ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

الأطلسي: عقيدة جديدة وحروب كثيرة

السبت, 20 نوفمبر 2010

مصطفى زين

الحياة

عقيدة جديدة لحلف شمال الأطلسي. عقيدة تستعيد أجواء الحرب الباردة، وتتجاوزها إلى إسناد مهمات للحلف خارج مهماته التقليدية التي تقتصر على الدفاع عن أوروبا في مواجهة حلف وارسو. أي أنها تعتمد نظرية الولايات المتحدة في الحروب الاستباقية، كي «تتلاءم مع التهديدات المستجدة»، على ما جاء في الوثيقة التي تناقشها قمة لشبونة اليوم. وثيقة ملخصها أن على الحلف «مواجهة الإرهاب، وتأمين مصادر الطاقة وطرق إمدادها، والتصدي للقرصنة البحرية والجريمة المنظمة والحرب المعلوماتية».

قسم استراتيجيو الأطلسي العالم، على ضوء الرؤية الأميركية التي تبلورت في عهد جورج بوش والمحافظين الجدد، ويستكمل تطبيقها باراك أوباما بأساليب أخرى.

بناء على هذا التقسيم للعالم نلاحظ أن اهتمام الأطلسي ينصب على أوراسيا والشرق الأوسط. هاتان المنطقتان هما مصدر الطاقة والإرهاب. والسيطرة عليهما تحتاج إلى تعاون بعض الدول الصديقة للحلف وللولايات المتحدة، مثل دول الخليج العربي، العراق ضمنه بطبيعة الحال، وتركيا التي هي عضو أساسي في الحلف. مهمة هذا المحور التصدي لإيران من جهة، والعودة إلى تطويق روسيا في أوراسيا، بعد تطويقها أوروبياً. من هنا كان الضغط على تركيا كي تسمح للأطلسي بنشر الدرع الصاروخية على أراضيها. صواريخ موجهة في الدرجة الأولى إلى إيران لمنعها من مد نفوذها في اتجاه الخليج وبلاد الشام. وهدفها أيضاً استعادة أنقرة إلى موقعها السابق، بعدما جنحت كثيراً في اتجاه الشرق، وكادت تشكل محوراً مع طهران وموسكو، وتتطلع إلى لعب دور أساسي في الشرق الأوسط بالتعاون مع سورية.

إستعادة تركيا تعني أيضاً فك العزلة التي تطوق إسرائيل، وفتح المجال أمامها لتكون في صلب هذه الإستراتيجية، من دون إعلان ذلك، فهي القاعدة العسكرية الأساسية للأطلسي وللولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

صحيح أن تركيا وضعت شروطاً للسماح بنشر الدرع الصاروخية على أراضيها، ومنها عدم ذكر إيران أو روسيا أو أي دولة أخرى في وثيقة التفاهم مع الأطلسي، إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون هدف الدرع مواجهة هذه الدول وحماية إسرائيل، خصوصاً أن الحلف حدد في عقيدته الجديدة مناطق الخطر، ولن تقتصر عملياته على الدفاع ، بل إنه اعتمد الهجوم، أو الحرب الاستباقية، نهجاً جديداً.

تركيا لم تواجه مثل هذا الامتحان في السابق. صحيح أنها امتنعت عن السماح للولايات المتحدة بغزو العراق انطلاقاً من أراضيها، وانحازت إلى إيران في كثير من المواقف، آخرها كان تصويتها في مجلس الأمن ضد العقوبات على طهران، إلا أن خياراتها ليست كثيرة هذه المرة، خصوصاً بعدما قطعت مسافة كبيرة في تثبيت نفسها قوة إقليمية لديها استراتيجيتها الخاصة في الشرق الأوسط وفي آسيا الوسطى، بعيداً من سياسات الأطلسي والولايات المتحدة، فهل تتخلى عن عثمانيتها الجديدة لتلحق بأحلام أتاتورك بأنها أوروبية؟

إستراتيجيو الأطلسي (بعضهم خبير بالحرب الباردة، مثل مادلين أولبرايت) قدموا إلى قمة لشبونة وثيقة لحظت، بشكل أساسي، تسخير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية لتنفيذ خطط الحلف. الأطلسي يسعى من جديد إلى السيطرة السياسية والعسكرية على العالم. المواجهة الكبرى ستكون في العالم العربي وآسيا الوسطى. مواجهة ستتفجر حروباً محلية وإقليمية، تتغير خلالها أنظمة حكم وربما حدود دول أيضاً.

==========================

حكاية «رسالة» هنري كيسنجر!

السبت, 20 نوفمبر 2010

سليم نصار *

الحياة

كانت بيروت تحترق، وقد غطت سماءها سحب متفرقة من الدخان الأسود المتصاعد من مواقع القتال. ومع أن الطقس الربيعي الدافئ كان يغري بالخروج الى الشوارع، إلا أن القنابل العشوائية أجبرت المواطنين على ملازمة الزوايا الحصينة من منازلهم. لذلك فوجئت بالسيارة التي عبرت حواجز المسلحين لتتوقف أمام منزلي ويترجل منها زميل من أسرة «الحوادث».

كان منظره كئيباً وهو يلهث كلماته المتقطعة، ويروي مغامرته الخطرة التي قادته الى منزلي خارج العاصمة.

قال انه عبر بصعوبة خط التماس في منطقة عين الرمانة حيث مبنى مجلة «الحوادث». ثم انطلق بسرعة جنونية في خط متعرج تفادياً لرصاص القناصة المنتشرين فوق السطوح. ولما هدأ اضطرابه، أخبرني انه فقد الاتصال مع رئيس التحرير وكتّاب المجلة بسبب القصف المتواصل، وانه بحاجة الى ملء صفحتين هما كل ما بقي من صفحات العدد الجديد. ثم رمى على الطاولة عدة جرائد محلية قال إن مواضيعها المختلفة قد توحي لي بتدبيج الموضوع المطلوب.

بعد مراجعة سريعة للصحف، استوقفني عنوان طريف في صدر جريدة «النهار» يقول: «كتاب مفتوح من العميد ريمون اده الى هنري كيسنجر» (12 حزيران / يونيو 1976).

وجاء في ملخص كتاب عميد «الكتلة الوطنية» الى وزير خارجية الولايات المتحدة الملاحظات التالية:

- تدعي ألسنة السوء أنك قررت تقسيم لبنان الى ثلاثة أجزاء: الأول شمال طريق بيروت – شتورا يخصص للمسيحيين. والثاني، الجزء الذي يقع جنوب الطريق المذكورة حتى نهر الليطاني سوف يعطى للبنانيين المسلمين وللفلسطينيين. والثالث، يقع بين الليطاني والحدود الإسرائيلية. وهذا الجزء ستحتله إسرائيل للحفاظ على مصادر المياه.

وفي النصف الثاني من الرسالة، يتابع اده انتقاده لسياسة كيسنجر التي أدت الى تقسيم جزيرة قبرص (1974) ثم يستأنف مهاجمته للأسباب التالية:

- جعل لبنان ميدان القتال الوحيد في المنطقة.

- إبقاء نحو أربعمئة ألف لاجئ فلسطيني في لبنان.

- العمل على تدمير لبنان كي تعيش إسرائيل.

من المؤكد أن العميد ريمون اده الملقب ب «ضمير لبنان»، كان قد استوحى المعطيات التي عددها في رسالته، من الأجواء السياسية المهيمنة على الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب 1973. وكان هاجسه في تلك الحقبة الرمادية إنقاذ لبنان من مخاطر التقسيم، خصوصاً أن تقسيم قبرص رشّح لبنان لأن يكون الدولة الثانية في مسلسل الدومينو الذي قدمه مرشد كيسنجر المنظر والمؤرخ برنارد لويس.

خلال فترة انتظار الزميل، قررت صوغ رسالة جوابية رداً على كتاب العميد اده في «النهار»، نظراً لحساسية قضية تقسيم لبنان، وما يمكن أن تسببه من فواجع وكوارث في حال تنفيذها. وقد تسلحت بالمشاهد المأسوية التي رأيتها في قبرص أثناء الزيارة التي قمت بها لنيقوسيا، حيث التقيت الرئيس المطران مكاريوس بحضور سفير لبنان آنذاك الشيخ منير تقي الدين. وبعد ذلك اللقاء كتبت في جريدة «الصفاء» التي كنت رئيساً لتحريرها، سلسلة مقالات حول انشطار جزيرة «افروديت» قدمت لها بحديث مسهب مع مكاريوس.

واتهم الرئيس القبرصي صراحة هنري كيسنجر بتدبير غزو الجزء الشمالي بواسطة القوات التركية (20 تموز /يوليو 1974) لاعتقاده بأن اليساري الدكتور ليسيريدس هو الذي أمن تسليح «ايوكا» (ميليشيا النظام) بالصواريخ عقب زيارة ناجحة لموسكو.

ورأى كيسنجر في ذلك التحول انقلاباً في ميزان القوى لمصلحة حلف وارسو، الأمر الذي شجعه على القيام بانقلاب ضد الملكية في اليونان، وإعطاء الضوء الأخضر للغزو التركي.

وصدف أن طائرة «الميدل ايست» كانت آخر طائرة تغادر مطار نيقوسيا. لذلك عدت الى بيروت على متنها بعدما أخبرني السفير تقي الدين أن القوات التركية تتقدم بسرعة نحو محيط السفارة. وكان المشهد محزناً على المطار بسبب تدافع المراسلين الأجانب والمهاجرين اللبنانيين لاحتلال مقعد في طائرة تشبه آخر طائرة غادرت سايغون!

في غمرة ذلك الجو السياسي القاتم، قررت الرد على رسالة العميد اده بطريقة افتراضية على أن أجمع فيها خلاصة المعلومات التي استقيتها من مصادر مختلفة، رسمية وغير رسمية. وقد اعتمدت في هذا السياق على تفسير مقنع سمعته من أحد كبار مساعدي الدكتور جورج حبش يؤكد فيه إشاعة خبر استعداد «الجبهة الشعبية» لإسقاط طائرة كيسنجر قبل أن تحط في مطار بيروت. ونفى أي وجود لمثل هذا المخطط لدى جماعة حبش. وقال إن التشويش صادر عن عميل لبناني يشتغل لحساب الاستخبارات الأميركية التي يهمها نقل مكان الاجتماع من قصر بعبدا الى أي مكان آخر. وقد استغل كيسنجر عملية تغيير مكان اللقاء، من أجل اتهام الدولة اللبنانية بالعجز عن تأمين حمايته، الأمر الذي مهّد للقوات السورية للدخول الى الأراضي اللبنانية.

وقد استفاد الرئيس حافظ الأسد من هذه الرغبة للقيام بمبادرة عسكرية أدت الى فك حصار الفلسطينيين اليساريين عن المعاقل المسيحية، وخصوصاً في مدنية زحلة. وهكذا دخلت الكتيبة السورية المدرعة الأولى يوم 31 أيار (مايو) 1976، ثم تبعتها كتيبة أخرى دخلت من شمال لبنان.

المهم، أن روحية نص الرسالة لم تخرج عن حدود الحوار الساخن الذي دار في مطار رياق يوم 14 كانون الأول (ديسمبر) 1973 بين كيسنجر وسيسكو من جهة، والرئيس سليمان فرنجية ورئيس الحكومة تقي الدين الصلح ووزير الخارجية فؤاد نفاع من جهة أخرى.

ويبدو أن التنسيق بين الثلاثة لم يكن موجوداً، بدليل أن افتتاح الجلسة بدأ بطريقة منفرة للوزير الأميركي الذي سمع من الرئيسين فرنجية والصلح العبارة التالية: حضرة الوزير، نحن نعلم أن اختصاصك هو التاريخ. لهذا نحب أن نذكرك بالعلاقة الوطيدة بين الشيوعية والصهيونية. والشاهد على ذلك عدد التروتسكيين الذين صادروا الثورة البلشفية.

والواضح من سياق المحادثات أن كيسنجر لم يتوقف عند هذا التفسير التاريخي لأحداث الثورة البلشفية، لاعتقاده بأن الفريق اللبناني كان يوظف هذه الحاشية للاستهلاك الداخلي في حال سربت المعلومات الى وسائل الإعلام. لذلك قفز بالحديث الى الشأن الذي يهمه، متسائلاً عن قدرة الجيش اللبناني على ضبط نشاط المقاومة الفلسطينية!

ورد عليه فرنجية بسؤال محرج، عبر فيه عن موقف لبنان من القضية الفلسطينية، وحق المقاومة في استرجاع الوطن السليب.

ولما وصل النقاش الى مستوى الصدام السياسي، قرر كيسنجر إنهاء المحادثات، ثم نظر الى ساعة يده وقال لمساعده جوزيف سيسكو، أن عليهما المغادرة بسرعة.

عندئذ استمهله الوزير فؤاد نفاع لأن قلعة بعلبك ليست بعيدة عن مكان الاجتماع، ولأن الخارجية حريصة على استضافته. واعتذر كيسنجر عن تلبية رغبته، وقال إن كل دقيقة تأخير عن العجوز الشمطاء (يعني غولدا مائير) ستكلفه دزينة قبلات.

وعلق الوزير نفاع على هذه المداعبة السمجة بالقول: أنا لا أريد أن تكون زيارتك لقلعة بعلبك سبباً في عذابك!

ومن خلال «مشروع كيسنجر» تقرر تمديد الحرب اللبنانية الى حين الانتهاء من عقد اتفاقية «كمب ديفيد» للسلام بين مصر وإسرائيل، وتوقيع اتفاقية فصل القوات مع سورية حول الجولان. وقد ضمنت الرسالة الافتراضية كامل المبررات التي تصور هنري كيسنجر انها تصلح لإعلان لبنان حقل اختبار لسياسته الملتوية.

ومن أجل إقناع القارئ بصدق محتوياتها، أحلتها الى عنوان كيسنجر الموقت في منتجع نيومكسيكو حيث كان يقضي شهر العسل. كذلك أعطيت العميد اده في الرسالة حيزاً كبيراً من الأمور الشخصية التي أعرفها عنه بحكم الصداقة المزمنة. ويبدو أن هذه الأمور الحميمة هي التي أقنعت الكثيرين بأن الرسالة مسربة عبر طرف ثالث، ولكن القراءة المتأنية كافية لاكتشاف المزالق على اعتبار انه من الصعب على كيسنجر كتابة نص يدينه ويعرضه للمحاكمة في المستقبل.

وتخيلت أن الرسالة الوهمية التي صغتها ستموت مع الوقت شأنها شأن أي خبر مثير. الى أن فوجئت بإحيائها في صحيفة «الديار» تحت باب «ملفات وقضايا» (18 شباط 1998). ويقول العنوان الرئيسي: «صفحات من أسرار المخابرات اللبنانية (الحلقة 11) رسالة كيسنجر الى اده وثيقة تاريخية تكشف جميع وجوه المؤامرة».

واتصلت بالصديق شارل أيوب، ثم زرته في مكتبه لأروي له أن الضابط اللبناني المجهول اخطأ الهدف، وأن وصفه للرسالة بالوثيقة الدامغة ليس عملاً موثقاً.

بعد مرور سنة على تلك الحادثة، فوجئت بمجلة «الدستور» تنشر نص «الرسالة» وتميزها بصورة غلاف مركب تحت عنوان: «حقيقة المؤامرة على لبنان».

واتصلت بالزميل رئيس التحرير خلدون الشمعة لأخبره عن المطب الذي سقط فيه. وأحالني على مصمم الصفحات صابر كامل الذي كان يعمل في «الحوادث»، لإقناعي بأن هنري كيسنجر لم يكذب الخبر.

والثابت أن عملية إحياء هذه «الرسالة» لم تقتصر على الصحف فقط، وانما تعدتها لتصل الى الكتب الرزينة الموثقة، والى أرشيف الجامعات. والسبب في رأيي، أنها كسبت قناعة القارئ لشدة قربها من سياسة كيسنجر، ولأن كل ما افترضته على لسانه، كان أكثر من الحقيقة.

في الحديث المسهب الذي أجريته مع الرئيس نيكسون، عقب استقالته بسبب «ووترغيت» سألته عن هنري كيسنجر، فأجاب: لا أستطيع أن ألوم أحداً في اختياره مديراً للأمن القومي ووزيراً للخارجية، سوى نفسي. أنا الذي عرضت عليه هذين المنصبين اللذين استغلهما الى حد العمل على إسقاطي. فقد ثبت لي بعد التحقيق أن الذي زود الصحافي بوب وودوورد بمعلومات حول مهمة لجنة التحقيق، كان كيسنجر.

* والسبب؟

- السبب إنني توصلت الى اتفاق مع الرئيس حافظ الأسد في لقاء حضره كيسنجر يوم 16 حزيران (يونيو) 1974. ولما عدت الى واشنطن صدمتني فضيحة ووترغيت التي أعدها العزيز هنري. وهكذا ضاعت فرصة السلام.

وفي ضوء هذه الواقعة يمكن قراءة «رسالة» هنري كيسنجر!

* كاتب وصحافي لبناني

==========================

هل تخلت تركيا عن سياسة الحياد؟

آخر تحديث:السبت ,20/11/2010

محمد نور الدين

الخليج

ليس خافياً على أحد أن تركيا كانت تسعى إلى تعزيز حضور القوى المناهضة للتجمعين الشيعي والكردي في العراق . وتجمع المصادر التركية على أن الخارجية التركية كان لها دور مهم في تكتيل التركمان والقوى السنية والبعثيين تحت مظلة إياد علاوي في القائمة العراقية .

 

وكان الهدف الأساسي من ذلك إضعاف نفوذ القوى التي تدعم الفيدرالية في العراق وخصوصاً في كركوك حيث فازت لائحة علاوي في كركوك بغالبية الأصوات في رسالة قوية ضد الفيدرالية . ومن هنا كان التعاطف التركي مثلاً مع مقتدى الصدر المعارض للصيغة الفدرالية في العراق .

 

ثابتة تركيا في منع تحوّل الفدرالية إلى تقسيم فعلي لم تحل دون تغيير نظرتها إلى الواقع العراقي . وبعدما خرجت أنقرة من المعادلة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق فإنها سعت لاحقاً إلى العودة إلى هناك . وكلما كانت نهاية الوجود العسكري الأمريكي خارج القواعد العسكرية تقترب كانت تركيا تتقدم لإيجاد موطىء قدم هناك . فكان التغيير الجذري من خلال الانفتاح على المنطقة الشيعية إن جاز التعبير بزيارة وزير الخارجية أحمد داود أوغلو إلى البصرة وافتتاح قنصلية فيها، وأيضاً من خلال الخطوة التاريخية بزيارة داود أوغلو كوزير للخارجية أيضاً إلى أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق واللقاء للمرة الأولى مع رئيس الاقليم وزعيم الأكراد القوي مسعود البرزاني .

 

وكان هذا، رغم كل التبريرات التركية، اعترافاً واقعياً بالفدرالية العراقية بعدما كانت تركيا تعارضها بشدة .

 

من أهداف التحول التركي تجاه التوازنات العراقية هو الهاجس الأمني تجاه مقاتلي حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل وتعزيز الحصة الاقتصادية لتركيا في العراق عبر الاستثمارات ولا سيما في قطاع إعادة الإعمار والنفط . وأيضاً تشجيع العراقيين على اعتماد خطوط النفط والغاز التي ستمر في تركيا ولا سيما مشروع نابوكو، وسعي تركيا لتتحول إلى ممر أساسي لتوزيع الطاقة إلى أوروبا . ويبدو من الحركة التركية في الأشهر القليلة الماضية أن أنقرة باتت تتعامل مع عراقين: عراق العرب وعراق الأكراد . فالموفدون الأتراك لم ينقطعوا عن التواصل مع حكومة أربيل بشأن قضايا سياسية وأمنية واقتصادية، وفي مقدمها سبل حل المشكلة الكردية في تركيا وعنوانها الاساسي الانفتاح الكردي من جانب الحكومة التركية، كما مسألة وجود خمسة آلاف مقاتل من حزب العمال الكردستاني في منطقة جبل قنديل التابعة لإقليم كردستان .

 

ومع أن تركيا وقّعت مع العراق، ومع حكومة نوري المالكي بالذات قبل سنة ونصف السنة اتفاقية مجلس التعاون الاستراتيجي التي تلاها توقيع اتفاقيات بالعشرات، غير أن السلوك التركي في العراق عاد للعب على وتر التناقضات العراقية .

 

وتجمع الصحف التركية على أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو كان يريد إزاحة جلال طالباني من رئاسة الجمهورية على قاعدة أن يكون الرئيس سنّياً عربياً وليس سنّياً كردياً . وهنا ربما يكون الأتراك ارتكبوا خطأ استراتيجياً إذ إن بقاء كردي في الرئاسة العراقية هو من عوامل استمرار اللحمة والوحدة العراقية حيث تستمر الصلة الكردية بالوطن العراقي وعدم الذهاب إلى اتجاهات انفصالية أكثر جذرية، ما يتعارض مع المصلحة القومية التركية وجهود حل المشكلة الكردية في تركيا في إطار وحدة التراب التركي .

 

أيضاً إن سعي تركيا لمجيء اياد علاوي إلى رئاسة الحكومة هو موقف يناهض اتجاهات التصويت لدى الغالبية الشيعية التي حسمت خيارها مع المالكي، والصدر، وعمار الحكيم الذين ائتلفوا في كتلة واحدة . ومع أن الدستور العراقي لا يشير إلى طائفية الرئاسات لكن موازين القوى على أرض الواقع لا تسمح بأن يكون رئيس الحكومة الشيعي من غير كتلة الائتلاف الوطني العراقي . إن موقف تركيا في هذا الاتجاه يعتبر خطأ تكتيكياً يزرع الشكوك في صفوف القوى الشيعية كما لدى إيران المؤيدة للمالكي تجاه السياسة التركية تجاه العراق .

 

إن عودة تركيا إلى العراق تفترض احترام موازين القوى على الأرض ومن ذلك ألا تبدو منحازة لهذا الطرف أو ذاك . وهو ما دفع غالبية المعلقين الأتراك للقول إن تركيا لم تحسن قراءة التوازنات الداخلية والاقليمية للعراق فكانت من بين الخاسرين في المعركة على تشكيل الحكومة الجديدة وعلى رئاسة الجمهورية، فيما كان الجميع متفقين على سنّي، ومن الكتلة العلاوية لرئاسة البرلمان .

 

“الصمت المطبق”، كما وصّفت صحيفة “ميللييت” التركية، الذي خيم على أنقرة بعد إعادة انتخاب الطالباني وإعادة تكليف المالكي يعكس فشلاً لسياسة الحياد والمسافة الواحدة التي كانت أحد عناوين السياسة الخارجية التركية . وليس أبداً من مصلحة تركيا حزب العدالة والتنمية الساعية إلى دور فاعل في المنطقة أن تظهر على أنها تمارس سياسة مذهبية في العراق أو في لبنان، كما أشارت صحيفة “ميللييت” . وبدورنا نضيف: ولا في أي منطقة عربية أو إسلامية أو في المحيطات الإقليمية الأخرى لتركيا .

 

إن أساس النجاح في سياسة تركيا الخارجية في السنوات القليلة الماضية، وكما نعرفها شخصياً من الوزير داود أوغلو بالذات، انها كانت على مسافة واحدة من الجميع . فحذار من تغيير قواعد اللعبة الذي يمكن أن يطيح بكل المشروع التركي الجديد في المنطقة، فيما المطلوب له أن ينجح .

==========================

"أمن إسرائيل" بلا حدود

آخر تحديث:السبت ,20/11/2010

عصام نعمان

الخليج

لا تعريف متفقاً عليه دولياً لمصطلح الإرهاب . الولايات المتحدة رفضت دائماً أن يكون له تعريف يحدد مفهومه وأبعاده ومظاهره . بذلك يبقى في وسعها اعتبار كل ما لا يروقها من أعمال العنف إرهاباً تجوز محاربته بكل وسائل العنف! فمقاومة الاحتلال، والدفاع عن النفس ضد عنف سلطة مستبدة، والتبرع بالمال والدعوة بالكلمة والصوت والصورة إلى مقاومة الاحتلال والاستبداد، كلها في عرفها أعمال إرهابية . حتى الإسلام في نظر جورج بوش الابن بات ديناً إرهابياً لأن القرآن يحضّ المؤمنين على الجهاد ضد الشرك والظلم والاستبداد . هكذا أصبحت محاربة الإرهاب، على طريقة بوش، بلا حدود .

 

قبل بوش وبعده رفضت حكومات الكيان الصهيوني المتعاقبة أن يكون لمصطلح “أمن إسرائيل” تعريف يحدد مفهومه وأبعاده ومتطلباته ومداه في الزمان والمكان . فكل ما يمكن أن يعتبره المسؤولون الصهاينة خطراً في الحاضر والمستقبل وفي أي ميدان من ميادين الحياة في فلسطين أو في جوارها الجغرافي أو في محيطها الإقليمي أو في العالم الأوسع، يدخل في مفهوم “أمن إسرائيل” . هكذا أصبح “أمن إسرائيل” بلا حدود .

تتبدى مركزية “أمن إسرائيل” في نظرة حكومة بنيامين نتنياهو إلى المفاوضات المباشرة التي تسعى إدارة أوباما إلى استئنافها بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، فمحور المفاوضات، بحسب نتنياهو، ليس حقوق الفلسطينيين وما يتصل بها من مسائل الاستيطان والقدس والحدود واللاجئين إنما الضمانات التي يتوجب أن تقدمها الولايات المتحدة، بل الفلسطينيون أنفسهم، لأمن “إسرائيل” .

 

على أساس هذا المفهوم، ذهب نتنياهو إلى واشنطن أخيراً لمفاوضة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول ما يمكن أن تقدمه إدارة أوباما من ضمانات لأمن “إسرائيل” من حيث هي ثمن لا بد من دفعه لإغراء أركان حكومته العنصريين المتطرفين بالموافقة على معاودة المفاوضات . كلينتون وافقت على معظم طلباته وتوّجتها بتصريح لافت “أمن “إسرائيل” فوق كل اعتبار” .

 

رزمة الضمانات موضوع العرض الأمريكي تتضمن: عقد اتفاق بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” لمدة عشر سنوات يؤمن للكيان الصهيوني الحماية ضد الصواريخ، ويضمن له التفوق العسكري والتكنولوجي، والابقاء على وجودٍ للجيش “الإسرائيلي” في منطقة الأغوار لعشرات السنين لمنع المتسللين من الاردن، وضمان منع الفلسطينيين والعرب من تدويل موضوع الدولة الفلسطينية بطريق نقله إلى مجلس الأمن أو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة .

فوق ذلك، تقدّم الولايات المتحدة إلى “إسرائيل” هدية وازنة: 20 طائرة من طراز “إف 35” (الشبح) تنضم إلى صفقة الطائرات العشرين من الطراز نفسه التي اتفق الجانبان عليها قبل شهرين . هذا بالإضافة إلى ضمانة سابقة كان الكونغرس قد صادق عليها في الشهر الماضي تقضي بزيادة حجم المعدات العسكرية التي تحتفظ بها الولايات المتحدة في مخازن الطوارئ الأمريكية في “إسرائيل” من 800 مليون دولار إلى مليار و200 مليون دولار ما يعني عملياً زيادة حجم المعدات والأسلحة التي توضع تحت تصرف “إسرائيل” في حالة الطوارئ بنسبة 50 في المئة . مع العلم أن العتاد الإضافي موضوع الزيادة المقررة يشمل قنابل ذكية وذخائر أخرى معقدة وبالغة الفعالية .

كل هذه الضمانات والتسهيلات والهدايا مقابل موافقة “إسرائيل” على تجميد الاستيطان لمدة 90 يوماً فقط، على أن لا يشمل القدس والكتل الاستيطانية الكبرى .

نتنياهو وافق على العرض الأمريكي، ودعا أعضاء حكومته إلى الموافقه عليه . صقور المتطرفين من الوزراء رفضوه . السبب؟ الضمانات المقدمة لا تستأهل في مقابلها تجميد الاستيطان! نتنياهو لم تزعجه معارضة الصقور . بالعكس، سيترسمل عليها لمطالبة واشنطن بتعديل العرض ليوفر المزيد من الضمانات . وهو لن يكتفي، بحسب ما ألمحت إليه صحيفة “هآرتس” (15/11/2010)، بالتحجج بمعارضة صقور حكومته للمطالبة بالمزيد من الضمانات بل سيقوم بابتزاز واشنطن من طريق التلويح باستعداد “إسرائيل” لضرب إيران بالانفراد دونما مساعدة أمريكا ولا حتى استئذانها . إدارة أوباما التي تعارض خيار الحرب ضد إيران في الوقت الحاضر تخشى عواقب المجازفة “الإسرائيلية” المحتملة، وستحاول إحباطها بوسيلتين: رشوة تل أبيب بمزيد من الضمانات من جهة والإصرار، من جهة أخرى، على “تقييد “إسرائيل” بألا تعمل وحدها في مواجهة المنشآت الذرية الإيرانية”، كما كشف الكاتب السياسي والاختصاصي في الشؤون الاستراتيجية عاموس هرئيل في “هآرتس” .

ماذا عن موقف السلطة الفلسطينية؟

ما الخيار البديل للسلطة الفلسطينية، إذاً؟

لقد كانت وما زالت وعود الولايات المتحدة . لكن، ألا تلاحظ السلطة أن إدارة أوباما أضحت أكثر ضعفاً بعد الانتخابات النصفية وبالتالي أكثر استعداداً لاستجابة طلبات “إسرائيل”؟ ألا تلاحظ أنه حتى لو وافق نتنياهو على تجميد الاستيطان في كل أرجاء فلسطين، بما فيها القدس، فإن ذلك لا يعني، في واقع الأمر، شيئاً؟ ألم يقرأوا في الصحف ويسمعوا من الإذاعات والتلفزيونات “الإسرائيلية” ما نقلته حول رأي إدارة أوباما بتجميد الاستيطان من حيث إنه “خطوة رمزية جداً وجد المستوطنون دائماً طرائق فعالة للالتفاف عليها”؟

لا تفسير لموقف السلطة من مسألة معاودة المفاوضات المباشرة ومسألة تجميد الاستيطان إلا في وجود قناعة راسخة لديها بأن لا ورقة بحوزتها، في ظل ميزان القوى الحالي في المنطقة، إلا “ورقة” واشنطن . إنها غير قادرة على ممارسة خيار المقاومة، بل غير مقتنعة به أصلاً كطريق للإسهام في تغيير ميزان القوى الحالي من جهة، ومعنية بالدرجة الأولى، من جهة أخرى، بضمان أمن بقائها وديمومة وصول الرواتب إلى نحو 200 ألف موظف عاملين في أجهزتها أو متقاعدين فيها .

من هنا تنبع سياسة السلطة الفلسطينية والحدود التي تقف عندها . فالوضع الراهن، على علاّته، يبقى في نظرها، افضل من العودة إلى خيار المقاومة المكلفة، باستيطان أو من دون استيطان . القناعة كنز لا يفنى ولو افنى العدو الوطن بقطعان المستوطنين والمهاجرين “الفالاشا” وبتهجير أصحاب البلاد على جانبي الخط الأخضر إلى الدولة الفلسطينية البديلة في . . الأردن .

هكذا نجد أن مقابل مفهوم “أمن إسرائيل” بلا حدود، يقوم مفهوم “أمن السلطة الفلسطينية وموظفيها” بلا حدود أيضاً .

==========================

المصالحة العراقية وبيع الوهم

 بقلم :حسين العودات

البيان

20-11-2010

أعلن سياسيو العراق أنهم تصالحوا، واتفقوا على صيغة للتعايش (وليس لتحقيق مصالح العراق وشعب العراق)، وشرعوا باقتسام المناصب (وليس المسؤوليات)، واستعد كل منهم ليحوز على نصيبه (من الغنيمة)، ويستأثر بما قدر الله له.

 

وأخذوا يبيعون الوهم للشعب العراقي، والشعوب العربية مؤكدين أنهم طووا صفحة، وفتحوا صفحة جديدة يزعمون أنهم لا يرون من خلالها سوى العراق وشعبه ومستقبلهما، وتم الاتفاق بسهولة وسلاسة، فلم يكلفهم هذا الاتفاق سوى مبيت ليلة في أربيل، وبدعوة كريمة من مسعود البرزاني، ومصافحات بين الجميع.

 

ولم يقولوا لنا أنه ما دامت المصالحة والتسوية والاتفاق بمثل هذه السهولة، فلماذا انتظروا إذاً ثمانية أشهر منذ الانتخابات حتى الآن دون أن يتوصلوا إليها، تاركين العراق من دون حكومة ولا سلطة، نهباً للفوضى والعمليات الإرهابية والتآكل والنهب، إضافة إلى التوتر والخوف من استئناف الحرب الطائفية، أو الحرب الأهلية، والاتهامات والاتهامات المضادة.

 

وإشغال أنفسهم وشعبهم ودول الجوار، والدول الإقليمية كلها، والدول الكبرى خارج الإقليم بمشاكلهم مع أنه كان بالإمكان افتداء الأمر كله، بمبيت ليلة في أربيل بضيافة كريمة من زعيمها، وأحد الزعيمين البارزين للشعب الكردي، ولعل (السهولة) التي تم بها الاتفاق (العتيد) و(الصلح العادل المجيد) هي التي تثير الريبة.

 

وتجعل المراقب من جهة والمواطن من جهة أخرى، يشكك بجدية الاتفاق وديمومته، ويميل إلى اعتباره اتفاقاً مؤقتاً، وتسوية عارضة، وهدنة بين حربين ستشنها القوى السياسية العراقية، بعضها ضد البعض الآخر. هل هذا تشاؤم؟

 

نرجو أن يكون كذلك، ولكن النظرة الجادة للمعطيات المتوفرة في العراق، والظروف القائمة فيه، والشرط الموضوعي الضابط لتطوره، والذي لا ينبغي لوطني أو مسؤول أو محلل محب للعراق أن يتجاهله، تشير جميعها لمثل هذا الاستنتاج القائل أن الكتل السياسية العراقية توصلت في الواقع إلى هدنة بين جولتين، وفرصة هي استراحة المحارب أكثر منها انتهاء الحرب.

 

عادت الكتل السياسية العراقية من جديد، بعد تصالحها، إلى المحاصصة التي انتقدتها طوال أشهر بل سنوات، وألقت مسؤوليتها سابقاً على بريمر وحده، وحاولت تبرئة نفسها من آثامها وسوءاتها، وها هي عندما امتلكت ناصية الأمور، وتصالحت، عادت من جديد لتشترك بالإثم.

 

ولتكرس محاصصة الرئاسات الثلاث (الدولة والمجلس النيابي والحكومة) تكريساً أبدياً، فمن يجرؤ بعد الآن أن يقبل بغير هذه المحاصصة، وهل لدى الأحزاب والكتل السياسية العراقية الجرأة لتقبل إسناد رئاستين لطائفة واحدة، أو لأبناء القومية الكردية مثلاً، أو عدم تخصيص رئاسة لهذه الأخيرة؟.

 

لقد أصبحت المحاصصة الطائفية جوهر السياسة العراقية الراهنة، بل جوهر النظام السياسي برمته، والأمر بداهة لا يتوقف عند تقاسم الرئاسات الثلاث، بل يتعداه لتقاسم (بالمحاصصة أيضاً) الوظائف الرئيسية في الدولة، وفي الجيش، وقوى الأمن، والقطاع العام، والشركات، واستطراداً تطبيق المحاصصة على توزيع الثروة كما طبقت على توزيع مناصب السلطة.

 

وهكذا تنتفي إلى أمد بعيد مرجعية المواطنة بالعراق، كما تختفي مفاهيم الدولة الحديثة كالمساواة وتكافؤ الفرص (فمهما كانت إمكانيات العراقي لا يستطيع أن يتولى مسؤولية أو وظيفة هي من حصة طائفة أخرى)، فضلاً عن تغييب بل دفن الديموقراطية، وتداول السلطة، وفصل السلطات (حتى القضاء يخضع للمحاصصة).

 

وبالتالي، فمن كان يخشى تقسيم العراق إلى ثلاث دول، وجد نفسه أمام عراق من دول يتطابق عددها مع عدد الطوائف الدينية والإثنيات القومية، التي أصبحت هي المرجعيات الحقيقة والمؤثرة، وكأن التجربة اللبنانية صارت مثالاً يحتذى به، والخشية أن تطاول هذه المحاصصة بلداناً عربية أخرى، ويصبح عندها، من ينادي بالوحدة العربية كمن يغني (بالطاحون) باعتبار أن هذه الأقطار العربية (الشراذم) لم تستطع أن تحافظ حتى على وحدة أقطارها فكيف بتحقيق الوحدة العربية؟

 

لقد زفت الأحزاب والكتل السياسية العراقية بشرى اتفاقها للشعب العراقي والشعوب العربية، وكأن المشكلة تكمن في كيفية تقاسمها قطعة الجبن، ولم يتعرض اتفاقها لمشاكل العراق وشعبه والصعوبات الحقيقية والبنيوية التي يواجهها، ليس فقط في مجال الدمار والخراب في البناء التحتي للبلاد (الطرقات، الكهرباء، الماء، الاتصالات) .

 

وإنما أيضاً في مجال التعليم وتأمين مستلزماته، والضمان الصحي والاجتماعي، ومعالجة مشكلة مئات آلاف الأرامل، وضعف هذا العدد من الأيتام، وملايين المهجرين، وتفشي الفساد، (فالعراق هو الدولة قبل الأخيرة في الفساد عالمياً حسب إحصائيات الأمم المتحدة) وبيع النفط من دون عدادات (وهو المصدر شبه الوحيد للدخل العراقي) .

 

وارتفاع نسبة البطالة والفقر والجوع ارتفاعاً مخيفاً، وتحول الجيش إلى ميليشيات يتبع كل منها هذا الزعيم أو ذاك، وقبل هذا إيداع آلاف المعتقلين العراقيين في السجون، من دون تحقيق معهم، أو توجيه تهم إليهم باستثناء أنهم من طائفة بعينها أو تيار سياسي بعينه. إضافة للتدخل المريب من دول الجوار ودول أخرى في شؤون العراق..

 

وهذا كله أو حتى بعضه لم يتعرض له الاتفاق، وكأن التغلب على مصاعب العراق وحل مشاكله يرتبط باتفاق السياسيين على تقاسم المناصب والمغانم (المحتملة)، وتزيين الاتفاق بالحديث (العارض) عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية دون وجود برامج أو خطط أو مواقف مسئولة أو التزامات جادة نصت عليها بنود الاتفاق.

 

لقد باع الساسة العراقيون الوهم لشعبهم وللشعوب العربية، ووقفوا يتضاحكون وكان مشاكل العراق قد حُلت، وكأن شعبه وضع قدمه في أول طريق الفردوس، وبدأ يعيش في نعيم ويذوق طعم السعادة بعد اتفاق سياسييه، وأخيراً لا شك أن جميع محبي العراق وشعبه وأهله يتمنون أن لا تكون هذه المصالحة بيعاً للوهم، وخداعاً جديداً بغطاء قشيب.

كاتب سوري

==========================

معضلة الوظائف في الأوقات الصعبة

بقلم :روبرت ريتش

البيان

20-11-2010

لا يزال يتناهى إلى سمعي القول بأن السبيل الوحيد لتوفير الوظائف مرة أخرى هو قبول المزيد من الأميركيين العمل بأجور أقل. ومن وجهة النظر هذه، فقد أصبح عدد كبير من الأميركيين غير قادرين على المنافسة في إطار الاقتصاد العالمي. وهذا يعني بطالة مرتفعة بشكل دائم، إذا لم، أو إلى أن، تنحدر دخول الأميركيين إلى مستوى يجعلنا أكثر قدرة على المنافسة.

 

هذا هراء. فهذا مجرد إحلال مشكلة، هي الأجر المنخفض، محل مشكلة أخرى، هي البطالة.

 

إن إيجاد الكثير من فرص العمل من خلال التحول إلى الحال الأكثر فقراً ليس إنجازاً عظيماً. فلو أجبرنا الجميع ممن يحتاجون إلى فرصة عمل على تقاضي دولارين فقط في اليوم كأجر، فقد استطعنا بذلك خفض معدل البطالة في أميركا بمقدار النصف من الغد. وهذا هو معدل الأجور في الكثير من الدول النامية، بما في ذلك الصين.

 

ووفقاً لتقرير وزارة التجارة الأميركية الذي صدر حديثاً، فإن معدل الدخول في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة نصف في المئة خلال أغسطس الماضي، وهي القفزة الأكبر منذ سبتمبر 2009. ولكن هذا المعدل يشمل الدخل الإضافي الذي تحقق نتيجة التوسع في نطاق استحقاقات البطالة. وفي الواقع، لم يرتفع الراتب على الإطلاق.

 

وهذا أمر يثير الأسى. فقد انحدرت الدخول إلى هوة عميقة للغاية العام الماضي، بحيث أن الزيادة الطفيفة في الدخل لا تزال غير كافية للخروج من الهوة.

 

منذ بداية الكساد الكبير، كان الملايين من الأميركيين العاملين يتعين عليهم القبول بأجور أكثر انخفاضاً من أجل الاحتفاظ بوظائفهم. (وهنا في جامعة كاليفورنيا، يطلق على خفض الأجور «تسريحات مؤقتة»).

 

أو أنهم فقدوا الوظائف ذات الأجر الأعلى، ويمكنهم فقط العثور على عمل أقل أجراً. أو أنهم قد فقدوا ميزاتهم. أو أن مصروفات التأمين والمستقطعات وأقساط التأمين قد ارتفعت. ولم يعد صاحب العمل يتلاءم مع القانون الخاص بالتقاعد.

 

وتعد عقود الأجر ذات المستويين أحدث طريقة رائجة في علاقات العمل. فكبار السن من العمال يبقون على أجرهم السابق، أما من يتم تعيينهم حديثا فيحصلون على أجور أدنى وميزات أقل.

 

بل إن تجميد الأجور يتحول بمرور الوقت إلى أجر أقل، لأنه يتآكل بفعل التضخم. وعلى مدار ثلاثة عقود يتزحزح الأجر المتوسط في أميركا، ولم يتم تعديله لمراعاة التضخم إلا بالكاد.

 

هل أدركتم ذلك؟ إن الغاية ليست مجرد توفير المزيد من فرص العمل. بل المزيد من فرص العمل التي تدفع ما يكفي لتحسين مستويات معيشتنا.

 

يقول البعض إننا يمكننا إيجاد المزيد من الوظائف من خلال الحث على المزيد من التراجع للدولار. انتبهوا إلى محافظ نقودكم. فهذه هي صيغة أخرى من مرحلة إيجاد فرص العمل من خلال التحول إلى الحال الأكثر فقرا.

 

واشنطن تتابع بنشاط جعل ضعف الدولار سياسة لفرص عمل. (انخفض الدولار، أخيراً، إلى أدنى مستوى له منذ ستة أشهر مقابل اليورو).

 

ويبقي مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي على أسعار الفائدة الطويلة الأجل منخفضة، للغاية بحيث أن المستثمرين العالميين من ذوي المحافظ المنخفضة يتجهون إلى وسائط أخرى للحصول على عائدات مرتفعة، مما يودي بالدولار إلى مستوى أقل. وفي كل مرة يلمح مسؤول آخر في مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى ذلك، يبادر المجلس بمضاعفة طباعة المزيد من النقود (أو «التخفيف الكمي»، على حد تعبير المجلس)، يتعرض الدولار إلى تراجع آخر.

 

ولكن لن يساعد استخدام دولار ضعيف في إيجاد فرص العمل للأميركيين. وتبلغ نسبة الواردات نحو 18% من اقتصاد الولايات المتحدة، لذا فإن الدولار الآخذ في الانخفاض هو بالضبط يشبه ضريبة إضافية تفرض على 18% مما نشتريه.

 

إن المشكلة الحقيقية ليست في أن الأميركيين أصبحوا غير قادرين على المنافسة. فبعض الأميركيين يقومون بأعمال فوق العادة. وفي الواقع، فإن بيانات التعداد السكاني الجديدة تظهر أن فئة ذوي الدخل الأعلى في الولايات المتحدة تحسن أداؤهم بشكل أفضل من أي وقت مضى. وكبار التنفيذيين في الشركات الكبرى وفي وول ستريت يحصدون المزيد من المال، ولا يعرفون ماذا يفعلون به.

 

والمشكلة تكمن في أن من يتربعون على القمة ليس لديهم الاستعداد للاستثمار في القدرة التنافسية لباقي أفراد المجتمع. وبدلاً من اعتبار العمال العاديين أصولاً يتعين تطويرها، فإنهم يعتبرونهم بمثابة أعباء يجب خفضها. بدلاً من دفع الضرائب لدعم التعليم العام من الدرجة الأولى، فإن عدداً كبيراً من أصحاب الدخول المرتفعة يخبئون دخولهم ويضغطون من أجل خفض الضرائب.

 

إن حل المشكلات الحقيقية للوظائف الأميركية ليس من خلال المزيد من خفض الأجور. وإنما الحل يكمن في توفير وظائف أفضل وأجور أفضل. ومن أجل تحقيق ذلك، ينبغي على الأقلية من الأميركيين الذين يحققون نجاحاً في هذا الاقتصاد العالمي الجديد أن يساعدوا الغالبية التي لم توفق.

وزير العمل الأميركي الأسبق

==========================

رسائل من موسكو

علي حماده

النهار

20-11-2010

شكلت المساعدات العسكرية التي قدمتها روسيا الاتحادية للبنان والتي تم الاعلان عنها خلال الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري لموسكو نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين ولا سيما في حقل التعاون العسكري بين لبنان والجبار الروسي. فعبر عقود طويلة من الزمن لم يقترب لبنان من موسكو كما يحصل الآن. ولم يكن لروسيا اي علاقة جدية بلبنان على المستوى العسكري الذي بقي حكراً على الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة وفرنسا. ولقد جاء الاعلان عن رزمة معدات ثقيلة تمنحها روسيا للبنان بينها طائرات هليكوبتر ودبابات قتال متطورة في هذه المرحلة المعقدة التي يمر بها لبنان لتكون بمثابة رسالة واضحة من احد الكبار في العالم من خارج المعسكر الغربي، بأن الدولة في لبنان تحظى بمظلة روسية أيضاً. فالمرحلة الأخيرة التي شهدت ضخاً غير اعتيادي لسيناريوات انقلابية اساسها تحرك عسكري – أمني ل"حزب الله" بمناسبة قرب صدور القرار الاتهامي بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ودلت على وجود خطوط حمر عربية – اقليمية ودولية تمنع على اي طرف في لبنان بقلب الطاولة حتى لو كان يملك القدرة عليها محلياً. فاستيلاء تنظيم مسلح مثل "حزب الله" على لبنان بقوّة السلاح او قلب الموازين السياسية على نحو يكسر التركيبة، له مضاعفات كبيرة على الاقليم، وهو أمر غير مسموح به لا غرباً ولا شرقاً.

وللدلالة على جديّة الطرف الروسي في سياسته حيال لبنان تكفي الاشارة الى ما قاله احد المسؤولين العسكريين الروس الكبار عندما سئل عن حماية الاسلحة التي يرسلها الى لبنان لئلا تقع في قبضة منظمات خارجة على الشرعية او ملاحقة دولياً، فقال: "نحن لسنا الاميركيين. إن الجهة التي تفكر في ان تمسّ بالسلاح الذي نسلمه لأي بلد ولا سيما لبنان سوف يتم "نتفها تنتيفاً"! وكان هذا الموقف اشارة واضحة الى ان موسكو لا ترسل اسلحة متطورة وبكميات تتزايد مع الوقت، ومستعدة للسكوت اذا ما تعرضت لأي مساس خارج اطار الشرعية اللبنانية.

والحال ان قرار ارسال خبراء روس للمرة الاولى الى لبنان لتدريب جنود الجيش اللبناني على الاسلحة وخاصة الدبابات "تي 72" يزيد اضطلاع روسيا بدور الحماية للجيش اللبناني الذي يبدو ان قراراً دولياً شاملاً اتخذ لتقويته وحمايته أياً تكن الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان. فموازين القوى الحالية على الارض التي تجعل من قوة مسلحة خارج الشرعية الطرف الأقوى لا تثني المجتمع الدولي الغربي والشرقي عن مواصلة حماية وضع الجيش لمرحلة مقبلة.

وما من شك في أن روسيا خلال محادثات رئيس الحكومة سعد الحريري مع مسؤوليها تبدي حماسة لتعزيز حضورها لبنانياً، فيما رفعت القوى الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا منسوب اهتمامها بالوضع اللبناني في ضوء ما تردد عن احتمال استيلاء "حزب الله" على السلطة في لبنان في انقلاب مسلح، مع ما يعني ذلك من مضاعفات خطيرة على صعيد التوازنات في المنطقة، باعتبار ان الأمر يجعل لبنان حكماً قاعدة ايرانية متقدمة في المنطقة، مطيحاً الامن الاقليمي - الدولي في المشرق العربي، وهذا أمر غير مسموح به. وموسكو جزء من القرار الكبير بمنع الانقلاب في لبنان من خلال الرسائل التي ارسلتها بواسطة تسليح الجيش اللبناني، وارسال خبراء عسكريين، وهذا حافز للاميركيين للتحلي بجدية أكبر في موضوع تسليح الجيش وتقويته. والرسائل المشار اليها مقدمة لرسائل أخرى سوف تبعث بها موسكو في اتجاهات متعددة في الجوار اللبناني تتعلق بالاستقرار في لبنان!

==========================

العراق الجديد لا يؤسسه القمع

سركيس نعوم

النهار

20-11-2010

بدأ المسؤول العراقي المهم الذي سيصبح مسؤولاً سابقاً (او اصبح) رغم استمراره في موقعه النيابي والسياسي المهم اللقاء بحديث عن تركيا، قال: "تركيا حققت التحوّل (من علمانية مطلقة الى اسلامية معتدلة متعايشة مع العلمانية) بطريقة ديموقراطية. اجريت انتخابات تشريعية اكثر من مرة. وكذلك اجري استفتاء، وغيرت قوانين وعدّل بعضها. وامكن ترتيب بعض الاوضاع في القضاء. كما ضبط وضع الجيش الذي كان الحاكم بأمره. تركيا هذه تعدّ نفسها لدور من خلال مجموعة ثوابت هي الاسلام المعتدل وتداول السلطة وتحقيق الازدهار وتنامي القوة الاقتصادية، كما من خلال القوتين العسكرية والبشرية. احمد داود اوغلو وزير الخارجية يُنَظِّر للعثمانية الجديدة. وقد ظهر ذلك بوضوح في كتابه "العمق الاستراتيجي" الذي كتبه قبل نحو تسع سنين والذي لم يترجم الى العربية الا قبل اشهر. تركيا العلمانية حققت مكتسبات من علاقاتها بأوروبا واميركا واسرائيل. وتركيا الاسلامية اي تركيا "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي الحاكم سوف تحافظ على هذه المكتسبات. لكنها ستعمل جاهدة لتحقيق مكتسبات جديدة من خلال الانفتاح على محيطها العربي والاسلامي، وستحرص على النجاح في ذلك من دون ان "تخاطِر" بالمكتسبات السابقة نظراً الى علمها بدقة الاوضاع في المنطقة وبالتناقضات الكبيرة بين العالم الاسلامي والعربي والغرب واسرائيل وكذلك داخل هذا العالم. في لقاء لي مع اوغلو تحدّثنا في كل هذه الامور وتعرّضنا لتاريخ العرب وتركيا العثمانية وقال: انتم العرب تجاهلتم منذ انهيار السلطنة العثمانية اي وجود لتركيا الى درجة إنكار ان تكون مارست اي دور في بلدانكم او حتى ان تكون مرت في تاريخكم. تجاهلتم دولة المماليك ودولة السلاجقة تماماً مثلما تجاهلتم الدولة الفاطمية التي كانت شيعية عموماً".

ماذا عن ايران وتحالفكم معها الذي يكاد ان يُصدِّعه رفضكم (السابق) لنوري المالكي رئيساً للحكومة مرة ثانية رغم تأييدها له؟ وهل ستتأثر علاقتكم بها؟ اجاب المسؤول الكبير الذي سيصبح سابقاً (او اصبح) نفسه: "تحالفنا مع ايران استراتيجي. ونحن نفخر بالتعامل معها وبالتعاون معها. هي عمقنا الشيعي. ونحن لا نزال على تحالفنا معها. هناك "شوية زعل" بسبب موقفنا السلبي من ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة الجديدة الذي تؤيده. لكن هذا "الزعل" او التباين لن يؤثر على التحالف القائم والمزمن. لقد ساعدتنا ايران كثيراً. وهي تهمنا كعراقيين ومن كل الفئات اكثر من غيرها لأن حدودنا معها، البرية طبعاً، تبلغ 1200 كيلومتر (او 1600). نحن "البطن الرخوة" عندنا هي حدودنا مع ايران لا حدودنا مع سوريا او تركيا او السعودية حيث تفصلنا عن الدول الثلاث الاخيرة هذه إما صحارى وإما جبال وإما انهار". قلتُ: احياناً "يزعل" الحليف الاكبر او الأخ الاكبر من اخيه الاصغر وإن كانت مواقفه صائبة لأنه في نظره لا يزال أخاً صغيراً. ردّ: "بكل تأكيد". ثم شرح الوضع الداخلي في العراق، قال: "تعرّض الأكراد لقمع كبير في العراق السابق. وتعرّض الشيعة لقمع مماثل. لا يمكن بناء عراق جديد انطلاقاً من القمع. اي يجب ان يكون المكوِّن السنّي شريكاً فعلياً في الحكومة والحكم. لا يمكن استبعاده. ويجب عدم استبعاده. في جنوب افريقيا وجدت الاقلية البيضاء الحاكمة انه لا يمكنها الاستمرار في حكم الغالبية السوداء. تقبّلت وان بعد سنوات من الرفض والصراع حكم هذه الغالبية وترجمت قبولها عملياً، ومن لا يقبل يمكنه ان يرحل. وتعاطت الغالبية السوداء مع الاقلية البيضاء باعتبار ابنائها مواطنين لهم حقوق متساوية مع السود. في العراق شيء مماثل حصل ويحصل. كان السنّة حكام العراق. صحيح انه كانت لصدام حسين واجهات حكم شيعية ومسيحية. لكن الحكم الذي كان قائماً في عهده وقبل عهده كان سنّياً، علماً انه لم يكتف بظلم الشيعة والاكراد بل ظَلَمَهُم ايضاً. إلا ان السنّة العرب في العراق اقلية. وشيعة العراق يراوح عددهم بين 60 و65 في المئة من الشعب العراقي. اما سنّته فيراوح عددهم بين 18 و20 في المئة من الشعب نفسه. والبقية اكراد واقليات صغيرة. نحن نسير في العراق الآن على طريق الديموقراطية. الانتخابات التشريعية اجريت اكثر من مرة. والانتخابات ستسفر دائماً عن غالبية نيابية شيعية رغم اختلاف الاحزاب الممثلة للشيعة وتياراتهم وقياداتهم. والسبب الاول لذلك كون الشيعة غالبية في العراق. وعلى السنّة قبول هذا الواقع بعد الاعتراف به والتعامل معه والتكيف معه. وعلى الغالبية الشيعية التعامل مع السنّة كمواطنين لهم رأيهم ومصالحهم وحقوقهم وعليهم في الوقت نفسه واجبات تجاه وطنهم ودولتهم. لكل ذلك ارى في الازمة الراهنة ان نوري المالكي لا يصلح لأن يكون رئيساً للحكومة لأن المكوِّن السنّي لا يؤيده، ولأنه سيؤجج الازمة في البلاد ان شكّل حكومة من دون السنّة وبالتحالف مع الاكراد وبعض الشيعة. ومن شأن ذلك دفع السنّة العراقيين الى التقوقع والانعزال، والعودة بيئة حاضنة ل"القاعدة" ولكل التنظيمات التي على شاكلتها. واذا انفجرت يوم الاثنين الماضي (1/11/2010) 12 سيارة مفخخة في بغداد فان عودة البيئة الحاضنة سيجعل سيارات مماثلة تنفجر يومياً في بغداد وفي كل مناطق البلاد. وذلك رغم معرفتنا ان تفخيخ كل سيارة يحتاج الى ستة اسابيع و40 فرداً. لذلك فان مشروعنا نحن (المجلس الاعلى) هو البقاء على تحالف مع ايران والتعامل كعراقيين مع مكوِّنات الوضع العراقي واشتراك جميع العراقيين في بناء دولتهم ومؤسساتها. هذا مشروعنا. اذا شكّل المالكي حكومة مع الاكراد والصدر فان ذلك يعني وجود دعم اميركي وايراني واسع لهذه الخطوة. اولاً، لأن ايران لها تأثير على الاكراد في العراق. وثانياً، لأن اميركا تستطيع ان تؤمّن لهم الحماية، علماً انها حمتهم في السابق. هناك استثمارات بمليارات الدولارات في كردستان العراق. وعلماً ايضاً ان الموقف الاميركي الآن من الأزمة هو الدعوة الى التريّث بغية اقناع الجميع بالاشتراك في الحكومة الجديدة، بما في ذلك "العراقية" التي يتزعمها اياد علاوي. واذا فشل المالكي فان ذلك يعني ان اميركا ليست معه وانها مختلفة مع ايران على هذا الامر".

ما هو مشروع رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي؟ سألت: بماذا اجاب؟

==========================

التوراة جاءت حقاً من جزيرة العرب

انتوني لياس

السفير

20-11-2010

في عام 1985، اصدر الدكتور كمال الصليبي، استاذ التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت كتاباً بعنوان «التوراة جاءت من جزيرة العرب»، حين اطلع، مصادفة، على معجم جغرافي بأسماء الأماكن في المملكة العربية السعودية. لقد اكدت دراسته صواب اعتقاده بأن أسماء الاماكن في التوراة العبرية التي كثيراً ما حيّر موقعها الفعلي دارسي التوراة تتطابق تماماً مع أسماء الأماكن في منطقة عسير الواقعة على الساحل الغربي للجزيرة العربية المطل على البحر الأحمر.

لقد توفرت لديّ معرفة عملية بالمفردات العبرية الاصلية للتوراة، وكنت اصدرت ثلاثة كتب عن اسماء الأماكن، وأنا اجد ان مئات الأمثلة التي اوردها كمال الصليبي مقنعة تماماً. الا اني وجدت مؤخراً ما أعتبره برهانا اضافياً قاطعا على صواب مقولة كمال الصليبي. وكي اشرح السبب اشير بادئ ذي بدء الى ان عسير تقع (وكانت تقع) ضمن المدار الاستوائي (بين درجات 17 و19 الى الشمال من خط الاستواء). وبحسب سفر اشعياء (38: 7-8) فإن النبي اشعياء (مطلع القرن الثامن قبل الميلاد) يعلم الملك حزقيا في اورشليم ان «الرب»، سيعطيه «علامة» وهي: «هأنذا ارجع ظل الدرجات الذي نزل في درجات أحاز بالشمس عشر درجات الى الوراء. فرجعت الشمس عشر درجات في الدرجات التي نزلتها».

هذه الحركة المرتدة للظل الذي يلقيه مؤشر المزولة كانت تعتبر تقليديا «معجزة» لأنه بحسب موقع اورشليم الراهن (31 درجة 47 دقيقة الى الشمال من خط الاستواء) فإن هذه الحركة تبدو مستحيلة. وهنا استشهد بما قاله الرياضي الفلكي الانكليزي الجليل توماس كيث: «لو ان مزولة العامودي صممت لمكان في منطقة الاستواء حيث انحدار الشمس يزيد على موقع المكان، فإن ظل المؤشر سيرجع مرتين الى الوراء في اليوم، مرة قبل الظهر ومرة بعد الظهر، وكلما تعاظم الفرق بين الموقع والانحدار كلما رجع الظل اكثر الى الوراء».

هنا، وتبعاً لنظرية كمال الصليبي، فإن التوقيت الأصلي في أورشليم زمن أشعياء لا يمكن ان يكون التوقيت نفسه في فلسطين اليوم، بل في عسير وداخل المنطقة الاستوائية. وعليه فإن رجوع الظل الى الوراء على «مزولة آحاز» لم يكن «معجزة» بل حقيقة. ولا شك بأنه يمكن إجراء تجربة في عسير في الزمن الحاضر لبرهنة ذلك (ملاحظة: حيث ان الانحدار هو قياس مسافة الزاوية الى الشمال او الجنوب لأي جرم سماوي من خط استواء الأرض، ولأن اقصى انحدار ممكن للشمس هو 23 درجة 28 دقيقة، فمن الواضح انه خلال بعض اشهر السنة سيرجع ظل مؤشر المزولة لكل موقع في عسير). لربما لم يكن الدكتور الصليبي مدركاً لهذه التفاصيل الفلكية التي أجد فيها برهنة وافية عن نظريته. وفحوى نظريتي هو ان اشعياء (الذي يعتقد بعض دارسي التوراة انه استقى معرفة فلكية من الآشوريين) أوهَم حزقيا انه في حضرة «معجزة»، فيما انه الواقع كان يشهد ظاهرة أصلية في أورشليم عسير التي يلح الصليبي على وجودها هناك وليس في فلسطين.

إن الحقيقة القائلة بالحركة الرجوعية لظل مؤشر المزولة في المنطقة الاستوائية حقيقة قائمة بذاتها يؤكدها ويشرحها كاملة، دنيس سافوي Denis Savoie في كتابه Sundials, Design, Construction and Use.

انهي كلامي بقولي إن كمال الصليبي لا يناقض الرسالة الدينية للتوراة العبرية على الاطلاق. إن أطروحته في «التوراة جاءت من جزيرة العرب، وفي كتبه الاخرى، تدور فقط على الموقع الصحيح للأماكن المذكورة في التوراة.

([) باحث انكليزي في علم الفلك.

==========================

التغلغل الإسرائيلي في دول حوض النيل

المستقبل - السبت 20 تشرين الثاني 2010

العدد 3835 - رأي و فكر - صفحة 19

عبير بشير

يخشى الخبراء أنه في حال انفصال جنوب السودان عن شماله، فإن ذلك سيفاقم من أزمة مياه النيل، بسبب ولادة دولة جديدة ستطالب بحصتها من المياه التي كانت توزع بين مصر والسودان وفق اتفاقية 1959 م الموقعة بينهما وتعطي الإتفاقية دولة مصر حق استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار م.م تصل إلى السودان.

وتشهد مصر أزمة في مياه الشرب منذ نهاية التسعينيات وقد طالبت بزيادة حصتها من نهر النيل، بعد ان أصبحت حصتها الأساسية لا تكفي لسد حاجياتها المائية. وكشف تقرير حديث لمركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري بأن احتياجات مصر من المياه ستفوق مواردها بحلول عام 2017؛ نظرًا لاستمرار النمو السكاني السريع، حيث ستحتاج إلى 86.2 مليار متر مكعب من المياه في حين مواردها لن تتجاوز 71.4 مليار متر مكعب. بينما تؤكد المؤشرات الدولية أن مصر أصبحت مهددة بالدخول في دائرة الخطر المائي خلال الأعوام المقبلة.

ولكن بدلاً من زيادة حصة مصر المائية، فإن خلافاً حاداً يدور بين دول منبع نهر النيل السبع وهي: أثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا، والكونغو، ورواندا، وبوروندي - ودول المصب مصر والسودان- حول توزيع الحصص. وتطالب دول المنبع بإعادة النظر في الاتفاقيات التاريخية الموقعة بشأن تقاسم مياه النيل - اتفاقيتي 1929 م و1959 م - والتي ترى بأنها مجحفة في حقها وتعطي مصر نصيب الأسد في مياه النيل كما تصر على حقها في إقامة السدود من دون الرجوع إلى دول المصب.

وكانت خمس من دول المنبع السبع قد وقعت في شهر أيار الماضي اتفاقاً إطارياً جديداً حول تقاسم نهر النيل بالرغم من مقاطعة دولتي المصب مصر والسودان وأعلنت القاهرة أن الاتفاق غير ملزم لها.

ويرى كثير من المراقبين، أن هناك أيدي إسرائيلية تقوم بتحريض دول المنبع على مصر وإثارة الضغائن والأحقاد، وأوعزت إلى تلك الدول بالتمرد على الاتفاقيات المتعلقة بتوزيع حصص مياه النيل. ومن المعروف أن إسرائيل قد نجحت في التغلغل والتواجد بكثافة في دول حوض النيل، مستغلة الحاجة الاقتصادية والغذائية والتكنولوجية لتلك الدول والصراعات القبلية فيها. وأقامت علاقات وثيقة - سياسية وعسكرية - مع حكوماتها ويتمثل التعاون الأمني: في طواقم المدربين العسكريين وتصدير السلاح إلى جانب أعمال التجسس التي تقوم بها إسرائيل على حركة السفن.....، كما تقوم إسرائيل بتمويل إنشاء 5 سدود لتخزين مياه النيل بكل من تنزانيا ورواندا في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى دول الحوض - بحث خلالها إقامة مشروعات مائية مشتركة وتطوير العلاقات الاقتصادية معها.

ويعترف الخبير الإسرائيلي "أرنون شوفير" في كتابه "صراعات المياه في الشرق الأوسط" بوجود مصلحة إسرائيلية إستراتيجية من حدوث أزمة مياه في مصر لأن ذلك سيؤدي إلى تحجيم دورها في المنطقة نظرا لانشغالها في إدارة أزمتها. كما يقر "شوفير" بأن بلاده خططت لإقامة شبكة علاقات قوية مع دول المنبع تقوم على إنشاء السدود، وعلى إحداث تنمية زراعية واسعة، لأن مثل هذه التنمية ستكون مرتبطة باستهلاك كميات كبيرة من مياه النيل.

والكل يعرف المطامع الإسرائيلية في نهر النيل ورغبتها في تدويل مياهه، التي تتقاطع مع دعوات بعض دول الحوض بتسعير مياه النهر وبيعها لدول المصب على غرار البترول والغاز -. وكانت القاهرة قد تلقت مؤخراً عرضاً إسرائيلياً بالتدخل لإنهاء الخلافات بينها وبين دول المنبع حول الإتفاقية الإطارية، مقابل موافقة مصر على إقامة إسرائيل مشاريع مائية في أثيوبيا لتخزين مليارات المكعبات من المياه سنويا التي تذهب هدراً. وترى إسرائيل أنه بالإمكان تقاسم تلك المياه مناصفة بينها وبين مصر، على أن تقوم الأخيرة بنقل حصة إسرائيل من المياه إلى صحراء النقب عبر أنابيب تمر في سيناء.

ولكن الرد المصري جاء سريعاً على لسان قمة الهرم الرئيس مبارك الذي أكد أن مياه النيل لن تتجاوز حدود مصر.

وبالطبع، فانه من غير المقبول تسطيح الأمر، وحصر الموضوع برمته في نظرية المؤامرة. إذ أنه لا يمكن إعفاء مصر بالكامل من مسؤوليتها عما جرى، حيث أن غياب الدور المصري المؤثر والفاعل عن المسرح الأفريقي خلال السنوات الماضية قد سهل على أعدائها مهمة التسلل إلى دول الحوض وأخذ مكانها.

أضف إلى ذلك أن العلاقات المصرية الأفريقية قد اعتراها بعض الفتور وخصوصاً بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري في أديس أبابا، وتزامن ذلك مع هجرة الدبلوماسية المصرية نحو الشمال وقضايا الشرق الأوسط على حساب أفريقيا التي اعتبرتها مصر حديقتها الخلفية-.

==========================

(النووي الإيراني) والأمن الإقليمي

جيفري كمب

الرأي الاردنية

20-11-2010

من المحتم أن يؤدي التوقع السائد على نطاق واسع، سواء في المنطقة أو غيرها، بأن إيران ستتمكن في نهاية المطاف من تطوير أسلحة نووية، إلى تدشين جولة جديدة من جولات الانتشار النووي من الممكن أن تشمل مشروعات لتطوير أسلحة نووية من قبل دول مثل مصر، وتركيا، وغيرهما.

وسوف يضيف هذا للترسانات النووية الموجودة بالفعل في المنطقة، والتي تشمل إسرائيل -ذات القدرات النووية الرهيبة والهند وباكستان أيضاً إذا ما تم التوسع في تعريف المنطقة. وتدور في الوقت الراهن مناقشات محتدمة حول الطريقة المثلى لمعالجة هذه المشكلة والتي يمكن أن تشمل بدائل من بينها العقوبات الاقتصادية، والاشتباك الدبلوماسي، واستخدام القوة العسكرية. وهذه البدائل تمثل مكونات أساسية لأجندات يدعو إليها البعض للتعامل مع المشكلة النووية الإيرانية. لكن التوقع السائد مع ذلك هو أن المخاوف المتعلقة بالطموح النووي لتلك الدولة سوف تظل قائمة.

وأكثر ردود الفعل قوة تجاه ذلك الطموح تأتي عادة من طرف إسرائيل، والتي كرر بعض أركان النظام الإيراني دعواتهم لتدميرها. وينبغي هنا توضيح أن إسرائيل تمثل قوة نووية ذات قدرات على الردع والانتقام تفوق أي تهديد يمكن أن تشكله إيران في أي إطار زمني معقول. لذلك فإننا، عندما نتطرق لتقييم الطريقة التي يمكن أن تستجيب بها إسرائيل للبرنامج الإيراني، فإن من الضروري بالنسبة لنا أن ننبه ليس فقط لأهمية فحص ردود الفعل الدفاعية أو الاستباقية التي يمكن لإسرائيل اتخاذها، وإنما أيضاً لأهمية معرفة الكيفية التي يمكن بها للبرنامج النووي الإيراني أن يؤثر في تفكير إسرائيل حول استراتيجيتها النووية التي خضعت حتى الآن لتكتم شديد من جانب تل أبيب في إطار ما عرف بسياسة «عدم الإفصاح» عن القدرات النووية. وهذه السياسة غير الشفافة قامت على افتراض مؤداه أنه إذا ما تبنت إسرائيل نهجاً يقوم على الوضوح بشأن قدراتها النووية، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تحفيز ردود فعل سلبية للغاية من جانب الدول العربية المجاورة وعلى وجه الخصوص مصر. مع ذلك هناك كم متزايد من الكتابات التي ظهرت، ولا تزال تظهر، حول الحكمة من اتباع هذه السياسة غير الشفافة، منها كتابات يرى أصحابها أن الوقت قد حان كي تبدأ إسرائيل في اتباع سياسة أكثر علانية بشأن برنامجها وقدراتها النووية.

وإذا نظرنا للموضوع من جانب مصر وتركيا على سبيل المثال، فإننا سنجد أن هناك حسابات أخرى تحكم تصرفات ذينك البلدين في هذا المجال. فالسياسة التركية أصبحت أكثر انطلاقاً وثقة بالنفس كنتيجة لتزايد وزنها الإقليمي، وبالتالي فإنه إذا ما تم، لأي سبب من الأسباب، رفض الطلب التركي الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، فإن تركيا يمكن أن تتحول للقيام بدور ينطلق من رؤية قومية تركية تركز على تحقيق مصالحها الوطنية في الشرق الأوسط. وينبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أن تركيا كانت واضحة تمام الوضوح في إعلانها تأييدها لحق إيران في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكنها حرصت في نفس الوقت على التأكيد بأن ذلك يجب أن يتم وفق المعايير ذات الصلة الواردة في مواثيق الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص اتفاقية معاهدة الانتشار النووي. كما دعمت تركيا أيضاً خيار التوصل لحل سلمي لموضوع النزاع حول البرنامج النووي الإيراني واتهمت الغرب بسوء معاملة إيران. كما اقترحت في مايو 2010، بالمشاركة مع البرازيل، توقيع اتفاقية يمكن بموجبها شحن نصف كمية اليورانيوم المخصب في إيران إلى تركيا.

وعلى الرغم من ذلك فإن إيران لو اختارت أن تمضي قدماً في تصنيع قنبلتها، بصرف النظر عن معارضة المجتمع الدولي، فإن ذلك سوف يولد ضغطاً متزايداً داخل المؤسسة الأمنية التركية قد يدفع الحزب الحاكم للمضي نحو خيار السعي لامتلاك قدرات نووية.

والحالة المصرية في المجال النووي فريدة من نوعها، ليس فقط بسبب التزام القاهرة الدائم ببنود معاهدة حظر الانتشار النووي، ومعاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل، وإنما للغضب الدائم الذي تبديه نحو البرنامج النووي لإسرائيل والذي ينبع من حقيقة أنها لن تقبل أن تظل إسرائيل في وضع تفوق عسكري إقليمي دائم.

يعني ذلك بشكل يكاد يكون مؤكداً أنه إذا ما انهار نظام حظر الانتشار النووي في المنطقة -وهو ما سيحدث إذا ما اجتازت إيران العتبة النووية- فإن مصر سوف تعيد النظر في التزامها ببنود اتفاقية حظر الانتشار. ويشار إلى أن مصر تعتقد أن أفضل طريقة لحل المشكلة النووية الإيرانية هي إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط تشمل إسرائيل. ويأمل المصريون من خلال إقامة هذه المنطقة أن يتم بموجبها تفكيك القدرات النووية لكل من إسرائيل وإيران على حد سواء، مما يجنبها هي الانخراط في تسابق معهما. لكن، ونظراً لأنه من غير المرجح أن يحدث أمر مثل هذا في غيبة اختراق دراماتيكي على جبهة السلام العربي الإسرائيلي، فإن استمرار البرنامج الإيراني وإجراء محادثات أكثر صراحة حول قدرات إسرائيل النووية، سوف لن يؤدي سوى إلى إعادة إحياء الجدل في مصر حول التزاماتها المتعلقة بعدم الانتشار.

ومن ناحية أخرى، يُرجح أن يؤدي استمرار البرنامج النووي الإيراني، إلى إقدام بعض دول المنطقة إلى اتخاذ ترتيبات مختلفة لتعزيز دفاعاتها من خلال التعاون مع الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة. ويمكن لإيران أن تتجنب كافة التداعيات التي قد تترتب عليها جراء ذلك كله إذا ما التزمت بالتعاون مع المجتمع الدولي، أما إذا ما صممت على المضي قدماً في تنفيذ ما تطمح إليه فإن البيئة الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط برمتها سوف تشهد تغييرات جذرية مما يجعل منها منطقة أكثر خطورة بكثير مما هي عليه الآن، أو مما كانت عليه في أي وقت في الماضي.

(مديرالبرامج الإقليمية الاستراتيجية

 في مركز نيكسون بالعاصمة الأميركية واشنطن)

الاتحاد الاماراتية

==========================

«صناعة الأوهام..!»

محمد رفيع

الرأي الاردنية

20-11-2010

هل يُمكن القول حقّاً بأنّ «الخبر هو ما يجعل ‏الناس يتحدثون»..؟، كما يقول رئيس تحرير إحدى الصحف المحلية الأجنبية. يكتسب السؤال أهميته مِن تطور وسائل الإتصال، وأدوات قياس الرأي العام، وإنتشار المواقع الإلكترونية، وتزايد التعليقات المكتوبة على المواد المنشورة فيها، ما جعل البعض يعتبر ذلك دليلاً على أهميتها وإنتشارها..!؟

 

إذا صحّ ما سبق، وهو غير صحيح في معظمه، فإنّ معيار الخبر ليس صحته، بل قدرته على توليد الشائعة، كما يقول الكاتب «جان نويل كابفيري»، في كتابه «الشائعات.. الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم». وبمعنى آخر فإنّ «المعلومة التي لا تشكل خبراً لا يمكن أن ‏تولّد شائعة». وبهذا المعنى، يمكن تصنيف أنماط الدعاية والإعلان، التي تلجأ إلى «المبالغة أو التدليس»، في عرضها للسلع والمواد الإستهلاكية، أو الترويج ‏لمشروعات وشركات بعينها، على أنها تقوم بترويج «الشائعات». وذلك بإعتبار أنّ ذلك الترويج يتمّ لأشياء غير حقيقية تماماً، عبر إستخدام «وسائل الإبهار الفنية»، بما في ذلك الصوت والصورة. وهنا، قد ينحرف الإعلام عن هدفه الحقيقي ورسالته المهنية، ‏فيصبح مروّجاً وصدى لجهات بعينها، بما في ذلك إمكانية التورّط في نشر إشاعات غير حقيقية، تقوم على توظيف الأخبار والمقالات والتحقيقات ، بكلّ ما يعنيه ذلك من تشويه للحقائق وتزوير للأحداث. ‏

 

هنا بالضبط، تأتي أهمية كشف أسرار «الشائعة»، وأسرار مصنّعيها ومروّجيها ومصالحهم، في كل زمان ومكان. ذلك أنّ نقل الحقائق أولا بأول هو العدوّ الرئيس للشائعات، ‏التي لا تظهر وتتعاظم إلا في غياب الحقائق. فالإثارة والغموض هما الشرطان الأساسيان اللازمان لإنتشار أية شائعة.

 

وللشائعات أنواع، منها «الإشاعات التفسيرية»، التي تصدر عن الناس الذين صدموا من حدث مروّع ومفاجئ، ويبحثون له عن تفسير. ‏و»الإشاعات التبريرية»، وهي التي تصدر وتنتشر عن طريق مصادر رسمية ومحددة، عادة ما تكون تابعة للسلطات ، حيث ‏تنتشر منها إشاعات تهدف إلى السيطرة على الرأي العام، لتبرير قرارات أو إجراءات أو مواقف. و»الإشاعات التدميرية»، التي ‏تهدف إلى تشويه وتدمير الصورة المعنوية العامة لشخص حقيقي أو معنوي، خدمة لمصلحة آخرين. وكذلك «الإشاعات ‏العلاجية»، التي تستهدف رفع المعنويات العامة، ومعالجة الإحباط واليأس في نفوس الناس، عبر تمرير أخبار وهمية ولكنها مرغوبة، ليحلم الناس بها. وعادة ما تحظى هذه الأخبار بأهمية ‏ مطلقة في حياتهم، خصوصاً تلك التي تتعلق بمعجزات دينية، أو بالمال والصحة، وهي، في الغالب، ‏شائعات قصيرة المدى نسبياً. كما أنّ الأسطورة تُعتبر أقدم أشكال الإشاعات ، فهي تقوم بوظيفة سد الفراغات المعرفية المختلفة ‏في الأزمان القديمة، حين كانت المعارف بدائية، وإمكانية تحصيل المعلومات محدودة. ‏أما الشكل الأكثر إنتشاراً للشائعة، فهو النكتة، وهناك مَن يعتبر «النكتة شائعة كاريكاتورية»، فهي مثل الشائعة، تقوم على العناصر الأسطورية والتاريخية والعرقية والدينية والاجتماعية. وبالطبيعة الساخرة للنكتة، فإنها(أي الشائعة) تجتاز حواجز عقلانية ونفسية كثيرة، وتنتشر بسرعة أكبر، وتتخطّى عقبات كبيرة وتعوّض ما يشوبها من متناقضات.

 

ويبقى أن الشائعات، وما أصطلح على تسميته ب»علم نفس الشائعة»، يشكّل عصب صناعة الأوهام عند الجماعات والشعوب، وهو ما يقع في صلب إهتمامات السياسة والتجارة والإستراتيجيات. فالشائعات تنتشر أكثر في أوقات الأزمات، وفي مناخات الظروف الضاغطة أو ‏المثيرة للقلق، كالحروب والكوارث والأزمات ، الاقتصادية والشخصية والاجتماعية، وخصوصاً، إذا كان هناك غموض أو تعتيم إعلامي.

==========================

درب الخلاص

ضياء الفاهوم

diafahoum@gmail.com

الدستور

20-11-2010

يواصل المستوطنون المتطرفون في عنصريتهم وفاشيتهم اعتداءاتهم على أهلنا في كافة أنحاء فلسطين بتطرف رهيب وبتغطية واضحة للعيان من القوات الرسمية الإسرائيلية والمسئولين الإسرائيليين . وقد تم ذلك وما يزال رغم إدانة أعمال المستوطنين المتطاولة على كل قوانين الدنيا من قبل العالم كله وخاصة المؤسسات الدولية ذات العلاقة بالأمور الإنسانية و حقوق الإنسان .

 

الدعوات والمناشدات الدولية تتواصل لإنهاء الحصار اللئيم على قطاع غزة ووضع حد لما سببه استمراره من مآس إنسانية مريعة شملت الألوف من الأطفال والنساء والمرضى والشيوخ . وقد حذرت"الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة" ، التي تتخذ من بروكسل مقرا لها ، في بيان أصدرته يوم الأحد من أن تنطلي الخدعة الإسرائيلية ومزاعم الاحتلال بشأن تخفيف الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة للسنة الخامسة على التوالي . وقالت إن تأكيدات المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في قطاع غزة بأن الحصار ما زال يخنق أكثر من مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني تجعل من الواجب الأخلاقي والإنساني على المجتمع الدولي الوقوف أمام حقيقة الأوضاع على الأرض في القطاع وعدم الالتفات إلى مزاعم الاحتلال بشأن تقديم تسهيلات إلى الفلسطينيين المحاصرين في سجن مفتوح هو الأكبر من نوعه في العالم .

 

بعد كل هذا الإجرام أليس من حق كل الفلسطينيين أن يلملموا جراحهم ويشدوا من أزر بعضهم البعض بدلا من المهازل التي تجري على الساحة الفلسطينية والتي إن لم يجدوا مخرجا لها يرتكز على أن فلسطين أهم من كل الأحزاب والفصائل وأي شيء آخر فإن مصيرهم كله سيصبح على كف عفريت ؟

 

الحمد لله أنه ما زال في هذا العالم أناس شرفاء لا يستطيع أحد شراء ضمائرهم أو منعهم من بيان الحقائق للناس كافة . ولا بد أن يكون هؤلاء الأشراف قد رأوا أيضا بأم عينهم كيف أن دولا كبرى تغض الطرف عن وجود حوالي ثمانية آلاف أسير في السجون الإسرائيلية في ظروف صعبة للغاية تتناقض تماما مع المواثيق الدولية بشأن معاملة الأسرى في حين تواصل الضغط من أجل إطلاق سراح جندي إسرائيلي واحد .

 

ولعله قد تأكد الآن لشعوب هذه الدول ، كما تأكد لغيرها ، أن الصهيونية أصبحت تتحكم في كثير من شئونها وأن من أهدافها تقوية نفوذها بشكل كبير كي تستطيع من خلاله السيطرة على العالم كله وأن على هذه الشعوب أن تقوم بدورها في سبيل التخلص من الاستعمار الصهيوني . ولعله قد اتضح الآن لأمة العرب قبل غيرها بأنها إن أرادت أن تخلص نفسها من العنصريين الصهاينة وأتباعهم فإن عليها أن تنهض إلى ما يجب عليها عمله بكل الإمكانيات التي لديها وهي كثيرة .

 

ما مغزى أن يتحدى الإسرائيليون العرب والعالم بعدم استجابتهم لمبادرة السلام العربية ولقرارات الدولية وكل ما جاء في خارطة الطريق التي وضعتها لجنة مشكلة من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة ؟ مغزاه أن أطماع إسرائيل في بلادنا كبيرة وأنها ستفعل المستحيل لتحقيقها عن طريق إضعاف الأمة في كافة أقطارها ودق الأسافين بين أهلها .

 

ألم يئن الأوان بعد لأن يتحمل كل أبناء امتنا العربية مسئولياتهم التاريخية وأولها تصويب كافة أوضاعهم الداخلية بتوحيد الصفوف في خدمة الوطن وحماية له وليس لأي شيء آخر ؟ الحقيقة الناصعة البياض أنه لا بد من ذلك أولا ومن ثم الذود بكل ما أوتوا من قوة عن كافة أنحاء وطنهم العربي الكبير . وما عليهم لتحقيق أمانيهم إلا أن يهتدوا بأعظم قدوة في التاريخ نبيهم العربي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن خلال ذلك يدافعون عن مسراه المعرض لأشد أنواع المخاطر وعن كل المبادئ والقيم العظيمة التي أرسله رب العالمين من أجلها . هذا هو درب الخلاص الذي سوف يمكنهم من وضع حد نهائي لصلف وبغي الصهيونية العالمية وإسرائيلها ويجعلهم قادرين على أن يعيدوا لأمتهم العربية كرامتها ومجدها ويعززوا إسهاماتها في الحضارة العالمية .

==========================

العالم ضدنا.. الهجوم الاكثر حدة في عصرنا

دوري غولد

اسرائيل اليوم 19/11/2010

2010-11-19

القدس العربي

حدثان هامان يحصلان في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) يجب ان يقفا امام ناظر كل المتصدين للتحديات على شرعية دولة اسرائيل.

في 2 تشرين الثاني ( نوفمبر) 1917 صادق المجلس الوزاري البريطاني على تصريح بلفور، الذي تحدث عن اقامة 'وطن قومي يهودي'، في الاراضي التي ستصبح لاحقا الانتداب البريطاني في بلاد اسرائيل. في ذات الوقت كانت نوايا بلفور واضحة، إذ بعد ثلاثة اشهر من نشر التصريح اعترف هو نفسه بانه يأمل في أن يؤدي تصريحه الى اقامة دولة يهودية. وعندما حولت عصبة الامم تصريح بلفور الى عقد قانوني دولي ملزم (الانتداب) أدخلت عليه تغييرات هامة. عصبة الامم اعترفت ب 'الصلة التاريخية للشعب اليهودي في بلاد اسرائيل'. وتجدر الاشارة الى أن عصبة الامم لم تخترع حقوقاً يهودية تاريخية، بل اعترفت بحق كان قائما منذ القدم. هذه الحقيقة وجدت تعبيرها في موقف عصبة الامم من الشعب اليهودي كمن 'يعيد اقامة وطنه القومي في البلاد من جديد'.

ماذا كان الاساس لاستعداد البريطانيين لأن يعيدوا بلاد اسرائيل الى الشعب اليهودي بعد الفي سنة؟

في أعقاب هزيمة الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الاولى تخلت هذه عن سيادتها في مناطق واسعة في آسيا جنوب تركيا الحديثة. وثارت مسألة من سيصبح صاحب السيادة في تلك الاراضي. في كتابات رئيس الوزراء البريطاني في حينه، لويد جورج، ووزير خارجيته، بلفور، يتضح جيدا احساس الرجلين بان بريطانيا حررت شبه الجزيرة العربية، العراق، سورية، شرقي الاردن من يد الحكم التركي. وأمل الرجلان، على حد قول بلفور، في أن يوافق العرب على أن تسلم ' قطعة صغيرة' نسبيا من الارض الى اليهود. ما كانت ستصبح في المستقبل بلاد اسرائيل الانتدابية كانت اقاليم منفصلة للامبراطورية العثمانية. وكانت هذه الارض تسمى بالعربية 'سورية الجنوبية'.

في العشرينيات كانت الارض التي خصصت في صالح الوطن القومي اليهودي أقل من 1 في المئة من الارض التي خصصت للعرب لغرض تقرير مصيرهم (اليوم، لغرض المقايسة، ناطقون فلسطينيون يدعون بان كل ما يطلبونه هو 22 في المئة من الاراضي الاصلية لبلاد اسرائيل الانتدابية ويتجاهلون الاراضي الواسعة التي صارت تحت السيادة العربية).

في 29 تشرين الثاني ( نوفمبر) 1947، بعد نحو 30 سنة من تصريح بلفور، صادقت الجمعية العمومية للامم المتحدة على القرار 181، الذي أوصى باقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل، الى جانب دولة عربية.

الحقوق القومية لليهود، التي تقررت قبل ذلك في عصبة الامم، اعيد اقرارها من قبل خليفتها، الامم المتحدة.

وهكذا أصبحت اسرائيل دولة حظي نشوؤها بالدعم من جانب عصبة الامم ومن جانب الامم المتحدة على حد سواء. القيادة اليهودية في تلك الفترة قبلت بالقرار 181 فيما رفضته الدول العربية وشرعت في كفاح مسلح.

صحيح هو أنه بعد رفض الدول العربية قبول القرار كفت الحدود المحددة التي رسمت فيه عن أن تكون ذات صلة، كما اشار الخبير القانوني البريطاني الشهير الياهو لوترفخت. ومع ذلك، فان المبدأ الذي يقبع في أساس القرار 181، والذي يتضمن اقامة الدولة اليهودية، بقي ساري المفعول من ناحية دولية.

 

الهجوم الاكثر حدة

في العصر الراهن، حيث يجري نقاش واسع في شرعية دولة اسرائيل، من المهم أن نتذكر بانه لا يوجد أي عضو آخر في الامم المتحدة حظي بتأييد مكثف بهذا القدر عند قيامه في اثناء القرن العشرين.

كيف يمكن أن نشرح حقيقة أن العضو الاكثر شرعية في الامم المتحدة يقف تحت الهجوم الاكثر حدة في عصرنا؟

لهذا السؤال قدمت تفسيرات عديدة في الماضي: فلسطنة النزاع، مثلما أيضا التغيير في التركيبة العضوية في هيئة الامم وما شابه. ولكن كان يمكن التفكير بان دولا اوروبية عديدة على الاقل كانت تنصت للحقوق القانونية والتاريخية لاسرائيل.

غير أن التأييد الاوروبي لاسرائيل ضعف. أحد اعضاء البرلمان الاوروبي قال لي لتغير الاقتباس تقديره بالنسبة لمصدر الانتقاد الاوروبي الحاد.

برأيه، الامر ينبع من أن الاتحاد الاوروبي جاء منذ البداية كي يكون اطارا جديدا متعدد القوميات يحل محل المبنى السياسي القومي، الذي يعتبر في نظر الكثير من الاوروبيين نموذجا قديما مسؤولا عن سفك الدماء، الدمار والخراب الذي حل باوروبا في اثناء القرن العشرين. بالمقابل، فان اقامة دولة اسرائيل تثبت مفهوما متعارضا تماما: اذا كان الشعب اليهودي يتذكر جذوره القومية بعد الفي سنة ويصعد من جديد الى منصة التاريخ، ففي ذلك برهان على أن فكرة الدولة القومية لا تزال قائمة وسارية المفعول.

المسيرة السلمية كان يفترض بها ظاهرا أن تشل فعالية الهجمات على شرعية اسرائيل. بالاجمال، في 9 ايلول 1973(سبتمبر) كتب ياسر عرفات الى رئيس الوزراء في حينه اسحق رابين: 'م.ت.ف تعترف بحق دولة اسرائيل في العيش بسلام وأمن'.

غير أنه بخلاف ذلك، في اثناء السنوات التالية حثت م.ت.ف بنشاط نزع الشرعية عن اسرائيل من خلال الامم المتحدة والتحريض اليومي. ومؤخرا فقط، في 17 حزيران ( يونيو) 2010 وصفت دولة اسرائيل في التلفزيون الفلسطيني الرسمي بانها 'اولئك الذين سرقوا فلسطين بحثا عن وطن مزعوم يوافق على قبولهم' (المصدر: نظرة الى وسائل الاعلام الفلسطينية). في الصحافة الرسمية يتعاطون مع كل اراضي دولة اسرائيل كمحتلة.

 

لماذا ينبغي الاعتراف؟

عن هذه الخلفية يسأل الكثيرون لماذا تصر دولة اسرائيل جدا على اعتراف فلسطيني بدولة يهودية. لماذا لا يكفي الاعتراف الفلسطيني بالقرار 181 للامم المتحدة والذي يدعو الى اقامة دولة يهودية؟ أفلم يعترف ياسر عرفات بدولة يهودية في 1993؟

صحيح حتى الان، من يفترض أن يكون الشريك في المسيرة السلمية يحث هجوما على حقوق اسرائيل القانونية كي يقضم منها في كل منصة محتملة، وذلك رغم قرارات عصبة الامم والامم المتحدة.

السبيل الوحيد للوصول الى السلام الحقيقي يمر عبر الاعتراف المتبادل الذي يؤكد الحقوق القانونية التي منحتها الاسرة الدولية لاسرائيل.

======================

قدرة التعليم على تحويل الصور النمطية للغرب

عناية رحمانية

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

19 تشرين الثاني/نوفمبر 2010

www.commongroundnews.org

يوغياكارتا، إندونيسيا – يبدو أن التطرف في إندونيسيا في تتصاعد في وسط أخبار جديدة عن هجمات ضد مراكز الشرطة في جاوة الغربية وسومطرة الشمالية. ويرتبط بعض أعضاء المجموعات المسؤولة عن هذه الهجمات وعملية سرقة مصرف جرت مؤخراً بالجماعة الإسلامية في إندونيسيا، وهي جماعة دينية متشددة ومسلّحة.

 

ويثبت هذا النشاط العلني المتهوّر مقاومة لسيادة القانون وجهود الحكومة المستمرة لمجابهة التطرف وأعمال الإرهاب.

هناك الكثير من التخمين في الوقت الراهن بأن التطرف يجري تعلّمه في حرم الجامعات الإندونيسية.

بغض النظر عما إذا كانت تلك هي الحقيقة، فقد يكون النظام التعليمي أفضل مكان لمجابهة وجهات نظر كهذه ولتعليم الطلبة تفاهماً متسامحاً في الدين.

يحاول الأساتذة في جامعة سونان كاليجاغا الإسلامية التابعة للدولة في يوغياكارتا أن يفعلوا ذلك بالذات. يُطلب من طلبة كلية علوم الدين والفلسفة الإسلامية دراسة مساق عنوانه "الاستشراق". ورغم أن تعريف الاستشراق فُهِم أصلاً من قبل الأمم الغربية على أنه دراسة الثقافات والشعوب واللغات الآسيوية، إلا أن الأكاديمي والمفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد أعاد صياغة التعبير في العام 1978 على أنه منحاز ويرتكز على فرضيات خاطئة. ويسود هذا المفهوم السلبي في إندونيسيا، حيث يُفهَم الاستشراق بشكل أكثر محدودية وضيقاً في هذا المساق، على أنه دراسة الإسلام من قبل العلماء غير المسلمين.

 

وقد أظهرت تجربتي في تدريس الاستشراق لأكثر من أربع سنوات وبشكل مباشر كيف يمكن للتعليم أن يغير وجهات نظر الطلبة وتوجهاتهم ومواقفهم تجاه غير المسلمين والعالم الغربي.

ويحتوي المساق على دراسة أسلوب عمل الخبراء السابقين والمعاصرين في المجال، من أمثال سنوك هورغرونجي وإغناز غولدزايهر وويليام مونتغمري واط ونابيا أبوت وجون إسبوزيتو ومارك وودورد. أقوم في بداية كل صف بتقييم وجهات نظر الطلبة حول هؤلاء العلماء وبالتالي حول المجتمعات التي أتوا منها.

يشير هذا التقييم سنة بعد سنة إلى كيفية انضمام الطلبة إلى هذا الصف انطلاقاً من منظور أن غير المسلمين و/أو الغربيين هم "عدو" الإسلام الذي ينوي "تدميره".

يعتقد حوالي 95% من الطلبة الذين يسجّلون لحضور مساقي في بداية الفصل أن الاستعمار الغربي هو "حرب بين المسيحية أو اليهودية والإسلام". ويربط جميع الطلبة تقريباً العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين بالحروب الصليبية، التي، حسب قول مارك وودوورد في مقاله "العبارات المجازية للصليبيين في الطروحات الإندونيسية المسلمة"، تُفهم بشكل شائع على أنها حروب وحشية ناتجة عن عدوان غير مبرر هاجم فيه المسيحيون المتوحشون المسلمين الأتقياء.

 

وقد علق أحد الطلبة، الذي يمثل زملاءه، وهو أمر مثير للحزن، أن "شعوب الغرب/الشعوب المسيحية، سوف تجد دائماً طريقة لمحاربة الإسلام وتدميره. لقد هُزموا في الحروب الصليبية، فقاموا بتغيير إستراتيجيتهم الآن إلى حرب فكرية".

مما يثير الحزن أن مثل هذه التصريحات تثبت كيف أصبحت وجهات نظر معادية للغرب، تشكّل التيار الرئيس في أوساط المسلمين الإندونيسيين الشباب.

لحسن الحظ أن بالإمكان تحويل وجهات النظر هذه.

ينخرط الطلبة خلال الفصل الدراسي في حوار مكثّف حول تاريخ الاستشراق وأفكار العلماء الغربيين المعاصرين حول الإسلام. ويجد الطلبة وجهات النظر هذه أحياناً مثيرة للدهشة، ويعبر معظم الطلبة في نهاية المساق عن تغيير في وجهات نظرهم حول العلاقات بين المسلمين والغرب.

ورغم أن الكثيرين منهم ما زالوا يعانون من بعض الشك والقلق حول وجهات نظر غير المسلمين و/أو العلماء الغربيين، يعبر 90% من الطلبة الذين يدرسون المساق عن الاعتقاد بإمكانية تحسين العلاقات بين المسلمين والغرب مع مرور الزمن، وبأن الغرب غير متجانس بل هو وطن لآراء متعددة.

 

كتب أحد التلاميذ ضمن تقييم في نهاية المساق: "قبل أن أدرس هذا المساق في الاستشراق، كان القليل الذي كنت أعرفه حوله يأتي من دعاة الهداية المسلمين. وكانوا يقولون أن جميع العلماء الغربيين/غير المسلمين في الإسلام لديهم مهمة لنشر المسيحية وتدمير الإسلام. جعلتني وجهة النظر هذه أحمل منظوراً سلبياً تجاه الغربيين. الآن، وبعد دراسة هذا المساق، بدأت مواقفي السلبية تتغير. واقع الأمر هو أنه ليس جميع ما قاله هؤلاء الدعاة الإسلاميين عن الغرب وعلمائه صحيحة".

وبالمثل، اعترف طالب آخر: "كنت أنظر إلى المستشرق قبل دراسة هذا المساق على أنه شخص له مهمة معينة من الكنيسة، أو رغبة بتدمير الإسلام. ولكن منظوري تغير منذ انضمامي إلى هذا المساق".

تثبت ملاحظات الطلبة وتعليقاتهم قبل المساق وبعده كيف يمكن للتعليم أن يلعب دوراً في دحض الصور النمطية المتأصّلة. يتوجب علينا جميعاً، تربويّون وحكومات وطلبة وأهالٍ وغيرهم، الذين يساندون الإسلام المتسامح، أن نعيد النظر في المناهج.

_________

* عناية رحمانية محاضِرة في كلية علوم الدين والفلسفة الإسلامية بجامعة سونان كاليجاغا الإسلامية التابعة للدولة في يوغياكارتا بإندونيسيا. وهي كذلك طالبة دكتوراة في التجمّع الإندونيسي للدراسات الدينية بيوغياكارتا.

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=============

تكريم هؤلاء الذين يبحثون عن أرضية مشتركة

نازيش يارخان

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

19 تشرين الثاني/نوفمبر 2010

www.commongroundnews.org

شيكاغو، إيلينوي – قد لا تبدو الحكومة البريطانية وأحفاد الرئيس الأمريكي السابق توماس جيفرسون وعبدته سالي هيمنغز، وجمعية ماذير لرياضة الشباب في نيروبي ومنظمة "جست فيجن" متعددة الوسائط، للوهلة الأولى تشترك في أي شيء. ولكن في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، وفي جمعية الناشيونال جيوغرافيك في واشنطن العاصمة، أصبح من الواضح أن جميع هؤلاء اختاروا بناء الجسور بين الأفراد والمجتمعات حيث عملت الأسلاك الشائكة والظلام والجهل على التفريق بين الناس.

 

قامت منظمة البحث عن أرضية مشتركة غير الربحية والملتزمة بحل النزاع ومنع حدوثه من خلال تفهّم الفروقات والعمل على الأمور المشتركة، بتكريم هؤلاء من خلال القيادة بالمثال.

 

جرى تكريم ديفيد ووركس وشاي بانكس يونغ وجوليا جيفرسون ويسترن، وجميعهم أحفاد علاقة بين جيفرسون وعبدته سالي هيمنغز، أو جيفرسون وزوجته مارثا، لجهودهم في جَسر الفجوة بين البيض والسود في أمريكا. بدأ هؤلاء عملهم عن طريق تشجيع التسامح العنصري والتقبّل داخل أسرهم الممزقة. ولم يجرِ الاعتراف بأحفاد جيفرسون – هيمنغز كأعضاء في أسرة جيفرسون – مارثا إلى حين انطلاق جهود بانكس يونغ وويسترن في تشجيع الأرضية المشتركة من خلال التكلّم بشكل علني عن الحاجة للتسامح العنصري.

 

وتشكل الفروقات عبر الخطوط العنصرية واحدة من الانقسامات في الولايات المتحدة. وتستطيع إدراك مدة حدّة الجدل العام من خلال قراءة وسائط الإعلام المختلفة على شبكة الإنترنت أو سماع البرامج الحوارية الإذاعية في الولايات المتحدة. وقد تم تكريم جيم ليتش رئيس الصندوق الوطني للعلوم الإنسانية لرحلته عبر الولايات المتحدة مناشداً إعادة الاحترام المتبادل والتحضّر في الحوار العام.

 

ولا يمكن لأحد أن يوافق بشكل أفضل على حركة كهذه، من إيبو باتيل، الرجل ذو النظرة الثاقبة وراء منظمة جوهر الشباب عبر الديانات ومركزها مدينة شيكاغو. لقد بنى هذا الأمريكي المسلم، الذي لم يبلغ الخامسة والثلاثين من عمره بعد، حركة شبابية عالية عبر الديانات، تجمع الشباب ذوي التقاليد والمعتقدات الدينية المختلفة من أجل الخدمة التعاونية والحوار حول قيم مشتركة. ذكر باتيل في كلمة قبوله جائزة التكريم قصة للكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو عن حجارة استخدمت لبناء جسر، بدلاً من الجدران والأسلحة، كانت قوية بشكل مميز.

 

كما تم تكريم رونيت أفني، مؤسِّسة ومديرة "جست فيجن" التنفيذية، وجوليا باشا المنتجة والمديرة الإعلامية، لفيلهما الجديد "بدرس" الذي يبرز المقاومة اللاعنفية للاحتلال الإسرائيلي. وحسب قول ذا بوستن غلوب، "سوف يغيّر هذا الفيلم وحده كيف ينظر العديد من الناس للنزاع. إنه جيد لهذه الدرجة، ومهم لهذه الدرجة".

 

يركّز الشريط الوثائقي على حكاية لم تروَ، ولم يتم سماعها لا في إعلام التيار الرئيس في الولايات المتحدة ولا على المسرح العالمي. وهو يُوثّق الجهود المبذولة لإنقاذ قرية بدرس الفلسطينية من العزل نتيجة بناء جدار الفصل، من خلال توحيد الزعماء الاجتماعيين والسياسيين مع مساندين إسرائيليين ودوليين. يستطيع الأمريكيون مشاهدة الفيلم الوثائقي في دور السينما حتى منتصف شهر شباط/فبراير. وقد قدّمت جلالة الملكة نور من الأردن، التي تشارك بنشاط في عدد من منظمات بناء السلام، هذه الجائزة إلى مستحقيها.

 

كذلك قامت منظمة البحث عن أرضية مشتركة، وبحضور جمهور بلغ عدد أعضائه 350 شخصاً بتكريم فريق الرغبي سبرينغبوك الجنوب إفريقي لعام 1995 لرعايته الوحدة والتعاضد في الدولة المنقسمة عنصرياً. بالنسبة لسكان جنوب إفريقيا من غير البيض، يرمز فريق سبرينبوك لتاريخ الأمة مع نظام الفصل العنصري. احتفل البيض والسود معاً، إبّان رئاسة نيلسون منديللا بأول كأس عالمي عام 1995 يحصل عليك البوك والجنوب إفريقيين معاً كمواطنين موحّدين في دولة واحدة.

 

وتستخدم جمعية ماذير لرياضة الشباب في نيروبي كذلك الرياضة كعامل مساعد من أجل التغيير، فتعبر الخطوط الدينية والسياسية. وقد حصلت الجمعية على جائزة لعملها الملهِم، الذي يؤثر على حوالي 25,000 شاب وفتاة في أسوأ مخيمات الفقر كل سنة من خلال برامج أساسها المجتمع المحلي، بما فيها أعمال النظافة البيئية ونشاطات منع انتشار مرض الإيدز والتدريب في مجال القيادة.

 

كما تم تكريم الحكومة البريطانية لأنها اعتذرت في فترة مبكرة هذه السنة عن دورها في يوم الأحد الدموي، وهو حدث مأساوي وقع عام 1972 في إيرلندا الشمالية قتل فيه 13 متظاهر غير مسلح للحقوق المدنية وأصيب كثيرون غيرهم على أيدي الجيش البريطاني.

 

وأخيراً وليس آخراً، حصلت شركة الصناعات سنتر روك إنك ومركزها ولاية بنسلفانيا على جائزة لإلتزامها بتوفير معدات أدت إلى إنقاذ 33 من عمال المناجم التشيليين من محنتهم الأخيرة. كان إصرار الشركة على إيجاد حل لمشكلة بدت غير ممكنة الحل هو الذي جمع هؤلاء الرجال أخيراً مع أسرهم ومحبيهم، مما شكل إلهاماً لنا جميعاً.

 

عبّر الحاصلون على الجوائز الحدود ليجري تكريمهم على إنجازاتهم. أثبت كل منهم أن النزاعات والخلافات ليس من الضروري أن تكون دائمة وأنه بغض النظر عن الصعوبات، هناك أمل دائماً.

ـــــــــ

* نازيش يارخان محررة وإستراتيجية في مجال الإعلام الاجتماعي والمضمون، ومعلقة في الإذاعة الوطنية العامة ومدوّنة مع Huffington Post.

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

================

العراق، غنيمة حرب!

ذكرى محمد نادر

البلاد برس 17/11/2010

هل العراق غنيمة الحرب، اغتنمتها إيران بجيوش أميركية، فدخلته مرتاحة، من دون أن تضحي بجندي واحد من جنودها؟

 فالعراق الآن مكشوف وعرضة لخناجر طعناتها، بعدما أصبحت تصنف بامتياز باللاعب الأول بمهارة دهاء الملالي، بفوزها مؤخرا على أميركا، بتمرير إرادتها وتنصيب رجلها المفضل “المالكي” لدورة رئاسية ثانية، ليس محبة بوجهه الوسيم! وإنما لمقدرتها على التلاعب بورقة مطامعه الشخصية وأحقاده القديمة التي لا تبرد حتى بعدما تكومت تلال الجثث، الموؤدة بغير تأبين، بضياع هويات الموتى.

 وبما أن الساحة متاحة للشروع بالخطوة اللاحقة بعد تسميته رئيس الحكومة تحت خيمة الولي الفقيه، باشرت القوات الأمنية بأوامر مباشرة منه، بتصييد واقتناص كل من أفلت من يدها في الجولات، في سنواتها الأربع الماضية، وبغير إبطاء أصدر أوامره بملاحقة كل من وقف يوما بوجه مشروعه الإيراني، وانشغل بتوقيع مراسيم وزارية تقضي بإعفاء كبار الضباط من الوزارات الامنية، وبالمصادفة البحتة كانوا جميعا ممن لا يدينون له بولاء مطلق، أو ممن.

 حملات الدهم والملاحقات اليومية أصبحت أسرع من أن تلاحقها، وسائل الإعلام، التي أخذت تهملها سواء بتعمد متفق عليه أو من ضجر تكرارها، وبطلان بريق خبرها العاجل! ولعل آخر هذه الملاحقات، هي التي حصلت يوم 13 نوفمبر، حينما قامت قوات أمنية بمداهمة عشرات المنازل في قضاء الزبير والاعتداء على سكانها بحثا عن الشيخ “عوض العبدان”. هل لأنه أزعج الحكومة الإيرانية بنشاطاته المعادية لوجودها بالعراق، بقيامه بحملات جماهيرية لمقاطعة بضائعها، مؤسساً لحركة تحرير الجنوب، مدافعا من الجنوب عن الوطن، أم لانه شهر صدره أمامها في احتلال بئر الفكة العراقي من قبل قواتها، تحت سكوت مطبق من الحكومة العراقية بزعامة المالكي طبعا، أم لتأجيجه جماهير الجنوب رفضا لزيارة رفسنجاني للبصرة ما اضطر الاخير، لتغيير مسار رحلته، أو ربما، لمناصبته العداء للقنصلية الايرانية، الحاكم بالامر بجنوب العراق، فإليها يحج الساسة الجدد برقاب متدلية من خزيها، لتلقي الاوامر، وكانت عقوبة الشيخ العبدان وترهيبا له، اختطاف ابنه، كوسيلة ضغط عليه لاجباره على الصمت، في بواكير شهر فبراير عام 2010، وخُير حينها بين النزوح من البصرة ، أو جز رقبة ابنه ليعود إليه بغير رأس!

وقيل إنه هجر الدار من حينها، فهو بين أخيار أديم الارض ومريديه، ويبدو أن معاداة الاستعمار الايراني قد أزعج المالكي المتصرف بأعمالها، ما حدا به، لإصدار أوامره، بتعقبه من بيت لبيت، واعتقاله مع أقاربه، أو من يؤويه، لذا أشيع الثبور بين أهالي منطقة الزبير، ففزت فرق المداهمات، ويدها على الزناد ملقية الذعر بقلوب الناس، ترفس الابواب، وتمرغ وجوه الرجال بالتراب، وتكشف ستر البيوت والحرائر، وتثير روع الصغار وعويلهم، فما لم تستطعه فرق الموت الايراني، ولا فيالق رعبها، ولم تتمكن منه، قوات الاحتلال البريطاني والامريكي، لابد أن تنجزه، فرق المالكي، وهي ليست إلا تهمة مروعة ضد أبناء الجنوب الملاحقين، فهم قد قالوا: إن الله ربي والعراق وطني، ولا بقاء لمحتل فيه! وبما أن تهمة التصدي للمحتل وسارق الارض والعرض خطيرة، وجب ملاحقة المتهم بالولاء للوطن وإحضاره تحت طائلة دولة القانون “حيا أو ميتا”.

واعجبي، حينما يصير البلد وأحراره غنيمة!

=====================

مسئولية الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل .. أفول الإمبراطورية وآفاق القضية الفلسطينية

بقلم والدن بيللو* و ريتشارد هيداران*

وكالة انتر بريس سيرفس

مانيلا, نوفمبر (آي بي إس)

جرحت القضية الفلسطينية ضمير العالم طيلة أكثر من نصف قرن، لتذكر الناس دائما وفي كل مكان بالفظائع الإمبريالية التي ترتكبها إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط وغيره. ومع ذلك، فلا يزال العالم ينتظر حلا عادلا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

والسؤال المطروح وسط كل اللقاءات والإجتماعات الجارية هو من -سوي "الأمبراطورية"- يحمل مسئولية هذه المأساة الإنسانية التي طال أمدها.

 

لقد قسّم المستعمرون الفرنسيون والبريطانيون إقليم الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ منفصلة علي مدي ال 200 سنة الأخيرة. ووضعت بريطانيا في أوائل القرن العشرين أسس صعود دولة "صهيونية" بشراكة فرنسا ومساعدتها العسكرية النشطة.

 

لقد كانت الولايات العقل المدبر لمولد دولة إسرائيل الإستعمارية في عام 1948حتي وإن كان ذلك قد جري تحت رعاية الأمم المتحدة. فلم يكن من الممكن أن ترتكب إسرائيل عمليات نهب الأراضي الصارخة خلال حرب 1967 أو حرب عام 1973 من دون دعم الولايات المتحدة غير المشروط لها.

 

وربما الأمر الأكثر إستحقاقا للإدانة هو إفلات إسرائيل من العقاب، رغم عملياتها العسكرية في فلسطي،ن بفضل الدعم الأعمى غير المشروط والثابت والعنيد الذي تتلقاه من الولايات المتحدة.

 

إنها ثقافة الإفلات من العقاب هذه هي ذاتها التي توّلد عمليات القصف المتهور لمنازل الفلسطينيين والمذابح التي راح ضحيتها أفراد أبرياء في لبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.

 

والحقيقة هي أن نفاق الإمبراطورية المتورطة في كل هذا هو نفاق حقير. فكيف يمكن للولايات المتحدة "الجبارة" و"الخّيرة" أن تتحدث عن 'دمقرطة' الشرق الأوسط من خلال غزوها لأفغانستان والعراق وغضها الطرف عن الجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها حليفتها الأيديولوجية الإقليمية إسرائيل؟.

 

لقد وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه الشهير في القاهرة بعهد جديد في علاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي.

 

وعلي الرغم من أن أوباما يعتبر، إنصافا له، واحدا من بين رؤساء أميركيين قليلين حقا ركزوا على عملية سلام فعلية برؤية تعد أكثر إيجابية تجاه المنطقة، إلا أن بلاغته وفصاحته لم تترجم إلى تغيير جوهري في الدعم العنيد والأهوج لإسرائيل.

 

فقد فشل البيت الابيض في ممارسة ضغوط دبلوماسية فعالة ومستدامة على المتشددين مثل نتنياهو وليبرمان وأعوانه الذين إستولوا على جهاز الدولة الإسرائيلية.

 

ومع ذلك، فيجب أن تترسخ آمالنا في العيش في عالم أكثر حرية وعدالة، في تطور مؤات ألا وهو تداعي الإمبراطورية الأمريكية المتغطرسة الضعيفة. فلقد كشفت الأزمة المالية العالمية النقاب عن مدي ضعف أسس الإقتصاد الأمريكي الحقيقية.

 

وعن الشرق الأوسط بالتحديد، فإن ما نشهده اليوم ليس مجرد إنخفاض تدريجي لقوة الولايات المتحدة، ولكن زيادة عزلة إسرائيل أيضا.

 

فيعتبر صعود المتشددين المناهضين لإسرائيل في إيران، وتصاعد السخط في ما يسمي "الشارع العربي" تجاه حكوماتهم الخنوعة، وظهور سياسة تركية أكثر حزما، تعتبر كلها أحداثا 'تؤشر إلي تغيير جذري في ميزان القوى في الشرق الأوسط.

 

هذا التداعي الأمريكي يخلق فراغا سياسيا إقليميا ضخما يجري شغله الآن، وبشكل متزايد، من قبل قوى إقليمية، ولاسيما إيران وتركيا بل وحتى في قطر، حتي وإن كانت قوي أخري كالهند قد إستعانت بسمعتها العالمية المتعالية الأهمية لتعزيز النفوذ الأميركي في المنطقة.

 

فقد شجع تفاقم الأزمة في فلسطين المحتلة، وحالة عدم الإستقرار في العراق وأفغانستان، وإنتشار القرصنة والإرهاب في المنطقة، شجع القوى الإقليمية علي التدخل وحسم المواقف حسب شروطها الخاصة بها والتي نأمل آن تكون بعيدة النظر وبناءة.

 

لقد أدركت هذه القوى الإقليمية أن الولايات المتحدة يمكن أن تغادر المنطقة بمجرد أن تتعقد المخارج المتاحة لها -كما حدث في حرب فيتنام- وذلك من أجل ترتيب الفوضى الضاربة في ديارها. من هنا يأتي منظور القوي الإقليمية لبناء أمنا أكثر إيجابية وإطارا لتسوية النزاعات بغية تحقيق الاستقرار والسلام العادل في المنطقة.

 

كذلك فمن سخريات القدر أن تصمت الولايات المتحدة تقريبا عن إنتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الأنظمة الإستبدادية العربية المتحالفة مثل مصر والمملكة العربية السعودية، في وقت تدعو فيه للديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق وأفغانستان أو في إيران.

 

هذا النفاق أحبط أعدادا متزايدة من الشباب العربي بل وحتى الطبقة المتوسطة المتعلمة، وأشعل تطرفهم ضد الولايات المتحدة، وغضبهم من إحجام الأنظمة العربية المستبدة عن مواجهة اسرائيل بشأن قضية فلسطين.

 

هذا وفي حين تقف الدول العربية بخنوع أمام إسرائيل، ظهر علي مسرح الأحداث لاعب جديد، حزب الله في لبنان، أفاق الأمل وألحق هزيمتين عسكريتين بإسرائيل، في عام 1992 مجبرا إياها على الإنسحاب من لبنان، ثم في صيف عام 2006 عندما هزم غزو قوات الجيش الإسرائيلي.

 

فجاء ذلك ليبعث الكبرياء العربية وليبين لإسرائيل أن المعادلة العسكرية آخذة في التغير وأن الأمل الوحيد لبقاء إسرائيل يكمن في إيجاد حل عادل وتفاوضي لقضية فلسطين.

 

ففي نهاية المطاف، سيساهم أفول الإمبراطورية، وعزلة إسرائيل المتزايدة، وبروز إيران وتركيا، وتنامي التشدد بين الشعوب العربية، ومقدم فاعلين جدد مثل حزب الله وحماس، كل هذا سيساهم في نقل المنطقة نحو حل عادل ودائم وطويل الأجل للصراع بين الإسرائيلي الفلسطيني.

 

ومع ذلك، فما لم يبدأ الرئيس أوباما في تطويع المتشددين في إسرائيل، فستكون فرص إيجاد حل عادل وسلمي غير واردة تقريبا علي الإطلاق.

 

هذه هي فرصة أوباما لإثبات أن بلاغته ليست مجرد "هواء ساخن" وإنما إلتزام حقيقي ببلوغ سلاما عادلا ودائما في المنطقة.

ــــــــ

*والدن بيللو عضو مجلس النواب الفليبيني عن حزب عمل المواطنين "أكبايان" وأحد كبار المحللين بمنظمة "التركيز على الجنوب العالمي"؛ *ريتشارد هيداران عالم سياسي وخبير في شؤون الشرق الأوسط.

(آي بي إس / 2010)

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ