ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 13/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

انفصال جنوب السودان تهديد للأمن الوطني المصري

د. يوسف نور عوض

2010-11-10

القدس العربي

إذا نظرنا إلى السياسة الخارجية المصرية وجدنا أنها مركزة في إطار محدود، إذ يندر أن تنظر مصر لواقعها السياسي نظرة إستراتيجية، فهي دائما ترى في نفسها لاعبا أساسيا في حل المشاكل خاصة إذا كانت مواقفها تجد دعما من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة، ولكني أعتقد أن مصر ستواجه في الأشهر المقبلة أكبر تحد في تاريخها، وهو احتمال أن يسفر الاستفتاء في جنوب السودان عن انفصال جنوب البلاد وإقامة دولة مستقلة.

والملاحظ هو أن مصر حتى الآن لم تعط هذا الأمر ما يستحقه من اهتمام، وكل ما فعلته قبل فترة قليلة هو أنها توجهت إلى جنوب السودان وقدمت دعما ماليا بهدف إقامة مشروعات في تلك المناطق على أمل أن تكون مثل هذه المشروعات سببا في إقامة علاقات مستقبلية حميمة بين مصر ودولة الجنوب المنفصلة، وقد رأينا في الوقت ذاته وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط يقول إن بلاده ستدعم فكرة إجراء الاستفتاء في موعده، وهو موقف ربما يخلو من التصور الاستراتيجي السليم لأنه في الوقت الذي يرضي بلدا مثل الولايات المتحدة تلح على أن يجري الاستفتاء في موعده فهو بكل تأكيد لا يخدم مصالح مصر التي سوف تتأثر إلى درجة كبيرة في السودان، خاصة أن المشكلة التي سيواجهها السودان قريبا لا تقتصر على السودان وحده بكونها تهم مصر أيضا ومن ثم يجب أن تفكر مصر مع السودان من أجل الخروج من هذا المأزق الذي تتكاتف دول أجنبية من أجل الوصول به إلى غاية لا تخدم مصالح البلدين، خاصة أننا رأينا قبل عدة أيام أن 'جون كيري' قدم خريطة طريق للحكومة السودانية تحدد كيفية الوصول إلى الاستفتاء في موعده المحدد، كما أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف ترفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب مقابل أن يعمل على إتمام الاستفتاء في موعده، والسؤال هنا هو، هل السودان دولة إرهابية أم لا؟

فإذا كان دولة إرهابية فيجب ألا ترفع الولايات المتحدة اسمه من هذه القائمة تحت أي ظرف من الظروف، وإذا لم يكن كذلك فيجب أن تعلن الولايات المتحدة أنها تستخدم قائمة الإرهاب لأغراض سياسية وهنا سنتساءل ما الذي يعطي الولايات المتحدة الحق في أن تصنف الدول في قوائم الإرهاب مع أن معظم دول العالم تعتقد أن ما ارتكبته واشنطن من عمليات إرهابية في العراق وأفغانستان وغيرهما من البلاد يفوق كل ما عرفه الإنسان خلال تاريخه الطويل.

ولا شك أن موقف مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع الرافض للمبادرة الأمريكية كان مصيبا، ولكنه جاء كما يقولون في الوقت الضائع إذ هو تأخر كثيرا في وقت بدأ الجنوب فعلا في الاستعداد للاستفتاء كما بدأت الأمم المتحدة ودول العالم تحفز لهذه العملية التي يعلمون أن نتيجتها محسومة ليس لأنها تعكس إرادة شعب الجنوب بل لأنها تتم بدعم من جهات خارجية لها مصلحة في تفكيك دولة السودان، وقد رأينا في الأيام الأخيرة الرئيس السوداني يكون لجنة من أجل النظر في استفتاء جنوب السودان وقال الرئيس إن على هذه اللجنة أن تبحث في الوسائل التي يمكن بها أن يستمر السودان موحدا، والغريب أن من بين أعضاء هذه اللجنة نائب الرئيس سلفا كير الذي يرسل إشارات متناقضة، فهو في الوقت الذي يدعو فيه إلى الوحدة نلحظ أن جهوده بأكملها في جنوب السودان تتجه نحو دعم اتجاهات الانفصال. كما نلحظ في الوقت ذاته أن معظم الأحزاب في شمال السودان التي تصنف نفسها في خانة المعارضة لا تريد أن تشارك في هذه اللجنة التي كونها الرئيس السوداني، لعلمها أن الانفصال أصبح شيئا محتوما وهي لا تريد أن تشارك في تحمل المسؤولية، والمسألة في تقديري لا تتعلق بمن يتحمل المسؤولية بل تتركز أساسا في ضرورة أن يبقى السودان موحدا، ويجب هنا أن نقول إن اتفاق 'نيفاشا' الذي أوجب الاستفتاء لم يتم في ظروف طبيعية ذلك أن دولا أجنبية وفي مقدمها الولايات المتحدة كان لها هدف في إجراء الاستفتاء الذي كانت تعلم أن نتيجته هي تفكيك السودان، وهكذا فإن هذا الاستفتاء غير ملزم لشعب السودان الذي لم يقرر إعطاء الجنوبيين هذا الحق، وإذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى فسنجد أن معظم الذين يدعمون الانفصال في الوقت الحاضر هم عناصر غير سودانية، بكون السودان خضع منذ أن نال استقلاله لعمليات هجرة واسعة من بعض الدول الأفريقية وخاصة كينيا وأوغندا وبالتالي فإن معظم العناصر التي تريد تمزيق السودان تنتمي إلى جماعات المهاجرين.

وقد رأينا حديثا زيارة وفد كيني إلى جنوب السودان كما رأينا يعض الكينيين يصرحون بأنه في حال انفصال جنوب السودان فإن دول شرق أفريقيا ترحب بهذه الدولة الوليدة ضمن مجموعتها ولا شك أن مثل هذه التصريحات تتنافى مع ما تدعو إليه منظمة الوحدة الأفريقية التي تسعى إلى توحيد القارة، لا إلى تفكيك دولها، ذلك أن الأساس الذي ستعتمد عليه الوحدة الأفريقية هو تماسك دول القارة بصرف النظر عن انتماءات سكانها العرقية، وإن أخطر ما تتعرض له القارة في هذه المرحلة هو أن تلعب المصالح الأجنبية الدور الأكبر في السيطرة على شعوبها. خاصة إذا كان الأساس الذي تعتمد عليه هذه المصالح هو الاختلافات العرقية، ذلك أنه لا توجد أي أسباب منطقية تلعب عليها المصالح الأجنبية في جنوب السودان سوى الاختلافات العرقية والدينية، وهي اختلافات يجب ألا يحملها الناس حالة التخلف التي يعيش فيها جنوب السودان ذلك أن هذه الحالة لم يكن سببها شمال السودان، فالشمال ليس دولة كبرى حققت درجة عالية من التقدم في الوقت الذي ظلت تهمل فيه الجنوب، كما أن الشمال لا يمتلك وحده الإمكانات التي تغير حال الجنوب، فالشمال مازال بحاجة إلى المزيد من التنمية، وقد كان الجنوب خلال الحكم البريطاني يقع ضمن دائرة أطلق عليها المناطق المقفولة التي كان يحرم على الشماليين الدخول أو العمل فيها، وحتى خلال الحكم الوطني فإن بعض العناصر قادت حركة تمرد كان من الصعب خلالها القيام بعملية التنمية إذا كانت تلك العملية أصلا هي مسؤولية الشمال، وأخيرا فإن الجنوب يحكم نفسه بنفسه حكما ذاتيا، وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي تصب في داخله فإن حكومته لم تستطع أن تحقق التغيير الذي تطلبه من حكومة الشمال.

والمسألة في نهاية الأمر من وجهة نظري ليست مسألة مطالب يسعى الجنوبيون لتحقيقها، بل هي مشكلة بلد تفرض ظروفه الجغرافية أن يكون موحدا، خاصة أنه يواجه مشكلات تمرد في مناطق أخرى مثل دارفور وإذا لم تتحقق الوحدة بين الشمال والجنوب فسيكون من الصعب التوصل إلى سلام في إقليم دارفور، وقد يقول قائل إن دارفور بعيدة عن وادي النيل وبالتالي لا تواجه ظروف الجنوب، وهذا خطأ لأنه إذا تم الانفصال بتآمر دولي فقد تجد دارفور نفسها أيضا مدفوعة لتوحيد مواقفها مع الجنوب ضد الشمال، وهنا يجب أن نتساءل هل الهدف في نهاية المطاف هو شمال السودان؟

الإجابة المنطقية هي أن أهل الشمال مهما كانت أحوالهم فإنهم سيجدون صيغة للتعايش مع العناصر الأفريقية الأخرى، ولكن بالطبع ليس من خلال دولة سودانية قوية ،لأن ما تهدف إليه القوى الخارجية الداعمة لإسرائيل هو ألا يكون في السودان نفوذ عربي قوي حتى لا يكون دعما لمصر في أي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، وقد أوضحت في مقالة سابقة ان الصلح الذي أقامته مصر مع إسرائيل لا يعتبر ضمانا لعلاقات سلمية بينهما لأن إسرائيل بحسب القراءة الصحيحة لسياساتها في الوقت الحاضر لا تريد سلاما مع العرب يحقق مصالحهم وستأتي مرحلة في المستقبل يحدث فيها الشقاق من جديد بينها وبين مصر، وتحسبا لهذه المرحلة تريد إسرائيل منذ الآن أن تقضي على سائر الوسائل التي يمكن أن تتحقق بها قوة مصر، وهكذا يبدو بوضوح أن انفصال جنوب السودان هو في نهايته تهديد إستراتيجي للأمن المصري وذلك ما يستوجب أن تتخذ مصر منذ الآن سياسة تضامنية جديدة مع السودان تحقق لها مصالحها المستقبلية.

' كاتب من السودان

=================

الفلسطينيون كاذبون وغولدستون وغد

صحف عبرية:

2010-11-10

القدس العربي

في النقاش الذي لا ينقطع عن صورة اسرائيل المشكلة في وسائل الاعلام الدولية، يُكرر زعم أن اسرائيل صورت ذات مرة على أنها داود والعرب على انهم جالوت، وانقلبت الامور في السنين الاخيرة رأسا على عقب فالفلسطينيون يُصورون انهم شعب صغير شجاع يحارب عن حريته بالحجارة والقنابل البدائية الجبّار الاسرائيلي المسلح بسلاح ذري وبطائرات اف 16.

إن الرأي العام في الغرب الذي رُبي أجيالا على القصة من الكتاب المقدس، سيؤيد على نحو غريزي بطلا حسن الصورة، يهزم الجبّار صاحب الدرع والقاسي. والسبب مفهوم: إذ عندما قتل الفتى الراعي الاسرائيلي من بيت لحم المحارب الفلسطيني من غات، لم يحظ بالتكريم، وبالزواج بابنة الملك ووراثة التاج في المستقبل فحسب بل بالمنافسة في 'تلذيع الوعي'. يكتب المنتصرون التاريخ، وثبتت رواية داود على أنها الرواية الصحيحة.

لكن لنفترض أن جالوت انتصر، وأن الفلسطينيين أورثوا الأجيال التالية القصة. كانت ستُقرأ على هذا النحو تقريبا: شعب متطور أحدث أبناؤه العلوم والثقافة الغربية، التي جاءت في سفن من اوروبا الى شواطىء ارض اسرائيل، وانشأوا مدننا في الساحل وبمساعدة تقنية عسكرية متفوقة حاول أن يُخضع أناس الجبل البدائيين. وامتدت الحرب عدة أجيال الى أن تلاشى الجبليون وسيطرت مملكة الساحل على البلاد كلها.

أيُسمع ناشزا؟ هذا بالضبط هو الشأن: فليست الحقائق تقرر الوعي بل شكل عرضها، وتأطير القصة. اذا كانوا علّمونا أن الفلسطينيين كانوا غُرْلا (غير مختونين)، وأشرارا وخاسرين، فسننظر اليهم باشمئزاز ولن نصغي اليهم حتى لو ذكّرت أجزاء في قصتهم بروايتنا.

لم تتغير الحرب على الوعي كثيرا منذ ايام الكتاب المقدس. إن وسائل الاعلام الاجنبية التي ترسل التقارير من هنا جاءت لاستعراض الصراع، ولا تهتم باسرائيل بصفتها كيانا مستقلا. وهي ترى أن اسرائيل جزء من قصة عن الحرب والسلام، وليست دولة هاي تيك غربية متقدمة كما توصف في وسائل الاعلام الاسرائيلية. يميل تأطير القصة الى غير مصلحتها لان من يُسوّي اسرائيل بجالوت والفلسطينيين بداود يأمل في الخفاء انتصار الراعي على المحارب. إن المحاولة الاسرائيلية للاقناع بأننا نشبه الغرب، تبدو تقريبا مثل محاولة فلسطينية قديمة للقول ان شوارع عسقلان القديمة التي افتخر بها جالوت تشبه أثينا الأكثر تقدما وليبرالية من حقول بيت لحم التي رعى فيها داود.

إن الذرائع العادية لمشكلات اسرائيل في الدعاية سخيفة وتنحصر في الحماقات: فالساسة يتحدثون لغة انكليزية معوجة، ومُتحدث الجيش الاسرائيلي يؤخر الصور، والفلسطينيون كاذبون وغولدستون وغد. لكن حتى لو كان افيغدور ليبرمان فصيحا مثل آبا ايبان فما كان ذلك ليُساعد الصورة الاسرائيلية. تكمن المشكلة في التأطير حيث تُرى اسرائيل محتلة ومستوطنة شريرة والفلسطينيون محاربين بررة من اجل الحرية. يُعرض الاحتلال في افغانستان في الغرب على أنه حرب دفاعية عادلة للأشرار من القاعدة، ولهذا يُرى قتل المدنيين في تورا بورا شرّا ضروريا. وتوصف عملية 'الرصاص المصبوب' بأنها انقضاض لا رحمة فيه على سكان أبرياء، ولهذا فان قتل المدنيين في غزة يُندَّد به على انه جريمة حرب. والزعم الاسرائيلي ان العملية كانت ترمي الى وقف اطلاق الصواريخ، وأن الحديث عن دفاع عن النفس، يُقنع الرأي العام في الغرب مثل قصة جالوت المخزونة تقريبا.

لا يعني هذا ان اسرائيل عادلة دائما لكن يصعب عليها أن تقنع بعدالة نهجها. لكنه في الظروف الحالية، تأطير القصة أقوى من الدعاية الاسرائيلية. ولن يُغير ذلك ألف شكوى تُقدم ل 'بي.بي.سي' و 'سي.ان.ان' عن اخطاء في الاستطلاع. وستزيد العداوة لاسرائيل ومُتحدثيها، في الأكثر.

ماذا نفعل؟ الاستنتاج المطلوب هو أننا اذا أردنا أن نبدو في صورة جيدة في الغرب، فانه يجب أن نلائم السلوك للمعايير المعمول بها هناك وأن ندرك أن الحصار والاغتيالات والاستيطان ستظهر على نحو سيىء. لكن يمكن تخيل نهاية اخرى ايضا لقصة الكتاب المقدس: يأتي ملك مصر 'عيمق هألا' عشية المعركة الحاسمة، ويجمع طالوت ملك اسرائيل ونُقباء الفلسطينيين الخمسة في مؤتمر سلام، ويتفق معهم على خطة لتقاسم البلاد بين مملكتي الساحل والجبل. وكانت هذه النهاية توفر الكثير من الدماء والقتل، لكنها تبدو أقل بطولة وإثارة من القصة التي نشأنا عليها. وقد تكون لذلك أقل شعبية من أمل أن ننتصر وأن نكون على حق.

=================

اوروبا ترى تهديدا أمنيا في أسلحة البلقان

الرأي الاردنية

11-11-2010

يخشى خبراء أمن أن يتخذ الهجوم المقبل للمسلحين في أوروبا شكل عملية كوماندوس على غرار ما حدث في مدينة مومباي الهندية وينظرون الى منطقة البلقان كمكان يمكن أن يجد المهاجمون فيه أسلحة بكميات كبيرة يمكن تهريبها بسهولة. وصعدت حكومات غربية ومصادر في المخابرات تحذيراتها في الاونة الاخيرة من استعدادات لشن هجمات في أوروبا والولايات المتحدة وقالت ان المهاجمين قد يحاكون هجوم عام 2008 على الحي التجاري في مومباي والذي قتل فيه 166 شخصا.

 

وقال الخبراء ان فرض قيود صارمة على حيازة الاسلحة والمراقبة الشديدة للجماعات الاسلامية واختراق الشرطة لعصابات الجريمة كلها أمور تردع بيع أسلحة في أغلب أنحاء أوروبا لكنهم أشاروا الى أنه لازالت هناك ثغرة في منطقة البلقان. وقال ادم هوسكيتش عضو اللجنة المركزية للامن والدفاع في برلمان البوسنة "أبسط مشاكل الارهابيين هي الحصول على الاسلحة والذخيرة هنا". ولم يعرف حتى الان مصير ملايين قطع الاسلحة الصغيرة والذخيرة منذ انهيار الجيش الشيوعي اليوغوسلافي السابق ومنذ عقد من الحروب شهدتها المنطقة في التسعينيات.

 

وقال رجل أعمال يعيش في بلجراد وهو تاجر سلاح سابق في مجموعة "زينفوج" العسكرية الصناعية التي تم تفكيكها "بين عامي 1991 1999و كان كل شخص تقريبا في مناطق الحروب لديه سلاح صدر له ترخيص في ظل قيود بسيطة أو بلا قيود". وبالاضافة الى ذلك فان الافا من قطع العتاد الحربي التي لم تنفجر وملايين الالغام الارضية لا زالت موجودة في جبهات قتال سابقة أو بحوزة أفراد في منطقة البلقان بعد حروب تعاقبت في القرن العشرين. وتساعد ثقافة السلاح في المنطقة وعصابات الجريمة المنظمة الكثيرة فيها على جعل البلقان مصدرا محتملا للاسلحة بالنسبة للمقاتلين.

 

وقال بيتر كلارك الرئيس السابق لفرع مكافحة الارهاب في شرطة لندن "أنا متأكد أن البلقان يمكن أن يكون مصدرا جيدا للبنادق الهجومية مثلما كان بالفعل مصدرا لكل أنواع الاسلحة الاخرى على مدى سنوات". وذكر خبراء أسلحة ومسؤولون أن مصدرين في سلوفينيا ومصنعين في كرواتيا كانوا يبيعون الاسلحة بطريقة غير مشروعة في التسعينيات لمجرمين في غرب أوروبا ولقوات أمنية في أيرلندا الشمالية وانفصاليين في اقليم الباسك.

 

وأفاد تقرير صادر عام 2008 عن مكتب الامم المتحدة للمخدرات والجريمة بأن التصور المعروف عن البلقان بأنه "جنة لرجال العصابات" لم يعد ينطبق على المنطقة لانها أصبحت تتمتع باستقرار أكبر وتنمية بعد الحرب الا أن "التواطؤ بين السياسة وقطاع الاعمال والجريمة المنظمة لازال موجودا". وقال ويل هارتلي وهو محلل لشؤون الارهاب في مجموعة "اي.اتش.اس جينز" انه لازال يوجد في منطقة البلقان عدد كبير الى حد ما من المتعاطفين مع المسلحين "وانهم سيكونون النقطة المثلى للدخول في المنطقة بالنسبة للخلايا التي تسعى للحصول على أسلحة".

 

وشهد البلقان العديد من الصراعات على مدى قرون مما جعله مصدرا للاسلحة منذ عقود. وتملك العديد من الاسر في المنطقة سلاحا ناريا كجزء من ميراث العائلة. وفي الفترة بين الخمسينيات وعام 1991 كانت يوغوسلافيا مصدرا عالميا كبيرا لاسلحة المشاة والمدفعية الرخيصة بل والطائرات المقاتلة أيضا لمشترين يكونون في الاغلب من دول العالم الثالث التي تخوض حروبا وتحارب حركات تمرد أو تواجه صراعات صغيرة.

=================

المالكي اذ يقوّض «المؤامرة».. اليوم!

محمد خرّوب

Kharroub@jpf.com.jo

الرأي الاردنية

11-11-2010

«غداً (يقصد اليوم).. سنقوّض المؤامرة وبداية تأسيس الدولة, وليس فقط الحكومة» قال رئيس الحكومية العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي, في اشارة الى اجتماع مجلس النواب العراقي (الجديد والمنتخب منذ السابع من آذار الماضي) الذي سيعقد اليوم, بعد أن كان تأجل مرتين, بهدف افساح المجال لمزيد من المشاورات, وبخاصة ما وصف بمبادرة مسعود برزاني رئيس اقليم الكردستاني, حيث لم ينجح اجتماع القمة (...) الذي عقد في اربيل على طاولة «مستطيلة», بإحداث نقلة نوعية في حال الاستعصاء الذي تواجهه العملية السياسية, فتم «ترحيل» الازمة الى بغداد وفي مقر اقامة برزاني نفسه داخل المنطقة الخضراء, ولكن هذه المرة حول طاولة «مستديرة», ولم تنجح الاطراف المعنية لا في «تدوير» الزوايا ولا في «تربيع» الدوائر.. رغم ما قيل عن نجاح أُحرز وتَقّدم تحقق, لكنه بقي في خانة التمنيات والرغبات, حتى في ظل الحديث المتواتر عن امكانية نجاح المالكي والتحالف الكردستاني في تفكيك الكتلة العراقية, بزعامة اياد علاّوي ومنح منصب نائب رئيس الجمهورية لصالح المطلك (الصادرة بحقه مذكرة قضائية بتهمة دعم «الارهاب» كما ينبغي التذكير) والخارجية لاسامة النجيفي, وربما الابقاء على اياد السامرائي في موقعه على رأس مجلس النواب..

 

هل يتحقق ذلك؟

الاحتمالات متساوية والمكوّن السنّي الذي يجري العمل على تدجينه (اقرأ فصله عن علاّوي وارسال الاخير الى صحراء معارضة بلا اسنان), يدرك اكثر من غيره, أن المطلوب هو توقيعه وتمرير الصفقة الراهنة التي تسمح بتكريس اداء الرجل «القوّي», الذي يختبئ خلف كل ما مارسه نوري المالكي منذ نجاحه قبل اربع سنوات, في اقصاء ابراهيم الجعفري عن رئاسة حزب الدعوة, والجلوس في موقع رئاسة الحكومة (اللافت ان الجعفري عاد ليستظل بعباءة مَنْ أقصاه وتخلى عن رطانته في الاصلاح والتغيير الذي خرج به على الناس عبر تياره الاصلاحي في التحالف الوطني الشيعي), حيث لا يسمح (المالكي) لأحد بمناقشته ويواصل ازدراء العمل المؤسسي, ويبني مراكز قوى وأجنحة عسكرية تحت ستار من الذرائع لم تعد تقنع احداً..

 

لهذا يصعب القول أن المطلك أو النجيفي أو العيساوي أو السامرائي ومن في مرتبتهم أو في صفوفهم, سيكونون على هذه الدرجة من السذاجة, اذا ما اعتقدوا أن الامور يمكن أن تستقيم في حال جلسوا في تلك المواقع أو حملوا تلك الحقائب, ولعل العراق (الجديد) هو أكثر وأسطع النماذج على استحالة امكانية كهذه, في ظل دستور بريمر وترسانة القوانين التي تحول دون الاصلاح, وتضع الامور في يد شخص واحد بعيداً, عن التزام مبادئ المساءلة والمحاسبة, زد على ذلك أن التقاء المصالح وهو حاصل الان بين الائتلاف الوطني (التيار الصدري وائتلاف دولة القانون) مع التحالف الكردستاني، رغم ان الاخير اكثر ذكاء وبراغماتية من الوقوع في فخ وضع بيضه كله في سلة المالكي، قد تأخذ الأمور الى مربع التصويت العددي الذي يضفي على المشهد ديمقراطية شكلية, لكنه في واقع الحال يُبقي على سياسة الاقصاء والتهميش ولا يؤسس بالفعل لحكومة قوية ومُمَثِلة وبالتأكيد لن يشكل بداية لتأسيس الدولة؟!

 

هل قلنا تأسيس الدولة؟

لا.. المالكي هو الذي قال, في عبارة تفوح منها رائحة الغطرسة وتشي بان الرجل قد استعاد او امتلك زمام الأمور ولم يعد قلقاً في شأن ما يجري اليوم رغم ان المؤشرات لا تعكس توافقا على قضايا ومطالب عديدة قيل انها ما تزال عصيّة على الحل كتعديل الدستور واصلاحات في الادارة الحكومية والضمانات التي يطالب بها الكرد، وهم اكثر الاطراف وضوحا وتمسكا بمطالبهم المعروفة بدءاً من المادة 140 الخاصة بكركوك, وليس انتهاء بنسبة الاقليم من الموازنة العامة المركزية ناهيك عن عقود النفط تنقيبا وبيعا وتمويل البشيمركة وعلاقاتها بالجيش العراقي، دون إهمال ما كان صالح المطلك ذاته يواظب على المطالبة بها وهو معرفة (اقرأ الغاء) مستقبل لجنة المساءلة والعدالة المعروفة باسم اجتثاث البعث وخصوصا الاتفاق على مهمات المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الذي قيل انه عُرِض على اياد علاوي كبديل عن مطالبته تشكيل حكومة جديد.

 

ماذا قصد المالكي ببشارته او تهديده هذا الذي ينطوي على اجراءات «حاسمة» للتأسيس لعراق جديد, ظن كثيرون لسذاجتهم, انه بدأ في التاسع من نيسان بسقوط بغداد في ايدي الاميركيين فاذا بنا امام مذبحة لبلاد الرافدين تتواصل فصولا منذ سبع سنوات؟

 

يصعب التكهن إلاّ ان الشائعات التي تتحدث عن ضغوط اميركية على جلال طالباني للتخلي عن ترشيح نفسه ثانية لمنصب الرئيس, لصالح اياد علاوي, قد تجد طريقها الى العلن او تتواصل الازمة فصولاً, عندها سيكون تهديد المالكي ب «تقويض المؤامرة» مجرد صرخة لمأزوم وعاجز؟

=================

السلام الذي لن يأتي

إبراهيم العبسي

Ibrahim.absi@yahoo.com

الرأي الاردنية

11-11-2010

في اصرار منه على مواصلة العدوان الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي اطلاق رصاصة الرحمة على فرصة احلال السلام في المنطقة، اختار نتنياهو ان يعلن من واشنطن عن قرار اسرائيلي جديد ببناء 1300 وحدة استيطانية في منطقة حساسة من القدس هي جبل ابوغنيم او «هار حوما» كما يسميه الاسرائيليون، ليقول للعرب والفلسطينيين: لا تراهنوا على اميركا التي لا تستطيع ارغام اسرائيل على وقف الاستيطان. وكانت السلطات الاسرائيلية قد اعلنت عن مخطط لبناء 800 وحدة استيطانية اضافية في مستوطنة « اريئيل» قرب رام الله، فيما اكتفت واشنطن بالاعلان عن خيبة املها حيال هذا التصرف الاسرائيلي الجديد.

 

وصرح صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين هو الاّخر، والموجود في واشنطن، لحظة سماعه اعلان نتنياهو : ان اسرائيل اختارت الاستيطان بدلا من السلام، وهو يعرف جيدا ان الدولة العبرية لم تكن في يوم من الايام جادة في التوصل الى سلام مع الفلسطينيين، وعندما التقى المبعوث الاميركي للمنطقة ووسيط السلام المعين من واشنطن «جورج ميتشل» واشتكى له من هذه الخطوة الاستفزازية ، لم يعلق المبعوث او الوسيط الاميركي بكلمة واحدة، الامر الذي يشير الى ان الادارة الاميركية خصوصا بعد نجاح الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي، لن تستطيع ثني اسرائيل عن مواصلة الاستيطان، ولا حتى طلب وقفه او تجميده، معتمدة في ذلك – اسرائيل-على مضاعفة رصيدها اليميني في الادارة الاميركية، وعلى عجز الفلسطينيين عن ردعها، وعلى الضعف المزمن للعرب، الذين سيلجأون كما جرت العادة الى الاستنكار والتنديد، وليس اكثر من ذلك.

 

والغريب والمدهش والمثير للضحك والبكاء في آن معا، ان نتنياهو التقى في زيارته غير البريئة لواشنطن بالامين العام للامم المتحدة « بان كي مون»، ودعا في حضرته الى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين متهما الفلسطينيين الضعفاء بانهم هم الذين اوقفوا المفاوضات وليس اسرائيل، فالمفاوضات شىء و عمليات الاستيطان اليهودي شىء آخر، في اسلوب من البلطجة الصهيونية خاص بنتنياهو الذي تفوق على كل رؤساء الوزارات الاسرائيليين وربما اللاحقين، وفي موقف اقل ما يقال فيه بانه نموذج جديد للوقاحة النتنياهوية المستخفة بعقول كل اولئك المتابعين لتطورات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وألعاب نتنياهو نتنياهو المكشوفة جدا في الحديث عن السلام فيما هو يعمق الشرخ في هذا الصراع ويلعب بالنار التي ستشتعل حتما لتأكل الاخضر واليابس عاجلا ام آجلا.

 

لعبة نتنياهو الاستيطانية هذه لن تنتهي الا بتهويد القدس تماما وتهويد الضفة الغربية، ولم يعد امام الفلسطينيين الا ان يعلنوا عن البدائل التي تحدثوا عنها لعل امريكا واوروبا والعالم يتحركون لوقف هذا الغول الصهيوني عند حده قبل فوات الأوان.

=================

نتائج انتخابات الكونغرس في الولايات المتحدة وعملية السلام

المستقبل - الخميس 11 تشرين الثاني 2010

العدد 3828 - رأي و فكر - صفحة 20

عوديد عيران

"مباط عال" (نشرة دورية تصدر عن مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب) العدد 223، 4/11/2010

ترجمة: عباس اسماعيل

الهزيمة الساحقة التي تلقاها الديمقراطيون في مجلسي الكونغرس خلال الانتخابات التي جرت في الثاني من تشرين الثاني، تضع تحديا أمام القادة السياسيين الذين يهتمون مباشرة بالمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. فالرئيس أوباما سيضطر إلى مواجهة معضلات سبق له أن تصدى لها قبل الانتخابات، وإن بجرعات أخف. وباللغة "الواشنطونية"، الرئيس أوباما قد يتحول إلى "بطة عرجاء" يصطدم بعراقيل كلما أراد حث وتوجيه مبادرات تكون منوطة بعملية سن قوانين.

في مجال السياسة الخارجية، بقي للرئيس قوة كبيرة نسبيا، ذلك أنه ليس كل مبادرة سياسية في مجال العلاقات الخارجية تجد تعبيرا فوريا لها في مجال التشريع. ومع ذلك، ثمة للكونغرس طرق لإبداء الرأي في قرارات لا تستوجب التشريع وتعبر عن "روح الكونغرس". علاوة على ذلك، حتى مع وجود أغلبية لحزبه في المجلسين، يحتاج كل رئيس للحوار مع الكونغرس. فالكونغرس الذي يكون جزء منه صداميا وكفاحيا، من شأنه أن يشل الرئيس حتى لو طلب التوصل إلى اتفاقات. فلمجلس الشيوخ القليل فقط من الصلاحيات الحصرية التي يفتقر إليها مجلس النواب. ويستطيع الرئيس تعيين قضاة أو سفراء بواسطة مجلس الشيوخ فقط، لكن إذا كان للديمقراطيين أغلبية طفيفة في مجلس الشيوخ فلن يكون في وسعهم منع الجمهوريين من القيام بخطوات تهدف إلى وضع مصاعب أمام الرئيس أوباما.

عند قدومنا لترجمة ذلك لسلوك "البيت الأبيض" في موضوع حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وفي قضية الذرة الإيرانية، فإن نتائج الانتخابات للكونغرس ستُصعب الأمور على الرئيس وإن كانت لم تُدخل إلى الصورة بعدا جديدا. إذا أراد الرئيس التلميح لإسرائيل أنه غير راض عن سلوكه في المفاوضات مع الفلسطينيين، فيمكنه القيام بذلك كما فعل أسلافه، الرئيس فورد والرئيس بوش الأب. في العام 1975، عندما أظهر رئيس الحكومة الراحل اسحاق رابين عنادا في المفاوضات حول التسوية المرحلية في أعقاب حرب يوم الغفران، أوقف الرئيس فورد تدفق السلاح إلى إسرائيل في إطار ما وصفه "إعادة تقدير". الرئيس بوش الأب أوقف في العام 1991 تقديم الضمانات الأميركية للقروض التي جندتها إسرائيل في السوق المالية الأميركية، بسبب خلافات في الرأي مع الحكومة الإسرائيلية برئاسة اسحاق شامير حول موضوغ المستوطنات. في الحالتين المذكورتين لم يكن في وسع الكونغرس التدخل.

على خلفية المعلومات التي تفيد أن السلطة الفلسطينية وأنصارها يدرسون الإعلان من طرف واحد عن إقامة دولة فلسطينية يتم المصادقة عليها في الهيئة العامة و/ أو مجلس الأمن، سيكون للموقف الأميركي ولتأثير الانقسام في الكونغرس حوله تداعيات عملية. فموقف الولايات المتحدة يجب أن يكون مؤثرا على اعتبارات أبو مازن وعلى اعتبارات الجامعة العربية. فالولايات المتحدة لا تستطيع، حتى لو أرادت، منع صدور قرار عن الهيئة العامة بسبب الأغلبية التلقائية التي تحظى بها الكتلة العربية - الاسلامية في تلك الهيئة. من جهة ثانية، تستطيع الولايات المتحدة التأثير على كتلة كبيرة من الدول التي من دونها لن تُعتبر الأغلبية العددية إنجازا كبيرا للفلسطينيين. ومع ذلك، تستطيع الولايات المتحدة منع مجلس الأمن من اتخاذ قرار يؤيد الدولة الفلسطينية والعناصر التي تنسبها هذه الدولة لنفسها (في مجال الحدود، القدس واللاجئين). وثمة لمعارضة الولايات المتحدة في مجلس الأمن تأثير على عملية المصادقة على القرار لأنه من الصعب الافتراض أن الأعضاء الدائمين في المجلس سيصوتون ضدها في هذه الحال.

لا يستطيع الكونغرس الأميركي أن يفرض على الرئيس أوباما أن يأمر سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة معارضة هذا القرار. ومع ذلك، الكونغرس، وبالطبع مجلس النواب تحت سيطرة الجمهوريين، يمكنهم "معاقبة" الرئيس على عدم إصداره الأمر للتصويت ضد القرار. ذلك أن 22 في المئة من موازنة الأمم المتحدة تدفعها الولايات المتحدة للمنظمة، ويكفي عدم مصادقة مجلس النواب على هذا البند في ميزانية وزارة الخارجية، كي يلحق ضرر حقيقي وجوهري بالمنظمة. صحيح أن هذا الإجراء سيحصل بعد أن تكون الولايات المتحدة صوتت في الأمم المتحدة، خلافا لموقف الغالبية في الكونغرس، لكن سيتعين على الرئيس تحديد موقفه إزاء هذا الاحتمال في سياق اعتباراته.

وحتى اقتراح عضو مجلس النواب الجمهوري أريك كنتور، بالفصل بين التشريع الاقتصادي المتعلق بالمساعدة الخارجية الاقتصادية للولايات المتحدة وبين المساعدة لإسرائيل (التي تحوي أيضا أبعادا سلبية من ناحية إسرائيل)، من شأنه العمل ضد الإدارة الأميركية. فقانون المساعدات الخارجية ليس بين القوانين المحبوبة في الولايات المتحدة والكونغرس، وحقيقة أن إسرائيل تظهر على رأس قائمة الدول التي تتلقى المساعدات تساعد الإدارة في أن تمرر في الكونغرس كل مساعدة تمنحها الولايات المتحدة للدول ومنظمات أُخرى. فالفصل المقترح من قبل عضو الكونغرس كنتور ستضع صعوبات جمة أمام الإدارة الأميركية.

بغية حث مواضيع معينة سيضطر الرئيس أوباما إلى محاولة التوصل لتفاهم معين مع الجمهوريين في الكونغرس بمجلسيه. لذلك يمكن الافتراض أنه سيسعى للامتناع عن الدخول في مواجهات حول المواضيع التي توجد في لب أجندته. وحتى لو كان موضوع السلام بالشرق الوسط موجودا في هذا اللب، فثمة شك حول ما إذا كان الرئيس سيرغب في الوصول إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل فيما يكون متوقعا أن يؤدي ذلك إلى مفاقمة علاقته مع الكونغرس، خاصة وأن هذه العلاقة في الحضيض أصلا.

ثمة قضية أُخرى مثيرة للاهتمام وترتبط بإسرائيل، وهي السلوك الأميركي في كل ما يتعلق بمساعي وقف المشروع النووي الإيراني. فالمحلل في "واشنطن بوست" ديفيد برودي، ذهب بعيدا في مقالته عندما قال إن فرص فوز الرئيس أوباما للرئاسة في انتخابات 2012 ستتحسن إذا نجح في توحيد المعسكرين للقيام بعملية حازمة ضد إيران. وحتى لو كان موقف الكونغرس على هذا النحو، فهو لا يستطيع أن يفرض على الرئيس شن عملية عسكرية. من المحتمل أن يقتنع أوباما بأن مثل هذه العملية ستضمن فوزه في الانتخابات التي ستجري في العام 2012، لكن الإشارات التي ترسلها المؤسسة الأمنية الأميركية تعبر عن عدم رضى بصورة بارزة لاتخاذ خطوات عسكرية لوقف المشروع الإيراني. ومن جهة ثانية، إذا توصلت الإدارة، سوية مع شركائها، إلى تفاهمات مع إيران، فمن شأن الكونغرس الجديد انتقاد الرئيس باعتباره تسووياً ومتنازلاً أكثر من اللازم. لكن سيتعين على الرئيس أن يدمج هذه الامكانية أيضا ضمن منظومة اعتباراته.

على الرغم مما ورد أعلاه، أوصي حكومة إسرائيل الحيلولة دون نشوء وضع تضع فيه نفسها لاعبا في الصراع بين الرئيس وبين الكونغرس، ويتم النظر اليها كضالعة في الخلافات الإيديولوجية والداخلية الأميركية. إن محاولة التوصل إلى تفاهمات مع الإدارة كانت وستبقى الطريقة المفضلة على الدخول في مواجهة مع الإدارة، على الرغم من العلم بوجود تأييد واسع في الكونغرس، وربما أغلبية تشكل سدا أمام المبادرات وتمنع القيام بعمليات تنطوي على ضرر لإسرائيل.

=================

العراق مرتع نفوذ إيران: هل يكذب الأميركيون؟

فايز سارة

السفير

11-11-2010

قالت دراسة أميركية، إن العراق أصبح مرتعًا للنفوذ الإيراني. وقد صدرت الدراسة مؤخراً، عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، من إعداد الباحث في المركز مايكل نايتس أشار فيها إلى أن العراق تحول إلى فضاء سياسي واقتصادي خاضع للنفوذ الإيراني. وتساءل نايتس في الدراسة عن الأسباب التي مكنت إيران من بسط نفوذها في العراق، وعما اذا كان القضاء على نظام صدام حسين هو الذي فتح الباب لهذا النفوذ.

وفقاً للدراسة، فإن إيران في سبيل ترسيخ نفوذها في العراق، سعت دون استعادته مكانته كتهديد عسكري لها، كما سعت بصورة جدية الى منع تحوله لقاعدة انطلاق لهجوم أميركي ممكن ضدها. وأوضحت الدراسة، ان نفوذ ايران السياسي في العراق واضح في علاقاتها وتأثيراتها على الجماعات والمليشيات التابعة لها، وعلى كثير من شخصيات النخبة العراقية السياسية والدينية، والتي لا يتورع بعضها عن إعلان علاقاته وارتباطاته بإيران.

وطبقاً لما كتبه مايكل نايتس، فإن نفوذ إيران في العراق، تجاوز الجانب السياسي الى الاقتصادي، سعياً للسيطرة على الاقتصاد العراقي والتحكم في بعض مدخلاته، حيث شجعت إيران منذ العام 2003 شرق العراق للاعتماد على المنتجات الإيرانية، وعلى الوقود الإيراني، سواء لاستخدامه في الأغراض المدنية، إضافة الى تدخل طهران في شبكة توليد الكهرباء العراقية، وهو ما أعطاها فرصة لإبراز قوتها وتأثيرها على العراق في حال حصول تطورات اقليمية في المنطقة.

تؤكد الوقائع والمؤشرات العامة للدراسة حضور ايران القوي في العراق، وليس أدل من ذلك من الدور الذي لعبته وتلعبه طهران في أزمة تشكيل الحكومة العراقية، والتي مضى عليها نحو ثمانية أشهر.

غير ان الوقائع تؤكد من جهة ثانية، ان ايران ليست القوة الوحيدة التي جعلت العراق مرتعاً لنفوذها وحضورها السياسي والاقتصادي. ففي بلد تم تحطيم بنيته السياسية والعسكرية والاقتصادية من خلال حرب مدمرة. لم يكن بوسع العراق، ان يمنع أياً كان من التدخل بشؤونه الداخلية والخارجية سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي كما في المجالين العسكري والامني. وهكذا لم يعد أمر التدخلات الخارجية في الشأن العراقي قاصراً على القوى المحتلة من القوات الاميركية وحلفائها الذين شاركوا في غزو العراق وتدميره، بل أخذت دول الجوار، ولا سيما ايران وسوريا وتركيا والسعودية، في تكثيف تدخلاتها في الموضوع العراقي، وقد ساعد على تعميق التدخلات الخارجية إرث طويل ومتعدد الأوجه من علاقات قوى المعارضة العراقية وشخصياتها مع كل من ايران وسوريا، وهي علاقات توسعت لاحقاً، فأقامت قوى وشخصيات المعارضة العراقية علاقات قوية ووثيقة مع الدول الغربية، ولا سيما بريطانيا والولايات المتحدة في الفترة الفاصلة ما بين نهاية حرب تحرير الكويت عام 1991 والغزو الاميركي للعراق 2003 الذي حمل معه معظم تنظيمات وشخصيات المعارضة العراقية الى العراق.

ان تعبيرات التدخلات الخارجية في الشؤون العراقية، بدت واضحة في السنوات السبع الماضية، ليس فقط من خلال التدخلات السياسية في الشأن العراقي ولا في تشابكات العلاقات الاقتصادية، بل ايضاً في التدخلات الامنية، وقد أشير كثيراً الى دور دول الجوار في ترديات الوضع الامني في العراق والناتج من عمليات مسلحة، قامت بها جماعات إرهابية وجدت تمويلاً ومساندة من دول مجاورة، بل ان بعض العمليات الإجرامية المدعومة من دول مجاورة، كانت تتم بعلم مفاصل في المؤسسات العسكرية والامنية والسياسية التابعة للنظام الحاكم في بغداد، وكانت تجري أحيانا تحت سمع وبصر القوات الاميركية المحتلة ضمن سياسة تواطؤ وغض بصر أميركية، وهو ما كشفت عنه وثائق موقع ويكيليكس التي زادت عن أربعمئة ألف وثيقة، كشفت كثير من ارتكابات حدثت في العراق، طالت العراقيين وممتلكاتهم، كما كشفت الدور والحضور الاميركي في تلك الارتكابات، وهو دور وحضور يزيد عن دور وحضور أطراف داخلية واقليمية اخرى، بينها ايران.

واذا كانت الدراسة الاميركية قد أكدت ان العراق يمثل مرتعاً لنفوذ ايران، ومكاناً للتعبير عن مصالحها، فإن الجانب الاهم في الحقيقة، يؤكد أن الولايات المتحدة ودولاً اخرى عملت بجد لتجعل العراق مسرحا لنفوذها وميداناً للتعبير عن مصالحها، وكثير منها نجح لان العراق كان وما زال في غاية الضعف، ونخبته دون إرادة سياسية ومرتهنة للخارج، وشعبه لا حول له ولا قوة بعد ما أصابه على يدي المحتلين وعلى يد حكامه، وبفعل التدخلات الاجنبية في شؤونه وفي حياته.

=================

مشكلات العراق ثلاث: دولية وإقليمية وداخلية

سركيس نعوم

النهار

11-11-2010

لاحظت في أثناء لقائي المسؤول الرفيع السابق في سلطة عراق ما بعد صدام حسين والذي ينتمي الى حزب ديني عريق عانى كثيراً بطش الأخير، وبعد استماعي الى حديثه الاستهلالي اذا جاز التعبير على هذا النحو، علماً انني لم أكن أعرفه في السابق، لاحظت انه مثقف جداً، وان ثقافته متنوعة تبدأ من السياسة وتمر بالفكر والأدب والشعر ولا تنتهي بالطب الذي يمارسه من زمان، ولا تقتصر على "الانجازات" العربية في هذه الحقول كلها بل تتعداها ايضاً الى انجازات عالمية على تنوّع اصحابها. ولاحظت ايضاً، انه ناضج وملتزم دينياً ومنفتح انسانياً وسياسياً رغم حزبيته "الدينية". ولاحظت ثالثاً، ان للآخر مختلفاً عنه أو غير مختلف مكاناً مهماً في تفكيره ووجدانه. ولاحظت رابعاً، انه يرفض الفساد وذلك من خلال استرساله في شرح تطوره في عراق اليوم أي العراق الجديد، وانه يحمّل جهات عدة مسؤولية هذه الآفة، لكنه يركز في صورة اساسية على القضاء الذي لا يُمارس دوره كما يجب، وخصوصاً في أجواء العنف وعدم الاستقرار الامني التي تسود بلاده. فالاحكام التي يصدرها على المدانين تكون مخفّفة في معظم الأحيان رغم اضرارهم البالغة والموجعة. ويعود ذلك في رأيه الى اسباب عدة منها الطائفي ومنها المذهبي. فالذين يستحقون الاعدام عقوبة لماذا لا يُعدمون؟ ومن الاسباب ايضاً الفساد المالي والرشى والمافيات. هل تعمَّد المسؤول الرفيع السابق المذكور اعلاه اعطائي صورة جميلة عنه قد تكون مختلفة الى حد ما عن الواقع؟ ربما يعتقد اخصام له أو منافسون ذلك. لكن غالبيتهم تكاد تجمع على رجحان الصفات الايجابية عنده على السلبية.

بعد حديثه "الاستهلالي" هذا سألته: انت غير فاسد. وهذا ما أكدته لنا. لكن كان الفساد في "عهدك" سائداً ايضاً فكيف عالجته؟ أو هل حاولت التصدي له؟ أجاب: "حاربت الفساد ونجحت بنسبة 85 في المئة. أميركا اشادت بسلطتي وبعملي من دون ان تذكرني بالاسم واعترفت بالنسبة المذكورة من النجاح. وكان ذلك عندما قالت رسمياً "ان حكومة بين حكومتين حققت ذلك النجاح". أنا تسلمت السلطة من سلفي وكان فيها أي في خزائنها 645 مليون دولار اميركي. وعندما سلمت هذه السلطة الى من خلفني على رأسها كان في تلك الخزائن نحو 14 مليار دولار. عالجت أموراً عدة. منها مثلاً زيادة رواتب اطباء التخدير في المحافظات كي لا يتدفقوا على المدينة ويتركوا سائر المناطق في البلاد في ازمة طبية كبيرة. وأمّنت وظائف جدية اي غير وهمية (أي لا بطالة مقنعة) لآلاف بل لعشرات الآلاف. لقد عملت اشياء كثيرة".

كيف تصف ازمة العراق اليوم. وهل هي داخلية أم ذات خلفيات وأبعاد خارجية؟ سألت. أجاب: "يعاني العراق عملياً ثلاث مشكلات.

الأولى دولية، دائرتها اميركا وواجهتها الأمم المتحدة. كان مع اميركا في سياستها العراقية أيام بوش الابن ايطاليا برلسكوني وفرنسا شيراك وبريطانيا بلير واوستراليا هيوارد. هؤلاء الخمسة سقطوا في بلدانهم. وعندما فاز اوباما برئاسة الولايات المتحدة انتهج سياسة عراقية مخالفة لسياسة سلفه بوش الابن. وكان عماد هذه السياسة بل هدفها الأول الخروج من العراق (عسكرياً طبعاً) ووفقاً "للاتفاق الأمني" الذي وقعه بوش الابن مع العراق. وهو مصمم على تنفيذ الاتفاق، ولا يهمه أو بالأحرى لا يهتم لأحد في العراق. سيخرج منه بقواته. كان بوش يفسر احتلاله العراق باقتناع راسخ عنده يفيد انه مسؤول عن دولة العراق وعن اقامة مؤسساتها. طبعاً لم يعرف بوش كيف ينفّذ اقتناعه أو كيف يترجمه. كما لم تكن عنده خطة لذلك. الآن اميركا وحدها في العراق.

المشكلة الثانية – اضاف المسؤول العراقي الرفيع السابق نفسه – اقليمية. هناك ايران والسعودية وسوريا وتركيا والى حد ما الكويت. ما يزعج الكويت وسيبقى يزعجها بل يؤرقها هو احتلال العراق لها أيام صدام حسين وخوفها من احتلال عراقي جديد لها. صار هذا الموضوع مادة تداول واهتمام شعبيين في الكويت. واثار مشكلات عدة. لهذا السبب فإن الهم الأول عند الكويت هو استقرار العراق ودولته. تركيا صارت لاعباً مهماً في العراق بسبب أكراده واكرادها الملتجئين الى كردستان وبسبب الاقتصاد. تخطط تركيا ليصير التبادل التجاري بينها وبين العراق زهاء 20 مليار دولار اميركي سنة 2020. يقدر هذا التبادل حالياً بحدود ملياري دولار. محمد داود اوغلو وزير الخارجية التركي هو منظّر "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي الحاكم في تركيا. وربما يحتل مستقبلاً الموقع الذي يحتله رجب طيب أردوغان حاليا أي رئاسة الوزراء. لاحظ انه وصلت الى السلطة في تركيا وخارجها شخصيات انجزت فعلاً ولها تاريخ في الانجاز، لا شخصيات ورثت السلطة أو السياسة أو الاحزاب. اردوغان كان رئيس بلدية اسطنبول. انجز في موقعه فقدر له الناس ذلك. نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية كان رئيس بلدية طهران. وقد انجز في موقعه ومن خلاله. أوغلو منظّر "العثمانية الجديدة" يدفع في اتجاه استراتيجيا جديدة. لذلك العراق مهم لتركيا وخصوصاً من منظور "الجيوبوليتيك".

سوريا كانت ايام صدام حسين تربح من العراق زهاء أربعة مليارات دولار اميركي. وهي تريد المشاركة في الاقتصاد العراقي بل في عملية النهوض في العراق لكي تحقق مكاسب مالية مهمة، وهي في أمسّ الحاجة اليها لأنها اساساً بلاد غير نفطية رغم وجود بعض النفط في أراضيها.

أما المشكلة الثالثة – أكمل المسؤول العراقي الرفيع السابق نفسه – فهي الداخلية، ومكوّناتها كثيرة وهي المكونات الاتنية والطائفية والمذهبية والتناحر السياسي والحزبي والفساد وقلة الأمن بل انعدامه وتردي الاوضاع الاقتصادية وانعدام الخدمات الأساسية للمواطنين. هناك أمران ملحان يجب ان يتأمنا للعراق وشعبه بكل مكوناته وفي سرعة هما الأمن على نحو دائم، وانهاض الاقتصاد وتأمين حاجات المواطنين وتوفير الخدمات لهم. فالناس يريدون أن يعيشوا وان يأكلوا وان تكون حياتهم طبيعية". كيف يمكن توفير ذلك؟ وبواسطة ماذا؟ سألت.

=================

نحو حلول جذرية لأم الأزمات

بقلم :مهاتير محمد

البيان

11-11-2010

لا تمثل مجموعة دول ال20 التي ستجتمع في سيئول بكوريا الجنوبية قريباً سوى نفسها. ولا تزال مسألة كيف تم اختيارها وما مؤهلاتها لغزاً.

 

ولكن مما لا شك فيه أن ما ستتوصل إليه سيؤثر على العالم بأسره. وليس بوسع المرء سوى أن يأمل أن يكون الأثر طيباً بالنسبة للاقتصادات الفقيرة، بقدر ما هو طيب بالنسبة للاقتصادات الغنية.

 

كما كانت الحال في الاجتماعات القليلة السابقة، سوف تكون الأزمة المالية الكبرى الحالية على قمة جدول أعمال المجموعة. وحتى الآن فقد تحدت الأزمة الحلول التي طرحتها مجموعة ال20 وغيرها من المجموعات.

 

فهل سيكون اجتماع سيئول مختلفاً؟

 

الماليزيون ليسوا في الفئة نفسها التي يندرج فيها من هم في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية المشهورة عالمياً ومن هم في وول ستريت. ولكن ماليزيا تجرعت مرارة أزمة العملة التي عجّل بها المضاربون.

 

وقد تمكنا من التغلب على هذه الأزمة من خلال تجاهل ما هو تقليدي والقيام بما لا يمكن تصوره. هل من الممكن تناول الأزمة الحالية، أيضاً، من خلال القيام بما لا يمكن تصوره؟ بالطبع ليست أسباب الأزمة الحالية هي بالضبط أسباب الأزمة المالية الآسيوية في 1997  1998.

ونطاق الأزمة مختلف أيضاً. ولو أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان لا يزال على قيد الحياة، لكان أطلق على هذه الأزمة «أم جميع الأزمات» ولكن لا يزال هناك شيء مشترك بين الأزمة المالية في شرق آسيا والأزمة الحالية. وكلتاهما من صنع الإنسان. فكلتاهما نتيجة إساءة استعمال النظم السائدة من قبل الجشعين.

 

وبتناول المسألة من تلك الزاوية، فإن التعامل مع الأزمة الحالية ربما يتمثل في تهيئة الحلول للأزمة الأولى في شرق آسيا لمعالجة الأزمة الراهنة، ربما مع الإشارة بوجه خاص إلى الطريقة الماليزية.

 

وكان ما فعلته ماليزيا هو رفض الاعتقاد بأن الأزمة كانت بسبب سوء الإدارة المالية والعدوى وفقدان الثقة في المؤسسات الماليزية. وبدلاً من ذلك، أصرت ماليزيا على أن سبب الأزمة هو التلاعب المتعمد بأسعار الصرف من قبل تجار العملة.

 

ولحل الأزمة الحالية، فإن أول شيء ينبغي أن نفعله هو الاعتراف بأنها جاءت نتيجة انتهاكات جنائية من جانب لاعبين بعينهم في السوق. فقد ضاع الكثير، ولن يعوض أي قدر من العملات يتم طبعها عما ضاع من الثروة.

 

يجب أن تقبل الدول الغنية بأنها سوف تصبح أفقر. تماماً كما اعتادت نصح البلدان التي تعاني المتاعب المالية بأنه عندما تخسر الشركات المال، فإن أفضل شيء نفعله هو إغلاقها، فعليها أن تقبل بأن جميع هذه المؤسسات التي خسرت المال يجب أن تغلق.

 

والتراجع الناشئ عن الأزمة والذي حل بمن كانوا يمتلكون الثروة سوف تنشأ عنه مشكلات اجتماعية واسعة النطاق. فالجميع، أغنياء وفقراء، سوف يشعرون بالحرمان، كونهم غير قادرين على الاستمتاع بمستوى المعيشة الذي اعتادوا عليه. وفي بانكوك، في ذروة الأزمة، اضطر المليونيرات إلى بيع لعب الأطفال في الشوارع.

 

وفي إندونيسيا، قام العمال الذين أقيلوا من وظائفهم بأعمال شغب ونهب المحلات التجارية، مما أسفر عن مصرع أصحاب المتاجر البؤساء وحرق المباني. وبناء على مشورة صندوق النقد الدولي، تم سحب إعانات المواد الغذائية والوقود، مما أدى إلى المجاعة والوفيات.

 

إن معاناة الأغنياء الذي حل بهم الفقر حديثاً لن تكون رهيبة على النحو الذي شاهدناه في بانكوك وجاكرتا، ولكن سوف يكون هناك المزيد من المعاناة رغم ذلك. يجب أن تتخلى الدول الغنية عن نمط معيشتها القديم. بمجرد أن يقبلوا بالأمر الواقع، يتعين عليهم، جنباً إلى جنب مع البلدان الفقيرة، الجلوس ووضع نظام نقدي عالمي جديد ونظام مصرفي أكثر انفتاحاً ونظام مالي جديد.

 

يجب أن يقوم النظام النقدي الجديد على قاعدة الذهب ممثلاً في عملة دولية تستخدم للتجارة العالمية فقط. ويتم تقييم العملات المحلية لجميع الدول أمام الذهب.

 

وينبغي أن يتم السماح للمصارف بإيجاد قدر محدود من المال. ويجب تنظيمها ومراقبتها عن كثب من قبل الحكومات. ولا شك أن مقداراً أقل من الأموال التي يمكن أن تقدمها المصارف سوف يؤدي إلى تباطؤ نمو اقتصادات الدول. ولكن من الأفضل أن يكون النمو أبطأ، عن أن تتكرر الأزمات المالية العالمية وما يصاحبها من كوارث اجتماعية.

 

يجب أن تتسم المعاملات المالية بالشفافية وتنظمها الحكومات. يجب ألا يكون هناك بيوت أو قشور مالية. يجب أن يقتصر إقراض المال على الأعمال الحقيقية، بمعنى إعطائها إلى شركات إنتاج السلع والخدمات وإعطائها للتجارة.

 

يجب أن تحظر التجارة في العملات باعتبارها جريمة تجارية. يجب عدم السماح بعمليات البيع السريع للأموال المقترضة. يجب أن تكون عملية الرفع المالي محدودة للغاية.يجب إعادة تنظيم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وضبط آلية عملهما لمصلحة البلدان الفقيرة. ينبغي أن يتسم الاثنان بالديمقراطية من حيث تعيين المسؤولين عن الإدارة.

 

إذا تمت كل هذه الأمور، فعلى الأرجح بأن ستتوقف الأزمة المالية الحالية في نهاية المطاف. وسوف تتضاءل احتمالات وقوع أزمات مالية في المستقبل. وسيكون النمو الاقتصادي حقيقياً، من خلال توفير وظائف وتوليد أعمال تجارية جديدة، وتعزيز التجارة العالمية.

 

يجب أن تكون عمليات الاندماج والاستحواذ على يد مشترين وبائعين جادين. وسوف يمنع قانون مكافحة الاحتكار المعتمد دولياً عمليات الاحتكار التي تمارسها عمالقة الشركات في الدول الغنية.ينبغي أن يتم تنظيم التجارة الحرة. نعم، من خلال جعلها أقل حرية.

 

وينبغي السماح للدول بحماية صناعاتها الناشئة ضد الشركات العملاقة في العالم. وتعتبر هذه تدابير جذرية. ولكنها سوف تقضي على الجشع وانعدام الشفافية اللذين أصابا الاقتصاد العالمي.

 

من المؤكد أن مثل هذه التدابير تتطلب قدراً أكبر من الإرادة السياسية من جانب مجموعة ال20، على نحو أكثر مما تم حشده حتى الآن. ولكن عدم الاستقرار المشوب الذي ما زال عالقاً في النظام الدولي ينبغي أن يؤكد على أن أنصاف التدابير لن تجدي.

 

عاجلاً أو أجلاً، سيكون من الواضح أمام قادة مجموعة ال20، أنه عندما يتعلق الأمر بأم جميع الأزمات، فسوف تكون هناك حاجة إلى أم جميع الحلول لإنهاء الأزمة.

رئيس وزراء ماليزيا السابق

=================

تنازلات أميركية تقوض السلام

بقلم :صحيفة «اندبندنت» البريطانية

البيان

11-11-2010

حذر القادة الفلسطينيون من أن دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه في محادثات السلام بالشرق الأوسط قد تعرض للتقويض بشدة بسبب تنازلات الرئيس الأميركي باراك أوباما للائتلاف الحاكم في إسرائيل.

 

في غضون ذلك يتوجه بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن لإجراء محادثات تهدف إلى إحياء عملية السلام، التي جُمدت منذ انتهاء سريان مهلة العشرة شهور لوقف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في سبتمبر الماضي. وقد حصل نتانياهو على ضمانات بتنازلات كبرى لإحياء هذه المهلة.

 

وحثّت الولايات المتحدة نتانياهو على تنفيذ وقف اختياري لمدة شهرين آخرين. وفي المقابل، أشارت تقارير إلى أنها وعدت بعدم الدعوة إلى أي تمديدات إضافية، واستخدام حق النقض ضد أي قرار للأمم المتحدة ينتقد إسرائيل في العام المقبل والسماح باستمرار وجود عسكري إسرائيلي في أجزاء من الضفة الغربية المتاخمة للحدود مع الأردن.

 

وقد اعترض نتانياهو، أملاً في الحصول على المزيد، ولكن الاقتراح كما هو عليه، قد أحدث صدمة بالفعل في أوساط الفلسطينيين الذين يقولون ان الاقتراح سوف يستديم لاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية الذي دام 43 عاماً، بدلا من أن يضع نهاية له.

 

وصرح نبيل شعث، أحد المفاوضين الفلسطينيين البارزين لصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية بأن هذا الاقتراح، الذي سوف يسمح لإسرائيل بنشر قواتها داخل دولة فلسطينية مستقلة، أظهر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تخلى عن سياسته الخاصة بالضغط على بنيامين نتانياهو لصالح «لعبة إغواء».

 

وندّد شعث بالفكرة كونها «مستحيلة التصديق على نحو لا يصدق»، وقال إن الفلسطينيين سوف يرفضون ذلك، وطالب بوضع حد للتدخل الأميركي في محادثات السلام.

 

وقال في مقابلة أجريت معه: «إننا لا نريد التدخل الأميركي، شكرا جزيلا». إن عملية التفاوض برمتها التي يجريها أوباما مثيرة للسخرية وتؤدي إلى نتائج عكسية، علاوة على أنها مخالفة للقانون الدولي».

 

وأشار شعث، الذي يعتبر من المعتدلين المؤيدين لأميركا، إلى أن مثل هذه الاستراتيجية أظهرت أن أوباما قد «تخلى» عن عملية السلام في مقابل سياسة التهدئة التي ستهلك الآمال في التوصل إلى تسوية سلمية عن طريق التفاوض.

 

وقال: «إذا كان يصر على إغراء نتانياهو، فإنه يكون قد خسر ونحن خسرنا». وتابع :»لعبة الإغراء هذه، ليست إلا حافزاً لنتانياهو حتى يكون أكثر حزما ويطلب المزيد».

 

وكان محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، قد هدد بالانسحاب من محادثات السلام برمتها التي استمرت شهرين ما لم تفرض إسرائيل تجميداً كاملاً للمستوطنات حتى يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية.

 

وقال شعث إن استراتيجية التهدئة التي يتبعها الرئيس أوباما يمكن أن تضعه في وضع حرج. وقال: «هناك ضيق متزايد في صفوف الفلسطينيين. فالقيادة الفلسطينية مقتنعة تماماً بأنها كانت ضحية للعبة الخداع. وهذا الشعور دفع الفلسطينيين لمناقشة البدائل».

 

وأوضح أنه إذا انهارت محادثات السلام، فإن الفلسطينيين سوف يتابعون سلسلة من استراتيجيات متعاقبة. وسوف تشمل هذه الاستراتيجيات السعي أولاً للحصول على اعتراف من الأمم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية. فإذا لم يتم ذلك، فسوف يتم تقديم طلب لوضع الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الوصاية الدولية.

 

وكحل أخير، سوف يتم حل السلطة الفلسطينية تماماً وشن حملة مقاومة سلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي أعيد فرضه بشكل كامل. وقال: «الوضع غير مقبول تماما. ولا يمكن أن نبقى رهن أشارة من نتانياهو، في انتظار الفرج.

 

إن نهاية اللعبة هي أن نعترف بأننا فشلنا ومن ثم نتنازل عن السلطة. أنتم السلطة القائمة بالاحتلال، لذا يتعين أن تتحملوا المسؤولية وسوف نقاوم الاحتلال». وما قاله في هذا الصدد أكثر من كافٍ، كما أنه شديد الدلالة.

=================

المسألة الأمريكية

آخر تحديث:الخميس ,11/11/2010

جميل مطر

الخليج

كانت الإمبراطورية العثمانية في مرحلة من مراحل صعودها طرفاً في معادلة ميزان القوى الدولية . كانت لاعباً رئيساً في وسط أوروبا وشرقها، وفي أقاليم الجزيرة العربية وشمال الخليج والمشرق والبحر الأحمر ومعظم شمال إفريقيا . ولم تبدأ قوتها وبالتالي مكانتها في الانحسار إلا في أواخر القرن الثامن عشر . حدث هذا عندما اجتمعت عناصر كثيرة، أغلبها سلبي . كان واضحاً، على سبيل المثال، أن الإمبراطورية تحولت في سياستها العسكرية من الاعتماد على مبادئ التوسع والغزو إلى التزام عقائد الدفاع وحماية الخطوط الخلفية للإمبراطورية، وكان معروفاً أن الأحوال الاقتصادية في شتى البقاع الخاضعة للسلطة وبخاصة في الأناضول تدهورت لأسباب كثيرة ليس أقلها شأناً الاعتماد على أجانب في إدارة شؤون الولايات ومواقع العمل اليدوي والفساد التي استشرى في كافة قطاعات الحكم، والوجود المتزايد للاستعمار الغربي في آسيا والممرات الدولية وفي داخل المنطقة العربية الإسلامية .

 

من ناحية أخرى، كان بدء التدهور إشارة واضحة لكافة القوى الاستعمارية لتتسابق على ممتلكات وأقاليم تخضع لنفوذ السلطة وللحصول على امتيازات .

 

كان حلماً وتحقق . وما كان يمكن أن يستمر حلماً بعد أن تحقق . وقد يكون الإصرار على الاحتفاظ بالحلم السبب الذي جعل العثمانيين في القرن التاسع عشر أصحاب مزاج يغلب عليه الاكتئاب، ويسيطر عليه القلق على المستقبل واليأس من إمكانية النجاح في مواجهة موجات التغيير التي كانت تكتسح أوروبا الغربية .

 

أكاد، مزوداً ببعض الخيال، أتصور حال الإمبراطورية الأمريكية وقد صار كحال الإمبراطورية العثمانية في أواخر عقودها . وأكاد مدفوعاً بالحرص والواقعية، أؤكد أن أمريكا في أزمة خطيرة ومفتوحة على احتمالات شتى . وقد يبدو للكثيرين من متابعي الجدل الدائر في أمريكا أن الرئيس أوباما مسؤول عنها، ولعله بالفعل مسؤول ولكن يجب علينا في كل الأحوال، أو على الأقل على أمثالنا من الذين لم يتوقعوا نجاحاً مذهلاً لرئيس أسمر في البيت الأبيض، أن نعترف بأنه لم يتسبب في صنع أزمة بقدر ما كان وصوله إلى السلطة دليلاً على وجود أزمة عويصة في الولايات المتحدة .

 

أفهم النقد الموجه إلى أوباما لأنه قدّم وعوداً كانت أكبر من قدراته ولم تأخذ في اعتبارها ظروفاً دولية وإقليمية عديدة . لم تكن خطة حكيمة الالتزام برعاية صحية شاملة وعمالة للجميع وحياة كريمة لكبار السن مع الاستمرار في نهج التوسع الإمبراطوري في الخارج في وقت تئن أمريكا فيه من ضربات أزمة اقتصادية هي الأعظم منذ ثمانين عاماً .

 

أفهم أيضاً انتقاد الكثيرين، وعلى رأسهم بول كروجمان الاقتصادي الليبرالي الشهير للرئيس أوباما لتمسكه بإصرار بأسلوب السير بحذر في أي اتجاه ونحو أي هدف . البطء والتردد والتروي سلوكيات تفيد في أوقات رخاء مستقر وسلام خارجي، ولكن كلها سلوكيات تضر أبلغ ضرر في حالة مجتمع تمسك بخناقه مشكلات عديدة ويشن حرباً “شبه عالمية” في أفغانستان والعراق، وحروباً شتى في إفريقيا .

 

أفهم كذلك غضب قطاعات في النخبة على ما أعدته سلوك تعالٍ وتكبر من جانب أوباما في التعامل مع خصومه في الداخل، ورأينا غضباً مماثلاً وللسبب نفسه من سياسيين أوروبيين .

 

أخطأ أوباما، ولعله معذور، حين ترك أغلبية الناس في أمريكا وخارجها يحلمون بالتغيير، ربما تصور أوباما أن مجرد الوعد بتغيير سياسات الرئيس بوش هو أقصى ما يحلم به الناس، بينما الحقيقة كانت أن الأمريكيين وشعوباً أخرى منها العرب، انتظروا تغييراً أعمق وأشمل . لذلك وقعت خيبة الأمل العظمى لدى الأمريكيين، ولدى شعوب أوروبا، ولدى العرب بشكل خاص .

 

لم يكن خافياً أن أوباما في مرحلة من المراحل كان يعتقد أنه سيحدث تغييراً في العالم وليس فقط في أمريكا . ولم يكن خافياً على مراقب كثير التجوال أن العالم كان بدوره ينتظر أن يغيره أوباما . وعندما خاب الأمل تجلى بأقصى درجة من الوضوح حجم “المسألة الأمريكية” .

 

أمريكا ليست في حال تتطابق وحال الإمبراطورية العثمانية عندما أصيبت بأمراض الشيخوخة . وأوباما ليس الرئيس الفاشل تماماً أو غير المؤهل للمنصب والمرحلة . ومع ذلك فأمريكا ليست بعيدة جداً عن احتمالات الانحدار السريع ومسؤولية أوباما عن تسريع هذا الانحدار، أو على الأقل كشف أبعاده، وفي الخارج وعلى اتساع العالم تشترك عوامل في صنع بيئة حاضنة للانحدار الأمريكي . كثيرة هذه العوامل الخارجية ومنها:

 

* أولاً: تعدد متوالٍ للقوى الصاعدة وقد تأكد أن بعضها، وبخاصة الصين، يسحب في صعوده من أرصدة القوة الأمريكية، وبعضاً آخر مثل الهند تشكل في صعودها ضغوطاً على قدرة أمريكا الاستراتيجية في آسيا أكثر مما تضيف إليها، وأخرى مثل البرازيل تجر في صعودها قارة بأكملها، كانت إلى عهد قريب جزءاً من إمبراطورية أمريكية عتيدة، ومصدراً من مصادر قوتها وعنفوانها، حين كان حقاً لها أن تمنع الأوروبيين وغيرهم من الاقتراب من هذا النصف من الكرة الأرضية .

 

* ثانياً: لم تعد القيادة السياسية الأمريكية تتمتع بمزايا مطلقة أو نسبية كانت تحسدها عليها الدول الاستعمارية الأوروبية . كانت الجغرافيا تحرس أمريكا وتشارك في صنع تاريخها وتحمي توسعاتها الإمبريالية، كانت الجغرافيا رصيداً لأمريكا لا تتمتع بمثله دولة أخرى . وتشاء الصدف، أو عبقرية الجغرافيا، ما أدى إلى انحساز دور العامل الجغرافي، شاهدناه ينحسر في 11/9 وما بعدها وتشاهده متسرعاً منذ يوم وقعت فيه بريطانيا وفرنسا حلفهما العسكري خلافاً لمنطق التاريخ، أقصد تاريخ العامل الجغرافي . لقد تأكد للكافة ومن دون شك أن أراضي الولايات المتحدة وأجواءها لم تعد حصناً حصيناً تعتمد عليه بنية الإمبراطورية ودفاعاتها، وأنها لكي تحافظ على فلول إمبراطوريتها الشاسعة يتعين عليها أن تبحث عن حصون أخرى بديلة للموقع الجغرافي الفريد .

 

* ثالثاً: كانت الاستثنائية الأمريكية أقرب شيء ممكن للاستثنائية التي قامت على أكتافها الإمبراطوريات الأيديولوجية والدينية مثل الإمبراطورية العثمانية . الاستثنائية وعي خالص يختلط فيه الدين بالحلم بالعنصرية بالتطرف . كتبت سارة بالين، المرشحة دائما لمنصب الرئاسة أو نائب الرئيس في موقعها على الفيس بوك ما معناه أن الوقت حان لإنقاذ الاستثنائية الأمريكية من رئيس لم يؤمن بها .

 

* رابعاً: لم يعد ممكناً أن تزعم النخبة الحاكمة الأمريكية التمسك بأصولها العرقية المنتسبة لجنس أبيض وبروتستانتي العقيدة، فقد حدث لأمريكا ما حدث لإمبراطوريات عديدة تجنست بجنسيتها أقليات عرقية عديدة، ووصلت إحداها إلى مراكز القرار السياسي وإدارة شؤون الإمبراطورية . حدث بالفعل في أمريكا أن سيطرت جماعة من قادة اليهود سيطرة تكاد تكون تامة على شؤون الإمبراطورية وصاروا يديرونها لمصلحتهم في الداخل ومصلحة إسرائيل في العالم بأسره .

 

كان مارتن لوثر كينج يقول إن المظلومين يحمّلون من يضع فيهم أملاً مسؤولية خيبة الأمل إذا لم يتحقق الأمل . هكذا ينتقل كره المظلومين للظالم إلى كره المسؤول عن زرع الأمل . شيء من هذا يفسر ظاهرة كره الشعوب لأمريكا، رغم أنها قد لا تكون السبب في الظلم الواقع على هذه الشعوب . لقد دأبت أمريكا على تقديم نفسها لشعوب العالم كنصير لها ومدافع ضد الظلم والقمع والاستعمار والاستبداد، وعندما عجزت عن نصرتها أو الدفاع عنها أو تواطأت مع الظالمين انتقل الكره لها . أكاد أرى أوباما نفسه يحتل هذا المكان بعد أن رفع مستوى الأمل عند الفلسطينيين والعرب والمسلمين عموماً ولم يفعل شيئاً يذكر بل ترك الأمور تزداد سوءاً . لا يهم في هذه الحالة أن يكون أوباما وعد ولم ينفذ أو أن أمريكا منهكة ومرتبكة، أو أنها أصيبت بداء تصلب الشرايين حسب تعبير جوناثان رابان الكاتب في جريدة “الجارديان” البريطانية، المهم هو أن الكره سيتوجه إلى من وعد ولم ينفذ، وهو في حالتنا العربية سيتوجه إلى أمريكا وليس إلى المسؤولين العرب لأنهم، والحق يقال، توقفوا تماماً منذ زمن عن تقديم الوعود أو التعهدات .

 

راقبوا وتابعوا جيداً تفاصيل رحلة باراك أوباما في آسيا وقمة العشرين في كوريا الجنوبية وقمة دول آسيا والباسيفيكي، ففي هذه التفاصيل ستتجلى حقيقة “المسألة الأمريكية” .

=================

الكونغرس الأمريكي الجديد والشرق الأوسط

آخر تحديث:الخميس ,11/11/2010

غسان العزي

الخليج

كما كان متوقعاً فاز الحزب الجمهوري، مدعوماً ب”حزب الشاي” الأكثر يمينية منه، بأغلبية المقاعد في مجلس النواب الأمريكي، ما يجعله مسيطراً عملياً على الكونغرس رغم احتفاظ الحزب الديمقراطي بالسيطرة على مجلس الشيوخ . سوف يصبح التعايش بين الحزبين أو بالأحرى بين الحزب الجمهوري والرئيس الديمقراطي صعباً، لكن ليس مستحيلاً، كما تدل التجربة التي خبرها كل رؤساء الولايات المتحدة تقريباً من روزفلت في بداية القرن العشرين إلى ريغان وبيل كلينتون وصولاً إلى بوش الابن . ومنذ روزفلت الذي افتتح هذا التقليد في العام ،1903 يشترك الرؤساء المصابون بخيبة الأمل في أنهم يذهبون في جولة خارجية طويلة غداة إعلان نتائج انتخابات الكونغرس النصفية . من هذا المنظور نظر كثيرون إلى جولة أوباما الآسيوية رغم أنها كانت مقررة قبل الانتخابات، لكن يقول البعض إن نتائج هذه الأخيرة كانت متوقعة وبناء عليه تقررت الزيارات الآسيوية .

 

وكما بات معروفاً فإن السبب الاقتصادي كان وراء خيبة أمل الرئيس أوباما هذه . فإجراءات الدفع الاقتصادي التي أقرها لم تؤت أكلها بعد، وهذا طبيعي . فالبطالة لا تتراجع هكذا نتيجة لبعض الأعمال الحكومية بل إن هذا التراجع ينتظر نجاح الإجراءات المتعلقة بالنمو وبتوزيع حسناته على القطاعات الإنتاجية والشرائح الاجتماعية . وهذا النجاح، إن حصل، لا يظهر في اليوم التالي لاتخاذ الإجراءات المناسبة .وقد خاض أوباما معارك سياسية وتشريعية أفضت الى إقرار مشروعاته المتعلقة بالضمان الصحي وبوضع قواعد ضابطة لوول ستريت وشركات المضاربة وغيرها . وفي سنتين اثنتين لا أكثر يمكن القول إن الرجل فعل الكثير لكن نتائج ما فعل لا تبدأ بالظهور إلا بعد وقت ما . لقد أظهر الناخبون قدراً ضئيلاً من الصبر فصوتوا تصويتاً احتجاجياً فهمه الرئيس الذي وعد ببذل الجهود في مجال الاتصال والماركتنغ لإبراز قيمة الإنجازات المتحققة .

 

فور إعلان النتائج وعد نواب جمهوريون قياديون بالسعي لإعاقة عمل الرئيس وتعطيل مشروعاته بل والعودة إلى القوانين التي تم إقرارها مثل قانون الإصلاح الصحي العزيز على قلبه بغية إلغائه . وتسرب قول للزعيم الجديد للأغلبية الجمهورية في مجلس النواب بأنه سيسعى إلى شل عمل الرئيس بغية إلحاق الهزيمة به في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2012 . وهذا يعني أن السنتين المقبلتين من ولاية أوباما سوف تشهدان تركيزاً على الأوضاع الداخلية في معركة رئاسية مضمرة بدأت منذ اللحظة بين الحزبين الكبيرين .

 

أما السياسة الخارجية في كل ذلك فهي غائبة، أولاً لأنها ليست هي التي تسببت بهزيمة الرئيس أو فوز الحزب الجمهوري . ثانياً لأنها لم توجد قط على لوائح الوعود الانتخابية للفائزين أو المهزومين من الحزبين، وثالثاً لأنه ليس ثمة من خلافات جوهرية بين الحزبين في هذا المضمار تجعل المعركة الانتخابية وكأنها بين رؤيتين للسياسة الخارجية لاسيما في الشرق الأوسط .

 

ينبغي ألا ننسى أن النظام السياسي في الولايات المتحدة رئاسي، وأن السياسة الخارجية يقودها الرئيس . هذا الأخير يحتاج إلى الكونغرس في حال قرر شن الحرب، وفي تمويل هذه الحرب أو غيرها من السياسات التي يقرها، صحيح . لكن في غالب الظن أنه لن يحتاج إلى الكونغرس لأنه لن يشن حرباً على أحد في المستقبل القريب . وفي المفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية” لم تكن طبيعة الكونغرس الديمقراطية هي التي تسببت بعدم تقدمها بل تعنت بنيامين نتنياهو الذي سبق وواجه بيل كلينتون في العام 1998 فأفشل مفاوضات شيبرزتاون وهدد ب”إحراق واشنطن” ثم ذهب إليها للقاء زعماء “الإيباك” من دون مقابلة الرئيس الأمريكي . وها هو نتنياهو نفسه اليوم يرفض التعاون مع أوباما أقله في تجميد الاستيطان بغية إنقاذ المفاوضات مع “الشريك” الفلسطيني المعتدل محمود عباس .

 

إذاً، ليس الكونغرس الديمقراطي هو من شجع أوباما على القطيعة مع سياسة سلفه بوش لجهة دفع عملية السلام المتوقفة، ولن يكون الكونغرس الجمهوري هو من يقنعه بوقف هذه العملية . جل ما في الأمر أن الأصوات المتشددة ستعلو من الآن وصاعداً أكثر مما فعلت في السنتين المنصرمتين، وأن الرئيس سيكون أقرب إلى القناعة بأن ملف السلام العربي “الإسرائيلي” أكثر تعقيداً مما كان يعتقد وأن عليه التركيز في السنتين المقبلتين على الأوضاع الداخلية والتعاون مع مجلس النواب الجديد بأقل قدر ممكن من التكاليف . أما في السياسة الخارجية فبات على الرئيس أن يتفادى استفزاز أنصار “إسرائيل” من دون أن يسير بالضرورة في الاتجاه الذي يقررونه هم . أي بتعبير أوضح سوف يشعر بأن عليه أن يمارس الضغوط المشددة على إيران وأنصارها في لبنان وغزة، ولكن من دون الذهاب إلى الحرب العسكرية، وهذه سياسة بدأت تطل برأسها قبل انتخابات الكونغرس النصفية .

 

إن من سوء طالع الفلسطينيين والعرب عموماً أن هناك انتخابات كل عامين في الولايات المتحدة، وأن اللوبي المناصر ل”إسرائيل” قادر على التأثير فيها . كذلك كان من سوء طالع أوباما أنه وصل إلى البيت الأبيض في وقت وصلت فيه إلى الحكم في “إسرائيل” حكومة متطرفة بزعامة نتنياهو-ليبرمان . لذلك فعلى الأرجح أن تصاب السياسة الشرق-أوسطية لإدارة أوباما بالشلل في الفترة المقبلة مع الاستمرار في تقديم الدعم اللامتناهي ل”إسرائيل”، كما حرصت أن تفعل كل الإدارات السابقة في ما أضحى تقليداً لا يجرؤ أن يخرقه رئيس، ولو كان اسم أبيه حسين بل تحديداً لأن اسم أبيه كذلك .

=================

العرب بين الاختراق الإيراني والدور التركي النشط

الخميس, 11 نوفمبر 2010

شمس الدين الكيلاني *

الحياة

لا شك في أن الإرباك العام الذي تثيره الأدوار المتصاعدة في الشؤون العربية التي تلعبها كل من إيران وتركيا، يعود أساساً إلى الضعف الذي بات يعتري العرب بعد افتقادهم القوة العراقية، حين بات العراق منذ التسعينات أهم نقاط الضعف العربي بدلاً من أن يكون أحد روافد قوته، تلك القوة التي تجلت بعد خروج العراق من حربه مع إيران منتصراً نسبيّاً، غير أنه ما لبث أن فقد كل مزاياه إثر مغامرة قيادته في غزو الكويت، الأمر الذي أنزل به الويلات. ومع تهاوي قوة العراق أمام الغزو الخارجي، انطلقت إيران ومن بعدها تركيا لملء فراغ القوة الذي تركه غياب القوة العراقية.

اتخذ اقتراب هاتين الدولتين من العرب مسلكين مختلفين: فالاقتراب الإيراني من بلادنا اتخذ طابع التدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، فحاولت بإصرار مستمر اختراق الجسد الوطني لكل بلد عربي على حدة، وذلك بتوظيف التمايزات المذهبية للدخول إلى هذه الدولة أو تلك عن طريق العلاقات المذهبية، من دون اكتراث بالشرعية السياسية للدولة، أو امتطاء بعض اتجاهات الإسلام السياسي السني الطامعة بالسلطة، بل عمدت طهران إلى تأجيج تلك التمايزات المذهبية لإحداث انكسارات في الجسد الوطني، ليسْهُل عليها في ما بعد اختراق هذا الجسد وتفكيكه. وأحياناً أخَذَ تدخلُها أسلوبَ الاحتلال المباشر (احتلال الجزر الثلاث في الإمارات)، أو صيغة التهديد بالاحتلال(مملكة البحرين) أو بالعدوان على حرية الملاحة في الخليج، التي تصر بقوة لا تخلو من التهديد على تسميته «الخليج الفارسي». وهي تحاول أن تغطي على سياستها تلك برفع شعارات متطرفة وراديكالية تجاه حل الصراع العربي الإسرائيلي، وتوريط العرب عبر المنظمات المتطرفة التابعة لها في حروب لا تنتهي مع إسرائيل، تُستنزف فيها طاقاتهم وتضعفهم، وتخلق الأجواء المواتية لتقوية موقعها وقدرتها على التدخل في شؤونهم.

وعلى هذا، يمكن تلخيص سياسة إيران بأنها تقوم على تمزيق العرى الوطنية للبلدان العربية وزرع الانشقاق فيها، وإدخالها في حروب لا طائل منها، لتبذير ما تبقّى من مصادر القوة العربية، لتبقى إيران في موقع القوة والاقتدار. وخير مثال على ذلك استفادتها من الراديكاليات الشعبوية للنظام العراقي السابق وحروبه على إسرائيل عبر الكويت! ومن مغامرات «طالبان»، فربحت من دون أن تُطلق رصاصة من حرب أميركا على العراق وأفغانستان ما خسرته هي في حربها عليهما! فصارت اللاعب الأول في العراق بلعبها بالورقة الطائفية التي سالت دماء كثيرة تحت راياتها السوداء.

قياساً إلى هذه السياسية الإيرانية الراديكالية «المجاهدة» في الشكل والمدمرة للقوة العربية في المضمون، يبدو المسلك التركي وقد أخذ مسلكاً مختلفاً في الشكل والمضمون. لقد حاولت الديبلوماسية التركية أن تنخرط وتتلاقى مع السياسة العربية من منطلق المصالح المتبادلة، وعلى قاعدة الاحترام المتبادل والدخول إلى الأوطان من أبواب الشرعية الدولية، من دون أن تغامر بالرهان على التشققات في الجسم الوطني والركوب على خلافاته وتنوعاته. ولم تُظهر ما ينمّ عن أطماع في الهيمنة أو التوسع، ولم تقم باللعب على سياسة المحاور العربية التي ساهمت إيران بتغذيتها، ولم تركب سياسة شعبوية لها رواجها الواسع في الشارع العربي، ولم تنادِ بحروب جرَّبها العرب مع إسرائيل قرناً من الزمن، وبات الطرفان بحاجة إلى تسوية تاريخية يتعايشان فيها إلى ما شاء الله، هذه التسوية القائمة على اعتراف الطرفين بعجزهما عن تحقيق مشاريعهما الإستراتيجية الأولى. فالحركة القومية العربية عجزت عن تحقيق إستراتيجيتها في تحرير فلسطين، كما عجزت الحركة الصهيونية عن تحقيق إستراتيجيتها المستحيلة في إقامة (إسرائيل الكبرى)، وبات الطرفان يعرفان تكلفة الحرب التدميرية، وإن بقيت بعض نخب إسرائيل تكابر في إعلان دفن هذا الحلم، مع أنهم أقروا بمبدأ الانسحاب، فقد انسحبوا من سيناء ثم غزة وأغلب الضفة الغربية، وإن بقي الصراع على الباقي.

دخلت تركيا في السياسة العربية ورهانها الأساسي على صناعة السلام لا الحرب، وقادت معركة حقيقية، بصبر وعناد، لهذا الغرض، من خلال قيامها بالوساطة بين سورية وإسرائيل، ولعل ردة فعل تركيا العنيفة على حرب إسرائيل العدوانية والتدميرية على غزة تعود إلى إنها برعايتها لهذه الوساطة أوصلت الطرفين إلى خطوات متقدمة على طريق التسوية تسمح لهما بالانتقال بعدها إلى المباحثات المباشرة.

أما المدخل الآخر لسياستها العربية، فقد قام على تعزيز التبادلات التجارية وخطط الاستثمار بينها وبين البلدان العربية، وتنشيط السياحة، وتلطيف نظرة أحدهما للآخر، على حساب ما تراكم من أجواء الريبة والعداء، ونجحت تركيا في ذلك.

شجع العرب جميعاً سياسة التقارب التركية معهم، فقد وجدوها مفيدة مرحليّاً واستراتيجيّاً، فبالإضافة إلى ما يجنيه الطرفان من هذه العلاقة القائمة على تبادل المنافع، فإن تركيا يمكن أن تكون بوابة العرب إلى أوروبا، وعاملاً مساعداً للوصول إلى التسوية، لعلاقاتها مع إسرائيل والعرب، فضلاً عن أن تركيا تزيح، بتنامي دورها الإيجابي، الدورَ الإيراني المثير للانقسام والمتاعب.

انتهت الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في عرض البحر ضد «أسطول الحرية»، بهزيمة مدوّية لها على الصعيدين الأخلاقي والسياسي، لكنها لم تقد إلى نصر فعلي للفلسطينيين، لأنهم ما زالوا يفتقدون إلى الوحدة. أما تركيا، فيمكن القول إنه منذ اليوم الأول للجريمة الإسرائيلية، شهد المسرح السياسي الشرق أوسطي تناميَ دورها بطريقة غير مسبوقة، وعلى الأخص شعبيّاً، بالقدْر نفسه الذي تراجع فيه الدور الإيراني.

غير إن هذا النجاح يظل مرهوناً بثبات سياسة تركيا التي عهدناها، وبأن تحافظ على دورها المساعد على التسوية، بدعم العرب والفلسطينيين تحت مظلة المبادرة العربية، التي ما تزال تمنح السياسة العربية أفقاً إستراتيجيّاً، وأن لا تركب على الطريقة الإيرانية الشعارات الشعبوية الراديكالية، التي لن يجني منها الفلسطينيون سوى الدماء والدموع. والحال أن توظيف تركيا والفلسطينيين والعرب لهذه النكسة الإسرائيلية بطريقة مناسبة ومجدية، هو في تضافر الجهود التركية والعربية، وبالحصول على الدعم الأوروبي والدولي الممكن لفك الحصار عن غزة، في سياق دعم مفهوم للتسوية الشاملة يُدخل العرب والفلسطينيين والأتراك في أفق إستراتيجي مشترك.

* كاتب سوري

=================

كيف تكون شراكة من اجل المتوسط وليس من اجل اسرائيل؟

الخميس, 11 نوفمبر 2010

رغيد الصلح *

الحياة

خلال اسبوعين على الاكثر يعقد «الاتحاد من اجل المتوسط» قمته الدورية. وكان من المقرر ان تُعقد هذه القمة خلال شهر حزيران (يونيو) الفائت، ولكنها أرجئت الى الخامس والعشرين من هذا الشهر وذلك حرصاً من القائمين على الاتحاد ومنظمي القمة على «ضمان مشاركة اكبر عدد من القادة والزعماء العرب» فيها. وبدا هذا الحرص في محله بعد أن اعرب قادة عرب عن عزمهم على مقاطعة القمة اذا قرر افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي حضورها. وعلى رغم الإعلان عن موعد القمة الجديد، الا ان «عقدة ليبرمان» قد تبقى على حالها فيجد القائمون على المؤتمر حاجة الى تأجيله مرة اخرى.

ان هذه المشاكل والعقبات ترافق الكثير من المؤتمرات الدولية، ومن ثم فإنها لا تستحق التوقف عندها، ولكن اذا تكررت اكثر من مرة، وواجهت المنظمة الاقليمية نفسها كما هي الحال مع الاتحاد من اجل المتوسط، او سلفه الاتحاد المتوسطي، فإنها ستثير علامات استفهام حول مستقبل هذه المنظمة. فالقمة المهمة التي عقدها الاتحاد المتوسطي عام 2005 اعتبرت فاشلة لأنها افتقرت الى التوازن في تمثيل ضفتي المتوسط. ففي حين حضرها قادة 27 دولة اوروبية عضو في الاتحاد الاوروبي، حضرها من دول جنوب المتوسط الرئيسان التركي والفلسطيني فقط. من هنا يصح السؤال: هل تعاني مشاريع التعاون المتوسطي الأوروبية المنشأ صعوبات عابرة ام دائمة؟ وفي الحالين ما هي اسباب هذه الصعوبات وكيف يمكن التغلب عليها؟

لقد بدأ التفكير في ايجاد اطار متوسطي للتعاون بعد حرب اكتوبر عام 1973 وبعد بداية الحوار الاوروبي - العربي، وازداد الاقتناع بضرورة توفير مثل هذا الاطار بعد أن ازداد حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والدول الاوروبية، وبعد ظهور ظواهر مهمة على شاشة العلاقات بين الطرفين مثل الهجرة المتزايدة من جنوب المتوسط وشرقه الى شماله والتعقيدات التي ادت اليها، وتزايد اعمال الارهاب العابر للقارات، هذا فضلاً عن ظواهر اجتماعية وسياسية اخرى مثل تفاقم المشاكل الاجتماعية في الجنوب وتعثر محاولات الاصلاح والدمقرطة فيه، واستفحال «الأرابوفوبيا» في اوروبا، و «اليوروفوبيا» في المنطقة العربية.

دلت هذه الظواهر والاعراض على مدى الحاجة الى التعاون بين الاوروبيين والعرب، والى جسامة الجهود المطلوبة من اجل تحويل المتوسط الى بحيرة تعاون وسلام بينهم. وفي ضوء هذه المعطيات، كان من الطبيعي ان يتعاون الاوروبيون والعرب على تأسيس اطار اوروبي - عربي خاص ومستقل للتعاون الإقليمي والجماعي بينهم. وكان من المستطاع ان تتبلور الرغبة في التعاون بين الجهتين في اطلاق قمة اوروبية - عربية على غرار القمم الأورو - آسيوية والأورو - افريقية، فتنبثق عنها مؤسسات وهيئات فرعية كثيرة تأخذ على عاتقها تنفيذ ما يقرره الزعماء في قمتهم.

بدلاً من الإطار الأوروبي - العربي، اتجه الاتحاد الأوروبي الى تأسيس الشراكة المتوسطية التي ضمت، فضلاً عن دول الاتحاد الاوروبي الدول العربية وتركيا واسرائيل. فلماذا اختار الاوروبيون هذه الشراكة بديلاً من الإطار الأوروبي - العربي للتعاون؟ لم يكن وجود تركيا في الاتحاد المتوسطي هو علامته المميزة لأن العلاقات الاوروبية - التركية تبحث في اطار بحث مسألة انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. كذلك لم يختر الاوروبيون الشراكة المتوسطية بهدف ايجاد اطار للتعاون بينهم وبين الاسرائيليين، فالعلاقات الاوروبية - الاسرائيلية هي على احسن حال الى درجة ان احد المسؤولين في الاتحاد الاوروبي صرح بأن «اسرائيل هي العضو غير المعلن في الاتحاد الاوروبي». اذاً، ما هو السبب الذي حفز الاتحاد الاوروبي الى تفضيل الشراكة المتوسطية على الاطار الاوروبي العربي للعلاقة؟

لا توجد اجابات اوروبية صريحة على هذه المسألة، ولكن المناخ العام الذي ولدت فيه الشراكة المتوسطية، حيث انها تمت بعد فترة قصيرة من اتفاق اوسلو، يدعو الى الاعتقاد بأن الحرص على حشر العرب والاسرائيليين في المركب المتوسطي نفسه كان وليد الاقتناع الأوروبي بفرضيتين:

الأولى: انها - اي الشراكة - ستشكل فضاء مناسباً للتعجيل في تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين، ومن ثم في زوال العقبة الرئيسة التي تعترض طريق الاندماج المتوسطي، كما جاء في تقرير أعدته أخيراً المؤسسة الاوروبية للمتوسط. فوفقاً لاستفتاء اجرته المؤسسة شارك فيه ما يفوق 370 من الخبراء ورجال الفكر والاقتصاد الاوروبيين في 43 دولة اوروبية ومتوسطية اكد حوالى 73 في المئة منهم ان الصراع العربي - الاسرائيلي هو الحائل الرئيس امام تحقيق اهداف الشراكة المتوسطية.

الثانية: ان من المستطاع التغلب على العقبات التي تحول دون تحقيق السلام بين الطرفين من طريق مشاريع التعاون الوظيفي التي ينفذها الاتحاد. فهذه المشاريع تفتح الابواب التي تغلقها السياسة وتخلق فرص التعاون والعمل المشترك بين العرب والاسرائيليين. وهذا التعاون الميداني، كما يقول المسؤولون الاوروبيون المعنيون، يذيب العصبيات ويزيل الهواجس ويبني جسور الثقة بين الجانبين ويذلل الكثير من العقبات والصعوبات التي اعترضت التسوية بين الفريقين.

فهل كان هذا الاقتناع في محله ام ان اقحام مسألة الصراع العربي - الاسرائيلي في صلب العلاقات العربية - الاوروبية كان، على عكس التوقعات والفرضيات، سبباً في اضعافها وتعطيل مفاعيلها؟ خلافاً للغاية المعلنة من ادخال اسرائيل طرفاً في الشراكة المتوسطية، فإن هذا الإجراء ادى الى اضافة عنصر تأزيم الى العلاقات الاوروبية - العربية بدلاً من التخفيف من حدة التوترات العربية - الاسرائيلية. واعتبر الكثير من العرب الذين واكبوا تأسيس الاتحاد المتوسطي والاتحاد من اجل المتوسط ان تعثر هذه المشاريع يعود بالدرجة الاولى الى المقاربة الاوروبية لهذه المسألة، وذلك للأسباب الآتية:

1- لأنها - اي المقاربة الاوروبية للشراكة المتوسطية، انطلقت من اغفال الهوية الجماعية للشريك العربي. ولقد تم التعبير عن هذا الإغفال بصورة عملية حيث اشتركت المؤسسات الاوروبية الاقليمية في تأسيس الاتحاد الاوروبي بينما غيبت المؤسسات العربية الجماعية عن هذه العملية. هذا الإغفال يخدم الاطراف كافة التي تصر على التعامل مع العرب على اساس ثنائي، ولكنه لا يخدم مصلحة العرب الذين يستطيعون الدفاع عن مصالحهم بصورة افضل اذا تمكنوا من تطوير مؤسساتهم الاقليمية واستخدموها كقناة رئيسة للتعاون والتعامل مع الآخرين.

2- لأن هذه المقاربة تتطابق، كما يعتقد الناقدون العرب، الى حد بعيد مع الاستراتيجية الاسرائيلية التي تهدف الى انتزاع وسائل الضغط السياسي كافة من يد العرب تحت طائلة اتهامهم بالتعنت والتطرف اذا امتنع قادة الدول العربية وممثلوها عن الاشتراك في مؤتمرات اقليمية مع الاسرائيليين، واضفاء طابع التسامح والتساهل والمسالمة على اسرائيل التي لا تمانع، بل على العكس، «ترحب وتطالب بالتعاون مع الجيران العرب».

كذلك تتطابق هذه المقاربة مع الاستراتيجية الاسرائيلية، كما يلاحظ ناقدو المقاربة الاوروبية للتعاون المتوسطي، من حيث ان الاوروبيين يعتمدون هم ايضاً تفسيرات للتعاون الوظيفي مشابهة للتفسيرات التي يقدمها الاسرائيليون. ففي المؤتمر الذي عقده الاتحاد في برشلونة خلال شهر نيسان (ابريل) الفائت حول مسألة المياه، نشب خلاف «وظيفي الطابع» بين المشتركين العرب والاسرائيليين حول استهلاك الثروة المائية. وفي المؤتمر الذي عُقد في بروكسيل خلال شهر ايار (مايو) الماضي، نشب خلاف مماثل حول ما تقوم به اسرائيل من ترويج للجولان المحتل على انه واحد من مواقعها السياحية. ففي حين ان المشتركين العرب انتقدوا اسرائيل في سياق بحثهم للعوامل التي تحد من حسن استخدام مياه المنطقة وتتنافى مع المبادئ السليمة في الافادة من الثروات السياحية، اعتبر الاسرائيليون ان هذا النقد سياسي الطابع. المهم هنا ان الموقف الاوروبي في المؤتمرين كان متطابقاً الى حد بعيد مع الموقف الاسرائيلي.

حمل مشروع الشراكة المتوسطية في خلاياه عوامل ضعف منذ ولادته، كان من اهمها تجاهل الهوية الجماعية والمصالح المشتركة للعرب وعضوية اسرائيل فيه. وعلى رغم محاولات الالتفاف على هذه العوامل والتقليل من اهميتها، الا انها ظلت تعرقل جهوداً ومبادرات كثيرة وجادة من اجل الارتقاء بالعلاقات الاوروبية - العربية. من اجل تحقيق هذه الغاية، فان القادة العرب والاوروبيين مدعوون الى تأسيس قمة عربية - اوروبية تكون مدخلاً الى توفير حلول سليمة للمشاكل الكبرى التي يواجهها الطرفان. هذا لا يعني زوال الشراكة المتوسطية، بالضرورة، بل بالعكس وضعها في نصابها الحقيقي بدلاً من ان تستخدم كرهينة في يد افيغدور ليبرمان واقرانه من العنصريين والمتعصبين.

* كاتب لبناني

=================

قلق باكستاني من التحول الأميركي إلى «الهند أولا»!

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

11-11-2010

أمام البرلمان الهندي أشجى الرئيس الأميركي باراك أوباما سمع النواب عندما قال: «إن الهند اليوم قوة عالمية وشريك استراتيجي لأميركا، ولم تكن صدفة أن الهند كانت المحطة الأولى في الرحلة».

يعرف أوباما أن سلفه الرئيس جورج دبليو بوش يتمتع بشعبية كبيرة في الهند، فقد جعلها دولة نووية شرعية، لذلك اختار أوباما السير خطوة أبعد، دعم طلبها الانضمام إلى العضوية الدائمة في مجلس الأمن.

ورغم معرفته بأن الدولتين لا تلتقيان تماما حول السلاح النووي، قال أوباما: «مع أن لكل دولة الحق في طاقة نووية سلمية، فعلى كل دولة الالتزام بواجباتها الدولية بما فيها الجمهورية الإيرانية الإسلامية (طمأنة للنظام الإيراني، إذ لم يكتف بكلمة إيران فقط)، إننا نتطلع إلى عالم دون سلاح نووي».

الرحلة في أبعادها الحقيقية تتطلع إلى فتح عقود وصفقات تحيي الاقتصاد الأميركي، كما لها أبعاد استراتيجية لموازنة الصين. في نظر الأميركيين يُنظر إلى الهند على أنها المكان الذي يخطف الوظائف من يدهم، لهذا بذل أوباما ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ جهدهما للتأكيد على أن الهند لا تسرق الوظائف من أميركا، وقال أوباما إن الصفقات العسكرية وحتى الصفقات التجارية العادية ستوفر الوظائف لأميركا، والصفقة النووية الضخمة التي عقدها الرئيس بوش مع الهند وكانت بقيمة 150 مليار دولار تصنّع كلها فوق الأراضي الأميركية.

من المؤكد أن باكستان تابعت الرحلة عن كثب وقلق، في الماضي القريب كانت السياسة الأميركية تركز على باكستان أولا، الآن الهند تستحوذ اهتمام واشنطن الأول. العلاقة الأميركية مع باكستان محورها أفغانستان والحرب على الإرهاب. بعد الهند ستتطلع إسلام آباد إلى علاقة طويلة الأمد وأكثر شمولية.

يقال دائما أنه لا شيء أكثر أهمية في نظر العسكر الباكستانيين من ما يجري في الهند، وعندما يصل شخص مثل الرئيس أوباما لزيارتها، فإن الأمر يثير توجس إسلام آباد. وخلال الزيارة حاولت تجاوز هذا القلق، حتى إنها ادعت أن استثناءها من الجولة، لا يقلقها. وتتذكر باكستان أن الرئيس السابق بيل كلينتون زارها لبضع ساعات بينما أمضى أياما في الهند، واليوم قال أوباما إنه سيزور باكستان العام المقبل، قد يكون هذا أرضاها جزئيا لكن العلاقة بين الهند وأميركا صارت علاقة صداقة، وتشعر باكستان بأنها ظلت خارجها، لذلك فإن كل ما سيتخلل العلاقة بين الهند وأميركا، سيؤثر عليها ويقلقها.

هناك أيضا الصين التي تراقب جولة أوباما، الهند تشارك أميركا شكوكها بالنسبة لنمو النفوذ الصيني في المنطقة، والقادة العسكريون والاستراتيجيون في الهند يرون أن الصين تطوق الهند، تماما كما ترى باكستان أن الهند تطوق أفغانستان. لكن الحكومة الهندية ترى أن الحوار مع الصين، خصوصا فيما يتعلق بالمسائل الحدودية، هو القضية الأساسية.

إذا نظرنا إلى ما بعد الزيارة، فقد تحدث أوباما عن مقعد دائم في مجلس الأمن للهند، لكنه تحدث أيضا عن إيران، ففيما يتعلق بإيران تختلف وجهة النظر الهندية عن الأميركية. علاقة الهند بإيران قوية، هي لا تدعم المقاطعة، وفي المستقبل قد تشكل إيران خلافا بين الطرفين.

أما بالنسبة إلى مراقبة الصادرات التي قال أوباما إنه سيرفعها، فسيكون هناك الكثيرون في الهند لا سيما في حقل الدفاع من ينتظر تحقيق هذا، إذ إن الرئيس السابق بوش وعد بذلك، ولا تزال الشركات الهندية تنتظر.

وهناك السياسة الأميركية المعتمدة تجاه باكستان، قال أوباما: «إن الملاذات الأمنية في باكستان لم تعد محتملة»، لكن منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 وزعماء «لشكري طيبا» (عسكر طيبة) ومنظمات إرهابية أخرى يتنقلون في باكستان بحصانة كاملة.

لذلك، قال سينغ في مؤتمره الصحافي، كرد على دعوة أوباما لتحسين وتطوير العلاقات الهندية - الباكستانية: «إن الحوار مع باكستان يعتمد عما سيحل بمهاجمي مومباي».

الآن ماذا بالنسبة إلى أميركا نفسها. يرى الكثير من الأميركيين أن تقوية العلاقة أكثر مع نيودلهي صارت جزءا حاسما من جهود أوباما للمحافظة عن مكانة أميركا في العالم عسكريا واقتصاديا. ويرى هؤلاء أن ما على أوباما القيام به في الهند وكذلك في إندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان، هو أن يوضح لهم أن أميركا صارت تفكر في مرحلة ما بعد العراق، وما بعد أفغانستان، وتهمها الخريطة الاستراتيجية لآسيا، ويعتبرون أن بروز الهند كقوة عسكرية واقتصادية هو أفضل ما حصل لأميركا والغرب منذ سقوط جدار برلين.

ويوضح لي روبرت كابلان الخبير الاستراتيجي المتخصص في الشأن الآسيوي ومؤلف عدة كتب عن المنطقة، أن رحلة أوباما إلى جنوب دول أوراسيا هي لمساعدة هذه الدول على كيفية إدارة صعود الصين، لكن هناك مشكلة، فهو لا يستطيع التخلص فورا من أعباء أفغانستان، والهند تريد كما يقول كابلان، «القتال في أفغانستان حتى آخر جندي أميركي»، لأن الهند استثمرت في حكومة حميد كرزاي أكثر مما فعلت أميركا، لكن في الوقت نفسه تتطلع أميركا إلى ما بعد أفغانستان، إلى الخريطة الأوسع لدول أوراسيا، ولعدة عقود مقبلة. ويؤكد كابلان أن الشراكة الاستراتيجية الأميركية - الهندية ضرورة مطلقة ويرى أن الهند نفسها تطالب بمحور أميركي - هندي للتعطيل على الصين، «وهذا المحور لن يعلن»، فالهند ستصبح صاحبة ثالث سلاح بحرية في العالم، ولن تستطيع وحدها تحقيق التوازن مع الصين من دون وجود سلاحي البحر والجو الأميركيين في المحيط الهندي. لكن الصين تبني السكك الحديدية والمرافئ وأميركا لم تعد تبني، وهي ترى بوضوح أن الميزان يتحول ببطء وتدريجيا. إنما هل يعني هذا أن تصبح أميركا يوما ما الشريك الصغير للهند؟

يقول كابلان: «هذا اليوم سيكون بعيدا جدا. عام 2030، من المحتمل أن السفن العسكرية الهندية في الخليج العربي ستكون أكثر عددا من السفن العسكرية الأميركية، لكن حتى هذا لا يعني أن أميركا ستكون الشريكة الصغرى إلا في الجزء الأخير من القرن الواحد والعشرين».

لكن، من جهة أخرى، يحذر كابلان من المراهنة على قوة الاستقرار في دول شرق آسيا في العقود القليلة المقبلة ويقول: «كان هناك مناخ جيد من الأمن، لأن القوات البحرية والجوية الأميركية كانت تحمي غرب المحيط الهادئ من المحيط الهندي في البحيرات الأميركية، وهذا سمح للدول هناك ومن ضمنها الصين، بالانصراف للاهتمام بالاقتصاد، لكن مع النفوذ الأميركي الذي بدأ يخبو، فإن المناخ المستقر قد يضعف».

وماذا على أميركا فعله لتواكب آسيا؟ يجيب: أولا: إصلاح اقتصادها وأنظمتها الصحية والضريبية والأمر الثاني المهم، أن تحاول تجنب التورط بحروب برية في أي مكان من العالم، لأن ضحايا الحروب البرية تمتص تركيز وجهود صانعي القرار.

لكن، إلى أين تتجه أميركا الآن؟ يعطي كابلان مثلا: البحرية الملكية البريطانية بدأت تتقهقر عام 1895، لكن هذا لم يمنع بريطانيا من إنقاذ العالم مرتين بعد ستة عقود، بحربين عالميتين، وإن كان مع بعض المساعدة. إن الدولة عندما تصل إلى القمة تحتاج إلى تسعة عقود لتنزل تدريجيا، هذا يعني أن دور أميركا المحوري في السياسة الخارجية لا يزال أمامها. ويضيف: «يمكن للناس انتقاد أميركا كما يريدون، لكن في الشأن العسكري على الأقل، فإن العالم هنا أحادي».

باختصار، إن التقهقر في حد ذاته قد يكون مبالغا فيه، كمفهوم!

وفي الوقت الذي يواصل الرئيس أوباما جولته ويحط في إندونيسيا، يصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على رأس وفد اقتصادي كبير إلى.. الصين!

=================

احتواء طفيف

توماس فريدمان

الشرق الاوسط

11-11-2010

لا تصدق كل ما تقرأه في الصحف. خذ على سبيل المثال هذا العنوان الذي أوردته صحيفة «هندوستان تايمز» قبل بضعة أسابيع، عندما كنت في نيودلهي: «كلينتون: الولايات المتحدة لا تسعى لاحتواء الصين». يشير العنوان إلى تصريح هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية خلال جولتها في آسيا. كلا، إن واشنطن لا تحاول احتواء الصين بالصورة نفسها التي استخدمناها في السابق مع الاتحاد السوفياتي، لكن الرئيس أوباما لم يقض ثلاثة أيام في الهند فقط لتحسين قدراته في اليوغا.

كان الهدف من زيارة أوباما أن يعلن للصين أن أميركا تعلم أن الهند تدرك أن «عدوانية» الصين الأخيرة، كما أخبرني وزير هندي، أثارت قلق جيرانها، فلا يجرؤ أي منهم على استخدام كلمة «احتواء» علنا. وحقيقة الأمر أن أيا منهم لا يرغب في الاقتراب من ذلك، أو ينوي تشجيع هذه السياسة، لكن هناك نفحة جديدة من القلق في الأجواء الآسيوية.

كل دول جوار الصين ترغب في أن تعرف بكين - كما تقول اللافتة - «إياك أن تظن أن بمقدورك الوقوف بسيارتك هنا»، إياك أن تعتقدي أن بمقدورك استخدام مواردك العسكرية والاقتصادية المتنامية في فرض مزاعمك في نزاعات الحدود في بحر الصين الجنوبي، لأنك إن فعلت ذلك سيكون مصير كل جيران الصين أن يكونوا أصدقاء أميركا الجدد؛ ومنهم الهند.

لعل ذلك كان السبب في لهفة كل جيران الصين إلى التقاط صورة لرئيسهم وهو واقف إلى جانب وزيرة الخارجية كلينتون أو الرئيس أوباما؛ مع تعليق ضمني يقول: «بأمانة، أيتها الصين، نحن لا نرغب في شد الخناق حولك، ولا نرغب في حرب باردة آسيوية، نحن فقط نرغب في التجارة والوفاق، لكن من فضلك لا تحاولي انتهاك القواعد ولا تعتقدي أن بمقدورك الوقوف بسيارتك في هذا المكان، لأنك إن فعلت ذلك، فلدي صديق في واشنطن وهو ضخم حقا.. ولديه شاحنته أيضا».

أنا أصف ذلك بالاحتواء الطفيف، الذي بدأ العام الماضي نتيجة التصاعد المفاجئ في تأكيدات الصين على مزاعمها في بحر الصين الجنوبي. وهو ما يشكل تناقضا صارخا للحالة المزاجية في المنطقة قبل عامين. وكما ذكر كريستيان كاريل الكاتب المشارك في مجلة «فورين بوليسي» في مقاله في 4 أغسطس (آب) أن الصين لقيت إشادات من قبل الخبراء الآسيويين على دهائها وذكائها وبراعتها في بناء العلاقات الثقافية والاقتصادية مع جميع جيرانها وتفوقت في المناورة على الأميركيين الأغبياء والسذج. لكن في غضون ستة أشهر فقط حاولت الصين لعب دور المستأسد على من حوله وشجعت جيرانها على التخلي عن العم سام.

وأشار كاريل إلى أن بكين صعدت من مزاعمها خلال الأشهر الأخيرة في بحر الصين الجنوبي إلى مستوى «المصالح القومية الرئيسية»، في ما يتعلق بالتيبت وتايوان، وهو ما أثار غضبا كبيرا بين الدول الأخرى في المنطقة، ومن بينها بروناي وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام، عندما زعمت ملكية مناطق في البحر.. ثم في حال إذا ما لم يكن الأميركيون الجنوب شرق آسيويون قد فهموا الرسالة بعد، قامت البحرية الصينية بمناورات واسعة في البحر، ونشرت سفنا من أساطيلها الثلاثة. وشاهد أدميرالات البحرية الصينية إطلاق السفن وابلا من الصواريخ على أعداء وهميين، التي عرضها جميعا التلفزيون الصيني بتفاصيل مشوقة.

حاولت الصين أيضا التنمر على فيتنام عبر وقف عمليات استكشاف النفط، فيما زعمت بكين أنها المياه الإقليمية الصينية، وأجبرت اليابان على إطلاق سراح قبطان قارب صيد صيني اعتقل بعد صدام مع قاربي حرس سواحل يابانيين بالقرب من الجزر المتنازع عليها في شرق بحر الصين. وتعاملت الصين مع اليابان عبر وقف صادرات العناصر النادرة التي تستخدم بصورة أساسية في الصناعات المتقدمة.

وكتب براهما تشيلاني، المحلل الدفاعي في «مركز دلهي لأبحاث السياسة»: «مع الاعتماد المتزايد للحزب الشيوعي الصيني على القوة العسكرية للحفاظ على احتكار القوة وضمان النظام الداخلي، يقوم كبار ضباط الجيش بالتأثير بشكل واضح في السياسة الخارجية».

لكن الهنود مثل رفاقهم الآسيويين، لا يرغبون حقا في المضي إلى ما هو أبعد من احتواء طفيف مع الصين؛ حتى الآن. فمن المؤكد أن الصين والهند على خلاف بشأن الحدود وباكستان. لكن الصين الآن أكبر شريك تجاري مع الهند.

لا تنس أيضا أن السياسة الخارجية الهندية لها تاريخ طويل من الحياد. يقول الخبير الاستراتيجي الهندي راجا موهان: «حتى عام مضى، كان أكبر النقاشات الهندية حول كيفية التعامل مع الهيمنة الأميركية. لا يزال بعض أفراد النخبة في الهند يخشون الإمبريالية والليبرالية الأميركية الجديدة».

وأخيرا، يقول المحلل الدفاعي الهندي كانتي باسو: «يستشعر الهنود المتابعون للمجتمع الاستراتيجي في قرارة أنفسهم أن الصينيين يرتفعون والأميركيون يتوارون، ولا يبدو أن الأميركيين سيتمكنون من حل مشكلاتهم قريبا. لذا، لا تراهنوا على أميركا».

كلا، لن ترتمي الهند في أحضان الولايات المتحدة، لكننا لن نطلب منها ذلك. فالديمقراطية والجغرافيا السياسية والجغرافيا والاقتصاد تمتزج جميعها لتقارب الولايات المتحدة والهند، وهو أمر مهم بالنسبة لكليهما. وإذا حاولت الصين التصرف بذكاء، فلن تتجاوز العلاقات الهندية - الصينية الاحتواء الطفيف. لكن إذا لم تحسن الصين التصرف، فيمكن أن تكون زيارة أوباما للهند في يوم من الأيام زيارة نيكسون الجديدة للصين؛ «فعدو عدوي هو أفضل أصدقائي الجدد».

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ