ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الشرق
الاوسط 3-12-2010 واشنطن:
محمد علي صالح بلغ
اهتمام الأميركيين، سياسيين
وقانونيين وصحافيين، بنشر الوثائق
السرية لوزارتي الدفاع والخارجية في
موقع «ويكيليكس» في الإنترنت، أقصاه،
وتحولت الصدمة والحيرة، إلى بحث معمق
في كيفية التعامل مع الأزمة، التي وصفت
بأنها، مثل تسونامي، وأشبه بهجمات 11
سبتمبر (أيلول). وصدم العالم وهو يرى،
نحو نصف مليون برقية دبلوماسية،
أرسلها دبلوماسيون أميركيون إلى وزارة
الخارجية، تنشر على الملأ، وقد احتوت
على قضايا وأسرار مهمة وحساسة، وبعضها
تعرض بالتقريع لقادة العالم، مما وضع
الإدارة الأميركية في موقف لا يحسدها
عليه أحد. ربط
عدد من قادة الجناح المحافظ في الحزب
الجمهوري (حزب الشاي) بين هجمات 11
سبتمبر و«هجمات» الوثائق. وقالوا إن
الاثنتين تقعان تحت قائمة «الإرهاب»،
ومثلما تعاقب الحكومة الأميركية
المتطرفين «الذين خطفوا الإسلام»، يجب
أن تعاقب الصحافيين «الذين خطفوا
الصحافة». وربط عدد من علماء النفس بين
رد الفعل الأميركي على الهجومين.
وقالوا إن الأميركيين، عندما يتعرضون
لهجوم خارجي (لأنهم، عبر تاريخهم، لم
يتعرضوا كثيرا لهجمات داخلية)،
يتساهلون في تفسير الحرية (بداية بحرية
الصحافة). في
الجانب القانوني، قال وزير العدل،
اريك هولدر، إن الولايات المتحدة تجري
تحقيقا جنائيا و«ستحاكم أي شخص يثبت
أنه انتهك القوانين الأميركية». وأدان
تسريب الوثائق، وقال: «إنه يهدد أمن
البلاد، ويعرض للخطر أمننا القومي،
ويعرض الذين يخدمون هذا البلد سواء
دبلوماسيين أو استخباراتيين للخطر،
ويؤثر على العلاقات مع الحلفاء في شتى
أنحاء العالم». وبينما
يستمر البحث عن جوليان أسانج، مؤسس
ورئيس تحرير موقع «ويكيليكس»، أشار
مراقبون في واشنطن إلى أن الجندي
برادلي ماننغ هو الشخص الوحيد الذي
اعتقل. رغم مرور فترة طويلة على بداية
نشر «ويكيليكس» لوثائق وزارة الدفاع،
بداية بنشر شريط فيديو لقصف جوي أميركي
على مدنيين في العراق. وقالت صحف
أميركية إن ماننغ كان اعترف بأنه سرب
الوثائق العسكرية، لكن لم يقدم
البنتاغون ما يثبت ذلك، ولم يؤكد أو
ينف ذلك. غير أن ماننغ اعتقل لصلته
بتسريب فيديو الهجوم العسكري في
العراق، وليس مؤكدا إذا كان لاعتقاله
صلة بالوثائق. واتهمت
صحيفة «نيويورك بوست» إدارة الرئيس
أوباما بالتقصير، ليس فقط في كشف الذين
سربوا الوثائق، ولكن، أيضا، في عدم
معرفة تسريبات الجندي ماننغ قبل
حدوثها. خاصة أن ماننغ كان يكتب في
الإنترنت عن كراهيته للعمل العمل
العسكري منذ فترة طويلة قبل نشر فيديو
العراق، وقبل اعتقاله. كتب في يناير (كانون
الثاني) الماضي. على صفحة «فيس بوك»
الخاصة به: «برادلي ماننغ لا يريد هذه
الحرب. سيخسرون الكثير، وسيخسرون
سريعا جدا». وكتب في مايو (أيار): «برادلي
ماننغ مصاب الآن بإحساس قاتم بأنه لا
يقدر على أن يفعل أي شيء». وكتب في نفس
الشهر، بعد أيام قليلة، أنه غضب مع «صديقه»،
وفسر ذلك بأنه من المثليين الجنسيين،
ويبدو أنه وصديقه اختلفا. ويحقق
المحققون في كيفية وصول الوثائق من
ماننغ إلى أسانج. لكن، يبدو أن
التحقيقات تسير في بطء غير عادي. هل لأن
كلا من ماننغ وأسانج أذكى من المحققين؟
لماذا لا يوجد غير شخص واحد، ماننغ،
معتقل حتى الآن؟ ما هي التهمة التي
ستوجه إلى أسانج إذا اعتقل؟ وأين هو
الآن؟ نقلت
صحيفة «واشنطن بوست» عن مساعدين
سابقين لوزراء عدل، وعن قانونيين، أنه
لا يوجد قانون أميركي يعاقب موقعا في
الإنترنت. وأن القانون الوحيد ضد
التجسس يعود إلى سنة 1917. لكن، في وقت
لاحق، أعلنت المحكمة العليا (التي تفسر
الدستور) أن القانون غير دستوري لأنه
لا يفرق بين التجسس وحرية الرأي. وهناك
نقطة أخرى، وهي أن جنسية أسانج
الاسترالية تجعله قادرا على العودة
إلى استراليا، ولا توجد اتفاقية تبادل
مجرمين بين البلدين. بالإضافة إلى أن
حكومة استراليا لن تسلمه قبل أن توجه
له الحكومة الأميركية اتهاما محددا.
هذا إذا كان في استراليا. وأيضا، لا بد
أن يكون الاتهام جنائيا لاستعجال
إرساله إلى الولايات المتحدة، لأن
الاتهام المدني لا يعتبر ذا أهمية
كبيرة في تبادل المتهمين حسب القوانين
الدولية. رغم عدم وجود قوانين مدنية
أميركية عن معلومات الإنترنت. غير أن
بداية بحث «الإنتربول» (الشرطة
الدولية) لأسانج ضيقت الخناق عليه،
ورغم أن الموضوع له صلة بتهمة اغتصاب
فتاة سويدية كانت تساعده في «ويكيليكس»
عندما كان في السويد، صار واضحا أن هذا
زاد مشكلاته. وقال محامي أسانج
البريطاني (هل أسانج في بريطانيا؟) إن
الاستخبارات الأميركية تريد توريط
أسانج في تهمة اغتصاب الفتاة السويدية
لتشوه سمعته، حتى قبل موضوع تسريب
الوثائق الأميركية. وبينما
يشرع القانونيون الأميركيون في كيفية
معاقبة أسانج، وبينما تريد
الاستخبارات الأميركية توريطه (أو
ربما قتله)، ويهيج السياسيون
الأميركيون مثلما لم يهيجوا منذ هجوم 11
سبتمبر سنة 2001. انتقد الرئيس باراك
أوباما في شدة تسريب الوثائق، وقال: «وضعت
حياة كثير من الناس في خطر». وقال
المرشح الرئاسي السابق، مايك هاكابي: «الطرف
المذنب هنا يجب أن يواجه عقوبة الإعدام
لأنه وضع الأمن القومي في خطر بالغ».
وأضاف: «عرض حياة الأميركيين للخطر،
ودمر الثقة الدبلوماسية التي ستستغرق
عقودا لإعادة بنائها». وقال
بيل اورايلي، مقدم برنامج في تلفزيون «فوكس»
اليميني: «لقد حان الوقت لتصل يد
العدالة (إلى أسانج)، لاتهامه،
ومحاكمته بتهمة الخيانة، وإذا وجد أنه
مذنب، ينبغي إعدامه». وقالت ساره
بالين، من قادة الجناح اليميني في
الحزب الجمهوري عن أسانج: «إنه خائن،
إنه غير أميركي. إن يديه ملطختان بالدم».
وعلق صحافي ليبرالي: «تريد ساره بالين
مطاردة جوليان أسانج مثلما نطارد
أسامة بن لادن». وفي
كندا المجاورة، تحمس سياسي متطرف،
ودعا إلى قتل أسانج، حتى قبل اعتقاله
وقبل اتهامه وقبل محاكمته. وقال توم
فلاناغان في مقابلة تلفزيونية: «سأكون
سعيدا إذا اصطاده شخص ما بطريقة ما».
وأضاف: أعتقد أنه يجب أن يقتل. أعتقد أن
الرئيس أوباما يجب أن ينهي حياته
بطائرة «درون» (دون طيار)، أو بأي شيء».
وعلق مقدم البرنامج التلفزيوني: «أعتقد
أن هذه أول فتوى قتل تصدر في التلفزيون
منذ فتوى آية الله الخميني ضد الكاتب
البريطاني سلمان رشدي». (سنة 1989). وشمل
الغضب الأميركي أعضاء الكونغرس، خاصة
قادة الجناح اليميني في الحزب
الجمهوري (حزب الشاي) الذي أحرز
انتصارا كبيرا في انتخابات الكونغرس
التي أجريت الشهر الماضي. ولكن، رب
ضارة نافعة. قدم أعضاء في الكونغرس
مشروع قرار يمنع معاقبة موظفي الحكومة
الذين يشيرون إلى أعمال غير قانونية
داخل وزاراتهم ومصالحهم. هذا هو قانون
«ويسلبلوارا» (الذي يصفر بصفارة، مثل
حكم مباراة). وقال
النائب هنري واتسون (ولاية كاليفورنيا)
إن الهدف هو «تشجيع كشف الفساد والظلم
من الداخل، حتى لا نعطى فرصة للذين في
الخارج، مثل (ويكيليكس) ليفعلوا ما
فعلوا». في الماضي، كانت تهمة تسريب
أسرار حكومية تلصق بكل من يكشف وثيقة
حكومية. لهذا، يبدو أن السياسيين
الأميركيين استفادوا مما فعلت «ويكيليكس»
دون أن يعترفوا بذلك. لأنه صار واضحا أن
الشعب الأميركي، رغم أنه غير مرتاح
لكشف الوثائق الحكومية بهذه الطريقة،
لا يؤيد إخفاء معلومات هامة عنه. وهناك
الجانب الصحافي في الموضوع. وكما قال
زعيم في الجناح اليميني للحزب
الجمهوري (حزب الشاي) إن الإرهابيين
الذين نفذوا هجوم 11 سبتمبر «خطفوا
الإسلام»، مثلما أن الصحافي أسانج «خطف
الصحافة». وأشار
مراقبون في واشنطن إلى أن كثيرا من
الصحافيين الأميركيين المشهود لهم
بالنزاهة لم يتحمسوا لكشف وثائق
الخارجية الأميركية. ورغم أن كشف وثائق
حرب العراق وحرب أفغانستان لم يسبب
نقدا كثيرا، أو معارضة، وسط الصحافيين
الأميركيين الذين عارضوا الحربين، صار
واضحا أن كشف وثائق الخارجية
الأميركية وجد معارضة أو، على الأقل،
تململا ربما عند كل صحافي أميركي مشهور
بالنزاهة. وكتبت
مجلة «نيشن» الليبرالية أن الصحافيين
الأميركيين بدا وكأنهم نسوا حرية
الصحافة. وقالت: «تظل الحرية الصحافية
الأميركية تعتمد على التعديل الأول في
الدستور الأميركي (لا يصدر الكونغرس أي
قانون يحظر الحريات). وتظل الصحافة
الأميركية تتمتع بهذه الحرية كل هذه
السنوات. لماذا هذا الغضب على (ويكيليكس)؟
لا يجب على الشخص أن يؤيد ما فعل ليقول
إن كشف أخطاء الحكومة شيء مطلوب». رغم
أن موقع «أمازون» ليس موقعا صحافيا (يبيع
الكتب وغيرها)، ظل أيضا يعتمد على
الحرية الأميركية في نشر ما ينشر.
لكنه، أول من أمس، أعلن إغلاق موقعه في
وجهه موقع «ويكيليكس»، وكان يوفر له
منطلقا إلكترونيا. ورغم
أن مراقبين في واشنطن قالوا إن الشركة
التي تدير «أمازون» تعرضت لضغوط من
سياسيين في الكونغرس، مثل السناتور
جوزيف ليبرمان، رئيس لجنة أمن الوطن في
مجلس الشيوخ الأميركي، أصيب كثير من
المدافعين عن حرية الصحافة بخيبة أمل
لأن الشركة بدا وكأنها تسير في ركب
الحكومة التي تحاول خنق حرية «ويكيليكس». في
جانب آخر، قال ليبرمان: «سوف يكون
السؤال الذي يواجه شركة (أمازون)
وغيرها من مقدمي خدمة الإنترنت حول
علاقتها مع (ويكيليكس) لضمان عدم
استخدامهم خدماتها لتوزيع المعلومات
المسروقة، والمعلومات سرية». في
الجانب الآخر، قال د. ريان كالو، محاضر
في مركز جامعة ستانفورد للإنترنت
والمجتمع، إن قوانين الحريات في
الولايات المتحدة تحمي «أمازون»، الذي
من المرجح ألا تتعرض لأي ملاحقة محتملة
من قبل الحكومة. وأضاف: «ستكون سابقة
خطيرة لو أن شركات مثل (أمازون) صارت
تواجه حجرا على حرياتها لمجرد أن عضو
مجلس الشيوخ (يقصد السناتور ليبرمان)
هدد بتدخل الحكومة». يوم
الثلاثاء الماضي، نشرت مجلة «تايم»
مقابلة بين رئيس تحريرها وجوليان
أسانج (يعتقد أنها ستختاره «رجل العام»).
كانت فرصة بالنسبة للصحافي الأميركي
البارز ليعكس أحاسيس زملائه و«وطنه
يواجه عدوا جديدا». وكانت فرصة بالنسبة
لأسانج ليقول رأيه. نلتقط منها
المقتطفات الآتية: «تايم»:
ماذا تحس بعد ما حدث؟ «ويكيليكس»:
ما يحدث يفوق قدرتنا على فهمه. «تايم»:
ما نتائج ذلك على الحكومات
والدبلوماسيين؟ «ويكيليكس»:
أعجبني قول بنيامين نتنياهو، رئيس
وزراء إسرائيل، إن الحكام والسياسيين
يجب أن يتكلموا في العلن كما يتكلمون
في السر. «تايم»:
هل ما تفعلون يقود إلى عالم أقل حروبا
وأكثر سلاما؟ «ويكيليكس»:
عندما نعرف الحقائق نقدر على الوصول
أكثر من عندما نكتفي بمعرفة عبارات
دبلوماسية منمقة. «تايم»:
هنا، في أميركا، أعلنت وزارتا الدفاع
والخارجية فرض إجراءات جديدة لمنع
تسرب الأسرار في المستقبل. هل هذا ما
كنتم تريدون؟ «ويكيليكس»:
هذا شيء إيجابي. «تايم»:
كيف تقولون ذلك؟ «ويكيليكس»:
نحن لا نقدر على أن نجعل الحكام
والسياسيين صادقين ونزيهين. لكننا
نريد أن نضعهم أمام خيارين: هل يريدون
أن يكونوا صادقين ونزيهين، ويعلنوا
لشعوبهم ما يفعلون حقيقة؟ أم يريدون أن
يعيشوا في سرية وظلام؟ «تايم»:
هل هناك أي شيء سري في السياسة
والدبلوماسية؟ «ويكيليكس»:
نعم، سرية مصادر الأخبار، ولهذا، نحن
حريصون على حذف أسماء المصادر. لا
يهمنا الناس، يهمنا معرفة الحقيقة
والكذب. «تايم»:
تحدثت عن الخيارات أمام الحكام
والسياسيين. صار واضحا أن الشعب
الأميركي، بقدر ما سره أنك أعلنت
أسرارا يريد أن يعرفها، لا يؤيدك في
إيذاء الأمن الوطني الأميركي؟ «ويكيليكس»:
الشعب الأميركي أيضا أمام خيارين: هل
يكتفي بسماع الحكام والسياسيين
يتحدثون عن تضحيات الجنود الأميركيين
هنا وهناك فقط؟ أم هل يريد أن يعرف
حقيقة ما يرى هؤلاء الحكام والسياسيون
عندما يتقابلون سرا، ويتحاورون،
ويناورون، ويزايدون؟ «تايم»:
ما هو رأيك في تصريحات وزراء أميركيين
بأنك تهدد الأمن الأميركي؟ «ويكيليكس»:
نسمع هذا كل مرة يتعرض فيها وزير أو
مدير لإحراجات لأن الصحافيين نشروا
أشياء تؤذي سمعته وتتهمه بالكذب. «تايم»:
هل ارتكبت أي جريمة يجب أن تعاقب
عليها؟ «ويكيليكس»:
خلال أربع سنوات، لم ننشر شيئا سبب قتل
شخص. لكن الحكومات التي تنتقدنا تسببت
في قتل عشرات الآلاف من الناس، وفي
اعتقالهم ومطاردتهم والإساءة إليهم. صباح
أول من أمس، في مقابلة في إذاعة «دبليو
ام ايه ار» في واشنطن، تحدث ثلاثة
صحافيين عن الموضوع: قال
الأول: «أنا صحافي، طبعا، مع حرية
الصحافة. لكن، عندما يتعرض وطني إلى
الخطر، أين أقف؟» قال الثاني: «في عصر
الإنترنت، لم تعد الحروب تقتصر على
الدول والجيوش والأساطيل. هذه حرب
أفراد، كل واحد عنده (لاب توب) يقدر على
أن يعلن الحرب علينا». قال
الثالث: «ما فائدة حرية الولايات
المتحدة دون أمن الولايات المتحدة؟». وعندما
فتح المذيع ردود المستمعين بالتلفون،
اتصل واحد وقال: «نعرف حرية الولايات
المتحدة. إن الإنسان إما حر أو غير حر.
لكن، ما هو أمن الولايات المتحدة؟. متى
تكون الولايات المتحدة آمنة؟ ومتى لا
تكون؟». ======================= الردّ
المطلوب على الابتزاز الإسرائيلي! الإثنين,
06 ديسيمبر 2010 عرفان
نظام الدين * الحياة مهما
حاول العطّار الأميركي باراك أوباما،
ومهما أخذ وأعطى، فإنه لن يفلح في
إصلاح ما أفسده الإسرائيليون خلال
أكثر من 60 عاماً، تمادوا خلالها في
تخريب السلام حتى بلغوا ذروة الإجرام
خلال السنوات الأخيرة. فلا
الإغراءات، ولا الضمانات الخطية، ولا
عروض الترغيب المتمادية وهمسات
الترهيب الخافتة والخجولة، يمكن أن
تغيِّر ما في العقل الصهيوني المجبول
بالمكر والخبث والمناورة واللفّ
والدوران والتآمر والنهم في التهام
المزيد من الأراضي وانتهاك المزيد من
الحقوق المشروعة. فهذا
العقل الشرير، المتمثل في شخصية «تاجر
البندقية» لشكسبير، لا يعرف الشبع ولا
الارتواء، ولا يتنازل عن جشعه ومطامعه
وضربه بكل القيم والشرائع والقوانين
والحقوق عرض الحائط، فهو يأخذ ويطالب،
ويضم ويخطط لمرحلة ضم تالية، ويهوّد
ويبني مستعمرات أخرى لتهويد أراض
إضافية، ويتوسع ثم يرسم خرائط مخططات
التوسيع المستقبلية، فكلما قلتَ له خذ
قال هاتِ، وكلما قدمتَ له تنازلاً طلب
تنازلات أخرى، مع شروط جديدة، من دون
أن يقدم أي تنازل، شكلي أو صوري. كل هذا
معروف وواضح وجلي لكل من يتابع مجريات
الأحداث في المنطقة منذ نكبة فلسطين
وقيام دولة إسرائيل عام 1948، ولا أعتقد
ان قادة العالم، والولايات المتحدة
بالذات، لا يدركون ذلك ولا يفهمون
خفايا المواقف الإسرائيلية التي تحولت
إلى حقائق دامغة وأساليب مكشوفة لا
تخفى على أحد، لأنها لا تحتاج الى شرح
أو تفسير أو تبرير. لكن
المشكلة الحقيقية تكمن في الإدارات
الأميركية المتوالية، وفي السياسات
المائعة، والهروب من مواجهة الواقع،
ليس لمصلحة العرب، ولا من أجل عيون
الشعب الفلسطيني، بل من أجل مصالح
الولايات المتحدة الحيوية، ولأجل عيون
الشعب الأميركي الرازح تحت نير
الأزمات الاقتصادية والمنصاع لرغبات
الطمع الصهيوني التي لا حدود لها،
والساكت عن «الخُوّة» المفروضة عليه
كل عام لدفعها إلى إسرائيل من دون أي
وجه حق، وعلى حساب لقمة عيش الطفل
الاميركي المغلوب على أمره. أكثر من
تريليون دولار صُرفت على إسرائيل،
وأكثر منها خسرتها أميركا، بسبب عدم
حسم أمورها وفرض إرادة السلام وتطبيق
قرارات الشرعية الدولية ووضع حدّ
للاحتلال الصهيوني لفلسطين والأراضي
العربية الأخرى وإعادة الحقوق الشرعية
للشعب الفلسطيني المشرد والمحكوم
بالحديد والنار والظلم والجور. ورغم
هذه الحقائق الجليَّة استمرت دوامة
المواقف المائعة، وتواصلت فصول
المسرحية الهزلية المضحكة – المبكية:
جهود أميركية للحل تقابَل بطلب
تنازلات من العرب والفلسطينيين،
وبتعنت إسرائيلي وضغوط على الإدارة
وشن حملة شعواء من شقين: إضعاف الرئيس
وإرهاب الداعين إلى حل الأزمة وتكبيل
أيدي الساعين إلى السلام، ثم فرض شروط
قاسية ومطالب تعجيزية، وفق عملية
ابتزاز دائمة تهدف إلى استغلال الموقف
للحصول على مزيد من الأموال والضمانات
والأسلحة والطائرات. وكان
يتردد من قبل أن إسرائيل هي الطفل
المدلل للولايات المتحدة بسبب الرضوخ
لمطالبها وشروطها وعدم معاقبتها على
جرائمها، إلا ان التجارب علمتنا أن هذا
الطفل يختفي وراء وحش كاسر يسيطر على
مفاصل السياسة والإدارة والكونغرس
والإعلام والمال ويتحكم بمراكز القرار. فرغم
الانتقادات الموجَّهة للإدارة
الأميركية، فإنه لا بد من الاعتراف
بأنها حاولت مراراً وتكراراً الخروج
من النفق المظلم واجتراح حلول للأزمة
ومحاولة إحلال السلام، من مبادرات
نيكسون وفورد وكارتر، إلى ريغان وبوش
الأب وكلينتون، وحتى بوش الابن، الذي
كان أول من أعلن تأييد قيام دولة
فلسطينية مستقلة، لكن زلزال 11 أيلول (سبتمبر)
نسف مبادرته فجرى ما جرى في العراق
وأفغانستان وفلسطين والعالم، الذي
تحول عن القضية إلى حرب وهمية على
الإرهاب. وكل من
تابع الرئيس أوباما في سنتي حكمه يعترف
بأنه حاول تحريك الجمود وكسر الجليد
لاستئناف المفاوضات الفلسطينية
الاسرائيلية، لكنه كان خجولاً في
تحركاته، مقيَّداً في قدرته على اتخاذ
القرارات الحاسمة، مكبَّلاً من داخل
إدارته وخارجها، في الكونغرس وغيره،
إلى أن جاءت الانتخابات النصفية لتوجه
إليه وإلى جهوده ضربة موجعة شلَّت
حركته وضغطت على إدارته بعد سيطرة
الجمهوريين بجناحهم المحافظ المؤيد
لإسرائيل على مجلس النواب وقرارات
الكونغرس. هذا الواقع يخفف من صرخات
لوم أوباما نفسه ويدعو البعض الى
الدعوة لمساعدته وتسهيل مهمته بالقبول
باستئناف المفاوضات رغم الصلف
الإسرائيلي والتعنت في التوسع
الاستعماري الاستيطاني، وهو ما حدث
فعلاً خلال مهلة العام ثم الأشهر
الثلاثة والشهر الإضافي، وأخيراً طلب
مهلة الثلاثة أشهر الإضافية. إلا ان
مجريات الأمور لا تبشِّر بالخير، لأن
إسرائيل لن تتراجع عن تعنتها
ومؤامراتها، لا في ثلاثة أعوام ولا حتى
في ثلاثة قرون، وهذا ما كان يجب على
الإدارة الأميركية أن تدركه قبل إعطاء
صيغة الضمانات، أو صفقة التخاذل
الخطية التي حصلت إسرائيل بموجبها على
ما تريد: بالنسبة للاستيطان في القدس،
ويهودية الدولة، ومساعدات مالية،
وصفقة طائرات «أف 35» بقيمة 3 بلايين
دولار، وعدم مطالبتها بوقف الاستيطان
بعد انتهاء المهلة، وشروط وإغراءات
أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. ويحاول
نتانياهو خداع العالم، أو
الإسرائيليين بالذات، عبر الإيحاء
بأنه نجح في ابتزاز الولايات المتحدة
وحصل منها على كل شيء مقابل لا شيء، سوى
90 يوماً تنتهي بلمح البصر، ثم الزعم
بأن السلام لا يمكن أن يتحقق قبل مضي
فترة انتقالية تمتد عشر سنوات تقام
خلالها دولة فلسطينية بحدود موقتة، مع
تأجيل ملفّي القدس واللاجئين والحدود
واستئجار غور الأردن لمدة 40 عاماً، مما
يعني حكماً إكمال فصول المؤامرة
والسيطرة على كامل أراضي فلسطين
وتهويد القدس وإنهاء حق العودة. ولا
تملك الولايات المتحدة في المقابل
سلاحاً في يدها لمعاقبة إسرائيل في حال
النكوص بتعهداتها بعد منحها الضمانات
الخطية، لأن اللوم سيقع على الجانب
الفلسطيني في حال رفضه المضي في هذه
المهزلة، والمعلن الوحيد هو التلميح
بترك إسرائيل تدبر نفسها بيدها وتواجه
قرارات الهيئات الدولية، وعدم استخدام
الفيتو في مجلس الأمن في وجه أي قرار
يدينها رغم حرص إسرائيل على الحصول على
تعهد أميركي باستخدام الفيتو في حال
صدور قرار الاعتراف بالدولة
الفلسطينية المستقلة. والرد
المطلوب على هذه المؤامرة الجديدة لا
بد أن يأتي من الفلسطينيين أولاً، وذلك
بأخذ جانب الحذر في أي قرار، واتِّباع
أسلوب العدو في استخدام عبارة «نعم
ولكن»، أي المطالبة بضمانات أميركية
خطية مماثلة لتلك الإسرائيلية، تتعلق
ب: الحدود، وإقامة الدولة على حدود 1967،
وتطبيق قرارات الشرعية الدولية
بالنسبة الى حق العودة، والعاصمة
القدس الشريف. ويجب إتمام المصالحة
الفلسطينية وتوحيد الصفوف وإنهاء
الانقسام بين الضفة وغزة. أما
الرد المطلوب عربياً، فهو تشجيع
الوحدة الفلسطينية وجمع «فتح» و»حماس»
وكافة الفصائل، ودعم الشعب الفلسطيني،
ثم توحيد الصف العربي والتوجه إلى
الولايات المتحدة والعالم بموقف موحد
يتمسك بالمبادرة العربية وقرارات
الشرعية الدولية ومرجعية مدريد ومبدأ
الأرض مقابل السلام من جهة، والتأكيد
على أن أي مماطلة أو مناورة أو فشل في
إحلال السلام ستقابل بموقف حاسم وحازم
بسحب أي اعتراف بإسرائيل ووقف
المفاوضات معها ووضع كل الأطراف أمام
مسؤولياتها مهما كان الثمن. فكفى
تنازلات، وكفى مناورات ابتزاز، وكفى
إدمان تخاذل ولامبالاة، وكفى مماطلة
لكسب الوقت ومناورات وعمليات إلهاء،
عبر ترديد مزاعم عن صراع داخلي وتغيير
حكومي إسرائيلي وشيك يقضي بضم حزب «كاديما»
الى حكومة نتانياهو المتآمرة. وحذارِ
من التهاون والتأخير، وحذارِ من
الاستسلام للأمر الواقع، خاصة ان
إدارة أوباما تترنح من الضربات
الصهيونية، وهي على عتبة الإعداد
لمعركة تجديد ولاية الرئيس. *
كاتب عربي ======================= د.
بثينة شعبان الرأي
العام 6-12-2010 لغز
محيّر للكثيرين من المعلّقين
والمحللين السياسيين في أنحاء العالم
أحدثه بركان الوثائق بالغة السرية
المتسربة من كواليس وزارتي الدفاع
والخارجية الأميركية، البركان الذي
أطلقه موقع «ويكيليكس» من خلال نشره
مئات الآلاف من الوثائق والبرقيات،
والمعلومات السرية المتعلقة في القسم
الأكبر منها بمنطقة الشرق الأوسط، وما
جرى في هذه المنطقة خلال العقد الماضي
من حروب على العراق، وأفغانستان،
ولبنان، وغزة، شنتها الولايات المتحدة
وذراعها العسكرية الموجهة منذ عقود ضد
العرب، وكذلك عمليات زعزعة استقرار
البلدان العربية وإضعافها بالقواعد
العسكرية، وامتصاص السيولة النقدية
منها بذرائع مختلفة، وصولاً لاغتيال
شخصيات محورية في لبنان، لتحقيق أغراض
سياسية وغير ذلك الكثير نراه الآن يوضع
على موقع «ويكيليكس»! لماذا، وكيف؟ سارعت
محطات التلفزة لإجراء مقابلات مع صاحب
الموقع جوليان اسانج، هذا اللغز
الآخر، فمن جهة يحصل على كل هذه
الوثائق دون عناء ظاهر، ومن جهة أخرى
يتمّ تدبير تهمة اغتصاب له في السويد،
الأمر الذي جعل القضية أكثر إثارة
للرأي العام في المنطقة والعالم، فهل
الملاحقة الجنائية لأسانج تهدف للقول
ان التسريب غير مسيطر عليه! وبعد
أن تلقى أسانج تهديدات، وطلب اللجوء
إلى سويسرا، كشف موقعه عن عشرات الآلاف
من برقيات سرية أخرى تمّ تبادلها بين
السفارات الأميركية في منطقة الشرق
الأوسط ووزارة الخارجية الأميركية، أو
بين وزارة الخارجية ومسؤولين عرب، أو
بين مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين
عرباً، وكان الموضوع الطاغي في هذه
البرقيات، هو التلاقي بين آراء بعض
المسؤولين العرب والإسرائيليين بما
يتعلق بإيران، والتركيز في هذه
الوثائق على أن الخوف من إيران، ليس
مقتصراً على إسرائيل، بل إن عدداً من
زعماء الدول العربية يشارك إسرائيل
هذا الخوف ويدعو إلى وضع حدّ للطاقة
النووية الإيرانية. فهل المطلوب هنا أن
نطبق مقولة «عدو عدوي صديقي؟» واللافت
في هذا الموضوع، هو أن معظم السفارات
الأميركية في المنطقة، قد سربت محاضر
جلساتٍ وأخباراً تهدف في مجملها إلى
تشويه صورة العرب، حتى على لسان بعض
مسؤوليهم من خلال تأكيدهم على أن تكون
الدولة الفلسطينية «منزوعة السلاح
ودون سيطرة على مجالها الجوّي ومن دون
قدرة الدخول في معاهدات مع أطراف آخرين
أو السيطرة على حدودها» (انظر مقال
روبرت فيسك جريدة «الإندبندنت»
البريطانية، 30 نوفمبر 2010). كما
تحتوي الوثائق على نفي ثمين ل «تقرير
غولدستون»، الذي أصدره هذا القاضي
اليهودي حول جرائم الحرب التي
ارتكبتها إسرائيل في حربها الأخيرة
على غزة من قبل الجنرال الاحتياطي آموس
جيلاد، والذي يلحق الجرائم بأكاذيب
إسرائيلية تُضاف إلى سجلهم الحافل
بالأكاذيب والتضليل. لا بل إن
التسريبات تقذف بدخانها أكثر من ذلك،
لتصف نتنياهو على لسان بعض القادة
العرب بأنه «جذاب وأنيق». كما أن
المبعوث الإسرائيلي إلى إحدى الدول
العربية يقول ان زعيمها «لديه رؤية
استراتيجية للمنطقة قريبة بشكل لافت
من الرؤية الإسرائيلية» (المقال
السابق نفسه). السؤال هو كيف يمكن
لسفراء الولايات المتحدة في دول عدة أن
يسربوا مئات الآلاف من الوثائق
السرية، والبرقيات بالغة الأهمية إلى
جهة تدّعي حكومتهم أنها خصم لها دون أن
تثير أي تساؤل أو قضية ضد هؤلاء
السفراء، ودون أن تحاسبهم على إخلالهم
بأمانتهم الوظيفية؟ والسؤال
الثاني هو لماذا لم نقرأ تسريبات ضد
جرائم جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)
المعروف بعمليات الاغتيال والتعذيب
التي يرتكبها ضد قادة ونشطاء الشعب
الفلسطيني الأعزل، والتي تشير كل
الدلائل إلى تورطه باغتيال الشخصيات
السياسية اللبنانية لتحقيق أهداف
إسرائيلية معروفة ومعلنة، بل إن ما
قرأناه من إيجازات عن هذه التسريبات
يتجنب النيل من إسرائيل وجرائمها، بل
يعمد إلى تسليط الضوء الساطع على «أن
إسرائيل ليست وحيدة في رؤيتها
للمنطقة، بل ان الكثيرين من زعماء
العرب أنفسهم يشاطرونها الرؤية،
والهدف، ويعملون في السرّ مع الإدارة
الأميركية لتحقيق ذلك، ولكنهم، وبسبب
أوضاعهم في سدة الحكم، وبسبب الظروف
القائمة بين العرب وإسرائيل، غير
قادرين على الإفصاح عن ذلك، فهم يقولون
في العلن مالا يفعلون في السر». فهل أتت
هذه الوثائق كي تجبرهم على القول علنا
ما يقولونه لأعداء أمتهم سراً، أم هي
محاولة مدروسة ضمن مخطط أميركي
إسرائيلي لإعداد الرأي العام العربي
كي يتقبل بعدها التعامل العلني مع
العدو من قبل البعض من زعمائه، بدلاً
من تعاملهم السري الحالي؟ ما
كشفته الوثائق «السرية» من لغز مفاده
أن الولايات المتحدة لا تدعم عملياً،
وليس بالتصريحات الرسمية،
الديموقراطية ولا الحرية في منطقة
الشرق الأوسط، ومثال تدميرها
للديموقراطية الفلسطينية مايزال
حياً، مذاع وعلني والجميع يعرف ذلك،
وما كشفته الوثائق من تعذيب للسجناء،
وخرق لحقوق الإنسان أيضاً، أمور أصبح
يعرفها القاصي والداني، ولكنّ الجديد
في الموضوع، والذي ربما ٍيقف وراء
إطلاق هذا الموقع الجديد لكل هذه
الوثائق، هو لإظهار واقع جديد في قلب
العالم العربي، يكشف عن مدى الدعم الذي
تحظى به إسرائيل واستراتيجيتها،
وسياساتها، ورغم كل جرائمها ضد العرب،
حتى بين زعماء العرب السياسيين أنفسهم. لقد
غطى الحديث الإعلامي في العالم برمته
عن تسريب هذه الوثائق يوم التضامن
العالمي مع الشعب الفلسطيني والذي
يصادف 29 /11 من كلّ عام، كما أن نشر هذه
الوثائق تزامن مع اعتقالات، وتهديدات،
وسياسات عنصرية جديدة، تطول المدنيين
الفلسطينيين، ومرّت تصريحات ليبرمان
بأن كلمة «تجميد الاستيطان «يجب حذفها
من المصطلحات الإسرائيلية دون أن
يلحظها الكثير من السياسيين العرب،
وعادت إسرائيل لاعتقال الأعضاء
المنتخبين في البرلمان الفلسطيني،
بالإضافة إلى الجرائم الإسرائيلية
الشنيعة المرتكبة ضد أطفال فلسطين (انظر
«هآرتس» 1 /12 /2010 بقلم آفي إيساشروف)
والذي يتحدث عن معاناة الأطفال على يد
جلادي الشرطة الإسرائيلية، والتي يجب
أن يندى لها جبين الإنسانية، وليس
التاريخ اليهودي وحسب، دون أن تحظى هذه
المعاناة بأي مساحة في أي وسيلة من
وسائل الإعلام الغربي، ولا حتى
العربي؟ ليس
الهدف من هذه المقاربة، هو التشكيك فقط
في نوايا وأعمال من كشف عن هذه
الوثائق، فقد يكون هدفه ربما، كشف أحد
أوجه المعاناة الإنسانية في العراق،
أو «غوانتانامو»، أو غيرها، ولكن
المآل الذي آلت إليه هذه الممارسة
والتعاون المريب للجهات الديبلوماسية
الأميركية معها، وتبرئة إسرائيل من
جرائمها الشنيعة بشكل غريب، وغير
مفهوم في خضم عملية النشر والكشف هذه،
لهو أمر يدعو إلى الاستغراب ويطرح أكثر
من إشارة استفهام. كما أن التركيز على
تسليط الأضواء على مواقف مفترضة لبعض
الزعماء العرب من إيران، ومقارنة هذه
المواقف مع الموقف الإسرائيلي، والكشف
أيضاً عن التعاون السري المفترض قيامه
بين دول عربية مهمة والولايات المتحدة
وإسرائيل، أمور تدعو إلى التساؤل عن
هدف هذه العملية برمتها. إذ هل الهدف
منها هو الكشف عن الحقيقة عبر نشر
الوثائق، أم إظهار واقع جديد إلى
العلن، يصبح محطة ينطلق منها الراغبون
في الاستمرار بهذا التوجه ولكن دون
إحراج بعد اليوم، لأن ما كان يتمّ في
السرّ سوف يتم في العلن بعد اليوم.
أوليس هذا ما تسعى إليه إسرائيل منذ
أعوام، وما يسعى إليه أيضاً بعض
المتعاونين مع العدو حتى وهو لايزال
يحتل الأراضي العربية، وينكّل بالشعب
الفلسطيني، ويهدد بأسلحته الذرية
الدول العربية كلها من المغرب إلى
البحرين، وصواريخه، وغواصاته،
وطائراته قادرة على حمل قنابله الذرية
التي تستطيع أن تصل إلى كل العواصم
والمدن العربية. إذا
كانت الأمور تقاس بنتائجها، فإن نتائج
تسريبات «ويكيليكس»، لم تقدم للعرب،
أو الفلسطينيين، أي إضاءة على الجرائم
الإسرائيلية التي ترتكب ضدهم، ولم
تحرك هذا الصراع إنشاً واحداً باتجاه
إحلال العدالة لشعب فلسطين المقهور
والمحروم من الحرية، والديموقراطية،
وحقوق الإنسان، وهو شعب أصلي يضطهد
علناً منذ أكثر من ستة عقود على أرضه،
ويعاني ما عانت منه الشعوب الأصلية من
تطهير عرقي في القارات الأخرى. بعد
كلّ حجم الإعلام الذي يغفل إغفالاً
مطلقاً معاناة شعب فلسطين التي تمرّ
على ضمائر الإنسانية دون أن تقلقها أو
تسبب حركتها المنتظرة نحو تحقيق
العدالة تأتي الآن مئات الآلاف من
وثائق ويكيليكس لتغفل إغفالاً مطلقاً
جرائم إسرائيل ضد هذا الشعب، لا بل
ولتثبت أن رؤية هذا الكيان للمنطقة
ومستقبلها هي رؤية يشاطره إياها كثير
من زعماء العرب الذين لم يكونوا
يتجرؤون لحدّ الآن على الإعلان عن
دعمهم لإسرائيل ضد أمتهم، فهل أتت هذه
العملية الممسرحة لتنقل الصراع خطوة
أخرى ضد الحق العربي، ولصالح إسرائيل
التي لاتزال تحتل أرض العرب وتبتلع
حقوقهم. المستشارة
السياسية والإعلامية في رئاسة
الجمهورية العربية السورية ======================= آخر
تحديث:الاثنين ,06/12/2010 عبد
الاله بلقزيز الخليج أياً
تكن معاناة الدولة الوطنية القائمة مع
سيل الاعتراضات الداخلية على شرعيتها،
من النوع الايديولوجي السياسي كانت أم
من نوع الفعل السياسي المادي، فإن أكثر
ما يمتحن شرعية وجودها في الحاضر وفي
المستقبل إنما هو ما يأتيها من مصادر
تهديد خارجية . وأبلغ هذه المصادر
تأثيراً وخطراً نظام العولمة البحارية
منذ مطالع العقد الأخير من القرن
الماضي وما تلقيه مفاعيله من نتائج
بالغة الأثر المدمر في استقلال
الكيانات الوطنية في قسم عظيم من
العالم غير المشارك في صناعة حقائقها
الاقتصادية والسياسية، وفي جملته
العالم العربي . أخص
خصائص نظام العولمة ميله إلى التوحيد
القسري للعالم بما هو دينامية موضوعية
دافعة يفرضها تطور النظام الرأسمالي
العالمي في طوره الجديد . وأميز ما يسم
هذا الطور الجديد من تطوره هو توسعيته
السلعية على مدى أسقط الحدود القومية
الموروثة وأسقط نظمها الحمائية
التقليدية، على نحو ما تفرضه اليوم نظم
العلاقات الاقتصادية والمبادلات
التجارية كما ترسمها الأحكام الخاصة
بمنظمة التجارة الدولية . وليست هذه
التوسعية نفسها سوى الثمرة الموضوعية
لوحدة مؤسسات الإنتاج على الصعيد
العالمي وخروجها من نطاقاتها القومية
التقليدية من طريق عمليات الاندماج
بينها لتعظيم الإنتاج وتعظيم فرص
المنافسة . وقد يكون ذلك كله من ثمار
ثورة ثقافية معاصرة يسرت من فرصة دخول
منافسين جدد مجال الإنتاج والاستثمار
والصراع على الأسواق . أضعفت
العولمة الدولة الوطنية في أخص خصائص
وجودها وقوتها: السيادة . وثمة وجوه
أربعة من إضعاف تلك السيادة يحسن
بالباحث أن يتوقف عندها بياناً
لمخاطرها على مستقبل وجود الدولة
الوطنية، خاصة في المجال العربي
المعاصر: * أول
وجوه الإضعاف تلك يقع في ميدان السيادة
الاقتصادية والقرار الاقتصادي الوطني
بوصفه الترجمة المادية لتلك السيادة .
تزحف العولمة اقتصادياً خارج نطاق
حدود الميتروبولات الرأسمالية التي
نشأت في فضاءاتها، محطمة الأسوار
القومية الحمائية من دون إدماج
الهوامش والأطراف في المراكز، وتمتيع
اقتصادها من الاستفادة من فرص
الاستثمار والتنمية التي تفتحها (تلك
العولمة) . إن فعلها وحيد الجانب
والاتجاه: من المركز إلى الأطراف . وهو
فعل استباحة كاملة للمجال الاقتصاي
للدولة الوطنية، من طريق الغزو السلعي
غير المقيد بقيود تحمي الصناعات
الوطنية المتواضعة والقطاع الزراعي .
في المقابل، لا تضع سياسات العولمة لدى
الدول الكبرى في حسبانها تشجيع قطاعات
الإنتاج في بلدان الجنوب على التأهيل
الذاتي بحوافز مادية . والنتيجة أن
اقتصادات هذه البلدان تتعرض للتدمير،
ودولها تفقد السيطرة على القرار
الاقتصادي، لترتفع معدلات التبعية
الاقتصادية في شروط أسوأ من الماضي حيث
فرص التنمية تتضاءل، والاستثمارات
الأجنبية تشح، وفرص تصدير المنتوج
الوطني تضمحل . لا غرابة في أن يكون
عنوان فقدان السيادة الاقتصادية اليوم
هو فقدان الأمن الغذائي، إذ الغذاء
وتوفيره هما أظهر مظاهر السيادة التي
تحمي القرار الوطني . *
وثاني وجوه الإضعاف تلك يقع في مجال
السيادة السياسية . من النافل القول إن
بعض أسباب فقدان السيادة السياسية
واستقلالية القرار الوطني إنما يجد
سببه في فقدان السيادة الاقتصادية،
وخضوع الدولة لإملاءات الدول الكبرى
والبنوك الدولية وجهات الإقراض كافة،
واضطرارها لتنفيذ التوصيات المفروضة
عليها لسداد ديونها وتحقيق التوازن
المالي، ولو على حساب الحقوق
الاجتماعية للمواطنين . غير أن بعض
أسباب فقدان هذه السيادة التشريعات
الدولية الجديدة التي أصبحت تسوغ “حق
التدخل” لأسباب إنسانية، وتشدد على أن
مرجعية أحكام القانون الدولي أعلى
وأولى من منظومة القوانين الوطنية .
لقد حصل شيء من ذلك في العراق، قبل
غزوه، بدعوى حماية حقوق الأقليات،
ويحدث اليوم شبيهه في السودان . وتكاد
الدولة اليوم لا تملك أن تتخذ قرارات
سياسية حرة في شؤونها الداخلية
والخارجية ما لم تحظ قراراتها تلك برضا
القوى الدولية الكبرى . *
وثالث وجوه الإضعاف يقع في مجال
السيادة الأمنية والأمن القومي . صور
ذلك الإضعاف متعددة، من استباحة الأمن
بالأساطيل والحروب إلى فرض الرقابة
على التسلح من مصادر غير أمريكية
وأوروبية، إلى التسليح الغربي المشروط
للجيوش العربية، إلى التدخل في نوع
الانتشار العسكري المطلوب للقوات على
حدود أية دولة . . إلخ . وكل ذلك يجري تحت
عنوان حفظ السلم والأمن الدوليين،
وعدم الإخلال بالتوازن الإقليمي: وهو
الاسم الحركي المستعار لضمان التفوق
العسكري “الإسرائيلي” المطلق على
الدول العربية كافة . * أما
رابع وجوه ذلك الإضعاف، فمجاله
السيادة الثقافية والقيمية . وهي تعرضت
لكسر حاد في امتداد زحف النظام الثقافي
والقيمي المعولم محمولاً في ركاب
الثورة الإعلامية والمعلوماتية
الجديدة . والمشكلة في هذا الوجه من
فقدان السيادة ليست في أن اتصالاً حصل
بين منظومات الثقافة والقيم في
مجتمعاتنا ونظيرتها في مجتمعات الغرب
والعالم، ذلك لأن مثل ذلك الاتصال لم
يكد يتوقف منذ بدأ قبل قرنين، ولا في أن
اختلالاً في التوازن نجم من ذلك
الاتصال لمصلحة المنظومات الوافدة،
لأن مثل ذلك الاختلال مما بات في حكم
المألوف منذ قرن ويزيد، وأمكن من طريقه
استيعاب بعض قيم الحداثة في الثقافة
والفكر والاجتماع، وإنما المشكلة في
أن هذا الوافد الجديد من القيم
الثقافية والجمالية والاجتماعية
استهلاكي وسطحي وتنميطي، بل ومعاكس
لكل قيم الحداثة والإبداع التي أنتجها
الغرب منذ عهد النهضة قبل خمسمئة عام
تقريباً . لم تعد الأسرة والمدرسة هما
مصادر توليد النظام القيمي الاجتماعي،
وإنما الفضائيات الأجنبية (فضائيات
المتعة الغرائزية الافتراضية و”الفنية”)
والإنترنت هي المصادر الجديدة لتوليد
القيم وتصنيع الأذواق والمعايير . وتلك
حالة قصوى من حالات انهيار السيادة
الثقافية في عهد العولمة . ======================= بقلم
:روبرت رايش البيان 6-12-2010 دعونا
نعلّق الآمال على أن يصرّ الرئيس
الأميركي باراك أوباما على موقفه بعدم
مدّ النطاق الزمني للتخفيضات الضريبية
من عهد بوش للأميركيين الأكثر ثراء،
وهم ليسوا بحاجة إليها، ولا
يستحقونها، ولن يساعدوا الاقتصاد إذا
حصلوا عليها. ولكن
بدلاً من تقليص التمديد المقترح لمن
تصل دخولهم إلى 250 ألف دولار (الذين
يشكلون 98% من الأميركيين)، ينبغي عليه
أن يقدمها لمن يقل دخلهم عن 500 ألف
دولار (أساسا يشكّلون 99%)، لمدة عامين.حدث
الانفجار الحقيقي للدخل والثروة في
أميركا في نسبة ال 1 ، الأعلى دخلاً من
سكانها. وخلال
الفترة ما بين عامي 2002 و2007، نمت نسبة ال
99% من الدخول بمعدل 3,1% سنوياً بالقيم
الحقيقية، بينما زادت إيرادات فئة ال 1%
الاعلى بنسبة 10% سنوياً. وخلال هذه
السنوات، شكلت ال 1% ثلثي النمو في
الدخل. وعلى
مدى العقود الثلاثة الماضية ، تضاعفت
حصة ال 1% الأعلى من الدخل القومي
الأميركي.لذلك فلا يوجد مبرر يقضي
بضرورة الاستمرار في تخفيض الضريبة
التي أقرت من عهد بوش بالنسبة ل 1%
الأعلى . وتنفق نسبة ال 1% نسبة أقل
بكثير من دخلها مقارنة مع باقي
الأميركيين. وهذا يعني أن هناك القدر
القليل جداً من الحوافز الاقتصادية في
هذه الفئات العليا. إن
مسألة منحهم تمديداً لمدة سنتين سوف
تكلف الخزانة 130 مليار دولار على مدى
سنتين، مما سيحدث فجوة عملاقة في
الجهود الرامية إلى السيطرة على العجز. وهذه
ال 130 مليار دولار ستكون كافية لإعادة
توظيف المدرسين ورجال الإطفاء وضباط
الشرطة الذين تم تسريحهم من العمل على
مدى العامين الماضيين، وتوفر لكل منهم
فرص العمل التي يجري الآن تفتيتها. ولا
تكمن أهمية هؤلاء الناس في أمننا
ومستقبل أطفالنا فحسب، بل إنهم بخلاف
نسبة ال 1%، يمكن أن يتوقع أنهم ينفقون
كل إيراداتهم ، ومن ثم يساهمون في حفز
الاقتصاد الأميركي. وبالنسبة
لمؤيدي جانب العرض المحافظين الذين
يجادلون بأن نسبة ال 1% سوف يتوقفون عن
العمل بجد إذا كان يتعين عليهم العودة
إلى معدل ال 39 الهامشي السائد في عهد
الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون، فلا
بد أنهم يتوهمون. فالدخول
التي يحصل عليها نسبة 1% هي الوحيدة
التي تتزايد في الوقت الحالي. ( أعلنت
وول ستريت للتو زيادة بنسبة 5% في نطاق
المكافآت في العام الحالي، على سبيل
المثال). وعلاوة
على ذلك، لم تكن سنوات كلينتون على هذا
النحو من التردي تماماً، من الناحية
الاقتصادية، بالنسبة لنسبة 1%. فقد
حققوا نتائج رائعة حينئذ.فلم تؤت
التخفيضات الضريبية من عهد بوش
الفائدة المرجوة منها. بل على العكس من
ذلك، شهدت الفترة ما بين عامي 2001 و2007،
انخفاضاً في أجور متوسطي الدخل. وكان
سجل الوظائف في عهد بوش يرثى لها. وتعد
السياسة أكثر وضوحاً. فعلى مدى العامين
المقبلين، يجب على أوباما أن يوضح
للأميركيين مع من يقف ، وفي أي جانب يقف
خصومه الجمهوريون. فهل هناك قضية أفضل
من هذه يبدأ بها؟ تستمر
حالة عدم المساواة في التوسع داخل
أميركا. ولكن فتحت هوة واسعة بشكل خاص
بين الطبقتين المتوسطة والعليا، بمن
فيهم المحامون والأطباء وأصحاب
الأعمال التجارية الصغيرة، الذين
يكسبون مبالغ تصل إلى 500 ألف دولار في
السنة، ومن حصلوا على ميزات حقيقية
ويحتلون الآن مكانة أعلى بين أوساط
التنفيذيين في وول ستريت والذين
يحصلون على ملايين ،إن لم يكن مليارات
الدولارات. تبرز
القوة السياسية لهذه لطبقة ال 1% الأعلى
في كل شيء بدءاً من مديري صناديق
التحوط وصندوق الاستثمار في الأسهم
الخاصة ، الذين يمكنهم التعامل مع
دخولهم باعتبارها أرباحاً عن رأس
المال(تخضع لضريبة نسبتها 15%) ، حتى
الخصومات على فائدة المنازل بقيمة
ملايين الدولارات على منازل
التنفيذيين. إذا
كان الرئيس أوباما لا يستطيع أو لا
يريد اتخاذ موقف ضد المزيد من الفوائد
لهذه القلة ذات الامتيازات، في وقت لا
يزال أمامه فرصة لتحقيق انتصار داخل
الكونغرس العاجز عن اتخاذ قرار ، فمتى
سيتخذ هذا الموقف؟ ======================= وثائق
«ويكيليكس» حكم على أميركا بقلم
:صحيفة «غارديان» البريطانية البيان 6-12-2010 تطال
وثائق الخارجية الأميركية، التي سربها
موقع «ويكيليكس»، أخيرا، كل قارات
العالم وجميع دوله. وهي تتناول كل شيء
في العالم. ولكنها تتناول أميركا
نفسها، أكثر من أي شيء آخر. فالوثائق
كتبها أميركيون، ليقرأها أميركيون،
وهي تمثل المادة الخام الصرفة للسياسة
الأميركية. لذلك،
وقبل كل شيء، فإن الوثائق تمثل حكما
على أميركا، أقوى دول العالم، والدولة
التي لا تزال لديها أعظم قدرة على أن
تكون قوة خير أو شر في العالم. ولكن أي
وجه لأميركا تكشفه تلك الغابة من
الوثائق، التي كتبها دبلوماسيون
أميركيون. الحق
أن ملامح الصورة متداخلة. فالعملية
الاستخبارية السرية، التي تمت ضد
الشخصيات الرئيسية في الأمم المتحدة،
ومن بينها الأمين العام للمنظمة بان كي
مون، وممثلو الدول دائمة العضوية في
مجلس الأمن الدولي، تبدو عملية إهانة
دبلوماسية واضحة، ويحتمل أن تكون
انتهاكا للقانون الدولي. ومثلها
نظيراتها من التوجيهات الاستخبارية
التي أرسلت إلى الدبلوماسيين
الأميركيين في الكثير من دول إفريقيا
والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية
وأوروبا الشرقية، آمرة موظفي الخارجية
الأميركية بجمع معلومات عن بطاقات
ائتمان وبرامج عمل ومعلومات شخصية
أخرى خاصة بشخصيات أجنبية، من بينها
أرقام الهواتف التي يكثرون من الاتصال
بها. تلك
التوجيهات تعد تجسسا واضحا ومباشرا،
مما يجعل الحدود غير واضحة بين
الدبلوماسية والجاسوسية بطريقة خطيرة
وكارثية. ومن هذا المنطلق يجب على
أميركا أن تنظف سلوكها. ولكن،
إضافة إلى تلك الانتهاكات، هناك كثير
من الوثائق التي تعكس صورة أفضل كثيرا
للولايات المتحدة. ويعتقد كل من ديفيد
كاميرون وجورج أوزبورن أن نوعية
التقارير التي كتبها دبلوماسيون
أميركيون فشلت أحيانا في الارتقاء فوق
مستوى ما هو واضح تمام الوضوح أنه صدمة
من الناحية السياسية. لكن
الكثير من الوثائق هي من النوع الذي
يمكن لشخص مطلع على الأحداث أن يفهم
أنه مجرد بعض من بضاعة الدبلوماسية
المخزونة. والمثال الواضح على ذلك هو
جهود واشنطن لإقناع حلفائها باستقبال
بعض سجناء معتقل «غوانتانامو» في إطار
جهود إغلاقه. وبعض
الوثائق، من دون شك، يرتفع إلى القمة.
فالسفير الأميركي لدى كازاخستان،
مثلا، لديه مواصفات المراسل الأجنبي
المتميز، حسبما تعكسه تقاريره عن
لقاءات غدائه مع مصادره في الأستانة،
عاصمة كازاخستان. وبالمثل،
يكتب أحد زملائه المتمركز في العاصمة
الروسية موسكو عن حفل زفاف في داغستان.
والاهم من ذلك تلك التقارير التي قدمها
دبلوماسيون أميركيون كبار، مثل السفير
السابق في إسلام أباد، والتي يبدو أنها
تمتعت بمعلومات ومصادر وتقييمات جيدة
للغاية. وعلى
الرغم من أنه قد يبدو من السذاجة عدم
فهم أن هذه التقارير تم استغلالها في
تحقيق المصالح الأميركية، وأنها كتبت
لهذا الغرض- وإلا فما سبب وجود
الدبلوماسيين هناك- فإنه لا يزال هناك
فارق مهم بين «الوثائق» و«التصرفات»
الأميركية. وهناك
فارق آخر مهم. فقبل أربعين عاما، حاربت
إدارة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون
صحيفة «نيويورك تايمز» في المحاكم
لمنعها من نشر تقارير وزارة الدفاع
الأميركية «بنتاغون». جوهر
تلك القضية كان هو أن واشنطن كانت تقوم
بشيء واحد وهو توسيع نطاق حرب فيتنام
سرا بينما تنفي ذلك في العلن. كانت
السرية ستارا يسدل على الحروب التي
تخاض، والجرائم التي ترتكب. الآن،
وكما يشير ماكس فرانكل من صحيفة «نيويورك
تايمز»، فإن السرية غالبا ما تستخدم
بشكل سخيف، ولا تؤثر كثيرا على سمعة
الولايات المتحدة. نعم هناك أشياء يجب
على واشنطن الاعتذار عن حدوثها. لكن
الكثير من الوثائق يوضح أن الفارق بسيط
بين ما تقوله الولايات المتحدة علنا
وما تكشف تلك الوثائق حدوثه سرا. ======================= غزة
في أزمة ... تداعيات الحرب الإسرائيلية
على الفلسطينيين بقلم:
بام بيلي The
Electronic Intifada ترجمة الاثنين
6-12-2010م ترجمة
:ريما الرفاعي الثورة «غزة
في أزمة - تداعيات الحرب الإسرائيلية
على الفلسطينيين « كتاب جديد صدر مؤخرا
عن دار«هاي ماركت بوكسل » لاثنين من
أبرز الأصوات التي انتقدت الظلم اينما
حل والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون
بشكل خاص، وهما
نعوم تشومسكي وهو أحد كبار اللغويين في
العالم ومن ابرز الكتّاب في العالم
الذين انتقدوا الحكومات الاميركية
وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط،
وايلان بابي وهو بروفسور في التاريخ في
جامعة اكستر في المملكة المتحدة ومدير
مركز الدراسات الفلسطينية وناشط سياسي
معروف وهو مؤلف كتاب « التطهيرالعرقي
في فلسطين ». وانطلق الكاتبان هذه
المرة في كتابهما من الممارسات
الإسرائيلية الظالمة بحق قطاع غزة
وصولاً إلى الاحتلال الأشمل للأراضي
الفلسطينية. ويبدو
عنوان الكتاب غير دقيق، حيث يظن المرء
أنه يعنى بغزة بشكل كلي وبسفن المساعدة
التي جاءت لنجدة القطاع ولاقت رداً
عنيفاً من قبل القوات الإسرائيلية
كأسطول الحرية وسفينة مرمرة تحديدا
،إلا أن القارئ لن يجد سوء جزأين من بين
ثمانية أجزاء من الكتاب خصصا لهذا
الموضوع.. ويضم الكتاب المؤلف من 200صفحة
مقابلات ومقالات متفرقة للكاتبين،
والمؤشر الوحيد على التفاعل بين
الكاتبين هو الافتتاحية والجزء السادس
الذي يتحدث عن تهويد القدس وكلاهما
عبارة عن مقابلة بين الكاتبين مع
الناشط المقيم في لندن فرانك بارات . وفي
الجزء الثاني من الكتاب الذي عني
بالتدخل الأميركي في القضية
الفلسطينية تطرق بابي إلى العلاقة
القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل
وعوضا عن الاكتفاء بالاشارة إلى
اللوبي الإسرائيلي القوي،ضمّن الكاتب
كتابه بحقائق مثل (اليهودية المسيحية)
و(شبه انعدام النفوذ العربي في
القرارات الخارجية الأميركية) و(المصالح
الجيو سياسية للولايات المتحدة وعملية
السلام المفتوحة في المنطقة). وربما
لا تتفق آراء القراء حول ما طرحه
الباحثان بشأن «حل الدولة الواحدة »
الذي ينظر إليه على إنه البديل لاقتراح
حل الدولتين .وينضم الكاتبان إلى
الآراء المؤيدة لقيام دولة فلسطينية-
يهودية ويعتقدان أن قيامها امر ممكن
وليس مستحيلاً. ويرى
بابي أن الوقائع على الأرض تؤكد
استحالة حل الدولتين، لكن كلا
الباحثين لايعتقد ان حل الدولة
الواحدة يمكن التوصل إليه في وقت قريب.
ويحذر تشومسكي من أن حل الدولة الواحدة
سيصاغ إن حدث حاليا على النمط الاميركي
دون النظر إلى المصالح الفلسطينية
الحقيقية . اما بابي فيقول: إن انعدام
الأمل والإيمان بامكانية قيام دولتين
معا لا يمكنه أن ينتج تغيراً
دراماتيكياً في السياسة بين مبعوثي
السلام الدوليين .وينصح تشومسكي بقيام
دولة واحدة ثنائية القومية بمجتمعين
مختلفين يعيشان جنبا إلى جنب تحت حكم
انظمة مستقلة . و يجب
على الفلسطينيين والإسرائيليين العيش
معاً ولكن تحت قوانين عادلة تضمن
للطرفين حقوقاً متساوية . اما
بابي فيرى أن الخطأ لم يقع في عام 1948 بل
في عام 1967 .وعندما ينتقل النقاش من
التركيز المكثف على احتلال الضفة
الغربية بما في ذلك القدس الشرقية
وقطاع غزة إلى الاحتلال وطرد
الفلسطينيين عام 1948،فإن مفهوم الدولة
الواحدة سيصبح تطوراً طبيعياً . ولوضع
أرضية العمل من اجل حل الدولة الواحدة
يجب القيام بعدة مشاريع مثل القيام
باستطلاعات رأي حول الموضوع و حملات
تثقيف لدى كلا الجانبين حول هذا الخيار
وتشكيل فرق عمل من اجل القيام بإطار
قانون جديد ونظام تعليمي... ومؤشرات
إرشادية للنظام الاقتصادي وقوانين
المواطنة. إن
أياً من الكاتبين غير متفائل في قدرة
الادارة الأميركية الحالية على التوصل
إلى تسوية في المنطقة. فتشومسكي كتب في
الجزء الاخير من الكتاب إن هناك صعوبة
في التوصل إلى فهم لماذا تغمض الأعين
عن مشروع اوباما بشأن الديمقراطية
وينظر إليه بسخرية مطلقة في الوقت الذي
يطالب فيه في مناطق أخرى بإحداث
تغييرات في المجتمع المدني من الأسفل
ويشدد على هذا الأمر . يعود
تشومسكي إلى تأكيد المواقف التي لم يكف
عن تكرارها منذ أربعة عقود حول أصول
الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وحول
تواطؤ الإدارات الأميركية المختلفة مع
الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة
والساعية إلى تأييد الاحتلال، ناهيك
عن حماية إسرائيل في المحافل الدولية،
واستخدام حق النقض في مجلس الأمن. ويقول:
إن الصراع الفلسطيني والعربي -
الإسرائيلي يبدو عصياً على الحل، وقد
استهلك الكثير من الوقت والجهد
والموارد، رغم أن الحل نفسه معروف،
ويحظى بتأييد الأغلبية العظمى من دول
العالم. وعلى
الرغم من انسحاب إسرائيل من قطاع غزة،
إلا أنها ترفض التخلي عن السيطرة
الأمنية الكاملة عليها، وقد حولت
القطاع إلى أكبر سجن مفتوح في العالم،
وإلى مكان لا يصلح للعيش، حسب تعبير
تشومسكي. فاستمرار
الحصار، ومنع دخول مواد ومعدات البناء
إلى غزة، وتقليص حرية الحركة بطريقة
تضع الفلسطينيين في غيتوهات مغلقة
ومعزولة، كلها أشياء تستهدف ترويع
وعقاب وإذلال الفلسطينيين. أما
إيلان بابي فيقدم تحليلاً للتحالف
الأميركي - الإسرائيلي، الذي «يجافي
المنطق السليم، والمصالح المألوفة بين
الدول، ويركز بشكل خاص على الجذور
الإنجيلية العميقة لموقف أميركا من
إسرائيل ومن العرب والفلسطينيين، كما
يقدم تحليلاً تاريخياً جديداً لميلاد
الحركة الوطنية في فلسطين. كتاب
نعوم تشومسكي وايلان بابي حرره وأعده «فرانك
بارات» وهو ناشط من أجل السلام يعيش في
لندن، ومنسق محكمة رسل الدولية حول
فلسطين، وعضو حملة التضامن مع فلسطين،
واللجنة الإسرائيلية لمكافحة هدم
البيوت. ======================= تسريبات
وكيليليكس والنظام العربي .. هل من
مفاجآت؟ عبد
الحميد صيام 2010-12-05 القدس
العربي أكاد
أجزم منذ البداية أن قلة من أبناء
الشعب العربي فوجئ بتلك المعلومات
التي كشفتها ربع مليون وثيقة نشرها
موقع وليليكس الأشهر على موقعه وأصبحت
مادة علنية لكل من يريد أن يطلع عليها. وأكاد
أجزم أيضا أننا نحن معشر الكتاب
والمتابعين للسياسة العربية
والدولية، نعرف بدون وثائق أن النظام
العربي بمجمله لا يملك من أمره شيئا
وأنه خفف من عدائه المصطنع الكاذب
الملفق ضد إسرائيل من بعد حرب تشرين (أكتوبر)
1973 وما زال، وصولا إلى حماية حدوده
واعتقال كل من يناضل ضده وأخيرا بناء
الجدران والبوابات الحديدية كي تنعم
إسرائيل بنوم هادئ بينما تسقط القنابل
العنقودية والقنابل الفوسفورية على
رؤوس الفلسطينيين واللبنانيين
المشاكسين لسياسة الانصياع للإملاءات
الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة . نحن
نعرف مواقف هذه الأنظمة المهترئة التي
ما فتئت تحرض على الثورة الإيرانية منذ
اليوم الأول لاندلاعها بل ودفعت بنظام
صدام حسين ليشن هجوما على إيران في
بداية الثورة كي لا يقوى عودها وزينت
له المغامرة، ولكنهم عادوا واصطفوا مع
الولايات المتحدة ليتخلصوا من نفس
النظام الذي دعموه بمليارات الدولارات
وهو يحارب إيران. نحن
نجزم أننا لم نفاجأ بهذه الوثائق لأننا
شاهدنا كيف كانت المواقف العربية في
الحرب على لبنان صيف 2006 حيث اعتقدوا أن
نهاية حزب الله قد اقتربت وأن "من
أدخل نفسه في تلك الورطة فعليه أن يبحث
عن مخرج منها". أما مواقفهم في الحرب
على غزة في نهاية 2008 وبداية 2009 فكانت
أوضح لا من حيث القول فقط بل ومن حيث
الاصطفاف والفعل فقد منعوا حتى عقد
اجتماع في قطر للتضامن مع غزة وتركوا
إسرائيل تلغ في دماء الأطفال والنساء
والمسنين الغزيين ووقفوا على المدخل
الوحيد المغلق بهراويهم لتكسير أرجل
الفلسطينيين والمتضامنين معهم من
متطوعي قوافل الحرية. نحن لم
نفاجأ لأننا نعرف تفاصيل مشروع السلام
العربي عندما طرحوه في قمة بيروت 2002
خاليا من أي ذكر لحق العودة متخلين
بذلك عن جوهر الصراع القائم منذ قرن،
ولولا تدخل الرئيسين اللبناني والسوري
آنذاك لما تضمن المشروع الفقرة
اليتمية التي تتحدث عن "الحل العادل
لقضية اللاجئين". أقسم
لكم إننا لم نفاجأ بهذه الوثائق. وهل
أحد في العالم العربي يخفى عليه أن ما
يصرح به في العلن ليس ما يقال في السر؟
وهل جديد على العرب أن يكتشفوا أن
خطابات التضامن وقصائد الحماسة
والبيانات الختامية والتصريحات
الصحفية لا تساوي الحبر التي تكتب به
لأنها ليس لها علاقة بالموقف الحقيقي
ولا بالتحالفات على الأرض ولا بالوزن
الحقيقي لهؤلاء الحكام. قبل ثورة
المعلومات كان من الممكن أن تنطلي بعض
تلك المواقف المعلنة على غير
المتابعين والمتخصصين والمعنيين
بالأمر، أما اليوم فكل شيء متوفر ومتاح
بسهولة ولا يحتاج إلا إلى نقرة بسيطة
على فأرة الحاسوب ليفتح لك صفحات من
التعاون الإسرائيلي العربي في أكثر من
مجال وأكثر من بلد ومع أكثر من زعيم. بل
وهناك كتب ومذكرات تناولت الموضوع
وأستطيع أن أرشد أي قارئ يريد أن يطلع
على المزيد. ثلاث
رسائل إن هذه
التسريبات تحمل رسائل مبطنة ثلاثا على
الأقل. الرسالة
الأولى أن الولايات المتحدة ليس لها
أصدقاء ولا حلفاء في المنطقة العربية
وأن هؤلاء الحكام عبارة عن خدم ومخبرين
وكل أملهم أن تبقى الولايات المتحدة
راضية عنهم ورضاها يمر عبر تل أبيب.
إنهم أشبه بزوجات الأمير الوسيم
اللواتي يتنافسن بينهن على استمالة
قلبه وتحريضه ضد الأخريات. وهذا درس
لكل من يعتقد أن التنازل عن كرامة وطنه
وكرامته الشخصية من أجل خدمة الدولة
الأقوى سيبقى مشروعا مستورا. والرسالة
الأوضح إنتهت مرحلة العشق السري فكل
شيء يجب أن يكون مكشوفا أمام الناس
جميعا. الرسالة
الثانية هي أن هناك انتقائية في
التسريبات وأن الكثير من الأوراق ما
زالت مستورة ويمكن فضحها. وأكثر الدول
التي تم تغييبها هي إسرائيل. وعلى
العكس فأكثر الوثائق المنشورة تخدم
إسرائيل وتساهم في ترويض العقول
العربية على تقبل فكرة التقارب منها
والاصطفاف معها ضد إيران. لكن هناك
بالتأكيد وثائق غيبت عن عمد، أو أخرت
لأسباب ابتزازية تتعلق بالحرب على
لبنان 2006 والحرب على غزة واغتيال رئيس
الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
من المؤكد أن هناك زعماء عربا ترتعد
فرائصهم خوفا من كشف أدوارهم المشبوهة
في تلك القضايا. وسيبقى سلاح كشف
الوثائق سيفا مسلطا فوق رؤوس
المتآمرين على شعوبهم وقواها الحية
لابتزازهم في الوقت المناسب ولتسخيرهم
لخدمة الأهداف الأمريكية الإسرائيلية
في المنطقة. أما
الرسالة الثالثة فهي للشعوب العربية
التي تعرف أصلا بحسها الداخلي
وبوصلتها الوطنية هذه الحقائق. والآن
جاءت الشهادة الرسمية للتآمر أولا على
مصالح هذه الشعوب. فهل لأي شعب عربي
مصلحة في محاربة إيران؟ وهل هناك مصلحة
في زرع الفتنة الطائفية ومن المستفيد
من تخفيف العداوة مع إسرائيل والتطبيع
معها واستبدالها بإيران؟ إن هذه
الوثائق تثبت بما لايقبل مجالا للشك أن
هذه الأنظمة منفصلة تماما عن هموم
وآمال ومصالح ونبض شعوبها وتحولت إلى
فئة رخيصة تتاجر بدماء شعوبها
ومصالحهم من أجل أن تبقى في الحكم. فهل
يُرضي هذا الموقف الشعوب العربية
وقواها الحية؟ الحراك السياسي قد بدأ
فعلا كما نراه في مصر احتجاجا على
تزوير الانتخابات وانتصارا للتغيير.
فهلا تنتشر موجة الحراك السياسي
المدني السلمي المنظم ضد رموز الفساد
والتبعية والخنوع ؟ طوق
النجاة كلمة
أخيرة أريد أن أتخيل فيها تصريحا
لمتحدث رسمي باسم تلك الأنظمة المعنية
في الوثائق يرسله سرا على شكل بيان في
وثيقة رسمية ويتمنى ألا يكشف هذا
التصريح أبدا. ومضمون البيان عبارة عن
"كلمة شكر للرئيس الإيراني محمود
أحمدي نجاد على خلقه الرفيع وذلك
بتفضله برمي طوق النجاة للأنظمة
العربية الوارد ذكرها في الوثائق، حيث
أعفاها أو حاول أن يعفيها من حرج قاتل
عندما صرح بأن الهدف من هذه التسريبات
المتعمدة ضرب علاقات الصداقة بين
إيران وجيرانها". وقد أعطى هذا
التصريح فرصة لأحد تلك الأنظمة أن يصدر
بيانا من كلمتين أو ثلاث يقول :هذه
التسريبات لا تعنينا. أستاذ
جامعي وكاتب عربي مقيم في نيويورك ======================= المحامي
سفيان الشوا الدستور 6-12-2010 اذا
كان القارىء العربي حيا.. فيجب ان يعلم
ان الصهيونية هي التلمود..؟ اذ هي منه
ومن التلمود يخرج كل شيء يدخل في مخطط
اليهود ..يريدون به تحقيق احلامهم من
اقامة دولة دينية.. داوودية سليمانية..
اوتوقراطية.. عاتية مستبدة.. تحكم
العالم،، . فان التوراة كما يقولون هي..
كتاب الشريعة اليهودية.. كما نزلت من
عند الله جلت قدرته على سيدنا موسى
عليه السلام . اما التلمود.. فهو
الشريعة الشفوية للديانة اليهودية.. اي
ما قاله سيدنا موسى عليه السلام.. فهو
كتاب تعليم الديانة اليهودية.. وحل ما
فيها من رموز وشطحات وسفاهات..؟ واحقاد
على العالم باسره ..والتلمود كتبه
حاخامات اليهود.. باعترافهم.. وفيه
تمجيد لليهود بكبرياء غير معقولة..؟
وغطرسة تصل الى حد الوقاحة..؟ وفيه
تعاليم تنبذها الشرائع السماوية..؟
وعلى اي حال فهذا فكر اليهود وتعاليمهم..
ويجب علينا ان نعرف افكار عدونا.. حتى
نقرر الوسيلة التي يمكن لنا من خلالها
ان نعيش معهم.. ما دام هذا قدرنا..،، .يقول
الاستاذ الدكتور عجاج نويهض.. في كتابه
الشهير "بروتوكولات حكماء صهيون " يقول
التلمود : - لا يعد المرء ناضجا في
السياسة او الكتابة.. ما لم يدرس القضية
الصهيونية .؟.ويقول العلامة.. بولس حنا
مسعد.. صاحب كتاب "همجية التعاليم
الصهيونية" طباعة سنة 1938 للمسيحي
انجيله يبشر به العالم..،، وللمسلم
قرآنه ينشره بين جميع الشعوب..،، اما
الاسرائيلي فله كتابان.. كتاب معروف هو
التوراة.. واخر مجهول عن العالم يدعى
التلمود .. يفضله على التوراة.. ويدرسه
خفية ..وهو اساس كل مصيبة ..؟ فالنصارى
يؤمنون بان الله هو ابو الجميع
والمسلمون يشهدون بان الله رب
العالمين.. اما الصهيونيون.. فلا يريدون
ان يكون الاله ..الا لهم وحدهم وبعد ان
اخفق بنو اسرائيل.. في السيطرة على سائر
انحاء العالم.. رجعوا لاحتلال فلسطين..؟
البلد المقدس.. بادعاء ان الله وهبها
لهم..؟ فلا غرو بذلك.. فالذين يدعون
ملكية المعمورة ..الا يجرؤون على
المناداة بامتلاك بقعة صغيرة كفلسطين
..؟. من هنا
بدأت عجائب نصوص التلمود وهذه مقتطفات
من التلمود نسوقها لبيان التلمود..لنخرجه
من مخبأه السري .. ولاظهار ما اخفاه
اليهود ..عن العالم من افكار همجية ..بل
وقحة احيانا.. وهي ..: - ان
جميع خيرات الارض ملك لبني اسرائيل..
والنصارى والمسلمون وعبدة الاوثان
خلقوا عبيدا لبني اسرائيل.. ولم يعطوا
صورة الانسانية.. الا اكراما لبني
اسرائيل «اليهودي احب الى الله من
الملائكة.. فالذي يصفع اليهودي.. كمن
يصفع الاله سواء بسواء.....والعياذ
بالله..؟» ويقول التلمود ان اليهودي من
جوهر الله كما ان الولد من جوهر ابيه...
ومن اقبح ما جاء في التلمود البابلي"من
رأى انه ارتكب الفحشاء..مع امه.. فسيؤتى
الحكمة ..؟.لانه جاء في سفر الامثال
دعوت الحكمة أما.. ،،ومن رأى انه يجامع
اخته.. فسيأتيه نور العقل ومن رأى انه
ارتكب الفحشاء.. مع امرأة قريبة... يحصل
على السعادة الخالدة..؟ واذا اردنا
الاطلاع على سائر امثال الكلام.. الذي
لا تحتمله نفس بشرية.. ولا يتصوره العقل
الانساني..؟ فاننا سوف نرى اقوالا.. لا
تخطر على بال المجانين والسكارى..
والذين فقدوا الحياء ..؟ بل فقدوا كل
القيم في هذه الدنيا ..؟ ارجو ان تقرأ ما
كتبته جريدة المقتطف في عدد فبراير سنة
1950وهو : - اليهود يصفون التلمود فوق
التوراة «والحاخام فوق الله (استعفر
الله العظيم )» وما يقوله الحاخام..
يفعله الله .«الله قسم النهار الى 12
ساعه ففي الساعات الثلاث الاولى.. يجلس
الله ويدرس الشريعة..؟ وفي الساعات
الثلاث الثانيه يدين الشعوب..؟ وفي
الساعات الثلاث الثالثة ..يغذي العالم
..؟ وفي الساعات الثلاث الاخيرة.. فهو
يلعب مع ملك الاسماك.."لعنهم الله
على هذا القول البذيء» يقول التلمود ان
ممتلكات النصارى.. بالنظر الي اليهودي...
هي ممتلكات لا مالك لها.. مثل رمال
البحر..؟ واول يهودي يستولي عليها عنوة..
يكون هو مالكها.. ويتطاول التلمود على
سيدنا ابراهيم عليه السلام .. فيقول
بهتانا وكذبا ان ابراهيم اكل (74) اربعة
وسبعين رجلا.. وشرب دماءهم.. دفعة واحدة
..؟ فكانت له قوة اربعة وسبعين رجلا..
وجاء في التلمود يجب على كل يهودي ان
يلعن كل يوم النصارى ثلاث مرات.. ويطلب
من الله ان يبيدهم.. ويفني ملوكهم
وحكامهم.. وعلى الحاخامات اليهود ان
يصلوا ثلاث مرات.. بغضا للمسيح الناصري
يقول التلمود كما ان ربة البيت تعيش من
خيرات زوجها.. هكذا ابناء اسرائيل.. يجب
ان يعيشوا من خيرات امم الارض.. دون ان
يحتملوا عناء العمل... لا تستغربوا فان
التلمود يبيح لليهودية.. ان تزني بغير
اليهودي.. ولا حرج ولو كانت متزوجة..؟
كما يصرح للرجل اليهودي.. ان يزني بغير
اليهودية ..امام زوجته ..ما دامت
الزانية من الغويم ..اي غير اليهود...،، هذه
مقتطفات اخترناها من التلمود وهي
مهذبة جدا جدا فهي تمثل افكار بني
اسرائييل فلا تعجبوا مما ترونه من
افعالهم من سرقة وهدم وقتل وزنا وكل
الافعال القذرة التي يرتكبونها ضد
اهلنا واخواننا.؟ ======================= مايكل
جيرسون (كاتب
ومحلل سياسي أميركي) «واشنطن
بوست الاميركية» الدستور 6-12-2010 وفقاً
للمعلومات السرية التي سربها موقع «ويكيليكس»
حول محادثات أجريت في وزارة الخارجية
الأميركية في مايو 2009، يعتقد القائد
السنغافوري «لي كوان يو» أن بكين تفضل
التعامل مع كوريا الشمالية وهي مسلحة
نووياً، بدلاً من التعامل مع دولة
منهارة هناك. بل
عبرت كوريا الجنوبية نفسها خلال
العقود الأخيرة عن استعدادها للتواؤم
مع بيونج يانج بوضعها الحالي أو بأي
وضع تكونه، بدلاً من المخاطرة بخوض
مواجهة عسكرية معها، قد تمثل تهديداً
جدياً لإنجازات الاقتصاد الكوري
الجنوبي. وعلى
عكس هذين الموقفين، ظلت واشنطن في حالة
مستمرة من عدم الرضا والقلق إزاء ما
تصفه بعصابة الحكم المسلحة نووياً في
بيونغ يانغ. غير أن
المفاوضات وسياسة العقوبات
الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية،
لم ينجح أي منها في تغيير سلوك النظام
الحاكم في بيونغ يانغ. ومهما
يكن، فربما كانت مراوحة الأزمة هذه في
مكانها، مريحة لجميع الأطراف ذات
الصلة، باستثناء الشعب الكوري الشمالي
الذي يقيم في دولة تشكل حدودها
السياسية والجغرافية معسكر اعتقال
واسع له. لكن
ربما آن أوان نهاية هذه الأزمة تحت
إصرار الكوريين الشماليين أنفسهم. وكما
هو معلوم، فلنظام بيونغ يانغ قدرة
عالية جداً على الفعل الاستفزازي. فعلى
سبيل المثال، انقض جنوده على الكابتن
آرثر بونيفاس بالفؤوس وضربوه حتى
الموت في المنطقة المنزوعة السلاح
الفاصلة بين الكوريتين في عام 1979. ورغم
ذلك يصعب وصف سلوكه الأخير إزاء الجارة
الجنوبية بعدم العقلانية. فمنذ الهدنة
المبرمة عام 1953، تم احتواء بيونغ يانغ
بواسطة التحالف العسكري بين كوريا
الجنوبية وأميركا، وبواسطة الردع
النووي الأميركي. وخلال
مدة لا تزيد على أسبوع، أظهر نظام
بيونغ يانغ عضلات صناعية جديدة، وكشف
عن منشأة أخرى لتخصيب اليورانيوم،
إضافة إلى توجيه هجوم عسكري دموي ضد
جزيرة حدودية تابعة لكوريا الجنوبية. وقد
اعتبر هذا السلوك استفزازاً حربياً
كما هو متوقع، وإن كان ذا عواقب أقل. وليست
هذه هي النهاية على حد قول «نكولاس
إيبرستادت» من معهد «أميركان
إنتربرايز» الذي يرى أن نظام بيونغ
يانغ قد طور لعبة استفزازية لها قابلية
التصعيد في كل مرة يقررها النظام. وفي كل
مرة تناور بيونج في مفاوضات تخرج منها
بأقل العقوبات الدولية التي تفرض
عليها، تنفتح شهيتها لتنفيذ المرحلة
التالية من اللعبة. وضمن ذلك، يعتقد «إيبرستادت»
أن الاختبار النووي الثالث الذي سوف
تجريه بيونغ يانغ يرجح أن يتم قريباً
جداً، وأن يصحبه اختبار لمجموعة من
الصواريخ بهدف حل مشاكل فنية لها صلة
بإطلاق الرؤوس الحربية النووية. ويجب
القول إن نتائج هذه اللعبة الخطيرة
يمكن حصرها في النقاط والتوقعات
التالية. وأولها
احتمال استمرار الزعيم الكوري الشمالي
في استفزازاته العسكرية هذه حتى يقع في
فخ الخطأ أخيراً. كما لا
يستبعد أن تتعزز نزعة الدفاع الوطني
لدى كوريا الجنوبية، فترغم على
التصعيد العسكري ضد جارتها الشمالية
من تلقاء نفسها. ومثلما
حدث في حالات سابقة، فقد أنكرت بيونغ
يانغ أي دور لها في إغراق السفينة
الحربية الكورية الجنوبية «شيونان» في
مارس الماضي. وبذلك فقد أرغمت الكثير
من مواطني كوريا الجنوبية على قبول ما
حدث كما لو كان تفسيره مفتوحاً على عدة
احتمالات ليس بالضرورة أن تكون بيونغ
يانغ طرفاً فيها. لكن سرعان ما زالت هذه
الأوهام عندما قصفت بيونغ يانغ
المدنيين في الشطر الجنوبي من شبه
الجزيرة الكورية بمدفعيتها الثقيلة
قبل بضعة أيام فحسب. فقد
أثار هذا العدوان الكوري الشمالي غضب
المواطنين الجنوبيين، لما نتج عنه من
قتل للمدنيين وفرار الكثيرين. وكانت
ردة فعل الشارع الجنوبي قوية جداً إلى
حد أرغم الرئيس «لي مايونج-باك» على
الاعتذار رسمياً عن ضعف استجابته
الأولية للعدوان، مع الوعد بتصد أشد
حزماً لمثل هذه الغارات والاعتداءات
مستقبلاً. وعليه فليس مستبعداً أن تدفع
بيونغ يانغ جارتها «سيؤول» نحو المضي
في طريق التصعيد العسكري دفاعاً عن
سيادتها، وهو ما قد يجر واشنطن نفسها
إلى حرب كورية جديدة. أما
النتيجة الثانية المحتملة للعدوان
الكوري الشمالي الأخير، فتتلخص في
احتمال توصل بيونغ يانغ إلى الاعتقاد
بصحة حساباتها من الناحية
الاستراتيجية. والمقصود بذلك استنتاج
بيونج يانج أن أياً من عملياتها
الاستفزازية التي تقوم بها لن تكون
كافية لإحداث عواقب جدية تقع عليها.
ويشمل هذا الاستنتاج الاعتقاد بأن
كوريا الجنوبية تعطي أولوية لرخائها
الاقتصادي على خوض حرب بطولية مع
جارتها الشمالية، ربما تنتهي إلى دمار
الجزء الأعظم من العاصمة «سيؤول». وضمن
هذا الاستنتاج، ربما يعتقد قادة بيونج
يانج أن الصين لا تزال تفضل وجود دولة
منزوعة السلاح قرب حدودها، بصرف النظر
عن مدى خطورة هذه الدولة، أو مستوى
الضعف الذي تتسم به إدارتها. بذلك
نصل إلى النتيجة أو الاحتمال الثالث
والأخير، الذي لم يؤخذ بعين الاعتبار
بما يكفي لتقويض النظام الكوري
الشمالي. والمقصود بهذا الاحتمال أو
الخيار الثالث هو أن تستغل أميركا
واليابان وكوريا الجنوبية ما لديها من
إمكانات مالية هائلة وتكنولوجيا
وقدرات في تقويض بيونغ يانغ من الداخل،
دون خوض حرب معها أو إهانة كرامتها
الوطنية. والمقصود
بهذا الخيار تنظيم حملة دعائية قوية ضد
نظام بيونج يانج وفضح ممارسات فساده،
إضافة إلى دعم العناصر المنشقة
والمعارضة للنظام، مع تشجيع انقسام
النخب المثقفة. غير أن احتمالات نجاح
هذا الخيار تظل مفتوحة وغير مؤكدة.
وتحت كل الأحوال لا يبدو هذا الخيار
جذاباً بما يكفي. ======================= بلدة
الغجر اللبنانية.. فخ إسرائيلي أيوب
سالم عالية الرأي
الاردنية 6-12-2010 الإعلان
الإسرائيلي النية بالانسحاب من بلدة «الغجر»
اللبنانية التي تقع في المثلث السوري
اللبناني الإسرائيلي، لم يكن استجابة
لضغط مكثف من المقاومة اللبنانية، أو
لضغوط سياسية دولية، وإنما هو حالة
إسرائيلية لها علاقة مباشرة بالتوجهات
السياسية والأمنية الإسرائيلية. ويحمل
هذا الإعلان خلفه أبعاداً لا تلبث أن
تشتعل وراء هذا الفخ الإسرائيلي. وكانت
القوات الدولية «اليونيفيل» في الجنوب
اللبناني، ووفقاً للخط الأزرق قد
قسّمت القرية إلى منطقتين، فوضعت ثلث
الأراضي الشمالية للقرية في الجانب
اللبناني، وثلثيها الآخرين في الجانب
السوري. ولا
تتوافر في هذا الإعلان حسن النية، لأنه
لا تتوافر عند الإسرائيليين في
ممارساتهم وعقائدهم مثل ذلك، بل هو في
جوهره، استثمار إسرائيلي أمني وسياسي
للواقع الصعب والحساس الذي يعيشه
اللبنانيون الآن على خلفية التهديدات
المرتقبة لصدور القرار الظَّني في
قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني
الأسبق رفيق الحريري. فقد
أرادت إسرائيل تلميع صورتها
الدبلوماسية التي اهتزت أمام الرأي
العام الدولي، ومفاد ذلك أن تل أبيب
تسعى مخلصة للسلام بانسحابها من
القرية، وفي مقابل ذلك احراج لبنان
والمقاومة، إذا تمَّ رفض العرض
الإسرائيلي، فيصبح نتيجة لذلك الغطاء
الشرعي للمقاومة اللبنانية هشّاً
ومكشوفاً، على المستويين العالمي
والداخل اللبناني، إضافة إلى ذلك، فإن
الاقتراح الإسرائيلي، يعطي دفعة قوية
لبعض الفرقاء اللبنانيين السياسيين،
بأن الدبلوماسية، هي الطريق الواضح
والصريح والأقصر فقط لاجبار إسرائيل
على الانسحاب من الأراضي اللبنانية
المحتلة، مما يعني أنه يتحتم على
المقاومة، أن تسلّم أسلحتها، وأنه لا
فائدة من تكديس الأسلحة لديها، وهذا هو
الهدف الرئيسي أيضاً للقرار الظني
الذي ستصدره المحكمة الدولية الخاصة
باغتيال الحريري. ويهدف الفخ
الإسرائيلي لرمي الكرة في الملعب
اللبناني، كما أنه يهدف إلى التخلص من
جزء من الأراضي اللبنانية المحتلة،
التي لا تشكل موقعاً استراتيجياً يسهل
الدفاع عنه أمام ضربات المقاومة.
وسيكون من الصعب على لبنان رفض هذا
الانسحاب الأحادي، خاصة وأنه يعيد
أرضاً لبنانية محتلة دون النظر إلى حجم
مساحتها، ويتزامن ذلك مع معلومات
وتسريبات، تفيد بأن إسرائيل اشترطت
للانسحاب على عدم أحقية لبنان
المطالبة بالانسحاب الإسرائيلي من
مزارع شبعا وكفر شوبا، وأن يكون هذا
آخر الانسحابات الإسرائيلية، بمعنى
آخر أنه ينبغي إغلاق جميع الملفات
الإسرائيلية اللبنانية، أي إنهاء حالة
الحرب بين الطرفين، وفي هذه الحالة
يتطلب من اللبنانيين الحذر بشدة،
وعليهم وضع الأسس القادرة على محاصرة
الأهداف والشروط الإسرائيلية، وافشال
ما يخططه الإسرائيليون، وذلك بجعل
الانسحاب من بلدة الغجر غير منفصل عن
الأراضي اللبنانية الأخرى وتحتلها
إسرائيل. ======================= المستقبل
- الاثنين 6 كانون الأول 2010 العدد
3850 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد
السمّاك يطرح
احتمال أو ترجيح - انفصال جنوب السودان
عن شماله في الاستفتاء العام المقرر
إجراؤه قريباً التساؤل عن طبيعة
المتغيرات التي سوف تطرأ على معادلات
القوى في شرق افريقيا وتحديداً في باب
المندب. فالسودانيون
الجنوبيون أعلنوا مبكراً جداً أنهم
عندما سيعلنون دولتهم المستقلة فإنهم
لن يترددوا في الاعتراف بإسرائيل. ومنذ
سنوات تتمتع إسرائيل بوجود سياسي
وعسكري في أثيوبيا المجاورة لجنوب
السودان. وهي تتطلع الى إقامة قواعد
عسكرية تمكنها من الإشراف على الملاحة
في باب المندب. ومع استمرار الحرب
الأهلية في الصومال.. ومع تصاعد الحراك
الجنوبي في اليمن ذي النزعة
الانفصالية من جهة، وتصاعد الصراع بين
الدولة وفصائل تنظيم القاعدة من جهة
ثانية، وفشل التسوية مع جماعة
الحوثيين من جهة ثالثة، ترتفع علامة
استفهام من نوع آخر. تتعلق علامة
الاستفهام هذه بمدى قدرة أو فعالية
الدول العربية في جنوب البحر الأحمر
على التصدي للمشروع الإسرائيلي الذي
يجد في انفصال جنوب السودان قوة دفع
جديدة سيستقوي بها. في عام
2008 جرى إعداد مشروع عربي يتعلق بباب
المندب. يقول المشروع ببناء مدينة
جديدة باسم "نور" على الشاطئ
اليمني المطلّ على باب المندب، سعتها 4،5
ملايين إنسان. ومدينة ثانية توأم لها
على شاطئ جيبوتي المطلّ على المضيق
أيضاً تكون سعتها 2،5 مليوني إنسان. وإضافة
الى ذلك، يقام مطار دولي يخدم
المدينتين بسعة مئة مليون مسافر في
العام. ويقضي المشروع أيضاً ببناء جسر
متحرك فوق باب المندب يربط المدينتين
الجديدتين يبلغ طوله 29 كيلومتراً. كما
يربط بينهما خط مزدوج للسكك الحديدية
للركاب والبضائع. ولهذا المشروع مرحلة
ثانية تربط مدينة النور على باب المندب
بالعمق اليمني، مدينة تعز في الجنوب
وصنعاء في الشمال، وامتداداً حتى دبي
في دولة الإمارات العربية المتحدة،
كما أن له مرحلة ثالثة تربط المدينة
بأديس أبابا عاصمة أثيوبيا وبالعاصمة
الكينية نيروبي.. وتصل شمالاً حتى
العاصمة السودانية الخرطوم، ومن ثم
القاهرة.. إضافة الى خط سكة الحديد هناك
مشروع لمد خط لأنابيب النفط والغاز، ما
يحقق تكاملاً اقتصادياً وسياسياً بين
منطقتي شرق افريقيا وغرب آسيا
العربيتين. كما أنها تشكل نقطة استقطاب
لشمال ووسط وجنوب افريقيا من خلال
الجامعات والمستشفيات والمصانع
والمراكز التجارية التي ستُقام في
شطري مدينة النور على جانبي باب المندب.
ومن شأن هذا المشروع أن يثبت الحضور
العربي في افريقيا ويعززه اقتصادياً
واجتماعياً، ومن خلال ذلك يقطع الطريق
أمام التغلغل الإسرائيلي. أما نفقات
المشروع "الحلم" فتبلغ 200 مليار
دولار. وقد
أعدت المخططات الفنية اللازمة وقدمت
حكومة جيبوتي قطعة الأرض لبناء
المدينة عليها تبلغ مساحتها 500 كيلومتر
مربع. كما قدمت حكومة اليمن قطعة الأرض
لبناء مدينة النور. وعقدت اتفاقات
العمل مع الشركات المنفذة العربية
والأميركية، وقدمت حكومتا اليمن
وجيبوتي، إضافة الى الأراضي،
التسهيلات اللازمة للمشروع. وفجأة
انفجرت سلسلة الأزمات الأمنية في
المنطقة، وكأن يداً سحرية أعطت
الإشارة بالتفجير لتعطيل التنفيذ،
الذي كان يُفترض أن يبدأ في العام
الماضي 2009. فتصاعدت الحرب الأهلية في
الصومال وحشية ودموية.. وكشرت
القاعدة عن أنيابها في جنوب اليمن.. وأطلق
"الحراك" الوطني اليمني شعاراته
الإنفصالية.. وأعلن
قياديو جنوب السودان تطلعهم للانفصال
واستعدادهم للتعاون مع أثيوبيا
وإسرائيل. ونتيجة
لذلك تراجع المستثمرون وعلى رأسهم
مؤسسة اسامة بن لادن السعودية (الأخ
غير الشقيق لأسامة بن لادن) ومؤسسة
محمد أحمد الحمد السعودية أيضاً. كان
المشروع يخطط لإقامة محطات لتحلية
مياه البحر. ذلك أن المنطقة جافة
وتفتقر الى المياه. فسكان جيبوتي مثلاً
الذين يقل عددهم عن المليون إنسان،
تعاني نسبة عالية منهم (150 ألفاً) من
المجاعة. ثم ان المجاعة منتشرة بل
ومستوطنة في أثيوبيا المجاورة حيث
عجزت منظمة الأغذية والزراعة عن توفير
الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية
الضرورية. ولو
تحقق المشروع الطموح بما يتضمنه من
مخططات طموحة للتنمية وبما يوفره من
فرص عمل لغيّر جذرياً من هذا الواقع. ولكن
يبدو واضحاً أن هناك قوى لا تريد أن
يقوم مشروع يكرس عروبة باب المندب
بشاطئيه الآسيوي والافريقي. بل إن هناك
قوى تريد أن تقطع التواصل العربي
الافريقي ليس فقط من خلال تعطيل مشاريع
التكامل الاقتصادي والاجتماعي، ولكن
من خلال اختلاق عداوات ذات طابع عنصري
على النحو الذي جرى بين موريتانيا
والسنغال في السابق، وعلى النحو الذي
يجري في دارفور في السودان، وكذلك على
النحو الذي سوف تكرسه نتائج الاستفتاء
العام حول تقرير مصير جنوب السودان. ولا شك
في أن أكبر التحديات التي يواجهها
مستقبل العلاقات العربية الافريقية
تتعلق باستغلال مياه النيل للضغط على
مصر كبرى الدول العربية، ومحاولة
ابتزازها في لقمة عيشها وفي شربة مائها.
وكلما ضعفت العلاقات العربية
الافريقية أو تراجعت، يشتد الضغط
الابتزازي، وعلى العكس من ذلك كلما
قويت وتعززت وتكاملت، تتراجع الضغوط
وتنحسر. حتى
الآن، أطفئت الأنوار في مشروع مدينة
النور. وعمّ ظلام الفقر والجوع شرق
افريقيا.. وتوسعت الاضطرابات الأمنية
في جنوب اليمن وشماله. وانطلقت عجلة
الانفصال في جنوب السودان بالسرعة
القصوى. أما
الانشغالات العربية فإنها تتراوح بين
مواجهة تجدد الصدامات المسلحة في
الصحراء بين المغرب والبوليساريو (الجزائر
ضمناً) وتداعيات تعميق الانفصالات
العنصرية والدينية في العراق، وغرق
لبنان في دوامة المحكمة الدولية أو
شهود الزور؟ وخلافة الرئيس حسني مبارك
في مصر بالرئيس حسني مبارك، واستمرار
الانقسام الفلسطيني الفلسطيني فيما
تواصل إسرائيل مخطط التهويد بشراً
وحجراً!!. عندما
احتلت إسرائيل العقبة في عام 1949 أثناء
مباحثات رودس التي أدت الى اتفاق
الهدنة، أقامت مدينة ايلات، وقطعت
بذلك التواصل البري بين عرب آسيا وعرب
افريقيا في شمال البحر الأحمر.. واليوم
تحاول إسرائيل أن تمنع التواصل بين عرب
آسيا وعرب افريقيا في جنوب البحر
الأحمر. وبدلاً
من أن تكون إسرائيل تحت رحمة تثبيت
وتكريس السيادة العربية على الممرات
المائية الستراتيجية من مضيق جبل طارق
حتى باب المندب، مروراً بقناة السويس،
فإنها تحاول أن تضع العرب عند رحمة
تحالفاتها التي ترفع القبضة العربية
عن هذه الممرات: من حلف الأطلسي في
الشمال حتى أثيوبيا، وغداً جنوب
السودان، في الجنوب. إسرائيل
توسع دائرة تحالفاتها الستراتيجية
والدول العربية (بعضها على الأقل) توسع
دائرة صراعاتها الصغيرة التي تستنزف
قدراتها وإمكاناتها.. وتصرفها عن
مواجهة الأخطار الحقيقية الزاحفة
اليها من الخارج. لقد
وصف القرآن الكريم المؤمنين بأنهم "أشداء
على الكفار رحماء بينهم". فماذا حدث
حتى أصبح العرب "بعضهم على الأقل"
رحماء على الكفار أشداء بينهم؟!. ======================= ميشيل
كيلو السفير 6-12-2010 نشأ
حلف الأطلسي بالأصل في سياق الدفاع عن
أوروبا الغربية ضد ما أسموه آنذاك «الخطر
العسكري السوفياتي»، وكانت فكرته
الرئيسة تقوم ببساطة على قبول وجود
عسكري أميركي دائم ووازن في بلدان
أوروبا الغربية، وخاصة منها تلك
المجاورة للبلدان الاشتراكية في وسط
أوروبا، لردع السوفيات من خلال قوة رد
سريع أميركية معادلة لقوتهم، تحتل رأس
جسر أوروبياً يمكن واشنطن من
المشاركة، عند اللزوم، في أية عمليات
عسكرية فور بدايتها، ريثما تكون القوة
الضاربة قد تحركت من وراء المحيط
باتجاه ميدان المعركة. هذه المهمة،
التي قامت أساساً على الردع، توسعت
بمرور الزمن، لتتحول بعد انهيار
المعسكر السوفياتي وجيشه الأحمر، إلى
مهمة تتجاوز أوروبا الغربية من جهة،
وتتخطى الردع إلى القتال الهجومي
والمباشر، وخوض معارك الغرب والكون
الجديد: الولايات المتحدة الأميركية،
التي انخرطت في معارك تطاول سائر
القارات من جهة أخرى. وقد
عقد حلف الأطلسي يومي 20 و21 من شهر تشرين
الثاني الماضي مؤتمر قمة في لشبونة
عاصمة البرتغال، بقصد إيجاد صياغة
أخيرة وناضجة تؤقلم هاتين المهمتين مع
جديد العالم، وتفيد من خبرات أميركا
والغرب في حربي العراق وأفغانستان،
وتأخذ في حسابها ما يمكن وقوعه من
أحداث وتطورات في المستقبل، مع اتساع
دائرة الصراع بين الغرب عموما،
والعالم الفقير، وخاصة منه العالم
الإسلامي، على وجه الخصوص. شهدت
القمة جديداً يمكن تلخيصه في أمرين: -
اقتراب روسيا من الحلف إلى درجة تفتح
أمامها باب الاندماج الكامل فيه،
وإعلان رئيسها تبني معظم مفاهيمه
الدفاعية والهجومية، وانتهاء
مشكلاتها معه وتكييف عقيدتها العسكرية
مع عقيدته، وانخراطها في قبول ما سبق
لها أن رفضته من خطوات تتركز أساسا على
بلدان في العالم الإسلامي، أهمها
إيران، وبالدرجة الثانية باكستان،
وموافقتها على العمل المشترك في مناطق
مختلفة من هذا العالم، ورغبتها في
تأسيس شراكة عسكرية وسياسية، وتالياً
استراتيجية طويلة الأمد، بينها وبين
الغرب، في تحول تاريخي هائل يبدل بصورة
جدية بعض وظائف الدولة الروسية
وأدوارها، ويقربها من الانضمام لأول
مرة إلى المعسكر الغربي، بما يذكر
بالسيناريو الذي وضعته وزارة الدفاع
الأميركية بعد انهيار الاتحاد
السوفياتي، وقام على معادلة غرب غني
وقوي ومسلح ضد عالم ضعيف ومتأخر وجائع
وأعزل، على أن يضم الغرب كتشكل دولي
جديد الدول الصاعدة من الصين إلى
البرازيل والهند، وتتوسع مناطق انتشار
قواته ونفوذه الاقتصادي بحيث يصير هو
الشمال الجديد، الذي سيواجه الجنوب. وضعت
روسيا في المؤتمر أقدامها على أبواب
هذا الغرب / الشمال، وأعلن رئيسها
ميدفيديف نهاية المشكلات مع الأطلسي،
وتقرر إجراء سلسلة من الاتصالات
وتوقيع عدد من الاتفاقات لتصفية إرث
الماضي مع الأطلسي، عدو الأمس اللدود،
وإقامة أرضية مشتركة لتفاهم دائم
ووطيد، لا شك في أنه سيغري الصين
والبرازيل والهند بدخوله والانضمام
إلى الشمال الجديد، ليكتمل حصار
الجنوب وإلحاقه في شروط غير مسبوقة
تاريخياً؟ يبدو
أن الصين ستكرر في المستقبل التجربة
الروسية في علاقاتها مع الغرب، فلا
يستبعد أن تبدأ بعد حين خطوات ملموسة
للاقتراب عسكرياً واستراتيجياً منه
عبر بوابة الإرهاب ومحاربته، على أن
يتم هذا بعد انتهاء عملية هضم وتمثل
روسيا داخل الحلف، والإفادة من قوتها
وموقعها وخبراتها في ميدان الحرب على
الإرهاب، التي تحولت إلى معركة تكتسب
شمولاً متعاظماً ضد العالم الإسلامي،
وربما كان أول الغيث فتح الأراضي
الروسية أمام تدفق السلاح البري
الأميركي المدرع على أفغانستان، مثلما
أعلن الروس بعد المؤتمر بيوم واحد. -
توسيع مهام الحلف توسيعاً سريعاً
ومضطرداً لتصير مهام كونية. لم يعد
محور جهد الحلف، في الفهم الاستراتيجي
الجديد، متركزاً على تطويق البر
الروسي ومنطقة وسط وشرق أوروبا،
فالحلف صار آسيوياً أيضاً، وقد قرر في
لشبونة أن يصير كونياً أيضاً، من حيث
مجالات عمله اليوم ووجوده الملموس
غدا، وتوسيعه ليس جغرافياً فقط، بل
سيأخذ من المؤتمر فصاعداً شكل إعادة
إنتاج معممة للآلة العسكرية التابعة
للدول المنضوية فيه باعتبارها آلة
واحدة موحدة، تعمل بأعلى قدر من
التنسيق والمشاركة ضد أي خصم في أي
مكان من عالمنا. فلا عجب إن وجدناه يطور
بسرعة وتركيز أشكالاً متنوعة من
التعاون مع جيوش بلدان لا تنتمي إليه،
سيكون بينها اليوم بلدان عربية لها
علاقات جيدة مع الجيش الأميركي،
وستنسق غداً أدوارها وأنماط تسليحها
وتدريبها مع جيوش الحلف، التي ستصير
كتلة واحدة ذات قيادات مركزية وفرعية
مبثوثة في كثير من مناطق العالم، مع
أولوية أميركية أو إشراف أميركي، بما
أن أميركا هي التي ستدير صراعاته
وجزءاً كبيراً من علاقاته السلمية مع
بقية العالم، ليغدو قريباً المؤسسة
التي ستمتلك أكبر قوة ضاربة عرفها
التاريخ، وستغطي أوسع رقعة جغرافية
وبشرية شهدها التاريخ، وستشكل أنماطاً
من التنظيم والانتشار لا سابقة لها: من
حيث نوع وكمية الأسلحة والقدرات. إذا
كان صحيحاً ما أقوله، فإنه يقود إلى
السؤال التالي الرئيس: ماذا سيعني هذا
التطور على الأرض، وهل تعد دول الشمال
نفسها لمصالحة مع الجنوب، تسمح
للبشرية بالعيش في سلام وازدهار، أم أن
الأمور ذاهبة بعكس هذا المنحى؟ أصدر
المجتمعون في لشبونة إشارات تدل على
التوجه المستقبلي لسياساتهم، منها قول
أمين عام الحلف راسمونسن: على طالبان
أن تنسى أننا سننسحب من أفغانستان بعد
عام 2014. وقول رئيس فرنسا بعد الموافقة
على إقامة درع صاروخية في منطقة جنوب
ووسط أوروبا تم إنجاز قسمه الإسرائيلي
منذ قرابة عام! إنه سيكون موجهاً ضد
إيران، رغم أن اسمها لم يرد في وثائق
الحلف الرسمية، بسبب معارضة تركيا،
التي قرأت العلامات الجديدة وقررت
الموافقة على نشر صواريخ وقواعد للدرع
في أراضيها أيضاً، بينما انتشرت أنباء
عن مفاوضات أميركية مزمعة مع العراق
تبقي على وجود عسكري يضم أحد عشر ألف
جندي في أراضيه، بعد نهاية العام
المقبل. ثمة
إضافة أخيرة هي التالية، حول معنى
الخطوة الأطلسية وما قيل عن إصلاح
وتفعيل الحلف: في الماضي، كانت أميركا
تقيم أحلافاً واسعة قدر المستطاع
لمواجهة الأزمات الطارئة وما يترتب
عليها من تطورات وصراعات وحروب. لقد
فعلت هذا في حرب كوريا، ثم فيتنام، ثم
في حربي الخليج الأولى والثانية
وأفغانستان بعد البلقان ووسط أفريقيا.
وبما أنها كثيراً ما كانت تصطدم
بممانعة بعض الدول، التي ترفض
مشاركتها كلياً أو جزئياً في حروبها،
فإنها قررت كما يبدو إقامة تحالف دولي
واسع إلى أبعد حد قبل نشوب الأزمات
والحروب، يضمن انخراط أطرافه جميعها
في القتال إلى جانبها. هذا باختصار
شديد أحد أهم وجوه عمل مؤتمر الأطلسي
في عاصمة البرتغال. ولعل ما فعلته
روسيا باقترابها من الحلف يعني حدوث
اختراق في السعي إلى بناء حلف كهذا،
مهمته شد مفاصل الغرب عامة وأميركا
خاصة، وتوجيه رسالة إلى العالم تبين كم
هو الغرب متضامن متكافل في السراء
والضراء، وكم هو ممنوع إنزال هزيمة
بأية واحدة من دوله، وخاصة منها
أميركا، التي ستطبق على الأرجح الوضع
الجديد في علاقاتها مع دول مختلفة، لا
شك في أن بلداننا العربية وإيران ستكون
على رأسها، أقلها لأنها مركز العالم
الإسلامي، حيث تدور المعركة الكبرى
منذ عقود قليلة ويرجح أن تستمر لبقية
قرننا الحالي! ليس ما
وقع في البرتغال خلال يومي مؤتمر
الأطلسي بالحدث العادي، إنه إعلان
غربي صريح باستمرار الحرب في دار
الإسلام والعرب، وإعلان أكثر صراحة
بأن انتصار الخصم لن يكون متاحاً أو
ممكناً، وبأن الغرب سيخوض الحرب كي
يحسمها، وأنه لن يتهاون مع أي طرف من
أطرافها! ======================= زيارة
لشهداء المقاومة المصرية للعدوان
الصهيوني صافي
ناز كاظم الشرق
الاوسط 6-12-2010 قلت
لسائق العربة الأجرة: اصعد بي إلى هناك. شعرت
بالكلمة «اصعد»، على الرغم من أنني لا
أعرف إذا كان الطريق صعودا أم هبوطا.
أحيتني رائحتهم: أريج الزهور والفل
والريحان، وكانت معي أطواق الياسمين.
لم أبحث عن واحد؛ كلهم ذلك الواحد الذي
يعنيني: الذي جعلني أبتسم وأشرق
بالدموع. كنت أسير شوارع القاهرة هبوطا
كلها، وجهي كالح جاف والخسوف كامل
يجعلنا لو نظرنا في قرص الشمس نعمى،
والأرض الملتهبة ترفضنا: حزن أزرق
مرشوق حصاة وسط القلب. مجموعة
القرنفل أمامي لكني اخترت أطواق
الياسمين يا حبيبي؛ لم أعنها واحدا
بالذات حين نظرت إلى مجموعكم الممتد، «يا
حبيبي» كلمة لا جمع لها: يا أنتم، يا
وجهنا الجميل، حين طفت أتفقد أسماءكم
اطمأننت: مجموعكم الممتد هنا هو ثمن أن
ينفك عنا الاختناق ونتنسم الهواء
فهاكم أطواق الياسمين يا حبيبي. قال
سائق العربة الأجرة: قريب لك؟ قلت:
وأنت أليس لك قريب؟ قال:
كلهم أولادنا. قلت:
نفس قرابتي يا ولدي! ضحك
وضحكت وسارت بنا العربة صامتين حتى قال:
لم تقولي «مقابر الشهداء». - قلت:
اصعد بي إلى هناك. - لذلك
عرفت. - كرهت
أن أسميها مقابر. -
شواهد. - نعم! هبطت
في ملقف الطرقات وعند المقهى لفحتني
رائحة الموت وقالت لي محاجر العيون
المتآكلة، ثمار غابة الشجر المر
واللبلاب: - لا
فائدة من شيء. قلت
وكفي بها عبير الياسمين: -
الشواهد قالت لي غير ذلك. هبطت
حتى صعدت الدروب المنسية وتغلغلت في
قرى الطمي، العيون التي أعطت سألتني: - هل
السماد طيب؟ العيون
التي أعطت تقول: - لا
يزال المزيد لدي. قالت
لي الشواهد: ابن قرية الطمي يعرف كم هي
غالية الأرض ويفهم الأمر؛ عدو يمنعه
العلم والزرع والحصد. في
ملقف الطرقات، حيث يكثر اللغط وتتحدث
محاجر العيون المتآكلة بالموات؛ حيث
لا تلطم الأكف إلا أوجهها ولا تطعن
الأيدي إلا صدورها، في غابة الشجر المر
واللبلاب حين همهمت ترنيمة الشهيد: «جابوا
الشهيد جابوه، جابوا العريس جابوه...»
أصمتوني في استهانة وبلادة: عزاء لا
جدوى منه! في
حديقة الشواهد حيث حملت الياسمين وحيث
غنيت وبكيت قلت للشواهد: - حين
أبكي أعرف أن أبتسم، حين نتعزى نعرف أن
نتواصل، الصبر ليس سكونا، الصبر
ديمومة تحريك الهواء حتى يتنفس
الاختناق. قالت
لي الشواهد: - لا
جدوى في غابة الشجر المر واللبلاب: نحن
قد أتينا من قرى الطمي ومن الدروب
المنسية. تمتمت:
«يا بلدي هاتي ما تعديش، عنا ولادك ما
تخبيش». قالت
الشواهد: نحن لا ننتهي. قلت:
زرع القرون الطويلة لا ينخلع. قالت
الشواهد: وحين تذرونا العاصفة يشدنا
الجذر. قلت:
وننبت أبدانا خضراء. قالت
الشواهد: الغصن الأخضر لا تحرقه النار. قلت:
الغصن الأخضر نقلب به الجمر: «يا
عود نبت في أرضي وشب وردة
جديدة مروية بدم القلب»! =================== أشكال
النضال والتجربة الفلسطينية بقلم
منير شفيق السبيل
الأردنية يخطئ
كل من لا يقرأ الصراع في فلسطين
باعتباره حالة فريدة مقارنة بمختلف
الصراعات التي خاضتها حركات التحرّر
الوطني، وذلك بالرغم من أن كل صراع
خاضته حركة تحرّر وطني كانت له خصوصيته
وفرادته. ولكن في الموضوع الفلسطيني
ثمّة خصوصية وفرادة لا مثيل لهما
مقارنة بنوع العدو الذي يواجهه الشعب
الفلسطيني، وبمشروعه المختلف جوهرياً
عن مشاريع السيطرة الاستعمارية
والإمبريالية وحتى الاستيطانية التي
عرفتها شعوب المستعمرات كافة. فهو أقرب
إلى أن يُدرَج ضمن الحالات التي
واجهتها الشعوب الأصلية في الأمريكتين
وأستراليا ونيوزيلندا، وإن لم يواجه
الإبادة الجسدية التي واجهتها تلك
الشعوب. فوجه التشابه هنا يتمثل في
إحلال مجموعات المستوطنين مكان الشعب
الأصلي. ومع ذلك لا تدخل فلسطين ضمن
إطار تلك الحالات ليس لسبب انتفاء حالة
الاجتثاث بالإبادة فحسب، وإنما أيضاً
بسبب استحالة حسم الصراع في مصلحة
الكيان الصهيوني حسماً نهائياً كما
حدث في الأمريكتين وأستراليا
ونيوزيلندا. إن
عملية إحلال مجموعات المستوطنين
وتحويلهم إلى شعب مكان الشعب
الفلسطيني في وطنه تمت من خلال السيطرة
الاستعمارية-الإمبريالية على ميزان
القوى العالمي وبتأييد الدول
الإمبريالية ودعمها. بل رعايتها
وتبنيها لمشروع إقامة دولة الكيان
الصهيوني. وقد كان الاستعمار
البريطاني في البداية والده ورأس
حربته وحاميه ومؤمّن وصوله إلى فلسطين
وانزراعه فيها ومن ثم تمكينه عسكرياً
ليتفوّق على شعب فلسطين بعد تجريده من
السلاح وقطع تواصله مع أمته العربية
والإسلامية من خلال التجزئة والهيمنة
على دولها. ثم
انتقلت الرعاية والحماية والمساعدة
العسكرية والمالية إلى الإمبريالية
الأميركية التي ما زالت تتزعم دولاً
إمبريالية ودولاً أخرى لدعمه من جهة،
ووضع ما أمكن من الدول العربية
والإسلامية تحت هيمنتها، واستخدام من
أمكن منها ضدّ مقاومة الشعب الفلسطيني
والتنازل عن الحق الفلسطيني والعربي
في فلسطين. هنا
يصبح أمامنا سمتان أساسيتان تمثلان
خصوصية الوضع الفلسطيني وفرادته: الأول:
إن طبيعة الصراع تتمثل بإحلال "شعب"
مكان شعب آخر من خلال اقتلاع الثاني من
وطنه وتهجيره بالقوّة وتحت وطأة
المجازر والإرهاب ومختلف أشكال الضغوط.
وقد حدث ذلك عبر حرب 1948 وفرض خطوط هدنة
تحمي إقامة الكيان الصهيوني: جيشاً
ومجتمعاً ودولة، وتفرض التفوّق
العسكري له على الجيوش العربية مجتمعة.
فمشروع هذا الإحلال راح يتمّ على مراحل
تحكمها تطورّات موازين القوى وما ينشأ
من ظروف ومعطيات ومعادلات فلسطينياً
وعربياً وإسلامياً وعالماً ثالثياً
ودولياً. ولكن هذا التعرّج ظلّ ضمن
إطار الهدف الأساسي. الثاني:
إن العدو الذي واجهه الشعب الفلسطيني،
وما زال يواجهه، تمثلّ بجبهة دولية
عريضة متحدّة ضدّه على غير ما كانت
تواجهه شعوب المستعمرات في صراعها ضدّ
عدّو استعماري واحد. وقد كانت أحياناً
تتلقى دعماً مباشراً أو غير مباشر من
منافسيه الاستعماريين الآخرين، ما جعل
المواجهة التي يخوضها الشعب الفلسطيني
أكبر بكثير من أيّة مواجهة عرفتها حركة
تحرّر وطني، ولهذا لا مبالغة إذا قيل
إن الشعب الفلسطيني لم يقاتل
الاستعمار البريطاني وحده في مرحلة
الانتداب، ولم يقاتل الجيش الصهيوني
وحده في حرب 1948، وإنما كانت هنالك كتلة
عالمية من الدول الكبرى تقف ضدّه، ولا
سيما بعد قيام دولة الكيان الصهيوني.
فالهند حاربت بريطانيا وحدها،
والجزائر حاربت فرنسا وحدها، وفيتنام
حاربت أمريكا وحدها، وجنوب أفريقيا
حارب مستوطنين عنصريين كانت وراءهم
دولة واحدة أو أكثر من الدرجة الثانية
في موازين القوى. بل أمكنه في مرحلة
لاحقة كسب غالبية الدول الكبرى لتفكيك
النظام العنصري. أما في
فلسطين فهنالك الكيان الصهيوني نفسه
المدجّج بالسلاح، وهنالك معه بصورة
عضوية الحركات الصهيونية العالمية
التي أصبحت متنفذّة داخل متخذي
القرارات وواضعي الإستراتيجيات في
الدول الغربية، ولا سيما الولايات
المتحدة الأمريكية وهذه الدول تعهّدت،
وتتعهّد بحماية دولة الكيان الصهيوني
ودعمها وتمكينها لتنفيذ عملية
الاحتلال والاقتلاع اللذين تمّا، أو
المُرشحيْن للإتمام إن أمكن. يجب أن
يُضاف هنا أن التواطؤ الإمبريالي
العالمي مع الكيان الصهيوني لعب، أو
يلعب، دوراً حاسماً، في شلّ الدول
العربية والإسلامية والعالم ثالثية
ومنعها من دعم الشعب الفلسطيني، كما في
تعبئة الرأي العام العالمي في مصلحة
الكيان الصهيوني. وبهذا
يكون ميزان القوى في هذا الصراع مختلاً
كما لم يحدث لميزان قوى واجهه شعب
وحركة تحرّره الوطني في العالم. من هنا
يجب أن يبدأ الفهم لطبيعة الصراع في
فلسطين ولطبيعة العدو الصهيوني وللقوى
العالمية الداعمة له كما للشلل
المقابل في الوضعيْن الفلسطيني
والعربي بسبب التجزئة القطرية
والهيمنة الإمبريالية عليها عموماً. هذه
المعادلة المعقدة والصعبة جدا، وإن
كانت في نهاية المطاف قابلة للتفكيك
والتغيير (ولهذا حديث آخر) هي التي
تُفسّر لماذا استطاع المشروع الصهيوني
أن يُقيم كيانه ودولته؟ ولماذا لم يزل
ماضياً في عملية التوسّع والتهويد في
الضفة الغربية؟ ولماذا أخذ يشترط
الاعتراف بيهودية الدولة مقابل
التنازل عن فتات تقوم عليه دويلة
للفلسطينيين؟ على أن
هذه المعادلة المعقدة والصعبة جدا
التي تتسّم بها القضية الفلسطينية،
وقد نشأت عنها خصوصيتها وفرادتها
الاستثنائيتان هي التي تفسّر قيام
سلطتين إحداهما في رام الله تعمل
بالتعاون مع الكيان الصهيوني ضدّ
المقاومة مع المضيّ في المفاوضات،
وثانيهما في قطاع غزة: قاعدة مسلحة
محرّرة تحت الحصار من كل الجهات مع خوض
حرب 2008 /2009 أفشلت الهجوم. وبهذا جرّب
الانقسام الحاد بين ضفة وقطاع ومن خلال
الإستراتيجيتيْن. وثمة
تجربة للفلسطينيين الذين بقوا تحت
إطار دولة الكيان الصهيوني حيث عانوا
من الأحكام العرفية والعنصرية وألوان
الضغوط لتهجيرهم وصمدوا وشنوا ألواناً
من أشكال النضال للحفاظ على وجودهم في
وطنهم. وجرّبت
من جهة أخرى المقاومة في الأردن ما بين
1968-1970 ثم في جنوبي لبنان من 1971-1982 وقد
خاضت حربيْن كبيرتيْن 1978 و1982 ثم جرّبت
الانتفاضة الأولى 1978-1993 فيما (م.ت.ف) في
المنفى التونسي. ثم كانت هنالك تجربة
المقاومة الوطنية ثم المقاومة
الإسلامية في لبنان التي أسفرت عن
تحرير الجنوب عام 2000 ثم حرب 2006 وإنزال
الهزيمة بالجيش الصهيوني. وبكلمة،
في عملية الصراع مع المشروع الصهيوني
منذ البداية حتى اليوم تنقلت التجربة
الفلسطينية بين مختلف الأشكال
الرئيسية للكفاح المسلح من حرب
العصابات في خريف 1936-1938 إلى حرب
القشرة، أو الواجهة إلى المقاومة من
الخارج إلى الداخل 1965-1982 ومن الداخل مع
الخارج 1985-2006، ثم حروب حقيقية تتسّم
بالمواجهة والاشتباك كما جرّب العمل
ضمن قواعد محرّرة يتخللها ألوان
الاستعداد العسكري بما في ذلك تعزيز
السلاح وتطويره وحفر الأنفاق
والاستعداد لمواجهة جيش العدو (جنوبي
لبنان وقطاع غزة حالياً). كما
جرْبت كل أشكال الممانعة الشعبية
السياسية والمقاطعة الاقتصادية
والنضال ضدّ الإمبريالية ولا سيما ضدّ
أمريكا وانحيازها للكيان الصهيوني
1948-1967 وبعدها بل في كل المراحل. فكيف
يمكن تقويم نتائج استراتيجيات
المقاومة والممانعة والمقاطعة
والانتفاضة الشعبية والحروب؟ الذين
شنّوا الهجوم على تجارب المقاومة
المسلحة المختلفة وتجارب الممانعة
السياسية الشعبية المختلفة اعتبروها
بلا فائدة لأنها لم تستطع منع قيام
دولة الكيان الصهيوني، ونتائج حرب 1967.
بل ذهبوا إلى تحميلها مسؤولية الحروب
والفظائع والجرائم التي ارتكبها العدو
الصهيوني. وهذان نقدان في غير محلهما:
فالأول اعتبر أن المقاومة المسلحة
فاشلة لأنها لم تمنع قيام دولة الكيان
الصهيوني. وهو أمر لم يكن ممكناً، في
حينه، تحت كل الظروف والأحوال ضمن
معطيات معادلة موازين القوى وطبيعة
الكيان الصهيوني وسياسات الدول الكبرى
والضعف العربي الناجم عن التجزئة
والهيمنة. فالمقاومة لم يكن أمامها سوى
منع الانهيار والحدّ من تقدّم
المشروع، وإبقاء مواجهته قائمة لئلا
يبتلع كل شيء، وبأسهل السبل وأسرع
الآجال. فمن
هذه الزاوية: الحدّ من سرعة تقدّم
المشروع وعرقلته في هذه المرحلة أو
تلك، ولهذا الحدّ أو ذاك، كما إبقاء
شعلة المقاومة متّقدّة، وتسليمها من
جيل إلى جيل يمثل بحدّ ذاته إنجازاً
مهماً إذا ما نوقش الوضع في إطار
النسبية: بل يستأهل كل ما قدّم من
تضحيات. هذا
الكلام ينطبق على المراحل السابقة
جميعاً ولكن المقاومة ولا سيما بعد عام
2000 سواء في لبنان أم في فلسطين راحت
تحقق إنجازات تتجاوز الحدّ من التدهور
والانهيار إلى الدخول في مرحلة شبه
التوازن الإستراتيجي، كما أثبتت حربا
2006 في لبنان وحرب 2008/ 2009 في قطاع غزة.
فعلى مستوى الموقفيْن يمكن الحديث عن
تحرير أرض وعن تشكّل قواعد محرّرة أو
شبه محرّرة حتى لو كان القطاع محاصراً.
فالعدّو لم يعد يستطيع دخوله إلاّ من
خلال الحرب والقتال من شارع إلى شارع
ومن بيت إلى بيت. وهذا
ما يسمح بالقول إن استراتيجية
المقاومة والممانعة كان بإمكانها، مع
حشد عربي وإسلامي وعالمي لدعمها وعزل
الكيان الصهيوني، أن تفرض انسحاباً
وتفكيكاً للمستوطنات من الضفة
الغربية، بلا قيد أو شرط، كما حدث في
جنوبي لبنان وقطاع غزة. ولكن الذي أفسد
ذلك جاء من استراتيجية العملية
السياسية والتفاوض والرهان على
الرعاية الأمريكية فلسطينياً وعربياً.
وهو الذي أدّى إلى تحوّل الضفة الغربية
من خلال سلطة رام الله والتعاون الأمني
مع الاحتلال إلى قاعدة مُضادة
للمقاومة ومُتعاونة مع الاحتلال
وأسيرة مالياً للدول المانحة. إن
الحالة القائمة في الضفة الغربية إذا
لم تُكسَر بإلغاء الاتفاق الأمني
وإبطاله وإسقاط استراتيجية المفاوضات
سوف تعرّض القضية للتصفية. فقد وصلت
إلى حدّ التفاوض حول دويلة ثمنها تبادل
الأراضي في الضفة الغربية وقبول ما قام
من استيطان والتنازل عن الأراضي
المحتلة والمغتصبة عام 1948، وعن حق
العودة، كما الاعتراف بدولة الكيان
الصهيوني دولة يهودية بما يمسّ أصل
الحق في فلسطين، وإنهاء المطالبة
بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في
فلسطين: (تصريحات عباس) وعبد ربه (حول
الاعتراف بيهودية الدولة)، وسلام فياض
(حول القبول بالرواية التوراتية). إن
الوصول إلى هذا المستوى عبر مسيرة
التنازلات والانخراط في عملية التسوية
لا يترك مجالاً للشك في أن أشكال
النضال في المقاومة والانتفاضة
والممانعة والمقاطعة والمستمسكة
بالثوابت المحدّدة في ميثاقيْ م.ت.ف 1964
و1968 هي وحدها ما يمكن أن يُطلَق عليه
صفة أشكال النضال المجدية والفعّالة.
أما ما عدا ذلك من أشكال إدارة الصراع
من تنازلات عن ثوابت وحقوق والقبول
بقرارات الأمم المتحدة وشروط عملية
التسوية والمفاوضات فليست من أشكال
النضال في شيء. فهي لم تُنقِذ شيئاً
وإنما فرّطت حتى أصبحت أمام القبول
بأزعومة "الحق اليهودي" التاريخي
في فلسطين، والتخلي عن الحق الفلسطيني
والعربي والإسلامي المؤكد في فلسطين
كل فلسطين. ومن ثم
يكون من قبيل التزوير اعتبار
المفاوضات وعملية التسوية في الوضع
الفلسطيني يُطابِق ما حدث في تجارب
أخرى مارستها حركات تحرّر وطني
ومقاومة. وذلك باعتبار التفاوض من
أشكال النضال فيما هو طريق إفساد
النضال وتصفية القضية والحقوق
الأساسية. وهذا حكم لم يعد مستنداً إلى
خصوصية القضية الفلسطينية وطبيعة
العدو وطبيعة الصراع فحسب، وإنما
أيضاً أكدته التجربة الواقعية-العملية
ذات القول الفصل أو الحكم الفيصل. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |