ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 12/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

شمس السلطة الخامسة تسطع على الغرب

مالك التريكي

2010-12-10

القدس العربي

مشهدان من مشاهد انقلاب الأدوار في العصر الجديد. عصر أنوار ويكيليكس. في المشهد الأول: يلعب الروس فيحسنون اللعب. أول الأمر، اكتفى المتحدث باسم بوتين بنعت الوثائق الأمريكية المتعلقة بطبيعة نظام الحكم في روسيا بأنها من 'الخزعبلات'، متمنيا أن يصبح لدى أمريكا 'دبلوماسية أكثر مهنية وجدية'. لكن المصادفات سرعان ما أبرزت أستاذية الروس في فن المناكفات.

حيث وقف بوتين الخميس في مؤتمر صحافي مع ضيفه رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون ليقول مستنكرا: 'هل هذه هي الديمقراطية؟ إذا كان هناك من ديمقراطية فعلا فلا بد أن تكون بلا استثناء. لماذا ألقي القبض على [مؤسس ويكيليكس جوليان] أسانج؟ ينبغي على [الغربيين] البدء بالكنس أمام بيوتهم. إنني أرمي الكرة في مرمى زملائنا الأمريكيين'. في اليوم ذاته يعلن متحدث باسم الكرملين كان في رفقة الرئيس مدفيديف في بروكسل أن على 'المنظمات غير الحكومية البحث في طريقة لمساعدة أسانج'. كيف؟ 'ربما بترشيحه لجائزة نوبل للسلام'... يا سلام على دقة التصويب في شباك الأمريكان. ويا سلام على دقة التوقيت الدعائي عندما يبلغ مبلغ التنكيت السياسي!

المشهد الثاني: رجل يقول في برنامج تلفزيوني: لأن الصحافة في أمريكا لم تعد تضطلع بمسؤوليتها النقدية وبدورها الرقابي، بل هي أصبحت امتثالية وطيّعة إلى حد التبعية المشينة، فإن الحاجة أصبحت تمسّ الآن أكثر من أي وقت مضى إلى بروز مواقع تسير على نهج ويكليكس. لأن السلطة الرابعة لم تعد موجودة في الولايات المتحدة فقد صار بروز سلطة خامسة ضرورة ديمقراطية ملحّة.

هذا ما أعلنه رجل يفترض أن جنسيته وتاريخه المهني يحملانه على استنكار تسريبات وثائق وزارة الخارجية أو، على أقل تقدير، عدم التحمس لها: ذلك أنه كان من موظفي 'سي اي ايه'، أي أنه جاسوس أمريكي سابق! لكن العجيب أن التعبير عن موقف الشجب والاستنكار قد كان امتيازا استأثر به ضيف عربي يعمل في مؤسسة للأبحاث. أي أنه رجل يفترض أن قوميته ووظيفته تحملانه على تأييد أي عمل يلقي أضواء كاشفة على ما يجري في كواليس السياسة. إلا أن الباحث العربي قد تجنب الخوض في الموضوع الأساسي المتعلق بأهمية إقدام الإعلام على تحريك بركة الحياة السياسية الراكدة في دولة لم يبق لها من العظمة إلا تعاظم الغرور، وأطنب، بدل ذلك، في محاولة البرهنة على أن أسانج قد انتهك القانون الأمريكي وعلى أن من حق السلطات الأمريكية أن تحاكمه وتنزل به أشد العقاب. الضيف الأمريكي يقول له: اعلم، يا رعاك الله، أن أسانج لم ينتهك أيا من قوانيننا، ولو كان في الأمر انتهاك لما أقدمت نيويورك تايمز على نشر الوثائق. والعربي يرد: بلى، لقد انتهك! الأمريكي يقول إن 'ميثاق الحقوق' (الجامع لمختلف التعديلات الدستورية الضامنة للحريات، بما فيها 'التعديل الأول' الشهير الحامي لحرية التعبير) يجيز هذا الأمر، بل يشجع عليه، وإنه قانون لا يعلى عليه. والعربي يماحك ويقول: نعم، ولكن الأرجحية في هذه الحالة إنما تعود إلى الأمن القومي... الأمريكي!!! الأمريكي يقول: كلما تزايدت المبادرات الإعلامية من هذا القبيل كلما كان ذلك أسلم للديمقراطية وأنفع، والعربي يكابر ويقول: إن أسانج مهدد، وسوف تضطر بريطانيا لتسليمه لأمريكا لأن اتفاقية كذا...

نعلم أن هنالك بين البشر أقواما 'لا يرحمون ولا يريدون لرحمة الله أن تنزل'. ونفهم أن يكون الحكام الذين تضرروا من تسريبات ويكليكس أشد الناس حنقا، علما أن حنقهم لا ينصبّ إلا على أسانج وموقعه، إذ أنّى لأي منهم أن يجرؤ على مجرد الامتعاض من 'الدبلوماسية' الأمريكية ولو سرّا في ما بينه وبين نفسه الأمّارة بالعدل والإحسان والصدق مع الأمريكان. لكن ما لا نفهمه هو هذه الذهنية البوليسية التي تحجب الرؤية عن أي مواطن عربي من المفترض أنه لا ناقة له في أمر المصالح الأمريكية ولا سيارة. ما لا نفهمه هو المثقف الذي يطلب الستر بدل أن يطلب الحقيقة. ما لا نفهمه هو هذا 'العالم الحر' الذي تسطع عليه شمس السلطة الخامسة، فماذا يفعل؟ يستجير من الضوء بظلام النفاق الرسمي وتمائم الأمن القومي. يؤثر أن لا يلمح الحقيقة إلا في العتمة، وإلا من ثقب الباب. ثقب باب الجريمة والعقاب.

======================

تشكيل حكومة مهنية ونزيهة أمر مستحيل في العراق المحرر

د.عمر الكبيسي

2010-12-10

القدس العربي

في العراق الذي حررته القوات الغازية وبإشراف من الادارة الامريكية والبريطانية تم تصميم مشروع الاحتلال، ومن ثم ركائز العملية السياسية التي يدعي الغزاة انهم فخورون بها، بعد أن منحت العراق السيادة والاستقلال والحرية والديمقراطية وهم على وشك تنفيذ وعودهم بمغادرة آخر جندي مقاتل نهاية عام 2011.

لكنَّ العالم كله والعراقيين يدركون جيداً ان العالم كله لم يعد أفضل حالاً بعد تنفيذ مشروع التحرير المزعوم للعراق، وان العراق بعد التحرير وبعد إعدام صدام لم يصبح اكثر أمنا أو إعماراً مما كان عليه قبل التحرير.

العراق أضحى بلداً لا سيادة له ولا استقرار، مدمراً متشظياً، شعبه مهجرا وكفاءاته مشردة، دمرت بنيته التحتية ومؤسساته التعليمية والصحية وخدماته الاجتماعية واستبدلت أجهزته الأمنية وقواته المسلحة بأجهزة ميليشياوية وطائفية غير مهنية وغير نزيهة، تفشى فيه العنف والارهاب والقتل والتنكيل وتفاقمت الامراض وتفشت البطالة والأمية والجهل واخترقت طبائعه الاجتماعية والخلقية، حين ظهر السلب والنهب والرشوة والسرقة والاغتصاب والإدمان على المخدرات والزواج المؤقت متعة ومسيارا بالسر والعلن.

بفعل حكومات الاحتلال المتعاقبة اصبح العراق بمعايير الفساد والكفاءة الدولية أفسد الدول وحكوماته الأفشل! نحن شعب المليونا أرملة ومعوق والاربعة ملايين يتيم والستة ملايين مهجر، البطالة فيه تجاوزت 40' والأمية 50' وسوء التغذية 30' ، شعب لا يحظى 70'منه بالماء الصحي الصالح للشرب والاستخدام ولا تتجاوز ساعات تجهيزه بالكهرباء 4 ساعات يوميا، شعب تعيث فيه الجريمة وتتفاقم فيه موجات العنف والإرهاب، والعراق بإشراف الاحتلال في انتظار تشكيل حكومة جديدة تقول عنها انها حكومة شراكة لتعزيز الأمن والإعمار، فما هي مواصفات هذه الحكومة العصية على التشكيل منذ تسعة أشهر؟

ملامح الحكومة المنتظرة وطبيعة تشكيلها توحي بالتالي:

1. حكومة مترهلة تفي بمشاركة الأطراف المتصارعة ستستحدث وزارات وتتعدد وزارات الدولة والمكاتب بلا مهمات، وبالتالي فهي الوزارة الأكبر عددا وكلفة في تاريخ العراق السياسي منذ تأسيسه.

2. حكومة شراكة مادية لا توافق سياسي تتوزع فيه المقاعد لمن يستحق نقاطا او دولارات أكثر من أعضاء مجلس النواب او من يشتري المقعد بمبلغ اكبر، تتناقل أروقة البرلمان العراقي اثمانا للمقاعد الوزارية تصل الى خمسة ملايين او اكثر، حيث ان لكل وزارة ثمنها بقدر ما تدر من امتيازات مالية. هذه الحكومة لا يصح ان تسمى حكومة شراكة لأنها تفتقد الى شركاء حقيقيين تجمعهم برامج او اهداف مشتركة غير الامتيازات والمصالح الشخصية.

3. حكومة لن تكون مهنية او حكومة كفاءات واعمار لان مواصفات المشاركة فيها تستثني هذه المواصفات.

4. حكومة ضعيفة كون ان رئيس وزرائها المالكي ألزم نفسه للبقاء في منصبه بتعهدات والتزامات لقوى مشاركة فيها كانت تحسب بقاءه في المنصب خطاً احمر، لكنها قبلته عندما الزمته بشروط وقيود قسم منها معلن وما خفي أعظم!

5. حكومة مرهون استمرارها برضى الائتلاف الكردي، الذي الزم استمرارها برضى وزرائها الذين لن يتجاوزوا اربعة وزراء في كل الاحوال، وهذا الشرط يجعلها حكومة قصيرة العمر، ناهيك عن عدم دستوريتها.

6. حكومة لا يمكن ان تكون وطنية لأسباب عديدة اهمها انها تشكلت بإرادة أجنبية وتوافق أمريكي إيراني يؤمن مصالح الطرفين ويتبنى المشروع الطائفي والكردي التقسيمي.

7. حكومة فساد واختلاس كونها تحتوي على كل الكتل ولا تحظى بمعارضة كتلة نيابية مشاركة بالعملية السياسية، وبالتالي فإن جهاز الرقابة والتقييم لها مفقود.

8. حكومة لا توفر الأمن، بل تؤجج العنف والاضطهاد بسبب توجهاتها الطائفية والإقصائية من جهة، وبسبب استمرار مشروع الفوضى الخلاقة والهدامة الذي يتطلبه استمرار مشروع احتلال العراق وتقسيمه من جهة اخرى.

9. حكومة تهجير لأنها حكومة تسقط نظريا وعملياً أي محاولة لتحقيق المصالحة الوطنية حتى ضمن إمكانية التعايش السلمي بين المكونات بإطار العقد الاجتماعي غير الحكومي، استهداف وتهجير المكونات والأقليات الإثنية والعرقية وقوى المعارضة سيتفاقم وتتفاقم معه موجات الهجرة لكل العراقيين الذين تتعارض قناعاتهم وإرثيتهم وكفاءاتهم مع مصالح الأحزاب الطائفية الحاكمة.

10. حكومة طوائف وأقاليم وفقا لهيمنة الأحزاب على السلطة المحلية والتي تحاول ان تعشش داخل المحافظات والمدن لقضم بعضها بعضا بصراع ليس طائفيا فحسب، وانما ضمن الطوائف والمكونات داخل المدن والأطراف.

11. حكومة صراعات إقليمية تؤجج مشاكل الحدود والتسلل والعبث في الأمن الداخلي لدول الإقليم والمنطقة بدوافع عرقية وطائفية.

12. حكومة معاناة ومن المؤكد انها ستجابه بردود فعل وطنية ومناهضة ومقاومة، خصوصاً بعد ان اثبتت الاحداث ان العملية السياسية القائمة عملية خرقاء لا يمكن ان تصلح او تقوَّم من داخلها، ان تفاقم الأوضاع وتدهورها في ظل حكومة كهذه من المؤكد سيَّسرع من التحام المقاومين والمناهضين بمشروع وطني للتحرير، بعد أن باءت كل مشاريع الاحتلال والعملاء بفشل ذريع لتمرير مشاريعها البديلة والإجهاض على المقاومة الوطنية.

لقد فشلت نداءات التغيير وخطابات المصالحة التي تبناها نفر من الساسة الجدد، الذين شاركوا في العملية السياسية بمبرر احداث التغيير المزعوم، واثبتت الاحداث فشلها، فيما وجد هؤلاء الساسة الجدد انفسهم بين ليلة وضحاها وقد اصبحوا جزءا من منظومة الاحتلال الحاكمة بحكم ما حققوه من امتيازات ومكاسب شخصية، فيما برهنت الأحداث على ان مشروع المقاومة هو الحل الأمثل لتحقيق تحرير العراق والحفاظ على هويته ووحدة شعبه وأراضيه.

 

' كاتب عراقي

======================

بين تنظيم «القاعدة» وتنظيم «ويكيليكس»

د.غسان إسماعيل عبدالخالق

الدستور

11-12-2010

الذين أطلقوا تلك السيناريوهات التي تنبأت بأن القرن الواحد والعشرين سوف يشهد - مما سيشهد - ضروباً من الحروب غير التقليدية التي ستشنها تنظيمات وجماعات متطرفة وغاضبة ضد العديد من الدول العظمى ، لهم الآن أن يزدادوا ثقة بصدق حدوسهم ، بعد أن تحققت نبوءاتهم بنسبة لاتقل عن 99,9%،

 

تنظيم القاعدة استهل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بهجوم عسكري صاعق استهدف مادياً وعملياً وواقعياً أبرز رموز السيادة الأميركية: أبراج نيويورك والبنتاغون والبيت الأبيض ، وأوقع الآلاف من الضحايا ، ونقل الحرب من أفغانستان إلى عقر الولايات المتحدة الأميركية ، وفتح أبواب الحرب على (الإرهاب) على مصاريعها كلها.

 

موقع ويكليكس الليبرالي ختم العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بهجوم معلوماتي صاعق استهدف مادياً وعملياً وواقعياً أبرز رموز السيادة الأميركية: وثائق ومراسلات وزارة الخارجية الأميركية ، وأشهر مئات الآلاف من البرقيات والتقارير ، وأشاع حالة من انعدام الثقة والشك بالديبلوماسية الأميركية في كل عاصمة من عواصم العالم ، وفتح أبواب الحرب على (المعلومات) على مصاريعها كلها.

 

كما تسابقت دول العالم للتعبير عن ولائها لأميركا وتضامنها معها ، وأصدر العديد منها مذكرات اعتقال بحق (أسامة بن لادن) ، فها هي دول العالم تتسابق لإصدار مذكرات اعتقال بحق (جوليان أسانج) ، مع أن الولايات المتحدة الأميركية تتحمل في الحالتين مسؤولية نجاح هذين (المارقين،،) في اختراق غرف نومها السياسية والتسلل إلى أخص خصائص أمنها وسيادتها ، ومع ذلك فإن العالم كله دفع ثمن التقصير الاستخباري الأميركي الفادح الذي تسبب بهجمات الحادي عشر من أيلول 2001 وها هو يدفع ثمن التقصير الاستخباري الفادح الذي أتاح وما زال يتيح نشر مئات الآلاف من الغسيل الديبلوماسي على حبال ومناشر المواقع الالكترونية العالمية.

 

الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على تنظيم القاعدة وخلاياه الناشطة والنائمة وطالبت كل دول العالم بأن تشنها على هذا التنظيم العالمي الذي بادر هو أيضاً لإعلان الحرب عليها وعلى كل حلفائها ، تشن الآن مرة أخرى على موقع ويكليكس الذي تبين أنه تنظيم عالمي لا يقل خطراً عن تنظيم القاعدة وأنه يضم الآلاف من المؤيدين والأتباع الذين أعلنوا أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي جرّاء اعتقال (زعيم الموقع) وأنهم سيستمرون في نشر الوثائق: بل أنهم أكدوا إصرارهم على استهداف كل المواقع الاليكترونية الحساسة في كل الدول التي ناصرت حملة الولايات المتحدة الأميركية على (زعيم الويكليكس) وقد نجح هؤلاء الأنصار في تخريب أكثر من موقع حتى الآن ، وهم على وشك القيام بأكثر من هجوم فيروسي منظم على مواقع جديدة.

 

رغم أن الحرب التي أعلنها أعضاء تنظيم الويكليكس ، هي حرب معلوماتية فيروسية تقنية تستهدف العديد من المواقع الافتراضية ولن تراق فيها قطرة دم واحدة ، إلا أن الخسائر والأضرار المادية والاستراتيجية التي ستتمخض عنها غير قابلة للحصر أبداً ، إذ علاوة على أنها سوف تستقطب كل قرصان وكل حاقد على الولايات المتحدة الأميركية - والحاقدون عليها لأسباب كثيرة يعدّون بمئات الملايين - فإنها ستقوض ما تبقى من مصداقية وهيبة ديبلوماسية وأمن الدولة الأعظم في العالم ، دون التمكن من إشهار مستندات قانونية وجيهة يمكن أن تدين هواة القرصنة واختراق المواقع.

 

للمرة الثانية على التوالي ، تحقق حكومة الولايات المتحدة الأميركية فشلاً ذريعاً على صعيد إدارة الأزمة الناتجة عن تقصيرها الاستخباري الفادح ، لأسباب تتعلق بانجرافها خلف انفعالها وغيظها الشديد جرّاء اهتزاز صورتها في أعين المراقبين على امتداد الكرة الأرضية ، ففي الحادي عشر من أيلول 2001 آثرت هذه الحكومة عولمة حربها على تنظيم القاعدة فكانت النتيجة بروز جبهة عالمية عريضة مناوئة لها ، وها هي الآن ترتكب الخطأ نفسه مرة أخرى فتبادر إلى عولمة حربها على موقع ويكليكس الذي لم يتردد في عولمة حربه المضادة للحكومة الأميركية ، فأي حكومة هذه التي تتطوع لتوحيد أعدائها ضدها مرتين متتاليتين خلال عشر سنوات؟،

======================

السلام المستحيل

رشيد حسن

الدستور

11-12-2010

بعد الفشل الذريع للمفاوضات ، وقبل أن نؤشر على دلالات هذا الفشل ، نود وفي هذه العجالة السريعة أن نضع بين يدي القارئ الكريم"المفهو م الأستراتيجي للسلام" كما ورد في يوميات ابن غوريون ، حيث بقي العدو الصهيوني ، ولا يزال وفيا لهذه الأستراتيجية ، ولا يزال .

 

ابن غوريون ، في يومياته ، وكما استشهد بها محمد حسنين هيكل ، في كتابه عواصف الحرب وعواصف السلام ، الكتاب الثاني ، 23ص والصادر عن دار الشروق ، يؤكد اول رئيس لوزراء العدو ، والمؤسس للكيان الصهيوني "أن اسرائيل سوف تطلب التفاوض بقصد السلام ، ولكن اذا تم لها ذلك ، سوف تضع شروطا تجعل السلام مستحيلا".

 

ان استعراضا سريعا لملف المفاوضات مع العدو ، ومنذ كامب ديفيد المشؤومة ، مرورا بمؤتمر مدريد ،"واوسلو" اللقيطة ، وانا بوليس ، وخريطة الطريق ، نجد أن العدو طبق توصية ابن غوريون بحذافيرها ، وجعل من تحقيق السلام امرا مستحيلا ، وهذه الحقيقة لا تحتاج الى اثبات أو دليل ، فالمواطن العربي البسيط من الماء الى الماء ، يدرك هذه الحقيقة ، ويضع يده عليها ، ويعرف ان العدو ، كان ولا يزال يفتعل الاسباب لجعل هذا السلام مستحيلا ، وغير ممكن .

 

ولنضرب أمثلة من ملف هذه المفاوضات .

 

طلب نتنياهو من السلطة الفلسطينية الاعتراف"بيهودية" الدولة الاسرائيلية ، وهذا اقرب الى المستحيل ، لأن مجرد الاعتراف بهذا الشرط ، بعني شطب حق العودة ، ويعني الموافقة على طرد أهلنا ، وشعبنا من ارضهم في الجليل والمثلث والنقب ...الخ ، ولم يقف الامر عند هذا الحد ..،،

 

فلقد أصر العدو على الاستمرار في الاستيطان ، أثناء المفاوضات ، وخاصة في القدس المحتلة ، وهذا يعني بصريح العبارة ، أن السلطة موافقة على الاستيطان ، بدليل ان المفاوضات مستمرة والاستيطان مستمر ..،، وجاء رفض نتنياهو لوقف الاستيطان في القدس ليكشف مخططات العدو وأهدافه التهويدية التوسعية "القدس بقسميها الشرقي الغربي هي مثل تل أبيب ، وما دام الاستيطان عمل مشروع في تل أبيب ، فهو كذلك في القدس ، عاصمة اسرائيل".

 

هل نستمر في ضرب الأمثلة؟؟

لا بأس ، فمنذ "أوسلو" والى اليوم تضاعف عدد المستوطنات ، وعدد المستوطنين حتى تجاوز نصف مليون مستوطن ، وتم مصادرة أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية المحتلة : وأكثر من 87 % من أراضي القدس ، بالأضافة الى جرائم التطهير التي بلغت أوجها ، وأسفرت لأول مرة في تاريخ المدينة ، بأن يكون عدد اليهود في القدس الشرقية أكثر من عدد العرب ، وهذا يؤكد أن مخطط التهويد بدأ يحقق أهدافه

 

باختصار ....العدو الصهيوني لم يتغير ، ولم يتبدل ، منذ اقامة الكيان الصهيوني على ارض فلسطين العربية ، فلقد رفع شعار السلام الخادع لتحقيق أهدافه ، واستطاع وحليفته واشنطن ، وتحت شعار الترغيب والترهيب ، أن يغرق السلطة الفلسطينية والعرب ، في أوهام السلام الزائف ، ليكتشفوا وقد وضعوا كل بيضهم في السلة الاميركية ، أنهم يطاردون سراب ، مجرد سراب .

======================

«عولمة اليوم: أزمات سيادية..!؟»

محمد رفيع

الرأي الاردنية

11-12-2010

سيف «إقليدس» الماليّ الجديد، بحسب الأسطورة اليونانية، يُصلّت على رقاب دول العالم حالياً: إما الدخول والإنخراط في «النظام العالمي»، اقتصادياً ومالياً، مع فقدان ‏الاستقلاية السياسية، أو البقاء في عزلة سياسية واقتصادية..!؟

 

حكمة الغالبين والمغلوبين، تعود من جديد للتحكّم في مصائر الشعوب، ولا عزاء للضعفاء والمغلوبين. فالقوى والدول الغالبة، لم تكُفّ يوماً عن إعادة تنظيم العالم، على نحوٍ تنتقل فيه الملكية والمداخيل إليها. فالإمبراطورية الرومانية وأوروبا الإستعمارية، مارستا شكل «‏الإستيلاء العسكري والجزية»، من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، في الإستيلاء على ثروات الشعوب. أما «الغزاة النورمان»، وغزاة فرنسا الشماليون، فقد صنعوا من أنفسهم «أرستقراطيات مالكة»، بهدف إستخراج العائدات الاقتصادية. لتستولي أوروبا، لاحقاً، على الموارد بالغزو الإستعماري المباشر، ومن بعده، وبشكلٍ تدريجي،عن طريق «السلطات العسكرية العميلة»‏ أو التابعة.

 

أما اليوم، فقد تغيّرت الوسائل ، وبقيت الأهداف نفسها، ف»المناورات المالية، ورافعات الديون»، تقوم بنفس الدور الذي لعبته الغزوات العسكرية في ‏الماضي. فالأهداف القديمة الجديدة، وإن تبدّلت أشكالها، لا تزال هي نفسها: الإستحواذ والسيطرة على الأرض، والبنى التحتية الأساسية، والفائض ‏الاقتصادي. والتحكّم بالمدخرات الوطنية، و»الصرافة التجارية»، وسياسات ‏المصارف المركزية، كما يقول «باحث أمريكي مُنشٌقّ». وبمعنى آخر، غزوٌ مالي جديد، لكنّه يتمّ سلمياً وإرادياً هذه المرة. والنتيجة المرجوّة هي: تحويل الشعوب المدجّنة والمطوّعة، إلى مدينين، و»شركاء تجاريين صغار خاضعين»، يقومون بالدفع المستمر تحت هذه الصفة. أي أنّ «الاقتصادات المدينة» تحتلّ موقع «البلاد المهزومة» والمغلوبة، وما عليها سوى الخضوع للنهب المنظّم الجديد. وذلك بنقل فائضها الاقتصادي مالياً ‏إلى الخارج، في حين يخسر المدينون سيادتهم المحلية، ويفقدون السيطرة على «سياساتهم المالية ‏والاقتصادية والضريبية». فيجري «بيع البنى التحتية العامّة لمشترين أجانب»، مع استمرار إقتراض يخلق فوائد ورسوم، يُعاد دفعها من جديد لهؤلاء المشترين..!؟.

 

إحدى «المُسلّمات النيوليبرالية العشر»، التي توجّه عمل المؤسّسات الاقتصادية المحرّكة للنظام العالمي، وعلى رأسها «البنك الدولي ‏وصندوق النقد الدولي»، تقول: «إنّ الطريق الأكثر فعالية ‏نحو الثروة هو نقل التخطيط الاقتصادي من يد الحكومة، وتسليمه إلى المصرفيين ومدراء ‏الأموال، وتحويله إلى سوق مالية». وبهدوء شديد، ومن دون أن يلحظ أحد تقريبا، كما يقول خبيرٌ مالي أميركي، حلّت هذه «المُسَلّمة» محلّ القانون ‏التقليدي، القائم على «فكرة سيادة الأمم، على ديونها وسياستها المالية والضريبية»..!!

 

فمنذ الثمانينيات، والحكومات المدينة مدفوعة، قسراً، إلى بيع بنيتها التحتية العامة لمستثمرين أجانب. ليحلّ بعدها «التحصيل المركزي» محلّ الرسوم والأسعار المدعومة ‏حكوميا، ما جعل الاقتصادات أقل تنافسية، ووضعها أكثر فأكثر في «خانة الاقتصاد المدين»، بينما واصلَ «الفائض الاقتصادي» انتقاله إلى الخارج، وبصيغة معفاة من الضرائب تقريباً..!؟

 

المصرفيون الغربيون، ينظرون إلى الفائض الاقتصادي على أنّه مصدر لتسديد الفوائد والديون. ‏فالعائدات العقارية، والتدفق في سيولة الشركات، وقدرات الحكومة في تحصيل ‏الضرائب وبيع المؤسسات العامة، كلّها موارد، في رؤية المصرفيين، ينبغي تحويلها إلى مصادر لتسديد الديون المستمرّة. أما النتيجة، فاقتصادات قائمة على الإستدانة، وبشكلٍ دائم، وفي كل الدول: إستثمار خارجي، ‏إقراض مصرفي، خصخصة البنى التحتية العامة، مضاربات نقدية، وهي كلّها رؤية مصرفيين لمستقبل الدول والمجتمعات والاقتصاد. والإستثناء الوحيد، في «قاعدة نقل السياسات الوطنية إلى ملكيات خارجية»، هو الولايات المتحدة نفسها، وعلى نحوٍ «حِمائيّ»، ما بدّل طبيعة حركة الأموال العالمية، وغيّر معنى تدفق ‏رؤوس الأموال، في تسمية يطلقون عليها «عولمة اليوم» ..!؟

======================

من الذي «أُهين».. حقاً؟

محمد خرّوب

الرأي الاردنية

11-12-2010

يقولون - وما أكثرهم - أن الولايات المتحدة الاميركية، تعرضت لإهانة «اسرائيلية مزدوجة» عندما اضطرت الى الإعلان عن فشل محاولاتها لإقناع حكومتها بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة والعودة الى مساع سابقة لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين حكومة نتنياهو وسلطة رام الله.

 

هنا، يجب التوقف والتدقيق في المعاني والإشارات «الملغومة» التي انطوت عليها توصيفات كهذه، على نحو يستوجب وبالضرورة استدعاء السؤال المرير القديم حول مَنْ يتبع مَنْ؟ أهي اسرائيل التي تقود اميركا أم العكس، وبعيداً عن نظرية المؤامرة التي تُصرّ على ان القرار الاميركي يصنع في اسرائيل وهو استنتاج نحسبه متهوراً، ويعفي صاحبه من مسؤولية الإثبات ما دامت اسرائيل «لبيّسة» لمثل هذه الاستنتاجات التي تبدو في نظر البعض الغارق في اجواء نظرية المؤامرة، مجرد تنظيرات وتهويمات يصعب حيالها الوقوف على تفاصيل المشهد المثقل في واقع الحال بمعطيات ووقائع واحداث تأخذ طابع التعقيد، لكنها ليست عصيّة على التفكيك والتظهير وبخاصة في ظل اربعة عقود من إلقاء (البيض) العربي (ودائماً الفلسطيني) في السلة الامريكية على هدي القاعدة الذهبية التي أرساها أنور السادات اوائل سبعينات القرن الماضي وفي «سنوات الضباب» التي سبقت حرب اكتوبر 73 وقوله في اطمئنان (يثير الشبهات اكثر مما يثيره من احترام وقناعات) ان 9ر99% من أوراق الحل في يد اميركا التي تزود اسرائيل «من إبرة الخياطة الى طائرة الفانتوم» كما كرر في خطاباته ومقابلاته المتلفزة من ميت ابو الكوم (قريته).

 

السادات يقول ان اميركا تقود اسرائيل، وهناك من «العربان» مَنْ يخالفه ويقول العكس، واضعاً مصير وقرارات والمستقبل السياسي لساكن البيت الابيض أياً كان حزبه، جمهورياً ام ديمقراطياً، تحت رحمة جماعات الضغط (اللوبيات) الصهيونية او تلك المتصهينة، ليس فقط في الأكثرها شهرة ونفوذاً وسطوة (ايباك) وانما ايضا في مراكز البحث والدراسات وأوساط الكونغرس، بمجلسيه، ودائماً في وسائل الاعلام التي في معظمها مملوكة ليهود مناصرين لاسرائيل او ذات توجهات يمينية او عنصرية معادية للعرب والمسلمين (فوكس نيوز نموذجاً).

 

أياً كان الرأي الذي يحوز الأغلبية، فهو لا يعفي مَنْ أوصل القضية الفلسطينية الى هذه الحال الصعبة وليس مجرد «أزمة» كما وصفها محمود عباس من اثينا، ما يرتب مسؤولية سياسية وأدبية وأخلاقية، ودائماً وطنية على الذين تولوا قيادة المفاوضات وقدموا كل تلك التنازلات المجانية وتراجعوا، في ما يشبه التواطؤ وليس مجرد الاستجابة للضغوط، او عدم فهم الواقع الجديد والخطير الذي بات عليه المشروع الوطني الفلسطيني وخصوصاً في اطمئنان رئيس وأهل السلطة وأصحابها، الى وعود الرئيس الاميركي الجديد (وقتذاك) وتواصل هذا «الانخداع» بالمفردات والعبارات «الساحرة» التي يلقيها هذا «الخطيب المفوه» الذي جاء من المجهول ويبدو انه ذاهب إليه، وآخرها خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما قال انه «يتمنى» ان تكون «دولة فلسطين» العضو الجديد عند انعقاد الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، فما كان من محمود عباس وفي خطاب على ضريح ياسر عرفات في مناسبة الذكرى السادسة لرحيله سوى رمي «العقال» (وفق الطريقة العربية في العرف العشائري) على رقبة اوباما قائلاً له في ما يشبه الاستجداء والاستسلام «الدولة الفلسطينية المستقلة دين في رقبتك يا سيادة الرئيس اوباما».

حسناً..

حانت ساعة الحقيقة والفضل (وليست الملامة) لفخامة الرئيس اوباما الذي أعلنت إدارته أنها «تتخلى» عن مساعيها لدفع اسرائيل الى تجميد جزئي للاستيطان.. والكرة في ملعب عباس وأهل السلطة الذين واصلوا ضخ المزيد من الوعود والأوهام في أوساط الشعب الفلسطيني عبر تبرير كل خطوة او قرار يتخذونه، بدءاً من التخلي عن شرط وقف الاستيطان ثم الذهاب الى المفاوضات غير المباشرة وبعدها المباشرة وكل ذلك «بمباركة» من لجنة المتابعة العربية التي يعلم كثيرون ان مهماتها لا تشمل توفير «المظلات» الآمنة لمفاوضات السلطة، بل «الترويج» لمبادرة السلام العربية فحسب.

ثمة ما يثير الضحك في حديث أوساط السلطة عن الخيارات «الستة» التي ما تزال «السلطة» تحتفظ بها في جعبتها بعد أن انهارت (كما تجب التسمية) المفاوضات العبثية التي جرت مع حكومة نتنياهو واكثر ما يثير السخرية (حد الغضب) هو تلك الأوهام التي يُصّر سلام فياض على تسويقها بقوله (في حديثه الاذاعي الأسبوعي على الطريقة الاميركية) إن الشعب الفلسطيني اليوم (...) اقرب من أي وقت مضى لتحقيق اهداف مشروعه الوطني.

مَنْ يضحك على مَنْ؟

ومن الذي «أُهين» حقاً، بعد «تخلي» ادارة اوباما عن مساعيها لدى نتنياهو؟

بالمناسبة: ترقبوا «هبوط» السناتور صاحب الابتسامة البلاستيكية جورج ميشيل في المقاطعة برام الله.. قريباً جداً.

======================

قزوين بين الانغلاق الطبيعي والانكشاف السياسي والاقتصادي

المستقبل - السبت 11 كانون الأول 2010

العدد 3854 - رأي و فكر - صفحة 19

حمزة سعد

الحضور الروسي على المسرح الدولي يتنامى بشكل ملحوظ، فروسيا اليوم قطب رئيسي في أبرز المؤتمرات التي تعنى بالشؤون الدولية والاقليمية. وهي تبدواليوم طرفا رئيسياً في اطار معالجة قضايا عالمية كمشكلة المناخ والازمة الاقتصادية العالمية، وحرب العملات, وقضايا الامن العالمي عموما والاوروبي خصوصا, ومحاربة الارهاب، ومكافحة انتشار الاسلحة النووية, وقضايا الطاقة؛ وإقليمية تتعلق بحل النزاعات المنتشرة في كافة ارجاء المعمورة من الشرق الاوسط, وآسيا الوسطى والقوقاز الى كوريا الشمالية وايران وافغانستان.

هذا الدور العالمي لروسيا لا يعود فقط لما لها من قدرات عسكرية ضخمة وأهمها النووية، وما تملكه من موارد طبيعية تكاد لا تنضب, بل هو مرتبط ايضا بما لها من نفوذ في قطاع الطاقة، حيث من المرجح ان يتعاظم نفوذها في هذا المجال الى حد فرض سيطرتها عليه انتاجا وتصديرا خاصة الى اوروبا، ومستقبلا الى الصين والهند، في حال تمكنت روسيا من تنفيذ أجندتها في منطقة اسيا الوسطى وبحر قزوين.

في ظل استحواذ مؤتمر الناتو روسيا المنعقد في لشبونة في 19/11/2010على اهتمام وسائل الاعلام العالمية والمحلية، لم يحظَ لقاء القمة الثالث للدول الخمس المطلة على بحر قزوين (روسيا، ايران، اذربيجان, كازاخستان, توركمنستان) المنعقد في 18/11/2010 في العاصمة الاذرية باكو بالاهتمام الكافي، بالرغم من أهميته التي تعود الى دوره في استراتيجية الطاقة الروسية, التي ترمي الى وضع اوروبا وروسيا في فضاء واحد للطاقة. وهذا ما عكسه حديث رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين اثناء زيارته الاخيرة الى المانيا في 25-26 تشرين الثاني 2010. حيث اكد في معرض حديثه عن الطرق الآيلة الى تفادي الازمات في قطاع الطاقة، كما حصل سابقا مع اوكرانيا, على حتمية التقارب الاوروبي الروسي، مشيرا الى ان أنابيب نقل الغاز هي ما يربط بينهما.

المفاوضات بشأن تقسيم بحر قزوين وترسيم الحدود بين الدول الخمس مستمرة منذ 20 عاما. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي اصبح على ضفافه خمس دول, لم تتمكن حتى الان من التوصل الى اتفاق يضع الاطر القانونية لاستغلال الموارد الطبيعية، وينظم عملية الملاحة والنقل فيه، إذ ان اول لقاء قمة لقادة الدول الخمس عقد في توركمنستان في العام 2002 حيث تم الاتفاق خلاله على عقد لقاءات دورية سنويا، الا ان تباعد وجهات نظر الاطراف، تحت تأثير وضغط من جهات خارجية خاصة على توركمنستان، حالت دون عقد اللقاء الثاني الا في عام 2007 في طهران.

المشكلة في عدم التوصل الى اتفاق حول تقسيم بحر قزوين مرتبطة بعدة عوامل اهمها: اولا - طمع الاطراف في الاستحواذ على اكبر قدر ممكن من الثروات الضخمة من الموارد النفطية الموجودة فيه، والتي تقدر بحوالي 5.1 مليارات طن من النفط، و8 تريليون متر مكعب من الغاز. ناهيك عن الثروة السمكية الهائلة وفي مقدمها تلك الفصيلة من السمك التي تنتج الكافيار الاسود. هذا بالاضافة الى ان بحر قزوين يشكل ممرا جيواستراتيجيا لأنابيب النفط والغاز من اسيا الوسطى الى السوق العالمية.

ثانيا- حتى العام 1991 وضعت الاتفاقيات الموقعة في عامي 1921 و1940 بين الاتحاد السوفياتي السابق وايران الاطر القانونية لبحر قزوين. وفقا لتلك الاتفاقيات كان بحر قزوين مفتوحا امام الدول المطلة عليه، ولم تكن هناك حدود بين الدولتين, الا في ما يخص صيد السمك، حيث تحدد نشاط كل منهما في حدود 10 اميال فقط. مما يعني عمليا ان بحر قزوين كان بحرا ايرانيا سوفياتيا. الا انه وبعد تغير الظروف الجيوسياسية الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي، ونظرا لعدم وجود خرائط واضحة تبين الحدود بين مكونات الاتحاد السوفياتي، برزت الى السطح مشكلة ترسيم الحدود على ضفاف بحر قزوين بين الدول الجديدة, خاصة بين اذربيجان وتوركمنستان.

ثالثا- ان عملية التفاوض بخصوص ترسيم الحدود بين الدول المطلة على بحر قزوين تجري تحت تأثير الاهتمام المتزايد بتلك المنطقة من قبل اطراف خارجية، لا سيما منها اميركا والاتحاد الاوروبي، الامر الذي اثار ردة فعل لدى كل من ايران وروسيا على حد سواء, وأدى الى تردي العلاقات بين ايران واذربيجان، انطلاقا من قيام الاخيرة بفتح الباب امام الشركات الاجنبية للتنقيب عن النفط والغاز في بحر قزوين، والسماح بمشاركة عناصر من القوات المسلحة الاميركية في مناورات مشتركة عام 2003. الامر الذي اثار حفيظة الايرانيين الذين اتهموا اذربيجان في حينه بعسكرة بحر قزوين. اما الموقف الروسي فقد عكسه كلام الرئيس ميدفيديف اثناء القمة عندما اشار الى ضرورة التعاون بين الدول الخمس المحيطة ببحر قزوين لتفادي تدخل الدول الخارجية.

رابعا ان منطقة بحر قزوين لم تكن بمنأى عن مفاعيل العلاقات الروسية الايرانية المعقدة، التي كانت موضع انتقاد من قبل الدول الغربية. وحتى ان الانعطافة القوية من جانب روسيا في علاقتها مع ايران، من خلال موافقتها على العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران في مجلس الامن، والعدول عن تزويدها بمنظومة الصواريخ (اس 300)، لم تكن قادرة على تغيير الصورة المترسخة لدى الغرب عن علاقة ايران وروسيا الاستراتيجية، خاصة بعد تصميم روسيا على تزويد مفاعل بوشهر النووي باليورانيوم المخصب.

في هذا الاطار، اعتبر المراقبون ان من اهم ما حققته القمة الثالثة لرؤساء الدول المحيطة ببحر قزوين هو لقاء الرئيسين الايراني والروسي بعد تدهور العلاقات بين البلدين. ويرون في هذا اللقاء بداية لعملية اعادة بناء للعلاقات الروسية الايرانية انطلاقا من المصالح المشتركة للبلدين.

اخيرا، في ظل غياب اتفاقية قانونية جديدة تنظم استغلال الثروات الطبيعية في بحر قزوين، يبقي الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد السوفياتي السابق وايران سارية المفعول، خاصة لجهة الموافقة بإجماع الدول الخمس المحيطة به على اي مشروع مد خطوط نقل الطاقة عبره. وكما يبدو ان روسيا، كوريث شرعي للاتحاد السوفياتي، مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه لحين التوصل الى اتفاقية جديدة تراعي شروطها ومصالحها. وتجد في عدم التوصل الى مثل تلك الاتفاقية إقفال الباب في وجه مشروع نابوكو حاليا، وحرمانه من مصدره الاساس، الا وهو خط نقل الغاز من توركمنستان الى اذربيجان في قعر بحر قزوين من دون المرور في اراضيها. وكما يرى المراقبون، فإن في جعبة روسيا ايضا حجة التلوث البيئي للاتكال عليها مستقبلا من اجل إعاقة مد هذا الخط. ويعتبرون انه في حال أثبتت عدم جدواها, فإن روسيا قد تلجأ الى استخدام وسائل اخرى من ضمنها العسكرية, وذلك انطلاقا من ان سلوك روسيا في المنطقة بات بعد حرب القوقاز عام 2008 يشبه الى حد بعيد سلوك الولايات المتحدة الاميركية لجهة استخدام القوة العسكرية لفرض الحلول السياسية والاقتصادية. واذا ما اخذنا بالاعتبار ان روسيا تضع مشاريع مد خطوط نقل الغاز والنفط من اسيا الوسطى وبحر قزوين خارج اراضيها، في اطار خطة لإيجاد بديل عنها في مجال الطاقة, تماما كما كانت المحاولة مع الثورة البرتقالية في جعل اوكرانيا بديلا سياسيا.

======================

هل يُسقط "حزب الله" الحكومة في مجلس النواب ؟

سركيس نعوم

النهار

11-12-2010

لا يستطيع "حزب الله" وفريق 8 آذار الذي يقود ان يرغم رئيس الوزراء سعد الحريري والغالبية المنتمية الى فريق 14 آذار على مطلبيه المتعلقين بإدراج ملف "شهود الزور" بنداً اول في جدول اعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء وبالتصويت على إحالته على المجلس العدلي في حال تعذُّر التوافق على ذلك. وأسباب ذلك كثيرة كما يقول قريبون من الغالبية ابرزها اثنان: واحد، يتعلق بصلاحية وضع جدول اعمال جلسات مجلس الوزراء، وقد ناطها الدستور برئيس الحكومة ولكن بعد التشاور مع رئيس الجمهورية الذي اعطاه الدستور الحق في طرح اي موضوع للبحث من خارج هذا الجدول. والآخر، يتعلق بقدرة رئيس الحكومة على تعطيل الجلسة بانسحابه منها مع وزراء الغالبية. هذه الامور كلها يعرفها قادة الحزب ونوابه. لذلك فإن السؤال الذي يطرحه كثيرون هو: لماذا يصر على مطلب التصويت في حال تعذَّر التوافق؟ والجواب عن ذلك يتضمن اكثر من شق في رأي متابعي الاوضاع السياسية في لبنان. الشق الاول، يشير الى ان الاصرار على المطلب المذكور مرفقاً بتصعيد سياسي وبجملة اتهامات لفريق 14 آذار ومجموعة من التهديدات الواضحة والمبطّنة يهدف الى اخافة فريق الغالبية، ودفع العربية السعودية الداخلة ومنذ مدة في تنسيق مع سوريا لحل هذه المشكلة على نحو يرضي الاخيرة وحلفاءها اللبنانيين ايضاً الى مضاعفة الضغوط على الغالبية الحليفة لها وذلك بغية قبولها باحالة "شهود الزور" على القضاء العدلي واتخاذها لاحقا قراراً برفض "المحكمة الخاصة بلبنان" ... اما الشق الثاني من الجواب، فيشير الى ان الإصرار على التصويت قد يكون ناجماً عن امرين. اولهما، الاقتناع بأن فريق 8 آذار صار مالكاً للغالبية في مجلس الوزراء بعد انقلاب الزعيم الدرزي الابرز وليد جنبلاط وتحوله حليفا ل"حزب الله" وسوريا، وفي ظل احتمال انقسام وزراء رئيس الجمهورية بين الغالبية والمعارضة او تأييد معظمهم للاخيرة. وثانيهما، الرغبة في اختبار نهائية الانقلاب السياسي الجنبلاطي ووجهة الاصطفاف التي اعتمدها رئيس الجمهورية بين 8 و14 آذار. وهي رغبة قد تراود الحزب كما قد تراود رئيس الحكومة وفريقه وخصوصاً اذا كان "واثقاً" نتيجة وشوشة ما محلية او اقليمية انه لن يخسر في التصويت كما لن يربح.

في اختصار يعتقد متابعو الاوضاع في لبنان ان تعثّر السعودية وسوريا في فرض تسوية على حلفائهما في لبنان حول المحكمة انطلاقاً من ملف "شهود الزور"، مع تعذُّر حسم ملف المحكمة بجوانبه المختلفة في مجلس الوزراء، سيدفع "حزب الله" وفريق 8 آذار الذي يقود الى خوض المعركة في مجلس النواب. ويعني ذلك انه سيحاول اسقاط الحكومة فيها وخصوصاً اذا تأكد ومن جراء ضغوطه السياسية وغير السياسية وضغوط حليفيه السوري والايراني وعدم فاعلية الدعم السعودي والاميركي ان الغالبية النيابية "صارت في جيبه". وهذا امر ممكن، ذلك ان طرح الثقة بالحكومة من اي جهة اتى (من رئيسها او من النواب) تكفيه جلسة نصابها نصف عدد النواب زائد واحداً. فضلاً عن ان اسقاط الحكومة يتطلب نصف هذه الاكثرية المطلقة فقط زائد واحدا. الا ان الاسقاط وحده لا يفيد. اذ لا بد ان ترافقه محاولة تأليف حكومة جديدة. وهذا الامر قد لا يكون صعباً من الناحية النظرية، لكنه من الناحية العملية قد لا يكون بالسهولة الكبيرة التي يظنها البعض. والمكمن الاول للصعوبة هو شخصية الرئيس الجديد للحكومة الجديدة فهل يعود "حزب الله" وفريقه اللبناني وحليفاه الاقليميان الى ترشيح سعد الحريري زعيم "المستقبل" و14 آذار لهذا الموقع، وذلك بغية توجيه رسالة الى السنّة في لبنان والعالم العربي والى السعودية تحديداً حرصاً على الابتعاد عن الفتنة المذهبية وعلى استمرار المشاركة في حكومة وحدة وطنية؟ وهل سيكون الحزب مستعداً لاعطاء 14 آذار ثلثاً معطلاً في الحكومة الجديدة ام سيقول ان لبنان دخل مرحلة جديدة لا بد من مراعاتها؟ وهل سيقبل الحريري رئاسة حكومة غالبيتها ضده وضد فريقه 14 آذار الذي يقود؟ وما هي الانعكاسات العملية للتغيير الحكومي على الشارع بل على الاستقرار الامني البالغ الهشاشة وليس السياسي المفقود ومن زمان؟

طبعاً لا يملك احد اجوبة واضحة ومحددة عن كل هذه الاسئلة حتى الآن. الا ان ذلك لا يعني ان فكرة فرط الحكومة مغامرة لن يلجأ اليها "حزب الله" لأن ما يريده لا يستطيع ان يقدمه سوى الحريري. وهذه الفكرة صحيحة نظرياً لكنها ليست كذلك عملياً، لأن ما يهم الحزب وحلفاءه في الداخل والخارج هو التخلص من "المحكمة" بقرار رسمي من دولة لبنان بواسطة مؤسساته الشرعية وهي هنا مجلس الوزراء ومجلس النواب. واهمية الحريري تكمن قانوناً في كونه زعيماً لغالبية نيابية، وعندما يفقدها، وبصرف النظر عن الوسائل التي ستُعتمد لذلك، فانه سيحصل على ما يريد من الغالبية الحكومية والنيابية. طبعاً لا يعني ذلك ان الغالبية الجديدة ستكون ميثاقية، لأن التمثيل الشعبي السنّي فيها سيكون شبه معدوم مع الاحترام الكامل لكل القيادات السنية المنضوية في لواء 8 آذار.

في اختصار لن يفرّط "حزب الله" سواء في الحكومة الحالية او في غيرها بوجوده فيها شريكاً اساسياً وقادراً في الوقت نفسه على تعطيلها وشلها. هذا هدف اساسي له لن يتخلى عنه الا لتحقيق هدف اكبر منه اذا توافرت ظروف ذلك. وعلى الجميع ان يعرفوا هذه الحقيقة.

======================

الدور الأميركي المتراجع والأوروبي المنتظر

الافتتاحية

السبت 11-12-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

ثمة دور أوروبي.. لكن أوروبا أكبر من الدور الذي تلعبه.. وإذ الولايات المتحدة، صاحبة المخطط الأساسي لعملية السلام، التي بدأت من مدريد 1991، وتكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة هذه الأيام.. تعلن ارتباكاً يصل مستوى العجز أو الفشل.. تواجه أوروبا السؤال:

هل يعني ذلك عجزاً أوروبياً أيضاً..؟!‏

دائماً ومنذ بدأت عملية السلام كانت هناك رغبة أميركية إسرائيلية بإبعاد أوروبا عنها. بل إن إسرائيل صرحت بذلك أكثر من مرة.. وقد رد عليها ذات مرة - للذي يتذكر - السيد خافير سولانا المنسق السابق للسياسة الخارجية الأوروبية.. مؤكداً الدور الأوروبي.‏

استمرت أوروبا تمارس دوراً أصغر بكثير من حجمها.. وطالبت الدول الراغبة في السلام - سورية مثلاً - أكثر من مرة بدور أوروبي أكثر واقعية وأقرب إلى حجم أوروبا في العالم. ورغم الحماسة التي كانت تدب بين فترة وأخرى في المواقف الأوروبية، ماتبدى بشكل رئيسي بمحاولة إظهار صوت آخر غير الصوت الأميركي، إلا أن العمل الأوروبي رسم - غالباً - خطاً ملحقاً بالخط الأميركي.‏

المسألة ليست مبارزة أو مباراة.. بل هي مسألة الحاجة الفعلية للسلام.‏

كلا الطرفين الأميركي والأوروبي يحتاج إلى السلام في منطقة الشرق الأوسط.. هذا ما أكدته الولايات المتحدة منذ مدريد وهذا ما أوضحته دائماً أوروبا التي لابد أن ترى في الشرق الأوسط المنطقة الأقرب لحدودها، وبالتالي هي التي تحتاج بصورة أشد إلى السلام هنا..‏

ومع ذلك استمر الدور الأوروبي مرتبطاً بالأميركي بل إنه في بعض حالات التراخي بدا هذا الدور تابعاً للحراك الأميركي على هذا المنحى.‏

اليوم تكاد أميركا تعلن إفلاسها، عبر إعلانها فشل مساعيها لدى إسرائيل فيما ذهبت إليه، وتشهد عملية السلام حالة سبات شبه كامل.. بل حالة تراجع في التوجه على الأقل.. وتعلن إسرائيل بياناً وسلوكاً أنها غير معنية بالسلام.. فماذا يمكن أن يكون الموقف الأوروبي؟!‏

ذاك هو السؤال الذي تطرحه زيارة السيد الرئيس بشار الأسد الراهنة لفرنسا .. ولقاؤه مع العديد من الشخصيات الفرنسية إضافة للرئيس ساركوزي.‏

الرئيس الأسد استمر يؤكد في كل المواقع والمحافل والساحات .. خيار سورية للسلام، ويدها الممدودة له .. وافتقادها للشريك .. وهو ما أعلنه في باريس بالتأكيد .. إضافة إلى رؤيته المستمرة بأن تلعب أوروبا الدور المتوازن الذي يليق بأهميتها في العالم وعلاقاتها مع منطقة الشرق الأوسط ودولها..‏

وبالتالي فإن قمة الأسد ساركوزي الخامسة في باريس لا يكفيها أن تؤكد اللقاء الحميمي والحوار المستمر لمواجهة متطلبات شعوب المنطقة وأوروبا وحاجتها للسلام، ماجعل زيارة الرئيس الأسد لباريس تشهد لقاءات عديدة مع شخصيات عديدة مع شخصيات فرنسية، لم يغب عنها حديث السلام، والدور الاوروبي فيه.‏

إن الفراغ العريض الذي تخلفه حالة التقاعس الأميركي انقياداً للشروط الإسرائيلية في عملية السلام .. يجعل من الضروري جداً على أوروبا أن تقدم على دور أكبر بكثير من الذي تلعبه اليوم .. وأقرب لحجمها في العالم .. وأهمية سلام الشرق الأوسط لها.‏

======================

 تركيا وإسرائيل.. إلى أين؟

 بقلم :خالد السرجاني

البيان

11-12-2010

أكثر من مرة يعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أن عودة علاقات بلاده بإسرائيل مرهونة باعتذار الأخيرة عن أحداث قافلة الحرية التي راح ضحيتها 9 من الأتراك، وفي الوقت الذي تؤكد فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية أن اتصالات تجري بين الجانبين تتركز حول صيغة الاعتذار الإسرائيلي عن أحداث الأسطول.

 

فقد نقلت صحيفة إسرائيلية عن مصدر مطلع على تفاصيل الاتصالات أنه( يتم البحث في صيغة توضح أنه خلال عملية السيطرة على الأسطول، لم تعمل إسرائيل بصورة متعمدة لقتل النشطاء الأتراك التسعة).

 

والتقى مساعد وزير الخارجية التركي فريدن سينيرليوغلو ومندوب إسرائيل في لجنة التحقيق في أحداث الأسطول، مطلع الأسبوع الحالي حول هذا الأمر، بينما أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، عن معارضته الشديدة لمصالحة مع تركيا تعتذر فيها تل أبيب عن الأحداث التي رافقت أسطول الحرية وتدفع تعويضات لعائلات النشطاء القتلى، ولوح بالانسحاب من التحالف الحكومي.

 

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ليبرمان وجه انتقادات شديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، على خلفية الاتصالات التي يجريها مع تركيا لإعادة العلاقات بين الدولتين، وقال مقربون منه إن الاعتذار لتركيا هو خضوع للإرهاب. وأفادت صحف إسرائيلية أن نتانياهو أطلع ليبرمان على الاتصالات مع تركيا، وأن وزير الخارجية تحفظ عليها في محادثات مغلقة جرت خلال الأيام الماضية، لكن الانتقادات أصبحت علنية الآن، بما يمكن أن يجهض المحادثات من الأساس.

 

والحقيقة أن كلا الطرفين التركي والإسرائيلي له مصلحة في إعادة العلاقات الى حالتها الطبيعية، حتى وان بدا الأمر غير ذلك. فمن جهة تعاني إسرائيل من عزلة إقليمية منذ مجيء حكومة اليمين العنصرية الى الحكم، وأكثر معبر عن هذا الوضع هو ليبرمان وزير الخارجية، وكانت تركيا لأسباب متعددة إحدى الدول الإقليمية التي تجمعها علاقات شبه طيبة بإسرائيل، حتى جاءت أحداث قافلة الحرية لتجعل العزلة الإقليمية حولها كاملة.

 

أما تركيا فهناك سببان يدفعانها لان تسعى لإعادة علاقاتها بإسرائيل، الأول يتعلق بالدور الاقليمي، حيث أن سعي تركيا لان تكون قوة عظمى إقليمية، يتطلب منها أن تكون علاقاتها جيدة بكل دول المنطقة، وان تعترف لها الدول ولو ضمنيا بهذا الأمر، وإسرائيل واحدة من الدول المطلوب منها الاعتراف بالدور التركي.

 

كذلك فان واحدة من المهام المطلوبة من قوة عظمى إقليمية، هو ان تتوسط بين الدول المحيطة بها عند وجود أزمات، وهو المطلوب من تركيا في ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما كانت تسعى للقيام به في وجود حكومة حزب كاديما السابق على تصدر اليمين الإسرائيلي العنصري للمشهد السياسي بقيادة حزب ليكود، وبالتالي فان عودة العلاقات بما يحفظ ماء وجه تركيا، يمكن أن يدفعها الى استئناف هذا الدور مستقبلا.

 

أما السبب الثاني فيتعلق بان بعض القوى النافذة في تركيا، يعتقد أن إسرائيل يمكن أن تقوم بدور في ما يتعلق بانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، وبعض التفسيرات التركية يعتبر أن وجود علاقات جيدة بين تركيا وجيرانها يمكن أن يساهم في تحقيق هذا الأمر، أو على الأقل أن يسرع به، خاصة وان تركيا تريد إقناع الاتحاد الاوروبي بأنها يمكن أن تكون جسر تواصل بين أوروبا والعالمين العربي الاسلامي والشرق اوسطي.

 

وبالتالي فان قيامها بما هو مرتبط بالسبب الأول في إعادة علاقاتها بإسرائيل، لا بد وان يساهم في تحقيق السبب الثاني الخاص بحلمها الاوروبي. وإذا كانت الحكومة التركية نفسها غير مقتنعة بهذا الأمر أو لا تضع له أهمية كبرى مثلما يضعها بعض عناصر النخبة التركية، فان الحكومة لا تريد ان يتهمها احد بإضاعة الفرصة في حال رفض الاتحاد الاوروبي لانضمامها، ويحملون سياستها في مواجهة إسرائيل تبعات هذا الأمر كاملا، وبالتالي فهي لا تريد توظيف هذا الأمر في السجال الداخلي، خاصة وهي على اعتاب انتخابات تشريعية ساخنة.

 

ويبدو من سياق الأحداث المتعلقة بإعادة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى حالتها السابقة، أن الجانب التركي هو الأكثر تشددا، ولذلك أسبابه، وفي مقدمتها أن تركيا تدرك أن إسرائيل هي الأكثر احتياجا لإعادة العلاقات، وان موقفها ضعيف في مواجهة الرأي العام العالمي بسبب تقارير لجان التحقيق حول ملابسات أحداث سفينة الحرية، كما أن الحكومة التركية تعطي أهمية كبرى لموقف الرأي العام العربي والاسلامي منها، لان ذلك يساعدها في الدور المركزي الذي تريد أن تقوم به في تفاعلات المنطقة.

 

أما موقف وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان فيعبر عن تيار إسرائيلي لا يضع أي اعتبار لما يطلق عليه المجتمع الدولي، وهذا التيار اليميني المتنامي مسؤول عن عزلة إسرائيل، لكنه يجد في العالم من يساعده بسبب قوة اللوبيات الإسرائيلية ومعظمها متحالف مع اليمين الإسرائيلي. وبالتالي فان عودة علاقات تركيا مع إسرائيل إلى وضعها السابق، مرهونة بازاحه هذا اليمين المتطرف عن الحكم، وإذا لم يحدث ذلك فان العلاقات ستظل فاترة كما هي الآن، حتى ولو تم التوصل الى صيغة مرضية بشأن الاعتذار الإسرائيلي.

======================

أميركا والحاجة إلى التجديد

بقلم :جيسي جاكسون

البيان

11-12-2010

يبحث أكثر من 20 مليون شخص الآن عن عمل بدوام كامل في أميركا. ويعاني أكثر من 40 مليونا آخرين من الفقر، وهي أعلى مستويات منذ بدأ مكتب الإحصاء حفظ الإحصاءات. وهناك أكثر من 50 مليون شخص لا تشملهم التغطية الصحية. ويعيش أكثر من 40 مليون شخص على طوابع الغذاء، وهو أعلى من أي وقت مضى.

 

وسوف يفقد نحو مليون شخص منازلهم بسبب حبس الرهن خلال 2010. وقد فقدنا 13 ألف وظيفة في قطاع التصنيع الشهر الماضي، ويستمر الانخفاض في الأجور والاستحقاقات للأسر العاملة. وفي الوقت نفسه، فإن الظلم وصل إلى مستويات قياسية، ذلك أن الطبقة الأغنى التي تبلغ 1؟ من الأميركيين، استحوذت تماماً على نصف النمو الاقتصادي العام في أميركا خلال الخمسة عشر عاماً الماضية.

 

إن هذا النوع من الظلم هو أمر مزعج. فالأسر تعاني، في الوقت الذي يعمل الآباء لوقت أطول وأكثر مشقة ويحصلون على دخل أقل، والأمن للأطفال أقل والأمل لديهم أقل. والمجتمع يعاني، في الوقت الذي يتم تخفيض الاستثمارات الأساسية في مجالات حيوية بالنسبة لمستقبلنا، من الطاقة المتجددة إلى شبكات المياه النظيفة الحديثة، إلى المدارس الآمنة. يعاني الاقتصاد، حيث أنه بسبب التركيز في الدخل، وتناقص الطلب على السلع، ينمو الاقتصاد ببطء أكثر، ويتم فقدان الوظائف.

 

هذا هو السبب في أن الجدل الحالي في واشنطن يبدو كأنه هزل مريض. يصوت الجمهوريون ضد تمديد التأمين ضد البطالة، بالنسبة للملايين من العمال الذين لا يستطيعون الحصول على عمل دون ذنب اقترفوه، ما لم يوافق الرئيس والديمقراطيون على تمديد التخفيضات الضريبية من عهد بوش على الأثرياء بتكلفة تبلغ حوالي 60 مليار دولار سنوياً. ويهدد تجمع الجمهوريين الموحّد في مجلس الشيوخ، بأنه إذا لم يتم إعطاء المزيد من التخفيضات الضريبية للأغنياء، فسوف يقومون بعرقلة كل شيء. ويبدو الآن أن الرئيس أوباما قد وافق على الاستسلام لهذا الطلب.

 

لكن 60 مليار دولار سنوياً هو مبلغ كبير. ووفقا لما كتبه «ديفيد ليونهارت» من صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن هذا المبلغ يمكن أن يوفر مصروفات للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات، مع فصول دراسية صغيرة نسبياً، وهو الأمر الذي يعتبره جميع خبراء التعليم حيوياً لتعليم الجيل المقبل.

 

أو أنه يمكن أن يقدم تعليماً مجانياً في كلية، بما في ذلك تكلفة الإقامة والمعيشة، لحوالي نصف جميع الطلاب بدوام كامل، في كل من الكليات التي تصل الدراسة فيها إلى سنتين وأربع سنوات.

 

أو يمكن أن يمول مصرفاً لمشروعات البنية التحتية الوطنية في أميركا، والذي يمكن أن يسهل تقديم مئات المليارات سنويا من أجل إعادة بناء أميركا.

 

يمكن أن توفر أي من هذه القطاعات السابقة المزيد من فرص العمل والمزيد من الأمل، أكثر من إعطاء المزيد من الإعفاءات الضريبية للأثرياء.

 

والحقيقة هي أن المال بالفعل مُركّز للغاية. لذا فإن المؤسسات تحقق أرباحا قياسية، ولكنها لا توظف. إن «وول ستريت» تحشد المليارات، ولكنها لا تستثمر في الاقتصاد الحقيقي. والشركات تتوسع في الإنتاج، ولكنها ترسل الوظائف إلى الخارج.

 

يكفي عند هذا الحد. إننا بحاجة إلى مشروع لتجديد أميركا، وليس التعطيل، حيث يتم احتجاز الضعفاء كرهائن.

 

إن الرئيس سيكون حكيماً في التخلي عن عمل الصفقات الخلفية، وأخذ قضيته إلى الشعب الأميركي. فلتجوبوا جميع أنحاء أميركا إلى مسيرات العمال والعاطلين عن العمل. وفسروا لهم ما يطالب به الجمهوريون.

 

يجب على الديمقراطيين في الكونغرس، بقيادة تجمعات السود واللاتينيين والتقدميين، أن يوضحوا للرئيس أنه لا يوجد اتفاق.

 

يحتاج الأميركيون إلى الوظائف والأمل، وليس المزيد من الإعفاءات الضريبية للطبقة الأعلى، والمزيد من تركيز الثروة. إننا بحاجة إلى حشد الناس من أجل مقاومة ثقل المال المنظم.

======================

ليكن القرار للفلسطينيين

آخر تحديث:السبت ,11/12/2010

عصام نعمان

الخليج

لعل السلطة الفلسطينية وصلت، أو أوصلتها الولايات المتحدة، إلى نهاية الطريق المسدود . ليست السلطة وحدها من وصل إلى نهاية الطريق، بل حكومتها أيضاً، وفريقها في منظمة التحرير، وفي “فتح” . لعل أركانها أدركوا أيضاً أن الوصول إلى نهاية الطريق يعني التنحي بلا تردد . إذا لم يكن قد أدركوا ذلك بعد كل الذي جرى ويجري للقضية، فإن القوى الحية في الشعب الفلسطيني مدعوة إلى إعادة إحياء القضية، من خلال الدفع نحو حل السلطة، وتأكيد مركزيتها في الحياة العربية والإسلامية .

 

قبل التنحي، بإمكان أركان السلطة أن يستردوا اعتبارهم السابق لاتفاقات أوسلو، بالإسهام في عملية إحياء القضية وتأكيد مركزيتها . ذلك يكون بالإعلان جهاراً نهاراً، وبلا إبطاء، عن اعتزامهم تقديم استقالاتهم إلى الشعب الفلسطيني في جلسة معجلة الانعقاد للمجلس التشريعي، وبالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية في آن . بالانتخابات الشاملة يفتح الشعب الفلسطيني صفحة جديدة في سجل كفاحه المديد على طريق التحرير، ويعاود الإمساك بقضيته من خلال قيادات جديدة شرعية وفاعلة على جميع المستويات .

 

لا يجوز بأي معيار أن يكون الرد على الولايات المتحدة وشركائها الدوليين والإقليميين إعلاناً إضافياً عن “خيبة أمل” بسياستها، والعودة إلى الآلية نفسها لتنوب عن الشعب الفلسطيني، دونما تفويض منه، في اتخاذ قرار جديد قديم بالعودة إلى الولايات المتحدة لرعاية مشاورات أو مفاوضات جديدة مع “إسرائيل” إلى ما لا نهاية .

 

أمريكا هي أم “إسرائيل” وأداتها في آن، ولا خير في إداراتها المتعاقبة ولا أمل يرتجى منها، ولا سيما بعد سيطرة الجمهوريين، خصوم باراك أوباما، على مجلس النواب نتيجة صعود اليمين الأمريكي المتطرف .

 

حتى لو توافرت لأوباما الإرادة الطيبة تجاه الفلسطينيين، فإن ميزان القوى الإقليمي مائل بشكل واضح لمصلحة “إسرائيل” وحلفائها المعلنين والمستترين، ولا فرصة بالتالي لأي تسوية مفيدة للفلسطينيين .

 

بأي حق وأي معيار تبقى قضية فلسطين تحت وصاية دول وحكومات مسؤولة عن زرع “إسرائيل” بين ظهرانينا، وفي عهدة قيادات عربية وفلسطينية أخفقت منذ أكثر من ستين عاماً في تنفيذ قرار دولي واحد لمصلحتها؟

 

بأي حق وأي معيار تستمر قيادات فلسطينية وعربية بالرهان على الولايات المتحدة في وقت تعلن هذه الأخيرة أن قضيتها المركزية في المرحلة الراهنة هي مواجهة الخطر الأول المتمثل بإيران، فيذهب معظم الدول العربية مذهبها في هذا المجال؟

 

هب أن امريكا وإيران توصلتا إلى تسوية بشأن البرنامج النووي لطهران، هل يتوقع المراهنون المدمنون على الولايات المتحدة أن تقوم هذه الأخيرة بالضغط على “إسرائيل” لضمان تنفيذ القرارات والاتفاقات الدولية المتعلقة بفلسطين والفلسطينيين؟

 

مع حاجتها إلى العرب في صراعها مع إيران، لم تضغط أمريكا مرةً واحدة على “إسرائيل”، ولم يحصل العرب والفلسطينيون تالياً على أي حق من حقوقهم المغتصبة، فهل يعقل أن تضغط على “إسرائيل” وأن يحصل الفلسطينيون على أي حق أو مصلحة عندما لا تعود أمريكا بحاجة إلى العرب؟

 

آن الأوان لوقف المأساة بل المهزلة التي تتكرر فصولها ببلادة منذ أكثر من ستين سنة، ليتحمل الفلسطينيون مسؤولياتهم بأنفسهم، وليستردوا القرار ممن ليس لديهم شيء يعطونه إلا الوعد . . الوعد بمزيد من التجارب . فهل يجرّب المجرب، وإلى متى؟

 

ثم لماذا يقرر المسؤولون العرب عن الفلسطينيين، وبأي حق؟ لهم، بطبيعة الحال، تقديم النصح إذا ما طولبوا بإبداء الرأي، لكن يمتنع عليهم التقرير نيابةً عن الفلسطينيين، فلماذا يتحملون هذه المسؤولية؟ هل ثمة من يُكرههم على ذلك؟

 

يتبرع بعض المسؤولين الفلسطينيين باقتراحات مجوّفة للخروج من المأزق: العودة، مثلاً، إلى مجلس الأمن، فهل لدى العرب أغلبية مريحة فيه لننتظر الفرج على يديه؟ أو يقترحون حل السلطة الفلسطينية لإحراج أمريكا و”إسرائيل” وبعض المسؤولين العرب، فهل يُحرَج هؤلاء بغياب السلطة الوشيك أكثر مما كانوا محرجين بحضورها الهزيل؟ وهل سيُحرج هؤلاء جميعاً بأكثر من رج أركان السلطة حالياً؟

 

ليسترد الشعب الفلسطيني قراره بعد كل النكبات والكوارث والتجارب والمهازل التي كابدها . استرداد القرار يكون بإجراء انتخابات شاملة تستولد قيادات جديدة، شرعية، ومقتدرة تكون مخوّلة بوضع استراتيجية متكاملة للمرحلة القادمة في ضوء تجارب الماضي، بإخفاقاتها وانتصاراتها، وبتأمين مشاركة أوسع وأفعل للشعب الفلسطيني، في الوطن والمهجر، من خلال حركة مقاومةٍ ميدانية ومدنية تكون بحق حركة تحرير وطني، لا حملة حراك دبلوماسي .

ليتحرك أصحاب البلاد في الوطن وفي المخيمات والمغتربات المزروعة تحت كل كوكب، وليطرحوا بقوة وتصميم مطلباً واحداً: إجراء الانتخابات لتوليد القيادات .

هكذا يولد شعب فلسطين من جديد، ويعود ليقود .

======================

تراجع أوباما

آخر تحديث:السبت ,11/12/2010

أسامة عبد الرحمن

الخليج

علق الطرف الفلسطيني والعربي آمالاً عريضة على أوباما خصوصاً بعد خطابه الشهير في القاهرة، الذي أبدى فيه قدراً من التفهم للقضية الفلسطينية، وللعالم العربي والإسلامي . ويبدو أن الطرح جاء مختلفاً من حيث الأسلوب، كما أن التأكيد على وقف الاستيطان كان مدعاة للارتياح الفلسطيني والعربي . ولكن ذلك لم يترجم إلى فعل ملموس على صعيد الواقع . وجاء تراجع أوباما عن ضرورة تجميد الاستيطان وغض النظر عن الممارسات الصهيونية اليومية في بناء المستعمرات الصهيونية التي تقضم الأرض الفلسطينية، وتحول دون إقامة دولة فلسطينية رغم تأكيده على حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية، ليترك خيبة أمل كبيرة لدى الطرف الفلسطيني والعربي . ويبدو أن أوباما حاول أن يبرر هذا التراجع على أساس أنه لم تكن لديه خلفية كبيرة بتعقيدات القضية، ولذلك كان سقف التوقعات مرتفعاً، مع أن سقف التوقعات في طرحه لم يكن مرتفعاً، فما زال حريصاً على مصالح الكيان الصهيوني إلى أبعد الحدود، ولو كانت على حساب المصالح الفلسطينية والعربية، ولم يكن في ما اعتبره سقفاً مرتفعاً في توقعاته ما يمثل إضافة نوعية في الطرح المتمثل في حل الدولتين، وهو ليس بجديد، وقد كان مطروحاً من قبل الإدارة السابقة ثم إن تجميد الاستيطان بند ملزم في خريطة الطريق وهي خريطة الإدارة السابقة .

 

ربما كانت العبارات البلاغية، وما بدا من عقلانية في أسلوب الطرح هو الجديد أو المختلف . وهو ليس اختلافاً في المضمون، وإنما اختلاف في الشكل . ولعل الطرف الفلسطيني والعربي، هو الذي كان سقف توقعاته من إدارة أوباما مرتفعاً، وبقدر هذا الارتفاع الكبير كانت خيبة الأمل كبيرة .

 

ربما تصور الطرف الفلسطيني والعربي، أن أوباما أقرب إليه وأكثر تفهماً لقضاياه، وغاب عنه أنه رئيس أمريكي، لا يمكن أن يحدث نقلة نوعية في الموقف الأمريكي أو الاستراتيجية الأمريكية، وهو موقف يدعم الكيان الصهيوني على كل الصعد، واستراتيجية تساند الكيان الصهيوني في مواجهة أي طرف آخر، وتعتبر أمنه جزءاً من الأمن القومي الأمريكي أو ربما للحساسية المفرطة بالحلف الاستراتيجي معه أهم من الأمن القومي الأمريكي .

 

ربما بدا طرح أوباما من حيث البلاغة والأسلوب جديداً، ولكن ليس هناك أي جديد في السياسة الأمريكية، أو الاستراتيجية الأمريكية، أو الممارسة الأمريكية . ولا يمكن التعلق بالبلاغة الخطابية فالمهم هو قراءة الواقع، والواقع ليس فيه أي تغيير، ولا يحتاج أوباما إلى تبرير ما بدا تراجعاً في موقفه بعدم إلمامه بتعقيدات القضية، وهو ما جعل سقف توقعاته مرتفعاً من وجهة نظره . ذلك أن قدرته على إحداث أي نقلة نوعية تبدو غير ممكنة . فالقرار ليس شخصياً ولا مشخصناً في دولة مؤسسية وإن كان بإمكانه إحداث نقلة طفيفة أو تغيير طفيف . وهذه النقلة الطفيفة أو التغيير الطفيف قد تفسح مجالاً لقدر من الأمل في إدارته يتعلق به الطرف الفلسطيني والعربي، ولكن ليس على صعيد الواقع محصلة ملموسة لأي نقلة لو كانت طفيفة أو أي تغيير لو كان طفيفاً . ومعروف عن سجل الإدارة الأمريكية أنه قد يكون هناك بعض التفاوت في الأسلوب أو الطريقة، ولكن الوجهة واحدة، والبوصلة الأمريكية لا تنظر إلى قضايا المنطقة إلا بعيون صهيونية .

 

لقد بدا طرح أوباما بعد بوش عقلانياً وهادئاً مقارنة بسلفه الذي بدا هوجائياً وأرعن في طرحه وفي ممارساته، وفي مغامراته التي شوهت صورة أمريكا، ويبقى ذلك هو العلامة الفارقة الوحيدة بين أوباما وبوش . وهذه العلامة الفارقة لا تحق حقاً للفلسطينيين، ولا ترفع ظلماً أو حصاراً عنهم، ولا تردع الكيان الصهيوني الذي استمرأ الممارسات العدوانية على الأرض الفلسطينية، والحق الفلسطيني، تحت مظلة أي إدارة أمريكية، حتى لو كانت إدارة أوباما، وطرحه الهادئ والبلاغي، وهذا الطرح لا محل له من الإعراب على صعيد الواقع .

======================

خيارات الفلسطينيين بعد فشل أوباما

الجمعة, 10 ديسيمبر 2010

راغدة درغام – نيويورك

الحياة

إقرار الإدارة الأميركية هذا الأسبوع بالفشل في إقناع إسرائيل بالموافقة على تجميد الاستيطان غير الشرعي بموجب القانون الدولي لمجرد ثلاثة أشهر ريثما تدخل المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية مرحلة البحث في حدود الدولة الفلسطينية والوضع النهائي إنما هو إقرار بالفشل الشخصي للرئيس باراك أوباما وباضطراره للخضوع للإملاءات الإسرائيلية. رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو فاز بالرهان على الوقت وعلى جهل إدارة أوباما بمدى تعمّق المؤسسة الإسرائيلية في صنع السياسات الأميركية حتى عندما صعَّد أوباما وتحدث بلغة «المصالح القومية الأميركية»، كانت المؤسسة الإسرائيلية تعمل على إفراغ ذلك التعبير مما كان يجب أن يترتب عليه. الآن، يراهن نتانياهو على التراجع الأميركي وتسلّق باراك أوباما هبوطاً من السلّم الذي نصبه بكل ثقة قبل سنتين عندما دخل البيت الأبيض. فهو يريد التمسك بالوضع الراهن لأنه في مصلحته، وهو يعتقد أن لا الأوروبيين ولا الأمم المتحدة ولا روسيا وبالتأكيد لا العرب سيأتون بمفاجأة تضع العصا في دولابه لا سيما أن في يديه أوراق الحرب أو اللاحرب مع إيران. الفلسطينيون من جهتهم بدأوا البحث في الخيارات المتاحة أمامهم بمفردهم وأمام الدول العربية - إذا شاءت أن تدعمهم – بما في ذلك خيار توقف السلطة الفلسطينية عن تنفيذ التزاماتها طالما أن إسرائيل ترفض من جانبها تنفيذ ما التزمت به. وهذا يعني عدم المضي بالالتزامات «الأمنية» مما يعني بدوره أن السلطة الفلسطينية لن تبقى بمثابة منطقة عازلة تحمي إسرائيل كأمر واقع. مثل هذا الخيار يجب أن يوقظ إسرائيل والعرب والأسرة الدولية وبالذات «اللجنة الرباعية» المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التي باتت شبه «رباعية رفع العتب». فلقد حان الوقت للرباعية لأخذ المبادرة الجدية لا سيما أن منطقة الشرق الأوسط تطل على سنة خطيرة عام 2011 قد تنشب خلالها الحروب المدروسة والحروب بالوكالة والحروب غير المقصودة التي تولعها شرارة. لبنان مرشح لأن يكون ساحة الخطر الأول لإحدى هذه الحروب أو لجميعها. لذلك هناك دول ومؤسسات فكرية تعمل على مزاوجة العدالة والاستقرار في صفقات يقترحها البعض بحذر والبعض الآخر بعشوائية واعتباطية. أما الولايات المتحدة فإنها تحاول انتشال سمعتها بعدما دهسها قطار «ويكيليكس». إدارة أوباما تتلقى الصفعات المتتالية وتكاد لا تملك الوقت للملمة نفسها والتقدم بسياسات واستراتيجيات مدروسة. وهذا خطير لأن هناك دولاً ومجموعات ومنظمات وميليشيات تعدّ نفسها لاستغلال التبعثر الأميركي وضعف إدارة أوباما وإقرار الرئيس أخيراً بأنه كان يحلم عندما اعتقد أن في إمكانه صنع السلام في الشرق الأوسط بمجرد إعلانه أنه في المصلحة القومية الأميركية ولأنه أعطى المسألة أولوية. فالواقعية السياسية تتطلب من أوباما أن يجرؤ على استخدام أدوات النفوذ المتاحة لديه إذا كان حقاً عازماً على إحداث التغيير، وهو لم يفعل. نافذة المفاجأة تنغلق وكذلك نافذة الثقة ب «الأوبامية». ولذلك على المعنيين التفكير الجدي بالخيارات المتاحة أمامهم.

الموضوع الفلسطيني بات منقسماً الى أربعة أجزاء: «عرب الداخل»، في إشارة الى الفلسطينيين الذين بقوا في بلادهم ولم يتشردوا عام 1948 وهم اليوم مواطنون إسرائيليون يبحث السياسيون الإسرائيليون في كيفية التخلص منهم لأسباب ديموغرافية ومن أجل تطهير «الدولة اليهودية» من غير اليهود. «عرب ال 48» وهم الفلسطينيون الذين شُرِّدوا ومعظمهم يعيش في مخيمات للاجئين في لبنان وسورية والأردن ويريدون أن يكون لهم حق العودة. ثم هناك الضفة الغربية الخاصة للسلطة الفلسطينية وغزة التي تحكمها «حماس» وكلاهما ما زال بعيداً عن المصالحة.

أهم وأقوى ذخيرة في أيدي «عرب إسرائيل» هي إصرارهم على البقاء وعدم الرضوخ لاستفزازات إسرائيلية أو فلسطينية. كفلسطينيين باقين في أرضهم ولن يتركوها مهما استفزتهم السلطات الإسرائيلية أو مهما وضع أمثال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان من خطط إبعادهم قسراً أو معاملتهم بعنصرية تشبه «الابارتايد».

بالقدر نفسه من الأهمية، على الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من غزة أو دمشق مقراً لها أن تكف عن كلام «تفعيل» أو «تثوير» عرب الداخل لأنها بذلك تقدم لإسرائيل الذريعة الخطيرة على طبق من فضة. رسالة عرب إسرائيل الى هذه الفصائل هي: ارفعوا أيديكم عن عرب الداخل ولا تقحمونا في قضايا ذات طابع عسكري أو أمني. فالكلفة باهظة، والمستفيد هو «التنظيف العرقي» الذي يريده إسرائيليون حلاً للأزمة الديموغرافية.

مستقبل عرب 48 خاضع للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المتعثرة، انما هذا لا يبرر سوء معاملة اللاجئين الفلسطينيين ورفض إعطائهم حق المواطنة لمجرد أن هذه الطائفة أو تلك ترفض ذلك لأسباب طائفية ثم تزعم انها تقاوم إسرائيل من أجل الحقوق والكرامة الفلسطينية. إضافة، لا يجوز أن تقع وكالة «الأونروا» لإغاثة الفلسطينيين في عجز مالي فيما الدول العربية تنفق البلايين على التسلح أو على تشييد المدن. يجب اليوم أن تكون الإعانة العربية للإغاثة الدولية ذات رؤيوية أكثر.

في دراسة حملت الرقم (4) وعنوان «انسداد المحادثات المباشرة – والخيارات» التي أعدتها السلطة الفلسطينية لمجلس «فتح» الثوري، ووضع الدكتور صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات مقدمة لها، شرحت ال50 صفحة تقريباً ما حدث منذ شهر تموز (يوليو) الماضي من جهود فلسطينية وأميركية وعربية. وعرضت الخيارات في حال وصول المساعي الأميركية لإقناع إسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان لثلاثة أشهر الى الفشل.

يُفترض أن لجنة متابعة مبادرة السلام العربية ستدرس وستطرح «الآلية المناسبة لمطالبة الإدارة الأميركية بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أن تكون باسم جميع الدول العربية». هذا ما أقرته القمة العربية في سرت.

الدراسة تتعمّق في الردود على ما تتوقع أن تقوله الإدارة الأميركية مثل أن فلسطين ليست دولة، فيكون الرد: ماذا قامت به أميركا تجاه كوسوفو وتيمور الشرقية وما الذي تفعله الآن في جنوب السودان؟ ثم تدخل الدراسة في الخطوات التالية للرفض المتوقع للطروحات المتتالية من مجلس الأمن الى الجمعية العامة تحت مظلة «الاتحاد من اجل السلام» إلى إنشاء وصاية دولية على الأراضي الفلسطينية إلى إلزام إسرائيل إعادة تسلم مسؤوليات الاحتلال مباشرة في أعقاب شبه حل السلطة الفلسطينية، الى رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد الأمم المتحدة أو ضد بريطانيا (دولة الانتداب في فلسطين) أو على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بسبب التقصير في تنفيذ الالتزامات القانونية الملزمة تجاه الشعب الفلسطيني».

التدرج هو كما يلي، كما جاء في الدراسة: «إذا استمرت إسرائيل بالنشاطات الاستيطانية ورفضت الولايات المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، ورفض مجلس الأمن قبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة وعلى حدود 4 حزيران عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، ورفضت إسرائيل إعادة الأوضاع على الأرض الى ما كانت عليه في شهر أيلول (سبتمبر) 2000، ورفضت فكرة الوصاية الدولية ولم تقبل الدول المتعاقدة فكرة الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وفقاً لميثاق جنيف لعام 1949، عند هذه اللحظة ما الذي يعنيه الطلب من إسرائيل (سلطة الاحتلال) تحمل مسؤولياتها كافة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (بما فيها القدس الشرقية)؟» الجواب بحسب الدراسة هو في «تحديد الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة». الجواب هو في «أن البديل بيدنا، ولا جواب سوى انه لا بد من تغيير الوضع القائم» علماً أن استراتيجية إسرائيل هي «الإبقاء على الوضع الراهن».

هناك نزعة دفاعية في هذه الدراسة التي تكرر مرات عدة «هذه ليست دعوة لحل السلطة وإنما دعوة لمنع إسرائيل من تدمير السلطة»، وأن «لا أحد يتحدث عن حل السلطة، لأن سلطة الاحتلال تقوم بتدميرها فعلاً».

الوضوح الساطع ضروري جداً في هذا المنعطف وفي هذه المسألة بالذات: أما إبلاغ إسرائيل والرباعية بجدية اعتزام السلطة الفلسطينية التنحي عن المهام الأمنية التي تصفّق لها الأسرة الدولية وتتمتع إسرائيل بنتائجها على أساس أن مهام السلطة ليست أن تكون «المنطقة الفاصلة» بينما تقضم إسرائيل الأراضي والحقوق الفلسطينية. أو التركيز على أن عملية أوسلو أتت بنتيجة واحدة ملموسة هي تواجد السلطة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية لإحداث التغيير من الداخل بإجراءات وبأمن ومؤسسات وبإحياء الثقة الفلسطينية بالقدرات الفلسطينية على إحداث التغيير وإنهاء الاحتلال عبر مقاومته بالمؤسسات والعصيان المدني.

فطالما أن المقاومة المسلحة ليست خياراً علمياً أو واقعياً للفلسطينيين - بوجود السلطة أو بحلها – فالمقاومة المدنية ضرورية ويجب إرفاقها باستراتيجية سياسية فلسطينية وعربية بعض مقوماتها الآتي:

* أن تضع «لجنة متابعة المبادرة العربية» فوراً استراتيجية متطورة ومتعددة الجوانب لطرح مجدد للمبادرة العربية للسلام ليس فقط في الإعلام العالمي وبزخم كبير، وإنما أيضاً أمام البرلمانات ومجالس الشيوخ في كافة دول العالم. أي أن يوقع القادة العرب مجدداً على إحياء هذه المبادرة عبر رسائل الى كافة هذه المجالس مع طلب الاستماع الى وفود تشرح المبادرة العربية، ومع حملة إعلامية مكثفة ورفيعة المستوى التقني. فلدى الكثير من العرب صلات مع القنوات التلفزيونية الأميركية، وقد حان الوقت لتوظيفها إيجاباً.

* ان تستمر حملة جمع الاعترافات من الدول بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 كما فعلت البرازيل والأرجنتين، مع التركيز عمداً على دول مماثلة كي لا تأتي التواقيع من دول تعتبر «ثورية» على حساب الفلسطينيين. إن حشد هذه الاعترافات بحملة لها زخم ووطأة، يجب أن يتم عبر استراتيجية فورية وعملية.

* التقدم من أطراف «الرباعية» الدولية بمطالب محددة ضمن برامج زمنية لتقوم بمهامها نحو إنشاء الدولة الفلسطينية وتنفيذ تعهداتها مع إبلاغها أن زمن «الاختبار وراء الإصبع» قد ولّى وأن البيانات الديبلوماسية المشجعة قد فات أوانها، لأن البديل هو فض الأيدي من تنفيذ انفرادي للالتزامات. فلقد حان الوقت للقول علناً: «لا حاجة للرباعية من الآن فصاعداً إذا رفضت تنفيذ تعهداتها ودفع الأطراف المعنية الى تنفيذ التزاماتها.

* وأخيراً، لا بد من جدية الدول العربية في تعاطيها مع الإدارة الأميركية لا سيما بعد وضوح فشل باراك أوباما وبعد إيضاح «ويكيليكس» ما كان مخفياً. وهذا يعني الكف عن التظاهر والاتجار بالقضية الفلسطينية.

======================

في العلاقات العربية - الأميركية

السبت, 11 ديسيمبر 2010

مصطفى زين

الحياة

لم تجد الولايات المتحدة ضرورة للتشاور مع شركائها العرب في الملف النووي الإيراني. رفضت مطالبتهم بالانضمام إلى محادثات جنيف. اعتبرتهم موافقين على ما يتوصل إليه الكبار وطهران من اتفاقات، حتى لو اتفقوا على تقاسم النفوذ في المنطقة العربية كلها، أو حتى لو وصلوا في مفاوضاتهم إلى طريق مسدود ولم يبق أمامهم سوى اللجوء إلى الحرب، واستخدام قواعدهم وأساطيلهم المنتشرة في المنطقة، وعمّ الدمار والخراب الديار العربية، وانتشرت الأوبئة وامتلأت الأجواء بالأشعة النووية المنضبة وغير المنضبة.

وللعرب تجارب كثيرة مع هذا السلوك الأميركي. بعد أن تتخذ واشنطن القرار، تبدأ مرحلة إقناعهم بالانضمام إليها، والأمر لا يطول حتى يقتنعوا. هذا ما حصل في حرب الخليج الثانية، عندما انضمت كل الدول العربية إلى قوات التحالف لإخراج الجيش العراقي من الكويت. وهذا ما حصل عندما اتخذ بوش الإبن قرار احتلال العراق، وهو قلب العالم العربي. بعد ساعات قليلة من اتخاذ ذلك القرار، بدأت وفود الديبلوماسيين تصل إلى العواصم العربية لإقناعها بضرورة المساعدة في الغزو. ما زالت صور وزير الخارجية كولن باول، وهو ينتقل من عاصمة إلى عاصمة، تلوح في الأفق. وما زالت ابتسامات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ماثلة في الأذهان، وهو يروج أكاذيب الإدارة الأميركية، بعدما أضاف إليها أكاذيبه، ليقنع العرب بضرورة التخلص من صدام حسين الذي يشكل خطراً عليهم، اكثر من الخطر الإسرائيلي.

ومثلما لم تجد واشنطن ضرورة لدعوة العرب إلى المفاوضات مع إيران، لم تجد ضرورة لاستشارتهم في المسألة الفلسطينية. نصبت نفسها مسؤولة عنهم وعن الفلسطينيين. تجاهلت المبادرة التي أقروها في بيروت بالإجماع. لكنها كلما احتاجت إلى مزيد من الضغط على الفلسطينيين كي يقبلوا طروحاتها الإسرائيلية لجأت إليهم.

وبعدما رضخ الرئيس باراك أوباما لنتانياهو، واعترف بهزيمته في معركة، هي أصلاً معركة أميركية داخلية، برهنت إسرائيل أنها الطرف القوي فيها، سيتوجه أركان إدارته إلى العرب ليضغطوا على الفلسطينيين مرة أخرى، كي يستمروا في المفاوضات العبثية، ويعتبروا ما حصل في مصلحتهم. ها هم الفلسطينيون يلجأون إلى لجنة المبادرة. ونستطيع الإستنتاج أن اللجنة، في معرض حرصها على عباس، ستنقذ ماء وجه أوباما أولاً وتحوله من مهزوم أمام نتانياهو إلى مفكر استراتيجي، يعرف مصلحة الفلسطينيين أكثر مما يعرفونها، وأكثر من العرب مجتمعين.

كل هذا يحصل أمامنا منذ عشرات السنين من دون أي مقابل، ونعود إلى تكراره فينعكس خلافات في ما بيننا، وحروباً أهلية، ومزيداً من الانقسام والتشرذم.

في المقابل لا تقدم إسرائيل شيئاً. حتى في حرب الخليج الثانية، كان كل المطلوب منها عدم التدخل كي لا يوصم العرب بتنفيذ برنامجها، وفي كل مرة تخرج منتصرة علينا، وتكافأ ببلايين الدولارات والمساعدات والتنسيق العسكري، والانفتاح على محيطها أكثر.

قد يكون من المفيد التمعن في العلاقات بين واشنطن وأنقرة التي تقول لها لا عندما تتضارب توجهاتها مع مصلحتها الوطنية. وتنخرط في مشاريعها عندما تتوافق مع هذه المصالح. فهل نفعل أم إن الأمر متروك لأجيال لم تولد بعد؟

======================

تسريبات «ويكيليكس».. كيف تفسر سياسيا وحضاريا؟

زين العابدين الركابي

الشرق الاوسط

11-12-2010

1) «نحن الساسة الأميركيين في واشنطن قد قررنا - بناء على أمر أو ضغط صهيوني - أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في أرض الفلسطينيين لا يمثل عقبة في طريق السلام، وأن شرط إيقاف الاستيطان ليس هو القاعدة الأفضل في عملية المفاوضات بين الطرفين».

2) «إن إسرائيل صمدت ولم ترضخ للمطالب الغريبة والمتطرفة للأميركيين، ومع ذلك لم تحدث كارثة بسبب استمرار الاستيطان، وحتى الأميركيون لم ينتقدونا!».

هذه «البجاحة» التامة، أو الصدمة الدبلوماسية السياسية الصاعقة: لم ترد في وثيقة من الوثائق الدبلوماسية التي نشرها موقع «ويكيليكس».. بل جاء النص الأول على ألسنة دبلوماسيين أميركيين (رسميين) في البيت الأبيض، ووزارة الخارجية الأميركية!.. وجاء النص الثاني على لسان داني دايان الأمين العام الصهيوني ل«مجلس المستعمرات» الصهيوني!

هذا لسان حال القوم، ولسان مقالهم، أي أنهم يعالنون - بلا حياء ولا ضمير ولا مسؤولية - بما يهدم حقوق الإنسان، ويظلم شعبا كاملا عبر استباحة أرضه بالتوسع الاستيطاني المبرمج - بعد الاحتلال العام. وإذا كانوا يجاهرون بهذا «الطغيان» والجور، فلماذا ينافقون في لوم وتكفير جوليان أسانج، ويطالبون باغتياله بتهمة أنه قد «كشف» عما يجب كتمانه، وفضح ما يجب أن يحاط بسرية مقدسة؟!

إن وثائق «ويكيليكس» لم تنشر أخطر ولا أفحش ولا أظلم مما صرح به الرسميون الأميركيون - علانية - في شأن القضية الفلسطينية التي لن يبقى منها شيء إذا استمر التوسع الاستيطاني - بما في ذلك القدس الشرقية ذاتها. فالزمن مفتوح - بإطلاق - أمام قوات الاحتلال الإسرائيلي، بمعنى أنه سيجري، بل جرى فعلا ترحيل القضايا الأخرى كافة إلى مستقبل مجهول، وقبل الوصول إلى هذا المستقبل المجهول تكون قوات الاحتلال قد التهمت كل شيء، وعندئذ يقال للفلسطينيين: نأسف كثيرا، فليس ثمة شيء نتفاوض عليه!

ولنعد إلى ظاهرة «ويكيليكس» التي عرضنا لها في مقال الأسبوع الماضي (العالم العريان.. بقوة سلطان العلم.. واستحقاق الشفافية)، فقد خاض الناس - في عالمنا هذا - خوضا شديدا متشعبا في تفسير هذه الظاهرة.. وكما قلنا في مقال الأسبوع الماضي، فإن التفسير الموضوعي لهذه الظاهرة يمثل في محورين اثنين: محور سلطان العلم وقوة التكنولوجيا.. فما كان لجوليان أسانج ورفاقه أن يبلغوا ما بلغوه من استدعاء المعلومة ثم بثها على أوسع نطاق لولا قوة تكنولوجيا المعلومات. والمحور الثاني هو: استحقاق مبدأ الشفافية الذي تغنى به الغرب كثيرا، ولكن بكى منه كثيرا عندما طبق عليهم بما يكشف عن مستورهم.. وهذان المحوران بمثابة نموذجين أو مفتاحين للتفسير فحسب، وإلا فإن أبواب التفسير ونوافذه جد واسعة، وجد متعددة، ومنها:

1) هناك مسلمة متفق عليها وهي: أن الوثائق السرية حقيقية غير مصطنعة، وسليمة غير محرفة. وهنا ينشأ سؤال مركزي وهو: كيف جرى تسريب هذه الوثائق المهمة؟.. من التفسيرات ما يقول: إن التسريب جرى على يد أميركية «محترفة وغير هاوية»، بمعنى أن التسريب إنما هو صورة من صور الصراع الحاد داخل أجنحة متصارعة في صميم المؤسسة الأميركية - العسكرية والسياسية والإدارية والاقتصادية. ومما يلحق بنقطة التسريب أسئلة تقول: أين «أمن المعلومات» الذي حصل التباهي به كثيرا؟.. وماذا عن معلومات ربما تكون أكثر حيوية وخطرا؟.. ماذا عن «الأمن النووي»، الذي جرت محاولات اختراقه من قبل؟.. وماذا عن أسرار أموال الدول في أميركا؟.. وماذا عن أمن كثير من رؤساء الدول ذي الصلة بأجهزة أميركية؟

2) من التفسيرات ما يميل إلى رد ظاهرة تسرب الوثائق إلى ظاهرة أوسع مدى، وأعمق جذرا تتغشى المجتمع أو الدولة الأميركية، ومن هنا يربط هذا التفسير بين هذه الظاهرة وظواهر أخرى: مثل الأزمة المالية والاقتصادية.. وأزمة «تجاوز مؤسسات القرار» في اتخاذ القرارات الكبيرة - كشن الحروب مثلا - وفي ذلك يضرب مثل بقرار غزو العراق.. فهناك قرائن تشير إلى تفرد قلة غير منتخبة بتصنيع خميرة قرار الحرب. ومن هذه القلة: بول ولفويتس وريتشارد بيرل.. وأزمة إصابة 45 مليون أميركي بأمراض نفسية وعقلية بسبب البطالة.. وأزمة الميكيافيللية في السياسة الخارجية الأميركية التي ضربت مصداقية أميركا في الصميم، وهو وضع حمل الكثيرين من القادة الأميركيين على تخليق برامج لتحسين صورة أميركا في العالم.. وأزمة تدهور البنية التحتية على نحو مروع. فالإحصاءات تقول: إن ألوف الجسور في الولايات المتحدة مهددة بالتلف والانهيار في وقت قريب.. إلى آخر مسلسل الأزمات الذي يربط بظاهرة تسريب الوثائق.

3) من التفسيرات ما يركز على أن ظاهرة «ويكيليكس» قد عرت «التناقض الحاد في الحضارة الغربية» بوجه عام، وفي الحضارة الأميركية بوجه خاص.. فعماد القيم الأميركية الأساسية ثلاث:

أ) الفردية الإنسانية (التركيز على حقوق الإنسان الفرد أولا).

ب) حق الناس في الحصول على المعلومات وتداولها.

ج) حرية التعبير.. ورابعة مضافة وهي مناداة أميركا - في عصر العولمة - بمبدأ «عولمة المعلومات».. ولقد ظهرت أميركا - وهي تناهض «ويكيليكس» - بمظهر المتناقض مع ذات القيم التي تؤمن بها وتدعو إليها، إذ بدت وكأنها تناهض مبدأ الفردية الإنسانية.. وتصادر حق الناس في الحصول على المعلومات.. وتكبت حرية التعبير.. وتناقض مبدأ «عولمة المعلومات» الذي بشرت به. فحقيقة الأمر: أن جوليان أسانج لم يمارس إلا هذه القيم نفسها، فهو كما تقول أمه: «لقد ربيته ليكون باحثا قويا، وبأخلاق عالية، عن الحقيقة»، وفي المجتمعات الليبرالية لا تلام والدة ربت ولدها على هذه القيم. ويقول أسانج نفسه: «إن موقع (ويكيليكس) هدفه جعل العالم أكثر حرية وتحضرا، والعمل ضد المنظمات الفاسدة التي تدفع الناس إلى الاتجاه المعاكس».. والعبرة في ذلك كله: إعادة تقييم العلاقة مع أميركا، ليس تمهيدا لإنهائها طبعا، وإنما لأجل استنباط أساليب وآليات في التعامل تحمي الذات من تبعات التهور والاستهتار الأميركي. ومن هذه الأساليب: الاحتشام والانضباط في التحدث معهم، فليس سياسيا محنكا من لم يستطع ضبط فمه.

======================

سياسة أوباما الخارجية تنتصر في جنوب السودان

مايكل غيرسون

* خدمة «واشنطن بوست»

الشرق الاوسط

11-12-2010

تقف إدارة أوباما، التي تواجه تحديات عصيبة من قبل الطموحات النووية الإيرانية والمغامرات الكورية الشمالية الخطيرة، على أعتاب إنجاز دبلوماسي كبير في السودان، ذلك أنه حال عدم وقوع إخفاقات فنية ترجئ الاستفتاء، أو اندلاع أعمال عنف غير متوقعة، فإن جنوب السودان سيوافق على إجراء استفتاء حول الاستقلال في 9 يناير (كانون الثاني). وبعد ستة شهور، سيرتفع على أراضيه علم جديد، وتعزف ألحان نشيد وطني جديد. المؤكد أن هذا الأمر يشهد محاولة نادرة تنطوي على كثير من المخاطر تضطلع فيها الولايات المتحدة بدور القابلة التي تساعد في ولادة أمة جديدة.

منذ ست سنوات فقط كانت هذه النتيجة تبدو مستحيلة، حيث تورط الشمال الذي تقطنه أغلبية مسلمة، والجنوب ذو الأغلبية المسيحية، في حرب أهلية استمرت عقدين، أطلقت العنان لإبادة جماعية، وأفرزت ملايين اللاجئين، وبلغ عدد ضحاياها نحو ثلاثة أضعاف ضحايا الحرب الأهلية الأميركية. إلا أنه في عام 2005، توسطت إدارة بوش في «اتفاق سلام شامل» أثمر حكومة وحدة وطنية ووعدا بإجراء استفتاء حول استقلال الجنوب عام 2011.

وحتى ستة شهور ماضية بدت إمكانية تنفيذ هذا الاتفاق غير محتملة. وتسببت الانتهاكات الانتخابية خلال منافسات محلية في توسيع هوة انقسامات مريرة، وأحيانا عنيفة، داخل الجنوب. في الوقت ذاته، افتقرت سياسة إدارة أوباما تجاه السودان إلى التنسيق والفعالية، مما جعلها عرضة لانتقادات واسعة.

لكن صيف 2010 شكل نقطة تحول، حيث أفاقت الإدارة على حقيقة أن استفتاء من المقرر عقده في غضون أقل من 200 يوم، بينما لم يستعد له أحد. وبذلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون جهودا حثيثة لرفع هذه القضية إلى المستوى الرئاسي، مطالبة، طبقا لما ذكره أحد المسؤولين، بإقرار «فريق واحد ومعركة واحدة». في أغسطس (آب)، أعلن الرئيس أوباما تعيين دينيس ماكدونو، الذي عمل حينها رئيسا لفريق العاملين بمجلس الأمن القومي، ويعمل الآن نائبا لمستشار الأمن القومي، مسؤولا عن تنسيق استجابة حكومية موحدة إزاء السودان.

وحمل التوجه العام للإدارة، والذي حمل اسم «خارطة الطريق»، وعدا عاما بتقديم سلسلة من «الجزر» لنظام الخرطوم - تتمثل في مراجعة وضعه على قائمة الدول الراعية للإرهاب والشروع في رفع العقوبات وبدء مناقشات حول خفض الديون - مقابل السماح للجنوب بالانفصال في هدوء. وحمل السيناتور جون كيري رسائل، ومارس ضغوطا على الخرطوم وجوبا، عاصمة الجنوب. وكانت حملة ضغوط فاعلة.

وأثبت قادة الجنوب أنهم على مستوى الحدث، حيث شجعوا على عقد حوار داخلي قلل حدة الصراع والعنف في الجنوب. ويبدو أن عناصر من نظام الخرطوم مستعدة لقبول استقلال الجنوب على مضض، بناء على حسابات ترى أن خارطة الطريق سالفة الذكر ربما تقلل عزلة السودان كدولة منبوذة، وربما أصبحت لدى هذه العناصر قناعة بأن إعادة غزو الجنوب عسكريا لم تعد خيارا مطروحا.

الملاحظ أن كل إنجاز جديد تصاحبه تعقيدات جديدة، فما بين الاستفتاء على الاستقلال في يناير (كانون الثاني) والاستقلال الكامل في 9 يوليو (تموز)، ستتعين تسوية مجموعة متنوعة من القضايا تتعلق بالحدود والمواطنة والأمن وتوزيع عائدات النفط. ولا شك أن هذا الأمر سيمثل محاولة صعبة بحاجة لبناء الثقة بين جانبين أكثر اعتيادا على الحرب. وسيحتاج جنوب السودان إلى مساعدة كبيرة لتجنب تحوله إلى دولة منهارة، وسيحتاج بصورة خاصة لبناء قدرته على ممارسة الحكم ومحاربة الفساد. والواضح أن مسألة كيفية التعامل مع اللاجئين الجنوبيين في الشمال، الذين تتراوح أعدادهم بين 1.5 ومليوني نسمة، ستتسم بحساسية خاصة. وسيكون من السهل على هؤلاء اللاجئين التحول لرهائن، ولا تزال منطقة سودانية أخرى ثائرة - دارفور الواقعة بالغرب - في خضم حرب مفتوحة ومفاوضات هشة، لا يزال يعاني فيها المدنيون.

ومع ذلك، فإنه حتى النجاحات الدبلوماسية الجزئية جديرة بالاحتفال بها. وبافتراض إنجاز المرحلة الأخيرة من سباق طويل، سيسمح استقلال الجنوب لهؤلاء الأفراد الذين طالت معاناتهم بحكم أنفسهم والدفاع عن أنفسهم، وهو تطور يبدو مرضيا لقوة ثورية مثل أميركا. ومن شأن نيل الجنوب للسيادة الحد بصورة دائمة من قدرة الخرطوم على التسبب في أذى داخل منطقة واسعة اعتادت لفترة طويلة إلحاق الأذى بأهلها. ويمثل هذا النجاح أيضا استمرارية في سياسة أميركية اتبعها الحزبان الديمقراطي والجمهوري على حد سواء، حيث أطلقت عملية السلام في عهد إدارة وأنجزت في عهد أخرى.

أما أفضل الرسائل التي يحملها هذا الإنجاز فتتعلق بطبيعة المهمة الدبلوماسية. لقد كان هدف التسريبات الأخيرة لموقع «ويكيليكس» الكشف عن أسماء دبلوماسيين أميركيين وفضح شرهم أمام العالم. حسنا، في ما يلي تسريب آخر، لكن من جانبي هذه المرة: إن أشخاصا مثل ماكدونو وميشيل غافين وسامنثا باور داخل البيت الأبيض، بجانب جوني كارسون وسكوت غريشن وبرنستون ليمان بوزارة الخارجية، يعمدون لاستغلال القوة الأميركية لخدمة هدف نبيل. وأنا أذكر أسماءهم (وليس منها اسم سري) لأنهم يمثلون كيف يمكن لمسؤولين حكوميين صياغة التاريخ بمهارة وفعالية وتحسين حياة الملايين وجني الفخر للبلاد التي يخدمونها.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ