ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 19/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

تركيا وإسرائيل نحو «صفر مشاكل»

زين الشامي

الرأي العام

18-12-2010

شهد ملف العلاقات التركية - الإسرائيلية تطوراً لافتاً في الأسابيع القليلة المنصرمة وذلك بعد نحو أكثر من عامين على التوتر إثر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وتوقف المفاوضات السورية - الإسرائيلية التي كانت ترعاها أنقرة.

أولى إشارات التحسن تمثلت في تضامن أنقرة مع إسرائيل و قيامها بإرسال طائرات مختصة وفريق إطفاء للمشاركة في إطفاء الحريق الذي اندلع في الكرمل، وقد حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصياً على استقبال الفريق التركي وتوجيه الشكر له للجهود التي بذلت بمساعدة جهود دولية أخرى في اخماد الحريق.

بالإضافة إلى هذه الاشارات الإيجابية لا بد من التذكير ان العاصمة السويسرية جنيف، وبالتزامن مع الجهود التي كان يبذلها فريق الإطفاء التركي في الكرمل، شهدت اجتماعاً ديبلوماسياً بين مسؤولين أتراك وإسرائيليين وذلك في محاولة لإيجاد حل للأزمة في العلاقات بين البلدين. وقد مثل تركيا فريدون سينيرلي أوغلو نائب وزير الخارجية، في حين مثل اسرائيل يوسيف تشيخا نوفرر عضو لجنة التحقق الأممية في قضية قافلة السفن. وتم ذلك الاجتماع بعدما اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنظيره التركي رجب طيب أردوغان ليشكره على المساعدات التي قدمتها تركيا في إخماد حريق الكرمل. الصحافة الإسرائيلية قالت إن لقاء جنيف التركي - الإسرائيلي بحث في آليات وصيغ حل الخلافات الجارية بين البلدين بعد حادثة الهجوم الاسرائيلي على قافلة الحرية في مايو الماضي والذي تسبب في مقتل عدد من الناشطين الأتراك، ومن ثم الاتفاق على صيغة مقبولة بين الطرفين لجهة قيام تل أبيب بدفع التعويضات المطلوبة جراء الخسائر الناتجة عن الهجوم.

وأيضاً بحث الترتيبات الديبلوماسية المشتركة التي تساعد بإعادة السفير التركي إلى تل أبيب، وفي الوقت نفسه قيام أنقره باعتماد أوراق سفير إسرائيلي جديد.

الموقف التركي يبدو بعد هذه التطورات أكثر استعداداً للذهاب قدماً في تحسين وترميم الشرخ الذي أصاب علاقة البلدين، لكن ما الخلفيات والدوافع التركية وراء ذلك؟

ثمة تحليلات تحدثت عن دخول أطراف أوروبية والولايات المتحدة على خط الأزمة المستفحلة بين أنقرة وتل أبيب، لا بل ان الولايات المتحدة خلال لقاءات الديبلوماسيين الأميركيين مع نظرائهم الأتراك، غالباً ما صارت تربط ملف المحادثات الثنائية التركية - الأميركية بملف العلاقات الإسرائيلية - التركية باعتبار أن إسرائيل وتركيا هما حليفان أساسيان لواشنطن في المنطقة، وأن استفحال الخلافات بينهما ينعكس سلباً على المصالح الأميركية وقوة وفاعلية الدور الأميركي في المنطقة.

كذلك كان للتأثير والضغوط غير المعلنة التي مارستها المؤسسة العسكرية التركية على حكومة اردوغان دور في تغير الموقف من اسرائيل والمرونة المستجدة ازاءها، وقد انطلقت المؤسسة العسكرية في موقفها من حاجة الجيش لتنفيذ صفقة الطائرات الإسرائيلية من دون طيار التي يحتاجها في إطار حربه على المتمردين الأكراد في جنوب شرق تركيا وشمال العراق احيانا.

أيضاً لاحظ قادة الجيش التركي ان احتمال نجاح تل أبيب في الاقتراب من اليونان وبناء تحالف معها لا بد ان ينعكس سلباً على المصالح التركية في البحر المتوسط وأكثر تحديداً على الملف القبرصي والنزاع التاريخي بين أنقرة واثينا حول هذه القضية. المؤسسة العسكرية التركية أيضاً تنظر بحذر، في حال استمرار التصعيد مع إسرائيل، إلى احتمال ان تذهب تل أبيب شرقاً وشمالاً في اتجاه أرمينيا التي تملك مع تركيا الكثير من الملفات الخلافية مما ينعكس سلباً على موقف تركيا على الساحة الدولية. في عموم الأحوال، وحتى لو افترضنا ان العلاقات التركية - الإسرائيلية عادت لسابق عهدها من ناحية التعاون والتنسيق في مختلف الميادين، فإن ذلك ليس بمستغرب طالما أن الديبلوماسية التركية الحالية كما حددها وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو تقوم على مبدأ «صفر مشاكل» مع دول الجوار.

فمع حكومة أردوغان، ورغم خلفيتها الإسلامية المحافظة والتقدم الذي تحقق في علاقاتها مع معظم الدول العربية، فهي رغم ذلك لم تقتصر على الدول العربية، فقد شهدت تحسنا مع دول أخرى مثل أرمينيا وإيران وغيرها، وهذا يعني أنها سياسة متعددة الأبعاد لم تقتصر على تحقيق هذا التقدم مع العرب وحدهم رغم التوتر مع إسرائيل، لأن تركيا بحكم انتماءاتها الجغرافية المتعددة لا يمكنها اتباع سياسة ذات بعد واحد، كما ان هدف تركيا الذي هو الوصول بمشاكلها مع دول الجوار إلى نقطة الصفر لا يعني عدم وجود خلافات بين دول الجوار وإنما تعني وضع الحلول وإنهاء الأزمات على المدى القصير والمتوسط. في هذا الإطار يمكن فهم سعي أنقرة لحل خلافاتها مع إسرائيل.

====================

الوضع الجديد لمنطقة البلقان

آخر تحديث:السبت ,18/12/2010

إيفان كراستف

الخليج

إن منطقة البلقان تشكل قصة نجاح غير مروية من قصص نجاح الاتحاد الأوروبي . والواقع أن التزام الاتحاد الأوروبي بإدخال هذه المنطقة ضمن حدوده يظل راسخا . ففي شهر سبتمبر/أيلول من هذا العام، نجحت كاثرين أشتون، الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في كسر جمود العلاقات بين صربيا وكوسوفو من خلال حمل الجانبين على العودة إلى طاولة المفاوضات . الأمر الذي يؤكد أن قوة الاتحاد الأوروبي الناعمة لا تزال مرئية كحالها في أي وقت مضى .

 

وفي شهرنا هذا سقط أخيراً وإلى الأبد جدار التأشيرة الذي كان محيطاً بالمنطقة طيلة العقدين الماضيين (مع استثناء ألبان كوسوفو) . وكأن الأزمة في مركز الاتحاد الأوروبي لم تصل إلى محيطه البلقاني . وهذه على الأقل الكيفية التي تريد المفوضية الأوروبية أن تنظر بها إلى البلقان، والكيفية التي تريد المنطقة أن تقدم بها نفسها .

 

ولكن الواقع أقل بثاً للطمأنينة . فبإمعان النظر سوف يتبين لنا أن منطقة البلقان تشكل في الوقت الحالي خليطاً من المشكلات الاقتصادية على غرار المشكلة اليونانية، والمشكلات الاقتصادية على غرار مشكلة بيلاروسيا، والحماس على الطريقة التركية حين يتصل الأمر بإرادة الاتحاد الأوروبي في دمج بلدان المنطقة .

 

ولفهم هذا الخليط فما علينا إلا أن نتصور يوماً انتخابياً ممطراً في دولة ما، وأن ثلاثة أرباع صناديق الاقتراع كانت فارغة . إن هذا من شأنه أن يحمل الحكومة على المطالبة بإعادة الانتخابات بعد أن تشرق الشمس . والنتيجة مروعة: حيث تتزايد الاحتجاجات مع إحجام 83% من الناخبين عن اختيار مرشح .

 

وهذه هي حبكة رواية خوسيه ساراماجو في رواية “الإبصار” وهي عبارة عن رؤية معاكسة لليوتوبيا للأنظمة الديمقراطية في مرحلة ما بعد السياسة، حيث الناس غاضبون، وحيث يستسلم أهل النخبة لعقلية المؤامرة ويشعرون بانعدام الأمان، وحيث تصاب الحياة الاجتماعية بالشلل . وتُعَد هذه الرواية أيضاً تصويراً عادلاً لمشاعر مواطني منطقة البلقان إزاء الأنظمة السياسية الجديدة في بلدانهم .

 

والمكان الذي أبقاه ساراماجو بلا اسم هو كل مكان في البلقان . فحين سُئِلوا في إطار أحدث استطلاع أجرته مؤسسة جالوب لمراقبة البلقان عن أكثر الجهات جدارة بثقتهم، أعرب أغلب المستجيبين للاستطلاع عن إيمانهم بالكنيسة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، ولكنهم أظهروا قدراً عميقاً من التشكك في المؤسسات الوطنية، بما في ذلك المؤسسات المنتخبة .

 

بعد انقضاء عشرة أعوام على آخر حرب تشهدها منطقة البلقان، فإنها لا تزال تشتمل على مجموعة من المحميات المحبطة والدول الضعيفة . فالبوسنة وكوسوفو سجينتان في متاهة من سياسات شبه الاستقلال، وألبانيا والجبل الأسود ومقدونيا جمهوريات صغيرة بلا سواحل بحرية، وخاضعة لحكومات شعوبية ومنقسمة، قوى معارضة محبَطة ومثبطة للهمم في آن .

 

لقد فقدت صربيا كوسوفو، ولكنها لم تجد نفسها حتى الآن، في حين ينقسم الكروات في ما يتصل بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يخطط أغلبهم للتصويت ضد الانضمام . ولا يزال الصرب والكروات مختلفين بشأن التاريخ، ولكن العديد منهم متفقون على أن دفع الضرائب يشكل إهداراً للمال، ويتفق أغلبهم على عدم وجود أي حزب أو سياسي يعبر عن وجهات نظرهم .

 

لقد فقد الاتحاد الأوروبي سحره، ولكنه لم يخسر بعد أهميته . إذ يصر أهل مقدونيا، في مواجهة خيار الاحتفاظ باسم بلدهم الدستوري أو التسوية مع اليونان من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على التشبث ببنادقهم . ويقول الصرب أيضاً إن التظاهر بأن كوسوفو تشكل جزءاً من صربيا أكثر أهمية من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي .

 

ولكن التصريحات شيء والواقع شيء آخر . فمن الواضح أن أي أمل واقعي لمواطني المنطقة في الحياة الأفضل والاستقرار السياسي سوف يكون مرتبطاً باحتمالات التحاق بلدانهم بعضوية الاتحاد الأوروبي . وهذا ما يجعل من منطقة البلقان عاملاً بالغ الأهمية لفهم الظروف الجديدة في أوروبا . فما تزال شعوب المنطقة تؤمن بالاتحاد الأوروبي، ولكنها ليست على يقين من إيمان الاتحاد الأوروبي بها .

 

فضلاً عن ذلك فإن هذه الشعوب لم تعد تعرف كيف قد يتمكن اقتصاد بلدانهم من النمو في أوروبا ما بعد الأزمة . ففي وقت سابق كان هناك نموذجان صالحان لأي اقتصاد صغير يسعى إلى دمج نفسه في الاتحاد الأوروبي: النموذج الإيرلندي المتمثل في إصلاحات السوق الجذرية، والنموذج اليوناني المتمثل في الحسابات المالية الخلاقة واستيعاب الأموال الأوروبية . والآن انحرف كل من النموذجين عن مساره .

 

إن أفضل وسيلة لفهم التأثير المترتب في الأزمة الحالية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي على منطقة البلقان يتلخص في اعتبارها أزمة في الخيال السياسي . فقبل عامين أو ثلاثة أعوام فقط، كانت شعوب المنطقة تخشى أن تضطر للحياة على المحيط الخارجي لأوروبا؛ والآن تشعر هذه الشعوب بالخشية من أوروبا ذاتها . فذات يوم كان من الشائع أن نخبر أهل مقدونيا بأن بلدهم من الممكن أن يتحول إلى بلجيكا أخرى . والآن يتعين على المرء أن يسأل نفسه ما إذا كان أهل مقدونيا راغبين في الوصول إلى مثل هذه النتيجة، وذلك نظراً للطريقة المسرفة والمعقدة التي تعمل بها بلجيكا اليوم . والواقع أن أحداً لا يستطيع أن يعد بأن بلجيكا لن تنهار في غضون السنوات العشر أو العشرين المقبلة .

 

فكيف يصبح من الممكن دعم استمرار مؤسسات البلقان، التي بنيت بعد عقد كامل من الحرب والنعرات القومية، في وقت حيث نستمع إلى العديد من الساسة الأوروبيين البارزين وهم يقولون إن التعددية الثقافية قد توفيت؟ وكيف يصبح من الممكن تحويل الترتيبات المؤسسية التي أنشئت لوقف الحرب إلى ضمانة فعّالة لمستقبل مشترك يتضمن عضوية الاتحاد الأوروبي؟

 

إن الأوروبيين الذين يركزون على مشكلاتهم الخاصة لا يجدون الوقت الكافي للتفكير بشأن الكيفية التي قد تؤثر بها الأزمة في الاتحاد الأوروبي في البلدان الواقعة على المحيط الخارجي لأوروبا . وينبغي لهذا أن يتغير . ذلك أن حال البلقان الجديدة تشكل إلى حد كبير انعكاساً لحال أوروبا الجديدة .

====================

تركيا وحق تقرير المصير لأكراد العراق

آخر تحديث:السبت ,18/12/2010

محمد نور الدين

الخليج

فاجأت دعوة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني إلى إعطاء الأكراد حق تقرير المصير على اعتبار أنها تنسجم مع المرحلة المقبلة جميع المراقبين بمن فيهم زعماء العراق أجمعين .

 

لكنها مفاجأة حيث يجب ألا تكون مفاجأة إلا لقصيري النظر في السياسة والتحولات في الخريطة العربية والاسلامية .

 

فالأكراد كانوا من قبل وفي عهد صدام حسين قد نالوا في العام 1970 حكماً ذاتياً هو الأول والأوسع في بلد عربي، خصوصاً أنه يعتنق فلسفة البعث في الوحدة والعروبة .وكان صدام في ذلك سابقاً على عصره في الاعتراف بالحكم الذاتي لأقلية إثنية في أي بلد عربي .

 

ومهما كانت ملاحظات الأكراد على تطبيق الحكم الذاتي ووصفه بالكرتوني،وهذا قد يكون صحيحاً على الصعيد السياسي، فإنه كان خطوة مهمة لتجسيد الهوية الثقافية للشعب الكردي هناك، حيث كانت لهم مدارسهم وجامعاتهم ومطبوعاتهم وإذاعاتهم وباللغة الأم وما إلى ذلك .

 

وعشية الاحتلال الأمريكي للعراق اتفق كل القادة العراقيين في المعارضة، وجميعهم كانوا في مؤتمر الحزب الديموقراطي الكردستاني السبت الماضي عندما أطلق البرزاني دعوته “المفاجئة”، اتفقوا على منح شمال العراق الكردي صيغة “الفيدرالية” .وبعد الاحتلال ادرج ذلك في الدستور المؤقت ومن بعدها في الدستور الدائم . وخطوة الفيدرالية هي تطور بديهي للحكم الذاتي . ووفقاً لهذه الصيغة وفي غياب سلطة مركزية قوية مارس الأكراد فيدراليتهم برحابة وتوسع لامست حدود الدولة المستقلة ولا سيما لجهة الاكتفاء بقوات البشمركة على أراضيهم وفي الاتفاقيات الدولية ومنها للتنقيب عن النفط .

 

اليوم عندما يطالب البرزاني بحق تقرير المصير للأكراد فلا يضيف عملياً أي جديد على الواقع القائم . فعندما وافق العراقيون على الصيغة الفدرالية إنما كانوا يمارسون حق تقرير المصير عملياً الذي قضى بوجود فدرالية كردية أقرب لدولة مستقلة منها إلى أي شيء آخر . ربما يكون أكراد العراق يطرحون هذا المطلب لمزيد من المكاسب على صعيد المشاركة في الحكم في بغداد .لكن النظر إلى الدعوة من هذه الزاوية لا يحجب أبداً أن هناك مسيرة ومساراً كرديين في العراق يتجه، مع كل مرحلة، إلى الاستقلال الكامل . والكردي العراقي، مهما كانت تعبيراته المؤقتة أو المرغم عليها، فإنه لن يستبدل شيئاً بالاستقلال إذا سنحت له الفرصة، ولن تعني له المشاركة في حكم بغداد شيئاً أمام أن يرى نفسه حراً في دولة مستقلة تطلع اليها منذ عهود طويلة بل منذ العهد العثماني في أيام السلطان سليم الأول في مطلع القرن السادس عشر الذي كان أول من اعترف ب”استقلال ذاتي تام” لمنطقة كردستان .

 

بمقارنة مع جنوب السودان فإن هذا الأخير حرق كل المراحل ويمضي ليعلن استقلاله الكامل عن السودان وليسجل، لجهة السرعة في تحقيق الهدف، هدفاً في مرمى أكراد العراق ولا سيما أن جنوب السودان ليس منسجماً في داخله من حيث تعدد الإثنيات والأديان والمذاهب بالقدر الذي هو عليه، أيضاً نسبياً، شمال العراق .

 

كل الذين حضروا مؤتمر الحزب الذي يرأسه مسعود البرزاني كانوا موافقين على صيغة الفيدرالية فلماذا يعارضون حق تقرير المصير الذين يعرفون جيداً أنه سيأتي يوماً ما؟ .

 

نعم لقد وضع مسعود البرزاني الإصبع على الجرح: دول (إن صحّت التسمية) عربية متناحرة مثل أمراء الطوائف في الأندلس . قسم منها رهائن سياسية وعسكرية واقتصادية للدول الاستعمارية وآخرون ينحصر اهتمامهم بكيفية ضمان استمرار الشخص ونسله حاكماً إلى الأبد .

 

أما كيف نبني دولة حديثة يتساوى فيها المواطنون بمعزل عن عرقهم ودينهم ومذهبهم؟ أما كيف نبني دولة يحترم الواحد فيها الآخر وتحترم كل فئة الأخرى بهويتها وإيمانها؟ أما كيف نبني دولة تسود فيها الحريات والديموقراطية؟ فهذا أمر ينتمي إلى عالم الغيب أو تحضير الأرواح، حتى إذا وقعت الواقعة نرانا نفاجأ ونصاب بالذهول وتفغر أفواهنا كالأرانب .

 

أما إذا كان من بلد آخر معني جداً بتصريحات مسعود البرزاني فهو تركيا التي تبدو البلد الأكثر تأثراً بسعي أكراد العراق إلى حق تقرير المصير .

 

ذلك بأن أنقرة بحكوماتها العلمانية أو الإسلامية السابقة (نجم الدين أربكان) أو الإسلامية الحالية التي يمثلها حزب العدالة والتنمية لم تتقدم إلى الأمام أية خطوة عملية لنزع فتيل المشكلة الكردية حيث لا اعتراف بهويتهم ولا بحقوقهم الثقافية والتعلم باللغة الأم ولا أي شيء صغير قد تحقق . والأمر نفسه ينسحب على الهويات المذهبية الأخرى .

 

وإذا كانت تركيا تريد تفادي الوصول إلى مرحلة حق أكرادها في تقرير المصير،على غرار أكراد العراق، وإذا كانت حكومات حزب العدالة والتنمية تريد الحفاظ على وحدة الأراضي التركية فما عليها إلا الاعتبار من الدرس العراقي وعدم المماطلة والمكابرة والسعي الجدي لإقامة دولة حديثة تعترف لجميع الأقليات العرقية والمذهبية بأن لها حقوقاً طبيعية وليس منّة من أحد . أما خلاف ذلك فلا يمكن أن يفسر إلا أنه طغيان لنزعات عرقية عنصرية مختبئة خلف قناعات تارة علمانية وتارة إسلامية وكلها مكشوفة في هذا العالم العربي والإسلامي البائس .

====================

المصالحة بين فتح وحماس

بقلم :حسين العودات

البيان

18-12-2010

لا شك أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، فقد أثرت على تاريخهم المعاصر كله منذ ستين عاماً، وسببت أو كانت مبرراً لانقلابات عسكرية وتغيير أنظمة سياسية، وحروب مدمرة بين الدول العربية وإسرائيل، وعاملاً هاماً في تأخير خطط التنمية وربما إفشالها في معظم البلدان العربية، وقد قفز تحت شعارها إلى السلطة حكام مستبدون ودكتاتوريون أو شموليون، وفشلت عملية بناء الدولة الحديثة في معظم البلدان العربية، فتحت شعار أولوية التحرير، استبعد بعض الأنظمة العربية؛ الحرية والديمقراطية والمساواة وتداول السلطة وفصل السلطات، وتم الاستخفاف بمرجعية المواطنة..

 

وقد دفع العرب كما الفلسطينيون، ثمناً غالياً بسبب صراعهم مع الحركة الصهيونية ومع إسرائيل. لهذا كله من حق المراقبين والمحللين السياسيين والناشطين والمناضلين العرب، أن يتحدثوا في شؤون القضية الفلسطينية، ويدخلوا في عمقها، ويتناولوا بالحوار جوانبها المختلفة، لأنها قضيتهم كما هي قضية الفلسطينيين، ولهم أن يناقشوا مستقبل هذه القضية، وقرارات القيادات الفلسطينية (مع احترامنا للقرار الوطني الفلسطيني المستقل). واستطراداً، فمن حق العرب أن يطلعوا على أسباب صراع حركتي حماس وفتح وأهداف هذا الصراع ومنعكساته، ومحاولات المصالحة بينهما، باعتبار أن هذا الأمر لا يخص الشعب الفلسطيني وحده، بل يخص الأمة العربية كلها شعوباً وأنظمة سياسية.

 

حاول كل من الطرفين، فتح وحماس، التأكيد على أن خلافاتهما تدور حول القضية السياسية، والحل المقبل وشروطه، ومواصفات الدولة الفلسطينية المنشودة، ومكوناتها وماهيتها ونظامها السياسي، فضلاً عن حدودها وحق العودة واستعادة القدس. وما زالت الحركتان تصرحان بذلك بعد كل اجتماع، وتصدران بيانات غامضة حول خلافاتهما، ولا تبوحان بحقيقة هذه الخلافات وتفصيلاتها، مما يوحي بأن المصالحة قريبة بين الطرفين، بينما الواقع، كما أعتقد، هو غير ذلك تماماً، فالمصالحة بين الطرفين تكاد تكون متعذرة في ضوء الظروف القائمة، ما دام الشرط الموضوعي لهذه المصالحة غير متوفر، لا لدى فتح ولا لدى حماس، والأسباب الحقيقية للخلاف هي غير ذلك.

 

لا يختلف الطرفان في الواقع، وفي نهاية المطاف، على شروط التسوية أو على شكل الدولة، لأن قول حركة حماس بضرورة تبني أسلوب المقاومة من جهة، وبالمطالبة بفلسطين من البحر إلى النهر من جهة أخرى، هو قول يعبر عن أمنية وليس عن حقيقة سياسة حماس، التي ترددت تجاه أسلوب المقاومة منذ سنتين وحتى الآن، وأخذت تمنع إطلاق أية قنبلة أو رصاصة في اتجاه الأرض المحتلة (وقد أصدرت حركة الجهاد أكثر من بيان استنكر هذا الموقف وشكا من أن حماس تمنعها من الجهاد). أما إقامة الدولة من النهر إلى البحر الذي طرحته حماس في برنامجها، فقد استبدلته فعلياً وقبلت بحدود (1967)، على أن تكون حدود هدنة لمدة خمسة عشر عاماً أو يزيد. وفي الحقيقة فإن برنامجها لم يعد يختلف عن برنامج فتح تجاه مشروع الحل، إلا في بعض القضايا الثانوية، وبعض الإجراءات والسبل الموصلة إليه. ولذلك لم تأخذ المحادثات بين الطرفين المتعلقة بالحل وبرامج التسوية وشروطها، أكثر من اجتماع واحد، ثم بدأ الخلاف الجدي بينهما عندما بدأ نقاش مشكلة الأمن، أي حدود سلطة كل منهما على الداخل (الحكومة وأجهزة الأمن وطرق الانتخاب ومدى الهيمنة على المجتمع)، فضلاً عن الدخل المالي الذي سيجنيه كل طرف من وراء مشاركته في هذه السلطة. إذن، هو خلاف على السلطة والمال، وليس على شؤون القضية الفلسطينية.

 

نحن نعلم أن حركة فتح فتحت لكوادرها وقيادييها الذين هم قياديو السلطة الوطنية، باب الغنى والإثراء، وتوزعوا الشركات والاستثمارات ومصادر الدخل وتكسبوا منها، في الوقت الذي تسيطر فيه الحركة على مؤسسات السلطة وأجهزة أمنها، وتحكم الناس حكماً مباشراً، نادراً ما يسترشد بالقانون. كما نعلم في الوقت نفسه أن حركة حماس فتحت لنفسها ولكوادرها وناشطيها سبل الغنى، فسيطرت على الرسوم والجمارك والجبايات والجعالات وبدل فتح الأنفاق، فضلاً عن أتاوات ورسوم على إنشاء المؤسسسات الخدمية والتجارية والصناعية، والمؤسسات الاقتصادية والاستثمارية بشكل عام، فأصبحت هي وأعضاؤها مكتفين مالياً، بل أكثر من الكفاية لأنهم صاروا أثرياء، في الوقت الذي يحكمون الناس دون أخذ معطيات القانون بعين الاعتبار، ويتمسكون بمظاهر يحاولون من ورائها القول إنهم يؤسسون إمارة إسلامية، كمنع السفور أو تحريم سباحة النساء أو ارتياد المقاهي من قبلهن، أو منع بيع الخمور وغير ذلك، ويعتبرون أنهم بهذا إنما يضعون أساسات هذه الإمارة.

 

في ضوء ذلك، يمكن فهم تعقيدات المصالحة بين الطرفين وتعذر تحقيقها، رغم كل التدخلات العربية والوساطات والضغوط الداخلية والخارجية، ويبدو أن هذه المصالحة ما زالت متعذرة، لأن هدف كل من الطرفين هو المحافظة على ما بين يديه من سلطة ومال، والعمل للاستحواذ على حصة الآخر. وما القول بأن المصالحة سارت خطوة أو خطوات إلى الأمام، إلا ذر للرماد في العيون، ومحاولة لإقناع الشعب الفلسطيني والعربي وبعض الأنظمة السياسية، بأن الطرفين يشعران بملء المسؤولية ويعملان للمصالحة.. والأمر في الواقع ليس كذلك، ولا يمكن أن يكون كذلك ما دامت هذه الرغبات والأهواء قائمة.

 

إن الخلل الاستراتيجي شديد الوضوح بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، بل بين إسرائيل ومجمل الأنظمة العربية، ولذلك تزداد مطالب الحكومة الإسرائيلية تطرفاً وعنتاً، ولا شك أن المصالحة بين فتح وحماس ستكون عاملاً مؤثراً في تغييره إيجابياً.. فهل يفعل الفصيلان الفلسطينيان ما يجب أن يفعلاه؟ وهل يعودان للثورة بدلاً من التشبث بالدولة، خاصة إذا كانت دولة متصورة وليست حقيقية؟

لعل اجتماعهما بعد أيام في دمشق، يضعهما في الطريق الصحيح..

====================

مرحلة جديدة في مفاوضات السلام

بقلم :صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية

البيان

18-12-2010

فشلت المحادثات المباشرة بشأن المستوطنات، والآن تجري المحادثات غير المباشرة حول القضايا الأساسية. ولكن إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يستطيع الوصول إلى شيء إيجابي بشأن المستوطنات، التي وصفها بأنها «قضية هامشية»، فكيف يمكن أن يصل إلى اتفاق بشأن مشكلات أكثر اتساماً بالطابع الجوهري؟ عاد جورج ميتشل، المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، إلى المنطقة أخيراً، بعد أيام فقط من اضطرار الولايات المتحدة إلى التخلي عن محاولتها في إطار المحادثات المباشرة بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين. وإذا لم يكن هناك وصف آخر للأمر، فإن الولايات المتحدة تعاني في سعيها للسلام.

 

رحلة ميتشل في أعقاب هذا الفشل، تعيد إلى الأذهان تعليقاته في أغسطس الماضي، عندما أعلن إطلاق المفاوضات المباشرة بين نتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ورداً على الصحافيين المشككين، استحضر «ميتشل» الطريق الطويل إلى السلام في ايرلندا الشمالية وجنوب إفريقيا والبوسنة، وقال «الأمر يتطلب الصبر والمثابرة، والاستعداد للعودة مراراً وتكراراً، وعدم أخذ الرفض الأول كرد نهائي، أو الرفض ال50 كرفض نهائي أو الرفض ال100».

 

لقد تجاوز العالم حساب عدد المرات التي حاولت فيها الولايات المتحدة تسهيل إقامة دولة فلسطينية مسالمة، منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، عندما استولت إسرائيل على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

 

هذه المرة الأخيرة انتهت بالفشل المحرج، حيث عجزت الولايات المتحدة عن حمل إسرائيل على تجميد بناء المستوطنات لمدة ثلاثة أشهر، وهو شرط فلسطيني لإجراء محادثات مباشرة، رغم حزمة مساعدات أمنية ووعود دبلوماسية أكثر من سخية لإسرائيل. يتمثل قدر كبير من التعليق، في أن الفشل جعل الرئيس أوباما يبدو ضعيفاً. في الواقع، فإنه يظهر نتانياهو باعتباره ضعيفاً سياسياً، وغير قادر على تحريك الائتلاف الذي يقوده، وغير مستعد للمخاطرة بحكومته من أجل ما يبدو في مصلحة إسرائيل على المدى الطويل. الآن، تعود الولايات المتحدة إلى دبلوماسية مكوكية في المحادثات غير المباشرة، رغم أنها أكثر قوة على ما يبدو. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في خطابها أخيراً «إننا سوف ندفع الطرفين للتعامل مع القضايا الجوهرية». وتأتي ضمن قائمة كلينتون مسائل تتعلق بالحدود والترتيبات الأمنية، المستوطنات، والمياه، واللاجئين، والقضية الأشد صعوبة وهي وضع القدس، التي يزعم كل جانب أنها عاصمة له. سوف يكون هذا المسار بمثابة اختبار لالتزام نتانياهو المعلن بشأن التوصل إلى حل الدولتين. فإذا لم يستطع الموافقة على مشكلة «هامشية»، فكيف له أن يحمل حكومته على تقديم تنازلات حول القضايا الجوهرية؟ من الواضح أن إدارة أوباما في مرحلة جديدة من عملية صنع السلام في الشرق الأوسط، يمكن أن يتم تقديم مساعدة لأوباما في الضغط على إسرائيل إذا قام المزيد من الدول، إلى جانب البرازيل والأرجنتين، بالاعتراف بدولة فلسطين، وإذا تحركت أوروبا لفرض عقوبات محددة على إسرائيل بسبب استمرارها في بناء المستوطنات، حسبما اقترح 26 مسؤولاً أوروبياً سابقاً.

 

وتفسير هذا، على أية حال، هو أن الأطراف لا يمكنها صنع السلام بمفردها، إنما هي تحتاج إلى عامل لتيسير التخفي وراءه وممارسة الدفع. ونظراً للضرر الذي وقع على الولايات المتحدة على يد الإرهابيين الذين يستغلون محنة الفلسطينيين كذريعة، فإن واشنطن لديها حافز للتدخل حتى لو كانت الأطراف أقل حماسا بشأن التوصل إلى اتفاق سلام. لقد علم فريق أوباما لتوه أنه لا يمكن الفوز بصفقة بشأن المستوطنات، وسوف يرى ما إذا كان يمكن إحراز تقدم من خلال مواصلة المرحلة النهائية حول القضايا الجوهرية. يمكن للعالم أن يشعر بالامتنان لأن هذا الفريق ليس على استعداد لأخذ كلمة «لا» كرد، وأنه لا يزال يحاول.

====================

حياد الدولة ؟

علي حماده

النهار

18-12-2010

بدا الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطبتيه الاخيرتين وكأنه ادرك ان التأثير على صدور القرار الاتهامي لن يجدي نفعا، لا لبنانيا ولا عربيا ولا دوليا. وبدا وكأنه المرحلة الثانية من حملته على المحكمة الدولية على قاعدة ان القرار صدر وما من شيء سوف يمنع صدوره، وخصوصا انه يتوقع ان يتضمن اتهامات لعدد من مسؤولي الحزب . ولذلك فهو يعرف ان افاق ملف ما يسمى "شهود الزور" مسدودة ان في مجلس الوزراء، او في القضاء اللبناني نظرا الى كون الملف وهميا، وقد استهلك تماما، وما عاد وسيلة ناجعة لعرقلة صدور القرار الاتهامي، ولا حتى لمنع انطلاق اعمال المحكمة الدولية .

وبالانتقال الى الفكرة الاهم التي صدرت عن السيد حسن نصرالله والتي يطالب فيها الدولة بالوقوف على الحياد وترك "حزب الله" يواجه المحكمة، يمكن القول انها فكرة غريبة نوعا ما وهي حمالة اوجه . فهل قصد نصرالله بالحياد ان تتنصل الدولة من المحكمة بدءا برفض القرار الاتهامي؟ ام انه قصد حيادا آخر؟

هذه اسئلة مهمة للغاية . فإذا كان القصد ان تقف الدولة على الحياد بمعنى ان يبقى كل شيء على ما هو عليه الان. فإن الفكرة معقولة . اما التحييد بمعنى ان تخرج الدولة اللبنانية من المحكمة، اي ان تقطع كل علاقة بها، بدءا برفض القرار الاتهامي، ووقف التمويل، وسحب القضاة، وفسخ الاتفاق مع الامم المتحدة فأمر آخر. فمطالبة "حزب الله" غالبية اللبنانيين بالوقوف على الحياد في قضايا اغتيال سياسية كبرى غير ممكن وخصوصا انهم معنيون بها . فلماذا لا يحيد الحزب نفسه عن الاشخاص الذين يمكن ان يطالهم اتهام في القرار المنتظر؟

ان الفكرة تحتاج الى توضيحات من الامين العام ل"حزب الله". اي ان يوضح للبنانيين ماذا يقصد بالتحييد ؟ لكي يكون اللبنانيون الذين يختلفون مع الحزب في الرأي على بينة من موقفه، ويكون لهم موقف مما اقترحه.

ان مطالبة الاستقلاليين بإنكار العدالة الدولية امر محال . ومهما صار لن ينتزع "حزب الله" منهم موقفا يشرع خروجه على الحقيقة والقانون والعدالة. من هذا المنطلق يجب اطلاق دورة حوار بين الحزب والاستقلاليين حول المرحلة المقبلة في ضوء صدور القرار الاتهامي وبدء المحاكمات من اجل البحث في افضل الصيغ التي تحفظ العدالة واللبنانيين وتدفع عن الحزب اي اذى محتمل في حال طالته اتهامات ظالمة قائمة على اسس غير صلبة. ففي النهاية يبقى اللبنانيون محكومين بالعيش معا، تحت سماء واحدة ، ومصيرهم واحد.

ان التعامل بين اللبنانيين على قاعدة موازين القوة لن يؤدي الى سوى نحر البلاد. فالموازين تتغير بإستمرار، و"حزب الله" رغم كل ما جمعه من قوة ورصيد ليس استثناء تاريخيا في بلد بردت فيه رؤوس الجميع على حد سواء. ففي لبنان دارت الدائرة على كبريات الطوائف التي فقدت بوصلتها المحلية، وفي لبنان دارات الدائرة على دول الجوار من اسرائيل، الى سوريا، وحتى اميركا وفرنسا في مرحلة ما . وغدا لن يكون مصير "حزب الله" وايران في لبنان مغايرا لمن سبقهما . فليعد الجميع الى احضان الفكرة اللبنانية بعيدا عن الاحلام الكبرى التي كسرت دعائم وطننا منذ نصف قرن .

====================

«حزب المحكمة»

نصري الصايغ

السفير

18-12-2010

يطلب السيد حسن نصر الله، من فريق المحكمة اللبناني، أن يقف على الحياد. فالمقاومة، قادرة وحدها، على هزيمة المحكمة، وإبطال مفعول القرار الاتهامي، وإعادة المسألة إلى أصلها: المواجهة بين سلاح المقاومة، وبين اسرائيل ومن معها، هناك وهنالك و... هنا طبعاً.

لدى فريق المقاومة يقين، بأن المعركة ستسفر عن سقوط المحكمة بالضربة القاضية، بعدما ثبت، لهذا الفريق على الأقل، على أن المحكمة مطعون في دستوريتها وشرعيتها، ومطعون في آلياتها ومهنيتها، ومطعون بنزاهتها وتجردها، ومطعون بحيادها وموضوعيتها، ومطعون بأخلاقها وسلوكها... ومطعون مسبقاً بقرارها الاتهامي، و«بالحقيقة» الزائفة التي ستصنعها، من خلال شهود زور مفترضين، وشهود اتصالات مخترقين.

لدى فريق المقاومة، يقين واطمئنان، أن نصف المعركة قد نجح، وأن النصف الآخر، سيكلل بالفوز... إنما...

إنما المشكلة، ليست مع المحكمة الخاصة بلبنان، وحدها. المشكلة، كل المشكلة، مع «حزب المحكمة» في لبنان، وهو حزب منتشر في الطائفة السنية، وفي بعض المسيحيين، وبعض من لا مطرح له. فهؤلاء، يصرون على أن المحكمة، متمكنة من شرعيتها الدولية، ولا قوة فوق قوتها، ولا أحد يستطيع أن يزحزحها، وليس بمقدور قوة محلية أو اقليمية ان تغير في حضورها وعملها وسطوتها، وأنها ممتعةّ بالحصانة المهنية والأخلاقية و... ضاربة الصفح عن أخطاء كارثية، ارتكبها ديتليف ميلس ومعاونه، وضاربة عرض الحائط بفضيحة شهود الزور، وضاربة عرض الحائط باتهام دمشق السالف، وضاربة عرض الشارع، بما يتسرب من إخبارات المحكمة، واتهام التسريب لعناصر وازنة في المقاومة.

المشكلة مع «حزب المحكمة» في لبنان، تماماً، كما كانت قبل السابع من أيار عام 2008. يومها، لم تكن مع اسرائيل، التي دمرت ودمرت ودمرت وخرجت خائبة في آب 2006. ويومها، لم يحاسب حزب الله، الذين قبلوا كوندوليسا رايس، ولا الذين استضافهم جيفري فيلتمان في السفارة الأميركية، ولا الذين طوبوا دايفيد وولش، مرشداً أميركياً لثورة الأرز، ولا حاسب وتابع حفلة الشاي في ثكنة مرجعيون...

كان حزب الله قادراً على هضم هذه الخروقات، لأن مواجهتها، تنكأ الجراح المذهبية المزمنة، وتعطي اسرائيل، فرصة التفرج على ما أنتجته حربها على اللبنانيين، لتكبيد المقاومة خسائر داخلية، باهظة الكلفة.

حيّد «حزب الله» نفسه عن كل هذه الأمور. كان يشبه آلة تسجيل، من دون أن يكشف سجلاته. هو يقول، إنه أغنى من موقع ويكيليكس، في ما خص مواقف «حزب المحكمة» وأسرارها. غير أن أسانج تفوق على الحزب، في كونه أفصح عما عنده، فكشف لنا ما دار بين وزير دفاع لبنان، وبين السفيرة الأميركية، فظهر وكأننا في وطن، جيشه على الحياد، في معركته الكبرى. وأن الجيش طبقات طائفية، منها الممتاز ومنها الرث ومنها الغث. كما كشف لنا، ما دار بين طرف عربي داعم لحزب المحكمة وبين السنيورة، لتأليف «فيلق» عربي يتصدى لحزب الله وينزع سلاحه، إضافة إلى ما ارتكبه وليد جنبلاط (الحليف المتنقل من إلى ثم من إلى وهكذا دواليك، مطمئنا إلى العفو الذي يكتسبه بعد كل احتفال جنوني) ومن معه من قيادات آذارية، على اتصال بوزارة الاتصالات، التي أشعلت نيران السابع من أيار.

يخبئ حزب الله ما لديه. لا يكشف عن شيء لاعتبارات داخلية. «ويكيليكس» اللبناني غير موجود. لم يمر من عندنا بعد. علماً، لو أن حزب الله، يكشف عما لديه  إذا كان لديه ما لديه  فإن النفق المتبقي من المعركة يكون قد أنجز... لأن معركة إسقاط المحكمة، لا تصل إلى خواتيمها، إلا بإسقاط «حزب المحكمة» بالبرهان قبل إلزامه بالتخلي عنها، «بالومى» أو «بالإشارة» أو «بالتهديد المبطن».

ثبت أن «حزب المحكمة» حصين، لأنه محصّن بفائض الضعف العسكري، فقوة فائض الضعف، تكاد توازي «فائض القوة» لدى حزب الله. فهو، في تحصنه «بقناعاته» و«خياراته» و«محكمته»، رمى بثقله كاملاً، عندما أعلن انسحابه من امتحان القوة... فكل قوة المقاومة، لم تعد مجدية، إزاء من قرر عدم المواجهة، واعتماد اللجوء إلى «قوة 14 آذار في ضعفها»، فلا تطلبوا منها أكثر من ضعفها. ضعفها منعتها. ضعفها هو غاندي لبناني هجين ولكنه ذو فعالية.

وحدها الوثائق، قادرة على طي صفحة المحكمة. لقد أسقطت المحكمة، لدى فريق لا يحتاج إلى براهين دامغة على انحيازها وعلى سوء أدائها. أسقطت محكمة بلمار، بالتدريج. أما حزب المحكمة، فلا يزال حياً يرزق، وينشط برغم السين سين، وينتظر القرار الظني، ليصير منصة إضافية له. (وكل كلام آخر طوباوي ومنافق). وحدها الوثائق، التي تكشف رواية حرب تموز، وروايات التعاون، وروايات تلفيق شهود الزور، تلعب الدور الحاسم، في الزام «حزب المحكمة» على التخلي عن عقيدة «الحقيقة الاتهامية لسوريا ثم لحزب الله».

فهل يأتي زمن ويكيليكس اللبناني أم ننتظر فصلاً جديداً من المواجهة في المؤسسات الرسمية ثم في الشارع ثم... الله أعلم.

====================

تكييف الحلم الإمبراطوري

المستقبل - السبت 18 كانون الأول 2010

العدد 3860 - رأي و فكر - صفحة 19

غازي دحمان

يتصور خبراء السياسة في الإدارة الأميركية، أن صنع السلام في الشرق الأوسط، أمر يمكن إحرازه، بل يتطلب حصوله، وذلك ضمن عملية أوسع تشمل إعادة ترتيب العالم وفق نسق يؤدي إلى إعادة تفعيل الدور العالمي لأميركا، بطريقة فعالة ومجدية.

وبالطبع، وفق هذه الرؤية، ليس مهما حصول السلام الآن، إذ يدرك المنخرطون في العملية، وهم في جلهم خبراء، التعقيدات الكبيرة التي تكتنف القضية، ولكن الملح والضروري هو إعادة المنطقة إلى منطق التفاوض والمساومات، والوصول الى مرحلة الضبط الكامل لتفاعلات المنطقة وحراكاتها، وهو وضع يناسب الولايات المتحدة، أقله في المرحلة الحالية، كما تكون أكلافه أقل على ترتيباتها.

ولعل هذا التكتيك نابع من إعادة الولايات المتحدة لحساباتها بخصوص أوضاعها المستقبلية، والتي تقوم على إعتبار أنها باقية كقوة عظمى ولكنها ليست الوحيدة، وانطلاقا من ذلك ترغب في أن تقيم ترتيباتها لهذا الاحتمال (الخيار).

وثمة في الواقع الاميركي معطيات عدة تشير إلى هذه الحقيقة بشكل ساطع، ولعل اعتراف الرئيس بارك اوباما يبدو اوضحها، حين أكد أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة وحدها على حل أزمات العالم، وفي هذا إعلان صريح بأن واشنطن لم يعد لديها القدرة على تحمل أكلاف قيادة العالم وإدارة شؤونه بشكل منفرد،وهو الأمر الذي أكدته وثيقة (إستراتيجية الاستخبارات القومية الأميركية) NIS. ولوحظ تكرار كلمة (شراكة) و(شريك) في تقرير(المراجعة الدفاعية الأميركية) نحو 80 مرة، فضلا عن كلمة تحالف وحلفاء.

ويرى خبراء السياسة الأميركية أن هذه الإجراءات التي تقوم بها إدارة الرئيس اوباما تمثل عودة الى رؤية الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، والتي كان قد اعلنها في خطابه الذي وجهه إلى الأمة في 15 يوليو / تموز 1979، وذلك في ظل الأزمة الإقتصادية التي كانت تمر بها بلاده، حيث ذكر بأن الأمة الأميركية انحرفت عن الطريق القويم (حيث عديدون منا يميلون الآن إلى تقديس الاستهلاك والإشباع الذاتي وحيث تقع الفكرة الخاطئة عن الحرية: حق جلب بعض المزايا لأنفسنا على حساب الاخرين)، وطلب كارتر من الأمة الشروع في مسار (الهدف المشترك لاستعادة القيم الأميركية)، حيث الفكرة الصحيحة للحرية هي : (الحياة وفقا لقيم دائمة وتوطيد العزم في العيش على المتاح من الموارد).

غير ان الرئيس رونالد ريغان، الذي وصل للسلطة بانتصار مدو في انتخابات 1980، قام بتوظيف القوة الأميركية لإجبار باقي العالم على التكيف مع نمط الحياة الأميركية بتعويض النقص القائم في موارده، وذلك إدراكا من ريغان لمفتاح الشخصية الأميركية المغرمة بالإمتاع الذاتي وليس الحرمان الذاتي، وقد أسس ريغان، بحسب (اندرو باسيفتش) صاحب كتاب (حدود القوة نهاية الاستثنائية الأميركية)، إلى ثلاثة أعمدة ترتكز عليها السياسة الخارجية الأميركية في الزمن القادم:

أولها أن بقدرة الأمة إستنادا إلى التقنيات الحديثة تحقيق مناعة عسكرية وهيمنة كونية طالما سعت إليه.

ثانيهما أن هذه القوة التي أطلق ريغان العنان لاستثمارات تحديثها، تضمن تطويع العالم بغرض إدامة تدفق الموارد المادية المطلوبة لنمط الحياة الإستهلاكية للشعب الأميركي دون أدنى تنازل.

ثالث هذه الأعمدة انها مهدت لتلك الحروب الكونية ضد الإرهاب التي سيطلق عنانها بوش الإبن بعد عقدين قادمين.

وانطلاقا من هذه العقيدة، مارست الولايات المتحدة، وبوصفها القوة العظمى الوحيدة، تمرينات عدة، حول الوضع الأفضل الذي يؤهلها لاستدامة سيطرتها على العالم، بعد ان ترسخ في يقين نخبها أنها انجزت سيطرتها النهائية، وإنها امتلكت ترف الوقت الزائد الذي يمنحها هندسة تمرينات تختار، في نهايتها، الأسلوب الأفضل. وفي ذلك الوقت، كانت روسيا قد انتهت الى شبه دولة تتلاعب بها الأقدار، وسينتهي المطاف بها الى استدعاء اميركا لتسليمها مخزونها النووي، أما أوروبا (القديمة) حسب تعبير وزير الدفاع الأميركي في ذلك الوقت، دونالد رامسفيلد، فأصبحت لا حول لها ولا قوة.

بالطبع لم تلحظ الولايات المتحدة ذلك التغير النسبي الذي بدأت تشهده البيئة الدولية، أو أنها اعتبرته هامشا من التغيير مسموح به لن يؤدي الى الإخلال بتوازن القوى، لكن المفاجأة لم تكن بصعود بعض القوى الدولية، بقدر ما تمثلت في هبوط أميركا نفسها إلى مستوى يهدد مع الزمن بالتراجع الى تخوم دولة عظمى ثانية أو ثالثة، بدليل بدء واشنطن، وبسبب من ضعف الإمكانيات المادية، التخلي عن الكثير من البرامج العسكرية، التي كانت ستحولها إلى قوة فريدة تسبق القوى الأخرى بمسافات كبيرة، لو قيد لتلك المشاريع النجاح، مثل مشروع (الضربة الكونية) الذي يضمن تنفيذ هجوم كاسح على أي مكان في العالم خلال دقائق ضد أي دولة تشكل تهديدا لأميركا، كذلك مشروع العودة إلى القمر بحلول 2020 والذي تم التخلي عنه لإرتفاع تكلفته البالغة 97 مليار دولار.

أي انعكاس لهذه المتغيرات على الحالة الشرق أوسطية، من الواضح أن إدارة الرئيس اوباما تدرك أن الشرق الأوسط يشكل الخاصرة الرخوة في إستراتيجيتها القومية، بدليل أنها المنطقة الوحيدة التي تتورط فيها واشنطن بحربين، كما أدركت مؤخرا أن ثمة ترابطا مذهلا بين أحداث المنطقة والأزمات العديدة (العسكرية والمالية) التي باتت تهدد مكانتها كقوى عظمى، وأن البيئة الدولية لم تعد عاملا مساعدا، وإن أمنت هدوءا نسبيا ظاهريا، أو لم تقم الدول الفاعلة بالاعتراض على السياسات الأميركية، وفوق هذا وذاك، أدركت الإدارة الأميركية أن ثمة نمطا من التعامل مع القضايا الدولية (القوة الناعمة)، يمكن ان تكون أكثر فعالية وأقل أكلافا، مما هو متبع حاليا.

لذا ليس من المستغرب ملاحظة الزخم الدبلوماسي الأميركي تجاه المنطقة، فهو بالتأكيد، ليس ناجما عن عطالة دبلوماسية اميركية تسعى إلى تصريفها في الشرق الأوسط، بل يمكن اعتباره نوعا من الاستثمار في القوة الناعمة التي تركز عليها إدارة اوباما الذي يوصل في نهاية المطاف إلى أكل العنب.

====================

أوباما.. وورقة الثنائية الحزبية

بول ويست (كاتب ومحلل سياسي أميركي)

«إم. سي. تي. إنترناشيونال»

الرأي الاردنية

18-12-2010

منذ انتخابات الكونجرس النصفية التي جرت في شهر نوفمبر المنصرم، اتبع أوباما طريقاً متذبذباً يمضي فيه خطوة نحو اليمين وأخرى نحو اليسار.

وقد ازداد هذا التأرجح عقب الصفقة الضريبية التي أبرمها مؤخراً مع خصومه «الجمهوريين»، فأسعدت الحزب «الجمهوري» والمحافظين بقدر ما أثارت غضب اليساريين في المعسكر السياسي للرئيس.

غير أن هذه الاستراتيجية التي تبناها البيت الأبيض للتو، تبدو واضحة ومفهومة جداً إذا ما نظرنا إليها من منظور السياسات الانتخابية. والمقصود بذلك أن الاستراتيجية الأخيرة التي تبنتها إدارته تهدف في الأساس إلى استعادة تأييد الناخبين المستقلين للرئيس، مع العلم أن هذه الفئة من الناخبين تسببت في أسوأ الانتكاسات الانتخابية لأوباما وحزبه في الانتخابات النصفية التي عقدت في شهر نوفمبر المنصرم.

وكانت إحدى الشكاوى الرئيسية التي أثارها الناخبون المستقلون الشعور بعجز واشنطن عن إدارة الشؤون العامة على أساس ثنائي حزبي. وحين يحاول أوباما إثبات قدرته على العمل مع خصومه السياسيين، فإنه يرسي بذلك أهم أركان استراتيجيته الانتخابية الرئاسية لعام 2012، وهو العام الذي تنتهي فيه فترة سريان الصفقة الضريبية التي توصل إليها للتو مع خصومه «الجمهوريين».

 هذا ما أكده أحد كبار مستشاري البيت الأبيض -بشرط عدم ذكر اسمه- أثناء مناقشته للقضايا ذات الصلة بالاستراتيجية الداخلية، حيث قال: «إن علينا استعادة الناخبين المستقلين الذين خسرناهم في الانتخابات النصفية».

وفي داخل البيت الأبيض، ينشغل «بيتر روز» -كبير موظفي المكتب الرئاسي- بوضع اللمسات الأخيرة على استعراض للوضع الداخلي، بهدف تهيئة الرئيس ومستشاريه للمناخ السياسي الجديد.

 ويتوقع لهذا الاستعراض أن يشمل إطلاق مبادرات جديدة قصد منها التصدي لأحد أهم جوانب ضعف الأداء الرئاسي خلال العامين الماضيين من ولاية أوباما الحالية: عجز الرئيس عن التواصل اليومي مع عامة الأميركيين.

 فحسب رأي الناخبة المستقلة «ميلاني أوربن» البالغة من العمر 38 عاماً، فقد توقف أوباما عن محاولة التواصل مع عامة الجمهور الأميركي فيما يبدو منذ انتهاء حملة سباقه الرئاسي في نوفمبر من عام 2008.

وقد ورد هذا الحديث للناخبة المذكورة من إحدى ضواحي فلادلفيا أثناء حلقة نقاش نظمت برعاية مركز «أننبرج» للسياسات العامة بولاية بنسلفانيا.

ولكن فيما لو كانت صفقة الضرائب التي أبرمها أوباما مؤخراً مع «الجمهوريين» ستؤدي إلى خلق مناخ سياسي جديد في واشنطن، أم ستكون مجرد استجابة واحدة من جانب الحزبين لمعضلة استثنائية، فهذا ما تتعين مراقبته عن كثب خلال الشهور القليلة المقبلة. يذكر أن أوباما وصف هذه الصفقة بأنها «حدث فريد بحق».

وفي الوقت نفسه حذر أحد مستشاريه من أي تكهنات ببزوغ فجر سياسي جديد في واشنطن عقب التوقيع على الصفقة الضريبية.

وكما هو معلوم، فقد شملت الصفقة المبرمة تنازلات من إدارة أوباما ل»الجمهوريين» والمحافظين، بما فيها التراجع عن ضريبة الورثة واستمرار سريان الخفض الضريبي للأثرياء، إضافة إلى توفير حوافز إضافية للاستثمار.

غير أن الصفقة شملت من التنازلات من جانب «الجمهوريين» ما يسعد اليسار الليبرالي: تمديد فترة فوائد البطالة، وتوسيع الائتمانات الضريبية الخاصة بأطفال الفقراء، فضلاً عن توسيع الائتمانات الدراسية للطلاب.

كما اتجهت الإدارة أيضاً من اليمين إلى اليسار في عدة قضايا أخرى بغية تبني استراتيجية جديدة للثنائية الحزبية.

 فقد تراجعت مؤخراً فيما يتعلق بالحفر النفطي البحري، بفرضها حظراً على التنقيب النفطي في الساحل الأطلسي، وفي الجزء الشرقي من سواحل خليج المكسيك.

 وواضح أن هذا الحظر قد استهدف كسب أصوات ناخبي ولايتي فلوريدا وفرجينيا لما لهما من أهمية كبيرة في ترجيح فوز أحد الحزبين بالانتخابات.

 واتبعت الإدارة تلك الخطوات بخطوات أخرى أسعدت الخصوم «الجمهوريين»، ومنها على سبيل المثال: تجميد الدفعيات المقدمة للعمال الفيدراليين، وإبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع كوريا الجنوبية.

وشملت رحلات أوباما الداخلية فيما بعد الانتخابات النصفية، زيارته لولايتين تمكن من تحويلهما أثناء حملته الرئاسية من خانة الولايات الجمهورية الحمراء، إلى الولايات الديمقراطية الزرقاء في انتخابات عام 2008 وهما: إنديانا وكارولينا الشمالية.

 ومن بين أهم القضايا التي ركز عليها أوباما خلال رحلاته الداخلية هذه: التعليم وإحياء صناعة السيارات بدعم مالي حكومي.

 وفي الوقت نفسه تعهد بجعل الوظائف والأداء الاقتصادي للبلاد القضيتين المحوريتين الوحيدتين لعمله الرئاسي خلال العام المقبل.

وبدافع الغضب من التنازلات التي قدمها أوباما عبر الصفقة الضريبية هذه لصالح «الجمهوريين» -لاسيما موافقته على استمرار خفض الضرائب المفروضة على أثرى أثرياء أميركا- فقد ظن بعض اليساريين أن أوباما لم يعد ذلك القائد الليبرالي الذي افترضوه وصوتوا له في عام 2008.

 أما في الجانب العسكري، فليس متوقعاً لاستعراض الاستراتيجية الحربية في أفغانستان أن يساعد كثيراً على التخفيف من مخاوف كثيرين في الحزب «الديمقراطي» من أن يستمر بقاء الجنود الأميركيين هناك حتى عام 2014، على رغم استراتيجية زيادة عدد القوات التي تبناها أوباما هناك.

غير أن مستشاري أوباما السياسيين أعربوا عن ثقتهم في عودة الليبراليين المتشككين إلى مواقع تأييدهم للحزب والإدارة في نهاية المطاف. ويرى هؤلاء المستشارون أن نسبة التأييد الشعبي العالية التي لا يزال يتمتع بها أوباما في أوساط «الديمقراطيين»، تتيح له فرصاً جيدة للمناورة في انتخابات عام 2012.

====================

فرصة لأتباع الديانات السماوية لتقييم عام 2010

سمو الأمير الحسن بن طلال

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

17 كانون الأول/ديسمبر 2010

www.commongroundnews.org

عمان - احتفلنا بعيد الأضحى المبارك على مقربة أسابيع من عيد الميلاد وعيد الأنوار. ولا بد أن يدفعنا تزامن الأعياد الدينية المختلفة إلى النظر في عامنا هذا الذي يقترب من نهايته وإلى التساؤل مرة أخرى: لماذا لم يكن هذا العام هو العام المنشود؟

 

نرتبط جميعاً في منطقتنا، على اختلاف أدياننا، بتراث روحي مشترك. ويذكّرنا تزامن احتفالاتنا الدينية بأننا نشترك في آليات مماثلة للتجديد الروحي. كما يذكّرنا بأننا نتشاطر خطيئة الابتعاد عن الأصوليات الحقيقية. ومن المفارقة أنه في محاولتنا للحفاظ على عادات وتقاليد حضارتنا المشتركة فإن العديد من الأفراد يقوضون الأسس التي بنيت عليها. لقد ضلّ كثيرون السبيل وأصبحوا يعملون على تدمير المستقبل.

 

بالنسبة للكثيرين في الشرق الأوسط بدأ عام 2010 بكثير من الوعد والأمل. فتقارب الولايات المتحدة الأمريكية مع المنطقة والعالم الإسلامي، كما أوضح الرئيس أوباما في القاهرة في حزيران 2009، كان يعني الشروع بجدية في شفاء الجروح القديمة وإعادة بناء العلاقات المتشظية. ويبدو أن التغيير في اللهجة والموقف كان يبشر بأمر أعمق: فبعد أكثر من عقد من الحرب والنزاع والبؤس في منطقة الشرق الأوسط فإن المجتمع الدولي قد اتفق على أنه كفى ما حدث.

 

بالطبع كانت القضية الفلسطينية - الاسرائيلية ميدان الاختبار الرئيسي لهذا المناخ الجديد، وخصوصا بالنسبة لمن يعيشون في المنطقة. ولكن كانت هناك مؤشرات أخرى للتغيير. كان 2010 العام الذي ستبدأ فيه القوات الامريكية بالانسحاب من العراق وسيتم فيه تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وكان العام الذي سيؤدي فيه بذل جهود متجددة إلى تراجع تنظيم القاعدة في العراق، والذي سوف يؤكّد فيه الاقتصاد العالمي ذاته أخيراً بعد صدمات الانهيار الاقتصادي الأكبر منذ قرن تقريباً.

 

لكن القصة التي تكشّفت هي واحدة يعمّها منطق غريب للفشل. انسحبت غالبية القوات الامريكية من العراق، لكن موضوع الحكومة الائتلافية لا يزال غير واضح المعالم بعد مرور عدة أشهر على انتخابات غير حاسمة في آذار. وحتى قبل الاغتيال الآثم للمسيحيين العراقيين في كنيسة ببغداد يوم الحادي والثلاثين من تشرين الأول، كان العشرات يفقدون أرواحهم كل يوم في العراق. والآن يتم إجبار واحدة من أقدم الأقليات الدينية في المنطقة على الفرار بأعداد كبيرة. ولا يزال العالم يشهد أعمالاً إرهابية في مناطق عديدة.

 

أما بالنسبة لعملية السلام فقد أضحت أكثر غموضاً في ظل المزيد من الكلام وتصارع الايديولوجيات والمواقف المختلفة.

 

"ما الذي ينبغي القيام به بشأن القدس"... يتساءل كينيث كراج في وصفه ل "فضائل القدس"؟ هذا السؤال، بدوره، يؤدي به إلى سؤال آخر أكثر قدماً في نطاقه: "ما هو اعتبار القدس". إن قصة الحضارات والأزمان والمذاهب التي تحيط بالأراضي المقدسة تشكّل لنفوس الملايين جذباً ثقافياً ودينياً بل وربما جذباً تجسيدياً روحياً، لا نجده في أي مكان آخر. ولا تزال قضية القدس هي الأقدم والأعرق عبر الزمن، في واقع عالمي جديد.

 

عشر سنوات على بدء الألفية الجديدة ونحن نتمتع بفوائد التكنولوجيا المتقدمة بشكل مذهل. يمكننا التواصل عبر الزمان والمكان دون جهد يذكر. لقد صعدنا إلى القمر، واستكشفنا أعمق الأعماق، وحوّلنا الأرض إلى قرية. ومع ذلك يبدو أننا نفتقر إلى القدرة على تشكيل العالم كما نراه مناسباً.

 

جنوب غرب آسيا وجنوب آسيا وحتى جنوب شرق أوروبا، كلها تزعزعت بسبب مبيعات النفط ومشتريات الأسلحة. دعونا نتذكر أنه بعد حربين عالميتين مدمرتين، دعا روبرت شومان إلى تطوير "هيئة الفحم والصلب في أوروبا" لربط شعوبها معاً. نحن أيضاً بحاجة لخلق هيئة مماثلة للمياه في منطقة غرب آسيا، قبل أن يحوّل النقص المزمن هذه الوحدة الأساسية للحياة إلى عنصر من عناصر الحرب.

 

إن الشرق الأوسط الحقيقي ليس مكاناً للتطرف - بل على العكس من ذلك - لكنه يواجه تحدّيات متطرفة. تستمر الدول العربية في حراسة مصالحها بشدّة وبحدّة، على الرغم من دروس وميراث تاريخنا. هنالك خمسة وخمسون مليوناً من الشباب العاطلين عن العمل في منطقة الشرق الأوسط. وقد خلقت الحروب المختلفة منذ عام 1990 المزيد من المقتلعين أكثر من أي فترة أخرى.

 

على مدى السنوات العشرين المقبلة قد يصبح عدد المقتلعين بسبب تغير المناخ ثلاثة أضعاف. وقد يصبح من الصعب على نحو متزايد تصنيف هؤلاء المقتلعين حسب عوامل النزاع أو البيئة أو الاقتصاد أو تغير المناخ، لأن مصيرهم في جميع الاحتمالات قد يكون مزيجاً من هذه العوامل وغيرها. ولم تعد قضايا الإقليمية والهوية والهجرة - فيما يتعلق باللاجئين - تحمل أي تشابه مع "التسميات الوطنية". فمشاكلنا التي اختلطت بالصراعات قد تجاوزت الحدود القُطرية منذ بعض الوقت.

 

إن عيد الأضحى وعيد الميلاد هما مناسبة للشكر والنظر إلى الوراء. وعلى الرغم من أن عام 2010 لم يجلب التغيير أو السلام، إلا أننا لا نزال شاكرين لأنه لم يجلب الحرب. بدلا من ذلك، ما جلبه هو ربما فهم أعمق لخطورة مشاكلنا، وللتكاليف التي سنتكبدها من أجل حلها، والعواقب الأوسع التي سوف يجلبها الفشل حتماً. في عام 2010، تناول المجتمع الدولي "جرعة جمعية" جعلته يدرك - كما لم يفعل سابقاً - حجم التحدي الذي يجب عليه أن يتجاوزه.

 

هل من الممكن أن يتجاوز أي حل في منطقة غرب آسيا ليس فقط الحدود القطرية والأديان، وإنما أعماق التاريخ نفسه؟

 

في عام 2011، كل الأدوات التي في حوزتنا، جنباً إلى جنب مع الدروس المستفادة من الماضي، يجب أن تقترن معاً بحكمة في معالجة ما أصبح من المؤكد أنه أول تحدٍ كبير في القرن الحادي والعشرين.

ـــــــــ

* سمو الأمير الحسن بن طلال هو رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه وعضو في لجنة التمكين القانوني للفقراء ورئيس شرف في منظمة المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام وسفير الإيسيسكو للحوار بين الثقافات والحضارات ورئيس منتدى غرب آسيا وشمال إفريقيا.

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

====================

فشل أميركي في مساعي السلام

د. هايل ودعان الدعجة

الرأي الاردنية

18-12-2010

ربما لم يكن احد يتصور ان الولايات المتحدة يمكن ان تفكر بهذه السهولة بالاعلان عن تخليها عن مطالبة الجانب الاسرائيلي بتجميد الاستيطان 90 يوما، كشرط من شروط استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، مع انها بامس الحاجة لتسجيل موقف او بادرة دولية تؤشر على انها ما تزال موجودة على الساحة، وتنعم بمقومات الدولة العظمى التي انفردت بقيادة العالم في اعقاب انتهاء الثنائية القطبية. خاصة بعد الانتكاسات والصدمات التي تلقتها في منطقة الشرق الاوسط في كل من افغانستان والعراق على خلفية سياسات هوجاء ومتسرعة افتقرت الى الحكمة، لتجد نفسها امام اختبارات حقيقية لقياس مدى قدرتها على ادارة شؤون العالم الذي بات تحت سيطرتها. فاذا كان رد فعل الادارة الاميركية على قضية تجميد الاستيطان بهذه الطريقة السلبية، وهي القضية التي ربما لا تكاد تذكر او تحظى بقيمة او اهمية اذا ما قورنت مع القضايا والملفات الساخنة والمعقدة التي ينتظر طرحها ومناقشتها على طاولة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية ممثلة بقضايا الوضع النهائي بما هي الحدود والمياه والقدس واللاجئين وغيرها، فكيف يمكن ان يكون هناك دور اميركي فاعل وجدي في التعاطي مع ملف الصراع وحله، استنادا الى هذا الطرح الذي يجعلنا لا نستبعد احتمالية ان يكون التحرك الاميركي والمساحات المعطاة لهذا التحرك على الخريطة التفاوضية، موضحة مسبقا من قبل الجانب الاسرائيلي، وذلك رغم تنبه الولايات المتحدة وادراكها ولو متأخرا بانعكاسات الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي السلبية على مصالحها القومية الاستراتيجية، الذي يفترض ان يدفع بها نحو تبني مواقف وخطوات اكثر صرامة وجدية من اجل حماية مصالحها المهددة بالخطر. وهي التي جابت العالم من اقصاه الى اقصاه، وقطعت المحيطات والبحار على ظهور الدبابات والطائرات والبوارج والسفن الحربية، متسلحة باكثر الادوات والمعدات العسكرية فتكا وتدميرا في سبيل حماية مصالحها الاستراتيجية.

 

فبالاضافة الى موقف الولايات المتحدة السلبي من العملية السلمية، ومأزقها في كل من العراق وافغانستان وفي التعاطي مع الملف النووي الايراني ومع استفزازات كوريا الشمالية للحليف الاميركي كوريا الجنوبية، الى جانب الازمة المالية التي اثرت عليها ، فان الولايات المتحدة تقترب اكثر فأكثر من النقطة الحرجة، التي قد تدفع بالعديد من الاطراف الدولية الى اعادة النظر بتقييمها للدور الاميركي في منطقة الشرق الاوسط وفي الساحة الدولية، بحيث تبدأ تفكر بدعم قوى دولية اخرى تتطلع الى منافسة الولايات المتحدة على لعب مثل هذا الدور . ما يضع العالم امام احتمال ان يشهد تغييرا في مراكز القوى وفواعل النظام الدولي نتيجة لاحتمالية ان تظهر تحالفات واصطفافات دولية جديدة تدفع بايجاد توازنات قوى جديدة ايضا، وهنا تكون اميركا التي لم تحسن التعامل مع اجواء ومفردات الاحادية القطبية، قد اسهمت بالتخلي عن دورها وحضورها، وسمحت لاطراف اخرى ان تنازعها وتنافسها على القيادة العالمية. ما يؤكد مرة اخرى ان عدم جدية اسرائيل من العملية السلمية ومواقفها السلبية، لم تحرج الولايات المتحدة فقط، بل وجعلتها تظهر عاجزة عن حل احد الملفات الهامة في المنطقة، وبصورة انعكست سلبا على سمعتها الدولية بعد ان ظهرت وكأنها لا تمتلك اوراق اللعبة السياسية في هذه المنطقة التي تعد حيوية بالنسبة لمصالحها الاستراتيجية.

====================

قرار غريب وتساؤلات مشروعة

ضياء الفاهوم

الدستور

18-12-2010

وافق مجلس النواب الأميركي مؤخرا على القرار التالي :"إن المجلس يجدد اعتراضه الشديد على أية محاولة أو السعي إلى الاعتراف بدولة فلسطينية خارج إطار اتفاق تفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين" وحث القرار القادة الفلسطينيين على"وقف كل الجهود لعرقلة عملية التفاوض" ودعا الدول الأجنبية إلى"عدم منح اعتراف من هذا النوع".

 

وبذلك يكون المجلس قد تغافل عن أن الذين يعرقلون عملية التفاوض هم المسؤولون الإسرائيليون الذين رفضوا تجميد الاستيطان وليس الفلسطينيون الذين أكدوا عدم فائدة التفاوض في الوقت الذي يواصل فيه الإسرائيليون ارتكاب جرائمهم بتهويد مدينة الأقصى المبارك ويقيمون مدنا كاملة في الأراضي العربية المحتلة ، وبذلك أيضا يضع مجلس النواب الأميركي نفسه أمام تساؤلات مشروعة حول موافقته على مثل هذا القرار أولها : هل لم يعلم المجلس بعد أن الذين يتحدون الولايات المتحدة الأميركية كلها هم الإسرائيليون وليس الفلسطينيون ؟ وثانيها : هل هذا المجلس يمثل مصالح الشعب الأميركي أم الصهيونية العالمية التي لا تقيم وزنا لأحد ؟ وثالثها : هل أراد مجلس النواب الأميركي باتخاذ مثل هذا القرار أن ينسف كل الوعود التي قطعتها الولايات المتحدة الأميركية على نفسها بأنها ستعمل على حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ؟ ورابعها : هل يجوز لمجلس نواب دولة تدعي ليل نهار أنها حامية للديمقراطية أن يتطاول على أغلبية دول العالم التي أيدت ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية والجولان وأكدت عرقلة إسرائيل لعملية السلام ؟ وخامسها : هل لم يسمع المجلس بإدانة الأمم المتحدة لعرقلة إسرائيل لجهود السلام وتأييدها الكامل لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي على أساس حل الدولتين ؟ وسادسها : هل وعى مجلس النواب الأميركي معنى رفض إسرائيل لطلب الولايات المتحدة بوقف الاستيطان والشروع في مفاوضات جدية تعالج قضايا الحل النهائي ؟ وسابعها : هل أخذ المجلس المحترم مصالح الشعب الأميركي الذي يمثله بعين الاعتبار عند اتخاذه هذا القرار العجيب الغريب ؟

 

إنه فعلا قرار عجيب غريب لمجلس النواب الأميركي الذي نأمل أن يعيد النظر فيه بما يجعله ممثلا للشعب الأميركي وليس لصهاينته إذا أراد أن تكون بلاد العم سام من البلدان التي تقف ضد الظلم الفاحش الذي أحاط بالشعب الفلسطيني أكثر من ستين عاما وإلى جانب الحرية والديمقراطية الصحيحة وكافة القضايا الإنسانية التي تتنافى مع العدوان ومحاولات إخضاع شعوب الأرض لغير ما تريده شعوبها أصحاب الحق الأول والأخير في الذود عن بلادهم ومصالحها الحقيقية .

 

أصبح الناس في كثير من أنحاء هذا العالم الذي ابتلي بعنصرية صهيونية هائلة يرون أن هذه الصهيونية البغيضة هي التي تسير أميركا كما تشاء وأن مجلس النواب الأميركي لم يعد يخجل من ذلك خاصة بعد أن تحدى اللوبي الإسرائيلي في أميركا بلادهم التي لولا مساعداتها الضخمة للكيان الغاصب في قلب ديار العروبة والإسلام لما استطاع الاستمرار في اغتصاب وطن غيره وتشريد أهله وقتل أبنائه بمن فيهم الأطفال والنساء وسجن الآلاف منهم والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في رحابه .

 

على كل حال الفلسطينيون قرروا ، بمساندة عربية جماعية ، السعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن يضع حدا للاستيطان في الأراضي العربية المحتلة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة . ومن خلال ذلك ستتضح لهم الصورة تماما إزاء من يؤيد الحق والعدل وجنوح العرب للسلام القائم على العدل ومن يعارض ذلك . ومن حق العرب عندئذ أن يقرروا من هم أصدقاؤهم ومن هم أعداؤهم وأن يتصرفوا بناء على ذلك في القادم من الأيام بتنسيق كامل وتضامن شامل وعزم كبير يضع حدا لكل أشكال المهاترات والخداع ، وإن غدا لناظره قريب .

====================

أحجية المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية

نعوم تشومسكي - مجلة «إن ذيس تايمز»

الدستور

18-12-2010

 استسلام واشنطن المثير للشفقة لإسرائيل فيما هي تناشدها القيام بتجميد بلا معنى مدة ثلاثة أشهر للتوسع الاستيطاني - باستثناء القدس الشرقية العربية - ثم الرفض الإسرائيلي لاحقا ، يجب أن يُستذكر كأحد أكثر اللحظات إذلالا في التاريخ الدبلوماسي للولايات المتحدة.

 

في أيلول ، انتهى آخر تجميد للمستوطنات ، ما دفع الفلسطينيين الى وقف المحادثات المباشرة مع إسرائيل. إدارة أوباما ، الراغبة جدا في إقناع إسرائيل بالقيام بتجميد جديد وبالتالي إحياء المحادثات ، كانت تتعلق بقشة وهمية - وتحاول أن تجزل العطايا لحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة.

 

العطايا كانت تشمل ثلاثة مليارات دولار لشراء طائرات مقاتلة نفاثة. يصدف أيضا أن هذا السخاء منحة أخرى من دافعي الضرائب لصناعة التسلح الأميركية ، التي تجني أرباحا مضاعفة من برامج التوسع في التسلح في الشرق الأوسط.

 

الهدف من تقديم الدعم الى صانعي الأسلحة الأميركية لا يقتصر فقط على صنع وإنتاج معدات متطورة لدولة تعد فعليا جزءا من المؤسسة العسكرية الاستخباراتية الأميركية ، بل يشمل أيضا تقديم معدات عسكرية لدول الخليج تجري حاليا صفقة بيع أسلحة لا سابق لها بقيمة ستين مليار دولار الى السعودية ، وهي صفقة تعيد تدوير أموال البترول الى الاقتصاد الأميركي المعتل.

 

الصناعات المدنية المتطورة تقنيا في الولايات المتحدة وإسرائيل مدموجة الى حد بعيد. ليس من الغريب أن يأتي الدعم الأقوى للممارسات الاسرائيلية من الصحافة والحزب الجمهوري ، الأكثر تطرفا في الحزبين السياسيين المهتمين بالتجارة. ذريعة إبرام صفقات التسلح الضخمة مع السعودية هي الدفاع ضد "التهديد الإيراني".

 

مع ذلك ، فإن التهديد الإيراني ليس تهديدا عسكريا ، كما يؤكد كل من البنتاغون والاستخبارات الأميركية. اذا طورت إيران من قدرتها على صنع أسلحة نووية ، المفترض أنها ستكون لردع هجوم أميركي - اسرائيلي محتمل.

 

التهديد الحقيقي ، من وجهة نظر واشنطن ، هو أن إيران تسعى الى توسيع نفوذها في الدول المجاورة التي قام الاحتلال والاجتياح الأميركي "بإحلال الاستقرار" فيها.

 

المقولة الرسمية هي: إن الدول العربية تلتمس المساعدة العسكرية الأميركية للدفاع عن نفسها ضد إيران. وسواء أكانت صحيحة أم خاطئة ، فإن هذا الإدعاء يقدم لنا معلومات مثيرة للاهتمام حول المفهوم السائد للديمقراطية. بغض النظر عما يمكن أن تفضله الأنظمة الاستبدادية الحاكمة ، حسب الاستطلاع الأخير لمؤسسة بروكينغز ، يصنف العرب التهديدات الرئيسية على المنطقة كالتالي: إسرائيل 88( بالمائة) ، الولايات المتحدة 77( بالمائة) وإيران 10( بالمائة).

 

من المثير للاهتمام أن المسؤولين الأميركيين ، كما كشفت برقيات ويكيليكس التي نُشرت منذ مدة قصيرة ، قد تجاهلوا تماما العام الرأي العربي ، وتمسكوا بوجهات نظر الحكام.

 

وفقا للتقارير الاخبارية الأخيرة ، فإن الهبات الأميركية الى إسرائيل كانت ستشمل أيضا دعما دبلوماسيا. واشنطن تتعهد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي إجراء لمجلس الأمن من شأنه أن يزعج قادة إسرائيل ، وتتعهد كذلك بإسقاط أي مطالبة بتمديد إضافي لتجميد المستوطنات.

 

تبعا لذلك ، فإن إسرائيل ، بالموافقة على التوقف مدة ثلاثة أشهر ، لن تتعرض للإزعاج مجددا من جانب تلك الدولة التي تدفع لها الأموال أثناء توسيعها لأعمالها الإجرامية في الأراضي المحتلة.

 

تجريم تلك الأعمال لم يكن موضع شك منذ أواخر 1967 ، حينما قام ثيودور ميرون ، الخبير القانوني الكبير والقاضي الدولي في إسرائيل ، بإخطار الحكومة بأن خططها لبدء بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة تنتهك ميثاق جنيف الرابع ، وهو مبدأ جوهري في القانون الدولي الإنساني ، الذي تأسس في 1949 لتجريم أهوال النظام النازي.

 

المؤرخ غيرشوم غورينبيرغ ذكر في كتابه: الامبراطورية العرضية أن وزير العدل ، يعقوب شيمسون شابيرا ، صادق على قرار ميرون ثم تلاه بعد ذلك بمدة قصيرة وزير الدفاع موشي دايان.

 

دايان قام بإطلاع زملائه الوزراء على الأمر "علينا أن نحكم قبضتنا بحيث ننجح بمرور الوقت في "هضم" يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ودمجهما مع إسرائيل "الصغرى" ، وفي غضون ذلك نقوم بتفكيك الأراضي المجاورة من الضفة الغربية ، وكل ذلك تحت غطاء الذريعة المعتادة بأن "الخطوة ضرورية لأهداف عسكرية".

 

لم يكن لدى دايان أي شكوك أو هواجس حيال ما كان يوصي به ، فقد ذكر : "إن توطين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة ينتهك الأعراف الدولية كما هو معلوم. لكن ليس هناك شيء جوهري جديد في ذلك".

 

فرضية دايان الصحيحة كانت بأن الرئيس في واشنطن قد يعترض رسميا ، لكنه يمكن أن يستمر في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي القوي للمساعي الإجرامية.

 

قرارات مجلس الأمن المتكررة شددت على هذه الجرائم ، وعبر محكمة العدل الدولية في الآونة الأخيرة ، من خلال الموافقة المبدئية للقاضي الأميركي ، توماس بويرغينثال في تصريح مستقل. ممارسات إسرائيل تنتهك أيضا قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فيما يتعلق بالقدس. ولكن كل شيء يسير على ما يرام طالما أن واشنطن تواصل تجاهلها.

 

بالعودة الى واشنطن ، يعتبر الصقور الكبار في الحزب الجمهوري الأكثر تحمسا في دعمهم للجرائم الإسرائيلية. يذكر غلين كيسلر في الواشنطن بوست إن إيريك كانتور ، قائد الأغلبية الجديدة في مجلس النواب ، "قد اقترح حلا جديدا لحماية المساعدات المقدمة لإسرائيل من التراجع الحالي في تقديم المساعدات الأجنبية. وذلك بمنح الدولة اليهودية حساب أموال خاصا بها ، وبالتالي فصله عن الأموال المقدمة الى بقية دول العالم".

 

قضية التوسع الاستيطاني هي ببساطة مجرد تحويل للانتباه. القضية الحقيقية هي وجود المستوطنات وتطورات البنية التحتية المتعلقة بها. وقد صُممت هذه بعناية بحيث تمكنت إسرائيل من الاستيلاء على أكثر من أربعين بالمائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة ، وتشمل ضواحي القدس وتل أبيب: الأراضي الصالحة للزراعة: ومصادر المياه الرئيسة في المنطقة ، وكلها تقع في الجانب الإسرائيلي من جدار الفصل - وهو في الواقع جدار ضم للأراضي.

 

منذ 1967 ، وسعت إسرائيل بشكل كبير من حدود القدس منتهكة بذلك قرارات مجلس الأمن ورغم الاعتراض الكامل لدول العالم (ومنها الولايات المتحدة ، رسميا على الأقل).

 

التركيز على التوسع الاستيطاني ، وتذلل واشنطن ، ليسا وحدهما العناصر الهزلية في المفاوضات الحالية. الأساس بحد ذاته يعتبر أحجية. يجري تصوير الولايات المتحدة على أنها "وسيط نزيه" يسعى الى الوساطة بين خصمين عنيدين. ولكن المفاوضات الجادة يجب أن تُدار بوساطة طرف محايد ، كون الولايات المتحدة وإسرائيل في جانب واحد ، وبقية العالم في الجانب الآخر.

 

ليس سرا أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد وقفتا وحدهما فعليا ، لمدة 35 عاما ، في معارضة الإجماع للتوصل الى تسوية سياسية تكون أقرب الى العالمية ، وتشمل الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي (التي تضم إيران) ، وجميع الأطراف ذات العلاقة.

 

ومع تغيرات قصيرة ونادرة في موقفهما ، قامت الدولتان المعارضتان بتفضيل التوسع غير الشرعي على الأمن. ما لم يتغير موقف واشنطن ، فإن التسوية السياسية ممنوعة بشكل حقيقي. وسوف يستمر التوسع ، مع كل تداعياته على المنطقة والعالم.

====================

عندما تحدث وزير الخارجية الأميركي الأسبق عن حرب المائة عام بين السنة والشيعة

نقلا عن صحيفة الوطن العمانية

زهير ماجد

لا يخفي بعض المسؤولين الغربيين ما يحلمون بحصوله في المنطقة من صراع مذهبي إسلامي.. كأنهم على فرح من تلك المغامرة التي رأى فيها وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر ذات يوم حينما سئل عن جديد المنطقة قال إنها "حرب المائة عام المقبلة" وعندما قيل له بين من ومن أجاب: بين المذهبين الاسلاميين المعروفين، أي السنة والشيعة. الكلام ذاته ردده وزير الخارجية الفرنسي كوشنير أثناء زيارته الأخيرة لبيروت، وكأن ثمة توافقا بينه وبين الاميركي أو ربما هي كلمة السر الإسرائيلية التي يراد من الأميركيين والفرنسيين ترويجها كي تتحول إلى عامل الإطاحة بمكونات المنطقة الإجتماعية والإنسانية إذا ما وقع هذا المحظور الذي يحاط بعناية فائقة من قبل إسرائيل وبعض الأسياد الغربيين كي يصبح سيفا مسلطا على رقاب المسلمين في كل مكان.

بهذه البساطة يتم فتح موروثات تاريخية تم تجاوزها وبعدما أغلق ملفها الناشز, وحين يتكلم الاميركي والفرنسي وغيره من الغربيين عن قضية من هذا النوع، وخصوصا كيسنجر الموصوف بقراءته التاريخية وخضوعه لعقل مؤسسات الدراسات الأميركية، فإنه لا بد قرأ الواقع الاسلامي ممهورا بدراسات وافية عن كيفية إطلاق أحداثه التاريخية من جديد، مع الإشارات التي تدفع المسلمين إلى ذلك الصراع. ولهذا السبب تم اغتيال رفيق الحريري، وهو سبب من جملة أسباب أخرى محطتها الأساسية أيضا في العراق، وأحد موادها الملتهبة في باكستان وغيرها من الأماكن.

بودنا أن يعرف المسلمون جميعا وبكل مذاهبهم لماذا هذا التحديد من قبل كيسنجر إلى حد الجزم بأنها حرب المائة عام لولا وضع الفكرة قيد التنفيذ بعد التمهيد لها بكل الطرق المؤدية إلى تأجيجها، أي اختراع الأسباب التي تجعلها قابلة للحياة والتنفيذ.

أما السبب الأكبر الكامن وراء انفلات ذلك الصراع كما هو المخطط الغربي فمن أجل حماية إسرائيل وبقائها.. الخوف على إسرائيل، أي الخوف الإضافي مما قد يحصل بعد زوالها إذا تم، هو الدافع

لذلك لا بد من إشغال المسلمين بحروب متنقلة بين بعضهم البعض، والمعروف أن الدم يزيد من حجم الصراع، بل إن العنف لا يغسل إلا بعنف مضاد.. وذات يوم إبان الحرب اللبنانية سألني أحد السياسيين اللبنانيين عن السبب الذي يقف وراء التجدد المستمر للحرب، وحين قلت جملة أسباب لم تعجبه، أكد لي ان السبب الحقيقي هو نزف الدم الذي له سيطرة على العقول أكثر من الافكار مهما كانت.

من المؤسف تكرارا أن يتحدث مسؤولون غربيون بكل بساطة الكلمات والأداء اللفظي عن صراع مذهبي بين المسلمين وهم في حالة نشوة من الفكرة، بل في حالة الاستفاضة من شرحها وكأنها أمل كبير لديهم، بل واقع لا يمكن الهروب من قدره!.. فهل ثمة من ينذر المسلمين قبل فوات الأوان من هذا الخطر المحدق، أم أن الغرب يتعامل معنا كأي قطيع من الأغنام يساق إلى الذبح وهو لا يدري أنه ذاهب إلى المسلخ.

====================

لا يتخلون عن حق العودة

صحف عبرية

2010-12-17

القدس العربي

صائب عريقات هو بشكل عام متحدث حذر. على مدى السنين ظهر في شبكات التلفزيون في العالم واستخدم ادعاءات وضعت لتجنيد عطف المشاهدين الامريكيين. فضلا عن ذلك كانت له علاقات ممتازة مع وسائل الاعلام الاسرائيلية التي سمحت له بادخال الاقتباسات الى الصحف. وكان يعرف دوما أي لغة ستنجح مع الاسرائيليين وماذا يوجد خارج الاجماع.

هذا الاسبوع كتب عريقات في صحيفة 'الغارديان' البريطانية عن الموقف الفلسطيني في مسألة عودة اللاجئين الى اسرائيل. بداية، يروي بان اسرائيل خلقت مشكلة اللاجئين: 'حقيقة ان اسرائيل تتحمل المسؤولية عن خلق اللاجئين تتجاوز كل جدل'.

في الرواية التي يصفها لا يوجد اجتياح لستة جيوش عربية لاسرائيل في 1948، ولا يوجد طرد اكثر من 800 الف لاجئ يهودي من الدول العربية. رغم ذلك، فان عريقات يطالب ب 'حق العودة' للفلسطينيين. عن كم لاجئ يتحدث عريقات؟ 'اليوم، اللاجئون الفلسطينيون يشكلون اكثر من 7 ملايين نسمة في العالم'.

لهذا الموقف قدرة على تفجير المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين. في الماضي قال الفلسطينيون للاسرائيليين ان معظم اللاجئين لن يرغبوا في العودة الى اسرائيل، وسيفضلون البقاء في بلدان سكنهم. عريقات لا يقول ذلك في مقاله. وهو يعرف بان مبادرة السلام العربية تمنع صراحة استقرار اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يتواجد اليوم فيها الكثير منهم.

يفهم من المقال ان الفلسطينيين لا يبدون أي مؤشر على أنهم يوشكون على التنازل عن 'حق العودة'. احد اسباب هذا الموقف المتصلب انكشف مؤخرا في تحليل أجراه العقيد احتياط يونتان دحوح هليفي، وكشف فيه النقاب عن ان عريقات القى خطابين بالعربية في مؤتمرين لفتح في 2009 قال فيهما ان 'حق العودة' هو حق شخصي لكل لاجئ ولا يمكن لأحد أن يساوم عليه في المحادثات. كل اتفاق لا يحترم هذه الحقوق سيفشل، كما أجمل عريقات.

لماذا كلف عريقات نفسه عناء الدخول في تفاصيل موقفه؟ يحتمل أن يكون قرر تبني خط متصلب لانه يرى نفسه خليفة لابو مازن، ويريد ان 'ينسجم في خطه' مع الجمهور الفلسطيني. ولكن اذا كان هذا هو الحال فلماذا نشر اقواله في صحيفة بريطانية؟ تفسير اكثر منطقية هو ان عريقات يعرف ان لحظة الحسم بالنسبة لاسرائيل والفلسطينيين قريبة. يحتمل أنه يقدر بان اقتراحا دوليا أو امريكيا سيوضع قريبا على الطاولة وسيطالب به الفلسطينيون بالتخلي عن 'حق العودة'. وهو يوضح بانه يأمل بان كل اقتراح دولي مستقبلي يأخذ بالحسبان بان موضوع اللاجئين ليس قابلا للتفاوض.

اذا كان صحيحا ان لحظة الحقيقة تقترب، كيف تخطط لذلك اسرائيل؟ بداية على المستوى التصريحي على اسرائيل أن توضح مواقفها دون كشف كل الاوراق. الصمت الآن سيفسر كموافقة على الافكار التي يتم تداولها في الغرب بالنسبة لخطوط 67 ومن شأنها أن تكون جزءا من خطة سلام. هذا هو الوقت للحديث عن الخطوط الحمراء لاسرائيل، عن حدود قابلة للدفاع وعن قدس موحدة.

ثانيا، رغم الضغط من جانب ادارة اوباما للحصول على اجوبة من جانب اسرائيل في موضوع الحدود، فالمنطقي ان رئيس الوزراء يصر على انه قبل ان تخرج اسرائيل الخرائط، على الفلسطينيين أن يوضحوا موقفهم في موضوع اللاجئين. فلماذا تتحمل اسرائيل ذنب عدم الجاهزية لتنازلات اقليمية حين يكون عريقات منذ الآن يخرب على فرص الاتفاق بمواقفه غير المساومة بشأن 'حق العودة'؟

====================

انقسام المصالح الباكستانية – الأميركية

ديفيد إغناتيوس

* خدمة «واشنطن بوست»

الشرق الاوسط

18-12-2010

إسلام آباد - أشار مسؤول عسكري بالسفارة الأميركية هنا إلى خريطة باكستان، قائلا: «تلك هي المشكلة التي ينبغي التعامل معها»، ورسم دائرة كبيرة حول البلاد بأكملها. ومضى في حديثه، لكن مع رسم دائرة صغيرة حول المنطقة الحدودية المعروفة باسم شمال وزيرستان، وقال: «إننا نجابه خطر حصر التركيز على هذه المنطقة».

وأعرب المسؤول العسكري عن قلقه من أن النقاش الدائر داخل واشنطن حول باكستان بات شديد الولع بفكرة ضرورة مهاجمة الجيش الباكستاني لشمال وزيرستان لمنع متمردي «طالبان» من العبور إلى داخل أفغانستان، وهو طلب رأى أن الباكستانيين عاجزون عن تحقيقه نظرا «لانتشار قواتهم على مساحة بالغة الاتساع».

واستخدم الكلمات نفسها تقريبا مسؤول من إدارة الخدمات الاستخباراتية، وهي وكالة التجسس الباكستانية، أثناء حديثه معي حول السبب وراء عدم إمكانية شن هجوم جديد قريبا، بغض النظر عما ترغبه واشنطن. وأشار المسؤول إلى أن الجيش الباكستاني يقاتل داخل المناطق القبلية بضراوة منذ قرابة عامين، وأن «القتال أنهكنا».

وأوضح المسؤول، الثلاثاء، أن «شمال وزيرستان لا تمثل تهديدا كبيرا لنا. وإذا قمنا بشن هجوم ضدها الآن، سيتفاقم التهديد لباقي أرجاء البلاد. وستشتعل المناطق القبلية، ويصبح من المتعذر السيطرة على الموقف».

وكلما اشتدت ضغوط واشنطن كي يشن الجيش الباكستاني حملة قوية ضد المنطقة، يزداد رفض إسلام آباد. أما تفسير ذلك فبسيط، وهو أن مصالح الدولتين مختلفة على هذا الصعيد؛ ذلك أن أميركا، مع تمركز قوات لها بأفغانستان، ترغب في اتخاذ تحركات الآن. أما باكستان، التي تواجه حملة إرهابية بمختلف أرجائها، فترغب في التركيز على التهديدات الداخلية التي تواجهها. ويتهم السياسيون بكل دولة الدولة الأخرى بالنفاق وأنها غير جديرة بالثقة، مما يزيد الوضع سوءا.

وقال المسؤول الأميركي: «لدينا ميل مقيت نحو افتراض أن ما نهتم به هو ذاته ما يهتم به الباكستانيون»، موضحا أن مشكلة باكستان ليست أن لديها أجندة سرية، وإنما أن لديها «جيشا دمويا».

وأثار مسؤول الاستخبارات الباكستانية قضية حساسة تتمثل في الكبرياء الوطنية؛ حيث أوضح أنه «عبر الظهور بمظهر الجنود المرتزقة العاملين لحساب أميركا، ينحسر مستوى شعبية جيشنا».

هذا الأسبوع، تحظى الحروب الجاري شنها ضد الملاذات الإرهابية الآمنة في باكستان باهتمام بالغ. يُذكر أن آخر مراجعة أجراها الرئيس أوباما للحرب الأفغانية خلصت إلى أن «بعض التقدم المهم» تم إحرازه، لكن «لا تزال هناك تحديات قائمة وتهديد من الملاذات الآمنة بباكستان»، طبقا لما أعلنه روبرت غيبس، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض.

إلا أن تقديرين استخباريين، صدرا مؤخرا، حملا نبرة أكثر تشاؤما؛ حيث ذكرا أن الحرب «أمامها فرصة محدودة فقط للنجاح، إلا إذا تعقبت باكستان المتمردين المنطلقين من ملاذات آمنة على حدودها مع أفغانستان»، حسبما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز».

وعلى الرغم من تفاقم مشاعر الفوبيا تجاه باكستان في واشنطن، يعتقد مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى هنا أن الباكستانيين يتحركون في الاتجاه الصحيح، وإن كان ببطء شديد. وأشار أحدهم إلى أن الباكستانيين، على الرغم من توترهم الدائم تجاه الهند، ينشرون الآن 140 ألف جندي بالمنطقة الحدودية الشمالية الغربية، ما يفوق عدد القوات الأميركية بأفغانستان. وأكد أن القوات الباكستانية «منتشرة حاليا على أقصى مساحة ممكنة».

وأعرب المسؤول العسكري الأميركي، بينما كان لا يزال واقفا أمام الخريطة، عن اعتقاده أن على واشنطن أن تدرك أن الباكستانيين «عاجزون عن شن عمليات جديدة من دون قوات إضافية. وهذا ليس نقدا، وإنما حقيقة».

ونوه المسؤول بأن المؤسسة العسكرية الباكستانية فقدت ما بين 1500 و2000 جندي في معارك ضد المتطرفين، بينما يصل عدد المصابين إلى 3 أو 4 أضعاف هذا الرقم. أما الضحايا المدنيون، فتقدر أعدادهم بعشرات الآلاف. واستطرد، موضحا، أنه حال تعرض الولايات المتحدة لهذا العدد من الضحايا «ربما كنا سنطلق على الأمر الحرب الأهلية الأميركية الثانية».

الملاحظ أن القلق حيال الملاذات الإرهابية الآمنة تفاقم داخل واشنطن هذه الأيام عما عليه الحال بين القادة العسكريين الأميركيين في أفغانستان. من ناحيته، قال ميجور جنرال جون كامبل، الذي يقود قوات حلف «الناتو» بشرق أفغانستان، الأربعاء، داخل قاعدة بغرام الجوية إن إغلاق الحدود «ربما لا يحمل القدر ذاته من الأهمية» الذي يظنه الكثيرون؛ لأن قوات التحالف «تضغط باتجاه» باكستان. ونبه إلى أنه «حتى إذا نفذ الباكستانيون عملية ضخمة، فإنهم لن يتمكنوا قط من وقف هذا الأمر تماما».

لقد خاضت الولايات المتحدة قتالا ضاريا بما يكفي في أفغانستان. ومن بين السبل المؤكدة لزيادة هذه الحرب: سوء تصعيد الخلاف مع باكستان لمستوى الأزمة، أو إرسال قوات أميركية لداخل المناطق القبلية، تعبيرا عن مشاعر الإحباط الأميركية. المؤكد أنه من الأفضل التحلي بالصبر، والاعتماد على الطائرات من دون طيار والأصول الاستخباراتية الأخرى في مهاجمة الملاذات التي يحتمي بها المتمردون. وحال عدم التزام مسؤولي واشنطن بالحذر، فإنهم سيضرون أنفسهم عن دون قصد في خضم موجة غضبهم تجاه باكستان.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ