ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 26/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

2011 في: السودان والعراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان والصومال

السبت, 25 ديسيمبر 2010

سليم نصار *

الحياة

يُجمع المراقبون السياسيون على القول ان سنة 2011 ستكون هي سنة الحسم والتغيير في معظم الدول التي تعرضت للتدخل الخارجي او للاقتتال الداخلي.

ففي التاسع من كانون الثاني (يناير) 2011 تتوقع الامم المتحدة ان يقرر الاستفتاء مصير السودان ومستقبله. وفي كانون الاول (ديسمبر) من سنة 2011، قررت واشنطن سحب كل قواتها من العراق، تاركة لقادة البلاد حرية التعاطي مع الازمات التي خلّفها الغزو الاميركي. وفي آخر مؤتمر صحافي، اعلن الرئيس باراك اوباما ان انسحاب قواته من افغانستان سيبدأ في تموز (يوليو) 2011.

مطلع شباط (فبراير) 2011 تنتهي ولاية رئيس الصومال شيخ شريف شيخ احمد. ومن المتوقع ان يسعى للحصول من البرلمان على فترة انتقالية مدتها سنتان. ومثل هذا العمل غير الدستوري يمكن ان يفجّر الوضع من جديد، خصوصاً ان الصومال يعاني من فوضى الحرب الاهلية التي انتجت نظام القرصنة.

على الصعيد الفلسطيني، يعود المبعوث الاميركي جورج ميتشل الى المنطقة على امل التوصل الى اتفاق سلام بين الفلسطينيين واسرائيل خلال سنة 2011.

ويبدو ان تجاربه السابقة مع الاسرائيليين قد أقنعته بأن اسرائيل تريد مفاوضات من دون اتفاق... في حين تريد السلطة الفلسطينية اتفاقاً من دون مفاوضات. ومن خلال هذه المعادلة سيحاول ميتشل إحداث اختراق سياسي.

اما بالنسبة الى لبنان، فإن كل السنوات قابلة لاستقبال أحداث جديدة، على اعتبار ان حرب الكلام تقود تلقائياً الى حرب الرصاص.

وهذه جردة بأهم التوقعات:

تفكك السودان:

في حال تطبيق الخطة التي اتفق عليها شريكا الحكم في جنوب السودان وشماله، فإن يوم التاسع في كانون الثاني (يناير) سيكون يوماً تاريخياً لم تعرفه هذه البلاد منذ استقلالها سنة 1956.

ويرى المراقبون ان حصيلة الاستفتاء محسومة سلفاً لمصلحة الانفصال، إلا اذا نجحت الوساطات العربية والدولية، في تغيير صيغة «الطلاق السياسي – الاقتصادي» لدى اكبر بلد مساحة في افريقيا.

هذا، وكان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال وحزب الحركة الشعبية في الجنوب، قد اتفقا على إجراء استفتاء لرسم مستقبل السودان بطريقة تساعد على استيعاب المكونات القبلية والعنصرية والدينية والثقافية. خصوصاً ان مشكلة «دارفور» قد نبهت المجتمع الدولي الى ضرورة ايجاد حل يرضي الفريقين المتنازعين ويمنع استئناف النزاع.

واللافت ان النزاع الاخير الذي انفجر عقب توقيع بروتوكولات ماشاكوس سنة 2002، كان المؤشر على رفض الجنوب لحكم البشير مدة عشرين سنة. وقد ازدادت حدة الخلاف بعدما اصر الرئيس عمر البشير على ضرورة تطبيق الشريعة في الشمال.

ومع اقتراب موعد الحسم، حاول الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس الليبي معمر القذافي، التوسط مع الرئيس عمر البشير ورئيس حكومة اقليم جنوب السودان سلفاكير ميارديت، من اجل وضع ترتيبات امنية تسمح بانفصال «مخملي» حضاري على طريقة تشيكو – سلفاكيا. وترى الجامعة العربية ان عدوى التفكك ودعوات الانفصال قد تصيب الدولتين الجارتين، وتؤثر تداعياتها بالتالي في القارة الافريقية.

قال مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع، ان انفصال الجنوب لا يؤثر في اقتصاد البلاد، بل يمثل انطلاقة جديدة في مجال تكامل التنمية المشتركة. وكان بهذا الكلام يشير الى اتفاقية السلام التي ابرمت سنة 2005 بهدف تقاسم الثروة والسلطة.

وجاء في الاتفاقية ان انتاج النفط يقسم مناصفة تقريباً، علماً أن الجنوب هو المصدر الوحيد. وبما ان الجنوب لا يملك منفذاً على البحر، فإن الشمال يقوم بتكريره ونقله من مرافئه. صحيح ان في المستطاع بناء خط انابيب الى كينيا... ولكن الصحيح ايضاً ان تكاليفه ستكون باهظة وحمايته ستكون صعبة.

مصير العراق:

اعلنت واشنطن، ان القوات الاميركية ستنسحب في كانون الاول (ديسمبر) من سنة 2011.

وقد اجتمع الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان المشتركة، مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بهدف وضع استراتيجية مشتركة تتعلق بملء الفراغ الامني في حال اضطرت الولايات المتجدة الى سحب قواتها قبل هذا التاريخ.

ومع ان المالكي اعرب عن ثقته بقدرة الجيش العراقي الجديد وفرق الشرطة المدربة على قمع الشغب، الا انه اعلن امام مولن عن حاجته الى مساعدة اضافية من اجل تدريب المزيد من الفرق النظامية. ولكنه ارجأ البت في هذا الموضوع الى حين ولادة حكومة الوحدة الوطنية.

 

ولما استوضحه الأميرال مولن عن احتمالات تجدد الحرب الاهلية، بعد جلاء فرق المشاة، استبعد المالكي هذا الافتراض، بدليل ان الوضع ظل مضبوطاً عقب انسحاب القوات الاميركية من المدن. وفي مرحلة ثانية غادرت آخر القوات خلال الصيف الماضي من دون ان ينفجر العراق، كما توقع المحللون. ومع تأخر تشكيل الحكومة الى يوم الثلثاء الماضي، بددت صيغة التوافق مخاوف المراهنين على خلاف السنّة والشيعة والعرب والاكراد.

اظهرت ارقام استطلاعات الرأي ان غالبية الشعب العراقي تريد الخروج من اجواء الحرب الاهلية. والسبب ان الجماعات الارهابية هي المستفيدة من استمرار الفوضى وانعدام الامن والاستقرار. وربما تراهن هذه الجماعات على الانسحاب الاميركي الاخير بعد سنة، كي تستأنف نشاطها التخريبي لمصلحة دول عربية وأجنبية تقلقها عودة العراق، دولة موحدة، قوية، غنية، يمكن ان تشارك من جديد في صنع مستقبل المنطقة. خصوصاً بعدما انهى مجلس الامن العقوبات التي فرضت في عهد صدام حسين.

حرب افغانستان:

بعدما اعترف الرئيس باراك اوباما، بأن الحرب في افغانستان تشكل مهمة صعبة، اكد وزير الدفاع روبرت غيتس ان كلام الرئيس لا يلغي موعد انسحاب القوات الاميركية في تموز (يوليو) 2011.

وحول طبيعة المرحلة التي تنشأ عقب الانسحاب، اعترف غيتس بأنه يجهل ملابساتها الغامضة، على اعتبار ان الحكومة الافغانية تحتاج الى المساعدة كي تبسط سلطتها على كامل اراضي البلاد. وقال ايضاً ان قوات الحلف الاطلسي ستستمر في دعم النظام الى ما بعد سنة 2014.

ومع ان وزير الدفاع الاميركي أشاد بالتقدم الذي احرزته قوات الامن الافغانية، الا انه رفض الاعتماد عليها كلياً بعد مغادرة القوات المشتركة. وقد اقترح المبعوث الاميركي الى افغانستان ريتشارد هولبروك، قبل وفاته هذا الشهر، الاستعانة بقوات عربية – اسلامية مثل مصر والاردن وسلطنة عمان، بهدف ملء الفراغ الامني في حال انسحبت قوات الحلف الاطلسي قبل نهاية سنة 2014. وبسبب عدم جاهزية القوات الافغانية لتولي هذه المهمة، اشار رئيس هيئة الاركان المشتركة مايك مولن على وزيرة الخارجية كلينتون، تبني اقتراح هولبروك بحيث ترسل كتائب مدربة من البلدان العربية لمعاونة القوات المحلية.

وفي رأي الجامعة العربية، فإن هذا الاقتراح يعتبر مجازفة محفوفة بالمخاطر لأن «طالبان» بالتعاون مع «القاعدة» ترفضان تصنيف الدول الغربية المتعاطفة مع سياسة واشنطن، دولاً صديقة يمكن الترحيب بدورها. وعليه تقترح الجامعة ألا يتفرد بعض الدول العربية بقرار يؤثر في سياسة المجموعة.

المراسلون الذين غطوا وقائع الحرب في افغانستان يعتقدون بأن المشكلة التي تواجه القوات الاميركية والاطلسية، لا تكمن في وعورة الارض، بل في رفض الشعب أي نوع من الغزاة والغرباء. ويروي المؤرخون الكثير من حكايات المقاومة ضد الاسكندر المقدوني وجنكيز خان وتيمورلنك والسوفيات. كل هذا لأن قبيلة «البشتون» التي تحتضن «طالبان» ترفض الحلول السياسية والاغراءات المادية. وبما ان الرئيس حميد كارزاي ينتمي الى صفوف القومية البشتونية، فإن واشنطن منحته فرصة أخيره لاستنباط حل سياسي قبل ان توكل هذه المهمة الى رئيس وزراء باكستان زرداري.

ويقال في هذا السياق، ان ادارة اوباما اعربت عن رغبتها في إبقاء وجودها العسكري اربع سنوات اضافية لأسباب اقتصادية بحتة. ذلك ان خبراء الجيولوجيا قدروا انتاج المعادن التي تختزنها افغانستان بأكثر من تريليون دولار. في حين ذكّر وزير المعادن وحيد الله شهراني أمام ممثلي مئتي شركة تعدين من الهند والصين وبريطانيا وأوستراليا واليابان، بأن حصيلة الانتاج تقدر ب 3 تريليونات دولار. وبين اهم المعادن التي اكتشفها الخبراء: الذهب والفضة والحديد والزئبق والالومينيوم.

الصومال والقرن الافريقي

منذ سقوط نظام سياد بري، والصومال يتخبط في ازمات داخلية انتهت بتمزيق وحدته الاجتماعية، وتغليب سلطة القبائل على سلطة الدولة. وكان من الطبيعي ان يفرز هذا التفكك، قوتين متعارضتين، واحدة تدين بالولاء «للقاعدة»، والاخرى تطالب بالمحافظة على مظاهر المؤسسات الرسمية. وهكذا ظهرت المعارضة المسلحة تحت مظلة «حركة المحاكم الاسلامية» معتمدة في نشاطها على القرصنة والابتزاز. وبقي السباق بين الدولة النظامية والمحاكم الاسلامية قائماً الى حين عقد مؤتمر مدريد في ايلول (سبتمبر) الماضي.

وطالب الحاضرون الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ احمد، بإعداد «خريطة طريق» لعرضها على البرلمان عقب انقضاء الفترة الانتقالية.

وبما ان هذه الفترة تنتهي بعد تسعة اشهر، فإن انصار الرئيس قرروا شن حملة سياسية تؤدي الى تجديد ولايته سنتين اضافيتين. وفي حال نجح هذا الخيار، فإن التوقعات ترجح اندلاع الحرب الاهلية، من جديد. خصوصاً ان المتمردين التابعين لأسامة بن لادن، قرروا الاستيلاء على المزيد من الاراضي بحيث تصبح العاصمة مقديشو مطوقة من اربع جهات. وعندئذ لا بد من ان تتدخل الجامعة العربية او المنظمات الاسلامية بهدف ارسال قوات ردع كما حدث سابقاً.

 

الدول الكبرى لا تخفي قلقها وخوفها من تداعيات انتصار «حركة المحاكم الاسلامية»، خصوصاً اذا استولت على الحكم وسيطرت سيطرة كاملة على باب المندب. ومثل هذا الوضع يهيئ لها فرص التدخل في شؤون اليمن بطريقة اكثر تأثيراً. وخشية إطباق الحركتين – المحاكم الاسلامية في الصومال وحركة الحوثيين في اليمن – ستضطر الولايات المتحدة بالتعاون مع الدول الصناعية الكبرى الى التدخل عسكرياً لمنع حدوث هذا السيناريو...

* كاتب وصحافي لبناني

====================

لبنان من الوصاية السورية إلى الوصاية الإيرانية...

خيرالله خيرالله

الرأي العام

25-12-2010

هل انتقل لبنان من الوصاية السورية الى الوصاية الايرانية، بعدما استطاع النظام في طهران ملء الفراغ الامني الذي خلفه الانسحاب العسكري السوري من الاراضي اللبنانية في ابريل من العام 2005؟ ما يبرر طرح مثل هذا السؤال كلام السيد علي خامنئي «مرشد الجمهورية الاسلامية» في ايران عن المحكمة الدولية التي تنظر في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الاخرى التي سبقتها وتلتها. يشير هذا الكلام الى ان الرجل نصّب نفسه بالقوة مرجعا لكل لبنان وكل اللبنانيين. وضع نفسه فوق الدولة اللبنانية ومؤسساتها، هي التي طلبت المحكمة الدولية وسعت اليها بهدف وضع حدّ لثقافة الموت والسياسة القائمة على الاغتيالات في الوطن الصغير.

حرص «المرشد الاعلى»، لدى استقباله امير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حديثا على تأكيد ان اي قرار يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يعتبر «لاغيا وباطلا». وضع خامنئي نفسه ايضا فوق المحكمة الدولية التي اقرها مجلس الامن التابع للامم المتحدة تحت الفصل السابع من شرعة المنظمة الدولية، وذلك بعدما اعتبر المجلس اغتيال رفيق الحريري عملا «ارهابيا»!

لا يختلف اثنان على ان من حق «المرشد» ان يعتبر نفسه المرجعية الاولى والاخيرة في كل شيء لدى قسم من اللبنانيين. ليس سرّا ان «حزب الله» يؤمن بولاية الفقيه ويرى في خامنئي مرجعيته. وقد اعلن ذلك غير مرة الامين العام للحزب السيّد حسن نصرالله الذي اكد من دون مواربة انتماءه الى المدرسة التي تؤمن بنظرية ولاية الفقيه. كذلك، ليس سرا ان الادوات التابعة ل«حزب الله» وتوابع هذه الادوات، مثل النائب المسيحي ميشال عون وامثاله، تأتمر بما يصدر عن الحزب ومرجعيته. ولذلك سارعت هذه الادوات منذ فترة لا بأس بها الى مهاجمة المحكمة الدولية واعتبارها ساقطة. هناك من يرى حتى ان المحكمة الدولية قضية منتهية طويت صفحتها. لماذا اذا كل هذا الرعب من المحكمة ومن القرار الاتهامي الذي يمكن ان يصدر عنها قريبا، ما دام لا قيمة تذكر لها ولكلّ ما يمكن ان يصدر عنها او عن الاجهزة والهيئات التابعة لها؟

تكمن اهمية كلام خامنئي، وهو اعلى سلطة في ايران ولدى كل من يؤمن بنظرية ولاية الفقيه، ان طهران تثبت انها معنية، على نحو مباشر، بالتحقيق باغتيال رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الاخرى التي استهدفت اللبنانيين الشرفاء حقا الذين يؤمنون بالعروبة الحضارية وليس بالمتاجرين بها. من الواضح ان هناك بعدا اقليميا لهذه الجرائم. جاء كلام «المرشد الاعلى» لدى استقباله امير دولة قطر ليؤكد هذا البعد وليؤكد ان ايران معنية قيل غيرها بالمحكمة وانها تعتبر معركة المحكمة معركتها.

ماذا يعني ذلك؟ انه يعني ان الوضع في لبنان في غاية الخطورة وانه قابل للانفجار في اي لحظة وان على اللبنانيين الرضوخ للارادة الايرانية ولمن يمثل هذه الارادة ويعبّر عنها... والاّ تحلّ بهم وببلدهم المصائب والويلات. كل ما في الامر، ان النظام في ايران يرى انه يمتلك ما يكفي من الوسائل والادوات، على رأسها السلاح الموجه الى صدور المواطنين العزل، لفرض ارادته على لبنان واللبنانيين الذين عليهم الافتراض ان رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما قضوا في حادث سير وان كل الشهداء الآخرين، من سمير قصير الى النقيب سامر حنّا مرورا بجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وبيار امين الجميّل وانطوان غانم واللواء فرنسوا الحاج والرائد وسام عيد والشهداء الاحياء مروان حماده والياس المرّ ومي شدياق، كانوا ضحية خلاف عائلي! يستطيع اللبنانيون، في احسن الاحوال، اتهام اسرائيل بانها وراء كل هذه الجرائم او الاستشهاد بمشعوذ فرنسي يروج لرواية تقول ان موكب رفيق الحريري تعرض لهجوم من الجو بواسطة صاروخ الماني!

ما الذي يجعل ايران تسمح لنفسها بالتصرف بالطريقة التي تتصرف بها حيال لبنان؟ قبل كل شيء، لا وجود لموقف عربي موحد يؤكد الوقوف مع المحكمة الدولية من منطلق انها الوسيلة الوحيدة لوضع حد لثقافة القتل في لبنان وغير لبنان. لذلك، يتصرف النظام الايراني وكأن ارض لبنان مشاع له. الوطن الصغير ليس سوى «ساحة». ولو استطاع تحويل كل دولة عربية اخرى الى «ساحة»، لما تردد في ذلك لحظة واحدة. الاهم من ذلك كلّه، ان ايران تمتلك السلاح في لبنان. انها تمتلك ميليشيا مذهبية خاصة بها عناصرها لبنانية اقامت دويلة اقوى من الدولة اللبنانية وكل مؤسساتها. ولذلك، كان الكلام الذي صدر قبل عن الرئيس امين الجميّل في العيد الخامس والسبعين للكتائب في غاية الاهمية. تحدث امين الجميّل انطلاقا من تجربة معينة لحزب لبناني عريق سبق له ان حمل السلاح في ظروف معينة وحلّ مكان الدولة ومؤسساتها على جزء من الاراضي اللبنانية. شدّد على ان «اعادة احياء زمن الدويلات وزمن المشاريع الخاصة بكل طائفة او حزب يفتح شهيات كثيرة في وقت يتفتت العراق ويقسّم السودان ويعاني اكثر من بلد عربي نزعات انفصالية».

لم يأت كلام الجميّل من فراغ. جرّب حزبه السلاح الذي يمثل علّة العلل في لبنان. وتوصل الى نتيجة «ان هذا البلد لا يبنى من دون كل الفئات اللبنانية ومن بينها حزب الله، لكن لبنان لا يبنى مع دولة حزب الله». لماذا لا يريد السيّد خامنئي الاستفادة من تجارب الآخرين على ارض لبنان، بما في ذلك تجربة الاحزاب اللبنانية المختلفة والدول العربية المتنوعة التي اعتقدت في مرحلة ما ان السلاح والميليشيات هي الطريق الاقرب للحلول مكان الدولة اللبنانية؟

المخيف في الموضوع ان ايران تمتلك فائضا من القوة في لبنان. تستطيع من دون شك توظيف هذا الفائض في الاطار الداخلي. تستطيع، بفضل السلاح وحملة السلاح، ان تدمر الكثير وان تثير كل انواع الغرائز، على رأسها الغرائز المذهبية البغيضة والفتن الطائفية. ولكن هل تستطيع في نهاية المطاف اخضاع اللبنانيين وتخييرهم بين السلم الاهلي والمحكمة الدولية... ام ان كل ما هو مطلوب من التصعيد الذي لجأ اليه «المرشد» توجيه رسالة الى واشنطن فحواها ان طهران مستعدة، انطلاقا من المحكمة الدولية، للدخول في مفاوضات مع الادارة الاميركية في شأن مستقبل لبنان على غرار ما حصل في العراق؟

كاتب وصحافي لبناني مقيم في لندن

====================

حزب أتاتورك والثوابت البالية

آخر تحديث:السبت ,25/12/2010

محمد نور الدين

الخليج

دخلت تركيا مناخ الانتخابات النيابية قبل ستة أشهر من موعدها في يونيو/ حزيران المقبل، وهي الانتخابات الثالثة التي يدخلها “حزب العدالة والتنمية” منذ فوزه الكبير في عام 2002 وتأكيده له في عام 2007 .

في التعديلات الدستورية التي أقرت قبل أربع سنوات أن مدة البرلمان هي أربعة بدلاً من خمسة أعوام . وهي مدة كافية بحيث لا يمكن اختصارها ولا يمكن التمديد لها . إذ إن جميع الانتخابات النيابية على النظام القديم أي مرة كل خمس سنوات كانت تجري مبكرة قبل موعدها بسنة بسبب الضغوط والصراعات السياسية .

فقط في عهد “حزب العدالة والتنمية” تم الالتزام بالمواعيد الدستورية . الأولى بعد خمس سنوات في عام ،2007 والثانية تلك المقررة في العام المقبل . وكان رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة وزعيم الحزب يقول إن على الناس أن تعتاد على استكمال المهل . وهذا مفيد للاستقرار ولسلامة التشريع وتطبيق الخطط المعدّة .

مشى كل شيء حتى الآن وفقاً لما تشتهيه سفينة “حزب العدالة والتنمية” . وقد استغل على أفضل ما يكون حساسيات الرأي العام، ولم يتأخر في الاحتكام إلى الشعب مباشرة بعد محاولة العسكر تعطيل انتخاب الرئيس في إبريل/ نيسان 2007 فكانت ردة فعل الناس التصويت بكثافة في الانتخابات التي تلت ذلك في 22 يوليو/ تموز وبنسبة 47 في المئة من الأصوات .

اليوم يبدو “حزب العدالة والتنمية” وحيداً في ساحة العمل السياسي . إنجازات مهمة على الصعيد الاقتصادي . تركيا دخلت نادي العشرين وهي تتحضر لتدخل نادي الاقتصادات العشرة الأولى في العالم . حجم التجارة الخارجية ارتفع كثيراً . متوسط الدخل الفردي أيضاً كبر كثيراً . نمو حجم الاقتصاد يزيد من فرص العمل . مع ذلك فإن الأزمة المالية العالمية انعكست وإن قليلاً على ذلك وبقي معدل البطالة عالياً .

وعلى الصعيد السياسي والاجتماعي حقق “حزب العدالة والتنمية” المزيد من أجل استكمال دولة القانون والعدل والحريات ومنع تدخل العسكر في السياسة ورفع الوصاية القضائية أيضاً عن الحياة السياسية . ورغم أن التقدم لا يزال محدوداً في المسألة الكردية ومسائل الأقليات الأخرى فإن مناخاً من المرونة بات يطبع الملفات العالقة وكلها حساسة .

إنجازات “حزب العدالة والتنمية” الداخلية كما الخارجية كما صورة أردوغان التي لا تزال نظيفة، كانت وراء بقاء الحزب في السلطة منذ ثماني سنوات وهي مرشحة أيضاً للاستمرار إذا ما بقيت ظروف اليوم على ما هي عليه .

لكن بقاء الحزب لا يُختصر فقط بهذه الأسباب . قوى المعارضة وفي مقدمها حزب الشعب الجمهوري كانت أيضاً من أهم عوامل نجاح خصمه اللدود “حزب العدالة والتنمية” .

منذ عام 1950 لم ينجح حزب أتاتورك (حزب الشعب الجمهوري)، في أن يصل إلى السلطة منفرداً رغم مرور زعامات تاريخية على رأسه مثل عصمت اينونو وبولنت أجاويد . ودائماً كان مضطراً للدخول في ائتلافات مع أحزاب أخرى ليشكل حكومة وفي إحدى المرات تحالف مع حزب السلامة الوطني (الإسلامي) بزعامة نجم الدين أربكان في مطلع السبعينات . في حين كانت أحزاب جديدة مثل الحزب الديمقراطي ثم حزب العدالة ثم حزب الوطن الأم وأخيراً حزب العدالة والتنمية تصل بمفردها مرات إلى السلطة وتقضي فيها سنوات طويلة .

لم يسأل حزب الشعب الجمهوري نفسه عن أسباب إخفاقاته المتكررة أو أنه لم يستطع تشخيص أسبابها، لكن الجميع يرى أن الحزب كان دائماً أسير الماضي والفترة الذهبية لحكم أتاتورك التي يمكن اعتبارها سوداء عندما نؤرخ للمسار الديمقراطي في تركيا، حيث كانت فترة أتاتورك فترة نظام الحزب الواحد ومنع أي حزب آخر من العمل .

والمشكلة الأساسية لحزب الشعب الجمهوري أن “ثوابت” الحزب التي أرساها اتاتورك كانت لحقبة، ولم تكن تصلح أو أنه يجب أن تتأقلم مع المتغيرات لتكون مقبولة في مرحلة لاحقة .

بقي حزب الشعب الجمهوري أسير النظريات العرقية التي لا تعترف بالهوية الكردية وبقي أسير القيود الصارمة على النشاط الديني، وكل نشاطات المجموعات الدينية الأخرى . ولم يدرك أن الحرب الباردة انتهت فبقي أسير إدارة الظهر للعرب والمسلمين والعقد التاريخية مع روسيا والأرمن واليونان .

قبل أيام عقد حزب الشعب الجمهوري مؤتمره الخامس عشر وفيه جدّد الزعامة لرئيسه الجديد الذي وصل إلى زعامته في مايو/ أيار الماضي كمال كيليتشدار أوغلو .

وكم كان كيليتشدار أوغلو “مخلصاً” لثوابت الحزب التي عمرها أقل من مئة عام بقليل . فلم يقدم خطابه جديداً على أي صعيد وحافظ على شعار الحزب في إنكار هوية الآخرين وحريتهم . وقدّم بذلك أفضل هدية إلى “حزب العدالة والتنمية” ليحقق في العام المقبل انتصاره الثالث على التوالي وربما بسهولة أكبر .

====================

العلاقات السورية الأميركية تعنت وإخفاق

حسين العودات

التاريخ: 24 ديسمبر 2010

البيان

استمر إخفاق السياسة السورية في مسعاها الدؤوب لتغيير الموقف الأميركي منها، وإقناع إدارة الرئيس أوباما بأن تتخلى عن السياسة المعادية لسوريا التي اختطها الرئيس بوش الابن ومحافظوه الجدد، والكف عن تطبيق مختلف أنواع الضغوط عليها، وإيقاف محاولاتها لتغيير سياسات النظام السوري الإقليمية والدولية بأية وسيلة.

انت العلاقات السورية الأميركية طوال معظم سنوات العقد الأول من الألفية الجديدة، مترددة متأرجحة تسير خطوة للأمام وخطوات للوراء، ولم تشهد استقراراً أو ثباتاً في معاييرها وممارساتها، ولم يستطع الطرفان إيجاد صيغة لبناء علاقات طبيعية، وبقيت غالبية القضايا الخلافية عالقة دون حل، وتهدد بمزيد من التراجع والتدهور.

بدأت الخلافات بين السياستين السورية والأميركية تطفو على السطح بشدة وبشكل مباشر، منذ أن فكرت إدارة الرئيس بوش بغزو العراق، وكانت العلاقات بين البلدين طبيعية منذ عام 1991 عندما أشركت سوريا قواتها العسكرية في تحرير الكويت بقيادة أميركية، إلا أن ذلك لم يخف الخشية السورية من مخاطر غزو العراق، والوقوف ضد هذا الغزو، لأنه أسلوب جديد في التعامل الأميركي مع البلدان العربية، ويمكن أن يكون سابقة تطبقها الإدارة الأميركية ضد بلدان أخرى، فضلاً عن «تهديد» وحدة أراضي العراق ومركزية حكومته، وتفجير الخلافات الطائفية بين فئات شعبه، والتواجد العسكري الأميركي فيه شرق سوريا، إضافة للقوى العسكرية العدوانية الإسرائيلية في غربها. وكل هذا يهدد أمن سوريا ونظامها السياسي، ويخلق تناقضات داخلية فيها.

وقد أكدت وثائق «ويكيليكس» التي تسربت مؤخراً، أن نوايا إدارة بوش الصغير بغزو سوريا كانت متوفرة لو نجح غزو العراق دون مفاجآت، وأنه لولا صمود المقاومة العراقية المبكر ونجاح نشاطها منذ الأسابيع الأولى، لأكملت الجيوش الأميركية طريقها في اتجاه سوريا.

وقد أدت هذه الأسباب بالسياسة السورية لأن لا تكتفي بشجب غزو العراق، بل كي تفتح أبوابها (وحدودها) أمام العراقيين (والسوريين) الذين يريدون الانضمام للمقاومة، كما استقبلت عشرات الألوف من العراقيين الذين رحلوا عن العراق هرباً من الغزو والفتن الداخلية.

لم تغفر إدارة بوش الابن للسياسة السورية هذا الموقف الرافض لغزو العراق، ووجدت فرصتها في معارضة التجديد للرئيس اللبناني السابق إميل لحود عام 1994 بناء على الرغبة السورية، واتخذت قراراً في مجلس الأمن يطالب سوريا بالانسحاب من لبنان، ثم اغتنمت حدث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، فاتهمت سوريا بالاغتيال، وحشدت أعضاء مجلس الأمن، ودولاً عديدة في المنطقة وفي العالم، وتم اتخاذ قرارات أجبرت سوريا على سحب جيشها من لبنان، البالغ عدده ثلاثين ألف جندي. وفي الواقع انسحب معه نفوذها كله، ليس العسكري فحسب، بل السياسي والأمني أيضاً، وصار الموقف السوري في ذلك الوقت من أضعف حالاته دولياً وإقليمياً، وعندها فكرت الإدارة الأميركية جدياً في غزو سوريا، فسحبت سفيرها من دمشق (وما زالت سفارتها حتى الآن بدون سفير)، ثم فرضت عقوبات اقتصادية على سوريا، وحظرت التعامل مع بعض المسؤولين السوريين واتخذت قرارات بتجميد أموالهم ومنعت دخولهم للولايات المتحدة. وما زالت هذه العقوبات تتجدد عاماً بعد عام، وقد جُددت آخر مرة في الشهر الخامس من العام 2010، وأخفقت السياسة السورية في إقناع إدارة الرئيس أوباما بإلغائها.

تتهم الإدارة الأميركية (سواء إدارة بوش أم إدارة أوباما) السياسة السورية بأنها تدعم منظمات إرهابية (وتعني بذلك المنظمات الفلسطينية التي ما زالت سوريا ترحب بإقامتها على أراضيها)، وأنها تسعى لامتلاك صواريخ وأسلحة دمار شامل، وتنفذ برامج تسليح محظورة بالتعاون مع إيران وكوريا الشمالية، وأن ممارساتها السياسية تشكل خطراً على الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، وتقوض الأمن في العراق ولبنان، وتقيم تحالفاً استراتيجياً مع إيران، وتطالبها بنقل البندقية من كتف إلى كتف آخر، والانسجام مع مطالب السياسة الأميركية في المنطقة.

على عكس ما تقوله الإدارة الأميركية، وبناء على مقترحات السياسة الفرنسية وبعض الدول الأوروبية الأخرى، غيرت سوريا سياساتها الإقليمية تغييراً كبيراً في السنوات الأخيرة، فقبلت تسويات بين التيارات والأحزاب السياسية اللبنانية ما كانت لتقبلها سابقاً، وتبادلت التمثيل الدبلوماسي مع لبنان، ووافقت على انتخاب رئيس الجمهورية بالتوافق وتشكيل حكومة توافقية، وحصنت حدودها مع العراق في وجه أي ملتحق بالمقاومة، وهادنت جميع الفئات السياسية العراقية، ولم يعد بالإمكان اتهامها بأنها تتدخل في شؤون لبنان أو العراق بشكل مباشر، وفي الوقت نفسه أيدت علناً على الأقل محادثات المصالحة الفلسطينية، وحاولت إقناع حركة حماس بسلوك بعض الاعتدال تجاه المنظمات الفلسطينية الأخرى، وحتى تجاه إطلاق الصواريخ، وأعادت الدفء لعلاقاتها مع السعودية، بل نسقت معها في لبنان لأقصى درجات التنسيق، وهي تعمل جادة لإعادة الحيوية لعلاقاتها مع مصر، وأوحت في عدة مناسبات بأن علاقاتها مع إيران هي علاقات مصالح، وليست دائماً سمناً على عسل.

صار ممكناً في الخلاصة اعتبار السياسة السورية سياسة معتدلة ومتعاونة، إلا أن الإدارة الأميركية لم تقتنع بذلك، وما زالت مواقفها عدائية تجاه سوريا وترفض تحسين علاقاتها معها أو إعادتها إلى الوضع الطبيعي. وهكذا، كلما حاولت السياسة السورية السير خطوة للأمام في اتجاه تطوير العلاقات إيجابياً مع الإدارة الأميركية، تقوم هذه الأخيرة بالسير خطوة للوراء وتصر على تعنتها. ويتطابق الموقف الأميركي في ذلك، مع منطوق بيت الشعر: «كلما أنبت الزمان قناة، ركّب المرء في القناة سناناً»!

====================

خطة بديلة في أفغانستان

المصدر: صحيفة تايمز أوف إنديا الهندية

التاريخ: 24 ديسمبر 2010

البيان

 تنطوي سياسة الولايات المتحدة تجاه أفغانستان، على إنفاق عشرات المليارات من الدولارات ومعاناة عدة مئات من الخسائر في الأرواح لقوات التحالف سنوياً، وذلك في الأساس لمنع حركة طالبان الأفغانية من السيطرة على معقل البشتون الأفغان.

ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يهزموا طالبان عسكرياً، ولن تتحسن إلى درجة كبيرة حكومة الرئيس الأفغاني حامد قرضاي الفاسدة بشكل ملحوظ. ولا يستطيع الجيش الوطني الأفغاني تولي المهام القتالية من قوات «إيساف» في جنوب أفغانستان وشرقها، في أي إطار زمني واقعي. وقد أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أخيراً إلى أن «تقريرين استخباريين سريين جديدين يقدمان تقييماً أكثر سلبية، ويشيران إلى أن هناك فرصة محدودة للنجاح، ما لم تطارد باكستان المتمردين الذين ينشطون من ملاذات على حدودها مع أفغانستان»، ولن يحدث ذلك. مع وقوع هذه العناصر الفردية للسياسة الأميركية في أفغانستان في مأزق خطير، فإن التفاؤل بشأن قدرة الاستراتيجية الحالية على تحقيق أهدافها، يذكرنا بتعليق لشخصية الملكة البيضاء في رواية «عبر المرآة»، الذي يقول: «كنت أصدق أحياناً ستة أشياء مستحيلة الوقوع قبل تناول الإفطار».

إن التقسيم بحكم الأمر الواقع، يتيح لإدارة أوباما أفضل بديل متاح لهزيمة استراتيجية. ينبغي أن تتوقف الإدارة عن تحديد مواعيد نهائية للانسحاب، بدلا من إلزام الولايات المتحدة بدور قتالي طويل الأمد في أفغانستان، بقوات تتراوح ما بين 35 و50 ألف جندي، على مدى السنوات السبع إلى العشر المقبلة. وبالمثل، يجب على واشنطن أن تقبل بفكرة أن طالبان سوف تسيطر حتماً على معظم مناطق البشتون في الجنوب والشرق، كما أن ثمن إحباط هذه النتيجة أكثر ارتفاعاً بالنسبة للأميركيين من أن يواصلوا دفعه. يجب على الولايات المتحدة وشركائها وقف القتال والموت في موطن البشتون، وترك ترابط القوى يأخذ مجراه، في حين يتم نشر القوة الجوية الأميركية والقوات الخاصة لضمان أن مناطق شمال وغرب أفغانستان لا تستسلم لطالبان. إن قبول التقسيم الفعلي لأفغانستان يعد أمراً معقولاً، فقط في حال أثبتت الخيارات الأخرى المتاحة أنها أسوأ، وهي كذلك. وهناك بديل يتمثل في إبقاء المسار الحالي في أفغانستان على ما هو عليه. تقوم الولايات المتحدة بنشر حوالي مئة ألف جندي في أفغانستان، إلا أن هناك الآن ما بين خمسين إلى مئة فقط من مقاتلي تنظيم القاعدة.

هذا يعني أن ما بين ألف وألفي جندي في مواجهة عناصر القاعدة، ينفق عليهم 100 مليار دولار سنوياً، وهو ما يفوق بكثير أي إنفاق معقول للموارد الأميركية، بالنظر إلى المخاطر التي تنطوي عليها. وحتى لو كان العديد من ال300 مقاتل من تنظيم القاعدة الموجودين حالياً في باكستان، قد تحركوا لبضعة أميال شمال المنطقة الحدودية، فإن ذلك لن يطرح فارقاً عملياً كبيراً، وهو بالتأكيد ما لا يكفي لتبرير حرب برية كبيرة تجري لأجل غير مسمى. والبديل الآخر يتمثل في أن تسحب الولايات المتحدة جميع قواتها العسكرية من أفغانستان خلال السنوات القليلة المقبلة، ولكن هذا من شأنه أن يؤدي إلى اكتساح محتمل لأفغانستان بأكملها على يد طالبان. وسوف يجرّ جيران أفغانستان إلى القتال، وسوف يضعف الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند في مهدها، ويقوّض مستقبل «ناتو»، ويؤدي إلى تدفق الدعم العالمي للأيديولوجيات المتطرفة، وزيادة الإرهاب ضد المجتمعات الليبرالية.

وسوف يعتبره الأصدقاء والأعداء في جميع أنحاء العالم، فشلاً للقيادة الدولية والتصميم الاستراتيجي من قبل أميركا التي تزداد ضعفاً. والبديل الثالث هو تحقيق الاستقرار في أفغانستان من خلال مفاوضات ناجحة مع طالبان. فكما قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية «ليون بانيتا»، فإنه طالما أن حركة طالبان تعتقد أنها تحقق انتصاراً، فسوف تظل صامدة. ورغم التكثيف الرئيسي لهجمات الطائرات الموجهة عن بُعد، لا يمكن للولايات المتحدة القضاء على طالبان في إطار تسوية سياسية ذات مغزى.

====================

إدمان أوهام الدولتين.. كحل خائب

ماجد الشيخ

25-12-2010

السفير

وأخيرا انفضّ «سامر» المفاوضات المباشرة، كما كان قد انفضّ «سامر» المفاوضات غير المباشرة، ومن قبلهما العديد من جولات التفاوض ثنائياً وثلاثياً بحضور المبعوث الأميركي جورج ميتشيل منذ عامين، وحتى بدئه جولة جديدة من «تبادل الأفكار» قبل أيام، وفي أعقاب خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة القاهرة. وفي كل جولات التفاوض تلك منذ ذلك التاريخ، كان الهم الرئيس للأميركيين ولحكومة الائتلاف اليميني المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو، إيصال الطرف الفلسطيني إلى وضعية الاستسلام الكامل، عبر الاعلان عن «انتهاء الصراع ونهاية المطالب الفلسطينية» من الإسرائيليين، وذلك قبل إبداء أي استعداد من جانب حكومة نتنياهو للوصول إلى تسوية نهائية، هي مشروطة في كل الأحوال، بالاستجابة لمطالب «إجماع صهيوني» محكوم مسبقا وسلفا، لاستفتاء لا يمكنه في مطلق الأحوال، منح ضوء أخضر للائتلاف الحكومي، لمواصلة تنفيذ «اتفاق سلام» مفترض مع الطرف الفلسطيني أو السوري، هذا على افتراض التوصل، أو موافقة أي من الطرفين على شروط تسوية تفاوضية ممكنة.

ومهما تكن طبيعة التسوية التي تريدها ولا تريدها حكومة نتنياهو، فإن ترحيبه بالمقاربة الأميركية الجديدة، القاضية ببحث كامل ملفات الصراع في المنطقة، وصولا إلى «تسوية الرزمة الواحدة» في مواجهة الحديث الفلسطيني عن اتفاق في شأن «الحدود أولا» لا يقدم ولا يؤخر، وإلاّ ما معنى كل تلك المفاوضات المتواصلة منذ ما بعد توقيع اتفاق أوسلو، وصولا إلى مفاوضات إدارتي جورج بوش الإبن وباراك أوباما، من دون الوصول إلى إنجاز أي خطوة في اتجاه «حل الدولتين»، حتى تأتي الآن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لتعتبر أن «الدولة الفلسطينية حتمية»، فأين ذهبت «حتمية حل الدولتين» البوشية، وخريطة طريقها التي جرى ويجري نسفها يوميا؟ بينما تثبت المفاوضات وكل حراك في اتجاهها، أن «حتمياتها» كانت مضيعة للوقت، وأدعى للتيه عند كل انعطافة في اتجاه البحث عن مسائل التسوية، أو حتى عند البحث عن أدنى شروط تحققاتها العملية، من قبيل إزالة الحواجز والتخفيف منها وإطلاق بعض الأسرى، أو بحث مسألة المياه كمسألة تقنية، قبل وضعها في الإطار السياسي لعملية المفاوضات.

ومهما بدا ويبدو الحديث عن «حتمية» الوصول إلى إقامة دولة فلسطينية جادا أو غير جاد، خاصة حين يصدر عن رسميين أميركيين، معنيين مباشرة بمسائل التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، فإن ما لا بد منه توجيه المفاوضات إلى المآل الذي ينبغي أن تفضي إليه، على صعيد الإقرار بضرورة إنشاء الدولة، وتعيين حدود لها، وبحث مسائل هامة كالاستيطان والقدس والمياه واللاجئين؛ بمعنى بحث كامل تشكيلة المسائل التفاوضية المترابطة أصلا، حيث لا يمكن إقامة دولة فلسطينية من دون بحث قضية القدس الشرقية منها كعاصمة لتلك الدولة، ومن دون بحث مسائل المياه والأمن واللاجئين، كنهاية مطاف المطالب الفلسطينية التي يريد الطرف الإسرائيلي، مصادقة المفاوض الفلسطيني على كونها نهاية المطالب، إيذانا بانتهاء الصراع. بينما يسعى المفاوض الفلسطيني إلى حلول مختلفة، يعود اللاجئون بعضهم بموجبها إلى أرضهم وممتلكاتهم التي طردوا منها ذات يوم من أيام أيار (مايو) عام 1948، وبأن تكون القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 عاصمة للدولة العتيدة، قبل أي «حسم» منها بإجراء تغييرات جذرية في ديموغرافيتها، كما يجري حاليا، والقبول ببقاء المستوطنات على أمل إجراء تبادل أراض وسكان في المثلث المحتل عام 1948، مقابل كل ما تريد إسرائيل إحداثه، والاستمرار في استحداثه في أراضي الاحتلال الثاني عام 1967.

هنا تحديدا، يقع المفاوضان الإسرائيلي والفلسطيني في هوة سحيقة من التناقض بين أهدافهما، بحيث لا يبقى هنالك من لغة مشتركة بينهما، يمكنها أن تعينهما على الوصول إلى تلك «الحتمية» القائلة بضرورة إقامة الدولة، وفق ما يرغب ويشتهي الطرف الأميركي، حتى حين يجري استبعاده كليا من صياغة أي حل ممكن أو غير ممكن، طالما أن نتنياهو وائتلافه الحكومي يضعان العصي في دواليب أي توجه أميركي نحو إنجاح المفاوضات، وطالما أن جرافات الاحتلال وقطعان المستوطنين، هم من يرسمون أو يلغون الحدود المفترضة، بين ما يفترض أنها حدود الدولتين؛ الأولى صاغتها وتصوغها الوقائع الاحتلالية كأمر واقع، والثانية تصوغها الاحلام والأوهام ويوتوبيا «حتمية»؛ لا تحتم غير الاستغراق في الكذب والخداع والمراهنات الخاسرة، وإدمان أوهام الدولتين كحل خائب.

إن انسداداً في أفق التفاوض، يبلور اليوم إظهار قوة الطرف الإسرائيلي، ليس في مواجهة الطرف الفلسطيني فحسب، بل وفي مواجهة «الظهير المساند»، الذي وإن قدّم كامل ما يستطيع من إغراءات الرشوة عبر رزمته الاستراتيجية، فإن ضعفه بدا ويبدو واضحا، ليس تجاه قضية المفاوضات، بل وفي إزاء كامل سلوكه ومنظومة استراتيجياته الفاشلة؛ أكان في حروبه العسكرية، أو في سلسلة إجراءاته المالية والاقتصادية، الأعجز عن تخطي مأزق تلك الإدارة التي تحاول الاحتفاظ بهيمنة هي أدعى إلى التفكّك، ليس في الداخل الأميركي، كذلك في الخارج الإقليمي والدولي، حيث يُفرض اليوم على الولايات المتحدة أن تدفع «ضريبة عولمتها»، ليس فقط تدفقات مالية تهرّب منها إلى غيرها على امتداد القارات، بل تدفقات معلومات يجري تهريبها إلى الغير؛ سواء بقصد أو بدون قصد. فقد استطاعت تلك التدفقات على اختلافها، أن تحطّ من قوة وقدرة الولايات المتحدة، على أن تواصل هيمنتها الأحادية القطبية، في عالم أصبح أكثر طواعية وخضوعا لهيمنة أساليب أخرى، غير القوة العسكرية أو الاقتصادية، أو كليهما معا، على ما هي حال الدولة العظمى إزاء الوثائق المسرّبة، عبر موقع ويكيليكس وغيره من مواقع صديقة تواصل عملية التسريب، بعد اعتقال جوليان أسانج في بريطانيا.

====================

كيف يرد المجتمع الدولي على بيونغ يانغ؟

افتتاحية «نيويورك تايمز» الأميركية

الرأي الاردنية

25-12-2010

ما هي الخطوات التي يتعين على الولايات المتحدة اتخاذها بعد الهجوم بالمدفعية على جزيرة في كوريا الجنوبية؟ يكاد يكون من المستحيل أن نعرف ما الذي يجري هناك، ولكن اندلاع هذه الاشتباكات مرتبط بالصراع حول انتقال السلطة من الزعيم الكوري «كيم يونغ إيل».

 يتعين على المجتمع الدولي، وفي المقام الأول الصين، وهي المصدر الرئيسي للوقود والغذاء بالنسبة لكوريا الشمالية والدولة الوحيدة التي لها نفوذ هناك، أن يسارع بتبني استراتيجية للتراجع في كوريا الشمالية.

 ويتعين على إدارة الرئيس أوباما الضغط بقوة على الصين من أجل المشاركة في ذلك.

 لطالما ساعدت الصين كوريا الشمالية، موضحة أن اهتمامها الوحيد هو تحقيق الاستقرار على حدودها. ولكنها يجب أن تدرك أن وجود جار طائش مدجج بالسلاح النووي، هو أمر لا يمت للاستقرار بأي صلة. لا تزال الصين تنكر ذلك، وبعد القصف دعت الصين إلى استئناف محادثات نووية سداسية الأطراف فقط، ولم تذكر أي شيء بشأن مفاعل تخصيب اليورانيوم.

 لقد تم الهجوم على جزيرة «يونبيونغ»، بعد قيام قوات كوريا الجنوبية التي تجري تدريبات بإطلاق نيران تجريبية على المياه القريبة من ساحل كوريا الشمالية. ونحن نأمل أن يسأل رئيس كوريا الجنوبية من هو المسؤول عن هذه الفكرة، ولكن كان يتعين على كوريا الشمالية الاعتراض على ذلك، بدلاً من قصف منطقة مأهولة بالسكان، وإصابة ثلاثة مدنيين و15 جندياً بجروح.

 وفي مطلع العام الجاري، أظهرت كوريا الجنوبية ضبط نفس جديرا بالإعجاب، عندما قصفت كوريا الشمالية بالطوربيدات سفينة حربية تابعة لكوريا الجنوبية وأغرقتها، وأودت بحياة 46 بحاراً.

 وهي بحاجة لمواصلة الالتزام بضبط النفس، رغم ما يبدو عليه ذلك من الصعوبة. ويجب على واشنطن أن تشدد على هذه الرسالة، تماماً كما تشجب الممارسات العدائية لكوريا الشمالية.

 على مدى الأسابيع العديدة الماضية، كشف مسؤولون من كوريا الشمالية النقاب عن مشروعين نوويين طموحين جديدين، أمام ثلاثة وفود منفصلة من الخبراء الأميركيين. وبالإضافة إلى محطة لأجهزة الطرد المركزي، فهم أيضا يعملون على بناء مفاعل تجريبي يعمل بالماء الخفيف، يفترض أن يكون مخصصاً لإنتاج الطاقة.

 ووصف «سيغفريد هيكر»، الرئيس السابق لمعمل «لوس ألاموس» النووي الذي قام بزيارة محطة الطرد المركزي، بأنها «حديثة بشكل مدهش»، وقال إن المحطة والمفاعل يمكن تحويلهما لإنتاج الأسلحة. ولكنه أضاف «يبدو أنها مصممة أساساً لإنتاج الطاقة النووية السلمية، وليس لتعزيز القدرة العسكرية لكوريا الشمالية».

 لدى المسؤولين في إدارة الرئيس أوباما الحق في التشكك. فقد جمدت كوريا الشمالية برنامجها النووي لمدة سبع سنوات، ولكنها عادت للخداع في ما يتعلق بالتزاماتها منذ ذلك الحين، من خلال تحويل قدر كافٍ من البلوتونيوم من أحد المفاعلات لبناء ما بين ست إلى ثمانية قنابل، والقيام باختبار قنبلتين نوويتين والفشل في تفكيك برنامج وقود البلوتونيوم.

 وكانت آخر مرة جلست فيها كوريا الشمالية مع الأعضاء الآخرين في المحادثات السداسية الأطراف في عام 2008.

 ومنذ ذلك الحين، قامت كوريا الشمالية باختبار جهاز نووي ثان ووزادت وتيرة اشتباكاتها مع جارتها الجنوبية.

 وفي غضون ذلك، ساندت الولايات المتحدة كوريا الجنوبية واليابان في تعليق مساعدات طاقة، وتشديد العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية، مطالبة إياها بالكشف عن غرضها الخطير من البرنامج قبل استئناف المحادثات.

 وفي الوقت الحالي، فإن الصين، مدعومة بعقوبات من الأمم المتحدة، لديها فرصة أفضل لإعادة كوريا الشمالية بعيداً عن حافة الهاوية. ويجب عليها أن تمسك بزمام المبادرة، ولكن يجب على واشنطن أيضاً العودة للمشاركة مجدداً.

====================

السودان في ضوء قمة الخرطوم الرباعية..!

د. سحر المجالي

الرأي الاردنية

25-12-2010

في ضوء تسارع الأحداث المحدقة بالسودان، إلتأمت يوم الثلاثاء 21/12/2010 قمة الخرطوم الرباعية التي شارك فيها بالإضافة الى الرئيس السوداني عمر حسن البشير كلا من الرئيس المصري محمد حسني مبارك والزعيم العربي الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالإضافة الى رئيس حكومة جنوب السودان – نائب الرئيس السوداني « سلفاكير ميارديت»، الذي انضم الى القمة في وقت لاحق.

جنوب الوطن السوداني يمثل الشغل الشاغل للأمن القومي العربي، خاصة في جناحه الغربي. و يمثل الإصرار الغربي على ا جراء الاستفتاء في جنوب السودان في التاسع من شهر كانون الثاني-يناير 2011، تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي السوداني والعربي، و تحدياً خطيراً لسلامة الإقليم العربي وإمتداده الطبيعي، وهذا يعني فتح الباب على مصراعيه لكل المتربصين شراً بالأمن القومي العربي والحالمين بتجزئة المجزأ وتقسيم المقسم من الكينونة الوجودية العربية. مما يشير إلى أن الإصرار الغربي على إجراء هذا الاستفتاء يهدف إلى تجزئة السودان التي تمتل سلة الغذاء العربية ، بالإضافة الى ثرواتها الطائلة ومركزية دورها في الأمن القومي العربي.

ويمثل تداعي الزعماء الأربعة الى لقاء الخرطوم، بالرغم من تأخره ، نقلة نوعية في ادراك العرب لمسؤولياتهم التاريخية تجاه مستقبل السودان وأمنه الوطني، الذي يعد لبنة أساسية من مكونات الأمن القومي العربي.

وإذا كان ما يخطط الغرب له، والمتمثل بالنيل من وحدة التراب السوداني، ذا تأثير مباشر على الأمن القومي العربي بشكل عام، فإن تأثيره كارثيا على كل من الأمن القومي العربي لمصر وعمقها الاستراتيجي ليبيا ، وبالتالي فإن هذا المخطط الشرير قد يتجاوز في نتائجه المدمرة على الأمة العربية ما انتجته مؤامرات الغرب على الوجود العربي منذ اتفاقية سايكس- بيكو 1916، مروراً بوعد بلفور 1917 ومؤتمر سان ريمو 1920، وإنتهاءً بخلق إسرائيل كجسم سرطاني في الضمير العربي عام 1948.

وبالرغم من تسجيل قرابة أربعة ملايين ناخب في جنوب السودان بالإضافة إلى 115 ألف ناخب من أبناء الجنوب القاطنين في الشمال، وهم الذين يحق لهم التصويت على الوحدة أو الانفصال، فإن الآمال معقودة على صمود الشعب السوداني، جنوبه وشماله، أمام هذه المخططات التي تهدف إلى إنهاء السودان كشعب و كوطن، وبالتالي فإن المطلوب من الوحدويين السودانيين الإنحياز إلى الوحدة لأنها الملاذ الآمن لحياتهم الحرة الكريمة ولمستقبل أجيالهم القادمة.

إننا الآن أمام بلقنة أخرى لجغرافية الوطن العربي التي أصبحت في مهب الرياح للأطماع التوسعية ، سواء للصهاينة أم الصفويين الجدد أم الإثيوبيين أم ودعاة الانفصال في هذا الجزء أو ذاك من أجزاء الوطن العربي. وبالتالي فإن من واجب العرب، وتحديداً، كل من مصر وليبيا ، إحباط هذه المحاولة التفكيكية، ليس من أجل السودان فحسب، بل من أجل أمنهم القومي، سواء المائي أو الاقتصادي أو السيادي. متمنين على رئيس القمة العربية الزعيم القائد معمر القذافي، الدعوة الى قمة عربية عاجلة، لإنقاذ السودان ووحدته، مع وجوب أن نستذكر جميعاً، قادةً وشعوباً، ما آل إليه العراق نتيجة لتهاوننا في أمننا القومي العربي.

كما أنه من واجب أطراف النظام العربي، النهوض بمسؤولياتهم القومية تجاه السودان، الذي وصل الى حافة الهاوية، نتيجة لعدم إدراكنا للأخطار المحدقة بأمتنا العربية.

====================

ما الخيارات المتاحة أمام السلطة ؟

محمد الشواهين

الرأي الاردنية

25-12-2010

بعد توقيع اتفاقية اوسلو بات العالم متفائلا بحلول السلام المفقود ظنا منه ان الصراع الشرق اوسطي سوف ينتهي الى الأبد ، الشعب الفلسطيني الذي اصبح كبش الفداء تحت سمع وبصر الدول المنتصرة التي ساهمت في نكبته وتشريده بشكل مباشر أو غير مباشر اعتقد ان ساعة الخلاص قد اقتربت وانه سوف يتنفس الصعداء كبقية الأمم والشعوب ، الا ان هذه الدولة المدللة التي سمت نفسها اسرائيل أخذت تماطل في تنفيذ استحقاقات السلام بشتى الوسائل والطرق دون رادع يردعها .

قرارات الأمم المتحدة 181 و 194و242 و338 بخصوص التقسيم وحق العودة وعدم جواز احتلال ارض الغير بالقوة ، كلها باتت معطلة ، القيادة الإسرائيلية ما زالت تعتبرها حبرا على ورق ولن تخش البند السابع الذي لن يطبق بحقها على المطلق.

طرفا الصراع سلما أمرهما لأمريكا بحجة انها القوة الوحيدة في هذا العالم التي تملك أوراق الحل والربط بيديها ، الرئيس السابق جورج بوش استغل حادثة 11 سبتمبر التي دمرت برجي مركز التجارة العالمية فارسل جيوشه واساطيلة لاحتلال دول في الشرق الاوسط كأفغانستان والعراق وفي ذهنه غيرهما ، حيث ارتكبت جيوشه مذابح وجرائم حرب بحق الشعوب العربية والاسلامية ، لكنه لم يعر قضية فلسطين اي اهتمام يذكر في حين أنه لو ان شعر للحظة ان مصالح بلاده سوف تتعرض الى اية اخطار لن يسكت ولن يقف مكتوف الأيدي ، ومع هذا تجاهل مواقف حكومات اليمين الاسرائيلي، وهو يعلم انها تلقي بالقرارات الدولية التي لا تناسبها عرض الحائط دون خوف او وجل .

الكيل بمكيالين في التعامل مع القضية الفلسطينية هو أحد المآخذ السلبية على النظام العالمي الذي دعا اليه حكام أمريكا ، فحربهم على الإرهاب حسب زعمهم ، ظهر جليا من زلة لسان الرئيس بوش التي اعتبرها حربا صليبية ، الا انه سرعان ما تراجع عنها على اثر نصيحة مستشاريه الذين أشاروا عليه بعدم التطرق لهذه الكلمة التي تثير حفيظة كل المسلمين وتعود بهم الذاكرة الى الاحتلال الصليبي لفلسطين والقدس وبعض المناطق الاخرى من بلاد الشام ومصر في العهود الغابرة .

كان الأولى بزعامة العالم الغربي المتحضر ، الوقوف الى جانب العدالة الدولية الحقيقية ودعم مواقف قيادة السلطة المعتدلة وعلى رأسها (ابو مازن ) ، بهدف بناء مصداقية تتناسب مع حجم مشروع العولمة الذي دعا اليه رئيس الدولة العظمى التي تتربع على عرش القطبية الدولية ، وان يجعل من امريكا أنموذجا لتطبيق ومناصرة العدالة الدولية .

ازمة الشرق الاوسط لم يتعامل معها الأمريكان بتاتا من موقع الوسيط النزيه ، بل ان انحيازهم واضح الى الجانب الاسرائيلي برغم كل ما يصدر عنه من تصرفات وأفعال يستنكرها العالم أجمع ، فماذا كان باستطاعة ابو مازن ان يفعله في خضم هذه المواقف والاوضاع غير ما فعله من صبر واناة وتنسيق مع دول الاعتدال العربي ، وهو يدرك تماما ان قيادة الدولة العبرية تمارس اسلوب المراوغة والتسويف واللعب على عامل الزمن ، وتستمر في عملية الاستيطان علنا وعلى رؤوس الأشهاد ، لخلق وقائع جديدة ومتعددة على الارض . . فما هو البديل الذي يملكه ؟؟ وكم هي الخيارات المتاحة له ؟

يعتقد المراقبون ان الخطاب السياسي الحالي للرئيس باراك اوباما بدأ يفتر ويتراجع أمام ضغوط اللوبي الصهيوني المتجذر في الكونغرس الأمريكي ، علما انه اعرب عن رفضه القاطع للتوسع الاستيطاني الصهيوني في اراضي الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف ، واختلف مع نتنياهو في كثير من السياسات لكن سرعان ما تزول هذه الخلافات بقدرة قادر ويتراجع عن مواقفه بل ويكافئ الجلاد بمزيد من المال والسلاح والدعم المادي والمعنوي .

====================

آلام أفريقيا .. وثقل الماضي الاستعماري

ويليام فاف (كاتب ومحلل سياسي أميركي)

 «تريبيون ميديا سيرفيس»

الرأي الاردنية

25-12-2010

عندما كنت صحافياً شاباً حظيت بفرصة السفر وقضاء شهر كامل في ما كان يعرف حينها بالكونجو البلجيكي.

 وكانت تلك الرحلة من أهم الأحداث التي أثرت على تربيتي السياسية. وكان ينظر إلى الاستعمار الغربي في ذلك الحين على أنه نظام يجب أن توضع نهاية له. بيد أن قليلين جداً اعتقدوا إمكانية زواله من القارة الأفريقية خلال عقد من الزمان. وكانت القارة حالة استثنائية -وهذه وجهة نظر عنصرية لا شك فيها- غير أنها بدت عميقة الجذور في الواقع الثقافي والتعليمي والمؤسسي لأفريقيا الوسطى في منتصف عقد خمسينيات القرن الماضي.

وكان للكونجو سجل استعماري سيئ للغاية، بدأ برحلات الصحافي «هنري إم. ستانلي» -التي رعتها بالنسخة الباريسية من صحيفة نيويورك هيرالد، التي صارت اليوم «إنترناشيونال هيرالد تريبيون.

وفي عام 1871 التقى «ستانلي» بالمبشر الاسكتلندي ديفيد لفينجستون، الذي لم يعترف مطلقاً بأنه ضل طريقه بين أدغال أفريقيا، وتدهورت حالته الصحية وتوفي خلال عامين. وانتهت رحلات «ستانلي» الاستكشافية في القارة بإنشاء ما كان يعرف ب»دولة الكونجو الحرة»، التي كانت تعتبر ملكية خالصة لليوبولد الثاني البلجيكي.

 وانتهت الفظائع التي ارتكبت هناك لاستغلال ثروات تلك الدولة الناشئة من المطاط وغيره من الموارد الطبيعية إلى التسبب بفضائح عالمية، ما أدى إلى ضم تلك الدولة المستعمرة إلى بلجيكا في عام 1908.

وعقب نهاية الحرب العالمية الثانية، تحولت الكونجو إلى مستعمرة نموذجية -وإن كانت ذات طابع أبوي بطريركي- لمحو أمية المواطنين، على رغم قيامها على افتراض أن التنمية التعليمية السياسية سوف يستغرق تحقيقها عدة أجيال مقبلة.

 وفي حقيقة الأمر، فقد كان أمام النظام الاستعماري الحاكم هناك خمس سنوات فحسب لمغادرة الحكم لدى وصولي إلى الكونجو.

ولا شك أن دول القارة الأفريقية قد مرت بتجارب كارثية ومؤلمة في تحررها من الحكم الاستعماري.

 ولكن ربما تكون الكونجو -التي أصبحت اليوم جمهورية الكونجو الديمقراطية- أسوأها على الإطلاق. وساد تقليد اليوم في رد هذا التحرر الكارثي المؤلم إلى القوى الاستعمارية السابقة، التي تتهم بأنها أشعلت نيران الحروب والنزاعات بين مختلف النظم أو الجماعات السياسية الأفريقية، المدعومة إما من جانب الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، أو من قبل الاتحاد السوفييتي والصين. ولهذه الأخيرة نشاط واضح في شراء حقوق استغلال المواد الخام الأفريقية من الأنظمة الفاسدة الحاكمة في الكثير من دول القارة. ولم تتوطد الديمقراطية مطلقاً في نظم الحكم وممارسات القادة الانتقاليين في أفريقيا الجديدة الحرة، التي يسودها وباء المليشيات المسلحة، والجنود الأطفال، والمرتزقة الأوروبيون، والمعارك الوحشية الشرسة التي تدور إما من أجل الهيمنة على موارد القارة الثمينة مثل الألماس وغيره من المعادن الاستراتيجية الأخرى، أو لسرقتها بالكامل.

وتعد فرنسا الدولة الأوروبية الوحيدة التي تحتفظ بقوات عسكرية صغيرة لها في بعض مستعمراتها السابقة، عبر مجموعة من الاتفاقيات «الدفاعية» التي أبرمتها معها.

وتساعد تلك الوحدات العسكرية فرنسا في حماية مصالحها الاستثمارية، وكذلك حماية رؤساء الدول الذين كثيراً ما تحوم الشكوك حول شرعيتهم المزعومة، غير أن تلك الوحدات توفر نوعاً من النظام والاستقرار في الدول التي تنتشر فيها.

 ففي ساحل العاج مثلاً، تدعم القوات الفرنسية هذه، الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لضمان استقرار نظام الرئيس الحالي الذي انتخب للمنصب عبر انتخابات معترف بها دولياً جرت في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر المنصرم، في وجه المقاومة التي يصعدها ضده الرئيس السابق.

وفيما يبدو، فقد وجهت المحكمة الجزائية الدولية تحذيراً لضباط الجيش، طالبت فيه المؤسسة العسكرية بأن تلتزم الحياد وعدم الخوض في النزاع الدائر بين الخصمين المتنافسين. هذا ولا يزال النزاع مستمراً حتى لحظة كتابة هذا المقال. وعلى الرغم من أنه لم تصحبه أعمال عنف خطيرة حتى الآن، فإنه يظل قصة عادية من قصص النزاع السياسي في أفريقيا المعاصرة.

ويصعب رد هذا النزاع وغيره على نحو مباشر إلى ما يسمى بالكولونيالية الحديثة أو الإمبريالية.

ولكن على من يقع اللوم يا ترى؟ على حد رأي إبراهيما ثيوب -مؤرخ سنغالي مقيم في داكار، وخبير في معاهدات الرق والتحرر من الحكم الاستعماري- فإن معظم اللوم يقع على النخب الأفريقية الحديثة.

ويستنتج إبراهيما «أن النظام الساري حالياً، هو ذات النظام الذي كان سائداً في عهود الاسترقاق الأفريقي. ووفقاً لذلك النظام، تستحوذ النخبة على موارد البلاد وثرواتها بواسطة العنف، ثم تصدرها إلى الخارج، وتنفق عائداتها فيما بعد في شراء خدمات وبضائع لا تعود بأي نفع للمجتمعات الأفريقية، لأنها لا تعكس سوى نفوذ النخبة وسعة قدرتها على استخدام العنف».

«وعادة ما تكون استجابة الفئات الاجتماعية الأكثر حيوية ودينامية، هي الهرب على متن قوارب الصيد المتجهة نحو السواحل الإسبانية أو جزر الكناري. ومن هؤلاء من يدفع رسوماً طائلة لأي مهرّب للبشر يعدهم بالوصول إلى مالطا أو إيطاليا». ثم يستطرد «إبراهيما» في القول: في الماضي كان الأوروبيون قد جلبوا إلى القارة بضائع مشابهة عديمة النفع مثل المجوهرات الصناعية، والكحول والأسلحة النارية. وبتلك السلع رشا المستعمرون النخب الأفريقية التي كانت تؤمّن لأوروبا ما تحتاجه من عبيد وأيدٍ عاملة مسترقّة. والمفارقة أن هذه العملية التبادلية أصبحت أكثر سهولة اليوم. فالعبيد يقدمون أنفسهم لمن يرغب بهم. والمقصود بهؤلاء: المهاجرون. ففيما لو أعلنت أي سفينة راسية في أي من الموانئ الأفريقية عن رغبتها في حمل عبيد لأوروبا، فلا ريب أنها ستمتلئ عن آخرها خلال دقائق أو ثوان معدودات».

ويختتم «إبراهيما» بالقول: «لدى أفريقيا كل ما تحتاجه لتحقيق نجاحها وتطلعات شعوبها. ولكن المشكلة أن الغزاة الأجانب غرسوا في تربتها ثقافة وحشية افتراسية. ويتطلب كسر هذا الثقافة وتجاوزها ما تئن تحت ثقله الجبال».

====================

إسرائيل تشكو من تحاصرهم!

ضياء الفاهوم

الدستور

25-12-2010

أليس من الغريب أن يشتكي المعتدي على المعتدى عليه ؟ هذا بالضبط ما فعلته إسرائيل بالأمس القريب ضد قطاع غزة الذي ما زال يتعرض لأبشع حصار شهدته البشرية حتى الآن دونما اتخاذ إجراء دولي إنساني لإنهاء هذا الحصار البالغ القسوة ضد مئات الألوف من الناس بمن فيهم من أطفال ونساء ومرضى وشيوخ.

شكوى إسرائيل هذه تعطي الأمم المتحدة الفرصة للتدخل الفعلي بشأن ضرورة رفع الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني من قبل الصهيونية العالمية ومن لف لفها دونما ذنب اقترفه بحق أحد ، تعطيها الفرصة للدفاع عن حرية واستقلال الشعوب التي تتطلع إلى إنصافها من المعتدين عليها والمرتكبين بحقها أبشع الجرائم كتلك التي ما زالت ترتكب في قطاع غزة وفي كل أنحاء فلسطين .

ألم يئن الأوان لوضع حد للمهاترات الإسرائيلية والأطماع الصهيونية في ديار العروبة والإسلام ؟ أليس من واجب العالم أن يساعد الشعب الفلسطيني على استعادة حقوقه والتي من بينها إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف ؟ ألا يجدر بالأمم المتحدة أن تتبنى مبادرة السلام العربية وتنفذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة ؟

نحن نطرح هذه الأسئلة بعد وضوح أن إسرائيل صارت مصدر قلق وإزعاج للدنيا بأسرها ولا ترى حرجا أبدا في التدخل بأي شأن إقليمي أو دولي أو حتى الاستمرار في القتل والتدمير وكافة أشكال الجرائم والأذى مع التمادي في محاولات التضليل التي لا تمل من تكرارها . ولكن هيهات فإن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء ، خاصة بعد أن أدانتها مؤسسات دولية ذات شأن بجرائمها القذرة التي ارتكبتها بحق مليون ونصف مليون إنسان وجعلتهم يعيشون في ظروف صعبة للغاية ومع ذلك تريد منهم ألا يحركوا ساكنا رغم الاعتداءات الغاشمة شبه اليومية عليهم .

و الحقيقة أن كثيرا من يهود العالم أعربوا عن خشيتهم على إسرائيل من نفسها ونبهوها إلى أنها إذا لم تتحرك بسرعة نحو السلام والكف عن جرائمها ، والتي من بينها أسر الآلاف من المناضلات والمناضلين في سبيل تخليص بلادهم من أبشع استعمار عرفه التاريخ ، والامتناع عن إعادة الحقوق إلى أصحابها ، فإنها تكون قد اختارت الصراع طويل المدى الذي رأوا فيه نهايتها .

الشرفاء في أنحاء العالم قالوا وما زالوا يقولون لإسرائيل وكل الدول التي تتدخل في شؤون غيرها وتعتدي على حرية الشعوب واستقلالها وسيادتها ومقدساتها أنها في النهاية ستؤذي نفسها إن استمرت على هذا النهج ، وأن من يصر على الاستمرار في اللعب بالنار فهي في النهاية ستحرقه. وفي الوقت نفسه يواصل شرفاء العالم تذكير الأمم المتحدة بأنها إذا لم تتخذ وتنفذ قرارات منصفة بحق كل الشعوب المستضعفة والمهضومة حقوقها فإن ذلك قد يؤدي في وقت ليس ببعيد إلى اتفاق أغلبية دول العالم على وجوب تصحيح مسار المنظمة الدولية أو الإعلان عن عدم الحاجة إليها .

لقد تقدمت اسرائيل بشكوى إلى المنظمة الدولية وهي ما زالت تواصل إهانتها بعدم تنفيذ قراراتها وتحاصر من تشكو عليهم حصارا لئيما استمر سنوات وتهاجمهم جوا وبحرا وأرضا ليل نهار ، تشكو من أنهم يطلقون عليها الصواريخ بدلا من الورود ، إنه الفجور بعينه الذي يستدعي أن يوحد أبرار الأمة العربية الإسلامية وأصدقاؤهم كافة جهودهم للتخلص من الصهاينة العنصريين الفاشيين الفجار وهم يضعون نصب أعينهم قول رب العالمين"إن الأبرار لفي نعيم ، وإن الفجار لفي جحيم" صدق الله العظيم .

====================

«إسرائيل» في وثائق ويكيليكس .. أسانج يرد ويوضح

ياسر الزعاترة

الدستور

25-12-2010

حصل أحمد منصور في برنامجه بلا حدود على حوار مع جوليان أسانج ، مؤسس موقع ويكيليكس ، تم بثه على الهواء مباشرة من البيت الذي يقيم فيه إقامة جبرية في الريف الإنجليزي ، وقد كان الحوار ثريا بالمعلومات التي كان أهمها سؤال دولة الاحتلال الصهيوني وغياب ما يتعلق بها في الوثائق ، وهو السؤال الذي أدى إلى رواج معلومات وشائعات تتحدث عن مؤامرة تقف خلف القضية برمتها.

في البداية نفي أسانج وجود أية صفقة بين مؤسسته وبين الدولة العبرية ، مشيرا إلى وجود 3700 وثيقة تخصها ستنشر خلال الشهور الستة القادمة ، من بينها وثائق حول حرب تموز 2006 واغتيال المبحوح.

وفي حين نفى أسانج "وجود اتصالات مباشرة أو غير مباشرة مع الإسرائيليين" ، إلا أنه لم ينف أن الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) تتابعه وأصحابه وتحاول توقع ما سيقومون به ، وإن لم تتصل بهم. أما اللافت فهو قوله "قد تكون لها اتصالات بأفراد كانوا ينتمون لمؤسستنا ، ولكن في الوقت الحالي لا توجد أي اتصالات بيننا وبينهم" ، ما يلقي ظلالا من الشك حول تأثير تلك الاتصالات السابقة على مسار المؤسسة ، وما إذا كان من تبقى من عناصرها لا علاقة لهم بالفعل بالإسرائيليين أو بأطراف صهيونية ذات صلة بتل أبيب.

هناك ما يلفت الانتباه في كلام أسانج ، لاسيما قوله إن ما نشر إلى الآن يعكس اهتمامات الصحف التي اتفقت معها ويكيليكس ، ما يشير إلى حجم النفوذ الإسرائيلي في تلك الصحف وهي من أكبر الصحف في العالم (غارديان البريطانية ، ديرشبيغل الألمانية ، الباييس الإسبانية ، لوموند الفرنسية ، نيويورك تايمز الأمريكية).

ما يبدو مثيرا في هذه القضية ، وربما شكك بعض الشيء في كلام أسانج (سنظل في انتظار النشر) يتمثل في ردة الفعل الإسرائيلية الأولية والتالية على عاصفة ويكيليكس ، حيث بدأ الأمر بقلق واضح عكسته الصحافة الإسرائيلية (نقلا عن السياسيين بالطبع) ، ثم انتهى إلى ارتياح أكثر وضوحا تمثل في مقالات وتصريحات من قيادات إسرائيلية في مقدمتها نتنياهو نفسه ، ولا يعتقد أن الأخير ومؤسسته الاستخبارية كانوا يجهلون أن ما نشر من الوثائق هو النزر اليسير ، وأن الكم الأكبر منها لم ينشر بعد ، ما يشير إلى شعورهم بالطمأنينة إلى ما نشر وإلى ما لم ينشر. ونعلم بالطبع أن هناك الكثير من المعلومات التي تخص الدولة العبرية ويمكن أن تنشر قد تصب في خدمتها مهما كانت حساسيتها ، كأن تشير إلى القوة الخارقة لتلك الدولة وجهازها الاستخباري ، بما في ذلك عمليات اغتيال على شاكلة اغتيال عماد مغنية والعقيد محمد سليمان في سوريا واغتيال المبحوح في دبي. كما لن تكون هناك مشكلة في نشر بعض النميمة السياسية بين عناصر القيادة في تل أبيب.

في هذا السياق ينبغي التذكير بأننا نتحدث عن وثائق الدبلوماسية الأمريكية ، وهنا لا يجب أن ننسى أن الصهاينة في العقد الأخير ، بل ربما قبل ذلك صاروا جزءًا من المؤسسة السياسية الأمريكية ، حيث يتحركون من داخلها ولا يتم التعامل معهم ولا مع دولتهم كما يتم التعامل مع الآخرين ، بما في ذلك الدول الكبرى.

ثم إن العمليات الأمنية والعسكرية الدقيقة في الدولة العبرية ليست برسم الإشاعة ولا حتى النميمة الداخلية لكي يصار إلى تضمينها في وثائق دبلوماسية صادرة من سفارة واشنطن في تل أبيب ، وقد تابعنا بعض ما نشر إلى الآن فوجدناه أقرب إلى آراء وتقديرات سياسية يبثها أمنيون وسياسيون أمام سفير واشنطن في تل أبيب ، ولا ينطوي نشرها الآن على ضرر يذكر.

للصهاينة سطوتهم في عوالم الإعلام والاقتصاد والسياسة الدولية ، ولولا ذلك لكانت معركتنا معهم أسهل بكثير ، وهم لم يكونوا ليتركوا مشروعا مثل ويكيليكس يؤثر عليهم ، من دون أن يعني ذلك أن فكرة المؤسسة نفسها أو حتى الحصول على الوثائق الأخيرة هو نتاج مؤامرة كما يذهب كثيرون.

====================

أسباب القصور في مفهوم الديموقراطية في العالم العربي

د. يوسف نور عوض

2010-12-23

القدس العربي

 ظل العالم العربي يتابع خلال الأسابيع الماضية وعبر وسائل الإعلام المختلفة الانتخابات المصرية، ومن قبلها الانتخابات الأردنية والعراقية. وكان المشهد في جميع حالاته واحدا، وهو اتهامات بالتزوير واستغلال النفوذ والمقاطعة وغير تلك من الأمور المألوفة في السياسة العربية، والغريب أن كل ما اهتم به مراقبو الانتخابات هو الجوانب الإجرائية دون أن يطرحوا التساؤل الأساسي، هل من الممكن أن تكون هناك انتخابات ديمقراطية في بلدان غير ديمقراطية؟

هنا تبدو أهمية التساؤل الأساسي حول مفهوم الديمقراطية، ولا نقصد بذلك بالطبع البعد الأكاديمي لهذا المدلول بل نقصد جوهر العملية بحسب ما هو متعارف عليه في البلدان التي لا يشك أحد في رسوخ الديمقراطية فيها، كما هو الشأن في بريطانياعلى سبيل المثال، ونقول بصفة عامة، لأن الكثيرين في العالم العربي حين يتحدثون عن الديمقراطية، فإنهم يركزون بصفة خاصة على مفهوم الحكومة كما هي معروفة لديهم، بكون مفهوم الديمقراطية في نظرهم ينحصر في كيفية انتخاب حكومة جديدة، وتلك هي المعضلة التي نواجهها في العراق في الوقت الحاضر، ويبدو واضحا في إطار ما ذكرناه حين نحصر العملية الديمقراطية في كيفية التوصل إلى حكومة، أننا لا نبتعد كثيرا عن مفهوم الحكومة الدكتاتورية، ذلك أن الحكومة حين يتم انتخابها بسلطة حزب قادر على التحكم في الجيش وقوات الأمن والقضاء لا تمثل وجها ديموقراطيا، بل تمثل سلطة قابضة تشرعن وجودها باستعارة الشكل الديموقراطي دون أن تكون هي في حقيقتها حكومة ديمقراطية.

والمسألة هنا ليست مسألة تطور كما يعتقد الكثيرون بل هي مسألة رؤية صحيحة ومعايشة حقيقية للواقع الديموقراطي، وهذه من الأمور الغائبة في العالم العربي بكون معظم دول هذا العالم كانت خاضعة للنفوذ الاستعماري قبل مرحلة الاستقلال، وخلال تلك المرحلة لم يكن العرب يعرفون سوى مفهوم الحكومة، وبالتالي حين استغلت معظم الدول العربية كان المفهوم السائد هو أن تنشىء القوى الوطنية التي حققت الاستغلال حكومات تقبض على السلطة على النحو نفسه الذي كانت تفعله القوى الاستعمارية الأجنبية، وبالتالي لم يفكر القادة السياسيون في بناء المجتمع الديموقراطي الذي يتأسس عليه نظام الدولة، بحيث أصبحت معظم الدول العربية نظم حكومات وليست نظم دولة، ويبدو ذلك واضحا من خلال الندوات والمؤتمرات أو ما يكتب عن الديمقراطية أو مستقبلها في العالم العربي.

ولعل وقفة قصيرة مع ندوة مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي التي نظمت في الدارالبيضاء تعكس هذا المفهوم المحدود لمدلول الديمقراطية السائد في هذا العالم، فقد تركزت حوارات المشاركين في أربعة محاور رئيسية لم تستطع في مجملها أن تخترق المفاهيم التقليدية السائدة في العالم العربي.

وقد تركز المحور الأول حول إمكانات ومعوقات الاصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان في العالم العربي، وتركز معظم النقاش في هذا المحور حول رأي هو أن القوى الكبرى لا تمارس ضغطا على الدول العربية من أجل التحول الديمقراطي، بكونها تركز في الأساس على مصالحها الذاتية، كما أن كثيرا من الدول الغربية تعتقد أن المستفيد الوحيد من التحول الديمقراطي في العالم العربي سيكون القوى الدينية التي تلقى دعما كبيرا في الشارع السياسي، كما ركزت المناقشات على مفهوم التوريث الذي بدأ يسود في العالم العربي والذي يقف حائلا ضد أي حركة للتقدم بسبب حجره على حرية الرأي وإتاحة الفرصة للآخرين كي يعبروا عن أنفسهم بحرية، ونلاحظ بصورة عامة أن الحوار تركز في هذا المحور حول سلبية المجتمعات العربية وعدم قدرتها على انتزاع حريتها من نظم لا تريد لها الحرية، كما ركز المحور بصورة خاصة على الدور الأجنبي وخاصة الغربي في استمرار الواقع السياسي العربي الحالي، ويقدم المحور صورة لمجتمعات مسلوبة الإرادة وغير قادرة على تحرير نفسها.

أما المحور الثاني فقد تركز على ما تم إنجازه في العالم العربي خلال العشرية الماضية، ومن الغريب أن نجد أن الحوار تركز على نقطة ليس هناك دليل على صحتها وهي الافتراض بأن العشرية التي سبقت العشرية الماضية كانت أحسن حالا لأنها شهدت انتخابات في المغرب عام ألفين واثنين كما شهدت انتخابات في مصر عام ألفين وخمسة، وكذلك في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية عام ألفين وستة، ولكن انتكاسة حدثت في العالم العربي وسبب هذه الانتكاسة انعدام حسن النية من قبل الأنظمة السياسية وتردد الدول الكبرى في الدعوة إلى الديمقراطية في العالم العربي بسبب تصاعد العمليات الإرهابية بالإضافة إلى نقص التجربة في التوجه الديمقراطي بصفة عامة.

وتركز الحديث في هذا المحور على ما أطلق عليه نداء الدار البيضاء الذي يعطي المسؤولية لمسألة حقوق الإنسان وسيادة الشعب وتبني نظم سياسية تتيح المجال للتداول السلمي للسلطة. وكذلك منح مزيد من الحرية للنظام القضائي وتمكينه من مراقبة السلطة التنفيذية في حرية تامة.

وركز المجتمعون على ضرورة إجراء مصالحة وطنية وإطلاق سراح الناشطين وتحريم التعذيب في مراكز الاعتقال والاعتراف بحق التعبير والمبادرة للأحزاب السياسية.

وأما المحور الثالث فقد كان محور التحاور بين الإسلاميين والعلمانيين، وتركز الحوار حول مفاهيم الديمقراطية والشورى والخلافة وحقوق النساء، وبالطبع لم يتوصل المشاركون إلى اتفاقات في كثير من هذه القضايا ولكنهم قالوا إنه لا خلاف بينهم إذ هم لا يختلفون حول سيادة الشعب ومشروعية الحكومة المنتخبة بالاقتراع.

أما المحور الرابع والأخير فتركز حول ضرورة الإصلاح الديمقراطي في العشرية المقبلة عن طريق ظهور مجتمع مدني مؤثر وهو مجتمع يواجه الافتقار إلى الثقافة الديمقراطية والعناصر القادرة على التغيير وضعف الموارد المالية وغياب البيئة القانونية.

وإذا نظرنا إلى كل ما تناولته هذه الندوة وما تمخضت عنه وجدنا أنها لم تخرج عن حزمة من الأماني لا تعدو أن تكون ضربا من الأحلام، ذلك أن المطلوب هو تحقيق هذه الأماني بواسطة حكام غير معنيين بها ولا يفكرون في تغيير أسلوبهم في الحكم، لأنهم لا يعرفون ثقافة التغيير، كما لا يعرفون كيف تتحقق مصالح الشعوب، ولا يعني ذلك أن الأمر سيكون صراعا بين المطالبين والرافضين لأن واقع العالم العربي هو في حقيقته انعكاس لواقع ثقافي قائم، وكما قلت سابقا فإنه من التزيد أن يطالب الناس بمجتمعات ديمقراطية في نظم غير ديمقراطية، وما أعنيه هنا ليس نظما تأتي عن طريق الانتخاب، ذلك أن الانتخاب في العالم العربي قد يأتي بنظم أكثر سطوة، ونستطيع أن نقرأ ذلك في محاولات الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر، فهو في الواقع ليس حزبا لأنه مجرد تنظيم سياسي للسلطة كما أنه غير ديمقراطي لأنه لا يعمل في إطار مجتمع ديمقراطي وكل هدفه كما قلت سابقا أن يشرعن وجوده في الحكم، ذلك أن الديمقراطية ليست نظام انتخاب كما يعتقد الكثير في العالم العربي، بل هي نظام سياسي يخدم مصالح الأغلبية من السكان الذين يملكون سائر الصلاحيات الانتخابية في تغيير المشرعين والمنفذين عن طريق صناديق الاقتراع وعن طريق مؤسسات حزبية حقيقية تمثل أطياف المجتمع، وفي الحقيقة كما هو الشأن في بريطانيا والولايات المتحدة لا تحتاج البلاد لأكثر من حزبين أحدهما في السلطة والآخر في المعارضة، وأما الأحزاب القبلية والأيديولوجية والعقدية فهذه لا تستطيع أن تقود نظما ديمقراطية، ولا يفهم من ذلك أن النظم الديمقراطية تتطلب تغييرا في أشكال الحكم لأننا نرى في العالم نظما ذات أشكال مختلفة وتمارس الديمقراطية بدرجة عالية من الكفاءة.

' كاتب من السودان

====================

في الحاجة العربية إلى الإصلاح السياسي

د. عبدالله تركماني

2010-12-23

القدس العربي

 يبدو العالم العربي عالماً مفككاً أسير معادلات سياسية صعبة، إذ أنّ الإدراك السياسي لحكامه والجزء الأكبر من معارضيهم مقتصر على الإدانة الخطابية للمؤامرات الخارجية.

وعليه، فإنّ الحاجة ماسّة إلى الإصلاح السياسي بمعناه الشامل، وتطوير الثقافة السياسية السائدة وإعادة صياغتها بشكل خاص، مع كل ما يعنيه ذلك من تشييد صرح الديمقراطية وتدعيم أركانها، مما يتطلب المشاركة الشعبية الكاملة في ديناميات العملية السياسية كلها، بما يحوّل الناس من مجرد رعايا تابعين غير مبالين إلى مواطنين ناشطين فاعلين بإمكانهم التأثير في ديناميات اتخاذ القرار السياسي، فضلاً عن مشاركتهم في اختيار الحكام وتحديد الأهداف الكبرى.

وفضلاً عن هذا أو ذاك فإنّ مشاركة المواطنين في العملية السياسية تُعَدُّ دلالة واضحة على عمق التطور السياسي للمجتمع، وتلعب دوراً حيوياً في ديناميات بناء الأمة، كما أنها تمثل آلية سياسية لها تأثيرها الفاعل في تطوير وبلورة أنماط جديدة من الولاء السياسي من شأنها ترسيخ الإحساس بالذات، وتعميق الوعي بالهوية القومية، إضافة إلى أنّ المشاركة السياسية تنطوي على حلول ناجعة لمشكلة العنف الذي تشهده العديد من الأقطار العربية:

-هي الحل الوحيد لمشكلة عنف السلطات، وهي الكابح لجموحها، من خلال ما توفره من آليات المساءلة.

 إنها تعطي الجميع أملاً في إمكانية التغيير السلمي، فما دامت مختلف التيارات لها الحق في التعبير عن نفسها والمشاركة، فإنّ الأبواب تصبح مفتوحة أمام الجميع لكسب ثقة الناس وإحداث التغيير من خلال التأثير على أصواتهم والاحتكام إلى صناديق الانتخاب في نهاية المطاف، فإذا أتيح ذلك لمختلف التيارات والقوى السياسية، فمن الطبيعي أن تتراجع أفكار التغيير بالعنف.

- إنها حين تسمح بالتعددية لكل أصحاب الأفكار والمشاريع السياسية، من خلال قنوات شرعية وعلنية، تتيح لهؤلاء أن يحملوا خطاباتهم إلى الناس، ومن ثم لا يبقى هناك مبرر لإنشاء تنظيمات سرية بها تبدأ حلقات العنف، لذلك نلاحظ كقاعدة أنه كلما اتسع نطاق المشاركة المشروعة تقلصت مساحة العنف والعمل السري.

- إنّ الرقابة على أداء السلطات التنفيذية، التي تتحقق في ظل الديمقراطية، تشكل ضماناً أساسياً لحسن أداء العمل الحكومي ونزاهته، الأمر الذي يحقق ظروفاً أفضل لتنفيذ مشروعات التنمية، ومن ثم توفير الأمل لدى الناس في إمكانية تغيير أحوالهم المعيشية. وقد علّمتنا دروس التاريخ العربي المعاصر أنّ شيوع الفساد من العوامل التي تبث اليأس عند الناس وترفع درجة السخط بينهم، ومن الباحثين من يعتبر أنّ ثمة علاقة وثيقة بين الفساد والعنف.

 الديمقراطية تحوّل الناس من معزولين وساخطين إلى مشاركين، فحين تشعر الجماهير بأنها شريكة في القرار وقادرة على المحاسبة، سواء في المجالس الشعبية المحلية البلدية أو المجالس النيابية، فإنّ موقفها من السلطة والإدارة يختلف حتماً. ولا تصبح 'النقمة' هي الحاكمة لتلك العلاقة، وإنما تحل محلها المسؤولية، وهي قيمة طاردة لاحتمالات العنف.

- هي أيضاً تدرّب الناس على التسامح والتعايش وتداول السلطة، فكلما تكرست تلك القيم واتسع نطاقها تراجع شبح العنف وجفت ينابيعه.

ومن أجل ضمان توفير آليات نجاح أي إصلاح سياسي حقيقي، لابد من قيام السلطة السياسية على أسس تمثيلية انتخابية حرة تعبّر عن إرادة شعبية حقيقية، تضمن التعددية السياسية والفكرية وحرية المعارضة وتحريم العنف، وتداول السلطة بطرق سلمية ودستورية، وتصون حقوق الإنسان، وتوفر الشروط اللازمة كي يفكر الفرد بحرية ويمارس قناعاته الفكرية بحرية، عبر انتمائه إلى أي حزب أو منظمة اجتماعية، وتوفر أيضاً الفرص المتساوية أمامه ليشغل حسب كفاءاته وقدراته الموقع الذي يستحقه في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. ومن أجل كل ذلك، فإنّ الشرعية الانتخابية هي أساس التداول السلمي للسلطة، ومن ضمانات ذلك الالتزام بتمفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية،

إضافة إلى استقلالية القضاء والالتزام بعدم الانتماء الحزبي لشاغلي وظائفه، وكذلك استقلالية المؤسسات العسكرية والأمنية، باعتبارها مؤسسات وطنية خاضعة لمصالح المجتمع، وليست مؤسسات عقائدية حزبية محدودة الولاء، مما يرسّخ ولاءها للوطن ويجعلها قادرة على الدفاع عن استقلاله وسيادته وعن الشرعية الدستورية، وعدم المساس باستقلالية الوظيفة العامة وحظر تسخيرها لأي غرض شخصي أو حزبي. ويكتسب هذا المبدأ أهمية خاصة حين يجري الالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين عند التعيين أو الترقية أو التأهيل للوظائف العامة، وذلك بعدم إخضاعها لأية اعتبارات ضيقة، تفادياً لاستخدام المحسوبية أو إحلال أهل الثقة والولاء محل أهل الكفاءة والخبرة في وظائف الخدمة العامة. وكذلك الامتناع عن تحويل مؤسسات المجتمع المدني إلى مؤسسات صراع سياسي بين الأحزاب والتنظيمات السياسية، بما يعطل دورها أو يصرفها عن مهامها الأساسية في الدفاع عن المصالح المهنية والنقابية والاجتماعية والحقوقية لأعضائها.

وهنا تبرز أهمية حرية الصحافة والإعلام، بما يساعد على خدمة المجتمع وتكوين الرأي العام والتعبير عن اتجاهاته، وحماية حقوق الصحافيين والمبدعين وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لممارسة حرية الصحافة ومسؤولياتها تجاه المجتمع، خاصة حق الحصول على المعلومات والاحتفاظ بسرية مصادرها، وحق الامتناع عن الكتابة بما لا يرضي الضمير المهني والالتزام الفكري، وفي أساس كل ذلك يكمن حق المواطنين بحرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات لضمان الإعراب عن اتجاهاتهم الفكرية والسياسية.

وفي سياق كل ذلك، تعتبر الحريات العامة، بما فيها التعددية السياسية والفكرية والنقابية، القائمة على الشرعية الدستورية ركناً أساسياً من أركان أي تحديث سياسي ومجتمعي. إذ يمارس الناس نشاطهم بالوسائل السلمية والديمقراطية لتحقيق مصالحهم من خلال منظماتهم، عبر تداول السلطة أو المشاركة فيها عن طريق الانتخابات العامة الحرة النزيهة.

إنّ التعددية السياسية توجب الالتزام بعدم استخدام العنف أو الدعوة إليه أو التهديد به في العمل السياسي، كما توجب عدم القيام بأية محاولة للوصول إلى السلطة بغير الوسائل الديمقراطية، سواء عن طريق العنف الفردي أو الجماعي أو الانقلابات العسكرية، بهدف اغتصاب السلطة وانتهاك الشرعية الدستورية، ولضمان ذلك يجب التعهد بممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب، من خلال علنية نشاطها وعقد مؤتمراتها الدورية وانتخاب هيئاتها القيادية، وذلك إيماناً منها بأنّ من لا يمارس الديمقراطية في نشاطه الداخلي لا يمكن أن يمارسها في علاقاته مع غيره في المجتمع.

ومن أجل تجديد الثقافة السياسية العربية وإنجاز الإصلاح السياسي يمكن الإشارة إلى أهم القواعد والمبادئ:

1 اعتبار ساحة الفعل السياسي مفتوحة على الدوام على قوى ومجموعات ذات تصورات فكرية ومشارب سياسية متباينة، سواء تم اعتبارها ضمن صنف الحلفاء أو المنافسين أو الخصوم من جهة، واعتبار التحوّل والتغيير من جهة أخرى قانوناً راسخاً في كل واقع سياسي، الأمر الذي يفرض على الممارس السياسي اعتماد قدر كبير من المرونة في التعامل مع الشأن السياسي تمكّنه من القدرة على التكيّف مع معطيات الواقع المتحوّل.

2 ضرورة التزام الخطاب العقلاني والواقعي في العمل السياسي، لما يتيحه ذلك من إمكانية الإحاطة بالواقع الشامل والتعرف على العوامل المؤثرة في سيرورة تطوره، إذ أنّ الواقعية والعقلانية تقتضيان تقديراً دقيقاً للإمكانات الفعلية للذات التي تتوخى الفعل والتغيير في وضع سياسي ما، ذلك أنّ تضخيم تلك الإمكانيات يترتب عليه رسم خطط وبرامج للممارسة مكلفة مادياً وفاشلة عملياً، وفي ذلك هدر للطاقات في معارك مجانية أو غير متكافئة قد تنتهي إلى كارثة محققة.

3 اعتماد ثقافة الحوار انتصاراً لفكرة، أو دفاعاً عن موقف، وحماية لمصلحة خاصة أو عامة. وفي سياق ذلك ينبغي الحرص على عدم اعتماد الأساليب المتطرفة في التعاطي مع قضايا الخلاف، فقد تسيئ الحدة المفرطة في الجدل السياسي بين المواقف المتعارضة إلى القضية موضوع الحوار، إذا لم تعرف الأطراف المتجادلة كيف ومتى تترك للممارسة هامشاً يسمح باختبار مختلف الآراء والطروحات وتمييز الصائب منها عن الخاطئ.

4 الاستعداد الواضح لتمكين الأجيال الشابة من تحمّل مسؤولية قيادة العمل السياسي، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً من شروط تجديد شباب الأمة.

' كاتب وباحث سوري مقيم في تونس

====================

حديثي مع نيكسون في سياقه

هنري كيسنجر

الشرق الاوسط

25-12-2010

بالنسبة لشخص مثلي خسر في المحرقة الكثير من أفراد أسرته، وعددا كبيرا من الذين نشأ معهم، أشعر بالألم حين أرى تصريحا لي يؤخذ من سياقه بصورة تتناقض مع ما كنت أقصده، ومع قناعاتي التي شكلتها هذه الأحداث. لا توجد إشارة إلى غرف الغاز في الخطاب السياسي، وأنا أتأسف لصدور هذا التصريح مني قبل 37 عاما.

ففي عموده المنشور بتاريخ 21 ديسمبر (كانون الأول)، «ما بعد واقعية كيسنجر»، (ترجم المقال ونشر بتاريخ 23/12 في «الشرق الأوسط» تحت عنوان «عندما تفتقر السياسة الواقعية» – المحرر)، اعتمد مايكل غيرسون على تصريح أدليت به خلال محادثة مدتها دقيقة واحدة مع الرئيس ريتشارد نيكسون ليوضح التناقض بين عدم أخلاقية ما يوصفون بأصحاب النهج الواقعي في السياسة الخارجية، ومنتقديهم من أصحاب النظرة الإنسانية. وبصورة عامة، فإن هذا الكلام قد تجاوز نطاق مقال الرأي.

أمور تتعلق بالسياق، يعرض غيرسون قضية هجرة اليهود من الاتحاد السوفياتي في سبعينات القرن العشرين كما لو كانت جدالا مجردا بين أولئك الذين يدعمون السياسات الساعية لتخفيف حدة التوترات ودعاة المواجهة الآيديولوجية. ويرى أن أصحاب النهج الواقعي كانوا على استعداد للتضحية بالهجرة اليهودية من أجل إحداث انفراجة في العلاقات مع الاتحاد السوفياتي. لكن العكس هو الصحيح، فالهجرة حدثت بسبب سياسات «أصحاب النهج الواقعي» في البيت الأبيض. وقضية هجرة اليهود من الاتحاد السوفياتي لم تطرح من قبل أي إدارة أميركية كموقف رسمي، ليس بسبب عدم الأخلاقية، ولكن التوتر الشديد فرض أولويات أخرى. وفي عام 1969، طرحنا هذه القضية من خلال القنوات الرئاسية باعتبارها قضية إنسانية، لأننا رأينا أن المواجهة السياسية قد تؤدي إلى رفض السوفيات وزيادة التوتر. ونتيجة لذلك، شهدت الهجرة اليهودية زيادة مطردة من 700 في السنة عام 1969 إلى ما يقرب من 40 ألفا عام 1972. وبلغ إجمالي عدد اليهود الذين هاجروا من الاتحاد السوفياتي إلى الولايات المتحدة خلال الفترة الرئاسية الأولى لنيكسون أكثر من 100 ألف. كما تمكنا أيضا من طرح مئات القضايا للذين يواجهون مشكلات هناك، وحققنا بعض النجاحات، على فترات متقطعة. وللحفاظ على هذا التدفق عن طريق الدبلوماسية الهادئة، لم نستخدم هذه الأرقام لأغراض سياسية.

وقد أصبحت قضية علنية بسبب نجاح سياستنا في الشرق الأوسط عندما طردت مصر المستشارين السوفيات. ولاستعادة علاقاته مع القاهرة، فرض الاتحاد السوفياتي ضريبة على الهجرة اليهودية. ولم يكن هناك تعديل جاكسون - فانيك حتى كان هناك جهد هجرة ناجح.

وقد سعى السيناتور هنري جاكسون، الذي كنت وما زلت أكن له كل التقدير والاحترام، إلى إلغاء الضرائب بالتعديل الذي قدمه. وكنا نرى أن استمرارنا في نهج الدبلوماسية الهادئة أجدى. ولكن حدث التوتر فقط بعد إضفاء الطابع المؤسسي للضرائب الواردة في تعديل جاكسون - فانيك، والتي كنا قد أزلناها من خلال نهجنا السابق.

لم يثر النقاش بشأن هذا الموضوع كبيان للسياسات من قبلي، لكن بناء على طلب الرئيس مني مخاطبة عضوي مجلس الشيوخ جافيتس وجاكسون وإيضاح سبب اعتقادنا أن توجههما غير حكيم. وقد حاولت في جوابي أن ألخص هذا السياق بعبارة إذا قرئت بعد 37 عاما فإنها بالطبع ستكون جارحة. وتم توجيه هذه العبارة إلى رئيس كان مهتما بهذه القضية ولم يستخدمها لغرض سياسي من أجل الحفاظ على إطارها الإنساني. وقولي للرئيس نيكسون بأن هجرة اليهود ليست من اختصاص السياسة الخارجية يجب أن تفسر في هذا السياق.

كذلك ينبغي إدراك أن المحادثة تمت بعد 15 دقيقة من اجتماع بين نيكسون وغولدا مئير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية، والذي حضرته أنا وإسحاق رابين، السفير الإسرائيلي. واتفق الطرفان خلال الاجتماع على تسليم معدات عسكرية، خاصة الطائرات، وعلى إجراء عملية سلام عن طريق البيت الأبيض، ووضع التفاوض والخطوات نحو تشجيع مصر على فك تحالفها مع الاتحاد السوفياتي. ومن أجل الحفاظ على هذه الاستراتيجية طلب نيكسون مني الاتصال بعضوي مجلس الشيوخ.

أثبتت الأحداث صحة النهج الذي تبنيناه، حيث تراجع معدل هجرة اليهود بنحو الثلث عن المعدل المرتفع السابق، ولم تستمر الهجرة بشكل كبير على مدار 20 عاما بحسب ما أقره غيرسون. وكان هذا إبان انهيار الاتحاد السوفياتي. أرجع غيرسون انهيار الاتحاد السوفياتي جزئيا إلى تعديل جاكسون - فانيك. ولم يلعب التعديل دورا كبيرا فيما نتج عن التوسع الإمبريالي والإدارة غير الفاعلة للاقتصاد والمقاومة الشديدة لتولي رؤساء من كلا الحزبين والتي زادت خلال عهد ريغان.

يسخر غيرسون من هذه الانفراجة وكأنها كانت نوعا من التنازل المعنوي. وما أقصر عمر الذكريات، فقد تم هذا الحديث خلال مناقشة دارت في 1 مارس (آذار) عام 1973، في وقت كانت حرب فيتنام قد انتهت لتوها ولم يعد الأسرى بعد.

وتزامن ذلك مع استراتيجية عالمية فاعلة من الانفتاح على الصين وإجراء حوار شامل مع الاتحاد السوفياتي، وحدوث تقدم كبير في مصر فيما يتعلق بهجرة اليهود. وأجري هذا الحديث في المكتب البيضاوي من أجل الحفاظ على تلك السياسة، لذا يجب قراءته ضمن ذلك السياق.

* وزير الخارجية الأميركي الأسبق

خدمة «واشنطن بوست»

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ