ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 31/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

هل اسرائيل دولة أبارتهيد؟

الجمعة, 29 أكتوبر 2010

جهاد الخازن

الحياة

هل اسرائيل دولة أبارتهيد أو تفرقة عنصرية؟ أجيب: طبعاً وحتماً وبالتأكيد، غير أنني من الفريق الآخر وشهادتي مجروحة، لذلك أتوكأ اليوم على المرجع الأول في الموضوع، وهو جنوب أفريقيا التي اخترعت حكومة البيض فيها نظام التفرقة العنصرية حتى سقطت وسقط الأبارتهيد معها.

ليس لي من فضل في ما يلي غير الاختصار والترجمة عن تقرير أصدره مركز أبحاث العلوم الإنسانية في جنوب أفريقيا حمل العنوان «هل اسرائيل دولة أبارتهيد؟» وعرضه فرانسيس ريميلارد من جمعية «سلام عادل في الأرض المقدسة» الذي سأل في البداية، «هل ممارسات اسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، هي جرائم استعمار وأبارتهيد بموجب القانون الدولي؟».

للرد على السؤال كلّف المركز الجنوب أفريقي باحثين وضع تقرير قانوني عن الموضوع هدفه درس الوضع من وجهة نظر غير متحيزة أساسها القانون الدولي بدل الدخول في جدال سياسي، وقد استغرق عمل الباحثين 15 شهراً، تناولوا خلالها القوانين الدولية ذات العلاقة والوضع القانوني، والقوانين المرعية الإجراء في فلسطين التاريخية من أيام العثمانيين والقوانين الإسرائيلية وتفنيد زعمها ان القانون الدولي لا ينطبق على ممارسات اسرائيل.

القانون الدولي يحدد الابارتهيد على انه نمط مؤسساتي للتفرقة العنصرية بموجب قوانين تسنّها الدول لتسيطر جماعة عرقية على جماعة أخرى وتضطهدها.

التقرير يقول إن هناك ثلاثة أعمدة أبارتهيد تستعملها أنظمة الأبارتهيد للسيطرة:

الأول، تسن الدولة قوانين تفضيلية لهوية محددة، ثم تسن قوانين تعطي الهوية المختارة أفضلية وتميّز ضد المجموعة غير المختارة.

الثاني، تفرّق الدولة السكان في مناطق جغرافية على أساس الهوية، والجماعة المختارة تُعطَى الأفضلية في الوصول الى الأرض والماء والموارد الأخرى، وتستفيد الدولة من خدمات الجماعة غير المختارة المحصورة في تجمعات تتقلص باستمرار.

الثالث، الدولة تصدر قوانين أمنية وسياسات هدفها قمع معارضة الحكم، وتنفذها من طريق الاغتيال والتوقيف الإداري والتعذيب والمعاملة الإنسانية والمهينة والسجن لأعضاء الجماعة غير المفضلة.

على أساس الأعمدة الثلاثة السابقة قررت الدراسة الجنوب أفريقية «ان اسرائيل منذ سنة 1967 قوة احتلال عدوانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن احتلال هذه الأراضي أصبح مشروعاً استعمارياً يقوم على نظام أبارتهيد».

أريد قبل أن أكمل أن أقول، مرة أخرى، ان حكومة نتانياهو الفاشستية لا تمثل كل الإسرائيليين، ومثلاً «اللجنة الإسرائيلية ضد هدم البيوت» تبنت تقرير مركز الأبحاث الجنوب أفريقي، واللجنة من نوع عشرات جماعات السلام الإسرائيلية التي تعارض سياسات الحكومة.

لا أستطيع في هذه العجالة سوى الاختصار، والتقرير ادانة شاملة لكل جوانب السياسة الرسمية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

تحت العمود الأول للأبارتهيد أوضح التقرير ان اسرائيل تمنع النمو الطبيعي في الأراضي المحتلة، وتحصر الفلسطينيين ضمن حدود بلديات المدن والقرى وترفض 90 في المئة من طلبات ترخيص بناء البيوت، وقد دمرت ألوف البيوت. وفي المقابل، فهي تعطي المستوطنين فوائد من نوع جنسية اسرائيلية فورية وسكن ودعم مالي ودراسة مجانية. وإذا أقام الفلسطيني في بلد أجنبي أو حصل على جنسيته يمنع من العودة الى القدس الشرقية، كما لا يسمح للذين فروا سنة 1948 و1967 بالعودة والمطالبة بممتلكاتهم، كما انها تمنع لم شمل العائلات، وتحد من حقوق النقابات وحرية التعليم والصحافة.

تحت العمود الثاني وجد التقرير ان اسرائيل ارتكبت كل مخالفة ممكنة للقانون الدولي فهي صادرت 50 في المئة من أراضي الضفة الغربية لفائدة اليهود على شكل مستوطنات ومحميات ومناطق عسكرية مغلقة، وحولت مياه نهر الأردن و87 في المئة من المياه الجوفية في الأراضي الفلسطينية الى اسرائيل والمستوطنات غير الشرعية، وتركت 13 في المئة فقط من الماء لحوالى 2.5 مليون فلسطيني، ويدفع الفلسطيني ثمناً للماء أربعة أضعاف ما يدفع المستوطن ويحصل على 10 - 64 ليتراً من الماء مقابل 274 الى 450 ليتراً للمستوطن، والوضع في قطاع غزة أسوأ حيث 90 الى 95 في المئة من الماء لا يصلح للشرب.

العمود الثالث عن قوانين الأمن لقمع المعارضة وكيف يحاكم الفلسطينيون أمام محاكم عسكرية تخالف القوانين الدولية، ومع اعتقالات جماعية، ومحاكمة أطفال، ومنع التجمع والاحتجاج على سياسة الأبارتهيد.

اختصرت كثيراً من عرض مختصر أصلاً لتقرير كتبه الخبراء الأصليون في موضوع التفرقة العنصرية، وهو ادانة من ضحايا الأبارتهيد للدولة الوحيدة الباقية في العالم التي تزعم انها ديموقراطية. (التقرير الكامل متوافر عبر الإِنترنت وأستطيع أن أرشد القارئ الراغب الى كيفية الحصول عليه).

====================

"إسرائيل" والدلال النووي

آخر تحديث:السبت ,30/10/2010

عبدالزهرة الركابي

الخليج

وأخيراً كشفت القناة الثانية في التلفزيون “الإسرائيلي” عن صور نادرة لأحد أكثر المواقع الأمنية حساسية في الدولة الصهيونية، وهو المفاعل النووي في وادي (الصرار - شوريك) في وسط فلسطين المحتلة، وأشارت إلى أن المفاعل ليس مخصصاً فقط للأغراض المدنية، كما كان هو الشائع، بل هو يستخدم أيضاً لأهداف عسكرية، وأفادت هذه القناة أن هذه هي المرّة الأولى التي يسمح فيها لوسائل الإعلام بالتقاط صور في هذا المفاعل، الذي تزعم “إسرائيل” أنه مخصص للأغراض المدنية فقط .

 

وإذا كانت الدولة الصهيونية (مدللة) على صعيد الحصول على الأسلحة المتطورة جداً من أمريكا، فإن هذا الدلال أيضاً تظهر به على الصعيد النووي، عندما تجد حماية وتغطية من أمريكا وسائر الدول الغربية، بحيث إنها ظلت عصية على الامتثال لمبدأ المكيال الواحد على الصعيد النووي، وليس بعيداً هو ما جرى في أواخر شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما أخفقت السياسات العربية بقضها وقضيضها مرة أخرى في فيينا، بعدما لم تفلح في تمرير مشروع قرار غير ملزم، حيث لم يتمكن من كسب ما يكفي من أصوات الدول داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليطالب الدولة الصهيونية بالتوقيع على معاهدة الحد من الانتشار النووي، إذ أحبطت أمريكا بمعية الدول الغربية، والدول السائرة في فلكها، المشروع العربي بل تباهت بذلك، متذرعة بأنه يصب في مصلحة السلام .

 

لا أحد يشك في أن “إسرائيل” الدولة النووية السابعة في العالم بعد أمريكا، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والهند، وباكستان، وبغض النظر عن تفصيلات وحجم وعدد الأسلحة النووية التي تمتلكها منذ عقود عدة، فإن هذا الدلال النووي “الإسرائيلي” هو أكبر من برهان على عدائية أمريكا تجاه العرب في كل المحافل، وإن السياسات التي ما زالت تعتبرها صديقة بشكل أو بآخر، إنما هي تعوّل على السراب في إحقاق العدالة واستعادة الحقوق العربية والحفاظ على المصالح العربية، نظراً لأن الواقع سياسياً وعسكرياً وأمنياً يشي بهذه العدائية .

 

إن الدولة الصهيونية بعد حقبة سياسة الغموض النووي التي اتبعتها، نراها في هذه المرحلة تبدأ سياسة سافرة في هذا الصعيد، من خلال السماح التدريجي لوسائل الإعلام “الإسرائيلية” بتصوير بعض منشآتها النووية مثلما أسلفنا، وقد يكون تصوير المفاعل النووي “الإسرائيلي” المذكور، يأتي على منوال (أول الغيث قطرة)، ومن الطبيعي أن هذا الكشف لم يأت اعتباطاً أو سهواً أو مجاملة لوسائل الإعلام، بل هو عمل مقصود ومتعمد كتدشين لسياسة “إسرائيلية” مدروسة، غرضها وهدفها ترهيب العرب بالأمر الواقع من جهة، ومن جهة أخرى تريد التأكيد لسياسات المنطقة أنها صاحبة السطوة النووية الوحيدة في المنطقة، وعلى السياسات التي ما أنفكت عن الممانعة والتصدي، أن ترضخ وتماشي اللعبة “الإسرائيلية” والأمريكية في ما يخص (السلام) .

 

وبهذا الواقع، فإن الدولة الصهيونية في هذه المرحلة، مرحلة الكشف الإعلامي المحدود عن بعض منشآتها النووية، تجد نفسها مرتاحة نووياً، بعدما قضت على التطلعات النووية العربية معنوياً وعملياً حتى هذا الوقت، وهي تعمل بجهود متواصلة وسرية للقضاء على التحديات والتهديدات النووية القريبة، إذ قامت في الفترة الأخيرة بعمليات عسكرية وإلكترونية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وفي هذا السياق كشفت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية عن إمكان أن يكون جهاز الموساد “الإسرائيلي” هو المسؤول عن الانفجار الذي وقع في قاعدة عسكرية إيرانية، وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن الانفجار كان عملية أخرى ضمن سلسلة عمليات نفذها الموساد لعرقلة التقدم الإيراني في البرنامج النووي .

 

وربطت الصحيفة الفرنسية بين الانفجار واختطاف علماء إيرانيين وتخريب في معدات تكنولوجية، إضافة إلى زرع فيروس “ستوكسنت” في حواسيب المفاعل النووي في “بوشهر” أو (نتانز)، كما وقع انفجار في 12 أكتوبر/تشرين الأول في قاعدة (الإمام علي) التي تبعد 480 كيلومتراً جنوبي غربي طهران قرب الحدود الإيرانية العراقية، وفي حينه قالت السلطات الإيرانية إن الانفجار لم يكن متعمداً، بل نجم عن حريق اندلع في مخزن للذخيرة، وقد قتل في الانفجار 18 شخصاً، وأُصيب نحو 10 آخرين . وبحسب “لو فيغارو”، فإن القاعدة المشار إليها تمتد على مساحات واسعة، وتربط بينها أنفاق حفرت تحت جبال زغروس، وخُزنت صواريخ (شهاب) تحت الأرض لحمايتها، ورأت الصحيفة نفسها أن الانفجار في القاعدة هو ضربة شديدة لقدرة إيران على حماية منشآتها الحساسة .

 

إن هناك حرباً سرية تدور رحاها بين إيران والدولة الصهيونية، وربما تأتي العمليات “الإسرائيلية” الأخيرة بما فيها تنفيذ عملية بحرية سرية ضد قاعدة بحرية في البحر الأحمر تقع قبالة الشواطئ السودانية، رداً على إحراق قاعدة زاويته “الإسرائيلية” في شمال العراق .

====================

في انتظار أوباما

آخر تحديث:السبت ,30/10/2010

عصام نعمان

الخليج

كثيرون من القادة والساسة في العالم ينتظرون باراك أوباما . ينتظرون ما سيفعل به ناخبو بلاده في الانتخابات النصفية يوم الثلاثاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل . هل يُقبلون على انتخاب مرشحي حزبه الديمقراطي بنسبة مئوية عالية ليبقى الحزب محتفظاً بأكثريته المريحة في مجلس النواب وبوضعه المقبول في مجلس الشيوخ، أم أنهم سيفضلون انتخاب مرشحي الحزب الجمهوري المعارض؟

 

نتيجة الانتخابات مهمة جداً للرئيس الأمريكي، كما لكثيرين من القادة والساسة في مختلف مناطق العالم، ولاسيما في المنطقة العربية . هي مهمة لأوباما لأن السيطرة على الكونغرس شرط لتشريع الكثير من القوانين غير العادية واللازمة لاستكمال اصلاحاته في جميع الميادين، ولاسيما في الميدان الاقتصادي . وهي مهمة للقادة والساسة الذين يعتمدون على الولايات المتحدة مالياً لدعم ميزانياتهم غير المتوازنة، وعسكرياً لدعم دولهم حيال دول مجاورة تناصبهم العداء، وسياسياً حيال خصومهم المعارضين في الداخل .

 

في فلسطين المحتلة، يراهن محمود عباس على أوباما لتعاود إدارته ضغطها النسبي على حكومة بنيامين نتنياهو من أجل تجميد الاستيطان لجعل استئناف المفاوضات المباشرة مع “إسرائيل” أمراً ممكناً . هذا الرهان مهدد بالسقوط إذا خسر حزب أوباما في الانتخابات لأن الجمهوريين، الأكثر تعاطفاً مع “إسرائيل” من الديمقراطيين، لن يمكّنوا أوباما من الضغط على أصدقائهم الصهاينة .

 

في المقابل، ينتظر نتنياهو نتيجة الانتخابات الأمريكية ليعرف كيف سيتعاطى مع أوباما . فقد تحسّب لاحتمال احتفاظ حزب الرئيس الأمريكي بالسيطرة على الكونغرس، كما لفقده هذه السيطرة . صحيفة “معاريف” أوردت أن لرئيس الوزراء “الإسرائيلي” خطة سياسية لتجميد أعمال البناء في المستوطنات فترة قد تستمر ثلاثة أشهر من أجل الافساح في المجال لمعاودة المفاوضات مع الفلسطينيين . إذا فاز حزب أوباما في الانتخابات، فإن نتنياهو سيعرض الخطة عليه خلال زيارته واشنطن الشهر المقبل . إذا اخفق الحزب الديمقراطي في الاحتفاظ بالكونغرس فإن نتنياهو سيطوي الخطة أو قد يشترط على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة كثمن لتجميد الاستيطان فترة محدودة .

 

في لبنان، ينتظر الأطراف جميعاً نتيجة الانتخابات الامريكية . رئيس الحكومة سعد الحريري وحلفاؤه من قوى 14 آذار يتمنون فوز الجمهوريين لأنهم أكثر تصلباً من الديمقراطيين حيال المقاومة اللبنانية وسوريا الداعمة لها ما يؤدي إلى مضاعفة أمريكا دعمها للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان . لذلك يلجأ الحريري إلى ذرائع مختلفة للتهرب من المخارج التي تُعرض عليه، محلياً واقليمياً، لمعالجة مسألتي “شهود الزور” والمحكمة بانتظار اتضاح اتجاه الريح في واشنطن .

 

معارضو الحريري لا يعلّقون أهمية على نتيجة الانتخابات الامريكية لأن كلا الحزبين المتنافسين معادٍ للمقاومة ومؤيد للمحكمة الدولية . لذلك فهم ينتظرون الحريري ولا ينتظرون أحداً غيره ليبت في المخارج التي تُعرض عليه . وقد تردد أخيراً أنهم تحسبوا لامكانية تصلب الحريري إذا ما قيض للجمهوريين أن يفوزوا فقرروا حسم مسألتي “شهود الزور” والمحكمة قبل 2/11/2010 .

 

لعل ما يشجع معارضي الحريري على تسريع البت بالقضايا العالقة معه موقفُ سوريا من الولايات المتحدة وسياستها في المنطقة . فقد اتضح من تصريحات الرئيس بشار الأسد مؤخراً أن سوريا لا تتوقع موقفاً إيجابياً من أمريكا، لا حيال لبنان ولا فلسطين ولا حيالها تحديداً . لماذا؟ لأن “الرئيس في أمريكا غير قادر وحده على القيام بإنجازات كبرى عندما لا تكون المؤسسات داعمة له” . ماذا عن المؤسسات؟ انها، ولاسيما اللوبيات (أي جماعات الضغط)، واقعة تحت تأثير الصهاينة ولا تتوقع منها سوريا أي خطوة ايجابية حتى لو اقتصرت على إرسال سفير لواشنطن إلى دمشق . مع العلم أن الرئيس السوري يبدو غير مهتم أبداً بأن يرسل الأمريكيون سفيراً . فهذا الأمر “يخص أمريكا ويخدمها ولا يضر سوريا . . . نحن سفيرنا موجود في أمريكا، وهو يخدم مصالحنا وليس العكس” .

 

في العراق ينتظرون أيضاً نتيجة الانتخابات الامريكية . ينتظرونها ليعرفوا ما إذا كان الجمهوريون المحتمل فوزهم سيتمسكون بالاتفاق الضمني الحاصل بين ادارة أوباما وطهران بشأن تجديد ولاية نوري المالكي في رئاسة الحكومة أم أنه سيكون لهم موقف آخر .

 

العرب، أو بعضهم، ينتظرون اذاً أوباما . ماذا ينتظر الرئيس الأمريكي من الناخبين في بلاده؟

إنه يستشعر بقوة وطأة المد الجمهوري الذي يهدد حزبه الديمقراطي، ولاسيما في ولايات الساحلين الغربي والشرقي التي لم تكن في خانة المنافسة إذ تعكس استطلاعات الرأي فيها ارتفاع ضغوط الجمهوريين . وفي حين يحاول أوباما، ومعه سلفه بيل كلينتون وقف الزخم الجمهوري بمخاطبة اجتماعات انتخابية واسعة في الولايات الحاسمة وتسويق الورقة الاقتصادية الاصلاحية للحزب الديمقراطي، يرد الجمهوريون باستغلال النقمة الشعبية على ارتفاع معدل البطالة (7،9 في المئة) على المستوى الوطني الرسمي، ولكن أكثر من 10 في المئة استناداً إلى الخبراء، والبطء الشديد في عودة الثقة إلى المستهلك، وتفاقم عجز الميزانية، والتكلفة العالية لإصلاح الضمان الصحي وخطة انقاذ المصارف .

 

ثمة ترجيحات قوية بأن يفوز الجمهوريون فيسيطرون على مجلس النواب بغالبية ضئيلة، وأن يقلّصوا عدد الاعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ من 57 عضواً إلى 52 من مجموع مئة . وفي حال تحققت هذه التركيبة الجديدة للكونغرس فإن أوباما سيجد نفسه مضطراً إلى ممارسة نمط جديد من الحكم وإلى التخلي عن خطط إمرار قوانين اصلاحية استثنائية كإصلاح النظام المالي أو الضمان الصحي، إذ سيضطر إلى استرضاء الجمهوريين بقوانين تعزز التجارة الحرة والاستثمار في الطاقة أو اصلاح نظام الهجرة .

 

هل من تغييرات ستطرأ على سياسة أوباما الخارجية في الشرق الأوسط؟

سيكون الجمهوريون، غالباً، اكثر تشدداً من أوباما في أفغانستان، ومع إيران وربما حيال أي حكومة في العراق تتوافق طهران ودمشق على دعمها . أما في لبنان، فالأرجح أن يمارس الجمهوريون تصلباً إزاء المسائل الخلافية بين فريقي 8 و14 آذار اكثر مما تمارسه حالياً ادارة أوباما .

 

في فلسطين المحتلة، سيرتاح نتنياهو، وفريقه الحاكم لفوز الجمهوريين لأنهم أكثر تعاطفاً مع “إسرائيل” في هذه الآونة من الديمقراطيين وأكثر عداء لقوى المقاومة العربية والاسلامية التي يعتبرونها حليفة قوية لسوريا وإيران .

ودول عربية لن تبتئس لفوز الجمهوريين المتشددين إزاء إيران، لكنها ستشعر قطعاً بالإحراج إذا ما تسبب فوزهم بضغط على أوباما لوقف “ضغطه” المحسوب والمحدود على “إسرائيل” لتجميد الاستيطان بضعة أشهر من أجل عودة المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين .

====================

السودان والعراق.. والبقية تأتي!

بقلم :ممدوح طه

في الأسبوع الماضي كشف موقع «ويكيليكس» الموجة الثانية لوثائق البنتاغون السرية حول أهوال وجرائم الحرب لقوات الاحتلال الأنجلوأميركية وعملائها المحليين وشركاتها الأمنية ضد المواطنين العزل وضد وحدة العراق العربية، وكان الموقع قد كشف في الموجة الأولى تلك الجرائم الحربية والعمليات القذرة لقوات الغزو الأطلسية ضد المدنيين العزل في أفغانستان الإسلامية..

 

وفي كل يوم تتكشف وثائق سرية أميركية جديدة لتضع النقاط على الحروف في أوراق إسرائيلية قديمة تفك ما قد يعتبره البعض ألغازاً، وتفضح المتآمرين والمجرمين في الخارج والداخل، وتكشف مزيداً من الأسرار في الحرب الصهيوأميركية الخفية والسافرة ضد العرب والمسلمين، وتشير بأصابع الاتهام في وقائع محددة للأعداء وللعملاء على السواء.

 

خصوصاً بالغزو والاحتلال والعدوان، وبارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي إشعال الحروب الأهلية بسيناريوهات انفصالية شريرة في عدد من الدول العربية الفاعلة في الصراع العربي الصهيوني القريبة والبعيدة عن فلسطين المحتلة على السواء، لإعادة رسم الخرائط الشيطانية في المنطقة العربية استكمالاً لمؤامرات التقسيم الأنجلوفرنسية للوطن العربي في (سايكس بيكو) عام ,1916.

 

وفي الأسبوع الماضي عرضت جانباً من اعترافات إسرائيلية رسمية نشرتها الصحف العبرية وبعدها الصحف العربية عام 2008، على لسان آفي ديختر وزير الأمن الداخلي الصهيوني في حكومة أولمرت، يكشف فيها الغطاء بلا مواربة عن الدور التآمري الإسرائيلي بدعم أميركي سافر وإسناد أوروبي مستتر ضد الدول العربية وخاصة ضد وحدة السودان..

 

واليوم أعرض لجانب آخر من الاعترافات الإسرائيلية التي تكمل مع الوثائق السرية التي كشفها موقع ويكيليكس طبيعة تلك الحرب القذرة الخفية والمعلنة ضد الشعب العراقي العربي المسلم كجزء من حروبهم ضد الشعوب العربية والإسلامية.

 

حيث عرض «ديختر» في محاضرته التقديرات الإسرائيلية الاستراتيجية للموقف الأمني في الساحات المحيطة بإسرائيل والخطط التقسيمية والفتنوية الطائفية والمذهبية والعرقية المطلوب اتباعها صهيونياً لضرب الأمن القومي العربي لضمان الأمن الصهيوني، بادئاً بالحديث عن فلسطين ثم لبنان وسوريا، مروراً إلى العراق وإيران، منتهياً بتقديراته للسيناريو الصهيوني تجاه السودان ثم مصر.

 

حول الدور الإسرائيلي في العراق كشف وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق ديختر بنص أقواله النقاط التالية:

 

«لقد حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا.. إن العراق تلاشى كبلد متحد وكقوة عسكرية، وخيارنا الاستراتيجي هو بقاءه مجزءاً..

 

إنّ تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية تشكل أهمية استراتيجية للأمن الصهيوني. إن تحليلنا النهائي وخيارنا الاستراتيجي هو أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسماً ومعزولاً داخلياً بعيداً عن المحيط الإقليمي العربي والإسلامي».

 

ويواصل الوزير الإسرائيلي قائلاً «ذروة أهداف إسرائيل هو دعم الأكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الأمنية لتأسيس دولة كردية مستقلة في شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان.

 

إسرائيل لم تكن بعيدة عن التطورات فوق هذه المساحة منذ عام 2003، وهدفنا الاستراتيجي مازال عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي لأننا نحن أول المتضررين. سيظل صراع إسرائيل على هذه الساحة فاعلاً طالما بقيت القوات الأميركية التي توفر لنا مظلة وفرصة لكي تحبط أية سياقات لعودة العراق إلى سابق قوته ووحدته».

 

ويضيف قائلاً «نحن نستخدم كل الوسائل غير المرئية على الصعيد السياسي والأمني لتحييد العراق في الصراع ضد إسرائيل عن طريق تكريس أوضاعه الحالية، إن تحييد العراق ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر، تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملاً كاملاً.

 

كان من المستحيل على إسرائيل أن تحققه بالقوة ضد العراق، فقامت الولايات المتحدة بما لم يكن بمقدورنا القيام به إلا بوسيلة واحدة وهي استخدام ما بحوزتها من «السلاح النووي»!

 

انتهى الاقتباس.. ليبدأ فصل الالتباس لدى الذين لا يجيدون إلا جلد الذات وتحميل المجني عليه المسؤولية سواء في العراق بالأمس أو في السودان اليوم، ويبرّئون الجاني الذي كفانا باعترافاته عناء البحث الطويل والجدال العقيم، وليتضح مما عرضت من اعترافات ديختر للذين يتعامون عن المتآمرين الحقيقيين على وحدة وسلامة وسيادة العراق والسودان وغيرهما هم نفس المتآمرين المجرمين، بنفس السيناريو الأسود ولذات الأهداف الشريرة.

 

أليست هذه المؤامرة على العراق بالأمس هي نفس المؤامرة على السودان اليوم، وهو ما حدده المسؤول الإسرائيلي الأمني الأول من هدف صهيوأميركي ضد السودان بقوله بالحرف الواحد:

 

«الهدف هو تفتيت السودان وشغله بالحروب الأهلية لأنه بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه يمكن أن يصبح دولة إقليمية قوية، وأنه يجب ألا يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا بأن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربي.. لأن سوداناً ضعيفاً ومجزأً وهشاً أفضل للأمن القومي الإسرائيلي من سودان قوي وموحد وفاعل».

 

وهي السياسة الإجرامية الاستراتيجية نفسها التي اتبعها الحلف الإسرائيلي الأميركي بدعم «الناتو» ضد اللاحلف العربي الإسلامي في كل البؤر المشتعلة أو المتفجرة بفعل تلك المؤامرات الاستعمارية الفتنوية ونتيجة لعدم الرد الجماعي العربي الإسلامي الجدي لمواجهتها ومعاقبة مرتكبيها، سواء في أفغانستان وباكستان، أو في فلسطين والعراق واليمن ولبنان أو في الصومال والسودان.

 

ليبقي السؤال.. أليست الاستجابة الجدية لهذا التحدي التفتيتي هي الواجبة الآن؟ وهل من استجابة حقيقية لتحدي مؤامرة الفتنة والتقسيم سوى «الوحدة» أو حتى «الاتحاد» العربي والإسلامي، لإحباط تلك المؤامرة الواحدة ضد كل الأجزاء؟!

كاتب مصري

====================

لعبة النهاية في أفغانستان تبدأ بمساعدة من روسيا

صحيفة «إندبندنت» البريطانية

البيان

30-10-2010

اللعبة الكبرى تعيد تأكيد نفسها. فالرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف سوف يشارك بقمة «ناتو» في لشبونة قريباً، حيث يتوقع أن يعرض تقديم المساعدة للمهام العسكرية للتحالف العسكري الغربي في أفغانستان، التي تواجه بعض المتاعب.

 

وهناك احتمال ضئيل بأن ترسل روسيا قوات إلى أفغانستان، ولكن على الرغم من ذلك فإن هذا يعد تحولاً ملحوظاً في مجرى الأحداث. فبعد مرور عقدين من انسحاب قوات الاتحاد السوفييتي السابق من أفغانستان، واحتلال دام أمده عشر سنوات كارثية، وأودى بحياة 15 ألفاً من القوات الروسية، تعود موسكو للمسرح مجدداً.

 

فمن المقرر أن يقوم مهندسون روس بتجديد مشروعات البنية التحتية، بما في ذلك محطات توليد الكهرباء، التي تم بناؤها خلال فترة الاحتلال السوفييتي، ومن أجل تقديم مروحيات لقوات حلف «ناتو».

 

لروسيا مصلحة أمن قومي واضحة بشأن استقرار أفغانستان، فموسكو لا تريد أن تعم الفوضى جنوب حدودها، عندما ترحل قوات «ناتو». إلا أن هذه الصفقة هي أيضاً مشبعة بالسياسة الواقعية. وفي مقابل التأييد الروسي سيسحب الحلف دعمه لجورجيا، وأيضاً سيكبح جماح طموحاته في التوسع في أوروبا الشرقية.

 

ويعتبر هذا بمثابة حبوب علاجية مريرة بالنسبة ل «ناتو» يصعب ابتلاعها. ولكن لا يوجد له خيار آخر. وفهو في موقف ضعيف للغاية في أفغانستان في الوقت الراهن، وسوف تبدأ أميركا في سحب قواتها في الصيف المقبل، برغم الضغوط من القادة العسكريين الأميركيين من أجل الاحتفاظ بالتزام مفتوح. كما أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، صرح بشكل قطعي أنه يريد خروج جميع القوات البريطانية بحلول عام 2015.

 

وأعلنت دول أخرى من حلف «ناتو» منذ فترة طويلة أنهم ليسوا مهتمين بمضاعفة مشاركة قواتهم. والبعض منهم، مثل هولندا، سحبت بالفعل قواتها. تتجه الدول المجاورة لأفغانستان لاتخاذ إجراء، كما يُظهر الإعلان الأخير، يتعلق بالكشف عن تحويلات مالية من إيران إلى الرئيس الأفغاني حامد قرضاي. وتسرع كل من باكستان والهند للانطلاق في هذه المعركة من أجل ممارسة نفوذها في هذا البلد.

 

ويستعد الرئيس قرضاي لرحيل قوات «ناتو» من خلال التقارب مع عناصر داخل حركة طالبان، على الرغم من أن ذلك لا يتم، بحسب تقارير، وفق تعليمات زعيم طالبان الملا عمر. والآن فقد تبددت آمال «ناتو» حول إقامة ديمقراطية فاعلة مع ضمانات حقوق المرأة وحماية الأقليات في أفغانستان.

 

وقد تلاشت الإرادة السياسية في الغرب في ما يتعلق ببناء مجتمع على هذا النحو، إذا توافرت هذه الإرادة. وأقصى أمل باقٍ الآن هو إبرام اتفاق سلام مع حركة طالبان، واتفاق بعدم القيام بتدخل، واسع النطاق، توقع عليه القوى الرئيسية في المنطقة.

 

وما إذا كانت ستحظى أفغانستان بهذه الشروط أم لا، فالأمر يتوقف إلى حد كبير على رغبة، أو قدرة، أجهزة الاستخبارات الباكستانية على إجبار عملائها القدامى في حركة طالبان على الجلوس على طاولة المفاوضات. إن الهدف الواقعي الوحيد للغرب الآن هو إيجاد نظام مستقر نسبياً في كابول، والحفاظ على القدرة على القيام بعمليات مكافحة الإرهاب إذا ما عاد تنظيم القاعدة إلى أفغانستان.

 

والخطة لا تأتي إلا بغتة. فقد أوجز وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الشهر الماضي اتفاقا محتملاً، سوف تساعد روسيا بموجبه على تحقيق الاستقرار في أفغانستان. وتسمح موسكو بالفعل بنقل إمدادات بعينها عبر الأراضي الروسية. وتم التوصل إلى اتفاق أيضاً يسمح لطائرات «ناتو» بالمرور عبر المجال الجوي الروسي.

====================

النهضة العربية خطوة للأمام فخطوات للوراء

بقلم :حسين العودات

البيان

30-10-2010

ولدت حركة النهضة العربية قبل قرنين، وبديهي أن هذه الحركة لم تكن نتيجة قرار اتخذه شخص أو حاكم أو نظام سياسي، وإنما نتيجة سياق تطور داخلي وتأثيرات خارجية وشروط موضوعية.

 

وكانت على رأس الأسباب التي أطلقت النهضة، غزوة نابليون لمصر واطلاع المصريين من خلالها على الأفكار الأوروبية والتطور الأوروبي في مختلف المجالات، وضعف السلطنة العثمانية وتواجد الظروف التي شجعت الشعوب من رعاياها على المطالبة بحقوقها القومية والدينية، والإصلاحات العثمانية في القرن التاسع عشر (خط شريف كولخانة 1839 وخط شريف همايون 1856) وما تضمنته من الاعتراف بحقوق شعوب السلطنة القومية ودياناتها، وبداية الإقرار باللامركزية والحكم الدستوري، والتخلص من نظام الاستبداد والفساد والامتيازات.

 

وعزز من تسارع حركة النهضة انتشار المطابع والصحافة ونشوء برجوازية عربية تجارية، وتطور الحرف والحرفيين إلى ما يشبه الوحدات الصناعية، فضلاً عن انتشار المدارس الحديثة وإرسال البعثات إلى أوروبة.

 

وقد لعبت إصلاحات محمد علي باشا في مصر والحسن الأول في المغرب والباي أحمد في تونس دوراً هاماً في انطلاقة النهضة، وخاصة في إنشاء الصناعات العسكرية (مما حرض على قيام صناعات أخرى) وتطوير نظم التعليم وخاصة في الأزهر والقيروان والزيتونة، وإعادة هيكلة إدارة الدولة مع شيء من التحديث.

 

قامت حركة النهضة العربية على أكتاف ثلاثة تيارات فكرية سياسية تنويرية، هي التيار الإسلامي الإصلاحي والتيار الليبرالي والتيار القومي، وقد ساهمت هذه التيارات الثلاثة في التأسيس للنهضة ونشوئها وإغنائها بالأفكار والتطبيقات.

 

ومارس كل من النهضويين في هذه التيارات مسؤولياته، وناضل من أجل النهضة والتنوير وإيجاد المناخ الملائم للحداثة العربية (التي لم تكتمل لسوء الحظ) وعرّض كثيرون منهم أنفسهم للمخاطر في سبيل ذلك.

 

قام التيار الإسلامي على أكتاف رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي ومحمد الحجوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وقاسم أمين وحسين الجسر وغيرهم، ونادى هؤلاء النهضويون المتنورون المنورون بالأخذ بمنجزات التمدن، وإعمال العقل في شؤون الفقه والتأويل والاجتهاد، وإقامة نظام سياسي عادل، والتمسك بالحرية والحقوق والمساواة، وإصلاح الخطاب الديني وتجديده، والعودة لجوهر الدين، وإعادة غربلة التراث وتطوير نظم التعليم وغيرها.

 

وقام التيار الليبرالي على أكتاف أحمد فارس الشدياق وبطرس البستاني وشبلي شميل وفرح أنطون وغيرهم، ونادى بإقامة دولة حديثة بمعاييرها وهياكلها. وتأكيد الأخذ بالعقلانية، وسيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وتطبيق الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية، وإقرار الدستور والتمثيل الشعبي وتحرير المرأة.

 

أما التيار القومي فقد بشر به وحمله إبراهيم اليازجي ورفيق سلوم وأديب إسحاق ونجيب عازوري وجرجي زيدان في التاسع عشر، وعبد الحميد الزهراوي وعبد الغني العريسي وغيرهم في مطلع القرن العشرين، وقد نادي بإحياء اللغة العربية لأنها موحدة وجامعة بين العرب.

 

وبتدريسها في المدارس الرسمية، وتطبيق اللامركزية، وإعطاء ما يشبه الحكم الذاتي للعرب، والدعوة فيما بعد إلى استقلال العرب ووحدتهم ونهضتهم وإقامة حكم ديمقراطي حر، وما زلنا نردد شعر إبراهيم اليازجي (تنبهوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب).

 

إن المتابع لتطور هذه التيارات يكاد لا يصدق ما وصلت إليه من تراجع خلال المائتي عام الماضية، فبدلاً من أن تتحول النهضة والتنوير إلى حداثة وتستفيد الأمة منها في استكمال التحرر وبناء الدولة الحديثة (بكامل معاييرها) وتحقيق التطور الفكري والسياسي والاقتصادي والعلمي والفني والصناعي، بدلا من هذا تراجعت عن أفكارها التنويرية، وغرقت في ممارسات هي على الأقل مضادة لأفكار وممارسات نشأتها الأولى، وإذا دققنا في الأمر نلاحظ:

 

استمر التيار النهضوي الإصلاحي الإسلامي في صعوده طوال القرن التاسع عشر، وما أن دخل القرن العشرين حتى بدأ النكوص والتراجع، سواء في أفكاره أم في ممارساته أم في موقفه من الكون والحياة والتطور والنهضة والحداثة.

 

فقد انقلب الشيخ رشيد رضا على الأفكار التي كان يؤمن بها قبل وفاة أستاذيه جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وأصبح نصيراً للخلافة وربما للسلطنة العثمانية بعد إلغائها عام 1924، ومن بعده تراجعت الحركة الإسلامية في مصر عن أفكار الإصلاحيين الإسلاميين إن لم يكن كلها فجلها، وخاصة ما يتعلق منها بعلاقة الدين بالدولة والسياسة، وبالعقلانية والاجتهاد وحقوق المرأة والحرية والديمقراطية وغيرها.

 

أما التيار الليبرالي فلم يكن أحسن حالاً، فبعد أن ازدهر في النصف الأول من القرن العشرين واغتنى بأفكار طه حسين وأحمد لطفي السيد، وممارسات سعد زغلول ومصطفى كامل وليبراليي سورية ولبنان والعراق وغيرهم، انتهى حين حكم عدة أقطار عربية إلى الفساد والاستبداد، ثم تحول في العقود الأخيرة إلى حليف لحداثة أوروبا (بعجرها وبجرها) مطالباً بالتماهي معها بدونية لا مبرر لها.

وبالقطع المطلق مع الماضي دون تبصر، واستقر به المقام أخيراً، في أيامنا، معجباً ونصيراً ثم حليفاً للمحافظين الأمريكيين الجدد حتى في احتلالهم للعراق، وأخذ أنصاره يبررون الاستعانة بالأجنبي والاستقواء به للخلاص من أنظمتهم السياسية، ولا يجدون حرجاً في التعاون مع القوى الأجنبية بزعم نشر الديمقراطية والحرية.

أما التيار القومي، فبسبب مناداته بالنهضة العربية والوحدة العربية، التفت الجماهير العربية حوله في منتصف القرن الماضي، وأقام دولته في أكثر من بلد عربي، إلا أن أنظمته السياسية كانت شمولية، لم تؤمن بالديمقراطية ولم تحترم الحريات ولا معايير الدولة الحديثة ونزعت إلى الاستبداد.

وهكذا انتقل هذا التيار من أيدي اليازجي وسلوم والزهراوي وزعماء المؤتمر السوري الأول (1913) وساطع الحصري وميشيل عفلق فيما بعد، لينتهي بيد مستبدين وطغاة في الربع الأخير من القرن العشرين، وتحولت شعارات الوحدة العربية إلى شعارات (بلدنا أولاً) وصارت القطرية مقدسة في نظر هذا التيار والديمقراطية ودولة الحداثة مهمشة في أنظمته بل مرذولة.

أتساءل: هل شهدت أمة مثل هذا التراجع والنكوص من قبل تياراتها الثقافية والفكرية والسياسية، وبدلاً من أن تسير خلال قرنين خطوات إلى الأمام سارت أميالاً إلى الوراء؟.

كاتب سوري

====================

وهمْ حق العودة .. هل تجاوز «ويتلي» الحقيقة؟!

ياسر الزعاترة

 الدستور

30-10-2010

توالت بيانات التنديد بالتصريحات التي أطلقها "أندرو ويتلي" ، مدير مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في نيويورك ، والتي قال فيها إن على اللاجئين الفلسطينيين أن لا يعيشوا على وهم حق العودة ، وأن على الدول العربية أن تبحث عن أماكن لهم على أراضيها لتوطينهم فيها.

 

من الطبيعي ابتداءً أن يبادر الأردن وسواه من الدول المستضيفة للاجئين وسائر الفصائل الفلسطينية ، إلى جانب المعنيين بالقضية الفلسطينية إلى التنديد بتصريحات الرجل الذي تجاوز مهمته الإنسانية إلى تقرير وقائع سياسية ليست من اختصاصه ، لكن واقع الحال يقول إنه ما قاله يعكس الحقيقة بالفعل سواءً أعجبتنا أم لم تعجبنا.

 

سيقول قائلهم إن أي حديث عن حق العودة إنما هو جزء من مفاوضات الوضع النهائي ، وأن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وقيادتها لم تتنازل عن ذلك الحق ، وأنه جزء من الثوابت التي يتمسكون بها.

 

سنتحتاج بالطبع إلى ذاكرة مثقوبة ، وربما تغييب للعقل حتى نصدق هذا الكلام ، ليس من قيادة السلطة فقط ، ولكن أيضا من أي طرف آخر يؤمن بالمبادرة العربية أو يؤمن بقضية التسوية وفق ميزان القوى الراهن.

 

نعلم ويعلم الجميع أن المبادرة العربية التي يتغنى بها العرب آناء الليل وأطراف النهار قد صادقت على مبدأ شطب حق العودة حين جعلت من حل هذه المعضلة أمرا يتم بالتوافق بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهنا بالله عليكم ، من يصدق أن من يريد التخلص من فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 عبر إجراء تبادل للأراضي مع السلطة (طرح ليبرمان وقبله طرح زعيمة حزب كاديما ، تسيبي ليفني "المعتلة" بحسب التصنيف السائد) ، من يصدق أنه سيوافق على عودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 48؟،

 

لندع وثائق المعاهدات العربية التي وُقعت مع كيان العدو ، والتي تنص صراحة على توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم ، ولنلتفت فقط إلى واقع السياسة القائم ، ونتذكر شرط الدولة اليهودية الجديد ، ثم نتذكر كيف أن المفاوضات مع أولمرت قد انحصرت في ما إذا كان اللذين سيعودون ضمن إطار ما يسمى لمْ شمل العائلات هم 30 ألفا أم 10 آلاف ، حيث لم يوافق أولمرت سوى على 10 آلاف يعودون في غضون 10 سنوات.

 

لنتذكر إلى جانب ذلك قول الرئيس الفلسطيني إن اللاجئين في الأردن وأوروبا وأمريكا مرتاحون في أماكن تواجدهم ولا يفكرون في العودة إلى فلسطين ، ثم نتذكر وثيقة جنيف التي أشرف عليها ياسر عبد ربه بمتابعة من الرئيس الفلسطيني وبمشاركة عدد من قيادات حركة فتح ، والتي تشطب صراحة حق العودة ، ونتذكر تصريحات بلا عدد ، من بينها تصريحات للراحل ياسر عرفات تصب في ذات الاتجاه (حق العودة لم يكن هو الذي أفشل قمة كامب ديفيد صيف العام )2000 ، لنتذكر ذلك كله كي نتأكد أن ما قاله "أندرو ويتلي" صحيح مئة في المئة.

 

سيقول بعضهم إن العودة يمكن أن تكون لمناطق السلطة ، وليس بالضرورة أن يُستوعب اللاجئون في أماكن وجودهم ، الأمر الذي يقبل النقاش في واقع الحال ، ولكن ما علينا أن نتذكره هو أن حوالي 45 في المئة من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة لاجئون 28( في المئة من سكان الضفة و 70 في المئة من سكان غزة) ، فيما لن يكون الكيان الفلسطيني الموعود (في حدود الجدار) وهو مقطع الأوصال بعدما وافقوا على بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة الثلاث تحت مسمى تبادل الأراضي ، لن يكون ذلك الكيان قادرا على استيعاب أهله ، فكيف يمكنه استيعاب آخرين ، اللهم إلا من فرضت عليهم العودة فرضا ، أما من سيكون بوسعهم الاختيار ، فلن يعودوا إلا لديارهم الأصلية في حال تحريرها أو سيبقون حيث هم؟،

 

لذلك كله قلنا وسنظل نقول إن على من يريد تجسيد حق العودة أن يقف إلى جانب برنامج المقاومة والتحرير ، وليس برنامج التسوية والمفاوضات ، وأي كلام غير هذا الكلام هو محض تمييع للقضايا وبيع للوهم ، ذلك أن رفض تجسيد حق العودة هو ما تجمع عليه الأوساط الصهيونية في الداخل والخارج ، ومعها الولايات المتحدة وغالب دول أوروبا أيضا.

====================

الصحافة المسكينة

زين الشامي

الرأي العام

30-10-2010

لا يزال وضع الصحافة في سورية في حالة يرثى لها، وهي تسير من سيئ إلى أسوأ رغم الثورة الكبيرة في عالم الاتصالات والمعلوماتية التي كسرت الحواجز والجدران بين الدول والشعوب بحيث بات من الصعوبة بمكان في عالم اليوم أن تستطيع أي حكومة منع انتشار خبر ما أو صورة كما كان عليه الوضع في السابق.

ان عودة سريعة للدور الذي لعبه الشبان الإيرانين خلال التظاهرات الاحتجاجية التي تلت الانتخابات الرئاسية، حين استخدموا بطريقة إبداعية وجريئة تقنية التصوير الموجودة في أجهزتهم الخليوية النقالة، وما بثته وسائل الإعلام العالمية مستندة لما وصلها من تلك الصور عن القمع الذي مارسه رجال الشرطة والقوات الأمنية الإيرانية ضد المتظاهرين، أكد للجميع أن لا قوة في العالم، ولا نظام مهما كان حديدياً، ولا أيديولوجيا مهما كانت متماكسة، يستطيعون أن يغلقوا الحدود ويحجبوا ما يجري تحت السماء، أو أن يمنعوا شيئاً يهم أمن الناس وسلامهم ومصالحهم وأحلامهم ومأساتهم وفرحهم، من الوصول إلى وسائل الإعلام.

وكلنا يذكر ماذا فعلت الصورة حين بث بعض الناشطين صور فيديو التقطت من كاميرا لهاتف محمول، لمعلمة تعاقب تلاميذ مدرسة ابتدائية في محافظة حلب، على موقع «يوتيوب». هذه الصور فضحت جزءا من الممارسات الخاطئة التي تجري داخل أسوار المدارس السورية رغم التعليمات الحكومية التي قضت بمنع الضرب في المدارس. أيضاً منذ ايام انتشرت صورعلى موقع «يوتيوب» تظهر رجال أمن يضربون بعنف رجلاً عراقياً كان يرأس إحدى الجامعات السورية الخاصة.

ومثلما هو حال الصورة والتقنيات المتقدمة التي ساعدت في انتشارها، كذلك هو حال الكلمة، فلا يمكن اليوم ولا تستطيع أي حكومة منع وصول الكلمة المكتوبة أو المطبوعة إلى الجمهور العريض، كما لا تستطيع منع تصديرها، ومن يعمل عكس ذلك فهو يمشي في عكس الرياح وضد التيار أو كمن يجدف عكس موج البحر.

وللأسف فإن حكومتنا تبدو كما لو أنها لم تدرك إلى اليوم كل هذه التطورات في عالم الاتصالات والإعلام، والدليل على ذلك، وفي خطوة تهدف إلى التضييق على الإعلام الالكتروني، رغم أن واقعه اليوم أكثر بؤساً من أي يوم مضى، فهي تسعى لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون للإعلام الالكتروني، وقد طلبت رئاسة الوزراء من الوزراء تزويد وزير الاتصالات بملاحظاتهم وذلك دون استشارة الصحافيين أنفسهم الذين يعملون ويديرون بعض المواقع الالكترونية ودون الاستماع لملاحظاتهم ومخاوفهم.

المشروع يقع في 43 مادة وأخطر ما فيه هو المادة 41 التي تتيح لما يسمى بالضابطة العدلية القيام بأعمال استقصاء الجرائم وبالتالي السماح لقوات الشرطة، حتى لو كان الشرطي يحمل شهادة ابتدائية، أن يداهم مكتب أي موقع الكتروني، ويعتقل أي محرر أو رئيس تحرير بحجة التحقيق معه، أو إفشاء المعلومات الخاصة والعامة ومعرفة كلمات السر، وهذا ما يشكل انتهاكاً خطيراً لخصوصية العمل الإعلامي وحريته.

أما النقطة الثانية في ذلك المشروع، فتتعلق بالعقوبات الجزائية وإحالة الصحافيين للمحاكم الجزائية، ما يعني الاستمرار في سياسة حبس الصحافيين. كل هذا في وقت تتجه الكثير من الدول في العالم الثالث لإلغاء هذه العقوبة، وفي وقت ألغت جميع دول العالم المتقدم هذه العقوبة من قوانينها منذ زمن بعيد. يأتي كل ذلك متزامناً مع ما جاء في تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود» لعام 2010 حين قال ان سورية انضمت إلى بورما وكوريا الشمالية وبعض الدول الأخرى في خانة الدول الأكثر قمعا للصحافة والصحافيين.

ان الغريب في الحالة السورية هو كيف أن حكومة بكل ما تملكه من إمكانيات مالية واقتصادية وإعلامية، حيث تسيطر على كل وسائل الإعلام المكتوب والمرئي، إضافة إلى أنها لا تسمح إلا إلى من يدور في فلكها بإطلاق موقع الكتروني أو اصدار مجلة أو صحيفة، كيف لهذه الحكومة بكل هذه الامكانيات أن تشعر بالخوف من مجرد رأي يعبر عنه صحافي أو كاتب ما، أو نقد يأتي من هنا أو هناك، في هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك؟

إن الإعلام في غالبية دول العالم، وحتى دول العالم الثالث، بات اليوم يعمل في أجواء أفضل من السابق، وصارت الحريات الصحافية جزءا ضروريا من صورة المجتمع والدولة التي تريد أن تقدم نفسها بطريقة جيدة وغير مشوهة الى العالم. لكن للأسف ما زال الوضع في سورية على ما هو عليه منذ الستينات والسبعينات، مع تقدم طفيف وسطحي، فإلى اليوم ما زال البعض من المسؤولين يخافون من الكلمة والصورة والنقد. إن ذلك يسيء كثيراً إلى سورية وسمعتها في الخارج.

====================

باراك اوباما.. الأصل أم الظلال؟

الرأي الاردنية

30-10-2010

kharroub@jpf.com.jo

يوم الثلاثاء المقبل (2/11) سيكون باراك حسين اوباما، أمام ما سيقوله الاميركيون له بعد عامين على انتخابه، عبر صناديق الاقتراع للانتخابات النصفية لمجلسي الكونغرس، حيث لا تتوقف استطلاعات الرأي عن القول بأن ثمة «تسونامي» جمهوري في الطريق، أقله في مجلس النواب، وقد يتجاوزه الى مجلس الشيوخ رغم ان احتمال انهيار الأغلبية الديمقراطية في «الشيوخ» يبدو ضعيفاً حتى في امتلاك الجمهوريين لخمسة واربعين عضواً فيها.

 

لهذا يبذل باراك اوباما جهوداً شخصية مكثفة محاولاً استعادة «سحره» الخطابي وكاريزميته التي تجسدت في حملة الانتخابات الرئاسية، وقبلها في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، له متجاوزاً قيادات وشخصيات ذات نفوذ وتاريخ في الحزب وهو يجوب الان وفي ربع الساعة الأخير ولايات ومدناً رئيسية داعياً الأقليات والملونين والشباب (...) للتصويت بكثافة في انتخابات الثاني من تشرين الثاني الوشيك، مفترضاً – ربما عن حق – أن تصويتهم سيرجح كفة انصاره او على الأقل سيخفف من وقع الهزيمة المدوية التي قد تلحق به شخصياً وليس حزبه فقط، لأن خصومه ومنافسيه داخل الحزب، يحمّلونه مسؤولية «التحول» الذي طرأ على «مزاج» الناخب الاميركي وعزوفه عن دعم الديمقراطيين باتجاه الجمهوريين.

 

اللافت في كل ما جرى هو تحول «الكتلة اليهودية» ذات «التاريخ» المعروف بالتصويت لصالح مرشحي الحزب الديمقراطي على مستوى الرئاسة كما على مستوى الكونغرس وحكام الولايات والنسبة تستقر الان – وفق الصحف الاسرائيلية – عند 51% لصالح الديمقراطيين و45% للجمهوريين وفي ذلك «رسالة» اراد داعمو اسرائيل داخل اللوبيات اليهودية وتلك المتصهينة ارسالها الى الرئيس الذي «لا يكنّ ودّاً لاسرائيل»، على ما تروج وسائل الاعلام الاسرائيلية والأخرى المتعاطفة مع الدولة العبرية، فيما يواصلون من جهة اخرى حملتهم على ادارة اوباما وكبار الموظفين فيها، وهم بالمناسبة من اليهود، مثل رام عمانوئيل كبير موظفي البيت الابيض والاقرب الى اذن الرئيس (عمانوئيل خدم في جيش الاحتلال وقاتل في صفوفه كما ينبغي التذكير)، اضافة الى ديفيد اكسلرود، وقد تعرّضا الى هجوم شرس من معظم الدوائر اليهودية في اميركا واسرائيل الى درجة تم وصفهما بأنهما «يهوديان كارهان لنفسيهما».

أما وقد غادرا، حيث استقال رام عمانوئيل للمنافسة على منصب حاكم شيكاغو ويستعد اكسلرود للاستقالة بهدف «التفرغ» لحملة اوباما الرئاسية (بعد عامين) فإن يهودياً ثالثاً لا ينظر اليه (ابداً) كيهودي كاره لنفسه، هو دينيس روس (ما غيره) تقدم «بكشف حساب» أمام المؤتمر القومي للجنة الاميركية الاسرائيلية للشؤون العامة «ايباك» في محاولة منه لاستدرار (اصوات) يهود اميركا ودعم رئيسه الذي أكد ان التزامه لاسرائيل «متين متانة الصخر»..

 

فماذا الذي جاء به دينيس روس؟

يقول أشهر وسيط اميركي في عملية السلام الذي واصل مهماته في «عهود» الديمقراطيين والجمهوريين، وكتب كتاباً ضخماً عن تفاصيل مهمته كوسيط سلام نزيه (!!) ملقياً اللوم بالطبع على الفلسطينيين وخصوصاً الراحل ياسر عرفات، لفشل عملية السلام وتواصل الارهاب (...) «... كنت محظوظاً، إذ قُدّر لي ان ازور اسرائيل في صيف العام 2008، مع من كان آنذاك السناتور اوباما، ورأيت من خلال تواصله مع المسؤولين الاسرائيليين ومع شعب اسرائيل، بمن فيهم سكان مستوطنة اسديروت، أنه فهم «على الفور» الوضع الفريد لاسرائيل، وانجازاتها والتهديدات العديدة التي ما زالت تواجهها، وان الرئيس أكد مراراً ان التزامنا باسرائيل متين متانة الصخر وانني أرى «هذا الالتزام» كل يوم في الاسلوب الفريد والجاد الذي نعمل به من أجل تحسين أمن اسرائيل».

لكن الرجل الذي يمسك بملف الشرق الاوسط كمستشار مخضرم، يلفت نظر مستمعيه الى مسألة مهمة تخص الحوار الاستراتيجي الذي يتم بين الولايات المتحدة واسرائيل (كل ستة اشهر) قائلاً: «... لكن الأهم، أن الحوار الاستراتيجي إنما هو واحد من التبادلات العديدة الجارية على مستوى عال بين الولايات المتحدة واسرائيل، ولا علم لديّ – يواصل روس – بوجود دولة اخرى نتواصل معها بصورة منتظمة على مثل هذا النطاق الواسع من الموضوعات»، ثم يخلص الى القول «.. بصراحة، فإن هذه الدرجة من التنسيق لم يسبق لها مثيل، لقد شاركت في ثلاثة انواع من المناقشات خلال ال 30 عاماً الماضية، ولم تكن بهذا القدر من التركيز والكثافة، مما يعكس التعاون الجاد الموجود الان بيننا وبين اسرائيل».

محاضرة روس طويلة وتفصيلية، لا تغفل قيمة المساعدات «العسكرية» السنوية لاسرائيل (3 مليارات دولار) ولا مبلغ (205) ملايين دولار اضافية، طلبها اوباما من الكونغرس، لدعم شبكة الدفاع الاسرائيلية المضادة للصواريخ قصيرة المدى، المعروفة باسم «القبة الحديدية».

فهل ثمة من لا يزال يأمل بان «ينتفض» اوباما على «اهانات» نتنياهو وليبرمان، بعد ان ينجلي غبار معركته «الخاسرة» في الانتخابات النصفية؟

ما بالكم ان اقل من سنتين امامه ل»استدراج» التأييد له في معركة الرئاسة الثانية؟.

..أين جورج بوش؟

====================

أميركا.. هل يديرها حائزو نوبل؟

زكاري آيه. جولد فارب

(كاتب ومحلل سياسي أميركي)

واشنطن بوست الاميركية و (بلومبرج نيوز سيرفس)

الرأي الاردنية

30-10-2010

على ما يبدو، أن إدارة أوباما تفضل الفائزين بجائزة نوبل في المجالات المختلفة، فالرئيس نفسه حصل على هذه الجائزة، كما حصل عليها أيضاً وزير الطاقة الحالي، وكذلك مرشح حديث لتولي وظيفة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وعلى الرغم من أن المستشار العلمي للبيت الأبيض «جون هولدرين» لم يفز شخصياً بجائزة نوبل، فإنه يرأس منظمة فازت بها. على ضوء ذلك يمكن التساؤل: هل يمكن للرئيس أن يشكل مجلس وزراء كل أعضائه من الفائزين بجائزة نوبل؟ هذا المجلس لو تشكّل فإن أعضاء سوف يكونون كبار السن نسبياً ومعرضين، بسبب اختلاف مجالات تخصصاتهم وتمسكهم بنظرياتهم، للاختلاف أكثر من أعضاء أي مجلس آخر.

ونقدم فيما يلي تشكيلة لما يمكن أن يبدو عليه» فريق المتنافسين»، أو فريق الحاصلين على جائزة نوبل الموافق عليه من قبل الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة، ولما يمكن أن يفعله كل واحد من أعضاء ذلك الفريق:

أوباما، فمن المعروف أنه قد حصل على جائزة نوبل للسلام عام 2009 لجهوده الاستثنائية في مجال دعم الدبلوماسية الدولية. وأوباما الذي لا يزال عالقاً في كل من العراق وأفغانستان لازال عليه إظهار أنه فعلاً الرجل الذي يستحق الجائزة المرموقة.

وزير الخارجية: إيلي ويزل، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 1986، فيمكنه لعب دور في إيجاد نهاية للصراعات العرقية بدارفور وغيرها، غير أن دفاعه عن إسرائيل قد يثير الكثير من الجدل عند التعاطي مع العالم الإسلامي.

وزير الخزانة: إدوارد بريسكوت، الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد - بالمشاركة - ل»إسهاماته في الاقتصاد الكلي الديناميكي Dynamic macroeconomics. وسيكون «بريسكوت» متشككاً تجاه الإنفاق الحكومي الضخم الرامي لتحفيز الاقتصاد، وربما سيفضل بدلًا من ذلك استبقاء التخفيضات الضريبية التي طبقتها إدارة بوش من أجل جذب الاستثمارات، وتعزيز الإنتاجية.

وزير الدفاع: توماس شيلنج، الذي فاز بجائزة نوبل للاقتصاد - بالمشاركة - عام 2005 لدوره في تعزيز فهمنا للصراع والتعاون من خلال تحليل «نظرية اللعبة» Game- theory . ويمكن ل»شيلينج» أن يطبق هذه النظرية لمواجهة التهديدات المحتملة لأميركا في القرن الحادي والعشرين مثل الإرهاب والهجمات الإلكترونية عبر الإنترنت.

وزير العدل: جاري بيكر، الذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1992 للدور المهم الذي لعبه في توسيع مجال تحليل الاقتصاد الجزئي كي يشمل سلسلة واسعة من السلوك الإنساني. وقد خلص بيكر في أبحاثه إلى أن العقوبات الأكثر صرامة، قد تكون أكثر فعالية في فرض القانون، من استثمار مبالغ طائلة من المال لتعزيز الشرطة والمحاكم.

وزير الصحة والخدمات الإنسانية: إليزابيث بلاكبيرن، المعروفة بأبحاثها العديدة في مجال محاربة مرض السرطان، والتي حصلت - بالمشاركة - على جائزة نوبل في الطب عام 2009 لدورها في المساعدة على اكتشاف الكيفية التي يتم بها حماية الكرموزومات بواسطة «التيلوميرات» Telomeres التي تمثل الطور الأخير من الانقسام الخلوي. ويمكن ل»بلاكبيرن» أن تسخر العلم في اتخاذ القرارات الكفيلة بتعزيز الخدمات الصحية للأمة.

وزير الداخلية: إلينور اوستروم، الحاصلة على جائزة نوبل في الاقتصاد - بالمشاركة - عام 2009 لدورها في «تحليل الحوكمة الاقتصادية». واوستروم، وهي أستاذة للعلوم السياسية يمكن أن تفيد بالبلاد من خلال أبحاثها حول الكيفية التي يمكن بها للناس المشاركة في الموارد البشرية مثل الأراضي، والتي تدافع فيها عن الاستقلال الذاتي للمجتمعات المحلية.

وزير الزراعة: ريتشارد هيك، الفائز بجائزة نوبل في الكيمياء للعام الحالي، والذي نجح هو وزملاؤه في تطوير العمليات الكيمياوية التي يمكن بها اكتشاف المواد اللازمة لحماية المحاصيل من الأمراض.

وزير التجارة: بول كروجمان، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008 لأبحاثه في مجال» تحليل الأنماط التجارية ومواقع الأنشطة الاقتصادية» والذي يُتوقع، إذا تولى وزارة التجارة، أن يدفع باتجاه اتباع سياسات أكثر جسارة تمكن الولايات المتحدة من البيع بسهولة أكثر للأسواق الصاعدة مثل السوق الصينية.

وزير العمل: بيتر دياموند. الحاصل - بالمشاركة - على جائزة نوبل للاقتصاد العام الحالي، والذي قدم أبحاثاً تظهر مدى الحاجة لإعادة المتعطلين عن العمل إلى وظائفهم بمجرد انتهاء الأزمة المالية قبل أن يصبح فقدهم لوظائفهم دائما.

وزير الإسكان والتطوير الحضري: جيمي كارتر الحاصل على جائزة نوبل للسلام»، لجهوده الدائبة عبر عقود من أجل إيجاد حلول سلمية للصراعات الدولية». وكارتر، وهو الرئيس التاسع والثلاثون للولايات المتحدة، مشهور بأدواره التطوعية في المجالات الإنسانية لمختلف المجتمعات، ويمكن له بالتالي أن يمارس هذا الدور في الولايات المتحدة من أجل توفير المسكن الملائم لملايين الأميركيين الذين يعيشون في مساكن متواضعة.

وزير النقل: آل جور. نائب الرئيس الأسبق بيل كلينتون، والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006، وذلك لدوره» في بناء ونشر قدر أكبر من المعرفة حول التغيرات المناخية الناتجة عن أفعال البشر». و»جور « الذي دعا لإلغاء استخدام آلة الاحتراق الداخلي لتقليل التلوث، يمكن له أن يلعب دوراً في تحويل منظومات النقل في الولايات المتحدة لتكون أكثر صداقة للبيئة.

وزير الطاقة: ستيفن تشو. الحاصل بالمشاركة على جائزة نوبل للفيزياء عام 1997 لدوره في» تطوير الوسائل اللازمة لتبريد واحتجاز الذرات بواسطة الضوء الليزري» والذي يشغل هذا المنصب في الوقت الراهن بالفعل.

وزير التعليم: توني موريسون، الحاصلة على جائزة نوبل للآداب عام 1993، وهي ستركز جهودها إذا تولت المنصب، على تعزيز عادة القراءة لدى الطلاب خصوصاً قراءة الأعمال الكلاسيكية التي اشتهرت بها، وتعليمهم كيف يحبون الكتب، وكيف ينفتحون على أصحاب الثقافات الأخرى في المجتمع الأميركي.

وزير الأمن الداخلي: هنري كيسنجر، الحاصل على نوبل للسلام عام 1973، سيفضل باعتباره رجلًا براجماتياً، انتهاج سياسات أمن وطني قوية، ولكن يتوقع - مع ذلك - أن يبدي استعداداً للحديث مع أعداء أميركا، كما يمكن له -باعتباره هو نفسه مهاجراً - اتباع أنماط جديدة من سياسات الهجرة ووسائل جديدة لتنظيم الحدود.

====================

من مظاهر استمرار الاستعمار في إفريقيا

مالك التريكي

2010-10-29

القدس العربي

على مدى هذا العام نشرت مجلة 'جون أفريك' (إفريقيا الفتيّة) سلسلة تحقيقات بعنوان 'ماذا فعلتم بسنواتكم الخمسين؟' هي بمثابة جردة حساب خصصتها للدول الإفريقية السبع عشرة التي حصلت على الاستقلال عام 1960، مع تركيز على الدول الخمس عشرة التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي. حيث أن بين معظم هذه الدول الفرنكوفونية قواسم مشتركة من حيث ملابسات الانفصال عن المستعمر، وثقافة النخب الحاكمة، ونوع المشكلات التنموية (الموروث منها و'المكتسب') وطبيعة الارتباطات الخارجية.

فقد اتسم الانفصال عن المستعمر في هذه الدول، باستثناء الكاميرون والكونغو ليوبولدفيل (التي عرفت لاحقا باسم زائير وتعرف الآن باسم 'جمهورية الكونغو الديمقراطية')، بأنه كان في المجمل انفصالا سلميا. حيث جنح معظم الزعماء الأفارقة إلى التفاهم والتراضي مع باريس حرصا على عدم استعدائها ورغبة في استدرار عطفها في مرحلة ما بعد الاستعمار. كما أن عددا من زعماء هذه البلدان، مثل السنغالي ليوبولد سيدار سنغور والساحل العاجي فليكس هوفويت بوانيي، كانوا نوابا عن 'أقاليم ما وراء البحار' في البرلمان الفرنسي ووزراء في الحكومات المتعاقبة في عهد الجمهورية الرابعة. أي أنهم كانوا من عناصر تركيبة النخبة السياسية في الإمبراطورية الفرنسية. بل إن من المعروف أن كلا من سنغور وهوفويت بوانيي لم يكونا مقتنعين بقضية الاستقلال أصلا. لسببين. أوّلا، لاعتقادهما أن شعبيهما لم يبلغا آنذاك درجة من الوعي تهيئهما للاستقلال. وثانيا، لإيمانهما بأن من مصلحة بلديهما أن يبقيا منضويين في إطار رابطة فرنسية، أو ما شابه. ومعروف أيضا أن قضية العلاقة بفرنسا، وبالغرب عموما، قد كانت أبرز قضايا الخلاف بين أشهر مثقفين سنغاليين في ذلك العهد، أي بين سنغور (المتشبث، بعاطفية جارفة، بالثقافة الفرنسية والتراث الإغريقي) وبين الأكاديمي اللامع والمحبوب في إفريقيا شيخ أنتا ديوب (المنادي بالقطيعة مع الغرب والقائل بأن الزنوجة هي أصل الحضارة وأن المصريين القدامى، الذين كانوا من الزنوج الخالصين في رأيه، هم أساتذة الإغريق البيض).

وقد لخص دبلوماسي كامروني مخضرم مسألة ثقافة النخب الإفريقية الحاكمة عندما قال لي: 'حسبك في فهم ولاء هذه النخب النظر إلى رؤساء السنغال: سنغور تزوج فرنسية ومات في فرنسا بعد أن أمضى فيها السنوات العشرين الأخيرة من حياته. وخلفه في الحكم (من 1981 إلى 2000) عبدو ضيوف يتولى الآن رئاسة المنظمة الفرنكوفونية. أما الرئيس الحالي عبدولاي واد فإنه يسعى لتوريث الحكم لابنه كريم الذي يعدّه السنغاليون أجنبيا لأن أمه فرنسية ولأنه قضى معظم حياته بعيدا عن البلاد'. على أني أرى، من وجهة نظري، أن الأخطر من 'فرنسة' النخب هو تمكّن الاستعمار من القضاء على الهويات اللغوية لهذه البلدان التي استقلت عنه عام 1960. ولا استثناء هنا إلا في حالة موريتانيا، حيث أن الاستعمار قد فشل في فرنسة المغرب العربي عموما وفي فرنسة عرب موريتانيا تحديدا. أما المواطنون الموريتانيون من غير العرب (أي من ذوي الأصول الإفريقية الخالصة) فإنهم لا يزالون متمسكين بالفرنسية، مثلما بينت مظاهرات الطلاب التي حدثت قبل شهور. وهذا الاستثناء العربي الموريتاني يؤكد القاعدة: أي نجاح الاستعمار في القضاء على الهويات اللغوية للأفارقة. حيث أن الفرنسية هي لغة التواصل والتعليم والإعلام والثقافة في 14 من دول جنوب الصحراء.

ومؤدى القول أن هذه الدول لا تزال مرتبطة حتى اليوم بفرنسا ارتباطا شاذا جعلها منتقصة السيادة، خاصة في المجالات الثقافية والعسكرية والاقتصادية. ولعل أبرز رمز للتبعية في المجال الاقتصادي والنقدي أن جميع هذه الدول، باستثناء موريتانيا، لا تزال تشترك في عملة 'الفرنك الإفريقي' الموروث عن فرنسا منذ عام 1945، كما أن بنوكها المركزية لا تستطيع اتخاذ أي قرار إلا بموافقة البنك المركزي الفرنسي. وقد أخبرني الدبلوماسي المخضرم، والعهدة على الراوي، أن الاعتقاد السائد في بلاده أن سبب تعرض أحد علماء الاقتصاد الكامرونيين للاغتيال هو أنه وضع خطة للاستقلال النقدي عن فرنسا...

هذا، ولعل مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية هو أوجز جواب على سؤال 'ماذا فعلتم بسنوات الاستقلال؟'، حيث ما ينفك هذا المؤشر يبين كل عام أن إفريقيا الغربية، التي هي في معظمها منطقة فرنكوفونية، لا تزال تضم أفقر سبع أو ثماني دول في العالم.

====================

عناصر في الاستخبارات الالمانية: نتنياهو خيّب أملنا

رونين بيرغمن

2010-10-29

القدس العربي

لن يُطلق سراح غلعاد شليط قريبا، وليست الأنباء التي نُشرت في اسرائيل عن تقدم في ظاهر الأمر للتفاوض في شأنه صحيحة. يمكن أن نقول في واقع الأمر إن العكس هو الصحيح، كما تقول جهات تتابع القضية لصحيفة 'يديعوت احرونوت'. تزعم تلك الجهات أن تطورا دراماتيا ومفاجئا في مستوى معجزة فقط يمكن أن يأتي بغلعاد شليط الى بيته قريبا.

يُبيّن تلخيص الاتصالات الى اليوم أن حماس شددت في واقع الامر معارضتها للشروط 'النهائية والأخيرة' التي اقترحها نتنياهو. يبدو اطلاق غلعاد شليط الآن أبعد مما كان دائما. والسؤال: كيف وصلنا الى هذا المكان؟.

في تموز ( يوليو) 2009 شخص الى المانيا وفد من المسؤولين الاسرائيليين الكبار برئاسة المنسق الجديد لشأن الأسرى والمفقودين، حجاي هداس. والتقوا في برلين رئيس ال بي.ان.دي وهو النظير الالماني للموساد، آرنست اورلاو. عرض عليه الاسرائيليون رسالة من رئيس الحكومة نتنياهو، فحواها أن اسرائيل توافق على أن تكون ال بي.ان.دي (مرة اخرى) وسيطا بينها وبين منظمة ارهابية وهي حماس هذه المرة.

أُلقيت المهمة على كاهل رجل استخبارات الماني اسمه غيرهارد كونراد. والحديث عن أحد الاشخاص الأكثر إثارة للفضول في عالم الظلال الالماني. إن مظهر كونراد كأنه مأخوذ من السبعينيات، وفي ضمن ذلك نظارة ذات اطار ذهبي. ومن جهة ثانية يُعدّ خبيرا خاصا ورجل ميدان ذا أكبر تجربة في شؤون الشرق الاوسط في ال بي.ان.دي. فقد خدم سنين طوالا رئيسا لمفوضية المنظمة في دمشق ويعرف من قبلُ جميع اللاعبين المشاركين. وقد توسط كونراد ايضا في صفقة مختطفي مزارع شبعا (بني ابراهام، وعدي افيتان وعمر سواعد) والحنان تننباوم، وكذلك عمل وسيطا مخولا من الامم المتحدة في صفقة ايهود غولدفاسر والداد ريغف.

استقر الرأي على أن تبقى الاستخبارات المصرية برئاسة عمر سليمان المسؤولة العليا عن التفاوض، وأن يعمل رجال الاستخبارات الالمانية تحت سلطتها. كانت البداية متفائلة: ففي تموز (يوليو) 2009، مع بدء التفاوض، قدّر كونراد أنه سيكون من الممكن إنهاء صفقة شليط حتى نهاية تلك السنة الميلادية، أو بعدها بقليل. لكن هذا لم يحدث كما تعلمون وبقي كثيرون يتساءلون: لماذا؟ ما الذي عرقل على السير؟.

في تموز (يوليو) 2009 استأنف حجاي هداس التفاوض من النقطة التي وقف عندها آخر مرة في القاهرة في آذار (مارس) من العام نفسه. وقد أُحرز تقدم: فقد بدأ المندوبون الثلاثة حجاي هداس من اسرائيل، وكونراد من المانيا ومحمود الزهار من قبل حماس يتقدمون نحو ما بدا صفقة يمكن التوقيع عليها حتى نهاية السنة الميلادية. بيد أنه لم تجرِ في خلال ذلك في اسرائيل جلسات لتنسيق التوقعات بين الجهات المشاركة (الوسيط هداس، ورئيس الحكومة نتنياهو، ورجال الجيش والمجموعة الاستخبارية). كان يمكن في مثل هذه الجلسات حسم سؤال: ماذا تقبل اسرائيل إعطاءه وماذا لا تقبل. في واقع الامر سمح نتنياهو لهداس أن يتقدم في التفاوض وتدخل في الامور في كانون الاول (ديسمبر) 2009 فقط. وليس واضحا من يتحمل تبعة أن التفاصيل لم تُعرض عليه قبل ذلك.

عندما عُرضت الامور في نهاية الامر على رئيس الحكومة، أحجم نتنياهو عن حجم الصفقة وتنازلات اسرائيل. جمع نتنياهو المجلس الوزاري المصغر (حلقة السبعة) في تلك المباحثة الماراثونية التي أجاز فيها اقتراحا جديدا تماما. تم قبول الاقتراح بأكثرية ستة في مقابلة واحد (بني بيغن، الذي يعارض أي دفع من اجل مختَطَفين).

عاد هداس الى المنسق الالماني مع شروط اسرائيل الأخيرة وعلى رأسها 'تنقية' القائمة من أكثر الاسماء الثقيلة، وفيها مروان البرغوثي واحمد سعدات الذي يُعدّ 'الروح الحيّ' من وراء قتل الوزير رحبعام زئيفي. أمر نتنياهو هداس بوقف التفاوض ورؤية الصفقة التي اقترحها شرطا نهائيا لن تكون بعده مصالحة اخرى.

تقول عناصر من الاستخبارات الالمانية إن أملها خاب في نتنياهو في أعقاب وقف المحادثات مطلع هذا العام. وفي أحاديث مع هذا القسم من صحيفة 'يديعوت' عبّروا عن انتقاد شديد لرئيس حكومة اسرائيل، زاعمين أن 'نتنياهو خيّب أملنا بسلوكه حول صفقة شليط'. أفضى هذا السلوك كما يقولون بالتفاوض الى الطريق المسدود الموجود فيه الآن. 'كنا على ثقة من أنه يستطيع أن يُجيز هذا الشأن في المجلس الوزاري المصغر في سهولة. وظننا أن له تأثيرا أكبر في الوزراء'، يقولون هناك في أحاديث مغلقة. ويعتقد آخرون أن نتنياهو لم يستعمل تأثيره استعمالا كافيا. بل ربما كان معنيا وراضيا، من اجل احتياجاته الداخلية، عن معارضة الوزراء يعلون وبيغن وليبرمان.

مهما يكن الامر، فقد أفضى تغيير الشروط الى اعادة التفاوض بقدر كبير الى بدئه. لم تقدم حماس في الحقيقة جوابا رسميا. لكنها رفضت الشروط الجديدة بمجرد صمتها. نشأت داخل حماس مواجهة بين اربعة مسؤولين كبار: فمن جهة محمود الزهار واسماعيل هنية اللذين يعتقدان أنه ينبغي استنفاد التفاوض، ومحاولة استخلاص تنازلات اخرى من اسرائيل، لكن السير مع الاتفاق الذي سيفضي حتى بحسب اقتراح نتنياهو الى اطلاق سراح ألف أسير والى انجاز دعائي ومعنوي ضخم لحماس؛ وفي مقابلهما خالد مشعل واحمد الجعبري، رئيس اركان حماس الذي يحتجز في واقع الامر شليط ويخشى أن يفضي اطلاق سراحه الى إضعافه داخل المنظمة. كلاهما يعارض معارضة شديدة المصالحة مع اسرائيل.

بحسب مصادر مختلفة، يد الجعبري ومشعل هي العليا الآن وهما العنصران اللذان يحبطان اتفاقا على هذه الصفقة. التقى كونراد في زيارته في الاسبوع الماضي محمود الزهار. في لقاء أجراه الزهار قبل نصف سنة مع رئيس مكتب الصحيفة الالمانية ' دير شبيغل' في اسرائيل، كريستوف شولت، تحدث تعريضا عن طموحه الى إنهاء القضية وإتمام الصفقة. وعبّر الزهار عن خيبة أمله من أنه سار مسافة في التفاوض في السنة الماضية بل خسر نقاطا كثيرة داخل حماس عندما أخذ بتوجه معتدل نسبيا، كي يحصل في نهاية الامر على رفض نتنياهو.

يُبيّن تلخيص الاتصالات حتى اليوم أن نتنياهو مصر على رأيه ألا يزيد مرونته في التفاوض، وأن الصفقة في كانون الثاني (يناير) هي الأخيرة والنهائية. في الوضع الذي نشأ غدت احتمالات أن يُحرر غلعاد شليط، الموجود منذ نحو اربع سنين ونصف سنة في بئر سجن حماس، منخفضة جدا.

جاء عن ديوان رئيس الحكومة ردا على ذلك: 'بخلاف ما زُعم في تقريركم الصحافي يقود رئيس الحكومة نتنياهو جهودا لا تنقطع لاعادة غلعاد شليط. آتت هذه الجهود أُكلها عندما أُدخل محور الوساطة الالماني المصري، وعندما حصلنا على اول شريط فيديو عن غلعاد، وعندما ردّت اسرائيل بالايجاب على اقتراح الوسيط الالماني في الصفقة التي اشتملت على اطلاق سراح مئات من أسرى حماس كانوا مشاركين في قتل أكثر من 600 اسرائيلي. في مقابل ذلك، يُصر رئيس الحكومة على ألا يفضي اطلاق سراح مخربين من السجن في اطار صفقة ما، الى اعادة بناء قاعدة حماس الارهابية في يهودا والسامرة والى قتل اسرائيليين كثيرين آخرين. تعلمون أن ثلثي أسرى حماس الذين أُطلق سراحهم في صفقات سابقة عادوا للارهاب.

'من مصلحة حماس، ألا تحدد مواقفها بحسب الخطاب الاعلامي في اسرائيل، بل بحسب جدية نوايا رئيس الحكومة أن يُعيد غلعاد الى بيته سريعا وأن يحافظ على أمن مواطني اسرائيل وحياتهم'.

====================

لماذا يتعثر مسار الإصلاح في العالم العربي؟

مروان المعشر

الشرق الاوسط

30-10-2010

يمثل الركود السياسي تحديا ملحّا بالنسبة إلى العالم العربي المحصور بين رحى اثنتين من القوى الرئيسية، مؤسسة سياسية متجذرة تفتقر إلى الضوابط والتوازنات، من جهة، والحركات الإسلامية التي هي في أغلبيتها متشددة ويُعد التزامها بالتنوع السياسي موضع شك في كثير من الأحيان، من جهة أخرى. كما تواجه الدول العربية عقبات أساسية ومتعددة تحول دون الشروع في عملية إصلاح شاملة ومتكاملة في المنطقة، تهدف إلى تحقيق التقدم على صعيدَي التنمية والحكم الرشيد.

تتعدد أسباب قبوع العالم العربي في حالة الركود الراهنة بشقيها التنموي والإصلاحي وعلى مستوى الحوكمة. يستشهد البعض بتاريخ الدول العربية على صعيد الاستعمار، كما يشكل الصراع العربي - الإسرائيلي عائقا ومبررا لعدم المضي قدما. علاوة على ذلك، لم تعطِ الأحزاب القومية في العالم العربي، في فترة ما بعد الاستقلال، مسألة الإصلاح أي اهتمام، وركزت معظم اهتمامها على الصراع العربي - الإسرائيلي. ومنذ عام 1967 وانتصار إسرائيل على الدول العربية فَقَدَ الخطاب القومي صدقيته، وإثر ذلك راح الإسلام السياسي يكتسب زخما يوما بعد يوم.

يواجه العالم العربي اليوم، وفقا لتقارير صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وضعها باحثون عرب، ثلاثة تحديات تحول دون المباشرة في عملية الإصلاح السياسي: الأول هو الحكومات والتنوع السياسي، والثاني هو تمكين المرأة، ويتبلور الثالث في الفجوة المعرفية بين العالم العربي وبقية العالم. وإذا ما أرادت الدول العربية تحقيق التقدم، لا بد من أن تعتمد عملية مستدامة قد تمتد على عقود من الزمن. إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك عملية إصلاح مستمرة وتدريجية وجدية من شأنها أن تضمن توافر جميع الدعائم اللازمة للديمقراطية.

تسيطر على المشهد السياسي في الوطن العربي اليوم قوتان أساسيتان، وهما: إما المؤسسة السياسية المتجذرة التي تحكم من دون نظام للضوابط والتوازنات، وإما المعارضة الإسلامية التي تدعو إلى الإصلاح، لكنها أحيانا تكون مسلحة أو متشددة، ويُعد التزامها المستمر بالتنوع السياسي موضع شك في الكثير من الحالات. بيد أن المؤسسة السياسية تقاوم أي تغيير من شأنه أن يُفقدها بعض امتيازاتها، وبالتالي بات التغيير في العالم العربي اليوم منوطا إلى حد كبير بالإسلاميين، الذين يطرحون مجموعة التحديات الخاصة بهم. ناهيك بشعور شريحة واسعة من المجتمعات العربية بالقلق من فقدان التنوع السياسي في حال وصول الإسلاميين إلى السلطة واستلامهم مقاليد الحكم.

أما قوى التغيير في العالم العربي التي تدعو إلى التعددية السياسية واستخدام الوسائل السلمية لتحقيق ذلك، فهي غير معبأة، وتميل إلى أن تكون نخبوية. ولذلك لم تتمكن إلى الآن من تعبئة مجموعات كبيرة من المؤيدين مما كان يمكن أن يؤدي إلى تغيير فعال. والمطلوب في هذه الحالة طبقة وسطى ناشطة، وتمتع المجتمع المدني بالحرية للعمل في العالم العربي، وإنشاء الأحزاب السياسية التي يمكنها أن تبدأ العمل على أرض الواقع، وتقدم بدائل إما للمؤسسات السياسية وإما للإسلاميين. في معظم الحالات، وقفت الحكومات ضد تطوير مثل هذه البيئة، ولذلك فإن قوانين الأحزاب السياسية مقيِّدة جدا في العالم العربي، ولا يمكن للمجتمع المدني أن يعمل من دون ضوء أخضر من الحكومة. ومن هنا فإن تطوير الطبقة الوسطى والمجتمع المدني لا يمكن أن يتم إلا بمرور الوقت، وهذه عملية لا بد أن تتم من الأسفل إلى الأعلى، وكذلك من الأعلى إلى الأسفل. وإذا لم تتم بهذه الطريقة فإن الهوة بين الحكومة والجمهور في العالم العربي ستزداد اتساعا.

وقد قدمت بعض البلدان العربية نماذج ومبادرات كانت هامة بالنسبة إلى بقية المنطقة، فاستحدث المغرب في عام 2003 قانونا جديدا للأحوال الشخصية من أجل سد الفجوة القائمة بين الجنسين. وهناك دول مثل لبنان وتونس والأردن عملت على الجانب التعليمي من المشكلة، وعلى الحاجة إلى تحسين نوعية التعليم في العالم العربي. أما اليمن فقد عمل في مجال حقوق الإنسان وأدرك الحاجة إلى دفع فكرة منظمات المجتمع المدني التي تنشط في بيئة أكثر حرية. لكن يبقى من الصعب الإشارة إلى بلد نظر إلى كل هذه الجوانب مجتمعة، وأحرز تقدما جديا على جميع هذه الجبهات على نحو مطرد.

من ناحية أخرى، تُعد التنمية الاقتصادية جزءا أساسيا من عملية الإصلاح السياسي في أي دولة، كما أن للتنمية الاقتصادية حدودها من دون إصلاح سياسي. ففي نهاية المطاف لا يمكن جذب الاستثمارات الأجنبية من دون وجود سلطة قضائية مستقلة، تضمن أن تتاح للناس محاكمة عادلة عندما تنشب النزاعات. كما أنه لا يمكن محاربة الفساد من دون وجود صحافة حرة، أو نظام قضائي مستقل، أو برلمان قوي. لذلك عندما يتم التحدث عن التنمية الاقتصادية في معزل عن الإصلاح السياسي فإن ذلك في حد ذاته لن يؤدي إلى حدوث تقدم مستدام على صعيد الإصلاح في العالم العربي.

علاوة على ذلك، أدى الصراع العربي الإسرائيلي دورا رئيسيا في إبطاء وتيرة الإصلاح في الدول العربية، فقد تم توجيه الكثير من الموارد للصراع العربي - الإسرائيلي بعيدا عن التنمية والقضايا المحلية. لكن ذلك لم يسفر، بطبيعة الحال، عن إيجاد حل للصراع أو معالجة تلك القضايا الأخرى. كما تم استخدام الصراع العربي - الإسرائيلي كذريعة، فقد وجدت حكومات عربية كثيرة هذا مبررا مناسبا لعدم المضي قُدما في الإصلاح.

وبالتالي فإذا كان صحيحا أن أي عملية إصلاح سياسي تواجه مصاعب حقيقية من دون حل للصراع العربي - الإسرائيلي، فإن الجانب الآخر من المعادلة صحيح أيضا، وهو أن العالم العربي لا يمكن أن ينتظر تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي قبل أن يشرع في عملية إصلاح سياسي تدريجية وجدّية. هذان الأمران يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب، وللأسف هذا أمر لا يحدث الآن.

====================

بين برودة الإنجليز وثورية الفرنسيين

الصورة النمطية غير كافية لتفسير رد الفعل المختلف للشعبين

لندن: راغدة بهنام

النهار

الإنجليز معروفون بطباعهم الباردة. والفرنسيون بطباعهم الثورية. إذا أردنا أن نبني على هاتين الصورتين النمطيتين، سيكون من السهل تفسير رد الفعل المتناقض للفرنسيين والبريطانيين، على خطط حكومتيهما التقشفية.

فعلى الضفاف الجنوبية للمانش - إذا كنت فرنسيا والقناة الانجليزية إذا كنت بريطانيا - كانت الإضرابات والمظاهرات وأعمال الشغب تشل البلاد بسبب اقتراح الحكومة رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما. وعلى الضفاف الشمالية للقناة الانجليزية، كان البريطانيون يتلقون أنباء أقسى خطط تقشفية ستعتمدها حكومتهم منذ عقود، من بينها رفع سن دفع معاشات التقاعد الحكومية من 62 إلى 66 عاما، بكل برودة وهدوء.

من كان يشاهد وزير الخزانة البريطاني جورج اوزبورن وهو يعلن خطط حكومته الجديدة، خصوصا أن تلك الخطط ستؤدي بنحو نصف مليون بريطاني من موظفي القطاع العام إلى خسارة وظائفهم، توقع أن يخرج البريطانيون في مظاهرات عنيفة شبيهة بتلك التي تشهدها جارتها على الضفة الجنوبية للمانش. ولكن لم يحصل شيء. حافظ البريطانيون على برودتهم، وبدا وكأنهم تقبلوا إعلان يوم «الخميس الاسود»، كما سماه البعض، برحابة صدر.

وعندما سئل أحد المسؤولين البريطانيين إذا كان يتوقع أن يثور شعبه أسوة بالفرنسيين كرد فعل على تلك الخطط، رد بكل ثقة: «لا، لأن البريطانيين يدركون أن لا خيار آخر أمامنا، وأن هذه الخطط هي ضرورية للحفاظ على النمو الاقتصادي». وبالفعل، فقد بينت استطلاعات الرأي التي أجريت في الأيام التي تلت، أن معظم البريطانيين يوافقون على ضرورة اعتماد سياسة تقشف، ولكن ليسوا متأكدين من السرعة ولا الدرجة التي تتبعها حكومتهم.

فهل فعلا أسباب اختلاف رد فعل الجارين، تعود للكليشيهات التي تعودنا عليها؟

لا شك أن «ثقافة الثورة» تعشعش في عقول الفرنسيين منذ أيام الثورة الفرنسية في العام 1789، ويعتقد الكثيرون أنها ما زالت تحركهم حتى اليوم. فهناك نوع من التكبر يشعر به الفرنسيون حتى اليوم، ويفخرون به أمام مواطنيهم الأوروبيين.

ولكن كريس وورن، أستاذ محاضر في التاريخ الفرنسي في جامعة ساسكس البريطانية، يعتقد أن هذا التفسير خاطئ، وأن أسباب ردود أفعالهم وتكاتفهم، تعود إلى تاريخ أقرب بكثير من القرن الثامن عشر. ويتحدث وورن عن شعور «بحس الجماعة» لدى الفرنسيين غائب تقريبا لدى البريطانيين.

ويعطي مثلا على ذلك، الإزعاج الكبير الذي تسببت فيه الإضرابات الأخيرة وحصار الوقود لآلاف الفرنسيين، والذي أدى إلى تعطيل الحركة العامة، ولكن مع ذلك، كان هناك نوع من القبول العام لهذه الإضرابات. ويقول: «هناك قدرة لدى الجماعات الفرنسية على اتخاذ تحركات داخل المجتمع تتسبب بإزعاج لفئات أخرى، ولكن يتم قبولها لأنهم يعتقدون أنه في النهاية ستستفيد فئات أكبر من هذه التحركات، وسيكون لها منفعة عامة على صعيد المجتمع».

ويشرح وورن أن هذا الحس الجماعي يعود إلى الستينات، وخصوصا إلى ثورة الطلاب في عام 1968 التي شهدت تكاتف الطلاب مع العمال وأطاحت بحكومة شارل ديغول. ويقول وورن إن هذا الاتحاد بين الطلاب والعمال هو ما يخيف الحكومات الفرنسية: «إذا حاولت الحكومة تمرير مشروع غير شعبي، يبدأ العمال إضرابات، أو الطلاب، ويشجع ذلك فئات أخرى على الانضمام، ولأن الحكومة خائفة من هذا التحالف، تتراجع عموما عن قراراتها».

وهذا ما يفسر سبب تظاهر من هم في عمر الشباب في فرنسا على خطط الحكومة رفع سن التقاعد، رغم أن هذا القانون لا يطالهم مباشرة، بل يطال من هم في سن أقرب للتقاعد. وهنا يكمن التباين الكبير بين الفرنسيين والبريطانيين. ويقول وورن: «بريطانيا تعتبر أن تحركات الجماعات محصورة فقط بالجماعة التي تتظاهر، بينما الجماعات الأخرى لا ترى إلا النقاط السلبية، ولكن في فرنسا الجماعات كلها ترى منافع من تحرك جماعة واحدة». ويضيف: «مثلا الطلاب في فرنسا يؤيدون التقاعد المبكر لأن ذلك يعني أن الموظفين في الستين يتقاعدون مبكرا، وهذا يعني وظائف أكثر للشبان. ولكن هذه العلاقة في بريطانيا غائبة. والموقف العام لماذا علي أن اهتم أو أتعاطف معك؟» ولكن إذا كان «حس الجماعة» لدى الفرنسيين يأتي من ثورة الطلاب في الستينات، فمن أين يأتي غياب هذا الحس لدى البريطانيين؟ قد يكون من الصعب تحديد ذلك بشكل دقيق، إلا أنه من المنصف القول أن مارغريت ثاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تركت أثرا، وأحيانا كدمات، على البريطانيين، تقريبا في كل المرافق.

يقول وورن: «كبر في بريطانيا حس الفردية في العقود الأخيرة، وأعتقد أن هذا يعود في الحقيقة إلى عهد ثاتشر في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات». ويعتبر وورن أن ما أعلنته الحكومة في خططتها التقشفية الأخيرة، يعتبر أفضل مثال على ذلك. فالطريقة التي سوقت لها الحكومة الائتلافية التي يرأسها زعيم المحافظين دايفيد كاميرون اعتمدت على حس الفردية للتسويق لخطتها حول وقف دفع مساعدات مالية للعائلات مع أولاد. ويقول وورن: «علاقة البريطانيين بالتقديمات الاجتماعية باتت ماذا سنحصل نحن شخصيا من ذلك، مقابل ما ندفعه؟ بينما في فرنسا، وباقي أوروبا، فإن الثقافة السائدة هي عقد اجتماعي: كلنا ندفع (ضرائب) ومن هو بحاجة يستفيد».

وجاء حزب العمال الجديد برئاسة توني بلير، بعد ثاتشر، لكي يرسخ فكرة الفردية التي بدأتها «المرأة الحديدية»، وطبعها نوعا ما. ويقول وورن إنه في بريطانيا «هناك شك من الجماعات وخوف من أن الجماعة ستفرض أمورا على الفرد، بينما هذا الشعور غائب في فرنسا. وإن كان هناك خوف من الاستبداد في فرنسا، فهو خوف من استبداد الحكومة وليس الجماعة».

ولم يكن الترويج لحس الفردية، هو السياسة الوحيدة التي اعتمدتها ثاتشر والتي غيّرت وجه بريطانيا. فهناك سياسة تدمير النقابات التي أيضا اعتمدتها لكي تنهي عقودا من تحكم النقابات بالبلاد من خلال الإضرابات المتكررة التي كانت تنظمها، والتي كانت غالبا من تشل البلاد وتؤدي إلى خسارة اقتصادية كبيرة. ومن جملة الخطط التي اعتمدتها ثاتشر لتقوية الاقتصاد، سياسة خصخصة كبيرة، أدت إلى اختفاء جزء كبير من الصناعات البريطانية، لعل أكثرها تأثيرا إغلاق مناجم الفحم بعد إضرابات عمال المناجم، وخسارة عشرات الآلاف الوظائف في القطاع العام.

يقول البروفسور جون ويب، أستاذ العلوم السياسية من جامعة ساسكس: «عادة القطاع العام هو الذي يكون منظما نقابيا أكثر من القطاع الخاص. وعندما ضاعت الكثير من الوظائف العامة في الثمانينات، نتج عن ذلك قوة عمل قوية في القطاع الخاص في التسعينات، أقل تنظيما وارتباطا بالنقابات». وهناك أيضا التعديلات التي أدخلتها ثاتشر على قوانين تنظيم التحركات النقابية، والتي جعلت بموجبها تحركات النقابات أصعب من دون التعرض لملاحقات قضائية. ويقول ويب: «يمكن أن تحصل الإضرابات ولكن هناك قواعد صارمة جدا، ويجب أيضا أن تخضع القرارات لتصويت مسبق داخل النقابة وما إلى ذلك. في السبعينات، كان يمكن لقادة النقابات أن يقولوا نحن سنبدأ بتنظيم إضرابات، وهكذا كان، بهذه البساطة».

ولكن بريطانيا التي تمتعت بعقدين من الهدوء النقابي عموما، قد تعود وتشتعل عندما تبدأ نتائج الخطط التقشفية بالظهور على الأرض، وقد تدفع النقابات إلى التحرك جديا. يقول ويب تعليقا على احتمال حصول ذلك: «هذا سيناريو محتمل، فقد نشهد في غضون سنتين أو ثلاث، تحركات نقابية واسعة في حال عاد الاقتصاد إلى الركود بسبب سياسات الحكومة التقشفية، وفي حال لم ينجح القطاع العام في تحقيق آمال الحكومة بالتوسع والتعويض عن خسارة الوظائف في القطاع العام». ويضيف ويب أن القطاع الخاص قد يتأثر أيضا بخطط الحكومة بعد أن يبدأ في خسارة عقود مع القطاع العام.

ورغم أن الكثيرين تعجبوا من رد فعل البريطانيين، أو عدم رد الفعل، فإن صحافية فرنسية كانت تغطي إعلان اوزبورن، قالت ما يدل على سبب تفهم الفرنسيين لرد فعل جيرانهم. فوسط نقاش حول أسباب عدم استياء البريطانيين من رفع سن دفع معاشات تقاعدية إلى سن ال66، قالت: «عذرا ولكن نحن لدينا أسباب قوية للتظاهر، فالمعاش التقاعدي الذي تدفعه الدولة الفرنسية لمواطنيها كريم للغاية، بينما هنا لا يعتبر شيئا». ولكن قد يكون للبريطانيين ما يتظاهرون ضده في السنوات القليلة المقبلة، ربما عندما يصلون بعد عدة أشهر إلى استنتاج أن استراتيجية حكومتهم غير ضرورية، وأن تخفيض الإنفاق العام كان سريعا وقاسيا أكثر من الحاجة.

==============================

فضيحة ويكيليكس هل تجد من يهتم بها؟

فايز سارة

السفير

30-10-2010

في اختصارها الشديد، يمكن القول، ان الوثائق الخاصة بالعراق، التي كشفها موقع ويكيليكس، تمثل تأكيداً لحمام الدم الذي عاشه العراقيون خلال السنوات الماضية في ظل الاحتلال وحكوماته، وقد تضمن ذلك الحمام الرهيب في محتواه عمليات تعذيب وقتل واغتيال واغتصاب، وتدمير ممتلكات وغيرها من جرائم تم التستر عليها. والتستر يمثل جرائم وارتكابات لا تقل بشاعة عن سابقتها، وقد طالت أكثر من مئتي الف عراقي، جرى توثيق ما اصابهم عبر أكثر من اربعمئة الف وثيقة، كانت شاهداً مباشراً على معاناة العراقيين وما اصابهم من ضرر فادح.

ورغم ان حمام الدم ودمار العراق في سنوات الاحتلال امر معروف، وكثير منه موثق في الاخبار اليومية، وبعض من الخفي فيه، جرى كشف حيثياته وتفاصيله في اوقات سابقة على نحو ماحدث في فضيحة سجن ابو غريب، وسجون وزارة الداخلية العراقية، فان ما كشفت عنه وثائق ويكيليكس يزيد عن السابق في اربع نقاط.

النقطة الاولى، انه يكشف كماً هائلاً من الجرائم المرتكبة، التي قد تفوق في حجمها وزمنها الممتد لست سنوات كل الجرائم المماثلة التي شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبحسب التقديرات، فإن ما كشفت عنه الوثائق يزيد بخمس مرات عما حصل في افغانستان رغم ان احتلال الاخيرة، تم قبل احتلال العراق.

والثانية، انها توثق بالتفاصيل من خلال صور واسماء وارقام ومواقع واوقات الاحداث، ما جرى ارتكابه بدم بارد، وامام شهود، ضد عائلات واشخاص بمن فيهم اشخاص كانوا راغبين بتسليم انفسهم، وآخرون كانوا ابرياء لم يكن لهم أي صلة بعملية قتلهم أو تعذيبهم.

والثالثة، ان أطرافاً مختلفة، قامت بارتكاب تلك الجرائم أو ساعدت في ارتكابها، او تسترت عليها، وتشمل قائمة هؤلاء، اطرافاً عراقية ذات صفة رسمية بينهم رئيس الحكومة الحالي واعضاء في الحكومة العراقية، وعسكريين ورجال امن، الى جانب ميليشيات وجماعات مسلحة ذات وجود علني، ولها تغطية سياسية ودينية، وعصابات اجرامية معروفة لها روابط وعلاقات بشخصيات ذات وزن في النظام العراقي.

والمستوى الثاني من مرتكبي الجرائم، عملاء لبعض دول الجوار وأفراد وضباط في هيئات امنية واستخبارية تابعة لتلك الدول، التي كثفت تدخلاتها في الشأن العراقي بصورة فجة.

والمستوى الثالث، يتكون من جنود وضباط الاحتلال وبخاصة الاميركيين منهم الذين كانوا المسؤولين الاساسيين عن امن وسلامة المدنيين العراقيين طبقاً لمحتويات القانون الدولي ولاسيما اتفاقات جنيف حول حماية المدنيين في زمن الحرب.

والنقطة الرابعة، تتمثل في تواطؤ وتعاون مباشر، او ضمني بين الاطراف التي قامت، او تسترت على تلك الجرائم، رغم ما بين تلك الاطراف من تناقضات في الموقف من حيثيات وتفاصيل الموضوع العراقي، تؤشر الى حرب معلنة بين بعض تلك الاطراف، وكان من اشكال التواطؤ قيام الاميركيين بتسليم اشخاص الى الاجهزة الامنية والعسكرية، والى الميليشيات العراقية لقتلهم او اعتقالهم وتعذيبهم، او قيام الميليشيات والجماعات المسلحة بتسليم اشخاص الى الاجهزة الامنية والقوات العراقية، واحياناً، كان يتم العكس. وكانت عمليات تسليم تتم بين ميليشيات وعصابات اجرامية وعناصر استخبارية تابعة لدول من الجوار العراقي. باختصار كان يتم تواطؤ وسخ وغير مفهوم، لا يفسره سوى توافق الجميع وتشاركهم بالعمل على التنكيل بالعراقيين وتدمير حياتهم وممتلكاتهم في كل الاحوال.

ان مضامين وحيثيات وثائق فضيحة ويكيليكس، وما أشرت اليه من شخصيات وقوى وجماعات محلية، وجهات اقليمية ودولية، تؤكد ان هؤلاء جميعاً، لن يهتموا بما حوته تلك الوثائق والتدقيق فيها، ومحاسبة المجرمين والمتسترين، لانهم سيكونون في عداد هؤلاء، واذا كانوا سيتدخلون، فسوف يكون تدخلهم عكسياً، هدفه التشكيك بمحتوى ومصداقية تلك الوثائق، وللتشويش على التحقيقات والدعاوى التي ستقام ضد اشخاص وجماعات ودول من اجل ادانتهم بما أرتكبوا، وقد باشر بعض هؤلاء التعبير عن مواقفهم منذ لحظة الكشف عن الوثائق، وتكرست تلك التعبيرات على نحو ما بدا عليه موقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وبطانته، وموقف وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون.

واذا تجاوزنا موقف المرتكبين ومحتوى اهتمامهم بالوثائق، وانتقلنا الى المحيط العربي باعتباره مهتماً بالموضوع العراقي على نحو ما يقال، فان الظاهر مجرد اهتمام اعلامي لا يتجاوز حدود الكلام في الموضوع دون الذهاب الى أي خطوات عملية من طراز تشكيل لجنة تحقيق عربية عما حدث في العراق، او المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية، او تقديم شكاوى الى المنظمات الدولية والى محكمة الجنايات الدولية، التي يشمل اختصاصها الارتكابات والجرائم التي تحدثت عنها وثائق ويكيليكس، وتجريم من قاموا بها. بل ان الموقف العربي العام، يذكرنا بمواقف التنديد والاستنكار والشجب الذي ظهر عقب فضائح تعذيب العراقيين وانتهاك انسانيتهم وكراماتهم في سجن ابو غريب، بل ان الموقف العربي اليوم يبدو اضعف من ذاك.

واذا كان موقف العراقيين والعرب على هذا النحو في التعامل مع الوثائق، فقد يكون من الطبيعي ان يكون الموقف الاقليمي والدولي في المستويات الرسمية مماثلاً للموقف العراقي والعربي سواء بسبب المشاركة او التواطؤ في الجرائم والارتكابات ضد العراقيين، او بسبب مسايرة الولايات المتحدة الامريكية، التي لا شك انها تتحمل المسؤولية الكاملة فيما حدث اياً تكن الاطراف التي قامت به.

ويشير الواقع الى محدودية وضعف الجهات التي يمكن ان تهتم، وتتعامل بطريقة موضوعية وانسانية مع فضيحة ويكيليكس، وهي اوساط الرأي العام في مستوياته المحلية في العراق وفي المستويين الاقليمي والعالمي، اضافة الى منظمات حقوق الانسان والهيئات القانونية. وفي كل الاحوال، فان اهتمام هذا النسق من الرأي العام والمنظمات الحقوقية والهيئات القانونية، يمكن ترجمته في ثلاث محاور اساسية، الاول فيها السعي الى تحويل الفضيحة الى قضية رأي عام تضغط على الحكومات والبرلمانات للتعامل مع الوثائق بكل جدية، والدفع نحو محاكمة ومعاقبة المجرمين الذين أظهرتهم الوثائق، والثاني البدء برفع دعاوى امام المحاكم الجنائية، حيث أمكن ضد الاشخاص والجماعات والدول من مرتكبي الجرائم ومحاكمتهم وتجريمهم بما يستحقون من عقوبات، والمحور الثالث المطلوب في عمل نسق الرأي العام والمنظمات الحقوقية والهيئات القانونية، يتمثل في حملة دعاوية – ثقافية ضد الحرب وضد التدخلات الخارجية ولا سيما العسكرية، والتي من الواضح انها باتت تؤدي الى ذات النتائج المدمرة كما في المثالين الافغاني والعراقي، والتي لاشك انها سوف تتكرر في حال احتلال أي بلد، وهو أمر يعني العالم بأغلبية شعوبه ودوله، ان لم نقل كلها معنية بعدم تكرار المآسي التي تحدثت عنها فضيحة ويكيليكس، وهذا يؤكد ان العالم اليوم امام تحدي تلك الفضيحة ومحتوياتها، وهناك من ينتظر الذين يهتمون بها!

 ([) كاتب سوري

==========================

لبنان في ظلال التحريم

علي حماده

النهار

30-10-2010

ليست القضية اخلاقية ولا متصلة بأعراض النساء كما حاولت "البروباغاندا" الشمولية ولفيفها تصوير ما حصل بين محققي لجنة التحقيق الدولية و"فرقة النساء" في "حزب الله" في عيادة الطبيبة ايمان شرارة في الاوزاعي. انما القضية هي فتح مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي من جهة ومع معظم الشعب اللبناني من جهة اخرى لعرقلة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الارهابية، ومحاولة الحؤول دون معرفة حقيقة من قتل ومن حرّض ومن دبّر ومن سهّل ومن نفّذ لكي تحلّ ولو لمرة واحدة عدالة في بلاد الارز المثخنة بندوب الاغتيالات على مرّ العقود الاربعة الاخيرة، بدءاً باغتيال كمال جنبلاط الشهيد الاول، مروراً ببشير الجميل والمفتي حسن خالد ورينه معوض، وصولا الى رفيق الحريري ومن تبعه من شهداء "ثورة الارز".

ليست القضية إذاً قضية أعراض النسوة، وهذا ما يعرفه اركان "حزب الله" تمام المعرفة. والمؤتمر الصحافي المقتضب للسيد حسن نصرالله يمكن فهمه لا تبريره من زاوية ان الحاجة الى اثارة درامية تلعب على وتر الشرف الشرقي الاسلامي والغرائز المتصلة بالعرض، وقد كان حضور فريق التحقيق الدولي الى عيادة الدكتورة شرارة بهدف اجراء مقارنات في ارقام هاتفية، وما كان مرة للاستحصال على "اسرار" نساء قادة "حزب الله". ولكن ليس الغرض هنا الحلول مكان لجنة التحقيق الدولية التي مهمتها ان تعطي روايتها.

في مطلق الاحوال رمى الامين العام ل"حزب الله" حُرْماً على من يتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، محمِّلاً كل لبناني، مواطناً عادياً كان ام مسؤولاً، المسوؤلية! وفي هذا الموقف تهديد مبطّن ونوع من "الارشاد" رمى به اللبنانيين، لكأنهم رعايا في ايران الخاضعة ل"مرشد الثورة". لقد غاب عن "مرشدنا" المحلي اننا في لبنان وان ما من احد على هذه الارض يفرض ارادته على هذا الشعب، وخصوصا عندما يقترن "الارشاد" بمسدس موجه الى رأس كل لبناني حر وكل لبنانية حرة. من هنا فإن قرار مقاطعة لجنة التحقيق الدولية واتهماها بأنها اسرائيلية يخص اصحابه ولا يعني بقية اللبنانيين الذين يرفضون هذا النوع من التسلّط، ويردّون على التهديد بالسلاح بسلاحهم الامضى، ألا وهو سلاح الموقف الرافض ترك لبنان يسقط في يد هذه الشمولية الفئوية المسلحة التي سئمتها الناس من فرط ما شدّت على "حبل" اللبنانيين.

يريدون مقاطعة لجنة التحقيق ويصفون القرار الاتهامي الذي لم يصدر بعد بأنه اداة اسرائيلية – اميركية، ويعتبرون المحكمة الدولية والامم المتحدة ومجلس الامن مؤسسات خاضعة لاملاءات اميركا واسرائيل. هذا شأنهم. اما شأن الغالبية العظمى من اللبنانيين فهو رفض هذه الديكتاتورية التي تطل برأسها تحت مسمى "المقاومة"، وقد صارت هذه أداة لقهر الناس وقمعهم والتطاول على حرياتهم العامة والخاصة، فيما هي تدمر اسس هذا الكيان بمنهجية فائقة. ديكتاتورية مسلحة اذا ما سيطرت ستحوّل لبنان الى غزة ثانية واللبنانيين زمرة مشبوهين في العالم، بدءاً من العالم العربي!

ولنقلها بصراحة مطلقة: هذه ليست مقاومة. هذه أداة لوصاية جديدة على لبنان. ورفض العدالة للشهداء لا أعذار له مهما عظمت وسائل التعمية و"البروباغاندا" الشعبوية، ولا القهر والقمع يمكنهما حرف الناس عن هدفهم في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة. وكل فائض القوة لن يفرض مشروعاً هو في تكوينه نقيض معنى لبنان، كياناً وصيغة ونظاماً.

و السؤال المطروح اليوم أكثر من أي وقت مضى: ما هي الحقيقة التي يخفيها "حزب الله"؟ ومن وماذا يحمي بحربه المفتوحة على الحقيقة والعدالة؟

و للبحث صلة...

========================

تحوّل إيران الى دولة نووية والجاهزية الإسرائيلية

المستقبل - السبت 30 تشرين الأول 2010

العدد 3816 - رأي و فكر - صفحة 19

مجلة "ماكور ريشون" 26/10/2010

ترجمة: عباس اسماعيل

آسف جولان

الإعلان الذي أصدرته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس ويفيد أن الإدارة الأميركية لا تعارض تشغيل المفاعل النووي الإيراني في بوشهر، يشكل تراجعا إضافيا في موقف الغرب إزاء تحول ايران الى دولة نووية. صحيح ان المفاعل النووي ذاته معد للأغراض السلمية، ولكن في المستقبل عندما سيشغل المفاعل من قبل الإيرانيين فقط ومن دون رقابة روسية، سيكون في وسع طهران استخدام كميات الاورانيوم المستخدم في المفاعل النووي للأغراض العسكرية. بالطبع بعد تسويغ المفاعل النووي في بوشهر، سارعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون للإعراب عن معارضتها لبقية الأنشطة النووية لطهران، ولكن على ما يبدو فإن التصريح الأميركي العام،الذي كان يحمل في طياته كلاما تهديديا حقيقيا، يشكل تسليما أميركيا بالتحول القريب جدا لدولة آيات الله إلى دولة نووية.

هذا التسليم يُميز في الآونة الأخيرة غالبية دول العالم وهذا ما يعني إعادة دحرجة حبة البطاطا الساخنة هذه إلى إسرائيل حصرا. إلا أنه يبدو أنهم في القدس لم يستوعبوا حقيقة، وهي أن إسرائيل بقيت وحدها في هذه المعركة. صحيح أن وزير الدفاع إيهود باراك درج على القول في كل مرة يُسأل فيها أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، ولكن عمليا يبدو أنه يوجد على طاولة وزير الدفاع الآن مواضيع أكثر أهمية، مثل مواصلة تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والصراع الذي لا يتوقف داخل حزب العمل.

بشكل مشابه يواصلون في الليكود وكاديما الانشغال ببنود مختلفة في قانون التسويات والصراع على الهيبة بين رئيسة المعارضة تسبي لفني، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وعلى ما يبدو انطلاقا من الفرضية الساذجة والتي تفيد أنه إذا لم نتحدث في البلاد عن المشروع النووي الإيراني، فإنه على ما يبدو سيختفي من تلقاء ذاته.

لقد حان الوقت لأن تستوعب حكومة إسرائيل وقادة الجمهور الذين يقودون الدولة أنه إذا لم يحدث تغيير سياسي جذري في المنطقة، أو في المقابل إذا لم تعمل إسرائيل عسكريا من أجل وقف البرنامج النووي الايراني، فإنه في غضون سنة ونصف سيتغير من دون إدراك وجه الشرق الأوسط- إذ ستتحول الهيمنة الإيرانية إلى سيطرة لا سابق لها- ما ستؤثر بشكل دراماتيكي على الفلسطينيين وعلى الدول المحيطة بإسرائيل.

إن نجاح احمدي نجاد بالوصول الى القنبلة النووية، لا يشكل انجازا سياسيا لا سابق له فحسب، بل أيضا إثبات آخر على ان التطرف الإسلامي هو موقف روحي وسياسي مجد اكثر من المفاوضات والحلول الأخرى مع الغرب. بمعنى آخر إن قنبلة نووية علنية، ستشكل رياح اسناد ودعم لكل قوى المعارضة المناهضة للغرب والعلاقات مع إسرائيل في الدول العربية. بالإضافة الى ذلك فإن حلفاء إيران مثل حماس وحزب الله سوف يختصرون مسافات طويلة إضافية من هذا النجاح الإيراني.

الأخطر من ذلك: كيف ستستطيع إسرائيل مهاجمة مشروع نووي مشابه في سوريا أو لبنان (برعاية حزب الله) إذا أصبح لدى ايران قنبلة نووية. ذلك أنه ما من زعيم في إسرائيل سيوافق على المقامرة في ظل هذا الواقع، ومهاجمة في لبنان أو سوريا، خوفا من اشتعال عسكري مباشر مقابل ايران مع ما لهذا الأمر من انعكاسات نووية يمكن أن تنتج عن مثل هذا الاشتعال. لقد بات من غير المفيد التحدث عن التأكل الدائم في قدرة الردع الإسرائيلي الناتج عن هكذا واقع، وعن المس المعنوي الذي سيصيب مواطني إسرائيل عندما سيشعرون أن التهديد بالفناء من قبل أحمدي نجاد، مصحوب بغطاء من القدرة المادية على تنفيذه.

ثمة خطر آخر سينشأ في هذا الواقع وهو كما يبدو سباق تسلح نووي في المنطقة كلها. إن مصر والسعودية، اللتين تعتبران نفسيهما كدول تقود الغالبية العربية السنية في العالم العربي، لن تسلما أبدا بالواقع العسكري المتدني أمام إيران. كما أن أي وعد أميركي بمظلة نووية لن يتم التعامل معه بجدية من قبل زعماء هذه الدول، التي ستبدأ بسباق سريع نحو امتلاك القوة النووية الخاصة بها.

بهذه الطريقة، وبمعزل عن الأضرار السياسية الناتجة عن القنبلة الإيرانية، سنشهد تحول كل المنطقة الى منطقة نووية، وبطريقة غير متوازنة ومن دون قدرة أحد ناضج على فرض النظام هنا. من الصعب تخيل الانعكاسات في ظل واقع يوجد فيه انظمة ديكتاتورية ضعيفة نسبيا، فيها معارضة إسلامية ناشطة، تمتلك سلاحا نوويا من شأنه أن ينتقل جراء حصول انقلاب عسكري، الى يد حاكم يحمل تصورات ووجهات نظر من مدرسة الأخوان المسلمين. تصوروا ما الذي سيحدث لو امتلك معمر القذافي سلاحا من هذا النوع؟

إن هذه الحقائق البسيطة، يجب ان تعود إلى مركز النقاش الجماهيري في إسرائيل اليوم. وبما أننا كمجتمع ودولة موجودون في الدقيقة الأخيرة قبل التغيير الدراماتيكي للمنطقة التي نعيش فيها، علينا القيام بهذا النقاش الآن (والسؤال هو هل يمكن التسليم بالوضع أو نهاجم)، قبل حصول التغيير نفسه. ممنوع على إسرائيل ان تُضبط مرة أُخرى وهي غير جاهزة، ذلك أن إخفاق المفاجأة الاستخباراتية في حرب يوم الغفران هو أوهن بكثير من اخفاق الوصول الايراني الى القنبلة النووية وإسرائيل غير جاهزة لمواجهة ذلك.

=======================

عندما يعود الأمر إلى الحوار حول النقاب، يتوجّب على فرنسا الرجوع إلى كندا

إلسا رزق الله

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

29 تشرين الأول/أكتوبر 2010

www.commongroundnews.org

مونتريال، كندا – بينما يستمر الخلاف حول النقاب في صنع عناوين الأنباء في فرنسا، يستحق الأمر تفحّص ما يمكن لفرنسا أن تتعلمه من كندا، التي عملت على تسوية حرية الأديان مع الأمن الوطني وحقوق المرأة.

 

تم إيجاد القوانين التي تمنع النقاب (الذي يغطي جسم المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها) في مضمون انعدام الأمن بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. قامت كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وكندا بتطوير قلق متزايد حول الأمن الوطني، الأمر الذي أدى إلى قلق متزايد حول المجموعة الدينية الأوسع التي يدّعي مفجرو الحادي عشر من أيلول/سبتمبر أنهم جاؤوا منها.

 

إلا أن الكثيرين يعتقدون أن مشاريع القوانين هذه حاولت تحجيم حريات المسلمين في العقيدة والدين. ولكن الحرية في لبس النقاب يحميها الدستور الفرنسي في مقدمته، إذ تنص المادة الأولى على أن "فرنسا ستكون جمهورية لا يمكن تقسيمها، علمانية ديمقراطية واشتراكية. وسوف تضمن المساواة بين كافة المواطنين أمام القانون دون تمييز في الأصل أو العرق أو الدين. كما أنها سوف تحترم كافة المعتقدات". وبالمثل يقول البيان الكندي للحقوق والحريات في الدستور الكندي: "يملك كل فرد الحريات الأساسية التالية أ) حرية الضمير والدين، ب) حرية الفكر والمعتقد والتعبير ...".

 

كيف يمكن لأية دولة إذن أن تساوي بين القيم الدينية لشعبها ومنعها القانوني لتعابير دينية معينة؟

 

الأمر الذي ربما لا يفهمه البعض هو أن تنفيذ قانون ضد النقاب لا يمنع المرأة من لبسه، وإنما يعني فقط أنها لم تعد تتمكن من لبسه خارج المنزل. إلا أن المنع يتعلق بموضوع أكثر اتساعاً : عزل النساء المسلمات. سوف يؤدي إنكار المرأة حق التعبير عن حرياتها في العقيدة والدين إلى زيادة شعورها بالعزلة.

 

هكذا، ورغم أن الهدف المعلن لمشروع القانون يمنع النقاب في فرنسا هو تشجيع المساواة في النوع الاجتماعي والأمن وقيم الجمهورية الفرنسية، إلا أن هذا المنع يحدّ في الواقع من التنوع.

 

لدى كندا تاريخ طويل في استخدام "التكيّف المعقول" عندما يعود الأمر إلى كافة الممارسات الدينية والثقافية، الأمر الذي يعني أنه يجب التكيف مع الأقليات، ضمن المعتدل. وانطلاقاً من قانون العمل لعام 1985، يحافظ "التكيف المعقول" على مرونة المعايير في مكان العمل أو في المجتمع حتى يتسنى تجنّب الممارسات التمييزية. الهدف الأول للتكيّف المعقول هو توفير مجتمع مع الأمن والسلام وفي الوقت نفسه احترام واكتساب تفهّم أفضل لتنوعه.

 

ففي مقاطعة كوبيك الكندية على سبيل المثال، تسمح الحكومة الإقليمية للمرأة لبس النقاب علناً، ولكنها تطلب من هؤلاء النساء بعض التكيّف، مثل إظهار وجوههن على بطاقات تأمين الرعاية الصحية.

 

كلما تمكّنا أكثر من فهم هذه الفروقات، كلما تمكّنا بصورة أفضل من حماية السبب الرئيسي وراء الهجرة: العيش في مجتمع ديمقراطي يحترم حرية التعبير والدين. يجب أن يُنظَر في هذا المجتمع نفسه إلى المرأة المسلمة كفرد متساوٍ مع الآخر.

 

ما كان يجب للحل في فرنسا أن يفرض قانوناً ضد لبس النقاب، وإنما البحث عن تكيّف معقول بين متطلبات الخدمة العامة وحريات المواطنين الدينية لإيجاد روابط اجتماعية قوية.

 

قبل التوجه بسرعة إلى الجمعية العمومية (البرلمان) للموافقة على هذا المنع ومثله، يتوجب على صانعي القوانين أن يلتقوا أولاً لمحاولة فهم مصادر هذه التقاليد، إضافة إلى مظاهر جديدة لها. ويمكن كذلك مشاورة هؤلاء الممثلين والطلبة منهم لتقديم حلول صادرة عنهم. سوف يتكيف هذا التوجه بالتأكيد بصورة أفضل مع المسلمين في المجتمع الديمقراطي.

هدف هذا الحوار في نهاية المطاف هو ضمان الأمن والمساواة للجميع ومنع الحقد والنزاع من الظهور. إنه نوع من العقد الاجتماعي الجديد.

ـــــــــــ

* إلسا رزق الله طالبة في كلية الحقوق في مونتريال، وقد كتبت مقالات في “Lex Hebdo”، وهي مجلة مركز بحوث القانون العام بجامعة مونتريال.

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ