة في تاريخه ، علما
بأنه يشكل في البعد القومي ، احتياطا
استراتيجيا لأي مشروع عربي وحدوي ،
وحتى بلا أي مشاريع وحدوية ، فهو العمق
الحيوي لمصر ، أكبر الدول العربية
وأهمها ، وأي تهديد لمصر ينعكس سلبا
على العرب كلهم ، السودان
هو اكبر مساحة دولة افريقية ، ويضم
ملايين الأفدنة من الأراضي الخصبة
التي قد تصبح سلة غذاء للمنطقة العربية
المجدبة ، كما أنه غني بالذهب والنفط
ومياه نهر النيل ، التي تشكل شريان
الحياة لأم العرب والدنيا ، أرض
الكنانة.. رغم كل
هذا ، لا نلحظ أي اهتمام عربي ذي بال
بالشأن السوداني ، فهو يواجه خطر
التمزق وحيدا ، وحتى مصر أكثر الدول
العربية تأثرا بأي تغييرات وشيكة ، لا
تبدي ما يكفي من اهتمام لحفظ عمقها
المائي والأمني ، والوقوف إلى جانب
السودان في أزمته الطاحنة. قد
يبدو ما نقول من باب فضول الكلام ، فأين
هم العرب كي يهتموا بما يجري في
السودان ، وهم يعيشون أسوأ مراحل
التمزق والضعف ، فكيف ينتبهون لما يحيق
بالسودان من أخطار وهم في حالة نزاع
بيني ، وتشتت قومي؟ هي
صرخة ربما تكون في واد غير ذي زرع ، لكن
الواجب يحتم إطلاقها: أدركوا السودان
قبل أن يتحول إلى صومال جديد ، أو أشد
سوءا ، أو - وهذا هو الأكثر خطورة - قد
يتحول إلى فلسطين أخرى، ====================== ضياء
الفاهوم الدستور 4-10-2010 ماذا
يعني الرفض الإسرائيلي لمطالبة العالم
بتمديد تجميد الاستيطان في الضفة
الغربية المحتلة؟ إنه يعني بوضوح أن
إسرائيل لم تعد بحاجة إلى أية دولة
مهما كبرت وأنه أصبح يكفيها التأييد
الضخم الذي تقدمه لها الصهيونية
العالمية. ولا
نبالغ إذا قلنا أن لوبي إسرائيل في
عواصم مهمة من العالم وخاصة في واشنطن
ما زال هو الأقوى والمسيطر على سياسات
هذه الدول شاء أهلها أم لم يشاؤوا ، وأن
ود هذا اللوبي ما زال مطلوبا على كافة
المستويات. ولولا ذلك لما استطاعت
إسرائيل أن تتحدى الأمم المتحدة ودولا
كبرى برفض تمديد تجميد الاستيطان
لإتاحة الفرصة لعملية السلام. لقد
وضع المسؤولون الإسرائيليون العالم
كله ، وليس العالم العربي وحده ، في
موقف صعب للغاية يستدعي تعاونا كبيرا
بين أبنائه لوضع حد لغطرسة المتطرفين
العنصريين الحاكمين في إسرائيل
والصهيونية الداعمة لهم عن طريق
أتباعها في أنحاء كثيرة من العالم. إسرائيل
تحدت وما زالت تتحدى القوانين
والقرارات الدولية ، وهي بذلك تمثل
عضوا في الأمم المتحدة خارجا على
قوانينها. ومن المفروض أن تناقش
المنظمة الدولية ذلك بجدية تامة وأن
تعمل بمقتضى ما تستوجبه قوانينها في
مثل هذا الوضع الشاذ الذي يكاد يودي
بهيبة الأمم المتحدة. إسرائيل
تعرضت لإدانات لها أول وليس لها آخر من
هيئات دولية مثل تلك المختصة بحقوق
الإنسان ، وتعرضت لإدانات شديدة من
القاضي النزيه غولدستون الذي قدم
تقريرا مفصلا عن الجرائم التي ارتكبها
جيشها في عدوانه الغاشم على الأطفال
والنساء والمرضى والشيوخ في قطاع غزة
وحتى على المؤسسات الدولية فيه ، كما
تعرضت لنقد لاذع من اللجنة الدولية
التي كلفت بإعداد تقرير عن عدوان الجيش
الإسرائيلي أيضا في أعالي البحار على
أسطول الحرية المدني الذي أراد أن يقدم
مساعدات لأهل القطاع الصامد ، وقتله
تسعة من المدنيين بدم بارد. ومع كل
ذلك يواصل المستوطنون والمسؤولون
الإسرائيليون تحدي العالم ، وعلى وجه
الأخص أميركا ثم أوروبا في الفترة
الأخيرة ، برفضهم وقف الاستيطان ، غير
الشرعي أصلا ، دون أن يرمش لهم جفن.
لماذا؟ لأنه لم يعد هناك مجال لأي شك
بأنهم لا يفهمون إلا لغة القوة ، بل
ولغة البلطجة التي لا تقيم وزنا لأية
حقوق أو حضارة في التعامل حتى مع من
حماها بالفيتو طوال عقود من الزمان. ما
تقدم يؤكد أن إسرائيل قد آثرت الصراع
طويل الأجل على السلام الشامل
والانسحاب من كافة الأراضي التي
احتلتها عام 1967 كما يؤكد أن الحل
للنزاع العربي الإسرائيلي يكمن في
القوة الذاتية العربية البعيدة كل
البعد عن أي شكل من أشكال المهاترات
البينية في بعض أقطار الأمة. والله من
وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل. ====================== يديعوت
3/10/2010 القدس
العربي 2010-10-03 يكفي
أن يمر اسبوع أو اسبوعان دون أن يسفك
الاتراك دم اسرائيل في احدى الساحات
الدولية، حتى يحيكون عندنا الأحلام عن
استعادة المجد واستئناف قصة الغرام
الاستراتيجية بين اسرائيل وتركيا.
وعليه فقبل أن نتلقى صفعة تركية اخرى
تعيدنا الى الواقع، ينبغي أن نعود
لنكرر لأنفسنا: في تركيا قام نظام
مناهض لليهود، مناهض لاسرائيل وبالطبع
مناهض للصهيونية، قدماه مغروستان في
ايديولوجيا اسلامية متطرفة. اعضاء
النواة التأسيسية لمنظمة ال IHH
التي وقفت خلف الاسطول العنيف، وقادة
النظام الحالي في تركيا، بمن فيهم رئيس
الوزراء اردوغان، نشأوا كلهم من ذات
التيار الاسلامي الصوفي، 'النقشبندية'،
تعلموا ذات النصوص الصوفية، زاروا ذات
المدارس واكتسبوا ذات الايديولوجيا
التي تروج، ضمن امور اخرى، الى الجهاد
ضد اسرائيل. وقد حصل هذا قبل أن يصبح
اردوغان رئيسا للوزراء بوقت طويل وقبل
زمن طويل من اكتشافهم عندنا فجأة بأن
ال IHH
ليست بالضبط منظمة خيرية. اليوم
فقط، بعد حدث الاسطول، يفهمون في اجهزة
الاستخبارات في اسرائيل أن العلاقة
بين اردوغان ومنظمة IHHليست مجرد مسألة
دعم، عطف وعزة تركية. ومع ألف فارق، هذا
بالضبط وكأن الاستخبارات التركية كانت
ستكتشف فجأة بأن العلاقة بين الوزير
ايلي يشاي وتيار التعليم 'ال همعيان' (النبع)
تمر عبر حركة شاس. بتعبير
آخر، بعد الاسطول التركي، حين جلس قادة
جهاز الامن أمام الصحافيين وادعوا
بتصميم بأن تركيا ليست هدفا لجمع
المعلومات الاستخبارية، وبالتالي لم
تكن لديهم معلومات ذات صلة عن ال IHH،
فقد كان هذا صراحة اعتراف بالقصور.
القاضي تركل يمكنه ان يوقف التحقيق منذ
اليوم. فقد اعترف قادة جهاز الامن
والاستخبارات بالذنب. يحتمل
جدا ألا يكون لمحافل الاستخبارات في
دولة اسرائيل اهتمام في ال IHH. ولكن لا يحتمل
ألا يكون لها اهتمام بالنظام التركي
ومن يقف على رأسه: ما هي خلفيتهم، لأي
تنظيمات يمكنهم أن يرتبطوا وما شابه.
إذ يدور الحديث عن قادة الدولة التي هي
حليف استراتيجي مركزي في المنطقة. وهذه
معلومات استخبارية أساسية، أولية. يوجد
هنا قصور، كله جهل وسطحية من الاجهزة
السياسية والاستخبارية. والذي هو اكثر
اثارة للغضب: هذه المادة كانت موجودة
لدى محافل استخبارية صديقة في اوروبا.
الالمان، مثلا، يحققون في ال IHH
منذ زمن بعيد. ومنذ العام 1992 أجروا حملة
تنظيف اسطبلات في فروع المنظمة في
المانيا بسبب علاقاتها مع نشاطات
الجهاد العالمي. المنظمة
تحتفظ في المانيا بنحو 700 مسجد،
وابتداء من 1990 يعمل في هذه المساجد
رجال حماس في جمع المال لنشاطهم في
المناطق. وفي منتصف التسعينيات توجه
الالمان الى حكومة تركيا وطلبوا منها
تعطيل النشاط الجهادي لمنظمة ال IHH. والجيش التركي
بالفعل دخل فروع الحركة، ووجد هناك
سلاحا ومواد دعائية وأُخرجت الحركة
على القانون. وفي
السياق أقيم في تركيا حزب الرفاه
الاسلامي بقيادة نجم الدين اربكان،
الذي في أساس قوته هو التيار الصوفي 'النقشبندية'.
اردوغان، كعضو كبير في التيار، كان
ايضا عضوا كبيرا في الحركة السياسية
الجديدة التي صعدت الى الحكم في 1997. وكان
الجيش أبعدهم عن الحكم، ولكن الحزب
أقيم من جديد مع ذات أساس التأييد في 2002،
كحزب العدالة والتنمية، فاز في
الانتخابات وهو يسيطر على تركيا حتى
يومنا هذا. التقدير
هو انه في التيار الصوفي في تركيا يوجد
اليوم نحو 2.7 مليون عضو، وفي اوروبا في
المانيا أساسا نحو نصف مليون مؤمن. ما
لا يقل عن خمسة وزراء في الحكومة
التركية، بمن فيهم رئيس الوزراء،
نشأوا من هذا التيار. ال IHH وحزب السلطة في
تركيا هما عمليا ذات الشيء. ضمن امور
اخرى يوجد لهما ايضا بنك مشترك، هو
قناة نقل الاموال الدائمة لحماس. وليس
صدفة، قبل بضعة اشهر من الاسطول اعتقلت
المخابرات الاسرائيلية عضوا في منظمة
ال IHH
، عمل هنا على نقل الاموال لحماس (وحرر
بضغط من الحكومة التركية). أما
الآن، وحين تبدأ محافل الاستخبار في
اسرائيل بدراسة الموضوع التركي بعمق،
لعلّ صوت اولئك الذين يواصلون الادعاء
بأن تركيا هي دولة هامة جدا في الشرق
الاوسط ينطفىء ، ولهذا فان اسرائيل
ملزمة بأن تفعل كل شيء كي تحافظ على
العلاقة معها. وكأن هذا الأمر منوط بنا. ================== أبعاد
زيارة الرئيس السوري لطهران بقلم
: د. محمد مجاهد الزيات الاهرام 4-10-2010 قام
الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة إلي
طهران خلال الأسبوع الحالي, وجاءت
هذه الزيارة في أعقاب زيارات متعددة
متبادلة لكبار المسئولين في البلدين
كان من أهمها زيارة الرئيس الإيراني
لدمشق في فبراير الماضي
وزيارته الأخيرة في أوائل شهر سبتمبر,
وكان قد سبقها زيارة نائب الرئيس
الإيراني لدمشق, وكذلك زيارة علي
ولايتي كبير مستشاري المرشد الاعلي
الإيراني في أغسطس الماضي,
بالإضافة إلي زيارة كبار المسئولين
السوريين إلي طهران والتي كان آخرها
زيارة نائب رئيس الوزراء للشئون
الاقتصادية منذ شهرين.. هذه
الزيارات المكثفة والمتلاحقة في فترة
زمنية قليلة وشملت وفودا من مختلف
المجالات تطرح الكثير من التساؤلات
حول أسبابها ودوافعها ولا شك أن الوقوف
علي أبعاد وأهداف هذه الزيارات تقتضي
بداية الإشارة إلي عدد من الملاحظات
التي من بينها ما يلي: أن
هناك اهتماما إيرانيا يتجاوز حجم
الاهتمام السوري يعكسه تعدد وتلاحق
تلك الزيارات من جانب إيران ومستوي
الشخصيات التي تقوم بها داخل دوائر صنع
القرار الإيراني. من
الواضح أن الزيارات ارتبطت
من جانب إيران
بتبلور نوع من المخاوف والقلق من
حدوث تغير في خريطة المعادلة السياسية
في المنطقة يمكن أن تؤثر علي حجم
التحالف الثنائي, وهو ما عبر عنه
الرئيس الإيراني خلال زيارته الأخيرة
لدمشق, حيث أوضح في تصريحاته
الصحفية, أن هناك تحركات غربية
تستلزم التشاور مع دمشق بخصوصها,
كما أشار كذلك إلي أن الزيارة استهدفت
وقف المحاولات الجارية لتغيير
المعادلة السياسية في المنطقة. توجد
ثلاثة ملفات رئيسية تشهد نوعا من
التطور والتفاعل الذي يوحي بملامح
للتغيير, ويأتي علي رأس هذه الملفات,
التطورات الجارية في لبنان التي نقلت
المشهد اللبناني إلي نوع من التوتر
والاحتقان لم تشهده السنوات الأخيرة,
وإذا كانت إيران قد اطمأنت إلي تأكيد
نفوذها داخل المعادلة السياسية
اللبنانية خلال السنتين الأخيرتين,
إلا أن التفاهم السوري السعودي,
وتبرئة رئيس الوزراء اللبناني لسوريا
من عملية اغتيال الحريري, أثار قلق
حزب الله ومن وراءه إيران خوفا من أن
يؤدي ذلك التفاهم لمزيد من الحصار
للحزب, والتأثير علي النفوذ
الإيراني, الأمر الذي دفع الحزب إلي
شن معركة داخلية لإبطال المحكمة
الدولية قبل إصدار قرارها بتوجيه
اتهامات باغتيال الحريري رجحت مصادر
مختلفة أنها ستطول عناصر من حزب الله,
وهذه جميعها قضايا تقتضي المراجعة
والمناقشة بين الحليفين
الاستراتيجيين حتي لا تأتي استعادة
سوريا لنفوذها في لبنان علي حساب
المصالح الإيرانية, ولا شك أن زيارة
الرئيس الإيراني لبيروت منتصف الشهر
الحالي سوف تكون خطوة إيرانية إضافية
في هذا المجال. تعتبر
التطورات الجارية في الملف الفلسطيني
من الموضوعات ذات الأهمية والتي تحتم
التشاور بخصوصها خاصة مع ما تناولته
مصادر إعلامية غربية حول ضغوط أمريكية
وأوروبية علي سوريا, لممارسة ضغوط
مناسبة علي حماس للتوافق مع الجهود
المبذولة لتحقيق تقدم في مجال التسوية
من خلال المفاوضات المباشرة, وقد
تزامن ذلك مع ترحيب سوريا بقبول رعاية
أمريكية لإحياء التفاوض مع إسرائيل,
والحوارات المكثفة التي شاركت فيها
فرنسا, وكانت سببا في زيارة ميتشيل
الأخيرة لدمشق, ولقاء وزيرة
الخارجية الأمريكية مع وزير الخارجية
السورية في نيويورك, وجميعها
تطورات لا تتفق مع الاستراتيجية
الإيرانية علي هذا المستوي. لا
شك أن الملف العراقي يتصدر الاهتمامات
الإيرانية, وتؤكد مصادر عراقية أن
إيران انزعجت بصورة كبيرة من بعض محاور
التحرك السوري علي هذا الملف وسعيها
لصياغة تحالف يدعم القائمة العراقية
بزعامة علاوي, وهو ما اعتبرته طهران
توافقا مع السياسة التركية ولا تتوافق
مع مصالحها بصورة كبيرة فمارست الضغوط
علي مقتدي الصدر لتغيير موقفه مع
المالكي ونجحت في استيعاب الموقف
السوري, ودفعت المالكي للتصالح مع
سوريا, حيث قدم لها حوافز اقتصادية
ساهمت في تغيير بعض مواقفها السياسية,
خاصة الخطوط الثلاثة لنقل البترول
العراقي, وكذلك الغاز الطبيعي
الإيراني عبر الأراضي العراقية
والسورية إلي البحر المتوسط, ولا شك
أن زيارة أياد علاوي ولقاءه مع الرئيس
الأسد9/29 تؤكد ان هذا الملف سيكون
مجالا لمباحثات مكثفة خلال تلك
الزيارة. من
الطبيعي أن تكون العلاقات الثنائية
خاصة العسكرية والاقتصادية مجالا
للمباحثات خلال تلك الزيارة في ضوء
ارتفاع حجم التبادل التجاري إلي3
مليارات دولار وتستهدف إيران رفعه
خلال العامين القادمين إلي5
مليارات دولار, وإن كانت الصادرات
الإيرانية أربعة أضعاف الصادرات
السورية, كما أن هناك تعاونا في
مجال التصنيع العسكري المشترك وهو وإن
كان في بداياته, إلا أنه يشهد مظاهر
إيجابية واعدة, كما أن هناك حديثا
عن نوع من التمويل الإيراني لجزء من
الصفقة العسكرية التي تسعي سوريا
لتوقيعها مع روسيا, وتبلغ قيمتها
نحو5 مليارات دولار. هكذا
يتضح أن الزيارة تؤكد الحرص المتبادل
لكل من دمشق وطهران علي التشاور
لاستيعاب أي تباين في وجهات النظر
بخصوص ملفات الاهتمام المشتركة,
وإذا كانت التحركات الدولية تجاه
سوريا وما تسرب عنها قد أشارت إلي
احتمال تبلور بعض المرونة من جانب دمشق
فمن المرجح ألا يؤدي ذلك إلي تأثيرات
سلبية علي العلاقات الثنائية بين
طهران ودمشق, كما يتضح عن مراجعة
المواقف السياسية والإعلامية التي
صدرت عن كبار المسئولين السوريين خلال
الشهور الأخيرة. كما أن الحديث حول
تباين وجهات النظر في ملفات الاهتمام,
ووجود نوع من القلق حول بعض السياسات
السورية, كان أمرا قائما في الفترة
الأخيرة لوجود مساحة من الاختلاف
النسبي في التعامل مع تلك الملفات,
الأمر الذي يؤكد أن هذه الزيارة كانت
مجالا لتثبيت المواقف والاتفاق علي
ضبط تباين المواقف بخصوصها. بالرغم
من ذلك ففي التقدير أن يبقي الملف
اللبناني مجالا لنوع من التباين خاصة
مع احتمال صدور الاتهام من المحكمة
الدولية, الذي يمكن أن يزيد من حدة
المواجهة, وهو أمر تستعد له إيران
لتجعل من لبنان ميدان مواجهة مع
الولايات المتحدة, وتتحسب له سوريا
التي لا ترغب في هذه المواجهة الحادة
ولا تزال تحرص علي المحافظة علي
التفاهم مع السعودية, ونحتاج إلي
الرعاية الأمريكية للتفاوض مع إسرائيل,
خاصة في ظل التهديدات الأمريكية
الأخيرة لدمشق بأنها لن تسمح بأي تهديد
لاستقرار لبنان. بصفة
عامة فإن التطورات التي تشهدها
العلاقات الثنائية بين سوريا وإيران
تكشف عن مدي التمدد الإيراني في
القضايا العربية, مع غياب واضح لدور
عربي قادر علي ضبط هذا التمدد,
وبحيث أصبح الدور الإقليمي هو المحدد
الرئيسي في تطور القضايا العربية
بدرجة كبيرة. ================== من
بدائل بنيامين ليبرمان إلى متاهات
أفيغدور نتنياهو د.
عبد اللطيف الحناشي العرب 30-9-2010 في
الوقت الذي كان نتنياهو يحاول بذل
الجهود لإقناع قادة العالم بأنه جديّ
في نواياه للسلام مع الفلسطينيين،
ملتمسا منهم غض الطرف عن البناء في
المستوطنات وإقناع محمود عباس بعدم
"التخلي" عن المفاوضات والعمل على
التوصل إلى اتفاق إطار تاريخي للسلام
خلال سنة، وبعد أقل من أسبوع من اتهام
الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون
المهاجرين الروس في إسرائيل بأنهم
عقبة مركزية أمام التوصل إلى اتفاق
سلام في الشرق الأوسط، جاء خطاب
أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية
الإسرائيلية أمام الجمعية العامة
للأمم المتحدة ليكشف المستور من نوايا
رئيس الوزراء نتنياهو من ناحية،
وليؤكد ما قاله كلينتون حول المهاجرين
الروس من ناحية أخرى، باعتبار أن
أفيغدور ليبرمان هو مؤسس حزب "إسرائيل
بيتنا" الذي يعتبر أحد أهم أحزاب
المهاجرين الروس وأكثرهم تمثيلية في
الكنيست ومن أكثر الأحزاب الإسرائيلية
عنصرية ضد العرب. فما هي
أهم الأفكار التي صرّح بها ليبرمان
لدرجة "انزعاج" نتنياهو الذي أسرع
بالرد عليها؟ وهل المهاجرون الروس
وأحزابهم هم فقط الذين يعرقلون
التسوية، أم أن هناك أطرافا أخرى لها
دور في ذلك؟ وهل يوجد حقا خلاف حقيقي
وعميق بين رؤية ليبرمان ونتنياهو حول
التسوية؟ إن أهم
ما ذكره ليبرمان في خطابه هو أن المبدأ
الموجه لاتفاق الوضع النهائي، يجب ألا
يكون الأرض مقابل السلام، بل تبادل
الأراضي المأهولة، لكنه استدرك قائلا
إنه لا يتحدث عن نقل السكان بل عن نقل
الحدود لكي تعكس بشكل أفضل الحقائق
الديمغرافية! كما قال إنه لن يكون
بالإمكان التوصل إلى اتفاق سلام خلال
عام، وإنما بعد عقود، أي حل انتقالي
يستغرق عقوداً ويقوم على تبادل
الأراضي المأهولة، وهذه الرؤية تعبّر
في الواقع عن جوهر الموقف الإسرائيلي
الذي يخشى الجميع الإفصاح عنه. لا
تبدو هذه المواقف والآراء في الواقع
جديدة أو غريبة عن ليبرمان الذي لا
يتردد في التعبير عنها كلما أتيحت له
الفرصة لذلك، ففي "وثيقة" خطية
تضمنت شروطه للبقاء في الائتلاف
الحكومي السابق بزعامة أيهود أولمرت
في 29 أكتوبر/ تشرين الأول2007 حدد ما سماه
آنذاك ب"الخطوط الحمر" للتسوية
الدائمة للصراع، وهي الشروط ذاتها
التي قبل على أساسها دخول حكومة
نتنياهو بعد الانتخابات الأخيرة. كما
ردد نفس تلك الأفكار أياما قليلة بعد
إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة بين
إسرائيل والفلسطينيين، أي خلال القمة
التي عقدت في واشنطن. وقبل ذلك صرح أمام
أنصار حزبه "إسرائيل بيتنا" يوم 6
سبتمبر/ أيلول الماضي قائلا: "إن أي
اتفاق سلام شامل بما يعنيه من نهاية
الصراع ووقف المطالب المتبادلة
والاعتراف بإسرائيل بأنها الدولة
القومية للشعب اليهودي هو غاية لا يمكن
تحقيقها في السنة المقبلة ولا في الجيل
المقبل". وهكذا
يبدو ليبرمان وفيا لمبادئ حزبه التي
تؤكد على أن هدف الصهيونية هو الحفاظ
على دولة ذات قومية واحدة، وهي
اليهودية، وأن وجود أقلية أخرى كبيرة،
أي العرب الفلسطينيين، يتناقض مع هذا
الهدف. وأن الصراع "ليس صراعا على
مناطق جغرافية بل هو صراع قومي- ديني في
جوهره"، وهو ما يعني تحديدا تطبيق
سياسة ترحيل العرب خارج الأراضي
الفلسطينية المحتلة وسكان الجولان
وطرد كل من لا يعتبر الكيان الصهيوني
دولة يهودية صهيونية.. أما
فكرة "تبادل الأراضي" في حدّ
ذاتها فهي من الأفكار والبدائل التي
أخذت تتردد بقوة لدى أوساط في النخبة
السياسية الصهيونية، إذ طُرحت ونوقشت،
ليس في سياق تسوية الصراع الفلسطيني-
الإسرائيلي فقط، وإنما في إطار تسوية
شاملة متعددة الأطراف للصراع العربي-
الإسرائيلي برمته، ومنها ورقة العمل
التي قُدّمت إلى "مؤتمر هرتسليا
السنوي الثامن"، الذي عقد في الفترة
بين 20 و23 جانفي/كانون الثاني 2008. أما
فيما يخص أرض فلسطين فقد وجدت هذه
الفكرة تعبيراً لها في اقتراح رئيس
الحكومة أيهود باراك "سنة 2000"،
وفي اقتراح الرئيس بيل كلينتون، وفي
"مبادرة جنيف" و"خطة الهدف"
"أيالون- نسيبة" التي لم تستبعد
صيغتها نقل مناطق مأهولة. كما كانت
هناك موافقة فلسطينية على مبادئ "مبادرة
جنيف" واستعداد إسرائيلي مقابل لبحث
الموضوع. كما تواترت فكرة ضم "كتل
استيطانية" إلى إسرائيل مقابل أراضٍ
في منطقة "حلوتسا" في النقب- "وثيقة
بيلين- أبو مازن"؛ غير أن هذا
الاقتراح رُفض من جانب الحكومات
الإسرائيلية والفلسطينيين. ثم برزت
خطة "أم الفحم أولاً" التي طرحها
إفرايم سنيه ومجموعات أخرى من حزب "العمل"
ثم تبناها حزب "إسرائيل بيتنا"
برئاسة أفيغدور ليبرمان، وتتمثل هذه
الفكرة في ضم "كتل استيطانية" إلى
إسرائيل مقابل نقل مناطق مأهولة بسكان
عرب من مسلمي إسرائيل، تقع على تخوم
"الخط الأخضر" على مقربة من شمال
الضفة الغربية، إلى السلطة الفلسطينية.
وقد بحثت هذه الخطة من قبل جميع رؤساء
الحكومات الإسرائيلية خلال العقد
الأخير. أما الهدف النهائي لرؤية "تبادل
الأراضي" فهو تقليص عدد السكان غير
اليهود، أي السكان العرب، في دولة
إسرائيل وصولا إلى طردهم من أرضهم
التاريخية.. ويبدو
حزب "إسرائيل بيتنا" أكثر الأحزاب
الصهيونية تشبثا بهذه الرؤية وإصرارا
من أجل تحقيق المشروع، لذلك نلاحظ كثرة
مشاريع القوانين التي سعى ويسعى أعضاء
الحزب إلى تمريرها في الكنيست وهي
القوانين التي تستهدف حقوق الأقلية
العربية الفلسطينية والتضييق عليها.
فهل تزعج هذه المواقف/ الدعوات نتنياهو
حقا؟ وهل تختلف ودعوته حول يهودية
الدولة؟ تبدو
هذه المواقف، في الظاهر، مخالفة
للموقف الذي يطرحه نتنياهو، لذلك أصدر
هذا الأخير بيانين تنصل فيهما من أقوال
ليبرمان وشدد على أنه بالإمكان التوصل
إلى اتفاق إطار مع الفلسطينيين حول
قضايا الحل الدائم. فما الذي يعمل من
أجله نتنياهو إذن؟ بداية
لا بد من القول إن البيان التوضيحي
الذي صدر عن مكتب رئاسة الوزراء
الإسرائيلي كان بيانا باهتا لا يرتقي
إلى ما وُصف ب"قنبلة ليبرمان" أو
"حذاء ليبرمان" تشبيها لما قام به
خروتشوف في زمن العزّ ذات يوم وهو يخطب
من على منبر الجمعية العامة، إذ رغم ما
اعتبرته الصحافة الإسرائيلية من "اهتزاز
الثقة" بإسرائيل و"انخفاض
مستواها" في العالم لم يجرؤ نتنياهو
على إقالة لبرمان أو توجيه نقد أو "توبيخ"
له نظرا لتجاوز حدود مسؤوليته. أما
ليبرمان فأكد بعد بيان رئاسة الوزراء
بأن "موقفه لا يتعارض مع الخطوط
العريضة للحكومة رغم أنه لا ينعكس من
خلالها..". وهنا
نأتي إلى بيت القصيد، فما صرّح به
ليبرمان جهرا لا يختلف في العمق مع
أفكار نتنياهو، ومنها تحديدا فكرة "دولة
يهودية" التي يعتبر إنجازها مقدمة
لتحقيق فكرة ليبرمان، أي "تبادل
الأراضي والسكان". ففكرة "يهودية
الدولة" تمّ إقرارها من قبل أعضاء
الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 16جويلية/
يوليو 2003، وسعت الحكومات الإسرائيلية
المتعاقبة منذ ذلك التاريخ بكل
الاتجاهات وكل الوسائل من أجل انتزاع
اعترافات بفكرتها تلك، خاصة تجاه
قيادة رام الله والفريق الفلسطيني
المفاوض تحديدا، من ذلك أن مؤتمر
أنابوليس "2008" والذي تم ترتيبه في
عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش
الابن، شهد محاولة إسرائيلية لتوريط
المفاوض الفلسطيني بالتوقيع على مشروع
الاعتراف ب"يهودية الدولة"
القائمة في فلسطين المحتلة، غير أن
الوفد الفلسطيني رفض التوقيع على
المشروع، واعتبره من أخطر المشاريع
على الوجود الفلسطيني برمته. أما
اليوم فيطالب بنيامين نتنياهو العالم
وكل العرب والفلسطينيين بما في ذلك عرب
48 بالاعتراف بإسرائيل بصفتها "دولة
يهودية" كشرط لاعترافه بالدولة
الفلسطينية العتيدة!! وهو ما يعني أن
الدولة الإسرائيلية تستند قانونيا إلى
الديانة اليهودية التي تحمل بدورها
صفة "القومية"، إضافة إلى صفتها
الدينية. وتندرج
هذه الفكرة التي تنادي بها أحزاب
اليمين واليمين المتطرف الديني
والقومي في إسرائيل في سياق إعادة رسم
خريطة المنطقة كلها بما يتلاءم وطموح
تلك القوى الساعية إلى تكريس الاحتلال
لجزء من الضفة الغربية، بما في ذلك
القدس الشرقية والتضييق على عرب 48
والإلغاء التدريجي لحقوقهم الأساسية..
وتحويلهم إلى رهائن وصولا إلى تهجيرهم
باعتبارهم أقلية يقيمون في دولة هي
للشعب اليهودي. فهؤلاء
الذين يمثلون نحو عشرين في المائة من
مجموع سكان إسرائيل أصبحوا يشكلون
عبئا ديمغرافيا وسياسيا نتيجة تطور
وعي نخبهم السياسية والفكرية
والاجتماعية ووضوح مطالبهم وتشبثهم
بها وبأرضهم والتضحية من أجلها. وهم في
نظر المؤسسة الإسرائيلية "خطر أمني"
أو "عدو داخلي" يجب طردهم والتخلص
منهم سواء من خلال ما يطرحه ليبرمان،
"فكرة تبادل الأراضي"، أو عن طريق
فكرة "يهودية الدولة" التي يطرحها
نتنياهو التي تعتبر تمهيدا للفكرة
الأولى. فما الذي يعني الاعتراف
بيهودية الدولة؟ إنه
يعني، من جملة ما يعني، إسقاط حق
العودة حسب مقتضيات القرار الأممي رقم
194، وهو الذي نص على عودة اللاجئين
الفلسطينيين إلى أراضيهم وأملاكهم
التي طردوا منها بقوة السلاح سنة 1948،
وحرمانهم حتى من التعويض الذي تضمنه
هذا القرار لأن الدولة التي يطالب بها
هي دولة اليهود دون غيرهم؛ كما يعني
الإقرار بإسرائيل دولة اليهود إسقاطا
لكل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني
والعرب والمسلمين والمسيحيين في
فلسطين، وهو أيضا إسقاط للحق الحصري
للشعب الفلسطيني المتمثل في تقرير
مصيره تبعا لأحكام القانون الدولي؛
وهو إسقاط كذلك لجرائم الإبادة
والتهجير القسري للشعب الفلسطيني من
سنة 1948 إلى هذا اليوم... لا
تبدو فكرة ليبرمان مختلفة استراتيجيا
عن رؤية نتنياهو لكنه وعلى غير عادته
مع تصريحات ليبرمان أصدر نتنياهو ردّا
لأن الظروف تبدو مختلفة هذه المرة عن
سابقتها "مكان الخطاب وعدم الالتزام
بوقف الاستيطان ومواصلة المفاوضات.."
في حين يواصل المطالبة بالاعتراف
بإسرائيل كدولة يهودية التي تبدو مجرد
"قناع لتشريع" تهجير المواطنين
العرب الفلسطينيين من داخل الخط
الأخضر، وتكتيكا لكسب الوقت عن طريق
التفاوض من أجل التفاوض وصولا إلى
تحقيق رؤية ليبرمان الذي تعوّد
التصريح جهرا بما يفكر وبدون مواربة في
الداخل وحتى أمام أعضاء الجمعية
العامة للأمم المتحدة.. ================= تركيا
تتقدم بالإسلاميين ومصر بتتقدم بينا د.
هشام الحمامي 18-09-2010
إذا
جاز للمؤرخين ان يؤرخوا لتركيا
الحديثة بالعهد (الاتاتوركي) فلن
يمكنهم إلا أن يؤرخوا لتركيا الجديدة
بالعهد (الاردوغانى) ذلك ان
ما يحدث الآن فى تركيا هو بلا مبالغه
عهد جديد..عهد تقلصت فيه أطراف
العلمانية اللادينية ذات الأنياب
والمخالب وبرزت مكانها(المدنية
الإسلامية) ذات العدالة والتنمية
وليسجل بذلك حزب العدالة والتنمية
ضربة اليمة للاستبداد والقهر ليس فى
حدود بلادة فقط لكن فى المنطقة كلها ..(مؤذن
اسطنبول) درج على إحراج الجميع خاصة
إخواننا الملوك والرؤساء العرب..
أحرجهم فيما يتصل بقضية القضايا (فلسطين)
سواء بموقفة فى دافوس أو بموقفه في
أسطول الحرية. وهاهو
الرجل يحرجهم إحراجا ويربكهم إرباكا..بما
يفعله الآن فى تركيا .ديمقراطية سياسة
واجتماعية على أرقى مستوى والأخطر
أنها على خلفية إسلامية ..معدلات تنميه
عالية ( 7% ) دخل المواطن التركي زاد من
3300دولار إلى 10000دولار فضلا عن الانخفاض
المستمر في معدلات التضخم وزيادة
مضطردة في حجم الاستثمارات فيرتفع حجم
الصادرات من 33 مليار دولار إلى 130
مليارا في نهاية 2008 كما
ارتفع حجم استثمارات القطاع الحكومي
بنسبة 100%و القطاع الخاص بنسبة 300%حتى
احتلت تركيا المرتبة السادسة عشرة في
ترتيب أكبر الاقتصاديات على المستوى
العالمي والمرتبة السادسة على المستوى
الأوروبي لتضيق بذلك الفجوة لأول مرة
فى التاريخ الحديث بين معدلات التنمية
التركية ومثيلاتها الأوروبية.. ولكي
أكون موضوعيا فالإحراج والإرباك لم
يأت لأصحاب السمو والفخامة والجلالة
فقط..بل أتى و لامس الإسلاميين فى
السويداء..أولئك الذين تدورعجلات
حركتهم فى مكانها.. سنين
تلو سنين والعجلة تدور دون ان تغادر
مكانها للأمام مترا واحدا..يقولون أن
من الحمق أن تتعثر فى نفس الحجر مرتين
وتقول(عقبه)..!!الإسلاميون العرب تعثروا
بنفس الحجر عشرات المرات..ويقولون(عقبة)..!!. كلنا
نعلم أن رجب اردوغان وعبد الله جول وكل
هذه المجموعة كانت الأعمدة الكبيرة فى
حزب الرفاة والسعادة والفضيلة (وكل
الأسماء).. وهم تلاميذ نجباء لشيخهم
الجليل البروفيسور اربكان الأب الروحي
والرافعة الكبرى للحركة الإسلامية فى
تركيا .. كان
الرجل يمثل مدرسة الإخوان المسلمين فى
الإصلاح الاجتماعي والسياسي القائمة
قوائمه على مبادىء الإسلام الشامل..ونجح
فيما نجح واخفق فيما اخفق .. ثم كان
ان قامت من رقادها أسئلة كثيرة تتعلق
بأدوات العمل ووسائله والتبصر(الذى
يتجاوز مجرد النظر) بالمستقبل القريب
والبعيد .. فالدعوة
تحتاج الى أيدي قوية تحمل الراية لا
تصانع ولا تضارع ولا تتبع المطامع ولا
تقول إلا قول الحق دون زيغ أو ضلال أو
انحراف .. ولا يحتمل الأمر أي التباس . والإصلاح
يحتاج الى سياسات ومؤامات وتفاهمات
ومناورات فالخصم الذى احتكر لنفسه
السلطة والحكم فى فساد وإفساد .. يمتلك
فى كلتا يدية كل الذرائع والوسائل
والأدوات التى تمكنه من فعل ما يشاء.. وأسهل
ذريعة لديةهى( الشعارات الإسلامية)و(الهتافات
العاطفية) التى كان رجب اردوغان_بالمناسبة_أستاذ
فيها وكلنا نعلم الأشعار التى كان
يرددها عن مآذن المساجد التى ستتحول
إلى رماح تواجه (الكفار والمشركين) .. استمر
شيخنا الجليل اربكان ينادى بالشعارات
الإسلامية والحرب على العلمانية
واستمر خصومه فى حصارة وضربه (بهذه
الذريعة) فلا هو يتأمل ويفهم ولاهم
يملون ويكفون..ضربات متتالية وكل ضربة
أقوى من أختها.ثم لا يلبث صاحبنا إلا أن
يبدأ ثانية من أول السطر.. إلى
متى ستستمر هذه (الدائرة الجهنمية)..؟
المليئة بالتشويش والرعب مضافا اليهما
الإنسان الفقير الجاهل. كان
هذا هو السؤال الذى لم يقدم شيخنا
الجليل له إجابة شافيه وافيه كافية من
اى نوع . فكان
أن قام اخلص تلاميذة وأحبهم الي قلبه (اردوغان
وجول)..بتوجية واجبات الاحترامات
والسلامات إليه ..ثم انصرفوا.. ليدشنوا
تجربة جديدة من داخل التفاعل مع المتن
نفسه. كان
الوقت من أكثر الأوقات ملائمة
لاستقبال لحظه طليعية حقيقة .. فكانت
فكرة الفصل التام بين الدعوى والحزبى
وكان حزب (العدالة والتنمية) وكان
الفوز الساحق فى الانتخابات وتشكيل
الوزارة منفردا عام 2002م ..وبدأ الجهاد
الأكبر فى المجال الاقتصادي والدستوري
..دون قفز على المراحل.. ودون
اصطناع خصومات وأعلن عن الجوهر الذى
ينطق بالمظهردون تصايحات وهتافات تمكن
العلمانية الشرسة من رقابه ..فعلى
العاقل أن يقتصد فى الرغبات الحكيمة. فكان
الرخاء والرفاهية .. وكان القانون
والكرامة ..وكان الاعتدال وكان التعايش
وكان الاستقرار والأمن والسلام ..بين
قوسين كان الدين والإسلام... دون شعارا
دينيا او إسلاميا واحدا فوقف
أمامه ذئاب العلمانية مشلولين هائجين..واخذ
الرجل وأصحابه الذين أنضجتهم تجارب
الحياة.. يردون عليهم ادعاءاتهم
الكذوبة بنفس لغتهم وبنفس أدواتهم .
وانتهت المعركة بانتصار الشعب التركى
لرفاهيته وكرامته وحريته.ثم بالضرورة
والتوالى (لإسلامة) فهل
فينا من يفعل ما فعله (اردوغان).. هل
فينا من (ينعم) النظرو(يفتح)عينية على
حقائق الواقع .وينطلق للامام بخطوة
وثابة نحو المستقبل الذى ينتظرة .. لن
تكون مفاجأة حين يرى حولة الآلاف
المؤلفة من المواهب والكفاءات التى
طال انتظارها لهذا اليوم وذاك الرجل..
الذى(أنعم) الله عليه بالقدرة و(فتح)عليه
بالإرادة... وبالإقدام ترفع الأقدام . منى إن
تكن حقا تكن أسعد المنى** وإلا فقد عشن
بها زمنا رغدا ==================== مقابلة
مع الخبير التشيكي البارز توماس
كاراسيك "أوروبا
الشرقية لا تريد تحرير العالم من
الأسلحة الذرية" بقلم
بافول ستراكانسكي وكالة
انتر بريس سيرفس براغ
, أكتوبر (آي بي إس) شكك
خبراء ومحللون سياسيون في دول أوروبا
الوسطي والشرقية في إمكانية أن تدعم
هذه المنطقة مساعي تحرير العالم تماما
من الأسلاحة النووية. وأعرب
محلل العلاقات الدولية التشيكي البارز
بجمعية الشؤون الدولية في براغ، توماس
كاراسيك، عن قناعته بأن العديد من
المسئولين عن السياسة الخارجية وشئون
الدفاع في أوروبا الوسطى والشرقية، لا
يزالوا يعتبرون عنصر "الردع النووي"
عنصرا ضروريا في سياسات حلف شمال
الاطلسي. وشرح
في مقابلة مع وكالة انتر بريس سيرفس أن
قادة دول أوروبا الوسطي والشرقية قد
يرسلوا إلي الولايات المتحدة إشارات
رفض قوية للخطاب الأمريكي عن نزع
السلاح النووي في العالم، الذي
يعتبرونه غير مواتي على الإطلاق. كذلك
فمن الممكن أن يدعم قادة المنطقة رفضهم
بالتهديد بسحب قوات بلادهم من
العمليات العسكرية التي تقودها
الولايات المتحد في أفغانستان علي
سبيل المثال، وفقا للمحلل السياسي
التشيكي الذي أضاف أن هؤلاء القادة قد
يميلون إلي تطوير سياسة الإتحاد
الأوروبي للأمن والدفاع كبديل لحلف
شمال الاطلسي. وأكد
توماس كاراسيك أنه من غير المحتمل أن
يحظي نزع السلاح النووي بدعم في
المنطقة. هذا
ويذكر أن الرئيس الأمريكي باراك
أوباما قد جاء إلى أوروبا الشرقية منذ
أكثر من عام ليعلن رؤيته لعالم خال من
الأسلحة النووية. وبعد عام واحد، وقّع
في نفس المكان -العاصمة التشيكية براغ-
إتفاقية خفض مخزونات الأسلحة النووية
مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف. فإعتبر
العديد من المحللين السياسيين أن
إختياره للمكان يحمل رمزوا كثيرة. فقد
كانت براغ واحدة من أبرز عواصم دول
المنطقة من حيث إنتشار الأسلحة
النووية في غضون الحرب الباردة، حين
ساد الإعتقاد بأن العالم كان علي وشك
الوقوع في حرب نووية. لكن
إختيار براغ جاء أيضا كمحاولة لزعزعة
تأكيدات المحللين السياسيين
الإقليميين بأن مجتمعات دول أوروبا
الوسطي والشرقية لا تبالي بمناقشة
إلغاء الأسلحة النووية، وأن قادتها لا
يثقون في الالتزام الكامل بدعم خطة "الصفر
العالمي" للأسلحة النووية الهادفة
إلي إزالتها تماما من وجه الأرض. وأجاب
كاراسيك علي سؤال بشأن أحاديث الرئيس
أوباما والأمين العام للأمم المتحد
بان كي مون عن تحرير العالم من الأسلة
النووية، وصداها في دول وسط وشرق
أوروبا، قائلا "من الصعب الدفاع عن
مزايا الأسلحة النووية علنا، لكن
الواقع هو أنه ينظر إليها كعنصر أساسي
في إستراتيجيات الدفاع والردع التي
يتبعها حلف شمال الاطلسي". "أما
بالنسبة لإمكانية وقوع هجوم إرهابي
بأسلحة دمار شامل -وأيضا بالنسبة
لروسيا- فأعتقد أن العديد من اللاعبين
الرئيسيين في السياسة الخارجية
والدفاع في أوروبا الوسطى والشرقية
يعتبرون الردع النووي كعنصر ضروري،
حتي وإن لم يكن قابلا للاستخدام على
الفور”. وعلق
علي ما تردد من أن بعض قادة المنطقة لا
يريدون إلغاء السلاح النووي حيث أن هذا
يعني تخلي الولايات المتحدة عن
الأسلحة النووية التكتيكية الموجودة
في أوروبا الوسطي والشرقية، الأمر
الذي يثير المخاوف بشأن الأمن
الإقليمي في وجه الجيش الروسي القابع
على عتباتها. فقال
"من وجهة نظر عسكرية بحتة قد يكون من
الصحيح إفتراض أن منظمة حلف شمال
الأطلسي قادرة عن الدفاع عن نفسها ضد
هجوم روسي بأسلحة تقليدية، حتى من دون
استخدام أسلحة نووية". ثم أكد
أن إحتمال حدوث مواجهة عسكرية بين
روسيا وحلف شمال الأطلسي غير واقعي علي
الإطلاق، وأن من الصعوبة بمكان تصور أن
روسيا ستقبل بنزع كامل للأسلحة
النووية. وعلي
سؤال وكالة انتر بريس سيرفس له عما إذا
كان للمنطقة أي دور يمكن أن تلعبه على
الصعيد العالمي علي الأقل لوقف انتشار
الأسلحة النووية، ربما بسبب تاريخها
في الحرب الباردة وإنتشار الأسلحة
النووية في أراضيها في ظل الشيوعية،
أجاب كاراسيك أن مثل هذا الدور قد لا
يتجاوز المشاركة في سياسات ومبادرات
منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد
الأوروبي. وعن
إحتمال تأييد دول وسط وشرق أوروبا علي
الأقل لمعاهدة وقف إنتاج المواد
الانشطارية، شرح كاراسك أنها "حتى
لو فعلت ذلك، فأشك في مدي وزنها في
النظام الدولي”. وأكد
لوكالة انتر بريس سيرفس أن مشكلة
إستعراض معاهدة عدم الانتشار النووي
تكمن في الجهود الرامية إلي تحويلها
إلي أداة لنزع السلاح النووي "وهو ما
لن تقبله الدول النووية على الرغم من
كل "رقصاتها البلاغية”. (آي
بي إس / 2010) =================== هل
ترون أن مجلس الأمن يتمتع بمصداقية
دولية ؟ بهاء
الدين الخاقاني - أمريكا – ميشكن مركز
الدراسات العربي –الأوروبي في باريس 2010-09-18 هناك
اشكالية بحثية في تحديد المصداقية
لمجلس الأمن من عدمها، لأهمية هذا
المجلس الذي حقق التوازن الدولي لعقود
مضت منذ تأسيس الأمم المتحدة في
أربعينات القرن الماضي ، فلا يمكن
النظر اليه من الناحية العاطفية
والموقف الشخصي لأن المسألة أكبر
بكثير كأشكالية تحتاج لنقد بناء ، ولكن
يمكن أن نشير بوضوح الى وجود أزدواجية
المواقف بين قضية وأخرى وهذه السلوكية
الدولية التي تمارسها القوى العظمة في
مجلس الأمن ودون تحديد للمسميات، لأن
جميعها لها نفس السلوكية داخل أطار
مجلس الأمن ضمن سياسات المصالح
والمساومات على حساب شعوب العالم
وربما شعوبها أيضا، حيث المواقف تتدرج
بين الغموض عند بعض القوى وعند الأخرى
مواقف صريحة مبرزة ما يسمى بعجز
المصداقية لموقف دون آخر، فتوجب علينا
النظر في أصلاح منظمة الأمم المتحدة
ومن ضمنها أسس وسياق العمل في مجلس
الامن . أن
التغيرات العميقة المعقدة في العالم
تفرض علينا منهجية سلام وتنمية كعنوان
للتعامل مع القضايا العالمية ومنها
السياسية والتي طالما كانا على محك مع
أزدواجية القرارات لتحكم المصلحة
الفردية لهذه القوى دون غيرها مسببة
عدم الأستقرار في الوقت الذي تزداد
التهديدات السياسية ومنها الأرهاب
والتحديات الكونية ومنها البيئية
والغلاف الجوي والفقر وغيرها تعددا
وترابطا. تلعب
الأمم المتحدة دورا لا يستغنى عنه في
الشؤون الدولية باعتبارها من حبث
شموليتها ومصداقيتها على اساس نظامها
الداخلي ودستورها الذي ما زال يتحكم
بالسلام العالمي وان ازدوجت المواقف
هنا وهناك، وانها تمثل الجهود
الجماعية للتصدي للتحديات بكافة
أنواعها وبمركزية مجلس الأمن . مع
التأكيد على إن تعزيز دور الأمم
المتحدة عبر الإصلاح يصب في خانة
المصالح المشتركة للبشرية جمعاء. نحن لا
نقول ان المصداقية مفقودة وبالاخص في
مواقف المتشددة مثلا تجاه العراق
وفلسطين الجريحين أو مواقف المساومات
مثلا تجاه ايران وأسرائيل، ولكن هناك
ازدواجية في المواقف . فلابد
من برنامج اصلاح يواكب تطور العصر
ثقافيا وانسانيا ومعرفيا وعلميا من
أجل أن يساهم هذا الإصلاح في تدعيم
تعددية الأطراف وتعزيز المصداقية
وفعالية الأمم المتحدة ومجلس الأمن
وقدراتهما على مواجهة التهديدات
والتحديات المتنوعة ومن أهمها الأرهاب
والفقر والأمراض والتنمية والبيئة
وحقوق الأنسان والسلام العالمي أي
الأمن الجماعي والأرتقاء بالحضارة
البشرية وتحسين النظام الدولي المالي
وتشجيع مصادر الطاقة والتغذية
والمعرفية الجديدة، وما يستجد من
حقائق خطيرة كأرهاب الدولة الى جانب
المنظمات الأرهابية المسلحة مع أحترام
أكثر للخصوصية الوطنية والقومية
والدينية للبلدان والشعوب . مثلا
قلة مصادر الثروة والطاقة وعدم معالجة
الديون والجوع وحالات الحروب والحصار
الدائمة يشكل كل ذلك هاجسا من عدم
الأطمئنان والتشكيك بمصداقية مجلس
الأمن ومنظمات الأمم المتحدة وفقدان
آلية دولية متفق عليها لتدعيم التعاون
الفني والعلمي الدولي وتعميم استخدام
تقنيات الطاقة المتقدمة في الدول
النامية من جهة ومن جهة أخرى الدول
العظمى وبالأخص الصناعية الكبرى بما
يحقق التنمية المستدامة ويرفع قدرات
المجتمع الدولي وشعوبه على مواجهة
تحديات الجهل والأمية التقنية. أن
تسييس القضايا لطرف دون آخر أطر مجلس
الأمن بتهمة اعتماد المعايير
المزدوجة، وبالأخص في مواقف نزع
السلاح ومنع انتشار ألأسلحة الفتاكة
وقضايا حقوق الانسان مع مواقف لتهميش
المنظمات المختصة في الامم المتحدة،
وتهميش ما يدعى بثقافة الوقاية ان كانت
صراعات أهلية أو دولية أو مواجهة
الأرهاب مما أنتج ثقافة مصطلح عجز
المصداقية داخل أروقة المنظمة الدولية
ومؤسساتها لبعض المواقف وليس
المصداقية كليا . في الوقت الذي أخطر ما
يمكن أن يتعرض له مجلس الأمن هو تهميش
قراراته أو تهميشه بالذات وعدم الرجوع
اليه وبالأخص عند استخدام القوة ،
وخطورة الموقف قد ثبتت في كون هذا
التهميش خطر على السلم العالمي وعلى
البشرية وتشجيع الأرهاب وارهاب الدولة. هذا
المجلس الذي حفظ العالم من كارثة الحرب
العالمية الثالثة الفتاكة لأكثر من
مرة ، فجهوده واضحة ومشكورة لعقود مضت،
ولكن ليس من الواقع والعرف والمعرفة أن
لا يتطور مع تطور العالم الذي أختلف
كثيرا عن عالم ما يقرب من خمسين سنة
التي مضت أو أكثر . فلابد من نظرة حكيمة
لأدامته كي لا يتعرض لما تعرضت له عصبة
الأمم قبل الأربعينات من القرن الماضي
فتكون نتيجة مهلكة للبشرية أكثر
مأساوية من الحربين العالميتين في
القرن العشرين. وان
معالجة مثل هذه الأشكالية ولا أقول
المصداقية التي من مواصفاتها السلبية
مؤشر عدم السعي لإقامة نظام أمن جماعي
يتميز بالقوة والفعالية والإنصاف
ويتوقف بشكل أساسي على الالتزام بمبدأ
تعددية الأطراف بما يرسخ الديمقراطية
وسيادة القانون في العلاقات الدولية
من ناحية، والالتزام بمقاصد ومبادئ
ميثاق الأمم المتحدة بما يساهم في
تعزيز مصداقية وقدرات الأمم المتحدة
ومنظماتها وصيانة مكانة مجلس الأمن
كمحور لنظام الأمن الجماعي من ناحية
أخرى بالاضافة الى ما يسمى بالامن
البايولوجي المهم والأمن الفكري
والغذائي وبتاء منهجية متطورة لمنظمات
الأمم المتحدة المتنوعة كأدوات لنهضة
حضارية عالمية أكثر مما هي منظمات
خدمية . واخيرا
تقبلوا تحياتي وتقديري ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |