ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 08/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

إسرائيل واليونيسكو

محمود الزيودي

الدستور

7-11-2010

قررت إسرائيل تعليق تعاونها مع المنظمة الأمميّة للتربية والثقافة والعلوم ( يونيسكو ) بسبب قرارها اعتبار مسجد بلال بن رباح في بيت لحم أثرا إسلاميّا في حين تريده الدولة اليهوديّة اثرا يهوديا باسم قبر راحيل .

تاريخيّا اسرائيل تعادي اليونيسكو المعنيّة بالحفاظ على الاثار التي شادها الانسان في بقاع المعمورة منذ ملايين السنين ، وفلسطين التي احتلها اليهود تعتبر متحفا أثريّا يشمل سوريا الطبيعيّة ومصر والعراق والخليج العربي .. كتب ساكنوه عبر العصور تاريخهم بالنقش على الحجر والتراب والرمال . حضارة فرعونيّة وفينيقيّة وكنعانيّة ورومانيّة ونبطيّة عربيّة وإسلاميّة عربيّة . ولم يجد الباحثون وعشرات المستشرقين من علماء وجواسيس أي أثر يهودي ما عدا مخطوطات التوراه التي جرى تطويرها عبر الرواية والنقل من زمن الى زمن لتصبح رسالة سماويّة لو إطلع عليها موسى كلّيم الله عليه السلام لتبرأ منها براءة الذئب من دم يوسف .

حينما يحاول شعب ما سرقة اثار وعادات وتقاليد الشعوب الأخرى وينسبها لتراثة تكون العلّة في تاريخه الفقير إلى تراث الإنسانيّة بشكل عام . ولأن اليهود في دولتهم عناصر متباينة من شتى بقاع الأرض . تحمل هويّة ثقافيّة وتاريخيّة خاصة بالإرض التي جاؤوا منها ...أوروبا ... روسيا ... أمريكا ... الشرق الأوسط الغني بالتراث . فإن الدولة العنصريّة في إسرائيل مستعدة للكذب على العالم بإعتبار أن الفلافل والبقلاوة تراث يهودي . رغم أصالتها العربيّة الفلسطينيّة . ففي الدراما الأمريكيّة التي ينتجها اليهود عن بطولات إسرائيل المزعومة نجد متلازمة الحديث عن الطعام الفلسطيني على المائدة الإسرائيليّة بإعتباره منتجا يهوديّا بإمتياز.

 

للدلالة على محاولات التزوير اليهودي للتراث العربي بشكل خاص والشرق أوسطي بشكل عام . نذكّر القارئ بمحاولات السياح الإسرائيليين ( نصفهم جواسيس ) لدفن بعض الاثار اليهوديّة ( المصنوعة حديثا ) في رمال البتراء للإيحاء بأن لليهود دور في حضارتها التي أبهرت العالم . فيما تروي النقوش على صخور الأنباط العرب أن جميلة إبنة الحارث الرابع طلقت زوجها اليهودي انتباس هيرودس لقتله الراباي يوحنا المعمدان في مكايروس حتى يحظى هيرودس بالزواج من ارملة اخيه . ولم تكن المقنعه بالقتل الاّ سالومي الغانية وهي رمز للفجور على أفق تاريخ فلسطين والأردن . وقد ألهمت القصة كثيرا من الكتاب المسرحيين لإستعراض سطوة المرأه على السياسيين عبر العصور في مسرحيات بعض عناوينها سالومي لا غير .

في ذلك الزمن إنتصر الوثني العربي الحارث الرابع للناسك القتيل وحشد الأنباط للإطاحة بأنتيباس هيرودس .

نذكّر الأجيال بالتاريخ لأن اليهود يحاولون ( وقد نجحوا بعض الشيء ) بتزييفه وتقديمه للعالم في طبعة جديدة .

================================

دور (الاحتياطي الفيدرالي) في مواجهة الأزمة المالية

بن برنانكي (رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي)

 «واشنطن بوست الاميركية وبلومبيرج نيوز سيرفس»

الرأي الاردنية

7-11-2010

انقضى الآن عامان، منذ أن وجهت أسوأ أزمة مالية منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضربة موجعة للاقتصاد العالمي. وخلال هذه المدة، عمل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بالتعاون مع صانعي السياسات في الداخل والخارج، على الاستجابة للأزمة من خلال اتباع إجراءات فعالة ومبتكرة للمساعدة على تحقيق استقرار الاقتصاد والنظام المالي.

ومن بين الإجراءات التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي، إدخال تيسيرات دراماتيكية على السياسة النقدية من خلال تخفيض سعر الفائدة القصيرة الأجل لما يقرب من صفر، وشراء ما يقدر بتريليون دولار من سندات الخزانة والسندات العقارية المدعومة من قبل الحكومة، وهي الإجراءات التي ساعدات على تقليص معدلات الفائدة في الأجل الطويل، كما ساعدت أيضاً على إيقاف عملية السقوط الحر للاقتصاد، وهيئت المجال لمواصلة النمو الاقتصادي منذ منتصف عام 2009.

على الرغم من التقدم الذي حدث، لم يكن مرضيا ل»لجنة الأسواق الحرة الفيدرالية»، وهي اللجنة المنوط بها إعداد السياسات النقدية بالاحتياطي الفيدرالي، عندما اجتمعت الأسبوع الماضي لمراجعة ما تم اتخاذه من إجراءات وتدابير للتصدي للأزمة المالية. فالهدفان الرئيسيان للاحتياطي الفيدرالي، حسب التفويض الصادر من الكونجرس هما: السعي لتحقيق مستويات عالية من التوظيف، وإبقاء التضخم عند مستوى منخفض، وهما هدفان لم يتحققا للأسف، حيث لا يزال سوق الوظائف ضعيفاً جداً ونسبة البطالة على المستوى القومى عند مستوى 10 في المئة، وهو ما يشكل ضغطاً على ماليات الأسر، وزيادة حالات الحجز على المساكن المرهونة، وفقدان مهارات العمل بسبب طول مدة البطالة.

حالياً، تقدر معظم الإحصاءات أن نسبة التضخم لا تزيد عن 2 في المئة، وهو أقل قليلاً من المعدل الذي يعتبره معظم صانعي السياسات»الأكثر اتساقاً مع النمو الاقتصادي الصحي في الأجل الطويل».

وعلى الرغم من أن التضخم المنخفض يعد شيئاً جيداً بشكل عام، فإن انخفاضه بأكثر مما ينبغي يمكن أن يشكل خطراً على الاقتصاد، وخصوصاً عندما يكون هذا الاقتصاد في وضع صعب.

 وفي الحالات الأشد تطرفاً، فإن نسبة التضخم المنخفضة للغاية يمكن أن تتطور إلى انكماش(انخفاض الأسعار والأجور)، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى فترات طويلة من الركود الاقتصادي.

ومع ارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض نسبة التضخم لحد كبير، فإن «لجنة الأسواق الحرة الفيدرالية»، توصلت خلال الاجتماع المشار إليه، أن الاقتصاد يحتاج إلى المزيد من الدعم، وأن أفضل طريقة لتقديم هذا الدعم هي شراء المزيد من السندات طويلة الأجل، وبناء عليه قررت شراء سندات خزينة طويلة الأجل بقيمة 600 مليار دولار خلال فترة تنتهي في منتصف عام 2011.

إن إجراءً كهذا ساعد على تخفيف المشكلات المالية في الماضي، ويبدو أنه سيكون فعالًا إذا تم تطبيقه مجدداً: فأسعار الأسهم والسندات ارتفعت، كما أن معدلات الفائدة طويلة المدة انخفضت عندما بدأ المستثمرون يتوقعون أن الاحتياطي الفيدرالي سيتخذ هذا الإجراء.

 ومن المتوقع أن يؤدي تحسن، وتيسير الأحوال المادية، إلى دعم النمو الاقتصادي: فأسعار الرهن الأقل سوف تجعل المساكن أكثر توافراً وتشجع المزيد من ملاك العقارات على الحصول على قروض جديدة، ومعدلات السندات المؤسسية الأقل سوف تشجع على الاستثمار، كما أن أسعار السندات الأعلى سوف تعزز من ثروات المستهلكين، وتساعد على زيادة الثقة، التي يمكن أن تؤدي بدورها إلى تحفيز الإنفاق، الذي سيقود إلى زيادة الدخول والفوائد، وتعزيز التوسع الاقتصادي في المجالات الأخرى.

وسيعمل الاحتياطي الفيدرالي على مراجعة سياسة شراء السندات الطويلة المدة بشكل منتظم، لضمان أنها تعمل كما هو مطلوب منها، ولتقييم ما إذا كانت الحاجة تدعو للمزيد من التعديلات مع تغير الظروف الاقتصادية.

وعلى الرغم من أن اللجوء إلى شراء الأصول كأداة من أدوات السياسة المالية هو إجراء غير مألوف إلى حد ما إلا أن المخاوف المتعلقة باستخدام هذه الأداة مبالغ فيها. فالمنتقدون كانوا يخشون أن يؤدي استخدامها إلى زيادة مفرطة في توفير النقود، وهو ما قد يؤدي إلى الإفراط في الاستهلاك، ورفع نسبة التضخم بالتالي.

ولكن استخداماتنا السابقة لهذه السياسة، لم يكن لها سوى تأثير قليل على كمية النقود المطروحة للتداول، أو على الإجراءات الأوسع نطاقا الخاصة بتوفير النقود مثل إيداعات البنوك على سبيل المثال لا الحصر، علاوة على أنها لم تؤد إلى زيادة نسبة التضخم.

ما أريد التأكيد عليه هو أننا قد اتخذنا كافة التدابير الضرورية، وأننا واثقون من امتلاكنا للأدوات التي تساعدنا على إجراء التعديلات اللازمة على تلك السياسات في الوقت الملائم، وأن الاحتياطي الفيدرالي ملتزم بالمهمتين الملقاتين على عاتقه بموجب تفويض الكونجرس، وأنه سوف يتخذ جميع ما يلزم لإبقاء التضخم عن مستوى منخفض وثباته عند ذلك.

لكن يجب التأكيد على أن الاحتياطي الفيدرالي ليس قادراً على حل كافة المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد بمفرده. فحل تلك المشكلات سوف يستغرق وقتاً، وسيتطلب تعاوناً من قبل أطراف عديدة بما في ذلك البنك المركزي، والكونجرس، والإدارة، والأجهزة التنظيمية، والقطاع الخاص. ويبقى بعد ذلك القول إن الاحتياطي الفيدرالي، لديه التزام خاص بالمساعدة على تخفيض نسبة البطالة وزيادة مستويات التشغيل، والمحافظة على استقرار الأسعار. ومن المأمول أن تؤدي الخطوات المتخذة هذا الأسبوع إلى تمكين مؤسستنا من الوفاء بهذا الالتزام.

====================

القصة الحقيقية للطرود التفجيرية!

حامد بن عبدالله العلي

موقع : طريق الإسلام 6/11/2010

"كان عملي هو إجبار الدول، ورؤساء الدول، والحكومات، ورؤساء الحكومات، على الرضوخ، والقبول باتفاقيّات قروض مجحفة، لا يمكن معها لتلك الدول -إلاّ ربما بشقّ الأنفس- سدادها، والتخلُّص من ربقة الديون التي أثقلها بها".

في كتابه الخطيـر والمهمّ جـداً، الذي انتشر في العالم منذ خمس سنوات ولا يزال، وتمـّت ترجمته إلى العربية، وهو ممنوع في بعض الدول الخليجية والعربية، وصف الخبير السابق في هيئة اقتصادية تابعة للمخابرات الأمريكية -وهي شركة مين للهندسة والكهرباء، والإنشاءات، المتعاونة مع شركة بكتل التي تضمّ كبار المسؤولين في شركات نفطيّة، وإنشائيّة، وعسكريّة، وفي الإدارة والكونغرس الأمريكيين- وصف "جون بيركنز" في كتابـه:

كيف جنّدته الـ (سي آي إيه) سـرّاً، فعمل معها مُتَستّـراً بشركة استشاريّة دوليّة، فـزار إندونيسيا، وكولومبيا، وبنما، والإكوادور، والمملكة العربية السعودية، وإيران، وسواها من الدول التي تمتلك أهمية في الإستراتيجية الأميركية.

الكاتـب يقول إنـّه قـد ترك وظيفته بعد تفجيرات 11 أيلول 2001، ونذر نفسه لفضح هؤلاء القتلة الإقتصاديين العالميين، فأصدر كتاباً بعنوان: "اعترافات قاتل اقتصادي" (Confessions of an Economic Hit Man

وقد نشرته شركة طباعة (بيريت كولر)، وأمـّا الإهـداء فقد أهـداه إلى كلِّ من الرئيس الأسبق للإكوادور خايمي رولدوس، والرئيس الأسبق لباناما عمر تورِّيخوس، بعد أن ذكـر أنـَّه قـد دُبـر لكلِّ منهما حادث سقوط طائرة مفتعل، فأعدمـا بسبب مقاومتها الشرسـة لأطماع وحوش الرأسمالية العالميـّة.

كما قـد بـيَّن في كتابه كيف تُركـِّع أمريكا الدول عن طريق إغراقها في الديون مركّبة الفوائد، وكيف هـي تبتـزّ الدول ذات مصادر الطاقة التي لا تحتاج ديونا، ممثــلاً لذلك ببعـض الدول الخليجية، وكيف سرقت أمريكا تريليونات الدولارات بهذه الطريقة.

كما تجد في الكتـاب وصفه مذهـل لاستعمـال أمريكا الرشاوى، والجنس، والجريمة، والتهديدات، والانتخابات المزورة، والتقارير المالية المزورة، وكلِّ الوسائل القذرة، لتصل إلى ذلك التركيع، والابتزاز.

ولا ينسى أن يضرب مثلا لنصب المستبدّين والمجرمين حكَّاما على الشعوب إن كان في ذلك تحقيقُ الأهداف الأمريكية، مذكـِّرا بقيام الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت عام 1951 بتدميـر مشروع رئيس وزراء إيران الأسبق والمنتخب بإنتخابات نزيهة محمد مصدّق لتأميم نفط إيران، والقضاء على مصدّق، ووضع الشاه محمد رضا بهلوي امبراطورا ديكتاتورا دمويـّا على إيران.

ولا يعدمك المجرم التائب وصفـاً تفصيـليّا لما كان أسلوبه ومؤسساته التي يعمـل معها، في ارتكاب الجرائم، ذاكـراً تمرحل أمريكا مع البلد الذي تريد تركيعه: أولا: إقناع البلد المستهدف بإقامة مشاريع تحت إشراف شركات أمريكية، وثانيا: إقناعها بالاستدانة من بنوك أمريكية، أو لها إرتباط بأمريكا، وثالثا: يقوم الأمريكيون بتأمين تلك الديون للبلد، ورابعا: دمج اقتصاد البلد المستهدف بالمصالح الأمريكية عندما تتفاقم الديون، وأخيراً وضع البلاد أمام خيارين: الخضوع الطوعي التام لأمريكـا، أو الإخضـاع بالقوة في حالة المقاومة: إما بإثارة المعارضين كما يفعلون بشافيز، أو الإغتيالات كما هي حالة رئيس الإكوادور، أو الانقلاب كما في غواتيمالا، أو الغزو كما في العراق!

ويعترف أيضا بأنَّ عملهم كان يتضمَّن عمليـات خداع للدول بأعراض ظاهرية لتسكين لآثار الفقر، ثـم تلعب البنوك، والشركات العالمية، بتنسيق فيما بينها، لنهب ثروات العالم الثالث، وإغراقها بديون مهولة، لوضعها تحت إشراف البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، الذين يتحكم فيهما الغرب بقيادة أمريكا.

ومن عجائب ما ذكره في إعترافاته أنه تم تجنيده للأعمال القذرة الإقتصادية التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأمريكي، بالتنسيق مع ألـ سي آي إيه، في أواخر الستينات عندما كان طالبـاً، وأنـه تعرض خلال التجنيد لاختبارات قاسية جاءت بنتيجة أنـّه يصلح ليكون (قاتلا اقتصاديا مميـَّزا).

 

ويصف الكاتب كيف أنَّ الحكومة الأمريكية تسيطر عليها الشركات العملاقة لاسيما شركات النفط، ومن الأمثلة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق كنمارا كان رئيسا لشركة فورد، ثم رئيسا للبنك الدولي، وجورج شولتز، وواينبرغر، أصحاب الشركات الكبرى الذين تولـَّوا مناصب وزارية في الحكومة الأمريكية، أما بوش الأب فصار رئيسـا.

وخلاصة الكتاب أن (تحالف الشركات والإدارات الأمريكية)، هـو أشـد القتلة في تاريخ البشرية إجـراما، وأنَّ هذا التحالف لم يفضل قـط على حكـم الدكتاتوريين أحداً، ولو سحقوا شعوبهم؛ لأنَّ بهم وحدهم يحقق أطماعـه الخبيثة.

وأنَّ الشركاء الرئيسين لهذا التحالف الخبيث هم: وزراء التخطيط في العالم الثالث، ووكلاء البنك الدولي، وممثلي وكالة الإنماء الأمريكية يو أس ايد.

 

هذا هـو الكتاب الأول الذي أنصح بقراءته لفهم (العقيدة السياسية الغربية)، وبالتالي فهـم ما يجري في العالم بما فيه حكاية (الطرود البريدية التفجيرية)!

 

أما الكتاب الثاني، فـهو كتاب (أمريكا والإبادات الثقافية) لمنير العكش، وفيه يصف الإجرام الأمريكي في إبادة ثقافة الهنود الحمر، ومحوها من الوجود، فيتعرف القارىء على أنَّ نفس النهج تتبعه أمريكا مع حضارتنا تماما، وهدفها هو الوصول إلى ذات الهدف الذي وصلت إليه مع ثقاقة الهنود الحمر، وهـو الإبادة الشاملة.

ويكتمل هذا الكتاب بآخر مفيـد، هو الذي أمضت الكاتبة البريطانية فرانسيس ستونو سوندرز أكثر من سنتين في جمع وثائقه في ستة صناديق: "سي آي آيه والحرب الباردة الثقافية"، خلصت فيه إلى أن ألـ (سي آي إيه) نفسها قـد بذلت جهودا لا توصف، أنفقت عليها ميزانية هائلـة لكي تشتري الأنشطة الثقافية، والإعلامية، وحتـَّى مراكـز الفنون والآداب لوضعها في خدمة السياسة الأمريكية، حتى صارت الـ سي آي إيه كأنها راعية الفنون، والآداب، والثقافـة!!

 

وأمـّا الكتاب الثالث فهو كتاب تشومسكي (النظام العالمي القديم الجديد)، حيث وضع المؤلف السياسة الأمريكية للسيطرة على الشعوب، وضعها تحت مبضع التشريح إلى أدقِّ التفاصيل، وكان فيه خبيرا عبقريا فـذّا..

 

ودعني أنقل لكم مشهدا واحـدا من هذا الكتاب المليء بالوثائـق: "تعتبر دول إفريقيا جنوب الصحراء من بين الدول النامية التي صارت مصدرا لتمويل الدول الثرية، وهي دول ينهش فيها الفقر والبؤس بفضل السياسات الأمريكية الساعة إلى "الاشتباك البناء"، وهي سياسات يعود إليها الفضل في إشعال حروب أهلية أدت إلى مقتل مليون ونصف إنسان في إفريقيا الجنوبية وحدها، فضلا عن خسائر بـ 60 بليون دولار في دول الجنوب الإفريقي، وإلى هذه الأرقام يمكننا أن نضيف نصف مليون طفل يلقون حتفهم كلَّ عام نتيجة عبء الديون على الدول التي يعيشون فيها على نحو ما تظهر تقارير منظمة اليونيسيف، إضافة إلى 11 مليون طفل يموتون سنويا من أمراض يسهل علاجه، وهو ما يمكن تسميته "إبادة جماعية خرساء" على حد تعبير هيروش نكاجيما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي يشير إلى أن هذا الوضع يمثل "مأساة كان يمكن تداركها، لأنه لدى العالم المتقدم الموارد والتقنيات التي بمقدورها إنهاء المرض على مستوى العالم"، لكنه يفتقر إلى الإرادة لمساعدة الدول النامية، ويبدو أن مصطلح "النامية" هنا بديل لطيف عن الدول المستعمرة من قبل الدول الثرية" (ص 193).

 

والكتاب الرابع هو كتاب (سادة العالم الجدد) لجون زيغلر، وهو أحسن كتاب يلقي الضوء على الدور الذي تلعبه أمريكا بكلِّ صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية، تحت شعار العولمة لتحقيق الهيمنة على العالم وأسواقه، مما أدى إلى كوارث خارجة عن حدّ الوصف على شعوب العالم لاسيما الفقيرة، ولهذا فقد أكثرت من الاستشهاد به في مقالات سابقة.

 

والكتاب الخامس هو (أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراؤها) لغريغ بالاست، وفيه بيان تفصيلي بأنَّ أمريكا إنما تحرِّك السياسة والحروب كما تحرِّك ما يُسمَّى بـ(الديمقراطية) نفسها، نحـو هدف واحـد هو نهـب ثروات وأسواق العالـم، وللنهب فقط، ولو أبيدت الشعـوب.

ومن شأن هذه الكتب الخمسة أن تضع قارءها على (الخارطة السياسية الحقيقية للعالم)، وتكشف الستر عن المشهد الحقيقي الذي يختلف وراء ديكورات ما يسمى بالمؤسسات السياسية الدولية، وكراسيها الفاخرة، وكاميرات الإعلام المخادعـة.

 

فإن كان القارىء مفكـراً سياسيا شريفا محبـَّا لأن تسود العدالة العالم -مسلما كان أو غيـر مسلم- علم أن لاخلاص للعالم إلاّ بتحطيم الهمينة الغربية بقيادة أمريكا، وإزاحتها عن كونها في (مركز العالم)، ذلك المركـز الذي صنعته من نهب ثورات الشعوب وإبادتهـا وامتصاص دمائها.

وإن كان عالماً شرعياً مسلماً علم أنّ أوَّل خطوة لفهم المعركة بين الإسلام، وعدوِّه التقليدي التاريخي وهو الغرب الصليبي، هو أن يُخرج (الدروشة) من أمِّ رأسه، ويعرف من الذين يديـرون العالم بأشـدّ الوسائل إجرامـا وفسادا، وكيف ولماذا يفعلون ذلك؟

 

وأن ما يسمى بـ (المعاهدات، والمواثيق الدولية السياسية، ومؤسساتها) ما هي إلاّ أدوات لتلك الإدارة الجائـرة، ولهذا لا يمكن أن يسمحـوا بإعادة صياغتها -كما اقترح الزعيم القذافي في مؤتمر الأمم المتحـدة- لتخرج عن كونها أدوات بيد الغرب، لتصبح ميزانا حقيقيا للعدالة الدولية.

وأنَّ هؤلاء الذين يديرون العالـم -ونقصد ساسة الإجرام الدولي- يديـرونه بالجور، والظلم، والفساد، والوحشية -كما في الحديث تمُلأ ظلما وجوْرا- وأنَّ من يصفهم بالعدالة، هـو إمـّا جاهـل، أو متزلف لمن اشتـروا ذمَّتـه ليقول ما يرضيهـم.

وحينئذ يكفُّ -أعني العالم المسلم إذا قـرأ- عن ترديد بلاهـة (مشايخ البلاط والدروشـة) عن الحاجـة إلى تجديد الفقه ليلائم (متغيرات عصر المواثيق الدولية في ضوء الدولة القطرية)!، ويتعلم أنَّ (العقيدة السياسية الغربية الصهيوصليبية) لم تُغيـِّر سوى أدواتها؛ فالمعركة هي ذاتها، والعقليـّة هي ذاتها، والأهداف هي ذاتها، والغاية النهائية هي إبادة الحضارة الإسلامية في مشروع هيمنة على العالم بأسره.

وأنَّ الغرب المتصهين لا ينظر أصلا إلى ما يُسمَّى بـ( الدول القطريـّة) لاسيّما في المنطقة الجغرافية لحضارتنا، إلاَّ على أنها مستعمرات -تُوضع لها بين الفينة والأخرى صيغ سياسية وفق نظامه الدولي الذي يفصِّله على مقاس أطماعه- لحضارته الصليبية المتحالفة مع الصهيونية.

كما سيفاجأ قارىء هذه الكتب بمدى إنتشار (السذاجة السياسية) في العالم لاسيما في عالمنا العربي، إلى درجة أنَّ شرائحَ منتشـرة -لاسيما من ( شيوخ الدروشة)- لازالوا يصدّقـون فعـلا بأنَّ (الإرهابيين) ذوي الإمكانات المتواضعة الثائرين على الظلم العالمي بوسائل شبه بدائية، هم الخطر الأعظـم على مستقبل البشرية..

ولهذا يجب -عندهم- عدم إشغـال (الحالة الإسلاميـة) بصدِّ الهجمة الصهيوصليبية على أمتنا، أو الخطـر على المقدَّسات على رأسها القـدس، بل الإنهمـاك بتغييـر حتَّى مناهج التعليم في البلاد الإسلامية!، وإغـلاق مراكـز تحفيـظ القرآن! لإنقاذ البشرية من هذا خطر (الإرهاب) الماحـق، وإعادة (الأمن الفكري) إلى بنـي جميـع آدم المصطلين بنـاره التي لا ترحــم!!

 

وكـم هي سذاجة بالغة حـدَّ إثارة الشفقة، تلك التي تُجرف وراء خبر (طرود بريدية تحمل متفجرات)، فتنسي (فلـم) مشاهـد ملايين الضحايا الذين ينزفـون بالدماء، أو الجوع، أو المرض، أو الفقـر، كلَّ يـوم، بالعقيدة السياسية الغربية القائمة على عقليـّة الإبادة الجماعية،

حتى لو كان الخبـر يُشاع في خضـم فضائح (الويكيليكس) التي وقعت كالصاعقة على الإدارة الأمريكية، يُشاع ليريحها ولـو قليـلا من إزعـاج الفضائـح!!

والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى، ونعم النصيـر.

================================

إيران: هل ترث حكم منطقة الشرق الأوسط؟

د. أسعد عبد الرحمن

الرأي الاردنية

7-11-2010

يدور الصراع في الشرق الأوسط، حول من يضع أجندة المنطقة؟ هل هي إسرائيل الطموحة للقيادة أم الدول العربية التي تعيش أحلام يقظة" ترى فيها حقوقها التاريخية رغم انهيار المشروع القومي؟! طرف ثالث ظهر بقوة: إيران، التي رأت أنها القادرة على القيادة وتحقيق "الاستقرار" في المنطقة. لذا تكثر أسئلة المحللين المنطقية وأهمها: هل رغبة إيران بملء الفراغ القيادي في المنطقة "ارث فارسي" يجب أن يعود لأصحابه؟! وهل تستطيع بقدراتها واقتصادها المحاصر عالميا، خوض هذه المغامرة؟! وهل يصل الحلم الايراني إلى محاولة طرد الولايات المتحدة من المنطقة بحكم "قوة" طهران "كمرجعية دينية" وسياسية للشيعة في العالم بغض النظر عن انتماءاتهم القومية ولغاتهم؟! أم لا يخرج الموضوع عن كونه جمعا للأوراق ومسعى إيرانيا لفرض الذات في موقع الشريك الأول لأميركا في إدارة المنطقة؟!!

 

بعيدا، مؤقتا، عن التحذيرات بشأن الأطماع الفارسية في المنطقة العربية، والدور الإيراني في تغذية "الفتنة الشيعية- السنية"، فان انطلاق النفوذ الايراني خارج الحدود يعود الى "الثورة الاسلامية" (مختلفا عن أحلام الامبراطورية الفارسية الشاهنشاهية) خاصة عندما شعرت ايران بالحاجة الى موطن قوة في الدول العربية بعدما أيدت أكثريتها حرب العراق ضد ايران. فمن العراق ولبنان، وأيضا من سوريا وفلسطين، وصولا إلى أفغانستان وباكستان، تظهر إيران باعتبارها لاعبا رئيسيا للتوافق و"الاستقرار" أو عدمه في هذه البلدان. ففي العراق، وما ان دخلت القوات الامريكية حتى قامت ايران، بكل امكاناتها، لكي تسيطر على بلاد الرافدين حتى أصبح دورها واضحا للعيان بشكل لا يمكن تجاهله، سواء أمنيا عبر دعم ميليشيات عسكرية بعينها، أو سياسيا في تشكيل الحكومة التي أحبطت إيران نفسها تشكيلها بعد الاتفاق على مرشح علماني (اياد علاوي). ويبقى السؤال: هل تتجاهل واشنطن التدخل الإيراني، مما يعني اعترافا أميركيا معينا بدور طهران في "استقرار" الخليج العربي عموما والعراق خصوصا؟

 

إضافة إلى علاقة إيران بكل من سوريا وحماس الأمر الذي يعطيها امتدادا مهما، أصبح لدى عديد الشيعة اللبنانيين، منذ "الثورة الاسلامية الايرانية"، استعداد سياسي وثقافي لقبول سياسة تتلاءم مع المفاهيم الايرانية الجديدة، ترسخت (من خلال حزب الله) عبر ما يتوارد عن 300 مليون دولار ترسلها ايران للحزب سنويا، عدا عن المؤسسات التى تمولها بحيث جعلت الحزب في موقع أساسي في الاستراتيحية الايرانية أكدتها الزيارة الأخيرة للرئيس احمدي نجاد إلى لبنان والتي جعلت محللين كثيرين يشبهون الاستقبال الحافل والحشود الجماهيرية التي اصطفت لاستقباله بالحشود التي خرجت في استقبال الرئيس الراحل عبد الناصر عند زيارته لدمشق عشية الوحدة المصرية/ السورية.

 

وفي أفغانستان، اعترف المبعوث الاميركي الخاص (ريتشارد هولبروك) بادراك الولايات المتحدة أن إيران لديها دور تلعبه في حل/ إدارة الصراع في ذلك البلد وفي باكستان وذلك في الوقت الذي شاركت فيه ايران في محادثات دولية بشأن القضية للمرة الاولى حين انضم مندوبها الى "مجموعة الاتصال الدولية بشأن أفغانستان" في روما لمناقشة التقدم بشأن انتقال المسؤولية الامنية الى القوات الافغانية، رغم اتهامات اميركية مسبقة لإيران بتقديم المساعدات للمسلحين في أفغانستان. وإلى باكستان، وصل المد الإيراني، فمنذ بدايات 2010، جرت اجتماعات في سفارة إيران في ذلك القطر مع ممثلين عن الشيعة هناك، الهدف منها إقامة مظلة جامعة لمنظمة شيعية باكستانية لدعم الحقوق السياسية للشيعة ووضع حد للتمييز الممارس ضدهم، شارك فيها عن الجانب الإيراني ممثلون عن "الحرس الثوري" وعن جهاز الاستخبارات الإيرانية، عُقدت بناء على قرار اتخذه مجلس الأمن القومي الإيراني في تشرين الأول/ أكتوبر 2009.

 

مع هذا وذاك، يبقى السؤال المركزي المؤلم: أين هو الدور العربي؟! وبعيدا عن تصريحات مسؤولين عرب بأن "إيران تلعب بالأوراق العربية، وتسعى لتغيير الواقع الإيراني في علاقته مع العالم الخارجي من خلال عناصر متواجدة في الأراضي العربية"، نتساءل مع غيرنا "كيف تمكنت إيران من الحصول على هذه الأوراق"؟ من الواضح أن العرب هم أول من يتحمل مسؤولية التخلي عن أوراقهم. وفي هذا السياق، بدل أن يكون العرب هم اللاعبون الرئيسيون في المنطقة، استفادت إيران من "الفراغ" وأخذت على عاتقها اختطاف ذلك الدور ولعبه على حساب النظام الرسمي العربي!

================================

أميركا وبريطانيا .. القرار إسرائيلي

فؤاد حسين

hussein.fuad@gmail.com

الرأي الاردنية

7-11-2010

مشهد النفوذ الذي بلغه اللوبي اليهودي في أميركا والذي تجلى في الانتخابات التشريعية النصفية للكونغرس الأميركي، وخضوع بريطانيا العظمى للإملاءات الإسرائيلية بتعديل قانون جرائم الحرب لحماية الساسة الإسرائيليين من الملاحقة القانونية في بريطانيا يشي بالعلو الذي بلغته إسرائيل ، هذا العلو بقدر ما هو مؤذ لنا آنيا بقدر ما هو مبشر على وصول العلو الى ذروته ليبدأ دورة الهبوط فالزوال.

 

رعم أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة يدعمان إسرائيل بلا حدود، بل يتنافس مرشحو الحزبين للرئاسة في تقديم كل فروض الولاء والطاعة لها، الا أن قادة الصهاينة لا يقبلون بأقل من تنفيذ مخططاتهم كاملة بغض النظر عن تأثير ذلك على مصالح ومستقبل أميركا ذاتها، فبعد سنتين من تسيد أوباما في البيت الأبيض، ورغم رضوخه الكامل للإملاءات الإسرائيلية في ما يختص بمسائل الشرق الأوسط وتراجعه المذل أمام نتنياهو والكف عن مطالبته بتجميد المستوطنات، ورغم توقيعه على قرار بتزويد إسرائيل بأحدث الطائرات الحربية الأميركية F35 بيد أن دهاقنة الصهاينة يريدون المزيد فعملوا على إكتساح الجمهوريين لمجلس النواب في تهديد واضح لمطامح أوباما في فترة رئاسية ثانية ما لم ينفذ بقية قائمة طلباتهم، فكذبة الديمقراطية الأميركية تبخرت على نار الأموال التي حرقتها كبرى الشركات في الصرف على الحملات الإنتخابية للمرشحين والتي بلغت ثلاثة ونصف مليار دولار بعد أن سمح خمسة قضاة من المحكمة العليا من مخلفات بوش للشركات بالتبرع للحملات الإنتخابية دون سقف ودون موافقة المساهمين في تلك الشركات او الإعلان عن ذلك، وكانت النتيجة أن حصد الجمهوريون من تلك التبرعات ستة أضعاف الديمقراطيين، ولا أحد يعرف مصدر تلك الأموال، مما يعني أن الشركات والأثرياء هم من يحدد الفائز في الإنتخابات وليس تصويت الشعب, فاللوبي اليهودي لم ينته بعد من إبتزاز أوباما الطامح لفترة رئاسية ثانية، وما الإنتخابات النصفية الا تلويح بالعصى إن كان يظن أن «شعبيته» هي التي أوصلته للبيت الأبيض، ليستفيق على حقائق المعادلة التي تحكم السياسة الأميركية، وتتحكم بمفاصل صناعة قادة البيت الأبيض وبقية المراكز الحساسة.

 

أما بريطانيا التي تخلت عنها العظمى فلم تزل رهينة وعد بلفور، حتى بعد أن قامت دولة الإغتصاب، فرغم إقرار القاصي والداني بأن إسرائيل ارتكبت وترتكب جرائم حرب يوميا وكان آخرها عدوانها على غزة، وأن محاكم جرائم الحرب لا بد أن تطال قادة العدو الصهيوني يوما ما، يصر قادة إسرائيل على أن تقوم بريطانيا بتعديل تشريعاتها التي تتيح لمحاكمها ملاحقة مجرمي الحرب ليتمكن قادة إسرائيل من زيارة بريطانيا دون الخوف من إصدار أية مذكرة توقيف بحقهم. والغريب أن إسرائيل هددت بريطانيا بوقف الحوار الإستراتيجي مع بريطانيا ما لم يتم تعديل ذلك التشريع، والمتأمل للشروط الإسرائيلية يخال أن إسرائيل هي الإمبراطورية العظمى وأن بريطانيا هي صنيعتها وهي من يحتاج الى الحوار الإستراتيجي.

 

الحقيقة أن إسرائيل ليست دولة عظمى كما يتوهم البعض أو كما يحاول البعض أن يصدق ذلك لتبرير اللامعقول في السياسات العربية، لكن نحن من بلغ ضعفنا أعظم الدرجات وبات الكل يستقوي علينا، وبخضوعنا واستسلامنا للقدر الأميركي الإسرائيلي تستقوي إسرائيل على بقية العالم الذي أمن على مصالحه من ثورة غضب يعربية.

================================

التوتر خرج عن إطاره المحلي واتسع إلى التعقيدات الإقليمية

معلومات عن "انقلاب دستوري" حرّكت استنفاراً أميركياً – فرنسياً

روزانا بومنصف

النهار

7-11-2010

تكشف مصادر سياسية مطلعة ان السبب الرئيسي وراء "الاستنفار" الاميركي والفرنسي حيال لبنان في الاسابيع الاخيرة كان معلومات تردد ان سوريا اوصلتها الى الفرنسيين مفادها ان " حزب الله" يحضر لانقلاب سياسي دستوري في لبنان معتبراً ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط هما الى جانبه مع حليفيه اي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون الامر الذي يتيح له قلب الاكثرية في مجلس النواب. وتاليا الدفع نحو حكومة جديدة برئاسة شخصية سنية مقبولة ومستعدة لهذا الدور. وهذه الحكومة تتولى قطع علاقة لبنان بالمحكمة الدولية. وقد حضر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان الى لبنان في ضوء تبلغه هذه المعلومات من الفرنسيين والتقى رئيس الجمهورية والنائب جنبلاط من دون سواهما من اجل التحذير من مغبة سيناريوات مماثلة على لبنان وخصوصاً بالنسبة الى رئيس الجمهورية الذي يعتبر حاميا للدستور والامين عليه وعلى اللبنانيين. كما واصلت الولايات المتحدة وفرنسا مواقفهما الداعمة للمحكمة وعملتا على اضاءة هذا الجانب من الازمة امام المملكة العربية السعودية التي وعدت بتقديم التمويل اللازم للمحكمة، كما فعلت الولايات المتحدة قبل ايام قليلة اذ قدمت عشرة ملايين دولار اضافية اعلنت عنها المندوبة الاميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس. وهي خطوة سعودية الى جانب خطوات تتصل باهتمام سعودي توزع على اكثر من مستوى في المملكة حيال التعامل مع الشأن اللبناني.

وبحسب هذه المصادر ليس واضحاً السبب الذي حدا بدمشق على الاضاءة على هذه الاستعدادات لفريق حلفائها وما اذا كان متصلاً برغبتها في استعادة الدور الراعي والممسك بلبنان بطلب من الخارج من اجل درء ما يحضر. الا ان الدور الذي اعتمدته سوريا في الاسابيع الاخيرة لم يلق اي صدى ايجابي لدى الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة وفرنسا وان تكن ابواب الحوار بين اي منهما والعاصمة السورية لا تزال مفتوحة. اذ ان سوريا كانت نجحت في العامين الماضيين بفضل مجموعة عوامل من بينها حملة علاقات ديبلوماسية عامة تولتها زوجة الرئيس السوري واقامتها مع وسائل اعلام عدة ومؤسسات في الغرب فساهمت في تخفيف حدة النظرة الغربية الى سوريا والتشجيع على الانفتاح عليها. وهي أمور ساهمت ايجابا الى جانب التعديل الذي طرأ على الموقف السوري من مسائل تهم الولايات المتحدة او اوروبا ومن بينها لبنان. الا ان الوضع تبدل في الاسابيع الاخيرة ولم يعد الغرب متأثراً بذلك والبعض يعتبر ان خطأ كبيراً ارتكبته دمشق في الدخول المباشر على خط الانحياز في لبنان والتدخل في ازمته من خلال المذكرات القضائية السورية في حق شخصيات لبنانية فأضاءت على دور سلبي لها مجددا في لبنان اقله وفق نظر الدول الغربية التي تطمح سوريا الى علاقات جيدة معها، وكذلك وفق وجهة نظر بعض الدول العربية.

وقد تطورت المسألة على نحو حساس ومعقد بحيث ان اسرائيل وظفت الدخول السوري على الازمة في لبنان وبزيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد له بموقف اسرائيلي تفيد المعلومات انه حمل انذاراً او كان بمثابة تهديد لسوريا ازاء اي دور متطور ل"حزب الله" في لبنان" بتوجيه ضربات عسكرية اليها وليس الى لبنان فقط، علما ان دمشق كانت تعول على المفاوضات من اجل تجنب الحرب.

ولهذا المشهد الاقليمي خلفية اكثر تعقيدا مع ايران الذاهبة الى مفاوضات جديدة حول ملفها النووي في ظل تشدد غربي متوقع ومع تركيا الذاهبة وفق معلومات موثوق بها الى محاولة استعادة علاقتها مع الغرب والولايات المتحدة بعدما توترت علاقتها مع كليهما بسبب اسرائيل من جهة وبسبب تقاربها من ايران من جهة اخرى والذي لم يعد عليها بالفوائد الاقتصادية المرجوة. ولن تتأخر الاشارات التركية التي توحي بالاتجاهات الجديدة التي لها انعكاساتها ايضا على طبيعة العلاقة التركية مع دول الجوار.

وبسبب هذه العوامل المتداخلة فان التوتر في لبنان خرج عن امكان اعتباره محلياً صرفاً كما ان الغموض هو سيد الموقف على رغم كثرة التكهنات والسيناريوات. وقد لفت تبرير مقاطعة قوى من 8 آذار لجلسة الحوار في بعبدا بثلاثة عوامل من بينها مبلغ عشرة ملايين دولار قدمتها الولايات المتحدة الى المحكمة وموقف رئيس المحكمة الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي وكأنما هذا الامر يشي بأن لهذه القوى ان الامور تتخذ منحى آخر لم تتوقعه. اذ ان كاسيزي اضاء في الايام القليلة الماضية على نقطة كان يعول عليها البعض "في الانقلاب الدستوري" من اجل وقف عمل المحكمة اي من خلال استرجاع الحكومة اللبنانية الاتفاق الموقع مع الامم المتحدة. اذ قال "انه بموجب اتفاق فيينا وفي حال اعتبرت المحكمة غير دستورية (على ما كان قال الرئيس نبيه بري) يمكن ان يكون مصادقا على الاتفاق حتى لو لم تكن السلطات موافقة. وان السلطات اللبنانية وافقت على الاتفاق المعقود في خصوص المحكمة لانه عندما طلب المدعي العام الدولي من لبنان احالة جميع الملفات التي جمعت من السلطات اللبنانية ولجنة التحقيق الدولية امتثل للطلب واحالها علينا من طريق وزارة العدل ولولا احالتها لما تمكن القضاة من اطلاق الضباط الاربعة". وهو أمر يؤكد ان اي قرار من مجلس النواب او الحكومة اللبنانية لن يغير من واقع الاتفاق الموقع مع الامم المتحدة حول المحكمة وان الموافقة سابقا لا تسمح بالتراجع عنها لاحقاً. الامر الذي يعطل الكثير من مبررات السيناريوات الداخلية او غاياتها من حيث المبدأ.

================================

نتائج الانتخابات وسياسات أوباما الخارجية

صحيفة «موسكو تايمز» الروسية

البيان

7-11-2010

يمكن أن يحوّل الرئيس الأميركي باراك أوباما انتباهه إلى السياسة الخارجية كوسيلة لاسترداد الشعبية، بعد نكسة انتخابات التجديد النصفي التي خلفته ضعيفاً في السياسة الداخلية.

 

سوف يواجه أوباما الضغط من أجل اعتماد سياسة خارجية أكثر عدوانية، مثل استخدام مزيد من القوة في أفغانستان وإبقاء القوات هناك لفترة أطول، بعد أن حقق الجمهوريون مكاسب في مجلس الشيوخ، وحازوا الأغلبية في مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة.

 

ولكن السياسة الخارجية تعتبر أيضاً مجالاً يمكن أن تكون لأوباما يد حرة نسبياً فيه، ومن المحتمل أن يبدأ في الجهود الرامية إلى إعادة رسم صورته في الخارج، وذلك عندما يبدأ رحلة إلى آسيا.

 

وهناك سابقة من عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، الذي كافح من أجل الفوز بفترة ولاية ثانية كرئيس، بعد الخسائر الفادحة التي مني بها الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي في عام 1994، ولكن أوباما لا يمكن أن يتوقع انتصارات سهلة على صعيد السياسة الخارجية.

 

يقول «توماس كلو» محلل بالمجلس الدولي للعلاقات الخارجية في باريس: «هناك سيناريو كلاسيكي واحد سوف يتمثل في أن الرئيس أوباما بعد خسارته الأغلبية في الكونغرس، سوف يركز بشكل مكثف على السياسة الخارجية. وهذا ما فعله الرئيس السابق كلينتون إلى حد ما. والمشكلة بالنسبة لأوباما أنه لا يمكن قطف ثمار سهلة في السياسة الخارجية».

 

ويضيف: «تظل أفغانستان صعبة المنال للغاية. فلا إيران ولا الصراع في منطقة الشرق الأوسط، أو في باكستان أو أي بقاع جغرافية أخرى توحي بأن طريقة أقوى في الإدارة أو أكثر استدامة يبديها أوباما من المحتمل أن تسفر عن انتصارات في المدى القصير». وذكرت شركة خدمات الاستخبارات العالمية «ستراتفور» أن الولايات المتحدة ما زالت القوة العظمى العالمية، وأن رئيساً ضعيفاً في الداخل لا يفترض به أن يكون ضعيفاً على الصعيد الخارجي.

 

وأضافت: «في الواقع، غالباً لا يكون أمام رئيس ضعيف خيار سوى السياسة الخارجية»، وليس من الواضح أين يحتمل أن يترك أوباما بصمته، ولكنه يواجه ضغوطاً في اتباع سياسات أكثر صرامة تقريبا في كل مكان يلقي بناظريه.

 

في أوروبا، فإن المكاسب التي حققها الحزب الجمهوري يمكن أن تبرز الاختلاف بين القارة الأوروبية والحكومة الأميركية فيما يتعلق بالنظام المالي وتغير المناخ وبعض السياسات الخارجية، وقال «روبرخت بولينز»، وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الأدنى بالبرلمان الألماني، إنه سيكون الأمر أكثر صعوبة في الحصول على ضمان تصديق الولايات المتحدة على معاهدة «ستارت» لنزع السلاح مع روسيا، وإن واشنطن ستكون أكثر عكوفاً على ذاتها.

 

وأضاف: «الأمر في مجمله لا يفيد العالم.

 

فلن يمكن تسوية أي نزاع دولي رئيسي بدون الولايات المتحدة. لذا سوف يتوجب علينا أن نكون مستعدين لانخراط أوروبا بشكل أكثر شجاعة في الدبلوماسية الدولية».

وقال وحيد عُمير، المتحدث باسم الرئيس الأفغاني حامد قرضاي، إن العلاقات مع واشنطن سوف تتواصل بغض النظر عن الانتخابات. وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن نتائج الانتخابات لن تؤثر على عزم الحركة مواصلة القتال حتى رحيل جميع القوات الأجنبية عن أفغانستان.

================================

تركيا وامتحان الدرع الصاروخية

آخر تحديث:الأحد ,07/11/2010

الخليج

محمد نور الدين

وضعت تركيا في السنوات الأخيرة شعار “تعدد البعد” عنواناً لسياستها الخارجية، وعملت بكل قوة وثقة على تطبيقها في كل المجالات، ولم تستثن أنقرة من هذا التوجه حلفاءها على امتداد الحرب الباردة من الولايات المتحدة وأوروبا و”إسرائيل” .

 

استمرت علاقات تركيا مع حلف شمال الأطلسي، ومن ذلك مشاركة قواتها في أفغانستان، وإن في مناطق غير قتالية . وتعاظم الدور التركي الأطلسي مع تعيين تركي نائباً للأمين العام للحلف .

 

ومع أوروبا سرّعت تركيا مسارها الإصلاحي، ونجحت في بدء مفاوضات مباشرة حول عضويتها، وتركيا تؤكد دائماً أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هدف استراتيجي لها .

 

أما العنوان الأكبر على سياسة “تعدد البعد” فكان مع “إسرائيل”، حيث عملت تركيا جاهدة على خلق دور وسيط بين “إسرائيل” والعرب، ومنهم السوريون والفلسطينيون، ولم يتردد قادتها في استضافة قمة فلسطينية “إسرائيلية” في عام 2007 . واستمرت العلاقات جيدة على الصعد الاقتصادية والعسكرية والمدنية .

 

سياسة “تعدد البعد” لفتت الأنظار كونها فتحت باب التعاون للمرة الأولى بين تركيا ودول وقوى كانت تتسم العلاقات معها تاريخياً بالتوتر والحساسيات، ومنها روسيا وإيران وسوريا والعالم العربي والإسلامي عموماً .

 

نظر الكثيرون إلى سياسة “تعدد البعد” على أنها محاولة مستحيلة للجمع بين متناقضات، مثل أن تخلط الزيت بالماء . وراهن المتشائمون على أن المواقف التركية يمكن أن تستمر رمادية، لكن عليها في لحظة ما من قضية معينة أن تختار بين الأسود والأبيض .

 

الحرص التركي على أن تكون مع الجميع وليس ضد أحد ترجم حتى في العلاقات مع أرمينيا، حيث كاد الموقف التركي المنفتح على أرمينيا أن يهزّ العلاقات “الأخوية” مع أذربيجان .

 

ترجمت تركيا أيضاً سياسة “تعدد البعد” على الصعيد النظري، عندما أخرجت من كتابها الأحمر أو وثيقة الأمن القومي الاستراتيجي، دولاً لا يهددونها مثل إيران، وسوريا، وروسيا، واليونان، والعراق، ولم تبق إلا على حزب العمال الكردستاني عنصر تهديد لتركيا . أما “إسرائيل” فقد أشارت الوثيقة إلى أن سياساتها تسهم في تهديد الاستقرار في المنطقة، وعدم الاستقرار يهدد دولها ومنها تركيا .

 

تعرضت سياسة “تعدد البعد” إلى امتحانات وتحديات كثيرة خلال السنوات الماضية . وكانت تركيا تعود لحبك الخيوط مع الأطراف المتضررة من بعض سياستها .

 

لكن التحدي الأكبر كان الاعتداء على “أسطول الحرية” من جانب “إسرائيل”، وقتل تسعة ناشطين أتراك كانوا على متنه .

 

للمرة الأولى يراق الدم التركي على يد “الإسرائيلي” من دون أن تقدم “إسرائيل” أي اعتذار أو تعويض رغم مرور خمسة أشهر على الحادثة، وحتى الآن العلاقات السياسية شبه مقطوعة وقد تتفاقم .

 

العدوان “الإسرائيلي” على تركيا لم يأت في إطار ثنائي فقط، صحيفة “ميللييت” كشفت أن “إسرائيل” والولايات المتحدة كانتا على علم قبل ثلاثة أيام من الاعتداء أن الأسطول سيغيّر سيره وسيتجه إلى العريش في مصر وليس إلى غزة، ورغم ذلك حصل العدوان .

 

العدوان لم يكن “إسرائيلياً” فقط بل دولياً أيضاً، كان يستهدف بالتحديد سياسة “تعدد البعد” التركية التي شعر الغرب بأنه لا يستفيد منها وحده، بل هناك مستفيدون آخرون مثل روسيا، وإيران، وسوريا، والفلسطينيون، وهو لا يريد لهم أن يستفيدوا منها .

 

لم تنفع التهديدات الأمريكية مع “أسطول الحرية”، إذ إن تركيا سارعت بعد الحادثة إلى التصويت ب “لا” على قرار فرض العقوبات على إيران .

 

اليوم يتقدم الغرب وواشنطن تحديداً، من أجل الضغط على تركيا مجدداً، ومحاولة خلق أسباب جديدة للصراع بين تركيا وأشقائها في العالم العربي والإسلامي وفق سياسة بث الفرقة بين الأشقاء .

 

الامتحان الذي يريد الغرب أن يخضع تركيا له اليوم، هو الرغبة في نشر الدرع الصاروخية على الأراضي التركية .

 

الدرع في الأساس كانت واشنطن تريد نشرها في تشيكيا وبولونيا لتواجه الصواريخ الروسية، مع إدارة أوباما الجديدة تغيرت الخطة وأصبحت المواجهة مع إيران والعرب، من دون إخراج روسيا من دائرة الاستهداف، هي الأولوية للغرب وحوّلوها إلى مواجهة أطلسية إسلامية .

 

ليس هناك أفضل من هذا المشروع لامتحان تركيا في توجهاتها المتعددة البعد . تركيا في موقف حرج . حتى الآن تبدي أنقرة استعدادها للتعاون، لكن بشرطين: ألا يذكر حلف شمال الأطلسي اسم إيران أو سوريا كتهديد للحلف، وألا تذهب معلومات الدرع الصاروخية إلى “إسرائيل” .

 

إذا افترضنا صحة هذه المعلومات تكون تركيا عملياً قد انحازت إلى الأطلسي، إذ إن عدم ذكر إيران وسوريا وكل بلد عربي بالاسم لا يغير من أن منظومة الدفاع الصاروخي وراداراته موجهة في اتجاه تلك الدول، وهي المعنية بالتالي بهذا النظام .

 

أما عدم استفادة “إسرائيل” من المعلومات التي يوفرها نظام الدرع الصاروخية فهو سذاجة كاملة، لا أعتقد أن الأتراك يثقون بوعود الأطلسي حولها، والكل يعرف أن “إسرائيل” هي أمريكا، وأمريكا هي “إسرائيل” .

 

كيفما نظرنا، تركيا تواجه امتحاناً صعباً وكل ما نأمله، نحن العرب والمسلمين، أن تخرج منه سالمة وفي اتجاه تعزيز علاقتها المشرقية، لأن العكس سيحمل الكثير من العواقب على سياسة “تعدد البعد” .

================================

فرنسا تبحث عن رئيس

آخر تحديث:الأحد ,07/11/2010

الخليج

غسان العزي

انتهت المعركة التي خاضتها النقابات العمالية والطلابية والأحزاب السياسية اليسارية ضد الرئيس ساركوزي بانتصار هذا الأخير . لكن الحرب لم تنته بعد رغم إقرار مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع وزير العمل إريك ويرث، المدعوم من الرئيس بغالبية 177 صوتاً ضد 153 . حزب الرئيس الذي لا يمتلك الأغلبية في هذا المجلس، بالإضافة إلى قسم كبير من تجمع الوسطيين صوتوا للمشروع الذي عارضته المعارضة اليسارية التي خاضت معركة شرسة ضده في الشارع تخللتها إضرابات ومظاهرات عارمة، ذكّرت بما حدث إبان عهد شيراك في ديسمبر/ كانون الأول ،1995 بل إن البعض قارنها باضطرابات مايو/ أيار 1968 إبان عهد الرئيس الراحل شارل ديغول . ويقضي المشروع برفع سن التقاعد عن العمل من ستين إلى اثنين وستين عاماً، ومن خمسة وستين إلى سبعة وستين عاماً الحق بقبض تقاعد كامل من دون حسومات .

 

ورغم أن ساركوزي انتصر، كما كان متوقعاً، في هذه ال “نصف حرب أهلية” كما وصفها المراقبون، إلا أن شعبيته وصلت إلى الحضيض . فبحسب استطلاعات الرأي يؤيد 29 في المئة من الفرنسيين سياساته، في حين يعارضها سبعون في المئة، وهذا الرقم هو الأدنى ليس فقط منذ انتخابه، ولكنه أيضاً رقم قياسي في الجمهورية الخامسة . وقد شاركت شرائح واسعة من الشعب الفرنسي في التحركات الأخيرة، لا علاقة لها بمشروع إصلاح التقاعد، مثل الطلاب الثانويين والجامعيين مثلاً، والذين لا يزال أمامهم متسع من الوقت قبل الوصول إلى التقاعد . والسبب أن كثيرين وجدوا الفرصة ملائمة للتعبير عن سخطهم حيال كل سياسات الرئيس الاجتماعية والاقتصادية . هذا الأخير لم يحترم وعوده الانتخابية، فعلى سبيل المثال أعلن في السادس من إبريل/ نيسان 2007 أن “الحق في أن يتقاعد المرء وهو في الستين من العمر يجب أن يبقى”، وعتبة الستين هذه تم تشريعها بعيد انتخاب الرئيس فرانسوا ميتران في العام 1981 والذي كان قد ضمّنها في وعوده الانتخابية . وتقول النقابات إن لا شرعية شعبية للرئيس ساركوزي كي يلغي مكسباً اجتماعياً بهذه الأهمية، وينبغي عرض الأمر على الاستفتاء الشعبي، لكن ساركوزي أراد أن يبرهن على القدرة على الوقوف بحزم في وجه المعارضين، وقد نجح إلى الآن ولو على حساب الشعبية المترنحة .

 

لقد وصل ساركوزي إلى السلطة بناء على وعود انتخابية واضحة ودقيقة، وقال في خطاب انتخابي متلفز، إن على الفرنسيين محاسبته بناء على أرقام محددة تقدم بها في مجالات النمو والبطالة وغيرها، وليس بناء على وعود عامة كما يفعل خصومه . واليوم لا شيء تحقق من هذه الوعود، بل إن البطالة ازدادت، والنمو يتراجع، والعنصرية تشتد .

 

واليوم فإن معظم المراقبين أضحوا متأكدين أن المعركة الانتخابية الرئاسية المقبلة في ربيع العام ،2012 لن تشهد تجديداً للرئيس ساركوزي . لكن هذا الأخير يملك العديد من الأوراق الرابحة، ويراهن على العديد من المتغيرات . فرئيس الوزراء الحالي فرانسوا فيون الذي راهن البعض على إمكانية ترشيحه للانتخابات المقبلة يخسر هو الآخر من شعبيته بسبب تأييده للرئيس، وقد خسر الكثير بسبب دفاعه المستميت عن إصلاح قانون التقاعد الأخير، وبالتالي لم يعد مرشحاً موثوقاً كبديل عن الرئيس . هذا الأخير سوف يعمد على الأرجح إلى تعيين رئيس للوزراء من الوسطيين، مع عدد من الوزراء اليساريين في الحكومة الجديدة، فيتمكن بذلك من شق الصفوف المعارضة المتصدعة في الأصل . وبهذه الحكومة سوف يخوض الانتخابات المقبلة، أي بحكومة فيها من الوسط واليسار، ما يربك المنافسين ويقسم صفوفهم، ثم إنه سوف يكون قادراً على تبرير السياسات الفاشلة بالدعوة إلى إعطائه المزيد من الوقت لمواجهة أزمة اقتصادية طالت العالم أجمع انطلاقاً من الولايات المتحدة وليس فرنسا وحدها، وبالتالي فليست من مسؤوليته . والشعوب تنسى عموماً وتعود إلى الوقوع في الأفخاخ نفسها، كما تدل كل التجارب الانتخابية ليس في فرنسا وحدها، بل في كل الدول القائمة على الاقتراع العام .

 

الأنظار تتجه صوب دومينيك ستراوس-كان الزعيم الاشتراكي الأكثر شعبية، بحسب استطلاعات الرأي والذي يجلس حالياً على رأس صندوق النقد الدولي . لكن صندوق النقد أيّد إصلاحات ساركوزي الأخيرة التي تسببت بهذه الانتفاضة الشعبية العارمة، إذ صدر عنه تقرير يعتبر أن هذه الإصلاحات وغيرها أكثر من ضرورية وملحة . وستراوس-كان يرأس مؤسسة دولية تعتبر من أبرز رموز الرأسمالية العالمية التي يمقتها اليساريون الفرنسيون . هؤلاء هم من يراهن الرئيس ساركوزي على انقساماتهم والتي جعلتهم يخسرون الانتخابات الرئاسية منذ العام 1995 إلى اليوم، حيث لا يبدو أنهم تعلموا من دروس الماضي القريب، رغم أن الوقت يداهمهم في الثمانية عشر شهراً المتبقية من ولاية الرئيس الحالي .

================================

الهجمة مستمرة على لبنان... والعرب

خيرالله خيرالله

الرأي العام

7-11-2010

الهجمة مستمرة على لبنان ولكن من خلال المحكمة الدولية هذه الأيّام. وما يتعرّض له الوطن الصغير يندرج في سياق الغاء العرب لا أكثر ولا أقلّ وتحويلهم إلى دور المتلقي في الشرق الأوسط بدل أن تكون لهم كلمة في شأن كل كبيرة وصغيرة. فعندما يطلب الأمين العام ل»حزب الله» السيد حسن نصرالله من المواطن اللبناني ومن المسؤولين في الدولة مقاطعة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وفي الجرائم الأخرى التي استهدفت تغطية تلك الجريمة، ومنع قيام المحكمة الدولية، فإن مثل هذا الطلب يجب أن يوضع برسم العرب. المحكمة تحد للعرب أوّلاً. ما يريد أن يؤكده الأمين العام للحزب، الذي يمتلك ميليشيا خاصة به تسيطر على أجزاء من الأرض اللبنانية، بما في ذلك مطار بيروت والعاصمة نفسها والجنوب، هو أن لبنان ليس بلداً عربياً مستقلاً وعضواً مؤسساً في جامعة الدول العربية، وإنما هو دويلة تابعة لإيران ليس إلاّ. كل ما تبقى تفاصيل. لكنها تفاصيل مهمة. ولعل أخطر ما في هذه التفاصيل، كما يبدو واضحاً الآن، أنه لا يوجد بلد عربي واحد على استعداد لاتخاذ موقف واضح مما يتعرض له الوطن الصغير بسبب الخوف من النظام الإيراني وسطوته وقدرته على التصرف من دون حسيب أو رقيب في كل المنطقة العربية الممتدة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر!

ما يحصل في لبنان تعبير صارخ على حال العجز العربية التي يجسدها الموقف من الوطن الصغير الذي لا يجد في الوقت الراهن من يواجه معه الحملة الشرسة التي يتعرض لها والتي تستهدف إزالته عن خريطة الشرق الأوسط. عندما يدافع العرب عن لبنان وعن المحكمة الدولية التي يتوقف عليها مصيره، فهم يدافعون عن أمنهم وعن مستقبلهم وعن الواجهة الحضارية التي يطلون من خلالها على العالم. إنها قبل كل شيء واجهة الانفتاح على كل ما هو حضاري على وجه الكرة الأرضية. إن لبنان يمثل، إلى اشعار آخر، الوجه الحقيقي لما يفترض أن يكون عليه العرب في مواجهة كل أنواع التزمت والتطرف الديني والشعارات الرنانة التي لا تخدم في نهاية المطاف سوى دولة عنصرية إسمها اسرائيل. لا حاجة إلى ادعاء أي عربي أكان مسؤولاً كبيراً أو مجرد مواطن عادي إنه يحارب الإرهاب فعلاً في حال الاستمرار في التعاضي عن الذي يحصل في لبنان، خصوصاً عن الحملة على المحكمة الدولية.

لماذا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مهمة عربياً قبل أن تكون مهمة لبنانياً؟ الجواب أن الموقف من المحكمة سيكشف ما اذا كان العرب قادرين على اتخاذ موقف شجاع يتوقف عليه مستقبلهم ككتلة فاعلة في الشرق الأوسط قادرة على تقرير مصيرها والدفاع عن مصالحها وأمنها. هل لا يزال للعرب مكان في الشرق الأوسط أم لا؟ في النهاية لا تستهدف الحملة على المحكمة الدولية تأكيد أن لبنان بلد مستباح فحسب، بل المطلوب أيضاً وقبل أي شيء آخر تكريس لبنان «ساحة» تستخدم لضرب العرب من خلف وعقد صفقات مع إسرائيل... أو مع «الشيطان الأكبر» الأميركي على حسابهم، وعلى حساب الشعب اللبناني، وعلى حساب كل ما هو عربي في المنطقة!

من حسن الحظ أن الشعب اللبناني يقاوم ويصمد رغم من الحصار المفروض عليه من كل حدب وصوب. الشعب اللبناني يقاوم السلاح المذهبي الذي تتحكم به إيران والذي يستهدف اخضاعه. يفترض في العرب، جميع العرب الالتحاق ب»ثورة الارز» لأنها ثورتهم أولاً. انها ثورة حقيقية، رغم من خيانة بعض المشاركين فيها. لقد واجه اللبنانيون بصدورهم العارية السلاح الموجه إليهم والذي لا هدف له سوى القضاء على مستقبل أبنائهم. اللبنانيون يعرفون جيداً من قتل رفيق الحريري ورفاقه، على رأسهم باسل فليحان. ويعرفون من قتل سمير قصير، وجورج حاوي، وجبران تويني، ووليد عيدو، وبيار أمين الجميل، وانطوان غانم، والمقدم وسام عيد، واللواء فرنسوا الحاج، والنقيب سامر حنا. ويعرفون من حاول اغتيال مروان حمادة، والياس المر، ومي شدياق، والرائد سمير شحادة. ويعرفون خصوصاً أن المحكمة الدولية تمثل الأمل وذلك ليس بالنسبة إليهم فقط. انه الأمل بالنسبة إلى العرب أيضاً. الأمل بأن تكون هناك عدالة في المنطقة وبألا تعتبر الجرائم بمثابة حق شرعي يمارسه كل من يحمل السلاح باسم قضية ما ليست في واقع الحال سوى ذريعة للقضاء على المنظومة العربية والاستعاضة عنها بمنظومة تتحكم بها كل الدول غير العربية في المنطقة، خصوصاً إيران وإسرائيل. لا شيء شوفينيا في هذا الكلام. على العكس من ذلك، مطلوب أن تكون هناك أفضل العلاقات بين العرب وإيران ولكن في ظل الاحترام المتبادل، وليس علاقات بين دولة تسمح لنفسها بالتحكم بمصير أي شعب عربي من دون أن يمتلك هذا الشعب حتى حق الاعتراض. كيف يمكن الكلام عن علاقات سليمة بين أي دولة عربية وإيران عندما يسمح الرئيس محمود احمدي نجاد لنفسه بزيارة لبنان بالطريقة التي زاره فيها والتي ضربت عرض الحائط بكل مؤسسات الدولة اللبنانية وقوانينها وأعرافها؟

يمثل الوقوف مع المحكمة الدولية إشارة عربية إلى إيران بأن العرب لن يرضخوا لها وأنهم لا يخافون كشف الحقيقة، حقيقة الجرائم التي استهدفت أشرف اللبنانيين العرب الذي رفضوا الخنوع والاستسلام. فهؤلاء الشهداء دافعوا عن العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، ورفضوا أن يكون المسيحيون أهل ذمة كما تسعى إلى ذلك تلك الأداة التي اسمها النائب ميشال عون ومن على شاكلته من أدوات الأدوات التي لا همّ لها سوى إفلات المجرمين من العقاب أو تغطية الجرائم التي ترتكب على ارض لبنان.

لبنان ليس لقمة سائغة. اللبنانيون، من كل الطوائف والملل ليسوا بالغباء الذي يتصوره الإيرانيون والناطقون باسمهم هنا وهناك وهنالك. مَنْ مِنْ بين العرب يقف مع لبنان ومع المحكمة الدولية إنما يقف مع نفسه أوّلاً وأخيراً... يقف مع البحرين، والكويت، والسعودية، واليمن، وفلسطين، ومصر، وسورية، والعراق خصوصاً، ومع كل أرض عربية يمكن أن تكون معرضة لهزة ذات طابع طائفي أو مذهبي لا تصب سوى في مصلحة المشروع العنصري الإسرائيلي...

================================

أسئلة أمام «حزب الله»

الأحد, 07 نوفمبر 2010

عبدالله اسكندر

الحياة

مجلس الوزراء في لبنان شبه معطل. الحوار الوطني مهدد بالتوقف. اتهامات لرئاسة الجمهورية بمغادرة موقع الحياد والتوافقية. ثمة جدل يتسع شيئاً فشيئاً في شأن دور المجلس النيابي وصلاحياته. وثمة تشكيك يرتفع من هنا وهناك في مدى قدرة المؤسسات العسكرية والأمنية على تدارك أي تهور أمني.

بذلك تكون كل صمامات الأمان المؤسساتية والشرعية، والتي يمكن ان تستوعب اي انزلاق في النزاع السياسي، قد فقدت وظيفتها. ولم تعد تحمي هذه الوظيفة اية تفاهمات اقليمية، ما دام اطراف محليون يخرقون الخطوط الحمر الموضوعة من اجل الإبقاء على البقية الباقية من امكان ضبط الأوضاع.

فالقضية لم تعد تتعلق بكيفية معالجة هذا الملف او ذاك، وانما تتعلق بكيفية تنظيم استمرار العيش في بلد متعدد سياسياً وطائفياً، وتضبيط موازين القوى الداخلية بما يتيح استمرار نظام الحكم المنبثق من اتفاق الطائف... او على الأقل هذا ما ينبغي ان تكون عليه الأمور في حال استمرار الإجماع الداخلي على ذلك، كما يُقال حتى الآن.

هذا الانكشاف الداخلي ينطوي على اخطار قد تكون قاتلة هذه المرة. ويشكل تداركه اولوية تفوق في خطورتها كل القضايا موضع النزاع الحالي، بما في ذلك المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. واذا كان مسيحيون التقوا في الصرح البطريركي ليشددوا على بديهية الأخطار الناجمة عن الابتعاد عن الدولة والمؤسسات، ولاقاهم في هذا الهاجس تيار المستقبل الممثل لغالبية السُنة في لبنان، يصبح السؤال المتعلق بهذه الهواجس مطروحاً بقوة على «حزب الله»، ليس بصفته حركة ترفع شعار المقاومة وتتمسك بسلاحها، وانما كحركة شيعية اساساً.

السؤال يطرح على «حزب الله» لأنه جعل من قضية المحكمة مسألة تتعلق بجوهر النظام وليس بمجرد تحقيق قضائي حتى لو قيل انه مسيّس. وفي الوقت نفسه، وبصرف النظر عن النيات، لم يوفر ما يكفي من ضمانات سياسية وامنية لعدم المس بجوهر النظام. لا بل تُسمع من على اطرافه سيناريوات، لم ينفها رسمياً، عن قدرات على قلب الطاولة على الجميع وإحداث تغيير حتى بالعنف.

والسؤال المطروح على «حزب الله»، كحركة شيعية لبنانية قوية، هو عن مدى ذهابه في رهان تجارب القوة الى حد الانقطاع عن مكونات طائفية لبنانية اخرى لا تقل تمثيلاً طائفياً عنه. يمكن «حزب الله» ان ينفي، ربما عن حق، نيته في حسم امني وتغيير النظام لمصلحته، لكن ذلك سيكون محصلة ونتيجة لسيرورة بدأت في البلد. ونفي النية لا ينفي الوصول الى هكذا نتيجة.

و «حزب الله» معني اكثر من غيره بالرد على هذه الاسئلة، خصوصاً ان الأكيد في خطابه هو العمل على منع الفتنة، بوجهيها الإسلامي - الإسلامي والإسلامي - المسيحي. لقد دأب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله على استهلال كل طلاته الإعلامية بجولة افق سياسية على المنطقة، بما يعني انه يرصد تطوراتها على المستويات كافة. وهذا الرصد لا يمكنه ان يغفل الهواجس الكبيرة والخطرة المتعلقة بالفتنة في المنطقة. ولا يمكنه ان يغفل مخاوف متزايدة لدى المسيحيين خصوصاً من كون تحولهم عناصر غير مرغوب فيها وربما مستهدفة بالتهميش والتهجير والقتل. وهذا ما ينعكس على المسيحيين في لبنان، والذين يعتبرون ولأسباب تاريخية، ان ضمانتهم تظل في طبيعة النظام وما يوفره لهم من مشاركة فعلية.

وفي هذه الفترة الملتهبة بالهواجس والمخاوف، يتحول اي التباس في مواقف «حزب الله» مزيداً من الهواجس والمخاوف لشركائه في الوطن، ويقلل فرص تفاهمات تطاول هواجسه ايضاً... وهي الهواجس التي يعتبر بعض انصاره ان تبديدها ينبغي ان يكون عملاً أحادياً.

================================

أحصنة طروادة تتجول في شوارع بغداد

بلال الحسن

الشرق الاوسط

7-11-2010

دخل الحصان مدينة طروادة ودمرها من الداخل، ثم أصبح رمزا تاريخيا صالحا للاستعمال حتى الآن، فإذا لم تستطع أن تدمر القلعة من الخارج، فتش عن طريقة لتدميرها من الداخل.

وما يجري في العراق الآن ليس أن حصان طروادة قد دخلها وأصبح مستعدا لتدميرها. ما يجري في العراق الآن أكثر خطورة، إذ أن حصان طروادة لم يعد وحيدا، لقد أصبح مجموعة من الأحصنة. ولم تدخل هذه الأحصنة العراق من الخارج فقط، بل لقد أصبحت لها قابلية التوالد داخل العراق، وكل حصان يدخل، أو كل حصان يتوالد، يمثل بلدا أجنبيا، أو يمثل طرفا محليا يتحالف مع بلد أجنبي. ولم يعد المواطن العربي يدري إن كان حصان طروادة هذا غازيا أجنبيا، أو عراقيا يغزو من الداخل مستعينا بقوة الأجنبي، إنها صورة أسطورية، وهي أيضا صورة خرافية، وهي أيضا وأيضا صورة عبثية، تتراءى لك أحيانا كصورة امرأة جميلة، وقد تتكشف لك صورة المرأة الجميلة عن وحش مفترس، تماما كما في أفلام هوليوود.

في قلب هذه الصورة التي لا منطق لها، جاءت مبادرة الملك عبد الله، داعية العراقيين إلى القدوم إلى السعودية ليجلسوا تحت علم الجامعة العربية بحثا عن حل لمشكلاتهم، يبدأ بالبحث عن حل لمشكلة تشكيل الحكومة التي تعذر عليهم تشكيلها، حتى بعد ستة أشهر من المباحثات.

والغريب أن كل من لم يستطع أن يجترح حلا لتشكيل تلك الحكومة العتيدة، خرج على الناس شاهرا لسانه، يعلن معارضته للمبادرة. بعضهم قال إنه يعارضها لأنها جاءت متأخرة. متأخرة عن ماذا؟ لا أحد يدري. وبعضهم قال إنها جاءت لتخرب اتفاقا على وشك أن يتم. ويعنون بذلك أن حكومة كانت على وشك أن تشكل، فجاءت المبادرة السعودية لتوقف تشكيلها. وقال بعض آخر إن مبادرة كردية تشكل «خارطة للطريق» أطلقها مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، ودعت إلى اجتماع كل الأطراف العراقية عند طاولة واحدة، وإذ بالمبادرة السعودية تأتي وتعرض على الأطراف قاطبة، أن يلتقوا عند طاولة واحدة في مكان آخر. هكذا فإن طلب تغيير الطاولة أحبط المبادرة الكردية. وتلتقي كل هذه التأويلات حول جوهر واحد وهو أن السياسيين العراقيين لا يريدون حلا لمشكلتهم، ولا يريدون مساعدة لهم في حل مشكلتهم. وهم يدعون أن لديهم حلا سريعا وناجزا ولكن هذا الحل لا يراه أحد غيرهم.

وهؤلاء الذين يقولون هذا، والذين يتحدثون عن حلول لا وجود لها، والذين يستنكرون أن يقترح عليهم أحد ما محاولة للحل، هم كلهم من أولئك الخارجين من جوف الحصان، حصان كان يسمى حصان طروادة، وهو حصان يمكن الآن تسميته بما تشاء، لأنه حصان متكرر، ومتجدد، قادم من الخارج أحيانا، ومن الداخل أحيانا.

يروي أهل بغداد، أنهم شاهدوا أول ما شاهدوا، حصانا ضخما متعدد الرؤوس، ومتعدد الأرجل، يصهل بلكنة أجنبية غير مفهومة، وأنهم ذهلوا عندما وجدوه يلفظ من جوفه جنودا وبشرا ينطقون بلهجة عراقية يفهمونها. وقال لهم بعض هؤلاء الوافدين إن الحصان المرعب هو حصان أميركي الصنع، وإنه جاء برفقة عراقيين، بعضهم سياسيون، وبعضهم مفكرون، وبعضهم والعياذ بالله. بل إن بعضهم أبلغهم بأن للحصان اسما يعرف به، هو اسم جنرال في الليل، وهو اسم رجل في النهار يدعى «بريمر».

ويروي أهل بغداد، أنهم شاهدوا في مكان آخر، حصانا ذا ملامح مختلفة، يتسلل بهدوء، ومن دون ضجة، ويستقر في منطقة الشمال. وقال بعضهم إنه حصان قادم من أرض فلسطين، ولكن الهابطين عليه لا يتكلمون العربية، وحتى أنهم لا يتكلمون العبرية. والغريب أنهم يتحدثون لغات شتى، ينطقون أحيانا بالإنجليزية، وأحيانا بالفرنسية، وأحيانا بالروسية أو البولندية أو الليتوانية. وقالوا إنهم ليسوا أهل حرب، بل أهل استطلاع ومعلومات، وإنهم سيساعدون في البناء، بناء مطار وما شابه، وإنهم يحبون القنص، وإطلاق نار على نوع معين من البشر معروفين بسعة العلم والمعرفة.

ويروي أهل بغداد أنهم شاهدوا أيضا في مكان آخر، حصانا آخر، له ملامح أحسوا وكأنهم يعرفونها، وحين هبط رواد الحصان ذاك، أحسوا بأنهم يعرفونهم أيضا كأفراد، فملامحهم شبيهة بملامح أهل الحي. وكانت دهشتهم حين شاهدوا بعضهم يصلي، صلاة تشبه صلاة أهل الحي. ولكن مفاجأتهم كانت حين تحدثوا إليهم، ولم يستطيعوا فهم لغتهم. وقد تسلل أولئك الهابطون من هذا الحصان بهدوء بين الشوارع والأزقة، وما هي إلا ساعات حتى لم يعد أحد يدري أين هم.

ومع الزمن اختفت هذه الأحصنة من المناطق التي هبطت فيها، ثم تعوّد المواطنون على مشاهدتها وهي تظهر فجأة في مناطق أخرى. ومع الزمن اعتاد الناس على رؤيتها، تظهر هنا وتختفي هناك، ولكنها كانت ولا تزال موجودة.

وبرز من قال إن هذه الأحصنة قد تحولت إلى أحزاب، وإن بعض من فيها قد أصبحوا وزراء، وإن بعضهم أصبحوا إرهابيين يفجرون العبوات، وإن بعضا منهم برعوا في الاغتيال، والغريب أنهم جميعا شاركوا في الانتخابات، وأن أغلبيتهم الآن ترفض المبادرة السعودية.

إنهم يرفضون المبادرة السعودية لأنها لا تتحدث لغتهم. إنها تدعوهم ليتحدثوا لغة عربية واضحة، وهم يفضلون كما يبدو تلك اللغات التي ألفوا التحدث بها في السنوات السابقة.

لقد مضت سنوات على المنطقة العربية، وهي تفتقد إلى جهة تتحرك في الوقت المناسب، وتبادر في الوقت المناسب، إلى أن أطلق الملك عبد الله مبادرته لتناسي الخلافات في قمة الكويت، ثم بادر ومد يده نحو سورية، وتلاقت الأيدي في جهد مشترك، توجه أولا نحو لبنان، وفي لبنان يطل الخطر الإسرائيلي ويفرض نفسه على جدول الأعمال. وتفاءل الجميع خيرا بالتحرك العربي، وبتلاقي الأطراف العربية بعد طول غياب. وحين كان لا بد أن يتجه هذا التحرك نحو بغداد، علت أصوات الرفض العراقية. والغريب أنه في الوقت نفسه علت الأصوات الأميركية تهاجم سورية، وتنتقد محاولات الحوار في لبنان. وبالطبع فإن السعودية قادرة على أن تفهم معنى الانتقاد الأميركي وتوقيته، فهي لا تريد لأحد أن يتحرك خارج تكتيكها وتوقيتها، وهي تحول نفسها بذلك إلى حصان طروادي جديد، حصان متكرر بالطبع.

وهكذا.. وبينما تطل مبادرة الملك عبد الله على العراق، مدعومة من عرب كثيرين، تتجول أحصنة طروادة في شوارع بغداد، وهي ترطن بلغات كثيرة تغيب عنها اللغة العربية.

================================

التصدير سبيلنا نحو الاستقرار

باراك أوباما

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

خدمة «نيويورك تايمز»

الشرق الاوسط

7-11-2010

في الوقت الذي تتعافى فيه الولايات المتحدة من الركود الاقتصادي، تأتي إعادة بناء اقتصادنا على نفس الكم الهائل من الدين أو المكاسب الوهمية للتكهنات المالية كأكبر خطأ يمكننا القيام به. نحن بحاجة إلى إعادة البناء على أساس أقوى وأحدث للنمو الاقتصادي. وجانب من هذا الأساس يتضمن القيام بما أجاده الأميركيون من اكتشاف وخلق وبناء منتجات تباع في جميع أنحاء العالم. ونحن نرغب في أن نشتهر، لا بما نستهلكه، بل بما ننتجه، وكلما زادت صادراتنا، زادت فرص الوظائف في أميركا. والحقيقة أن كل مليار دولار نصدر به يدعم أكثر من 5,000 وظيفة في الداخل.

ومن ثم وضعت هدف مضاعفة الصادرات الأميركية خلال السنوات الخمس القادمة. وللقيام بذلك، نحن بحاجة إلى إيجاد عملاء في الأسواق الجديدة للمنتجات الأميركية، وبعض الأسواق الأسرع نموا في العالم؛ في آسيا التي أزورها الأسبوع الحالي.

من الصعب المغالاة في أهمية آسيا بالنسبة لمستقبلنا الاقتصادي، فآسيا موطن لثلاثة من أضخم خمس اقتصادات على مستوى العالم، فضلا عن الطبقة الوسطى التي تشهد توسعا سريعا مع ارتفاع الدخل، ومن ثم فإن رحلتي ستأخذني إلى أربع ديمقراطيات آسيوية - الهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان - تعتبر كل منها شريكا هاما بالنسبة للولايات المتحدة، كما سأشارك أيضا في اجتماعي قمة - مجموعة الدول الصناعية العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي - اللذين سيركزان على النمو الاقتصادي.

خلال زيارتي الأولى إلى الهند، سيصاحبني مئات من رجال الأعمال الأميركيين ونظرائهم الهنود لنعلن عن تقدم ملموس نحو هدف التصدير؛ عقود بمليارات الدولارات التي من شأنها دعم عشرات الآلاف من الوظائف الأميركية. وسنعمل أيضا على استكشاف سبل خفض الحواجز أمام صادرات الولايات المتحدة وزيادة فرص الوصول إلى السوق الهندية.

من ناحية أخرى تأتي إندونيسيا كعضو في مجموعة ال20، وستتولى العام المقبل رئاسة اتحاد دول جنوب شرق آسيا، يشكل أعضاؤه سوقا تضم أكثر من 600 مليون شخص تندمج بصورة متزايدة في منطقة للتجارة الحرة، والتي تبلغ صادرات الولايات المتحدة إليها 80 مليار دولار من السلع والخدمات سنويا. وقد عمقت إدارتي من مشاركتنا مع أعضاء دول آسيان، فخلال الأشهر الثمانية الأولى من 2010، زادت الصادرات من البضائع الأميركية إلى إندونيسيا بنسبة 47 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2009، وهذا هو الزخم الذي سنركز عليه في سعينا إلى شراكة شاملة جديدة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا.

وفي كوريا الجنوبية سأعمل أنا والرئيس لي ميونغ باك على استكمال اتفاقية للتجارة التي يمكن أن تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات والتي ستزيد من الصادرات وستوفر آلاف فرص العمل للعمال الأميركيين. ففي الوقت الذي تسعى فيه دول أخرى مثل كندا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقيات تجارية مع كوريا الجنوبية، تفقد الشركات الأميركية فرص بيع منتجاتها في هذه السوق النامية. لقد اعتدنا أن نكون أكبر مصدر لكوريا الجنوبية، والآن نحن في المركز الرابع، وانخفض نصيبنا من واردات كوريا إلى النصف خلال العقد الماضي.

لكن أي اتفاق يجب أن يأتي وفق الشروط الصحيحة. ولعل هذا هو السبب في سعينا إلى حل القضايا العالقة نيابة عن المصدرين الأميركيين، بما في ذلك السيارات والعمال الأميركيون. وإذا تمكنا من ذلك، فسنتمكن من إنهاء الاتفاق الذي يدعم فرص العمل والازدهار في أميركا.

كما ستستضيف كوريا أيضا المنتدى الاقتصادي لمجموعة دول العشرين، المنظمة التي جعلناها محور التعاون الاقتصادي الدولي. وقد عملت المنظمة العام الماضي على وقف انتشار أسوأ أزمة اقتصادية شهدها العالم منذ الثلاثينات. وستكون أهم أولوياتنا، هذا العام، تحقيق نمو متوازن وقابل للاستدامة وقوي، وهو ما سيتطلب تعاونا ومسؤولية من جميع الدول، من الدول ذات الاقتصادات الناشئة والأخرى ذات الاقتصادات المتقدمة، أو تلك التي تعاني أو عجزا أو الأخرى التي تشهد فائضا.

وأخيرا سأواصل في اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، السعي البحث عن أسواق جديدة في آسيا للصادرات الأميركية. نحن نرغب في توسيع نطاق شراكاتنا التجارية في المنطقة، ومن بينها الشراكة عبر المحيط الهادي لنؤكد أننا لا نتخلى عن الأسواق والصادرات والوظائف للدول الأخرى. وسوف نقوم بالأعمال التحضيرية لاستضافة اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في عام 2011 في هاواي، والذي سيكون أول اجتماع لهذا التجمع على الأراضي الأميركية منذ عام 1993.

التحدي الكبير الذي نواجهه في الوقت الحالي هو التأكد من أن أميركا مستعدة للتنافس على وظائف وصناعات المستقبل. ربما يكون التحول إلى الداخل، في أوقات المصاعب الاقتصادية، بعيدا عن التجارة والتبادل التجاري مع الدول الأخرى، مغريا، لكن هذا ليس طريقا للنمو في عالمنا المترابط، ولا طريقا إلى الوظائف. لا يمكننا الإعراض عن هذه الأسواق، يجب على حكومتنا أن تعمل جنبا إلى جنب مع الشركات الأميركية والعمال على اتخاذ الخطوات اللازمة لترويج وبيع السلع والخدمات في الخارج، ولا سيما في آسيا. هذه هي الطريقة التي سنتمكن من خلالها من خلق فرص العمل والازدهار والاقتصاد على أساس أكثر متانة.

=======================

زيارة أوباما للهند... التجارة قبل السياسة!

تاريخ النشر: الأحد 07 نوفمبر 2010

بن آرنولد

مومباي

الاتحاد

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«كريستيان ساينس مونيتور»

لا شك أن الهدف الأبرز من وراء زيارة أوباما أمس إلى الهند هو تعزيز علاقات بلاده الاقتصادية مع نيودلهي ذات النمو الاقتصادي المتسارع. وقد خاطب المئات من مديري العمل والاستثمار التنفيذيين من كل من الولايات المتحدة والهند أثناء مؤتمر قمة استثماري عقد يوم أمس السبت. ولكن على رغم الحماس الذي أبداه كبار المستثمرين من كلا البلدين تجاه هذه الزيارة، يبدي ملايين العمال الأميركيين والهنود قلقاً من تزايد احتمال فقدان لوظائفهم جراء عمليات الدمج وتخفيض التكلفة الإنتاجية من قبل الشركات متعددة الجنسيات.

فمن جانب الأميركيين تشير الإحصاءات إلى أن قلق العمال من تهجير الاستثمارات والوظائف إلى دول أخرى بلغت نسبته 80 في المئة، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي الذي أجرته "وول ستريت جورنال" مؤخراً. وتشير هذه النسبة إلى تزايد مشاعر الإحباط في صفوف العمال من الارتفاع المطرد لمعدلات البطالة فيما بينهم. وفي شهر أغسطس الماضي رفعت الولايات المتحدة تكلفة إصدار تأشيرة دخول العاملين في مجالات التقانة المتقدمة، الذين ابتعث بعضهم إلى الولايات المتحدة من أجل المساعدة في تذليل عمليات تهجير الاستثمارات إلى خارج الحدود، أو بصفة مستشارين استأجرتهم الشركات الأميركية مؤقتاً. وفي الهند يزداد القلق من أن تسحق شركة "وول- مارت" العملاقة الطبقة الوسطى الهندية النامية.

يذكر أن المسؤولين الأميركيين يبذلون ما بوسعهم لنفي الصورة النمطية السائدة عن الهند في أوساط العاملين الأميركيين باعتبارها دولة تنزع منهم وظائفهم وتحرمهم لقمة عيشهم وعيش أطفالهم. ويستند المسؤولون الأميركيون في محاولة نفيهم لهذه الصورة النمطية عن الهند، إلى دراسة أجراها "معهد الشؤون الدولية الأميركي- الهندي" ربطت نحو 96 ألف وظيفة أميركية جديدة بالصادرات الأميركية إلى الهند. وفي الوقت نفسه فإن التبادل التجاري الثنائي بين البلدين، الذي يتوقع لقيمة عائداته أن تصل إلى 50 مليار دولار خلال العام الحالي يبقى متوازناً إلى حد كبير.

وفي الهند نجحت حركة شعبية واسعة في صد المنافذ أمام الشركات والاستثمارات الأجنبية منعاً لها من اقتحام قطاع تجارة التجزئة الهندي. صحيح أنه لا يزال في وسع شركات خاصة مثل "هارلي-ديفيدسون" و"هيولت- باكارد" فتح متاجر لها في جميع الولايات الهندية إن شاءت، في حين تمنع سلسلة شركات عملاقة مثل "وول-مارت" و"آيكيا" فتح محال تجارية لها في الهند حتى الآن. وعلى حد قول فينود شيتي -رئيس منظمة "إف دي آي"- وهي عبارة عن حملة شعبية واسعة تستهدف منع شركات التجزئة متعددة الماركات التجارية من اقتحام قطاع التجزئة الهندي -فإذا ما سمح لشركة "وول-مارت" بالدخول إلى قطاع التجزئة الهندي، وفيما لو حققت ذات معدل النمو الذي حققته في الولايات المتحدة، فسيكون بوسع المرء أن يلاحظ أثراً سلبيّاً على الهند، ينعكس على ما يزيد على 20 مليون نسمة على الأقل. ويستطرد "شيتي" قائلاً: "إن كثيراً جدّاً من أصحاب المتاجر الهندية الصغيرة، هم أولئك الذين ادخروا أموالهم واستثمروها في هذا النوع الصغير من الاستثمار كي يتمكنوا من إلحاق أبنائهم وبناتهم بالكليات الجامعية. بل إن هؤلاء التجار الصغار هم الذين مولوا النجاح الاقتصادي الكبير للهند".

ويعرف عن الهند أن فيها 12 مليون متجر وأنها تمثل أعلى كثافة لتجارة التجزئة عالميّاً. ومعظم هذه المتاجر صغير الحجم ويزدحم بالبضائع المتكدسة فيه من الأرضية إلى السقف. وفي المقابل لا تنتشر ظاهرة السوبرماركت كثيراً في الهند. وتلي تجارة التجزئة القطاع الزراعي مباشرة من ناحية كونها أكبر مشغّل للعمالة الهندية. وفيما لو اقتحمت سلسلة أسواق "وول- مارت" السوق الهندية، فإن ذلك سيرغم المتاجر الصغيرة على إغلاق أبوابها، ما يعني انقطاع مصدر رزقها وتشريد أصحابها من عملهم وهم بالملايين، على حد قول "شيتي" رئيس المنظمة المذكور.

ثم يبقى السؤال: هل أصبحت الهند جاهزة بالفعل لاستقبال الشركات الأميركية العملاقة؟ الإجابة هي أن قطاع التجزئة الهندي يتجه تدريجيّاً وببطء نحو التحول إلى المحال التجارية الكبيرة. ومع ذلك يحاجج "شيتي" بالقول إنه لا ينبغي تسريع هذه العملية بواسطة تدخل عدواني عنيف من قبل الشركات الأجنبية. وهو مع ذلك يعترف بأهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات التي لا يتمتع فيها الهنود بالدراية والتجربة الكافية. غير أن قطاع تجارة التجزئة لا يمكن أن يكون أحد هذه القطاعات بأي حال، لكونه فن الاستثمار الأساسي الذي يتقنه الهنود.

ومن جانبه لا يشاطر "مجلس الاستثمار الأميركي- الهندي" -وهو الجهة المضيفة لقمة الاستثمار التي خاطبها أوباما يوم السبت- هذا الرأي. فخلافاً لما يقوله "شيتي"، يرى "المجلس" أن قطاع التجزئة الهندي بات ناضجاً ومستعداً لتطبيق سياسات التحرير التجاري، واستقبال أوسع مشاركة دولية ممكنة فيه.

ومن شأن سياسة التحرير التجاري أن تكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على المجتمع الهندي، من ناحية خلق المزيد من فرص التوظيف، وعن طريق تحديث أساليب تجارة التجزئة التقليدية السائدة في الهند. ولسياسة التحرير التجاري فوائدها الكبيرة من ناحية مساعدتها في إدخال التكنولوجيا وتوظيفها في هذا القطاع التجاري الحيوي، فضلاً عن مساهمتها في تحديث إدارة خطوط الإمداد والتوزيع.

وفي الاتجاه ذاته كانت وزارة التجارة الهندية قد أصدرت ورقة نقاش في شهر يوليو الماضي، أعلنت فيها استعداد الحكومة لفتح قطاع تجارة التجزئة أمام الشركات العالمية، مع الأخذ في الاعتبار بالمخاوف من أن يؤدي هذا الإجراء إلى خسارة ملايين الهنود لوظائفهم ومهنهم. كما أشارت الورقة إلى افتقار خطوط الإمداد للاستثمار والابتكار التجاري.

وخلال السنوات الأخيرة الماضية، فتحت الحكومة الهندية جزئيّاً قطاع تجارة الجملة أمام الشركات العالمية. وقد تمكنت شركة "وول-مارت" من فتح محلين أو أكثر بقليل من محال تجارة الجملة. كما استثمرت جزئيّاً في خطوط الإمداد الخاصة بهذه المحال، بينما تأمل في فتح محال تجارة تجزئة لها في المستقبل.

ولكن إلى متى تنتظر تحقق هذا الأمل؟ هذا ما لا يزال مجهولاً حتى الآن.

=========================

حرب الطرود المفتعلة

الكاتب/ عادل عبد الرحمن

6/11/2010

alrhman@gmail.com

http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=1&id=123133&cid=2041

منذ اسبوع مضى توالت في الاجواء الاقليمية والدولية حرب الطرود الارهابية المستهدفة للشخصيات القيادية الاوروبية، المستشارة أنجيلا ميركل، الرئيس ساركوزي، وبرلسكوني.. بلغ عدد الطرود الحاملة للمواد المتفجرة ثلاثة عشر طردا.

ومازالت الحرب الجديدة للارهاب المنظم تتفاقم، ويتم اكتشاف طرود جديدة في الايام المقبلة.

بغض النظر عن الجهة التي تقف وراءها، فانها جهة ارهابية تستهدف زعزعة الاستقرار في العالم. ولا يمكن لعاقل أياً كانت جنسيته أو خلفيته الفكرية أو اتجاهه السياسي الصمت على الحملة الارهابية الجديدة المنفلتة من عقالها، او غض النظر عنها وتجاهلها، لاسيما وأنها تمس أمن واستقرار دول وشعوب والحريات فيها.

لكن المدقق في حرب الطرود الارهابية الجديدة، لا يسعه التعاطي الساذج والقراءة السطحية لابعاد وتداعيات وخلفيات الحملة الجديدة، التي انفجرت وكأنها بركان أخذت شظايا نيرانه تقذف حممها. الحملة الارهابية الجديدة وأياً كان اسم الجهة التي تقف وراءها، أو التي يروج اسمها الاعلام الدولي والمؤسسات الامنية الرسمية، فانها حرب من نوع آخر، تتجاوز حدود المنظمات الارهابية المعروفة لتطال دولاً بعينها لها مصلحة في اشاعة أجواء الارهاب لتحقيق أكثر من غرض. ولعل عودة للتاريخ عشية وبعد اقامة دولة الابرتهايد الاسرائيلية في نهاية الاربعينيات وفي مطلع الخمسينيات يمكن المراقب الموضوعي من المقاربة بين العمليات الارهابية التي نفذتها المنظمات الصهيونية وأجهزة أمن دولة الارهاب المنظم العبرية وحرب الطرود الحالية. حيث استهدفت آنذاك الحركة الصهيونية فرض الهجرة على اليهود من دول العالم عموما والدول العربية خصوصا. والشيء بالشيء يذكر، فان الادعاءات الاميركية بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، وتضليل الرأي العام الاميركي والاوروبي والعالمي، كانت تستهدف التمهيد لشن الحرب على الشعب العربي العراقي، ونفس الشيء ما يجري الان في السودان ودول الشرق الاوسط عموما.

حرب الطرود الارهابية ليست وليدة الصدفة، ولا هي معزولة عن بعضها البعض، بل انها جزء من مخطط مدروس وهادف لتحقيق أكثر من هدف، منها:

اولا، تسعير الحملة على الشعوب والدول العربية والاسلامية من خلال الاعلان عن مصدر الطرد الاول، اليمن، وتوجيه الاتهام للمنظمات الارهابية، التي تتلفع بالثوب الاسلامي، مع أن القاصي والداني يعلم من وقف ويقف وراء هذه المنظمات المفتعلة والمأجورة. ثانيا، تعميق عمليات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والاسلامية، للاسهام في تفتيتها وتقسيمها الى دويلات طائفية ومذهبية واثنية وعرقية.

ثالثا، خلق هوة بين الشعوب الاوروبية والمهاجرين من الدول العربية والاسلامية بتعميق عملية التحريض ضدهم بافتعال حرب الطرود القائمة.

رابعا، الضغط على القيادات الاوروبية واخضاعها لمنطق خنق الحريات، وتشديد الاجراءات البوليسية ضد الابرياء من المواطنين بحجة مواجهة الارهاب.

خامسا، والاهم اخضاع القيادات الاوروبية للاجندة الاميركية - الصهيونية الهادفة لاشعال الحروب في المنطقة وعلى أكثر من مستوى وصعيد وجبهة، بهدف اشراكها في الحروب لاحقا او على أقل تقدير عدم اعتراضها عليها بحجة مواجهة الارهاب.

سادسا، زيادة موازنات وزارات الحرب والمؤسسات الامنية، لانعاش وترويج تجارة الاسلحة لزيادة أرباح كارتلات واحتكارات الاسلحة.

سابعا، وهدف اساسي للحرب الارهابية الجديدة رفع العزلة الدولية عن دولة الابرتهايد العنصرية الاسرائيلية، والتغطية على جرائمها وانتهاكاتها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، تمرير مخططها العدواني على الاراضي الفلسطينية.

حرب الطرود الجديدة مقدمة وتمهيد لتغييرات نوعية في المنطقة العربية خصوصا والشرق الاوسط عموما، فضلا عن التحولات التي ستشهدها اوروبا باتجاه تشديد الاجراءات والممارسات البوليسية ضد الاقليات العربية والاسلامية. الامر الذي يفرض على القوى الديمقراطية والمحبة للسلام التصدي للابعاد الخطيرة التي تستهدفها حرب الطرود. وقطع الطريق على حكومة نتنياهو وجماعات اليمين الجمهوري المتصهين ومن يدور في فلكهم، لحماية السلم في المنطقة والعالم برمته.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ