ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
نظام
الأمن الجماعي في عالم مضطرب هنري
كيسنجر (وزير
خارجية الولايات المتحدة 1973-1977) «تريبيون
ميديا سيرفيزس» الرأي
الاردنية 23-12-2010 قبل
أربعة وثلاثين عاماً كان لي شرف إلقاء
أول محاضرة تذكارية يقدمها المعهد
الدولي للدراسات الاستراتيجية عن
ألاستر بوشان. فقد كان الفقيد صديقاً
شخصياً لي، وناقداً في بعض الأحيان،
ومصدر إلهام دائماً بالنسبة لي. ويمثل
المؤتمر السنوي الذي يقيمه المعهد
تخليداً لرؤياه. وفي عام 1967 الذي ألقيت
فيه أول محاضرة تذكارية عن «بوشان»،
كنت قد اخترت موضوعاً اقتبست فيه إحدى
مقولاته: «تحدث التغييرات البنيوية
الهيكلية في القوى والنفوذ النسبيين
لكبرى الدول. فهناك تغيرات كمية ذات
نسب شاملة في الاعتماد المتبادل بين
المجتمعات الغربية وفي معدلات الطلب
على الموارد الطبيعية. كما طرأت تغيرات
نوعية على هموم ومشاغل مجتمعاتنا». ومن
ثم أثار «بوشان» السؤال التالي: هل في
وسع الدول الصناعية المتقدمة الحفاظ
على نمط لحياة مجتمعاتها قادر على
تلبية حاجة الأجيال القادمة، ومن
خلاله أيضاً يمكن تقديم نموذج لقوة
اجتماعية جاذبة للمجتمعات الأخرى
أيضاً؟ وحينها كانت إجابتي القاطعة عن
السؤال هي: نعم. وكانت
التغيرات التي اعتبرها «ألاستير»
أساسية في ذلك الوقت، هي المراحل
الأولى التمهيدية نسبياً من اتجاه
العالم نحو العولمة الاقتصادية، وإلى
عالم انتشار السلاح النووي. وعندها كان
ثمة خط جيوسياسي أو استراتيجي فاصل في
منطقة وسط القارة الأوروبية. أما
اليوم، فقد أصبح من المستحيل رسم خط
فاصل واحد، بغية إيجاد قاسم مشترك عام
لجميع الاضطرابات التي تعم عالمنا
المعاصر. وكانت
الفكرة الطاغية على المحاضرة التي
ألقيتها آنذاك -بصفتي وزيراً للخارجية
الأميركية- هي كيفية إدارة الخصام
السوفييتي على نحو يحافظ على
الاستقرار الدولي، ويوفر الحماية
للدول التي تعتمد علينا في أمنها
القومي، في الوقت ذاته الذي نحافظ فيه
على السلم العالمي. وفي ذلك العام الذي
ألقيت فيه محاضرتي عن «بوشان»، كان
النفوذ السوفييتي يتوغل بثقل
استراتيجي كبير في جنوب القارة
الأفريقية. بيد أن الجوهري في تلك
الظروف هو تمكن نظام القطبية الثنائية
الدولية القائم آنذاك، من منع اندلاع
كارثة نووية فتاكة، وصولاً إلى نجاحه
في وقت لاحق في السماح بحدوث تغييرات
سلمية كبيرة في النظام الدولي. ولك أن
تقارن ذلك العالم بما نحن فيه الآن. ففي
عالمنا المعاصر هذا، هاجر مركز جاذبية
الشؤون الدولية من منطقة المحيط
الأطلسي باتجاه المحيطين الهندي
والهادئ. وفي الوقت نفسه حققت الوحدة
الأوروبية تقدماً كبيراً. كما تسارعت
التغيرات في المفهوم المتعلق
بالاستخدام الشرعي للسلطة الوطنية،
وهو المفهوم الذي برز في مجال العلاقات
الدولية منذ تجربة الحربين العظميين. صحيح
أن السيادة الوطنية للدول قد تقلصت مع
تنامي دور الاتحاد الأوروبي. بيد أن
الاتحاد لم يتمكن بعد من غرس هويته
الوحدوية عميقاً في وجدان الشعوب
الأوروبية. ونتيجة لتقليص مركزية
السيادة الوطنية للدول، فقد أصبح
بلورة السياسات على نحو يخدم المصالح
الوطنية ويسمح باستخدام القوة لتحقيق
أهداف استراتيجية بعينها. أما الأهداف
العسكرية، فإما تقلصت إلى مهام حفظ
السلام أو جرى تضخيمها في مشاريع دولية
طموحة، مثل حفز احترام حقوق الإنسان،
أو تعزيز البيئة، أو مكافحة الإرهاب
الدولي. وكثيراً ما عرّفت المهام
العسكرية والتدخلات الأجنبية على أنها
شكل من أشكال العمل الاجتماعي. ويذكر
في هذا الصدد أن الحروب الخارجية التي
انخرطت فيها الولايات المتحدة
الأميركية خلال العقدين الماضيين
أصبحت مثيرة لجدل واسع النطاق، بينما
تمزق بسببها الإجماع القومي.
وبالنتيجة فقد برزت تباينات أساسية في
المشهد الاستراتيجي المعاصر. وبينما
وصف أحد وزراء خارجية الاتحاد
الأوروبي، الولايات المتحدة بأنها قوة
عظمى مفرطة، فقد نشأت في عالم اليوم
تحديات كبيرة أمام النظام الدولي
الحالي القائم على الترتيبات
والتسويات الغربية لسيادة الدول. ومن
هذه التحديات ما استعصى لجمه كثيراً من
قبل النظام الدولي الحالي: بروز
الإسلام الراديكالي. فبحكم طبيعته
العابرة لحدود الدول، يرفض هذا التيار
المفاهيم الراسخة عن السيادة الوطنية،
في معرض سعيه لإقامة نظام واسع يضم
العالم الإسلامي بأسره. - صعود
الهويات الوطنية كما
يسود مفهوم مختلف عن الاستراتيجية في
آسيا، حيث يزداد صعود دول كبرى ذات ثقة
عالية بهويتها الوطنية، ولم يعد فيها
مصطلح «المصالح الوطنية» مثيراً لأي
حرج كان. فعلى سبيل المثال، أعلنت
الصين عن حزمة من «المصالح الأساسية»
غير القابلة للتفاوض أو المساومة
عليها، متبوعة باستعداد للذود عنها
عسكرياً إذا ما دعت الضرورة. وعلى
الرغم من أن الهند لم تفصح عن مصالحها
الوطنية بذات الصراحة الصينية، بيد أن
لها -بحكم ما تنسبه لنفسها من حيوية
لدورها الإقليمي- سعة في التحليل
الاستراتيجي تبدو أكثر قرباً مما كانت
عليه أوروبا في بدايات القرن العشرين،
مقارنة بسلوكيات الاتحاد الأوروبي في
قرننا الحادي والعشرين. وفي الوقت ذاته
شمّرت فيتنام عن ساعد الجد في إعادة
تعريف مصالحها الوطنية. وفي
مثل هذه الظروف، فإن هناك صعوبة كبيرة
في تطبيق المفهوم التقليدي الكلاسيكي
عن الأمن الجماعي الدولي. ذلك أن
التجربة العملية في عالم اليوم، في
مصداقية الاعتقاد الكلاسيكي السائد
بوجود مصالح مشتركة لجميع الدول في
الحفاظ على السلم العالمي، وكذلك
القول بأن في وسع نظام دولي قائم على
الفهم المشترك بين الدول، تعبئة
واستقطاب جهود المجتمع الدولي عبر
مؤسساته نيابة عن الدول. فالحقيقة أن
الأطراف المشاركة في النظام الدولي
المعاصر، من الاختلاف وتباين الآراء
والمواقف إلى درجة لا تسمح بتوفير ما
يكفي من اتفاق العزم والهويات على
إقامة نظام أمني دولي جماعي فاعل في
تصديه للكثير من القضايا الرئيسية،
بما فيها المتعلقة بالانتشار النووي. - آراء
متباينة والحقيقة
أن مسألة الانتشار النووي نفسها تعتبر
مثالاً جيداً على مدى تباين الآراء
والمواقف بشأن القضايا الأمنية.
فالولايات المتحدة والدول المحالفة
لها تنظر إلى مسألة الانتشار النووي
على أنها معضلة فنية، وتقترح من
الوسائل ما يساعد على درء خطرها، بينما
تعرض حزمة من العقوبات الدولية،
ترياقاً واقياً من خطرها. بيد أن لدول
أخرى مثل كوريا الشمالية وإيران
وجاراتها منظوراً أكثر نزعة سياسية
وجيواستراتيجية للانتشار النووي. ولا
شك أن مثل هذه الدول تشاطرنا الاعتقاد
نفسه في أهمية درء خطر الأسلحة
النووية، حين يتعلق الأمر بأمنها
الإقليمي. فعلى سبيل المثال لا يمكن
للصين أن ترغب بوجود كوريا شمالية أو
يابان مسلحة نووياً قرب حدودها. وفي
المقابل تخشى روسيا كثيراً من العواقب
الداخلية التي يمكن أن تترتب عن أي
مواجهة مسلحة مع المناطق الإسلامية.
وينطبق التحليل نفسه على الانتشار
النووي الإيراني، حيث تقتصر مواقف
الصين وروسيا على مساندة إجراءات
دولية لا تؤثر على مصالحهما
وعلاقاتهما التجارية مع طهران. -
تقويض ذاتي وبهذا
المعنى يمكن القول إن الأمن الدولي
الجماعي قد بدأ بتقويض نظامه ذاتياً.
والدليل أن عقداً كاملاً من المفاوضات
المدعومة من قبل الأمم المتحدة مع
كوريا الشمالية وإيران لم يسفر عن شيء
حتى الآن، ولم يساعد في إنهاء أي من
البرامج النووية للدولتين. بل إن
المفاوضات نفسها أصبحت وسيلة تستغلها
قوى الانتشار النووي لكسب المزيد من
الوقت والمراوغة لا أكثر. بيد أن الوقت
ليس محايداً. فسوف يأتي وقت يتعين فيه
على النظام الدولي اتخاذ إجراءات
حاسمة أو الاستسلام لعالم يسوده
الانتشار النووي. وفيما لو سلمنا
بالخيار الثاني، فسوف يتحتم علينا
التعامل مع ما سوف يكون عليه عالم
كهذا، وكيف يتمكن من تنظيم نفسه
نووياً، وبأي الكيفيات ينشئ نظام ردعه
النووي ويدير حروبه المستقبلية. وفي
مثل هذه الظروف، هل تسمح القوى النووية
التقليدية بالتبادل النووي، حتى وإن
لم تكن طرفاً مباشراً في هذا التداول؟
آمل ألا يستدعي تخصيص مؤتمر لمناقشة
هذا الأمر يعقده المعهد الدولي
للدراسات الاستراتيجية بعد نحو عامين
من الآن. -عقبة
أمام «النظام» ثم
هناك عقبة أخرى أمام النظام الأمني
الدولي الجماعي، تتمثل في عدم ملاءمة
نظم الأسلحة الأشد فتكاً وتدميراً
القائمة اليوم، للمهام التي خصصت لها
إلى حد ما. فقد طورت القوتان النوويتان
العظميان، روسيا والولايات المتحدة
الأميركية، نظماً دفاعية استراتيجية
باهظة التكلفة وغير ملائمة في الوقت
ذاته للتحديات العسكرية التي يواجهها
النظام الدولي اليوم. ذلك أنه لم يجر
حتى مجرد التفكير في استخدام تلك
الأسلحة الاستراتيجية النووية في أي
من الحروب التي دارت منذ نهاية الحرب
العالمية الثانية وإلى اليوم. وخلال
فترة الحرب الباردة، تبادلت كل من
واشنطن وموسكو المواجهات بينهما عبر
سلسلة من حروب الوكالة التي دارت في كل
من كوريا وفيتنام وأنجولا ومنطقة
أميركا اللاتينية. واستخدمت كلتاهما
في هذه الحروب الأسلحة والجيوش
التقليدية والقوتين البحرية والجوية.
وبينما كان النفوذ الاستراتيجي
العسكري يتركز في عاصمتي القوتين
النوويتين العظميين في تلك الفترة،
كانت المواجهات الرئيسية بينهما تدور
في مناطق بعيدة جداً عنهما، مثل دلتا
نهر ميكونج، وإنشون، والسلفادور،
ولوندانا..وغيرها. وهكذا أسفر عن عدم
تناسب تلك الترسانات الدفاعية
الاستراتيجية التي طورتها القوتان مع
الأهداف الدفاعية والأمنية والسياسية
التي طورت من أجلها، نشوء انطباع واهم
بالجبروت الكلي الذي لا يقهر لهاتين
القوتين، سرعان ما بدده التطور اللاحق
الفعلي للأحداث الدولية. وعليه
فقد تقلصت الهيمنة المفرطة الأميركية
بتأثير عدد من العوامل الموضوعية.
أولها خوض أميركا لثلاث حروب متتالية،
أسفرت عن عواقب داخلية كبيرة، في كل من
فيتنام، فالعراق، ثم أفغانستان. بيد أن
هذا النمط من التدخلات والحروب
الخارجية سوف ينتهي في المستقبل.
فالمرجح أن يصر الجمهور الأميركي على
وضوح الأهداف التي تشن من أجلها الحروب
والغزوات الخارجية. وسوف يسود الإصرار
على أن المخاطرة بشن أي عدوان خارجي
يجب أن تقوم على أساس أهداف محددة
ملموسة، وليس بدعوى أهداف مثالية
مجردة مثل «بناء الأمة» و»استراتيجية
الخروج» وغيرهما. -
المتغير الاقتصادي أما
العامل الثاني الذي يحد من الهيمنة
الأميركية المفرطة، فيتلخص في تعاظم
تأثير الظروف الاقتصادية في كل من
أميركا ودول الحلف الأطلسي على
الميزانيات الدفاعية والعسكرية،
وتؤدي إلى تقليصها حتماً. ويعني ذلك
تقليص نطاق التدخلات الخارجية، ووضع
أولويات مختلفة للإنفاق الحكومي في
جميع دول الحلف الأطلسي. وفي الوقت
نفسه تظل أميركا القوة الوحيدة
الضاربة في عالم اليوم. وعلى رغم
التقلص المتوقع لنطاق تدخلها الأحادي،
فهي تظل قوة لا غنى عنها لأي ترتيبات
تتعلق بإقامة نظام أمن دولي جماعي.
ولكن لم تعد واشنطن في وضع يمكنها من
ممارسة هيمنتها السابقة على العالم.
وهذا ما يطالبها بممارسة فن القيادة،
ليس بمعنى الانفراد بزمام القيادة،
وإنما باعتبارها دولة قيادية تمثل
جزءاً من عالم معاصر شديد التعقيد.
ويتعين عليها في هذا السياق تحمل
مسؤولية مشتركة إزاء النظام الدولي مع
مراكز القوى الجديدة الناشئة، حتى لا
تقع ضحية لما وصفه المؤرخ بول كنيدي ب»الاستنزاف
الإمبريالي». وهناك
من المراقبين من تنبأ بنشوء عالم
للقطبية المتعددة، تتمكن فيه القوى
الإقليمية ذات النفوذ مثل روسيا
والصين والهند والبرازيل أو تركيا من
استقطاب الدول الصغيرة المجاورة لها،
ومن ثم تشكيل تكتلات قوى إقليمية،
تستطيع بواسطتها تحقيق نوع من توازن
القوى الدولي فيما بينها. ولكني لا
أعتقد أن في وسع تكتلات قوى كهذه أن
تنجح في تجزئة النظام الدولي وتقليصه
إلى نظام للهيمنة الإقليمية. ولا شك أن
الولايات المتحدة دولة باسيفكية، لا
يمكن عزلها عن منطقة شرقي آسيا، مثلما
لا يمكن عزل الصين ولا الهند عن منطقة
الشرق الأوسط والمناطق الأخرى الغنية
بالموارد الطبيعية. -
العالم «اللاقطبي» ومن
جانب آخر، سكّ «نيال فيرجسون» مصطلح «العالم
اللاقطبي»، الذي يرسم تصوراً عن عالم
تتخلى فيه الولايات المتحدة عن
هيمنتها الدولية تدريجياً بسبب
استنزاف قواها ومواردها في هذا الدور.
وحسب التصور، فلن تسد أي دولة الفراغ
الذي تتركه أميركا في النظام الدولي
هذا. ووفقاً ل»فيرجسون» فسوف تسلط
الصين جهودها لتعزيز استقرارها
الداخلي وهي تمضي قدماً في تحديث
مجتمعاتها، بدلاً من تحمل التزامات
دولية واسعة النطاق. أما أوروبا، فيرجح
لها أن تتأثر وتنشغل كثيراً بانحسارها
الديموغرافي بعيد المدى. وفي ظل غياب
حارس للنظام الدولي، فإن من المتوقع
للصراعات الدينية، والنزاعات
الداخلية المحلية، واللاعبين غير
الحكوميين، مثل تنظيم «القاعدة» أن
تتسنم ظهر العالم وتمتطيه. - فراغ
ثم فوضى ومثلما
جرى في القول المأثور «الطبيعة تبغض
الفراغ»، فذلك هو شأن النظام الدولي.
فحين تبدأ الفوضى، فإنها سوف تنتهي
حتماً سواء طال الوقت أم قصر، إلى
إنشاء نظام دولي جديد تحكمه قوانين
الفوضى وحدها. وهذا ما يطالب القيادات
الحاكمة بفعل ما يجب عليها فعله لحماية
البشرية كلها من آلام ومعاناة لا وصف
لهما. ولعل
الوقت قد حان للتفكير في نهج وظيفي
للتعامل مع قضايا النظام الدولي. ذلك
أن الاتحاد الأوروبي لم ينشأ في نهاية
الأمر -في ظل غياب هيكل سياسي- إلا بسبب
نشوء كيانات وظيفية قربت بين الدول ذات
المصالح المشتركة فيما بينها، وجعلت
منها كياناً موحداً هو السوق
الأوروبية المشتركة للفحم والحديد-
الذي كان خطوة ضرورية في ذلك الوقت. وعليه
نثير السؤال: هل باستطاعتنا إنشاء نهج
وظيفي بحيث يكون أوسع من الكيانات
الإقليمية وأقل من الأسس التي يقوم
عليها النظام العالمي، ويكون فيه
الدور الأكبر للدول الأكثر تأثراً
باضطرابات الوضع الدولي الحالي؟ في
الإجابة عن هذا السؤال، تعد أفغانستان
حالة مناسبة تماماً لمناقشة ما نحن
بصدده. فهناك ليس ثمة مصلحة واحدة لأي
من الدول التي تربطها مصالح
استراتيجية أو علاقات إقليمية
بأفغانستان، أن تحرز حركة «طالبان»
نصراً في الحرب الجارية، أو أن يعود
تنظيم «القاعدة» ليصبح دولة داخل
الدولة في كابل، أو أن تتمزق أفغانستان
إلى أشلاء عرقية بين القبائل
البشتونية وغير البشتونية. وحتى إيران
-الدولة ذات النظام الشيعي- ينبغي
عليها أن تحول دون عودة نظام حكم أصولي
معادٍ للشيعة إلى العاصمة كابول. أما
بالنسبة لباكستان، فإن من شأن الصعود
السياسي للمتطرفين في الجوار مباشرةً
أن يزعزع الاستقرار السياسي لإسلام
أباد نفسها. وللهند كامل المصلحة في
تفادي اشتعال نيران التطرف أو إحراز
المتطرفين لأي نصر سياسي في الجارة
كابول. وفيما لو تمكنت العناصر
البشتونية المتطرفة من الصعود إلى سدة
الحكم مجدداً في أفغانستان، فإن من شأن
ذلك أن يزعزع استقرار الجمهوريات
السوفييتية السابقة مثل أوزبكستان
وطاجسكتان، بسبب النزاعات العرقية
التي سوف يسببها الصعود السياسي
البشتوني في كابول. وبالمثل فإن صعود
التطرف الإسلامي في سينكيانج أن يحدد
بعضاً من المصالح الوطنية المستقبلية
للصين. -
التجربة الأفغانية ولكل
هذه الدول مصلحة أكبر مما للولايات
المتحدة الأميركية في استقرار
أفغانستان وتماسكها الداخلي. وفي
الوقت الحالي، فقد جرى تفسير الدور
الذي تقوم به الولايات المتحدة في
أفغانستان لعامة الأميركيين، على أنه
يمثل جزءاً من حماية المصالح القومية
الأميركية. وقد حظي هذا التفسير
بالقبول والرضا من جانب الأطراف
الإقليمية ذات العلاقة بأفغانستان،
نظراً لعلم هذه الأطراف بأنه ليس
للولايات المتحدة أي نوايا لاستدامة
وجودها العسكري في أفغانستان. بيد أنه
ليس في وسع الدور الأحادي -في الأساس-
الذي تقوم به أميركا هناك، أن يوفر
حلاً بعيد المدى للمعضلة الأفغانية.
ولا بد لحل كهذا أن يأتي من ائتلاف من
الدول التي تحدد وتحمي ثم تضمن تحقيق
الأهداف المرجوة لهذه الدولة. ويتعين
على واشنطن أن تلعب دوراً محافظاً -وليس
مركزياً مسيطراً- على هذا الجهد
التحالفي الدولي. وعلى
صعيد آخر، فإن علاقات واشنطن بالصين
ربما تكون عنصراً حيوياً في إنشاء نهج
وظيفي كهذا، وفي النظام الدولي عموماً.
وربما تعتمد على العلاقة بين
الدولتين، آفاق مستقبل السلم والنظام
العالميين. هذا وقد عقد كثير من الكتاب
والمحللين مقارنات بين صعود الصين
باعتبارها قوة عظمى، وما يرتبط بذلك من
احتمال شدة التنافس بينها والولايات
المتحدة الأميركية في عصرنا الحالي،
وما كان عليه صعود الدور الألماني في
أوروبا قبل مئة عام مضت، حين كانت
بريطانيا العظمى القوة الدولية
الوحيدة المهيمنة، ولكنها عجزت رغم
ذلك عن لجم جموح ألمانيا وضمها إلى
نفوذها. وبالمقارنة،
فإن الحالة الصينية تعتبر أكثر
تعقيداً، لكونها ليست مسألة إلحاق
دولة للأمة في كيان سياسي عام على
الطريقة الأوروبية، وتحقيق تكاملها
فيه، إنما تنطوي الحالة الصينية على
صعوبات وتحديات التعامل مع قوة قارية
صاعدة النفوذ. والحق أن صعود الصين
تصحبه تغيرات اجتماعية اقتصادية ضخمة،
يتضمن خلخلة داخلية في بعض الأحيان.
وعليه، فسوف تظل قدرة الصين على
الاستمرار في صعودها الإقليمي الدولي،
جنباً إلى جنب قدرتها على إحداث
التحولات الداخلية الخاصة بها، أحد
الأسئلة المحورية الكبرى لعصرنا
الحالي. -
السيناريو الألماني هذا
ولا تمثل زيادة المشاركة الشعبية
العامة طريقاً حتمياً مؤدياً للتصالح
العالمي كما يعتقد البعض في كثير من
الأحيان. ولنذكر بهذه المناسبة أن
ألمانيا كانت قبل قرن مضى قد سمحت
تدريجياً بإطلاق مزيد من حريات
التعبير والصحافة. بيد أن فضاءات هذه
الحرية العامة، سرعان ما ترددت فيها
جوقة من الأصوات، بما فيها تلك التي
عبرت عن نزعات وطنية شوفينية، أصرت على
تبني ألمانيا لسياسات خارجية أشد
تأكيداً واعتداداً بالذات الألمانية.
وعلى القادة الغربيين أن يضعوا هذه
الحقيقة التاريخية نصب أعينهم وهم
يراقبون وينتقدون سياسات الصين
الداخلية. وليست
هذه مناسبة لاستعراض أو مراجعة
العلاقات الأميركية-الصينية. غير أني
أود الإشارة إلى نقطة عامة واحدة.
فكلتا الدولتين -أميركا والصين- تمثلان
نماذج لدول أقل وطنية بالمعنى
الأوروبي للكلمة، من كونهما تعبيراً
عن هويات قارية ثقافية أوسع نطاقاً.
فليست لأيهما تجربة بذاك الحجم والقدر
في علاقات التعاون الندي مع الشركاء
الإقليميين أو الدوليين. ومع ذلك، فإنه
ليس لقادة كليهما من مهمة أسمى ولا
أكثر أهمية من الالتزام بحقيقة أنه ليس
في وسع أيهما فرض سيطرته على الآخر،
وأن من شأن نشوب أي نزاع بينهما أن
يستنزف مجتمعاتهما، إضافة إلى تقويض
أي آفاق محتملة للسلم العالمي. وفي
التزام كهذا قمة الواقعية السياسية.
ولهذا السبب، فإن تحقيقه يتطلب توفير
إطار للتعاون المستمر بينهما في
القضايا الأساسية، وليس الحوار
المستمر بشأن الأزمات قصيرة المدى. ==================== علي
الصفدي الدستور 23-12-2010
الدعوة
إلى إنهاء الوصاية الأمريكية على
الشرق الأوسط ، والتأكيد الذي أطلقه
الرئيس البرازيلي المنتهية ولايته "لويس
إيناسيو لولا داسيلفا" الذي اعترفت
بلاده بفلسطين دولة مستقلة في حدود 1967
، بأن السلام لن يتحقق في ظل هذه
الوصاية وأن المفاوضات الفلسطينية -
الإسرائيلية بحاجة إلى إشراك دول أخرى
في جهود العملية السلمية ، تلك الدعوة
المحقة قد جاءت نتيجة الإدراك الحلي
الواضح لمدى الانحياز الأمريكي الكلي
إلى جانب إسرائيل ، وعجز واشنطن عن
ممارسة أي ضغط عليها لوقف الاستيطان
الابتلاعي للقدس والأراضي الفلسطينية
المحتلة وعدم قدرتها على إلزامها
بمرجعيات التسوية السلمية وحل
الدولتين المطروح وفق رؤية أمريكية
سابقة ، والمجمد حالياً جرّاء تراجع
الرئيس (باراك أوباما) وعدم استطاعة
الإيفاء بما وعد به في بداية عهده ، مما
أفقد الدور الأمريكي صلاحيته في رعاية
المفاوضات ودفعها في الوجه الصحيح ، إذ
يستحيل أن يكون الوسيط منحازاً كلياً
ومتحالفاً استراتيجياً مع أحد طرفي
النزاع ، وأن يكون منصفاً للطرف الآخر
في الوقت ذاته. ولقد
سبق للبروفيسور الأمريكي من أصل
فلسطيني (نصير عاروري) أن خلص إلى مثل
هذه النتيجة في كتابه الهام "أمريكا
الخصم والحكم" الذي أصدرته قبل خمس
سنوات واحتوى على تفاصيل مثيرة لخفايا
عملية السلام وإجهاضها المبكر جراء
التغاضي الأمريكي عن خطر السياسات
الإسرائيلية القائمة على الضم الفعلي
المتواصل للأراضي الفلسطينية عن طريق
توسيع النطاق الاستيطاني الذي يجعل من
الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي
الفلسطينية شبه مستحيل ، ويشير عاروري
إلى أن اتفاقات أوسلو قد خدعت الكثيرين
بأنها الخطوة المباركة الأولى نحو
السلام ، لكن السنين الطويلة التالية
من الانسداد والعقم والتخبط العشوائي
، كل ذلك أصاب عملية السلام بضربات
قاتلة متلاحقة ، وأن التصاعد المحموم
لنشاط الاستيطان في الأراضي المحتلة
منذ توقيع اتفاق المبادئ في أيلول 1993
قد أحال عملية السلام إلى مهزلة مهينة
فاجعة ، ولم يكتف الرسميون في واشنطن
بأن غضوا الطرف عن خطر هذه المستوطنات
على السلام بل إنهم يسّروا كل عسير
أمام دافعي الضرائب الأمريكيين حتى
يتبرعوا بما يستطيعون لبناء هذه
المستوطنات وتوسيعها الذي لم يتوقف
يوماً واحداً حيث نفذت إسرائيل
مخططاتها القائمة على تمزيق الضفة
الغربية إلى مناطق يهودية ومناطق
عربية بغية خلق كانتونات فلسطينية
مطوقة بأراضْ تخضع لسيطرتها ، ساعدها
في ذلك إعطاء الرئيس الأمريكي السابق (جورج
بوش) لحكومة شارون حرية التصرف بحياة
الفلسطينيين وحريتهم وأملاكهم ووطنهم
، مما جعل خطة الباتوستانات
الفلسطينية تتواصل على قدم وساق. ويعود
التماهي الأمريكي مع الموقف
الإسرائيلي لعدة أسباب منها اعتبار
إسرائيل حليفاً للولايات المتحدة
واعتقاد واشنطن بأنها تخدم المصالح
الوطنية الأمريكية ، كما أن معظم
الأمريكيين - كما كتب عاروري - يعتبرون
إسرائيل ضحية فيرفعونها فوق النقد ،
ولا يحفلون بما تفعله بالفلسطينيين ،
ولا يرون هؤلاء الضحايا الذين سلبت
إسرائيل بلادهم واخضعتهم لنظام احتلال
عنصري ، وشردت غالبيتهم جديرين بالعطف
، وأمام كل ما تقدم وغيره كثير ، كيف
يمكن لأي إدارة أمريكية أن تكون وسيطاً
محايداً نزيهاً؟ وكيف لها أن تكون
خصماً وحكماً في الوقت ذاته؟ ==================== د.
فايز رشيد الدستور
23-12-2010 لم
يكن الوضع العربي اكثر بؤسا مما هو
عليه الآن ، ذلك أننا سنشهد في المرحلة
القريبة القادمة ، سايكس بيكو جديدة ،
بلباس عصري ، تسعى إلى تفكيك الدولة
القطرية العربية.لقد سعت إسرائيل منذ
قيامها وما تزال وأعوانها وحلفاؤها
إلى تفتيت وحدة النسيج الاجتماعي في كل
دولة عربية.للأسف لم تنتبه الدول
العربية منذ البدايات إلى المؤامرات
التي تستهدف وحدتها ، لتعمل على حل
كافة الإشكاليات المعنية ، سواء أكانت
عرقية أم طائفية أو مذهبية.بالطبع يقول
كثيرون:ما أسهلَ إلقاء المسائل على
نظرية المؤامرة ، وهم في جانب من قولهم
محقون ، فلولا العوامل الذاتية لكل
دولة عربية والتي سمحت بطريقة أو بأخرى
بشكل مباشر أو غير مباشر ، لنمو مثل هذه
التيارات الانقسامية ، لما كان
التهديد بالانقسام سهلاً. الحلول
في المراحل الأولى لم تكن صعبة ،
وتتمثل في جملة من الممارسات:الاعتراف
بالأقليات القومية الموجودة في داخل
الدولة ، إعطاء هذه الأقليات حقوقها في
صون خصوصياتها الثقافية ، ولغاتها(إن
كان ثمة لغة لكل منها) ، احترام عاداتها
الاجتماعية ، ورموزها الوطنية ، العمل
على تعميق الوحدة الوطنية في النسيج
الاجتماعي داخل الدولة ، الحرص على
تسييد الديموقراطية في التعامل داخل
الدولة ، وبين فئات المجتمع بمختلف
مكوناته العرقية والدينية والطائفية
والمذهبية. نعم ،
لقد لعبت هذه الأقليات والجماعات
المختلفة الانتماء دوراً مهماً في
معركة استقلال الدولة العربية الحديثة
، وفي بناء وحدتها وتأسيسها. مناسبة
القول:خطاب رئيس إقليم كردستان زعيم
الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود
البرازاني ، في المؤتمر الثالث عشر
للحزب ، والذي حضر حفل افتتاحه كل
الزعماء العراقيين(أو معظمهم) ،
ومطالبته بحق تقرير المصير للأكراد.في
اليوم التالي للخطاب انضم حزب الاتحاد
الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس
العراقي جلال طالباني ، إلى دعوة
البرازاني ، من خلال تصريح برهم صالح
رئيس حكومة إقليم كردستان والذي طالب
فيه(بحق الأكراد في تقرير مصيرهم). الدعوة
الكردية ، هي مقدمة للمطالبة
بالانفصال اللاحق ، فلطالما حلُم
الأكراد بدولتهم المستقلة ذات السيادة
مثل باقي الدول.ما طالب به البرازاني
أيضاً هو:ضم مدينة كركوك إلى إقليم
كردستان وهو مطلب كردي عام. الدعوة
الكردية تعززت بالاحتلال الأمريكي -
الغربي للعراق ، فمنذ الأيام الأولى
للعدوان ، حرص الأكراد على ما يشبه
الاستقلال بإقليمهم(الذي تم فرض الحظر
الجوي عليه منذ العام1991 من قبل مجلس
الأمن الدولي) و حرصوا فيما بعد على
تضمين الدستور العراقي نصاً ، بإنشاء
العراق الفيدرالي(بالطبع هذه كانت
رغبة أمريكية) ، ونصاً أخر على ضرورة
إجراء استفتاء شعبي في مدينة كركوك
لتقرير مصيرها. المطلب
الكردي لم يكن بعيداً عن الرغبة
الأمريكية التي استهدفت من وراء
عدوانها على العراق ، تفتيته إلى
دويلات اثنية وطائفية ، دولة للأكراد
في الشمال ، ودولة للشيعة في الجنوب ،
وثالثة للسنة في الوسط ، وذلك من أجل
تقسيم العراق كدولة عمق استراتيجي
للدول العربية المجاورة ، وكدولة تلعب
دوراً كبيراً في الصراع العربي
الصهيوني ، ولذلك حرصت الولايات
المتحدة على إنشاء قنصلية لها في أربيل
، وكُتبت تحقيقات كثيرة عن الدور
الإسرائيلي المتصاعد فيها في المجالات
المختلفة ، بما فيها:الجوانب الأمنية. الأكراد
يحتلون في العراق ، مواقع مهمة ، فمنهم
رئيس الجمهورية ، ووزير الخارجية ،
وإقليم كردستان له دستوره المنفصل ،
ورئيسه ، وحكومته المستقلون(بالمعنى
الفعلي) وله ميلشيته(عملياً جيشه) ، وهو
يعيش حكماً ذاتياً(منذ النظام العراقي
السابق). تعزز هذا الحكم بعد الاحتلال
الأمريكي - الغربي للعراق.لقد نّص
الدستور العراقي أيضاً:على حق إقليم
كردستان بجزءْ من الثروات فيه ، أي أن
الإقليم أصبح شبه دولة ، ولكن(اسمياً)في
إطار العراق الواحد.الآن يسعى الأكراد
لضم كركوك إلى الإقليم وإعلان دولتهم
المستقلة كاملة السيادة ، وإذا ما بقيت
الأمور مثلما عليه الآن ، وبخاصة
التشظي السياسي العراقي ، وعدم سيطرة
الدولة على مقاليد الأمور في العراق ،
وارتفاع منسوب الاثنية والطائفية
والمذهبية والدينية فيه ، وانعدام
الأمن ووجود الفوضى ، ونهب ثرواته من
المحتل الأمريكي ، إضافة إلى انتشار
الفساد(الذي تعلنه الحكومة العراقية
ولا تخفيه) ، وتعدد الانتماءات ، ووجود
الميليشات المذهبية والطائفية ،
وانتشار عصابات الإجرام ، والسلب
والنهب ، والاختطاف(وهذه كلها بركات
التدخل الأمريكي،). كل هذه العوامل
تسببت في هجرة ما يزيد عن خمسة
الملايين من العراقيين خارج وطنهم ،
إذا ما بقي كل ذلك قائماً ، فلن يمنع
الأكراد شيء من الاستقلال بدولتهم.العقبة
الوحيدة أمام الإعلان: هي دول الجوار
الإقليمي وتحديداً إيران وتركيا
وسوريا ، وكلها لا تؤيد إقامة مثل هذه
الدولة ، نظراً لوجود أقليات كردية
فيها ، خوفاً من امتدادت الدولة
الكردية العتيدة إلى هذه البلدان ،
ومطالبة الأكراد فيها بالانفصال عن
البلدان الأم ، والانضمام إلى الدولة
الجديدة. نقول
عن مرحلة تفتيت الدولة القطرية
العربية ، ذلك أننا على أبواب انفصال
الجنوب السوداني عن الوطن الأم ، ففي
التاسع من يناير القادم سيتم تنظيم
استفتاء دولي للتصويت لصالح الانفصال
أو البقاء مع السودان.الحركة الشعبية
لتحرير جنوب السودان لا تخفي دعوتها
لحث الجنوبيين على الانفصال .لذلك فإن
الولايات المتحدة افتتحت مسبقاً سفارة
لها في جوبا ، إضافة إلى وجود قنصلية
إسرائيلية ، ووجود مخططات جاهزة
للدولتين للتعاون مع الدولة الحديثة.الحركة
الشعبية لم تنكر هذا الأمر ، وأعلنت في
وسائل الإعلام كافة استعداداتها
الكبيرة للتعاون مع كل من أمريكا
وإسرائيل. في
لبنان أيضاً توجد دعوات من فئات مختلفة
، لإنشاء كونفدرالية لبنانية تعتمد
التقسيم الديني والطائفي والمذهبي فيه
، وإذا ما جاء قرار المحكمة الدولية
المكلفة بإصدار الاتهام في حادثة
اغتيال رفيق الحريري ، مسيساً ، وهو
على الأغلب سيكون كذلك ، فلربما سيؤدي
هذا القرار إلى تفجير الوضع اللبناني ،
وعودة شبح الحرب الأهلية اللبنانية(لاسمح
الله) مرة أخرى.في هذه الحالة ستتعزز
الدعوات لإنشاء الكونفدرالية
اللبنانية ، والتي يقُصد منها أولاً
وأخيراً تفتيت لبنان ، بإنشاء دويلات
صغيرة على أرضه. في
اليمن ، ليس الوضع بأفضل ، فوجود قضية
الحوثيين ، والحراك الجنوبي(الذي
يعتبر الجنوب محتلاً من قبل الشمال) ،
عاملان مهددان للوحدة اليمنية. كثيرون
ينادون بإنشاء دولة للأقباط في مصر ،
ودولة للأمازيغ في المغرب العربي ، حتى
أن أعمدة صحفية كثيرة وكتابات أمريكية(بعد
أحداث 11 أيلول عام )2001 نادت بتفكيك
المملكة العربية السعودية إلى دويلات.كما
أن قضية الصحراء الغربية مع المغرب ،
مهددة لوحدة الدولة العربية القطرية ،
والحبل على الجرار. من
الواضح أنه وإذا تم التصويت لصالح
انفصال الجنوب عن السودان(وهو غالباً
كذلك) ، وإذا ما تم انفصال الأكراد ،
فستعتبر الخطوتان ، سابقتين يمكن
الإقتداء بهما،فهل تحس الدولة القطرية
العربية بالخطر الذي يتهدد وحدتها؟. ==================== هل
اسرائيل واحة الديمقراطية فعلا ؟ عوني
فرسخ 2010-12-22 القدس
العربي غداة
اقامة اسرائيل رفع شعار "اسرائيل
واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط "
. ولقي الشعار ولا يزال تقبلا واسعا حتى
لدى غالبية النخب السياسية والفكرية
العربية ، وذلك بتسليط الاضواء بكثافة
على مؤسسات النظام الليبرالي القائمة
فيها ، حيث تعددت الاحزاب ، وتنوعت
الصحف ، وتوالت الانتخابات وتداول
السلطة ، وجرت مساءلة صناع القرار عن
تقصيرهم ، بما لا يكاد يختلف عما هو
قائم في اعرق الديمقراطيات الاوروبية
والامريكية ، كما انه متمايز كيفيا عما
هو شائع في الاقطار العربية كافة . والسؤال
الذي يفرضه الواقع الصهيوني : هل إن ما
هو قائم تعبير حقيقي عن واقع ديمقراطي
، أم أنه ليبرالية صهيونية ذات بعد
واحد تجسد احدث اساطير التفوق
الصهيوني المدعى بها ، وليس ترويجها
إلا من قبيل تعزيز الصورة الخادعة
لكيان استعماري استيطاني عنصري ،
محكوم منذ نشأته بعقيدة تلمودية
مناقضة لاسس الديمقراطية ؟ وفي
الاجابة عن السؤال المطروح أذكر
بحقائق نشأة الكيان وواقعه التالية : فالكيان
لم ينشأ نتاج تطور ديمقراطي لشعب مستقر
تاريخيا في الارض التي فرض عليها ، ولا
كنتيجه تنفيذ سلمي لقرار التقسيم
المنشىء له ، وانما بفعل سلسلة جرائم
تطهير عرقي بادرت الى اقترافها
المنظمات الصهيونية غداة صدور قرار
التقسيم ، مستغلة افتقاد عرب فلسطين
لاي تنظيم مسلح نتيجة القمع البريطاني
. بحيث تجاوز الصهاينة حدود التقسيم
باحتلالهم 78 % من ارض فلسطين ، وفرضهم
التهجير القسري "الترانسفير" على
85 % من المواطنين العرب في الارض
المحتلة ،. فضلا عن اقترافهم ما يقدر
بمائة مجزرة والعديد من حالات
الاغتصاب . ومنذ
اقامة الكيان الصهيوني كان التناقض مع
الديمقراطية قاعدة ممارسات صناع قراره
وجمهوره . إذ اعتمدوا ، ولا يزالون ،
استراتيجية الاستهانة المتعمدة
بالقرارات والقوانين والاعراف
الدولية ، والتنكر الصارخ لشرعة حقوق
الانسان . وهذا ما يتجلى بالامتناع عن
تنفيذ حق العودة بموجب القرار 194 الذي
قبلت اسرائيل عضوا في الأمم المتحدة
عندما التزمت بتنفيذه وفق بروتوكول
لوزان سنة 1949 . كما بتواصل التمييز
العنصري ضد المواطنين العرب الصامدين
في أرضهم ، الذين برغم اعتبارهم
اسرائيليين رسميا اخضعوا حتى العام 1966
لحكم عسكري متعسف في اجراءاته القمعية
، التي لم تتوقف باعلان نهاية الحكم
العسكري . ولم
يقف الامر في "واحة الديمقراطية "
عند تدمير قرى ومصادرة اراضي الذين
هجروا خارج الحدود ، وانما طال التدمير
غير يسير من قرى الصامدين وجرت مصادرة
مئات آلاف الدونمات من اراضيهم . بحيث
تضم اسرائيل اليوم قرابة ثلاثمائة الف
لاجىء عربي ، يعرفون بانهم "الحاضرون
الغائبون" ، إذ هم برغم وجودهم على
مقربة من قراهم المدمرة ممنوعون من
اعادة اعمارها او فلاحة حقولهم
المهجورة ، ومثالهم مواطنو قريتي "اقرت"
و"كفر برعم" في اعالي الجليل .
ومنهم الذين اقاموا مساكن عشوائية على
اطراف قراهم التي طردوا منها ، وعرفت
مساكنهم بالقرى "غير المعترف بها
" التي لم تربط بخطوط الكهرباء
والمياه وقنوات الصرف الصحي ، ومثالها
قرية "العراقيب" وسط النقب المحتل
. ولا شك
ان اسرائيل تمتلك كل المؤسسات
الليبرالية ، إلا أن الالتزام
بالعقيدة الصهيونية هو القاسم المشترك
الاعظم لمواقف جميع الاحزاب والصحف من
اقصى اليمين الى اقصى اليسار. بدليل
انه ليس بين المصنفين "يساريين"
من رفض الاقامة في الارض العربية
المحتلة ، أو امتنع عن سكنى منزل هجر
منه اصحابه . فضلا عن الاجماع العام على
رفض حق عودة اللاجئين أو الانسحاب
لحدود التقسيم ، او اخلاء الضفة والقدس
الشرقية من المستوطنات . أو تنفيذ قرار
محكمة العدل الدولية بتفكيك جدار
الفصل العنصري ، أو اقامة الدولة
الفلسطينية تامة السيادة على كامل
الارض المحتلة سنة 1967 . ما يعني في
التحليل الاخير ان التمايزات بين
الاحزاب والصحف الصهيونية والمفكرين
والساسة الاسرائيليين انما هي تمايزات
في درجة الالتزام بالفكر والعمل
الصهيوني ، وليست تباينات نوعية في
الموقف من الطبيعة العنصرية للكيان
ودوره في خدمة مصالح القوى الدولية
راعيته . ولعلم
من لا يرون في الديمقراطية غير
المؤسسات الليبرالية : ، دون اعتبار
لمضمونها ، أنه في الانتخابات
الالمانية في 31 يوليو / تموز 1932 حاز
الاولوية الحزب النازي بزعامة هتلر ،
بحصوله على 37.3 % من الاصوات . وأن هتلر
انتخب مستشارا في يناير / كانون ثاني 1933
بتأييد احزاب اليمين : حزب الشعب
الوطني الالماني ، وحزب الشعب
الالماني ، والمركز الكاثوليكي بزعامة
فون باين . وخلال العهد النازي كان
غالبية الالمان ، رجالا ونساء ،
منتظمين في هيئات المجتمع المدني . ما
يعني أن العبرة ليست في توفر وفعالية
المؤسسات الليبرالية فقط ، وانما أيضا
في فلسفة النظام وبرامجه السياسية
والاجتماعية . وحقا
إن اسرائيل متفوقة على المجتمعات
العربية بتوفير المؤسسات الليبرالية ،
وما يتمتع به عناصر التجمع الاستيطاني
الصهيوني من حرية الارادة ومشاركة في
صناعة القرارات . غير أن الاقطار
العربية ، برغم قصورها الديمقراطي
وعدم خلوها من ممارسات عنصرية مدانة ،
ليس بينها قطر غير متفوق على اسرائيل
بانعدام التمييز العنصري بحكم القانون
تجاه حملة جنسيته ، أو لديه قوانين
عنصرية تجاه الآخر ، كما هي الحال في
"واحة الديمقراطية" الملتزم صناع
قرارها وجمهورها بالرفض القاطع لان
تكون دولة كل مواطنيها . وليس
ابلغ اجابة عن السؤال المطروح بداية من
انه خلال العام الجاري مر على
المعتقلات ما يقارب ألف قاصر مقدسي ،
وان بعضهم ممن لا يجاوزون الرابعة عشرة
فرضت عليهم الاقامة الجبرية في بيوتهم
، كما كانت تفعل الدول الاستعمارية مع
الزعماء الوطنيين ، وان بعضهم الآخر
عزلوا عن اسرهم ، لأنهم قاوموا
بالحجارة جنود احتلال مدججين بالسلاح. كاتب
فلسطيني ==================== الاعتراف
الأمريكي بالدولة الفلسطينية وخيارات
لجنة المتابعة العربية؟ عماد
الحديدي 2010-12-22 القدس
العربي هل
هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها
أمريكيا صراحة عدم الاعتراف بالدولة
الفلسطينية إذا أعلنت من جانب
الفلسطينيين؟ ما الذي دفع أمريكيا إلى
الإسراع في دعوة الكونغرس الأمريكي
للانعقاد واتخاذ هذا القرار؟ ما هي
الخيارات التي يمكن على لجنة المتابعة
العربية اتخاذها لمواجهة الانقلاب
الأمريكي على المفاوضات الإسرائيلية
الفلسطينية؟. لم تكن
هذه المرة الأولى التي تقدم بها
أمريكيا الدعم السياسي المطلق
لاسرائيل وتعلن بصراحة أنها ضد إعلان
الدولة الفلسطينية من جانب واحد ولم
يأت القرار كردة فعل بل هو سياسة
ممنهجة تسير عليها جميع الإدارات
الأمريكية المتعاقبة ولكن تختلف في
طريقة وتوقيت إخراجها: -فقد
عارض مجلس الشيوخ الأمريكي في 12/يوليو/1988
مشروع البرنامج السياسي للحزب
الجمهوري الداعي بقيام وطن قومي
للفلسطينيين -في 2/نوفمبر/1988صرح
احد مساعدي الرئيس جورج بوش (الأب) أن
التعاون الاستراتيجي بين الولايات
المتحدة وإسرائيل هو مفتاح السلام في
الشرق الأوسط رافضا (بوش) الاعتراف
بالدولة الفلسطينية -في 15/نوفمبر/1988
أعلنت الخارجية الأمريكية أن الولايات
المتحدة لا توافق على إعلان قيام دولة
فلسطينية مستقلة لان ذلك يعد تقريرا
لمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة من
جانب واحد في الوقت الذي ترى فيه أن
مستقبل هذه الأراضي ينبغي أن يقرر من
خلال المفاوضات -هدد
الرئيس السابق بل كلينتون زوج وزيرة
الخارجية الحالية هيلاري كلنتون في 30/يونيو/
2000 السلطة الوطنية الفلسطينية بإعادة
النظر بالعلاقات الأمريكية
الفلسطينية إذا أقدمت السلطة على
إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد.
أما ما
دفع أمريكيا للإسراع في عقد جلسة
الكونغرس للتأكيد من جديد على الموقف
الرسمي الأمريكي هو التلويح الفلسطيني
والعربي بالذهاب إلى مجلس الأمن
لانتزاع الاعتراف بالدولة
الفلسطينية، والتعاطي الدولي
المتنامي مع الاعتراف وخاصة دول
أمريكيا الجنوبية البرازيل
والأرجنتين والاورغواي وبوليفيا،
التي اعترفت صراحة بالدولة
الفلسطينية، بجانب تململ الاتحاد
الأوروبي وموقفه الضبابي من القضية
رغم إعلانه في بروكسل بأنه يرفض طلب
السلطة الوطنية الاعتراف الأحادي
الجانب بالدولة الفلسطينية واكتفى
بإبداء أسفه من فشل محاولات تجديد
تجميد البناء في المستوطنات، فأرادت
أمريكيا وضع العصا أمام الراعي حتي
يعرف الفلسطينيين والعرب حجمهم عند
أمريكيا وان نهاية ما سيصلون إليه هو
الفيتو الأمريكي، ورسالة سريعة للدول
الأوروبية والأمريكية لإعادة النظر
بهذه المواقف المتسرعة وغير المدروسة
كونها تهدد العلاقة مع أمريكيا وهذا
يعيد بنا الذاكرة إلى يوم 29/نوفمبر/1949حين
بذلت أمريكيا جهودا مكثفة في الضغط على
عدد من الدول لحملها على التصويت إلى
جانب تقسيم فلسطين وخصوصا مندوبي
هايتي وليبريا وسيام (تايلاند)، التي
لولا تحول هذه الدول من الرفض إلى
الموافقة لفشل قرار التقسيم. وبالتالي
نجد المشكلة والمعضلة الكؤود هي
أمريكيا التي ما عادت وسيطا نزيها او
معتدلا بل تحولت من وسيط إلى ناقل إلى
داعم إلى متبني الرؤية الإسرائيلية
مما يتطلب من الدول العربية ولجنة
المتابعة (المنبثقة عن القمة العربية
في بيروت لمتابعة المبادرة العربية
وتحولت فيما بعد إلى مرجعية المفاوضات
الإسرائيلية الفلسطينية) اذ أصبحت
تعطي الضوء الأخضر للقيادة الفلسطينية
في السير في المفاوضات كما وجدناه في
المفاوضات غير المباشرة و المباشرة
وها نراه في لقاء الأربعاء 15/ديسمبر/2010
الذي رفضت اللجنة فيه استئناف
المفاوضات إلا بعد تقديم عرض جاد من
الولايات المتحدة يوضح مرجعية التفاوض
وأسسه كما جاء في بيان اللجنة، رغم ان
أمريكيا أبلغتهم بموقفها الجديد عبر
زيارة ميتشل الأخيرة للمنطقة والتي
جاء بست نقاط حسب السيد حنا عميرة عضو
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية والتي لخصها في حل لمدينة
القدس، تطبيق حل الدولتين ، الحدود مع
مصر والأردن،مستقبل المستوطنات، حل
منصف وواقعي لقضية اللاجئين، وتقرير
حصص المياه، والتي عبر عنها حنا عميرة
بأنها أسوأ من اتفاق أوسلو بينما وصفها
السيد عزام الأحمد عضو اللجنة
المركزية لحركة فاتح بالعائمة
والعامة، إذن هذا هو الرد الأمريكي
المنتظر جاء ضبابيا عائما عاما وكأنه
يريد التفاوض من أجل التفاوض أو كما
وصفته صحيفة الجاردين "ان عملية
السلام في الشرق الأوسط ماتت حين أعلن
الرئيس الأمريكي باراك أوباما إقلاعه
عن محاولة إقناع رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتجميد
الاستيطان في الأراضي المحتلة ولم
يسارع أحد إلى دفنها، وان الزعماء
الفلسطينيين الذين يعترفون بإسرائيل
بدورهم يمتنعون عن الوفاء بوعودهم
بالاستقالة، حتى لا يفقدوا نفوذهم
السياسي ، وأما الولايات المتحدة فلا
تريد تحديد موعد الجنازة، لان
الاعتراف بأن الموت قد وقع سيعني ضرورة
فحص المجهودات التي بذلت على مدى 18
عاما دون جدوى، وهذا آخر شيء يريد فعله
رئيس يطمح إلى الحصول على فترة رئاسية
ثانية". وهنا
يتطلب من لجنة المتابعة العربية
والقيادة الفلسطينية العربية تغير
سياستها التفاوضية وان تتبنى
إستراتيجية جديدة للتعامل مع الملف
والقضية الفلسطينية ويمكن تلخيصها
بالنقاط التالية: •العمل
الجاد.لإعادة اللحمة الفلسطينية
وإنهاء الانقسام الفلسطيني وفق
الثوابت والمصالح الفلسطينية العليا،
ودعم المقاومة الفلسطينية بكافة
أشكالها وفق رؤية وطنية متفق عليها. •العمل
الجاد على تشكيل الاتحاد العربي الذي
يرعى المصالح العربية الكبرى في ظل
المخططات التي تنذر بالتقسيمات
الداخلية للدول العربية (العراق،السودان،
اليمن، المغرب،..) •التلويح
لامريكيا بان مصالحها في الشرق الأوسط
وخاصة العربية منها ما عادت آمنة •استغلال
المقومات العربية الاقتصادية وخاصة
الاستثمار العربي في أمريكيا. •التلويح
بالمقاطعة الأمنية لأمريكيا التي
تعتبر من أهم المصالح الأمريكية في
الشرق الأوسط. •استثمار
ورقة المعارضة العربية المتنامية في
الدول العربية لصالح الأنظمة القائمة
وعدم قمعها. •العمل
جنبا إلى جنب مع القوى المؤيدة
والداعمة للقضية الفلسطينية من
المؤسسات والأحزاب والتكتلات
المنتشرة في معظم الدول الأوروبية
والأمريكية والتي بدأت تصحو منذ حصار
غزة ومجزرة أسطول الحرية وسفينة مرمرة
التركية والتي بدا أثرها ملموسا على
الأرض مثل المقاطعات الاقتصادية
والأكاديمية والثقافية وقوافل كسر
الحصار المؤيدة للقضية الفلسطينية •دعم
جميع القضايا الحقوقية الإنسانية التي
ترفع في الدول الأوروبية ضد القيادات
الإسرائيلية والمطالبة بمحاكمتهم
كمجرمي حرب. •إعادة
النظر في إفرازات العملية السلمية
كالمعاهدات والاتفاقيات العربية
الإسرائيلية والمكاتب التجارية
والعلاقات الدبلوماسية الخفية التي
تقيمها الدول العربية سريا. كاتب
فلسطيني ==================== الوصاية
الأميركية على الشرق الأوسط! ابراهيم
العبسي الرأي
الاردنية 23-12-2010 ما
الذي جلبته الوصاية الاميركية على
الشرق الاوسط، سوى تدهور الأوضاع
السياسية والاقتصادية في العديد من
بلدانه، وفقدان الامن والاستقرار في
البعض الاخر، وخلق الصراعات والخلافات
بين عدد من بلدانه وزرع بذور الفتنة
والانقسام والتفتيت في البلد الواحد
كما يحدث في السودان وكما يمكن ان يحدث
في العراق بعد احتلاله وتخريبه ونهب
ثرواته، وتشجيع اسرائيل على استمرار
تطرفها ورفضها لدعوات السلام، ومواصلة
احتلالها للاراضي الفلسطينية
والعربية. هذا ما
التقطه الرئيس الارجنتيني المنتهية
ولايته لويس ايناسو لولا دا سيلفا في
دعوته لانهاء الوصاية الاميركية
المفروضة على الشرق الاوسط. وركز في
حديث له يوم الاثنين الماضي على عملية
السلام وطالب برفع يد واشنطن عن هذه
العملية ، فطالما كانت الولايات
المتحدة هي الوصي على السلام في هذه
المنطقة فلن يكون هناك سلام. والحقيقة
ان الرئيس الارجنتيني اصاب كبد
الحقيقة في حديثه هذا، فالولايات
المتحدة هي الحليف الاستراتيجي
لاسرائيل في المنطقة وهي تقف الى
جانبها وتدعم تهديدها الدائم لبلدان
المنطقة وتعلن جهارا نهارا انها
مسؤولة عن امن اسرائيل في تهديد اكثر
من واضح لكل من يحاول تخليص نفسه من
براثن هذا الوحش الصهيوني الخارج على
القوانين والشرائع الدولية، والمحكوم
من مجموعة من المجرمين والمطلوبين
للعدالة في معظم بلدان العالم عدا
الولايات المتحدة التي تغطي على
وحشيته وجرائمه. اكثر
من هذا فان واشنطن تتدخل على الدوام في
الشؤون السياسية لبلدان المنطقة معيقة
نهوضها وتقدمها وامتلاكها لناصية
الديمقراطية الحقيقية والحرية حتى تظل
اسرائيل هي الدولة الديمقراطية
الوحيدة كما تتبجح تل
ابيب وتؤكد واشنطن، ثم ان فرض الهيمنة
الاميركية على الشرق الاوسط يهدف الى
ارغام بلدانه على الدوران في فلك
السياسات الاميركية خدمة لمصالحها
الحيوية وغير الحيوية وخدمة لاسرائيل
التي تواصل رفض احلال السلام في
المنطقة. واقترح
الرئيس الارجنتيني الذي اعترفت بلاده
بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من
حزيران 67 ، اشراك قوى دولية اخرى في
عملية السلام بين اسرائيل
والفلسطينيين، كما انتقد العقوبات
القاسية المفروضة على ايران بدفع من
الولايات المتحدة على خلفية برنامج
ايران النووي السلمي، اذ وقفت
الارجنتين وتركيا ضد هذه العقوبات
لانها تعرف تماما ان العقوبات لم تأت
بفعل خوف الولايات المتحدة من امتلاك
ايران للسلاح النووي بل لانها لا تريد
لهذا البلد الشرق اوسطي ان يمتلك
الطاقة النووية التي ستجعل منه بلدا
قويا اقتصاديا وغير محتاج لاميركا
وغير اميركا من الدول الاوروبية، كما
لا تريد لبلدان الشرق الاوسط الاخرى ان
تحذو حذو ايران. اننا
نتمنى على الزعماء والقادة في الشرق
الأوسط والعالم كله ان يرفعوا اصواتهم
ويطالبوا بانهاء هذ ه الوصاية عن الشرق
الاوسط حتى يلتقط انفاسه ويعيد ترتيب
اوضاعه الداخلية والخارجية بما يقوده
الى النهوض والتقدم وترسيخ الحرية
والديمقراطية في اوساط شعوبه، وبما
يؤهله للوقوف في وجه اسرائيل التي تهدد
امنه وسلامه. ==================== العرب
والغرب الى أين؟ وما العمل؟! المستقبل
- الخميس 23 كانون الأول 2010 العدد
3865 - رأي و فكر - صفحة 20 سعود
المولى ساهمت
أحداث 11 أيلول والتطورات اللاحقة في
دفع الأزمات الكامنة بين العالم
العربي والغرب، ولا سيما الولايات
المتحدة، إلى حدها الأقصى. ومن هذه
الأزمات، تلك الناجمة عن سياسة "الكيل
بمكيالين" التي أعتمدها الغرب منذ
زمن بعيد، ومنها: -
تطبيق قرارات الامم المتحدة في حق دول
عربية وإسلامية رغم ما ألحقته وتلحقه
من خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وعدم
تطبيقها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل
وإيجاد المبررات لتهربها من الخضوع
للشرعية الدولية.. -
إدانة النضال الوطني المشروع في
فلسطين وتصنيفه في خانة الارهاب،
بينما يتم التساهل إزاء إرهاب الدولة
الذي تمارسه اسرائيل. -
مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل في
الدول العربية والإسلامية، والتغاضي
عن امتلاك اسرائيل السلاح النووي،
علماً أن مجلس الأمن كان قد أصدر
بتاريخ 19/6/1981 قراراً رقمه 487 ينص على أن
تضع اسرائيل منشآتها النووية فوراًً
تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة
النووية، ولم تمتثل إسرائيل.. إن
إنحياز الغرب، ولا سيما الولايات
المتحدة، لإسرائيل واعتماده سياسة "
الكيل بمكيالين" هما في جوهر الأزمة
القائمة بين العالمين العربي والغربي.
صحيح أن هذا التقابل الحاد بين الغرب
والعرب، وفي أساسه قيام دولة اسرائيل،
قد أدى الى إعاقة التطور في العالم
العربي، لكنه ليس السبب الوحيد. فهناك
أزمات أخرى يتحمل العرب مسؤولياتها،
منها: [
الأزمة الناجمة عن العجز عن بلورة
مشروع حضاري يؤمّن مصالحة المجتمعات
العربية مع الذات ومع العصر. فالعالم
العربي يُعاني، لكونه جزءاً من العالم
الثالث، مخاضا حضاريا عميقا. فهو عالم
يبحث عن ذاته، وعن صيغة لوجوده، وعن
موقع له في عالم اليوم يستطيع من خلاله
أن يكون عنصراً إيجابياً في صنع
الحضارة الإنسانية، والمساهمة في
تثبيت دعائم الاستقرار والسلام،
انطلاقاً من أصالة هويته وفرادة تراثه. [ أزمة
التنمية في العالم العربي الذي يشهد
انخفاضاً في إنتاجية عناصر الانتاج في
حين تسارعت معدلات التنمية في مناطق
أخرى من العالم، والفجوة آخذة في
الاتساع. والوضع الحالي للبطالة في
المنطقة هو الأسوأ بين جميع مناطق
العالم من دون منازع. ومعدلات الفقر
العام تراوح بين "28,6% و 30% في لبنان
وسوريا في حدها الأدنى ونحو 59,9% في حدها
الأعلى في اليمن ونحو 41 % في مصر. [ أزمة
الديمقراطية في العالم العربي حيث إن
الانسان لا يستطيع ممارسة حقه في توليد
السلطة ومحاسبتها. ولا يجد الإنسان
العربي من سبيل للخروج من الوضع
الاستبدادي سوى العودة إلى الماضي
هرباً من الحاضر وخوفاً من المستقبل.
ولهذه العودة إلى الماضي أشكالها
المختلفة: فإما تكون عودة إلى نوع
خرافي من الدين بعد أن تكون السياسة قد
اختزلته، وإما تكون عودة إلى
التكوينات الطائفية والإثنية التي
كانت سائدة قبل قيام الدولة الوطنية.
وأحياناً تكون مزيجاً من هذا وذاك حيث
تحتضن القبيلة والعشيرة والطائفة شتى
التكوينات الأصولية الظلامية.
[ أزمة
الحرية في العالم العربي حيث تحوّل هذا
العالم إلى "سجن كبير" تعيش وتموت
بين جدرانه العالية أجيال وأجيال تنظر
إلى العالم فتراه في حركة دائمة يتقدم
حيناً ويتراجع أحياناً، بينما الزمن،
زمنها، هو زمن معلق يحرسه الخوف من كل
شيء.. هكذا حكم على الإنسان العربي أن
يعيش حياة كئيبة وذليلة ومملة، تنعره
عقدة نقص دائمة بمجرد مقارنة وضعه مع
وضع الآخرين. إن ما
يجري في المنطقة العربية يشكل خطوة في
استكمال الاجراءات الآيلة الى إرساء
نظام عالمي جديد يعتمد على ليبرالية
اقتصادية غير محدودة، الأمر الذي
يفترض ترتيب أوضاع المنطقة سياسياً
وثقافياً بشكل يمكّن منطق السوق
وآلياته من التحكم في حركة الإقتصاد. العرب
والغرب: ما
العمل؟ إن
السنوات والتجارب الماضية قد كشفت لنا
عن أن الهول الذي يواجهنا عرباً
ومسلمين، كما مسلمين ومسيحيين، كبير
جداً، ويتناول سلامتنا الجسدية
المادية، ومضموننا الثقافي والقيمي،
ومصالحنا الإقتصادية، في أخص ما لها من
خصائص وفي أشمل ما لها من أطر. كما
يتناول دورنا في العالم، إذ يراد لنا
أن نكون مجموعة من البشر تزّود العالم
المتقدم إمكانات السوق وتستهلك ما
ينتجه على كل الصعد، وتبقى كماً مهملا
لا دور لها ولا ريادة في صنع هذه
المرحلة من التاريخ. إننا
في العالمين العربي والإسلامي بما
نحمل من قِيَم الإسلام والمسيحية، ومن
تراثاتنا الحضارية الإنسانية، نريد أن
نتواصل مع العالم ونثريه، ونتعاطى معه
على قاعدة "وجعلناكم شعوبا وقبائل
لتعارفوا"... فليس موقفنا من أية صيغة
للنظام العالمي موقف الرفض أو التبني،
وإنما نريد أن نكون جزءاً من هذا
النظام الجديد إذا كان عادلاً ونريد أن
نتكامل معه على أساس المساهمة في صيغته
لا على أساس التلقي والخضوع. إن
العالم الثالث عموما، والعالم العربي
والإسلامي بالتحديد، يسير نحو أوضاع
مثيرة للقلق. ولا تنفع هنا الوصفات
الجاهزة من قبيل "الإسلام هو الحل"
أو "الدولة الإسلامية هي البديل".
إن علينا تقديم أجوبة على التحديات
التي تثيرها إشكالية بناء الدولة
المدنية في عالمنا العربي والإسلامي،
وإشكاليات العلاقة بين الدولة
والمجتمع، وبين الأمة والوطن. إن
الحريات شرط للمعرفة وبقاء المجتمع
الأهلي، وإن الديمقراطية والشورى شرط
لتطور مجتمعاتنا ونهوض أمتنا وتقدم
شعوبنا. إن الدولة الحديثة في العالمين
العربي والإسلامي لم تنتج نموذجاً
للديمقراطية الخاص بها فلجأت إلى
أشكال من الديكتاتورية الظاهرية
والمقنعة. إننا
ندعو إلى المهادنة والمصالحة الداخلية
ووقف الاحتراب والنزف في مجتمعاتنا
العربية وذلك على قاعدتي الحوار
والتعددية : الحوار الإسلامي المسيحي،
والحوار الإسلامي العلماني، والحوار
بين الأنظمة والقوى السياسية
والجماهير الشعبية. إن هذه الدعوة قد
تكون مثيرة للجدل الكبير والكثير ذلك
أنها تصدم نمطاً وسياقاً في العمل
السياسي والديني وفي الفكر والمناهج،
حكمت أمتنا ومجتمعاتنا وحركاتنا
السياسية، وكانت برأينا المسؤولة عما
نحن عليه اليوم من تخلف وهزيمة ومن
انتظار وتوقع لأكبر المخاطر في
المستقبل. ولقد آن الأوان لإطلاق طاقات
الحوار السياسي وقبول الآخر، والسلم
الأهلي، والنهضة والإنماء الإنساني
الشامل، ولقبول التعددية الحزبية
والسياسية، وتداول السلطة بالوسائل
السلمية وعبر صناديق الاقتراع،
ولتوطين الديمقراطية في حياة
مجتمعاتنا وصون الحريات واحترام
الحقوق والواجبات. إن
دخولنا عالم الغد باعتبارنا شركاء
ومسؤولين لا عملاء وتابعين مرهون
بتنظيم شروط ذلك أي أن نغيّر ما بنا
ليمكننا الله من تغيير وضعنا وما حولنا.
إن
الشرط الداخلي للنهضة هو نحن: وحدتنا
الداخلية وسلمنا الأهلي
وديموقراطيتنا وحرياتنا. وإن
الشرط الخارجي للنهضة هو التوازن
والعدل في السياسة الدولية. غير إن عدم
تأمين الشرط الخارجي لا ينبغي أن يؤدي
بنا إلى التضحية بالشرط الداخلي. إن
طموحنا هو المساهمة في أطروحة انخراط
الأمة من خلال قياداتها كلها في مجال
الفكر والمعرفة والسياسة والتنظيم
لمواجهة التحديات، وإلى دمج القوى
الكامنة في أمتنا عبر المصالحة
والحوار الحي المفتوح بين مجموعاتنا
دولاً وموارد وقوى سياسية وفئات
ثقافية وإجتماعية. إن
السياقين الكبيرين في صنع الحاضر
والمستقبل منفصلان. فالقرار السياسي
يعمل في سياق ومؤسسات الفكر والبحث
تعمل في سياق آخر. صحيح أنه توجد مادة
معرفية ولكنها لا تدخل في الآلية التي
تحولها إلى طاقة. فآلياتنا تعمل من دون
طاقة لأن طاقاتنا مبددة أو مخزونة أو
مستغلة للآخرين. لن نستطيع بالطبع حل
هذه الإشكالات ولكن يكفي طرحها بوضوح
وجرأة والحوار حولها وتعميم ذلك
لتكوين حالة من المعرفة والوعي ومن
التضامن والتفاعل هي أكثر من ضرورية
اليوم لاجتياز المرحلة الراهنة
ومواجهة تحدياتها الصعبة .. ==================== السبب
والنتيجة في شمال شرق آسيا صحيفة
«جابان تايمز» اليابانية الرأي
الاردنية 23-12-2010
تجهّز
المناورات العسكرية الجيوش لاحتمال
نشوب صراع مفتوح مع الأعداء، وفي
الغالب تهدف إلى ردع الصراع من خلال
تحذير الخصوم بأن الدولة وحلفاءها
مستعدون للمعركة، وأنه سيتم التصدي
لهذا العدوان. يتم
إرسال رسالة ثالثة إلى جمهور مختلف،
وهم الحلفاء والشركاء والرأي العام.
إنها تذكير بأن الدولة تحمل
مسؤولياتها الأمنية على محمل الجد،
وأنها مستعدة للعمل بمفردها أو مع
حلفاء للدفاع عن مصالحها القومية.
تعتبر تلك الرسائل جميعها مهمة،
وتساعدنا على فهم الدفق الأخير من
المناورات العسكرية في شمال شرق آسيا. وبعد
سلسلة من العمليات الحربية التي قامت
بها كوريا الشمالية ضد جارتها
الجنوبية، التزمت الأخيرة والدول
المعنية الأخرى ضبط النفس، فلم تتخذ أي
إجراءات عسكرية علنية، رغم الطلب
المتزايد من قبل الجمهور الكوري
الجنوبي لسيؤول بالقيام بذلك. وفي
يوليو الماضي، أجرت كوريا الجنوبية
والولايات المتحدة مناورات عسكرية،
شاركت فيها عشرون سفينة ومئة طائرة
وأكثر من ثمانية آلاف فرد. وبعد أربعة
أيام من قصف جزيرة «يونغبيونغ»، حشدت
الدولتان الحليفتان المزيد من القوات
من أجل إجراء المزيد من التدريبات،
والتي تعد هذه المرة أكبر مناورات
بحرية مشتركة في غضون عقود قبالة
الساحل الغربي لشبه الجزيرة الكورية. وأعقب
هذه التدريبات إجراء أضخم مناورات
عسكرية ميدانية مشتركة بين الولايات
المتحدة واليابان، وهي عملية «السيف
المشحوذ» التي شملت مشاركة 34 ألفا من
عناصر قوات الدفاع الذاتي (الجيش
الياباني)، و40 سفينة حربية و250 طائرة،
جنبا إلى جنب مع 10 آلاف جندي أميركي و20
سفينة و150 طائرة. في الواقع، تعتبر «السيف
المشحوذ» الجولة العاشرة من هذه
المناورات منذ عام 1986، وأكد وزير
الدفاع الياباني «توشيمي كيتازاوا»
على «أننا لا نستهدف بلداً بعينه». أرسلت
كوريا الجنوبية مراقبين للانضمام الى
التدريبات اليابانية الأميركية، لأول
مرة، مثلما قام مراقبون من جيش الدفاع
الذاتي البحري بالمشاركة في التدريبات
بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية
في يوليو الماضي. وواكب هذا التعاون
والتنسيق العسكري الثلاثي، جهوداً على
الجبهة الدبلوماسية عندما انضم وزير
الخارجية الياباني «سيجي مايهارا» إلى
نظيره الكوري الجنوبي «كيم سونغ هوان»
في واشنطن. وهناك
أدانوا، ووزيرة الخارجية الأميركية
هيلاري كلينتون، سلوك كوريا الشمالية
وطالبوا «بيونغيانغ» بالامتثال
للالتزامات التي قدمتها في المحادثات
السداسية. وردّت كوريا الشمالية
بتبجحها المعتادة، شاجبة هذه التحركات
باعتبارها مقدمات للحرب، بينما فشلت
في ملاحظة العلاقة بين أعمالها
الإجرامية والردود الناجمة عنها. ما
يثير الدهشة هو رد فعل الصين، فقد رفضت
انتقاد سلوك «بيونغيانغ»، وأدانت
المناورات العسكرية بدلاً من ذلك.
وقدمت بكين الدعم الاقتصادي والسياسي
إلى كوريا الشمالية، مع غطاء دبلوماسي
وتمييع قرارات الأمم المتحدة،
والاستمرار في مطالبة الحكومات
المعنية باستئناف المحادثات السداسية.
وعندما تم الضغط عليها من قبل وزراء
الخارجية الثلاثة من أجل بذل المزيد،
ردّت الصين قائلة إن مثل هذه المطالب
غير معقولة. المفارقة
في الأمر أن كل الدبلوماسيين الصينيين
وكبار المسؤولين، يصرون على أن
الأولوية العليا لدى الصين هي الحفاظ
على بيئة مستقرة، لكي يتمكن البلد من
تحقيق التنمية الاقتصادية، ومع ذلك
فإن تصرفات كوريا الشمالية تعرض
السلام والاستقرار للخطر. ويعتبر
رد فعل اليابان وكوريا الجنوبية أمراً
مثيراً للقلق بالقدر نفسه، بالنسبة
للصين. فماذا يزال الأمر الأكثر إثارة
للقلق بالنسبة لبكين، هو التركيز على
التعاون الثلاثي بين طوكيو وسيؤول
وواشنطن. وقد ساعدت كوريا الشمالية على
توطيد العلاقات بين الأطراف الثلاثة،
وجعلت الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للصين. ==================== آخر
تحديث:الخميس ,23/12/2010 جوناثان
شل الخليج كلما
استمعت إلى أشخاص من المنتمين إلى
اليمين الجمهوري يسمون أنفسهم
بالمحافظين، ينتابني شعور أشبه
بالصدمة الكهربائية الخفيفة . إن
المحافظ شخص يؤمن، بما يتفق مع تقاليد
البرلماني الإنجليزي إدموند بروك من
القرن الثامن عشر، بأن النظام القائم
يستحق الاحترام، بل وحتى التبجيل . أما
الليبرالي في المقابل فهو شخص على
استعداد لتغيير النظام القائم في سعيه
إلى تحقيق رؤيته لعالم أفضل . ولقد
أجاد المؤرخ البريطاني توماس ماكولاي
من القرن التاسع عشر في وصف هذا
الفارق، فقال “هناك حزبان عظيمان في
إنجلترا، ولقد أظهر هذان الحزبان
قدراً من التميز الذي ظل قائماً بشكل
دائم، والذي لابد وأن يظل قائماً على
الدوام” . فمن
جانب، هناك الليبراليون “الذين
يمثلون فئة من الرجال يتسمون بالتفاؤل
في الأمل، والجرأة في المضاربة،
والرغبة الملحة في التقدم دوماً إلى
الأمام . . والميل إلى النظر إلى كل
تغيير باعتباره تحسناً” . ومن جانب آخر
هناك المحافظون “الذين يمثلون فئة من
الرجال الذين يتشبثون بعشقهم وولعهم
بكل ما هو قديم، والذين حتى حين
يقتنعون لأسباب قهرية بأن الإبداع قد
يكون مفيدا، فإنهم يرضون به وفي أنفسهم
العديد من الهواجس ونذر الشؤم” . وبهذا
المعيار فإن اليمين في الولايات
المتحدة (حزب فوكس نيوز، وحزب الشاي،
وعلى نحو متزايد الحزب الجمهوري ذاته)
لم يعد محافظاً، بل أصبح يتألف من
جماعة من المتطرفين الراديكاليين . فهم
متطرفون على الصعيد البيئي، حيث
ينكرون الإجماع العلمي على الانحباس
الحراري العالمي؛ وهم على استعداد
لترك الأرض تغلي . (ما الذي قد يكون أبعد
عن المحافظة من هذا؟) . وهم
متطرفون على الصعيد القانوني، حيث
يدعمون شكلاً من التعذيب يتلخص في صب
الماء على الوجه على نحو يجعل الشخص
الخاضع للتعذيب يجرب شعور الغريق،
فضلاً عن التنصت على المكالمات
الهاتفية سراً على نطاق واسع .
واستناداً إلى تفسيرات “أصولية”
غريبة للدستور الأمريكي، فإنهم ينكرون
على الحكومة الفيدرالية سلطة فرض أي
شكل تقريباً من أشكال التنظيم
الاقتصادي أو دعم الرفاهية العامة
للناس، بما في ذلك الرعاية الصحية . بل
إنهم متطرفون حتى على الصعيد النووي،
إذ يسعى العديد منهم إلى عرقلة معاهدة
ستارت مع روسيا، والتي من شأنها أن
تدفع أجندة الحد من التسلح إلى الأمام
بشكل متواضع، وهي الأجندة التي لاحقها
كافة الرؤساء الجمهوريين منذ ريتشارد
نيكسون . حتى أن مرشحي حزب الشاي أشاروا
إلى أن المقاومة المسلحة لحكومة
الولايات المتحدة قد تصبح مبررة قريبا
. ولكن
لا شيء يدل على تطرف اليمين الجديد
أكثر من الهجوم الأخير الذي شنه معلق “فوكس
نيوز” جلين بِك على رجل المال جورج
سوروس . إن سوروس ينتمي إلى أصول مجرية
يهودية، والواقع أن هجوم جلين بِك يعيد
تقديم نسخة تكاد تكون مماثلة من
العبارات المجازية التي استخدمتها
الحركات الشمولية ذات الإيديولوجيات
الأشد ضراوة في معاداة السامية في
النصف الأول من القرن العشرين . ومن
الواضح أن جلين بِك الذي ينفي أنه معاد
للسامية، يُعَد من أنصار نظرية
المؤامرة الكلاسيكيين، ولو أن مضمون
مؤامراته المزعومة غريب بصراحة شديد .
بل إن بعض هذا المضمون يتخذ هيئة
ماكارثية كلاسيكية في الهجوم على
الأشخاص . وعن البيت الأبيض تحت قيادة
أوباما يقول جلين بِك: “هناك شيوعيون
وماركسيون وثوريون في مكان حول هذا
الرئيس” . والأغرب
من هذا الهجوم الذي شنه على الرئيس
الأمريكي الراحل وودرو ويلسون من بين
كل الناس . إن أصابع الاتهام توجه إلى
ويلسون باعتباره مؤسس “التقدمية”،
التي بدورها تعد أيضاً صدق أو لا تصدق
نقطة المنشأ للنازية والبلشفية . ويربط
جلين بِك بشكل منتظم بين سياسات أوباما
وسياسات هتلر . (ومؤخراً قال روجر آيلز،
مؤسس فوكس ورئيسها، في وصف إدارة
الإذاعة العامة الوطنية، التي تتسم
بالاعتدال والرصانة: “إنهم نازيون
بالطبع”) . وهم
يربطون بين ويلسون وهتلر وأوباما
بسلسلة من المزاوجات الصارخة التي
تشكل في مجموعها نموذجاً مثالياً لفكر
المؤامرة التنظيري، وبخاصة في فرعه
المعادي للسامية: فويلسون كان
تقدمياً، وبعض التقدميين كانوا من
المتحمسين لعلوم تحسين النسل (ناهيك عن
أن بعض المحافظين كانوا من أشد
المتحمسين لهذا العلم أيضاً)، ولقد
تأثر هتلر بحركة تحسين النسل، وأوباما
أيضاً تقدمي؛ لذا فإن هتلر وأوباما
التقدميين على نفس الشاكلة . وبوسعنا
أن نقول في كل هذا ما قالته المفكرة
السياسية حنة آرندت عن بروتوكولات
حكماء صهيون . فالتأثير المقصود من كل
هذا يتلخص في “تصوير التاريخ الرسمي
وكأنه مزحة، للبرهنة على وجود مجال من
النفوذ السري الذي تصبح بموجبه
الوقائع التاريخية الواضحة المعروفة
والتي يمكن تتبعها مجرد واجهة خارجية .
. .” والآن
يُقَدم لنا مركز جديد لمحور ويلسون
هتلر أوباما في شخص جورج سوروس . فبينما
تُعزَف موسيقا أفلام الرعب وتُعرَض
علينا مقاطع من كوارث التاريخ على
الشاشة، نستمع إلى صوت رخيم يقول: “قبل
ثمانين عاماً ولِد جورج سوروس . ولم يكن
العالم يعرف آنذاك أن الاقتصاد سوف
ينهار، وأن العملات سوف تصبح بلا قيمة،
وأن الانتخابات سوف تُزور وتُسرَق،
وأن الأنظمة الحاكمة سوف تسقط . وأن أحد
أصحاب المليارات سوف يجد نفسه بالصدفة
في قلب كل هذا” . منذ
عام 1994 تقريباً، عندما صمم نيوت
جينجريتش استيلاء الجمهوريين على مجلس
النواب الأمريكي، تعود الجمهوريون على
إطلاق وصف “الثوريين” على أنفسهم وهي
الكلمة التي نادراً ما نستمع إليها من
أفواه المحافظين . ولكن هل حان الوقت
لإلزامهم بكلمتهم هذه حقاً؟ إن هجوم
جلين بِك على سوروس والرائحة الكريهة
لمقدماته الآثمة البغيضة ينبئنا
بالهيئة التي قد تتخذها الثورة التي
يتحدثون عنها . زميل
“معهد الأمة” ومؤلف كتاب “العقد
السابع: الهيئة الجديدة للخطر النووي”،
والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت
سنديكيت” ==================== اليمين
يتقدم أم أن العالم لا يتقدم؟
آخر
تحديث:الخميس ,23/12/2010 جميل
مطر الخليج كان
أمل المفكرين اليساريين في العالم فور
وقوع الأزمة الاقتصادية النظرة في
خريف عام ،2007 أن يخرج العالم منها، وقد
وضع من التشريعات والقواعد ما يلجم به
اليمين المتطرف الذي كانت قطاعاته
المالية أحد أهم أسباب الأزمة . ويمنعه
من تكرار تجاوزاته . وقتها تحمست أجهزة
الإعلام وبخاصة ذات الميول
الليبرالية، وضغطت منظمات المجتمع
المدني، ووضعت بعض الحكومات لوائح
وقواعد حديثة لتنظيم عملية القروض
ورهن العقارات، وشمرت حكومات عن
سواعدها لتلبية المطالب الجماهيرية
الواسعة بإجبار كبار موظفي المصارف
والمؤسسات المالية على تخفيض مكافآتهم
السنوية . كذلك طولبت الحكومات بدعم
صناديق الرعاية الصحية والاجتماعية
واستعادة ثقة المواطن في كفاءة
الأنظمة المالية والبنوك المركزية
واستقلال الحكومات عن نفوذ رجال المال
. مرت
شهور كثيرة عبأت خلالها حكومات الغرب
ومؤسساته الاقتصادية جميع قواها
لإقناع المواطنين بأن الأزمة تنحسر .
ونجحت حكومات بعينها، وبخاصة الولايات
المتحدة، في الالتفاف حول بعض جوانب
الأزمة العالمية بزيادة الإنفاق غير
عابئة بتفاقم العجز فى الموازنة
العامة للدولة وتلاعبت في أرقام
البطالة والتضخم . بعضها ركزّ بصفة
أساسية على إنقاذ أهم صناعاته وأضخمها
على أمل أن أي نجاح يحققه هذا القطاع قد
يشد صناعات أخرى ويعيد الثقة إلى سوق
الاستثمار والاستهلاك . كان
وقع الأزمة مضاعفاً في الولايات
المتحدة باعتبارها القوة المحركة
للرأسمالية العالمية والمسؤولة
أساساً عن الأزمة . في الوقت نفسه كانت
الأزمة تتفاعل بشكل آخر فى الاقتصادات
الأوروبية باستثناء ألمانيا . لم يكن
باستطاعة معظم دول أوروبا وبخاصة
الدول الأقل ثراء أن تسمح بتفاقم عجز
موزاناتها كما فعلت أمريكا إذ إن
ارتباطها بمنطقة اليورو يحرم عليها أن
تفعل ذلك، بل كان هذا الارتباط نفسه هو
الذى دفع بحكومات اليونان وإسبانيا
وايرلندا والمملكة المتحدة إلى تعريض
مجتمعاتها لحالة خطرة من عدم
الاستقرار السياسي والاجتماعي حين
فرضت إجراءات تقشف لتحصل على معونات من
الاتحاد الاوروبى وصندوق النقد الدولي
. بمعنى
آخر قررت دول العالم الرأسمالي تقليص
الإنفاق على التعليم والصحة والرعاية
الاجتماعية أي كل ما يرتبط بمصالح
الطبقات الوسطى والدنيا، باعتبار أن
حل الأزمة في النهاية يعتمد، حسب رأي
اليمين المتطرف، على تضحيات أكثر من
جانب الفقراء ومتوسطي الحال وعلى
استعادة ثقة الأغنياء في النظام
المصرفي لا يهم ما تسببت فيه مظاهرات
العمال في مدن اليونان وإسبانيا
وايرلندا من خسائر مادية وفتن
اجتماعية، ولا يهم إن كانت مظاهرات
الطلبة في لندن أساءت لسمعة بريطانيا
في أوروبا وخارجها بعد أن كانت
بريطانيا الدولة التي سخرت من فرنسا
عندما شلت المظاهرات الحياة فيها
لأسابيع عديدة . مرت
أيام كانت صور العديد من شوارع أوروبا
تذكرنا بما كنا نقرأه عن ثورات
اجتماعية شهيرة نشبت في القرن التاسع
عشر وعادت فاشتعلت في مطلع القرن
العشرين . أربع على الأقل من هذه
الثورات أقامت أنظمة حكم شديدة
التطرف، إثنتان في روسيا والصين
وإثنتان في إيطاليا وألمانيا . نشهد
حالياً عودة اليمين المتطرف منتصراً
ومصّراً على إعادة الأمور إلى نصابها،
بمعنى وقف مزاج التغيير الذي ساد في
أوساط الشباب وقطاعات عديدة في الطبقة
الوسطى الأمريكية في السنوات الأخيرة
من حكم الرئيس بوش وهو المزاج الذي حمل
باراك أوباما إلى البيت الأبيض . يقال
الآن أن أوباما باستلامه لمطالب
اليمين المتطرف خيب ظن أنصار التغيير
وبخاصة اليسار في الحزب الديمقراطي
وعدد نشطائه لا يقل عن 600000 عضو . لا
يتوقف الزحف اليميني في أمريكا عند
حدود الاقتصاد . فاليمين المتطرف زاحف
نحو شؤون الهجرة والأمريكيين من أصول
غير بيضاء ومنهم المسلمون، وزاحف نحو
السياسة الخارجية حيث نراه يطرح وبقوة
وشراسة شباك حرب باردة بعد أن اختار
الصين طرفاً ثانياً فيها . نعرف
من تجاربنا السابقة مع أمريكا أن
المسؤولين العرب سيبررون عودة أوباما
عن وعوده أو عجزه عن تحقيق أي إنجاز نحو
حل مشكلة الصراع الفلسطيني - “الإسرائيلي”
بالضغوط الصهيونية . آخرون سوف
يبررونها بضغوط اليمين الصاعد من جديد
وأنصار المحافظة على الوضع القائم في
النظام الدولي . وأستطيع أن أتوقع أن
اليمين المزود الآن بطاقة شبابية
ودينية متطرفة لن يتخلى عن موقع
الولايات المتحدة والواقع القائم
ببساطة، أتوقع أيضاً أن يدخل حرباً
باردة أو حتى ساخنة لو شعر بأن العالم
بالفعل يتغير ويخرج عن هيمنته . ولن
نجد صعوبة في استطلاع هذا التوجه
فمؤشراته عديدة أولها، وأهمها التصعيد
المبالغ فيه في الحرب الكلامية
الناشبة بين الولايات المتحدة والصين .
وهو ما تجلى بوضوح في الحملات
الإعلامية الأمريكية ضد مواقف الصين
في الأزمة بين الكوريتين . يسأل قادة
التيار اليمينى الصاعد من جديد
والمتحفز، هل كان يمكن أن تحقق كوريا
الشمالية ما حققته على صعيد
التكنولوجيا النووية من دون دعم من
الصين . من ناحية أخرى فتح من جديد ملف
علاقة الصين بالقدرة النووية لباكستان
وملف تشجيع الصين وإيران لكوريا
لزيادة صادراتها من السلاح . وقد نجحت
تيارات اليمين الامريكي والأوروبي في
إغضاب الصين عندما فتحت ضدها معركة
دبلوماسية حول منح المنشق الصينى
جائزة نوبل، مع علمها المسبق بأن الصين
لن تغفر لأمريكا هذا الموقف وسترده
بمواقف أشد فى قضايا تهم أمريكا وتؤذي
مصالحها . من
ناحية ثالثة، تجاسرت صحف يمينية في
أمريكا مثل صحيفة “وول ستريت جورنال”
التي تعمدت استخدام عبارات من قاموس
الحرب الباردة والحرب ضد الإرهاب
ومنها عبارة تضع الصين في محور الشر .
ويقصدون بمحور الشر بكين وبيونج يانج
وطهران ودمشق . وقد قرأنا مؤخراً لكاتب
يميني كبير يعاتب أوباما لأنه طلب من
الصين المساعدة في حل مشكلة نزاع
الكوريتين، كتب يقول “ما الداعي لنطلب
من الصين المساعدة في حل مشكلة هي
السبب فيها” . يصعب
إنكار وجود مؤشرات على أن اليمين يتقدم
في مواقع مؤثرة في العديد من الدول
الكبرى وفي الدول الناهضة والساكنة
على حد سواء وفي بلدنا . يتقدم في
أمريكا عن طريق الانتخابات البرلمانية
وانتخابات حكام الولايات، ويتقدم عن
طريق الضغط على الرئيس أوباما إلى حد
أنه دفع به الى الخروج على إرادة
التيار الغالب في حزبه الديمقراطي
انقلب على التيار الغالب فى حزبه
لإرضاء قوى يمينية لا شك أنها صارت
أقوى مما كانت ويتقدم
اليمين فى أوروبا، وقد رأينا فى الأيام
الأخيرة كيف أن حكومات جاءت إلى الحكم
ترفع شعارات اشتراكية لم تلبث أن تخلت
عنها عند أول مواجهة مع ضغوط من القوى
الإقليمية والمؤسسات الدولية،
وأغلبها يطرح حلولا يمينية لمشكلات
عجز الموازنات وسداد القروض وزيادة
البطالة وبطء النمو . ويتقدم اليمين،
وهو لم ينحسر على كل حال خلال الأربعين
عاماً الأخيرة، في الدول العربية،
فالأولوية هي من دون منازع لتحالف
سياسي ومالي يزداد وثوقاً ومنعة بين
الحكام وأغنياء المجتمع، وهي أيضاً
لمصالح الأغنياء قبل الفقراء بحجج
الإصلاح الاقتصادى والحاجة إلى
الاستثمارات الأجنبية والحاجة الأشد
إلى كسب رضاء القوى والمؤسسات المالية
الدولية . ويكلل مسيرة اليمين في
العالم العربي تمسك كافة حكومات
المنطقة بسياسات أمنية واقتصادية تضمن
“تثبيت” الوضع القائم . تلفت
النظر عند الحديث عن تقدم اليمين في
العالم العربي ظاهرة تحتاج إلى مناقشة
واسعة، وهي أن هذا التقدم لم يعتمد على
انضمام شرائح جديدة من الشباب والكبار
في المجتمع وعلى دعم النخب الحاكمة
بقدر ما اعتمد على عمليات النزوح
المتعاقب والمتزايد من جانب ناشطين
قدامى وأعضاء منظمين في أحزاب وحركات
يسارية . وتقدم لنا التجربة المصرية
خير مثال . إذ بينما تهيمن على مواقع
التوجيه والسياسة والإعلام في الحزب
الحاكم عناصر نشأت سياسياً وتدربت
حزبياً في حضن سياسات وقيادات يسارية
في الحزب الحاكم الأم، أي قبل عقود،
تتكالب قيادات في الحزبين اليساريين
الرئيسيين، وهما الناصري والتجمع،
لتحظى بحق الدوران في فلك الحزب الحاكم
. هكذا فقد اليسار المصري بعض صدقيته
وأغلب مكانته وتقدم اليمين بكافة
فصائله وألوانه وعقائده . ==================== الخميس,
23 ديسيمبر 2010 حسان
حيدر الحياة بات
واضحاً ان مفاعيل الجهود السورية -
السعودية لاحتواء التوتر في لبنان لن
تظهر قبل صدور القرار الظني الذي قد لا
يتأخر كثيراً على حد ما يعلنه مسؤولو
المحكمة الدولية، وان المراوحة في
الوضع اللبناني والتناوب بين
التصريحات العالية اللهجة وتلك
المعتدلة والمهدئة سيستمران الى حين
حصول المقدّر والبدء في بحث ترتيبات ما
بعد القرار، على رغم الرفض القاطع الذي
يبديه «حزب الله» لما يعتبر انه محاولة
دولية مسيّسة لوضعه في قفص الاتهام،
والتهديدات التي يوجهها والضغوط التي
يمارسها للحصول على «تبرئة» مسبقة. وربما
اعتبر البعض ان تصريحات المرشد
الايراني علي خامنئي الرافضة للمحكمة
واي قرار يصدر عنها تندرج في اطار هذه
الضغوط لتسريع المسعى المشترك بين
دمشق والرياض. لكن في مواقف خامنئي
بحضور أمير قطر، الراعي الأساسي
لاتفاق الدوحة، رسالة وحيدة تقول ان
ايران هي التي تفاوض على المحكمة
وقراراتها، وان الجهود العربية
المبذولة لمنع الانفجار في لبنان،
وربما لاعادة توزيع الحصص في نظامه بما
يضمن استقراره لمدة طويلة، لا يمكن ان
تتم على حساب «الجبهة» التي تمتلكها
ايران في الجنوب اللبناني وتعتبرها
ورقتها الرئيسية التي تضمن لها وسيلة
ضغط فاعلة في علاقاتها مع الغرب عموماً
والاميركيين خصوصاً. أي ان ايران لن
تتخلى عن سلاح «حزب الله» الذي يبدو ان
مساعي التسوية تحرص على ان يكون
مشمولاً في اي اتفاق، لأن لهذا السلاح
دوراً أكبر في اطار الصفقة الاشمل التي
تتطلع اليها طهران وترغب في ان تشكل
اعترافاً دولياً واضحاً بنفوذها
الاقليمي، وهي لن تسمح حتى لاطراف
حليفة واخرى تؤكد انها تحرص على حسن
الجوار معها، بحرمانها منها، ولو كان
الهدف تلافي الاسوأ في لبنان. وكان
خامنئي اعلن هذا الموقف خلال زيارة سعد
الحريري الى طهران الشهر الفائت،
عندما قال ان المقاومة باقية ما بقيت
اسرائيل، لكنه هذه المرة كان مباشراً
اكثر في دعوته الى ان يظل سلاح
المقاومة خارج اي تسوية، وان يبقى
الحزب «كياناً» مستقلاً عن «الجمهورية
الثالثة» العتيدة وأي شكل ستتخذه،
والا فإن ايران ستطيح التسوية
المقترحة جملة وتفصيلاً. وتعني
تصريحات خامنئي ان ايران لم تعد تخجل
من الاعلان بصراحة انها ورثت الدور
السوري في لبنان بعدما خرجت قوات دمشق
منه، وانها باتت الطرف الذي يتحكم بكل
ما يتعلق بحاضره ومستقبله، وانها هي
التي تمسك بالخيوط، فتشدها او ترخيها
بحسب ما تتطلبه مصالحها التي يعتبر «حزب
الله» نفسه جزءاً لا يتجزأ منها وطرفاً
فاعلاً في تأمينها. تعرف
طهران انها لا تستطيع شيئاً حيال
المحكمة، لا الغاءها ولا تأجيل
قراراتها، لكنها تقول لكل المعنيين
بالشأن اللبناني، وبالوضع الاقليمي
الأوسع، انها مستعدة لدفع ثمن الدور
الذي تطمح اليه، سواء كان في شكل
عقوبات اقتصادية او حصار او حتى ضربة
عسكرية، وانها قادرة على شد الحزام على
بطون مواطنيها (الغاء الدعم) وايجاد
بدائل اقليمية للاستيراد والتصدير (تركيا)،
وان في وسعها الرد والايذاء في حال جرى
اعتماد الخيار العسكري ضدها، وانها لن
تتردد في خوض مواجهات اصغر في لبنان،
وربما غزة، اذا فُرضت عليها. وفي
انتظار ان يسفر التجاذب عن ميل الميزان
لصالح احد الطرفين، ايران او الغرب،
يدفع لبنان واللبنانيون الثمن من
أمنهم وعيشهم ومستقبلهم، ذلك ان «حزب
الله» اثبت انه قادر على تعطيل الحكومة
والمؤسسات من دون ان يضطر حتى الى
الاعتصام في وسط بيروت هذه المرة. ==================== المشهد
الانتخابي العربي خلال عام 2010: سقوط
الموالين وخسارة المعارضين الخميس,
23 ديسيمبر 2010 رغيد
الصلح * الحياة نظمت
مبادرة التنمية البرلمانية في المنطقة
العربية التابعة لبرنامج الأمم
المتحدة للتنمية ورشة عمل مهمة في
العاصمة المغربية الرباط حول العمل
البرلماني العربي وحول تفعيل الدور
الرقابي للبرلمانات العربية بصورة
خاصة. في هذه الورشة لاحظ مشاركون
ومشاركات ان الرقابة البرلمانية في
المنطقة لا تزال حتى الآن طفلاً يحبو.
وبيّن هؤلاء، واكثرهم من النواب
الاعضاء في البرلمانات العربية، انه
بينما يربو عدد الأدوات والوسائل التي
تذكرها الدساتير العامة واللوائح
الداخلية البرلمانية عن العشرة، مثل
توجيه الاسئلة والاستجوابات وتشكيل
لجان تقصي الحقائق وتبني العرائض
والشكاوى وطرح الثقة بالحكومة، فان
البرلمانيين العرب قلّ ان استخدموا ما
زاد عن الاثنين أو الثلاثة منها. وما
يلفت النظر هنا ليس فقط محدودية
الادوات التي استخدمها البرلمانيون
العرب في علاقتهم مع الحكومات فحسب،
وانما ايضا طبيعة هذه الادوات ومغزى
الاقتصار عليها من دون غيرها من
الادوات. فلئن شبهنا هذه الادوات العشر
بدرجات السلم الذي يصعد عليه النواب
فيما هم يراقبون الحكومة ويحاسبونها
على ادائها، لوحظ ان الأداتين اللتين
أكثروا من استخدامهما هما توجيه
الاسئلة والاستجوابات اليها فحسب.
وهاتان الأداتان هما من الأدوات الاقل
ازعاجاً للحكومات ولأرباب السلطات
التنفيذية في البلاد العربية
بالمقارنة مع ادوات رقابية اخرى لا
تنطوي على مساءلة للحكومة فحسب، وانما
ايضا على معاقبتها على تقصيرها مثل سحب
الثقة بالحكومة. وما
تنبغي الاشارة اليه هو ان ورشة العمل
هذه عقدت خلال شهر حزيران (يونيو)
الماضي، ومن ثم فإن الاستنتاجات
والتوقعات والتوصيات التي صدرت عنها
بنيت على ما سبقها، أي ما سبق موعد
انعقادها من احداث وتجارب برلمانية
عربية، وان هذه التوقعات والتوصيات
وان طبعت بالتفاؤل الا انه كان تفاؤلاً
حذراً، فهل كان هذا الحذر في محله؟ هل
جاءت التطورات البرلمانية اللاحقة، او
بالاحرى الانتخابات البرلمانية التي
جرت في البلاد العربية منذ شهر حزيران (يونيو)
وحتى يومنا هذا، لكي تخفف من حذر دعاة
الاصلاح البرلماني ومخاوفهم تجاه
الاوضاع الراهنة في المنطقة؟ في
سعينا الى الاجابة على هذا السؤال،
فانه حري بنا ان نأخذ بعين الاعتبار
العلاقة المثلثة والوثيقة بين
الديموقراطية والبرلمانات وتمثيل
المعارضة داخلها. ذلك انه رغم
الاشكاليات الكثيرة التي تحيط
بالانظمة البرلمانية كمعبّر عن ارادة
المواطنين وكوسيلة لمشاركتهم في
الحياة العامة، ورغم الانتقادات التي
يوجهها مؤيدو الديموقراطية المباشرة
الى الديموقراطية البرلمانية، رغم ذلك
فان التجارب الانسانية، ومنذ ان بلور
المفكر والسياسي الفرنسي دارجنسون عام
1754 فكرة البرلمان ك «حارس ومفعّل»
للديموقراطية، لم توفر حتى الآن افضل
من هذه المؤسسة المنتخبة. وبمقدار
ما يمكن اعتبار دور البرلمان وحيويته
وأثره في الحياة العامة مؤشراً على
الحياة الديموقراطية، بهذا المقدار
يعتبر دور المعارضة وحضورها القوي في
البرلمانات مؤشراً على تقدم
الديموقراطية ونمو الحياة البرلمانية.
على هذا الاساس يرى بريجورسكي وستوكز
ومانين في كتابهم «الديموقراطية،
المحاسبة والتمثيل الشعبي» ان
الانتخابات ليست وسيلة لاختيار الحكام
فحسب، وانما لاختيار المعارضة ايضا
ولتحفيزها على الاضطلاع بدورها البناء.
وعلى هذا الاساس ايضا كرست التقاليد
البرلمانية في ديموقراطيات متقدمة دور
«حكومات الظل»، كما كرست ايضا
وبموافقة احزاب الاكثرية الحاكمة
اعطاء منصب رئاسة غالبية لجان المجلس
النيابي وبخاصة الحساسة منها مثل لجنة
المال الى المعارضة. اذا
استثنينا الانتخابات في البحرين التي
سجل فيها احد احزاب المعارضة نصراً
انتخابياً كبيراً، فان الانتخابات
التي أُجريت في الدول العربية الاخرى
خلال السنة الحالية جاءت في مسار معاكس
للتطور الديموقراطي والبرلماني في
المنطقة. ورغم ان النخب الحاكمة ارادت
هذه الانتخابات كمناسبة لإسباغ
المشروعية السياسية على نظامها
السياسي، الا ان حماس هذه النخب لتحقيق
هذه الغاية لم يكن عميقاً وقوياً كفاية.
اي انه لم يكن قوياً كفاية لكي تحترم
هذه النخب قوانين اللعبة الانتخابية
بما في ذلك الابتعاد عن التدخل في
سيرها وفي تشكيل اللوائح الانتخابية
وانحياز الاعلام الرسمي الى مؤيدي
الحكم القائم ومرشحيه في الانتخابات،
هذا ناهيك عن التدخل السافر بالضغط على
الناخبين وتهديدهم بالاجراءات
العقابية اذا لم يؤيدوا مرشحي الحكومة
واعتقال مرشحي المعارضة او منعهم من
دخول حلبة المنافسة الانتخابية وتزوير
الاصوات وما الى ذلك من اشكال هندسة
الانتخابات ونتائجها وصولاً الى اقصاء
المعارضين. ولقد فاقت رغبة الحكومات في
تحقيق هذا الهدف الاخير واضعاف
المعارضات وتهميشها وحرمانها من الفرص
السياسية، كل رغبة اخرى بما في ذلك
رغبتها في اكتساب الصدقية
الديموقراطية. ولا بد
من الاشارة هنا الى ان السعي الى تهميش
المعارضة واضعافها لم يبرز خلال
الانتخابات فحسب، بل برز ايضا بعدها،
كما حدث في العراق عندما ظهرت نتيجة
الانتخابات فأعطت العدد الاكبر من
المقاعد النيابية الى قائمة «العراقية»،
وهي الاقرب الى التعبير عن اتجاهات
معارضي الحكومة ومعارضي الاحتلال
الاميركي. بذلك كان من المفروض تطبيق
مبدأ تداول السلطة وتكليف اياد علاوي
زعيم التكتل الفائز، كما يقول الدستور
العراقي والقواعد الديموقراطية،
بتشكيل الحكومة الجديدة. ولكن جرى
تعطيل واضح للعملية الديموقراطية
عندما رفض نوري المالكي الجلاء عن كرسي
رئاسة الحكومة وعمل بكل وسيلة على
اضعاف المعارضين وحرمانهم من ثمار
الانتصار الناخبي الذي احرزوه. لقد
نجح القابضون على السلطة في الدول
العربية المعنية في حرمان المعارضات
من تسجيل انتصارات سياسية حاسمة، فهل
يحقق هذا النجاح أي تقدم على صعيد
التحول الديموقراطي في المنطقة؟ اكثر
ردود الفعل على الانتخابات العربية
تؤكد العكس، اي ان الانتخابات التي
أُجريت عام 2010 ستعرقل التطور
الديموقراطي. ولئن ركزت ردود الفعل
والتقارير هذه على الآثار المباشرة
للانتخابات، فمن الضروري الا يهمل
المرء آثارها البعيدة المدى. من أهم
هذه الآثار سد الطريق، ولو خلال
المستقبل المنظور، امام تطور الحياة
البرلمانية العربية. ذلك ان اقصاء او
تهميش المعارضات العربية البرلمانية
سيؤدي، حكماً، الى اضعاف دور
البرلمانات الرقابي ومن ثم التمثيلي.
فعندما يسيطر انصار الحكومات العربية
على المجالس النيابية سيطرة كاملة
ستتحول هذه المجالس الى منابر للدعاية
للحكومة وللترويج لبرامجها ومشاريعها.
وعندما يقوم النواب الموالون للحكومات
بهذا الدور فلن يكون في ذلك أي خلل بل
هو تعبير عن التزامهم السياسي بالحزب
او الكتلة التي انتموا اليها. الخلل
الكبير سيكون في غياب ممثلي الفئات
الشعبية المتضررة من سياسات الحكومة،
وغياب الذين يعبرون عن مصالح ومشاعر
هذه الفئات عن المنابر البرلمانية.
عندها ستتلاشى الرقابة البرلمانية
وترتاح الحكومة من انتقادات النواب.
وفي غياب الرقابة البرلمانية يسهل
الاستهتار بقواعد الحكم الراشد
والاستجابة الى مغريات الفساد
والتراجع في اداء الادارات الرسمية.
اكثر من ذلك، نستطيع القول ان تغييب
صوت المعارضة عن البرلمان سيؤدي الى
تراجع على الصعيد العام وليس فقط على
مستوى اداء البرلمان فحسب. المثل الحي
على ذلك هو الاثر الذي تركه فوز «الاخوان
المسلمين» بعشرين بالمئة من مقاعد
البرلمان المصري في الدورة الانتخابية
السابقة. هذا النجاح كان من الاسباب
المهمة التي دعت حزب المؤتمر الوطني
الى تطوير ادائه على كل صعيد. اما وقد
تلاشى هذا الحافز، فاننا لن نستغرب ان
يهمل الحزب المصري الحاكم عملية
التطوير هذه وان يتراجع تأثير الذين
حاولوا تطويره وعصرنته. اخذاً بعين
الاعتبار هذا المثال، فإن اكثر
الانتخابات النيابية التي أُجريت في
الدول العربية على امتداد هذا العام
ادت الى سقوط الخاسرين والفائزين معا.
بل قد تكون خسارة الفائزين فيها اكبر
بكثير من خسارة المعارضين. *
كاتب لبناني ==================== بداية
مضطربة للعقد الثاني من القرن الحادي
والعشرين الخميس,
23 ديسيمبر 2010 بول
سالم * الحياة شهد
العقد الأخير من القرن العشرين نهاية
الحرب الباردة ونمواً اقتصادياً
قوياً، وفي الشرق الأوسط آمالاً
بالسلام والإصلاح الاقتصادي وتحقيق
الديموقراطية. بيد أن العقد الأول من
القرن الحادي والعشرين بُدِّد على وقع
التوترات الدولية المتفاقمة، والأزمة
الاقتصادية العالمية، وفي الشرق
الأوسط الحروب الكثيرة، والتوترات
المذهبية، والشلل السياسي. فهل يكون
أيضاً العقد الثاني من القرن الحادي
والعشرين عقداً من الأزمات والفرص
الضائعة، أم سيوفّر أساساً لأمل
بتحولات حقيقية في هذا الجزء من
العالم؟ يدخل
العالم العقد الثاني من هذا القرن وسط
خضم عاتٍ من الاضطرابات. فالمعافاة
الاقتصادية العالمية من أزمة 2008 لا
تزال بطيئة، ووتائر البطالة والفقر
تواصل الارتفاع في أنحاء العالم، على
رغم أن النمو في آسيا سيكون أكبر بكثير
منه في الغرب. وفي الشؤون الدولية،
ستدخل الأمم المتحدة عقدها السابع وهي
لا تزال عاجزة عن توفير الاستقرار
الدولي، هذا علاوة على القطيعة
المتنامية بين تركيبة مجلس الأمن وبين
التوزيع الحقيقي للنفوذ السياسي
والاقتصادي في عالم اليوم. وفي الوقت
نفسه، تعرّضت إدارة الرئيس الأميركي
باراك أوباما، التي وعدت بإعادة بناء
الاستقرار العالمي بعد الرئاسة الخطرة
لجورج بوش، إلى وهنٍ شديد بسبب خسارتها
الانتخابات النصفية للكونغرس. أما
صعود الصين فيُحتمل أن يكون تطوراً
إيجابياً ، لكن إذا لم تعامل عملية
الصعود بحكمة من قبل الدول العظمى، فقد
تُطلق توترات خطيرة في آسيا تتعلق
بتايوان واليابان والكوريتين والهند
ودول أخرى. وفي هذه الأثناء، سيصل عدد
سكان العالم إلى 7 بلايين نسمة،
وستتواصل مشاكل الفقر المدقع، وسيزداد
زخم الاحترار العالمي مُسبّباً دورات
من الجفاف والفيضانات، ومُسفراً عن
أعداد متضخمة من اللاجئين البيئيين. في
الجانب الإيجابي من هذا المشهد، تبرز
تجربة مجموعة العشرين كشكل جديد من
التعاون الدولي، كما يبرز تحسّن
العلاقات بين الدول الكبرى خلال
السنتين المقبلتين. لا بل حتى
المحادثات حول الاحترار العالمي أحرزت
بعض التقدم خلال المداولات الدولية
الأخيرة. أمّا
في الشرق الأوسط، فتبدو الآفاق مقلقة
للغاية. صحيح أن معظم الاقتصادات
الإقليمية صمدت في وجه الأزمة
الاقتصادية العالمية، وأن المؤسسات
المالية الدولية تتوقع نمواً، ولو
متواضعاً، في معظم اقتصادات الشرق
الأوسط وأفريقيا الشمالية (وكل هذا
حصيلة الإصلاحات الجزئية التي استحقت
منذ أمد طويل والتي أدت إلى تراكم
الرساميل والخبرة الاقتصادية في أيدي
بعض العرب)، إلا أن الصحيح أيضاً أن
الفجوة بين الاقتصادات النفطية وغير
النفطية تواصل التوسّع، كما أن الفجوة
بين الفقراء والأغنياء في البلد
الواحد تتعمّق. ثم إن البطالة، بخاصة
بين الشبان والشابات، ستتابع صعودها
الخطر، في حين ان من الصعب التكهّن
بالكيفية التي ستوفّر بها المنطقة 50
مليون فرصة عمل لاستيعاب القادمين
الجدد إلى سوق العمل في المرحلة
المقبلة. في
مجال السياسات الإقليمية، ثمة ثلاث
مجابهات ستبقى معنا: إذ يبدو أن حل
الصراع العربي - الإسرائيلي لا يزال
بعيد المنال، وقد تُشعل التوترات
النزاعات مجدداً في الضفة الغربية
وغزة، أو قد تجر إليها لبنان وقوى
إقليمية أخرى. ثم إن التوترات بين
إيران ودول أخرى في المنطقة والعالم
على خلفية برنامجها النووي وسياساتها
عموماً، ستتواصل. لا بل ساهمت هذه
التوترات بالفعل في إشعال صراعات
سياسية ومذهبية خطيرة، وقد تقود إلى
تطورات تزيد من حدة اللااستقرار في
المنطقة. علاوة
على ذلك، سيؤدي استمرار التواجد
العسكري الأميركي في العراق
وأفغانستان، والعمليات العسكرية
السرّية وبواسطة الطائرات من دون
طيار، إلى إبقاء لهيب الصراع مشتعلاً
بين الإسلام المتطرّف والغرب، من
باكستان إلى صحارى أفريقيا الشمالية
مروراً باليمن والعراق وغيرهما من
الدول. على
الصعيد السياسي، ستتناقض صورة
الاستقرار التي تعطيها الأنظمة
السياسية السلطوية مع حالة التوترات
الاجتماعية والسياسية التي هي حصيلة
الكبت السياسي والاجتماعي،
واللامساواة، وديمومة الفقر والبطالة.
ثم إن كبار الآمال التي عُلّقت على
التحولات الديموقراطية في العالم
العربي، والتي انبثقت في حقبة
التسعينات ومجدداً في 2005 - 2006، وُضعت
على الرف مجدداً، خصوصاً بعد
الانتخابات «المُعلّبة» في مصر
والأردن. وثمة الآن قلق حيال الخلافة
في بعض الأنظمة العربية الرئيسة، هذا
في حين أن الكثير من الجمهوريات
العربية تحذو حذو سورية في إبقاء
الخلافة ضمن نطاق العائلة. والحالة
الأكثر بروزاً هنا هي مصر التي كانت
قدوةً للتغيير والتقدم في العالم
العربي. وفي البلدان التي ليس فيها
أنظمة سلطوية قوية (كالعراق ولبنان
وفلسطين)، أدت الانقسامات السياسية
والصراعات الداخلية إلى إضاعة فرصة
الإفادة من احتمالات التحول إلى
الديموقراطية وتوسيع المشاركة
السياسية. نأتي
الآن إلى مسائل البيئة وتغيّر المناخ
لنلاحظ أن قادتنا يتجاهلون إلى حد كبير
هذه القضايا، هذا على رغم أن عاصمة
اليمن بدأت تفتقد بالفعل المياه، وكذا
الأمر بالنسبة إلى أجزاء من سورية
ومناطق أخرى في البلدان العربية. وفي
هذه الأثناء يواصل الاحترار العالمي
فرض مضاعفات خطيرة على منطقة تعاني
أصلاً من الجفاف والتصحّر. والمثير هنا
أن تأثيرات ارتفاع منسوب مستوى البحر
في المناطق المنخفضة، على غرار دلتا
النيل المصرية، لا يزال يُطل عليه
كثيرون في المنطقة وكأنه مجرد خيال،
على رغم الفيضانات المدمّرة الأخيرة
في بنغلادش وباكستان. على
جبهة الثقافة، فشلت المنطقة في تجديد
نفسها. فالأفكار الخلاّقة للنهضة
العربية في أواخر القرن التاسع عشر،
والمفاهيم السياسية التغييرية
للحركات السياسية والثقافية في أواسط
القرن العشرين، تركت الساحة للأصولية
الدينية، والنزعة الاستهلاكية
الفارغة واللامبالاة. وفي حين أن العرب
قادوا العالم في مجال المعرفة قبل ألف
عام، إلا أن اليوم لا توجد أي جامعة
عربية قد تصنّف فعلاً من بين الجامعات
الألف الأولى في العالم. لقد
بدأ العقد الأول من هذا القرن ببعض
التمعّن الجدي، على الأقل حول
التحديات التي تواجه العالم العربي
وكيفية التصدي لها. بعض هذه الرؤى
المتعمقة بدا واضحاً في تقرير التنمية
البشرية العربية لعام 2002 الذي شدّد على
العجز في مجالات الحرية وتمكين المرأة
والمعلومات. لكن في بداية العقد
الثاني، لا يرى المرء سوى نذر يسير من
هذا النوع من التفكّر. ربما حرّفت
انتباهنا الحروب والمجابهات في
السنوات الماضية، وربما أيضاً شتّتت
تركيزنا الأزمات الأمنية والسياسية
والاجتماعية - الاقتصادية المتعاقبة. إلا ان
ليس في وسعنا أن نخوض عباب العقد
الجديد في شكل أعمى. فالمشاكل السياسية
والاقتصادية الاجتماعية والثقافية لن
تذوي من تلقاء نفسها. وبالمثل، فالقفز
من أزمة إلى أخرى لن يبني استراتيجية
فاعلة على المدى الطويل. إن التاريخ لا
ينتظر أحداً، وما لم نُطل إطلالة
مُعمّقة على الخلل الكامن في
مجتمعاتنا ومؤسساتنا، فإن العالم
العربي سيواصل التأخر عن ركب بقية
العالم في مجالات النمو السياسي
والاقتصادي والثقافي وفي مستوى ونوعية
حياة شعوبه. *
مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط -
بيروت ==================== عندما
تفتقر السياسة الخارجية الواقعية إلى
الواقعية مايكل
غيرسون الشرق
الاوسط 23-12-2010 خلال
فترة عمله مستشارا للأمن القومي في عهد
الرئيس نيكسون، زار هنري كيسنجر موطنه
الأصلي. ولمحت حكومة ألمانيا الغربية
للصحف بأن كيسنجر ينوي زيارة بعض
أقاربه. وعلق كيسنجر على ذلك أمام
مساعديه غاضبا بقوله: «ماذا ينشرون بحق
الجحيم؟ لقد فني أقاربي». وكان
هذا قولا فظا، لكنه صحيح، ذلك أن
كيسنجر رحل عن ألمانيا في أغسطس (آب) 1938
كلاجئ في ال15 من عمره، وذلك قبل ثلاثة
أشهر من حادثة كريستالنخت (هاجم
النازيون خلالها اليهود وممتلكاتهم).
ولقي عم والده وثلاث من عماته وأقارب
آخرون حتفهم خلال المحارق النازية بحق
اليهود. لذا،
كان من الصادم بشدة أن نسمع كيسنجر
يخبر نيكسون بعد ذلك بسنوات خلال
محادثة مسجلة بينهما جرت في 1 مارس (آذار)
1973، أنه: «دعنا نواجه الحقيقة، إن هجرة
اليهود من الاتحاد السوفياتي ليست من
أهداف السياسة الخارجية الأميركية.
ولو وضعوا اليهود في غرف الغاز داخل
الاتحاد السوفياتي، فإن هذا ليس شأنا
أميركيا، لكن ربما يكون شأنا إنسانيا». وقد
حاول بعض المعلقين طرح تفسيرات نفسية
لهذا الموقف، تتعلق بصراع يخوضه يهودي
داخل بيت أبيض اتسم بمعاداة اليهود.
إلا أن مثل هذه الجهود لا حاجة إليها،
ذلك أن ما ذكره كيسنجر ليس تعبيرا عن
محاولة مراوغة، وإنما عن حجة عقلية.
عام 1969، أعلن كيسنجر أنه «سنحكم على
الدول الأخرى، بما فيها الشيوعية، على
أساس أفعالها، وليس آيديولوجياتها
الداخلية». ويعد هذا القول واحدا من
الآراء التي يشيع التأكيد عليها في
مدرسة السياسة الخارجية المعروفة باسم
«الواقعية»؛ ويدور حول فكرة أن السلوك
الخارجي للأنظمة هو المهم، وأن سلوكها
الداخلي لا شأن له بالمصالح الأميركية.
ويحظى هذا الرأي حاليا بقبول متزايد
بين المفكرين المعنيين بالسياسة
الخارجية. كل ما في الأمر أن كيسنجر كان
مفتقرا إلى الحساسية العاطفية في
تطبيقه. وردا
على الكشف مؤخرا عن المحادثة المسجلة،
قال كيسنجر إن كلماته «يجب النظر إليها
في إطار زمانها». ويتمثل هذا الإطار في
نقاش حول تعديل «جاكسون - فانيك» عام
1974. كان الاتحاد السوفياتي، الذي مارس
العداء ضد السامية ومقت في الوقت ذاته
نزف العقول عبر هجرة اليهود، قد فرض
غرامات باهظة على المهاجرين. واستجاب
السيناتور هنري جاكسون والنائب تشارلز
فانيك، بدعم من منظمات يهودية
أميركية، باقتراح تشريع يربط العلاقات
التجارية الطبيعية مع الاتحاد
السوفياتي (والدول الأخرى «غير
السوقية») بحرية الهجرة. من
جانبه، اعتقد كيسنجر أن التفاهم مع
الاتحاد السوفياتي يتميز بالأهمية
الكبرى وأن قضايا حقوق الإنسان ينبغي
تناولها في هدوء، على مسار دبلوماسي
منفصل. وأخبر نيكسون أن «الجالية
اليهودية في هذا البلد تجاه هذه
القضية، تتصرف على نحو يفتقر للحكمة.
إنهم يتصرفون على نحو خائن». وعلى
الرغم من ذلك، اتضح لاحقا أن تعديل «جاكسون
- فانيك» شكل نقطة محورية في الحرب
الباردة، فبعد التراجع الأولي في
معدلات الهجرة، مارس القانون ضغوطا
على الاتحاد السوفياتي طوال عقدين،
مما أدى في النهاية لارتفاع معدلات
الهجرة. وسلط القانون الضوء على واحدة
من أقوى الميزات الآيديولوجية للغرب
في مواجهة الاتحاد السوفياتي عبر فضح
ضعف نظام يتحتم عليه بناء أسوار لمنع
مواطنيه من الهرب. وشكل هذا التأكيد
على حقوق الإنسان مصدر إلهام ليس
لليهود السوفيات فحسب، وإنما أيضا
جماعات وجنسيات أخرى كانت تحت مظلة
الاتحاد السوفياتي. وجاء تعديل «جاكسون
- فانيك» بمثابة رفض لواقعية كيسنجر
ومقدمة للتوجهات «الريغانية». وأكد
التعديل على أن الأنظمة القمعية أكثر
احتمالا لأن تهدد جيرانها، وأعلى شأن
حقوق الإنسان بين أولويات المصالح
الأميركية. كما أنه عزز معايير الكرامة
الإنسانية التي شكلت تهديدا مباشرا
للأنظمة التي اعتمدت على منعها. ولا
يعد كيسنجر شخصية شريرة بسيطة، ذلك أنه
يبعد تماما عن البساطة في شتى مناحي
حياته. في الواقع، إن التعقيد سمة
أساسية لحياته. والملاحظ أنه في ظل
ظروف أخرى، كان صديقا لإسرائيل. ونجح
بمهارة في المرور عبر أوقات عصيبة
أثناء الحرب الباردة. وفي كتابات
لاحقة، اعترف بدور المثالية في تعزيز
مكانة الولايات المتحدة عالميا. إن
العبارة سالفة الذكر التي نطقها
كيسنجر منذ 37 عاما لا تختزل حياة مهنية
بأكملها، لكنها تكشف ضيق أفق واقعية
السياسة الخارجية، ذلك أنها تتمسك
بوجهة نظر محدودة على نحو مؤسف للسلطة
ولا تضع في اعتبارها المميزات
الآيديولوجية الأميركية في الصراعات
الآيديولوجية العالمية. وغالبا
ما يتبع الواقعيون وجهة نظر تتسم
بالتبسيط للعلاقات بين القوى العظمى،
مؤكدين أن أي ضغوط على روسيا أو الصين
تتعلق بحقوق الإنسان ستسبب انهيار
النظام العالمي بأسره. ويستبعد هذا
الرأي إمكانية بناء علاقة ناضجة مع دول
أخرى تقف أميركا في إطارها مدافعة عن
قيمها وتسعى لتحقيق المصالح المشتركة
في الوقت ذاته. وعند
النظر إلى هذه الحقبة التاريخية، يتضح
لنا أن الجرعات المتكررة من الواقعية
في السياسة الخارجية بإمكانها قتل
الضمير. خلال فترة رئاسة نيكسون، جرى
النظر لغياب المشاعر الإنسانية كمؤشر
على الحزم العقلاني؛ وهو مناخ تسبب في
انهيار الإدارة ذاتها. إن الواقعيين
غالبا ما يرفضون التمييز المانوي بين
الخير والشر، والنور والظلام. لكن في
ما وراء الخير والشر، قد يجد البعض
أنفسهم محشورين في غرف الغاز. *
خدمة «واشنطن بوست» ==================== وليد
أبي مرشد الشرق
الاوسط 23-12-2010 لم يكن
مستبعدا أن يرضخ راعي عملية السلام في
الشرق الأوسط لمناورات رئيس الحكومة
الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعد أن
سجل على نفسه ذلك التراجع المفجع عن «مقاطعة»
نتنياهو إلى أن يلتزم بوقف الاستيطان
في القدس الشرقية والضفة الغربية. إلا أن
المستغرب أن يسلم الرئيس الأميركي
باراك أوباما بتوقف المفاوضات
الفلسطينية - الإسرائيلية المباشرة
دون أن يجشم نفسه عناء تحميل الجهة
المعرقلة للسلام مسؤولية هذا التوقف. ربما
وضع الجانب الفلسطيني على الرئيس
الأميركي آمالا تفوق قدرته على
تحقيقها، خصوصا بعد أن أثبتت تجربة
بضعة أشهر في الحكم أنه «أسير المؤسسة»
الحاكمة أكثر مما هو رائدها. وربما
لم يقوّم المفاوض الفلسطيني، كما يجب،
أبعاد التحول السياسي الذي أفرزته
هجرة اليهود «السوفيات» إلى إسرائيل (بعد
انهيار جدار برلين) لجهة تعزيزها
الكتلة الناخبة اليمينية المعادية
للعرب، الأمر الذي يجعل رهان نتنياهو
على الائتلاف اليميني - الشوفيني
لحكومته رهانا مجديا على المدى
القريب، على الأقل. مع ذلك
لا يجوز تحميل الرئيس الأميركي ولا
الحكومة الليكودية، وحدهما، مسؤولية
الموقف الإسرائيلي من المفاوضات
المباشرة مع الفلسطينيين، فإذا كانت
إسرائيل لا تشعر بأنها «مضطرة» للتوصل
إلى تسوية سلمية معهم فذلك لا يعود فقط
إلى اطمئنانها إلى نفوذ اللوبي
الصهيوني في واشنطن – وأحدث دليل على
ذلك رفض الكونغرس الاستجابة لأي طلب
اعتراف بالدولة الفلسطينية - بل إلى
معرفتها أن موازين القوى الإقليمية،
في ظل الحالة العربية الراهنة، لا
تعرضها لأي خطر داهم أو حتى قريب: - أقوى
دول الجوار عسكريا، أي مصر، محيّدة منذ
اتفاق كامب ديفيد. - أطول
جبهة شرقية على حدودها، أي الجبهة
الأردنية، هادئة منذ ما قبل اتفاق وادي
عربة. - أكثر
دول «الممانعة» عداء لها، أي سورية،
ملتزمة التزاما جديا بوقف إطلاق النار
في هضبة الجولان. وعلى
صعيد الدول البعيدة عن حدودها
والمصنفة في خانة الأعداء، لم يعد
العراق في وارد خوض معارك قومية، لا
عسكريا ولا حتى سياسيا، وكيانه الذاتي
مهدد بالتفتت، بينما تغوص إيران،
المتلهية بملفها النووي، في عزلة
دبلوماسية خانقة قد تجعل أولويتها
الاستراتيجية الدفاع عن النفس لا عن
فلسطين. هذا
على الصعيد الخارجي. أما على الصعيد «الداخلي»
فقد وفر انقسام الصف الفلسطيني
وتشرذمه، في مرحلة حساسة من مراحل
نضاله، مهلة تنفس لليمين الإسرائيلي
جعلته يتجاوز «فوبيا» اندلاع انتفاضة
جديدة. تبقى «الجبهة»
اللبنانية التي كان يحركها حزب الله.
هذه أيضا باتت محيّدة «دوليا» – إن صح
التعبير - منذ صدور القرار 1701. وبالفعل
تظهر التطورات الميدانية التي تلت
صدور القرار أن «قواعد الاشتباك» التي
تحكم انتشار القوات الدولية في جنوب
لبنان لم تعد تتيح لحزب الله حرية
الحركة التي كان يتمتع بها قبل حرب عام
2006، إضافة إلى أن الحزب بدد كمّا لا
يستهان به من رصيده القومي (كحركة
مقاومة) في نزاعات مذهبية داخلية قد
تشكل نقطة تحول في موقعه النضالي
السابق. باختصار،
الوضع الفلسطيني يعيش حالة انهيار،
والوضع العربي حالة انحطاط، وكل ذلك في
عالم متغير بسرعة: تركيا تتطلع إلى
التحول من مركز ثقل إقليمي إلى مركز
ثقل دولي، والهند تنتقل من موقع الدولة
المؤثرة «عالمثالثيا» إلى موقع الدولة
المؤثرة دوليا، وإندونيسيا تلعب بحنكة
ورقتي واشنطن وبكين وتواصل تحصين
موقعها الإقليمي، والصين تتطلع إلى
تبوء موقع القوة الاقتصادية الأولى في
العالم.. ما كان
يسمى بالعالم الثالث يسير بخطى وطيدة
إلى الأمام بينما العالم العربي
يتراجع إلى الوراء.. فلماذا ننتظر من «عدوتنا»،
إسرائيل، «مكافأة» على تقصيرنا
الاقتصادي والاستراتيجي؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |