ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 08/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

ويكيليكس العربيّة... الأخرى

الثلاثاء, 07 ديسيمبر 2010

حازم صاغيّة

الحياة

في ما خصّ العرب وسياساتهم، هناك في مسألة ويكيليكس جانب مثير قد يكون الأهمّ. ذاك أنّ ما اعتُبر «فضيحة» لهذا النظام أو ذاك، وهذا البلد أو ذاك، وهذا السياسيّ أو ذاك، إنّما هو التصرّف على عكس ما يقال ويُعلن.

والفجوة بين السلوك وبين الشائع تتجسّد خصوصاً في ما يلي:

أوّلاً- يقول الشائع إنّ الصراع مع إسرائيل هو «القضيّة المركزيّة» للعرب. يقول السلوك إنّ هذا الصراع ليس على أجندة أحد.

ثانياً- يقول الشائع إنّ إيران «دولة شقيقة». يقول السلوك إنّ مصدر الخوف الفعليّ هو من إيران ومن احتمالاتها النوويّة.

ثالثاً- يقول الشائع إنّ سياسيّي بعض البلدان يمثّلون شعوبهم. يقول السلوك إنّهم يمثّلون طوائفهم وجماعاتهم.

رابعاً- يقول الشائع إنّنا، شعوباً وحكومات، نكافح الإرهاب. يقول السلوك إنّنا ننقسم بين مكافحين له وداعمين.

القاسم المشترك بين هذه العناوين هو امتثال السياسات العربيّة للمألوف وجبنها عن تحدّيه، حتّى حين لا يعود هذا المألوف شعبيّاً. وهنا، لا تملك الحجّة الزجليّة عن «مخالفة الأنظمة لشعوبها» أيّة قيمة فعليّة، ولن تكون بحالٍ سبباً ل «تحرّك الشارع العربيّ». ذاك أنّ مواقف «الشعوب» أكثر اختلاطاً وتشوّشاً بكثير ممّا تفترضه الصورة النضاليّة البسيطة.

فالمزاج الشعبيّ في الخليج، مثلاً، يرى فعلاً، عن خطأ أو عن صواب، أنّ إيران هي الخطر، وهذا ناهيك عن أنّ «الأنظمة» هي الأكثر اندفاعاً في مكافحة الإرهاب الدينيّ، فيما «الشعوب» هي الأكثر اندفاعاً في تأييده ودعمه. أمّا في حالات أخرى كلبنان، حيث معنى الوطنيّة نفسه متنازَع عليه، فتمثيل مصالح جماعة طائفيّة بعينها هو الموقف الشعبيّ داخل هذه الجماعة.

قصارى القول إنّ المسألة أعقد كثيراً من الزجل الديماغوجيّ والشعبويّ الذي يفترضنا شعوباً منسجمة وخيّرة لا يفعل الحكّام إلاّ تضليلها وحرف إراداتها وخيانة تمثيلها لها. ف «الشعوب»، وفق هذا السيناريو، تنام وتصحو على إشاعة الحدود «لمكافحة العدوّ الصهيونيّ ومن ورائه الولايات المتّحدة»، بينما تمضي «الأنظمة» في خذلان تلك الطموحات.

أغلب الظنّ أنّ ما طرحته تسريبات ويكيليكس علينا غير ذلك، وأخطر من ذلك: إنّه يتّصل بمدى التصدّع في كياناتنا المجتمعيّة والوطنيّة، بل أيضاً بمدى الكذب في لغتنا السياسيّة التي شئناها واحدة موحّدة، لكي نغطّي بوحدتها المزعومة درجة التصدّع في الواقع الفعليّ.

هنا يكمن التحدّي الأكبر الذي يبدأ علاجه باعتماد لغة أخرى تطابق واقع الحال، أو على الأقلّ، بالكفّ عن إنتاج الخرافات التي لا تلبث أن تتحوّل مادّة إجماع لفظيّ يرقى إلى مقدّس، بحيث يغدو السياسيّ أسير ما صنعه.

هكذا يكون أوّل الانتقال من عالم الفضيحة إلى عالم السياسة ببناء فضاء عامّ يقال فيه كلّ شيء وأيّ شيء، بعيداً من تهم التخوين والتكفير ومخالفة «الثوابت». ولإنجاز هذا الفضاء العامّ، ولحمايته، سيجد السياسيّ العربيّ نفسه مطالَباً بإبداء شجاعة لم تُعرف عنه من قبل، لأنّه، في زمن ما قبل ويكيليكس، لم يجد نفسه مضطرّاً إلى إبدائها.

=======================

الوطن العربي.. مخاطر في الأفق

الثلاثاء, 07 ديسيمبر 2010

مصطفى الفقي *

الحياة

إن كل من ينظر إلى المستقبل، القريب والبعيد، لا بد من أن يشعر بشيء من القلق على معظم الدول العربية، فنحن نرى السحب تتجمع في الأفق والرياح تنذر بالعواصف الشديدة، إذ إن المنطقة مستهدفة والأطماع فيها كثيرة والمؤامرات حولها لا تتوقف، وقد أغرتني للكتابة عن ذلك تلك المشاهد التي تحيط بنا فنعيش معها ونتعايش وفقاً لاحتمالاتها المختلفة حتى نتعود عليها! إن الوطن العربي بكل ثرواته وإمكاناته هو بؤرة أطماعٍ بغير حدود، كما أن محاولات اختراقه لا تخفى على أحد، كذلك فإن التطورات الدولية والإقليمية تبدو في سياقها العام معادية له متربصة به، ويهمني أن أقول إن إسرائيل لاعب مشبوه وراء معظم محاولات الاستهداف وكل مشروعات التقسيم. والآن دعنا ننظر في الخريطة السياسية لبعض الدول العربية لنرى كيف تمضي نحوها المخططات وتتجه إليها المؤامرات في شكل غير مسبوق وتلك هي الشواهد:

أولاً: ها هو السودان العربي التاريخ والهوى في معظم أنحائه والذي يمثل أكبر البلاد العربية مساحة ويتمتع بثروة هائلة من الأرض الخصبة والمياه المتدفقة يخطو الآن نحو واحدة من أخطر مراحل تاريخه على الإطلاق، فحتى الخريطة التي تركها الاستعمار البريطاني يجرى الآن تفتيتها والاتجاه بذلك البلد الكبير إلى التقسيم بفصل جنوبه عن شماله وفتح بوابة لصراعات التجزئة ومحاولات تمزيق خريطته تحت دعاوى عرقية ودينية ما كان يجب أن يسقط فيها السودان أبداً وهو ذلك البلد الذي يتميز شعبه بعشق الحرية وتعاطي الثقافة والإحساس بالكبرياء والكرامة. ونحن نتابع بقلق شديد ما يتعرض له ذلك البلد من حركات انفصالية تبدأ بالجنوب وقد تمر بدارفور وربما تمتد عناصر المؤامرة الى ما هو أكثر من ذلك، والعجيب أن العالم العربي لا يدرك جيداً حجم المخاطر الناجمة عن تقسيم السودان، فهو الدولة التي تمثل جسر الاتصال المباشر مع عمق القارة الإفريقية، ويكفي أن نتذكر أن خريطة العالم العربي ستتغير باستقطاع جزءٍ من خريطة إحدى دول التخوم على حدوده الجنوبية.

ثانياً: إن العراق الرابض على البوابة الشرقية للوطن العربي يتعرض هو الآخر لمحاولات مستميتة لتمزيق وحدته والنيل من عروبته وقد عانى شعبه كما لم يحدث لأي بلدٍ في تاريخ المنطقة من قبل، وليس لدي شك في أن الدولة العبرية هي التي وقفت وراء مشروع غزوه لأنها كانت ترى في قوته العسكرية خطراً عليها، كما أنها تؤمن من الناحية الإستراتيجية بأن العراق يمثل خطورة حقيقية على أمن إسرائيل، وقد شاركت قوى أخرى إقليمية في مباركة ما جرى للعراق بوعي أو بغير وعي ولعلي أشير هنا بلا تردد إلى ايران التي عانت كثيراً من نزوات نظام الحكم السابق في بغداد، فالخطر الداهم إذاً يمتد من الحدود الجنوبية للوطن العربي إلى آخر نقاط التماس على الحدود الشرقية أيضاً، ونضيف إلى ذلك محاولات العدوان على المسيحيين العرب في بلاد الرافدين وما يعكسه ذلك من أبعاد مؤامرة قابلة للتطبيق في دول عربية أخرى، فالعدوى محتملة والمشروعات الخبيثة جاهزة والأمة العربية هي التي تدفع الفواتير في النهاية.

ثالثاً: إنني أكتب الآن ويعتصرني القلق كمواطن عربي من مصر وأنا أرقب النار تحت الرماد في أكبر دولة عربية حيث جرى استهدافها من خلال مخطط طائفي يبدو غريباً عن طبيعة شعبها وسياق تاريخها، فهي أرض تعانقت فوقها الثقافات وتتابعت عليها الحضارات حتى بدت سبيكة متجانسة على مر العصور، وها هي الأحداث الطائفية بين المسلمين والمسيحيين تبدو مثيرة للقلق، خصوصاً أن التطورات الأخيرة فيها تشير إلى تحول واضح في حجم المواجهة ونوعية أسلوبها ومدى تأثيرها، ولعل ما يزيد من خطورة الموقف هو ذلك الشعور العام بأن أصابع خارجية تعبث بالساحة المصرية حيث لا أرى الدولة العبرية بعيدة منها.

رابعاً: إن لبنان – ذلك البلد العربي الجميل – يواجه هو الآخر أطماعاً دولية وإقليمية تحت الدعاوى الطائفية التي تسعى هي الأخرى إلى إشعال نار الفتنة فيه والعودة به إلى أجواء الحرب الأهلية تحت مظلة الخلاف حول درجة قبول المحكمة الدولية المعنية بقضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، كما أن السباق بين المد الشيعي الذي تدعمه إيران في الجنوب واحتمالات الدور الذي قد تمارسه تركيا في دعم السنّة في لبنان قد ينعكس هو الآخر ليتحول إلى صراع مباشر يدفع اللبنانيون ثمنه الفادح كما دفعوا من قبل لسنوات طويلة في حرب أهلية لم ينجم عنها إلا المواثيق والإعلانات السياسية التي تجسد الأطماع الإقليمية في أقوى صورها، ونحن لا ننسى هنا أن الدولة السورية تتعرض – على رغم صمودها – لضغوط دولية من حين لآخر، فلم تبرأ عاصمة عربية من محاولات الإساءة وجرائم التشويه.

خامساً: إن ما كنا نطلق عليه اسم «اليمن السعيد» يواجه هو الآخر مخططاً غامضاً تستخدم فيه مفردات متداخلة لحركات ظهرت في السنوات الأخيرة ومنها «تنظيم القاعدة» وتمرد «الحوثيين» فضلاً عن القلاقل في الجنوب التي تهدد الوحدة اليمنية التي قامت على منطق القوة والإقناع في وقتٍ واحد، بينما تدور الصراعات الخفية حول جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب تحت تفسيرات جاهزة في مقدمها مواجهة عصابات القرصنة التي تنطلق من الصومال الذي مزقته هو الآخر الحروب المحلية والصراعات الدموية بعد أن غابت السلطة المركزية عنه سنوات طويلة.

سادساً: إن القضية العربية الأولى تمر بمنعطف خطير يتجه بها نحو التفكيك والتصفية بسبب جرائم إسرائيل المتواصلة وسياساتها العدوانية العنصرية الاستيطانية التوسعية، فضلاً عن الغفوة التي أصابت العقل الفلسطيني وقبلت تقسيم صفوفه بالخلاف المعقد بين حركتي «فتح» و «حماس» تحت دعاوى انحياز الأولى الى الحل السياسي وتمسك الثانية بخيار المقاومة، بينما لا نرى نحن تناقضاً في الأمر، ففي كل حركات التحرر الوطني استخدم الثوار الخيارين معاً ولم يقعوا في شرك الخلاف الذي سقط فيه الفلسطينيون خلال السنوات الأخيرة.

سابعاً: إننا لا نغفل المخططات المتصلة بتعطيش بعض أقطار العالم العربي سواء بالعبث في الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل أو بافتعال الأزمات أحياناً حول مياه الفرات، فضلاً عن دور إيراني له أجندته الفارسية التي تهدد عروبة مملكة البحرين وتستولي على جزر دولة الإمارات وتتسلل من جنوب العراق لتغيير هويته، وعندما ننظر حولنا نجد أننا مستهدفون من كل اتجاه.

ثامناً: إن ما يجري في منطقة القرن الإفريقي بدءاً من مأساة الصومال مروراً بالتحرشات الإثيوبية وصولاً إلى المخاطر التي تهدد الملاحة في المياه الإقليمية عبر شواطئ أفريقيا الشرقية المتاخمة للحدود العربية، كلها نذر توحي باحتمالات التفجير في أي وقت، لأن هناك من يرى أن ضرب العالم العربي يأتي من خلال تشتيت جهوده وتقطيع أوصاله وتوجيه السهام إليه دائماً.

تاسعاً: إن دول المغرب العربي فاض بها الكيل وأصبح يسري في عروقها تيار صامت ينظر إلى الشمال الغربي ويفضل التطلع نحو أوروبا بعيداً من مشكلات المشرق العربي وأزماته التي تبدو غير قابلة للحل، وشعوب هذه الدول، على رغم عروبتها تشعر أن إسلامها يمثل قومية لها، كما أن الإرهاب الدولي يستهدف بعض أقطارها وما عانته الجزائر في العقدين الأخيرين هو خير شاهد على ذلك.

عاشراً: إن الأصولية الإسلامية تنطلق من مواقع مختلفة في العالم العربي على نحوٍ أدى إلى خلط الأوراق والسعي إلى إقامة جسورٍ خلفية تكاد تفصل بين التيارين القومي والديني بل وتسعى إلى جعل الإسلام الحنيف مصدراً للقلق لدى بعض الأنظمة ومدعاة للخوف لدى بعض الأقليات.

هذه شواهد أقرب إلى الهواجس أحياناً ولكنها لا تبدو بعيدة من الحقيقة أيضاً، فنحن أمة مستهدفة في وحدتها مهددة في قوميتها تحيط بها المؤامرات وتطوّقها المخططات وتعبث بها قوى خارجية وداخلية لا تريد لها خيراً. أما حان الوقت لدينا نحن العرب ليظهر بيننا تيار قومي رشيد يقود العقل في غياهب الظلام وبحور القلق أمام عواصف المستقبل وأنواء الغد؟

=======================

عنصرية تتحدث عن نفسها

آخر تحديث:الثلاثاء ,07/12/2010

فايز رشيد

الخليج

بداية، من الضروري التوضيح أن العنصرية هي الكلمة المخففة للفاشية وللظاهرة الأخرى النازية، وهما ظاهرتان جلبتا الدمار للإنسانية والويلات للبشرية، بدليل أن غالبية دول العالم أصرّت على اجتثاث الظاهرتين من جذورهما .

 

الأمم المتحدة وعندما اتخذت قراراً باعتبار الصهيونية “شكلاً من أشكال التمييز العنصري والعنصرية” كانت تعني بالفعل صوابية القرار الذي اتخذته . بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية وبروز عالم القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة، الحليفة الاستراتيجية للدولة الصهيونية، كانت أولى الخطوات التي حرصت كل الحرص على اتخاذها، إبطال مفعول هذا القرار، وبالفعل تمكنت من إلغائه .

 

جاء إلغاء القرار نظراً لموازين القوى العالمية الجديدة في المنظمة الدولية . غير أن ذلك لا ينفي بأي شكل من الأشكال صوابية وواقعية القرار الذي كان قد اتخذه المجتمع الدولي حول ظاهرة الصهيونية .

 

مناسبة القول، نتائج استطلاع بحثي سنوي أجراه (مركز الديموقراطية “الإسرائيلي”) ونشرت معطياته في ديوان رئيس الدولة شمعون بيريز، الثلاثاء (30 تشرين الثاني الماضي)، وترجمه إلى العربية برهوم جرايسي مراسل جريدة “الغد” الأردنية في فلسطين المحتلة ،48 ونشرته الصحيفة الأربعاء(1 كانون الأول الحالي) . نتائج الاستطلاع تتحدث عن:

 

أن 86% من “الإسرائيليين” اليهود الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون القوانين العنصرية الجديدة التي سنّتها الكنيست مؤخراً، وأنهم يؤيدون كل القرارات المركزية والإجراءات والقوانين التي تحمي(الأغلبية اليهودية) في الدولة “الإسرائيلية” .

 

إن 67% من “الإسرائيليين” اليهود يؤكدون دعمهم لقانون المواطنة العنصري الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية التي فيها أحد الوالدين من الضفة الغربية وقطاع غزة .

 

وأن 62% من اليهود “الإسرائيليين” يؤيدون أن لا تأخذ المؤسسة الرسمية برأي العرب في قضايا السياسة الخارجية والأمن، وهي مقولة غير مباشرة لرفض هؤلاء مشاركة فلسطينيي 48 في الانتخابات البرلمانية .

 

- إن 57% من اليهود “الإسرائيليين” يرفضون منح العرب المساواة الكاملة معهم .

 

- إن 62% يؤيدون فرض ولاء دولة “إسرائيل” كدولة يهودية على فلسطينيي ،48 وأهمية الزج بهم في معسكرات مغلقة في حالة الحرب أو في أزمة أمنية خطيرة، مثلما تصرفت الولايات المتحدة مع مواطنيها اليابانيين في الحرب العالمية الثانية إذ نقلتهم إلى معسكرات مغلقة خشية مساعدتهم للعدو .

 

وزير الخارجية الصهيوني الفاشي ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل” بيتنا المشارك في الحكومة، أعلن مباركته لهذه النتائج قائلاً “إنها تماما واقعية، وتعكس دينامية الشعب “الإسرائيلي” فهو أشجع كثيراً من قيادته، وعند التحدث مع الوزراء وأعضاء الكنيست، فإنهم كلهم عن بكرة أبيهم يؤيدون هذه الأفكار ويعرفون أنها منطقية، والواقع يستلزم أن تكون النتائج هكذا، ولكن حينما يكون على هؤلاء المسؤولين الوقوف أمام الجمهور، فإنهم يتهربون من المسؤولية” .

 

نتائج تتحدث عن نفسها وتُظهر أن الأغلبية الساحقة من اليهود “الإسرائيليين” هم عنصريون بامتياز، وبطريق غير مباشر يؤيدون طرد فلسطينيي 48 من وطنهم الذي يعتبرونه (حقاً مقدساً لهم)، وهم مع شعار (الدولة اليهودية) والتي يُقصد منها نقاء “إسرائيل” من سكانها العرب .

 

قلناها مراراً، وها نحن نرددها: “إسرائيل” دولة استثنائية في التاريخ، إن من حيث تشكيلها، فقد أُنشئت بقرار إمبريالي في أرض فلسطينية جرى اغتصابها قسراً من أهلها، بمساعدة بريطانية أثناء مرحلة انتداب الأخيرة على فلسطين، وبمؤامرة شاركت فيها الدول الاستعمارية وحليفتها الحركة الصهيونية . “إسرائيل” لم تأخذ شكل الولادة الطبيعية كما الدول الأخرى، أي نتيجة تطور اجتماعي-اقتصادي-تاريخي لشعب يسكن أرضه منذ تاريخ الوعي، وأصبح فيه إنشاء الدولة مطلباً ملحاً وحاجة أساسية للعموم .

 

بالتالي، فإن التطور في هذه الدولة بعد إنشائها القسري سيكون محكوماً بالعوامل الموضوعية والذاتية التي رافقت إنشاءها . ولذلك، موضوعياً ظلت وستبقى “إسرائيل” رأس جسر متقدم للاستعمار العالمي في المنطقة، وهي غير مؤهلة لا شكلاً ولا مضموناً للانزياح عن هذا الدور وهذه السمة الرئيسة لإنشائها، هذا بالنسبة للموضوعي . أما الذاتي، فهي وليدة حركة عنصرية هي الصهيونية، ولذلك فإن التعاليم التي أسستها ستظل المنبع الذي يتلقى “الإسرائيليون” منه آراءهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع والتطبيق العسكري . بالتالي فإن التعاليم العنصرية وبدلاً من التنحي جانباً، نتيجة للتطور بمختلف اتجاهاته، تزداد وتتسع لتشمل الشارع “الإسرائيلي” طولاً وعرضاً . ولذلك فإن الأحزاب الدينية المتطرفة، والاتجاهات اليمينية الفاشية تتزايد في الدولة الصهيونية مع مرور الزمن، هذا يكمن وراء تحقيق هذه الأحزاب لنتائج متقدمة باستمرار في كل انتخابات تشريعية جديدة، بالمقارنة مع الانتخابات السابقة .

 

ختام القول، إن ما ذكرناه يشكل حقيقة “إسرائيل”، لذا فنتائج الاستطلاع المذكور هو النتاج الطبيعي لهذه الدولة .

=======================

صراع على رأس السلطة في روسيا

بقلم :صحيفة «إزفستيا» الروسية

البيان

6-12-2010

التَّغَير الذي طرأ على تصريحات الرئيس ميدفيديف في الآونة الأخيرة، جعل المراقبين يتلهفون لسماع الكلمة السنوية، التي يُلقيها رئيس الدولة أمام الجلسة المشتركة لمجلسي البرلمان ومجلس الوزراء.

 

ويرى الكثيرُ من المراقبين أن التَّغَيُّر في لهجة ميدفيديف يُوحي بأن التحالف القوي، الذي كان قائما بينه وبين بوتين قد انتهى. فقبل بضعة أيام، انتقد ميدفيديف النظام السياسي القائم حاليا في روسيا، واصفا إياه بالجمود. وهذا يعني أن ميدفيديف لم يعد راضيا عن أداء الحزب الحاكم حزب روسيا الموحدة.

 

وأنه أصبح على قناعة بأن الوقت قد حان لتشكيل قوة سياسية جديدة تلبي متطلبات المرحلة. ويرى المراقبون أن تصريحات ميدفيديف هذه جاءت لتؤكد ما يشاع من أن فريق ميدفيديف، أخذ ينشط في الأقاليم الروسية منذ الربيع الماضي.

 

لتشكيل حزب سياسي جديد، مَهمتُه تأمينُ الأرضيةِ السياسية اللازمة لتمكين ميدفيديف من الفوز في الانتخابات الرئاسية، المقررةِ عامَ 2012.

 

وتبرز بعض وسائل الإعلام الروسية ما يراه المراقبون من أن الرئيس ميدفيديف لن يتحدث صراحة عن نيته في تشكيل حزب سياسي جديد تحت قيادته، لكن هذه التكهنات سوف تتأكد إذا هو أقدم على تضمين كلمته السنوية بعض العبارات النقدية.

 

من قبيل التعبير عن عدم رضاه عن الركود في النظام السياسي، وعن عدم فعالية الحزب الحاكم. لكنه إذا لم يتحدث عن ذلك في كلمته السنوية، فإنه سوف يفعل ذلك على الأرجح في إحدى المقابلات الصحفية مع وسائل الإعلام الروسية أو الأجنبية قبل حلول فصل الربيع.

 

ويرى بعض المراقبين أن الرئيس ميدفيديف يحظى بدعم جيد في أوساط الطبقة الوسطى، التي تفيد تقديرات علماء الاجتماع بأنها تشكل نسبة تصل إلى 15% من المواطنين الروس. ويلاحظ أولئك المراقبون أن ميدفيديف، يقوم بمحاولات جادة لخطب ود الناخبين، الذين يصوتون تقليديا لبوتين.

 

ومن هذه المحاولات أنه أخذ يتحدث بشكل مكثف عن تكاليف الخدمات البلدية، وعن معاشات التقاعد المتدنية، وعن ما شابه ذلك. لكن العارفين بالمزاج الشعبي الروسي يستبعدون أن تجد هذه المحاولات طريقها إلى النجاح. لهذا يرى المحللون أنه من الأفضل لميدفيديف أن يكف عن هذه المحاولات لكي لا يخسر رصيده من الناخبين في أوساط الطبقة الوسطى.

 

ويذهب بعض المراقبين إلى أن الرئيس ميدفيديف وحزبه الجديد عندما يرى النور، سوف يكونان بحاجة لدعم وسائل الإعلام. وهنا يمكن اعتبار الكلمة النقدية اللاذعة التي ألقاها الصحفي الشهير ليونيد بارفيونوف في حفل تسلمه جائزة صحفية، يمكن اعتبارها دعما مستورا لنهج ميدفيديف، لأنها جاءت متماهية تقريبا مع طروحات ميدفيديف.

 

وبما أن رئاسة تحرير القناة التلفزيونية الأولى التي بثت كلمة بارفيونوف لم تتخذ بعد أية إجراءات عقابية ضد ذلك الصحفي المتمرد بارفيونوف، فهذا يعني برأي المحللين أن الكرملين يستحسن ذلك وإن بشكل غير معلن.

 

وبالإضافة إلى وسائل الإعلام، يحتاج ميدفيديف وحزبه الجديد عندما يرى النور إلى دعم وتأييد القوات المسلحة.

 

وفي هذا السياق يرى المحللون أنه لم يكن من قبيل الصدفة، أن يَعِدَ ميدفيديف قبل عدة أيام برفع رواتب العسكريين في غضون العام القادم، أي عام ما قبل الانتخابات الرئاسية، وكأن ميدفيديف يحاول كسب فئات معينة من الشعب لصفه استعدادا لمعركة قادمة في المستقبل القريب سوف تحسم الصراع على السلطة في روسيا لفترة طويلة.

=======================

مستقبل العلاقات السودانية العربية

بقلم : حيدر إبراهيم علي

البيان

6-12-2010

شهدت علاقات السودان العربية تحولا ملحوظا مع تدخل دولة قطر كوسيط في أزمة دارفور.ثم كان حدث استضافة الكويت للمؤتمر الدولي للمانحين والمستثمرين لشرق السودان في مطلع شهر ديسمبر الحالي.

ويكتسب المؤتمر اهمية قصوى في بعث العلاقات السودانية- العربية وبالتحديد الخليجية، ليس على الصعيد الاقتصادي فقط بل على كل الأصعدة. فقد كسر المؤتمر جفوة وحساسية استمرت طويلا، وبالتحديد منذ غزو العراق للكويت عام1991.ففي ذلك الحين، اختارت حكومة الإنقاذ «الثورية» الموقف الخطأ وقررت تأييد الغزو.

وفقدت صديقا عزيزا كريما كان يضع السودان في مكانة خاصة. وبقدر عظم الصدمة كانت ردة فعل الكويت والتي لم تتخيل مطلقا موقف السودان المعادي، ولذلك لم تنجح محاولات رأب الصدع التي بادر بها النظام السوداني.ومن هنا يعتبر المؤتمر فاتحة جديدة لعلاقة سودانية في مجمل المنطقة.

ومن ناحية أخرى، تتحرك قطر بهمة عالية في وساطتها بخصوص الأزمة الدارفورية.ورغم تعقيدات أزمة دارفور، التزمت قطر بصبر نادر وطول نفس ولم تيأس وصرفت بسخاء من أجل إنجاح مهمتها.

ورغم أن البعض يرى ان كل هذا الحماس بهدف سحب الدور المصري في السودان.ولكن مهما كانت الدوافع، فالنظام السوداني يهمه الخروج من هذا المستنقع بأي ثمن. ومع قرب موعد استفتاء تقرير المصير في الجنوب، يتزايد الاهتمام العربي بالسودان في اشكال مختلفة.أنعش مؤتمر الكويت كثيرا من الآمال وسط الإحباط الشامل الذي يلف السودان.

وابتهج السودانيون بنتائجه، رغم أن التزامات المانحين جاءت أقل من تقديرات المشروعات المقدمة وهي بقيمة 4 مليارات دولار، بينما بلغت التزامات المانحين المالية547 .3 مليارات بما في ذلك التزام من حكومة السودان.

يوحي تدشين مؤتمر المانحين بالكويت بمؤشرات ايجابية في اطار العلاقات والتنمية. ورغم أن التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن قد تفيد من تجربة سابقة في التعاون المشترك خلال ثمانينيات القرن الماضي.

فقد اشتهر السفير عبدالله السريّع أو عبدالله جوبا ، الاسم المفضل لدي السودانيين.وكان من اسباب نجاحه التركيز على المناطق الاكثر حاجة لمشروعات التنمية، كذلك المشروعات الأكثر فائدة مباشرة. والاهم من ذلك تجفيف امكانيات الفساد. ويبدو أن الكويت ستحاول مراقبة مشروعاتها مباشرة وبصورة لصيقة.

فقد صرح وزير الخارجية الكويتية بانه سيلتزم بالعمل جنبا إلى جنب مع المسؤولين السودانيين لترجمة التعهدات إلى واقع. كما أن نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي ووزير الخارجية الشيخ محمد صباح السالم الصباح سيزور السودان في 21 ديسمبر الجاري.

ومع المشروعات التي أعلنت لم تفصل كثيرا الا ان معادلة التنمية والربح يجب ان تراعى جيدا.فقد جاء في البيان الختامي أن المبلغ المخصص لاعمار الشرق، سيوجه لتمويل149 مشروعا تنمويا في قطاعات دعم السلام والبني التحتية، و28 مشروعا استثماريا في قطاعات الزراعة والثروة السمكية والتطوير العقاري في الاقليم.

ويجب التأكيد على الحاجة الملحة للصرف والاستثمار في قطاعيّ التعليم والصحة ثم توفير المياه.ومن نافلة القول التأكيد على أن نوعية الاستثمار هي التي تساهم في تمتين العلاقة خاصة حين تكون هناك شواهد يمكن الرجوع اليها.

كان مدخل دولة قطر في مد وتمتين العلاقات أو خلق «مناطق نفوذ» مختلفا.فقد جاء من باب السياسة والدبلوماسية، وهذا مجال صعب وشائك، خاصة لو كان الاختبار حل مشكلة دارفور.فقد طال زمن الوساطة والمفاوضات، وهذا غالبا ما يعني ظهور انقسامات جديدة وبروز فصائل بمطالب اخرى.

وهذه الايام، يزور وفد الوساطة المشتركة بقيادة وزير الدولة بالخارجية القطرية احمد بن عبدالله آل محمود، إقليم دارفور. وقد شهدت الزيارة صدامات دامية راح ضحيتها بعض الطلاب. وأثناء الزيارة، أنهت حكومة الخرطوم اتفاقية ابوجا التي بموجبها وقعت حركة تحرير السودان اتفاقية السلام مع الخرطوم.

واليوم تعلن الحكومة أن حركة تحرير السودان هدف عسكري!كما اعلن الرئيس البشير ان منبر الدوحة هو المنبر الوحيد للتفاوض.وهذا يرتبط بميثاق سلام دارفور أو السلام من الداخل.باختصار، تغامر دولة قطر بكل رصيدها في الولوج في الشأن المعقد خاصة وان النظام يعمل جاهدا على إنهاء أزمة دارفور قبيل إجراء الاستفتاء أي خلال اقل من شهر.

اما الجانب المعقد والمليء بالألغام خلال الفترة القادمة، فهو خاص بالعلاقات مع مصر وليبيا. فالدولتان تبدوان ظاهريا الأقرب للنظام السوداني، ولكنهما الأبعد نفسيا وواقعيا. فالمصريون يكثرون من استخدام صفة ؟ تضايقني كثيرا ؟ في وصف السودانيين، بأنهم حساسون.

وهي صفة تعني في بعض جوانبها عدم النضج، لذلك يتجنب الإخوة المصريون مناقشة كثير من القضايا المشتركة المعقدة بصراحة مع السودانيين خشية إغضابهم. ولهذا السبب بقيت العلاقات المصرية-السودانية سطحية ولا تخلو من النفاق المتبادل، فهي باختصار غير صريحة وبالتالي غير واضحة وملغمة.

فالمؤتمر الوطني الحاكم يرى أن مصر في الفترة الراهنة تلعب على الحبلين :احتمال أن ينفصل الجنوب ويتقسم السودان، أو أن يظل السودان. ووضعت احتمالات التعامل مع كل ظرف. ولذلك يعتقد النظام أن مصر تتعامل معه بنصف قلب بينما هو في الظرف الراهن يحتاج للقلب الكامل بل أكثر.

لذلك ، لا يخلو ميل السودان للوساطة القطرية من مكايدة سياسية ؟ كما يقول شيخ الجماعة.وهكذا يستمر الطرفان في المداراة ولا يعبر أيّ منهما عن مشاعره الحقيقية، وهذا هو مقتل العلاقات السودانية-المصرية، وأخطر ما فيها.

ان العلاقة السودانية-الليبية ليست بعيدة عن نمط«التقية» بل يخشى السودان أكثر نزوات العقيد القذافي وانفعالاته المدمرة. لذلك يرضي النظام السوداني من العقيد «بالذي لو رآه الواشي لقرت بلابله». فالنظام ساكت عن وجود خليل إبراهيم في الجماهيرية، ولو كان في بلد آخر لقلب النظام الدنيا.

وتسمع الخرطوم عن تسليح فصائل دارفورية، ويظل في فمها ماء ولا تستفسر ولا تسأل. والحدث الأخير:عدم حضور الرئيس البشير القمة الأوروبية-الإفريقية، لم يهاجم السودان الدولة المضيفة بل صب غضبه على الدول الأوروبية.

ويحاول السودان أن يكون حكيما ولكن هل يستطيع أن يضمن حكمة العقيد؟ هذه هي العلاقة ذات الالغام وعلى السودان أن يخشاها فعلا.

ويتحدث البعض عن مشروع القذافي الإفريقي الكبير بعد أن كفر بالقومية العربية، وقد تمثل دارفور بعضا من أركان هذا المشروع الطموح.ولكن هذه مجرد تخمينات في الوقت الراهن بسبب الوجود الفرنسي في غرب إفريقيا بالإضافة لازدياد نشاط القاعدة في المغرب وشمال الصحراء الكبرى.وعلى كل حال على النظام السوداني ترتيب علاقاته مع ليبيا بصورة أفضل وأكثر عقلانية.

في حالة انفصال جنوب السودان سيصبح السودان الحالي هو جنوب الإقليم العربي، فهل كل جنوب مضطهد ومتخلف؟ وفي هذه الحالة سنكون مشكلة الجنوب الجديدة بالنسبة للعرب أم سوف تبنى من الآن علاقة تكاملية بين أجزاء الإقليم العربي؟ والمستقبل يبدأ الآن.

=======================

التفاهم مع العالم العربي أكثر ربحاً من مواجهته !

سركيس نعوم

النهار

6-12-2010

تعترف أوساط ديبلوماسية عربية وغربية بأن الجمهورية الاسلامية الايرانية حققت نجاحات مهمة في الشرق الاوسط العربي والاسلامي، وفرضت نفسها لاعباً اول فيه، ولاعباً اساسياً وإن مشاغباً على الساحة الدولية من جراء استقطابها "الآسر"، إذا جاز التعبير، على هذا النحو ل"حزب الله" وشعبه في لبنان وتالياً للبنان، وكذلك لسوريا والاصوليين الفلسطينيين مثل "حماس" و"الجهاد"، وتعاظم نفوذها في اوساط الاقليات الشيعية في دول ذات غالبية سنية عربية او اسلامية غير عربية والذي قد يكون معطّلاً في حال استخدمته. وتعترف ايضاً بأن للنجاحات الايرانية المذكورة علاقة مباشرة بالانجازات الداخلية التي تحققت على الصعد الانمائية والاسكانية والاجتماعية والتسليحية والنووية. لكنها في الوقت نفسه تبدو مقتنعة بأن استمرار ايران في تحقيق النجاحات سيكون صعباً وربما مستحيلاً في حال اعتقد قادتها وحكامها من "ملالي" و"عسكر" واسلاميين أن في امكانهم تنفيذ ما هو معلن من "اجندتها"، مثل "ازالة اسرائيل"، او السيطرة على العالمين العربي والاسلامي، او اعادة الثنائية او بالأحرى التعددية الى زعامة العالم بتحولها زعيمة لكل المسلمين فيه. فالنجاحات المشار اليها، وهي حقيقية، تفيد ايران في حال استعملتها اوراقاً تفاوضية مع المجتمع الدولي وزعيمته اميركا وحلفاء الاخيرة في الشرق الاوسط، وذلك بغية اقناع كل هؤلاء بالاعتراف بها دولة اقليمية عظمى، وتالياً بقبول دور كبير لها في منطقتهم على حساب ادوارها، هي التي كانت تعتقد نفسها عظمى اقليمياً على الاقل. لكنها لا بد ان تكون مؤذية لها في حال تمسكها بسياساتها الحالية الفعلية وليس المعلنة رسمياً. علماً ان الاخيرة لا تختلف عن الاولى إلا في عدد من التفاصيل. هذا الكلام، تلفت الاوساط الديبلوماسية العربية والغربية اياها، سمعه مسؤولون في طهران، بعضهم كبير، وسمعوا معه ايضاً ان تشدد دولتهم او نظامهم أضر بمصالحها وسيضاعف هذا الضرر مستقبلاً. ف"الشيعية" التي مارست بها ايران سياستها في العالم الاسلامي، وخصوصاً العربي منه، حققت امرين سلبيين. الاول، إحياء الخلاف المزمن الذي لا حل له بين سنّة العرب وهم الغالبية الكبرى وشيعتهم، وبين سنّة العالم الاسلامي كله وهم الغالبية الساحقة وشيعته، وتالياً تعريض المنطقة العربية تحديداً لخطر الفتنة المذهبية، والإفساح في المجال أمام تحوّلها ساحة معادية لايران يستعملها كل اعدائها في العالم للنيل منها. وكان في امكانها التخلي عن استقطاب الشيعة كلهم او عن استقطاب قسم كبير منهم و"منع" المعتدلين منهم من التحرك الفاعل. وكان في امكانها دخول العالم العربي من بابه الواسع، اي القضية الفلسطينية، وايضاً من بابه الديموغرافي الواسع بدوره، اي السنّة، لو تعاملت معه بواقعية وبعيداً من الفوقية والرغبة في اخضاعه او السيطرة عليه. وهذا العالم يعد تقريباً زهاء 358 مليون انسان غالبيتهم من المسلمين السنّة. اما الامر السلبي الثاني الذي حققته ايران بسياستها العربية والاسلامية فهو الافساح في المجال امام تركيا الدولة المسلمة السنّية، رغم علمانيتها الرسمية المتأكلة، للعودة الى العالم العربي السنّي في معظمه وبترحيب منه، بعدما خرج منه العثمانيون بترحيب من غالبيته بعد حرب عسكرية خسرها هؤلاء امام الغرب. وتركيا هذه، ورغم مشكلاتها مع الاكراد، دولة غنية وقوية ومتطورة في استمرار. وهي قد تحولت نحو العرب والمسلمين وقضاياهم من دون التخلي عمّا اكتسبته من الغرب الاوروبي والاميركي ومن اسرائيل وبموافقتهم. فضلاً عن انها عضو في حلف شمال الاطلسي. ومن الطبيعي ألا تشعر ايران بالسعادة لهذا المنافس. علماً ان براغماتية وواقعية بعض قادتها والممسكين بالسلطة فيها تدفعهم الى الاعتقاد، بالعقل وليس بالعاطفة، ان شراكة بلادهم مع تركيا امر ممكن وخصوصاً اذا سلكت الاوضاع المتأزمة بينها وبين العالم بزعامة اميركا طريق الحوار وربما التفاهم.

هل من خطوات يمكن ان تساعد ايران على تحسين اوضاعها في العالم العربي في حال اتخذتها؟

الخطوات كثيرة في رأي الاوساط الديبلوماسية العربية والاجنبية اياها. منها مبادرة ايران الى تخفيف الاحتقان السني، علماً ان الانصاف يقتضي الاعتراف بأن الاحتقان الاسلامي السنّي والشيعي تُسأل عنه دولة الشيعة ايران، اذا جاز التعبير على هذا النحو، ودول السنّة وفي مقدمها دول الخليج. ومنها ايضاً مبادرتها الى الانفتاح على الدول العربية وفي مقدمها الدولة الأكبر دوراً (في السابق) وشعبياً الآن وغداً وبعد غد، مصر، وتسهيل تطبيع العلاقة او المصالحة بين الفلسطينيين ("حماس" و"فتح")، وتفاهمها وسوريا على وضع في لبنان يمهد لعودة دولة العيش المشترك فيه ويبعد عنه استفحال الصراع المذهبي ويجنبه تالياً الحرب الاهلية والحرب الاقليمية.

هل تتخذ ايران الاسلامية خطوات كهذه؟

متابعو ايران هذه وأوضاعها لا يرجحون ذلك الآن، ويعتقدون انها (اي الخطوات) قد تلي حواراً فتسوية مع اميركا ولا تسبقه، ربما لاقتناعها بأن سياسات دول المنطقة اميركية، وبأن واشنطن لن تسهّل تطبيع علاقات ايران بهذه الدول طالما بقيت خلافاتها والمجتمع الدولي معها من دون حل. وربما لاقتناعها ايضاً إما بأن العرب وغالبيتهم من السنّة لن يعتبروها لاعباً كبيراً مهما جرى، وإما أن مصلحتها تقتضي تفاهماً مع اميركا يشملهم او بالأحرى يجعلهم "اجراماً" يدورون في فلكها وافلاك دول اقليمية كبرى اخرى. أما في المستقبل، فإن الشيء وعكسه ممكنان، لذلك لا بد من الانتظار.

=======================

«تقفيل» مصر

فهمي هويدي

السفير

6-12-2010

لا أعرف من أين يستمد الناس أملهم في المستقبل في ظل استمرار حملة «تقفيل» مصر التي بلغت إحدى ذراها في الانتخابات الأخيرة.

(١)

«التقفيل» مصطلح تتداوله الألس في أيام الانتخابات، ومقصوده لا أصل له في المعاجم اللغوية إذ المراد به إغلاق الدائرة لحساب أناس معينين ومصادرة أصوات الناخبين فيها لصالحهم، من دون أن يكون لإرادة أولئك الناخبين أي دور أو اعتبار. وقد شاع ذلك التقفيل في الانتخابات التشريعية الراهنة، حتى بات من سماتها التي انعقد الإجماع من حولها (مع التزوير بطبيعة الحال). وكان التقفيل مبالغا فيه لصالح مرشحي الحزب الوطني. وليس واضحا الآن ما إذا كان المراد بذلك اقصاء الإخوان واستبعاد الأصوات المزعجة من مجلس الشعب الجديد، أم أريد به أيضا توفير إجماع المجلس على تأييد مرشح الحزب للرئاسة في العام المقبل، الذي نعرف حتى الآن أنه الرئيس حسنى مبارك. علما بأن الذين أداروا العملية الانتخابية لم يكونوا مضطرين إلى ذلك الكم المشهود من التقفيل والتزوير، لأن الدستور المصري بعد تعديله اشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية تأييد 65 من أعضاء مجلس الشعب له و25 من مجلس الشورى إضافة إلى عشرة أشخاص من المنتخبين في المجالس المحلية القائمة في 14 محافظة (المادة 76 من الدستور). بكلام آخر فإن الحزب كان ضامنا في أسوأ الظروف لعدد مؤيدي ترشيح الرئيس القادم. لكن البعض ارتأوا في ما يبدو أن يكون ترشيح المجلس للرئيس عند الحدود القصوى وليس الدنيا. من باب إبراز الالتفاف الشعبي حوله للعالم الخارجي. وهو يخوض انتخابات الرئاسة للمرة السادسة.

لكثرة ترديد مصطلح «التقفيل» في الفضاء المصري خلال الأسابيع الماضية. فقد بدا وكأنه صار أحد أهم عناوين البلد. وللدهشة فإن المرء إذا ما تلفت حوله فسوف يكتشف أن تلك حقيقة وليست ادعاء. ذلك أن ثمة شواهد عدة تدل على أن دوائر وأنشطة عديدة في بر مصر قد تم تقفيلها لحساب النظام الحاكم وأركان حزبه وأن أذرع النظام لم تتوقف عن تقفيل كل ما طالته أيديها.

(٢)

لن نطيل الحديث عن تجربة الانتخابات التشريعية، بعدما أصبح قارئ الصحف اليومية على بينة مما جرى فيها، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مزيد من كلام. لكني أذكر فقط بأن التقفيل لم يكن مقصورا على ما تم لصالح الحزب الوطني في لجان الانتخابات، ولكنه طال عملية تغطية الاتنتخابات ومتابعتها إعلاميا. وتمثل ذلك في منع منظمات المجتمع المدني الجادة من مراقبة الانتخابات، وفي حجب بعض البرامج التلفزيونية وإقصاء مقدميها (إبراهيم عيسى وعمرو أديب مثلا) وتهديد وتخويف أصحاب القنوات الخاصة، وترويع مقدمي البرامج الحوارية من خلال الرقابة اليومية والإنذارات، ذلك غير إغلاق 12 قناة فضائية وإنذار فضائيات أخرى. وفي الوقت نفسه، التضييق على حركة المراسلين الأجانب وعدم السماح لمكاتب الفضائيات الخارجية باستخدام البث المباشر في متابعة الانتخابات أو أية أحداث أخرى تقع في الشارع، من خلال وضع شروط تعجيزية لذلك.

بين أيدينا نموذج طازج لحملة التقفيل لم يمض عليه أكثر من 48 ساعة. ذلك أن المحكمة الدستورية العليا عقدت جلسة يوم الأحد الماضي 5/12 (لم أتعرف على نتيجتها بسبب موعد تسليم المقالة) للنظر في طعن مقدم في قانون تنظيم الانتخابات النقابات المهنية رقم 100 الصادر في سنة 1993. وهو الذي سلب اختصاص النقابات في تحديد مواعيد فتح باب الترشيح لرئيسها وأعضاء مجلس إدارتها، وفي تحديد المقرات ومراجعة كشوف أعضائها. وأحال ذلك الاختصاص إلى رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية. وبمقتضاها لم تعد أي نقابة مهنية مخولة في إجراء أي انتخابات، إلا إذا صدر قرار بذلك من رئيس المحكمة المذكورة. وكان ذلك قيدا قانونيا أريد به شل حركة النقابات المهنية الفاعلة. وحين سلب اختصاص النقابات في إجراء انتخاباتها، وأصبح ذلك مرهونا بقرار رئيس المحكمة، فإن العملية أصبحت خاضعة في حقيقة الأمر لتقدير الأجهزة الأمنية. وكانت نتيجة ذلك أن أهم 8 نقابات مهنية في مصر لم تجر فيها أية انتخابات منذ فترة تراوحت بين 15 و19 سنة. فإما أنها وضعت تحت الحراسة كما في نقابة المهندسين التي منعت فيها الانتخابات منذ 19 عاما، أو تم رفض إجراء انتخابات جديدة، كما في نقابة الأطباء التي يرأسها الدكتور حمدي السيد منذ 16 سنة، أما نقابات الصيادلة والبيطريين وأطباء الأسنان والمعلمين والتجاريين والزراعيين، فقد وضعت تحت الحراسة منذ ذلك الحين وإلى الآن. ولم تسمح الأجهزة الأمنية بصدور قرارات إجراء الانتخابات إلا بالنسبة للممثلين والموسيقيين والممرضات والمرشدين السياحيين!

ليس ذلك أعجب ما في الأمر. لأن العجيب أيضا أن قانون تفعيل النقابات المهنية صدر في سنة 93 خلال أربعة أيام. ولكن حين طعن فيه بالبطلان، فإن تقرير مفوضي مجلس الدولة (الذي أيد البطلان) استغرق إعداده تسع سنوات كاملة، علما بأن رأي المفوضين استشاري وليس ملزما.

ما حدث مع النقابات المهنية تكرر مع أندية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ذلك أنه حتى أواخر الثمانينيات كان أسانذة كل جامعة يختارون مجلس إدارة ناديهم، وكان يعقد كل سنة مؤتمر عام للأندية، ولكن دعاة التقفيل نجحوا في تأميم تلك الأندية من خلال إجراء انتخابات وهمية كتلك التي حدثت في مجلس الشعب. وحين استعصى ذلك في ما خص جامعة القاهرة، فإن محافظ الجيزة أصدر لأول مرة في تاريخ التجربة قرارا بحل مجلس للإدارة تم انتخابه في شهر نيسان/ أبريل عام 2009، ونص القرار على إعادة الانتخابات في كانون الأول/ ديسمبر من السنة ذاتها. وقبل الانتخابات الجديدة بأسبوع قامت وزارة التضامن بشطب أسماء المرشحين من أعضاء مجلس الإدارة السابق. ورغم أنهم حصلوا على حكم بحقهم في الترشح، إلا أن الحكومة رفضت تنفيذه. وأجريت انتخابات هزلية كانت نتيجتها لصالح خطة إحكام تقفيل نوادي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات. وإذا كان ذلك يحدث مع الأساتذة، فلك أن تتصور ما يحدث بالنسبة للاتحادات الطلابية.

هذا المناخ الضاغط على الجامعات الذي تقوم فيه الأجهزة الأمنية بالدور الرئيسي، حتى أصبحت لها كلمة في تعيين القيادات الجامعية خصوصا العمداء، هو الذي أفرز حركة 9 مارس التي تبنت الدعوة لاستقلال الجامعات. وهي التي نجحت في كسب قضية إلغاء وجود الشرطة في الجامعة. ومعروف ما جرى لعدد من كبار الأساتذة الذين يمثلون الحركة، حين ذهبوا إلى جامعة عين شمس لاطلاع طلابها على حكم المحكمة، فسلط عليهم نفر من البلطجية لإفساد مهمتهم. وحين حدث اشتباك في حرم الجامعة جراء ذلك، فإن رئيسها أصدر بيانا ندد فيه بزملائه من الأساتذة، ونشرت الصحف أن الأساتذة أحيلوا إلى التحقيق، بينما لم يحاسب أحد من البلطجية!

(٣)

حملة التقفيل لم يسلم منها القضاء، وإن اتبعت معهم أساليب أخرى نظرا لحساسية وضعهم. فمعروف مثلا كيف ضرب تيار استقلال القضاء، ولم يهدأ للأجهزة الأمنية بال و(الحكومة بطبيعة الحال) إلا بعد أن تم إقصاء رموز ذلك التيار من نادي القضاة. وإذا كانت الحيل القانونية والبلطجة قد استخدمت في اختراق النقابات المهنية والهيمنة على نوادي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، فإن «الغواية» كانت السلاح الذي استخدم لتحقيق المراد بالنسبة للقضاة. صحيح أن هذا الاسلوب لم ينجح مع البعض، إلا أن أحدا لا ينكر أنه حقق نجاحا مع آخرين.

كان الإغداق والتمييز المادي هو أهم سلاح اتبع «لتليين» البعض والربط بين درجة «مرونتهم» وبين ما يحصلونه من أجور ومكافآت تتحقق من خلال أبواب عدة. وهذه تتراوح بين الانتدابات في داخل البلاد وخارجها، وبين الإعارات وعضوية اللجان، غير المكافآت التي تصرف في المناسبات المختلفة، الانتخابات من بينها. وللعلم فإن بعض تلك المكافآت تصل إلى مئات الألوف من الجنيهات. وهذه تمنح للمرضي عنهم أولا وللمرشح لنيل ذلك الرضى ثانيا، ويحرم منها الذين يستعصي تطويعهم ويشك في «تجاوبهم».

ثمة أسلوب آخر للإغواء يستخدم سلاح مد الخدمة بعد بلوغ سن التقاعد. وهو ما تلجأ إليه الحكومة في شغل بعض المناصب القضائية الحساسة التي يهمها أن تطمئن فيها إلى «رجالها». ولا يزال يذكر القضاة أن بعضا من أساطينهم رفضوا المد، في مقدمتهم المستشارون وجدي عبد الصمد ويحيى الرفاعي وفريد فهمي الجزايرلي. وما إن تركوا الخدمة حتى انفتحت سوق مد الخدمة على مصاريعها، بحيث إن القضاة الذين كانوا يحالون إلى التقاعد في سن الستين، أصبحوا الآن يحتفظون بوظائفهم إلى سن السبعين.

وإلى جانب هذا وذاك فإن الحكومة ظلت تعمل على توسيع صلاحيات وزير العدل في التعامل مع القضاة، بحيث أصبحت نصف مصالحهم في مكتب الوزير كما قال أحد كبار المستشارين في حين أن كل أمورهم المادية أصبحت في يده.

(٤)

لا يحتاج إلى بيان اختراق الأجهزة الأمنية للأحزاب التي توصف بأنها معارضة، مع أن أغلبها ليس أكثر من أجنحة للحزب الحاكم ولا هيمنتها على الصحف القومية واختراقها للصحف الأخرى. أما حضورها في الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني فلا جدال فيه. ولم يعد سرا أن رأي تلك الأجهزة حاسم في تعيينات موظفي الحكومة خصوصا في الوظائف الحساسة أو التي لها صلة بالرأي العام. وأئمة المساجد ضمن الشريحة الأخيرة (قال لي أحد كبار المسؤولين في وزارة الأوقاف إن الأجهزة الأمنية اعترضت على تعيين بعض أئمة المساجد، وحين أبلغت بأن الوزارة بحاجة إليهم، كان الرد أن لدى أمن الدولة 12 إماما جاهزين للعمل في أي لحظة).

يكمل الصورة ويوثقها ما ذكره المستشار طارق البشري في كتابه «مصر بين العصيان والتفكك» حين وصف الوضع الراهن في مصر بأنه نموذج لما أسماه «شخصنة الدولة»، وعرف الشخصنة في هذه الحالة بأن القائم عليها لا تربطه عائلة قبلية ولا نقابة أو جماعة دينية ولا حزب سياسي أو طبقة اجتماعية. وهو يسيطر بذاته على مفاتيح السلطة، وتصير آلة الحكم وأجهزته كلها تحت إمرته.. وهو يتغلب على ضغط عمال الدولة عليه بأن يشخصن الفئة المحيطة به من العاملين معه بإبقائهم في وظائفهم أطول مدة ممكنة، بحيث تحل العلاقات الشخصية محل علاقات العمل الموضوعية.. ومن ثم كان صفة لازمة للدولة المتشخصنة، هي أن تسعى دائما إلى تثبيت الأمر الواقع ومقاومة التغيير حتى وإن ادعته.

في هذا السياق نبه المستشار البشري إلى ما ابتدعه قانون صدر في عام 1991 بشأن الوظائف القيادية في أجهزة الدولة المدنية، قرر أن يكون التعيين فيها عن طريق المسابقة وبشكل مؤقت لا يتجاوز ثلاث سنوات وقد يقل. وهو ما قد لا يخلو من مزايا، إلا أنه يهدر عنصر الكفاءة التي توفرها الخبرة والأقدمية، كما أنه يجعل مصير كل القيادات في البلد تحت رحمة رضا السلطة. أضيف من جانبي أن ذلك يعني أن القيادات وقد سلط على رقابها هذا السيف سيظل شاغلها طول الوقت هو كيفية استجلاب ذلك الرضى بمختلف السبل. ولن يصبح أداء الموظف أو كفاءته أو استقامته هو المعيار لاستمراره في وظيفته، ولكن كلمة الأمن التي لا ترى غير الولاء ستظل العنصر الحاسم في ذلك.

هل بالغنا حين قلنا إننا بصدد تقفيل مصر كلها لصالح النظام القائم؟ وهل يدرك الذين يديرون العملية عاقبة ومخاطر ما يفعلون، خصوصا في أوساط الأجيال الجديدة التي من حقها أن تحلم بغد أفضل، وتكتشف أن أفق المستقبل مسدود وأن كل البلد صار رهينة لدى الحزب الحاكم؟

=======================

كوريا الشمالية والبحث عن لفت انتباه أميركا

المستقبل - الثلاثاء 7 كانون الأول 2010

العدد 3851 - رأي و فكر - صفحة 19

توفيق المديني

كانت للتوترات العسكرية الأخيرة بين الكوريتين انعكاسات مباشرة على صعيد السياسة الداخلية للبلدين، ولا سيما في كوريا الجنوبية، حيث قدم وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم تاي يونغ استقالته. وتعرضت حكومة كوريا الجنوبية لانتقادات لاذعة من جانب قسم من الصحافة والطبقة السياسية التي تتهمها بالضعف أمام كوريا الشمالية.

مجمل التحاليل في كوريا الجنوبية تؤكد أن الهجوم العسكري الذي تعرضت له جزيرة يونبيونغ الكورية الجنوبية، يستهدف تعزيز شرعية النجل الأصغر كيم جونغ أون الذي منحه والده زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إيل رتبة الجنرال ذي الأربعة نجوم. فالشمال يريد إعلان الشجاعة العسكرية للوريث كيم جونغ أون، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتحويل سخط السكان في كوريا الشمالية نحو الخارج.

ورغم أن حصيلة هذه المواجهات العسكرية تعتبر ثقيلة، إذ أسفر هجوم كوريا الشمالية على الجزيرة الصغيرة الكورية الجنوبية يونبيونغ، عن مقتل أربعة أشخاص: مدنيان وعسكريان، فإن المحللين العسكريين يرون أن حادث الغواصة الكورية الشمالية التي أطلقت طوربيدا ضد السفينة الحربية "تشيونان" ما أسفر عن مقتل 46 بحاراً في السادس والعشرين من شهر آذار/مارس 2010، يعتبر الحادث الحربي الأخطر بين الكوريتين، منذ نهاية الحرب الكورية (1950 1953).

لقد جاء هذا الفصل الجديد من المناورات العسكرية من جانب كوريا الشمالية، قبل ثلاثة أسابيع من تمكن العالم الأميركي سيغفريد هيكر، في 12 تشرين الثاني الماضي، من زيارة مصنع في موقع "يونغبيون" النووي الذي أعلنت كوريا الشمالية إعادة العمل به بعد العقوبات التي فرضتها عليها الأمم المتحدة العام الماضي.

كوريا الشمالية التي تعاني من الإسقاطات المدمرة للعقوبات الاقتصادية، والمحترفة في ممارسة لعبة حافة الهاوية، أرادت من طريق استخدام لغة المدافع وانتهاج استراتيجية التوتير، لفت أنظار واشنطن من أنها تريد العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل رفع هذه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها وكذلك احتمال التخلص من برنامجها النووي مقابل الحصول على مساعدات اقتصادية مجزية.

ويعتقد الخبراء الغربيون، ولاسيما الخبير في الشؤون الآسيوية في مركز "كارنيغي" دوغلاس بال أنّ "الاستفزاز الكوري الشمالي يمكن فهمه انطلاقاً من عوامل عديدة: هم يريدون إظهار الحزم لتعزيز النظام والدفع بوريثه إلى الواجهة. ويريدون أيضاً أن تفتح سيول محفظتها للشمال، أي أنهم يصعدون ضد موقف لي ميونغ باك الرافض تقديم مساعدة لبيونغ يانغ. كما أنهم يأملون تقسيم الشعب الكوري الجنوبي وعزل الرئيس لي عندما يعجز عن تهدئة الوضع. بالإضافة إلى ذلك، هم يسعون إلى أن يعترف العالم بكوريا الشمالية كقوة نووية مع طرحهم عدداً من الضوابط لقاء الحصول على الثمن".

الرّد الأميركي على الهجوم الكوري الشمالي، تمثل في إجراء مناورات عسكرية ضخمة في البحر الأصفر التي بدأت في 28 تشرين الثاني 2010(وإن كانت هذه المناورات مبرمجة من قبل)، لكن الجديد فيها هو قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما إرسال حاملة الطائرات الأميركية النووية جورج واشنطن إلى البحر الأصفر قبالة الساحل الغربي لكوريا الشمالية، للمشاركة في هذه المناورات، وهو قرار موجّه ليس فقط إلى كوريا الشمالية، بل أيضاً إلى حليفتها الأقرب الصين.

وكان العسكريون الصينيون حذروا الإدارة الأميركية منذ الأشهر الأخيرة من إرسال سفن أو طائرات إلى البحر الأصفر. ووعدوا برّد انتقامي مالي. هذا ما كتبه ميجور جنرال "لويوان" من جيش التحرير الشعبي الصيني في مقالة افتتاحية له في آب 2010، حين قال: "لنتخيل ماذا ستكون العواقب إذا كانت الولايات المتحدة، أكبر مدين للصين في العالم تتحدى الدولة الدائنة لها وهي الصين". علماً أن الصين بإمكانها أن تبيع ما لديها من 800مليار دولار من الديون الأميركية، الأمر الذي سيفاقم الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة.

في الوقت الحاضر، لايوجد أي خيار عسكري واقعي ضد كوريا الشمالية، لعدة أسباب، أهمها:

أولاً، إن إدارة أوباما المتورطة في حرب العراق وأفغانستان، لا يبدو أنها مستعدة للتورط في حرب جديدة في شبة الجزيرة الكورية، حتى وإن كانت الولايات المتحدة الأميركية تمتلك قوات عسكرية تقدر بنحو37000 جندي متمركزين في كوريا الجنوبية منذ توقيع الهدنة.

ثانياً: ولأنه من الصعب جدا تحديد بدقة كل المراكز النووية والباليستية في كوريا الشمالية. ولأن بيونغ يونغ، تمتلك القدرة على الردّ المباشر، وأصبحت على طريق بناء ترسانة نووية تعتبرها رادعاً في وجه أي هجوم أميركي محتمل.

ثالثاً: إن نظام بيونغ يونغ مدعوم بقوة من الصين، التي تريد إبقاءه على قيد الحياة عبر تزويده بمواد غذائية ووقود، لأنها تخشى من تداعيات انهياره، لأنه في هذه الحالة سوف يتدفق ملايين من الكوريين الشماليين باتجاه الصين، هرباً من الجحيم الذي يعيشون فيه. وسوف تسيطر سيول على كامل شبه الجزيرة الكورية للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي يجعل القوات الأميركية تتموقع على الحدود الصينية، وهذا ما ترفضه بكين.

=======================

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.. بين الوهم والحقيقة

نصوح المجالي

النهار

6-12-2010

لا يختلف اثنان في الوطن العربي بأن حكومة نتنياهو حكومة استيطان ومستوطنين لأن مشروعها المركزي منذ ان جاءت تسريع وتيرة الاستيطان في الضفة والقدس وتحويل القدس الى مدينة خالصة لليهود مع ما يترتب على ذلك من مخاطر على الاقصى ومقدسات المسلمين, وطرد منظم لسكان القدس, تحت شتى الذرائع.

 

فاذا حشرت مثل هذه الحكومة بضغط اميركي او دولي في مفاوضات حول السلام, فليس أمامها مهرب الا ركوب الموجة, وايجاد الاسباب لاعاقة مفاوضات السلام والتنصل من تبعاته, ومراكمة العراقيل في طريقه واظهار الطرف الفلسطيني كطرف ضعيف ومنقسم ومحجم عن مواصلة المفاوضات, وفي الوقت الذي تفرض اسرائيل وحكوماتها الشروط الاسرائيلية المسبقة على الارض على شكل مستوطنات وجدران ومناطق مصادرة ومناطق مغلقة, وقضايا تعلن سلفاً انها خارج المفاوضات, مع اعتبار أي مطلب فلسطيني من مثل تجميد الاستيطان أو ترسيم الحدود على أنه شرط مسبق يعيق السلام ومثله المطالبة بتطبيق القرارات الدولية.

 

لقد ابتدعت حكومة اسرائيل شرط الاعتراف بيهودية الدولة لاسقاط جميع المطالب والحقوق التاريخية للفلسطينيين في بلادهم, ولتسويغ سياسات الترانفسير لما تبقى من عرب عام 1948 في المستقبل وهو شرط اذعان وتنازل مسبق لا يمكن قبوله.

 

وعندما لجأت الادارة الاميركية لاغراء اسرائيل بالمنح المالية والعسكرية لقبول تجميد الاستيطان لثلاثة اشهر مع التلميح بأن المفاوضات ستتركز على موضوعي الامن والحدود وانشاء دولة فلسطينية لجأت حكومة نتنياهو الى قانون افتعلته يربط الانسحاب الاسرائيلي من أي جزء من الجولان والقدس والمستوطنات الى استفتاء شعبي, الامر الذي يعرقل أي نتيجة للمفاوضات.

 

ومع ذلك ما زال الرئيس عباس بانتظار رد اسرائيل على المقترحات الاميركية, مع ان الرد واضح من مضمون قانون الاستفتاء الشعبي أي التنصل من أي التزام للانسحاب من الاراضي المحتلة, وتصريح نتنياهو الاخير ان لا تجميد للاستيطان, ولا حل نهائياً او ترسيم للحدود خلال عام.

 

فما لم تتغير تركيبة حكومة المستوطنين ويتجاوز الفلسطينيون انقساماتهم, ويوحدوا صفوفهم وموقفهم, فلن يتحقق أي شيء في مسار السلام, سوى الشروط التعجيزية التي تحول دون أي اختراق حقيقي في مسار السلام.

 

لقد اختارت اسرائيل أن تكون دولة عدوان واحتلال وتوسع منذ قيامها, مستندة الى مزاعم دينية وتاريخية والى مساندة من دول الاستعمار التي سيطرت على المنطقة في مطلع القرن الماضي, وبرفضها للسلام اختارت ايضاً ان تكون دولة غيتو يهودي مسيّجة بالجدران والاحزمة العسكرية والكراهية, وستنتهي كما قال جلالته الى دولة تمييز عنصري ودولة احتلال أعمتها غنائم الحرب وانتصار اللحظة عن الحقائق التاريخية, وعن الفرصة المتاحة لاسرائيل لان تندمج في المنطقة, بدل أن تكون جزيرة في وسط يرفضها ورأس حربة للقوى التي تستهدف المنطقة بالحروب والاستنزاف والتدخل الخارجي..

=======================

حرب الصادرات بين الدول القوية

بسام الكساسبة

kasasbehb@Gmail.com

الرأي الاردنية

6-12-2010

منافسة اقتصادية شرسة تدور بين الدول الأقوى اقتصاديا في العالم، وتعريف الدول الأقوى اقتصاديا هي التي تحتكر الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لأنها المستحوذة على الجزء الأكبر من الصادرات العالمية، فالدول ذات الدخل المرتفع High income التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2008 ما يقارب 43.3 تريليون دولار أي يعادل 71% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، هي ذاتها الدول التي بلغت صادراتها في نفس العام 11.1 تريليون دولار أي ما يعادل 69% من الصادرات العالمية، علما بأن عدد هذه الدول لا يتجاوز أصابع اليدين،كما لا يتجاوز عدد سكانها 16.2% من سكان العالم، فهذه الدول لم تستحوذ على مكانتها الاقتصادية المرموقة بالصدفة، بل نتيجة لمثابرتها ودارتها لشؤونها الداخلية والخارجية على نحو صحيح وسليم.

 

إذا فالصادرات السلعية العالمية، هي مناطق نفوذ تتنافس لا بل تتصارع الدول الأقوى عالميا بشراسة للاستحواذ على الجزء الأكبر منها، فمنذ عدة عقود وحرب اقتصادية شرسة تدور رحاها بصمت وبعيدا عن الأضواء بين كبرى الدول الاقتصادية، وقد أخذت ملامح هذه الحرب بالظهور للعلن بعد أن نجحت الصين في اختراق ميدان الصادرات العالمية بقوة، وتمكنت من إزاحة الولايات المتحدة عن صدارتها العالمية في هذا المجال.

 

قدرة الصين على منافسة الولايات المتحدة اقتصاديا تنبع من النمو الراسخ الذي حققته صادراتها على مدار العقود القليلة المنصرمة، وكذلك من قدرتها على إنتاج سلع وخدمات بتكاليف منخفضة جدا وبالتالي تصديرها للأسواق العالمية بأسعار منافسة، لذا انحصرت المنتجات الأميركية ذات القدرة التنافسية العالية على الصعيد العالمي في السلع المعتمد إنتاجها على التكنولوجيا العالية جدا، وفي مقدمتها المنتجات الالكترونية والهندسية والكيمائية والفضائية بشقيها المدنية منها والعسكرية، أما في بقية المجالات فأصبحت المنتجات الصينية هي الأقدر تنافسيا من المنتجات الأميركية ليس في الأسواق العالمية فحسب، بل وفي الأسواق المحلية الأميركية.

 

أما العنصر الأبرز في انخفاض تكاليف المنتجات الصينية، فناتج عن انخفاض تكاليف الأيدي العاملة الصينية، وهذا الانخفاض مرتبط بانخفاض حصة الفرد الصيني من الناتج المحلي الإجمالي الصيني قياسا بمستواه في الولايات المتحدة الأميركية، فبينما بلغت هذه الحصة في الصين لعام 2008 نحو 3.5 ألف دولار في السنة فقد بلغت في الولايات المتحدة الأميركية 48 ألف دولار في السنة، مما جعل تكاليف إنتاج سلعة ما في الولايات المتحدة تعادل عشرات أضعافها في الصين.

 

لقد استوعبت الصين دروس الاقتصاد العالمي، وفهمته بطريقة مختلفة وذكية، وقد انعكس هذا الفهم على صناعتها العامة والخاصة، المؤسسية منها والعائلية، ونتيجة لذلك تشكل لديها قاعدة صناعية شاملة وواسعة وعريضة، جعل صادراتها تقفز من 148 مليار دولار في عام 1995 إلى 1.4 تريليون دولار في عام 2008 مما مكنها من تجاوز كل من الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، ثم لتستحوذ على المرتبة الأولى عالميا في مجال الصادرات، أما ميزانها التجاري فقد ارتفع فائضة خلال نفس الفترة من 16 مليار دولار إلى 296 مليار دولار، وبفعل هذا الفائض السنوي المستدام فقد أصبح لدى الصين موارد مالية ضخمة جدا، جعلتها المقرض الأكبر في العالم للخزينة الامريكة، فقد ناهزت قيمة سندات الخزينة الأميركية التي اشترتها الصين التريليون دولار تقريبا.

=======================

التضحية العربية والاستهتار الإسرائيلي

ضياء الفاهوم

الدستور

6-12-2010

 من أجل السلام الحقيقي توافق القادة العرب في العام 2002 على مبادرة سلام عربية فيها الكثير من التضحية من أجل تفادي المزيد من سفك الدماء وإبعاد المنطقة العربية كلها عن ويلات الحروب وتحقيق التقدم الحضاري المنتظر في كافة المجالات الذي أعاقه الغرب كثيرا بإيجاد كيان غاصب في فلسطين. وهذا ما اضطر العرب إلى الانتباه إلى أطماعه غير المحدودة كما بينها الاستيطان اليهودي فيما بعد في الضفة الغربية التي احتلت عام 1967 وخاصة في القدس الشرقية.

 

إن عدم التجاوب الإسرائيلي الكبير مع هذه المبادرة يدعو إلى الدهشة والاستغراب لو كان الإسرائيليون معنيين بالسلام القائم على العدل الذي يعيد لكل صاحب حق حقه ، ولكن الأيام والشهور والسنين أثبتت أنهم غير معنيين بالسلام بقدر ما هم معنيون بفرض ما يريدون بالقوة الباغية ومواصلة الاعتداء على كل ما هو عربي ومقدس عند جميع العرب.

 

لماذا يفعلون ذلك؟ لأنهم يعتقدون بأن إنهاك الشعب الفلسطيني والتآمر على الأقطار العربية عن طريق إثارة الفتن فيها كفيلان بأن يمكناهم من السيطرة على كل فلسطين وعلى إبقاء العالم العربي في حالة ضعف يعتقدون أنها سوف تمكنهم من تحقيق المزيد في اتجاه "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل".

 

وكم نود أن يفهم الإسرائيليون قبل فوات الأوان ما أعلنه جلالة الملك عبدالله الثاني نيابة عن كل الأمة من أن مبادرة السلام العربية لن تبقى معروضة عليهم وعلى العالم إلى الأبد. وإذا لم يدركوا ذلك واستمروا في تطلعهم نحو استسلام الفلسطينيين وأمتهم العربية الإسلامية لبغيهم وعنصريتهم وتطرفهم فإنهم يضعون كيانهم الصهيوني في مهب الريح ولو بعد حين.

 

على كل حال ، مضى الكثير ولم يبق إلا القليل أمام العالم كي يثبت أنه جدير باحترام ما ارتضته البشرية من مبادئ وأصول شملها ميثاق الأمم المتحدة الذي إن لم يطبق كما يجب في مختلف أنحاء العالم فلن يكون له معنى يذكر.

 

شعوب العالم تريد الحرية والاستقلال وكامل سيادتها على أراضيها وخيراتها وترفض أي تدخل في شؤونها الداخلية تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان كما ترفض أن تتعامل بعض الدول الكبرى مع القضايا الدولية والإنسانية بازدواجية معايير ، وهذا من بين أهم المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.

 

المطلوب من الأمم المتحدة أن تصحح مسارها بما يمكنها من القيام بواجباتها تجاه الدفاع عن حقوق البشر والتأكد من كيل دول كبرى بمكيال واحد فيما يتعلق بكثير من الشؤون الإنسانية والدولية إذا أرادت أن تكون أمينة على مصالح كل الأمم بعد أن وضعت بعض الدول الكبرى وربيبتها إسرائيل الأمن والسلام الدوليين في وضع خطير ، وكما للتضحية العربية من أجل أمن وسلام العالم حدود فإن للاستهتار الإسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية ، التي تقتضي من بين ما تقتضيه انسحاب الإسرائيليين من كافة الأراضي العربية التي احتلوها عام 1967 ، حدودا أيضا.

 

لقد استطاع الصهاينة أن يضحكوا على جزء من العالم بعض الوقت ولكنهم لن يستطيعوا أن يضحكوا على كل العالم كل الوقت ، ولذلك فالأجدى لهم أن يغتنموا فرصة وجود مبادرة السلام العربية ويجنحوا إلى السلام العادل بالتخلي عن كل أشكال العنصرية والفاشية وسرقة حقوق الغير ومواصلة الاعتداء على المقدسات.

=======================

انحدار أميركا نحو الديكتاتورية

بول غريغ روبرتس - «إنفورميشن كليرنغ هاوس»

الدستور

6-12-2010

 عادة ما توجه وزارة العدل الأميركية للأبرياء تهما وتدينهم بجرائم ملفقة. وكان محامي الدفاع البارز ورجل الحريات المدنية ، هارفي سيلفيرغليت ، قد أصدر كتابا العام الماضي ، بعنوان "ثلاث جرائم في اليوم: كيف يستهدف محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي الأبرياء" ، الذي يثبت في النهاية أننا في أميركا "الحرة الديمقراطية" ، نمارس العقاب دون وجود جريمة.

 

وزارة العدل ذاتها ، التي عادة ما تلفق التهم للأبرياء ، جادلت في المحكمة الفيدرالية في تشرين الثاني الماضي أن حكومة الولايات المتحدة ، إذا ما حصلت على مصادقة الرئيس ، يمكن لها أن تقتل من تشاء ، مواطنين وغير مواطنيين. كل ما هو مطلوب هو بأن تعلن الحكومة ، ودون دليل ، أو تهم ، أو محاكمة ، أو إدانة من هيئة محلفين ، أو أي من الإجراءات المطلوبة بموجب دستور الولايات المتحدة ، بأن الحكومة تشتبه بأن الشخص يشكل "تهديدا".

 

وكانت وزارة العدل الأميركية قد أخبرت قاضي محكمة المقاطعة الفيدرالية الأميركية ، جون بيتس ، أن السلطة القضائية الأميركية ، التي كانت سابقا فرعا مساويا للحكومة ، ليس لديها أي سلطة قانونية للتدخل في قرار الرئيس أوباما لاغتيال الأميركيين. وكانت وزارة العدل الأميركية قد أعلنت أن عدم خضوع قرار الرئيس بقتل الناس للمحاسبة هو واحد من "القوى الأساسية للرئيس كرئيس لهيئة الأركان".

 

حجة وزارة العدل هي أن سلطة الفرع التنفيذي لقتل الأميركيين ، دون دليل ، ممن قررت السلطة بأنهم يشكلون تهديدا ، غير القابلة للمراجعة ، وهذه الحجة جرى تحديها من جانب اتحاد الحريات المدنية الأميركية ومركز الحقوق الدستورية. نتيجة القضية سوف تحدد إن كان عضو المحافظين الجدد وألعوبة إسرائيل ، الرئيس جورج بوش الإبن ، محقا عندما قال أن الدستور الأميركي لم يكن سوى "قصاصات من الورق".

 

برأيي الشعب الأميركي ودستور الولايات المتحدة ليس لديهم فرصة كبيرة لربح هذه القضية. فقد نجح المجتمع الفيدرالي الجمهوري في تعيين العديد من قضاة محاكم الولايات الفيدرالية ومحاكم الاستئناف والمحاكم العليا ، ممن يؤمنون بأن سلطات الفرع التنفيذي تفوق سلطات المجلس التشريعي والسلطة القضائية. كان الآباء المؤسسين لدولتنا قد أعلنوا بشكل واضح أن الفروع التنفيذية ، والتشريعية ، والقضائية متساوية ، على أي حال ، فإن الجمهوريين الذين يشكلون المجتمع الفيدرالي قد رسخوا أيديولوجية المجتمع الشيطانية في المحكمة الفيدرالية ووزارة العدل. اليوم ، هناك اعتقاد خاطئ منتشر هو أن الفرع التنفيذي لديه امتيازات أكثر وأن الفروع الأخرى للحكومة أقل منه.

 

إذا كان للأميركيين أعداء أكثر من المحافظين الجدد ، فهو المجتمع الفيدرالي.

 

يمكن لكم ألا توافقوني الرأي ، لكن الآن دعونا ننظر إلى هذا التطور من منظور آخر. أتذكر سنوات عهد نكسون ، قد كنت آنذاك معينا من قبل الرئاسة ، تعيين صادق عليه مجلس شيوخ الولايات المتحدة. لقد استقال الرئيس نكسون ليتجنب المساءلة ، ببساطة لأن نكسون قد كذب بشأن موعد علمه باقتحام مكتب ووترغيت للحزب الديمقراطي.

 

كذب نكسون بشأن وقت علمه بالاقتحام ، لأنه علم أن صحيفة الواشنطن بوست ، إذا بدأت بإجراء تحقيقات ، سوف تستخدم القضية لهزيمته لدى إعادة إنتخابه. كان المجمع الأمني العسكري ومجموعات العمليات العسكرية من الزنوج في حكومة الولايات المتحدة غاضبين من نكسون لتهدئته العلاقات الصينية الأميركية. اختبأت صحيفة الواشنطن بوست خلف صورتها "الليبرالية" للإطاحة بنكسون. كتب وودورد وبرنستين تقارير ذات طابع حماسي عن الاجتماعات في منتصف الليل مع "ديب ثروت" وهو اللقب الذي أطلق على نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية وليام مارك ، المصدر السري الذي سرب معلومات عن تورط حكومة نكسون في فضيحة ووترغيت ، وكانت تلك اللقاءات تتم في مواقف للسيارات للحصول على سبق صحفي حول متى علم نكسون بالاقتحام.

 

لنفترض أن كل ما لدي خاطئ. لكن تبقى الحقيقة أن نكسون خرج من الرئاسة بسبب اقتحام ووتر غيت. ولم يتأذ أحد. فنكسون لم يقتل أحدا ولم يدعي الحق بأن يقتل ، دون اختبار أو مساءلة ، مواطنين أميركيين. لو أنه كان لدى الرئيس نكسون الجبان وزارة عدل مثل الموجودة حاليا ، لأمكن له ببساطة إعلان وودورد وبرنستين وصحيفة الواشنطن بوست بأنهم يشكلون تهديدا ويقتلهم لمجرد ممارسة السلطة التي تدعي إدارة أوباما إمتلاكها.

 

ربما يكون عهد نكسون بعيدا جدا بالنسبة لمعظم الأميركيين ، لذا دعونا ننظر إلى عهد رونالد ريغان.

 

لقد كادت فضيحة المحافظين الجدد إيران كونترا أن تطيح بالرئيس ريغان. وليس واضحا ما إذا كان الرئيس ريغان قد عرف بشأن عملية المحافظين الجدد ، وإن كان يعلم بذلك ، هل إبقي على اطلاع أم لا. لكن لنضع كل ذلك جانبا ، ماذا تعتقد أن يكون مصير الرئيس ريغان لو قام هو أو وزارة العدل في عهده بإعلان أن ريغان لديه السلطة لقتل أي شخص يعتبره يشكل تهديدا؟ كان يمكن لوسائل الأعلام أن تصبح في حالة هياج ، وكذلك كليات الحقوق والكليات الجامعية ، وكان يمكن أن يطالب الديمقراطيون بمساءلة ريغان ، وكان يمكن أن تتم مساءلته بسرعة الضوء.

اليوم في أميركا ، وبعد حوالي 25 عاما ، أصبح على اتحاد الحريات المدنية الاميركية اللجوء إلى المحكمة الفيدرالية في محاولة لتأكيد أنه "إذا كان الدستور يعني شيئا ، فهو بالتأكيد يعني أن الرئيس لا يملك سلطة غير خاضعة للمراجعة للقيام بدون إنذار بإعدام أي أميركي يعتبره عدوا للدولة".

في ردها على ذلك ، أبلغت وزارة العدل المحكمة أن قتل المواطنين الأميركيين هو "مسألة سياسية" لا تخضع لوجهة نظر قضائية. بعد ذلك استخدمت الحكومة "الحرة والديمقراطية" "إمتيازات الدولة السرية" وأعلنت أن القضية المرفوعة ضد سلطة الحكومة بارتكاب جريمة يجب رفضها من أجل تجنب "الكشف عن معلومات حساسة".

إذا ربح نظام أوباما هذه القضية ، فسوف تصبح الولايات المتحدة دولة دكتاتورية.

====================

انتخابات معلبة!

ميشيل كيلو

2010-12-06

القدس العربي

قال الصديق القادم من القاهرة، وهو أحد مؤسسي حزب الوسط ويجمع في شخصه ووعيه أحسن ما في الديموقراطية والقومية والإسلام السياسي، متحدثا عن نتائج الانتخابات الأخيرة في مصر: إن هذه كانت معروفة بالتفصيل لكل من يتابع مجريات الحياة السياسية اليومية، وعلاقات جماعة السلطة مع الشارع السياسي المصري، معارضا كان أم مواليا، ومضيفا: قبل الانتخابات قيض لعديد من المعارضين أن يلتقوا مع الضباط المسؤولين عن إدارة الحياة العامة المصرية في جهاز مباحث أمن الدولة، الذين عرضوا عليهم مقاعد نيابية، وأبلغوهم بالتفصيل الممل كيف ستتم الانتخابات ومن سيفوز ومن سيخسر، ووصلوا إلى حد تسمية النواب عن كل دائرة وموقع.

قال الصديق، قبل ظهور نتائج الانتخابات بساعات: إن أحدا لن ينجح من مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في الدورة الأولى، وسينجح منهم أحد عشر نائبا في الدورة الثانية، دورة الإعادة (أعلن اليوم) 2/12/2010 (قرار الجماعة عدم المشاركة فيها)، وإن الوفد سيكون القوة الثانية في البرلمان، من حيث العدد وليس من حيث الوزن، فهو سيحصل على عدد من النواب يجعله حزب البرلمان الثاني، لكنه لن يمنحه أي وزن يذكر ولن يزيد دوره في الحياة السياسية وحياة الدولة، بينما ستعطى مقاعد قليلة لحزب التجمع، على أن يرشح سيدات معروفات بثقافتهن ليكن نوابا عنه. عدا هذا، سيكتسح الحزب الوطني جميع الدوائر والمواقع بلا استثناء على وجه التقريب، وسيحكم قبضته على البلاد والعباد، وسيكون المجلس له وحده، للأسباب التالية:

1 احتمال شبه مؤكد لوفاة الرئيس حسني مبارك خلال فترة تتراوح بين تسعة وعشرة أشهر (والأعمار بيد الله طبعا)، بسبب سرطان البانكرياس، الذي يعاني منه، والعملية الجراحية التي أجريت له في ألمانيا، وقال في أعقابها لمقربين منه: الجماعة عايزين يتخلصوا مني، ويقصد بالجماعة أقرب الناس إليه وبعض قادة الحزب الوطني. بما أن مبارك هو بيضة القبان التي تحفظ توازن النظام، وبما أن مسألة التوريث صارت من الماضي، فإن غيابه قد يحدث فراغا سياسيا في البلد وزلزالا في السلطة، وتاليا في الدولة عموما، لذلك يجب إحكام قبضة أهل السلطة على الحكم، استعدادا لمفاجآت غير سارة يمكن أن تترتب على وقوع تحول نوعي في حركة الاحتجاج البالغة الاتساع في الشارع المصري غير السياسي، يحتمل أن يؤدي تصعيدها إلى تبدل في العلاقات السياسية بين السلطة والمعارضة، وتاليا إلى استدعاء تدخل أكثر فاعلية وحسما للعسكر ومؤسستهم، التي ستجعل جماعة الحزب، وخاصة المعروفين منهم بفسادهم واستهتارهم بمصالح المجتمع، يدفعون ثمن بداية جديدة مرجحة، ستعيشها مصر في ظل الظروف المتغيرة.

2- قطع الطريق على احتمال أن تقوض الصراعات الداخلية الحزب، عند غياب الرئيس، وأن يتخلق وضع داخل السلطة وعلى صعيد الشارع يمكن أن يجبر مؤسسة العسكر، الممسكة بمفاصل القوة الخفية التي تدير البلاد، على التخلي عن العلاقة القائمة اليوم بينهم وبينه، فلا مفر من جعل البحث عن بديل لقادته الحاليين صعبا قدر الإمكان، حتى لا يقع انهيار كامل في تنظيم كان ويبقى سلطويا، يعاد إنتاجه من فوق، وتديره القوى الخفية التي تدير البلاد وتقبض على الأمور، جملة وتفصيلا، ولا يستطيع أحد مواجهتها، سواء في المعارضة أم في الموالاة، وتعمل بتنسيق قوي بين الجيش والأمن، عبر رمزيهما البارزين: المشير طنطاوي واللواء عمر سليمان، الرجلان القويان حقا في النظام، اللذان يديران حياته الداخلية وعلاقاته من وراء الكواليس، ومن الممكن أن يكون البرلمان الجديد، الموحد اللون والانتماء، مطلبا لهما، يكفلان من خلاله أيضا عملية انتقال هادئة للسلطة، بعد وفاة مبارك، خاصة وأنه يخلو من كتلة معارضة قوية قد تتحول، في حالة وجود فراغ سلطة، إلى اختراق حقيقي للحكم، من شأن دوره الرسمي خلق مصاعب لن تكون المؤسسة العسكرية / الأمنية بحاجة إليها أبدا. في لعبة التكامل والابتزاز المتبادلة هذه، يتم ضرب مجموعة عصافير بحجر واحد، فالحزب متماسك ومسيطر كما لم يكن من قبل، من حيث الظاهر على الأقل، والمعارضة غائبة عن البرلمان كمؤسسة رسمية وحيدة يحق لها الوجود فيها، وبينها وبين الشارع هوة يبدو أنها لا تعرف كيف تردمها في المدى المنظور، والشارع محبط نتيجة عدم وقوع نتائج عملية وسياسية على حراكه، بينما يتلقى ضربة معنوية وسياسية يمثلها انفراد حزب سلطوي مكروه في السيطرة على برلمان البلاد، وخفة الإخوان والوفديين التي لا تصدق في التعامل مع انتخابات على هذا القدر من الأهمية، يعرفون مسبقا أنها ستكون معلبة ومعروفة النتائج، وأن غايتها الرئيسية شد مفاصل نظام يواجه تحديات هائلة تتصل بوجوده، في مجتمع يغلي بصورة يومية، قد تؤدي مطالباته العادلة إلى بروز تعبيرات بوسعها التصدي لحل أزمته كتلك التي برزت في أحوال مشابهة على وجه التقريب عام 1952، مع ثورة يوليو وحركة الضباط الأحرار، الذين قفزوا من فوق السلطة والأحزاب في آن معا، وعبروا عن غضب المجتمع ضد النظام الفاسد. ومع أن صديقي لم يتحدث عن وجود أعراض تشير إلى انقسامات داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، بل أكد، على العكس من ذلك، تماسكهما، المنظور في علاقة رمزيهما طنطاوي وسليمان، فإنه ركز كثيرا على دورهما في حل يطاول مشكلات السلطة، ستختلف أدواته وسبله بعض الشيء عن أدوات وسبل السلطة الراهنة.

3- تقديم رد على حركة الشارع والمعارضة يتفق وطابع النظام الشمولي، الذي يرفض في مثل هذه الحالات الاستجابة لأية مطالب مجتمعية، سياسية كانت أم غير سياسية، ويرد بشد صفوفه على أي رفض شعبي له، قبل أن يقدم حلولا للأزمات، تمعن في تجاهل إرادة الشعب وتفرض وقائع جديدة ليست غير إطار مختلف بعض الشيء تنمو الأزمة داخله وتتغذى منه، وتتعقد وتتراكب، ليكون ثمنها بالنسبة إلى المواطنين أكبر، وكي يقلعوا عن المطالبة والاحتجاج، فلا تسوء أحوالهم أكثر مما هي سيئة.

نتائج الانتخابات هي رد نظام شمولي غارق في المشكلات والأزمات والخلافات على احتجاجات ومطالب شعب مصر، ورد الشمولية على ما أسميته في مناسبة سابقة 'خروج الشعب من النظام'، وهي ضرب من التحدي في لحظة أزمة عامة يرجح أن تصير قريبا أزمة سلطة، بمجرد أن يغيب مبارك. ومن المعروف أن الطبقات الحاكمة ترد دوما على حالات كهذه بتوحيد صفوفها وإحكام قبضتها على كل كبيرة وصغيرة، ريثما تعثر على حلول ومخارج من الأزمات التي ألقت بعبئها القاتل على كاهل شعبها ووطنها، وتهتدي إن اهتدت - إلى خطط تتيح استمرار سيطرتها في شروط متبدلة، بحيث يبقى الشارع خاضعا ويقبل الظرف الجديد، المختلف في الظاهر عن الظرف السابق له والمتفق معه في صفاته الجوهرية الرئيسة.

بإخراج الاختراق المعارض من البرلمان، وبوحدة السلطة في دوائرها ومستوياتها، ومع عجز المعارضة عن اختراقها، وترك مجال يضيق أكثر فأكثر في الحياة العامة لحركات الاحتجاج غير المؤطرة حزبيا وسياسيا، يعتقد أولو الأمر في مصر، ممن يمسكون بمقدرات بلادهم من وراء ستار، أن الاستقرار سيصمد، وقهر المجتمع سيتواصل، والاستعداد للبديل سيكون من داخل النظام، ليكون محدودا وقليل الكلفة وقابلا للضبط.

إنها انتخابات معلبة، ليس لأن الصديق أخبرنا بنتائجها قبل ظهورها، بل لأن لها هذه الأهداف والمرامي التي تتجاوز البرلمان إلى النظام، وتعد مؤشرا يقع اليوم إلى ما سيحدث غدا، وهو لن يكون بالتأكيد غير استمرار للأزمة العامة، مع إضافة مفردات جديدة إليها، مع ما سينجم عن ذلك من إحباط لآمال معظم المصريين من جهة، وخيبة لدى عرب كثيرين يعلقون في كل قطر عربي ومصر آمالا كبارا على التغيير في مصر، لاعتقادهم أنه سيكون بداية التغيير في بلدانهم أيضا.

' كاتب وسياسي من سورية

===================

النظام المصري ولعبة الأوراق الضعيفة

د. يحيى مصطفى كامل

2010-12-06

القدس العربي

 يبدو المشهد المصري غامضاً عصياً على الفهم. نفس الأسئلة الطاغية تفرض نفسها أبداً على كل من يتابع الشأن المصري عن قرب أو حتى يمر بالبلد مرور الكرام، كيف تستمر الأمور على ما هي عليه من الفوضى والتخبط والتدهور؟ أين الحكومة وأين النظام؟ ثم أنّى لهذا النظام البقاء أمام كل هذا الفشل

والإخفاق والضياع الصارخين؟ أين الشعب؟ لماذا يصبر على هذا الوضع الذي لا يطاق ولا يليق بالحيوانات؟ وما هذا الجبروت الذي تعامل به النظام مع الأحزاب المعارضة في الانتخابات؟ لا يجوز هذا أبداً، مصر بلدٌ كبير وعظيم أجل، مصر بلدٌ عظيم؛ لكن النظام طاهٍ ماهر... طاهٍ يملك كل أدواته ويعلم تماماً مكونات الطبخة التي أبدعها وتفنن فيها وما انفك يعيدها ببراعة منوعاً، فتارةً يزيد البهار وتارةً الملح وهكذا دواليك.. كما أن لكل شيء تفسيرا..

بدايةً، لا بد أن نسأل أنفسنا عن طبيعة المرحلة التي نعيشها ومن المستفيد منها وبالتالي يسعى إلى استمرارها، ولا شك لدي في أن أية طريقة تحليل سوف توصلنا إلى الطبقة الجديدة في مصر، التي نضجت وقويت وتمكنت من مفاصل الدولة في الثلاثين سنة الماضية. ثلاثون عاماً من الركود... ثلاثون عاماً بلا حربٍ كبيرة..

لم يرث هذا النظام بعد 1981 أية قضايا كبيرة عالقة ولم يجابه بأي قرارٍ مصيري.. القرار بتحويل القبلة والمتجه إلى واشنطن كان قد اتخذ وتم ختمه بالتحالف والرهان على دورٍ رائدٍ لإسرائيل في المنطقة. الأهم من ذلك أنه في أعقاب اغتيال رئيسٍ كان يؤمن بالصدمة اسلوباً وينتهجها وربما يستمتع بها، ترسخ في وعي منظري النظام وراسمي سياساته أن هذا الشعب يجب عدم التعامل معه ومداراته بالصدمات والتحركات العنيفة نظراً لأسبابٍ عديدة في تكوينه النفسي وموروثه الثقافي، خاصةً أن ذلك النفور من الصدمات لاقى هوىً وميلاً نفسياً من المؤسسة الرئاسية الجديدة بمزاجها الذي قد يتصف بالعناد والإصرار، ولكن ليس بالصدامية وافتعال المواجهات... الأهم من ذلك والأخطر هو اشتداد عود تلك الطبقة التي رأت النور في أعقاب تحول الدفة نحو اقتصاد السوق اللامنضبط بأحط صوره، تلك الطبقة من محدثي النعمة والسماسرة من كل لونٍ وفي كل شيء وممثلي رؤوس الأموال الأجنبية وأحط الأصناف البشرية ممن لا يليق ذكر مهنهم الحقيقية التي ميزتهم في صحيفةٍ محترمة، وغيرهم ممن اقتاتوا وكبروا وتوحشوا على حساب بيع أصول البلد وممتلكات الشعب. لقد ارتبطت هذه الطبقة عضوياً بالدولة ومؤسساتها في علاقة زواجٍ غير شرعي حتى وصل بها الحال إلى اختراق أجهزتها وتسلم العديد من وزاراتها في هذا الطور الأخير؛ ولا عجب في أن رأى هؤلاء جميعاًَ أن هذا الوضع لا بد أن يستمر، فالمكاسب هلامية ونشوة السلطة والنفوذ لا يعدلها متعة في العالم، لاسيما إذا مورست على شعبٍ يداس عليه بهذه الغلظة

ولا يبدر منه رد فعلٍ عنيفٍ في نظرهم. لذا، في غيبة المشروع السياسي وتنصل الدولة من كل التزاماتها تجاه مواطنيها، وتخليها عن التحديث والتنمية الشاملة بدعوى أنها 'اشتراكية فقر'، بالإضافة إلى ردتها المخزية وتنحيها عن مسؤولياتها على الصعيدين العربي الإسلامي والافريقي، تبلور أمام النظام

وتحالفه الطبقي هدفٌ وحيدٌ يحفزهم جميعاً ويسيطر على قراراتهم ويوجه بوصلتهم: البقاء والديمومة.. البقاء بأي ثمن، وعليه فليس التوريث حباً في 'العيون السود' ولا عشقاً للوسامة الطاغية ولا افتتاناً بالدماثة والحضور الآسرين، وإنما صيغة توافقية ترضي الأطراف المنتفعة.

نظامٌ بلا رؤية عميقة وبلا مشروع حداثي ينتشل أبناء الوطن من وهاد الفقر

والتخلف بكل معانيه؛ نظامٌ يهرول لاهثاً وراء رضا سيدٍ أمريكي وكفيلٍ اسرائيلي لا يرضيان ولا يشبعان، وما ينفكان يطالبان بالمزيد.. نظامٌ لا يؤمن بشعبه وقدراته هو بطبائع السياسة نظامٌ ضعيف، ولا يستطيع أن يستمر سوى بحكم شعبٍ أضعف منه.

والحال أنه بعد مقتل الرئيس المؤمن كان الشعب حياً ساخناً والشارع حاضراً مائجاٌ نابضاً بالتيارات السياسية، وكانت الدنيا ما تزال دنيا... فما كان من منظري النظام ودهاته، وهم بالمناسبة حادو الذكاء، إلا أن جلسوا معاً ورسموا استراتيجية المرحلة الجديدة: لا صدمات كهربائية... إن الفن في البطء.. أن تصل إلى ما تريد خلسةً، من دون أن يشعر بك المعنيون ولا يدركوا إلا بعد فوات الأوان، فالحكومة لم تعد تعلن عن إلغاء الدعم ورفع الأسعار بالطبلة والمزمار كما حدث في كانون الثاني (يناير) 1977، لا.. هي تلغيها ببساطة ومن دون إشهار.

الأهم من ذلك توصلوا إلى ضرورة: 1 تجميد الصراعات وإفراغها من البخار بطول العهد والتقدم في السن. 2 التركيز على الاختراقات وإذكاء الصراعات الداخلية عن طريق الوعود بالمناصب والكراسي والرشى والتهديد تدعمهم في ذلك منظومةٌ أمنيةٌ متضخمةٌ ومتوحشة. 3 ضرب الفرقاء بعضهم ببعض. 4 نشر ثقافة اليأس والتفاهة عن طريق إعلامٍ ذي حضورٍ طاغٍ.

للأسف الشديد نجحت استراتيجيتهم ولم يتبقَ من مشروع الدولة الحديثة سوى قوتها الطاغية وحشد من اليافطات والعناوين ذات دلالاتٍ حديثة ومتطورة لمؤسساتٍ وأحزابٍ تعلق فوق هياكل مهترئة، صدئة ومفرغة من أي مضمونٍ جاد.

أما القوى التي كانت تعارض فقد أرهقتها الضربات الأمنية وفتتتهاالانشقاقات والاختراقات بتشجيع الأمن في غياب التطور في الرؤية والتحليل وعوامل الضعف الداخلية.

الكل ضعيف.. ويظل النظام هو الأقوى والأذكى والأكثر تنظيماً، تلك هي الحقيقة المؤلمة. وليس أدل على خيبة فصائل المعارضة من أنها رضيت أن تلعب اللعبة وفقاً لقواعد النظام، فخاضت انتخاباتٍ محكوما عليها بالتزوير ومقررا سلفاً ألا تحظى فيها سوى ببقايا الفتات. بالتأكيد كان من الأفضل والأكثر حنكةً ألا يخوضوها من الأساس، ولكن لا، لقد روضهم النظام وحجمهم بعد أن خاض بهم أنفاقاً مظلمة من اليأس والضرب والتهميش، فأبعدهم عن قواعدهم الجماهيرية التي كانت، حتى قبلوا بصيغة مشاركة يضمن بها النظام تماماً عدم مشاركتهم الفعلية، ولا يملك الشعب، ذلك المهمش الأكبر والخاسر الأبدي، سوى أن ينفض عن هذا المولد، فالتمثيلية مملة للغاية وغارقة في اللاجدوى، ومن هنا نفهم كيف أن 'الشارع'، ذلك الذي كان يفور ويمور حتى السبعينيات، أضحى خامداً هامداً، خصوصاً بعد أن اخلى النظام الساحة للخطاب السلفي فتكفل بإفراغ الشارع من مفردات العمل السياسي الحقيقي وثقافته ليزرع بدلاً منها وعياً ضبابياً مغايراً ولينقسم المجتمع إلى طوائف تضاف إلى انقساماته السابقة... ضعفٌ على ضعف.. أرأيتم أن ما يحدث ليس وليد الصدفة والاعتباط ؟

لشد ما يزعجني أولئك الذين ينخدعون بالمظاهر فيطلقون العنان لخيالهم فينتقدون الدولة الغائبة، إذ أنني أعتقد أنهم بذلك يضرون بخلقهم صورة مزيفة للأمور تفيد النظام أكثر من أي طرفٍ آخر.

لا يا سادة الدولة في مصر موجودة وطاغية وتخترق كل مناحي الحياة، والدليل الأكبر على وجودها هو هذه الفوضى وذلك التخبط وذلك التدهور... هي كلها مظاهر وانعكاسات لمشروعٍ أساسي، أساليب وأدوات تخدم هدفاً دقيقاً محدداً وليست مجرد أشياء تحدث.

'إنت قفلتها في وجهنا طيب نعمل إيه؟'

العمل الحقيقي في نظري هو العودة إلى المبادئ والقواعد الجماهيرية، نحاول من جديد التواصل معها، أن نرى الواقع كما هو، على قبحه، وأن نكون صادقين مع أنفسنا ونمتنع عن الصفقات المشبوهة مع النظام، التي أورثتنا ما نحن عليه من ضعف.. إذا كانت الانتخابات مزورة فلا داعي لخوضها فالنتيجة واحدة إلا أن المقاطعة أشرف وأكثر ألما للنظام...علينا أن نستعيد الشارع فهو وحده القادر على إخراجنا جميعاً من المستنقع.

'كاتب في صحيفة 'الدستور' المصرية

========================

الوثائق الأميركية: عليَّ وعلى أصدقائي وأعدائي!

غسان الإمام

الشرق الاوسط

6-12-2010

بعد الحرب العالمية الثانية، سارت الديمقراطيات الغربية مسافة جريئة نحو الشفافية. بدأت تنشر سنويا وثائقها الرسمية القديمة. كان الهدف إطلاع الرأي العام. المؤرخين. علماء الاجتماع، على مزيد من حقائق السياسة والعلاقات الدولية.

إلى الآن، يحتفظ النظام العربي «بهدومه». فهو نظام مؤدب. مهذب. لا يظهر عاريا. لا يمارس «الاستربتيز» فوق الركبة. لا ينشر وثائق (غسيله الداخلي) علنا. ولو استطاع لأسدل على وجهه حجابا، خوفا على نفسه من «فتنة» تقليد الغرب، في السفور والشفافية.

لماذا كل هذا الأدب والحياء؟! لأن طول البقاء يجعل الحاضر استمرارا للماضي. النظام الذي عاش دهرا، لا يستطيع أن ينطق كفرا. فهو مسؤول عن هذا الماضي. وبالتالي، لا يريد أن يتحمل أمام الرأي العام مسؤولية الأخطاء التي قد يكون وقع فيها، قبل ثلاثين أو خمسين سنة. النظام الغربي لا يشعر بحرج كبير، عندما ينشر وثائق الدولة. لأن الحكومات تتغير. وبالتالي، فالسياسات تتبدل. حكومات اليوم ليست بمسؤولة عن الأخطاء التي ارتكبتها حكومات أمس.

نتائج الكتمان العربي كارثية: تجهيل الأجيال العربية الجديدة بماض قريب، يضاف إلى تضليلها بالرواية المتزمتة لماض بعيد. الصحافيون. وعلماء التاريخ والاجتماع محرومون من المعرفة والمعلومات. فهم لا يستطيعون تسجيل التاريخ، وتقديمه بحقائقه الصحيحة، إلى الأجيال الجديدة والقادمة، إلا إذا كتبوه لمصلحة الحاضر. لمصلحة قوى الوضع الراهن. من هنا فالأجيال تبقى مغسولة الذاكرة، عن ماضيها الحديث. ومضللة عن تراثها القديم.

مع ذلك، حدثت استثناءات نادرة، عندما تعرضت استمرارية النظام العربي إلى انكسارات حادة. تسربت معلومات ضئيلة جدا من المفاصل المثقوبة: نُشرت مذكرات لبعض الساسة. لكنها لم تكن مستكملة، لأنها غير محررة فنيا، بما يجعلها خصبة بالمعلومات. بالحركة. بالتشويق المغري بالقراءة.

التمعت ومضات محكومة بالانتقام والتشفي. نشر الرئيس جمال عبد الناصر (1952) وثائق مالية مدفوعة إلى بعض كبار الصحافيين، في العهد السابق. فعل ذلك انقلاب السودان. نُشرت وثائق مماثلة لأموال، قيل إن صحافيين عربا تلقوها، للتغطية على فضيحة نقل يهود الفلاشا (الإثيوبيين) إلى إسرائيل، عبر السودان، في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري.

كان قادة الانقلاب العراقي (1958) من الجرأة، بحيث نشروا بعض الوثائق التي أدانت زعماء سوريين بقبض أموال من النظام السابق، لإعداد انقلاب ضد الدكتاتور أديب الشيشكلي (1951/1954). وأدت الوثائق إلى قبول الرئيس عبد الناصر استقالة صبري العسيلي أحد نوابه السوريين.

ولعل قراء «الشرق الأوسط» المداومين يذكرون أني نشرت في هذه الصفحة، في التسعينات، تفاصيل عن تمويل مشروع الانقلاب. وأدى النشر إلى رد السياسي السوري الكبير معروف الدواليبي بالنفي. ثم اعترف، ببسالة شجاعة، عندما واجهته ب «مستمسكات» الدكتور فاضل الجمالي رئيس وزراء العراق الذي فاوضه السوريون المعارضون للشيشكلي.

بل حاولت، منذ مدة، استنطاق عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري «المنشق»، عن معلومات وثائقية. فاعتذر وفاءً منه للرئيس الراحل حافظ الأسد. ليس لي أن أضيف هنا، سوى القول إن الأسد كان شديد الوفاء لأصدقائه ومعاونيه، بقدر ما كان شديد الوطأة على خصومه وأعدائه.

أروي كل ذلك، بمناسبة نشر الاسترالي جوليان أسانج وثائق «ويكيليكس» الأميركية. يذكرني أسانج بنزار نيوف. فقد أثار هذا السوري المغامر شغف العالم بوثائق سورية هربها معه إلى الخارج. وأكشف اليوم سرا. أقول إن هذه الوثائق صحيحة. وهي منتزعة من أرشيف المخابرات العسكرية السورية. وأضيف أن نيوف لم يكن قط صحافيا، كما ادعى. كان، ببساطة، موظفا في الأرشيف، في مقر المخابرات العسكرية.

لماذا لم ينشر «ويكيليكس» السوري وثائقه؟! لأنه كان متخلفا - كأمثالي أنا - تقنيا. لم يكتشف الإنترنت. لم يكن الاسترالي أسانج قد ظهر، ليقنعه بالنشر في موقعه على الإنترنت، كما نشر مئات الوثائق السرية التي تلقاها شركاء له، في دول كثيرة.

إلى الآن، أسانج أحسن حظا من نيوف. نعم، ملاحق. لكن ما زال حيا. أما نيوف فقد قرأ الأرشيف. فاهتز ضميره. أو راوده طمع بربح. سرب الوثائق. هرب. عرف المنافي. ثم فجأة. صمت. اختفى. ودائرة الضوء الإعلامي ملولة. تحولت عنه بسرعة. واختفت معه الوثائق المهمة. ربما حصلت عليها دولة. أو جهة. لست أدري.

وثائق «ويكيليكس» صحيحة. لكنها ضحلة. بليدة. لا إبهار فيها. كتبها سفراء ودبلوماسيون عاديون. مهرة في قوة الملاحظة الشخصية. متخلفون - عن أجدادهم الإنجليز القدامى - في ذكاء وعمق التحليل السياسي.

لا أؤمن بنظرية المؤامرة. لكن يبدو أن الوثائق اختيرت بعناية. كانت انتقائية لخدمة أميركا، بقدر ما كانت لإحراجها! كانت «فشة خلق». عليَّ وعلى أصدقائي وأعدائي. الدلائل توحي بتسريب مفتعل ومتعمد: نُشرت وثائق الأطراف إلى مركز القرار. لم تُنشر وثائق المركز إلى السفارات في عواصم العالم، كي لا يتم فضح توجهات السياسة الأميركية. تم نقل الوثائق المسربة من مواقع ال«توب سيكرت» التي يصعب اختراقها، إلى مواقع أقل سرية يسهل اختراقها. حتى «الخبير» المخابراتي فلاديمير بوتين يقول: «الوثائق نشرت لغرض سياسي مبهم».

ما هو هذا الغرض المبهم؟ لعل إدارة أوباما استهدفت تحسين فرص الرئيس الأسود الانتخابية، بفضح سياسات وتوجهات الحزب الجمهوري والرئيس السابق دابليو بوش، أمام الناخبين الأميركيين والعالم الخارجي. بل ربما إضعاف فرص الوزيرة هيلاري الانتخابية أيضا أمام رئيس ضعيف. فقد ظهرت عاجزة عن حماية وثائق وزارتها.

قدمت الوثائق خدمة كبيرة للإيرانيين والإسرائيليين. لم يتم النيل شخصيا من زعمائهم، فيما استفاد أيضا «عرب إيران» أعداء النظام العربي. غير أن السخف وصل ببعض المحللين العرب إلى لوم النظام الخليجي. لكن ماذا يفعل النظام الخليجي أمام الكثافة السكانية الإيرانية (75 مليونا)؟

قام هذا النظام بواجبه الوطني والقومي. عزز سلاح الطيران، لإبادة أي إنزال أو اختراق إيراني بري. ومارس مصلحته السياسية، بتشجيع حليفته أميركا على التخلص من المشروع النووي الإيراني. ألم يكن ذلك حائلا دون تمكين إسرائيل وإيران، من اجتثاث الحياة الإنسانية، في منطقة تعج بكثافة سكانية هائلة. على أية حال، سواء كان التسريب عبثيا، أو مقصودا، فالعالم الافتراضي يتوسع نحو المجهول، تماما كتوسع الفضاء الكوني. الإنترنت يحرق المراحل. لم نعد بحاجة إلى الانتظار 35 سنة، للاطلاع على وثائق بالية قديمة.

انتهى احتكار النظام للإعلام. لكن ديمقراطية الإنترنت تلغي الثقة بين أهل المساومة والتسوية. نحن أمام انتقال القرار والاتفاق من غرف الردهات والكواليس، إلى المشهد الخارجي. لم يعد قرار صيانة العالم أو تدميره بأيدي المخرجين. بات بأيدي أبطال المسرح المتملقين، بغوغائية شعبوية، لجمهور فوضوي. جمهور خطر على الأمن والاستقرار، في هذا العالم الذي بات شقيا بثوراته التقنية المتلاحقة. كم أنا سعيد بجهاز إنترنت. أضعه أمامي. أدفع اشتراكه. ولا أعرف استعماله!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ