ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
تناقض
المصالح الأميركية والإسرائيلية الثلاثاء,
14 ديسيمبر 2010 علي
بن طلال الجهني * الحياة ليس من
المتفق عليه بين المثقفين في العالم
العربي أن المصالح الأميركية في الشرق
الأوسط تتناقض مع المصالح
الإسرائيلية، وكثيرون منا يقولون إن
العكس هو الصحيح، بل إن بعضهم يذهب الى
أبعد من ذلك، فيصر على ان مصالح أميركا
الوطنية الكبرى هي التي تملي عليها هذا
التحيز غير المعقول الى إسرائيل. وكون
أميركا اليوم الزعيمَ الحقيقي للغرب،
حضارياً وسياسياً وعسكرياً، وأهمَّ
أعضاء حلف «الناتو»، ومع ذلك لا تجد
دولة غربية واحدة، بما في ذلك فرنسا،
منحازة الى إسرائيل بدرجة انحياز
أميركا نفسها، فإن هذا بالنسبة الى
الكثيرين من مثقفي اليسار أو مثقفي
اليمين الحركي المؤدلج، لا يغيِّر
شيئاً من اقتناعهم بأن إسرائيل تخدم
المصالح الأميركية الوطنية، سواء كان
الاقتناع بريئاً، بسبب نقص في معرفة ما
يجري في مطابخ أميركا السياسية، أو
لأسباب أيديولوجية سياسية بحتة. ***** الرئيس
جيمي كارتر يعتقد جازماً أن انحياز
أميركا الى إسرائيل يُلحق أضراراً
شديدة وكثيرة بأمن أميركا الوطني
وبمصالحها الحقيقية، الاقتصادية وغير
الاقتصادية. أعضاء
مجلس الشيوخ السابقون: أولبرايت،
تشارلز بيرسي، مايكل هاتفيلد، جيمس
ابو رزق... وغيرهم وغيرهم من أعضاء مجلس
النواب السابقين، بالطبع لا الحاليين،
اجمعوا على أن انحياز أميركا الى
إسرائيل يكلف أميركا أعلى التكاليف،
أمنياً واقتصادياً ودبلوماسياً،
بخاصة مع حلفائها وأصدقائها في العالم
أجمع. وكذلك قال الجنرال بيترايوس،
قائد القوات الأميركية والحلفاء في
أفغانستان. ***** جوش
روبنز، الذي يحمل الجنسيتين الأميركية
والإسرائيلية، قام بحرق أوراقه
العسكرية الإسرائيلية أمام السفارة
الإسرائيلية في واشنطن احتجاجاً على
تأثير إسرائيل غير المحمود على
السياسة الأميركية. ويرأس هذا اليهودي
الأميركي الإسرائيلي منظمة تدخل تحت
مظلتها نحو 325 منظمة، أكثرها منظمات
يهودية أو برئاسة يهود، تدعو جميعها
الى إحلال سلام عادل دائم حفاظاً على
مصالح أميركا الحقيقية، ليس في
العالمين العربي والإسلامي فحسب بل في
العالم أجمع الذي يشمئز أغلب سكانه من
سياسة أميركا الخارجية في الشرق
الأوسط. ***** أستاذ
العلوم السياسية في جامعة شيكاغو
البروفيسور جون ميرش هايمر، وزميله
أستاذ العلوم السياسية في معهد كينيدي
في جامعة هارفرد ستيفن والت، كتبا
كتاباً موثقاً كسب احتراماً وثناءً
أكاديمياً في العالم أجمع، تحت عنوان «اللوبي
الإسرائيلي وسياسة أميركا الخارجية».
وملخصه ان تحيز أميركا الى جانب
إسرائيل لا يخدم مصالح أميركا، بل يلحق
بمصالحها الوطنية العليا أشد الأضرار،
ومع ذلك حدث هذا التحيز ولا يزال يحدث،
لسبب واحد فقط وهو نفوذ «اللوبي
الإسرائيلي» لا أقل ولا أكثر. وكلا
هذين الأستاذين المتميزين أكاديمياً
ولد في بيتين يهوديين، ولذلك لا يخشيان
كثيراً من وصفهما بعداوة السامية أو
عداوة اليهود من أجل يهوديتهم، وهو
السلاح الفاعل الذي ترفعه «لوبيات»
إسرائيل في وجه أي ناقد. ***** الجنرال
الإسرائيلي عاموس غلعاد، رئيس المكتب
السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية،
قال حينما ظن ان حديثه سيبقى سراً: «بلى،
المصالح الإسرائيلية قد تتناقض مع
المصالح الأميركية الوطنية العليا»،
أي بما معناه انه، وبسبب هذا التناقض،
لا بد من تجنيد «اللوبي الإسرائيلي»
ليضمن لإسرائيل تفوقها العسكري على
جميع دول الشرق الأوسط، حتى لو كانت
مصالح أميركا الوطنية العليا تملي
عليها، على الأقل، معاملة جميع
أصدقائها في المنطقة بالتساوي. ***** ولكن،
قد يظن نفرٌ منا، ممن يرون ان تحيز
أميركا الى إسرائيل تمليه مصالحها
الوطنية، أنهم لا يستطيعون ان يتصوروا
أن قوة عظمى عسكرياً وعلمياً
واقتصادياً، يستطيع ان يسيطر على
سياستها الخارجية «لوبي» يخدم مصالح
دولة أجنبية لو لم يكن ما يطالب به «اللوبي»
الإسرائيلي يصب في صهريج المصالح
الأميركية الذاتية. وربما
ان أسباب هذا الاعتقاد أيديولوجية
بحتة تخدم مصالح أحزاب سياسية سنية
وشيعية باسم الإسلام. وربما أنها تعود
إلى بقايا أيديولوجية عربية يسارية
تضاءلت. وربما أنها لأسباب أخرى. وفوق
كل ذي علم عليم. أما
مَن وردت أسماؤهم، فإنهم يعرفون كيف
تتم الانتخابات الأميركية، خاصة لمجلس
النواب، وبدرجة أقل لمجلس الشيوخ، ثم
الانتخابات الرئاسية. وهذا هو السبب
الأهم الذي يجعل أعضاء الكونغرس
والإدارة السابقين هم الذين ينتقدون
إسرائيل. أما الحاليون، فيخافون خوف
الآمنين من الإرهاب الذي تمارسه منظمة
«ايباك» ضد نقاد إسرائيل. وقد
قال مرة احد أقطاب اللوبي الإسرائيلي (ايباك):
استطيع ان احصل على توقيع 75 عضواً من
أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي المئة على
ظهر هذا «المنديل»، في المطعم الذي كان
يتناول فيه عشاءه في العاصمة واشنطن،
حينما ظن أنه لم يسمعه أحد غير أصدقائه
الجالسين معه. أي أنه يستطيع الحصول
على توقيع ثلاثة أرباع أعضاء مجلس
الشيوخ على «بياض» بسبب قوة نفوذ «ايباك».
ولم ينف قط هذه المقولة حينما تم نشر
حديثه في كتاب موثق. والله
من وراء القصد. ===================== الثلاثاء,
14 ديسيمبر 2010 الياس
حرفوش الحياة لم تكن
مفاجئة دعوة رئيس اقليم كردستان مسعود
بارزاني اعضاء حزبه للتصويت على مطلب
حق اكراد العراق في تقرير مصيرهم. ولم
تأت هذه الدعوة من فراغ، ففضلاً عن
الحلم الكردي القديم والمعروف بالحكم
الذاتي، الذي سعى اليه وقاده والد
مسعود الملا مصطفى بارزاني لسنوات
طويلة في وجه نظام الرئيس السابق صدام
حسين، جاء انهيار اسس الدولة العراقية
بعد سقوط ذلك النظام ليمنح اكراد
العراق فرصة انتعاش كانوا دائماً
يطمحون اليها. انتعش اقليم كردستان
اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، حتى
صار ملاذاً لكل هارب من الفلتان الامني
في سائر المناطق العراقية ولكل باحث عن
فرصة استثمار. هكذا مثلاً تجاوب آلاف
المسيحيين في العراق مع دعوة مسعود
بارزاني للجوء الى المنطقة الكردية
بعد موجات العنف الاخيرة التي ضربت
احياءهم واماكن عبادتهم. وفي
الوقت الذي استفاد الاكراد من الحق في
قيام منطقة الحكم الذاتي التي منحهم
اياها الدستور العراقي الجديد، كانت
الاقاليم العراقية الاخرى تسير في
طريق التمزق وطغيان اللون الواحد.
البلد الذي كان موحّداً بقوة البطش ذات
يوم تتفكك اطرافه وتتناثر. في الجنوب
يطغى الطيف الشيعي، فيما تحافظ أقاليم
الوسط على اكثريتها السنية، ويعزز
الاساس الفدرالي الذي يبنى عليه
العراق الجديد كل الطموحات التي
يترجمها البعض انفصالاً او استقلالاً،
حسب رغباتهم وحسب الظروف المتاحة لهم.
ومن هذه الظروف مثلاً الصعوبات التي
تواجه تشكيل الحكومة الجديدة، والتي
دفعت بعض وجهاء العشائر السنية الى
الدعوة الى تشكيل اقليم خاص بهم وإدارة
شؤونهم بأنفسهم. لم
يبالغ برهم صالح، رئيس حكومة اقليم
كردستان، حين قال ان الاكراد عندما
طالبوا بالفدرالية في العراق كانوا
يقصدون انها شكل من اشكال التعبير عن
الحكم الذاتي، وانهم لم يتخلوا ابداً
عن هذا الحق. وتأتي هذه الدعوة في وقت
يتمتع الاكراد بوضع سياسي في العراق لم
يُتَحْ لهم في تاريخ الحركة الكردية في
اي بلد يتواجدون فيه، منذ استقلال دول
المنطقة وحرمانهم من دولة خاصة بهم،
فرئيس الجمهورية العراقية كردي، ومثله
وزير الخارجية، وهما منصبان بين اعلى
المناصب السيادية في الدولة، فضلاً عن
حق الاكراد في مجالس الرئاسات الاخرى. لكن
صورة الوضع العراقي على ما هي عليه
اليوم ليست من الصور المغرية للمحافظة
على الوحدة ضمن هذه التركيبة او لعدم
التفريط بها، لا بالنسبة الى الاكراد
او لغيرهم. فعندما تعجز مؤسسات الدولة
الواحدة عن توفير ابسط حقوق الانتماء
لمواطنيها، لا تعود هذه المؤسسات
مؤهّلة للاحتماء بها. هكذا يمكن فهم «ايضاحات»
نيجرفان برزاني لتصريحات عمه مسعود،
بأن المطالبة بحق تقرير االمصير «تنسجم
مع المرحلة المقبلة»، فهذه المرحلة هي
التي تدفع السنّة ايضاً الى الاحتماء
في الأقاليم التي ما زالوا يشكلون فيها
اكثرية، بعد محاولات الإقصاء السياسي
التي يتعرضون لها، فيما تستعد محافظة
البصرة ذات الاكثرية الشيعية لتنظيم
استفتاء بهدف التحول إقليماً فدرالياً.
واذا اضيفت الى كل ذلك الاخبارُ التي
تتناقلها وكالات الانباء عن مصادر
كردية تتحدث عن ميل الاكراد الى تنظيم
جيش خاص بهم من 80 الف مقاتل يتألفون من
فرق «البيشمرغا»، اضافة الى الحمايات
الامنية الذاتية في المناطق ذات
الاغلبية الشيعية والسنية، يكتمل مشهد
التفكك الذي يهدد وحدة العراق. اغراء
البقاء تحت سماء الدولة الواحدة هو
الذي ينهار في منطقتنا. وشمال العراق
ليس حالة فريدة، بينما يستعد جنوب
السودان الى الطلاق هو أيضاً.
والخائفون من ان تدفع الاستفتاءات او
الدعوات الى الحكم الذاتي الى تفكك
الدول او تقسيمها، عليهم ان يتوقفوا
طويلاً عند الظروف التي تعاني منها
الاقاليم العراقية التي ما تزال تحت
سلطة الحكومة المركزية، ومدى الحماية
التي توفرها الحكومة لهذه الاقاليم،
وأن يتوقفوا كذلك أمام الاسباب التي
تدفع أبناء جنوب السودان الى البحث عن
خيار آخر خارج سلطة الخرطوم. ===================== د.
بثينة شعبان الرأي
العام 14-12-2010 أجمعت
الصحف الغربية في الأسبوع الماضي، على
أن المخابرات الإسرائيلية هي التي
قامت بعملية اغتيال العالم النووي
الإيراني مجيد شهرياري وجرح زميله
فيريدون أباسي في شوارع طهران الأسبوع
الفائت (انظر «الإندبندت» البريطانية
2010/11/30، و«الغارديان» البريطانية 2010/12/2
و2010/12/6، و«هآرتس» 2010/12/4). كما أكد ذلك
مقال نشر في مجلة «التايم» البريطانية
بأن فِرَق الاغتيال التابعة ل «الموساد»
الإسرائيلي، بالتعاون مع قوى
مخابراتية أميركية وغربية، هي التي
نفذّت عملية الاغتيال في طهران «من أجل
إبطاء البرنامج النووي الإيراني كبديل
عن الضربات العسكرية المباشرة لإيران».
ومن الملاحظ أن ثلاثة أحداث قد وقعت
يوم 2010/11/29، أولها: تسريب وثائق «ويكيليكس»
تتعلق معظمها ب «القلق» من البرنامج
النووي الإيراني، وثانيها: اغتيال
العالم الإيراني شهريار مجيدي وجرح
آخر، وثالثها: تعيين تامير باردو
رئيساً جديداً لأحد أكثر أجهزة
المخابرات في العالم تورطاً
بالاغتيالات، وهو جهاز «الموساد»
الإسرائيلي. وقد تفاخرت بعض الصحف
الغربية، والإسرائيلية، بأنّ اغتيال
العالم النووي الإيراني يعتبر «آخر
هدية يقدمها رئيس الموساد السابق
مائير داغان»، والذي يعتبر هذا
الاغتيال خاتمة انجازاته. ولم
تكن أي من المصادر الإسرائيلية على
استحياء من أن جهاز المخابرات
الخارجية الإسرائيلي المعروف باسم «موساد»
لديه فرق الموت، والتسميم، والاغتيال
التي تقتل من تسميه الحكومة
الإسرائيلية عدواً لها من الفلسطينيين
والعرب، وحتى الغربيين، كما تم من قبل
الاعتراف بأن «الموساد» الإسرائيلي،
كان وراء قتل العالم النووي الإيراني
أرديشيرهاسنبور، الذي توفي عام 2007 من
تسمم بالغاز. ويقول مسؤول استخباراتي
أوروبي لم يكشف عن اسمه: «لم تبدِ
اسرائيل أي تردّد في اغتيال علماء
الأسلحة لأنظمة معادية في الماضي، فقد
فعلوا ذلك في العراق، وسوف يفعلون ذلك
مع إيران كلما استطاعوا (جريدة «التلغراف»
16 فبراير 2009). وبالفعل اغتال قتلة «الموساد»
علماء مصريين وعراقيين سابقاًً، كما
اغتالوا صحافيين وسياسيين، وحتى شعراء
ومثقفين. ويضيف
ريفا بهالا، المحلل السياسي، العامل
مع شركة مخابرات أميركية خاصة، «إن
الاستراتيجية الإسرائيلية هي التخلص
من أناس مفتاحيين» (التلغراف 16 فبراير
2009). ويضيف المحلل الاسرائيلي يوسي
فيلمان «إن إسرائيل هي جزء من جهود
دولية مفصلة ومدروسة لإبطاء البرنامج
الإيراني» (المصدر السابق نفسه). كما
تتفق المصادر أن «الموساد» الإسرائيلي
يقوم بعمليات الاغتيال هذه بالتوافق
والتعاون مع الاستخبارات الغربية،
التي تشاطر إسرائيل الهدف نفسه، كما
حدث عند التخطيط وتنفيذ اغتيال
المبحوح في دبي. ولن تكون حادثة اغتيال
شهريار مجيدي الأخيرة على قائمة
الاغتيالات التي تخططها إسرائيل ضد
طهران، أو أي بلد مسلم، أو عربي، كما أن
الاغتيالات لن تكون الأسلوب الوحيد
لمحاولة زعزعة استقرار البلدان
الاسلامية، وتشتيت جهودها عن البحث
والتطور العلمي الذي تبتغيه، رغم أن
هذا الأسلوب اتبعته بشكل فعال في
لبنان، عندما شنت حملة اغتيالات
لشخصيات محددة بهدف توجيه التهم لحزب
الله. وليس هذا بجديد على الاستهداف
الغربي لدولة عربية بعد أخرى، حين
تحاول هذه الدول تحقيق قفزة في التقدم
العلمي النووي، الأمر الذي أصاب مصر
عبد الناصر من قبل، وأخيراً العراق،
وباكستان وكان سبباً أساسياً في مسلسل
الفوضى الذي أدخلت به الولايات
المتحدة هذين البلدين المسلمين في
الأعوام الأخيرة. فقد كشف تقرير أعدته
دائرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية
الأميركية (2009/3/3) النقاب عن أن جهاز
المخابرات الخارجية الإسرائيلية «الموساد»
تمكّن حتى الآن بالتنسيق مع القوات
الأميركية في العراق، من اغتيال (350)
عالماً نووياً عراقياً، بالإضافة إلى
أكثر من (300) أستاذ جامعي آخر في مختلف
الاختصاصات العلمية، ومئات الضباط
والطيارين وخبراء صنع وإطلاق الصواريخ.
وأوضح التقرير الأميركي أن عناصر فرق
الموت التابعة ل «الموساد»، الذين
ينشطون في العراق منذ الغزو الأميركي
عام 2003، مهمتهم الأساسية، هي تصفية
العلماء النوويين العراقيين
المتميزين، والمهندسين من المدنيين
والعسكريين السابقين، بعد أن فشلت
جهود واشنطن في استمالتهم للتعاون
والعمل في الولايات المتحدة الأميركية.
ويضيف التقرير أن هؤلاء العلماء خضعوا
لضغوطات واستجوابات، غير أن إسرائيل
أصرّت على أن بقاء هؤلاء العلماء على
قيد الحياة، يمثّل خطراً على الأمن
القومي الإسرائيلي على المدى الطويل. ما
تفيد به معظم التقارير المنشورة حول
هذا الموضوع، هو أن جهاز الموساد
الإسرائيلي، يعمل بالتعاون مع أجهزة
الاستخبارات الأميركية والغربية،
ولذلك فمن السذاجة بمكان أن يطلب
العرب، أو يتوقعوا، إدانة من أي طرف
غربي لعمليات القتل المتعمد الذي تقوم
به إسرائيل سواء ضد قادة فلسطينيين مثل
الشيخ أحمد ياسين، ومحمود المبحوح، أو
ضد علماء عراقيين، أم إيرانيين، أو أي
شخص ترتأي حكومة إسرائيل أنه يهدد
أمنها القومي. والسؤال الآن هو: ما هو
الفرق بين ما تقوم به فرق الموساد من
قتل، وتسميم، وتفجيرات، واغتيال، وبين
ما تقوم به الجماعات الإرهابية التي
يشكو الغرب منها لأنها تريد التخلص ممن
تعتبرهم خطراً عليها، أو ليس القتل
قتلاً في كلتا الحالتين لأرواح بشرية
بريئة، حكم عليها بعض السياسيين أنها
تشكل خطراً عليه، وأين هي الشرعية
والقانون الذي يتحدثون عنه في الغرب
كميزة حضارية تفصلهم عن الإرهاب؟ بعد كل
تسريبات «ويكيليكس»، أصبح واضحاً، أن
النظم الغربية تبرّر ما تريد تبريره
حين تريد، وكيف تريد، غير آبهة بحقوق
الإنسان، أو مصالح الشعوب، أو الدول،
أو القانون، وأنها تعامل أصحاب
الجنسيات الأخرى بمعايير مغايرة
تماماً لأصحاب جنسيات دولها، وأن
التعامل بشكل عام لا يخلو من عنصرية،
وفوقية غربية، ترفض طموحات الشعوب
ودأبها لتحقيق المساواة في العلم، أو
العمل، أو العدالة، وإلا ما الذي يمنع
الدول العربية من أن تمتلك المعرفة
النووية، طالما أنها قد وقعت معاهدة
منع انتشار الأسلحة النووية، في حين أن
إسرائيل والولايات المتحدة لم توقعان
المعاهدة، ويقومان باستخدام هذه
الأسلحة حيثما ومتى يريدان، وما الذي
يمنع العراق وأمثاله أيضاً من أن يكون
لديه علماء متميزون؟ لا شك أن معركة
العلم والمعرفة اليوم هي المعركة
الأشدّ حسماً بين أمتنا وأعدائها، ومن
الواضح أن إسرائيل ومنذ عقود تغتال
خيرة الشباب العربي في مصر، ولبنان،
والعراق، وفلسطين، وفي أي مكان من
العالم، وتعتقل في سجونها السرية،
والعلنية، طليعة الرجال، والنساء،
وحتى الأطفال العرب، خوفاً من أن
يصبحوا قادة في المستقبل ويصنعوا
مستقبلاً بعيداً عن العنصرية،
والاحتلال، والقتل، والاغتيال،
مستقبلاً لن يتمكّن جهاز «الموساد» من
اغتيال أبنائه بغية طمس معالم العلم
والحضارة. من هذا
المنظور، علينا أن نقرأ خبر انسحاب
الولايات المتحدة من مطالبة إسرائيل
بتجميد الاستيطان يوم الثلاثاء 2010/12/7،
وفي الوقت الذي لم يسجل الإعلام العربي
وقفة جادّة مع خبر كهذا، والذي يعتبر
بداية النهاية بالنسبة لادّعاء
الولايات المتحدة أنها قادرة أن تكون «وسيطاً
نزيهاً» للسلام بين العرب
والإسرائيليين، هذا الادّعاء الذي
تكذّبه حقيقة التمويل الأميركي
لترسانة أسلحة الدّمار الشامل
الاسرائيلية، وكذلك للاستيطان
الإسرائيلي، وسدّ منافذ العيش أمام
العرب، عبر دعم الحصار الإسرائيلي
الوحشي على المدنيين في غزة، ومنعهم من
السعي للبقاء على أرضهم أو استعادة
حقوقهم المشروعة. لقد أصبح من الواضح
أن الولايات المتحدة سلّمت إسرائيل
مقاليد سياستها تجاه الشرق الأوسط، بل
رفعت يديها مستسلمة لرغبات إسرائيل
بالقتل والاستيطان، وان الغرب يعمل
بالتعاون مع اسرائيل ضد العرب وضد
المسلمين متى ما أرادت حكومة إسرائيل
قتل المزيد منهم، ولكن الجديد في
الموضوع، هو، ربما، انتهاء الشكل
القديم للحروب، لأنها أثبتت أنها حروب
مكلفة، وغير مجدية، وخاصة بعد الحرب
على العراق عام 2003، وعلى لبنان عام 2006،
والحرب على غزة في 2008 2009، والحرب
المستمرّة في أفغانستان، والذي يغرق
الغرب في مستنقعها دون أن يجد مخرجاً
له. إذاً
القتل، والاغتيال، والتخريب،
والتجسس، هي الأساليب الرسمية من الآن
فصاعداً التي تستخدمها إسرائيل
وحلفاؤها الغربيون لزعزعة استقرار
البلدان العربية والاسلامية، التي
تعتزّ شعوبها وحكوماتها باستقلالها
واستقلال قرارها، وتعمل على حمايته
بكل الوسائل الممكنة، ألا يعني هذا
أيضاً أن المقاومة، بمختلف أشكالها،
لهذا التحالف الدموي الشرير الموجه ضد
العرب، والتي أثبتت فعاليتها وجدواها
ضد الترسانة العسكرية الإسرائيلية، هي
أيضاً الأسلوب الأجدى لمواجهة حروب
اليوم من أجل تحقيق الاستقلال والحفاظ
عليه، ونيل الحرية والدفاع عنها،
وتحقيق التقدّم العلمي للشعوب؟ د.
بثينة شعبان المستشارة
السياسية والإعلامية في رئاسة
الجمهورية العربية السورية ===================== مستقبل
المنطقة في قبضة التطرف "الإسرائيلي" آخر
تحديث:الثلاثاء ,14/12/2010 فهمي
هويدي الخليج يبدو
أننا صرنا أمام لحظة الحقيقة في الشأن
الفلسطيني، حيث تشير كل الدلائل إلى أن
مستقبل القضية، والمنطقة بأسرها، أصبح
يحدده أفيغدور ليبرمان، كبير
الإرهابيين في “إسرائيل”، وعصبة
المتطرفين والغلاة في الكنيست الذين
يشايعونه ويزايدون عليه . 1 سيقول
قائل إن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء
هو الرجل الأقوى في الساحة، الذي أذل
الفلسطينيين وأهان العرب أجمعين،
وتحدى الرئيس أوباما شخصياً، ومن ثم
هزم الجميع، وجعلهم يمشون وراءه
ويتبعونه حيث يذهب . وهذا كلام صحيح
وغير دقيق . صحيح من حيث إنه يصور
الواقع كما تسجله عناوين الأخبار .
وغير دقيق لأنه لا يغوص في العمق ولا
يلامس القوى التي تحرك نتنياهو وتحدد
وجهته وتدفع مسيرته . لدي
شهادة تؤيد ما أدعيه، أوردها لاري
درفنر أحد المعلقين البارزين في صحيفة
“جيروزاليم بوست” قال فيها إن بعض
المراقبين المحايدين احتاروا في معرفة
النهج الذي يسير عليه نتنياهو . . . لكن
هذا التساؤل حسم في منتصف شهر أكتوبر
الماضي، حين أيد الرجل قانون الولاء،
الذي يلزم من يرغب في الحصول على
المواطنة بأن يقسم يمين الولاء ل”إسرائيل”
باعتبارها دولة يهودية وديمقراطية .
كما أيد القانون الذي يقضى بإجراء
استفتاء عام على أي اتفاق سلام محتمل،
وبعد أن طالب الفلسطينيين بالاعتراف ب”إسرائيل”
كدولة يهودية في مقابل تجميد
الاستيطان شهرين إضافيين . بعد أن تصرف
نتنياهو على ذلك النحو، فإن التقدير
الأكثر واقعية بات يشير إلى أن الرجل
في حقيقة الأمر ليس سوى سيئ السمعة
أفيغدور ليبرمان، ولكن في منصب رئيس
الحكومة . أضاف
الكاتب قائلا إنه لا يعرف لماذا يعتقد
كثير من الناس أن نتنياهو يحتفظ
بليبرمان في الحكومة رغماً عنه، وإنه
مضطر لتحمله لأن الحقائق السياسية
تفرض ذلك (يقصد تأييد أحزاب اليمين له
في البرلمان والائتلاف الحكومي) . في
حين أن الذي صنع ليبرمان هو نتنياهو
ذاته، فلا أحد خارج الدوائر السياسية
اليمينية سمع بليبرمان حتى سنة ،1996
عندما عينه نتنياهو مديراً عاماً
لديوان رئيس الحكومة . ثم أصبح ساعده
الأيمن بعد ذلك، بعدما أصبحا يريان
الأمور بمنظار واحد . وفي حقيقة الأمر
فإن نتنياهو لم يكن جاداً بشأن التوصل
إلى سلام ينطوي على إقامة دولة
فلسطينية على أرض الواقع . بل إنه على
استعداد فقط لرمي عظمة أو عظمتين إلى
الفلسطينيين، ولا شيء أكثر من ذلك . ذكر
الكاتب أن كل الشواهد تدل على أن
نتنياهو متمسك بتحالفه الأيديولوجي مع
ليبرمان والمستوطنين وبقية اليمين
المتطرف . وهؤلاء يركبون موجة عالية .
ولديهم مجموعة كبيرة أخرى من القوانين
الاستبدادية المناهضة للعرب التي
يسعون لتمريرها، وهم مطمئنون إلى أن
الطريق مفتوح أمامهم لتحقيق ذلك . حيث
لم يعد يعنيهم كثيراً موقف حزب العمل
أو حزب كاديما . أو يهود الشتات أو حتى
واشنطن أو وسائل الإعلام . . كما أنهم لم
يعودوا يكترثون بأي رد فعل فلسطيني أو
عربي . 2 ليبرمان
وجماعته لم يكتفوا بما حققوه من اغتصاب
لفلسطين وسرقة للجغرافيا، لكنهم
أصبحوا يلحون على سرقة التاريخ أيضا،
ويطالبون الفلسطينيين بأن يقرأوا
تاريخ بلادهم بعيون “إسرائيلية”،
والقصة الغريبة التي حدثت متعلقة
بحائط “البراق” أبلغ دليل على ذلك .
خلاصة القصة أنه في أواخر الشهر الماضي
كتب وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية
المتوكل طه مقالة عن حائط البراق الذي
يمثل الجدار الغربي للمسجد الأقصى،
ويدعي “الإسرائيليون” ملكيته حتى
سموه حائط “المبكي”، ذكر فيها ما هو
ثابت في كتب التاريخ من أن الحائط جزء
لا يتجزأ من المسجد الأقصى ومن الحرم
القدسي الشريف، وهو وقف إسلامي لعائلة
بومدين المغاربية المسلمة . وما إن نشر
المقالة في الموقع الرسمي لوزارة
الإعلام حتى ثارت ثائرة “الإسرائيليين”
وقامت الدنيا ولم تقعد . إذ تتابعت ردود
الأفعال التي رصدها زميلنا بلال الحسن
على النحو الآتي: طالب
مارك ريجيف (12/1/2010) المتحدث الرسمي باسم
رئاسة الوزراء “الإسرائيلية”،
بإزالة المقالة من موقع الوزارة
الفلسطينية، معللاً طلبه بأن المقالة
تحريضية، وأنها تؤكد إسلامية حائط
البراق . وطالب الرئيس عباس ورئيس
الوزراء سلام فياض بمحاسبة الكاتب
بذريعة تحريضه على العنف (!) وذهب ريجيف
في موقفه إلى ما هو أبعد فقال: “إن
مقالة المتوكل تثير تساؤلات حول
التزام الحكومة الفلسطينية بعملية
السلام”، من حيث إنها تشكك في العلاقة
التي تربط اليهود بالقدس وبأرض “إسرائيل”
. لم تمض
سوى ساعات قليلة على هذا التصريح “الإسرائيلي”،
حتى بادر “بي جي كولوني”، المتحدث
الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية
إلى عقد مؤتمر صحفي قال فيه: “نحن ندين
بشدة هذه التصريحات ونرفضها رفضاً
تاماً بوصفها خاطئة من منظور الوقائع
(!)، ولا تراعي أحاسيس الآخرين،
واستفزازية للغاية . وقال كولوني أيضا:
“لقد ناقشنا مراراً مع السلطة
الفلسطينية ضرورة مكافحة جميع أشكال
نزع الشرعية عن “إسرائيل”، بما في ذلك
الارتباط اليهودي التاريخي بالأرض (أرض
فلسطين)” . اتسع
نطاق رد الفعل الأمريكي الرسمي، فشارك
فيه رجال البرلمان، وقال هاورد
بيرمان، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في
مجلس النواب الأمريكي، إنه يدين بشدة
هذه المقالة، وإن الرئيس عباس ورئيس
الوزراء سلام فياض يعرفان الأهمية
الروحية للحائط الغربي لدى اليهود في
العالم . ما
يثير الدهشة أن الضجة التي أثيرت حول
الحائط لها جذور تمتد إلى عام 1929 حيث
ثار الفلسطينيون على اليهود المهاجرين
الذين ادعوا ملكيتهم له، فيما عرف
آنذاك ب”هبَّة البراق” التي سقط فيها
العديد من القتلى والجرحى، وأقلقت
المشكلة سلطة الانتداب البريطاني،
فشكلت آنذاك لجنة دولية وضعت تقريرها
في عام 1930 (أيدته بريطانيا وعصبة الأمم)،
وقد أوصت بما يلي: تعود
ملكية الحائط الغربي إلى المسلمين
وحدهم، ولهم وحدهم الحق العيني فيه،
لأنه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة
الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف . .
وتعود إليهم ملكية “الرصيف” الكائن
أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة
بحارة المغاربة المقابلة للحائط (هدم
الجيش “الإسرائيلي” حي المغاربة
بالكامل فور احتلال الجيش “الإسرائيلي”
لمدينة القدس عام 1967) . إن
أدوات العبادة، من الأدوات التي يحق
لليهود وضعها بالقرب من الحائط . . ولا
يجوز أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني
لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور
له . لليهود
حرية السلوك إلى الحائط لإقامة
التضرعات في جميع الأوقات . 3 الإنجاز
الأخير الذي حققه الثنائي نتنياهو
ليبرمان تمثل في نجاحهما في فرض
موقفهما على الإدارة الأمريكية،
واثنائها عن مطالبة “إسرائيل” بالوقف
المؤقت للاستيطان كشرط لاستئناف
المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين،
وهو الموقف الذي اعتبر بحق إعلاناً
أمريكياً عن التبني الكامل لخطة
نتنياهو للخطة “الإسرائيلية” في كل
ما يتعلق بالتسوية السياسية مع
الفلسطينيين . وهي الخطة التي كان
الرجل قد أعلنها مع بدء الحديث عن
العودة إلى المفاوضات برعاية أمريكية،
وذكر فيها أنه لا يريد أن يفاوض بناء
على شروط مسبقة (بما فيها الاتفاقات
التي تمت مع الحكومات “الإسرائيلية”
السابقة)، لا حول الحدود أو الاستيطان
أو أي شيء آخر . ولم يكن ذلك سوى تمهيد
لخطته الأساسية التي لخصها في أنه يريد
أن يتوصل مع الفلسطينيين والعرب إلى
اتفاق مبادئ أو إطار مرحلي حول الدولة
الفلسطينية وملفاتها المختلفة . يتم
تنفيذه خلال عشر سنوات . هذا
الموقف أيدته الولايات المتحدة
رسمياً، حيث أعلن الناطق الرسمي باسم
وزارة الخارجية أن واشنطن قررت أن
تجميد الاستيطان لن يزودنا بأرضية
صلبة لاستئناف مفاوضات مباشرة ذات
مغزى . وارتأت أنه من الأفضل التركيز
على محاولة التوصل إلى “اتفاق إطار”
حول قضايا الحل الدائم . ويبدو
أن مصر أيدت الخطة، لأن أحمد أبوالغيط
وزير خارجية مصر تحدث في تصريح صحفي عن
فكرة اتفاق الإطار، تبين حدود الدولة
الفلسطينية ووضع القدس الشرقية وتضمن
أمن “إسرائيل” . وقال إن الاتفاقية
يمكن أن يصوغها الأمريكيون أو
الرباعية الدولية أو مجموعة من
الخبراء، يحددون توقيتاً زمنياً
للتوصل إلى الاتفاق . الموقف
“الإسرائيلي” أعلنه في مؤتمر صحفي
الجنرال شاؤول موفاز رئيس لجنة
الخارجية والأمن في الكنيست، قال فيه
إن الخطة المقترحة تتم على مرحلتين: في
الأولى يُعقد اتفاق مرحلي تعلن فيه
إقامة الدولة الفلسطينية على 66% من
أراضي الضفة بالإضافة إلى غزة، على أن
تكون من دون حدود ومن دون إخلاء
المستوطنات، مع ضرورة الاعتراف بسلطة
“إسرائيل” على كتل الاستيطان في
الضفة، وفي ظل التسليم بالحد الشرقي (حد
نهر الأردن بعمق 14 كيلومتراً بدعوى
الحفاظ على أمن “إسرائيل”) . أما في
المرحلة الثانية التي يفترض فيها
التطرق إلى المسائل الجوهرية، فالقدس
تبقى تحت السيادة “الإسرائيلية” مع
البحث عن “حل مبدع” لتنظيم سير الحياة
فيها (!) . . أما اللاجئون فإنهم لا
يعودون إلى بلداتهم في “إسرائيل”،
ولكن مشكلتهم تحل من خلال منظومة دولية
. 4 المعروض
على الطاولة الآن من جانب نتنياهو
وليبرمان هو ذات المشروع الذي رفضه
الجميع في البداية: دولة فلسطينية
مؤقتة منزوعة الصلاحية والعافية تقام
على 66% من الضفة، لا مكان فيها للقدس
ولا أمل في عودة اللاجئين وهي خلاصة
تستدعي على الفور السؤال الآتي: ما
العمل إذن؟ ما
يدهش المرء أن وصول عملية التسوية إلى
الطريق المسدود لم يحرك شيئاً في
العالم العربي، باستثناء دعوة لجنة
المتابعة العربية للاجتماع . ذلك أننا
لم نسمع مثلا عن أي مشاورات على مستوى
القمة حول الموضوع . وهذا السكون خير
مشجع ل”إسرائيل” على أن تتشبث
بموقفها وأن ترفع سقف طلباتها، وهي
مطمئنة إلى أن العرب أصبحوا منزوعي
القدرة على الحركة، وأن أنظمة المنطقة
باتت تعول على الموقف الأمريكي
وتنتظره، خصوصا أنها باتت مشغولة بما
سمي بالخطر الإيراني، وقلقها أقل إزاء
استمرار الاحتلال “الإسرائيلي” . أما
السلطة الفلسطينية فإن رئيسها أبومازن
ما فتئ يتحدث عن سبعة خيارات هي:
المفاوضات شريطة وقف الاستيطان مطالبة
الجانب الأمريكي بالاعتراف بالدولة
الفلسطينية فوق الأراضي المحتلة عام 67
إذا رفضت أمريكا ذلك يتم اللجوء إلى
مجلس الأمن مع مطالبة واشنطن بعدم
استخدام الفيتو إذا استخدمت واشنطن
الفيتو يتم اللجوء إلى الجمعية العامة
للأمم المتحدة مطالبة الأمم المتحدة
بوضع فلسطين تحت الوصاية الدولية وقف
تطبيق الاتفاق الموقع مع “إسرائيل”
حل السلطة ووضع “إسرائيل” أمام
مسؤولياتها كدولة احتلال . في ما
يبدو فإننا لا نكاد نلمس شيئاً يوحي
بأن العرب جادون في مواجهة التحدي
والاستكبار “الإسرائيليين”، أو بأن
السلطة الفلسطينية تملك شجاعة الإصرار
على شيء من الخيارات السبعة التي تحدث
عنها أبو مازن . ومن ثم فإن “الإسرائيليين”
حين يجدون أن جرأتهم وصلافتهم
وتماديهم في الاستكبار والغرور يقابل
بمثل تلك الأصداء المسكونة بالوهن
والذل، فسيكون من الغريب حقاً أن
يستجيبوا لشيء مما يتمناه الفلسطينيون
والعرب الذين لم يجرؤ أحد منهم على أن
يتحدث عن تعزيز الصف العربي لمواجهة
الاعصار، ولا عن الرجوع إلى الشعب
الفلسطيني واستمزاج رأيه الحقيقي فيما
هو مطروح . ناهيك عن أن أحداً لم يجرؤ
على النطق بكلمة “المقاومة” السلبية
منها والإيجابية كأسلوب في إدارة
الصراع وإنهاء الاحتلال . ===================== بقلم
:صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية البيان 14-12-2010 رفضت
إسرائيل تمديد تجميد برنامجها لبناء
المستوطنات في الضفة الغربية، بينما
أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس، رداً على ذلك، أن المحادثات في «أزمة»،
مشيراً إلى أنه سيمضي قدماً في تنفيذ
تهديده بالانسحاب منها. إن هذا
من شأنه أن يشكّل نكسة خطيرة بالنسبة
لاحتمالات السلام في المنطقة، وسوف
يكون بمثابة لطمة للرئيس الأميركي
باراك أوباما، الذي جعل التوصل إلى
تسوية دائمة بين الإسرائيليين
والفلسطينيين واحداً من الأهداف
الأساسية في سياسته الخارجية. غير
أنه يتعين على أوباما أن يتقبل بعض
اللوم على جمود المحادثات، لأنه أصر
على اتخاذ بناء المستوطنات البؤرة
الرئيسية لجهود واشنطن الدبلوماسية.
وقد صبّ هذا لحساب الحكومة الائتلافية
اليمينية المتعنتة في إسرائيل، التي
تغذي التزاماً أيديولوجياً عميقاً
تجاه المستوطنات. وكان
دائماً من غير المرجح أن توافق على
تجميد آخر للاستيطان، حتى عندما عرض
أوباما على رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو طائرات مقاتلة بقيمة
3 مليارات دولار. ومن
دون التمديد لوقف بناء المستوطنات،
فإن الفلسطينيين ومؤيديهم في جامعة
الدول العربية، أوضحوا أنهم سوف
ينسحبون من العملية التفاوضية، وسوف
يسعون لإقناع الأمم المتحدة بالاعتراف
بدولة فلسطينية مستقلة. إن مثل
هذه الخطوة، رغم ذلك، سوف تؤجج الأمور،
في الوقت الذي تسيطر إسرائيل على جزء
كبير من الأرض التي يريدها
الفلسطينيون لدولتهم الجديدة. في
الوقت نفسه، تخلت إدارة الرئيس أوباما
عن جهودها لإيقاف التوسع في الاستيطان
الإسرائيلي في الضفة الغربية، فيما
يعتبر اعترافاً بالهزيمة بدا إشارة
إلى انهيار وشيك لعملية السلام في
الشرق الأوسط. ويبدو
من المؤكد تقريباً أن هذا الاعتراف
سيعجل بانسحاب رسمي فلسطيني من
محادثات السلام مع إسرائيل، بعد مرور
ثلاثة أشهر فقط من انطلاقها وسط ضجة
كبيرة في واشنطن. وعلّق
محمود عباس مشاركته في المحادثات
عندما رفضت إسرائيل تمديد المهلة
السابقة، التي انتهت في سبتمبر
الماضي، وأصرّ على أنه لن يعود إلى
طاولة التفاوض حتى يتم حل المسألة،
قائلاً إن النمو السريع في عدد
المستوطنين اليهود في الضفة الغربية
يقوض مستقبل قيام دولة فلسطينية هناك. وفي
إطار حرصهم الشديد على إنقاذ عملية
تعتبر محورية بالنسبة لسياسة أوباما
الخارجية، أطلق مسؤولون أميركيون حملة
منسّقة لإقناع نتانياهو بتعديل موقفه.
بدا الأمر أخيراً كما لو أنهم توصلوا
إلى اتفاق، يقضي بموافقة إسرائيل على
تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر، في
مقابل حزمة كبيرة من الضمانات الأمنية
الدبلوماسية الأميركية. ومن
الحوافز التي تضمنها العرض الأميركي،
شحنة من الطائرات الشبحية المقاتلة من
طراز 20 إف-35، الأمر الذي أثار انتقاد
مسؤولين من عهد الرئيس الأميركي
السابق جورج بوش، مشيرين إلى أنه «تم
تقديم أكثر مما ينبغي في مقابل أقل مما
ينبغي». ورغم
أن الرئيس أوباما مضى إلى حد تهنئة
نتانياهو على قبول الصفقة، إلا أن
إسرائيل أوقفتها وطلبت من الولايات
المتحدة ضماناً كتابياً بحزمة الحوافز.
لقد جعلت التجارب الماضية على مدار
سبعة عشر عاماً من المفاوضات في الشرق
الأوسط، الولايات المتحدة حذرة للغاية
إزاء تقديم التزامات مكتوبة. كما أن
هناك مخاوف من أن مدة الثلاثة أشهر تعد
أقصر من أن يتم التوصل إلى اتفاق بين
الجانبين حول مكان حدود الدولة
الفلسطينية، حيث أعلن المسؤولون في
واشنطن أن الاقتراح الإسرائيلي موغل
في المطالبة أكثر مما ينبغي. من غير
المحتمل أن تقبل القيادة الفلسطينية
العودة إلى دبلوماسية مكوكية، ويتوقع
الآن أن تسعى إلى الدعم من الجامعة
العربية، من أجل انسحاب رسمي من
محادثات السلام. ===================== بقلم
:كامل يوسف حسين البيان 14-12-2010 ليس
اهتمام الكثيرين في عالمنا العربي
بالقوة الأميركية ومستقبلها تجسيداً
لولع، أو كره، استحواذي في ما يتعلق
بالولايات المتحدة، وإنما هو انعكاس
مباشر لإدراك الدور الخطير الذي تلعبه
هذه القوة في تشكيل ملامح الكثير من
الأحداث التي يشهدها العالم العربي،
والتلاعب بالقوى والمكونات التي تقف
وراء هذه الأحداث. هذا
الإدراك ليس وليد اليوم ولا الأمس
القريب، وإنما هو يعود إلى المرحلة
التي بدأت فيها الولايات المتحدة في
التحرك النشط لوراثة الإمبراطورية
البريطانية على امتداد العالم. لقد
توقف الكثير من الباحثين العرب عند
تطورات حرب المحيط الهادئ، وبصفة خاصة
عند القصف الأميركي لليابان بقنبلتين
نوويتين، في مرحلة بدا فيها بجلاء أن
الإمبراطورية اليابانية تطرق كل
الأبواب الدبلوماسية المتاحة لها
للتفاوض حول استسلام مشرف. البعض
يتصور أن ما تحرك الأميركيون من أجله
كان دفن المشروع الياباني لتكريس مجال
الرخاء المشترك، وهو الاسم الذي
اعتمدته طوكيو، لطموحها في السيطرة
على المحيط الهادئ وأجزاء من آسيا في
مقبرة لا نهوض له منها. لكن
الأمر لم يكن كذلك يقيناً، فعندما
أزاحت القنبلتان النوويتان مئات
الألوف من اليابانيين إلى رحاب العدم
في هيروشيما وناغازاكي، كان المشروع
الياباني قد أصبح بالفعل شيئاً ينتمي
إلى الماضي.كان القصف الأميركي، في
واقع الأمر، يخاطب المستقبل، ويتوجه
بدويّه إلى العالم كله. هكذا
فإن ما يطرحه الباحثون الأميركيون عن
أن عودة المؤسسة العسكرية الأميركية
إلى التضخم، بعد انتهاء الحرب
العالمية الثانية، مرتبط بانفتاح آفاق
الحرب الباردة ليس صحيحاً، وإنما
الصحيح أنه مرتبط بتجسيد الطموح
الأميركي إلى سيطرة منفردة على العالم
كله. ولقد
رأينا، على امتداد العقود القليلة
الماضية، الانطلاق نحو المدى الكامل
لهذه السيطرة، ولم تكن حربا أفغانستان
والعراق إلا نوعاً من الممارسة، التي
لها ما بعدها، لهذه السيطرة. غير أن
الممارسة في هاتين الحالتين، على وجه
التأكيد، تشدد من جديد على الحكمة
التقليدية القائلة: إن بوسعك أن تبدأ
حرباً، لكنك ليس بمقدورك أن تتكهن
بالكيفية التي ستنتهي بها. هذا
هو، بالضبط، ما يدفع تياراً بكامله من
الكتاب والباحثين الأميركيين إلى
القول إن المؤسسة العسكرية الأميركية،
في ممارستها للسيطرة المطلقة على
امتداد العالم، إنما تعرض أميركا
نفسها للخطر. ليس من
قبيل الصدفة أن يضع وليام فاف عنواناً
لمقال حديث له «تصنيع اللاأمن
كيف تعرض النزعة العسكرية أميركا
للخطر». وهذه
الآلية هي المنطق نفسه مجسداً، فالبشر
ليسوا قطعان خراف يمكن أن تقاد إلى
الذبح بحسب رؤية كل من يرى في القيام
بذلك حقاً له. ربما لهذا فإن «المملكة
الوسطى»، وهو الاسم التقليدي للصين،
ترى من حقها أن تعود إلى وسط العالم،
ليس بالحضور الاقتصادي وحده، وإنما
بالدفاع المسلح عن هذا الحضور. وهي
رؤية من الواضح أنها ليست موضع تأمل
صانعي القرارات في بكين وحدهم.في
عالمنا العربي، تتأمل الملايين من
البشر إلى أين يمضي التحالف التقليدي
للولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تبدو
تجلياته الأخيرة تحكماً في مصير
المنطقة وقدرها. في
الوقت نفسه تبدو القوة الأميركية
مرتبطة أشد الارتباط، في عالمنا
العربي، بظاهرة التشظي والتمزق الذي
تتلاعب واشنطن بمقوماته، وليس من قبيل
الصدفة أن يطرق الانقسام أبواب
السودان والعراق واليمن في آن، وهي
بلاد يضمها خط ناظم واحد
الحضور الأميركي الطاغي. ويبقى
من حقنا أن نتابع القوة الأميركية، وهي
تطفو إلى المستقبل، على محيط من الغموض
وعلامات الاستفهام. ومن حقنا بالقدر
نفسه أن نبذل قصارى ما في وسعنا حتى لا
يرتبط تجلي هذه القوة بالبطش بمستقبل
أجيالنا المقبلة. ===================== إحياء
المسار الفلسطيني - الإسرائيلي يبقى
ممكناً ! سركيس
نعوم النهار 14-12-2010 يميل
الرأي العام في العالمين العربي
والاسلامي، ومعه ربما عدد من القادة
والحكام فيهما، الى الاعتقاد أن اعلان
الادارة الاميركية فشل محاولة اقناع
اسرائيل بتجميد الاستيطان اليهودي في
القدس الشرقية والضفة الغربية،
وتالياً فشل انتقال حكومة بنيامين
نتنياهو و"سلطة" محمود عباس "الوطنية"
من المفاوضات غير المباشرة الى اخرى
مباشرة – يميل كل هؤلاء الى الاعتقاد
أن ذلك سيُدخل عملية السلام في الشرق
الاوسط وخصوصاً على المسار الفلسطيني
– الاسرائيلي نفق التجميد، ولا يقلل
من قوة هذا الاعتقاد اعلان الادارة في
واشنطن اعتزامها ارسال الموفد الشخصي
للرئيس باراك اوباما المكلف العمل على
اعادة العملية المذكورة الى السكة الى
المنطقة. كما لا يقلل من قوته الخطاب
الطويل الذي القته وزيرة الخارجية
الاميركية هيلاري كلينتون قبل ايام في
احد ابرز مراكز الابحاث في واشنطن،
والذي تضمن الكثير من الانتقادات
الضمنية لمواقف نتنياهو وسياساته. وقد
يكون احد ابرز اسباب الاعتقاد المذكور
الضعف الذي اصاب الرئيس اوباما خلال
السنة الجارية التي تشارف الانتهاء،
والذي كرسته نتائج الانتخابات النصفية
الاخيرة، والاستغلال الذكي والمباشر
لأزمات الداخل الاميركي وهي كثيرة،
ابرزها الانقسام الحاد بين الجمهوريين
والديموقراطيين، الذي قامت به اسرائيل
مباشرة وعبر اللوبي اليهودي الاميركي
المتعاطف معها، والذي حقق اهدافه على
الاقل حتى الآن. هل
الاعتقاد المشار اليه اعلاه للرأي
العام في العالمين العربي والاسلامي
ولقادة فيهما وحكام في محله؟ يشير
جواب متابعين اميركيين من واشنطن
لعملية السلام على المسار الفلسطيني –
الاسرائيلي الى ان التسوية السلمية
بين اسرائيل والفلسطينيين هي الموضوع
الشائك الوحيد الذي لا يزال في امكان
ادارة اوباما معالجته او متابعة
معالجته والنجاح في ذلك من بين كل
الازمات الخارجية التي تواجهها ولا
سيما الشرق الاوسطية منها. ولذلك، يدعو
هؤلاء المعنيين وخصوصاً في المنطقة
الى عدم اعتبار قرار وزيرة الخارجية
كلينتون عدم مواجهة السعي لاقناع
حكومة نتنياهو بتجميد الاستيطان في
الاراضي الفلسطينية المحتلة تراجعاً
نهائياً رغم وجوب عدم التقليل من
اهميته. ويدعونهم ايضاً الى انتظار
زيارة واشنطن التي سيقوم بها كل من
الزعيمين الفلسطيني والاسرائيلي عباس
ونتنياهو في وقت قريب، وفي الوقت نفسه
الى انتظار المحادثات التي سيجريان مع
المسؤولين الكبار في الادارة
الاميركية وفي مقدمهم اوباما
وكلينتون، والتي يمكن ان تتطور بحيث
تصبح محادثات مباشرة بينهما برعاية من
المسؤولين في هذه الادارة. وما هو ثابت
وأكيد يقول المتابعون الاميركيون
انفسهم، هو ان اياً من الزعيمين كما من
مسؤولي العاصمة المضيفة لن يتحدث عن
حقيقة ان نتنياهو لا يستطيع ان يجمد
الاستيطان من دون ان يتسبب له ذلك
بثورة او بالاحرى بتمرد داخل حكومته
وفي اوساط مؤيديه داخل حزبه او حتى من
المستقلين الاسرائيليين. ومن شأن ذلك
انهاء مسيرته لا الحكومية فحسب بل
السياسية ايضاً. وما هو واضح في رأي
هؤلاء هو ان نتنياهو يحتاج الى التوصل
الى تسوية لكل الموضوعات الاساسية
الشائكة في آن واحد مقبولة منه ومن
الطرف الفلسطيني قبل ان يعود الى تجميد
الاستيطان. وهذا موقف يسري ايضاً على
موعد الاستفتاء الشعبي على التسوية اذ
يجب ان يسبق التجميد هذا، اذا كانت
الاخيرة لم تتضمن حلاً له. هذه
التسوية، يلفت المتابعون الاميركيون
اياهم تستوجب توافر ارادة فعلية عند
الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع
اسرائيل فور توقيعها من طرفيها
الاسرائيلي والفلسطيني. لذلك كله
يعتقد هؤلاء ان ما سيجري في الايام
المقبلة او في الاسابيع المقبلة هو
محاولة لتحديد المناطق التي لا بد من
تبادلها بين اسرائيل والفلسطينيين.
ومعروف ان اراضي المستوطنات اليهودية
داخل الضفة المحاذية للخط الاخضر هي
التي ستكون في شكل او في آخر من حصة
اسرائيل. في حين ان العمل سيتركز على
تحديد المناطق "الاسرائيلية"
التي ستعطى للفلسطينيين. وفي هذا
المجال هناك من يفكر في ان تشمل هذه
المناطق اراضي اسرائيلية (محتلة منذ
1948) فيها كثافة بشرية فلسطينية. وبذلك
تضرب اسرائيل عصفورين بحجر واحد.
الاول، هو التخلص من كم كبير من
الفلسطينيين في دولتها. والثاني، تضمن
ضم اراضي مستوطنات الضفة الغربية
اليها او معظمها. بعد ذلك اي في الاشهر
المقبلة، يرجح المتابعون اياهم ان
يناقش الاسرائيليون والفلسطينيون حق
العودة الذي يرفعه الفلسطينيون ومصير
المدينة المقدسة اي القدس. ولا شيء
يمنع عودة زهاء 50 ألف فلسطيني في اطار
ما يسمى جمع شمل العائلات. وهؤلاء قد
يقيمون في الاراضي التي تصبح من حصة
الفلسطينيين بعد تبادل الاراضي. اما في
موضوع القدس فالخيار الوحيد المتاح
حالياً، او الذي لا يزال متاحاً اي على
الطاولة، هو توسيع المنطقة الشرقية من
المدينة وربطها مع الحرم القدسي
الشريف "بكوريدور". وهذه المنطقة
تكون عاصمة دولة فلسطين. طبعاً طُرِح
هذا الاقتراح في جولات تفاوضية سابقة
بين الطرفين وووجه بالرفض، لكن لا تبدو
في الافق اقتراحات جدية اخرى. ولذلك
يتوقع المتابعون انفسهم ان يُنظر الى
هذه الاقتراحات بجدية من الفلسطينيين،
فاذا قبلوها واذا قبلها معهم العرب فان
الحل يكون صار في متناول اليد. هل في
هذه المعلومات تمنيات اكثر من
الوقائع؟ ربما، لكن يجدر الانتظار
لمعرفة التطورات في موضوع عملية
السلام الشرق الاوسطية وخصوصاً على
المسار الفلسطيني – الاسرائيلي. ذلك
انها قد تفاجئ بايجابيتها، رغم ان
الايجابيات على هذا الصعيد كانت غائبة
معظم الاحيان. ===================== الياس
سحاب السفير 14-12-2010 عقد
قادة حلف شمالي الاطلسي (28 دولة)،
مؤتمرهم الثاني والعشرين مؤخرا في
العاصمة البرتغالية لشبونة، بهدف معلن
هو صياغة الاستراتيجية الجديدة للحلف،
في مدى السنوات العشر المقبلة. أما
بالنسبة للشعوب والامم الصغيرة خارج
الحلف العسكري العملاق، فلعلها مناسبة
للتفكير في شؤون صعود وهبوط الحياة
الدولية، منذ الحرب العالمية الثانية،
وحتى يومنا هذا. أفرزت
الحرب العالمية الثانية، وانهيار
النازية والفاشية، قيام قوتين
عسكريتين عملاقتين، هما حلف شمال
الاطلسي وحلف وارسو، كما افرزت من
ناحية أخرى ولادة قوة معنوية عملاقة هي
منظمة الأمم المتحدة. ومع أن
التناقض الكامل بين ايديولوجتي
المعسكرين العملاقين (الشيوعية
والرأسمالية)، كان يفترض منطقيا قيام
توازن ايجابي يتحول الى سند للشعوب
والأمم الصغيرة، وينعكس اخلاقيا
وقانونيا على القوة المعنوية العملاقة
(الامم المتحدة)، فإنه يمكن القول ان
خلاصة المرحلة التي تواجه فيها
المعسكران العملاقان، قبل انهيار
الاتحاد السوفياتي، وتفكك حلف وارسو
والمعسكر الاشتراكي، كانت تقاسما شبه
متفق عليه بين المعسكرين، لمواقع
المصالح والنفوذ في شتى ارجاء الكرة
الارضية (برغم ازمتي كوريا في
الخمسينيات والصواريخ الكوبية في
الستينيات)، الى درجة عكست آثارا سلبية
ضارة على الامم المتحدة، فنزعت منها
قوتها المعنوية المفترضة، وحولتها الى
مسرح يستعرض عليه المعسكران عضلاتهما،
في محطات المواجهة والاتفاق. ولعل
المثال الاكثر صراحة على هذه العلاقة
الجدلية بين المعسكرين العملاقين
والامم المتحدة، هي قضية فلسطين، التي
تحولت الى أكبر جريمة سياسية ترتكب في
مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية،
لا لشيء الا لالتقاء مصالح المعسكرين
الكبيرين، في لحظة تاريخية سوداء مع
مشروع الحركة الصهيونية، الذي جاء
معالجة لجريمة النازية ضد يهود
اوروبا، بجريمة طرد شعب فلسطين لاقامة
دولة اسرائيل. هذه
المرحلة السوداء في السياسة الدولية،
لم يخفف من غلوائها، سوى التماعة قصيرة
في الحياة الدولية، عندما انتفضت قوى
مثل هند نهرو ويوغسلافيا تيتو ومصر عبد
الناصر، مع سائر القوى الصغيرة
الصاعدة في قارات افريقيا رأسيا
وأميركا اللاتينية، بحركة توازن
اخلاقي وقانوني في السياسة الدولية،
عبرت عنه بمعسكر نالت لدول عدم
الانحياز. لكن
الأمور تفاقمت بعد انحسار موجة عدم
الانحياز اولا، وانهيار المعسكر
الاشتراكي ثانيا. لقد
خيل لبعض المراقبين ان اختفاء العدو
الاستراتيجي من امام المعسكر
الرأسمالي الممثل بحلف شمالي الاطلسي،
سيخفف من مخاوفه، وبالتالي من غلوائه
العسكرية، مما سينعكس ايجابا،
بالضرورة وبالمنطق، على منظمة الامم
المتحدة المسكينة. لكن ثبت عمليا بعد
وقت قصير، ان انهيار المعسكر
الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفياتي،
بعد انحسار موجة دول عدم الانحياز، كل
هذا لم يؤد الا الى نتيجة عكسية، هي فتح
شهية العملاق الاميركي على مزيد من
الطمع بالسيطرة، ومزيد من التدخل في
الشؤون الداخلية حتى لاصغر دول العالم
(دولة لبنان مثلا). الاستراتيجية
الجديدة لحلف شمالي الاطلسي، مبنية
على نظام دفاع صاروخي جماعي، لحماية
دول وشعوب الحلف الثمانية والعشرين من
هجوم صاروخي مفترض. وبينما
كانت العادة، في احيان اخرى، الاشارة
الى المصادر المحتملة لمثل هذا الهجوم
الصاروخي المفترض (كإيران، او روسيا او
الصين، او كوريا الشمالية)، فقد قرر
المؤتمرون هذه المرة ابقاء مصادر
الخطر المتوقعة مجهولة. بل ان الامور
تطورت الى حدود السعي لاقامة تحالف ما
بين حلف الاطلسي وروسيا، فتتحول بذلك
من مصدر مفترض لخطر مفترض، الى شريك
دفاعي، بطريقة او اخرى. ان
تاريخ حلف شمالي الاطلسي في العقدين
الاخيرين، ينطق بحالة هجومية بشعة
لقواته، لا حالة دفاعية، الامر الذي
أدى الى تدمير كامل للدولة في بلدين من
بلدان الكرة الارضية هما افغانستان
والعراق، لاسباب يثبت في كل يوم انها
لم تكن سوى مبررات وهمية لتغطية رغبة
الامبراطورية الاميركية في توسيع
مناطق نفوذها المباشر، وسيطرتها على
مزيد من موارد المواد الخام، والمواقع
الاستراتيجية. ان
الخط البياني لتصاعد تفوق حلف شمال
الاطلسي، يوازيه تماما هبوط للخط
البياني في قوة الامم المتحدة وقدرتها
على ممارسة دورها الحقيقي المعطل،
كقوة معنوية وأخلاقية عملاقة مفترضة. ===================== "الأونروا"..
فصل جديد مؤلم من تراجع خدماتها المستقبل
- الثلاثاء 14 كانون الأول 2010 العدد
3857 - رأي و فكر - صفحة 19 علي
بدوان يعاني
ويكابد الشعب الفلسطيني في عموم الأرض
الفلسطينية المحتلة عام 1967 أوضاعاً
اقتصادية وصحية وتعليمية صعبة جداً،
فضلاً عن المعاناة الناجمة عن وجود
الاحتلال ذاته وسياساته القائمة على
مصادرة الأرض واستمرار عمليات
تهويدها، كما في الانقسام الداخلي
وذيوله الذي بات مصدر قلق كبير لمجموع
قطاعات الشعب الفلسطيني في فلسطين
والشتات على حد سواء. وما
زاد (الطين بلة) على حد تعبير المثل
الشعبي الفلسطيني، أن خدمات وكالة
الأونروا باتت بدورها تتراجع من حين
لآخر نتيجة الاختناق والشح المالي
الذي تعاني منه الوكالة منذ سنوات خلت،
وازدياد الأعباء الملقاة عليها مع
تزايد حاجات مجتمع اللاجئين
الفلسطينيين، خصوصاً في ظل الحصار
المطبق على قطاع غزة منذ أربعة أعوام،
فقد سبق أن لعبت وكالة الأونروا دوراً
مهماً في توفير الرعاية الصحية
للفلسطينيين، انطلاقاً من دورها
المنوط بها داخل المجتمع الفلسطيني
بشكل عام ومجتمع اللاجئين منه بشكل خاص. فقد
تراجعت تقديمات وكالة الأونروا
بجوانبها الثلاثة التي تمس الصحة
والتعليم والإغاثة الاجتماعية، وهو ما
انعكس سلباً على جوانب الحياة
المختلفة للفلسطينيين الذين يشكل
اللاجئون منهم غالبية سكان قطاع غزة (بحدود
65%) وبحدود (40%) من سكان الضفة الغربية
والقدس، ناهيك عن الشتات في بلدان
الطوق المحيطة بفلسطين (سوريا، لبنان،
الأردن) والتي يتواجد فوق أراضيها
الجزء الآخر من الشعب الفلسطيني. ان
التراجع والتخفيض في برامج الوكالة
وخدماتها الذي يتعاكس مع الزيادة
الطبيعية في أعداد اللاجئين
الفلسطينيين، ترك اثاراً كارثية طالت
الجوانب الانسانية والاجتماعية لعموم
اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين
والشتات، في وقت أصبح فيه اللاجئون
الفلسطينيون أحوج ما يكونون الى
الاونروا وخدماتها في هذه المرحلة
الصعبة بسبب عوامل مختلفة سياسية
واقتصادية حادة تركت اثارها السلبية
على عموم التجمعات وعلى اللاجئين
الفلسطينيين بشكل خاص. وعلى
سبيل التوضيح، فان سجل نظام الرصد
الوبائي الذي تديره وكالة الأونروا
ويغطي كل سكان قطاع غزة، يرصد زيادة في
انتشار الأمراض التالية: الاسهالات
الحادة بشقيها المائي والإلتهابي
والتهاب الكبد الفيروسي. في هذا
السياق، تتواتر المعلومات المخيفة
التي تتحدث عن انتشار حالات متزايدة من
أمراض التهاب الكبد الوبائي من النوع (بي)
والتهاب الكبد الوبائي من النوع (سي)
بشكل متفاوت في الأراضي الفلسطينية
المحتلة، ووصول نسب الإصابة به الى
حدود (2,5%) على المتوسط في عموم المناطق
المحتلة عام 1967، وذلك نتيجة تراجع
خدمات وكالة الأونروا بجوانبها
الثلاثة، ومنها الجانب المتعلق
بالرعاية الصحية والرعاية الصحية
الوقائية، وتراجع عملية تطعيم
المواليد الجدد، واستخدام حقن عضلية
بعد غليها لعدة حالات نتيجة فقدانها في
السوق بفعل الحصار، برغم المساعدات
الكبيرة، التي وصلت، والتي لا تلتزم
دائماً باللوائح التي تضعها الجهات
الفلسطينية المعنية بشأن الحاجات
الضرورية، فهناك نقص في العديد
الأدوية والمواد الأساسية والتي تتجدد
باستمرار. فمرض
الوباء الكبدي المعروف بالمرض الصامت،
يصيب الآن نحو (300) مليون شخص في العالم
حسب المعطيات الأخيرة لمنظمة الصحة
العالمية، وينتشر وفق ثلاثة تصنيفات،
أولها في مناطق نسبة انتشار المرض فيها
منخفضة وتصيب (2%) من عدد السكان، ومنطقة
متوسطة ونسبة المصابين فيها تتراوح
بين (2% و7%)
وهذا يعني أن فلسطين في الحد الأدنى من
المتوسط، وأخيرا منطقة انتشار عالية
وتزيد على (7%) كما هو الحال في مصر وبعض
الدول العربية. ورغم
طمأنة الجهات الرسمية الفلسطينية
بقولها "ان انتشار المرض مازال ضمن
المستويات الطبيعية، وأن نسبة انتشاره
في الأقطار العربية المختلفة ومنها
الخليجية أكثر من نسبة انتشاره في
فلسطين" إلا أن قلق المواطنين
الفلسطينيين والأطباء يتزايد من
تأثيراته. وتشير
التقارير الطبية الفلسطينية ان معدل
انتشار هذا المرض في الضفة الغربية
بلغت معدل (0,5 لكل 100 ألف من السكان)، أما
عن معدل حاملي الفيروس فأشار التقرير
إلى التبليغ عن (1983) حالة لحاملي المرض (لا
يتأثرون بالفيروس لكنهم قد ينقلونه
لغيرهم) بمعدل إصابة (35,1 لكل 100 ألف) من
السكان، غالبيتها في الضفة الغربية
(1025) بمعدل إصابة (40,9 لكل 100 ألف)،
والباقي في غزة (357 حالة) بمعدل إصابة
(24,0). أما
التهاب الكبد الوبائي (سي) الأشد
خطورة، فذكرت الإحصائيات أنه تم خلال
نفس العام رصد حالتين فقط بين سكان
الضفة الغربية، في حين سجلت (166) حالة
لحاملي المرض من السكان، منها (122) حالة
في الضفة الغربية و (44) في قطاع غزة. ويشار
بأن أمراض التهاب الكبد الانتانية
الالتهابية (التهاب بي + التهاب سي)
تعتبر من الأمراض الصامتة والقاتلة،
إذ تظهر فجأة من دون مقدمات بعد أن تكون
قد استفحلت داخل النسيج الكبدي، ويصبح
أمر القضاء عليها عسيراً وتنتهي
بصاحبها نحو الموت أغلب الأحيان. وتختلف
العوارض من شخص إلى اخر، حسب الإصابة
الكبدية وسببها ونوعها، وما يقع عادة
مع أصحاب الإصابات الكبدية الشائعة
حالات من اصفرار الوجه والهزال
الجسدي، وفقدان الشهية، وارتفاع وظائف
الكبد ... الخ، وتنتهي الأمور إما بوقوع
حالة "تليف أو تشمع كاملة للكبد"
أو الى داء "السرطان الكبدي" حيث
تبقى عملية (زرع كبد جديد) هي المجال
الوحيد المتاح لإنقاذ حياة الإنسان
المصاب، وهي عمليات جراحية مكلفة جداً
وصعبة في الوقت نفسه ومحفوفة بالمخاطر. ===================== نصوح
المجالي الرأي
الاردنية 14-12-2010 السودان
قارة عربية صغيرة وثقل عربي اسلامي مهم
في قلب القارة الافريقية ظل يصارع
مشاكله الداخلية وتنوع بيئته السياسية
والسكانية واطماع المحيطين به
ومؤامرات القوى الطامعة في خيراته
طويلاً. ورغم
دوره وحضوره المهم في ساحة أمته بقي
السودان الذي يمتلك ثروات طبيعية
ومياه وقدرات زراعية ومعدنية ونفطية
هائلة مهملاً من العرب يتلقى القليل
القليل من المساعدة لتجاوز مشاكله
وهمومه الداخلية. وقد
تنقل الحكم في السودان بين خيارات
وايديولوجيات مختلفة, استقرت على
الخيار الاسلامي الذي جاء بتركيبة
الحكم الحالية, والتي انشقت بعد حين
نتيجة تباين التيارات الحزبية
والاهواء والضغوط الداخلية والخارجية
في الساحة السودانية. غير أن
السودان منذ فترة طويلة ظل يواجه قضايا
استعصى حلها على القوة المسلحة رغم
الصراع الطويل بين الاطراف المتنازعة,
فقضية الجنوب منذ اتفاق الحكومة
السودانية مع حركة تحرير جنوب السودان,
دخلت في هدنة تحت مظلة اتفاق مشترك
برعاية الولايات المتحدة يكاد ينتهي
في يناير المقبل الى انفصال باتت
الدعوة اليه علنية في الجنوب السوداني
ولا يؤخره, الا عدم الاتفاق بعد على
تقاسم الثروة في منطقة النفط الحدودية
وترسيم الحدود والاتفاق على ما يرتبه
الانفصال من تبعات تطال السكان وخاصة
الجنوبيين المقيمين في شمال السودان. ودول
الغرب تتصرف وكأن الانفصال حتمية
قادمة رغم ان مصير الجنوب السوداني ربط
باستفتاء شعبي ما زال موضع خلاف وتجاذب
بين الشمال والجنوب. وانفكاك
الجنوب عن السودان اذا ما حدث, وندعو
الله ان لا يحدث سيرتب مخاطر عديدة ليس
فقط على السودان ولكن على مصر والوضع
العربي فالجنوبيون يعلنون سلفاً,
توجههم للتعاون مع اسرائيل مما يشير
الى رأس المؤامرة ويدعون الى عدم تقاسم
مناطق النفط, واعادة تقسيم حصص مياه
النيل, المؤامرة الاساس التي تضطلع
اسرائيل بدور بازر فيها لانها تطمع في
ايصال مياه النيل الى اسرائيل. ولا
يخفى ان القرن الحالي قرن الصراع على
المياه في منطقة الشرق الاوسط وان حصة
مصر من المياه قد اصبحت موضع سؤال من
اربع دول محيطة بنهر النيل, الامر الذي
قد يدخل مصر والسودان في المستقبل في
صراعات من نوع آخر. لقد
انشغل السودان طويلا في معالجة
الصراعات القبلية ونزعات الانفصال في
دارفور التي لقيت دعماً كبيراً من قوى
سياسية ودول في اوروبا والغرب, وقد
تعرضت قيادة السودان لضغوط دولية وصلت
حد اصدار احكام من المحكمة الدولية
تقضي باعتقال الرئيس السوداني عدا عن
فرض اشكال من الحصار على السودان. فالسودان
يحارب على جبهات عدة ويصارع التناقضات
الداخلية وما نشأ عنها من صراعات,
والتدخلات الاقليمية وما تنم عنه من
اطماع ويواجه التدخل الاجنبي الذي طال
كل شأن في السودان, كما يواجه السودان
ازمة داخلية سياسية واقتصادية يحاول
ان يجد لها حلولاً رغم ما يحيط به من
ازمات, فالديمقراطية التي تضمن
التعددية وتداول الحكم ما زالت املاً
بعيد المنال في السودان والمنطقة
العربية وحل الازمة الاقتصادية التي
تلف السودان وامل التنمية الداخلية,
وتوسيع اطر الاستثمار ما زالت رهينة
للاوضاع المضطربة السائدة في السودان,
والعرب لا يملكون سياسة ولا موقفاً
متماسكاً لنصرة السودان, او أي قطر
عربي اخر مع انهم يصدرون بيانات تعكس
تعاطفهم ودعمهم للسودان.. حتى
مصر الاقرب للسودان والاكثر تأثراً
بأحداث السودان بدت بعيدة نسبياً عن
الشأن السوداني, نخشى ان الدائرة قد
وصلت الى مرحلة البدء بتفكيك السودان,
بدءاً من جنوبه, بعد ان نجح اعداء الامة
بتفكيك العراق وبعد ان غاب البعد
القومي للتضامن والتكاتف العربي,
فالارض العربية والهوية العربية تقرض
من اطرافها ونحن مطمئنون في ظل قطريات
هشه يحسب كل منها نفسه أمة بذاته, رغم
ان أي منها لا يقدر على حماية نفسه
بنفسه, أو درء الخطر عنها, والاحداث
التي عصفت بالعراق وتمر باليمن وتعصف
بلبنان, ومرت من قبل بالصومال شواهد
على ذلك.. حمى
الله السودان والهم امتنا الصواب الذي
يعيد لها شوكتها بين الأمم.. ===================== الإدارة
الأمريكية وانحيازها الواضح خدمة
للحركة الصهيونية فؤاد
دبور الدستور
14-12-2010 إذا ما
عدنا إلى مؤتمر مدريد الذي تم عقده في
أواخر تشرين الأول عام م1991 تحت مسمى
"مؤتمر السلام" سنجد ان هذه
العملية لم تكن تهدف على الاطلاق
لإعادة أي حق من حقوق العرب المشروعة
وبخاصة حقوق الشعب العربي الفلسطيني.
بل جاءت من اجل تصفية قضية هذا الشعب
وبناء علاقات تطبيعية مع الكيان
الصهيوني وإيجاد شكل من الأمن
والاستقرار وإعادة صياغة المنطقة
اقتصاديا وسياسيا وفقا للمصالح
الصهيونية بحيث يتم دمج الكيان
الصهيوني في المنطقة وتحقيق المصالح
الأمريكية وبخاصة النفطية منها. وقد
رافقت عملية مدريد وما بعدها موجة من
الرهانات على ما يسمى بعملية "السلام"
الا ان هذه الرهانات ما لبثت ان تراجعت
عند البعض في ضوء مواقف الحكومات
الصهيونية والإدارات الأمريكية
الداعمة لسياساتها والتي لا تخدم ولا
تلتزم بقرارات الشرعية الدولية مثلما
لم تنفذ ما تم الاتفاق عليه من خلال
المفاوضات التي دارت بين الجانبين
الفلسطيني والصهيوني وبخاصة اتفاق
أوسلو الموقع بين الجانبين في الثالث
عشر من شهر أيلول عام م1993 مثلما لم تأخذ
حكومات العدو الصهيوني كل مشاريع
التسوية التي تم طرحها بعد مدريد
وأوسلو بأية جدية بل اعتبرتها فرصة
لاستكمال مشروعها الاستعماري التوسعي
مستمرة في تجاهلها لحقوق الشعب العربي
الفلسطيني الأساسية التي استطاعت
حكومات العدو ان تجعل منها قضايا مؤجلة
إلى مرحلة الحل النهائي ويأتي في
مقدمتها حق اللاجئين الفلسطينيين
بالعودة إلى ديارهم ومدنهم وقراهم وفق
ما أكد عليه قرار هيئة الأمم المتحدة
رقم 194 لعام م1948 وكذلك حقهم في مدينة
القدس التي تسعى حكومات العدو
الصهيوني لتهويدها هذا إضافة إلى
قضايا الحدود والترتيبات الامنية
والمياه وكيفية رسم الأطر المتعلقة
بدول الجوار. وهذا يعني ان الاتفاقيات
التي أسفرت عنها المفاوضات بين
الجانبين لم تخرج في نتائجها عن الإطار
الاستراتيجي للحركة الصهيونية وقادة
كيانها الغاصب حيث إن جميع هذه
الاتفاقيات جاءت لصالح الكيان
الصهيوني ، الذي تعامل مع الفلسطينيين
في الضفة والقطاع وكذلك الفلسطينيين
في الأرض المحتلة عام م1948 وبدعم
ومساندة من الإدارات الأمريكية وكأنهم
دون البشر لا حقوق لهم بل يجب حشرهم
وحصارهم في سجن كبير مغلق ، وبالمقابل
فقد أخذت حكومات العدو الصهيوني
تستولي على المزيد من الارض
الفلسطينية وتقيم عليها المستعمرات
الاستيطانية لإسكان المهاجرين اليهود
الذين يتم استقدامهم من العديد من دول
العالم وبدعم من المنظمات الصهيونية
العالمية وفي مقدمتها منظمة "ايباك"
الصهيونية في الولايات المتحدة
الأمريكية التي عملت ومنذ تأسيسها على
تحقيق هدف استيعاب المهاجرين اليهود
وقدمت من اجل ذلك الدعم المادي
والاقتصادي لحكومات العدو الصهيوني
حتى تتمكن هذه الحكومات من زيادة عدد
المستوطنين اليهود المستوردين إلى ارض
فلسطين العربية وقد ربطت هذه المنظمة
مثلما ربطت حكومات العدو عملية
الاستيطان بأمن الكيان الصهيوني
واستمرار وجوده تحت ذريعة ان ارض
فلسطين العربية على حد زعمهم ، هي ارض
"الميعاد" التي يجب ان تستوعب
يهود العالم ليسهموا في الدفاع عن
كيانهم الغاصب أمام أخطار الغد. بمعنى
ان الحركة الصهيونية ومنظماتها
ومؤسساتها وحكومات العدو يعتبرون ان
المسألة الديمغرافية تشكل أهمية حاسمة
في تحديد مستقبل اليهود في فلسطين
العربية المحتلة وان ضمان استمرارية
كيانهم يعتمد بشكل أساسي على وجود اكبر
عدد ممكن من اليهود ما يتطلب إنشاء
مستعمرات استيطانية وهذا جعلهم يقومون
فور احتلالهم لأرض فلسطين في الضفة
الغربية وقطاع غزة والجولان العربي
السوري اثر عدوان الخامس من حزيران عام
م1967 إقامة مشاريع استيطانية فوق هذه
الأراضي وبخاصة حول مدينة القدس
العربية مخالفين بهذا العمل قرارات
الشرعية الدولية وبخاصة قرارات مجلس
الأمن الدولي وحقوق الإنسان التي تنص
على عدم جواز الاستيلاء على ارض الغير
بالقوة وعلى عدم قيام سلطة الاحتلال
بإجراء أي تغييرات أو تعديلات على
الوضع القائم اثناء الاحتلال على
الأرض والمواطنين. ولما
كان امن الكيان الصهيوني ووجوده قائما
على استقدام المهاجرين اليهود وإقامة
المستعمرات الاستيطانية لإسكانهم كان
من البديهي ان ترفض حكومة نتنياهو مجرد
تجميد عملية الاستيطان ولو لفترة
محددة بثلاثة أشهر لا غير وجاء موقف
الإدارة الأمريكية ليؤكد مدى إذعان
هذه الإدارة للصهاينة عبر الإعلان عن
فشل الإدارة بجعل حكومة نتنياهو تقبل
بتجميد الاستيطان واتجاه هذه الإدارة
إلى البحث عن باب آخر للمفاوضات مباشرة
كانت أم غير مباشرة بين الجانبين
الفلسطيني ممثلا بالسلطة والصهيوني
ممثلا بحكومة نتنياهو بعيدا عن شرط
تجميد الاستيطان وهذا يشكل بالفعل
استمرار الانحياز الأمريكي للصهاينة
ويدلل بشكل واضح على الاستراتيجية
الثابتة للإدارات الأمريكية المتمثلة
بالحفاظ على امن الكيان الصهيوني ودعم
وجوده وسياساته على حساب حقوق الشعب
العربي الفلسطيني والحقوق العربية
الأخرى ولسنا بحاجة إلى سوق الادلة
التي تؤكد على انحياز الإدارات
الأمريكية للصهاينة وأمنهم وعدوانهم
وحروبهم ضد العرب في فلسطين ولبنان
وسورية والعراق حيث كان من أهم أسباب
حربهم ضد العراق توفير الأمن للكيان
الصهيوني مثلما هو الحال في ممارسة اشد
انواع الضغط على إيران لجعلها تتوقف عن
استكمال برنامجها النووي حتى ولو كان
للأغراض السلمية تحقيقا لأمن الكيان
الصهيوني إلى جانب امن المصالح
الأمريكية في المنطقة. واستطرادا
فإن إدارة الرئيس اوباما تحاول
الدوران حول الحديث عن "السلام"
والقيام بجولات توحي بأنها تتحرك
باتجاه هذا "السلام" سواء عبر
زيارة مبعوثها الخاص جورج ميتشيل الذي
يزور فلسطين المحتلة يوم الاثنين
الثالث عشر من هذا الشهر أو عبر
استقبالها لوفود صهيونية ومن السلطة
الفلسطينية في واشنطن. والهدف الحقيقي
من هذه التحركات هو المزيد من الضغوط
على الجانب الفلسطيني والعربي من اجل
القبول بالتفاوض مع العدو الصهيوني
بدون أية شروط بمعنى انها إنما تخدم
سياسة نتنياهو الذي يسمح له هو ان يضع
العديد من الشروط للتفاوض مع السلطة
الفلسطينية ويأتي في مقدمة شروطه ،
الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب "دولة
لليهود" مثلما يضع خطته القديمة
المتجددة للحل من وجهة نظره والمتضمنة
السيطرة على اراض في الضفة الغربية
المحاذية لخط الهدنة لعام م1949 وعلى زرع
مستعمرات استيطانية صهيونية على طول
نهر الأردن وحتى عمق (15) كم داخل اراضي
الضفة الغربية ، وتوسيع مساحة الأرض
المحتلة ومحيطها حول مدينة القدس
شمالا وجنوبا وشرقا والإبقاء على
المستعمرات الاستيطانية في محيط نابلس
وجنين والخليل. هذا
إضافة إلى استبعاده البحث في قضية
القدس باعتبارها "عاصمة الكيان
الصهيوني" وكذلك بحث قضية حق العودة
للاجئين الفلسطينيين. بالتأكيد ، إننا
نرفض ربط قضية شعبنا العربي الفلسطيني
وحقوقه بتجميد الاستيطان الصهيوني
لأشهر أو حتى لسنوات ذلك لأنها قضية
ارض وحقوق تاريخية يجب ان تعود
لأصحابها الشرعيين . كما إننا نؤكد ان
العامل الذي يجب ان يراهن عليه شعبنا
العربي الفلسطيني وامتنا العربية
يتمثل في بناء الوحدة الوطنية
الفلسطينية على أساس برنامج الصمود
والمواجهة ومقاومة الاحتلال بكل
الوسائل وعلى بناء موقف عربي موحد داعم
لهذه المقاومة والصمود وكذلك دعم
المقاومة التي تواجه العدوان الأمريكي
والصهيوني في العراق ولبنان وصمود
سورية. إننا
نؤكد قناعتنا الراسخة والثابتة بأن
الإدارة الأمريكية بدلا من الاستمرار
في إقناع حكومة نتنياهو بتجميد
الاستيطان راحت تستجيب للمطلب
الصهيوني في هذا الشأن كما إننا لا نقر
بعدم قدرة الإدارة الأمريكية على حمل
حكومة نتنياهو بتجميد الاستيطان لشهور
ثلاثة لو مارست ضغوطها من اجل ذلك. ===================== المواقف
العربية والإسلامية الموحدة تبقى
الأهم ضياء
الفاهوم الدستور 14-12-2010 ماذا
يعني تصريح المتحدث باسم الخارجية
الأميركية فيليب كراولي بأن واشنطن
ستسعى الآن إلى وسائل أخرى غير تجميد
الاستيطان من أجل استئناف المحادثات
وأنها لا تزال تأمل في أن يتوصل
الفلسطينيون والإسرائيليون إلى اتفاق
سلام بحلول آب المقبل ؟ هل
تريد الولايات المتحدة أن تقول لنا
مثلا أن لديها عصا سحرية لجعل
الإسرائيليين يجنحون إلى السلام بصدق
أم أنها ما زالت تماطل هي الأخرى في
محاولة للتغطية على مزيد من الاستيطان
في الضفة الغربية وخاصة في مدينتنا
المقدسة ؟ من
الآن وحتى شهر آب القادم يكون اليهود
قد بنوا بأموال أميركا وغيرها من الدول
الغربية ، بالإضافة إلى مليارات
الصهيونية العالمية طبعا ، مزيدا من
المستوطنات في الأراضي العربية
المحتلة وقاموا باعتداءات غاشمة فظيعة
على الأهل في قطاع غزة والضفة الغربية
وربما الجولان ولبنان إن استمرت
الأحوال على ما هي عليه الآن . وبالنسبة
لقطاع غزة فإنه يجب الانتباه إلى ما
دعا إليه رئيس الأركان الإسرائيلي
جابي أشكينازي القوات الإسرائيلية
لعمل محتمل"أوسع نطاقا"على حدود
القطاع . وقد نسبت إليه صحيفة معاريف
القول"إن الجولة التالية ستكون
كبيرة ويجب أن تنتهي بطريقة لا تترك
شكا بشأن الفائز ، نحن أقوى كثيرا من
الطرف الآخر" . وهكذا
فإنه يبدو أن الحكومة العنصرية
الفاشية الحالية تمهد لعدوان إجرامي
آخر على قطاع غزة ، وعلى الأمة العربية
الإسلامية أن تستعد لمواجهة ذلك بكل ما
أوتيت من إمكانيات بعد أن أوضحت للعالم
جنوحها للسلام العادل دونما أية
استجابة من المسؤولين الإسرائيليين .
عليها أن تثبت للعالم أنها أمة قادرة
على الذود عن أقصاها وكافة مقدساتها
وكسر الحصار اللئيم المفروض على
أبنائها في قطاع غزة وتحرير كافة
أراضيها المحتلة وإقامة الدولة
الفلسطينية على التراب الوطني
الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف
وإعادة الحقوق إلى أصحابها من سارقيها
بطغيان فاق حدود التصور . لقد
أصبح الوضع خطيرا للغاية حيث لا يستبعد
أن تقوم القوات الإسرائيلية المدججة
بكافة أنواع الأسلحة بعدوان غاشم آخر
على قطاع غزة وربما على غيره أيضا في
وقت ليس ببعيد . ولهذا فإن الحذر واجب
ولا بد من إجراء اتصالات عربية إسلامية
تنسيقية عاجلة على أعلى مستوى لمواجهة
أي غدر إسرائيلي والتوضيح للولايات
المتحدة الأميركية بأن الحكم في أية
قضية يجب أن يكون عادلا ومنصفا وإلا
فإنه يفقد القبول به كحكم . بعض
الأنظار أخذت تتجه إلى أوروبا بعد
مطالبة شخصيات أوروبية بفرض عقوبات
على إسرائيل بسبب مواقفها الرافضة
لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية . ولعل
وعسى أن يتخذ الاتحاد الأوروبي في
اجتماعه اليوم الذي سيبحث العملية
السلمية قرارا مهما بشأن وضع حد
للأطماع الصهيونية المكشوفة والغطرسة
المتحدية للأعراف والقوانين
والقرارات الدولية ذات الصلة . في كل
الظروف لم يعد أمام العرب والمسلمين
إلا أن يوحدوا كافة إجراءاتهم المقبلة
بما فيها إحالة النزاع في الشرق الأوسط
إلى الأمم المتحدة بهدف تنفيذ
القرارات الدولية ذات الصلة مع إفهام
أمريكا بأنها إذا استخدمت"الفيتو"في
مجلس الأمن الدولي ضد ما تقره أغلبية
دول العالم هذه المرة فإنها ستضع نفسها
في موقف لا تحسد عليه . وعسى
أن يكون قد تبين لكل العرب والمسلمين
الآن بعد أن جاوز الظالمون الصهاينة
ومن لف لفهم المدى أن الأهم في الوقت
الحاضر هو توحيد مواقفهم وصفوفهم
والنضال في سبيل استعادة الحقوق التي
طال اغتصابها وحماية ديار العروبة
والإسلام وكافة أهلها من الصهاينة
المعتدين الذين لا يفهمون إلا لغة
القوة ، آخذين بعين الاعتبار أن أصحاب
الحق أقوى ألف مرة من أصحاب الباطل
المجرمين المفترين على عباد الله وأن
أصحاب الحق العرب والمسلمين سوف
ينتصرون في النهاية على المجرمين
الصهاينة بإذن العلي القدير الذي قال
في كتابه العزيز" فمن أظلم ممن افترى
على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا
يفلح المجرمون" كما أن على العرب
والمسلمين أن يضعوا نصب أعينهم قوله
سبحانه وتعالى"يا أيها الذين آمنوا
إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"صدق
الله العظيم . ===================== جنوب
السودان: الباكي والمتباكي! ميشيل
كيلو 2010-12-13 القدس
العربي لا شك
اليوم في أن جنوب السودان سيعلن
انفصاله انتخابيا مطالع العام القادم،
بعد أن أعلنه عمليا وفعليا منذ سنوات،
تحت ضغط وتخطيط وموافقة وممانعة و.و .و
... الخ حكومة
الرئيس عمر البشير، الذي لم يضيع فقط
جميع الفرص التي أتيحت له وللسودان، كي
يرسي حياة شعبه على أسس من شأنها صهر
مكوناته بعضها مع بعض على أرضية تتسع
للجميع وتلبي مطالب الجميع وتحفظ
كرامة الجميع، هي أرضية المواطنة
والحريات والاحترام المتبادل والحقوق
المحترمة، لكنه بدل أن يفعل ذلك كي
يحفظ السودان موحدا متآلفا متضامنا،
فعل عكسه، واستل سيف القسر والغدر على
مواطنيه في كل كان، وأعمله فيهم قتلا
وتمزيقا وتفريقا، وحكمهم لا كمواطنين
بل كنزلاء مصحة أمراض عقلية أو مستشفى
مجانين. وها هي
تبلغ نهاياتها الحتمية، وما وحده
الاستعمار تفرقه وتمزقه 'ثورة الإنقاذ'،
وما بقي متماسكا طيلة نيف ونصف قرن
يوشك على الانهيار بإرادة أبنائه،
الذي أخذهم حكم البشير إلى حافة هاوية
ثبتهم عندها ليسهل عليه التحكم فيهم،
وإلا فمن أجل إلقائهم إلى قاعها
السحيق، ومن يدري كم ألقى منهم إلى
أغوارها، عندما حصر سياساته في القتل
والبطش والتدمير والتخريب، حتى أن شعب
السودان المشهور بدماثة الخلق وهدوء
الطبع، والذي كثيرا ما فرقته السياسة
لكنها لم تفسد أبدا الود بين أبنائه،
لم يعش يوما واحدا هادئا أو سلميا في ظل
حكم الإنقاذ، بعد أن انقلب على الرجل
الذي أوصله إلى السلطة، والحزب الذي
أمن له الجماهير اللازمة لدعم نظامه،
وانقلب أخيرا على وحدة السودان وتضامن
شعبه ووداعته، فشرع يعامله بقسوة
مفرطة تفوق تلك التي يأخذ بقية إخوته
من حكام العرب شعوبهم بواسطتها، حتى
أذاقه أشد الويل وفرقه أيدي سبأ، وها
هو الجنوب، الذي يضم بين قادته شماليين
فروا من بطش البشير ومخابراته، يحتفل
بالانفصال باعتباره تحررا من الطغيان،
رغم أن انفصاله لن يكون أمرا سهلا أو
ميسورا، ورغم ما سيسببه من مآس كثيرة،
فليس فمن السهل فصل أو انفصال شعب
تعايش أفراده بعضهم مع بعض وناضلوا في
سبيل حرية وطن اعتبروه واحدا وتصرفوا
فيه باعتباره وطنهم الذي ليس لديهم
سواه، ثم جاء من يخيرهم بين العبودية
في ظل نظامه وبين الحرية بعيدا عنه،
فاختار أبناء الجنوب الثانية، مع أنهم
لا يعرفون بعد إن كانت حرية حقيقية
بالفعل، وما إذا كان عائدها يناسب
تطلعاتهم وطموحاتهم. المهم
أنهم يريدون الخلاص، وأن طغيان البشير
نجح في دفعهم إلى التصرف تحت تأثير
اليأس من وجود حل أفضل، بل وأجبرهم على
الانفصال، لاعتقاده خطأ أنه سيتمكن من
إحكام قبضته بيسر أكبر على بقية
السودان، مع أن الأحداث اليومية تكذبه
وتلقنه الدرس تلو الآخر، وهو ما ستكون
له نتائج وخيمة على السودان كله. ولعل
إعلان أبناء دارفور عزمهم على استمرار
مقاومة نظام البشير من أرض الجنوب أن
يكون نذيرا يبين له ما يضمره المستقبل
بين جوانحه، وحجم الخطر الذي يحيق
بالسودان إن استمر نظامه على نهجه
الراهن، ويقنعه أن الجنوب لن يكون آخر
منطقة ستنفصل، بينما هروبه المحتمل
إلى الأمام، إلى الحرب، لن يكون حلا
ولن ينجح، ما دام السودان بأسره
يقاومه، وانفكاكه عن نظامه يتعمق من
يوم ليوم، لكونه زعيم مافيا وليس حاكما
شرعيا، وما يفعله ويقوله ليس غير
مسوغات لبقاء سلطة تدمر وطنها من أجل
شخص وزمرة صغيرة من أتباعه، وليس مكرسا
لحل مشكلات استشرت وتمادت في بلاد كان
يقال بحق إنها خزان طعام العرب
وأفريقيا، وها هي تعجز عن إطعام شعبها
بفضل البشير، الذي فضل تعقيد معضلات
مجتمعه ودولته بالبندقية على حلها
بالعقل، وحكم بالقوة لا التفاهم،
وبالاستئثار لا الشراكة، وبالجوع لا
الشبع، وبالاستبداد لا الديمقراطية،
حتى صار هو نفسه مطاردا من العالم
كجزار قتل ثلاثمئة ألف مواطنة ومواطن
في دارفود وحدها، وفر الجنوبيون منه
إلى السلاح أول الأمر وها هم يفرون إلى
الانفصال، بينما هو عاجز عن استخدام
القوة ضدهم، بعد أن جربها سنين طويلة
وفشل، فلم يخطر له أسلوب لمعالجة تفكك
السودان الوشيك غير تحريض العرب ضد
الجنوبيين بحجة أنهم سيقيمون علاقات
ديبلوماسية مع إسرائيل، كأن إسرائيل
ليست موجودة في السودان منذ زمن طويل،
بفضل انقساماته وتناقضاته وحروبه
الداخلية واستبداد حكامه، الذين وطدوا
هذه الانقسامات والتناقضات، ومكنوا
إسرائيل من أن تفتح الأبواب التي تريد
الدخول منها، ومن أن تتدخل ما طاب لها
التدخل، بينما العرب نائمون وغائبون
كعادتهم، فهل يستيقظون هذه المرة
لمواجهة عدوهم المزعوم، الذي يشاركهم
قسم كبير من أبنائه اللغة والدين
والحضارة والمشاعر والأفكار، أم
يبادرون إلى فتح حوار مع قادة الجنوب
يدخلهم إليه، ويوطنهم فيه، ويذكرهم
بأن انفصاله عن الطغيان لا يعني
بالضرورة أنه صار معاديا لهم، وأنه
سيبقى مفتوحا أمامهم أفرادا وجماعات
ومشاريع وتجارة وصناعة وزراعة ومصارف،
فليس عليهم غير استغلال الفرصة
لاحتضانه بعد أن خسره نظام البشير،
الذي لا يمثل العرب وليس حريصا عليهم،
ولا يجوز أن يتضامنوا معه ضد قسم كبير
من شعبه، كان إلى البارحة جزءا تكوينيا
من عالمهم، ويمكنهم كسبه دون صعوبة، إن
هم انتهجوا سياسات صحيحة حياله، هي
التي ستقطع الطريق على إسرائيل، وليس
ما يدعوهم البشير إليه من عداء تجاه
خصومه. ليس
بكاء البشير على وحدة السودان صادقا .
إنه يبكي فشله في إبقاء مكون رئيسي من
مكونات شعبه تحت حكمه، ويبكي لخوفه من
العواقب التي ستنجم عن ذلك بالنسبة
لنظامه، فهو ليس إذن بكاء الصدق بل
تباكي الكذب، ولا يصح أن يقال له في
حالة كهذه غير ما قالته أم أبي عبد لله
الصغير له وهو يغادر غرناطة باكيا، بعد
أن سلمها للفرنجة دون أن يدافع عنها: ابك
مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه
مثل الرجال وقديما
قال شاعر عربي لمناسبة كهذه: إذا
اشتبكت دموع في خدود سيظهر من بكى ممن
تباكى إن
دموع البشير لن ترد وحدة السودان، التي
يريد كل مخلص ومحب للسودان استردادها،
ولكن في ظل ظروف وشروط ديمقراطية
وإنسانية، وببعد غيابه. هل هذا احتمال
ممكن؟. أظن أنه جد ممكن، وآمل أن لا
يكون انفصال السودان نهائيا، وأن ينجح
شعبه في الحفاظ على أكبر قدر من الوحدة
بين بناته وأبنائه في الشمال والجنوب،
تمهيدا لاستعادة وضعه الطبيعي، في
نظام حريات ومساواة وعدالة، هو نظام
قادم لا محالة، في السودان كما في كل
قطر ومصر من أرض العرب!. '
كاتب وسياسي من سورية ===================== هل
حان الوقت للانسحاب من أفغانستان؟ كاندس
روندو 2010-12-13 القدس
العربي بينما
تدخل العمليات العسكرية الأمريكية في
أفغانستان عامها العاشر يبحث صناع
القرار في واشنطن عن وسيلة للخروج، ومع
أنه من المقرر إجراء مراجعة للسياسة
الأمريكية في كانون الاول/ ديسمبر إلا
ان خطوطها العريضة قد غدت واضحة. ستحاول
القوات الامريكية توجيه ضربة لطالبان
لجرها الى طاولة المفاوضات وستنقل
مسؤولية الامن إلى القوات الأفغانية
على نحو تدريجي بالإضافة إلى ضخ المزيد
من الأموال للتنمية الاقتصادية. هذا
وقد وافق شركاء قوات التحالف الدولي في
قمة لشبونة على انسحاب تدريجي للقوات
بهدف تسليم المسؤولية للقوات الأمنية
الافغانية بحلول نهاية عام 2014. أما
الهدف فهو سحب القوات بكرامة خاصة
بعدما تراجع التأييد الشعبي ولكن مع
ضمان أن لا تتحول أفغانستان إلى بؤرة
للارهاب الدولي بعد الانسحاب على أقل
تقدير. وفي
حين يقاس نجاح العمليات حاليا بعدد
المسلحين الذين قتلوا أو أسروا فليست
هناك أدلة كافية تشير إلى أن العمليات
حدت من نشاط التمرد أو زادت الاستقرار.
وبالتالي لا تتطابق الرواية الأمريكية
مع الحقائق على أرض الواقع. يروج الجيش
الامريكي بالفعل لنجاحات في محيط
منطقة قندهار حيث تركز قتال قوة
المساعدة الدولية في أفغانستان (ايساف).
وقد أنشأ الرئيس الافغاني حميد كرزاي 'مجلس
السلام الأعلى' المكلف بالتفاوض مع
المسلحين كما تُبذل المزيد من الجهود
لتدريب الجيش الافغاني والشرطة. وليس
لدى الولايات المتحدة والقوى الدولية
سوى بضعة أشهر فقط لإعلان أمان وجاهزية
عدد كبير من المناطق الاخرى للوضع
الإنتقالي. و قد بدأ بالفعل تبلور
رواية مغرية عن حملة ناجحة لمكافحة
التمرد. ولكن
كلما تفاقم العنف كلما أثبتت قوات
الأمن الأفغانية عدم قدرتها على
مجابهة طالبان. وقد تزايدت الخسائر
البشرية في صفوف قوات ايساف بالإضافة
إلى صفوف المدنيين. هذا ولا تزال
أفغانستان تفتقر إلى استراتيجية أمنية
وطنية متماسكة ولاتزال أجهزة الجيش
والشرطة الافغانية متشظية ومسيسة على
نحو كبير وخطير. من جهة أخرى وعلى الرغم
من الخسائر الفادحة في ميدان القتال
وتجد الجماعات المتمردة مجندين جددا
في المنطقة الحدودية مع باكستان،
وتستخدم المنطقة لتجميع صفوفها وإعادة
تنظيمها وتسليحها بدعم ومشاركة تنظيم
القاعدة والجماعات الجهادية
الباكستانية والجيش الباكستاني. وقد
سمح هذا الموقع الاستراتيجي للمتمردين
بالإنتشار في كل أصقاع البلاد تقريبا
وو خلافا للرواية الأمريكية لا تزال
عشرات المناطق رابضة تحت سيطرة طالبان. وبعد
مضي ما يقرب عقد من الزمن على بدء
العمليات الأمريكية لا تزال أفغانستان
تعمل وفق نظام معقد من إقطاعيات متعددة
الطبقات حيث يسيطر المتمردون على نظم
العدالة الموازية وأجهزة الأمن في
كثير من المناطق إن لم يكن معظمها، في
حين تحتكر النخبة اللصوصية في كابول
العقود الدولية في أصقاع البلاد. وقد
عزز تدفق مليارات الدولارات الروابط
بين الأعضاء الفاسدين في الحكومة
الأفغانية والقادة العسكريين
المحليين المتمردين منهم والمجرمين
على حد سواء. كما لقد تلطخ
النموالاقتصادي من جراء انفجار هذه
السوق السوداء والأمر الذي يجعل تمييز
مؤشرات النجاح والاستقرار عن بوادر
انهيار وشيك شبه مستحيل. لقد تجذرت
مشاكل إهمال الحكم ووهن النظام
القضائي وضعف سيادة القانون كما شحت
الجهود الرامية لمعالجتها. وبالتالي
فقد تمكن المسلحون والعناصر الاجرامية
داخل النخبة السياسية من ملء الفراغ
الذي خلفه ضعف الدولة الأفغانية. يقع
معظم اللوم في وضع كهذا على الادارات
الامريكية المتعاقبة. فقد كان من الصعب
منذ البداية الدفاع عن سياسة ترمي إلى
اختيار بعض من الشخصيات الأكثر عنفا
وفسادا في البلاد، واغراقهم بالمال
والوعود بتقديم المزيد ومن ثم تعينهم
كمسؤولين. فلم تكن تلك السيايسة وصفة
لإرساء الاستقرار في البلاد وناهيك عن
البناء المؤسساتي. وقد
فشلت واشنطن على نحو منهجي بوضع وتنفيذ
سياسة متماسكة حيث يبرهن تحول الموارد
والاهتمام من أفغانستان إلى العراق
على الفور تقريبا بعد طرد طالبان من
كابول على انعدام الأولوية
الاستراتيجية. فقد كان عدم وجود اتساق
في سياسات واشنطن وحلفائها في حلف شمال
الاطلسي منذ البداية نسخة عن
الانقسامات الحادة بين القادة
المدنيين والعسكريين - على النحو
المبين في الآراء المتعارضة على نحو
فاقع بين البنتاغون والسفارة
الامريكية في كابول حول السبيل الامثل
للمضي قدماً ؛ ويمثل تنحي الجنرال
ستانلي ماكريستال مؤخرا خير شاهد على
هذا الشرخ. وقد سمح الإعتماد على
المداخلات بدلا من النتائج
للبيروقراطيين بالتبجح بنجاحات وهمية.
أما عملية صنع القرار كانت عشوائية
مستندة إلى الفرضية القائلة أنه إذا تم
إحياء فكرة سيئة مرات عدة فقد تنجح في
نهاية المطاف. وطرحت خطط لإعادة إدماج
طالبان وإنشاء ميليشيات شرطة محلية
مرارا وتكرارا دون أن تترك أي نتائج
إيجابية. وعلى نحو مماثل لم تسفر مساعي
المصالحة عن أكثرمن مجرد محادثات حول
المحادثات. لقد
بدأ العمل الحقيقي لبناء نظام بناء
جهاز شرطة وجيش أَكْفاء في عام 2008. على
الرغم من التعهدات التي لا نهاية لها
لاستعادة سيادة القانون وهذا بالكاد
قد بدأ بذل الجهود لتوفير نظام عدالة
مبدئي للأفغان ولقد فشل المجتمع
الدولي مرارا وتكرارا بالإعتراف
بالعلاقة بين الاستقرار والعدالة على
الرغم من أنه قد بدا واضحاً منذ زمن
طويل أن المظالم المرتكبة من قبل
الجهات الحكومية المتوحشة تغذي حركات
التمرد. وقد
جعلت كل هذه المشاكل الكثيرين يعتقدون
أن الوقت قد حان لمغادرة القوات
الأجنبية. ولكن للأسف فإن التسرع
بالإنسحاب لن يساعد الأفغان ولن يعالج
التداعيات الأمنية الإقليمية
والعالمية التي يمثلها انهيار الدولة
الأفغانية. ومع مرور الوقت سنشهد
انهيار حكومة كرزاي من دون الدعم
الخارجي وسيطرة طالبان على أجزاء
كبيرة من البلاد وسيتفاقم الصراع
الداخلي مما سيزيد احتمالات العودة
إلى الحرب الأهلية المدمرة التي عصفت
بالبلاد في تسعينيات القرن المنصرم.
سيقدم إنتصار طالبان حتى ولو كان
جزئياً العون للجماعات الجهادية
الباكستانية ويؤمن مأوى لها. ومن شأن
هذا زيادة أعمال العنف في باكستان
وزيادة الهجمات على الهند. عندها سيقوم
جيران أفغانستان بتكثيف الدعم
لعملائهم من خلال حقن الحرب بالموارد
العسكرية والمالية. وعندها ينتشر
الصراع بالإضافة إلى مشكلة اللاجئين
والجهاديين وغيرها من المشاكل ولن يحل
المأزق بمجرد توجيه ضربات قليلة من
طائرات دون طيار. يجدر
بصناع السياسة تذكر مشاكل أفغانستان
المتأصلة. فستفشل أي خطة ما لم تعالج
العفن في كابول. فلم يعد يتمتع الرئيس
حامد كرزاي بشرعية أو شعبية وبالتالي
فقد قدرته على ابرام صفقات سياسية
متينة. وعلى الرغم من السجال الدائر
حول المصالحة وليس كرزاي في وضع يسمح
له بالعمل وحده كحارس لمصالح الدولة
الأفغانية. كما أن الفرص في نجاح
المفاوضات مع المتمردين ضئيلة في
الوضع السياسي الراهن . وكبديل لذلك
فإن المفتاح لمكافحة التمرد وتحقيق
الظروف المواتية لتحقيق تسوية سياسية
يتمثل في تحسين الحكم الآمن والعدالة
وكما برهنت تحليلاتنا السابقة وقليلة
جدا هي الحلول السريعة في مثل هذه
الأمور. '
المحللة السياسية في شؤون افغانستان
في مجموعة الازمات الدولية ===================== سوريون
في الهضبة المحتلة: لم يهزنا القانون
الإسرائيلي الجديد.. ومستوطنون يبدون
ارتياحهم هكذا
يقنعون الإسرائيليين بأن التمسك
باحتلال الجولان سنين طويلة أمر ممكن هضبة
الجولان: نظير مجلي الشرق
الاوسط 14-12-2010 على
الرغم من المحاولات الإسرائيلية
الحثيثة لإخفاء معالم الاحتلال في
البلدات العربية والمستوطنات
اليهودية في الجولان، بإبراز الحركة
السياحية النشطة (نحو مليوني سائح ممن
يصلون إسرائيل يؤخذون إلى الجولان)،
والحرص على عمليات بناء وتطوير وإقامة
نشاطات ثقافية ومناطق صناعية وحركة
تجارية وزراعية، فإن الاحتلال يبرز في
كل زاوية هنا. فالجيش الإسرائيلي يحتفظ
بما يعادل 40 في المائة من أراضي
الجولان، يسيطر عليها سيطرة تامة
ويقيم فيها استحكامات وقواعد عسكرية
ومراكز تدريب ومقرات ومرافق مختلفة.
الجيش يضع يده على كل قمة جبل. وكيفما
تدور تجد الجنود منتشرين على الطرقات
وفي الحقول بشكل بارز. والدبابات تشحن
عبر سيارات شحن، ليل نهار. والسيارات
العسكرية تتجول على طول الهضبة وعرضها.
وسيارات الشرطة العسكرية، تنصب
الكمائن لمراقبة تحركات الجنود
وتمنعهم من استقلال سيارات مدنية
حفاظا على أمنهم. من
مجموع 1800 كيلومتر مربع، تشكل المساحة
الإجمالية لهضبة الجولان، احتلت
إسرائيل 1258 كيلومترا مربعا في عام 1967،
أعادت منها 60 كيلومترا مربعا في إطار
اتفاقية فصل القوات سنة 1974. ومن مجموع
150 ألف مواطن سوري كانوا يعيشون في هذه
المنطقة، لم يبق في حينه أكثر من
ثمانية آلاف، أصبحوا اليوم 22 ألف مواطن
سوري يتمسكون بوطنهم الأم وبانتمائهم
القومي. ولما
جاءت جولتنا بعد أيام قليلة من إقرار
القانون الإسرائيلي الجديد، الذي يلزم
كل حكومة إسرائيلية تتفق مع سورية (أو
مع منظمة التحرير الفلسطينية) على
الانسحاب من الجولان (أو القدس الشرقية)
بطرح الاتفاق على الاستفتاء الشعبي
العام، فقد طرح الموضوع نفسه في
حواراتنا مع من التقيناهم من مواطنين
سوريين واقعين تحت الاحتلال أو
مستوطنين يهود يعبر وجودهم عن واقع
الاحتلال. أردنا
مقابلة مجموعة من الشباب السوريين،
فنصحتنا شابة نشيطة في العمل الوطني
بأن لا نصاب بالمفاجأة أو الصدمة إذا
قال لنا هؤلاء الشباب إنهم لم يسمعوا
بهذا القانون. والأمر نفسه حصل لنا مع
رجل الأعمال اليهودي، أفنير طالمان،
الذي يقيم مصنعا كبيرا لصناعة الصابون
من زيت الزيتون، فرد على سؤالنا بسؤال:
«هل تم سن القانون فعلا؟ ماذا تقرر
بالضبط؟». فقسم كبير من الناس هنا لا
يتابعون الشؤون السياسية. لكن القانون
يثير اهتمام السياسيين هنا من الطرفين. الوطنيون
السوريون، الذين يشكلون الغالبية
الساحقة من المواطنين السوريين هنا،
يحاولون التقليل من أهمية القانون،
علما بأنهم تبعوا خطى إقراره خطوة
بخطوة. وكما قال هائل أبو جبل، وهو سجين
أمني سابق ومن قادة النضال الوطني ضد
الاحتلال: «أنا لم يهزني هذا القرار.
أعتبره واحدا من سلسلة قرارات
احتلالية، مصيرها إلى زوال. فمستقبل
الجولان تحدده الحكومة السورية، فهي
صاحبة الجولان. وأما إسرائيل، فهي بكل
مؤسساتها لا تعنيني في شيء لأنها مجرد
احتلال آخر. ووجودها هنا شيء عابر حتى
لو طال الزمان». والمحامية
الشابة شفا أبو جبل، التي درست
المحاماة في جامعة حيفا الإسرائيلية
وتنشط في إطار موقع الجولان
الإلكتروني، تقول إن إسرائيل بهذا
القانون سدت الطريق نهائيا أمام
السلام. وهذا يثير القلق إزاء المستقبل. أحد
القادة السياسيين الوطنيين، حمود
مرعي، لم يفاجئه القانون، ويقول: «من
قتل رئيس الحكومة الإسرائيلية، إسحق
رابين، قتل عمليا فرص السلام. فمنذ ذلك
الوقت تتفنن إسرائيل في الممارسات
والمشاريع والقرارات التي تعرقل مسيرة
السلام». ويضيف: الاتجاه السائد في
إسرائيل نحو اليمين. وهناك يمين أيضا
في عالمنا العربي يرفض طريق السلام.
وكلاهما يغذي الآخر. بيد أن الشعوب
العربية تريد الوصول إلى سلام، شرط أن
يكون سلاما حقيقيا مشرفا، مبنيا على
إعادة الأرض والحقوق. منير
أبو صالح، وهو أيضا من قادة النضال
الوطني العريقين في الجولان، يقول إن
القانون هو حلقة في سلسلة تثبت أن
إسرائيل تتجه إلى اليمين المتطرف الذي
لا يؤمن بالسلام. ويؤكد أن السياسة
الإسرائيلية تدفع بالعرب إلى القناعة
بأنها لا تفهم إلا لغة القوة والمقاومة. في
المقابل، ترفض الناطقة بلسان المجلس
البلدي في مستوطنة كتسرين، فيكي
بدريان، اعتبار القانون شيئا غير عادي.
وتقول إن القانون يعزز الديمقراطية
الإسرائيلية، لأنه يعطي وزنا أكبر
للجمهور في اتخاذ قرار مصيري كهذا.
فالجولان مهمة لإسرائيل من الناحية
الاستراتيجية. ولا يجوز التعامل معها
كما تعاملوا مع قطاع غزة في حينه، (الانسحاب
من غزة تقرر في الكنيست بأكثرية عادية). يهودا
جليكمان، مستوطن في مستوطنة نوف، يقول
إن لديه شعورا عاليا من الارتياح: «الآن
أنا مطمئن، لأنهم لن يتخذوا قرارات
متسرعة حول مصيرنا مثلما حصل مع
المستوطنين في قطاع غزة، (الانسحاب
الأحادي الجانب سنة 2005). أعتقد أن
الانسحاب من الجولان لم يعد عمليا بعد
هذا القانون». وأما
إيتسيك كوهن، المستوطن في مستوطنة
نئوت جولان، الذي عرف عن القرار عندما
أبلغناه بذلك، فقال: «الآن بات واضحا
أن الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل
وأننا بتنا نشكل الحزام الأمني
لإسرائيل». وسألناه: «ألا يقلقك الواقع
بأن هذا القرار يبعد السلام مع سورية؟».
فأجاب: «لا يوجد في الطرف السوري شريك
لعملية السلام. فالقيادة السورية تقيم
تحالفا مع أعدى أعدائنا في إيران». تثبيت
الاحتلال ليس هناك شك في أن
الإسرائيليين، عندما تمكنوا من احتلال
هذه المساحة الكبيرة من الأراضي في
الجولان، قد فوجئوا. فالمعارك لم تدم
أكثر من يومين، حتى سيطروا على الهضبة
بكاملها. كانت معارك قاسية جدا، حسبما
يؤكدون. والكثير من الضباط
الإسرائيليين يذكرون حتى اليوم معركة
تل الفخار، شمال الهضبة، وكيف استبسل
الجنود السوريون في الدفاع عن
مواقعهم، حتى الموت؟ حيث ظلوا يقاومون
إلى أن «استشهد» آخر واحد منهم. وكذلك
الأمر بالنسبة لجبل الشيخ، الذي كلف
احتلاله الجيش الإسرائيلي ثمنا باهظا. ولكن
هذا المشهد البطولي، لم يكن في حينه
مميزا لجميع الجبهات. فقد تراجع الجيش
السوري إلى الوراء أمام الزحف
الإسرائيلي الجارف. وسادت بلبلة في
صفوف الكثير من الوحدات. ونشرت في
سورية نفسها أخبار عن سقوط مدينة
القنيطرة وصلت أوامر بالانسحاب منها،
قبل أن يصل إليها أي فيلق إسرائيلي. وكان
لهذه الوقائع أثر بالغ على معنويات
القادة الإسرائيليين، وأصابهم بعمى
الانتصار. وبدا أن القادة السياسيين
والعسكريين، على السواء، عاشوا سكرة
هذا الانتصار سنين كثيرة. فلم يأخذوا
في حسابهم أبدا أن الجولان ستعود إلى
أصحابها. وبدأوا سلسلة مشاريع لتثبيت
احتلالهم، ليس من الناحية العسكرية
وحسب، بل أيضا على الصعيد السياسي
والميداني. فرفضوا أي مفاوضات سلام مع
سورية (وكذلك مع مصر). وراحوا يبنون
المستوطنات والمرافق الصناعية
والسياحية ويسيطرون على مصادر المياه. ولكن
سورية أيقظتهم قليلا، عندما شنت الحرب
سنة 1973 (حرب أكتوبر)، بالتنسيق مع مصر.
وتمكن الجيش السوري من تحرير غالبية
أراضي الجولان من الاحتلال الإسرائيلي.
بيد أن إسرائيل عادت واحتلتها من جديد
مع استمرار المعارك. وتم وقف النار بين
الطرفين، بتدخل أميركي ودولي. وعقدت
اتفاقية لوقف إطلاق النار وفصل القوات
(سنة 1974)، أسفرت عن استعادة سورية قسما
من أراضي الجولان، أبرزها مدينة
القنيطرة المدمرة. فبقي في أيدي
إسرائيل ما يعادل 1200 كيلومتر مربع من
أراضي الجولان، حتى اليوم. ومع أن
هذه الحرب هزت كيان إسرائيل،
فاعتبروها زلزالا، وكانت سببا أساسيا
في التجاوب الإسرائيلي مع رغبة السلام
المصرية (زيارة السادات إلى إسرائيل
سنة 1977) والانسحاب الكامل من سيناء،
فإن القادة الإسرائيليين لم يسارعوا
إلى التخلي عن الجولان. وظلوا يراهنون
على إمكانية الاحتفاظ به. وفشلت كل
المفاوضات، وهي كثيرة، بين الدولتين
في التوصل إلى سلام ثابت. وفي الوقت
نفسه، استغلت إسرائيل كل لحظة لتثبيت
هذا الاحتلال. وقوى اليمين الإسرائيلي
مقتنعة بأن في مقدورها تكريس هذا
الاحتلال إلى الأبد، ولذلك بادرت
حكومة مناحم بيغن إلى سن قانون في سنة
1981 لضم الجولان إلى تخوم إسرائيل وجعل
سكانه العرب السوريين مواطنين
إسرائيليين يحملون الجنسية
الإسرائيلية. وأطلقت مشاريع الاستيطان
التهويدي. وفي
حينه،.برر بيغن إصدار قانون الضم بقوله:
«إن سورية لا تقبل الاعتراف بإسرائيل
أو التفاوض معها». واستشهد يومها
بتصريح الرئيس حافظ الأسد لصحيفة «الرأي
العام» الكويتية في 13/12/1981، الذي قال
فيه إن سورية لن تعترف بإسرائيل حتى لو
اعترف بها الفلسطينيون. وأضاف بيغن:
لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات من جانب
واحد، مدعيا أن الجولان كانت في الماضي
جزءا من منطقة «أرض إسرائيل التي أقدمت
بريطانيا على تأجيرها إلى فرنسا
وأعطيت اعتباطيا لسورية». وفي الجلسة
نفسها رد أرييل شارون، وزير الدفاع
آنذاك، على من حذروا من حرب سورية على
إسرائيل فقال إن: «إسرائيل مستعدة لأي
احتمال عسكري على الجبهة السورية،
وأنها لن تتراجع عن قرار الضم الذي
أصدرته». ثم تبين فيما بعد أن شارون
يستعد لشن الحرب، فاحتل لبنان في السنة
التالية (1982) بهدف استفزاز سورية. وعلى
الرغم من مرور نحو ثلاثين سنة على ذلك
التصريح، أسمعت خلالها سورية ورئيسها،
تصريحات واضحة لا لبس فيها سعيا للسلام
مع إسرائيل مقابل الانسحاب من الجولان
بالاتفاق، وتوجت بمبادرة السلام
العربية التي تنص على إقامة سلام شامل
لجميع الدول العربية مع إسرائيل،
مقابل الانسحاب من الأراضي التي احتلت
عام 1967، وتسوية قضية اللاجئين، فإن
السياسة الإسرائيلية لم تتغير بشكل
جوهري. وما
القانون الجديد الذي تم إقراره الشهر
الماضي في الكنيست للاستفتاء سوى خطوة
أخرى لعرقلة مفاوضات السلام الممكنة،
وربما لمواصلة طريق الحرب، أو على
الأقل إضافة صعوبة جديدة على إعادة
الجولان لأصحابها. ولكن،
ما الذي يجري على الأرض؟ وهل يمكن فعلا
الإبقاء على الاحتلال هنا؟ يعرفون
ثمن السلام ليسوا قلائل هم الذين
يعتقدون في إسرائيل أنه بالإمكان
تخليد الاحتلال في الجولان. ففي
استطلاعات الرأي التي تجرى بمعدل مرة
كل ثلاثة أشهر، يدلي الجمهور
الإسرائيلي بآراء متطرفة ضد الانسحاب
من الجولان بشكل منهجي، يزيد من سنة
إلى أخرى. وفي سنة 2008، حينما بدأت
مفاوضات إسرائيلية - سورية غير مباشرة
بوساطة الحكومة التركية، أجرى معهد
أبحاث تابع لجامعة تل أبيب، استطلاع
رأي دلت نتائجه على أن نسبة
الإسرائيليين الرافضين للانسحاب من
الجولان بلغت (69 في المائة)، وهي أكثر
حتى من نسبة الإسرائيليين الرافضين
للانسحاب من القدس الشرقية (65 في
المائة). والاستطلاعات
التي سبقت وأعقبت هذا الاستطلاع تشير
إلى نتائج مشابهة. ففي استطلاع جامعة
تل أبيب جاء أن 80 في المائة من
الإسرائيليين لا يصدقون أن سورية
مستعدة لسلام حقيقي مع إسرائيل، حتى لو
أعيدت لها أراضي الجولان بالكامل، «لأن
سورية لن توفر لإسرائيل شروطها لهذا
السلام بنبذ الإرهاب والتخلي عن حلفها
مع إيران ودعمها لحزب الله اللبناني
وحماس الفلسطينية». وفي
استطلاع رأي أجراه معهد مناحم بيغن
للأبحاث في تل أبيب، جاء أن 35 في المائة
من الشباب قالوا إنهم مستعدون لمقاومة
الانسحاب من الجولان جسديا والتمرد
على أوامر الجيش، إذا احتوت على أمر
بالانسحاب من الجولان. وفي الاستطلاع
نفسه، قال 18 في المائة فقط من هؤلاء
الشباب إنهم مستعدون لتمرد شبيه في
حالة تلقي أوامر بالانسحاب من مستوطنة
أرييل (المدينة الاستيطانية القائمة
في قلب الضفة الغربية). ويقول
د.دوف أنشلوفيتش، وهو باحث يميني ينتمي
إلى رافضي الانسحاب، إن تمسك
الإسرائيليين بالجولان ورفضهم
الانسحاب الكامل مقابل السلام الكامل،
يعود إلى القناعة بأن سورية ليست معنية
بالسلام. ويضيف أن هناك عداء مستحكما
لسورية في إسرائيل، أكثر من أي طرف
عربي آخر، بسبب تاريخ الحروب الشرسة
معها. فهي التي استضعفت إسرائيل واحتلت
أراضي كانت بحوزتها في عام 1948 (منطقة
الحمة ومناطق أخرى على الحدود)، وهي
التي مارست تعذيبا شديدا للأسرى
الإسرائيليين الذين وقعوا بين أيديها.
وهي التي تقيم تحالفا مع إيران وحزب
الله وتنظيمات «الإرهاب» الفلسطينية،
الذين يعتبرون ألد أعداء إسرائيل. ويقول
د. دانئيل رام، إن الإسرائيليين
مقتنعون بأن السلام مع سورية غير مضمون.
وأن الانسحاب من الجولان سيكون بمثابة
تفريط في منطقة استراتيجية من الناحية
الأمنية العسكرية ومن الناحية
الاقتصادية المعيشية (الماء). وإلى
جانب هذه المواقف، توجد تعبئة سياسية
مكثفة للجمهور الإسرائيلي ضد فكرة
الانسحاب من جهة وضد سورية من جهة أخرى.
فالحكومات الإسرائيلية ودوائرها تحرص
عبر عشرات السنين، على جعل الجولان
منطقة رفاه واستجمام للإسرائيليين.
فمنذ عام 1981، عندما سن قانون في
الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بضم
الجولان إلى إسرائيل، ترصد مئات
ملايين الدولارات لمشاريع التطوير
والبناء. في البداية قرروا تطوير
الاستيطان اليهودي في المنطقة،
وتحدثوا عن مشروع لزيادة عدد
المستوطنين كي يصل إلى 100 ألف مستوطن.
ولكن هذا المشروع فشل. ولم يزد عددهم
على 20 ألفا، خلال 43 عاما. فراحوا
يستثمرون الأموال في التنزه
والاستجمام. ولكنه
ليس الاستجمام العادي، الذي يبادر
إليه المواطنون العاديون أو تنظمه
شركات السياحة وحسب، بل توجد عشرات
المشاريع والبرامج الموجهة من مختلف
المؤسسات والدوائر. فبالتعاون مع
وزارة المعارف (التعليم)، تنظم رحلات
لتلاميذ المدارس الثانوية يتم خلالها
تعريفهم على الجولان ومرافقه السياحية
ويتحدثون خلالها عن تاريخه القديم،
حيث يبرزون الوجود اليهودي فيه، وعن
الأهمية الاستراتيجية، فيتحدثون
للطلاب عن «الاعتداءات الدامية
للسوريين على بلدات الشمال في إسرائيل»،
وعن أن «الجندي السوري فوق الهضبة كان
قبل عام 1967 يتفرج على المرأة اليهودية
في تلك البلدات الحدودية وهي تطبخ في
المطبخ»، وعن أن «اليهودي لم يكن آمنا
للحظة في مخدعه». ثم يتحدثون عن قصص
الانتصار الإسرائيلي المبهر على سورية
في عامي 1967 و1973. وقد
وجدنا أن الجنرال أفيغدور كهلاني،
الذي قاد عمليات الحرب سنة 1967 شمال
هضبة الجولان وأصيب بجراح بالغة وتحول
إلى أحد «أبطال» تلك الحرب، وبفضل دوره
فيها أصبح عضو كنيست، ثم وزيرا، أصبح
مرشدا أساسيا لهؤلاء الطلاب في
الجولان. فيستقبلهم في ميدان المعارك
المذكورة، حيث يقام نصب تذكاري ويشرح
لهم بإسهاب عن تلك المعارك. وقد شارك في
هذه الرحلات فقط في السنة الماضية نحو
35 ألف تلميذ. وتنظم
رحلات شبيهة لكل الشبان والصبايا
الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، في
المراحل الأولى من تجندهم إلى الخدمة
الإجبارية. وفي
الشهر الماضي، نظمت رحلة كهذه لنحو 250
رجل دين يهودي، بينهم 45 حاخاما كبيرا
مثل الحاخام الرئيس دان تسيجر، ورئيس
الحاخامات الشرقيين شلومو عمار، ورئيس
حاخامات تل أبيب يسرائيل لاو وغيرهم. وفي
الجولان توجد مرافق سياحية كثيرة
تستقطب مليوني سائح أجنبي كل سنة،
ومعهم لا يقل عن نصف المليون إسرائيلي،
يمضون فيها عدة أيام. بينهم نقابات
منظمة، لموظفي البنوك والشركات ولعمال
المصانع ولمعلمي المدارس وغيرهم.
عمليا، يمر من هذه المنطقة غالبية
الشعب في إسرائيل. وهنا في الجولان
يستجمون ويتمتعون بالمناظر الطبيعية
الخلابة وشلالات المياه الفريدة
ويشترون منتجات التفاح والكرز وهي «على
أمها» (على الشجر) ويتزلجون على الثلوج
في قمم جبل الشيخ.. وفوق ذلك يتلقون
عمليات غسيل دماغ بروح ما يبثه
المستوطنون أو المسؤولون الحكوميون
والعسكريون. وقد
شاركنا في إحدى الجولات المنظمة
لمجموعة من المواطنين الإسرائيليين في
بلدة كتسرين، التي تعتبر عاصمة
الاستيطان اليهودي في الجولان، وزرنا
متحفا ومصانع وبيوتا ومقرات بلدية،
وحضرنا فيلمين دعائيين عن هذه المنطقة
وتاريخها منذ مئات ملايين السنين وحتى
اليوم. فأدركنا كيف تتم عملية التعبئة
التي تربط الناس هنا مع الجولان، ومع
كنوزه الطبيعية ومرافقه الجديدة.
وتقنعهم بأن بالإمكان الإبقاء على
الاحتلال الإسرائيلي للجولان سنين
طويلة. وتجعلهم بالتالي رافضين
للانسحاب منه، حتى لو كان ذلك مقابل
السلام. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |