ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
د. علي محمد فخرو 2010-11-03 القدس العربي ما معنى وأهداف المعارضة السياسية؟ سؤال
يطرح نفسه أمام مواكب الانتخابات
البرلمانية في طول وعرض بلاد العرب،
والتي تنتهي دائماَ وأبداً بفوز
الأحزاب الحاكمة أو جماعات السلطة
المتنوٍّعة وبهزيمة متفاوتة في
الشدَّة لمرشحي المعارضة. ما يجعل
السؤال المطروح مهمًّاَ ما يلاحظه
المراقب، بعد كل تمثيليَّة انتخاب، من
قنوط ويأس في صفوف أعضاء ومناصري
المعارضة ومن شعورهم بأن الطُّرق
مسدودة أمامهم، فقط لأنَّهم لن يدخلوا
البرلمان أو سيدخلونه بأعداد رمزية
صغيرة غير مؤثٍّرة. إنًّ ذلك اليأس يعني أنًّ حركة المعارضة
لم تبيٍّن بوضوح لأعضائها وأنصارها
طبيعة عملها ومدى إتٍّساع الأفق الذي
تعمل فيه. فعدم الوصول إلى مقاعد
البرلمان لا يعني أكثر من فقدان منبر
للتعبير السياسي ووسيلة من وسائل
الضغط على الحكم والتأثير على إتٍّخاذ
القرارات، ولكن تبقى هناك عشرات
المنابر والوسائل والسًّاحات الأخر.
ذلك أن المعارضة السياسية المنظًّمة
يجب أن لا تنسى قط بأنها، إضافة لهدفها
الأساسي وهو الوصول إلى سلطة الحكم
يوماً ما، تمثٍّل قوى مجتمع في المجال
السياسي غير ممثًّلة على الإطلاق أو
غير ممثًّلة بما فيه الكفاية في
مؤسَّسات الحكم المختلفة. ولما كان
الحكم في الغالبيًّة السَّاحقة من
بلاد العرب يمثٍّل أقليًّة عسكرية أو
حزبية غير ديمقراطية انتهازية أو
مذهبيًّة دينيًّة أو قبيلة أو عائلة،
فان من الطبيعي أن تمثٍّل المعارضة
القوى والشرائح المجتمعية الأخرى. في
قلب تلك القوى والشًّرائح المجتمعية
الأخرى من الرجال والنساء يقبع
الفقراء والمهمَّشون اقتصادياً
واجتماعياً، والمظلومون سياسياً
وحقوقياً، والموصدة في وجوههم أبواب
الفرص المتكافئة في مجالات التعليم
والصحًّة والإسكان والعمل وغيرها. المعارضة إذن يجب أن ترسٍّخ في أذهان
أعضائها ومناصريها وعياً عميقاً
وإيماناً لا يتزعزع بمهمٍّتها
الاجتماعية السياسية
تلك، تلك المهمًّة التي ستبقى
مفصليٍّة في حياة الشعوب، ومن بينها
شعوب أمًّة العرب، إلى حين حدوث
تغييرات كبرى في تركيبة ووظائف
ومرجعية سلطات الحكم. من خلال هذا
الفهم لن يكون هناك قنوط، بل تجديد
للعزم والإرادة لطيٍّ صفحة الانتخابات
مؤقًّتاً والانتقال إلى مجالات نضالية
أخرى، وما أكثرها، للدُّفاع عن حقوق
قوى وشرائح المجتمع التي تدًّعي
المعارضة بأنها تمثٍّلها. لكن قبل الإنتقال إلى مسؤولياتها الأخرى
ينبغي أن تطرح المعارضة على نفسها
سؤالاً يتعلق بعدم فوزها في
الانتخابات وتجيب عليه بصدق وموضوعية
السؤال هو: هل أظهرت نتائج الانتخابات،
إضافة لمواضيع من مثل التدخٌّلات
وشراء الذمم، حاجة المعارضة لإجراء
تغييرات في خطابها السياسي والاقتصادي
والاجتماعي وحاجة لإجراء تعديلات
جوهرية في طرائق عملها وفي علاقاتها مع
الناس وفي آلياتها التنظيمية ؟
الإجابة على هذا السؤال ليست فقط
ضرورية للنجاح في الانتخابات
المستقبلية، وإنًّما أيضاً للتأكًّد
من أنها بالفعل قادرة في عملها اليومي
طيلة السنة على تجسيد مصالح القوى
والشرائح التي تدًّعي تمثيلها، نضالاً
وتوعية وتثقيفاً وتجييشاً وتحالفات
وتوسًّعٍا أفقيا في العضوية والأنصار.
ومن المهم أن لا يقتصر نشاط المعارضة
على السياسة، بل يشمل أيضاً النشاطات
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
والإعلامية والشبابية والنسائية
والرياضية حتى ولو لم تكن لها أية
تأثيرات على المجال السياسي العام. إن
الناس يجب أن يشعروا بأن المعارضة تهتم
أيضاً بالأمور التي تخصُّهم هم كأفراد
وكجماعات محليًّة وليس فقط التي تخّص
المجتمع ككل. إضافة إلى كل ما سبق ذكره تحتاج المعارضة
العربية أن تذكٍّر نفسها بأنها تختلف
عن مثيلتها في دول الغرب الديمقراطية.
في الغرب، حيث حسمت الأسس التي تقوم
عليها الدولة وحسمت شرعية الحكم،
وتوافق الجميع على هوية الأمة،
واستقرًّت المرجعية الدَّستورية
كضابط لحياة المجتمع، أصبحت المعارضة
توصف بالمعارضة الموالية وأصبح تبادل
السلطة من خلال العملية الانتخابية لا
يؤدٍّي إلى أكثر من تغييرات تفصيليًّة
محدودة في البرامج السياسية
والاقتصادية والاجتماعية. وهناك
توجًّه في الغرب إلى اعتبار المعارضة
جزءا من مؤسسة الحكم وظيفتها أن تمارس
النقد والتوازن وتتدرًّب لإستلام سلطة
الحكم في المستقبل. أما المعارضة
العربية فإنها تحمل مسؤولية تاريخية
أثقل وتتعامل مع وضع مجتمعي لم تستقر
أسسه بعد. المعارضة العربية لاتزال
تناضل في سبيل قضايا كبرى من مثل أسس
الدولة ونظامها الحياتي، وقضية وحدة
الأمة في وطن واحد، ومرجعية الأمة
الحاكمة لكل مرجعيًّاتها الأخرى
والشرعية بكل أنواعها. وهي لاتقل
أهميًّة عن السُّلطة الرابعة، أي سلطة
الإعلام، في مراقبتها ومحاسبتها
للأداء الحكومي. وهي تحمل العبء الأكبر
في تصدٍّيها للمشروع الأمريكي
الصهيوني الاستعماري ولمشاريع
الإمعان في تجزئة الأمًّة. وعليه
فانًّها، بعكس المعارضة عند الأمم
الموحًّدة المستقلًّة ذات الأنظمة
الديمقراطية المستقرًّة، لا تختلف مع
سلطات الحكم حول هذا البرنامج الفرعي
أو ذاك وإنًّما حول الأسس
والإيديولوجيات التي تقوم عليها
الدولة. إنها إذن تناضل من أجل تغييرات
كبرى، وبالتالي فانًّ عدم وصولها
للمنبر البرلماني ليس أكثر من خسارة
صغيرة في معركة ملحميًّة كبرى. وأخيراً دعنا نذكٍّر بان كسب الانتخابات
في بلاد العرب هي، كما عبًّر عنها
الصحافي الأمريكي فرانكلن آدمز، نتيجة
لتصويت أغلب الناخبين ضدًّ أحدهم وليس
من أجل أحدهم، وأننا مازلنا بعيدين عن
اليوم الذي يفاخر فيه مسؤول كبير، كما
فعل رئيس وزراء بريطانيا بنيامين
دزرائيلي منذ قرنين، من أن 'لا حكومة
تستطيع الشعور بالأمان دون وجود
معارضة قوية'. الطريق طويل والأفق بعيد. ================== هل حقا يشكل الوضع في
السودان تهديدا لأمن امريكا؟ د. يوسف نور عوض 2010-11-03 القدس العربي من الأخبار الطريفة التي قرأتها في
الأيام الماضية قول الرئيس الأمريكي
باراك أوباما إن سياسات الحكومة
السودانية تشكل تهديدا غير عادي لأمن
الولايات المتحدة، وإذا كان من الممكن
أن يفهم ذلك في سياق أن الولايات
المتحدة لا ترضى عن سياسات الحكومة
السودانية، فكيف يمكن أن يفهم على أن
هذه السياسات تشكل تهديدا غير عادي
لأمن الولايات المتحدة؟ بالطبع الرئيس
الأمريكي لا يحتاج للبحث عن مبررات
لمواصلة العقوبات على السودان، إذ هي
مستمرة في كل الأحوال ولا تحتاج واشنطن
لأن تعلن عن نواياها تجاه الخرطوم، بل
عليها أن تجيب على السؤال المهم وهو
لماذا تركز كل جهودها في هذه المرحلة
على محاولة تمزيق السودان وإنهاء
دولته الموحدة؟ وإذا نظرنا من جانب آخر إلى الوضع السياسي
في السودان وجدنا أنه لم يحدث فيه تحول
سياسي أساسي، ذلك أن الجبهة الشعبية
مازالت تركز على عملية الاستفتاء
وضرورة إنجازها في موعدها، والحزب
الوطني الحاكم لا يقدم جديدا بل هو
أيضا يصر ويلح على أن الاستفتاء سيجري
في موعده، أما الولايات المتحدة
فتعتبر إجراء الاستفتاء في الموعد
المحدد هو التحدي الحقيقي الذي يواجه
الحكومة السودانية في هذه المرحلة،
وتدور في ظل هذه المواقف المتعددة
صراعات تصب جميعها في خانة تفكيك
الدولة التي لم يتبق الكثير من الوقت
لبقائها موحدة. ومن أكثر الأخبار التي تنشر في هذا السياق
في الشمال الترويج لوجود تصدع في
الحركة الشعبية على النحو الذي نشرته
إحدى الصحف السودانية التي قالت إن
المكتب السياسي للحركة الشعبية اصدر
قرارا بحل مجلس التحرير القومي
للحركة، وهو الخبر الذي نفاه السيد
ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة
الشعبية الذي أكد أن المكتب السياسي لا
يمتلك صلاحيات حل مجلس التحرير القومي
بكون مجلس التحرير القومي هو الجهاز
التشريعي للحركة الشعبية، واعتبر
عرمان أن نشر مثل هذه الأخبار هو تشويه
متعمد من الحزب الوطني الحاكم يستهدف
آليات العمل في داخل الحركة الشعبية،
وقد نفى السيد ياسر عرمان أن تكون
الولايات المتحدة قد اقترحت تأجيل
الاستفتاء المقرر إجراؤه في التاسع من
كانون الثاني /يناير المقبل لمدة خمسة
شهور خاصة بعد أن شكا سلفا كير رئيس
حكومة الجنوب من أن حكومته لا تمتلك
الموارد المالية الكافية التي تجعلها
قادرة على إجراء الاستفتاء في موعده.،
ويتهم سلفا كير في ذلك حكومة الشمال
التي قال أنها لم توافق على تخصيص
ميزانية لإجراء الاستفتاء في الموعد
المحدد، وطالب الموظفين الجنوبيين
باستقطاع راتب شهر من أجل أن تتمكن
حكومته من إجراء استفتاء جنوب
السودان، ولا تعتبر مسألة التمويل
العقبة الأولى التي تواجه حكومة
الجنوب، ذلك أن المجتمع الدولي قد
التزم بتوفير الأموال اللازمة لإجراء
الاستفتاء غير أن رئيس قسم الانتخابات
في بعثة الأمم المتحدة 'دينيس كاديما'
قال إن المجتمع الدولي لم يستطع أن
يوفر حتى الآن أكثر من خمسين في المئة
من موازنة الاستفتاء، وذلك سلوك عادي،
ذلك أن الدول المانحة كثيرا ما تعد
حكومة جنوب السودان ولكنها لا تفي
بوعودها ويخشى أن يكون ذلك ديدنها
عندما ينفصل جنوب السودان، ولا يجد إلى
جانبه وعود الذين شجعوه على الانفصال،
ويدرك القادة الجنوبيون منذ الآن أن
الجنوب سيمر بأزمات خانقة في حال
الانفصال خاصة إذا لم يتم الاتفاق على
كيفية تقسيم النفط بين الدولتين. وتبدو المشكلة المثيرة للجدل متركزة في
التصريحات التي نسبت أخيرا لرئيس
حكومة الجنوب 'سلفا كير' حيث نسب إليه
أنه قال بمجرد تحقيق انفصال جنوب
السودان فإنه سيوافق على فتح سفارة
لدولة إسرائيل في جنوب السودان، وقد
يفهم هذا التصريح في إطار أن سلفا كير
يريد أن يسترضي الولايات المتحدة في
هذه المرحلة، غير أننا نعلم أن الأيادي
الإسرائيلية ظلت تتحرك في جنوب
السودان منذ فترة طويلة ولم يكن الهدف
شمال السودان بل كان الهدف المقصود
دائما هو مصر، ذلك أنه على الرغم من
التطبيع بين مصر وإسرائيل واعتراف مصر
بها فإن إسرائيل لا تفكر تفكيرا محدودا
بل هي تفكر تفكيرا استراتيجيا ترى فيه
أن إضعاف مصر على المدى البعيد هو أكثر
ضمانا لأمنها من بقائها قوية حتى يأتي
نظام آخر يكن العداء لإسرائيل،
وبالتالي لا نفهم ما يجري في جنوب
السودان إلا على أنه يصب في إطار
المؤامرة الإسرائيلية على مصر، وعلى
الرغم من ذلك فقد نفت قيادات جنوبية
ومنها 'إدوارد لينو' رئيس الاستخبارات
السابق في الحركة الشعبية أن يكون سلفا
كير قد قصد إقامة علاقات طبيعية مع
إسرائيل وفسر الموقف كله على أنه
محاولة من بعض الصحف الشمالية
لاستدراج الجنوب حتى يقف مواقف معادية
من العرب بهدف تأليب الرأي العام
العربي ضد انفصال جنوب السودان،
والغريب أنه على الرغم من الأضرار
الواضحة التي ستلحق بمصر جراء انفصال
جنوب السودان فالملاحظ هو أن
المسؤولين المصريين مازالوا يتعاملون
مع قضية الانفصال في جنوب السودان
وكأنها حدث داخلي لا يستوجب تدخلهم
بصورة تحفظ أمن بلادهم، وليست هذه هي
المرة الأولى التي يتخذ فيها القادة
المصريون مثل هذه المواقف فقد رأينا من
قبل الرئيس جمال عبد الناصر يدير ظهره
للسودان من أجل شعارات الوحدة العربية
التي لم يعمل على تحقيقها كما رأيناه
ينجز مشروع السد العالي دون أن يوفر
الضمانات لتدفق مياه النيل إلى مصر،
واليوم هذا هو وزير الخارجية المصري
أحمد أبوالغيط الذي أكد أن كل ما تسعى
إليه بلاده هو عدم نشوء توتر في
السودان بسبب الاختلافات حول استفتاء
جنوب السودان ،وقال في لقاء له مع وزير
الخارجية السوداني على كرتي في
القاهرة إن الحكومة المصرية ستعمل على
إكمال الاستفتاء في موعده وهو الموقف
نفسه الذي أكده الوزير السوداني علي
كرتي. والغريب أن تصدر مواقف متشابهة من مركز
كارتر في الولايات المتحدة، ذلك أنه من
المفهوم أن يراقب هذا المركز
الانتخابات في أي مكان من العالم ولكن
ليس المطلوب منه أن يدعو إلى إجراء
الانتخابات أو الاستفتاءات ذاتها خاصة
عندما تكون هناك عقبات خلافية بين
الأطراف ويلاحظ أن أقصى ما يتخذه الحزب
الحاكم في الشمال هو التشكيك في قدرة
الحركة الشعبية على إدارة حكومة
منفصلة في جنوب السودان إذ يتهم الحزب
الحركة الشعبية بالفشل في تنفيذ أي
برامج تنموية في الجنوب خلال السنوات
الخمس الماضية وإن كل ما ظلت تدعو له هو
انفصال جنوب السودان، كما يقول دكتور
محمد مندور المهدي القيادي بالمؤتمر
الوطني ولا نريد أن نعطي هنا امتياز النقد للحزب
الوطني وحده، ذلك أنه إذا حدث انفصال
لجنوب السودان فإن السؤال الذي سيظل
عالقا هو هل كان الحزب الوطني أو
الحركة الشعبية مخولين من قبل الشعب
السوداني لإجراء مثل هذا الاستفتاء،
ذلك أن ما نعرفه هو أن الحزب الوطني وصل
إلى الحكم بانقلاب عسكري وليس هناك حتى
الآن ما يدل على أنه يمثل إرادة شعبية
غالبة، كما أن الحركة الشعبية هي حركة
تمرد في جنوب السودان، وقد تكون لها
أهدافها ولكنها بكل تأكيد لا تمثل
إرادة أهل جنوب السودان بأسرهم،
وبالتالي فإن استفتاء جنوب السودان
يتم في غياب كامل لرأي أهل السودان
وبدعم وتشجيع من قوى أجنبية لها مصلحة
في تفكيك السودان، ولكن الأمر لا ينتهي
عند هذا الحد فالاستفتاء ليس مجرد قرار
يتخذه شعب ولكنه سيفتح صندوق 'بندورا'
المغلق وعندها لا ندري ما سيكون عليه
الوضع في كل أقاليم السودان. وعلى الرغم من كل هذه الأحداث والتطورات،
فالسؤال الذي يبقى عالقا هو كيف تصف
الولايات المتحدة الوضع في السودان
بأنه تهديد لأمنها، فهل بلغ السودان من
القوة ما يهدد أمن الولايات المتحدة؟
الإجابة المنطقية هي أن الولايات
المتحدة ترى في قوة السودان ووحدته
دعما وتقوية لمصر، وقد يكون في هذا
الدعم تهديد مستقبلي لأمن إسرائيل
وبالتالي ترى واشنطن أن ذلك يهدد أمنها
بكون أمن إسرائيل بحسب رؤيتها جزءا لا
يتجزأ من أمن الولايات المتحدة. ' كاتب من السودان ================== تأملات في العمل السياسي
الإسلامي عمر احرشان 2010-11-03 القدس العربي تستأثر تجربة الإسلاميين السياسية
بمواكبة كبيرة من قبل مراكز الأبحاث
ودوائر صناعة القرار، حيث يلاحظ حرص
هذه الأخيرة على تتبع هذه التجربة ورصد
مظاهرها ومميزاتها وأسباب قوتها..
ولذلك وجب التذكير ببعض الأساسيات في
هذا المجال، وخاصة بعد تعدد هذه
التجارب وتنوعها وتداخلها. لقد عرف مفهوم السياسة دلالات متعددة
اختلفت بحسب الزمان والمكان والنمط
الحضاري السائد. فاليونانيون فهموا
السياسة نظاما لسكان الدولة/المدينة،
فقدم كل منهم تصورا لنموذج التعامل
داخلها وطبيعة القيمين على أمورها
وعلاقتهم بمواطني الدولة، فكان هاجسهم
المواطن وحريته والعدالة.. واعتبرها
الرومان نظاما لمواطني الإمبراطورية
التي تجاوزت حدود المدينة اليونانية
فانكبوا على تقديم تصور للعلاقة بين
مواطني هذه الدولة المترامية الأطراف
وتصور للعلاقة بين روما وبقية
الأصقاع، فكانت المساواة والقانون..
وتطورت دلالتها في العصر الوسيط نتيجة سيطرة الإكليروس لتصبح نظاما للبشر عامة
اختلط فيه الديني بالدنيوي والسلطة
الزمنية بالسلطة الروحية، وكان
تصارعهما محور السياسة.. وببروز
الحركات المعارضة أُدخلت العلاقة بين
المجتمع والدولة وباقي القوى الفاعلة،
من الحزب إلى القوى الضاغطة، في صلب
السياسة.. أما في العصر الحاضر فقد
انحصر مفهوم السياسة في إطارين: علم
حكم الدولة أو فنها، أو الاثنان معا،
أو علم السلطة. لقد كان لهذا التطور التاريخي للمفهوم
تأثير كبير على المدلول الاصطلاحي،
وهذا ما يتضح عند الرجوع إلى المعاجم
السياسية، فقد عرفها معجم ليتر سنة 1870
بقوله: "السياسة علم حكم الدول".
وعرفها معجم روبير عام 1962 بأنها " فن
حكم المجتمعات الإنسانية". نستنتج، بناء على ما سبق، أن الاختلاف في
تعريف السياسة ناتج عن اختلاف زاوية
النظر واختلاف المنطلق والمرجعية وإن
توحد الهدف، ولهذا نميز بين اتجاهين،
يتمثل أولهما في الاتجاه الذي ربط
مفهوم السياسة والعمل السياسي بمفهوم
الدولة، بينما ربط الاتجاه الثاني
مفهوم السياسة والعمل السياسي بممارسة
السلطة، ولو دون الوصول إلى تدبير شأن
الدولة، من خلال الضغط والسعي إلى
تحويل مجموعة من القيم إلى قيم أخرى.
والقاسم المشترك بين الاتجاهين هو
السعي إلى التأثير في الماسكين
بمقاليد الأمور. لهذا لا يمكن تصور عمل سياسي دون سعي
للوصول إلى السلطة أو رغبة في الإبقاء
عليها أو التأثير فيها تعديلا أو إغناء.
وهذا ما يقوله دوفرجيه: "وراء جميع
المذاهب التقييمية وجميع الأحكام
الخاصة، نجد موقفين أساسيين على وجه
العموم، فالناس منذ أن فكروا في
السياسة يتأرجحون بين تأويلين
متعارضين تعارضا تاما، فبعضهم يرى أن
السياسة صراع وكفاح، فالسلطة تتيح
للأفراد والفئات التي تملكها أن تؤمن
سيطرتها على المجتمع وأن تستفيد من هذه
السيطرة. وبعضهم يرى أن السياسة جهد
يبذل في سبيل إقرار الأمن والعدالة،
فالسلطة تؤمن المصلحة والخير المشترك
وتحميها من ضغط المطامع الخاصة.
الأولون يرون أن وظيفة السياسة هي
الإبقاء على امتيازات تتمتع بها أقلية
وتحرم منها الأكثرية، والآخرون يرون
أن السياسة وسيلة لتحقيق تكامل جميع
الأفراد في الجماعة و"خلق المدينة
العادلة" التي سبق أن تحدث عنها
أرسطو". تشمل السياسة، إذاً، مرحلتين: مرحلة ما
قبل الحكم، ويكون موضوعها الصراع
للوصول إلى السلطة، ومرحلة ما بعد
الحكم، وتعنى بفن إدارة الحكم
والإبقاء على السلطة، ولا تكاد كل
المنظومات الفكرية والإيديولوجية
تخرج عن هذه الدلالات وإن اختلفت في
صيغ التعبير ووسائل العمل وطريق
الوصول. إن ميزة العمل السياسي الإسلامي أنه يجعل
مرجعيته دينا شاملا متكاملا، هو
الإسلام، وهو بهذا يختلف حتى عن العمل
السياسي الذي يجعل مرجعيته المسيحية
للاختلاف البين بين الإسلام
والمسيحية، حيث يلاحظ أن اللجوء إلى
الإسلام في العمل السياسي ليس من قبيل
استلهام القيم العامة، كما هي حال
الأحزاب المسيحية الأوروبية، ولكنه من
منطلق أن الإسلام دعوة ودولة وعقيدة
وشريعة. ومن مميزاته أنه لا يفصل الشأن
الدنيوي عن الشأن الأخروي، ولذلك عرف
الإمام الغزالي السياسة بأنها "استصلاح
الخلق لإرشادهم إلى الطريق المستقيم
المنجي في الدنيا والآخرة"، ولكنه،
بالمقابل، يميز في الوسائل بين
المجالين تجنبا لأي تداخل واحتراما
للتمايز بينهما. وهو، كذلك، عمل سياسي
يربط بين الشأن العام والخاص، فلا
يقتصر على شأن المجتمع في انفصال عن
شأن الأفراد لاقتناع تام أن الله لا
يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
ولهذا كان يقال "ابن آدم أنت محتاج
إلى نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك
من الآخرة أحوج، فإن بدأت بنصيبك من
الدنيا فاتك نصيبك من الآخرة، وإن بدأت
بنصيبك من الآخرة مر على نصيبك من
الدنيا فانتظمه انتظاما". ويتميز،
كذلك، بأن هدفه هو المصلحة مثله مثل
باقي المنظومات السياسية مع تمييز
كبير بين المصلحة المعتبرة شرعا
والمصلحة المرادفة للانتهازية عند بعض
محترفي السياسة. وقد عرف ابن عقيل
السياسة بأنها " ما كان فعلا، يكون
الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن
الفساد وإن لم يكن وصفه الرسول صلى
الله عليه وسلم، ولا نزل به وحي"،
ولذلك كان يقول الفقهاء "حيثما كانت
المصلحة فتم شرع الله". ومما يميز
العمل السياسي الإسلامي أنه لا يتصور
الغير عدوا، ولا حتى خصما، ولكنه منافس
من أجل تحقيق مصلحة عامة، وهذا أمر
مندوب لأنه عامل ثراء. ويتميز التصور
الإسلامي بأنه يعتبر السياسة وسيلة
وليست غاية، لقول الله عز وجل"
الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ
الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ". ومما يميزه أيضا أنه
يعتبر السياسة خدمة عمومية وليست مصدر
إثراء أو وسيلة تسلط، ولأنها كذلك فهي
عمل نبيل ومن أقرب الطرق الموصلة لمحبة
الله عز وجل، ولا سيما إن رافق ذلك نية
صالحة وصواب في الأداء. وقد ورد عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الخلق
عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم
لعياله". وميزته، كذلك، أنه لا يفصل
بين السياسة والسياسي، ولذلك فإنه
يهتم بنزاهة الوسائل ونبل الأهداف
وسلوك الفاعل السياسي وأخلاقه. ومن أهم
ما يميزه أنه يوسع دائرة الاجتهاد ولا
يحصر الموقف الشرعي في اجتهاد هذا
الفاعل السياسي أو ذاك ولو انطلقوا
جميعا من مرجعية الإسلام. نحتاج إلى تمثل هذه المعاني وتجسيدها
ونحن نرى مآل الممارسة السياسية في
بلادنا التي فقدت كل معانيها النبيلة
والسامية. *كاتب مغربي ================== مازن حماد الدستور 4-11-2010 ما زالت قضية اسطول الحرية التي ادت الى
تدهور العلاقات بين تركيا واسرائيل
تمنع تطبيع تلك العلاقات او وضعها على
طريق التحسن. ويعتقد الكثير من
المحللين والخبراء ان الروابط بين
الدولتين بما في ذلك الاتفاقيات
المعقودة بينهما مهددة بالانهيار
واحدة تلو الاخرى. وما حدث خلال الايام القليلة الماضية
يشهد على ان الجمر ما زال متقدا تحت
الرماد وان العلاقات تسير بثبات نحو ما
هو اسوأ. فقد لجأت انقرة الاسبوع
الماضي الى اضافة اسم اسرائيل الى
قائمة تسمى الكتاب الاحمر ، وهو عبارة
عن وثيقة انية سرية تحدد اعداء تركيا
والمخاطر التي تهددها. ورغم عدم صدور ردود فعل اسرائيلية سياسية
على هذا التطور فقد صدر رد فعل سياحي من
وزير السياحة الاسرائيلية الذي دعا
المواطنين الاسرائيليين الى مقاطعة
تركيا وعدم السفر اليها بقصد السياحة
او الزيارة. واستخدم الوزير عبارة "الكرامة
الوطنية" كمحفز لعدم توجه
الاسرائيليين الى تركيا. وحسب ما جاء في الاعلام التركي فان الكتاب
الاحمر الذي يصدر مرة كل خمس سنوات بعد
ادخال التعديلات عليه يحدد اسرائيل
على انها تشكل تهديدا استراتيجيا
لتكيا. وتذهب هذه الوثقة التي يعدها
مجلس الامن القومي التركي الى اتهام
اسرائيل بانها قوة تهدد الاستقرار في
المنطقة ، وكذلك اتهامها بانتاج مسلسل
ربما سيكون قادرا على اطلاق سباق تسلح
جيدد لي الشرق الاوسط. ورغم انه لم يكن بالامكان التأكيد مما اذا
كانت تركيا التي اضافت اسرائسيل الى
كتابها الاحمر قد شطبت منه ايران التي
يعتبرها حلفاء انقرة الاطلسيون دولة
ارهابية ، فان التسريبات التي نشرتها
وسائل الاعلام التركية تشير الى ان
انقرة قد نفد صبرها تجاه اسرائيل والى
انها ارادت من خطوتها الاخيرة توجيه
رسالة ذات مغزى الى الدولة العبرية. وما زالت تركيا تطالب اسرائيل بالاعتذار
عن مهاجمتها اسطول الحرية وهو في
المياه الدولية في نهاية شهر مايو
الماضي ، وتعويض ضحايا الهجوم الذين
بلغ عددهم تسعة قتلى من الاتراك عدا
الجرحى الذين اصيبوا في ذلك الهجوم
اثناء توجه الاسطول الى قطاع غزة في
خطوة لكسر الحصار عن القطاع. ومع ان اسرائيل تزعم انها تصرفت دفاعا عن
النفس ، فقد وجد تقرير اصدرته الامم
المتحدة في شهر سبتمبر الماضي ان هناك
ما يكفي من الادلة لمقاضاة اسرائيل
بارتكاب جرائم حرب بما في ذلك القتل
العمد والمعاملة غير الانسانية. وهناك ادلة كثيرة على وجود تغير في
السياسة الخارجية التركية تجاه
اسرائيل لكن مسؤولين اتراكا ينفون ذك
رغم تصاعد التوتر مع الدولة العبرية ،
ورغم لجوء انقرة الى تعزيز علاقاتها
السياسية والتجارية مع سوريا وايران.
وفضلا عن ذلك تشعر انقرة بالاحباء
الشديد بسبب عدم نجاح مساعيها في
الانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي. في الوقت نفسه اظهرت انقرة علامات على
انها لا تريد قطع العلاقات تماما مع
اسرائيل ، فقبل ايام عقد في العاصمة
التركية تجمع لاكاديميين اتراك
واسرائيليين التقوا في مسعى غير رسمي
لانقاذ العلاقات بين الجانبين. لكن
هناك ادراكا لدى المحلللين والمراقبين
بان تلك العلاقات لن تتحسن اذا ظلت
اسرائيل تعطل مساعي السلام مع
الفلسطينيين. ================== رشيد حسن الدستور 4-11-2010 يورد د.عبد الحي زلوم ، في كتابه "نذر
العولمه.. بعد عشر سنين" والذي أشرنا
اليه في مقال الأمس ، معلومات وحقائق ،
واراء وتعليقات لرجال فكر ، وسياسيين ،
واعضاء كونجرس ، وصحافيين ، تؤكد كلها
أن "اوباما" صناعة يهودية ، جرى
ترويجها بذكاء ، حتى بلع العرب الطعم ،
أو بالأحرى "المقلب" ، فالرجل لا
يجمعه مع السود سوى أللون ، فأمه
بروتستانية تحمل درجة الدكتوراة ،
وجدته الثرية هي التي أرسلته الى جامعة
هارفارد لدراسة الحقوق. والكتاب
بالمجمل يلقي الضوء على النفوذ
اليهودي في الولايات المتحدة
الاميركية ، والذي وصل الى حد تعيين
الرؤساء "فصاحب البيت الابيض ، اسود
كان أم أبيض ، يدير فقط أجندة قوى الظل
، لا أكثر من ذلك ولا أقل ، ولن يكون
الحال مع اوباما مختلفا في شئ" ص,294 واستشهد الكاتب برأي شخصيتين من أكبر
الشخصيات السياسة الاميركية هما: جو
بايدن نائب أوباما ، والرئيس الأسبق
كارتر ، فبايدن يقول في خطاب أمام
المجلس اليهودي الديمقراطي" ما كنت
قبلت منصب نائب أوباما ، لو كان عندي شك
، وأعني أدنى شك ، بأنه يشاركني
ألانتماء والولاء لاسرائيل ، أنا اضمن
ذلك بكل بساطة ، لأنها الحقيقة" ص,292 الرئيس الأسبق كارتر ، في حديث لجريدة لوس
أنجيليوس تايمز ، كان أكثر وضوحا ،
وجرأة"لا يوجد مرشح واحد في أميركا ،
لمنصب حاكم ولاية ، أو عضوية في
الكونجرس ، أو لمنصب الرئاسة
الأميركية ، يجرؤ أن يتفوه بما لا يرضي
اسرائيل" ص ,291 ولكن كيف تم صناعة الرجل على يد اليهود؟ الكاتبة بولين دوبكن تقول في مجلة شيكاغو
اليهودية"بأن اليهود هم الذين صنعوا
أوباما ، فأينما تنظر حوله تجد يهودا"
ص276: وبالفعل فمديرا حملته الانتخابية
، ديفيد يلوف وديفيد اكسلرود ، يهوديان
، ورام اسرائيل ، كبير موظفي البيت
الابيض ، ليس يهوديا فحسب ، بل أن والده
كان ينتمي لمنظمة"اتسل"
ألارهابية ، التي ارتكبت مذبحة دير
ياسين. ص,292 وحسب المجلة المذكورة ، فان البرفسور
مارثا فينو ، هي التي اكتشفته كرجل ذكي
وطموح ، وممكن "توظيفه" ، وتقول
بهذا الصدد مفاخرة"بانها هي التي
اتصلت بعائلتها ، وخصوصا والدها
الملياردير ، وأحد أصحاب النفوذ في
الحزب الديمقراطي ، والذي تبنى سيرة
أوباما السياسية" وتضيف"ان
أوباما يسير على الطريق الصحيح ، في
سائر المواضيع التي تتعلق باسرائيل ،
انه يتبنى نفس المواقع التي تتبناها
هيلاري كلينتون ، بالنسبة لاسرائيل ،
ولربما بشكل أقوى وأكثر وضوحا" ص,277 هذه الحقائق هي التي جعلت انبر ميكفنر ،
أحد مستشاري كلينتون يصف أوباما بأنه
صناعة يهودية اسرائيلية بالكامل ص,292 معلومات كثيرة وقيمة تضمنها الكتاب لا
تسمح المساحة المخصصة للمقال
باستعراضها ، ومنها ان حملة اوباما
الانتخابية كانت الاكثر كلفة بلغت
حوالي مليار ومائتي مليون دولار ،
مولها اليهود ، وان عم السيده ميشيل ،
قرينة أوباما ، من رجال الدين اليهودي
في أميركا. باختصار... لا ندهش بعد كل ما ورد في هذا
الكتاب القيم ، من مواقف اوباما
المؤيدة لاسرائيل. ================== (الديمقراطيون) في موسم
التوقعات الخاطئة مايكل جيرسون (كاتب ومحلل سياسي أميركي) «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز
سيرفس» الرأي الاردنية 4-11-2010 في تاريخ الكتب السياسية الصادرة في
الوقت غير المناسب والمتنبئة بعكس ما
سيقع، يحتل كتاب «توم هامبروجر» و»بيتر
والستين»، مكانة متميزة، وهما صحفيان
من «لوس أنجلوس تايمز». الكتاب الذي
جاء تحت عنوان «حزب البلد الواحد:
الخطة الجمهورية للهيمنة على القرن
الحادي والعشرين» والصادر في العام 2006
أعقبه مباشرة موسمان انتخابيان حقق
فيهما «الديمقراطيون»، عكس ما توقعه
الكتاب، حيث أحرزوا مكاسب مهمة بعدما
حازوا 15 مقعداً في مجلس الشيوخ و54 في
وصول أوباما إلى الرئاسة ليصبح أول
رئيس «ديمقراطي» منذ «ليندون جونسون»
يحصد أغلبية ساحقة في التصويت الشعبي،
كما حقق الحزب «الديمقراطي» إنجازات
مهمة على صعيد الولايات حيث فاز في سبع
منها كانت قد صوتت مرتين لصالح بوش بما
فيها ولايتا إنديانا وفيرجينيا اللتان
لم تصوتا ل»الديمقراطيين» منذ عام 1964،
لكن يبدو أن الكتاب على رغم ما انطوى
عليه من توقعات خاطئة لم يردع باقي
المؤلفين المتتبعين للحياة السياسية
في أميركا من السير على منواله، إذ
سرعان ما ظهر كتاب آخر في العام 2009 ل»جيمس
كارفيل» بعنوان «أربعون سنة أخرى: كيف
سيحكم الديمقراطيون الجيل المقبل»،
حيث اعتبر فيه «كارفيل» أن (السياسة
الرئاسية في أميركا لا تتأرجح في
العادة بين الذهاب والإياب، بل هناك
فرص لسيطرة حزب على الحياة السياسة
لفترة مديدة وما نشهده اليوم هو بروز
أغلبية «ديمقراطية»، أعتقد ومعي
العديد من المراقبين أنها ستضمن
بقاءهم في السلطة لأربعين سنة قادمة.). لكن ما جرى منذ عام 2009 واستناداً إلى
التكهنات الراهنة في انتخابات التجديد
النصفي للكونجرس لا يبدو أن سيطرة «الديمقراطيين»
على السلطة في واشنطن، وبخاصة في
الكونجرس ستستمر أكثر من عامين، فحسب
استطلاعات الرأي الأخيرة تستعد جماعات
أساسية من الذين صوتوا الى أوباما
وساهموا في إيصاله إلى البيت الأبيض
مثل النساء والكاثوليك والناخبين
المستقلين الأقل رفاهية للتخلي عن
الحزب «الديمقراطي» بأعداد كبيرة
والتصويت إما لصالح «الجمهوريين»، أو
الامتناع عن التصويت، وهو ما يسميه «وين
ويبر» الاستراتيجي في الحزب «الجمهوري»
«أكبر تغيير أيديولوجي في أقصر مدة
شهدتها في حياتي»، إذ يبدو أن الحياة
السياسية الأميركية وعكس توقعات
الكتاب تحولت فعلاً إلى رحلة ذهاب
وإياب بين الحزبين لا يكاد أحدهما
يتقلد السلطة حتى يعاود السقوط مفسحاً
المجال للحزب المنافس، والحقيقة أن
بعض النظريات التي تسعى إلى تفسير
التغيرات الأيديولوجية المخترقة
للحياة السياسية الأميركية هي حالات
تاريخية خاصة ومن الصعب تعميمها
وتحويلها إلى مبادئ عامة. فمثلاً كان الضرر السياسي لحرب العراق
والتعامل الرديء مع كارثة كاترينا
خاصاً بإدارة بوش أدى بها إلى دفع
الثمن في الانتخابات الرئاسية، فإنه
بالنسبة لإدارة أوباما كان للترويج
المبالغ فيه لخطة التحفيز الاقتصادي
وتركيزه على إصلاح نظام الرعاية
الصحية بدلاً من توفير الوظائف أكبر
الأثر على شعبيته بين المواطنين وحظوظ
حزبه في انتخابات الكونجرس، لا سيما
بعدما أساء «الديمقراطيون» التقدير
وبنوا حسابات غير صحيحة قائمة على
قراءة خاطئة للأزمة الاقتصادية عندما
اعتبروها فرصتهم التاريخية الشبيهة
بالخطة الجديدة للرئيس روزفيلت لتوسيع
المكاسب الاجتماعية وإقرار نظام تقدمي
للضرائب، والحال أن كل ما يهم الناس هو
تحسين الاقتصاد وضمان الازدهار. ولا ننسَ أن أوباما نفسه بدا عليه ضعف
سياسي واضح، إذ لم يُظهر أية قدرة على
توضيح نظريته الاقتصادية للناس بحيث
لا يمكننا الحديث في هذا السياق عن «الأوبامية»
مثلاً، كما لم يبرز تعاطفاً مع
المتضررين من الأزمة الاقتصادية، بل
كل ما استطاعه هو تقليص توقعات مناصريه
وإحباطهم وفي نفس الوقت تحفيز منتقديه
ليبدو في آن متنازلًا عن مبادئه
التقدمية ومتطرفاً في التمسك بها، لكن
رغم صعوبة التعميم بسبب التغيرات
المفاجئة في المزاج السياسي للناخبين
الأميركيين تبقى هناك بعض الدروس
المهمة التي يتعين استخلاصها
والاعتبار منها أهمها أن هذه
التغييرات الكبرى هي تحذير وجرس إنذار
للمعلقين والمراقبين السياسيين بأن لا
يغرقوا كثيراً في تأويل اللحظة
السياسية وتحميلها أكثر مما تحتمل،
ففيما تبقى الانحيازات الأيديولوجية
للأميركيين معروفة سلفاً هناك مع ذلك
عاملان يتغيران من انتخابات إلى أخرى
هما الحدة الأيديولوجية وتأييد
المستقلين، وفي هذا الإطار أظهر
الحزبان معاً قدرة على تحريك الجماهير
وحشد المستقلين لتحقيق الأغلبية ثم
السرعة في تبديد هذه المكاسب، بحيث من
الصعب في السياسة الداخلية على الأقل
بناء توقعات مستقبلية انطلاقاً من
التوجهات الحالية سواء كانت
ديموغرافية أو غيرها، ولتفسير
التغيرات السياسية المتلاحقة على
الساحة الأميركية يمكن أيضاً إيراد
عوامل أخرى مثل الدور الذي تلعبه
تكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام
المنقسمة والمؤدلجة ليتقلص الزمن
السياسي وتصبح الفترة بين تأليه
السياسي وتحويله إلى بطل وبين إهانته
والتشهير به قصيرة للغاية؛ والأهم من
كل ذلك يُفترض بهذه التحولات
المتسارعة في الحياة السياسية أن تقدم
دروساً للفائزين في الانتخابات مفادها
أنه حتى الانتصارات الحاسمة التي تضمن
لأحد الحزبين أغلبية كبيرة ليست بمنأى
عن الانتكاسة، ذلك أن الأغلبية إنما
تؤمن بتأييد مشترك من المتحزبين
والمستقلين بحيث تغدو النتيجة والأداء
في السلطة أهم من الطهارة
الأيديولوجية، التي لا تستقطب سوى
المتحزبين، بل قد تأتي بنتائج عكسية في
حال المبالغة في التركيز عليها، لكن
المشكلة هي حالة الانتشاء التي تسود
عقب كل فوز انتخابي إذ ينصرف المنتصر
إلى الاحتفال فيما يغري ذلك البعض
بتأليف كتب على شاكلة «الأغلبية
الدائمة لحركة حفلة الشاي». ================== المبادرة السعودية..
خطوة استراتيجية كمال مضاعين الرأي الاردنية 4-11-2010 تعتبر دعوة الملك عبدالله بن عبد العزيز
للاخوة العراقيين لعقد لقاء بالرياض
هي أول تعاطي عربي جدي ومتكامل باتجاه
مساعدة الشعب العراقي على تجاوز أزمة
تشكيل حكومة عراقية بعد مضي ثمانية
اشهر على الانتخابات، وبعد اخفاق كافة
محاولات الاطراف العراقية لتشكيل
حكومة تمثل أوسع طيف سياسي للقوى
والاحزاب العراقية الممثلة بالبرلمان
العراقي. تكتسب الدعوة -المبادرة السعودية أهمية
استراتيجية لأسباب عدة، وفي مقدمتها
أن التحرك السعودي هذا يستند الى غطاء
الجامعة العربية (هذا ما تضمنته الدعوة)،
بعد أن تعاطى العرب لمدة طويلة مع
العراق اما بشكل منفرد أو ضمن صيغة دول
الجوار العراقي،وهذا بدوره سيؤسس لدور
سياسي عربي متكامل لمساعدة العراقيين
على أخذ دورهم الطبيعي الى جانب
أشقائهم العرب، وسيشكل مدخلا للعرب
للمساهمة الفعالة في مساعدة العراق
على استعادة دوره ومكانته على
المستويين العربي والإقليمي. ومن الاسباب التي تعطي المبادرة السعودية
طابعا استراتيجيا هو الشق المتعلق
بالانسحاب الامريكي من العراق
وتداعياته، فالفراغ السياسي والامني
الذي سيخلفه الانسحاب لا يمكن اعادة
تعبئته الا بمساهمة عربية جدية
وحيوية، ومن دولة بوزن العربية
السعودية التي تستطيع تأمين دعم عربي
ودولي بالاضافة الى قدراتها الهامة
على كل المستويات. ستشكل المبادرة السعودية، اذا أحسن العرب
توظيفها، أرضية سياسية ملائمة لتعاطي
الاطراف الدولية مع الموضوع العراقي،
وليس هناك طرف آخر بالمنطقة بامكانه
توفير هكذا أرضية لاسباب عديدة ومعقدة
لا يتسع المجال هنا للمرور عليها ومن
ابرزها المكانة التي تتمتع بها
العربية السعودية على المستوى العربي
والإسلامي والدولي. لقد جاءت المبادرة السعودية في وقت
اصطدمت فيه أطراف المعادلة السياسية
العراقية بالجدار فيما يتعلق بتشكيل
الحكومة، فكان من الضروري، بل من
الضروري جدا، ايجاد مرجعية أخرى أو
مخرج آخر للعراقيين، في وقت يعرف
الجميع أن كل الاطراف الإقليمية
المعنية مباشرة بالموضوع العراقي على
اختلافها لا تملك أي قدر من الحيادية
يمكنها من طرح مبادرات او خلق مخارج،
فهذه الاطراف، كما هو معلوم، هي جزء من
المشكلة بالاساس، وهي مسؤولة عن الجزء
الاكبر من الصعوبات التي يواجهها
العراق، ومعلوم ايضا أن هذه الاطراف
استنفدت جهودها بفرض حكومة عراقية من
لون واحد لا تمثل الاغلبية من اطراف
المعادلة السياسية العراقية. تصلح المبادرة السعودية لان تتحول الى
اطار تسويات بين مختلف الاطراف، وهنا
تكمن اهميتها الاستراتيجية، فالأطراف
العربية، والاطراف الدولية تقبل
بالتعاطي مع مبادرة تطلقها السعودية،
هذا من جانب، وهي بالنهاية قد تكون
المخرج الوحيد المتبقي أمام الجميع
كسبيل للخروج من ألازمة من جانب آخر،
فعلى الرغم من احتمال أن لا تفًعل
المبادرة الآن، او انها لن تتقدم
بوتيرة عالية نظرا للظروف العربية
والاقليمية، الا انها ستتحول الى
مرجعية – واطار سيوفر مخرجا للجميع،
بعد أن تكتشف الاطراف التي تريد تلوين
العراق بلون واحد استحالة مشروعها،
وتكشف الاطراف الدولية ايضا أن
التعاطي مباشرة مع العراق بدون وسيط
إقليمي هو أمر بغاية الصعوبة. ================== انتخابات الكونغرس
والأولويات الأميركية المستقبل - الخميس 4 تشرين
الثاني 2010 العدد 3821 - رأي و فكر - صفحة 20 عدنان السيِّد حسين تعكس الانتخابات النصفية للكونغرس
الأميركي اتجاه الرأي العام بعد سنتين
من تولي باراك أوباما لمقاليد الرئاسة.
أي أنها انتخابات عامة تتعلق بسياسته
في الداخل والخارج. صحيح ان الرئيس الأميركي الأسود حقق
فتحاً جديداً في انتخابه، وأثبت ان
الصيغة الأميركية الديمقراطية في
الداخل ذات شأن وتراث كبير، قد تختلف
عن صورة الولايات المتحدة في الخارج
حيث الحروب والنزاعات، وفي طليعتها
حربا أفغانستان والعراق. بيد أن ادارة
أوباما وصلت في ذروة الأزمة المالية
العالمية، التي صارت أزمة اقتصادية،
وما تزال تفعل فعلها في الداخل والخارج. لم يحقق الرئيس أوباما كثيراً من وعوده في
معالجة هذه الأزمة، التي تطغى اليوم في
آثار على حربي العراق وأفغانستان.
والمواطن الأميركي يتحرك تحت وطأة هذه
الأزمة بعدما وصلت البطالة الى نحو 9,6
في المئة. لكن، لا ينسى الأميركيون
التعديلات التي أدخلها أوباما في
قانون الضريبة، والتأمينات
الاجتماعية الجديدة. في مجمل الأحوال، يبقى تراجع
الديمقراطيين لأسباب داخلية في الدرجة
الأولى قبل أن يكون لأسباب خارجية
مرتبطة بالاخفاق المتكرر في العراق
وأفغانستان والتسوية العربية
الاسرائيلية. وقبل أن يهتم الناخب
الأميركي بصورة أوباما في الخارج،
يريد صورة بلاده في الداخل ومن الداخل.
يريد الضمانات والتأمينات الاجتماعية
ومزيداً من فرص العمل. إنه بتعبير آخر،
يريد مواجهة الأزمة المالية
والاجتماعية قبل أي اعتبار آخر. شملت الانتخابات النصفية 435 مقعداً في
مجلس النواب، و37 مقعداً في مجلس الشيوخ.
ونتائجها سوف تؤثر في سياسة البيت
الأبيض خلال السنتين المقبلتين،
وستمهد للانتخابات الرئاسية المقبلة
وسط صراع داخلي عنيف بين الحزبين
الجمهوري والديمقراطي. كل الوسائل سوف تستخدم في الصراع، المال
والشركات الكبرى والاعلام والضغوط
السياسية فضلاً عن دور جنرالات الحرب
السابقين ومصانع انتاج السلاح... ولن
تكون الفترة المتبقية من عهد أوباما
سوى مرحلة تجاذب وتحديات في الداخل
والخارج. في كل مناسبة انتخابية أميركية يتحرك
اللوبي الصهيوني دون أن تنجح الجماعات
العربية المقيمة في الولايات المتحدة
الأميركية بالتوصل الى أداة موحدة
وضاغطة. لا بل ان التنازع العربي
العربي في المغتربات نقل الصورة
القاتمة من داخلنا الى الخارج، فكيف
يحصل الضغط المطلوب؟. لم تنجح جامعة الدول العربية في ايصال
الصوت العربي الموحد، لأن هذا الصوت في
الأصل والأساس غير موحد. ثمة تراجع
للضغط الديبلوماسي والسياسي، وهناك
مخاوف من فتن وانقسامات تؤدي الى تمزيق
عدد من الدول العربية، ما يؤدي بالطبع
الى مزيد من الانكشاف الأمني على
الخارج المتدخل. عودة الى نقطة البداية, عودة الى قضية
فلسطين وما يرتبط بها من تفاصيل الصراع
العربي الاسرائيلي. هذا هو المدخل
الأساس للعلاقات العربية الأميركية،
قبل الغوص في تفاصيل محلية رغم أهميتها.
واذا ما ارتقت هذه القضية الى مرتبة
الأولوية في السياسة الخارجية
الأميركية، يمكن أن تتحق معها
انفراجات وطنية واقليمية في الشرق
الأوسط. نقترح دراسة نتائج الانتخابات الأميركية
في دوائر القرار داخل دولنا العربية
بعيداً من البيروقراطية، والمصالح
الفئوية، والتزاماً بالمصالح الوطني
والعربية العليا، وفي طليعتها أولوية
الأمن العربي بعيداً من الفتنة
والتصدعات الكيانية الخطيرة. ================== الجمهوريون
والديموقراطيون منقسمون حول العرب جيمس زغبي البيان 4-11-2010 الانقسام الحزبي في الولايات المتحدة حول
القضايا ذات الصلة بالعرب والمسلمين
عميق لدرجة تثير القلق. فعلى سبيل
المثال، حين سألنا الناخبين
الاميركيين في استطلاع أجريناه اخيرا
حول مواقفهم من العرب والمسلمين، كانت
النتائج مثيرة للصدمة. فبالنسبة للمواقف تجاه العرب كانت
إيجابية عند الديموقراطيين بنسبة 57 في
المئة، وسلبية بنسبة 30 في المئة، بينما
كانت إيجابية عند الجمهوريين بنسبة 28
في المئة فقط، وسلبية بنسبة 66 في المئة.
واتجاه المسلمين كانت إيجابية عند
الديموقراطيين بنسبة 54 في المئة،
وسلبية بنسبة 34 في المئة، أما عند
الجمهوريين فكانت ايجابية بنسبة 12 في
المئة فقط، وسلبية بنسبة 85 في المئة. هذه جزئية صغيرة من استطلاع اوسع لمواقف
الاميركيين أجرته مؤسسة زغبي
انترناشيونال ونشره المعهد العربي
الاميركي. ولم تكن نتائج الاستطلاع الاخرى أقل
اثارة للقلق، فقد أظهرت ردود الناخبين
الاميركيين على السؤال تلو السؤال،
نمطا واحدا من الردود. فمثلا، وافق 62 في
المئة من الديموقراطيين على مقولة ان
الاسلام دين السلام، بينما عارضها 79 في
المئة من الجمهوريين. فما الذي حدث لحزب جورج بوش الاب وجيمس
بيكر؟ من ناحية، أصبح رهينة لعدة
مجموعات تهيمن على قاعدة الحزب الآن
وغيرت أفكاره. ف«اليمين المتدين»
ورموزه من أمثال بات باترسون ووليام
هاجي وغاري باور يشكل 40 في المئة من
قاعدة الحزب الانتخابية، وتركيز هذه
المجموعة على ما يعتقدون انه المعركة
الفاصلة التي ستقع بين الخير (الغرب
المسيحي واسرائيل) والشر (العرب
والمسلمين)، هو الذي سوّغ المشاعر
لمناهضة المسلمين. وهناك أقارب اليمين المتدين، من محافظين
جدد ومعلقين إذاعيين يثيرون الخوف من
الاسلام من أمثال اوريلي وبيكي وليمبا
وسافاج وغيرهم ممن ينفثون سمومهم عبر
الأثير يوميا. وعبّر 68 في المئة و80 في المئة من
الديموقراطين عن رغبتهم في معرفة
المزيد عن الاسلام وعن العالم العربي
على التوالي، وقال 71 في المئة من
الجمهوريين انهم يعرفون ما يكفي عن
الاسلام و58 في المئة «من العالم العربي»
وانهم لا يريدون معرفة المزيد. وبالنسبة لجهود الرئيس أوباما في التواصل
مع العالم العربي والمسلمين، أبدى 18 في
المئة من الديموقراطيين فقط معارضتهم
لهذه الجهود، بينما عارضها 73 في المئة
من الجمهوريين. وفي دراسة حديثة، تبين ان 60 عضواً في
الكونغرس كلهم من الديموقراطيين وليس
فيهم جمهوري واحد، لهم سجل ناصع في
التصويت أو اتخاذ مواقف إيجابية حيال
القضايا المتعلقة بالعرب والمسلمين
الاميركيين. وفي دراسة اخرى حول مواقف المسؤولين
الاميركيين المنتخبين أو المرشحين
لمناصب فدرالية من الجدل الدائر حول
مشروع المركز الاسلامي في نيويورك أو «بارك
51»، تبين أن الديموقراطيين
باستثناءات بسيطة
كانوا من المؤيدين للمشروع ولحقوق
المسلمين عموما، على العكس من
الجمهوريين الذين يحاولون استغلال هذا
الموضوع لأغراض انتخابية، كما فعلوا
غداة هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001،
وهم يخلطون الآن المخاوف الأمنية
بالاسلاموفوبيا، انهم يمارسون لعبة
خطيرة قد تكون لها عواقب وخيمة. والآن، وفي الوقت الذي تشير فيه التوقعات
الى ان الجمهوريين يعززون مواقعهم في
الكونغرس والمناصب الفدرالية الاخرى
بعد الانتخابات، فربما يكون لدى أنصار
الدعوة لتعزيز التفاهم بين الولايات
المتحدة والعالمين العربي والاسلامي
المزيد من المبررات للشعور بالقلق مما
هو آت. ([)
رئيس المعهد العربي الأميركي في
واشنطن ================== آخر تحديث:الخميس ,04/11/2010 يوسف مكي الخليج أصبح مؤكداً أن انفصال جنوب السودان عن
المركز الأم بات مسألة وقت . وبدأت
تصريحات قادة الدولة الجنوبية
المرتقبة تتحدث علناً عن النية في
إقامة علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل”،
وفتح البوابة الجنوبية للكيان
الصهيوني، لتكثيف التسلل للعمق
الإفريقي، لتضيف إلى الخناجر
المسمومة، التي تهدد الأمن القومي
العربي خنجراً آخر، تتعدى مخاطره
البعد الوطني السوداني، إلى وادي
النيل بأسره . ليس هذا الاستنتاج، عن النوايا الصهيونية
رجماً بالغيب، فقد أكدته مراكز
الدراسات الاستراتيجية “الإسرائيلية”،
وورد بوضوح في تصريحات لزعماء صهاينة .
لعل الأهم منها، ما ذكره وزير الأمن “الإسرائيلي”،
آفي ديختر في محاضرته التي نشرها معهد
أبحاث الأمن القومي “الإسرائيلي” في
سبتمبر/أيلول ،2008 حيث ذكر أن لدى “إسرائيل”
خطة استراتيجية ثابتة تجاه السودان،
الهدف منها عدم تمكينه من أن يصبح دولة
مهمة في المنطقة، تضيف إلى قدرات
البلدان العربية . إن الرؤية “الإسرائيلية” للسودان، قد
تبلورت منذ استقلاله عام ،1956 وأثناء
التحضير للعدوان الثلاثي على مصر،
وفقاً للمحاضرة المذكورة . والغاية هي
تمزيق وحدة السودان عبر الحروب والفتن
الداخلية، اعتماداً على الدعم
الأمريكي والأوروبي . وكانت رئيسة الحكومة “الإسرائيلية”،
أثناء حرب أكتوبر عام ،1973 غولدا مائير
قد أشارت بعد نكسة يونيو/حزيران إلى أن
تقويض الأوضاع الداخلية في السودان
والعراق باستغلال الثغرات العرقية
وغيرها جزء أساسي، وفي العمق من
التخطيط الاستراتيجي “الإسرائيلي” .
ومن وجهة نظرها، فإن استهداف وحدة
العراق والسودان، ستجعل العمق
الاستراتيجي لدول المواجهة: مصر
وسوريا والأردن مكشوفاً، في أية حرب مع
“إسرائيل” . في هذا السياق، يأتي السباق “الإسرائيلي”
على اكتساب مواقع في إثيوبيا وأوغندا
وكينيا وزائير، بأهداف مركبة، أهمها
الانطلاق من هذه المناطق لعزل الجنوب
السوداني ودارفور عن المركز، والتسلل
إلى بقية القارة الإفريقية . وكان رئيس
الحكومة “الإسرائيلية” السابق،
أرييل شارون، قد كشف عام ،2003 عن نوايا
حكومته للتدخل في دارفور، مؤكداً أن
الوقت قد حان، لولوج غرب السودان
بالآلية والوسائل، وبذات الأهداف التي
من أجلها جرى التدخل في الجنوب . هذه المقدمة تقودنا إلى نتيجة مؤداها أن
انفصال جنوب السودان عن المركز الأم لن
يكون نهاية المطاف، ولن يسود السلام
والوئام أرض السودان، بعد الاقتراع
عليه . سيعمل أعداء الأمة على أن يكون
الانفصال مقدمة لبراكين وعواصف قادمة
في هذا البلد العزيز . وستتبعه مشكلات
كبرى، لن تقتصر على تآكل جرف الوطن
العربي، في كل الجهات، وجعل العمق
الاستراتيجي للأمة مكشوفاً فحسب، بل
استخدام المناطق التي يجري انفصالها
عن الوطن العربي، كقواعد انطلاق
للعدوان عليه . إن مقدمات البراكين القادمة، قد بدأت منذ
الآن، في المفاوضات الأولية المتعلقة
بالاستفتاء . فالتشابك الجغرافي
والديمغرافي بين عموم السودان، الذي
استمر لحقب طويلة، سيطرح قضية تحديد
ماهية الجنوب وحدوده، كما سيطرح قضايا
كثيرة، متعلقة بتوزيع الثروة والمياه،
والعلاقات بين “الدولة المرتقبة”
وبين الخرطوم . ففي تخطيط الحدود بين الجنوب والمركز،
برزت مشكلة منطقة ابيي، الغنية بالنفط
. وهي مشكلة تقترب إلى حد كبير بمشكلة
مدينة كركوك في شمال العراق . وفي كلا
الحالتين، تعتبر الحكومة المركزية هذه
المدن امتداداً طبيعياً للوطن الأم،
وتتمسك ببقائها تحت سيطرتها . وفي كلا
الحالتين، وقف الغرب، بزعامة الولايات
المتحدة الأمريكية، بالضد من رغبات
شعوب المنطقة . في الحالة العراقية، حسمت الإدارة
الأمريكية الأمر باحتلال العراق،
ومصادرته كياناً وهوية، وفرضت القسمة
الطائفية والإثنية عليه، وتركت الباب
مفتوحاً لمشاحنات الطوائف والأقليات
حول اكتساب كركوك لهذا الفريق أو ذاك .
وأصبح في حكم المؤكد تبعية هذه المدينة
للحكومة الكردية . أما في السودان، فإن
إدارة الرئيس أوباما، تمسك بعصا غليظة
من جهة، وتلوح بالجزرة من جهة أخرى . إن ذلك يعني أن الحكومة السودانية، قد
وضعت بين خيارين أحلاهما مر: إما أن
تسلم بكافة المطالب الجنوبية، بما في
ذلك التفريط بمدينة أبيي، أو
الاستعداد لجولة أخرى من العنف
المدعوم بشكل مباشر من الأمريكيين
والأوروبيين والصهاينة، بجنوب
السودان وغربه، وبقاء العقوبات “الدولية”،
سيفاً مسلطاً على رقبتها . وفي كلتا
الحالتين فإن صناع القرار في السودان
هم في وضع لا يحسدون عليه . على صعيد توزيع الثروة، تبدو المسألة أقل
حدة من المحاور الأخرى . لكن حين يتعلق
الأمر بتقاسم المياه، فهناك مشكلة
كبرى تواجه مصر والسودان، خاصة إذا ما
قفز الصهاينة والغرب بثقلهم إلى
المنطقة . فهناك احتمالات مؤكدة أن
تسرع هذه القوى ببناء سدود مائية ضخمة،
تحجز تدفق المياه إلى الشمال،
بالكميات المعتادة، بما يهدد الأمن
المائي العربي في الصميم، ويعرض
مستقبل البلدين للمخاطر . ولا نعلم كيف
سيتم تجاوز ذلك في ظل الوهن والعجز
العربي . الوضع العربي الراهن لا يشي بقدرة النظام
العربي الرسمي، على تقديم أي شيء،
وتجربة العراق الجريح ماثلة أمام
الجميع . فالقادة العرب الذين اجتمعوا
في قمة بيروت قبيل العدوان على العراق،
تبنوا فيه رفض العدوان، وأكدوا تمسكهم
بميثاق الأمن القومي العربي الجماعي،
ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، رأوا
ما بين النهرين، يذبح من الوريد إلى
الوريد، ولم يحركوا ساكناً . بمعنى آخر، إن على الحكومة السودانية ألا
تعول كثيراً في هذه المرحلة على أي دور
عربي رسمي لمساندتها فيما تتعرض له من
ضغوط، دولية وإقليمية . لكن ذلك لا يعني
عدم قرع جرس الإنذار، والعمل بالصعيد
القومي، على اجتراح وسائل عملية، تمثل
الحد الأدنى من التضامن العربي مع
الأشقاء في السودان، خاصة أن مخاطر
الصمت عما يجري فيه، لا يقتصر عليه، بل
يشمل مستقبل مصر، بثقلها البشري
والحضاري . لقد أصبح الانفصال، كما تشير جل
المعطيات، في واقع المؤكد، لا مناص من
التعامل معه، والمطلوب هو بذل قصارى
الجهد، أن تنتقل العلاقة بين الشمال
والجنوب، من علاقات صراع، إلى علاقات
صداقة وسلام، بما يؤدي إلى إحباط
المخططات المعادية للأمة، والهادفة
إلى جعل التخوم قواعد للعدوان . وليكن
التصحيح من الداخل، وتجاوز عقد الماضي
هو مقدمة الانطلاق لبناء السودان
الجديد . ================== هل يمكن أن يقرر
الكونغرس حماية الأديان من الإساءة؟ الاربعاء, 03 نوفمبر 2010 عبدالعزيز بن عثمان التويجري * الخليج قرأت في «الأهرام»، في 26/10/2010، مقالاً
رائعاً للدكتورة ليلى تكلا، إحدى
الشخصيات الأكاديمية البارزة في مصر،
بعنوان: «التنوّع والتعايش... في
الكونغرس»، تضمَّن أفكاراً مهمة أشاطر
الكاتبة الفاضلة في تبنيها والدعوة
إليها، ومقالاتي في هذه الجريدة على
مدى السنتين الماضيتين، وما أعلنه في
محاضراتي وتصريحاتي الصحافية دليل على
ذلك. لقد شاركت الدكتورة ليلى تكلا في
مؤتمر دعا إليه أخيراً الكونغرس
الأميركي حول مسألة قبول الاختلاف
وتعايش الأديان، نظم بمبادرة من
النواب من أصل إفريقي، ويدخل في إطار
الاهتمامات المتزايدة في الولايات
المتحدة الأميركية، بقضية الوحدة مع
تباين الثقافات والاتجاهات السياسية
والدينية، «ذلك التباين والتعدد الذي
يعتبرونه أحد مصادر قوتهم وتفوقهم»،
كما تقول الكاتبة. وذلك صحيح، تأكد لدي
من التجربة التي عشتها في الولايات
المتحدة الأميركية سبع سنوات طالباً
في الدراسات العليا، حيث لمست هذا
الشعور الذي يكاد أن يكون قاسماً
مشتركاً بين الأميركيين. غير أن ما لفت
نظري في مقال الدكتورة ليلى تكلا، هو
ما يتصل بالحديث الذي ألقته في هذا
المؤتمر، عن الإطار القانوني لتعايش
الأديان والاحترام المتبادل بينها.
فقد ذكرت أنها أشارت في حديثها أمام
أعضاء الكونغرس، وبحضور طائفة من
الشخصيات الأكاديمية والسياسية
البارزة المدعوة، إلى قانون العقوبات
المصري الذي يعاقب على الإساءة الى أي
عقيدة دينية أو رموزها، واقترحت في
حديثها في الكونغرس، الاسترشاد بذلك،
«أي بما جاء في قانون العقوبات المصري
بهذا الخصوص»، واستصدار قرار من
الكونغرس يحمي جميع الأديان بدلاً من «القرار
الذي اتخذه الكونغرس في سنة 2004» الذي
ينصبّ على حماية اليهودية وإسرائيل
دون غيرها. وأشارت الكاتبة المقتدرة
إلى أنها عبرت عن الاستياء والرفض لما
تتعرض له كل من المسيحية والإسلام من
إساءة وتجريح. وتلك قضية بالغة الحساسية وشديدة
الأهمية، لأنها تتصل بأحد مكونات
السياسة الأميركية الخارجية التي تكيل
بمكيالين، ولا تراعي في غالبية
الأحيان، قواعد الديموقراطية
والعدالة الإنسانية. فقرار الكونغرس
لسنة 2004، الذي يحمي اليهودية دون
غيرها، ويستثني الإسلام والمسيحية،
قرار معيب، لاعتبارات قانونية وسياسية
وأخلاقية، بل هو قرار لا يخدم، من حيث
العمق والانعكاسات والآثار المترتبة
عليه، المصالح العليا للولايات
المتحدة لأنه ينحاز إلى إسرائيل
انحيازاً مندفعاً. ويلفت النظر في مقال الدكتورة ليلى تكلا
أيضاً، أن النائبة شيلا جاكسون من
تكساس، وهي من أنشط النائبات كما قالت
الكاتبة، والتي تحدثت مباشرة بعدها،
أعلنت أنها توافق على الاقتراح الذي
طرحته الأكاديمية المصرية اللامعة.
والاقتراح الشجاع الذي طرحته الدكتورة
ليلى تكلا في مؤتمر عقد في الكونغرس،
يمكن أن يتبلور في فكرة جامعة ومدروسة
جيداً، تحشد لها الجهود، على الصعيد
الديبلوماسي، سواء في إطار جامعة
الدول العربية ومنظمة المؤتمر
الإسلامي، أو في إطار مجموعة عدم
الانحياز والاتحاد الإفريقي، لتكون
أحد مرتكزات الديبلوماسية العربية
الإسلامية بوجه عام، حتى تصل الفكرة
إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة،
وتطرح في صيغة مشروع قرار بتجريم
الإساءة إلى الأديان والازدراء بها
وبرموزها. ويمكن البناء في هذا الخصوص،
على القرار الذي أصدره مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة بتاريخ
27 آذار (مارس) 2008 تحت الرقم 7/19، في شأن «مناهضة
تشويه صورة الأديان». أما على المستوى
الأكثر تأثيراً، وأقصد هنا التحرك على
مستوى الكونغرس، فإن المسألة في نظري
تتطلب تكثيف الديبلوماسية الشعبية، في
موازاة الديبلوماسية الحكومية،
للاقتراب أكثر من أعضاء الكونغرس،
وربط الصلة بهم، أو على الأقل بمن يملك
منهم القابلية والاستعداد لتفهم
المسألة، خصوصاً النواب من أصل
أفريقي، لتوضيح الصورة أمامهم، لأن
كثيراً من الحقائق عن العالم العربي
الإسلامي، وعن الثقافة الإسلامية، وعن
مبادئ الدين الإسلامي، تغيب عن طائفة
كبيرة من المشرعين الأميركيين. ولا بد
من الاعتراف هنا بأن التقصير منا، وليس
منهم. وكنت قرأت خلال الفترة الأخيرة، مقالاً
للصديق الأستاذ محمد بن عيسى، وزير
الخارجية المغربي السابق، نشرته «الشرق
الأوسط»، حول تأبين أحمد ماهر، وزير
الخارجية المصري السابق، تناول فيه
علاقته به، خلال الفترة التي كانا
فيها، هما الإثنان، سفيرين لبلديهما
في واشنطن، وحكى فيه كيف أنهما كانا
يحرصان على حضور جلسات الكونغرس في
غالب الأحيان، ويربطان علاقات إنسانية
حميمة مع النواب الأميركيين. وهذا النوع من الممارسة الديبلوماسية
العربية الإسلامية داخل الكونغرس،
سلوك ديبلوماسي حضاري راق، منه يمكن
التحرك لكسب الأصوات المؤيدة للحقوق
العربية، والمنصفة للقضايا الإنسانية
العادلة، وفي المقدمة منها العمل على
حماية الأديان من الإساءة إليها
والازدراء بها، لما في ذلك من تأجيج
لنيران الكراهية والعنصرية والعداء
بين البشر. قبل أيام استقبلت في مكتبي السيد رشاد
حسين، مبعوث الرئيس الأميركي باراك
أوباما لدى منظمة المؤتمر الإسلامي،
الذي كان يقوم بزيارة الى المغرب. وجرى
بيننا حديث مستفيض بحضور وزيرة
مستشارة في السفارة الأميركية في
الرباط وعدد من الديبلوماسيين
الأميركيين، تناول علاقات الولايات
المتحدة الأميركية بدول العالم
الإسلامي. وأعرب لي المسؤول الأميركي
عن الرغبة التي تحدو بلاده، لتحسين هذه
العلاقات، لما في ذلك من تحقيق للمصالح
المشتركة، وفي إطار الاحترام المتبادل.
ولا شك في أن مواصلة السعي بشتى الطرق
لإقناع الكونغرس بجدوى صدور قرار عنه
بحماية الدين الإسلامي ورموزه (وحماية
المسيحية أيضاً)، سيكون عاملاً
مساعداً في تحقيق الهدف الذي تسعى
الإدارة الأميركية إلى تحقيقه، ألا
وهو تحسين صورتها لدى العالم الإسلامي.
وإنني أدعو، من خلال صحيفة «الحياة»،
إلى تبني اقتراح الدكتورة ليلى تكلا،
على مستوى الدول العربية الإسلامية،
وعلى مستوى القيادات السياسية
والقانونية والإعلامية الجادة
والرصينة التي تخاطب الرأي العام
العالمي باللغة التي يفهمها وبالمنطق
الذي يقنعه، من أجل الوصول إلى الجمعية
العامة للأمم المتحدة بمشروع قانون
يقضي بتجريم الإساءة إلى الأديان
ورموزها، ومن أجل إقناع الكونغرس
الأميركي بإصدار قانون لحماية الأديان
بصورة عامة، وليس اليهودية فقط. فهل
يمكن أن نتوقع صدور قانون عن الكونغرس
الأميركي لحماية الأديان من الإساءة
إليها في هذه المرحلة، قبل أن يفاجئنا
الزمن بهيمنة اليمين المتطرف عليه في
وقت آت؟ أحسب أن العمل في هذا الاتجاه قد يكون ذا
جدوى، إن عاجلاً أو آجلاً، والعاجل
أفضل وأولى. * المدير العام للمنظمة
الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو). ================== بقلم :صحيفة
«اندبندنت» البريطانية البيان 4-11-2010 يبدو أن هاجس تنظيم القاعدة المتعلق
بالطيران لا يزال مستمراً. فمؤامرة
قنبلة طائرة الشحن التي تم إحباطها،
أخيراً، توضح أنه بعد مرور تسع سنوات
على الهجوم المدمر على البرجين
التوأم، لا يزال التنظيم حريصاً على
استخدام الطائرات كآلية لإنجاز هجماته
الإرهابية. أشار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون إلى أن العبوات الناسفة التي
كانت مخبأة في مشط الحبر الخاص بطابعة
كان المقصود بها إسقاط الطائرات التي
عثر عليها، وربما تفجيرها فوق المملكة
المتحدة. ولكن حقيقة أن العبوات كانت تحمل عناوين
في شيكاغو تلقي ببعض الشك على هذه
النظرية. وأياً كانت الحقيقة، فإن
الأمر المثير للقلق هو أن هذه
المتفجرات البلاستيكية تم تهريبها إلى
الطائرات التي تمر عبر بريطانيا وتتجه
إلى أميركا. غير أن ما يكشف عنه هذا الهجوم الفاشل هو
التهديد الذي تشكله عناصر القاعدة في
اليمن، حيث صنعت بها هذه القنابل وقدمت
منها. فمن الواضح أن تنظيم القاعدة قد
انتشر خارج الحدود الأفغانية
الباكستانية. وتُركت الحجة القائلة
بأن وجود قوات للناتو في أفغانستان مهم
لإحباط الهجمات الإرهابية على الأهداف
الغربية تبدو مهلهلة. والفكرة القائلة بأن التدخلات العسكرية
في الخارج تعد فعّالة لاجتثاث الهجمات
الإرهابية تبدو أيضاً غير محتملة
بصورة متزايدة، ليس لأن الشخص المشتبه
في أن وراء هذا الهجوم، وهو أنور
العولقي، قد نشأ وتلقى تعليمة في
الولايات المتحدة. من الواضح أن التدابير ا؟منية لعمليات
الشحن الجوي بحاجة إلى المراجعة، وهو
الإجراء الذي أشارت إليه وزيرة
الداخلية البريطانية «تيريزا ماي»،
أخيراً، بأنه يجري اتخاذه بالفعل. ولكن
ينبغي تجنب الإفراط في رد الفعل. سوف يكون هناك الآن ضغط على البيت الأبيض
من أجل زيادة عدد الهجمات الموجّهة عن
بُعد ضد الأهداف الإرهابية المشتبه
بها في اليمن. ولكن مثل هذه الهجمات
الموجهة عن بعد، والتي عادة ما تؤدي
إلى وقوع إصابات كبيرة في صفوف
المدنيين، تشكل خطراً بزيادة الدعم
للمسلحين في شبه الجزيرة العربية. وبدلاً من ذلك، ينبغي أن تعمل الحكومات
الغربية مع أجهزة الأمن اليمنية
لتعطيل الشبكات الإرهابية. وسوف يتضمن
ذلك تعزيز الإدارة الضعيفة في صنعاء،
ومساعدة اليمن على التعامل مع معدل
بطالة كارثي بلغ 35%. وثمة خلاصة أخرى يمكن الخروج بها من هذه
الأحداث والذي ينبغي ألا يتم إغفاله
خلال الاندفاع نحو معالجة الثغرات
الأمنية. الأمر الذي يكشف عنه هذا
الهجوم الفاشل. والمحاولة الفاشلة لإسقاط طائرة على
ديترويت خلال أعياد الميلاد من العام
الماضي والعملية غير المتقنة لتفجير
سيارة مفخخة في «تايمز سكوير» في وقت
سابق من هذا العام، هو الطابع الأقرب
إلى الهواية الذي تتسم به هذه الجماعات
الإرهابية،وليس كفاءتها وقدرتها على
الوصول لأهدافها. هذه ليست حجة لتبرير عدم التحرك. فمن
الواضح أن التهديد الإرهابي ضد أهداف
غربية لا يزال موجوداً. وكباقي
الجماعات الإرهابية، يحتاج تنظيم
القاعدة فقط لأن يحالفه الحظ مرة واحدة
في مقابل الإخفاقات التي مني بها كي
تبدو هذه الأهداف بلا أهمية. ولكن الدرس الرئيسي المستفاد أخيراً،
تمثل في أنه من خلال العمل الاستخباري
الفعّال وتدابير أمنية فعّالة
واستجابة رسمية مناسبة يمكن احتواء
هذا التهديد. في الوقت نفسه، فإن المرأة اليمنية
البالغة من العمر 22 عاماً والتي ألقي
القبض عليها أخيراً، بعد الاشتباه
بقيامها بإرسال المتفجرات إلى معابد
يهودية أميركية قد تم إطلاق سراحها
أخيراً، بعدما اعترف المسؤولون
اليمنيون بأنهم يعتقدون بأنها ليست
مسؤولة عن الشحنة. و كان قد تم اعتقال حنان السماوي، وهي
طالبة هندسة في جامعة صنعاء، مع
والدتها المُسنّة، حيث أطلق سراحهما
بعد ذلك. وفي البداية، أكدت الشرطة
اليمنية أنه تم تعقب الهاتف المحمول
الخاص بالسماوي فيما يتعلق بالشحنات
الناسفة. وأقر المسؤولون بأن وكيل الشحن الذي اتصل
ليحدد هويتها قد قال إنها ليست هي التي
وقعت استمارة الشحن. وتقول السلطات
الآن إنها كانت ضحية انتحال هويتها. ================== معارضة روسية من رموز
الفساد والمافيا بقلم :فلاديمير
سادافوي البيان 4-11-2010 لا أدري لماذا يهتم الإعلام الغربي ببعض
الشخصيات في روسيا ويطلق عليهم وصف
المعارضة للنظام، وهم لا يزيد عددهم
على عدد أصابع الكفين وليست لهم أية
قواعد شعبية ولا جماهير تؤيدهم أو تؤمن
بأفكارهم، بينما يهمل الإعلام الغربي
المعارضة الروسية الحقيقية الموجودة
والممثلة في البرلمان. والتي يقدر عدد أنصارها بعشرات الآلاف،
هل لأن هذه المعارضة البرلمانية
غالبيتها من الشيوعيين والقوميين
الرافضين بشدة للغرب وسياساته وأفكاره
ورافضين للتعاون معه، بينما الأفراد
العشرة. وربما أقل، الذين تسميهم وسائل الإعلام
الغربية بالمعارضة الروسية توجهاتهم
ليست فقط غربية، بل يحملون جميعاً
جنسيات أجنبية، أميركية أو إسرائيلية
أو بريطانية، هؤلاء الذين ظهروا في
السنوات الأخيرة من العهد السوفييتي. حيث بدأ الانفتاح تدريجياً على الغرب،
حيث ظهرت فئة كنا نطلق عليه اسم «الروس
الجدد»، كانوا موظفين بسطاء في الزمن
السوفييتي يتقاضون رواتب حكومية لا
تزيد في الشهر على خمسين دولار بأي حال
من الأحوال. ثم مع انفتاح نظام غورباتشوف والسماح
بالعمل الفردي الخاص الحر، اشتغلوا
بتجارة الالكترونيات وأجهزة
الكمبيوتر التي كانوا يجلبونها من
الخارج ك«تجار شنطة»، وانتعشت تجارتهم
فذهبوا يؤسسون بنوكاً تعاونية يجمعون
فيها أموال الناس بوعود بفوائد خيالية. ولم تتحقق هذه الوعود، وفجأة بعد انهيار
الاتحاد السوفييتي بأقل من أربعة
أعوام في عهد الرئيس الراحل يلتسين
أصبح تجار الشنطة هؤلاء مليونيرات
يملكون مشاريع كبيرة ويؤسسون بنوكاً
الواحد تلو الآخر، ولم يمض عامان آخران
جرت فيهما أكبر عملية خصخصة للمشاريع
الإنتاجية الكبيرة في روسيا، حتى تحول
هؤلاء إلى مليارديرات. وسيطروا على القطاعات الاقتصادية
الحيوية في روسيا في مجالات الطاقة
والمعادن والسيارات وغيرها، لقد
تحولوا في أقل من عشرة أعوام من تجار
شنطة إلى مليارديرات يضاهون أغنى
أغنياء العالم، هذا في الوقت الذي كان
أكثر من نصف الشعب الروسي يرزح تحت خط
الفقر، والدولة تنهار والجريمة
وعصابات المافيا تنتشر في كل مكان. وكان لا بد من إيقاف هذا السيناريو
المتواصل قبل أن تحدث الكارثة وتتفتت
روسيا لدويلات صغيرة كانت ستبدأ
بالشيشان، لولا مجيء شخص عادي لا يعرفه
أحد اسمه فلاديمير بوتين للحكم، ومن
سخريات القدر أن هؤلاء المليارديرات
زعماء المافيا هم الذين أتوا ببوتين
للحكم ليخلف المريض المنهار يلتسين،
وكان بوتين يعمل في ديوان الرئاسة في
الكريملين. وربما لذكائه الحاد وقدرته على الخداع
والمراوغة كونه كان أحد رجال جهاز
المخابرات السوفييتي السابق (كي جي بي)
استطاع بوتين أن يقنعهم بأنه سيحمي
مصالحهم وسيبقى على ولائه لهم. ولم يمض في الحكم عامين حتى شن بوتين حملة
قوية على هؤلاء المليارديرات وزعماء
المافيا، فهرب منهم البعض للخارج
أمثال بيرزوفسكي، الذي كانوا يطلقون
عليه اسم «عراب الكريملين» لنفوذه
القوي في الدولة في عهد الرئيس يلتسين،
وهو الذي رشح بوتين للرئيس يلتسين
ليخلفه في الرئاسة. وكان أول الهاربين إلى بريطانيا هرباً من
بطش بوتين، وغيره أمثال سمولينسكي
وجوسينيسكي وغيرهما ممن يحملون
الجنسية الإسرائيلية، وبقي في روسيا
بعضهم، أمثال ميخائيل خودركوفسكي
الرئيس السابق لشركة يوكوس النفطية. والذي يقضي في السجن حكماً بتسعة أعوام
لجرائم فساد وتهرب من الضرائب، ويقود
من سجنه عبر أنصاره حملة المعارضة ضد
رئيس الوزراء بوتين والرئيس ميدفيديف
أيضاً. خودوركوفسكي هذا شاب مر بمسيرة الحياة
التي ذكرناها من تاجر شنطة حتى بداية
التسعينات يسافر لسنغافورة يشتري
ثلاثة أو أربعة أجهزة كمبيوتر، ويعود
ليبيعها لأفراد في روسيا، ثم امتلك
محلاً لبيع الإلكترونيات وزادت ثروته
بسرعة البرق، حتى أصبح عام 1997 أحد
أعضاء قائمة فوربس للمليارديرات
العالميين بثروة تتجاوز العشرين مليار
دولار، ويسيطر على شركة نفطية عملاقة. وقد نشرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»
الأميركية منذ أيام لخودركوفسكي
مقالًا تحت عنوان «تاريخ روسيا والعصر
الحديث: درسي الخاص الذي سيفيد قيادة
البلاد»، جاء فيه أن «روسيا ستعاني
أزمة نظام في العقد الثاني من القرن
الحادي والعشرين»، لأن هذا النظام «مبني
على الفساد الشامل والإدارة اليدوية». ويضيف أن الفطنين وأصحاب المبادرة من
الروس الذين يحسنون استشراف المستقبل،
يدركون هذا الأمر حق الإدراك، على عكس
النخبة الحالية التي تقف عاجزة عن ذلك.
ويرى رجل الأعمال السجين أن الجيل
الجديد من الساسة الروس الذي سيدخل
معترك الحياة السياسية قريباً ينظر
إلى العالم نظرة موضوعية، ويراه
عالماً ديناميكياً سائراً في طريق
العولمة. وعلى ما يبدو أن الرئيس السابق لشركة «يوكوس»
الذي هبطت عليه المليارات فجأة من سماء
الفساد في التسعينات قد أصبح منظراً
سياسياً واقتصادياً يتنبأ بمستقبل
روسيا، ولا يزال متفائلاً على الرغم من
وجوده سنوات خلف القضبان، أمثال
خودركوفسكي هم المعارضة التي يؤمن بها
الغرب ويدعمها في روسيا ويروج لها في
إعلامه. ومنذ أيام خرجت مظاهرة تأييد لخودركوفسكي
في شوارع موسكو لا يتعدى المشاركون
فيها المائة فرد، وروج لها الإعلام
الغربي كثيراً واعتبرها انتفاضة للشعب
الروسي، بينما اعتبرها الروس دليلاً
على بخل أنصار خودركوفسكي وعدم
اهتمامهم به وهو في السجن، لأنهم
يستطيعون بأموالهم حشد ألف شخص على
الأقل مقابل مائة دولار للفرد. وماذا تعني مائة ألف دولار لملياردير من
قائمة فوربس، بالقطع لا شيء، لكن على
ما يبدو أنهم لم يجدوا من يقتنع
بالدفاع عن رمز من أكبر رموز الفساد في
روسيا، ولا حتى مقابل المال، وهاهو
خودركوفسكي بعد أن قضى أكثر من نصف مدة
سجنه معرض لمدة سجن أخرى لا تقل عن
أربعة عشرة عاماً بسبب قضايا أخرى في
الفساد والتهرب من الضرائب. ================== الثقة السورية
الإيرانية «تهتز» في.. إيطاليا هدى الحسيني الشرق الاوسط 4-11-2010 العلاقات ليست هادئة على أي جبهة من جبهات
دول الشرق الأوسط، بما فيها جبهة
العلاقات السورية - الإيرانية. وإذا
كانت الأحداث وتطوراتها تدفع إلى «زواج
ملاءمة» في أحيان كثيرة، فإن تنافس
المصالح والنفوذ يدفع إلى الشك
والبرودة في العلاقة، وقد يكون التخلص
من المحكمة الدولية برمتها أهم رابط
الآن بين سورية وحزب الله. ولكن محاولة إيران التصرف في لبنان
وكأنها قطفت ثمار جهود سورية، صارت
مبعثا للشكوك السورية. عدد من كبار
المسؤولين السوريين انزعجوا من زيارة
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى
لبنان، واعتبروا تضخيم حجم الزيارة
محاولة لتصغير النفوذ السوري على
حلفاء سورية. ما تريده سورية من إيران
في لبنان، أن تتصرف كما تتصرف سورية في
العراق حيث تعرف قدرتها ولا تتجاوزها
في محاولة لتخطي النفوذ الإيراني. يهم سورية أن يبقى حزب الله قوة مساومة
بين يديها في مفاوضاتها مع السعودية،
والولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا
يعني أن يبقى حزب الله تحت السيطرة
السورية المُحكمة، أما إيران التي
تتطلع إلى غرز موطئ قدم لها في لبنان
بشكل متجذر، فإنها تحتاج إلى حزب الله
كقوة بين يديها لردع أي حملة عسكرية
محتملة ضدها، أميركية كانت أو
إسرائيلية. وأظهر حزب الله فائدته
للنظام الإيراني في الداخل، فقد وصف
المرشد العام للثورة الإسلامية آية
الله علي خامنئي استقبال أحمدي نجاد في
لبنان، بأنه أهم استقبال يلقاه رئيس
دولة في العالم، ومنه انطلق خامنئي
ليقوم هو بزياراته الداخلية إلى مشهد
وقم ليعيد الزخم إلى النظام. الذي امتعضت منه سورية أيضا، أنه بعد
انسحاب قواتها من لبنان عام 2005، أسرعت
إيران وزجت بأعضاء جدد من الحرس الثوري
في لبنان، ليصل عددهم اليوم، حسب
تقارير موثوقة إلى أربعة آلاف مقاتل.
الامتعاض تحول إلى قلق مع تشديد
العقوبات الدولية على إيران، ووضع
أنشطة الحرس الثوري تحت المراقبة
والملاحقة، وهذا يعني التدقيق في كل
الشحنات البحرية التي تنطلق من إيران
لمعرفة مصدرها ووجهتها. وحتى الآن لم
يتأكد ما إذا كان لزيارة رئيس
الاستخبارات الإيراني حيدر مصلحي،
المفاجئة إلى سورية علاقة بالمعلومات
التي حصلت عليها المعارضة الإيرانية
في الخارج، إذ حصلت تلك المعارضة على
تقرير سري كتبه أعضاء كبار في الحرس
الثوري عن سبب انكشاف شحنة ضخمة من
المتفجرات الإيرانية في إيطاليا في 22
سبتمبر (أيلول) الماضي. وكانت الصحف
الإيطالية ذكرت في ذلك التاريخ أن
سلطات مرفأ «جيويا تورو» صادرت حاوية
ضخمة تابعة لشركة «إم إس سي - فنلندا»
وهي شركة سويسرية - إيطالية، وتحتوي
الحاوية على سبعة أطنان من مادة «ار دي
اكس» المتفجرة التي تستعمل في صنع
صواريخ وقذائف أرض - أرض. وتجدر الإشارة إلى أن الدول الأعضاء في «نظام
مراقبة تكنولوجيا الصواريخ» التزمت
بعدم تصدير هذه المادة من دون أخذ
موافقة مسبقة. وقالت الصحافة
الإيطالية إن الحاوية انطلقت من إيران
ووجهتها سورية. وحسب مصادر المعارضة
الإيرانية فإن الحرس الثوري هو الذي
أرسل الشحنة، والمتفجرات التي تم
ضبطها كافية لإنتاج العشرات من صواريخ
«إم - 302» التي يصل مداها إلى 150 كلم،
وتحمل رؤوسا حربية زنتها 150 كيلو،
وصواريخ «ام - 600» التي يصل مداها إلى 250
كلم وتحمل رؤوسا حربية زنتها 500 كيلو. المهم، أن التقرير الإيراني يشير بأصابع
الاتهام إلى أن السبب في انكشاف الشحنة
يعود إلى احتمال أن يكون شخص سوري قام
بتسريب الأمر. وحسب مصدر في المعارضة
الإيرانية، فان التقرير الذي طلب
إعداده ضباط في «فيلق القدس» ومسؤولون
كبار في حزب الله، أشار إلى أن موظفين
يعملون في منشآت وزارة الدفاع
السورية، «من المحتمل أن يتحولوا إلى
مخبرين»، ونظرا لحساسية الأمر لم يكتب
التقرير أسماء المشكوك فيهم، بل
أبلغوها شفهيا. وهدف واضعو التقرير إلى
تقليل عدد السوريين المطلعين على
العمليات الحساسة مثل نقل متفجرات
وأسلحة من الحرس الثوري إلى المصانع
السورية لإنتاج صواريخ «إم - 600»، و«إم -
302»، التي يتم لاحقا نقل قسم منها إلى
ترسانات حزب الله في لبنان. ويبدو أن ضبط السلطات الإيطالية شحنة
المتفجرات سبب ضررا كبيرا للحرس
الثوري إذ كشف عن طرقه في شحن الأسلحة
والمتفجرات إلى المجموعات التابعة له،
أو إلى الدول التي يمتد لها النفوذ
الإيراني. وحسب التقرير، فإن اكتشاف
المتفجرات كشف بدوره الأساليب الناجحة
التي تستعملها إيران في إعطاء شحناتها
مظهرا لا يمكن الاشتباه به، وكشف أيضا
طرق الشحن التجاري التي تختارها بحيث
لا تبعث للشك، إذ كانت المتفجرات مخفية
داخل أكياس من الطحين ومواد مدنية أخرى.
لذلك اقترح واضعو التقرير استعمال
الطرق البرية وتهريب الأسلحة عبر
تركيا. لكن، رغم فداحة الأمر، لم يستقر رأي كبار
قادة الحرس الثوري حول الموقف الذي يجب
اتخاذه بالنسبة إلى سورية في هذه
المسألة الحساسة، وحسب المصدر
الإيراني، فقد كانت التوقعات بأن
إيران تستعد لإرسال وفد من كبار رجال
الأمن لديها، بقصد الاطلاع على سير
العمل في مصانع إنتاج صواريخ أرض - أرض
المعدة لحزب الله، وفي الوقت نفسه
يحاول الوفد أن يعرف من كبار المسؤولين
في «مركز الدراسات العلمية والأبحاث
السورية»، الطريقة التي تسربت منها
المعلومات حول الشحنة في إيطاليا،
وأبعاد التسريب، وتأثيره في المستقبل
على شحن الأسلحة من إيران وسورية إلى
حزب الله. والذي أقلق كبار المسؤولين في الحرس
الثوري، أن شرطة مكافحة المافيا في
إيطاليا هي التي ضبطت الشحنة، لأن هذا
قد يثير الشكوك في إيطاليا عما إذا كان
لإيران علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع
المافيا هناك. انكشاف وجود «مسرّب» سوري عن شحنات
المتفجرات والأسلحة الإيرانية إلى
سورية ومنها إلى حزب الله سيزيد من
شكوك هذين الأخيرين التي بدأت تترسخ في
أذهانهما منذ اغتيال القائد العسكري
لحزب الله عماد مغنية في دمشق. لكن الأطراف الثلاثة الآن، إيران، سورية،
وحزب الله، يحتاجون إلى بعضهم البعض
ليرفعوا من سقف مطالبهم وطروحاتهم، كل
طرف يشك في الطرف الآخر، وكل طرف يعمل
لتحقيق أهدافه. والأهداف تتضارب. تشعر
سورية الآن، أنها مضطرة للتعاون مع
إيران وهي تتفاوض مع السعودية وواشنطن
وعينها على إسرائيل، وأيضا مع استعادة
نفوذها على لبنان عبر أطراف عديدة غير
حزب الله، وهدفها اتخاذ خطوات لاحقة
لاحتواء الحزب ولتقليص النفوذ
الإيراني، أما إيران التي تتحرك في
العراق، وأفغانستان، واليمن،
والسودان، والصومال، والسنغال،
ونيجيريا، فإنها ستحاول إحكام قبضتها
على حزب الله ليتبع برنامجها بالمطلق،
وستراعي الآن تنسيقه مع سورية لنسف
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. لكن
الدولتين في علاقتهما بحزب الله في
مأزق. فإذا وقعت حرب أهلية (شيعية - سنية)
في لبنان، ستخسر إيران «موطئ القدم»،
الذي عملت كثيرا على ترسيخه، وإذا
اندفع حزب الله في مغامرة الحرب مع
إسرائيل، وهذا مستبعد إلا بطلب
إيراني، فإن محاولة سورية حماية
نفسها، كما فعلت عام 2006، قد لا تكون
ناجحة هذه المرة. الأمر المحتمل الآخر، أن العقوبات على
إيران التي تجر التفتيش البحري على
سفنها وشحناتها قد تقلق سورية. إذا ما
تكرر اكتشاف شحنات مشبوهة متجهة من
إيران إلى مرافئها. وحسب معلومات تتردد
أخيرا في بيروت، فقد انتشرت مراكز
تفتيش عسكرية سورية على الحدود مع
لبنان، لمراقبة تحركات ونشاط الحرس
الثوري هناك. ================== ميت رومني (سياسي جمهوري شغل
سابقاً منصب حاكم ولاية ماساشوستس ) واشنطن
بوست الاميركية «وبلومبرج نيوز سيرفس» الرأي الاردنية 5-11-2010 كان بمقدور أوباما التركيز على حل
المشكلة المالية التي تواجه الولايات
المتحدة؛ ولكنه لم يفعل. وكان بإمكانه
السعي لمواجهة التهديدات الوشيكة
لمستقبلنا، ولكنه فاقم من تلك
التهديدات، بدلاً من ذلك. والآن بعد أن
رفض الناخبون النهج الذي انتهجه خلال
عاميه الأولين في المنصب، فإن أوباما
مطالب بالاستفادة من الأزمة السياسية
التي يواجهها كنتيجة لذلك الرفض،
وبالإمساك بالفرصة التي توفر له سبيل
الخروج منها، تماماً مثلما أمسك
نيكسون بفرصة تحقيق الوفاق مع الصين
للخروج من أزمته السياسية في سبعينيات
القرن الماضي. والحكومة تشكل تهديداً لأميركا 2010 ، يفوق
في خطورته التهديد الذي كانت تمثله
الصين لأميركا 1972. فالحكومة الأميركية
في الوقت الراهن، تخنق روح المبادرة
والريادة، التي شكلت دوماً القوة
الدافعة لاقتصادنا منذ البداية،
وجعلته يتفوق على اقتصادات أمم أكبر
وأعرق. فالضرائب المتصاعدة بشكل مستمر على
المشروعات الصغيرة والمتوسطة،
والروتين المعقد، ولوائح العمل عسيرة
الفهم، والموظفون البيروقراطيون
المتعنتون، والدعاوى القانونية التي
لا تنتهي، تقوم في مجموعها بخنق
الحيوية الأميركية. إذا ما كان أوباما جاداً بشأن تغيير
الطريقة التي تتم بها الأشياء في
أميركا، فعليه ألا يتردد في قتل الوحش
القابع في واشنطن، والذي يفترس
الوظائف. وعليه أيضاً أن يكبح شهية الحكومة
المفتوحة، فبموجب القانون الحالي سوف
تنمو حصة الحكومة الفيدرالية من
الاقتصاد، من المتوسط الذي ثَبُتت
عنده على مدار الخمسين عاماً الماضية،
وهو 20.3 إلى ما يقرب من 26.5 بنهاية العقد
الحالي، وهو ما يعني أن حصص الحكومة
الفيدرالية، وحكومات الولايات،
والحكومات المحلية سوف تبلغ 40 في المئة
من الاقتصاد. عندئذ سيحق لنا أن نتساءل:
عند أي نقطة على وجه التحديد سوف نتحول
إلى اقتصاد اشتراكي، مع كل ما يقترن به
من نمو منخفض، ودخول منخفضة ومستوى
مرتفع على الدوام من البطالة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، حيث تشير بيانات
«مكتب الميزانية بالكونجرس» أن
الإنفاق الحكومي خلال العقد المقبل
سوف يتطلب 12.4 تريليون دولار ديناً
إضافياً، ما يرفع إجمالي الدين العام
في الولايات المتحدة إلى 22 تريليون
دولار بحلول 2020، وهو ما يعادل حجم
ناتجنا القومي الإجمالي. حينها سوف
يبدو الدين الأميركي مماثلاً في درجة
فداحته للدين اليوناني، الذي كان
سبباً في أزمة منطقة اليورو الأخيرة. وكان رد الفعل الغريزي لدى أوباما على كل
ذلك، هو إلقاء التبعة على سياسات بوش
الضريبية، على الرغم من علمه بأن الدين
الإضافي الذي يقدر ب12.4
كما سبقت الإشارة
ناتج عن الإنفاق الحكومي المسرف،
وعن سياساته هو الضريبية، متناسياً أن
الإنفاق المسرف، هو الذي يهدد
الاقتصاد، وليس خفض الضرائب. ولكبح الإسراف في الإنفاق الحكومي، يجب
على الرئيس أن يتبع الإجراءات التي يتم
اللجوء إليها عادة في مثل هذه الحالة
وهي: تجميد التوظيف في الحكومة، إيقاف
النمو في الإنفاق التقديري (أي الذي
يتم وفقاً لتقديرات المسؤولين)،
وممارسة حق «الفيتو» على كل مشروع
قانون للإنفاق مليء بالمخصصات
المالية، والعمل من أجل استعادة سلطة
الاعتراض الفردي على مشروعات
القوانين، والتخلص من المشروعات
البذخية، وغير الفعالة. كل ذلك لا يمثل سوى البداية فقط لما يتعين
على أوباما عمله. فإذا أراد أن يتصرف
بمسؤولية تجاه الإنفاق، والاستدانة،
والعجوزات المالية، فإنه سيتعين عليه
أخضاع الحكومة لتلك القاعدتين
المشهورتين من قواعد الميزانيات التي
يتبعها أي مشروع يدار بشكل جيد. القاعدة الأولى: البدء بالإجمالي وليس
الانتهاء به. بمعنى أن الحكومة يجب أن
تحدد منذ البداية المبلغ الذي ستنفقه
على مدار العام، بدلًا من أن تقوم
بإضافة احتياجات جميع البرامج، وطلبات
جميع الوزارات وقوائم الرغبات
السياسية، إلى بعضها للتوصل إلى
الإجمالي؛ فهذا يعد استسلاماً للرغبات
وليس إعداداً سليماً للميزانيات. القاعدة الثانية: الذهاب إلى حيث يوجد
المال. إذا أخذنا في اعتبارنا أن
الإنفاق الحكومي لمواجهة الالتزامات
الاجتماعية، يصل تقريباً لنصف الإنفاق
الفيدرالي، فإن الاستنتاج الذي نتوصل
إليه هو أنه ليس هناك خيار أمام الرئيس
سوى معالجة موضوع الضمان الاجتماعي»ميديكير»
الرعاية الطبية و»ميدك آيد» الإسعاف
الطبي، بحيث يتم منح مخصصات الرعاية
الطبية» ميديك آيد» على شكل مجموعات
للولايات المختلفة، لتوفير المرونة
اللازمة لكل ولاية، كي تقوم بالوفاء
باحتياجات سكانها من الفقراء بطريقتها.أما
الرعاية الطبية» ميديكير»، فسوف تتطلب
إصلاح نظام الرعاية الصحية بحيث يبدو
أقرب للسوق الاستهلاكي، منه للمرفق
العمومي المنظم. في خاتمة المطاف، يجب على الرئيس ألا يدع
التخفيضات الضريبية التي منحها بوش
تنقضي. فالمحافظة عليها سوف تدر عوائد
تبلغ 18.4 في المئة من الناتج المحلي
الإجمالي عام 2020،. فالضرائب المخفضة هي
التي ستحفز الاقتصاد، وتدفعه قدماً
للأمام، وتضيف المزيد من الوظائف،
وتوفر ناتجاً محلياً إجمالياً قادراً
على الوفاء بأولوياتنا في الإنفاق. على أن يراعي في سياق ذلك عدم دفع النفقات
الدفاعية للانخفاض دون مستوى 4 في
المئة من الناتج المحلي الإجمالي. فمع
تنامي التهديدات العالمية، وتقلص
القدرات الدفاعية للحلفاء، فإن الحرية
في مختلف أنحاء العالم، سوف تعتمد،
بشكل متزايد، على القوة الأميركية. إن الرئيس قادر على تحويل خسائر حزبه يوم
الثلاثاء إلى مكسب لأميركا كلها، بيد
أن قدرته على ذلك تتوقف على الطريق
الذي سيختاره. ================== المستقبل - الجمعة 5 تشرين
الثاني 2010 العدد 3822 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد السمّاك كان من تداعيات أحداث 11 ايلول 2001 في
نيويورك وواشنطن، ان الولايات المتحدة
اعتبرت المقاومة الكشميرية "عملاً
ارهابياً". حدث ذلك لأول مرة منذ أن
بدأت القضية الكشميرية اثر انقسام شبه
الجزيرة الهندية الى دولتي الهند
والباكستان في عام 1947. كانت الولايات المتحدة طوال تلك العقود
من الزمن أقرب الى الباكستان منها الى
الهند. كانت الباكستان عضواً في حلف
المعاهدة المركزية الذي كان يضم تركيا
وايران والعراق بقيادة واشنطن. وكانت
الهند أقرب الى الاتحاد السوفياتي (السابق)
من خلال تزعمها مع مصر وأندونيسيا
ويوغسلافيا السابقة حركة عدم الانحياز. وقد حاولت الولايات المتحدة مراراً
التوسط بين الهند والباكستان لتسوية
قضية كشمير انطلاقاً من الاعتراف
بقرارات الأمم المتحدة التي تعطي
الشعب الكشميري حقوقاً في تقرير مصيره.
ولكن بعد أن قرر الرئيس السابق جورج
بوش الابن الحرب على الارهاب، وعندما
ربط بين الارهاب والاسلام، ضمّ
المقاومة الكشميرية الى لائحة المظمات
الارهابية، ونقل "بارودة"
التضامن من "كتف" الباكستان الى
"كتف" الهند، في عملية انقلابية
على ديبلوماسية أميركية استمرت نحو
أربعة عقود. وقد تمثل هذا الانقلاب في اتفاقية
التعاون النووي التي عقدها مع دلهي،
علماً بأن الهند ليست عضواً في معاهدة
حظر انتشار الأسلحة النووية (شأنها في
ذلك شأن الباكستان). وبموجب هذه المعاهدة تعهدت الولايات
المتحدة تزويد الهند بالتقنية النووية
المتطورة وباليورانيوم المخصب،
خلافاً لما تقول به معاهدة الحظر
الدولية، ورغم معارضة واسعة في مجلس
الشيوخ الأميركي. كما تمثل هذا الانقلاب الأميركي بسحب أو
بتجاهل الوساطات السياسية الأميركية
لتسوية القضية الكشميرية، والسكوت على
سيطرة الهند عليها رغم معارضة
الكشميريين متسلحين بقرارات صادرة عن
الأمم المتحدة. أدى هذا الموقف الجديد الى قيام تحالف
أميركي هندي كان بمثابة صبّ للزيت على
نار المقاومة الكشميرية. وللتصدي لهذه
المقاومة استنفرت الهند نصف مليون
جندي ودفعتهم الى كشمير. وفي عام 2001 فقط
(أي عام التحول الأميركي) سقط في كشمير
4500 ضحية من أهلها. وسقط في العام التالي
ثلاثة آلاف ضحية أخرى. الا انه لا ضخامة
عدد القوات الهندية، ولا فداحة
الخسائر البشرية الكشميرية ولا
الاتهامات الأميركية للمقاومة
الكشميرية بالارهاب، أخمد حركة هذه
المقاومة. ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة
من هذا العام سقط ثلاثة آلاف ضحية
جديدة، الأمر الذي اقنع السلطات
الهندية بعقم سياسة القوة التي
تنتهجها في كشمير. ومع احتدام الاشتباكات في أفغانستان بين
قوات حلف شمال الأطلسي وحركة
الطالبان، مارست الولايات المتحدة (الرئيس
جورج بوش تحديداً) الضغط على اسلام
اباد لسحب القوات الباكستانية من
الحدود مع الهند كشمير الى الحدود
الأفغانية. فبالنسبة لادارة الرئيس
بوش كانت الأولوية هي القضاء على
الطالبان وليس الدفاع عن كشمير. وطالما
أن المقاومة الكشميرية في حساباته هي
حركة ارهابية فلتطلق يد القوات
الهندية للفتك بهذه الحركة على أن
يتولى الجيش الباكستاني الفتك بحركة
طالبان. هنا وجدت اسلام اباد نفسها مدفوعة لخوض
معركة على جبهتين ضد قوى ترفع شعارات
اسلامية. الأولى هي جبهة التخلي عن
كشمير (وهي بالنسبة للباكستانيين مثل
فلسطين بالنسبة للعرب)، والثانية هي
جبهة مواجهة طالبان. ومما زاد الطين بلة ان ذلك يحدث بضغط من
الولايات المتحدة التي كانت تشن حرباً
على الارهاب تبدو وكأنها حرب على
الاسلام. لم يتغير هذا الموقف الا بعد وصول الرئيس
باراك أوباما الى البيت الأبيض. فقد
اقنع الهند باعادة النظر في سياستها من
القضية الكشميرية بدءاً برفع القبضة
الحديدية، والانفتاح على القوى
الوطنية الكشميرية لتجديد الحوار معها
بعد انقطاع دام لأكثر من عقد من الزمن !. ومما عزز هذا التحول، خسارة الحزب
الهندوسي المتطرف للانتخابات العامة،
وبالتالي اضطراره للتخلي عن رئاسة
الحكومة في دلهي لمصلحة حزب المؤتمر
الذي يحمل أفكار نهرو وحفيدته انديرا
غاندي. وهكذا تراجع عدد الضحايا في شوارع المدن
الكشميرية وخاصة في العاصمة سريننغار
التي تقع في سفح أحد قمم الهمالايا. ومع
هذا التراجع انتعش من جديد الأمل
باستعادة الكشميريين حقوقهم الوطنية.
الا ان كشمير منقسمة منذ بداية الصراع
الى قسمين، قسم تحتله الهند، وهو
الأكبر، وقسم ثان تحتله الباكستان
ويعرف باسم ازاد كشمير ( اي كشمير الحرة). الا ان الحركة الوطنية الكشميرية تعتبر
القسمين واحداً. وهي لم تعد تقبل مبدأ
الاختيار بين الانضمام الى الهند أو
الانضمام الى باكستان كما كان الأمر في
عام 1948 ولكنها تتطلع لإقامة دولة
مستقلة من القسمين معاً. ولكن دون ذلك
صعوبات جمة مع كل من الهند والباكستان.
فمع الهند، هناك مشكلة رسم الحدود بين
كشمير (الاسلامية) وجامو (الهندوسية).
ومع باكستان هناك مشكلة إخراج ازاد
كشمير من تحت السيادة الباكستانية. ثم ان هناك مشكلة أخرى مع المارد الصيني
المجاور حول تقرير مصير المنطقة
الشمالية الشرقية من كشمير والتي
ضمتها الصين اليها في الستينات من
القرن الماضي عندما وقعت الحرب
الهندية الصينية والتي منيت فيها
الهند بهزيمة عسكرية. لقد تزامنت ولادة القضية الكشميرية مع
القضية الفلسطينية. ويبدو أن ثمة أملاً
بحل القضية الأولى، فيما تستمر القضية
الثانية في متاهات الحسابات المتناقضة
والمعادلات المتغيرة. ================== بعد الانتخابات النصفية:
في البيت الابيض رجل آخر! الجمعة, 05 نوفمبر 2010 نيويورك - راغدة درغام الحياة ستبقى الشؤون الداخلية، لا سيما
الاقتصادية منها، موضع الاهتمام الأول
للرئيس الأميركي باراك أوباما المهزوم
هزيمة تاريخية في الانتخابات النصفية
هذا الأسبوع. وسيبقى الرأي العام
الأميركي غاضباً باحثاً عن التغيير
مطالباً بأن تقوم حكومته بكل إجراء يضع
«أميركا أولاً». لكن فوز الجمهوريين
بمجلس النواب واحتمال سيطرة المحافظين
(جمهوريين وديموقراطيين) على مجلس
الشيوخ سيضع السياسة الخارجية على
طاولة المساومة أو المواجهة الأرجح من
الباب الإيراني ونفوذه الممتد في
العراق وفلسطين ولبنان. فالجمهوريون
والمحافظون يريدون تخفيض الإنفاق على
البرامج المحلية معارضين تخصيص أوباما
900 بليون دولار لها، وهم يريدون زيادة
الإنفاق على الدفاع وتصنيع السلاح من
اجل إيجاد فرص العمل كما من اجل إثبات
قوة أميركا في العالم. الديموقراطيون
في عهد أوباما اعتنقوا الحوار
والاحتضان والوعود بأحلام سخية الى
حين استفاقوا على واقع صعب ومرير،
داخلياً ودولياً، والجمهوريون
ترقّبوا الأخطاء في زمن «الأوبامية»
وتحفزوا لقلب الطاولة على ما يصفونه ب
«اليسار» أو «الاشتراكية» التي يزعمون
ان «الأوبامية»، تمثلها، وبدأوا
المسيرة نحو إزاحة باراك أوباما من
البيت الأبيض مع انتهاء ولايته الأولى. ما يستحق المراقبة ليس فقط كيفية التجاذب
أو التنافس بين الجمهوريين
والديموقراطيين على الصعيد الداخلي
للسنتين المقبلتين، وإنما ايضاً كيف
سيقرأ اللاعبون الدوليون – الحكوميون
وغير الحكوميين – نتيجة الانتخابات
النصفية، وماذا سيقررون على ضوئها.
وإذا كانت القراءة ان الجمهوريين آتون
الى البيت الأبيض لا محالة، فهل سيؤدي
ذلك الى انقلاب جذري نحو الرئيس
الديموقراطي إما من اجل تمكينه من
البقاء في البيت الأبيض، أو تنفيذاً
لمعادلة «خذ وطالب»؟ وإذا كان
الاستنتاج أن «الوسط» الأميركي يتطلب
من باراك أوباما الكثير من التنازلات،
بالذات عن ركيزة سياساته الخارجية نحو
إيران وسورية أو العملية السلمية
الفلسطينية – الإسرائيلية، فماذا
ستكون إجراءات الحكومات المعنية؟
فالجميع راقب تقاطيع وجه باراك أوباما
في اليوم التالي للانتخابات التي
أفادت بأن رجلاً جديداً آخر دخل هذا
الأسبوع المكتب البيضاوي في البيت
الأبيض. الناخب الأميركي عبّر عن استنكاره من
الديموقراطيين وتوجّه بشبه تأنيب
وإذلال الى باراك أوباما الذي أفرط في
الوعود السخية وحوّل وعد الأمل
والتغيير عام 2008 الى خيبة عارمة عام 2010.
ما قاله الناخب الأميركي هو انه يعارض
ما هو عليه اليوم، محلياً واقتصادياً
بالدرجة الأولى، إنما من دون ان يغمض
عينيه كلياً عن وضع الولايات المتحدة
على الساحة الدولية. القاعدة الشعبية التابعة لباراك أوباما
ما زالت الى يساره وتريده ان يناضل
ويقاوم الجمهوريين وجماعات «حزب الشاي»
(تي بارتي) لكنها تريده ان يبقى سلساً،
محاوراً، متفهماً، يمد الوجنة الأخرى
لصفعة ثانية لأن التسامح هو الخيار
ولأن هذه القاعدة الشعبية لا تريد أية
حرب كانت تحت أي ظرف كان. وإن قيل لها:
ماذا إذا كان الخيار الحاسم هو إما
ضربة عسكرية للمواقع النووية في إيران
او امتلاك إيران القنبلة النووية؟ ترد
بأنها لا تريد الاثنين. وتتوقف عند ذلك.
هذه القاعدة الأساسية للأوبامية باركت
الإسراع الى الانسحاب من العراق
وعارضت «حرب أوباما» في أفغانستان. معظمها يدفن رأسه في الرمال وهو بطبيعته
انفتاحي اجتماعياً وانعزالي عسكرياً
على الصعيد العالمي. يرى ان الحروب
والصناعات العسكرية هي من صنع
الجمهوريين وأن المحافظين القدامى أو
الجدد هم الذين بدأوا مسيرة إفلاس
أميركا وتعبئة جيوب كبار الشركات. القاعدة الشعبية الجمهورية تريد من
الحكومة ان تلعب دورها بحجمه الطبيعي
بدلاً من التدخل في كل شاردة وواردة.
تريد ان تكون أميركا الدولة العظمى
الوحيدة في العالم مهما تطلب ذلك من
مغامرات خارج الحدود أو من إنفاق لا
مثيل له. ففي العراق، أنفقت وزارة
الدفاع الأميركية منذ بدء الحرب حتى
الآن ما يفوق 620 بليون دولار وفي
أفغانستان ما يقارب 200 بليون دولار. ما
أنفقته في العراق شهرياً تعدى 5.5 بليون
دولار، وما تنفقه الآن في أفغانستان
يتعدى 7 بلايين دولار بل يقارب مليوني
دولار أسبوعياً. هذه مبالغ طائلة لا
يمكن دولة عادية إنفاقها. وما هذا
الإنفاق على هاتين الحربين سوى
استثمار في ضمان تفوق أميركا وعظمتها
على الساحة الدولية، من وجهة نظر
أكثرية الجمهوريين والمحافظين. أفغانستان تشكل ظاهرة مثيرة للانتباه في
العلاقة ما بين باراك أوباما وحلفائه
الديموقراطيين في هذه الحرب وبين
المحافظين الجمهوريين الذين يعتقدون
ان من الضروري البقاء في هذه الحرب ليس
من اجل «بناء الدولة» في أفغانستان
وإنما بهدف الانتصار في الحرب. كما أن
الموارد الطبيعية الضخمة التي تم
الكشف عنها اخيراً في أفغانستان ما
زالت تحت الأرض وتتطلب استثمارات ضخمة.
لذلك بدأ بعض الجمهوريين يتحدث عن
ضرورة إعادة النظر في حرب أفغانستان
وتخفيض نفقات الحرب فيها. العراق أمر آخر. باراك أوباما أراد
الإسراع في الخروج من العراق، لكن
الجمهوريين يريدون اعادة التفاوض على
الاتفاقية الاستراتيجية بين الولايات
المتحدة والعراق بهدف تقدم الحكومة
العراقية المقبلة بطلب إعادة النظر في
مواعيد سحب القوات الأميركية، أي
إطالة البقاء لأبعد من السنة المقبلة. مسألة العراق ستكون مهمة في موازين
التنازلات التي ستتطلبها العلاقة
الجديدة بين الهيئة التنفيذية
المتمثلة بالبيت الأبيض والهيئة
التشريعية المتمثلة بمجلسي الشيوخ
والنواب. وقد يكون العراق أسهل حلقات
التفاهمات والتنازلات لأن الطلب
بإطالة البقاء يأتي من الحكومة
العراقية، مما لا يشكل تراجعاً لباراك
أوباما. وثانياً، لأن باراك أوباما بدأ
يستدرك ما أدت إليه سياساته نحو إيران
وبدأ يفهم ان ساحات التعامل مع إيران
ليست فقط داخل الأراضي الإيرانية حيث
تخلى عن المعارضة هناك، وإنما في
الساحات اللبنانية والعراقية
والفلسطينية. فالجمهوريون يريدون إعادة التركيز على
إيران لأسباب متعددة، منها انهم
يرفضون قطعاً ان تمتلك إيران القنبلة
النووية، ومنها أنهم لا يستثنون توجيه
ضربة عسكرية أميركية - أو دعماً لضربة
إسرائيلية – لأن سياسة أوباما خلال
السنتين الماضيتين أثبتت فشلها الذريع
في إقناع إيران بالتجاوب مع
الديبلوماسية. في إمكان أوباما أن يشير الى نجاحات في
سياساته نحو إيران، وبالذات في حشده
دعم روسيا والصين وراء تعزيز العقوبات
على إيران بقرار دولي في مجلس الأمن.
بإمكانه الإشارة الى أهمية فتح صفحة
جديدة مع روسيا، ثنائياً، وفي إطار
العلاقات مع إيران، لا سيما ان هناك
توتراً أو تدهوراً في العلاقة الروسية
– الإيرانية. إنما ما لا يمكنه ان يزعم
هو نجاح سياسة التوسل للحوار مع إيران
ولا سياسة المسايرة لإيران أو لسورية.
فلا العراق أمثولة لذلك النجاح، ولا
لبنان حيث الأسوأ آت، جزئياً، نتيجة «الأوبامية»
التي تنبهت قبل أيام فقط الى حصيلة
استثماراتها التهادنية، فأصيبت
بالهلع والذعر مما هو آت. ما أيقظ إدارة أوباما في الدرجة الأولى
كانت زيارة الرئيس الإيراني محمود
احمدي نجاد الى لبنان ووضوح دور «حزب
الله» في الاستراتيجية الإيرانية
والعكس بالعكس. أيقظته ثانياً تصريحات
سورية على أعلى المستويات أوضحت
للرئيس الأميركي اين هو وما هي حصيلة
سياساته. ثم أتت الانتخابات النصفية
لتوقظه الى ما هو مقبل عليه في مجال
السياسة الخارجية المعنية بمنطقة
الشرق الأوسط. وكمثال، ان مَن سيترأس
لجنة العلاقات الخارجية في مجلس
النواب هو ايليانا روس – ليتينيا،
المقربة من السفير السابق المحافظ جون
بولتون والمعارضة بشدة لإيران. الجمهوريون سيعيدون الحديث الى «إيران
أولاً» قبل عملية السلام الفلسطيني –
الإسرائيلي التي فشل باراك أوباما في
إنضاجها بعد سنتين، مع انه قال عندما
تولى مهامه ان لها الأولوية. رئيس
الحكومة الإسرائيلية بنيامين
نتانياهو لا شك سعيد جداً بنتيجة
الانتخابات النصفية لأنها ستؤدي الى
خلاصه من الضغوط الأوبامية بحماية
جمهورية. الذي سيحدث هو ان ذلك السلّم الشهير
للتسلق هبوطاً سيُقدّم الى باراك
أوباما كما سبق وتم تقديمه الى أسلافه.
فالمسألة الفلسطينية – الإسرائيلية
لن تعود من الآن فصاعداً في طليعة
أولويات أوباما، بل ان التراجع عن
إيلاء تلك المسألة الأولوية سيكون
ملحوظاً. كذلك سيحدث تراجع عن اعتبار
حل النزاع العربي – الإسرائيلي في عصب
المصلحة القومية الأمنية الأميركية.
وهذا سيكون نتيجة أمرين: اخطاء إدارة
أوباما ومبعوثه جورج ميتشل في إدارة
المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية،
والانتخابات النصفية التي جاءت
نتيجتها لتقلّم أظافر باراك أوباما
وتجعله رجلاً آخر غير ذلك الذي دخل
البيت الأبيض قبل سنتين. فباراك أوباما لم يعد ذلك الرجل «الواثق
الخطوة يمشي ملكاً» لأنه اخترق
التاريخ كأول رجل أسود في البيت الأبيض
وصله محاطاً بحماسة عالمية لا مثيل لها.
إنه اليوم الرجل المُحاصر الذي أخفق.
إنه الرجل المرشح للرئاسة وهو في
المنصب. إنه الرجل المهدد بسحب الرئاسة
منه لأنه بات يُعرف برئيس الولاية
الواحدة. لعله يفاجئ العالم مرة أخرى
ويشعل ثورة أخرى من نوع آخر. لكن باراك
أوباما اليوم ليس باراك أوباما الأمس.
ومن المهم له ان يعيد مراجعة شخصيته
وليس فقط سياساته. فليس معقولاً ان
يخسر أي رجل كل ذلك الزخم الذي أدخله
البيت الأبيض في غضون سنتين فقط. ولأن العالم يساهم في صنع اميركا مهما
كانت انعزالية أو عكسها، من المفيد
جداً لباراك أوباما ان يغيّر سياسات
أساسية وأن يكف عن سياسات انفعالية.
عليه ان يعيد النظر في استراتيجيات عدة
قبل ان تجره الى الانفعالية إجراءات
وأحداث تمليها «القاعدة» في اليمن أو
في لبنان، وتمليها إيران و «حزب الله»
في لبنان أو في العراق، أو تمليها
سورية في جيرتها اللبنانية أولاً
والعراقية ثانياً، وتمليها إسرائيل
على فلسطين ولبنان وسورية وكذلك إيران. فما سيستنتجه اللاعبون المحليون
والإقليميون هو ان الانتخابات النصفية
الأميركية أسفرت عن معادلات جديدة نحو
المسايرة والمساومة والمقايضة أو
المواجهة والتحدي. فهناك أدوات جديدة
لاستئصال التنازلات من باراك أوباما.
إنما هناك ايضاً حسابات جديدة لربما
تنطلق من ان في البيت الأبيض اليوم
رجلاً آخر. ================== بيل كلينتون الشرق الاوسط 5-11-2010 يصادف اليوم ذكرى مرور 15 عاما على تسبب
رصاصة لأحد القتلة في مقتل صديقي، إسحق
رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي
الأسبق. ومنذ وفاته، لم يمض أسبوع إلا
وشعرت بفقدانه والوحشة إليه؛ فقد كنت
أحبه هو وزوجته «ليه» كثيرا جدا.
وبمناسبة الذكرى السنوية لوفاته، سوف
يحسن العالم صنعا إذا تذكر دروسا من
حياته: مثل رؤيته للحرية والتسامح
والتعاون والأمن، وقد أصبح السلام
مطلبا حيويا الآن بنفس القدر الذي كان
عليه منذ 15 عاما، عندما تحدث بسعادة
وغنى للسلام في مسيرة حاشدة في تل أبيب
قبل وقت قليل فقط من مقتله. ولم يكن من طبع رابين التظاهر على الإطلاق.
وعندما أرسله ديفيد بن غوريون كشاب
لتمثيل إسرائيل خلال محادثات الهدنة
في عام 1949، لم يكن رابين وقتها قد ارتدى
ربطة عنق من قبل، لذا ربطها صديق له
وأوضح له كيف يمكن خلعها مع الاحتفاظ
بربطتها لاستخدامها في المستقبل. وكما
كان متوقعا، وصل رابين قبل أسبوعين من
اغتياله إلى واشنطن في فعالية تستدعي
ارتداء ربطة عنق سوداء، لكنه لم يكن
يرتدي هذه الربطة. عندها استعرنا واحدة
له، ولكنني ما زلت أبتسم كلما تذكرت
عندما كنت أضبط الربطة له، مثلما تفعل
هيلاري عندما تتذكر كيف اشتكى رابين
بعدما جعلته يخرج إلى شرفة قاعة ترومان
لكي يدخن سيجارته. وهناك ترابط بين قصة إسحق رابين وقصة
إسرائيل؛ فقد حمل رابين السلاح من أجل
الدفاع عن حرية إسرائيل وضحى بحياته من
أجل تأمين مستقبل إسرائيل. وعندما قدم
إلى البيت الأبيض في عام 1993 للتوقيع
على إعلان المبادئ مع الفلسطينيين،
كان بطلا عسكريا مستعدا بشكل فريد
لقيادة شعبه إلى عهد جديد. وقبل مصافحة
ياسر عرفات، الرجل الذي اعتبره لفترة
طويلة عدوه اللدود، تحدث بشكل مباشر
إلى الشعب الفلسطيني فقال: «كفانا دماء
ودموعا. كفى. ليس لدينا أي رغبة في
الانتقام. ونحن لا نضمر أي كراهية
تجاهكم. ونحن مثلكم، بشر وأناس نرغب في
بناء وطن وزرع شجرة والشعور بالحب
والعيش جنبا إلى جنب معكم بكرامة
وبتعاطف كبشر وكرجال أحرار. ونحن اليوم
نعطي للسلام، ونقول مجددا لكم كفى.
دعونا نصل من أجل مجيء اليوم الذي نقول
فيه جميعا: (وداعا للأسلحة)». وبعد مرور عقد ونصف على وفاته، ما زال لدي
إيمان بأنه إذا كان رابين قد عاش، لكنا
قد توصلنا خلال ثلاث سنوات إلى اتفاق
شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ومن المؤكد أن أعداء السلام كانوا
سيحاولون أن يقوضوا هذه الخطوة،
ولكنني كنت واثقا من إمكانية ظهور عهد
جديد من الشراكة المستمرة والرخاء
الاقتصادي. وكان رابين سباقا لعصره بعدة طرق. وقد
تداخلت نهاية حياته مع ظهور العصر
الأكثر ترابطا في التاريخ الإنساني مع
ظهور الإنترنت وبدء عصر العولمة.
وتعتبر الروابط التي تربط
الإسرائيليين والفلسطينيين، لأنهما
شعبان قدر لهما بأن يعيشا مع بعضهما
على نفس الأرض، حسب تعبيره، نموذجا
قويا على الروابط التي تربطنا جميعا
حول العالم. ونحن مرتبطون بعدة طرق
بدرجة لا يمكن معها أن ننفصل عن بعضنا
البعض. ولهذا السبب، يتعين علينا أن نتبنى
القضية التي ضحى إسحق رابين بحياته من
أجلها: وهي بناء مستقبل مشترك تكون فيه
الإنسانية المشتركة أهم كثيرا من
خلافاتنا المثيرة للاهتمام كل بطريقته
الخاصة. ويمكننا جميعا أن نفعل شيئا ما
في مجتمعاتنا أو حول العالم من أجل
بناء القوى الإيجابية وتقليل القوى
السلبية للترابط. وكان رابين شخصا مثاليا صعب المراس. وكانت
موهبته الكبرى تتمثل في الحفاظ على ثقة
العامة مع اتخاذ مجازفات مدروسة من أجل
تحقيق السلام. وهذا التوجه انعكس
بالشكل الأفضل في مبدئه التوجيهي
الشخصي: وهو أنه سوف يعمل من أجل تحقيق
السلام وكأنما لا يوجد إرهاب، وسوف
يحارب الإرهاب وكأنه ليس هناك عملية
سلام. وإذا كان بمقدوره أن يتحدث إلينا اليوم،
لكان قد طلب منا تذكره ليس من خلال
الحداد الذي يمكن أن يكون قد حدث
بالفعل، ولكنه عبر النظر بوضوح إلى
الفرص والعقبات التي تعترض طريق
السلام ومواصلة العمل الموجود في
أيدينا. وتوجد فرصة حقيقية لإنهاء العمل الذي
بدأه، فالأطراف تتحدث مع بعضها، كما
يحظى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
بالدعم الذي يحتاج من شعبه ليبرم
اتفاقا. ويقول الكثير من الإسرائيليين
إنهم يثقون في أنه قادر على تحقيق سلام
يحمي ويصون أمنهم. وعلى ضوء البنود
التي وافق عليها في أواخر 2000 رئيس
الوزراء آنذاك إيهود باراك ودعمها
بتفاصيل أكبر رئيس الوزراء السابق
إيهود أولمرت ووافق عليها الرئيس
محمود عباس وفلسطينيون آخرون، يعرف
الجميع شكل الاتفاق النهائي. ويمكن حل القضايا المتبقية، مع توافر
المحفزات على القيام بذلك. ولدى
إسرائيل أفضل شريك لها في الحكومة
الفلسطينية داخل الضفة الغربية على
رأسها الرئيس عباس ورئيس الوزراء سلام
فياض الذي لديه قدرة على توفير الأمن
وتحقيق تنمية اقتصادية، وقد برهن
بالفعل على ذلك. ومبادرة السلام التي
عرضها العاهل السعودي الملك عبد الله
بن عبد العزيز تمنح إسرائيل اعترافا
سياسيا كاملا وتطرح احتمالية التعاون
الاقتصادي والأمني مع مجموعة من الدول
العربية والإسلامية مقابل التوصل إلى
اتفاق. كما أن الكثير من الدول العربية
منشغلة بجهودها الاقتصادية وفيما
يتعلق بالتحديث الاجتماعي، وهو ما
يثبت أنهم مستعدون لترك خلافات الماضي
ومتحمسون لجني ثمار احتمالات التعاون
مع إسرائيل. وفي هذه الأثناء، لا تزال الولايات
المتحدة ملتزمة بتعظيم المكاسب وتقليل
مخاطر السلام، وهي قناعة يؤمن بها
الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية
كلينتون ومبعوث الإدارة الخاصة
للمنطقة جورج ميتشل وزملاؤهم. في هذا اليوم المشرق الباعث على الأمل عام
1993، وقف إسحاق رابين داخل البيت الأبيض
وتحدث قائلا: «نعطي اليوم السلام فرصة،
وأقول لكم مرة أخرى: كفى». لنتضرع بالدعاء في هذه الذكرى بأن تتم
خدماته وتضحياته في الأراضي المقدسة،
وبأننا جميعا - وبغض النظر عن المكان
الذي نعيش فيه أو قدراتنا التي نمتلكها
- سنقوم بالجزء المنوط بنا من أجل بناء
عالم يسود فيه التعاون على النزاع.
وستبقى روح رابين تضيء لنا الطريق،
ولكن يجب أن نقرر جميعا السير فيه. * الرئيس الأميركي الأسبق =================== الراي الكويتية 3/11/2010 محمد العوضي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيه أهل
الكتاب (المسيحيين) في العراق إلى
التفجير والتقتيل فقد سبق ذلك مرات
عديدة ما جعل الكثير منهم يفضل الهجرة
والتشرد على الاقامة في موطنه، وهذا
الوضع الدامي ليس مقصورا على دين أو
مذهب أو منطقة وانما هو شأن عام
وملابساته السياسية والمصلحة تختلف من
مرحلة لأخرى الا ان النتيجة واحدة «التفجير
والقتل». وكان آخر الجرائم ما وقع منذ أيام في
اقتحام وتفجير كنيسة سيدة النجاة في
العراق وسقوط عشرات القتلى والجرحى...
ارهاب... جناية... كارثة... سطر ما شئت من
الكلمات والاوصاف فلن تسعفك في
التعبير عن ضخامة المصيبة في بعدها
الانساني والمادي والمعنوي (الفكري) لا
اعتقد ان عاقلا سيصدق ان دينا سماويا
او ارضيا يسمح لاصحابه بهذه الجرائم،
ولكن الفوضى والانحراف عن الدين باسم
الدين وتحت مظلة التدين هو الداء المر
الذي يتجرع الجميع سمومه... كيف يفهم
هؤلاء قول الله تعالى: «لا ينهاكم الله
عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم
يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا
إليهم. إن الله يحب المقسطين». لا حظ لم يكتف النص القرآني باقامة ميزان
العدالة مع المخالفين للمسلمين في
الدين بل امرهم بالبر وكلنا يعرف ان
البر وصية قرآنية في حق الوالدين، فهل
من البر ما حصل في الكنيسة من ارهاب
وتدمير باسم الإسلام!! واذا كان منفذو الجريمة يريدون نصرة
المسلمات المخطوفات من الكنيسة
القبطية في مصر بعد اشهار اسلامهن
فنقول لهم الحمد لله فان شعار عامة
المسلمين بل وأطفالهم قوله تعالى: «ولا
تزر وازرة وزر أخرى». ويطيب لي ان اذكر بيان جبهة علماء الازهر
بحق الاعتداء على كنيسة بغداد وكان
عنوانه ان اهل ذمتنا قبل أهل ملتنا قال
البيان نصا: «ان جبهة علماء الازهر
التي دانت ولاتزال تدين جرائم
الاختطاف للآمنات المسلمات بالدرجة
نفسها تستنكر وتدين اي اعتداء يقع على
عرض او دم او مال لمعاهد او ذمي في اي
مكان كان وتعتبر ذلك اعتداء يقع عليها
وعلى دينها يستوجب الاستنفار له خصوصا
اذا تذرع المجرمون فيه بالدين وتستروا
به فان الجرائم لا تبرر الجرائم». إلى
اخر البيان الطويل الذي هو صوت عامة
المسلمين. وقد افتتحت الجبهة بيانها بهذه الحادثة
التاريخية الشهيرة: «لما نزل التتار
دمشق وعاثوا في الارض فسادا واسروا من
اسروا فيها من مسلمين واهل كتاب ارسل
السلطان قلاوون اليهم الامام ابن
تيمية ليفاوضهم في اطلاق سراح الاسرى
عرضوا عليه ان يطلقوا له سراح الاسرى
من المسلمين فقط فأجابهم الامام ابن
تيمية رحمه الله قائلا: «اهل ذمتنا قبل
أهل ملتنا». ذلك هو الدين الذي ندين به وندعو إليه... أقول: أين هذا الوعي والعلم من التخبط
المرعب باسم الدين ولا حول ولا قوة إلا
بالله. ====================== "المنطقة العربية"..
المصطلح الذي يجمع ولا يستثني نوال السباعي الجزيرة نت 4/11/2010 يجد "العرب" أنفسهم اليوم مضطرين إلى
إجراء مراجعات أساسية وجذرية في مرحلة
ما بعد الغزو العسكري الغربي الحديث
الذي شهدته المنطقة وسقوط بغداد، وفي
سياق أحد أشكال الرد "الفردي" على
الهجمات التاريخية الدؤوبة الهائلة
على المنطقة العربية والتي لم تنقطع
منذ قرنين كاملين. انكشفت المعركة "الأخيرة" التي بدأت
بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 عن أزمات
فكرية وإنسانية واجتماعية وسياسية
شديدة الخطورة، وذلك في ظل انصراف
الأنظمة الحاكمة في المنطقة عن
الأهداف الكبرى العامة التي تلبي
رغبات الجماهير من المحيط إلى الخليج،
وانشغال معظم سياساتها بإنقاذ مصالحها
القطرية أو الطائفية أو العشائرية أو
الفردية الخاصة على هامش سياسة "انج
بنفسك كيفما اتفق".. وقد أكِل الثور
العراقي! في غياب شبه كامل للنخب
السياسية المعارضة المؤهلة والقادرة
على تعبئة الجماهير لقيادة حركة تغيير
فكري واجتماعي وسياسي واسعة النطاق،
ناهيك عن عجز معظم المفكرين والفلاسفة
وعلماء الدين في المنطقة عن الوصول إلى
شعوب المنطقة وتقديم تصور واضح عن
آليات التغيير وماهيته. تأتي ضرورة القيام بهذه المراجعات على
هامش واقع بشع تعيشه المنطقة بين دفع
مدروس دؤوب في اتجاه حالة "الفوضى
الموجهة" التي بشرت بها وزيرة
الخارجية الأميركية السابقة
كوندوليزا رايس والتي وقفت وتقف أنظمة
عربية في وجهها بطريقة أو بأخرى كما هو
الحال في المملكة العربية السعودية
ومصر وسوريا وقطر، وبين حركة التفتيت
والتجزئة المستمرة دون توقف والتي
تعيش "الأمة" أحداثها في بث حي
ومباشر في كل من العراق وفلسطين
والسودان واليمن والمغرب والبحرين
وربما في الكويت، فضلا عن المحاولات
المستميتة لتفجير المجتمعات من الداخل
خاصة في دول الخليج ومصر ولبنان! أمام هذه الحقائق المرعبة التي تكاد تكون
متطابقة مع الوضع السياسي والاجتماعي
الذي كان سائدا أيام حكم "ملوك
الطوائف" في شبه الجزيرة الإيبيرية،
والذي أدى إلى هلاك القوم واستئصال
شأفتهم ليس السياسية والاجتماعية
فحسب، بل وإبادة العنصر البشري
واللغوي في تلك الأرض على امتداد 300 عام
من تغول العدو وتشرذم القوم وعجزهم،
أمام مشهد كهذا يجب أن تقف الأمم التي
تريد النهوض من نفسها موقف المراجعة
الشاملة، أو تستسلم لهذا القدر الذي
تصنعه بيد أبنائها ساعة فساعة في
رحلتها نحو الهاوية. عودة الاستعمار بهذا الشكل السافر إلى
المنطقة، وسقوط بغداد الأخير، وتمايز
ما تبقى في أيدي الفلسطينيين من أرضهم
المقدسة إلى سلطتين شرقية وغربية..
شكّل الصفعة الأخيرة التي تلقتها "الأمة"
على وجهها لتستيقظ من سباتها المهين،
محاوِلة العودة إلى رشدها وهي التي
اعتادت الانبعاث في كل مرة بدت فيها
وكأنها ميؤوس منها!! لقد حان الوقت
للمساءلة عن جدوى الأفكار التي سادت
هذه المنطقة خلال الأعوام الستين
الأخيرة وصاغت رؤية الناس لأنفسهم
ومنطقتهم التي ما فتئت تراوح بين مسمى
"الأمة العربية" و"الوطن
العربي" و"العالم العربي"،
متخبطة بين هوية قومية فُرضت على الناس
بسلطة الأنظمة الثورية "القومية"
التي استخدمت من أجل هذه الصياغة
الإجبارية سطوة الإعلام مع قوة الظلم
والسحل والتعذيب والتهميش والإقصاء،
وبين هوية إسلامية صعّدَت من تبلورها
الانتفاضة الفلسطينية بين القرنين،
لتفرض نفسها على الساحة عبر رؤية دينية
مغرقة في الخصوصية الثقافية المحلية،
والتخلف الفكري، والانسلاخ عن روح
الدين الحضارية الإنسانية الأخلاقية. زلازل عنيفة ضربت القناعات، ونظرة الشعوب
لنفسها وواقعها، وتصورها لماضيها
ومستقبلها، ووعيها لوجودها وإدراك
أبعاد هويتها، ووجدت "الأمة"
نفسها في مواجهة تحديات بالغة الخطورة
فيما يتعلق برؤيتنا لطبيعة المنطقة
التي ننتمي إليها، ليس أولها وأخطرها
ضرورة إعادة صياغة وتحديد الهوية، ولا
آخرها إعادة تشكيل رؤية خاصة بالأنا في
مواجهة الآخر، ولكن أكثرها إلحاحا هو
تدقيق النظر في كافة المصطلحات التي
تتداولها الساحة السياسية والإعلامية
والفكرية اليوم. وعلى رأس ذلك كله، المصطلح الخاص بتحديد
المكان الذي تنتمي إليه هذه "الأمة"..
هذا إذا حصرنا الحديث في هذه المجموعة
البشرية التي تعيش في ظل 22 دولة مرشحة
للازدياد في عصر التفتيت والتجزئة
الانشطارية الجغرافية والسياسية التي
لا يبدو أنها ستتوقف عند حد، لأننا
وبكل بساطة نفتقر إلى الآليات اللازمة
والضرورية لإيقافها. إننا بحاجة ماسة إلى مراجعات كبيرة
وخطيرة تعيد رسم معالم الهوية
الجماعية في المكان الذي أصبح بؤرة
للبؤس الإنساني "العربي"، في ظل
وضع مستنقعي ثقافي متجمد في مربع أحكمت
أضلاعه الأربعة الإغلاق على واقع
تتخبط فيه الجماهير: استبدادٌ سياسي
مزمن، ظلمٌ اجتماعي مستفحل، تدهورٌ
اقتصادي مخجل معيب، وانهيارٌ مزلزل
لعمليتي تربية الإنسان وتعليمه. يقول أ.د علي توفيق الحمد "إن دقة
المصطلحات لا تعتمد الرموز اللغوية،
ولكن دقة تنظيم مفاهيم الأشياء التي
نقوم بدراستها)، وهي ملاحظة بالغة
الأهمية في مسار مراجعاتنا، وخاصة
فيما تعلق بادئ ذي بدء برؤيتنا
للجغرافيا التي ننتمي إليها، فهذه
المنطقة من العالم لا تشكل "وطنا"
بالمعنى العلمي ولا السياسي للكلمة،
وإن كانت تشكلها في الذاكرة الجماعية
المعاصرة بالمعنى العاطفي البحت. كذلك فيما يتعلق بمصطلح "أمة" فإن
هذه المنطقة من العالم لا تضم "أمة"
بالمعنى الفارابي أو الخلدوني، ولا
بالمعنى السياسي القومي المعاصر، ولكن
بالمعنى المجازي اللغوي أو بالمعنى
بالغ الحداثة من خلال مفهوم التنظيمات
الفوق قومية"(*)"، وهو ما يفضي بنا
إلى مراجعة وصفها ب"عالم" في عصر
العولمة، حيث تمايزت العوالم واختلطت
في آن، دون أن يكون لما ندعوه "عالما
عربيا" بصفته السياسية الاقتصادية
أيَّ وجود ككتلة عالمية موحدة، وإن كان
وجوده يتمدد خارج حدود المنطقة عن طريق
عناصره الإنسانية المبدعة أنى وجدت في
كافة العوالم المتقاطعة الأخرى. قد يكون مصطلح "المنطقة العربية" هو
الأكثر دقة وعلمية وواقعية للتعبير عن
هذا الجزء الجغرافي المرموق، من حيث
المعابر المائية الرئيسية في
الاتصالات البحرية، فهو يشتمل على جزء
من أكبر ثروات العالم المادية من
البترول والغاز الطبيعي، والكوادر
البشرية الشبابية، وقد كان مهدا
للرسالات الإلهية الثلاث الرئيسية في
العالم، وفي قلبه الأرض المقدسة "فلسطين"
وفيها القدس الشريف، وكان خلال ألف عام
منطقة متصلة إنسانيا واقتصاديا تتبع
سلطة سياسية واحدة، وتنقسم إلى عدة
مناطق جغرافية معروفة تاريخيا: شبه
الجزيرة العربية (الحجاز)، والعراق
واليمن وبلاد الشام ومصر وشمال
أفريقيا وبلاد المغرب، وهي مقاطعات
جعلها الاستعمار دولا مستقلة بعدما
قسمها بمسطرته وقلمه الأحمر-الأزرق
السايكس بيكوتي ذاك!! وما زال فعل التقسيم وإرادته ساري
المفعول لم يتوقف منذ سبعين عاما حتى
الساعة، بجهود دؤوبة لاقتطاع المزيد،
وتقسيم هذا المزيد، وتمزيق مزيد
المزيد من هذه المنطقة، بدءا بتبعيتها
لهذا المستعمر أو ذاك، وانتهاء
بالأعراق التي تنتمي إليها شعوب
المنطقة، أو بالطوائف والمذاهب
والرسالات التي تتبعها المجموعات
البشرية المقيمة حول الأرض المقدسة
على وجه التخصيص، إمعانا في منح "إسرائيل"
شرعية وسط دويلات يراد لها أن تقام على
أسس طائفية دينية صرفة. فدويلة يهودية لا تثير الكثير من
التساؤلات وسط بحر هائج مائج من دويلات
دينية سنية وشيعية ونصيرية ودرزية
ومارونية وقبطية، هذا إن لم نتحدث عن
الدويلات القومية كردية وأمازيغية
وتركمانية وغيرها، إلى آخر هذه
السلسلة من الفسيفساء الدينية
والعرقية التي كانت خلال 1400 عام مصدرا
للتعددية والحوار والتعايش والتعاون
والنمو وإثراء الحضارة الإنسانية في
المنطقة، وأصبحت الآن معول هدم وتمزيق
وتفتيت وبلاء ودمار. ثلاثة عوامل أساسية تشكل رابطا "حديديا"
يجمع شعوب هذه المنطقة على اختلاف
أعراقهم ولغاتهم ولهجاتهم ورسالاتهم
الإلهية وطوائفهم ومذاهبهم
واتجاهاتهم: ثقافة واحدة متأصلة
متجذرة -والثقافة هنا لا يقصد بها
الدين ولا الحضارة- ولغة رسمية "مقدسة"
واحدة هي اللغة العربية الفصحى، يلحق
بهما العامل الثالث الذي طالما لعب
دوراً تاريخيا استثنائيا -قديما
وحديثا- في جمع كل شعوب المنطقة على
اختلاف انتماءاتهم، وهو وضع مدينة
القدس الشريف والمقدسات الدينية فيها. تشكل هذه العوامل الثلاثة الدعائم
الأساسية لوجود "الأمة" في هذه
المنطقة, بل إنها الدعائم التي تجمع
وتوحد ولا يختلف عليها أحد، وذلك رغم
العمل الحثيث الموجه من الغرب لإحياء
كل اللغات القومية المحلية والنعرات
الطائفية والمشاعر القومية المتباينة!
وإذا كانت اللغة العربية تشكل حجر الأساس
الخطير في إعادة تشكيل هوية "الأمة"
التي تسكن المنطقة العربية، فإن "العرب"
لا يشكلون العنصر القومي الإنساني
الوحيد ضمن مجموع الأكراد والتركمان
والشركس والأمازيغ وغيرهم كثير من
الأقليات العرقية. كما أن هؤلاء
الأقوام في المنطقة العربية، لا
يدينون جميعهم بالإسلام، وإنما
بالإسلام والنصرانية واليهودية وبعض
الديانات القديمة التي ما زال أهلها
متمسكين بها في بعض بلاد الشام وفي
جنوب السودان واليمن ومناطق أخرى،
فضلا عن الطوائف المتعددة المشتقة
والمنشقة عن الرسالات الإلهية الثلاث (اليهودية
والنصرانية والإسلام) والتي من أهمها
الشيعة والدروز والنصيريون
والإباضيون، وعشرات من الفرق الدينية
المنتشرة في مختلف دول المنطقة. إذا أردنا إعادة بناء المصطلح الخاص
بالجغرافيا التي تجمع وتصبح مستعصية
على القسمة، فإن علينا أن نجد المصطلح
الذي لا يستثني ولا يُقصي ولا يلغي
أحدا من سكان هذه المنطقة بسبب من
انتماء ديني أو عرقي، آخذين بعين
الاعتبار أمرين: أولهما استعمال هذا
الغنى الإنساني القومي والديني من قبل
الاستعمار الغربي أداة هدم وتفتيت في
جسد المنطقة، والثاني ما عاناه أبناء
كل المكونات الإنسانية لهذه الأمة في
زمن ما من تاريخ المنطقة من الاضطهاد
والإقصاء والتغييب والتعذيب. المنطقة العربية إذن هي هذه المنطقة من
العالم التي تمتد من المحيط الأطلسي
إلى الخليج الإسلامي، ومن البحر
المتوسط إلى الصحراء الأفريقية، والتي
تلتزم جميع دولها وشعوبها اللغة
العربية كلغة رسمية للبلاد كتابة
وقراءة وتؤدي بها الأكثرية عباداتها،
والتي تسود مجتمعاتها ثقافة خاصة
تميزها عن غيرها من ثقافات العالم
اليوم، إنها هذه المنطقة التي يلعب
فيها هذان العنصرين –الثقافي واللغوي
سلبا وإيجابا- دورا تجميعيا هائلا، لا
ضرورة فيه ولا معه لإنكار الأصول
العرقية والانتماءات الدينية
المختلفة لعشرات الجماعات والأقوام
الذين يشكلون مجتمعين بهذين العنصرين
سدة ولحمة العنصر الإنساني فيها. هذا العنصر الذي يمكنه -ويريد- أن يعيش
ويتعايش ضمن بوتقة مفهوم معاصر عن "المنطقة"،
يبحث في أسس حضارية واحدة تضم الجميع،
ولغة واحدة يفهمها ويكتب بها ويقرؤها
الجميع، من غير الأميين الذين تتجاوز
نسبتهم في المنطقة العربية 70%- ، في
إطار هوية معاصرة لا ينبغي ولا يمكن
معها إلا لإسرائيل وحدها أن تكون جسدا
سياسيا واجتماعيا وثقافيا غريبا
ودخيلا على المنطقة العربية. (*) لمراجعة هذه الفقرة من النص: - أ.د. علي توفيق الحمد، قسم اللغة العربية
بجامعة اليرموك، "قراءة في المصطلح
العربي.. شروطه وتوحيده"، موسوعة
دهشة الإلكترونية. - د.حميد خلف علي، جامعة الكوفة كلية
الآداب، مفهوم الأمة بين الفارابي
وابن خلدون)، جريدة الصباح العراقية. - د.هبة رؤوف عزت، قسم الفلسفة جامعة
القاهرة، (في البدء كانت الأمة).
======================== الأمن العربي المستباح
بين المحاور الإقليمية والأطراف
الدولية علي الرشيد الشرق القطرية 2010-11-03 لا أظن أن النظام العربي في وضع يمكن أن
يحسده عليه أحد، وهو يواجه الآن
وأكثر من أي وقت مضى
مخاطر جدية تتهدد أمنه القومي على
أكثر من مستوى، بدءا من اقتطاع أجزاء
من أراضيه، ومرورا باحتمال انهيار بعض
دوله وتحولها إلى دول فاشلة، وانتهاء
بعبث بعض القوى الإقليمية في شؤون دوله
بصورة أكثر جرأة وفقا لأجنداتها
الخاصة. تأملوا معي تفاصيل المشهد بكل مرارته،
ففلسطين التي اغتصبت أرضها منذ ما يزيد
عن ستة عقود لن تظل حالة استثنائية،
فنحن على ما يبدو نوشك أن نخسر جنوب
السودان بعد أن صار حدوث الانفصال بين
شمال هذه الدولة التي
هي أكبر دول الوطن العربي وقارة
أفريقيا وسلة غذاء العالم العربي
وجنوبها أمرا واقعا، عندما يجري
الاستفتاء العام القادم على خياري
الوحدة والاستقلال، وثمة احتمالات
كبيرة أن تلحق اليمن بالصومال
لا قدر الله بسبب
الفساد الداخلي واحتمال عجز النظام عن
مواصلة مواجهة ثلاث جبهات أنهكته
الحروب ضدها منذ سنوات : ( الحوثيون،
الحراك الجنوبي، القاعدة)، كما أن هناك
خشية من خروج الأمور عن السيطرة في دول
كالعراق ولبنان وعودة الاقتتال الأهلي
أو دوامة العنف فيها من جديد على
خلفيات التمحورات السياسية والطائفية
والمذهبية، حيث عجز الفرقاء العراقيون
حتى الآن عن التوافق على حكومة تدير
شؤونهم رغم مضي أشهر على الانتخابات
البرلمانية، فيما التخوفات من انفجار
الوضع في لبنان مجددا والتي تذكر
وقائعه بما حصل بعد اجتياح حزب الله
لبيروت عام 2008. الأمن القومي لدولنا العربية جمعاء مهدد
إما بسبب سلبية دولنا العربية
وأنظمتها ووقوفها موقف المتفرج إزاء
ما يحدث في بقعة من بقاعها أو يقع في
محيطها، وتركها المجال لغيرها، ليملأ
فراغ لا مبالاتها وتقاعسها، وكأن
الأمر لا يعنيها بشيء، أو أن تلك الدول
ليست عمقا استراتيجيا لها، أو بسبب
سياسة المحاور والاختلاف الحاصل بين
المكونات الرئيسة لكل منها، والتي
تلتقي مع ذاك الطرف الإقليمي أو ذاك
الطرف الدولي وتخدم مصالحه، والخصومات
التي طفت على السطح حتى وصلت حد
التنابز عبر وسائل الإعلام بسبب ذلك. من تجليات مخاطر هذا الواقع المؤلم
التصريح الطازج جدا لزعيم الحركة
الشعبية لتحرير السودان التي تحكم
إقليم جنوب السودان "سلفاكير
ميارديت" الذي ذكر فيه بأنه لا
يستبعد إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل
وفتح سفارة لها في جوبا عاصمة الإقليم،
إذا اختار الجنوبيون الانفصال في
الاستفتاء المقرر مطلع العام المقبل،
على اعتبار أن الدولة العبرية عدوّ
للفلسطينيين فقط وليست عدوا للجنوب
وفقا لتصريحاته ، وتشديد الولايات
المتحدة الأمريكية النكير على اليمن
لكي يركز في الحرب ضد القاعدة لأنه
يخدم منظومة أمنها في الحرب التي تشنها
على ما تسميه " الإرهاب"، وتقديم
دعمها له في هذا المجال دون أن يهمها
أولويات أمنه الأخرى والتهديدات التي
قد تؤدي إلى تشطيره أو الوصول به إلى
حافة الدول الفاشلة، والدور الإيراني
في العراق بشكل غير خاف منذ احتلال
الأمريكان له، وهو ما أكدت عليه
الوثائق السرية لموقع "ويكيليكس"
مؤخرا، بينما كان يوصف هذا الجزء من
أرضنا بأنه البوابة الشرقية للوطن
العربي. خلال العقد الأخير من الزمن برزت قوتان
إقليميتان جديدتان وفاعلتان في
المنطقة تريد كل منهما من جيرانها، ومن
العالم علنا أو ضمنا الاعتراف بوزنها
الجديد: إيران وتركيا، بغض النظر عن
علاقات كل منهما مع الدول العربية
والإسلامية ومدى القبول بدورهما
إقليميا ودوليا، وقد جاء هذا البروز
على حساب تراجع الدور الإقليمي لدول
عربية كمصر والسعودية، وجل ما يحصل
الآن من دولنا العربية أن تنحاز إلى
هذا الطرف الإقليمي أو ذاك الطرف
الدولي وتدور في فلكه دون أن تبني
قوتها الذاتية أو تسعى ضمن خطة معينة
لتكون دولة ذات ثقل إقليمي فاعل ومؤثر. من الواضح أن الدول العربية المؤثرة في
المشرق العربي على الأقل كسوريا ومصر
والمملكة العربية السعودية باتت
متشرذمة بين محور قريب من الولايات
المتحدة وسياساتها ومحور يدور في فلك
إيران، وهذا التمحور يسبب كثيرا من
الاختلاف فيما بينها يصل إلى حد
القطيعة، وتفاني قواها بسبب اتجاهها
المتضاد، والمتأثر سلبا في نهاية
المطاف الأمن القومي لكل منها ولمجموع
دولها شاءت أم أبت. ولعل آخر الشواهد
على مخلفات هذا الوضع المزري وما وصل
إليه التراشق الإعلامي بين كل من مصر
وسوريا منذ عدة أيام ( حوار الرئيس
السوري في صحيفة الحياة، وافتتاحية
صحيفة الأهرام ). والأخطر من ذلك أن هذه التمحورات قد امتدت
لتجد صدى لها على مستويات الانتماء
الشعبي بأبعاده الحزبية والطائفية
والمذهبية ونسيجه الاجتماعي، وهو ما
يزيد من حدة هذا التمزق والتفرق. أليس من المستغرب أن تجد دولنا المتمحورة
المختلفة لغة تفاهم مع الأقربين
والأبعدين من الدول تصل حد التحالف
الاستراتيجي أو غير الاستراتيجي،
وترفض أو تعجز في الوقت نفسه عن إيجاد
مثلها فيما بينها، بل من الممكن أن
تعيش في علاقة جافة أو قطيعة أو خصومة
مع أخواتها، على حساب أمنها المشترك
وعلاقاتها البينية، حتى وإن تعذرت
بالمعاذير الكثيرة. أليس حجم التهديدات التي تواجهها
والتحديات التي تنتصب في وجهها كاف لكي
تعيد النظر في حساب تمحوراتها، وهي
التي شتت قواها هنا وهناك. ألا يجدر بها أن تستفيد من حكمة الدولة
التركية ومجلس أمنها القومي الذي كان
في نفس توقيت ارتفاع حدة التوتر داخل
لبنان، وتصاعد الخلافات بين مصر
وسوريا كان يلغي اسم سوريا وروسيا من
قائمة الدول التي تشكل تهديدا قوميا
وعسكريا على تركيا، وبالنسبة لإيران
فقد ألغى وصفها خطرا على النظام، وورد
اسمها في قائمة خطر الأسلحة النووية
إلى جانب إسرائيل فقط، انسجاما منه مع
مبادئ وتوجهات سياسة بلاده الخارجية
ومصالحها العليا، والتي من أهمها
تصفير المشكلات مع دول الجوار،
والارتكاز على حقيقة أن العلاقات مع
اللاعبين الدوليين ليست بديلة عن
بعضها البعض، بل هي متكاملة فيما بينها.
أسئلة مهمة عسى أن تجد من القائمين على
النظام العربي وأمنه القومي إجابات
شافية قبل فوات الأوان. ================= بقلم: د. فوزي الأسمر أمين - 2010-11-04 أثير في أحدى ندوات المؤتمر السنوي ل "المركز
الفلسطيني" الذي عقد في واشنطن يوم
29/10/2010 موضوع "المقاومة السلمية".
ولإقناع الحضور بوجهة نظره استغل
المحاضر عددا من الأمثلة الناجحة، في
مقدمتها المقاومة التي تبناها الزعيم
مهاتما غاندي في الهند ضدّ الاستعمار
البريطاني. والمقاومة في جنوب أفريقيا
ضدّ نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد"،
التي قدمت للعالم الزعيم نيلسون
مانديلا وغيرهما. إلا أن المحاضر لم يقم بمقارنة الأوضاع
التي مرت بها الشعوب التي تحدث عنها،
ولا الظروف التي كانت متواجدة في تلك
الأجزاء من العالم، ولا أهداف
المستعمر الإنكليزي في الهند، ولا
الأفكار التي طرحها غاندي والتي كانت
نابعة من التجربة الهندية ولم يشر كيف
يمكن تبنيها بنجاح من جانب كل شعب
مُستعمر؟ كما أنه لم يُقّوم أهداف
المقاومة في جنوب أفريقيا، والأوضاع
التي كانت سائدة في تلك الفترة الزمنية. وحاول المتحدث، وهو فلسطيني/ أمريكي، أن
يقنع الحضور أن مثل هذه المقاومة
يمكنها النجاح في فلسطين، لدرجة
التخلص من الإحتلال الإسرائيلي بالطرق
السلمية. وهذا كلام فيه الكثير من
الخيال، بسبب طبيعة التطلعات
الصهيونية، وبعد تجربة أكثر من أربعين
سنة من الاحتلال الصهيوني لفلسطين
والأساليب التي يتبعها لتحقيق أهدافه. وقبل أن ندخل في تحليل الفرق بين الهند
وجنوب أفريقيا وبين فلسطين، نقول أن
المقاومة الجارية في فلسطين تشمل جميع
أنواع المقاومة. فمجرد أن يذهب الطبيب
أو الطبيبة تحت الإحتلال إلى المستشفى
أو العيادة فهذه مقاومة، ومجرد أن يصل
المعلم والمعلمة إلى المدرسة فهي
مقاومة ووصول الطلاب إليها رغم
الحواجز والتفتيش والإهانات هي مقاومة
وفتح الحوانيت والمتاجر والبقاء على
الأرض مقاومة، وإعادة بناء المنازل
التي يدمرها الإحتلال مقاومة، وإصدار
الصحف والمجلات والكتب والمحاضرات
مقاومة، وحتى الجلوس في المقاهي
وإقامة الأعراس رغم أنف الإحتلال
مقاومة. ومثل هذا الصمود مقاومة. ولكن
هل هذا الصمود سينهي الإحتلال
الإسرائيلي؟ لا أعتقد ذلك؟ فالنجاح العظيم الذي أحرزه نضال غاندي،
جاء كون الاستعمار البريطاني لم يكن له
مطالب السيطرة على الأرض والإدعاء أن
له حق تاريخي على أرض الهند. وقد عرف
غاندي أن الضغط الشعبي سيؤدي إلى رحيل
المستعمر. وبالفعل أستطاع غاندي أن
يجند مسيرات خرج فيها الملايين إلى
الشوارع، وفهم المستعمر البريطاني أن
بقاءه معناه انتحار. ومثل جنوب أفريقيا لا يتماشى من المقاومة
الفلسطينية، فالصراع هناك كان في
الأساس على تغيير نظام الحكم،
وبالتالي تغيير القوانين الإقطاعية
التي منحت البيض حق السيطرة على مقومات
الدولة. ولهذا نجح سكان جنوب أفريقيا
بمقاومتهم السلمية (وأحيانا المقاومة
المسلحة) من إجبار الرجل الأبيض قبول
تغيير الحكم في البلاد. ويمكن القول هنا أن الأسلوب الذي اتبعه
القس مارتن لوثر كينغ من أجل أن يحصل
السود في أمريكا على حقوقهم نجح، لأن
المطلب كان يتماشى مع مبادئ
الديمقراطية الأمريكية. وقد كلل هذا
النجاح بوصول رئيس أسود إلى البيت
الأبيض. أما في فلسطين فالوضع مختلف تماما.
الصهاينة يدعون ملكية أرض فلسطين، وأن
الفلسطينيين العرب محتلين، ولهذا فإن
طردهم عمل شرعي في عرفهم ومفهومهم
التاريخي. ولهذا السبب فإن المقاومة
السلمية لوحدها لن تنجح، بل يجب أن
تكون هناك معادلة مقاومة على جميع
الجبهات: السلمية والسياسية والعصيان
المدني وطبعا المقاومة المسلحة.
والأخيرة هي ما تزعج المحتلين
الصهاينة. وقد أشير في المحاضرة المذكورة أن
الانتفاضة الأولى كانت انتفاضة سلمية
لأن المقاومين الفلسطينيين استعملوا
الحجارة فقط. ولكن الإسرائيليين
استعملوا الرصاص ضدّ المنتفضين. وبعد
أن هدأت هذه الانتفاضة، استمر
الإحتلال في استعمال أساليب العنف ضدّ
الشعب الأعزل، وزادت عمليات التشريد
وهدم المنازل وتكسير العظام وسرقة
الأراضي وبناء المستعمرات، وفوق كل
ذلك تحدي الشعور الفلسطيني بقيام
أرئيل شارون وجنوده بدخول مسجدي
الأقصى والقبة، ولهذا تغيرت بعض
أساليب المقاومة. فالواقع أنه من الصعب جدا إيجاد مثل مشابه
لما حدث ويحدث في فلسطين. فإسرائيل لم
تطرد الفلسطينيين فحسب، بل سرقت
أراضيهم، وتراثهم من أطباق الأكل
وتطريز الثياب والرقص الشعبي وغيرها
ونسبتها لها. كما أقنعت العالم بأنها
هي صاحبة الحق على هذه الأرض معتمدة
على ما جاء في التوراة. واستغلت البعد
الديني لتبرر كل الإجرام الذي تقوم به
ضدّ الشعب الفلسطيني. واستطاعت أن تقنع
الكثير من المسيحيين الغربيين بأن ما
يحدث في فلسطين هو تطبيق لما جاء في
العهد القديم أي التوراة. ولعل أقرب الأمثلة على فلسطين هي الجزائر
تحت الاستعمار الفرنسي. فقد حاول هذا
الاستعمار أن يجعل الجزائريين فرنسيين
من الدرجة الثانية. حاول ونجح إلى حد ما
من جعل لغة الشارع لغة فرنسية، وقامت
مجموعات فرنسية كبيرة في استعمار أرض
جزائرية والسيطرة على ثرواتها القومية.
وربطت مصير الجزائر الإقتصادي
بالاقتصاد الفرنسي، مستغلة الأيادي
الجزائرية الرخيصة لدعم اقتصاد الأم. ولكن كل هذا لم ينجح في نهاية المطاف،
وقام الجزائريون في البداية بالمقاومة
السلمية التي سرعان ما خمدت. وكان لا
بدّ من تطوير المقاومة للحصول على
الإستقلال. وطورت جبهة التحرير
الجزائرية نفسها، واستطاعت في نهاية
المطاف من إجبار الرئيس الفرنسي تشارل
ديغول تبني مبدأ الإنسحاب من الجزائر
معلنا أن الجزائر للجزائريين وليست
جزء من فرنسا. ووقف صامدا أمام كل
التحديات الداخلية وانتصر. أما في إسرائيل فإنه لم يظهر ديغول،
وسيكون من الصعب وصول شخصية ديغولية
للحكم إلا إذا تطورت المقاومة
الفلسطينية بكل أبعادها التي ذكرناها
سابقا. كما أن منظمة التحرير
الفلسطينية لم ترتفع إلى مستوى جبهة
التحرير الجزائرية، ورئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس، يكرر في كل
مقابلة أنه انتخب وهو يرفع شعار "لا
للعنف". ويبدو اليوم أنه ضدّ العنف
الفلسطيني، لدرجة أنه يعمل لإخماده
بالتعاون مع قوات الإحتلال
الإسرائيلي، حسب ما كتب الصحفي عكيفا
إلدار في صحيفة "هآرتس" (25/10/2010)
ولم تنف السلطة الفلسطينية ذلك. فالمقاومة السلمية يجب أن تكون جزءا من
المقاومة الشاملة، وليس بديلا لمعادلة
المقاومة بكل مقوماتها، بما في ذلك دعم
العالمين العربي والإسلامي ودعم قوى
التحرر في العالم. ولا يمكن أن نسقط من
حسابنا المعادلة التي وضعها المعلم
القائد والتي تقول أن ما أخذ بالقوة لا
يسترد إلا بالقوة. وللقوة معادلتها
التي تنسق كل التحركات والمقومات لكي
تنجح في نهاية المطاف. * كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في
واشنطن. ====================== فعلها الجمهوريون..
فماذا سيفعل أوباما؟ تقرير إعلامي عن ندوة "مركز
الحوار العربي" في واشنطن وكالة أخبار swissinfo.ch 04 نوفمبر 2010 بقلم : محمد ماضي – واشنطن swissinfo.ch عجيب هو ذلك الشعب الأمريكي! فهو الذي ضاق
ذِرعا بسياسات الجمهوريين التي خرّبت
الاقتصاد الأمريكي وزجّت بالبلاد في
حربيْن لا نهاية لهما، وشوّهت صورة
أمريكا في أنحاء العالم، فمنح الرئيس
أوباما قبل عاميْن انتصارا كاسِحا في
انتخابات الرئاسة وزوّده بأكبر أغلبية
للديمقراطيين في مجلسَي النواب
والشيوخ منذ عقود، واعتبره رمزا للأمل
في أمريكا المستقبل تحت شِعار "نعم
نستطيع". وبعد مرور عاميْن بالتَّمام والكمال،
انقلب نفس النّاخب الأمريكي على
أوباما وحِزبه ومنح الجمهوريين فرصة
تقاسُم السلطة مع الديمقراطيين،
بأغلبية جمهورية في مجلس النواب
وتقليص أغلبية الديمقراطيين في مجلس
الشيوخ. فما الذي تسبَّب في هذا
الانقلاب وما أثره على السياسة
الخارجية الأمريكية، خاصة الصراع
العربي – الإسرائيلي؟ وكيف سيؤثِّر
على فرص الرئيس أوباما في الفوز بفترة
رئاسية ثانية؟ أسئلة تطرّق إلى الإجابة عليها مجموعة من
الخُبراء العرب الأمريكيين، في ندوة
نظمها مركز الحوار العربي في واشنطن
يوم 3 نوفمبر 2010، بدأها السيد سابا
شامي، مؤسس التحالف الديمقراطي للعرب
الأمريكيين، فقدَّم تحليله لأسباب
تغيّر مشاعر الناخبين الأمريكيين نحو
أوباما وقال: "أولا: شعور أعداد كبيرة من
الديمقراطيين والمستقلِّين، ذوي
الميول اليسارية أو التقدمية، بأن
أوباما خذَلهم بِعدَم الوفاء بوعوده
المتعلِّقة بإنهاء الحروب الأمريكية
في الخارج وإغلاق قاعدة غوانتانامو،
سيِّئة السُّمعة، وتحوله بدلا من ذلك،
إلى تصعيد الحرب في أفغانستان
وباكستان وبقاء خمسين ألف جندي أمريكي
خارج المدُن في العراق. ثانيا: تركيزه في مواجهة آثار الأزمة
الاقتصادية على مساعدة الجهات التي
تموِّل الحياة السياسية والاقتصادية،
مثل الشركات الأمريكية الكبرى
والمؤسسات المالية والبنوك، في حين
بقِيت الأقليات والفقراء، بل والطبقة
المتوسطة، بِلا مساعدة تعاني من
فِقدان الوظائف بل والمنازل مع ارتفاع
معدّل البطالة إلى 10%. ثالثا: نجاح الجمهوريين في الاستِخدام
العُنصري لخلفية أوباما، لتخويف
الأمريكيين البسطاء من أنه مسلِم
متخفِّي في صورة رئيس مسيحي، بل
والتشكيك في أنه وُلِد في الولايات
المتحدة وربط خلفيته الدِّينية
بمساندته لبناء مركز ثقافي إسلامي في
نيويورك، واستغلال التوجُّه العنصري
لحركة حفل الشاي، في تضخيم تلك
المخاوف، بالإضافة إلى شبكة فوكس
للأخبار المعروفة بعدائها للمسلمين
وللديمقراطيين. رابعا: استغلال الشركات المتضرِّرة من
سياسات أوباما في السَّعْي لفرْض
ضرائِب أكبر على الأثرياء أو من قانون
إصلاح الرِّعاية الصحية، في جلْب
تمويل ضخْم للحملات الدِّعائية
المضادّة لأوباما ومرشحي الحزب
الديمقراطي، بحيث وصل الإنْفاق على
الحملات الانتخابية للتَّجديد
النصفي، رقما قياسيا يقترب من أربعة
آلاف مليون دولار. كيف فعلها الجمهوريون؟ أما السيد خالد صفوري، المحلل السياسي
المتخصِّص في الحزب الجمهوري، فقدم
لندوة مركز الحوار تفسيرا للانقلاب
على أوباما وحزبه الديمقراطي، يعكس
خِبراته من داخل الحزب ومعرفته
بخَبايا إستراتيجيات الجمهوريين وقال: أولا: الجمهوريون أخبث كثيرا في الحملات
الانتخابية. فرغم عِلمهم بأن الرئيس
بوش هو الذي جلب بسياساته وضْعا
اقتصاديا بالغ السوء وأنه كان أوّل
المسارعين ببلايين الدولارات لإنقاذ
المؤسسات المالية والشركات الأمريكية
الكُبرى، فإنهم ألصَقوا التُّهم
بالرئيس أوباما على أنه السبب، ونجحوا
في تسويق ذلك، مستغلِّين الغضب الشعبي
من تردّي الأحوال الاقتصادية
والبِطالة وصَوَّروا إنفاقه الحكومي
على أنه توريط للأجيال القادمة. ثانيا: استغلّ الجمهوريون فشَل أوباما في
وضْع شروط تضمَن عودة فوائد حوالي
ثمانية آلاف مليون دولار من الأموال
الفدرالية، التي منحها لإنقاذ الشركات
والمؤسسات المالية الكبرى، كان من
المُمكن أن تقدِّمها هذه الشركات
كقُروض لإدارة عجَلة النشاط الاقتصادي
وخلْق وظائف جديدة في إقناع الناخبين،
بأن سياساته الاقتصادية أخفَقت في
تحسين الوضع مستغلِّين استطلاعات
الرأي العام، التي أوضحت أن أكثر من 75%
من الناخبين يروْن أن سُوء الأحوال
الاقتصادية، هو أكثر ما يُقلقهم. ثالثا: استغلّ الجمهوريون ارتفاع الإنفاق
الفدرالي في إثارة مشاعِر العداء نحو
أوباما وحزبه الديمقراطي، بتخويف
الناخبين من أنه يحمِل أجندة شِبه
اشتراكية تتنافى مع ما بُنِيَت عليه
أمريكا من رفْض لحكومة كبيرة الحجْم
تتدخَّل في كل شؤون الحياة، حتى
التأمين الصحي. وركب الجمهوريون موجة
حركة حفل الشاي، المناهِضة للضرائب
وللإنفاق الحكومي، والتي قادت مسيرة
التَّخويف من أوباما وحزبه. ماذا سيفعل أوباما؟ تصدّى للإجابة على هذا السؤال، الصحفي
والمحلل السياسي السيد عزيز فهمي،
فركَّز على انعكاسات الانقلاب على
أوباما، بالنسبة للسياسة الخارجية
الأمريكية، وخاصة إزاء الصِّراع
الفلسطيني الإسرائيلي فقال: "حتى قبل أن يحدُث الانقلاب الشعبي ضدّ
أوباما، فإنه بدا متراجِعا عن مواقفه
المُعلنة من الاستيطان وسمح
لناتانياهو بزحْزحته إلى استجداء
تجميد المُستوطَنات لعدة شهور، أما
وقد نجح الجمهوريون في انتزاع
الأغلبية في مجلس النواب وقيادة لِجان
المجلس، فسيتمكَّنون من شلّ قُدرة
أوباما على طرْح أي مبادرة أمريكية
للسلام، كما كان مُنتظرا منه إذا خرج
من انتخابات التَّجديد النِّصفي
منتصِرا، وسيختار الجمهوريون من
مشروعات القرارات ما يُظهِر مساندتهم
لإسرائيل، مثل أن يطرحوا الرّبط بين
حصول السلطة الفلسطينية على المساعدات
الأمريكية وبين قَبولهم مطلَب إسرائيل
بالاعتراف بها كدولة لليهود". وأشار السيد عزيز فهمي إلى أن التأييد
لمِثل هذا النوْع من القرارات، لن
يقتصر على الأغلبية الجمهورية في مجلس
النواب، بل سيشمل الكثير من الأعضاء
الديمقراطيين. وأوْضح أن اللُّوبي
المُوالي لإسرائيل والمُسمَّى بلجنة
الشؤون العامة الأمريكية
الإسرائيلية، المعروفة باسم "إيباك"،
احتفل بعد إعلان النتائج بالنجاح في
تحقيق الفوْز للمرشحين الذين
تؤيِّدهم، من الحزبيْن الجمهوري
والديمقراطي، وتحقيق أجندتها! أما السيد سابا شامي، فيرى أن فريقا من
أشدّ أنصار إسرائيل في مجلس النواب من
الجمهوريين، سيلعبون اعتبارا من يناير
القادم، أدوارا رئيسية حاسِمة للضغط
على الرئيس أوباما لصالِح إسرائيل،
ومنهم مَن هو معروف بعدائِه العَلَني
للعرب، مثل العضو البارز إيريك
كانتور، الذي وعد بِما وصفه بتصحيح
مسار الجهود الأمريكية في عملية
السلام والحيْلولة دُون التفهُّم الذي
يُبديه الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون للمخاوف الفلسطينية،
من ممارسات إسرائيل في الأراضي
المحتلّة. كما أشار السيد شامي إلى أن النائبة
اليهودية الأمريكية إيلينا
روزلتناين، المعروفة بعدائها الشديد
للفلسطينيين وتبرير مواقف إسرائيل،
مَهْما كانت متعنِّتة، أصبحت المرشحة
لترأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس
النواب الأمريكي، وبذلك سيُواجه
الرئيس أوباما مصاعِب جمّة، إذا حاول
تنفيذ وعده بحلّ الدولتيْن على أساس
حدود عام 1967. إيران قد تدفع الثمن ويتَّفق السيد خالد صفوري مع حقيقة أن
نتائج الانتخابات قد أضعَفت قُدرة
الرئيس أوباما على طرْح أي مبادرات
جَسورة في مجال التسوية السلمية، التي
يؤكِّد خبراء الأمن القومي الأمريكي
أنها تصبُّ في المصلحة القومية
الأمريكية، وشبَّه الرئيس أوباما بأنه
سيكون كالبطّة العرْجاء فيما تبقى من
فترته الرئاسية الأولى والأخيرة، على
حدّ قوله، ولكنه أشار إلى أنه سوف
يتعرّض لضغوط من الجمهوريين للسَّماح
لإسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية إلى
إيران وأن يُعطيها التسهيلات والأسلحة
الخاصة، التي يمكِّن بها لإسرائيل
القضاء على البرنامج النووي الإيراني.
واستشهد السيد صفوري على ذلك، بأن 36
عضوا من الجمهوريين أرسلوا رسالة إلى
إسرائيل يطالِبونها بشنِّ مثل ذلك
الهجوم. واتفق الخبراء الثلاثة في ندوة مركز
الحوار، على أن الإنقلاب الذي نجح
الجمهوريون في تدبيره على الرئيس
أوباما، قلَّص كثيرا من فُرص إعادة
ترشيحه لفترة رئاسية ثانية في عام 2012،
إلا إذا تمكَّن من إحداث معجِزة
اقتصادية تُعيد الانتعاش إلى الاقتصاد
الأمريكي المريض، أو إذا واصل
الجمهوريون، بعد اقتِسام السلطة في
الكونغرس، إعاقتهم لكل محاولات
الإصلاح التي سيقوم بها وتُبيِّن
للناخب الأمريكي أنه ليس للجمهوريين
خطّة عمل أو رُؤى مفيدة، وأنهم لا
يجيدون إلا الكلام، خاصة إذا واصل
أعضاء حركة حفل الشاي السيطرة على
توجُّهات الحزب الجمهوري ودفعه نحو
مواقِف يمينية متطرِّفة لا تروق
للناخب الأمريكي العادي، ناهيك عن عدم
وجود شخصية كاريزمية من الحزب
الجمهوري مرشَّحة لخوْض الانتخابات
الرئاسية القادمة ضد أوباما. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |