ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

خلفيات التفرقة والوهن لدى العرب في العالم المعاصر (3)

جورج قرم

السفير

3-11-2010

إشكالية فصل الحيِّز الديني والروحي

عن الحيِّز الزمني

أصبح التقوقع على الهوية الدينية، أكثر تحجُّراً كونه الملجأ الأخير لهوية عروبية حضارية مفقودة، وبسبب الارتدادات التي خلقها استيراد إشكالية الفصل بين الروحي والزمني الأوروبية الطابع في المجادلات حول الهوية المجتمعية للعرب. وهذه الإشكالية التي تطوّرت من وراء خصوصية تاريخ الكنيسة الرومانية في أوروبا التي كانت قد سيطرت على جميع أنواع وأشكال السلطات الزمنية لا تمت بصلة إلى التاريخ العربي حيث لا كنيسة في الإسلام، والإشكالية العربية الصحيحة في مجال علاقة الأمور الدينية بالأمور السياسية تكمن في التأسيس التام لحرية الاجتهاد وحرية التعامل مع النصوص الدينية الطابع، وهي أم الحريات التي منها تتفرّع كل الحريات الأخرى.

وفي هذا الخصوص، لا بدَّ من الإشارة إلى الإشكالية المفتعَلة التي يتخبَّط فيها العديد من المثقفين العرب منذ عقود من دون جدوى، وهي إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام التي أصبحت تسجن الفكر في حلقة مفرغة متكررة ورتيبة. ذلك أنَّ مجرد طرح مثل هذه الإشكالية يفتح الباب أمام تناقض مفتعل بين الانتماء الدنيوي الطبيعي للشعوب العربية إلى حيِّز لغوي وثقافي وتاريخي مشترك من جهة، والإيمان الديني والعقيدة الروحية التي هي بطبيعة الحال الإسلام لدى غالبية العرب، من جهة أخرى؛ إنَّما المهم هنا ليس تأكيد شخصية إسلامية باستمرار كنقيض للشخصية اليهودية - المسيحية التي يدّعيها الغرب اليوم، بلْ المهم تأكيد حرية الاجتهاد كما ذكرت، وبالتالي قبول تعددية المذاهب الإسلامية وليس استهجانها أو اتهام البعض منها بالكفر والهرطقة، مما يكرّس أوضاعاً طائفية متوترة، بلْ متفجِّرة في أقطار عديدة من الوطن العربي كما تشهده الحال بكل وضوح في العراق بشكل خاص وفي لبنان وفي أقطار أخرى تتعايش فيها مذاهب إسلامية مختلفة.

والجدير بالذكر في هذه القضايا، أنَّ الدولة الإسلامية كانت تاريخياً دولة مدنية يحكمها مدنيون، وإن كانت تستمد قدرتها وشرعيتها من المبادئ الأخلاقية الإسلامية الجديدة. وفي معظم الأحيان كانت فئة العلماء والمراجع الدينية خاضعة للسلطة المدنية على خلاف التاريخ الأوروبي المسيحي حيث كان الإكليروس المسيحي مهيمناً على السلطات السياسية المدنية. ولا بد هنا من الإشارة إلى أنَّه في المئتيْ سنة الماضية، قد تمّ تحديث جميع الأنظمة القانونية في العالم العربي، مع استئناءات قليلة مثل وضع المملكة العربية السعودية والسودان، بحيث أصبحت الشريعة الإسلامية تسود بشكل رئيسي في ميادين محصورة مثل الأحوال الشخصية، وهي مختلفة بين مذهب إسلامي وآخر. إنَّ سعيْ البعض من الأنظمة العربية إلى تقوية موقع الشريعة الإسلامية، أو الادعاء بالحكم السياسي حسب نص القرآن الكريم، ليس إلاَّ نتيجة الوقوع في الإشكالية السلبية التي تطرح كقضية أولى في الوجدان العربي ضرورة العودة إلى الأصالة والابتعاد عن الحداثة، كونها حداثة مسيحية غربية، وذلك في سعي إلى تعزيز شرعية حكم ناقصة أساساً في العديد من الأقطار العربية.

أما العلاقة بين العروبة والإسلام فلا مشكلة فيها، لأن الروحانيات والعقيدة الدينية لأغلبية العرب مستمدة من التنزيل الإلهي الذي تجسَّد في القرآن الكريم، لكنَّ هذا لا يجعل من العرب كتلة غير متميّزة حضارياً ولغوياً وتاريخياً عن سائر الشعوب التي تدين بالإسلام كدين، وكل واحد منها له تاريخه وحضارته ولغته الخاصة، بدايةً من تركيا والشعوب الناطقة باللغة التركية وانتهاءً بمسلمي تايلندا والفيليبين ومروراً بالشعوب الناطقة باللغة العجمية أو إحدى اللغات المتفرِّعة عنها. وإذا اعتمدنا معيار قومية إسلامية لتثبيت الوجدان العربي، فإنَّ الشعوب العربية تذوب في كتلة بشرية تعدادها مليار ونصف مليار من البشر ذوي الأهواء والخصائص القومية والحضارية المختلفة، وهذا ما يؤبِّد وضع العرب، وهم أقلية في هذه الكتلة، كشعب هامشي لا دور له في صناعة التاريخ.

نحو نظام إدراكي ومعرفي عربي

لن أطيل الحديث هنا لتبرير ضرورة بناء منظومة إدراكية معرفية متكيِّفة مع التحديات التي نجابهها كعرب. فقد كتبْتُ العديد من الدراسات والمقالات في هذا الخصوص، وآخرها بمناسبة ذكرى المثقف الكبير عبد الله عبد الدائم الذي كان يدعو باستمرار إلى تطوير مثل هذه المنظومة الثقافية والمعرفية الكبيرة. ولكنَّ نجاح هذه الدعوة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل لتحقيق الشروط الآنفة الذكر ضمن إطار الإيمان بوحدة التاريخ والمصير للمجتمعات العربية المختلفة، وضرورة إطلاق حركة نهضوية جديدة تعيد التواصل بنهضة القرن التاسع عشر التي محِيَت من الذاكرة، وتعيد كذلك التواصل مع العبقرية العربية التي بنت إحدى الحضارات الكبيرة في العالم، وهي الحضارة الإسلامية التي اشتُهِرَت بقدرتها على الإبداع في جميع المجالات العلمية والأدبية والفنية، وعلى التفاعل مع الحضارات الأخرى المجاورة، البيزنطية والعجمية والفرنجية والهندية، واستيعابها واكتساب معارفها وتوطينها. وهي اشتُهِرَت كذلك بقبول التعددية العرقية والدينية والمذهبية. وقد لعب كل من الخلافة الأندلسية والعباسية دوراً طليعياً في إرساء مقوِّمات تلك الحضارة التي أصبحت اليوم من الماضي بعد أن اختلفت كل الظروف والأزمنة، كما يقول ابن خلدون. فعلينا أن نعيد بناء شخصيتنا العربية ونظامنا الإدراكي ومعارفنا على ضوء كل التطورات التي حصلت وألاَّ نضيِّع الجهود في مسعى تخيُّلي إلى العودة إلى أولى حقبات ظهور الإسلام كما يفعله الفكر الأصولي المتشدد.

ومن أجل ذلك، لا بدَّ من النظر إلى قضيتيْن رئيسيتيْن، إحداهما تتعلق بما تحتاج إليه أنظمتنا التربوية من إعادة نظر شاملة، سواءً في المناهج أو في طرق إدارتها؛ والأخرى تتجسَّد في ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية التي أصبحت مفقودة تماماً من المحيط إلى الخليج كما تم ذكره سابقاً. وإذا كانت القضية التربوية مدار دراسات عديدة بما فيها دراسات حول طرق استيطان العلم والمعرفة والتقنيات في المجتمع العربي، فإنَّ قضية انعدام العدالة في توزيع الثروات والمداخيل قد أصبحت غائبة تماماً عن المشهد الفكري العربي، وذلك بعد أن اجتاحت موجة النيوليبرالية العربية تعليم الاقتصاد في جامعاتنا العربية أو بعد أن درس الجيل الشاب من العرب في الجامعات الاميركية والأوروبية مبادئ النيو ليبرالية وتعلَّق بها. فاللُّحمة المجتمعية لا يمكن أن تتحقق فقط عبر التعليم والنهضة الثقافية، إنَّما يجب أن تكون مستندة إلى آليات عادلة في توزيع الدخل بين كل الفئات الاجتماعية. وفي هذا الخصوص، لا بدَّ من التذكير بالوضع التناقضي الفضائحي في سائر المجتمعات العربية حيث نرى معدلات بطالة عالية للغاية عند العنصر الشاب، وبشكل خاص المتخرّج من جامعاتنا، ممّا يسبب نسبة هجرة أدمغة أعلى من أي بلد آخر. هذا يعني أننا في وضع نزيف بشري يحول بدوره دون بناء المنظومة الإدراكية والمعرفية العربية.

إنَّ المستقبل العربي مجهول وغامض وملتبس. لا أحد يعلم من المحيط إلى الخليج، إلى أين نحن سائرون ولماذا نبقى بهذه الحالة من التشتت والتمزق وفقدان العدل والتنمية في جميع أوجهها. ومرد ذلك في نظرنا إلى غياب المنظومة المعرفية والإدراكية الجامعة، المتكيِّفة مع التحديات الموصوفة هنا، والمعالِجة لأسباب الإحباط والوجدان المشرذم والمتناقض بين اتجاهات متناقضة. وفي استمرار غياب بناء المعرفة والإدراك السليم وأنظمة قيمية تستوعب تحديات العصر وتستعيد عبقرية الماضي المنسية، فليس لدينا أية إمكانية لتحديد أهداف يجتمع حولها العرب، قطرياً كما قومياً، لإعادة إثبات وجودهم التاريخي وإعادة تكوين حضارتهم الخاصة بهم. ومن الواضح أنَّ المجتمعات العربية بمعظم شرائحها تعيش اليوم في غياب مثل هذه الأهداف، وهذا ما فجّر الحركات التكفيرية التي تمارس العنف الأعمى في مواقع عديدة من الوطن العربي ضد المواطنين العرب الأبرياء، أكثر مما تمارسه ضد المحتلين الغزاة.

وفي المقابل، هناك نقاط مضيئة من المقاومة الفعّالة للهيمنة الأميركية  الصهيونية الاستبدادية على المنطقة، في فلسطين كما في لبنان، والمتجسِّدة في حركتيْ حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، اللتيْن تحظيان بمؤازرة القطر العربي السوري والحليف الإيراني وأجزاء واسعة من الرأي العام العربي، وهما حركتان ذواتا أبعاد عديدة عقائدياً، إذْ يتوجّه خطابهما، سواءً على المستوى القطري أو القومي أو العربي أو الإسلامي.

وعلينا أن نساند تينك الحركتيْن، ليس فقط نظراً لفعاليتهما وإصرارهما على مجابهة المحور الأميركي - الصهيوني، وإعادة الكرامة إلى المواطن العربي، بل أيضاً لكيْ نساهم في خلق البيئة الفكرية التي يمكن أن تنصهر فيها مستقبلاً هاتان الحركتان لكيْ تتمكنا من تعميم روح المقاومة مهما كانت دوافعها العقائدية. وأعني بذلك بناء هذه المنظومة المعرفية والنظام الإدراكي والقيَمي المطلوب منه القضاء على أسباب التفرقة والفتنة بين العرب، وهي عديدة وفتّاكة.

وعلينا أيضاً جميعاً التعاضد في إرساء دعائم الحوار الفكري البنَّاء لأنَّ أزمة العجز العربي الفاضح خلال الثلاثين سنة الأخيرة ليست إلاَّ انعكاساً لأزمة فكر عميقة، ناتجة عن التطورات الدراماتيكية المتلاحقة على مسيرة مجتمعاتنا خلال القرنيْن الماضييْن.

وحبذا لو نصل إلى الوعيْ الكافي لخطورة استمرار مثل هذه الأزمة، فنعالجها بالجدية المطلوبة كيْ لا نستمر على طريق الوهن والخضوع إلى إرادة الآخرين الأقوياء.

=====================

المزايدات العقلانية في الإسلاموفوبيا..هل من مصلحة البورصات السياسية والمالية ان يتوقف الخوف من الارهاب؟

غسان المفلح

2010-11-02

القدس العربي

لم تعد قضية الإسلام فوبيا في بعض الدول الأوروبية قضية عابرة، بل أصبحت الآن عنصرا أساسيا في المشهد الانتخابي الأوروبي، لا نريد العودة للمشهد الفرنسي الذي كشفت المظاهرات الأخيرة، عمق أزمته، حيث بات من المعروف للجميع أن الدولة الفرنسية من أكثر الدولة مديونية على الصعيد الداخلي في أوروبا، وشدة الأزمة الاقتصادية كانت قاسية عليها، ولم تنفع حمية ساركوزي في إشغال الرأي العام الفرنسي بقضية الهوية الوطنية الفرنسية، التي سرعان ما ابتعلتها نوايا اليمين التقليدي، هذه النوايا التي أرادت ولازالت تريد الخروج من الأزمة، من دون التعرض لنسب الفائدة ومن دون تشريع ضريبي جديد، يحلها على حساب الأغنياء، بل يريد حلها على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسط.

فرنسا الآن فيها معركة ذات بعد طبقي طاغ، سينجح 'الأمير' ساركوزي، كما أسمته زعيمة الحزب الاشتراكي الفرنسي، أم لا هذا متوقف على مجموعة من العوامل، لسنا بصدد التعرض لها الآن، ولكن ما يهمنا أن قضايا الاندماج والبرقع والحجاب والهوية الفرنسية تراجعت عن مقدمة المشهد الفرنسي الإعلامي والسياسي، ليس لأنها لم تعد مثمرة، بل لأن الناس والفقراء وذوي الدخل المحدود أصبحوا في الشارع. والدليل أنها خرجت من الجارة الألمانية عبر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي أكدت أن الحديث عن الاندماج والتعدد الثقافي غير ممكن، وقد فشل الكثير من سياساته بسبب الأجانب هؤلاء، رغم أن أرقام دوائر الهجرة والاندماج تقول غير ما صرحت به أنجيلا ميركل، وما ذهب إليه هورست زيهوفر رئيس حكومة ولاية بافاريا في تأكيد تصريحات ميركل.

ففي العام الماضي هاجر من المانيا 738 الف شخص متجهين صوب اقطار العالم المختلفة، ووفق تقارير دوائر الهجرة الالمانية فإن هذا العدد يزيد بمئة الف حالة عن العام الذي سبقه، ويصنف التقرير المواطنين المهاجرين من المانيا بأن 563 الفا منهم ينحدرون في الاساس من اصول اجنبية، وفقط 175 الفا من أصول المانية.

أما تقارير دوائر الهجرة في ولاية بافاريا فتذكر أنه في عام 2008 تزايد عدد الذين تركوا ولاية بافاريا مهاجرين الى الخارج بنسبة تفوق عدد المهاجرين إليها، وتقول احصائية صدرت هذا العام بأن عام 2009، ظلت قائمة المهاجرين تشغلها عشر دول أوروبية، احتلت تركيا فيها المرتبة الثامنة، وهو ما ينفي مزاعم زيهوفر عن هجرة العرب والمسلمين الى بافاريا.

كما جاء ترتيب الجنسيات المهاجرة الى بافاريا كالآتي: بولندا، رومانيا، المجر، النمسا، الولايات المتحدة الامريكية، ايطاليا، بلغاريا، تركيا ثم سلوفاكيا وروسيا، ولم يكن هناك ذكر لدولة عربية واحدة. ويقول مسؤول في مكتب الهجرة ان الوضع هكذا منذ 5 سنوات، ولم تسجل فيها دولة عربية واحدة على قوائم المهاجرين إلى ولاية بافاريا. جدير بالذكر أن الهجرة التركية هي الأخرى تقلصت كثيرا إلى المانيا، ففي العام الماضي 2009 زادت الفجوة بين القادمين الجدد والراحلين بعدد فاق ال2216 رحلوا من المانيا عائدين الى تركيا. وجدير بالذكر أيضا أن هورست زيهوفر رئيس حكومة ولاية بافاريا وانجيلا ميركل حددا بشكل دقيق من هو المسؤول عن موت التعددية الثقافية في البلاد، ويقصدان العرب والمسلمين عموما، إلا أن الأرقام مرة أخرى تؤكد عدم صحة هذه الزعم، ففي سنة 2009 سجلت دوائر الهجرة عدد العراقيين المهاجرين إلى المانيا بأكثر من 2362 مهاجرا أغلبهم من المسيحيين الذين رحبت المانيا بهجرتهم.. وفي الوقت ذاته عاد الى العراق 927 شخصا. وتلي العراق مصر التي وفد منها الى الولاية 407 أفراد ورحل منها 328 ثم المغرب الذي جاء منه 275 مقابل عودة 210، أما تونس فقد سجلت نسبة الوافدين الجدد241 في مقابل 268 عادوا الى الوطن، أما الجزائر فقد سجلت نسبة 114 في مقابل 99 عادوا الى موطنهم. وتكشف هذه الارقام مدى الظلم الذي يقع على العرب بشأن اتهامهم بأنهم يشكلون صعوبة في الاندماج وأنهم لا يحسنون تعلم اللغة الالمانية، والأمر في حقيقته لا يبدو كذلك، فالمانيا تجبر الاجانب المهاجرين الذين يتزوجون من مواطنين أو مواطنات على تعلم اللغة الالمانية والحصول على شهادة معتمدة من معهد غوتة حتى يحصلوا على فيزا دخول للاراضي الالمانية، من تحقيق أجراه صلاح سلمان لجريدة إيلاف الألكترونية.

هذه الأرقام لا تعني أيضا أنه ليست هنالك مشكلة اندماج أو مشكلة تتعلق بالتعددية الثقافية، ولكن كيف يتم توظيفها وكيف هي الأمور وواقع الحال هنا، ما نريد أن نلقي الضوء عليه قليلا..

أية قضية كبرت أم صغرت عندما تدخل المشهد الانتخابي التنافسي، تصبح ككرة الثلج تأخذ أبعادها في أحيان كثيرة بعيدا عن حقيقة هذه القضية، كيف انبثقت الإسلاموفوبيا، هذا لم يعد مهما الآن بقدر أهمية ربحية هذه القضية رمزيا بالمعنى السياسي للتيارات السياسية في دول أوروبا، وماديا لأساطين الإعلام وباحثي مراكز البحوث التابعة لتلك المؤسسات الإعلامية، بوصفها في النهاية مؤسسات تجارية، ومراكز البحوث التابعة للمؤسسات السياسية المشاركة في اللوحة الانتخابية، البعد الرمزي وهو الناتج الاستثماري لهذه القضية وعائده على التيارات السياسية، أصبحت الآن هنالك مؤسسات قائمة بذاتها، معنية فقط بتهيئة صورة المرشحين للانتخابات، ماذا سيحيط بها؟ ماذا ستقول في بيانها الانتخابي؟ ماذا سيكون شعارها الأساسي وشعاراتها الفرعية؟ وهذه المؤسسات لا تعمل مجانا لأي طرف سياسي أو لأي شخص مهما كان، وإنما هي استثمارات رأسمالية غايتها الربح والربح والاستمرارية في هذا الحقل الاستثماري فقط، نجحت ميركل أم خسر ساركوزي، هذا لا يهمها سياسيا أو اجتماعيا أبدا في المؤدى الأخير، واهتمامها به فقط من زاوية أن نجاح زبائنها يتيح لها البقاء في المنافسة مع مؤسسات أخرى، أي البقاء في السوق. وهذه المؤسسات هي الأخطر الآن رغم انها خارج دائرة الضوء البحثي والتقصي، لأنها هي التي باتت تصيغ عناوين الحملات الانتخابية وشعاراتها، وكيفية استخدام الرموز والوقائع، كما بات لديها أساطين من الباحثين والمختصين بشؤونها، وبشؤون الميديا المرافقة لها. الإسلاموفوبيا الآن استثمار لازال ناجحا من وجهة نظر هذه المؤسسات، لذلك تعمل ليل نهار على تفعيلها، وهذا التفعيل يحتاج إلى وقائع ومواد مستمرة الانتاج، لذلك تجدها تقيم المؤتمرات وتتابع تفاصيل حياة المهاجرين من أصول اسلامية، ولا تترك حادثة صغرت أم كبرت إلا وتتناولها من زاوية عملها وليس من زاوية مصلحة المجتمع أو المهاجر، أما باحثوها وعلماء اجتماعها، فهم يتبعون ما يمكن أن يزيد من دخلهم المادي، وما يجعلهم يحتلون مقدمة الشاشة التلفزيونية، لأن احتلالهم لمقدمة الشاشة يجلب لهم مزيدا من الدخل ومزيدا من الأضواء. لهذا ليست الحملات المعادية للمهاجرين من أصول عربية وإسلامية، حملات لا تحمل طابعا مؤسساتيا، بالعكس تماما، فهي لكونها ربحية أو باتت ربحية، فهي عقلانية، وهذه العقلانية هي التي تفتح باب المزايدات في هذه القضية. على هذا الأساس نجد تصريحات المستشارة ميركل ومسؤولي حزبها، رغم أن الأرقام بعكس هذه التصريحات. يتحدثون مثلا عن أحياء يقطنها هؤلاء المهاجرون وتتسم بطابعهم الرمزي، وأن هذه القضية مقتصرة على العرب والمسلمين، بينما تجدها معممة على الجميع من المهاجرين، حتى الجاليات البولونية والروسية والبرتغالية مثلا، والجاليات الأفريقية من أصول مسيحية تعيش نفس الوضع ومع ذلك لا يجري الحديث عنها، في أمريكا نفسها، لازالت هنالك احياء خاصة بالمهاجرين من أصول أوروبية أو صينية أو يابانية أو فيتنامية، وكذلك الحال في باريس ومع ذلك لا يجري الحديث عنها، يجري الحديث عن المطاعم العربية أو التركية وروادها ولا يجري الحديث عن مطاعم السوشي الياباني والأكل الصيني وروادها على سبيل المثال...

الإسلامفوبيا الآن قطاع استثماري بكل معنى الكلمة، ولا علاقة له بقيمة السلعة الحقيقية بل أصبحت أسهم في البورصة السياسية والمالية. والمهاجر يدفع الثمن. فهل من مصلحة هذه البورصات أن يتوقف الخوف من الإرهاب؟ او من مصلحتها انتاج سياسات وثقافات ومؤسسات تعنى بوقف هذه الإسلامفوبيا؟ أشك بذلك!

' كاتب سوري

=====================

الحرية بين الغضب واللامبالاة

محمد فاروق الإمام

2010-11-02

القدس العربي

ألقت سلطات الأمن اليمنية القبض على الطالبة الجامعية حنان محمد السماوي للاشتباه بها بأنها هي من أرسلت قنابل في طرود موجهة إلى الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن أجهزة الأمن وجدت رقم هاتف الفتاة على بوليصة شحن الطردين المفخخين.. فقامت الدنيا ولم تقعد، وتظاهر في صنعاء أكثر من 500 طالب وطالبة من زملاء وزميلات حنان في كلية الهندسة، مطالبين بالإفراج عن زميلتهم فوراً، رافعين لافتات (الحرية، الحرية لحنان) و(العدل، العدل لحنان)، وقد بحت حناجر الطلبة وهي تردد هذه الشعارات تضامناً مع زميلتهم حنان.

المظاهرة الطلابية خرجت بقوة رغم الحظر الأمني على ذلك تطالب بسرعة الإفراج عن الطالبة التي تدرس في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، لاعتقادهم بأنها بريئة من هذه التهمة وأنها ضحية وربما كبش فداء لهذه العملية التي لا تمت لها بصلة، في حين تضامن العديد من المنظمات الحقوقية اليمنية مع الطالبة حنان السماوي، مبررة نشاطها الحقوقي بأنه من المستحيل أن يضع المرسل اسمه وعنوانه ورقم هاتفه على الطرود المتفجرة من هذا النوع، حتى لا يترك دليلاً مادياً يدينه ويسهّل عملية الوصول إليه واعتقاله، وبالتالي ربما تكون حنان السماوي وقعت ضحية لشخص آخر دوّن معلوماتها على الشحنة المرسلة بقصد أو بدون قصد الإضرار بها.

ومقارنة مع هذا الموقف الطلابي اليمني المتضامن مع زميلتهم حنان وموقف الطلبة السوريين من زميلتهم طل الملوحي التي اعتقلتها أجهزة الأمن السورية منذ نحو عام، ولم نسمع عن أي تحرك لطلبة سورية دفاعاً عن زميلتهم طل التي كانت ضحية قمع الحريات في سورية وقمع الكلمة والرأي الآخر، ولم تكن طل قد قامت بأي عمل إرهابي أو مخالف للأنظمة والقوانين التي سنّها المشرع السوري الذي أجاز للمواطن السوري أن يعبر عن رأيه بالوسائل السلمية المشروعة عبر وسائل الإعلام المتاحة، وكان كل ما فعلته طل أنها كانت تقوم بنشر بعض القصائد والمواضيع التي تحث على تحرير فلسطين وتصف الحال المزرية التي وصلت إليها البلدان العربية عبر مدونتها على الأنترنت، وقد حُرمت كباقي السورين من الإطلالة عبر وسائل الإعلام المعروفة (المقروءة والمسموعة والمرئية) التي احتكرها نظام حزب البعث الشمولي منذ نحو نصف قرن!!

لقد التقيت بعدد من الطلبة والطالبات السوريين وسألتهم عن طل الملوحي فأنكر الجميع سماعه بقصتها أو حتى باسمها، والكل كان يستغرب ظهور اسمها في وسائل الإعلام تروي حكايتها وحكاية اعتقالها، وإن كان البعض لم يستغرب موقف النظام من طل واعتقالها، كونها خالفت الأنظمة بنشاطها الإعلامي غير المسموح به في سورية، وعند سؤالي لهم: لماذا لم يتحركوا للتعبير عن غضبهم ومعارضتهم لاعتقال زميلتهم طل الملوحي، كان الجواب ضحكات وهمسات: (يو.. ليش مين بيجرأ يتحرك أو يعارض النظام في سورية شو نحنا عايشين في أوروبا..!!).

ما جرى في دمشق من لامبالاة لاعتقال طل الملوحي، وما جرى من غضب في صنعاء عند اعتقال حنان محمد السماوي.. يذكرنا بأيام زمان عندما كنا طلبة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي (قبل وصول حزب البعث الانقلابي الشمولي إلى الحكم عام 1963) عندما كنا نحن الطلبة نغير وزارات ونقيل وزراء ونرسم سياسة الدولة، فلم تكن تمر أي حادثة مهما صغرت أو كبرت دون أن تجد للطلبة دوراً في التعبير عن غضبهم، عبر مظاهرات صاخبة كانت تحجب عين الشمس عن شوارع دمشق وحلب وحمص واللاذقية ودير الزور تهتف وتعارض وتندد، وكانت الشرطة لا تتجرأ من الاقتراب من المتظاهرين، وكانت كل مهمتها حماية المتظاهرين وتسهيل طريقهم للوصول إلى القصر الجمهوري أو دار الحكومة أو البرلمان.

من هنا نتبين إلى أي مستوى آل إليه حال الطلبة في سورية من تهميش وتدجين وتغييب وتضييق وهم أمل الأمة وأسباب نهضتها وتطورها ونموها.

كاتب سوري

=====================

صحف عبرية: تركيا ليست عدوا

أسرة التحرير

هآرتس 2/11/2010

2010-11-02

القدس العربي

قرار المجلس التركي للامن القومي ادراج اسرائيل في خريطة التهديدات الاستراتيجية خطير ومقلق. هذه هي المرة الاولى التي 'تحظى' فيها اسرائيل، التي كانت حتى وقت اخير مضى الحليف الاقرب لتركيا، وشريكها في المصالح الاستراتيجية، بتعريف يلائم دولة عدو.

لا يدور الحديث عن خطوة اعلامية فقط. من التعريف التركي تنشأ ايضا مضاعفات عملية، بعضها تحققت من قبل، مثل الغاء المناورات المشتركة والمقاطعة الدبلوماسية. وسيؤثر القرار ايضا على منظومة التعاون في المستقبل.

التدهور في العلاقات لم يبدأ مع صعود حزب العدالة والتنمية الى الحكم في 2002. على مدى نحو ست سنوات، حتى حملة 'رصاص مصبوب' تصرفت الدولتان كشريكتين كاملتين تتشاركان في مصالح مشتركة. حملة 'رصاص مصبوب' بشكل خاص وسياسة الاغلاق على غزة بشكل عام، الى جانب سخافة نائب وزير الخارجية، الذي أهان السفير التركي علنا، شكلت خط الفصل في العلاقات بين الدولتين، التي منذ ذلك الحين تدهورت بسرعة فقط وبلغت دركا اسفل غير مسبوق في اعقاب قضية الاسطول.

تركيا لا تأتي بيدين نظيفتين حين تنتقد اسرائيل على سياستها. الحرب التي تديرها ضد الارهاب الكردي لا تختلف في طبيعتها عن تلك التي تديرها اسرائيل؛ اقترابها من ايران وعلاقاتها الوثيقة مع سورية تثير الاشتباه ليس فقط في اسرائيل. ولكن تركيا واسرائيل عرفتا ونجحتا في اقامة علاقات وثيقة حتى في اثناء الخلافات السياسية.

الان ايضا، حين يخيل أن الدولتين تقفان على شفا قطيعة الاتصال بينهما، من الحيوي التغلب على اعتبارات المكانة وبذل كل جهد مستطاع لانهاض العلاقات من حطامها، إذ في اسرائيل ايضا يتبين بان عملية الاسطول لم تكن نجاحا كبيرا. وفضلا عن ذلك، فان مجرد القرار بوقف الاسطول أدى الى النتيجة المعاكسة. في اعقابه اضطرت اسرائيل، بضغط دولي الى التخفيف من الحصار على غزة. لن تقع أي مصيبة اذا أعربت اسرائيل عن أسفها على موت المدنيين الاتراك، حتى لو لم تعتذر رسميا عن العملية، واذا وافقت على منح تعويض رمزي لعائلات القتلى. الضرر القومي من التمسك بالمكانة أكثر جسامة بكثير.

=====================

ماذا قال مشتق مصطلح «بترو دولار»؟

يوسف عبدالله محمود

الدستور

3-11-2010

 البروفسور ابراهيم عويس استاذ الاقتصاد السياسي في جامعة جورج تاون الامريكية وقبلها في جامعات اخرى راقية كجامعة هارفرد هو واحد من أبرز علماء الاقتصاد في العالم وصاحب مصطلح "بترو دولار"؟. في حوار ممتلئ أجرته معه احدى الفضائيات العربية قبل أيام ، تناول هذا العالم موضوعات عدة تناول فيها أزمة الاقتصاد العالمي والتي بدأت اول ما بدأت في الولايات المتحدة ثم شملت العالم كله. أشار الى ان الادارة الامريكية السابقة تهاونت الى حد كبير في الرقابة على المؤسسات المالية في بلادها ، في حين اقتصرت رقابة البنك المركزي الامريكي على البنوك والمصارف. أما النتيجة فكانت مدمرة. القروض البنكية السخية يتم بيعها بمبالغ كبيرة. المتاجرة "بالمال الوهمي" - وكما قال - جعل الكثيرين من الرأسماليين يحصدون الملايين بل ان حاخاماً يهوديا من فلوريدا حصد من هذا الطريق خمسين مليار دولار،،.

أليس هذا بُهتاناً ومتاجرة "بالوَهم" كحال ما جرى في البورصات،،

البروفسور تطرق الى قضايا مختلفة. تطرّق الى رؤوس الاموال العربية المتراكمة في البنوك الامريكية والاوروبية فذكر انه بعد احداث سبتمبر دبّ الذعر بين هؤلاء المودعين العرب فراح بعضهم يسارع الى سحب امواله،. عتب د. عويس على هؤلاء لانهم قادرون ان يستثمروها عربياً فيحدّوا من البؤس العربي وجوع الملايين،

ومن ضمين ما تناوله موضوع احداث 11 سبتمبر فأصر وفق معلوماته ووفق ما ذكره الرئيس الايطالي السابق ان من يقف وراء احداث برج التجارة العالمي هو الموساد الاسرائيلي. لانه ليس - والكلام له - بمقدور أفراد او "القاعدة" ان يقوموا بهذه العملية المعقدة جداً لأنها عملية "دول". هذا هو الواقع ، وقد استشهد ببعض الوقائع المشابهة ولو على نطاق اصغر والتي حدثت في عواصم اوروبية في الستينيات من القرن الماضي ، وكان الهدف منها إثارة الذعر بين الناس ومن ثم تبرير أية خطوات هجومية يمكن ن تلجأ اليها حكوماتهم،.

تطرق هذا العلام البارز أيضاً الى وضع "الاسلام" في امريكا واوروبا فذكر ان غالبية الشعب الامريكي ما زالوا جاهلين بقيم الاسلام بسبب اليمين الامريكي المتعصب قال البروفسور عويس انه بحكم وظيفته قام بزيارة 45 ولاية امريكية ، واطلع على الكتب المدرسية في مدارسها فوجد انها لا تورد الا معلومات بسيطة. عن "الاسلام" مًمّا يجعل جوهر هذا الدين غائباً عن أذهان غالبية الامريكيين. وقد انحى بكثير من اللوم على اللوبي الصهيوني واليهودي الذي يعمل على تشويه صورى "الاسلام" في امريكا وسائر الغرب. وحين سُئًل عن مدى قدرة احتمال الامريكيين للابتزاز الاسرائيلي المستمر قال: من واقع احتكاكي الطويل بالمؤسسات الامريكية وبنخب امريكية مثقفة أستطيع ان اقول إنها باتت تقول بعد ان نفد صبرها لادارتها ومسؤوليها جراء هذا الابتزاز: "كفى" لم نعد قادرين ان نحتمل اكثر،

 

وهذا ان دل على شيء ، فعلى انبعاث وعي جديد لم يعد يحتمل تسخير ما يقدمه الشعب الامريكي من "ضرائب" لتزويد اسرائيل بالمساعدات المالية الهائلة.

هذا التململ الذي اشار اليه البروفسور عويس لدى العديد من النخب الامريكية يتنامى اليوم شيئاً فشيئاً.

تململ سيجيء الوقت الذي تحسب فيه الادارات الامريكية واعضاء الكونغرس حساباً له،

تحدث البروفسور عويس ايضاً عن دور الاعلام الامريكي في اخفاء بعض الظواهر الصحية بين الاديان السماوية والتي بدأت تظهر في امريكا. اشار الى قيام جماعة من المسلمين في "تنيسي" الامريكية بولاية تكساس باقامة جامع لهم قرب احدى الكنائس ، فما كان من رجل الدين المسيحي "القسّ" المسؤول عن هذه الكنيسة - والكلام للبروفسور عويس - الا ن رحب بعملية بناء الجامع بل انه سمح للمسلمين ان شاءوا ان يصلوا في المساحة التابعة للكنيسة صلاة التراويح في رمضان الماضي، وفي تعليقه على هذه الواقعة يقول عويس: اللافت للنظر انه تم التعتيم عليها في الاعلام الامريكي،. أما لماذا ، فلان هذا الاعلام المنحاز لاسرائيل لا يريد ان يُغطي وقائع تدل على انسانية الاديان وقيمها الاخلاقية. ولا شك ان الكثيرين منا سمعوا عن عزل قناة ال C.N.N الامريكية لواحد من اكبر مقدمي البرامج فيها لانه انتقد اسرائيل، مسموح للاعلام الامريكي ان يعرض ما هو مخالف للحقيقة عن اسرائيل ، مسموح له ان يتحدث عن "الديمقراطية" فيها ، في حين غير مسموح له ان يقدم للمشاهد او القارئ الامريكي اي مشهد او صورة من صور البربرية التي يتعامل بها الاسرائيلي مع المواطن الفلسطيني،.

من هنا يتم تزييف الواقع الفلسطيني. من هنا تغيب "الحقيقة" ويكثر الافتراء عليها. ما هو مخجل ومحزن ان ينخرط في عملية "التزييف" هذه بعض المثقفين العرب الذين دابوا على جلد امتهم العربية والهيام بكل ما تطرحه الامبريالية والصهيونية العالمية،

من المخجل أن يدخل في "مقاولى" "التزييف" هذه مثقفون وكتاب عرب يروجون لطروحات وأفكار "الامبريالية" تسمع كلامهم عبر الفضائيات فتشعر بالغثيان ، لان ما يرددونه هو نفس ما يردده الامبريالي. يجلدون "عُروبتهم" وكأنها باتت من عدوهم اللدود،. يسخرون من تراث أمتهم وكأنه أحس عبئا ثقيلاً عليهم ينبغي التنصل منه.

في الحوار الذي اجري معه انتقد بمرارة هذا المفكر وعالم الاقتصاد مثل هذه الشريحة من المثقفين داعياً الى ضرورة الحذر من قيم الثقافة الرأسمالية التي تكرس "التخلف" ، وتسطح الوعي وَتعادي التقدم.

=====================

عملية تجميل سياسية للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط!

د. عايدة النجار

الدستور

3-11-2010

 تقول الأخبار نقلا عن مصدر اسرائيلي مطلع هو جريدة"معاريف" الاسرائيلية أن الادارة الأمريكية تنوي تغيير المبعوث الامريكي الخاص بالشرق الأوسط جورج ميتشيل في الاسابيع القليلة القادمة . واذا ما أخذنا ذلك محمل الجد ، نجد أن أمريكا تعترف بأن ميتشل قد فشل في في مهمته الأخيرة المبنية على سلسلة من اجتماعات مع الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ، لبدء المفاوضات أو مواصلتها تحت أسماء مختلفة . و من الأسماء المرشحة لمواصلة العملية ، وجهان معروفان في الشرق الأوسط هما ، مارتين إنديك السفير الأمريكي لدى إسرائيل ومهمته التعامل مع الفلسطينيين ، ومستشار أوباما في البيت الابيض دنيس روس ليتعامل مع الاسرائليين.

 

هذه العملية الجراحية التي تنوي إدارة أمريكا القيام بها : ليس لأن ميتشيل فشل ، بل لأن إسرائيل تحاول من جديد تضييع الوقت" والطمطمة"على سياستها المرسومة ، ولكي يظل نتنياهو بكل الوسائل يخدع الرأي العام العالمي الذي لا يصدقه كما كان في السابق . لقد حاول ميتشل واستعمل كل طرقه لتقريب الطرفين لبدء المفاوضات"المباشرة وغير المباشرة ". إلا أن نتنياهو وجماعته في البيت الابيض كما يبدو ، ومنهم روس ، كانوا يتعاملون ، بأسلوبهم المبطن ، ضد ميتشل الذي كان حذرا ويعرف ما يجري في الدهاليز التي تحابي اسرائيل ولا تقوم بالضغط عليها للإلتزام بالقرارات الدولية أو الاتفاقات لجمع الطرفين للمباحثات .

 

كما هو معروف ، لقد دأبت إسرائيل المدللة على المضي في سياستها الاستعمارية ، وكانت مواصلة بناء المستوطنات والاعتداء على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية ، أهم المحاور التي ، جعلت الفلسطينيون يستيقظون بعد لأي . اسرائيل ظلت مصرة وبوقاحة أنها تريد المفاوضات والاستمرار في عملية السلام ، وشرطها كان ولا يزال الاستمرار بالتوسع عن طريق الاستيطان . ولم تتنازل قيد أنملة ، حتى وإن كذبت أمام العالم أنها جمدت المستوطنات لمدة ثلاثة أشهر . ولم يكن ذلك صحيحا ، وكان البناء في وضح النهار ، وقد أثبتت ذلك عندما رفضت أن تمدد عملية "تجميد المستوطنات" المزعومة لفترة زمنية أطول . ولعل الاحصائيات وعدد البيوت السكنية الجديدة في المستوطنات التي نشرت في الصحافة بشكل فاضح في تلك الفترة تدل على ذلك .

 

كالعادة في السياسة الامريكية ، فهي دوما تبحث عن" كبش فدا" ، للبدء من جديد لمواصلة سياستها والتزامها لاسرائيل التي كما يتبين أنها"الضاغطة "دوما وليس العكس أي أمريكا وهذه هي المشكلة . . المشكلة ليست بتغيير الأشخاص ، خاصة وأن ميتشل الديبلوماسي المحنك قد "حاول"واستعمل كل الوسائل الديبلوماسية للقيام بما أوكل اليه باسلوبه الحيادي ، حتى كما يبدو أنه أصبح غير مرغوب به من نتنياهو وجماعته هناك في البيت الابيض . وأما الأسلوب الجديد فهو تقسيم العمل بين الاثنين" إنديك وروس"لتوهم العرب من جديد أن من يتعامل معهم بدل ميتشل يفهم القضية وتعقيداتها كونه خدم في المنطقة العربية أيضا ودون الاعتراف بأن "روس" كان ولا يزال لا يحبذ الضغط على نتنياهو في سياسته التي تزداد عنصرية كل يوم .

 

سيحاول نتنياهو إطالة الزمن وتضييع الوقت ، لتعطيل أية محاولات للمضي في عملية السلام المزعومة . وستظل إسرائيل تتلاعب وتنتهز الفرص وهي ماضية في بناء المستوطنات والدعوة "ليهودية الدولة"الكرتونية ، دون أن تستطيع الادارة الامريكة الضغط عليها ، ومحاولة اوباما للإيفاء بوعده لاقامة الدولة الفلسطينية الموعودة . خدعة جديدة لاسرائيل ، وعملية جراحية" شكلية" سياسية لقبول البعوث أو المبعوثين الجديدين بدله ولن تكون ناجحة لأن" مبضع الطبيب" الأمريكي على إسرائيل سيكون ناعما ورحيما ولن ينفذ الى قلبه لإزالة مشاعر الحقد والعنصرية التي ستظل تشوه وجه نتنياهو وسياسته الصهيونية ،.

=====================

سياسة التقشف البريطانية.. درس لأميركا

جون هيوز

الرأي الاردنية

3-11-2010

عندما اعترفت كوبا بتدني أدائها الاقتصادي وتراجعه عن اقتصادات دول العالم الأخرى، أرسلت وفوداً إلى دول بعيدة مثل الصين وفيتنام وروسيا كي تتعلم من هذه الدول كيف تمكنت من إدارة اقتصاداتها المتغيرة. ولكن ليس على الساسة الأميركيين السفر بعيداً لتعلم بعض الدروس المعينة على التعامل مع مشاكل اقتصاد بلادهم. فمن خلال جولة سريعة قصيرة عبر المحيط الأطلسي إلى بريطانيا تتوفر الكثير من النصائح المفيدة لواشنطن في هذا المجال.

فهناك يتحدث رئيس وزراء «محافظ» بنبرة تشبه كثيراً مباشرة وحزم القائد الأسبق وينستون تشرشل في أوقات الشدة والعزم، مطالباً البريطانيين بشد بطونهم والمساعدة على خفض معدل الدين القومي عن طريق خفض الإنفاق الحكومي بنسبة 19 في المئة، مصحوباً بانتقال هائل للسلطة والصلاحيات من الدولة إلى المواطنين، ومن الساسة إلى الشعب، ومن الحكومة إلى المجتمع. وقد وعد ديفيد كاميرون -الذي نجح حزبه «المحافظ» في هزيمة حزب «العمال» اليساري، وتشكيل حكومة ائتلافية جديدة مع حزب «الديمقراطيين الأحرار»- بإجراء تغيير شامل في الطريقة القديمة التي كانت تدار بها البلاد: من معدلات الإنفاق الحكومي المرتفعة، والسيطرة الكاملة لجهاز الدولة على إدارة الشؤون الاقتصادية، إلى وحدة وهدف وطنيين يرومان خفض معدلات الدين القومي، وإلى تدخل حكومي محدود في إدارة الاقتصاد بدلاً من السيطرة التامة عليه». وفيما قاله إن في وسع المتطوعين البدء بإدارة بعض البرامج التي تتولى الحكومة إدارتها الآن. وشجع مجالس البلديات والسلطات المحلية على تولي إدارة الكثير من اختصاصاتها وصلاحياتها المخولة لها. وأكد أيضاً أنه لا يحق للبريطانيين العازفين عن العمل على رغم قدرتهم على أدائه، التمتع بامتيازات البطالة. وقال إنه يتعين تعريف البريطانيين ليس استناداً إلى ما يستهلكونه، وإنما بناءً على ما يسهمون به في الاقتصاد الوطني. ودعا كاميرون الفئات الاجتماعية الميسورة الحال إلى مساعدة من هم أقل منهم يسراً وحظوة.

وربما تجد هذه الكلمات والتعهدات صدى كبيراً لها في نفوس الكثير من الأميركيين الذين لا ينفكون يعربون عن استيائهم من التضخم الحكومي وارتفاع معدلات الإنفاق في واشنطن، في وقت يكافحون فيه لمغالبة أنفسهم ووضع حد لميزانياتهم الشخصية والعائلية وموازنتها وضغطها على وجوه الإنفاق الضروري فحسب، في ظل ظروف تنخفض فيها الأجور والدخل الشخصي بسبب استمرار تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية.

غير أن السياسات الاقتصادية القاسية التي أعلن عنها كاميرون مؤخراً سوف تضع البريطانيين أمام اختبار قاس لعزمهم وإرادتهم، خاصةً وأنهم واصلوا التمتع برغد العيش وبحبوحته خلال سنوات طويلة من «دلع» الرفاه الاجتماعي. وربما لا تفلح خطابية «الدماء والجهد والعرق والدموع» التي طالب فيها تشرشل مواطنيه بتقديم التضحيات الكبيرة وإعلاء روح الإيثار ونكران الذات دفاعاً عن وطنهم أمام أهوال الحرب العالمية الثانية ومخاطرها التي تهدد بلادهم -وهي ذاتها النبرة التي خاطب بها كاميرون مواطنيه عند الإعلان عن سياساته الاقتصادية القاسية هذه- في إقناع البريطانيين بتقديم التضحيات ذاتها في عالم اليوم الذي لا تقارن فيه أهوال الحرب العالمية الثانية بمخاطر تضخم الدين القومي، ولم يعد فيه بريطانيو اليوم بذات القدرة على شد البطون مثلما فعل بريطانيو أواخر ثلاثينيات وبدايات أربعينيات القرن الماضي.

ويتعين على الحكومة البريطانية أن تخفض نحو 130 ملياراً من ميزانيتها خلال السنوات الخمس المقبلة حتى يتسنى لها تحقيق أهدافها المعلنة. وفي الوقت نفسه يتوقع لنصف مليون موظف حكومي أن يخسروا وظائفهم. وليس ممكناً لهذه المعدلات المرتفعة أن تغشى سماء أميركا بأي حال من الأحوال، بالنظر إلى ارتفاع معدلات بطالتها في الوقت الحالي.

وفي غضون ذلك تواجه الحكومة حملة انتقادات عنيفة من قبل حزب «العمال» المعارض، تسانده فيها النقابات والاتحادات المهنية. ووصف «إد مليباند» -زعيم حزب «العمال الجديد»- هذه السياسات بأنها خطيرة ومدمرة. وعلى المستوى الشعبي العام، أعرب البريطانيون عن عدم ارتياحهم لهذه السياسات التقشفية الصارمة، خاصة عندما أعلنت الحكومة عن نواياها الرامية إلى خفض الدعم المالي الحكومي المقدم لأطفال عائلات الطبقة الوسطى التي يزيد دخلها السنوي على 70 ألف دولار. يذكر أنه كان يحق لجميع العائلات البريطانية الحصول على دعم مالي أسبوعي مقداره 32 دولاراً عن الطفل الأول و21 دولاراً أسبوعياً عن كل طفل من الأطفال اللاحقين. ومن المفهوم أن تغضب العائلات التي تتعين عليها خسارة هذا الدعم الآن.

ومن جانبه رد «كاميرون» على هذه الاحتجاجات بالقول إنه يدرك أن الانضباط المالي لن يكون أمراً سهلاً. ولكن من العدل في الوقت نفسه أن تتحمل الفئات الاجتماعية المقتدرة العبء الأكبر مقارنة بغيرها. وبالمقارنة فإن هناك شعوراً واسعاً في الولايات المتحدة بأن الإنفاق الحكومي على بعض المجالات يتجاوز الحد المعقول، بل يصل أحياناً إلى حد الخروج عن المسؤولية. ولعل هذا ما يكسب وزير الدفاع الأميركي قدراً كبيراً من الاحترام والشعبية بسبب الإعلان عن أن في وسع إدارته خفض عدد رتب الأدميرالات والجنرالات وعدد آخر من موظفي البنتاجون، فضلاً عن احتمال التخلي عن بعض النظم الدفاعية التي لم يبدأ العمل في صنعها بعد.

ومهما يكن فسوف تروق سياسات التقشف البريطاني هذه لعدد كبير من الأميركيين الذين يطالبون حكومة بلادهم بأن تكون بنفس القدر من المسؤولية المالية التي يمارسونها هم في خفض ميزانياتهم وتدبير إنفاقهم الشخصي. ولكن السؤال الذي يتعين على قادة واشنطن الإجابة عنه هو: على ماذا يجب أن يستمر الإنفاق الحكومي، وأين يجب خفضه؟

* (مساعد وزير الخارجية الاميركية في إدارة ريجان)

 «كريستيان ساينس مونيتور»

=====================

ديلما روسيف.. فخامة الرئيسة!

محمد خرّوب

Kharroub@jpf.com.jo

الرأي الاردنية

3-11-2010

اسم جديد في عالم السياسية, أو قُل في صفوف الجالسين على مقاعد الرئاسة في عالم اقترب عدد دوله من مائتي دولة (192 دولة حتى الان اعضاء في الأمم المتحدة), لكنها من المجموعة القليلة التي جاءت عبر صناديق الاقتراع وبأكثر آليات الديمقراطية شفافية, على نحو لم يطعن أحد من المعارضة في أحقية ديلما روسيف في منصب رئيس الجمهورية..

نتحدث عن «إمرأة دولة» خلفت «رجل دولة» طبقت شهرته الافاق, قاد دولته الى الصدارة, رغم أنه جاء من «قاع القاع» ومن أحط المهن, وأكثرها مهانة وإذلالاً للانسان في سعيه لتحصيل قوت يومه, لكنها الارادة ونوافذ الفرص المفتوحة في الدول التي تَنكّبت مسار الديمقراطية, وتواضعت نخبها على قواعد اللعبة التي التزمها الجميع بمن فيهم المؤسسة العسكرية, التي خضعت أخيراً للمستوى السياسي (المُنْتخَب), بعد أن كانت اداة والعوبة في يد المخابرات الاميركية واصحاب الثروة وقادة المافيات الذين عاثوا فساداً ونهباً وعربدة في مجتمعات اميركا اللاتينية, عندما كانت حديقة خلفية للولايات المتحدة الاميركية وساحة نهب بلا حدود لثرواتها من قبل شركة الفواكه الاميركية وغيرها من الشركات متعددة الجنسيات..

سيدة حصدت 55 مليون صوت, أي ما يعادل 56% من عدد الذين مارسوا حقهم الانتخابي, في بلد يصل عدد المصوتين فيه الى 136 مليوناً (عدد سكانها 193 مليون نسمة) لم تكن لتصل الى مثل هذه النتيجة وبالتالي مثل هذا الموقع, وعلى درجة غير مسبوقة (اول رئيسة لجمهورية البرازيل), لولا دعم الرئيس الذي انتهت ولايته ايغناسيو لولا دا سيلفا, الذي قاد بلاده الى مرتبة القوة الاقتصادية الثامنة في العالم, والذي استطاع أن ينهض بنحو من 50 مليون نسمة من ابناء شعبه الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة, حيث «أخرج» 29 مليوناً منهم, من تحت خطر الفقر وأخذ العدد الثاني (21 مليوناً) الى منطقة تحسين الدخل وتوفير الوظائف, وهو الذي دفع بالبرازيليين الى «رفض التغيير» فأصروا على مواصلة النهج ال (لولي) إن جاز الوصف, وبخاصة أن الماركسية ابنة الشيوعي البلغاري المهاجر الى البرازيل, والتي سُجنت وتعرضت للتعذيب في عهود الديكتاتورية العسكرية سبعينات القرن الماضي, تعهدت بالاستمرار على نهج «لولا» والمحافظة على ارثه, وبالطبع لا داعي للقلق أو التخوف من احتمال «انقلاب» السيدة الرئيسة, أو خروجها على طريق معلمها (على ما درجت عليه العادة العربية عندما انحنى أبرزهم أمام صورة الرئيس الراحل متعهداً السير على طريقه واتمام مسيرته, لكنه وبعد أقل من عشرة أشهر أدار ظهره ولم يسهم في تشويه صورة الرئيس الذي جاء به الى موقع لم يكن يحلم به, وانما أخذ بلاده والأمة العربية الى الهاوية التي ما نزال نمكث فيها حتى الان)..

 

فالآليات الديمقراطية والرقابة الشعبية قادرة على لجم حماقة كهذه, (رغم استبعاد حدوثها), ناهيك عن أن امرأة دخلت تاريخ بلد صاحب اكبر اقتصاد في اميركا اللاتينية, وصاحب العضوية في مجموعة العشرين والعضو النشط في رباعية (بريك (Bric ذات الاقتصادات الصاعدة, (البرازيل, روسيا, الهند والصين), والمرشحة بقوة لعضوية مجلس الامن الدائمة في أي تعديل على ميثاق الأمم المتحدة, أو قل عند تخلي واشنطن عن موقفها الرافض لدخول دول مهمّة في المشهد الدولي الذي برز بعد انتهاء الحرب الباردة, يصعب عليها التخلي عن البرنامج الطموح الذي انتخبها البرازيليون على اساسه, والقائم على استكمال عملية تطهير الدولة وأجهزتها من الفساد, كذلك في اصلاح النظام الضرائبي وبما ينحاز الى الطبقات والشرائح الفقيرة والمستضعفة, والالتزام العميق بِ «اجتثاث البؤس» لدى جميع البرازيليين والبرازيليات, على ما قالت في خطاب الانتصار..

 

إمرأة ليست على درجة عالية من الجمال, خاضت غمار منافسة شرسة مستفيدة من وجود البويجي (ماسح الاحذية) والنقابي الصلب, الذي واصل الصعود الى قمة الرئاسة رغم الهزائم التي لحقت به سابقاً, وها هم البرازيليون يكتشفون كم كانوا على خطأ عندما لم يمنحوا لولا ثقتهم (من زمان), وبقي الرجل العصامي الذي لم يتغير حتى وهو في منصب الرئاسة, ولم يتخل عن بساطته وعفويته وانحيازه لمبادئ العدل وحقوق الانسان, ورفض الهيمنة والغطرسة الامبريالية, وفياً لمبادئه, فلم يلجأ الى تعديل الدستور, وكان قادراً بحكم شعبيته التي وصلت الى 80% حتى آخر يوم من وجوده في القصر (الرئاسي), ولم يستخدم قوته الجماهيرية وكاريزميته لتدوير السلطة أو تحويلها الى مسخرة, تحت دعاوى استكمال المشروع وانهاء الخطط والاستجابة لضغوط الجماهير والارادة الشعبية(!!!)

 

ثمة من يمتلكون الرؤية ذاتها والخطط والاستراتيجيات نفسها, ما دامت مؤسسات الحزب هي التي تقرر وما دام القرار في النهاية للشعب. تَنكّب الطريق الديمقراطي يعني تداول السلطة, اما حكاية الاستمرار وتواصل الحكم الفردي كما في غالبية البلاد العربية, فهو نكبة بكل ما في الكلمة من معان, وعلى الذين يريدون التأكد أن يعودوا الى قراءة «تاريخ» البرازيل وارقام اقتصادها ونسب فقرها وبطالة عمالها قبل العام 2002, أي قبل انتخاب الرئيس «السابق» صاحب الشعبية المذهلة, حتى بعد خروجه من المنصب ايغناسيو لولا دا سيلفا, الذي اطمأن الان ان «خليفته» هي إمرأة دولة حقيقية, وانها ليست فقط لن تخذله بل لن تخذل الشعب الذي منحها ثقته..

هل تتعلم العرب؟

=====================

الذرائع بديلاً من المفاوضات!

المستقبل - الاربعاء 3 تشرين الثاني 2010

العدد 3820 - رأي و فكر - صفحة 19

يصادف اليوم مرور شهرين على مؤتمر واشنطن، الذي أعلن فيه عن استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. توقعات نجاح العملية كانت متدنية، ولكن النتيجة البائسة فاجأت حتى المتشائمين. رفض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مواصلة تجميد البناء في المستوطنات ما أدى بالفلسطينيين الى تحقيق تهديدهم والانسحاب من المحادثات. كما رد نتنياهو أيضا اقتراح الرئيس الأميركي لتجميد اضافي لمدة ستين يوما، مقابل تقديمات أمنية وسياسية لإسرائيل.

عاد نتنياهو الى النمط المعروف في عرض الذرائع لتبرير انعدام الفعل السياسي، في ظل تبادل الاتهامات مع الفلسطينيين. فهو برر رفضه تمديد التجميد ب"الحفاظ على مصداقيته" وبالضغوط الائتلافية. وبحسب ادعائه، فان "البناء في يهودا والسامرة لن يؤثر على خريطة السلام" وكأن المستوطنات لم ترم لتثبيت حقائق تحبط تقسيم البلاد. اقتراحه العلني لتجميد مؤقت مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية يبدو كاحبولة شعبوية، وكما هو متوقع، فقد رُفضت من أساسها.

لا شيء ملح وعاجل بالنسبة إلى نتنياهو. فهو ينتظر انتخابات منتصف الولاية الأميركية، التي ستجرى في الولايات المتحدة. وبعد ذلك اقرار الميزانية في إسرائيل. في هذه الاثناء سيواصل التسويف بالدعوات العابثة إلى الفلسطينيين من أجل العودة الى المفاوضات، من دون أن يعرض أي مبادرة سياسية او استعداد لحل وسط، والى جانب استئناف البناء خلف الخط الاخضر. قراره رفض اقتراح اوباما يبشر باستعداداته لمواجهة مع الادارة سيحاول فيها ان يجند الى جانبه خصوم الرئيس في الكونغرس. وقد سبق لموقفه أن اثار خلافا شديدا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهو من اهم مؤيدي إسرائيل في الاسرة الدولية.

في مؤتمر واشنطن اعلن نتنياهو بانه جاء ليصنع السلام لا للجدال، وأنه "في لعبة الاتهامات حتى المنتصرون يخسرون". واجب البرهان ملقى الآن عليه. وبدلا من البحث عن المحاذير الناجحة يتعين على نتنياهو أن يجمد البناء في المستوطنات وان يدخل في نقاش جدي بخصوص المسائل الجوهرية، وعلى رأسها الحدود، بهدف تحقيق تسوية. والا، حتى لو انتصر في لعبة الاتهامات، فان إسرائيل هي التي ستخسر.

=====================

هل يُلبي الأطلسي شروط تركيا لقبول الدرع الصاروخية؟

المستقبل - الاربعاء 3 تشرين الثاني 2010

العدد 3820 - رأي و فكر - صفحة 19

نظام مارديني

عشية بدء الحلف الأطلسي طرح مشروعه للدرع الصاروخية، وبدفع من الولايات المتحدة، أقر مجلس الأمن القومي التركي تعديلاته الجديدة على "الوثيقة السياسية للأمن القومي" للبلاد، ألغت تعبير "خطر الرجعية" واعتبار أن سوريا وإيران وروسيا تشكل تهديدا أو خطرا محتملا لتركيا، وهي لذلك طرحت شرطاً لقبولها نشر الدرع الصاروخية على أراضيها. فما هو هذا الشرط؟ وما علاقة هذا التزامن بين إقرار المجلس القومي التركي لتوجهاته الجديدة ومشروع نشر الدرع الصاروخية؟ وهل من معنى لطرح أنقرة ب "تصفير المشكلات" مع جيرانها والضغط الأميركي  الأطلسي على تركيا؟

منذ البداية وضعت الحكومة التركية قيادة الأطلسي أمام مأزق ال "لعم" للقبول بمشروع الدرع الصاروخية، وهذا المأزق مرتبط بإيران و"إسرائيل" كشرطين للمشاركة فيه وهو:

اولاً، طالبت بأن لا يستهدف المشروع المذكور أي دولة بصورة علنية أو رسمية.

ثانياً، أصرتّ على "ضمانات قاطعة" بعدم توصل "إسرائيل" إلى المعلومات الإستخباراتية التي ستحصل عليها "أجهزة الرصد" للنظام الدرعي المذكور. وقد رأت أنقرة أن الطريق الأمثل لحصولها على هذه الضمانة هو "إطلاعها آنيا على معلومات أجهزة الرصد المذكورة".

في ضوء ذلك، بدأت واشنطن تقييم هذا الطلب "بالمعقول" بالنسبة لتركيا على الأقل، وهي مستعدة  في الوقت الحاضر  منح ضمانة شفهية لتركيا في هذا المجال بحسب مصادر حلف الأطلسي، غير ان السؤال هو: هل تقبل حكومة أردوغان بالضمانة الشفهية؟

ما هو مؤكد ان سياسة تركيا الخارجية بعد عام 2002 والتي قامت على "تصفير المشاكل" مع دول الجوار عزز من استقلالية القرار التركي بالنأي به عن أجواء الحرب الباردة التي كانت تركيا تمضي خلالها خلف الغرب في مواجهة روسيا وإيران والمشرق العربي، ما أضر بعلاقاتها مع تلك الدول، فيما لم يكن العائد على المستوى الذي كانت تتوقعه تركيا أو تستحقه.

ولما كان لهذا التوجه تكلفته الباهظة، أطلت علامات الاستفهام حول قدرة حكومة "العدالة والتنمية" على إمكانية تحمل تلك كلفة الدرع الصاروخية من عدمه. ولكن الشرط التركي يشي من زاوية بإمكانية قبول حكومة "العدالة والتنمية" للمشروع الأطلسي الجديد، على رغم تحفظاتها، التي أعلن أردوغان تمسكه بها ورفض أية ضغوط على بلاده في هذا الشأن، لا سيما إذا تسنى لأنقرة تحسين ظروف وسياق تلك المشاركة عبر إدخال شروط أو تعديلات معينة عليها.

وهو من جهة أخرى، يرى ان رفض أنقرة المشاركة في المشروع، الذي صار أطلسياً بعد أن كان أميركياً صرفاً، ربما يؤكد الادعاءات والاتهامات الغربية و"الإسرائيلية" لها أخيراً ببعدها التدريجي عن الغرب وتقاربها مع الدول المناهضة له كإيران وسوريا.

في ضوء هذه الوقائع تتواصل المفاوضات بين أنقرة وواشنطن، حيث تبدي الأخيرة أهمية كبيرة لمشاركة أنقرة في هذا النظام "لأن تركيا تقع على جبهة التهديد الأمامية لدول حلف الأطلسي" بحسب تعبير حكومة أوباما. أي أن نظام الدرع يستهدف "التهديد الإيراني" أولاً وأخيراً.

تجدر الإشارة إلى أن واشنطن تعلن في مؤتمراتها الصحفية وبياناتها الخطية أن النظام مخصص لردع أي تهديد صاروخي إيراني. أما تركيا التي تقوم منذ مدة طويلة بتطبيق سياسة "تصفير المشاكل مع الجيران" فتعارض ذلك بشدة. وانطلاقا من ذلك أصر وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو خلال مباحثاته مع الطرف الأميركي على "ضرورة عدم ذكر اسم أي دولة عند التحدث عن المشروع وبالطبع عند إنشائه في تركيا أو في أي دولة عضو في حلف الناتو" لافتا إلى أن المستقبل قد يكون حافلا بأي تهديد من دولة أخرى ليست بالحسبان.

ففي بند التهديدات الخارجية في "الوثيقة السياسية" لتعديلات مجلس الأمن القومي التركي تم إلغاء اسم سوريا وروسيا من قائمة الدول التي تشكل تهديدا قوميا وعسكريا على تركيا. وبالنسبة لإيران فقد ألغي وصفها خطرا على النظام، وورد اسمها في قائمة خطر الأسلحة النووية إلى جانب "إسرائيل"، كما أضيف عدم الاستقرار في العراق وخصوصا التهديد القادم من شمال العراق إلى قائمة التهديدات الخارجية.

لا شك أن واشنطن وانقرة تعيشان مأزقين كبيرين بما يخص وضع الدرع. فالأولى ستربك في حال تأكد رفض تركيا النهائي للمشروع. والثانية سيسقط توجهها الجديد ب "تصفير المشاكل" مع جيرانها.

وما بين ميل أنقرة الاضطراري للاحتفاظ بمساحة من التفاهم والدفء في علاقاتها "المحدودة الفائدة" بحلفائها الأطلسيين، ونزوع للإبقاء على استقلالية في خطواتها التصالحية ومساعيها التقاربية مع أصدقائها الإقليميين، لا يبقى أمام حكومة أردوغان سوى القيام بمواءمة محسوبة ودقيقة في شأن الموقف من الدرع الصاروخية، تتيح لها الاحتفاظ بحد أدنى من التفاهم مع الجانبين، على نحو قد لا يتأتى إلا من خلال موافقة "مشروطة" أو "معلقة" على المشاركة في هذا المشروع، ترتهن بتعديلات تطرحها أنقرة على نوعية مشاركتها في المشروع، ربما لا يتم الإعلان عنها رسمياً قبل تنسيق وتشاور مع موسكو وطهران ودمشق، فضلاً عن مطالب وإرضاءات تركية تعرض على كل من واشنطن والناتو والاتحاد الأوروبي.

=====================

السفير السوري: امتداد لمشاورات سعودية - سورية - إيرانية

اللقاء الثلاثي: للتهدئة وتجاوز الانقسامات ومع الحقيقة والعدالة

سمير منصور

النهار

3-11-2010

لعل الاجتماع الديبلوماسي الثلاثي الذي عقد امس بدعوة من السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في دارته في اليرزة، ما كان ليحظى بهذا الاهتمام السياسي والاعلامي لو ضم الى صاحب الدعوة نظيره السعودي فقط او الايراني او اي سفير آخر. ولكنه ازداد اهمية لكونه ثلاثيا لممثلي المملكة العربية السعودية وايران وسوريا في لبنان، ولكل من هذه الدول ما لها من علاقات وتأثير ونفوذ "يغطي" كل اطراف الازمة المحليين. وكان اللقاء استكمالا وانعكاسا لاتصالات ومشاورات قائمة باشكال مختلفة بين الدول الثلاث، فبدا كأنه "قمة مصغرة" سعودية – ايرانية – سورية، ولم يكن ليعقد لو لم تكن هذه الاتصالات والمشاورات.

صاحب الدعوة السفير علي، استغرب "التضخيم الاعلامي والسياسي للاجتماع" ملاحظا ان "البعض حمّله اكثر مما يحتمل".

وبتواضع لافت يرى السفير السوري في اتصال به ان "اللقاء عادي وطبيعي والتواصل ضروري بين السفراء الثلاثة كممثلين لدول لها حضورها وصداقاتها وعلاقاتها اللبنانية"، وانه "يشكل امتدادا للتشاور القائم في ما بينها على كل المستويات ويصب في النهاية في اطار مساعي التهدئة واعتماد الخطاب السياسي العاقل وتجنب كل حالات الانقسام".

وفي المعلومات التي توافرت عن اللقاء ان السفراء الثلاثة كانوا متوافقين على "حض الاشقاء في لبنان ايا تكن انتماءاتهم السياسية على اعتماد اللغة الهادئة في الخطاب السياسي ومقاربة القواسم المشتركة" على المستوى الوطني "وهي كثيرة" على تعبير السفير السوري. وبالتأكيد تجنب الخطاب الطائفي والمذهبي قطعا للطريق على المصطادين في الماء العكر ممن يتخذون من هذا الخطاب ومن الانقسامات معبرا لمشاريع بالتأكيد لا تصب في مصلحة لبنان. واتفق السفراء الثلاثة على استمرار التشاور وعقد لقاءات دورية، وسيتم الاتفاق لاحقا على مكان اللقاء المقبل وزمانه.

ويختصر السفير علي فحوى اللقاء ولا سيما في شقه اللبناني بمؤازرة كل جهد من اجل "لبنان معافى ومحصّن ضد كل اشكال الاستهداف واثارة الفتن والانقسامات مع تأكيد الحرص على العدالة والحقيقة" (في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه) لافتا الى ان "اللبنانيين هم اقدر من الجميع على مساعدة انفسهم وان مؤازرة الاشقاء والاصدقاء تكمل هذه المساعدة وتعززها".

وعن رأيه في قول البعض في لبنان ان من غير الطبيعي انتظار اجتماع ديبلوماسي او غيره لمعرفة ما سيؤول اليه الوضع في لبنان يقول: "معهم حق اصحاب هذا القول، ونحن لا نتحمل مسؤولية في هذا المجال، بل من ضخم اللقاء واعطاه اكثر بكثير مما يستحق ويحمل".

ولكنه شكل حدثاً مهما في لحظة سياسية مهمة؟

يجيب: "ربما ولكن ليس بالحجم الذي اعطي له"، ويلفت الى ان "احدا لا يستطيع مساعدة الآخر اذا لم يساعد كل منا نفسه".

وردا على سؤال آخر يقول السفير: "التشاور السعودي – السوري – قائم ومستمر خارج الاضواء بهدف التوصل الى نتائج طيبة في كل القضايا المطروحة على مستوى المنطقة، ولبنان منها بالطبع، وهناك تشاور سوري – ايراني دائم ومستمر، وثمة اتصال ايراني – سعودي كان اخيرا ولقاءات على غير صعيد، وقد حاولنا في لقائنا اليوم من حيث المضمون، ان نكون امتدادا لهذه المشاورات وتعبيرا عنها".

ويتجنب السفير السوري "العواطف والمجاملات" لان "خطوة عملية في الاتجاه الايجابي تبقى اهم من اي شيء آخر"، كما يبدو واضحا انه يتجنب ما امكن الخوض في التفاصيل السياسية اللبنانية المحلية الضيقة، مع المامه الشديد بأدق التفاصيل، اذ يبدو واضحا لمحدّثه انه استطاع خلال فترة قياسية بناء شبكة علاقات واسعة النطاق مع معظم الاطراف في لبنان من خلال لقاءات مع سياسيين واعلاميين بعيدا من الاضواء والتغطية الاعلامية، في اطار ممارسة دوره وتعزيز العلاقات اللبنانية – السورية على كل المستويات.

ولدى طرح اي سؤال عليه في الشأن اللبناني او العربي او الاقليمي الراهن يلفت الى ان الحديث الاخير للرئيس بشار الاسد (لجريدة "الحياة") "كان شاملا، وقد قال كل ما يجب قوله ولا سيما حول لبنان والمشاورات السعودية – السورية. ماذا عساي ان اقول بعده؟ ليس لدي ما اضيف على ما قاله السيد الرئيس".

وفي اتصال ل"النهار" بالسفارة الايرانية اثر الاجتماع الثلاثي، نقلت اوساط قريبة من السفير غضنفر ركن ابادي عنه قوله ان اللقاء "كان ايجابيا".

وفي اتصال آخر مع السفارة السعودية افيد بان "السفير في اجتماع" مع طلب المجيب رقم الهاتف لمعاودة الاتصال.

وايا يكن "تواضع" صاحب الدعوة السفير علي عبد الكريم ووصفه اللقاء الديبلوماسي الثلاثي ب"العادي" و"الطبيعي" وما شابه، فان هذا اللقاء شكّل حدثا في لحظة سياسية يبدو فيها اللبنانيون على اختلافهم احوج ما يكونون الى التهدئة ومؤازرة عربية واقليمية ولا سيما من الدول ذات التأثير الفاعل وذات الصلة المباشرة مع اطراف الازمة وان بأشكال مختلفة!

=====================

أخطاء أوباما السبعة

مجلة لوبوان

ترجمة

الأربعاء 3-11-2010م

ترجمة: سراب الأسمر

الثورة

في تشرين الثاني من عام 2008 فاز باراك أوباما في الانتخابات الأميركية بنجاح، لكن اليوم وبعد مرور سنتين على حكمه للولايات المتحدة ومع استمرار الأزمة الاقتصادية لاحقاً،

بدأت شعبيته تتراجع وتوقع له الديمقراطيون تلقي ضربة قاسية في الثاني من تشرين الثاني، أي في انتخابات منتصف المدة الرئاسية ومع أنه حقق العديد من الاصلاحات على غرار الرئيس فرانكلين روزفيلت لكنه تعرض لمقاومة قاسية من جانب الجمهوريين. ماالذي حدث؟.‏

إنه أمر عادي أن يخسر الحزب الحاكم في منتصف المدة الرئاسية مقعدين في الانتخابات، ثم إن الديمقراطيين فازوا عامي 2006-2008 بالكثير من الكراسي في الدوائر التقليدية من اليمين.‏

لكن ماهذا الفوز بعد ثماني سنوات من حكم جورج دبليو بوش وتوريثه أزمة رهيبة؟ لننس الآن سنوات بوش وأخطائه وننظر أي خطأ ارتكبه أوباما وإدارته؟..‏

أولاً: لا أوباما ولا إدارته عرفا كيف يفسران للشعب بشكل ملموس أولويته لخطة الانعاش الاقتصادي كيلا تؤول الدولة للسقوط على خطة الانعاش الصحي وذلك بعد أن كان في حملته الانتخابية قد خصص بحدود /25/ دقيقة للحديث حول الاصلاح الصحي. وبدل تفاخره بأعماله التشريعية كان دائماً في موقع الدفاع أمام هجوم الجمهوريين المستمر.‏

ثانياً: لم يعد يحلم أبداً، فباراك أوباما الذي أثار حماسة الجماهير أثناء الحملة الانتخابية فقد نجده اليوم فقد قدرته الالهامية، وظل يلوح بمسألة الأمل والتغيير، واليوم لم يجد رسالة جديدة تحرك حملته فاكتفى بمهاجمة الجمهوريين، ففي لقائه مع النيويورك تايمز، اعترف أنه كان يمثل الديمقراطي اليساري الذي يرفع الضرائب والنفقات العامة وفجأة أخفقت مشروعاته.‏

ثالثاً: وإن كان قد أنجز الكثير من وعوده ،إلا أن الناخبين أنفسهم لم يلحظوا ذلك التغيير الكبير، فواشنطن لاتزال بوضع سيئ، البنوك عادت تفرض زيادات مخيفة، أما المصالحة بين اليمين واليسار فهي غائبة، والبطالة مرتفعة باستمرار، ولم تستخدم السبعمئة مليار لخطة الانعاش الاقتصادي، كما حدث في عصر روزفيلت الذي بنى مشروعات كبيرة ومرئية، كالمراكز النووية وإنشاء الطرق السيارة باتجاهين.‏

رابعاً: سعى أوباما كثيراً خلف التوافق، الذي كان أبرز مسائل حملته الانتخابية فكان يريد إلغاء التفاوت بين اليسار واليمين ويلعب دور المصلح. ربما نرى في هذا الأمر سذاجة، فقد حاول لأشهر ملاطفة الجمهوريين على أمل التعاون فيما بينهم، إلا أن هذا الخطأ كلفه وقتاً وجزءاً من رأسماله السياسي.‏

خامساً: أهمل أوباما انتظار الناخبين، فقد استحوذت على الأميركيين فكرة التوظيف والنمو الاقتصادي بينما وضع الرئيس الأموال على إصلاحات كبيرة ذات أمد بعيد بينما كان ينبغي دفع الأمور بسرعة قبل الوصول إلى منتصف المدة الرئاسية، معطياً الانطباع بتضييع الوقت وعدم أخذه بعين الاعتبار لاحتياجات الناخبين.‏

سادساً: بدا أنه ينقصه الحزم. ففي سعيه نحو التوافق السياسي ترك الكونغرس يخرج من الورطة بإحداث إصلاحات تعثرت فجأة.‏

فمسألة الاصلاح الصحي تأخر التصويت عليها «أربعة عشر شهراً» الأمر الذي عرض الأميركيين لسمسرة تشريعية قذرة وجعلهم يظنون أن الكونغرس يتلاعب برئيسهم.‏

سابعاً: طموح جداً أم خجول جداً؟ قد يكون فضّل التخلي عن الاصلاحات ليتفرغ جيداً للأمور الاقتصادية. يرى اليساريون أنه لايتمتع ببعد نظر فلم ينشئ ضماناً صحياً عاماً، ولم يكن صارماً مع البنوك...‏

=====================

أوباما والدولة الفلسطينية

بقلم :صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية

البيان

3-11-2010

لا يمكن لإسرائيل، من خلال استئنافها الاستيطان، أن تتوقع أن يعرقل الرئيس الأميركي باراك أوباما طلباً ممكناً للأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية. وربما تسنح للرئيس أوباما قريباً فرصة غير عادية لخدمة قضية السلام في الشرق الأوسط بالتزام الصمت. حيث يمكنه الإذعان بهدوء لخطوة هي قيد البحث حالياً من قبل القادة الفلسطينيين قوامها مطالبة الأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين.

 

ومثل هذا الطلب سيكون ضرورياً في حالة واحدة فقط: إذا قضت إسرائيل فعلياً على أي أمل في مفاوضات السلام مجدداً عن طريق مواصلة بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

 

ولدى أوباما مبرر وجيه للإيماء بالموافقة الهادئة على مثل هذا الطلب الفلسطيني. فهو يشعر بالإحباط العميق من تجديد إسرائيل بناء المستوطنات أخيراً. وأجبرت تلك الخطوة الفلسطينيين على الخروج من محادثات السلام الثنائية. كما دفعتهم هذه الخطوة أيضاً إلى التفكير في أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً يمكن الاعتماد عليه أو قادرا على الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات.

 

وكملاذ أخير، يقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه يفكر في طلب الدعم من أوباما للسعي إلى اعتراف هيئات الأمم المتحدة بالسيادة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.

 

والسعي لإنشاء دولة بهذه الطريقة ليس مثالياً. فإسرائيل يمكنها الرد على ذلك بقطع العديد من الخدمات الحيوية عن الفلسطينيين، مثل التجارة مع العالم الخارجي. وهناك إمكانية بأن الصين وروسيا، اللتين تواجهان نداءات للاستقلال من قبل جماعات داخلهما، يمكنهما استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد قيام دولة فلسطينية مستقلة.

 

غير أن السماح بمناقشة هذه المسألة في هيئات الأمم المتحدة على الأقل ربما يجبر إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. إذا أعلنت الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين، فان المستوطنات الإسرائيلية ستكون عندئذ انتهاكاً للقانون الدولي.

وكان بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، قد صرح بالفعل مطلع أكتوبر الماضي بالقول إن: «جميع الأنشطة الاستيطانية غير قانونية في أي مكان من الأراضي المحتلة». من ناحية أخرى، أعربت وزيرة الخارجية الأميركية «هيلاري كلينتون»، عن قلقها بشأن الفلسطينيين أخيراً لأنهم يعيشون في ظل «مهانة الاحتلال».

واعترفت إسرائيل بشكل غير مباشر أنها تحتل الأراضي الفلسطينية من خلال الموافقة على تعليق النشاط الاستيطاني في الربيع الماضي. ولكن الضغط السياسي من الجناح اليميني داخل التحالف الحاكم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أجبره على رفع هذا التعليق يوم السادس والعشرين من سبتمبر الماضي. وتتعامل إسرائيل بالفعل مع السلطة الفلسطينية إلى حد ما كدولة من خلال الاستشهاد بالمعاهدات الثنائية الملزمة.

يذكر أن دولة إسرائيل قامت بقرار من الأمم المتحدة عام 1947، دعا لإقامة دولة يهودية وعربية في الأراضي المقدسة. وكان الفلسطينيون قد أعلنوا منذ فترة طويلة من جانب واحد دولتهم الخاصة بهم، ولكن لم يكن ذلك كافياً لإرغام إسرائيل على دعم مثل هذه خطوة.

=====================

الأميركيون والخطاب المزدوج

بقلم :فيكتور ديفز هانسون

البيان

3-11-2010

تم تسريح «خوان ويليامز» من وظيفته في شبكة «إن بي آر» أخيراً. فما هو الخطأ الجسيم الذي وقع فيه؟ لقد اعترف بأنه يشعر بالتوتر أحياناً عندما يستقل طائرات عليها أناس ينتمون إلى فئات غير مألوفة في الغرب، ثم مضى بشرح سبب أن التنميط أمر خاطئ. يذكرنا مصير ويليامز بأن الأميركيين قد طوروا نوعين من الشخصيات، أحداهما عامة وصحيحة من الناحية السياسية، والأخرى خاصة. وبدمج هذين النوعين تنشأ مشكلة كبيرة.

 

فيما يلي بعض عناصر التذكير بما يجب أن يتم السكوت عنه. لا تناقش العجز. وبدلاً من ذلك، اطلق كلمة «حافز» على الاقتراض. التريليونات لا تختلف كثيراً عن المليارات. يمكن سداد الديون من خلال مزيد من الاقتراض وفرض ضرائب أعلى على شخص آخر. فلتتجاهل الدروس المستفادة من اليونان وكاليفورنيا. ولكي تبدو نبيلاً، ادع إلى مزيد من استحقاقات البطالة والرعاية الطبية المجانية والمزيد من الاستحقاقات. ولكي تبدو قاسياً، عليك بالحديث عن الاقتراض لدفع تكلفتها.

 

الزم الصمت حول نظام الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية. فإذا كان النظام يعتريه الإعسار، فلا يمكن أن يكون الأمر كذلك لأننا نعيش عمراً أطول، ونتقاعد في وقت أكثر تبكيراً، وكثيراً ما نأخذ أكثر مما دفعناه، ونسئ استخدام مخصصات العجز، أو نواجه مشكلة السكان المسنين أو الذين ستيقلص عددهم قريباً. وبدلاً من ذلك، وجه النقد إلى الأثرياء الذين هم بحاجة إلى سداد المزيد من ضرائب الرواتب، وإلى البرامج المسرفة مثل الدفاع التي يمكن خفضه من أجل ضمان المزيد للمسنين والمحتاجين. سوف تأتي الشيكات دائماً في موعدها، و«هم» سوف يدفعون قيمتها دائماً.

 

يختار معظم الأميركيين أن يطلق عليهم صفة «الجبناء» من قبل المدعي العام «إيريك هولدر» بدلاً من قبول دعوته للحديث عن العرق بشروطه. وقد اتهمت الرابطة الوطنية لتنمية الملونين حزب الشاي بتبني آراء عنصرية.

 

ويعتبر الغضب بسبب ارتفاع الضرائب والديون والضمانات الحكومية الكبيرة أهم ما يثير القلق لدى قيادة السود من المحافظين الجدد، مقارنة باستكشاف أسباب ارتفاع معدل الجريمة والسجن والمنازل ذات العائل الوحيد وانخفاض معدلات التخرج من المدرسة الثانوية. وأياً كانت الآراء الشخصية، فإن الحوار الطائفي يتطلب أن تكون الإجابات موجودة خارج، وليس داخل، مجتمع السود، والمطالبة بالمزيد من البرامج والمزيد من الأموال الفيدرالية.

 

ويعتبر إغلاق الحدود موضوعاً محرماً. ومن المحرمات أيضاً عبارة «الأجنبي غير القانوني». فلتتحدث بدلاً من ذلك عن الحاجة إلى العدالة الاجتماعية، وليس إنفاذ قوانين محضة. الأجانب غير الشرعيين لا يخرقون أي قانون حقيقي عندما يتعرضون للإغراء بالانطلاق شمالا من قبل أرباب الأعمال الجشعين. ولهذا السبب أطلق وزير العمل خدمة الاتصال بالفيديو لإتاحة الفرصة للعمال بالإبلاغ عن انتهاكات صاحب العمل، سواء كان العمال «موثقين قانونياً أم لا».

 

وعملية إصدار قوانين لتخريب قوانين الهجرة الفيدرالية، مثل تشريع «المدينة الملاذ»، يعتبر أمر جدير بالثناء. وتمرير قوانين من أجل إنفاذ قوانين الهجرة الفيدرالية يكسب دعوى قضائية، وإدانة رئيس المكسيك من البيت الأبيض. ولتسأل ولاية أريزونا.

 

لا تنشغل بمناقشة ظاهرة احترار الأرض. فإذا كان يجب عليك أن تطرق هذا الموضوع، فلتستخدم المصطلح «التغير المناخي»، حتى يمكن نحمل مسؤولية على أي شيء من إعصار إلى العاصفة الثلجية على الانبعاثات الكربونية التي يسببها الانسان. وبدلاً من الإشارة إلى البحوث التي تم التلاعب بها أخيراً، أو عدم الاتساق في دعوة «آل غور»، فما عليك سوى ذكر أن «سارة بالين» تنكر التغير المناخي.

 

لا تتطرق إلى زواج مثليي الجنس. فقد صوّت الملايين في «نينديرذالس» على معارضة هذا النوع من الزواج، وأصدر بعض القضاة حكماً بإلغاء الحظر الذي كان مفروضاً عليه. فإذا تحدثت بشكل إيجابي عن الزواج التقليدي والعلاقة الخاصة والتاريخية بين الرجل والمرأة، فإن ذلك يعتبر رمزاً لرهاب الشذوذ الجنسي.

 

استغن عن الجامعة. فقد زادت رسوم الدراسة بشكل أعلى من معدل التضخم. وهي تستغل المدرسين غير المتفرغين، بينما تتشبث بمفاهيم عفا عليها الزمن مثل مدة الخدمة. ولا يمكنها ضمان إتقان خريجيها المبادئ الأساسية للقراءة أو الرياضيات، أو أنهم سوف يتمكنون من العثور على وظيفة هذه الأيام. وترفض التنوع الحقيقي للفكر.

 

ولكن بالسؤال عن ميزانياتها، وإجراءات التوظيف ،و التسامح السياسي أو العمل الإيجابي، وما يطلق عليه العنصري المناهض للفكر، في مقابل صناعة القروض الطلابية، والأسلوب الخالي من الرحمة في مواجهة السماح لشخص ما بأن يبذل قصارى جهده.

 

قبل الانتخابات الأخيرة لم يكن معروفاً على وجه الدقة كيف سيصوت الأميركيون، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه ينطوي على خشية المواطنين الحديث بصراحة عما يقلقهم واستخدامهم بدلاً من ذلك الحوار الطائفي. ومعظمهم برهن في خصوصية صناديق الاقتراع، فربما تكون أكثر غضباً وإحباطاً مما نعتقد.

 

ولكن لما لا يفعلون ذلك، عندما يعرفون أن الصراحة والصدق يمكن أن يؤديا إلى محاضرة رئاسية، أو تسريح من الوظيفة أو إقامة دعوى قضائية؟

=====================

مصادر قوة أوباما وضعفه

آخر تحديث:الأربعاء ,03/11/2010

عاطف الغمري

الخليج

يتفق كثير من المؤرخين في الولايات المتحدة، على أن الرؤساء الأمريكيين ينتمون تاريخياً إلى فترات أو مراحل زمنية معينة، بمعنى الانتماء إلى عصر الثورة الصناعية، أو سنوات الكساد أو إلى عصر الحرب الباردة، وصراع البقاء مع الاتحاد السوفييتي، ومن بينها فترات تمتد لأجيال ويتشارك في خصائصها عدد من الرؤساء .

وكان السؤال الذي طرح بينهم أخيراً هو كيف يتم توصيف الفترة التي ينتمي إليها أوباما؟

وأوباما نفسه لم يغفل آراء المؤرخين ودعا مجموعة من مؤرخي الرئاسة إلى عشاء في البيت الأبيض في مايو/ أيار ،2010 وناقشهم واستمع إليهم وتفكر في تحليلاتهم التي تجمع بين التاريخ والرؤية السياسية المعاصرة .

كانت نهاية الحرب الباردة عام 1989 والممتدة لأكثر من خمسين عاماً، هي مرحلة فاصلة بين عصر وآخر، حتى إن لم يبدأ تأثير انتهائها في الحال، بظهور ملامح العصر الجديد الذي سيعقبها .

وعقب انتهاء الحرب الباردة ظلت طروحات النخبة والمفكرين السياسيين تدور في عملية تفاعل واحتكاك إلى أن جاءت فترة أوباما .

في سنوات الحرب الباردة التي بدأت عقب الحرب العالمية الثانية عام ،1945 وانطلاق استراتيجية احتواء النفوذ السوفييتي عام ،1947 قامت مؤسسات إدارة الشؤون العالمية، وتركز مركز القيادة في الولايات المتحدة، بحكم تفوق قدراتها الإنتاجية والعلمية والتعليمية والاقتصادية والعسكرية، وابتكارها المتفرد للمشروعات التي قام عليها عمل النظام الدولي من حلف الأطلسي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وكذلك الأمم المتحدة .

وإن كانت هذه المشروعات قد أطلقت في عهد الرئيس ترومان الذي عرف بمحدودية معرفته بالعالم، وجهله بالسياسة الخارجية، إلا أن هذه المشاريع، كانت من إبداع فكر وصياغة دين أتشيسون وزير خارجيته، والذي يوصف في دوائر الدبلوماسية في واشنطن، بعميد الدبلوماسية الأمريكية الحديثة .

في إطار هذا العصر تربت للولايات المتحدة كوادر، ومخزون خبرة متراكمة في شؤون الاتحاد السوفييتي وإدارة الصراع معه، واستندت السياسات الخارجية على استراتيجية عالمية محكمة البنيان، مستلهمة شروط الحكم على الاستراتيجية بما توفره من أمن لبلدها متضمنة:

1) تحديد مصالح الأمن القومي الحيوية .

2) تحديد ما الذي يهدد هذه المصالح .

3) تحديد أفضل الوسائل لإدارة موارد الدولة العسكرية والسياسية والاقتصادية لحماية هذه المصالح وإضعاف نفوذ الخصم المنافس .

وجاءت فترة جورج بوش، تنسب لنفسها امتلاك ناصية استراتيجية عالمية جديدة، أعلنها البيت الأبيض في 20 سبتمبر/ أيلول 2002 تحت اسم “مبدأ بوش”، لكنها سقطت بعد ست سنوات من إعلانها، وحكم عليها الأمريكيون، بأن بوش واستراتيجيته سقطا ضحايا نظرية لم تستوعب طبيعة التغيير الجاري في العالم، وتصورت وهماً أن القوة الأمريكية مستمرة بلا حدود .

قبل ظهور أوباما على مسرح الأحداث بثلاث سنوات، كانت مراكز صناعة السياسة الخارجية تنشغل بالجدل والبحوث التي انتهت إلى أن العالم قد تغير، وأن أمريكا أيضاً يجب أن تغير سياستها الخارجية، لتتعامل مع عالم لن تكون أمريكا فيه محتكرة مركز القيادة والإسهام، وأنها لم تعد تستطع وحدها أن تحل مشكلات وأزمات العالم، أو أن تتصدى منفردة للتحديات المستجدة لأمنها القومي، لكنها تحتاج إلى تعاون دول أخرى .

وحسب تعبير البروفيسور جون جاديس الخبير الأمريكي في شؤون الصراع الأمريكي السوفييتي، فإن السنوات العشر الأخيرة، بدأت تظهر انحسار النفوذ الأمريكي، وضعف مركزها القيادي تدريجياً .

وجاء أوباما حاملا أفكاراً تعترف بهذا التوجه للتغيير حتى إن المؤرخين قالوا إن الرئاسة المعاصرة قد لا تكون قادرة على إحكام قبضتها على مقاليد القوة، وأن ذلك سيكون طابع مرحلة الرئاسة من الآن .

وربما يكون مصدر قوة أوباما هو نفسه مصدر ضعفه، وظهوره في فترة العامين الماضيين، أشبه بسفينة تطوح بها أمواج متلاطمة هنا وهناك . فأوباما حملته إلى البيت الأبيض حركة مجتمعية كبيرة تطلب تغييراً شاملاً وفورياً، وفي مواجهتها تيارات ومؤسسات راسخة ترفض التغيير، أو الاعتراف بأن أمريكا يمكن ألا تكون القوة الأولى المهيمنة، ومركز الإسهام للقيم والأفكار السياسية والاجتماعية .

فهذا ميراث توارثته أجيال وراء أجيال، حتى صار هو نفسه عقدة، وهو ما قال عنه المؤرخ ريتشارد هوفستاد: إن أمريكا صارت عند الأمريكيين في حد ذاتها العقيدة .

وكان مصدر ضعف أوباما ، قد أسهم فيه بقدر كبير، إهماله التواصل مع الحركة الجماهيرية التي صنعت قوته والتي دبت في صفوفها مشاعر خيبة الأمل، لما اعتبرته تردداً منه في الإقدام على التغيير الذي توقعته منه، وهو ما حدث نتيجة انشغاله بالحرب المعلنة عليه من الجمهوريين في الكونغرس وخارجه، ومن تلك المشكلات الداخلية والخارجية التي ورثها عن سلطة بوش .

ووجد أوباما نفسه في مهب رياح من معارضيه من الجمهوريين واليمين المحافظ، وأيضاً من قطاع كبير من أنصاره .

هنا اهتم المؤرخون والخبراء السياسيون بالسؤال: هل معنى ذلك أن فترة أوباما ستكون مجرد فترة انتقالية، أم أنه سيستعيد الإمساك بزمام الأمور وتتحول رئاسته تاريخياً إلى فترة ممتدة؟

الذين اقتربوا من البيت الأبيض للاستطلاع والتحليل يعتقدون أن نجاحه في جذب الزمام إلى يديه، رهن إدراكه لأخطائه في فترة السنتين الماضيتين، وهو نفسه بدأ يكتشف أن رصيد قوته كان في الحركة التي كان ينبغي أن يتواصل معها، لتكون فاعلة وليست برج مراقبة لما يفعله .

=====================

الاستخبارات الغربية تعود إلى القوقاز

الاربعاء, 03 نوفمبر 2010

سيرغي بالماسوف *

الحياة

يتهم ممثل الرئيس الروسي في منطقة القوقاز الشمالي بروسيا الكسندر خلوبونين اجهزة الاستخبارات الغربية بالتشجيع على القيام بأعمال تخريبية فيها ولزعزعة استقرارها، في خضم الاستعدادات للالعاب الاولمبية في سوتشي عام 2014. ويجد الاتهام هذا مبرراته في «سخونة» الاوضاع في داغستان وانغوشيا والشيشان وكباردينا – بلكاريا.

والحقيقة ان القوقاز كان دائماً المكان المريض من روسيا، لذلك كان ضعفه يجعله عرضة لتدخل اجهزة الاستخبارات الاجنبية التخريبية اكثر من غيره. وما زال في الذاكرة لجوء البريطانيين والاتراك في القرن التاسع عشر الى تسليح سكان القوقاز اضافة الى «مؤامرة السفراء الثلاثة» في المنطقة عام 1918.

والتوتر الأمني الذي يشهده القوقاز منذ 16 عاماً، واشتد منذ عامين، كان للعرب دور واضح فيه، على رغم مواقف روسيا وقبلها الاتحاد السوفياتي الداعمة لحقوق العرب في صراعهم مع اسرائيل. واقتنعت قوى شيشانية فاعلة حينذاك بوجود تدخل اجنبي في المنطقة وانتقلت الى معسكر السلطة المركزية القائمة في موسكو.

وترافق ارتفاع مستوى التوتر الامني في القوقاز الشمالي خلال السنتين الماضيتين مع وصول باراك اوباما الى رئاسة الولايات المتحدة وعودة قيادة اجهزة الاستخبارات الاميركية التي كانت موجودة في عهد بيل كلنتون الى مراكزها. وتتلخص إحدى مهماتها الاساسية بتنفيذ عمليات تخريبية ضد روسيا، وباستخدام ارهابيين اسلاميين.

واذا كانت حرب جورج بوش في افغانستان والعراق قد وحدت الاسلاميين في مواجهة الولايات المتحدة فإن باراك اوباما يحاول تغيير الوضع والبرهان على ان اميركا ليست عدواً للعالم الاسلامي وانه ينوي التعاون لاعادة توجيه نشاط المتشددين الاسلاميين ضد روسيا. والوسائل الحديثة المستخدمة تجعل من الصعب معرفة المخططين والممولين للاعمال التخريبية. وليس صدفة الانخفاض المفاجئ في مستوى تشدد الولايات المتحدة مع مجموعة من المصارف تعرضت سابقاً لضغط قوي منها، جراء شكوك ظهرت حول تمويلها الارهاب الدولي.

ومن الاسباب الوجيهة التي ترجح مسؤولية الغرب في زعزعة استقرار المنطقة، اهميتها الاستراتيجية حيث يتم عبرها نقل النفط من بحر قزوين لذلك يتم تسليح جورجيا واستخدامها في التأثير على القوقاز، والتذكير الدائم بمشكلة حقوق الانسان فيها.

ويبدو ان محاولات الزعزعة هذه تهدف الى جذب انتباه العالم الاسلامي والقوى المواجهة لاميركا في افغانستان والعراق، وتوجيه جهودها للعمل ضد روسيا، ومن الاهداف البعيدة المدى اضعاف روسيا بفصل منطقتي كوبان وستافروبول عنها، وتحويل البحر الاسود الى «حوض للناتو» في اطار الاستراتيجية القائمة على التقسيم وفق التجربة اليوغوسلافية.

والدليل المباشر على تدخل الغرب معالجة المقاتلين القوقازيين الجرحى في بلدان «الناتو» ومنها تركيا، كما ان قيادة الارهاببين مثل احمدوف وزكاييف تقيم لاجئة في بريطانيا والولايات المتحدة اللتين اضافة ترفضان تسليمهما الى روسيا وتؤمنان الحماية لهما الى الدنمارك وبولندا.

مع ذلك لا يمكن ارجاع النشاط المتنامي للمقاتلين القوقازين الى تدخلات الغرب وحدها. فالقوقاز الشمالي يعاني من مشاكل مزمنة حادة ذات طابع اثني – قومي، اجتماعي واقتصادي، حيث يستخدم السلاح لحل جزء منها، وضد السلطة المحلية الفاسدة العابثة بالحقوق. وكل هذا يستغل بمهارة من بعض الدول الاجنبية.

* صحافي، عن «برافدا» الروسية،

=====================

الافلاس الأخلاقي للجيش الأميركي

الاربعاء, 03 نوفمبر 2010

بوني بريكر وعادل شامو*

الحياة

تكشف الثمرات الأخيرة للوثائق العسكرية التي نشرها موقع «ويكيليكس» اتساع نطاق الكذب والتضليل والانتهاكات المتصلة بالحرب في العراق. لقد نقل الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني والقادة الميدانيون بمن فيهم الجنرال الشهير ديفيد بترايوس (القائد السابق للجيش الاميركي في العراق والمسؤول الحالي عن قوات التحالف في أفغانستان)، عمداً، معلومات كاذبة ومضللة الى الشعب الاميركي والى الكونغرس حول اجتياح العراق وتبعاته.

وتعرف الاميركيون إلى الاكاذيب التي استخدمت لتبرير اجتياح ذلك البلد. ونعلم أن إطلاق الاكاذيب قد استمر اثناء الحرب خصوصاً لناحية معاملة السجناء والوضع الاجمالي في العراق. فعلى سبيل المثال، كانت ادارة بوش تكرر التأكيد أن الجيش لا يحصي الخسائر العراقية، المدنية منها والعسكرية، على السواء. بيد أن الوثائق التي نشرتها «ويكيليكس» تكذب تلك التأكيدات. وكان بوش قد انكر في مناسبات مختلفة علمه بالارقام مع انها كانت متاحة له. ولا يكلف البنتاغون نفسه اليوم عناء إنكار عدد الاشخاص (العراقيين) الذين قتلوا بين 2004 و 2009 والذي كشفت عنه «ويكيلكس» والبالغ 109 آلاف قتيل من بينهم 65 الف مدني.

والقتل الاعتباطي لألف مدني عراقي عند نقاط التفتيش وواقع تسليم السجناء العراقيين الى قوات الامن العراقية مع العلم المسبق أنهم سيتعرضون إلى التعذيب وإلى الاغتصاب، كل هذا سيُحمل على كاهل الأمة. ومن المقلق الاقرار بأن السلطات الاميركية تبدو وكأنها قد وافقت على سيطرة العنف من دون ان تكبح لجام الشركات الخاصة العاملة لحساب البنتاغون. والخداع في شأن موت المدنيين والاطفال والتظاهر بالجهل في شأن التعذيب المرتكب في سجن أبو غريب يشكلان لطخات على القيم الاميركية التي نجهد في ادعاء الدفاع عنها. وعندما يأتي رؤساء الاركان لصفع الشعب الأميركي بالاكاذيب، ماذا تكون العواقب؟ أي تبعات يمكن أن ينجم عن ذلك في صفوف الجيش وفي المجتمع الأميركي بأسره؟ تخيلوا جندياً يبلغ من العمر عشرين عاماً يُرغم على الكذب في شأن مخالفاته. عندها ستداس بالأقدام كل القيم التي نشأ الجنود عليها في منازلهم وأماكن العبادة ومدارسهم، اي النزاهة والشرف والواجب. لقد أرغمت السياسة التي اتبعها أصحاب القرار عندنا قواتنا، حتى أصغر جندي، على نشر الكذب، أو على الاقل جعل الكذب وسيلة للبقاء في الجيش. لقد تغير حتى تعريف ما يشكل جريمة حرب.

وعندما يواجه الجنود الاميركيون كل يوم مآزق أخلاقية رهيبة، لا يكون مستغرباً أن يصاب 500 ألف ممن عادوا الى البلاد من حربينا الحاليتين في العراق وأفغانستان باضطرابات عقلية. ويعاني أكثر من 300 ألف منهم من عصاب ما بعد الصدمة. يضاف الى ذلك أن عدداً كبيراً من محاربينا السابقين يجدون صعوبة في التكيف مع حياة مدنية عادية. الحرب هي الجحيم دائماً. بيد أن جنودنا يرزحون تحت عبء إضافي، فقد اضطروا إلى اعادة النظر في المنظومة الاخلاقية التي حلت مكان القيم التي اعتقدوا انهم يدافعون عنها.

لكن ما من أحد في البنتاغون يرغب في الحديث عن أهمية التوتر الاخلاقي هذا، عند جنودنا. يأبى القادة العسكريون التطرق الى الاسئلة هذه نيابة عن رجالهم، لأنهم بذلك يتسببون بانهيار كل النظام المبني على الاكاذيب.

ونجازف الآن بالغرق في محيط الوثائق التي كشفت «ويكيليكس» النقاب عنها. لكن بدلاً من التعلق بالتفاصيل، علينا طرح بعض الاسئلة الحيوية المرتبطة بالمعلومات تلك. على سبيل المثال، ماذا يعني بالنسبة الى العالم نشاط الولايات المتحدة خارج حدودها؟ هل تساعدنا السمعة هذه في بحثنا عن دول أخرى نحشدها في الصراع من اجل حقوق الانسان والديموقراطية؟ هل يجعل ذلك منا شركاء نستحق الثقة في المفاوضات الاقتصادية؟

هذه لحظة حاسمة بالنسبة الينا، نحن الذين نعرف أنفسنا كأميركيين.

*على التوالي: معلمة وطبيب مولود في العراق، عن «فورين بوليسي إن فوكاس»،

=================

تقرير هنري باركي عن "معهد السلام الاميركي"

تركيا وكردستان العراق: من النزاع إلى... الاحتضان!

مراجعة: بدرخان علي

جريدة النهار اللبنانية( قضايا

الثلاثاء 2-11-2010

يعود المؤلّف هنري باركي، الباحث والجامعيّ الأميركيّ المتخصّص في الشؤون التركيّة، إلى سياسة تركيا الكرديّة من خلال تقرير" العلاقة التركية الجديدة مع العراق: احتضان كردستان العراق"، الصادر أخيراً عن معهد السلام الأميركيّ. وكان المؤلف قد أصدر قبل أكثر من عام تقريراً عن مؤسسة كارنيغي بعنوان "الحؤول دون انفجار النزاع حول كردستان" على صورة قراءة إجماليّة مختصرة وجملة مقترحات لما ينبغي أن تكون عليه الرؤية والسياسة الأميركيتان حيال احتمالات تطوّرات المسألة الكرديّة في الإقليم بناءً على التغييرات الجيوسياسية بعد احتلال العراق وسقوط نظام صدام حسين 2003؛ وما أعقب ذلك من صعود التطلّعات القومية الكردية في البلدان الأربعة المعنيّة أساساً)العراق وتركيا وإيران وسوريا)؛ وكذلك من تفاعلات السياسات الإقليميّة للدول المُشار اليها في الوضع الداخليّ العراقيّ والعلاقات الكرديّة - العربيّة فيه، ودائماً من منظار صيانة المصالح الأميركيّة في المنطقة مع انزياح كبير للمصلحة التركيّة المفترضة في إدارة الملف الكرديّ بطريقة جديدة إنْ في حدودها أو على مستوى الإقليم "ذاك أن استقراراً تركيا طويل الأمد مصلحة أميركيّة ثابتة" كما يقول المؤلِّف ويؤكِّد التقرير مراراً.

اللاّفت في هذين التقريرين هو النّظر إلى المسألة الكرديّة من اعتبارات مقياس واحد هو الاستقرار في المنطقة والمصلحة الأميركية والتركيّة كيفما كانت، ودون ذلك بكثير تأتي رغبات ومصالح الطرف المعنيّ)الشعب الكرديّ وحقوقه القوميّة)، كما تحاشي التّنويه إلى دور السياسات الأميركيّة)والأوروبيّة) المتعاقبة في ديمومة الأنظمة الديكتاتوريّة والفاشيّة في المنطقة تلك التي أنزَلت الكوارث بالشعب الكرديّ وبلاده والتي يُكتب عن بعض جوانبها هنا ببرودة دم، غير مفاجئة على أيّة حال.

الحؤول دون انفجار النزاع حول كردستان

وكان التقرير السابق رأى أنّ على واشنطن الاهتمام بالأبعاد العديدة للمسألة الكرديّة لتلافي نشوب نزاعات في المنطقة الكرديّة تبعاً لثلاثة أسباب مُحتملَة مترابطة يمكن أنْ تشكّل متاعب جمّة لواشنطن. الأوّل يتعلّق بالعلاقات بين الحكومة الإقليميّة الكردستانيّة والحكومة المركزيّة ببغداد والنزاع حول كركوك بشكل خاص؛ فعدم الاستقرار السياسيّ والعنف أو الحرب الأهليّة الشاملة سوف تؤثّر على خطط سحب القوات الأميركيّة وسيكون لها نتائج كارثيّة على المصالح الأميركيّة. الثاني يتعلّق بتركيا والمشكلة الكردية ضمن حدودها وكذلك الحساسيّة التركيّة المتفاقمة من النجاحات الكردية في العراق بصفتها أخطاراً تهدّد وحدة أراضيها. وتركيا إذ تنغلق على نفسها بسبب عدم قدرتها على حل "التحدي الكردي المحلي" سلميّاً، لن تكون قادرة في الغالب على لعب دور بناء في الشرق الأوسط أو النجاح في الانضمام للاتحاد الأوروبي. المصدر الثالث المحتمل للنزاع هو ردود فعل الأكراد الإيرانييّن والسوريّين على التطوّرات عند جيرانهم حيث قُرعت أجراس الإنذار لدى نظامَي البلدين بسبب التعبئة الكردية المتزايدة و(أعمال العنف) في سوريا وإيران...

في تقريره الجديد يدرس المؤلّف تغيّر سياسات تركيا الإقليميّة، خصوصاً في علاقاتها مع كردستان العراق والتأثيرات على الوضع الكرديّ الداخليّ في تركيا. وبرأي الباحث لا يوجد سبب واحد يفسر تغير سياسة تركيا، بل هو مزيج من التطورات داخلها – بعضها لا علاقة له تماماً بالعراق وأكراده – وفي المنطقة ككّل.

 السياق الجيوسياسيّ

كان احتمال تفكّك العراق يعني الشروع في سلسلة من التداعيات. أولاً، يمكن احتمال استقلال الأكراد والتوسع في المنطقة الكردية لتشمل كركوك الغنية بالنفط  أن يشجّع الأكراد العراقييّن على إعلان الاستقلال ووضع ذلك في إطار حركات للمطالبة بالانفصال في جميع أنحاء المنطقة. وعلى الرغم من التحسّن في العلاقات بين أنقرة وأربيل، إلاّ أن هذه التطورات يمكن أن تزعزع الاستقرار في تركيا. ثانياً، يمكن عدم تماسك العراق أن يسمح  للجماعات المسلحة بتصدير العديد من مقاتليها إلى البلدان المجاورة، مثل المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا، وحتّى إلى تركيا. وثالثاً، ستكون إضافة مزيد من القلاقل وعدم الاستقرار على الحدود في تركيا بمثابة عامل مثبّط لأعضاء الاتحاد الأوروبي في ما يتعلّق بقبول تركيا كعضو كامل العضوية في تلك المنظمة.  ومن المفارقات أنّ أيّ زيادة في النفوذ التركي في كردستان يترجم تغييراً أكبر في بغداد بسبب الدور الكردي الحاسم في العاصمة العراقية.  وباختصار، بلعب دور في شمال العراق، تلعب أنقرة دوراً في تحديد معالم الوجود السياسي لعراق المستقبل. و الأكراد في تركيا لا ينظرون بعين الرضا إلى حكومة حزب العدالة والتنمية عندما تدخل في عداء نشط تجاه أربيل. كما أنّ التعاون مع حكومة إقليم كردستان حقّق أيضاً بعض الأهداف التركية التي كانت صعبة المنال في وقت سابق، وخاصة في اتجاه ضغط كرديّ عراقيّ على حزب العمال الكردستانيّ.

حدود السياسة الخارجية

يرتكز التحوّل في المواقف التركيّة تجاه العراق أيضاً إلى رؤية السياسة الخارجية الجديدة لحزب العدالة والتنمية. فقد جاء الاخير إلى السلطة بهدف تنشيط السياسة الخارجية التركية التي كانت مرتكزة إلى الداخل. وعمل الحزب على الاستفادة من الفراغ الناشئ عن حرب إدارة بوش في العراق، فبدأ في فرض نفسه كقوّة إقليميّة، بصفته الوسيط في عدد من الصراعات.  وفي إطار السياسة العامة التي وصل البعض إلى تسميتها "العثمانية الجديدة"، فقد كانت تركيا توسّع معالم نفوذها في المناطق التي كانت ذات يوم جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. ولدى مهندس هذه السياسة الخارجية الجديدة، وزير الخارجية الحالي أحمد داود أوغلو، جدول أعمال أكثر طموحاً بكثير – وهو جعل تركيا قوة عالمية. على أن يكون ذلك من خلال الاستفادة من علاقات تركيا الثقافية والتاريخية وعضوية حلف شمال الاطلسي، والترشيح للاتحاد الأوروبي، وإحداث النمو الاقتصادي السريع.

السياق المؤسّسي المحليّ

إن التغييّرات الجذرية في سياسة تركيا تجاه العراق لم تكن ممكنة من دون تطوّرات مهمة في السياق المؤسّسي المحلي التركي. وكان ظهور ونجاح حزب العدالة والتنمية كطرف مناهض للسلطات الحاكمة قد أدّى إلى حد ما إلى تحضير الساحة لمواجهة بينه وبين الدولة.  فالمؤسسة المدنية- العسكرية التركية تعلن دومًا عن خوفها من أسلمة المجتمع التركي، في حين ساعد أداء الحزب في قضايا الأمن القومي الساخنة على زيادة الضغط عليه أكثر فأكثر.

في واقع الأمر، قام حزب العدالة والتنمية بالقليل في السنوات الأولى من حكمه تجاه المسألة الكردية (بالمعنى الواسع)، واتبع أساساً السياسة التقليدية التي تؤكد على الطبيعة الإرهابية لهذه المشكلة الداخلية وعدم شرعية حكومة إقليم كردستان. وكان هناك استثناءان فقط، أولهما مهمات تانر في شمال العراق وثانيهما خطاب عام ٢٠٠٥ الذي أطلقه أردوغان في مدينة ديار بكر، في قلب جنوب شرق البلاد، حيث اعترف بأنّ الأكراد لم يعاملوا معاملة طيبة خلال تاريخ الجمهورية التركية كله. ومع ذلك، لم تكن هناك متابعة للخطاب، والتوقّعات التي أثارها تبخّرت في وقت قريب. وأردوغان في وقت لاحق بدأ يتخذ موقفاً معادياً من "حزب الديموقراطية والمجتمع في تركيا" المؤيد للأكراد، والذي يعتبر أهم العناصر التي تمثل الحالة القومية للمجتمع الكردي والذي يتقارب مع حزب العمال الكردستاني.

لقد كانت مسألة إصلاح العلاقات المدنية - العسكرية دائماً على رأس أولويات حزب العدالة والتنمية ولكن في إطار الاهتمامات المخفية وغير الظاهرة على جدول الأعمال اليومي. وكان الدافع لدى الحزب من السعي لعضوية الاتحاد الأوروبي هو حاجته للحدّ من صلاحيات الجيش الواسعة وحماية مستقبل الحزب من "الجنرالات الحشريين".  وكان حلّ القضية الكردية هو أيضاً جزءاً من هذا البرنامج، لأن التمرّد قد مكّن الجيش من الحفاظ بصورة واضحة وحاسمة على دوره في المجتمع.

السياق المجتمعي

كما تغير السياق المجتمعي في تركيا إلى حد كبير. أولاً، هناك شعور عميق بالتعب والإجهاد بسبب الحرب الطويلة.  وفي جنوب شرق البلاد في المنطقة الكردية صار هذا الشعور عميقًا جدّاً، وتجلّى ذلك في العديد من الطرق.  على سبيل المثال، كان حزب العمال الكردستاني يتعرّض لضغوط غير مباشرة تحضه على البحث عن وسائل سلمية، لأن المواطنين صاروا بدورهم أكثر ميلاً للعمل السياسي في التعبير عن آرائهم.

عوامل التغيير المفتاحيّة الأساسية

ليس هناك شك في أنّ أهم الدوافع للتغيير في السياسة التركية تجاه الأكراد كان وجود كل من أردوغان وغول وأوغلو. لم يكن أي من هؤلاء الأفراد الثلاثة جديدًا بالنسبة لهذه القضايا وكانوا يعرفونها جيدًا.  وكان غول قد نشط جداً في السياسة الخارجية وقت الظهور السابق لحزب العدالة والتنمية.

في الواقع، وبدءاً من التسعينات، كان غول هو المفكر الرئيسي للسياسة الخارجية وهو الناطق باسم الأحزاب الإسلامية، في حين قدم أردوغان واحداً من التقارير الأكثر تقدميّة في وصف الحالة الكردية حتّى ذلك الوقت وقدمه في ذلك الوقت لنجم الدين أربكان، زعيم الحزب آنذاك، أي عام ١٩٩١. وفي عام ٢٠٠٥ ، قام أردوغان بحملته الرسمية الأولى في القضية الكردية بكلمة وجدت استقبالاً جيداً  والتي اعترف فيها بأن "المسألة الكردية" هي أكثر من مجرد الحرمان الاقتصادي وبأن الدولة التركية قد ارتكبت العديد من الأخطاء تجاه سكانها الأكراد. ومع ذلك، لم يتمكّن أردوغان من الحفاظ على الزخم الذي ولّدته ملاحظاته، لأنّه كان يواجه مناخاً أكثر صرامة في أنقرة وقتها، ناهيك عن تجدّد العنف من جهة حزب العمال الكردستاني. وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثير من التغيير في سياسة تركيا تجاه العراق - وعلى نحو أكثر تحديداً، سياستها في شمال العراق، والتي شكلت جوهر المخاوف التركية - لم يكن ليأتي من دون موافقة من الجيش، والمبادرات التي قام بها موظفو وزارة الخارجية، أو الجهود التي تبذلها منظمة المخابرات الوطنية التركية. ومما لا شك فيه، هناك ظروف جديدة على الأرض وفرص في المرحلة الحالية أدّت إلى تمهيد الساحة لإجراء تغييرات في السياسة التركية. وقد لعب الأفراد داخل المؤسسات المهمة دوراً كبيراً وحاسماً في تركيا، حيث كانت المسائل الإيديولوجية والخطاب حول الأكراد وحقوق الأكراد من المحرمات.

القيود المفروضة

على السياسة الجديدة

تحتوي سياسة تركيا الجديدة تجاه العراق على عناصر دفاعية وأخرى توسعية،  وهي دفاعية بقدر ما أنها لا تزال تبنى على أساس برنامج لاحتواء القومية الكردية.  وقد كان هذا دائماً موضع قلق أنقرة الأول، بصورة يرجع تاريخها إلى ١٩٢٦ تقريبًا عندما وافقت تركيا على اندماج الموصل في العراق.

وهي أيضاً سياسة توسعية في أنها تسعى إلى تحقيق أقصى قدر من التأثير التركي في جميع أنحاء المنطقة والعراق بشكل خاص، مع التطلّع إلى كسب أوضاع تتناسب مع ظروف يعتقد الأتراك أنهم يستحقونها. ولأنّ مستقبل العراق سيكون له قدر هائل من التأثير على كيفية تطور هذه المنطقة، تظلّ تركيا على إدراك بأنّ لها مصلحة في التأثير في هذا المستقبل. إنّ العراق الغني بالنفط هو مصدر للنفط والغاز وهو سوق للسلع المصنعة في تركيا.

ويمكن انهيار مقترحات الإصلاح في المسألة الكردية في تركيا أن تكون له آثار خطيرة جداً بالنسبة للعلاقات بين البلدين.  وهناك بالفعل علامات واضحة على أنّ حزب العدالة والتنمية قد فقد الكثير من حماسته لمواصلة مبادرته الكردية المحلية، وعلى أقل تقدير إلى مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في صيف  ٢٠١١. وهذا من شأنه تفادي الحاجة لنزع حزب العمال الكردستاني سلاحه بنفسه، والأهم من ذلك أن هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى زيادة العنف في المناطق الكردية في تركيا.

إن المنازعات التي قد تنشأ بين بغداد وأربيل حول "استكشاف"، والأهم من ذلك "تصدير" النفط قد تضع أنقرة في وضع صعب. على سبيل المثال، إذا أصرّ الأكراد العراقيون على تصدير النفط والغاز عبر تركيا في حين كانت بغداد تفضل خيارات غير تركية، فإن تركيا ستكون أكثر إيجابية في انحيازها إلى أربيل أكثر من بغداد. ومن شأن ذلك أن يشكل ورطة محرجة بالنسبة لأنقرة، وهي التي ظلّت من دعاة كون المركز في العراق أقوى من الأقاليم. وبصفة عامة فإن عدم الاستقرار في العراق من المرجح أن ينعكس سلباً على العلاقات التركية-العراقية، وستسعى أنقرة لحماية نفسها من أيّ عنف، وخاصة بسبب التنوّع الطائفي النابع من حدودها الجنوبية.

الخيارات السياسية المتاحة

للولايات المتحدة

إن لدى واشنطن حليفا محتملاً في العراق هو تركيا، وهو الحليف الذي تراه ينظر بالعين نفسها وبالمنظار ذاته إلى معظم القضايا على المدى المتوسط.  وعلى الرغم من النيات التركية والتطلّعات الأخرى على المدى الطويل والتي قد لا تتفق دائماً مع مصالح الولايات المتحدة، إلاّ أنّه في غضون ذلك، فإن كلا البلدين بحاجة إلى بعضهما في العراق. إن جميع الأطراف - واشنطن وأنقرة وبغداد، وحتى أربيل(الأكراد) - يريدون أن يروا تحولاً نحو عراق مستقرّ وموحّد وأن يصبح الكيان السياسي العراقي هو ذاك الذي يشهد التعددية ويحسّن الكثير من الأوضاع الاقتصادية لشعبه.

هناك ثلاثة مجالات رئيسية يمكن فيها كلاً من الولايات المتحدة وتركيا العمل معاً وهي:

أولاً، ينبغي أن تساعد الولايات المتحدة على الحفاظ على العلاقة الكردية-التركية على المسار الصحيح. ثانياً، يتعيّن على الولايات المتحدة التأكيد على أنها لا ترغب في بقاء حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان بعد رحيلها.  وهذا أمرٌ صعب لأنه يتطلب من الحكومة التركية المضي قدماً في الانفتاح على المسألة الكردية المحلية الخاصة بها، والتي من شأنها أن تمكّن مقاتلي حزب العمال الكردستاني من العودة إلى ديارهم أو التسريح والتفرّق. ثالثاً، ينبغي على الديبلوماسيين الأميركيين أن يكونوا أكثر شمولاً وإدماجاً في التعامل مع نظرائهم الأتراك في العراق خلال هذه الفترة الانتقالية. إنّ الأتراك يتوددون بقوة إلى الطوائف المختلفة في العراق وسيكون لهذا على الأرجح أفضل الأثر في مجال العلاقات مع السنة والشيعة قياساً إلى علاقات الولايات المتحدة. إنّ المساعدة على تحسين وتطوير مشاريع تجارية مشتركة وطرق النفط والغاز بين تركيا والعراق وحكومة إقليم كردستان هي مصلحة مباشرة للولايات المتحدة...

كاتب كردي

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ