ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
التحذيرات من الإرهاب:
التزموا الدقة أو الصمت آن أبلباوم الشرق الاوسط 9-10-2010 «تحذر وزارة الخارجية الأميركية رعاياها
بشأن احتمال وقوع هجمات إرهابية في
أوروبا.. ربما يقع اختيار الإرهابيين
على مجموعة متنوعة من السبل والأسلحة،
واستهداف مصالح رسمية وخاصة. نوجه
عناية المواطنين الأميركيين لإمكانية
مهاجمة الإرهابيين أنظمة النقل العام
أو عناصر أخرى من البنية التحتية
السياحية. وقد سبق أن استهدف
الإرهابيون وهاجموا أنظمة أنفاق
وقطارات، بجانب خدمات جوية وبحرية.
ينبغي على المواطنين الأميركيين اتخاذ
كافة الاحتياطات لضمان أمن محيطهم،
واتباع إجراءات السلامة المناسبة
لحماية أنفسهم أثناء التنقل». كان ذلك
نص التنبيه الصادر عن وزارة الخارجية
بشأن السفر في ال3 من أكتوبر (تشرين
الأول). وباعتباري أميركية تعيش في أوروبا، أجد
لزاما عليّ أن أصف شعور أمثالي لدى
سماعهم تحذيرات على غرار ذلك الصادر
الأحد.. لا نحرك ساكنا. ويتمثل السبب الأول والأهم وراء رد فعلنا
هذا في أنه ليس في مقدورنا ما نفعله،
ذلك أنه إذا لم تتحل وزارة الخارجية
بقدر أكبر من الدقة والتحديد - مثلا: «لا
تذهبوا لبرج إيفل غدا» - فإن المعلومات
التي تطرحها على مثل هذا المستوى من
التعميم تخلو من معنى حقيقي. فيما عدا
هجمات باستخدام أسلحة دمار شامل، فإن
فرص تعرض المرء لحادث سيارة أثناء
عبوره الشارع لا تزال أكبر من فرص
وجوده على متن طائرة أو قطار أنفاق
يتعرض لهجوم. إضافة إلى ذلك، ليس
بإمكان أي شخص يعيش أو يعمل بمدينة
أوروبية كبيرة (أو حتى صغيرة) أن يتجنب
إلى الأبد الاقتراب من مؤسسات «رسمية
أو خاصة» مرتبطة بمصالح أميركية، مثل
فندق «هيلتون» أو متجر ل«أبل»، ناهيك
عن القطارات والأنفاق والطائرات
والقوارب وجميع صور النقل العام
الأخرى. ويتمثل سبب ثان في عدم إقدامنا على فعل
شيء في غموض لهجة التحذير لدرجة تثير
التساؤلات لدى الكثيرين حول السبب
وراء إصداره من الأساس. من البديهي أنه
إذا كانت الحكومة الأميركية على علم
بهوية الإرهابيين والأهداف التي ينوون
مهاجمتها، كانت ستلقي القبض عليهم
وتمنعهم. أما إذا كانت الحكومة لا تدري
سوى أن الإرهابيين يستهدفون «بنية
تحتية سياحية» ووسائل نقل عام، فإن هذا
يعني أنها لا تدرك شيئا مطلقا. وفي هذه الحالة يبقى التساؤل: لماذا
تخبرنا الحكومة بالأمر إذن؟ منذ إعلان
التحذير عبر القنوات التلفزيونية،
صباح الأحد، ظهر الكثير من التكهنات.
وحتى الآن، اطلعت على نظرية مؤامرة
واحدة على الأقل مكتملة الأركان، حيث
يعتقد البعض أن واشنطن أصدرت هذا
البيان لبث الذعر في نفوس الأوروبيين،
ودفعهم نحو مستوى أكبر من التعاون
الاستخباراتي، وبصورة خاصة إقناع
الأوروبيين بالموافقة على نظام جديد
لتبادل بيانات الركاب عبر الخطوط
الجوية. وتشير شائعات أخرى إلى أن وكالة
الاستخبارات المركزية الأميركية
تعتقد أن «القاعدة»، أو الجماعات
الموالية لها، تخطط لشن هجمات متزامنة
ضد فنادق في مدن أوروبية كبرى، على
غرار ما حدث في فندق «تاج محل» في «مومباي»
عام 2008. وطبقا للشائعة، فإن هذه
المعلومة من المفترض أنها جاءت من
تحقيق أجري الصيف الماضي. إلا أنه حتى إذا امتلكت وكالات
الاستخبارات الأميركية معلومات بهذه
الدقة والأهمية - وأؤكد أنني لا أملك
شخصيا دليلا على أنهم يمتلكون معلومات
كتلك - فإنه يظل من غير المنطقي أن
تخطرنا وزارة الخارجية بضرورة أن نبقى
حذرين ومتيقظين أثناء وقوفنا إلى جانب
أي كيان أميركي، لأنه حتى لو التزمنا
بهذا الأمر اليوم، فلن نلتزم به غدا. وقد حدث مثل هذا الأمر من قبل، عام 2004،
عندما وصل موظفو صندوق النقد والبنك
الدوليين في واشنطن لمقر عملهم ليجدوا
أنفسهم فجأة محط اهتمام إعلامي، حيث
عثر على خرائط ومعلومات مفصلة عن
مكاتبهم على حاسب آلي متنقل في
أفغانستان، وبالتالي صدر تحذير أمني.
إلا أنه بطبيعة الحال لم يكن من
المنطقي الإبقاء على حالة من التيقظ
والترقب إلى أجل غير مسمى داخل مبنى
يرتاده المئات يوميا، يحمل كثير منهم
ملامح أجنبية مثيرة للارتياب. وبطبيعة
الحال، سرعان ما طوى النسيان هذا
التحذير، وعاود الجميع عملهم بصورة
طبيعية. في الواقع، إن الوحيدين الذين بإمكانهم
الاستفادة من مثل هذه التحذيرات هم
المسؤولون الذين أصدروها. فإذا وقع
أمر، فإنهم بذلك ضمنوا تغطية موقفهم،
فهم حذرونا وأخبرونا مقدما، وبالتالي
لن يتعرضوا لانتقاد أو يجبروا على
الاستقالة. أما إذا لم يحدث شيء، فنحن جميعا سننسى
الأمر على أي حال. بمرور الوقت، تخدم مثل هذه التحذيرات «القاعدة»
أيضا، فهي تبث الخوف في نفوس الناس من
دون سبب. وبأقل مجهود منه، يصبح بإمكان
أسامة بن لادن تقويض شعورنا بالأمن
والسلامة. في الوقت ذاته، تضع هذه
التحذيرات الحكومة الأميركية في موقف
صاحب البلاغ الكاذب، وكلما زاد الطابع
العام لمثل هذه التحذيرات، تضاءلت
إمكانية أن نعبأ بها. ربما يساورنا
القلق والتوتر بالفعل، لكننا نجهل ما
ينبغي علينا فعله، لذا لا نفعل شيئا،
ويتولد داخلنا شعور بأنه كان من الفضل
لو أن أحدا لم يخبرنا شيئا من البداية. * خدمة «واشنطن بوست» ======================= ملامح فشل سياسات أوباما
في العراق ولبنان الجمعة, 08 أكتوبر 2010 نيويورك - راغدة درغام الحياة تواجه «الأوبامية» احتمال فشل ذريع لها
في لبنان الذي تتلاحق فيه تطورات خطيرة
على البلد والمنطقة وعلى سياسات
الرئيس الأميركي، ومن ثم على الولايات
المتحدة. في العراق، أبرمت إدارة باراك
أوباما صفقات صامتة مع إيران وسورية
ووجّهت صفعات الى العملية
الديموقراطية الانتخابية وإلى دول
صديقة وحليفة لها في مجلس التعاون
الخليجي. وحدث ذلك عبر التوافق الضمني
على تمسك رئيس الوزراء الحالي نوري
المالكي بالمنصب مع أن حزبه لم يفز
بأكثرية مقاعد مجلس النواب. وافرازات
ذلك هي أن كلاً من سورية وإيران شعرت
بنشوة التفاهمات الضمنية مع الإدارة
الأميركية. سورية فسّرت ذلك بأنه ضوء
أخضر لها لأن تفعل ما تشاء في لبنان
لتستعيد نفوذها. وإيران فسّرت ما حدث
في العراق بأنه مثال ساطع على تقهقر
إدارة أوباما أمام الإصرار الإيراني
وخضوعها لما رسمته الحنكة السياسية
الإيرانية منذ البداية. وعليه، شعرت
إيران أن لا مانع من تكرار تجربة
العراق في لبنان بحيث يختطف الخاسر في
الانتخابات السلطة من الفائز، بصورة
أو بأخرى. في لبنان يبدو كأن الوضع في
نظر إيران وشريكها «حزب الله» يتطلب
الانقلاب على الحكومة التي يترأسها
سعد الحريري – بمساعدة من سورية. قد
يظن الإعلام الأميركي أن الوضع في
لبنان لا يهم الأميركيين لأنه بعيد عن
مدن أميركا. إلا أن هوس الأميركيين بكل
من «القاعدة» وإسرائيل وإيران و «حزب
الله» قد يؤدي الى تحوّل نوعي في
المعارك والحروب على الساحة
اللبنانية، وهو خطر حرب مذهبية تلعب
فيها «القاعدة» أدواراً عدة، بما فيها
ضرب المصالح الأميركية حيثما كان،
وإسرائيل جارة قريبة. فالعداء لأميركا
سيتجمع في لبنان وعلى باراك أوباما أن
يستيقظ الى ذلك الخطر، حتى إذا كان قد
قرر أن العدالة يجب أن تأخذ المقعد
الخلفي باسم استقرار مرهون بتفاهمات
مسيئة لوعود أوباما وللمنطقة. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
فاجأ الذين راهنوا على تفهمه
للمقايضات والتفاهمات الضمنية
الأميركية – السورية في العراق ولبنان.
ظنوا أنه سيحني رأسه ويمضي، لكنه فاجأ
بإصراره على العدالة والتمسك بمبدأ
عدم الإفلات من العقاب، مع أن رئيس
الجمهورية اللبنانية ووزير الخارجية
اللبناني حاولا إقناعه بالتخلي عن
المحكمة الدولية، كما قال وزير
الخارجية السوري إن عدم إلغاء المحكمة
سيؤدي الى ضرب الاستقرار في لبنان، وأن
هذا من مسؤولية الأمين العام والأسرة
الدولية. أول من أمس الأربعاء حسم بان كي مون موقفه
من الذين راهنوا على ضعفه، بعدما كان
أبلغهم في اللقاءات المغلقة أن ما
يطلبونه مستحيل، وأن إطلاق الأحكام
المسبقة على ما ستفعله المحكمة
الدولية أمر خطير، وأنه متمسك
بالعدالة. قال في مؤتمره الصحافي أن على «جميع
اللبنانيين والأطراف الإقليمية ألاّ
تحكم مسبقاً على النتيجة، وألا تتدخل
في عمل المحكمة». وأضاف رداً على سؤال
حول مذكرات التوقيف التي أصدرتها
السلطات القضائية السورية، «إن عمل
المحكمة القضائية المستقلة يجب ألا
يتم التدخل فيه، لا من طريق قرارات ولا
من طريق إجراءات تتخذها أية دولة أو أي
أفراد في لبنان أو خارجه. هذا واضح
وثابت. لا يمكن أحداً أن يتدخل أو يطلق
الأحكام المسبقة على قرارات وإجراءات
المحكمة. وإلا، لن نتمكن من تحقيق
إنهاء الإفلات من العقاب». وقال إن
المحكمة الدولية «مستقلة ولها ولاية
واضحة من مجلس الأمن لتقوم بكشف
الحقيقة وبإنهاء الإفلات من العقاب»،
و «هذا عمل مهم ويجب أن يمضي الى الأمام»
و «يجب أن تسير عملية العدالة الى
الأمام». رد بان كي مون على الذين حمّلوه مسؤولية
انهيار الاستقرار إذا لم يلغ المحكمة
ومسيرة العدالة وقال: «إن الأمن والسلم
والاستقرار السياسي في لبنان يجب أن
تكون أموراً مستقلة عن العملية
القضائية التي يجب أن تمضي الى الأمام».
كما ذكر «أن موقف الأمم المتحدة ثابت:
إننا سندعم عمل المحكمة والحكومة
اللبنانية ملزمة بتنفيذ التزاماتها
بتمويل المحكمة». هكذا حسم بان كي مون
كل الجدل والمساومات على صيانة
الاستقرار ونسف العدالة. باراك أوباما لم يحسم أمره من هذه
المسألة، وما زال الانطباع سائداً بأن
إدارته تبدي تفهماً لمتطلبات نسف
العدالة بذريعة أن البديل هو نسف
الاستقرار. باراك أوباما لم يدقق، كما
هو واضح حتى الآن، في ما يجري في الساحة
اللبنانية. إنه وإدارته، في شبه غيبوبة
لا يستوعبان معنى الأحداث الجارية في
لبنان. قد يكون الرئيس الأميركي متمسكاً بسياسة
الاحتضان والتأهيل والترغيب مع كل من
سورية وإيران لأنه يريد الهرولة من
العراق بأي ثمن. إذا كان ذلك حقاً ما
يسيّر سياساته، فانه على موعد مع
مفاجآت مؤلمة. والأفضل أن يستوعب
أوباما أن ما يحدث في لبنان اليوم هو
عملية إفشال لسياسته. ففي ساحة لبنان
ينطلق انتقام إيران من العقوبات
الدولية المفروضة عليها، إنما
الانتقام سيمتد الى دول الخليج وكذلك
الى العراق. في ساحة لبنان، هناك استدعاء لحروب
مذهبية وحروب بالوكالة، والخوف كل
الخوف ألا يكون سلاح «حزب الله» وحده
الطاغي وإنما أن تدخل التنظيمات
والفصائل الفلسطينية المسلحة الحروب
المتعددة، المذهبية منها والعقائدية
وتلك المكلفة بها بالوكالة. وهو ما
يمكن أن يؤدي الى استدعاء القوات
السورية للعودة إليه باسم استتباب
الأمن. باراك أوباما المرشح رفع راية العدالة
وتعهد بصيانتها. باراك أوباما الرئيس
يبدو صامتاً مختبئاً وخائفاً، وهذا ما
تُدركه الحنكة السياسية السورية
والإيرانية. ولذلك كان هذا التجرؤ على
المطالبة بإلغاء محكمة دولية أنشأها
مجلس الأمن ودفعت نحوها الولايات
المتحدة وفرنسا على السواء. فرنسا تعاني من تخبط سياساتها نحو لبنان،
إذ انها عملت وراء الكواليس وتدخلت في
شأن المحكمة وفي عمل المدعي العام
دانيال بلمار الى أن سمعت منه أن هذا
الأمر ليس من شأنها. الرئيس الفرنسي
نيكولا ساركوزي وفريقه قرروا أن سورية
هي الأولوية ولديها المفاتيح لإيران
وفلسطين والعراق ولبنان، فأشعروها أن
في وسعها أن تفعل ما تشاء. باعت فرنسا
لبنان في عهد ساركوزي وأوقعت إدارة
أوباما معها في سياسة قوامها سلخ سورية
عن إيران لاحتواء «حزب الله». لقد أخذت سورية ما قاله سعد الحريري بأن
وقوعه فريسة «شهود الزور» جعله يوجه «اتهاماً
سياسياً» إليها، أخذت هذا القول الى
أقصى الحدود ضد الحريري على رغم
التفاهم السعودي – السوري الذي أدى به
الى الموافقة على النطق بهذه الكلمات.
ومهما أخطأ سعد الحريري، إن بموافقته
على ترؤس الحكومة بعد فوز فريقه في
الانتخابات، أو بزيارته الأمين العام
ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله لبحث
ما قد يصدر من قرارات ظنية اتهامية
لعناصر من «حزب الله» بهدف احتواء
افرازات، أو بقوله إن اتهامه سورية في
السابق بلعب دور في اغتيال أبيه كان «اتهاماً
سياسياً»، فهو لا يستحق أن يكون محط
انتقام كما يجري الآن. إنما هذا ليس صلب
المسألة. صلب المسألة أن لبنان يقع اليوم فريسة
مقايضات وفريسة حروب بالوكالة.
والولايات المتحدة تبدو في أذهان
أهالي منطقة الشرق الأوسط غائبة عن
التفكير والتدقيق في ما يحدث وما هو
واضح في الأفق. كما أن «حزب الله» يشن
مع سورية وإيران حرباً على محكمة دولية
أنشأها مجلس الأمن بدفع من الولايات
المتحدة وفرنسا. صلب الأمر أن إدارة
أوباما، كما حكومة ساركوزي، تتملصان
من المحكمة الدولية. ليس المطلوب من باراك أوباما أو نيكولا
ساركوزي أن يدخلا طرفاً في الحروب
الآتية الى لبنان. المطلوب منهما أن
يكفّا عن توفير الذخيرة للتدخل في
لبنان، سورياً كان أو إيرانياً أو
إسرائيلياً. المطلوب منهما أن يقفا
موقفاً شجاعاً، كما الأمين العام بان
كي مون، ليحسما أمرهما من محاولات نسف
المحكمة والعدالة ومن المتاجرة
بالاستقرار في لبنان. باراك أوباما مطالب أكثر من غيره بأن يوضح
موقفه من لبنان. ذلك لأن سياساته هي
التي مكّنت اللاعبين الإقليميين من
الشعور ببالغ الثقة لدرجة المطالبة
بإلغاء محكمة أُنشئت بقرار من مجلس
الأمن بموجب الفصل السابع. فسياساته هي
التي جعلت إيران تشعر أنها فوق
المحاسبة في لبنان وأنها في علاقة
مقايضة في العراق تبيّن أن حنكتها
السياسية قادرة على ابتلاع إدارة
أوباما الناشئة. فسورية وإيران و «حزب الله» يدركون
تماماً أن لا مجال لإلغاء المحكمة
الدولية وعلى رغم ذلك فهم يصعّدون ضدها
لأسباب تتعدى استباق الاتهامات. إن ما
يفعلونه هو استغلال للفراغ لانقلاب
مصيري على كامل منطقة الشرق الأوسط.
وقد حان الوقت للرئيس الأميركي أن يلقي
نظرة على معنى هذا التحول النوعي
للمنطقة انطلاقاً مما يُعدّ للبنان. ======================= السبت, 09 أكتوبر 2010 حازم صاغيّة الحياة لم يكن السودان موحّداً طوال تاريخه، أو
بالأحرى طوال تواريخ أجزائه الكثيرة.
ومعروف أنّ الأتراك قاموا، في 1820-1821،
إبّان سلطنتهم العثمانيّة، بتوحيد «شمال
السودان» فحسب. ثمّ قرّر
البريطانيّون، في 1943، تهيئة الشمال
وحده للحكم الذاتيّ، منشئين، للغرض
هذا، مجلساً استشاريّاً. لكنّ الإدارة
البريطانيّة شرعت تتحوّل، مع انتهاء
الحرب العالميّة الثانية، عن
الاستعمار وتعمل على نزعه. هكذا انسحبت
من الهند ومن فلسطين، وقرّرت دمج
الشمال والجنوب السودانيّين في ظلّ
حكم واحد تمهيداً للجلاء عن البلد
الحديث النشأة. وثمّة من يتندّر في
السودان بأن الجنوبيّين لم يعرفوا،
إلاّ بعد عام على القرار البريطانيّ،
وإبّان «مؤتمر جوبا»، بأنّهم سوف
يوحّدون مع الشطر الشماليّ. وهذا للقول إنّ الاستعمار البريطانيّ
وحّد السودان أكثر ممّا يحتمل
السودانيّون، ضدّاً على النظريّة
الشائعة لدينا من أنّ الاستعمار إيّاه
لا يفعل إلاّ تطبيق التجزئة وتفعيل
التفريق من أجل أن يسود. والأمر هذا لا
يقتصر على السودان، إذ يمكن قوله في
بلدان عربيّة أخرى، لا سيّما العراق
حيث جُرّ الأكراد من شعرهم إلى هذا
الكيان الجديد، وبالطائرات
البريطانيّة قُصفت انتفاضتهم
الاستقلاليّة – الانفصاليّة التي
تزعّمها محمود الحفيد البرزنجي في
العشرينات. تحضر هذه التجارب وتلك التجارب المضادّة
فيما السودان يتهيّأ لاستفتاء شعبيّ
يُرجّح أن يردّه شمالاً وجنوباً
منفصلين. ذاك أنّ نقص الوحدة في
التاريخ هو ما كمّله نقص السياسة بعد
نيل الاستقلال. فبالحكم العسكريّ ساس
ابراهيم عبّود وجعفر نميري وعمر
البشير ذاك البلد، وقد تخلّل الحكمَ
العسكريّ، في سنوات مديدة منه، فرض
الشريعة الإسلاميّة على الجنوبيّين
وهم غير مسلمين. وبدورهم ردّ الأخيرون
بانتفاضات متّصلة اتّصف بها تاريخ
السودان الحديث. وهذا إذا اقتصرنا على
ثنائيّة الشمال -الجنوب، ولم نقل شيئاً
عن ثنائيّة الخرطوم - دارفور أو
ثنائيّة المهديّة - الختميّة. بيد أنّ اختيار جنوبيّي السودان الانفصال
ربّما جاء متساوقاً مع حساسيّة دوليّة
جديدة مفادها البرم بعجز شعوبنا عن أن
تغدو شعوباً وأن تقيم دولاً تتأسّس على
حدّ من الإجماعات الوطنيّة. هذا ما
ينضح به العراق واليمن ولبنان وفلسطين
وبلدان أخرى يتبيّن الآن أنّ عجزها عن
إحداث الانفصال كان أقوى الأسباب التي
أبقت على وحدتها. والعجز هذا إنّما وجد
سنده الأهمّ في حقبة الحرب الباردة
التي ربطت ثبات الخرائط بصراع
الجبّارين، الأميركيّ والسوفياتيّ،
وبتوازن القوى وتقاسم النفوذ بينهما. أمّا وأنّ الحرب الباردة قد أفُلت قبل
عقدين، فيما راحت الشعوب تكشف، بأشكال
شتّى، عن رغبتها في تفكيك نفسها، فلمَ
لا؟. ذاك أنّ الديموقراطيّة تقضي، إذا
كان لا بدّ من مرجعيّة نظريّة، تخيير
الجماعات في أمر مصيرها وفي تقريره.
والجماعات، على ما يقول عديد تجاربنا،
لا تستهويها الدولة - الأمّة التي
ينتظم العالم المعاصر فيها، بل تنجذب
إلى صيغ هي تنويعات طائفيّة وإثنيّة
ومناطقيّة على الدولة – المدينة، حيث
يقتصر الاجتماع السياسيّ على الشبيه
وشبيهه. ومثل هذا التطوّر، في حال صحّته، عنصر
إيجابيّ ومفيد، في وسعه أن يصحّح الخطأ
الاستعماريّ، خصوصاً إذا ما ساهم في
ضبط الدم وفي السيطرة على الغرائز
القاتلة. ذاك أنّ أبشع ما في هذه
الوحدات التي أقامها الاستعمار، ولا
تزال مستمرّة بقوّة الغلبة، أنّها
مصانع لدم قائم ولدم مؤجّل. ======================= الإعلام الغائب دائماً
عن قضاياه زين الشامي الرأي العام 9-10-2010 في الآونة الأخيرة انشغل الرأي العام
السوري بقضيتين، الأولى تتعلق
بالناشطة الشابة «طل الملوحي»
المسجونة منذ نحو تسعة أشهر على خلفية
نشاطها على الانترنت، والثانية تتعلق
بإصدار القضاء السوري ل 33 مذكرة توقيف
بحق شخصيات لبنانية وعربية وأجنبية،
في ما صار يعرف بملف «شهود الزور»
المتعلق بقضية اغتيال رئيس الوزراء
اللبناني رفيق الحريري. لقد كان مستغرباً أن يتصدر هذا الملف
الصفحات الأولى للصحف اللبنانية
بمختلف أطيافها وتنوعاتها السياسية في
ما بقيت وسائل الإعلام السورية بعيدة
كل البعد عن الموضوع رغم أن قاضياً
سورياً هو من أصدر هذه المذكرات، ورغم
أن هناك سوريين وردت أسماؤهم في تلك
المذكرات، ورغم من أن سورية والسوريين
ما زالوا منذ عام 2005، وهو العام الذي
اغتيل فيه الحريري، يعيشون لحظة بلحظة
كل ما يتعلق بهذه القضية، وما تركته من
آثار على سورية وعلى عموم دول المنطقة. في تفسير هذا الغياب هناك احتمالان، فإما
أن السلطات السورية لم تشأ اعطاء هذه
المذكرات بعداً سياسياً رسمياً من
خلال نشرها في الصحف الحكومية، ولا
تريد بالتالي إثارة ضجة إعلامية ولغط
سياسي قد يؤدي إلى توتير العلاقات بين
البلدين على مستوى رسمي وحكومي. وإما
أنها لا تثق في إعلامها، وأنها ما زالت
تنظر إليه على أنه إعلام قاصر لم يشب عن
الطوق وما زال تحت الرعاية، وأنها تعرف
أن لا ثقة فيه بالخارج، ولا مصداقية له. أما الملف أو القضية الاخرى التي سجل فيها
الإعلام السوري غياباً كبيراً عن قضية
باتت معروفة لكل السوريين ووصلت الى
المحافل الدولية التي تعنى بقضايا
حقوق الإنسان، فهي قضية الشابة «طل
الملوحي» التي اعتقلتها السلطات
الأمنية وبقيت متكتمة على هذا
الاعتقال نحو تسعة أشهر، وهو الأمر
الذي أثار شكوكاً بمقتلها في السجن،
إلى أن استطاع ناشطون اجبار تلك
السلطات على الكشف عن مصيرها
والاعتراف بسجنها لهذه الشابة رغم
إعلانها عن اسباب أمنية تتعلق بالأمن
الوطني هي ما استدعى التوقيف. فبعد أن انشغلت وسائل إعلام، ومنظمات
حقوقية دولية بقضية «الملوحي» لمدة
أكثر من شهرين، وبعد أن شعرت السلطات
الأمنية على ما يبدو بالحرج جراء عدم
كشفها عن الملابسات الحقيقية لتوقيف
هذه الفتاة، خرجت علينا، وفي يوم واحد،
العديد من المواقع الالكترونية
السورية المقربة من تلك السلطات لتنقل
عن «مصادر مطلعة» بأن المدونة الملوحي
قد قامت «بعمل تجسسي لصالح السفارة
الأميركية في القاهرة، وتسببت في
محاولة اغتيال ضابط أمن سوري في أحد
شوارع العاصمة المصرية بتاريخ 17 11 2009
ما أدى إلى إصابته بعاهة دائمة». وركزت المواقع الالكترونية التي نقلت
الخبر على أن اعتقال الملوحي لم يكن
على خلفية حرية التعبير ولا على علاقة
بالتدوين، بل عمدت معظم المواقع
الالكترونية لحذف تسمية «المدونة
السورية طل الملوحي» التي استخدمت على
مدار الأشهر الماضية، لتقتصر على
تسميات مختلفة، منها الشابة السورية،
المتهمة بالتجسس، الشابة السجينة بسجن
دوما». طبعاً، كانت هناك شكوك بهذه الرواية
خصوصا بعد نفي السلطات الأمنية
المصرية معرفتها بحادث اغتيال ضابط
سوري في القاهرة، لأنه وحسب ضابط أمني
مصري «لو كان حدث لسجلت وقائعه في أحد
اقسام الشرطة أو عند أحد فروع الأمن
بالقاهرة». أيضاً فإن صمت السلطات السورية طوال تسعة
أشهر على الاعتقال، وشعورها بالاحراج
بعد انتشار هذه القضية والاهتمام بها
دولياً، ربما قد يكون وراء الترويج
لهذه الرواية البوليسية المثيرة بهدف
تشويه سمعة المدونة السورية طل
الملوحي واخراجها من «قضية حرية تعبير»،
ولتخويف الناشطين من التعاطف معها. بغض النظر عن التفاصيل كلها التي
أوردناها في قضية هذه الشابة، وفي ملف
مذكرات التوقيف ال 33، فما يمكن قوله ان
الإعلام السوري كان غائباً ونائماً
طوال الوقت، ثم استيقظ فجأة لينقل عن «مصادر
مطلعة» رواية غير محبوكة بمهارة،
رواية تثير المئات من الأسئلة بدلا عن
اعطاء أجوبة حاسمة ودقيقة. طبعاً، الإعلام السوري... متفرج، لا يسأل،
لا يفكر، لا يحلل، لا يقول رأيا... كاتب سوري ======================= آخر تحديث:السبت ,09/10/2010 يوسف الحسن الخليج ما يصيب الشعوب العربية بالذعر والإحباط،
هو هذه المتوالية من القمم العربية،
والتي تبدو بلا فعالية، في ظل عجز عن
تصويب البوصلة القومية المصابة منذ
زمن بعطب بالغ . نعرف أن الذي يقع على كواهل أهل القمة،
وهي تجتمع استثنائياً في سرت اليوم،
رغم تباين المسؤوليات، قد تنوء به
الجبال . لكن التاريخ لن يرحم أمة فيها
وفرة من الموارد والعقول والخبرات،
وتواجهها كومة هائلة من المخاطر
والتحديات، إلا أنها أدمنت الاشتباك
بين أبنائها، ودُوِّلت قضاياها
الحيوية والوطنية، وصار تعليمها
متأخراً، وتنميتها مشوهة، ونسيجها
الأهلي مخلخلاً، واستقلالها منقوصاً،
وثقافتها جدباء، وأمنها القومي
مكشوفاً، وسيادة القانون غائبة . ما الذي أوصل مجتمعات هذه الأمة إلى هذا
المأزق، والأزمة العميقة المركبة؟ ما
الذي أدى إلى عجز الدولة العربية عن
إدارة العلاقات بين الناس بما يضمن
العدل والأمان، فغرقت الأمة في مناخ
الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية،
وأجواء التشنج والاحتقان والتفسخ
والنزاع، حتى دُفعت الأمة للتجمد في
هذا الزمن، وصارت العلاقات بين الدولة
والمجتمع مريضة ودخلت المجتمعات في
دورات كاملة من الفساد والترهل تتزايد
بإيقاع سريع، وغضب داخلي مكبوت،
واستغاثات مخنوقة للملايين من
المهمشين واللاجئين والفقراء . هل أصبح الاستدراك متعذراً، والوقت
متأخراً، ولم يبق سوى التسليم ورفع
الرايات البيض؟ هل انكسرت كل مفاتيح القمم العربية في
القفل العنيد للأزمات العربية
المركبة، أم أنها تربويات الفرار من
العلاج، ومواجهة الذات، هي التي
أوصلتنا إلى هذه الأوضاع البائسة، في
السياسة والتنمية والثقافة والتعليم
وإدارة الشأن العام والأخلاق؟ ألم ندرك بعد أننا نُطرد الآن من التاريخ،
بيدنا أو بيد غيرنا سيًّان، ونطرد من
الجغرافيا، وكذلك من اللغة آخر حصوننا
الآفلة، ونتذرر؟ ألم ندرك بعد مدى الاستخفاف الإقليمي
والدولي في مكانتنا، وبخاصة حينما
تتصرف “إسرائيل” كأنها تعيش في إقليم
وعالم مرتهنين لها، ولا يطمحان إلى ما
هو أبعد من رضاها؟ بأي وجه ستقابل القمة العربية قادة
إفريقيا، وبأية موازين قوى وبأية
تحالفات وبرامج؟ بعد أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً، تنعقد
القمة العربية الإفريقية الثانية،
والعرب غير العرب، وكذلك الأفارقة . .
الكل في المنطقتين مشتبك ببعضه، وموجة
التحرر والاستقلال انتهت، وأشكال
جديدة من الاستعمار الجديد والتبعية
والوجود الأجنبي والأحلاف وسياسات
الإفقار والحروب، وصلت في إفريقيا إلى
حد الإبادة الجماعية، وتربة الاستقلال
في أكثر من مكان أصابها الإنهاك
واحتمالات التفتت . رغم كل هذا الظلام، فإن “شعوبنا” (الشعب
العربي) ما زالت تنتظر أن تنفتح كوة
الأمل في الجدار، ونبدو كعرب، لم نُدر
بعد ظهورنا للقمم العربية، وما زالت
قلة حية في أمتنا لا تنوي تصديق كل هذا
الإحباط واليأس، ولا الامتثال له، رغم
عجز سلسلة القمم السابقة عن ترجمة
نداءات العقلنة والاستدراك والنهوض،
إلى سياسات وبرامج يلتئم فيها الوطني
والقومي في آن . العربي اليوم يحلم بقمة تعلن البراءة من
الإحباط والترويع المقرر على هذا
الجيل، ويحلم بقمة تعلن العصيان على
الزهايمر السياسي الذي هرَّب العمل
العربي المشترك، وعَرَض تطلعات الأمة،
في مزادات التدويل السرية والعلنية،
وشحن مجتمعات عربية عديدة بالفتن
والتوتير على مدار الساعة، وبخّر وعود
التحرير والعودة للفلسطينيين، حتى
صارت دولتهم الموعودة كلما دنت نأَت . العربي اليوم يتطلع إلى قمة يتجاوز بها
وعكته القومية، وما يعيشه من خذلان
ونزيف وإنهاك نفسي ومعيشي، وخلل في
سلمه الأهلي ولا يقين في المستقبل . الاستدراك مطلوب، من خلال المراجعة
والنقد الذاتي، وتعزيز ثقافة لا
تتواطأ على الخلل، وخطاب لا يتستر على
العيوب والخطأ، ولا يصمت على متواليات
الخراب والغلو . استدركوا يرحمكم الله، قبل البكاء على
الاطلال . ======================= الدور الأوروبي أمنية
بعيدة المنال بقلم :حسين العودات البيان 9-10-2010 شكا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من
تراجع فعالية الدور الأوروبي في قضايا
الشرق الأوسط، وطالب علناً بأن يلعب
الاتحاد الأوروبي دوراً في هذه
القضايا، وكان واضحاً أن الرئيس
ساركوزي يتوجه بطلبه هذا للإدارة
الأميركية وللرئيس الأميركي أوباما. ولم تكن لهجته تخلو من الاحتجاج، كما كان
يتوجه جزئياً للحكومة الإسرائيلية
التي لم تعد تهتم بالموقف الأوروبي،
ولا توكل أمراً للاتحاد الأوروبي ولا
لأي من دوله، باستثناء طلب المنح
والمساعدات للشعب الفلسطيني ومؤسساته
وسلطته الوطنية، وإعمار ما تدمره
إسرائيل. أما دول المنطقة الأخرى ذات العلاقة فلا
حول لها ولا طول، لا في تفعيل الدور
الأوروبي، ولا في إهماله، لأنها على
الغالب دول متلقية دون ردود فعل. لقد بدأ الدور الأوروبي بالتراجع منذ
أواسط خمسينات القرن الماضي وقبل أن
يؤسس الأوروبيون اتحادهم، وكان هذا
التراجع منسجما ومتسقاً مع تراجع
النفوذ الأوروبي والاستعمار الأوروبي
في مختلف مناطق العالم بعد الحرب
العالمية الثانية، التي خرجت منها دول
القارة العجوز منهكة وربما منهارة،
واحتاجت لمشروع مارشال الأميركي كي
تعيد بناء نفسها وتنجز إعمار ما دمرته
الحرب. وكان هذا التراجع لصالح النفوذ الأميركي
الذي بدأ يحل محل النفوذ الأوروبي
المنسحب في كل مكان، وكانت أميركا قوية
اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وساهمت
مساهمة فعالة في هزيمة النازية، وحسمت
مواقفها الاستراتيجية وقررت أن تخرج
خارج القارة الأميركية. وتتجاوز استراتيجيتها التاريخية التي
كانت مكتفية باستغلال القارة
الأميركية والهيمنة عليها (أميركا
للأميركيين)، ولم يكن لدى الدول
الاستعمارية الأوروبية القدرة على صد
النفوذ الأميركي الذي يتقدم باضطراد،
فاستسلمت للأمر، وخضعت هذه الدول
للإملاءات الأميركية، سواء منها تلك
الدول المهزومة كألمانيا وإيطاليا، أم
الدول المنتصرة والتي يعتمد تقدمها
على استمرار معونات مشروع مارشال
كإنكلترا وفرنسا. وهكذا ورثت السياسة الأميركية والجيوش
الأميركية من الأوروبيين (وخلال بضعة
سنوات) نفوذهم وقواعدهم في جنوب شرق
آسيا (الفلبين، تايلاند، اندونيسيا،
فيتنام، كمبوديا وغيرها) فضلاً عن
تواجدها العسكري في ( كوريا الجنوبية
واليابان) أما في الشرق الأوسط، فقد
طرح الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور
ووزير خارجيته جون فوستر دالاس في
خمسينات القرن الماضي مشروعهما الشهير
(إملاء الفراغ في الشرق الأوسط) أي حلول
النفوذ الأميركي محل النفوذ الفرنسي
والبريطاني المهزوم والمتراجع أمام
حركات التحرر والاستقلال في المنطقة،
وخاصة بعد فشل الدولتين الأوروبيتين
في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. ومنذ ذلك الوقت، بدأ التعاون الأميركي
الإسرائيلي ينمو ويكبر، وأدخلت
الاستراتيجية الأميركية إسرائيل كجزء
حيوي وأساسي في خططها، ولم يعد
للأوروبيين من دور سوى تقديم الخبرة
والنصيحة باعتبارهم من المستعمرين
القدماء. وتنفيذ مهمات هامشية تأمرهم بها السياسة
الأميركية، ولم تشذ سياسة الدول
الأوروبية عن هذا السلوك (باستثناء
شذوذ فرنسي قصير أيام الرئيس ديجول)
وبقي الدور الأوروبي في شؤون المنطقة
ثانوياً ومازال، أمام طغيان السياسة
الأميركية في المنطقة وفي العالم. وقد تبدى ذلك واضحاً عند صياغة قرار مجلس
الأمن 242 بعد عدوان حزيران، حيث كان
الأوروبيون منفذين للسياسة
الأميركية، ولم يكن لهم سوى شرف صياغة
القرار من قبل اللورد كارادون
البريطاني، كما تبدى في سياسة هنري
كيسنجر (الخطوة خطوة) بعد حرب 1973 التي
لم يكن للأوروبيين فيها ولا خطوة. وهاهو الدور الأوروبي يتضاءل إلى الدرجة
أن حليفاً للولايات المتحدة مثل
الرئيس ساركوزي أخذ يشكو من ثانوية هذا
الدور وعدم فعاليته، رغم أن أوروبا هي
الجار المباشر للمنطقة، وذات التجربة
التاريخية في شؤونها والعلاقات
المتنوعة معها، والأكثر تقديماً
للمساعدات والدعم من مجموع الدول
المانحة. يبدو أن الرئيس نيكولا ساركوزي أخذ
المسألة (بشروطها وظروفها) المعاصرة،
ونظر إليها من خلال أمنياته، ولم ينتبه
إلى نصف قرن من تاريخ العلاقات
الأوروبية الأميركية في المنطقة،
ومراحل تراجع الدور الأوروبي خلال تلك
الفترة والتنازل عنه إلى الولايات
المتحدة، وفشل الدول الأوروبية في
استعادة أنفاسها أمام طغيان الدور
الأميركي العالمي، وتبخُر الأمل بأن
تكون المجموعة الأوروبية هي القوة
العالمية الثانية بعد انهيار الدور
الروسي. وبالتالي بقيت المجموعة الأوروبية
موضوعياً، وضمن شروط التطور القائمة،
تتحرك في كنف السياسة الأميركية، وبقي
دورها متمماً ومساهماً في تزيين الدور
الأميركي وتخفيف فجاجته، وعلى ذلك فإن
الدور الأوروبي الفعال الذي يطالب به
الرئيس الفرنسي يندرج في الواقع تحت
باب الأمنيات، ويصعب تحقيقه لأنه لا
يمتلك شروط التحقق والنجاح. مازالت دول الاتحاد الأوروبي بحاجة جدية
وملحة للولايات المتحدة، وخاصة في
المجالين السياسي والعسكري،
فالأوروبيون يضربون بالسيف الأميركي
في مختلف أنحاء العالم، ويحتمون
بالعسكر الأميركي حيثما احتاجوا
مساعدته، وتسيطر الثقافة الأميركية
على مجتمعات هذا الاتحاد (تتجاوز
المواد الثقافية الأميركية المستهلكة
في أوروبا نسبة 60% من الأفلام والكتب
والدراسات والاختراعات وغيرها). وسيطرت أنماط الحياة الاستهلاكية
الأميركية على المجتمعات الأوروبية
بأدق تفاصيلها اجتماعياً واقتصادياً
وسلوكياً وقيماً وتقاليد، وتراجعت
اللغات الأوروبية في مختلف أنحاء
العالم بما فيها دول أوروبا نفسها
لصالح اللغة الإنكليزية (فمن كان يصدق
أن تعقد دورة في باريس لغتها
الإنكليزية رغم تعصب الفرنسيين للغتهم).
وهكذا هيمن النفوذ الأميركي متعدد
الجوانب على كل شيء في أوروبا وفي
العالم. مادام الأمر كذلك فبأي شرط موضوعي إذن
وتحت أي مبرر يطالب الأوروبيون بدور
يشاركون به الأميركيين قراراتهم؟ فلا
الشرط السياسي ولا العسكري ولا
الاقتصادي ولا الثقافي يساعدهم على
تحقيق رغباتهم، التي ستبقى أمنيات
بعيدة المنال وصعبة التحقيق. حتى لو
بعثوا رئيسة المفوضية الأوروبية
للشؤون السياسية للشرق الأوسط ألف مرة.
======================= صحيفة «غارديان» البريطانية البيان 9-10-2010 انهيار محادثات السلام في الشرق الأوسط
سوف يترك الرئيس الأميركي أوباما في
وضع حرج، ويترك حل الدولتين ممزقا. لم يتبق أمام أوباما سوى فترة محدودة
لإنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط
من الانهيار، ولم تمض سوى أشهر على
إعادة إطلاقه، وسط توقعات متفائلة
بشأن التوصل إلى حل خلال عام. عواقب
الفشل ستكون وخيمة على الرئيس
الأميركي، في المنطقة وعلى امتداد
العالم،و يحتمل أن تكون كارثية. إن رفض إسرائيل تمديد وقف بناء
المستوطنات في الضفة الغربية هو السبب
الظاهري للتوقف في المحادثات المباشرة
مع الفلسطينيين. وخلال حديثها،أخيرا،
بعد رفض منظمة التحرير الفلسطينية
مواصلة المفاوضات، قالت حنان عشراوي
عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة أنه كان
ينبغي وضع حد فاصل في هذا الشأن. وأشارت عشراوي في تصريحاتٍ لصحيفة واشنطن
بوست الأميركية بقولها: «كيف يمكنك
التوصل إلى حل الدولتين إذا كنت تلتهم
أراضي الدولة الأخرى؟» وأضافت: «يجب
على الإسرائيليين أن يفهموا بشكل قاطع
أنهم لا يمكنهم الاستمرار في ظل هذا
النهج... فلا يمكننا تحمّل ذلك بعد الآن». كذلك يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو التزحزح عن موقفه.
وتقول التقارير إنه أبلغ مسؤولين
أميركيين بأن تمديد 60 يوما لمهلة وقف
بناء المستوطنات التي انتهت في الشهر
الماضي، كما أراد أوباما، سوف يضرّ
بمصداقيته السياسية ويعرض حكومته
الائتلافية للخطر. واحتج بأن الفلسطينيين يغالون في الأمور.
وقال: «على مدار 17 عاماً أجرى
الفلسطينيون محادثات مباشرة مع
الحكومات الإسرائيلية في الوقت تواصل
بناء المستوطنات في يهودا والسامرة»،
متجاهلا إشارة عشراوي إلى أن ذلك لم
يعد أمرا مقبولا. وأشار إلى أن النشاط
الاستيطاني الجديد المحدود خلال
الاثنى عشر شهرا المقبلة لن يؤثر على
الخريطة النهائية للدولتين. وفي ظل مجريات الأمور في الوقت الراهن،
سوف تتم مناقشة هذا المأزق في القمة
العربية في ليبيا، حيث يقول الرئيس
الفلسطيني محمود عباس أنه سيسعى إلى «المشورة»
من نظرائه من القادة العرب. وإذا
أقرّوا، كما هو متوقع، بموقف منظمة
التحرير الفلسطينية، فإن المحادثات
المباشرة سوف يتم تعليقها إلى أجل غير
مسمى. يعمل جورج ميتشل، مبعوث أوباما للسلام في
المنطقة، على ممارسة الضغط على
الحكومات العربية الصديقة، ولكنه لم
يحقق أي تقدم حتى الآن. مصر، بفعل
أزماتها الداخلية، لا تستخدم ثقلها في
دفع الأمور. والتحذيرات التي أطلقها
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
حول النزاع الإقليمي الجديد يبدو أنها
لم تؤت ثمارها. وتعرض تأثير «ميتشل» للتقويض بسبب
الشكاوى من أنه بالغ في الحديث عن
مستوى التقدم الذي تم إحرازه خلال
الجولات الثلاث الأولى من المحادثات
المباشرة. فقد أشار إلى أنه تم تحقيق
مراحل تقدم سريعة، ولكن دبلوماسيين
عربا وغربيين صرّحوا بأنه لم تتم
مناقشة أي شيء بشأن المضمون. وأفادت تقارير صحافية أن عباس أبلغ
دبلوماسيين خلال اجتماع الجمعية
العامة للأمم المتحدة بأن: «نتنياهو
رفض إجراء مناقشات جادة بشأن أي من
القضايا الأساسية بعيدا عن مسألة
الأمن». وأضافت: «تقول مصادر إسرائيلية وأجنبية
إن المشكلة الرئيسية تتمثل في أن
نتنياهو يرفض عرض المواقف الأساسية أو
مناقشة حدود الدولة الفلسطينية». ======================= السفير 9-10-2010 سمير التنير قبل عشرة أعوام التقى المجتمع الدولي في
داكار وتعهد بتوفير التعليم للجميع
بحلول عام 2015. وشملت أهداف اللقاء
توسيع التعليم ورعاية الطفولة، وتوفير
التعليم الابتدائي الإلزامي
والمجاني، وتعزيز المهارات، إضافة الى
زيادة نسبة التعلم بين البالغين الى 50%،
وتحقيق المساواة بين الجنسين وضمان
التعليم النوعي للجميع. أما اليوم فالأمور بعيدة عن المسار
الصحيح. فهناك 72 مليون طفل وطفلة و774
مليون شخص بالغ لا يستطيعون القراءة
والكتابة. وامرأة واحدة بين كل أربع
نساء تفتقر حتى الى أبسط تعريف للقدرة
على القراءة والكتابة. والوصول الى عدد
تساو من الذكور والإناث في المدارس
الابتدائية بحلول عام 2005 لم يتحقق في 113
دولة. وهناك فقط 18 دولة لديها الفرصة
لتحقيق المساواة بين الجنسين في
التعليم بحلول العام 2015. ان عدم تحقيق
تلك الأهداف يؤثر على حياة الملايين
المجبرين على العمل في الحقول
والمصانع. لا يزال اهتمام الحكومات
العربية بالتعليم منصباً على زيادة
عدد الطلاب المسجلين دون أخذ جودة
التعليم بالاعتبار. وفي نفس الوقت
يعاني ملايين الأطفال في العالم من عدم
المساواة في تحصيل التعليم لأسباب لا
يد لهم فيها. كما ان وجود تقدم في تحقيق
إنجازات في بعض الأحيان اصطدم ببعض
التحديات. إلا ان ثمة خطوات اتخذت
ولكنها تبقى في مؤخرة سجلات الإنجازات
التي حققتها مناطق اخرى حول العالم.
وعلى سبيل المثال فقد ازداد معدل القيد
في التعليم قبل الابتدائي في الدول
العربية منذ عام 1999 حتى الآن بنسبة 26%
وبلغ 3 ملايين طفل في عام 2007. ولكن نسبة
القيد الإجمالية في تلك المرحلة لم
تتجاوز 18% في المنطقة العربية. وتعد تلك
النسبة من أضعف معدلات التغطية في
العالم لتلك المرحلة التعليمية. وفي مصر، وعلى الرغم من اعتماد برنامج
طموح للتوسع في التعليم في مرحلة قبل
المدرسة، إلا أن أطفال الفقراء لم
يستفيدوا من ذلك البرنامج بالشكل الذي
يحقق المساواة. وقد ازدادت حصة تلك
المرحلة من 11% في عام 1999 الى 17% في عام
2007. وعلى الرغم من تلك الزيادة إلا أن
مسحاً كشف أن 4% فقط من الطبقة الأكثر
فقراً قد استفادت مقابل 43% من أبناء
الطبقات الغنية. وفي التعليم
الابتدائي شهد متوسط نسبة القيد
ارتفاعاً مطرداً حتى بلغت تلك النسبة
84% خلال عام 2007. ومن الدول التي حققت
تقدماً كبيراً المغرب واليمن
وموريتانيا، وازدادت نسبة القيد
بمقدار 20% في تلك الدول. وعلى الجانب
الآخر هبطت تلك النسبة بصورة ملحوظة
منذ عام 1999 في كل من الأراضي
الفلسطينية 22% وسلطنة عمان 8%. وفي عام
2007 بلغ عدد الأطفال غير الملتحقين
بالمدارس 5,7 ملايين أي أقل بمليوني طفل
عما كان عليه الوضع في عام 1999 وفي هذا
المجال حققت الجزائر والمغرب واليمن
تقدماً بارزاً. ولكن الصورة تبدو أكثر
سواداً في العراق الذي يضم نسبة كبيرة
جداً من الأطفال غير الملتحقين
بالمدارس. وتعد المنطقة العربية من المناطق التي
تبرز فيها مشكلة تعليم الإناث. وتشكل
تلك الفئة أغلبية الأطفال الذين
تفوتهم فرصة الالتحاق بالمدرسة وذلك
بنسبة 61%. وفي مصر على سبيل المقال بلغت
نسبة الإناث 95% في ما يتعلق بتحقيق
التكافؤ بين الجنسين في مرحلتي
التعليم الابتدائي والثانوي. إلا أن
ثلاث دول فقط هي التي نجحت في تحقيق
المساواة في المرحلتين هي الأردن وقطر
ودولة الإمارات العربية. وفي مجال محو أمية الكبار الذي شهد
تقدماً، إلا انه لا يرقى للمعدلات
المتوسطة وقدر عدد الأميين من الكبار
بنحو 85 مليوناً في العالم العربي
ويتركز ثلثا هذا العدد في الجزائر ومصر
والمغرب والسودان. ويضاف الى كل ذلك تحد آخر هو ظاهرة التسرب
من التعليم. حيث يلتحق الأطفال
بالمدرسة، إلا أنهم لا يتحملون
المرحلة التعليمية. وتشير الإحصاءات
الى أن حوالى 31% من هؤلاء الأطفال
التحقوا بالمدارس في سن أكبر، في حين
سبق ل24% منهم الانخراط في التعليم من
قبل. وتوضح تلك النسب ان نصف الأطفال في
سن المدرسة لم يلتحقوا بها ولم يتلقوا
أي تعليم رسمي. وسجلت الفتيات 55% من هذه
الفئة. ولا تزيد نسبة الذين يودون
الانخراط في التعليم مجدداً عن 25%
منهن، وتبدد ظاهرة عدم التحاق الفتيات
بالتعليم واضحة بصورة كبيرة في دول
جنوب الصحراء الافريقية. إذ تتعدى
النسبة 72% لم يسبق لهن تلقي أي تعليم.
وهناك شكوك بشأن تحقيق هدف التعليم
الإلزامي لكل الأطفال بحلول عام 2015.
ودلت الدراسات على أنه في عام 2015 سيكون
هناك 29 مليون طفل خارج المدرسة لم يسبق
لهم تلقي أي تعليم. ويتوقع أن تضم
نيجيريا وحدها 7,9 ملايين طفل تليها
باكستان 3,7 ملايين طفل. تعد عمالة الأطفال من أهم المعوقات التي
تمنعهم من الحصول على التعليم ويقدر
عددهم في العالم بحوالى 218 مليون طفل
عامل بين الخامسة وال14 سنة. ويعمل 74
مليوناً منهم في أعمال خطيرة. وتزداد
تلك الظاهرة في أميركا اللاتينية ودول
الكاريبي. وتُطرح حلول للتغلب على هذا
التحدي متمثلة في تقديم وجبات مجانية
وحوافز مادية. أما في ما يخص التمويل فإن دول المنطقة
العربية لا تنفق على التعليم أكثر من
4,7% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي
الإمارات العربية لا تتعدى النسبة 1,6%
وفي تونس 7,7% من الناتج. ولإعطاء صورة متكاملة نوعاً ما عن الأمية
في العالم، نشير الى أعدادهم في بعض
الدول وهي كما يلي: الهند 270,1 مليونا
والصين 73,2 مليونا وبنغلادش 48,4 مليونا
وباكستان 47,1 مليونا واثيوبيا 28,9
مليونا ونيجيريا 23,5 مليونا واندونيسيا
14,8 مليونا والبرازيل 14,2 مليونا ومصر 14,2
مليونا والكونغو 10,5 ملايين وأفغانستان
9,9 ملايين والمغرب 9,8 ملايين والسودان
8,7 ملايين ونيبال 7,6 ملايين وموزمبيق 6,6
ملايين وتركيا 6,3 ملايين وتنزانيا 6,2
ملايين و6 ملايين في المكسيك و6 ملايين
في الجزائر، أما بقية العالم ففيها 155,9
مليوناً من الأميين. ======================= في نقد الكينزية: دعم
الاستهلاك أدّى إلى الإفلاس جان بيرلفاد السفير 9-10-2010 إنّ مناصري الدّين العامّ بحاجة ماسّة
إلى نظّارات تعالج بصرهم، فهم يسعون
إلى جعل الدّين العامّ المبدأ الفعّال
والدّائم في السّياسة الاقتصاديّة. هل
يعقل أنّ ما يعانونه من ضعف نظرٍ،
يجعلهم ينكرون الواقع البديهيّ؟ إنّ كلّ دولة مديونة تحتاج إلى تمويل. ففي
الدّول الّتي تعتمد سياسة الاقتصاد
المغلق، أو الّتي تتمتّع بتبادلات
مستقرّة مع الخارج، يتكفّل القطاع
الخاصّ والأشخاص فيه بالتّمويل،
فالمؤسّسات توظّف إجمالي ادّخارها في
الاستثمار، وهي في غالب الأحيان
مقترِضة. إنّ تحقيق التّوازن ما بين فرص العمل
والموارد المتاحة يستوجب أن يكون
ارتفاع معدّل ادّخار الأسر مقرونًا
بارتفاع العجز العامّ. وإذا اقترن
ارتفاع الدّين العامّ بزيادة في
إجمالي النّاتج المحلّيّ بشكلٍ
تراكميّ، فهذا يعني أنّ المواطنين
يستثمرون جزءًا متزايدًا من أموالهم
عبر إقراض الدّولة، إلاّ إذا عاشت
الدّولة على نفقة الخارج. باختصار، يُشكّل الدّين العامّ وسيلة
ملتوية تستخدمها الدّولة للاستيلاء
على قدرة الأشخاص على الإنفاق، عندما
يبدو من الوقاحة فرض الضّرائب من أجل
بلوغ الغاية نفسها. فخلف كلّ سياسة
استدانة، تتسرّب فكرة أنّ الدّولة،
باعتبارها تجسيدًا للجماعة، أدرى من
الأفراد بالحكم في شرعيّة إنفاقهم. من
هنا، يبدو كأنّ للنّظريّة الكينزيّة
صدى مدوّيا بمبدأ الجماعة أو
باشتراكيّة الدّولة، الّتي تزوّدها
الكينزيّة بنوع من الضّمانة
الأكاديميّة. هل يجوز إرغام الأشخاص على الادّخار، أي
على تخفيض إنفاقهم الخاصّ، من أجل
تمويل الإنفاق العامّ؟ هل الإنفاق
العامّ أكثر أهمّيّة من الإنفاق
الخاصّ؟ يردّ البعض على السّؤالين
بالإيجاب، انطلاقًا من أسباب فلسفيّة
غير متوقّعة أحيانًا، مثل الولاء غير
المباشر الّذي أبدته بطريركيّة الرّوم
الأرثوذكس تجاه اللّورد كينز في
الإعلان الّذي صرّحت به في شهر أيّار
2010، والّذي طالبت فيه بملغ قدره
أربعمئة مليون يورو من المال العامّ
بغية تشييد كاتدرائيّة جديدة لخلاص
البشر. ويمكننا على سبيل السّخرية، أن
نلاحظ مثل هذا الولاء لدى مدارس فكريّة
أخرى، بصورة مبهرجة: «إن شئنا تجاوز
الأزمة الأخلاقيّة والأزمة
الاقتصاديّة على حدّ سواء، فعلينا
مواصلة تشييد الكنائس، فافتتاح الورش
الجديدة من شأنه خلق فرص العمل،
ومحاربة النّزعة الفرديّة، في ظلّ
مساعدة المؤمنين على محاربة اليأس
وفقدان الانسانيّة». لنبدّل بعض كلمات
هذا الخطاب بكلمات أخرى، وسرعان ما
نتمكّن من تلقينه إلى اليساريّين
المتطرّفين. فلنكن جدّيّين ونقرّ بواقع أنّ بعض
مكوِّنات الإنفاق العامّ ملحٌّ ولا
مفرّ منه، مثل أنشطة الدّولة الّتي
تساهم مباشرة في مسألة أمن الدّولة
وتأمين سير عمل السّلطات العامّة؛ أو
حتّى بعض الخدمات العامّة الضّروريّة
لإعداد الجماعة إنسانيًّا، ونعدّ منها
التّعليم والنّظام الصّحّيّ، و... ؛ أو
أخيرًا، الإنفاق التّضامنيّ الّذي يضع
أسس الميثاق الاجتماعيّ. إنّ طابع هذه
المكوّنات، المستمرّ، والدّوريّ،
والنّهائيّ أي أنّ ما ينفق في كلّ من
هذه الميادين، لا يمكن أن يستردّ يحتّم
عليها أن تكون مموّلة عن طريق الضّرائب.
إنّ تسديد رواتب الموظّفين عبر إصدار
سندات الدّين، فضلاً عن تنظيم الإنفاق
الّذي ينتج عن القيام بأعمال الدّولة
الضّروريّة عبر القروض، يعني التّسليم
باستحالة سداد المبالغ المستحقّة من
الدّيون والقروض، وازدياد قيمة
المستحقّات إلى أجل غير مسمّى.
والشّراكة الّتي تستحقّ النّظر فيها
هي العلاقة الّتي تربط ما بين الإنفاق
العامّ والدّين العامّ. لذلك، نتساءل:
متى تكون هذه الشّراكة شرعيّة؟ ومتى
تصبح الزّيادة في الإنفاق العامّ
مستحبّة، لفترة موقّتة لا تستوجب
تمويله عبر فرض الضّرائب؟ والجواب:
عندما ينتج عن هذا الزّيادة في الإنفاق
العامّ مفاعيل إيجابيّة على مستوى
النّشاط الاقتصاديّ، تعزى أسبابها إلى
تغيّرات بنيويّة في الاقتصاد. ويبقى أن
نفهم كيف ولماذا تنتعش الدّيناميّة
الاقتصاديّة، ولو لفترة محدودة، حالما
يتمّ استبدال دولة مبذّرة بأشخاص
يُفترض أنّهم متخوّفون ومتراخون. كلّ شيء رهنٌ بطبيعة التّحويل. فإذا خفّض
الأشخاص مستوى استهلاكهم أو اسثمارهم
في سبيل تمويل هذه الزّيادة الطّارئة
على الدّين العامّ، يصبح تأثير ذلك لا
قيمة له: بما أنّ إنفاق الدّولة يرتفع
في مقابل انخفاض مستوى إنفاق الأفراد،
فيحافظ إجمالي الطّلب على مستوى ثابت.
لا ندرك ما الصّفة الأساسيّة الّتي
تجعل الاستهلاك أو الاستثمار العامّ
يتغلّب على الاستهلاك أو الاستثمار
الخاصّ، ولماذا ما يزيد في الجهة
الأولى يعادل بالقيمة المطلقة أكثر
ممّا ينقص في الجهة الثّانية. ينبغي إذًا التّركيز على سلوك الادّخار.
عمّ نتحدّث بالضّبط؟ فالادّخار مفهومٌ
مبهمٌ لا ندري إذا كان يستدعي المديح
أو الذّمّ. فالمحاسبون العامّون من
جهتهم، يرون ألاّ استثمار من دون
ادّخار يساوي قيمة الاستثمار، وعلماء
الاقتصاد القلقون يفسّرون أنّ
ارتفاعًا منتظمًا في حجم الادّخار
شرطٌ ملزمٌ للنّموّ. أمّا الكينزيّون
والمحلّلون المحترفون وغير
المحترفين، بالإضافة الى الغالبيّة
السّاحقة من السّياسيّين من جهة أخرى،
فيجدون في الادّخار عدولاً عن
الاستهلاك. لذا، الخطأ الجماعيّ في
الحكم راسخٌ جدّا: إذا اعتبرنا، عن غير
حقٍّ، أنّ الاستهلاك هو المحرّك
الوحيد للعجلة الاقتصاديّة، فهذا يعني
أنّه ينبغي محاربة الإفراط في ادّخار
الأشخاص. وتتمثّل الطّريقة الفضلى في
محاربة هذا الإفراط، في ضخّ الأموال
الزّائدة إلى الدّولة عن طريق
إقراضها، على أن تنفق الدّولة فورًا
المبلغ الّذي جمعته. وإذا طبّقنا هذا
المنطق على الضّريبة، فسيكسبها
الحسنات ذاتها كالقروض: إذا كان
الاقتطاع من الادّخار مربحًا،
فالاقتطاع الضّرائبيّ مربح حتمًا.
إذًا، ما من مبرّر على وجود الدّين
العامّ الّذي يطغى على كلّ شيء، ويشكّل
بديلاً ضعيفًا عن الضّريبة. لكن، لحسن الحظّ، هذا المنطق عارٍ من
الصّحّة. إذ يدّخر الصّينيّون نصف
مدخولهم، يدّخر الفرنسيّون 17% منه،
ويبلغ معدّل النّموّ في الصّين 15% في
السّنة، مقابل 1,5% لفرنسا. إبحثوا عن
الخطأ! لأنّ مقاربةً أكثر دقّة لا بدّ
أن تمرّ في وصف دقيق حول الادّخار
المعنيّ: فإذا كان الاقتصاد ناشطًا، أي
مستثمرًا في مشاريع تهدف إلى رفع
القدرة الانتاجيّة في دولة ما، فإنّ
تحويلها إلى الصّناديق العامّة فسيكون
من دون جدوى. إنّ استبدال الاستثمار
الخاصّ في الآليّة الانتاجيّة أو
الإسكان بالاستثمار العامّ، كما في
البنى التّحتيّة، ليس عامل نموّ بحدّ
ذاته، خصوصًا إذا كان نوع الانفاق
العامّ المموّل بهذا الشكل إنفاقًا
عمليًّا وليس إنفاقًا استثماريًا. فمن
الحماقة تضليل قدرة الادّخار الطّويل
الأمد، من أجل تمويل إدارة الدّولة. تبقى حالة واحدة تصحّ فيها النّظريّة
الكينزيّة، عندما تُنتِج الزّيادة في
حجم الادّخار الاحتياطيّ، أي ما يعرف
بالادّخار السّلبيّ، تراجعًا مباشرًا
في الطّلب النّهائيّ للأشخاص من
ناحيتي الاستهلاك والاستثمار، إذ انّ
المدّخرات الّتي يكدّسها البعض لا
تُستثمر في الاقتصاد الحقيقيّ، بل
يتمّ إيداعها على شكل سيولة، إن في
المصارف أو في شركات استثمار ذات
رأسمال متغيّر. أمّا الدّليل الدّامغ
على هذه الظّاهرة، والّذي لا يعيره
أحدٌ أيّ اهتمام، فهو الانخفاض الّذي
يُسجّل في سرعة تداول النّقود، لأنّ
الكتل النّقديّة ثابتة فيما حجم
النّشاط الكلّيّ في انخفاض مستمرّ.
يؤدّي التّراجع في الطّلب إلى نشوء
فائض في القدرة الانتاجيّة؛ وفي هذه
الحالة فحسب، يمكن أن يأتي تنشيط
الدّولة المقترضة لفائض الادّخار
الاحتياطيّ، بنتائج إيجابيّة على
النّموّ ككلّ؛ وفي هذه الحالة فحسب،
يغدو الانفاق العامّ أفضل من الانفاق
الخاصّ، إذ يتلاشى هذا الأخير
تدريجيًّا؛ وفي هذه الحالة فحسب، يصبح
الدّين الوسيلة المناسبة لعمليّة
إعادة التّأهيل الموقّتة، ذلك أنّه
يحول دون سحب أموال الأفراد الّذين
تعقد الآمال على خروجهم من إحباطهم
الإنفاقيّ في أسرع وقت ممكن، من أجل
إيجاد نظام يملؤه النّشاط الاقتصاديّ.
عندها، يبرز الدّين العامّ على أنّه
مجرّد عامل يساعد الدّورة الاقتصاديّة.
إنّ الانفاق العامّ المموّل بالقروض قد
ينعكس إيجابا على مستوى النّشاط
الاقتصاديّ. يتولّى «المضاعف الكينزيّ»
حساب الارتفاع النّهائيّ الّذي يبلغه
إجمالي النّاتج المحلّيّ، النّاجم عن
سياسة مماثلة، بالنّسبة إلى مجموع
الإنفاق الّذي لعب دورًا أساسيًّا في
تحريك الاقتصاد. وتظهر التّجربة أنّ «المضاعف
الكينزيّ» يتراوح ما بين 1 و2 في أسوأ
الأحوال الاقتصاديّة، أي عندما تواجه
الدّولة هبوطًا فعليّا ونادرًا في
استخدام القدرات الانتاجيّة غير
المستثمرة، بسبب النّقص في الطّلب.
عندها، تقوم الدّولة بسحب 100 لا تلبث أن
تعيد إدخالها في الدّورة الاقتصاديّة،
ما يحسّن عمليّة إنتاج الثّروات
بكمّيّة تتراوح ما بين 100 و200. الوضع ليس بهذا السّوء، إلاّ إذا وقعنا في
فخّ التّعميم. يمكننا توسيع نطاق
التّحليل ليشمل ليس ارتفاعه الدّوريّ
فحسب، بل أيضًا مجموع الادّخار
الاحتياطيّ الّذي يكدّسه الأشخاص.
لماذا لا نجعل من الادّخار السّلبيّ
كلّه ادّخارًا ناشطًا؟ على المدى
البعيد، لا يشكّل الادّخار الاحتياطيّ
سوى جزءٍ صغير من مدخول الأشخاص، أي من
إجمالي النّاتج المحلّيّ، ويصبح من
الضّروريّ تحقيق الاستقرار في
مستحقّات الدّين العامّ. إذا تجاوز
الأمر هذا الحدّ، سوف يفشل العلاج،
ويناقض الهدف المنشود. تلعب الدّولة، استثنائيًّا، دور المضخّة
المعدّلة لتضخّ الفائض في الخزينة
وتنظّمه، عندما يخسر التّداول
النّقديّ الطّبيعيّ في الاقتصاد
سيولته. يساهم الإنفاق العامّ،
استثنائيًّا، بمكافحة الرّكود
الاقتصاديّ. ولكن، لسوء الحظّ، باتت
نظريّة الاستثناء النّظريّة العامّة،
في ظلّ طغيان هذا التّفكير: يُظهر
معدّل الادّخار المرتفع أنّ الأشخاص
لا يستهلكون بالشّكل الكافي، فينجم عن
هذا التّقشّف تدنّي استثمار
المؤسّسات، ما يؤدّي بدوره إلى الكساد
الاقتصاديّ؛ ينبغي على الدّولة إذًا
أن تقترض لتحثّ على الإنفاق. كلّما
ازدادت قيمة مستحقّات الدّين العامّ،
ازداد معها معدّل ادّخار القطاع
الخاصّ، بحسب قاعدة التّوازن بين فرص
العمل والموارد، وكما أعلن عالم
الاقتصاد الانكليزيّ، دافيد ريكاردو،
قائلاً إنّ الأشخاص يشعرون بالقلق
إزاء حالة الأموال العامّة، فيسعون
إلى الادّخار أكثر من قبل، متوقّعين
ارتفاعًا لا مفرّ منه في معدّل
الضّرائب. وبما أنّ الأسباب المتماثلة
تأتي بنتائج متماثلة، سيبرّر ارتفاع
معدّل الادّخار بدوره، موجةً جديدة من
الإنفاق والعجز العامّين، بالنّسبة
لحكّامنا. يسهم هذا التّسلسل في شرح
الاكتشاف الّذي توصّل إليه خبيران
اقتصاديّان أميركيّان، كينيث روغوف،
وكارمن رينهارت، بعد إجرائهما دراسةً
شملت أربعين دولةً، حول العلاقة الّتي
تربط ما بين نموّ إجمالي النّاتج
المحلّيّ والدّين العامّ، على المدى
البعيد؛ فجاءت نتيجة الدّراسة قاطعة:
يؤثّر استيدان الدّول سلبيًّا على
معدّل النّموّ فيها، وكلّما ارتفع
الدّين، زادت حدّة التّأثير. أَما من حدٍّ تقف عنده هذه الدّوّامة
الشّيطانيّة حيث يجد الخطأ دافعًا
لاستنساخ نفسه، سوى انحلال الدّولة؟
هذا الحدّ قد بلغناه. ويعود الفضل في
ذلك إلى تطبيقنا النّظريّة الكينزيّة
طوال ثلاثين عامًا لم تشهد ولادة
موازنة عامّة متوازنة... أتُرانا خضنا
ركودًا مستمرًّا؟ ها نحن على شفير
الإفلاس بعد ثلاثين عامًا من دعم
الاستهلاك، ولم نشهد نموًّا أكبر من
الّذي شهدته الدّول المجاورة. فالدّين
العامّ، إلاّ في ظروف استثنائيّة، ليس
بمقوٍّ بتاتًا، إنّما هو عالة على
الاقتصاد. إنّنا الآن في أمسّ الحاجة إلى تنظيم
أمورنا، غير أنّنا لا نسمع سوى
الإرشادات ذاتها: لا تستعجلوا بتقليص
العجز، فهذا سيضرّ بالقليل من النّموّ
المتبقّي، مع العلم بأنّ العجز بلغ هذا
الاتّساع بسبب النّصائح السّيّئة
الّتي أسديت إلينا. انطلاقًا من
الأسباب نفسها الّتي توسّعنا في عرضها
آنفًا، ومفادها أنّ الإنفاق العامّ
والدّين العامّ من دون جدوى، لا بل هما
في ارتفاع مستمرّ؛ لهذه الأسباب
بالذّات، لن ينجم عن تقليص الإنفاق
والدّين العامّين ركودٌ اقتصاديٌّ، بل
على العكس، سيؤدّي ذلك إلى نموٍّ يوازي
معدّل ادّخار الأشخاص. سيحلّ الإنفاق
الخاصّ بمكوّنيه الاثنين، الاستهلاك
وتمويل الاستثمارات الانتاجيّة، محلّ
الإنفاق العامّ. يعتبر نصف الشّعب
الفرنسيّ اليوم أنّ فرنسا ستكون بعد
عشر سنوات عاجزة عن سداد ديونها. إذًا،
من دون شكٍّ، يتمثّل أفضل استثمار عامّ
اليوم، في العمل على استعادة الثّقة من
خلال التّخلّص من الدّين. نعم، ينبغي
تخليص الشّجرة من الطّفيليّ الّذي
يتآكلها. عندما يتمّ تطهير الفكر السّائد الّذي
شكّلته النّظريّة الكينزيّة المطبّقة
بشكل سيّئ، يسعنا أخيرًا أن نفكّر في
شروط النّموّ الحقيقيّة... عن صحيفة «لوموند». ======================= المفاوضات الفلسطينية
الاسرائيلية والضمانات الاميركية ايوب سالم عالية الرأي الاردنية 9-10-2010 البحر الذي احترق او غارت مياهه، او هي
السفينة التي غرقت قبل ان تبدأ، هذا هو
نهج التفاوض الاسرائيلي.. اللاعقلانية
والرفض والتعنت واللامعقولية في
مواجهة الحق والشرعية، فمن دوامة الى
اخرى.. وكلما اضاءت طريق اطفأها
الاسرائيليون باشتراطات ودوافع
جديدة، وسعوا الى الابتزاز وصرف
المفاوضات عن المسائل المهمة الى
المسائل الشكلية، كأنهم يريدون
للفلسطينيين التيه نفسه الذي كتبه
الله عليهم.. فالمشاوير والجولات
المكوكية التي قام بها الوسيط
الاميركي للسلام في الشرق الاوسط لمدة
عام تقريبا، لم تفلح اطلاقا بالتوصل
الى اتفاق على جدول اعمال المفاوضات
بين الفلسطينيين والاسرائيليين.. فما
بال شهرين تسعى ورقة الضمانات
الاميركية لاسرائيل لتمديد وقف
الاستيطان الجزئي هل تفلح هذه المدة
باحراز اختراق؟ نعم يمكن ذلك اذا تصورت
الادارة الاميركية ان المرحلة المقبلة
قد يحدث فيها اختراق، او ضمن صفقة
معينة تُعد لها هذه الادارة. ويأخذني قلق متزايد بشأن ورقة الضمانات
الاميركية، فإن أشد ما اخشاه ان تتضمن
هذه الضمانات احدى الامور التالية: فهي
إما تتضمن اعترافا اميركيا بنقاء دولة
اسرائيل، كما يطالب نتنياهو رئيس
الوزراء الاسرائيلي في كل تصريحاته
وبشرطه للبدء في المفاوضات مع
الفلسطينيين او ان تحمل هذه الضمانات
تعهدا اميركيا، بالقاء مسؤولية فشل
المفاوضات على الجانب الفلسطيني الذي
ستتهمه بانه لم يستغل الفرصة الجديدة
لانجاح هذه المفاوضات، وان الجانب
الاسرائيلي بقبوله تمديد وقف البناء
في مدينة القدس وغيرها من مدن الضفة
الغربية كان جادا في سعيه للسلام، لذلك
فان الفلسطينيين هم الذين أفشلوا هذه
المفاوضات، ولا يغيب عن البال انه ربما
تحمل هذه الضمانات اعترافا اميركيا
بان القدس عاصمة أبدية لاسرائيل، كل
ذلك يجب وضعه في الحسبان، مما يلزم
القمة العربية المقبلة وضع
استراتيجيات لمواجهة هذه المواقف
ومواجهة فشل المفاوضات وعدم وقف
الاستيطان. وقد يقول قائل انه قد اخذني الشطط وما
اقوله غير واقعي.. لكن المسألة ببساطة
هو ان واقع الادارات الاميركية منذ عهد
الرئيس الاميركي جونسون الى الرئيس
الاميركي جورج بوش الابن هو الذي يرد
على ذلك.. كما ان الادارات الاميركية،
لا تستطيع إلا ان تكون منحازة لاسرائيل..
على انني اود ان اقول: إن وزير خارجية
الرئيس الاميركي كلينتون وفي خطاب له
قد غيّر الحقيقة وقال ان العرب هم
الذين بدأوا الحرب عام 1967. وإذ نعود الى لجنة المبادرة العربية لبحث
مسألة الاستيطان والمفاوضات
الفلسطينية الاسرائيلية فانني ارى ان
الخيارات امامها محدودة، في ظل التعنت
الاسرائيلي واستمرار سياسة الاستيطان
الاسرائيلية وفي ضوء تطورات الوضع
الفلسطيني وتجربة المفاوضات المتوقفة
والتي لم تحقق أي بارقة، تجعل
الفلسطينيين يصرون – مثلا – على
استمرار المفاوضات والتي كانت اسرائيل
تنتهكها بين فينة واخرى، وتوافق رسميا
على البناء في القدس خصوصا، وفي مناطق
شتى من الاراضي الفلسطينية وتواصل
سياسة القمع والابعاد. ======================= هل أوباما مستعد
لمواجهة الصين؟ افتتاحية
كريستيان ساينس مونيتور الأميركية الرأي الاردنية 9-10-2010 استفزاز الصين
لليابان بشأن جزر سينكاكو، يظهر حاجة
الرئيس الأميركي باراك أوباما لأن
يكون على استعداد لنشوب أزمة في آسيا.
يجب عليه أن يمنح التشجيع لليابان،
ويرسل إشارة واضحة في هذا الصدد إلى
بكين. بعد ما يقرب من
عامين على تولي الرئيس الأميركي مهام
منصبه، لا يزال لم يُختبر كقائد أعلى
للقوات المسلحة الأميركية خلال مواجهة
متوترة، كأزمة الصواريخ الكوبية على
سبيل المثال، أو احتجاز الرهائن
الإيرانيين، أو الغزو العراقي للكويت،
أو أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ولكنه
من الأفضل أن يعد العدة لمثل هذه
المواجهة في آسيا. في الشهر
الماضي، كشّرت الصين عن أنيابها مع
اليابان، الحليف الآسيوي الرئيسي
للولايات المتحدة. وبدا أن بكين تختلق
أزمة مع جارتها الضعيفة، عندما تعمد
قبطان قارب صيد صيني الاصطدام
بسفينتين تابعتين لخفر السواحل
الياباني قرب جزر سينكاكو. على امتداد
أكثر من قرن، كانت اليابان تسيطر سيطرة
قانونية واضحة، على تلك الجزر الصخرية
غير المأهولة بالسكان الواقعة قرب
أوكيناوا. ولكن ذلك لم يمنع الصين من
السعي أخيرا إلى الاستحواذ على هذه
الجزر من أجل موارد النفط البحري فيها،
أو لتظهر للجميع، لاسيما البحرية
الأميركية، من هو الزعيم الجديد في
المياه الآسيوية. المذهل في الأمر
أن الصين صعّدت الحادثة بعد قيام
اليابان باعتقال القبطان، وقامت بالرد
من خلال وقف صادرات المعادن الحيوية
إلى اليابان، وإلقاء القبض على أربعة
يابانيين كانوا يقومون بزيارة إلى
الصين. بل قبل الحادثة، كانت هناك حشود
للبحرية الصينية بالقرب من الجزر. وبعد أسبوعين من
ردود الأفعال المعادية، أذعنت اليابان
أخيرا وأطلقت سراح القبطان في الرابع
والعشرين من سبتمبر، ولكن ليس قبل ما
شهدت الدول الآسيوية الأخرى إلى أي
درجة بلغ بطش الصين. الأزمة لا تزال
قائمة، والصين واليابان تطالب كل
منهما الأخرى بتقديم الاعتذارات.
وتدرس طوكيو ما إذا كانت ستضع قواتها
النظامية قرب جزر سينكاكو. وبذلك تكون الحادثة إنذاراً للرئيس
أوباما، للتأهب لقيام الصين مجددا
باستعراض عضلاتها بطريقة خطرة. غير أن
استراتيجية الأمن القومي للرئيس
أوباما، هدفها في المقام الأول هو
التركيز على إعادة بناء الولايات
المتحدة. وتنظر الصين هذه
الأيام إلى الولايات المتحدة على أنها
ضعيفة، فالاقتصاد الأميركي يعاني
الركود، والعديد من كبار المسؤولين في
إدارة أوباما، مثل كبير موظفي البيت
الأبيض«رام إيمانويل» ووزير الدفاع
روبرت غيتس، يتركون مناصبهم، والرئيس
يريد إجراء تخفيضات كبرى في «البنتاغون»،
وبدأت القوات الأميركية مغادرة العراق
خلال العام الجاري، ويخطط أوباما لبدء
الانسحاب من أفغانستان العام المقبل. ومنذ عام 2009،
أصبحت الصين أكثر حزما في آسيا.
وأخيرا، قالت لجيرانها إنهم «دول
صغيرة» بينما الصين «دولة كبرى»، لذا
فلا ينبغي أن يتوقعوا علاقات متساوية
إن هذه الفظاظة تثير مخاوف المواجهة،
خاصة وأن الصين توسع من نطاق قوتها
البحرية. يمكن لأوباما أن
يساعد اليابان، من خلال تشجيعها على
زيادة الإنفاق العسكري، والاستثمار في
اقتناء مزيد من الأسلحة الدفاعية. وستستضيف اليابان قريبا مؤتمر قمة دول
آسيا والمحيط الهادئ، وهذا يتيح
الفرصة لأوباما ليوضح موقف الولايات
المتحدة من الإجراءات القسرية التي
تتخذها الصين، واستعداده للتعامل مع
الأزمة في المنطقة. ويجب إقناع
الصين بأن هناك مجالاً رحبا في آسيا
للدول الكبرى، للتعاون من أجل الأمن
والرخاء. لكن إلى أن تنظر الصين إلى دورها باعتباره
دور المساهم الحميد في آسيا، يجب أن
يكون الرئيس الأميركي على استعداد
لكبح جماح الصين، إذا حاولت لي ذراع
جيرانها بطريقة امبريالية، أو جعلهم
رهنا للتهديدات. ======================= هذه الغطرسة الصهيونية
داخل أمريكا إلى أين؟! ياسر الزعاترة الدستور 9-10-2010 تحدثنا سابقا عن الإذلال غير المسبوق
الذي تعرض له أوباما من قبل نتنياهو
ومن روائه اللوبي الصهيوني ، والذي جاء
كما يبدو نتاج سوء تقدير من قبله لحجم
النفوذ الصهيوني في بلاده ، أو بتعبير
أدق سوء تقديره لحجم الاعتدال في
الدوائر الصهيونية ، حيث اعتقد أن في
تلك الدوائر من يمكن يشكلوا صوتا آخر
غير صوت اليمين المعروف ، لاسيما بعد
ظهور منظمة "جي ستريت" التي حاولت
تشكيل صوت آخر يختلف عن صوت "الإيباك"
المعروف بتطرفه. ما جرى كان مجرد دلالة أخرى على حجم
النفوذ الصهيوني الذي أخذ يبلغ
مستويات غير مسبوقة ، ويؤكد بدوره أننا
إزاء متوالية رهيبة ليست في وارد
التوقف ، لاسيما بعد اختراقهم الكبير
للحزب الجمهوري عبر الكنائس
المعمدانية الجنوبية التي تخرج منها
جورج بوش الابن ، هم الذين كان نفوذهم
التقليدي أكثر وضوحا في الحزب
الديمقراطي. وعندما يتمكنون من ليّ
ذراع المؤسسة العسكرية ، كما تبدى
مؤخرا في عجزها عن تغيير الموقف من
الملف الفلسطيني رغم محاولتها ذلك ،
فذلك يعني أن الوضع قد بلغ مستويات
رهيبة ، ولم يعد بالإمكان الجدال حول
من يستخدم من: (أمريكا أم الدولة
العبرية؟). لم يكن ما جرى لأوباما هو المؤشر الوحيد
على طغيان القوة الذي يشعر به الصهاينة
، إذ أن المؤشرات ما زالت تتوالى دون
توقف ، وآخرها ما جرى لمذيع البرامج
الشهير في محطة (سي إن إن) "ريك
سانشيز" الذي أجبر على الاستقالة
بعد تصريحات كان جزء منها بحق المذيع
الكوميدي اليهودي "جون ستيورات" (وصفه
بالمتعصب) ، حيث اعتبرت مسّا باليهود
رغم أنها تعكس الحقيقة بالفعل ، مثل
تساؤله عما إذا كان هناك يهودي يعاني
البطالة ، أو إشارته الواضحة إلى هيمنة
اليهود على وسائل الإعلام. قبل ذلك بأسابيع كانت ذات المحطة قد فصلت
الصحفية "أوكتافيا نصر" من عملها
بسبب إبدائها الإعجاب بالشيخ الراحل
السيد محمد حسين فضل الله ، رغم أنها
سرعان ما اعتذرت عما بدر منها. قبل بأسابيع أيضا كانت الصحافية
الأمريكية الشهيرة "هيلين توماس"
تتعرض لحملة بشعة ، حيث اضطرت إلى
الاستقالة من عملها ، وذلك بعد قولها
في تصريحات صحفية إن "على اليهود أن
يذهبوا إلى بولندا أو ألمانيا أو
الولايات المتحدة أو أي مكان آخر". القصص على هذا الصعيد كثيرة ، وهي دائما
ما تحدث منذ سنوات ، لكنها تكاثرت خلال
السنوات الأخيرة ، ويبدو أنها ستتصاعد
على نحو يرهب أي أحد يفكر في انتقاد
اليهود (يحدث مثل ذلك في أوروبا) ، مع
العلم أن ثمة خلطا واضحا بين اليهود
وبين الدولة العبرية ، إذ أن أي نقد
لسلوك دولة الاحتلال غالبا ما يصنف على
أنه انتقاد لليهود أو عداء للسامية. تشير هذه المعادلة إلى أمرين ، أولهما
استحالة التعويل على أي موقف أمريكي
معتدل حيال القضية الفلسطينية أو
القضايا العربية عموما إذا كان
للصهاينة رأي آخر ، أما الثاني فهو أن
هذا الغلو والتطرف في الطغيان اليهودي
داخل الولايات المتحدة وفي عدد من
الدول الأوروبية (على رأسها فرنسا) لا
بد أن يؤدي إلى إثارة النخب السياسية
والثقافية ، وربما الشارع عموما ضد
اليهود ، الأمر الذي لن يحدث في المدى
القريب ، لكنه سيحدث في يوم ما ، لأنه
ما من أقلية يصل حدود طغيانها إلى هذا
المستوى من دون أن تستثير الغالبية
وتدفعها إلى الانقلاب عليها (نموذج
البرامكة في الدولة العباسية ، ونموذج
اليهود في أوروبا قبل المرحلة الأخيرة).
======================= عن الطائفية والعلمانية
والديماغوجيا العربية احمد ابو بكر 2010-10-08 القدس العربي في ظل مطالب النخب بترسيخ مبادئ الدولة
المدنية نجد المظاهرات ترج المحروسة
من شمالها لجنوبها للمطالبة باظهار
سيدة مختفية في ظل رفض قداسة البابا
لاظهار المرأة (تردد ايضا انه هدد
بالصوم والاعتصام اذا تدخل الأمن
لاستجواب المرأة المحتجزة باحد
الاديرة). واذا كان هذا موقف الرجل ذي السلطة الاعلى
ورأس الكنيسة الارثوذكسية في البلاد
فما هو موقف الرجل المسيحي العادي؟ ثم
ما معنى تسليم الأمن لسيدة تركت بيتها
بمحض ارادتها للكنيسة؟ وننوه هنا انه
لا يعنينا اطلاقا اذا كانت هذه السيدة
قد أسلمت ام لا، او لماذا تركت زوجها
لخلاف عائلي او لأي سبب اخر، فهي لن
تنقص من المسيحية ولن تزيد الاسلام،
انما ما يثير التعجب هو خلط الدين
بالسياسة في امور وفصلها في امور اخرى،
فنحن جميعا نشجب الحركات الاسلامية
والاخوان ولا نشجب المواقف الغامضة
للكنيسة في مثل هذه المواقف وضغطها
بورقة اقباط المهجر وحتى ورقة تأييد
الوريث في الانتخابات، ما يثير الاسى
هو دخول بعض الشيوخ والقساوسة في حرب
في خطب الجمعة ووعظ الاحاد، فما ان
تهرب فتاة مع حبيبها او عشيقها او لسوء
المعاملة من الزوج او الاب الا وتندلع
المظاهرات ويتهم المسيحيون المسلمين
بخطف الفتاة اذا كانت الفتاة مسيحية،
او يتهم المسلمون فرق التبشير باختطاف
الفتاة لتنصيرها اذا كانت الفتاة
مسلمة، افيقوا يا ناس، من اراد فليتنصر
او يسلم او حتى يكفر ان شاء، فالله وحده
يحاسب الناس يوم القيامة في ما كانوا
فيه يختلفون، ما فائدة التجمهر
والمظاهرات والتشنج؟ ما نجنيه من هذا
هو تكسير المحال والسيارات واضاعة
الوقت واهدار الملايين نظرا لاهدار
وقت العمل وتعطيل المرور. لا ننكر ابدا وجود تجاوزات فجة وعنصرية
بغيضة بحق شركاء الوطن، ولكن اذا اراد
النظام تهدئة الكنيسة بعقد بعض
الصفقات الخبيثة واعطائهم بعض السلطات
التنفذية فهذا لعمري سيكون سقطة مروعة
من سقطات هؤلاء المفلسين فكريا ممن
يشتركون في صنع القرار، الحل الوحيد
والعادل هو اعطاء المسيحيين حقوقهم
وقتل العنصرية وعدم الاكتفاء بافطار
الوحدة الوطنية المزعوم. الحل قد يكون
اسهل مما نتصور حينئذ سوف يتسنى للدولة
محاسبة كل المتجاوزين من دون الخوف من
رد الفعل، فلا نامت اعين الجبناء. ارى ان تصريحات الانبا بيشوي سكرتير
المجمع المقدس والرجل الثاني في
الكنيسة ظهرت في وقت مناسب جدا،
فلطالما سمعت من بعض الاخوة المسيحيين
اعتقادهم مثلا ان اللغة او على وجه
الدقة الكتابة القبطية هي اصل الكتابة
الفرعونية، في تحد صارخ للتاريخ
والحقيقة، لا احب ايضا الخوض في صغائر
الامور وعن دخول العرب الى مصر واسلمة
السكان (الاصليين) وكل هذه الاقاويل
المرسلة، اريد فقط ان اقول انظروا الى
البلاد المجاورة ولسوف تعرفون ماذا
فعلت بهم ولهم الفتن. يظهر من حين لاخر من ينادي بالعلمانية،
خصوصا في وقت ظهور الفتن بين ابناء
الوطن الواحد، وان كان من ينادون
بضرورة تحويل البلاد الى العلمانية
واللحاق بركب الدول المتقدمة قد نسوا
او تناسوا ان اغلب الانظمة في الدول
العربية هي انظمة شمولية علمانية تحظى
بدعم الغرب العلماني، فماذا قدمت
العلمانية لنا؟ ثم ان خطاب التحليل
العربي توقف عند الترجمة او التفسير
الكلاسيكي لمعنى العلمانية، وهو فصل
الدين عن الدولة، وهذا كان حال
العلمانية في اوائل ومنتصف القرن
التاسع عشر، لكن مع توحش الانظمة
الحاكمة وبسط الدول لسيطرتها على
الحياة الخاصة للافراد، ثم ظهور قوة
اعظم وهي السوق الذي لا يخضع لاي
معايير اخلاقية قد فرغت العلمانية من
معناها الضيق ليتحول فصل الدين عن
الدولة الى فصل الفرد عن جميع القيم
الاخلاقية والدينية. كما قال المرحوم
الدكتور الجليل عبد الوهاب المسيري. ثم انه لمن العجب العجاب ان نظل طوال عقود
ننسخ ونفصل النموذج الغربي ليصبح
النبراس والقدوة، مع العلم اننا في كل
مرة نحاول ان نضع التعديلات العربية
ليصبح النموذج ملائما لامتنا العربية،
كدت اموت من الضحك ذات مرة ابان ندوة
كان الماركسيون فيها يستشهدون بآيات
القرآن الكريم لاقناع الحضور، وتمنيت
لو هب ماركس من قبره ليرى هؤلاء
المرتزقة وهم يتلونون، واذا كان خطاب
العلمانيين العرب يستشهد بالنموذج
الروسي الذي ركب قطار العلمانية، هم
نفس من كانوا يهللون بالامس القريب
للشيوعية السوفييتية ومواجهتها للغرب
الامبريالي. الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اول من
اسس الدولة المدنية، واول من اوصى
بالمواطنة بين المسلمين وغيرهم من
الملل، والاسلام اول من اوجب الشورى،
فلماذا ننسخ المصطلحات الغربية مثل
العلمانية والديمقراطية الملائمة
للغرب بقيمه وثقافته ولكنها لن تكون
ابدا صالحة للعرب عموما بمسلميه
ومسيحييه. انها الديماغوجيا العربية التي لا تكل
ولا تمل من استيراد النموذج الغربي
واستنساخه لتفرغه من معناه الاصلي
ليصبح كالمسخ، علينا ان نعرف ان ما
لعمر لعمر وما لقيصر لقيصر. ' كاتب ومفكر مصري باريس ======================= القيادات والرموز بين
المحاسبة والتقديس د ماهر الجعبري 2010-10-08 القدس العربي هل يعرف الحق بالرجال ؟ أم تعرف الرجال
بالحق ؟ سؤال بسيط عند البحث الفكري
صعب عند الممارسة، وخصوصا بعدما أصبح
كثير من الأتباع في بعض الحركات
والتنظيمات في حالة من "التقديس"
السياسي أو الفكري للقادة والرموز
الذين يمثلونهم، وكأنه يستحيل عليهم -عقلا
وشرعا- أن يخطئوا، فكيف بهم أن ينجرّوا
إلى مسارات سياسية ومتاهات فكرية
باطلة، تصب في خدمة الغرب المعادي
للأمة الإسلامية. إن حالة التقديس هذه ليست جديدة على "ثقافة
الاستسلام" أمام الغلبة السياسية
والعسكرية للغرب خلال القرن الماضي،
حيث تمثلت واضحة جلية في تقديس
الزعامات العربية، حتى خرجت مصر
للشارع تطالب المنهزم ألا يستقيل،
وغنّت بغداد لسفّاحها، وحفظت ليبيا
"آيات" الكتاب الأخضر، وقدّمت
المشايخ التعازي فيمن ذبحها في سوريا. عفا الزمان عن الخوالي ودار، وتعرّت
القيادات وهي تهرول نحو الكيان
اليهودي الغاصب فتمد له يد السلام بل
وتعمل على حراسة أمنه وحدوده، بينما
تحرّك جيوشها "لاجتثاث" جيوش
العراق من الكويت، ولحماية الجنود
الأمريكان من غضبة أمة وهي تشاهد
امتهان الكرامة في "أبو غريب"،
ولا زال في الدار من يقدّس: إذ تطالعنا وكالة معا بمناشدة من رئيس
تحريرها لرئيسه "لا تفعلها يا أبا
مازن"، في مشهد تقديس يتكرر، وكأن
"الرئيس" بطل قد خاض الحروب
التحريرية حتى لم يبق شبر في جسده إلا
وفيه طعنة من سيف أو رمية من رمح وكان
رئيس التحرير قد ذكر أنه شاهد "الرئيس"
يقرأ القرآن، ولكن يبدو انه لا يلاحظ
أن طواف الرئيس على العواصم من أجل
دويلة تدوسها أقدام جنود الاحتلال
اليهودي وأن سعيه نحو المفاوضات هو تحد
لمفاهيم الآيات التي يقرأ، وخصوصا
عندما قال مخاطبا لليهود: أعطونا دولة
وخذوا أمنا لم تحلموا به، فأي معنى
لقراءة آية العداوة الشديدة لهؤلاء
اليهود إذا كانت العين تقرأ بينما اليد
ممدودة لحفظ أمنهم . ورغم صعوبة هذا المشهد ومرارته، فالحقيقة
أن هذا التقديس ليس مستغربا في بيئة
سياسية تعلن أنها لا تحمل مشروعا
إسلاميا، ولكنّ المستهجن هو ما يجري من
تقديس لقيادات تقول أنها تحمل مشروعا
إسلاميا، حيث يلاحظ المتابع للحوارات
السياسية بين أتباع "المقاومة
الإسلامية" حالة من التقديس أكثر
فظاعة من تقديس الرؤساء، إذ أن معايير
"الثقة بالقيادة وبحكمتها" قد
جعلت تلك القيادة فوق الأفكار ... وفوق
الأمة ... وفوق المحاسبة ... وفوق التاريخ
... بل وفوق المستقبل، في حالة غريبة من
التقديس، لا يمكن أن تقبلها أمة منحطة
في الفكر فكيف تقبلها أمة إسلامية
راقية. ولتصوير ذلك المشهد، لا بد من التساؤل: هل يمكن لأنصار حكومة حماس أن يسألوا رئيس
حكومتهم في غزة ما معنى "السلام
العادل" الذي يتحدث عنه في نغمة
تزداد تصاعدا ؟ هل هو مصطلح جديد يدخل
قاموس المقاومة ويبطل ما أنشده
السابقون من ألحان التنفير من الحلول
السلمية والدعوة للنفير، من مثل "لا
تحلم الحل السلمي إنس الأوهام" ؟ هل
كانت تلك الدعوات هذيانا وجاءت ساعة
الحق وصار للسلام العادل واقعا يتطلع
إليه رئيس تلك الحكومة؟ وهل يمكن أن يسألوا رئيس المكتب السياسي
عن قصده عندما يتحدث أن المفاوضات
تحتاج إلى أوراق قوة ؟ وهل يدعو لأن
تكون المقاومة ورقة ضغط على طاولة
المفاوضات ؟ وهل قدّم الشهداء أرواحهم
لكي يتمكّن المفاوض الفلسطيني من
تحسين موقفه ؟ بل هل يمكن أن يسألوا وكيل وزارة الخارجية
في حكومتهم عن قصده من "خطأ العمليات
الاستشهادية" ؟ لا شك أنها أسئلة مرّة في حلوق من
يقدّسون، وهي أسئلة لا تصح لأنها في
سياق "التشكيك في حكمة القيادة"
التي لا تخطئ ! ولا شك أنها أسئلة حرجة، وأن طرحها يستفز
القائد والمقود، ولذلك فإن أفضل وسيلة
للهروب من إجاباتها وهو بالتخندق خلف
مفهوم "الثقة بالقيادة وبحكمتها"،
مما بات معنى من معاني التقديس السياسي.
ثم إن هذا التقديس لم يقف عند حد
السياسيين، بل وصل إلى ما يشبه "العصمة"
لبعض مشايخ الفضائيات، حتى صار نقد
تصريح لأحد أولئك المشايخ يمجّد فيه
حكومة الشيشان ويجدّف فيه بعكس تيار من
جاهد ضد تلك الحكومة، هو أمر غير لائق
في حق شيخ جليل من شيوخ الأمة، وخصوصا
أن نقده يخدم "الخصوم" في رام الله
! متى يمكن أن يسأل الأتباع قياداتهم وأي
نقطة تلك التي تعتبر تجاوزا للخط
الأحمر ؟ يمكن أن تتدحرج المفاهيم السياسية في
هبوط بطيء حتى تلتقي مع ما طرحه من سقط
أولا، وإذا لم يمتلك الأتباع الإرادة
والجرأة السياسية للمسائلة، فليس ثمة
من مستقبل إلا المزيد من السقوط، وتكون
الطامة أكبر عندما يحرّم الأتباع على
الآخرين مجرد المسائلة لقيادتهم! إنها حالة خطيرة في ميزان الوعي السياسي،
إذ هي تسليم وانقياد أعمى خلف قيادات
تعلو لديها نبرة الغزل السياسي
للأنظمة والقوى الدولية، وتزحف نحو
منابر العلاقات الدولية، سيرا على خطى
من سبقوها بغصن أخضر وبندقية، حتى غابت
البندقية بل تحولت وجهة فوّهتها، ولم
يبق إلا الغصن الأخضر للأعداء،
والبندقية للرفقاء. وهي حالة خطيرة وفي ميزان الحكم الشرعي،
إذ هي على تناقض تام مع مفهوم المحاسبة
الشرعية التي مارستها الأمة حتى مع
خلفائها الراشدين المبشرين بالجنة.
فلقد أصابت امرأة وأخطأ عمر، أما هؤلاء
الرموز وأولئك القادة فإنهم مصيبون
والأمة كلها بنسائها ورجالها مخطئة.
ولقد رفع الرجل صوته في وجه عمر
الخليفة وهدده، أجل هدده بالقوة
والسيف إذا اعوجّ أمره، أما هؤلاء
القادة والرموز فلا يجوز بحقهم إلا
الخشوع والخضوع، ويجب تبرير كل قول أو
فعل على محمل الحكمة التي لا تتكشف
للبسطاء، لأنها مما لا يعلم تأويلها
إلا المخضرمون في ساحات العلاقات
الدولية. ماذا لو وقف رجل أمام قائد فصيل أو أمام
"رئيس بلدية غزة الإسلامية" –ولا
أقول أمام قائد أمة- وقال له: لو وجدنا
فيك اعوجاجا وقبولا بحل الدولتين
لقاومناك سياسيا؟ كيف يمكن أن يكون حال
أولئك المقدّسين لذلك القائد ! إن الناس عندما تكون مبدئية تلتف حول
أفكارها وتحميها من السقوط، وتكون
الرجال حارسة للأفكار والمبادئ. أما عندما تهبط فهي تلتف حول رجالاتها،
وتسخّر أفكارها لخدمة أولئك الرجال،
وعندها يصير طبيعيا عليها أن تعرف الحق
بالرجال الذين تقدّسهم، وتستمر في
الهبوط. كاتب فلسطيني ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |