ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 04/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

سقوط الوهم!

محمد صادق الحسيني

2011-01-02

القدس العربي

سالت احد كبار صانعي السياسة في ايران يوما كيف سيكون موقف بلده لو طُلب منه الوقوف مع الغرب في ما يسمى بالصراع العربي الاسرائيلي من اجل المصلحة القومية الايرانية او ان يقف مع العرب في هذا الصراع حتى لو تضررت المصلحة القومية الايرانية؟!

لم يتردد المسؤول الايراني الكبير يومها في القول بان موقف بلاده في المبدأ لن

يكون الا مع العرب في اي صراع بينهم وبين الغرب الداعم للصهاينة، لكنه اضاف

جملة ربما نفهمها اليوم اكثر مما سبق من الايام قائلا: 'لكن اخوانك العرب احيانا لا يتركون لنا حيزا واسعا للاختيار بينهم وبين اقرانهم الغربيين لشدة ما يلتصقون بالموقف الغربي على حساب القضية العادلة المشتركة بيننا وبينهم'.

كان الزمن يومها زمن ما بات يعرف فيما بعد ب'المبادرة العربية للسلام' او

ما اصطلح البعض على تسميته وقتها ب'الهرولة الساخنة' مقابل 'السلام البارد'

الذي كانت تبادلهم به دويلة الكيان الصهيوني وكان الخوف ان يقدم الغرب المخادع

على نصف خطوة يشتري فيها ثقة العرب بدوره 'الوسيط' ونصف اخرى يبيع فيها فلسطين. فيقع العرب في فخ هذا الغرب المحتال ويصبح الايراني في حيص بيص، ما قد يفضي الى احراجه ومن ثم اخراجه من دائرة التأثير على موازين الصراع حول القضية المركزية!

راحت الايام وتسارعت الاحداث وصار الزمن غير الزمن وبعد كل الذي حصل بين الغرب واهلنا العرب والمسلمين في المنطقة، فاذا باخواننا العرب وحسب كثير من الوقائع والقرائن - وبغض النظر عن الاهداف الحقيقية من وراء تسريب وثائق ويكيليكس - تراهم وكأنهم اصبحوا بالفعل ملتصقين بالموقف الغربي ليس فقط تجاه القضية المركزية بل ومن الموقف من ايران ايضا الا من رحم ربي!

مصطلح العرب هنا المقصود به النظام العربي بالطبع وليس الرأي العام العربي

مطلقا فذاك له شأن آخر ولا غبار على موقفه العام لا في قضية فلسطين ولا في قضية صراع الغرب مع ايران. نقول هذا حتى لا يلعبن احد على وتر الصراعات والفتن العرقية والطائفية والمذهبية المتنقلة التي تنفخ فيها ابواق فيلتمان واشكنازي

وبطاناتهم في بعض عواصم العرب والعجم!

الاسئلة المحيرة الآن امام جماهير العرب كما امام جماهير ايران كما امام جماهير

المسلمين ,هو الم يحن الوقت الذي يكتشف فيه النظام العربي من هو صديقه ومن هو

عدوه او خصمه في وقت الشدة؟ الم يعتبروا من تجربة نظام الشاه الايراني؟الا يرون ماذا يحصل مع النظام التركي؟ واخيرا وليس آخرا الا يروا ماذا يحصل لهم مع هذا النظام الغربي المتعالي والمتعجرف والذي اطلق عليهم ماكينة ويكيليكس لتبيع اسرارهم في سوق النخاسة الدولية؟!

ثمة من يروج بالطبع الى ما يسميه جزافا بمفاوضات ايرانية غربية لاجل عقد صفقة ما لصالح النووي قد تكون على حساب العرب، ويبرر التصاقه بالموقف الغربي من النووي الايراني بمثابة 'هرولة' ذكية قبل فوات الاوان، ناسيا او متناسيا بان مثل هذا من رابع المستحيلات مع ايران التي لن تستطيع اخراج فلسطين من عقيدتها الدفاعية حتى لو اعطيت القنبلة النووية، وهو ما تم عرضه على ايران بادبيات ولهجات متفاوتة على امتداد العقود الثلاثة الماضية وكان الجواب دوما هيهات منا ذلك!

ومع ذلك ثمة من يعتقد ان ضوءا ما في آخر نفق الظلام الدولي يمكن ان ينقذ النظام

العربي الرسمي من الورطة التي يعيشها، وهو ان يشهر سيفه على هذا الظلم

والاجحاف الاجنبي بحق قضايانا العادلة ويعلن كفره بما يسمى بالعدالة الدولية

الكاذبة والمخادعة والمراوغة والتي بات ينطبق عليها بيت الشعر العربي الشهير:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر

وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

نقول هذا ونحن نستنكر كل قتل لاي نفس بريئة، نقول هذا ونحن مطمئنون الى ان من قتل الحريري وقتل سائر رموز السياسة في لبنان انما هم العملاء الصغار التابعون للموساد والمخابرات المركزية الامريكية تماما كما من قتل ولغم وفخخ في بغداد وكابول والموصل والاسكندرية وسائر مدن الشرق من اجل ان يلعب الغرب المتعالي والمتجبر والمخادع والمخاتل على وتر الفتن المتنقلة ترسيخا لنظريته القديمة المتجددة: 'فرق تسد'! فهل يستيقظ من لا يزال مغشوشا من العرب بعدالة امريكا وما يسمى بالمجتمع الدولي المخطوف من جانب محور واشنطن - تل ابيب؟!

ثمة بصيص امل كما يقول لنا بعض الساسة العرب الاحرار وفي مقدمتهم ابطال فلسطين ولبنان وسورية من رموز جبهة المقاومة والممانعة، في معادلة سموها بمعادلة السين سين!

وثمة بصيص امل آخر يتردد صداه او شعاعه في طهران يشير او يدل على استيقاظ

البعض مما يسمى بمعسكر الاعتدال ينبئ بزيارات يقال انها قريبة لعبد الله الاول

عاهل السعودية وعبد الله الثاني عاهل الاردن الى العاصمة الايرانية او زيارة

للرئيس احمدي نجاد الى عاصمتي البلدين الشقيقين بهدف وضع اللمسات الاخيرة على اتفاق اقليمي - نصف دولي يغطي معادلة السين سين العربية الحامية لاستقرار لبنان والهادفة اساسا لابعاد شبح الفتنة والحرب الاهلية عنه!

فهل تصدق توقعات اصحاب الامل وتكبر معادلة الاسد - نجاد العربية الاسلامية

لحماية المشرق وتصبح بحارهما الخمسة ستة وسبعة الى ان تصبح محيطا آمنا يجرف ما تبقى من اوهام الرهان على عدو الامة وعدو الانسانية الذي دس خنجره الصهيوني في قلب جسمنا النازف منذ ما يزيد على القرن من الزمان؟!

======================

حول مستقبل العروبة

د. عبدالله تركماني

2011-01-02

القدس العربي

يبدو أنه بات علينا، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 9 نيسان/ابريل 2003 وتداعياته، وبعد المآلات التي آلت إليها القضية الفلسطينية، أن نعترف لا بنهاية العروبة بل بنهاية موجة من موجاتها، ونبني عروبة جديدة تقوم على حقائق سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية بعيدة عن المزايدات. ذلك لأنّ التغيّرات العالمية الجديدة تتطلب قدراً كبيراً من العمق في المراجعة ونقد الذات وإعادة الصياغة الفكرية والسياسية للقضايا العربية، التي تمثل مسائل جوهرية عديدة تتداخل فيها مهمات التحديث الفكري والسياسي مع مهمات النهوض الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بتجسيد وحدة المصير العربي كمنطلق للنهوض الحضاري، وهو ما يفترض مهمات إنجاز أشكال تضامنية عربية عديدة، وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يضمن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في إقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، وعودة السيادة إلى الشعب العراقي الشقيق، وممارسة الديمقراطية كمنهج للتعامل السياسي على صعيد الدولة والمجتمع.

وفي الواقع، يصعب على المرء أن يحدد صورة المستقبل بدقة، ولكن يمكنه أن يحدد الشروط التي يجب توافرها من أجل التعاطي المجدي مع معطيات الحاضر. ولكن  قبل ذلك - علينا أن نواجه سؤالاً رئيسياً: هل نريد أن نعيش في هذا العصر، أم نبقى سادرين في عصور سابقة؟

إننا نتطلع إلى الكشف عن الأبعاد النهضوية (العقلانية، التقدم، التنوير، الديمقراطية، العلمانية)، التي كانت تنطوي عليها حركة النهضة العربية الحديثة، التي أُهدرت لاحقاً في مشروع الحركة القومية، واختُزلت إلى مستوى خطاب سياسي محكوم باعتبارات ومصالح محلية ضيقة، لا بضرورة الوعي بإشكالية التأخر العربي التي قادت إلى الهزائم المتكررة.

إنّ العروبة هي عودة إلى الوعي بالذات، إنها الدعوة لا السلطة، إنها الهوية لا الحاكم. فقد أساء إلى العروبة بعض دعاتها، وألحقت بها الأذى أنظمة حملت شعاراتها، لكنّ الفكرة هي الحقيقة الباقية الوحيدة، هي قاعدة التلاقي، وإنكارها نقطة الافتراق بين شعوبنا. إنها رابطة تاريخية تضم وتجمع وتوحد غالبية المجموعة السكانية القاطنة في هذه البقعة من العالم، اعتماداً على اللغة والتاريخ والخصائص النفسية والمصالح المشتركة، وهي حركة تحرر وطني وتغيير حضاري، تهدف إلى توحيد الشعب والطاقات، وإلى تحرير الأرض والإنسان، وإلى بناء صيغة جديدة لعلاقات داخلية وخارجية تعتمد الحرية والمساواة والعدل، وتساهم في إقامة عالم أفضل، خاصة بعد أن تحجرت الفكرة القومية وتحولت، بمرور الزمن، إلى ايديولوجيا استبدادية مغلقة ومفرغة من أي حس إنساني أو فلسفة عميقة، إذ أنّ النظم الاستبدادية العربية خرّبت المشروع الوطني قبل أن تجهض المشروع العربي، فقد تشكلت داخل الدولة المبنية، نظرياً، على النزعة القومية العربية كل مقوّمات نظام منافٍ لمبادئ الوحدة الوطنية  القطرية. وإزاء ذلك، كان لا غرابة أن يقع الجمع في الأذهان بين المستبد من جهة وعشيرته أو طائفته من جهة أخرى، فترعرعت - في صمت القمع - الضغائن الدفينة والأحقاد المرجأة.

وهكذا، بات الفكر القومي من خوف الذل في ذل، إذ تسرب زيف النفاق الثقافي إلى صلب الفكر القومي، فراحت المطابع تنتج أدباً قومياً يفلسف عبادة الشخصية، ويسبغ على القادة والزعماء 'قداسة' الإلهام في توليد الفلسفات والنظريات.

وبعد أن انهار عالم كامل من الوقائع والأحلاف والمسبقات والمفاهيم والمبادئ والأوهام، لا بد من مراجعة فكرية نقدية للخطط والسياسات والمُثُل والعقائد والأفكار التي بلورت الإخفاق العربي وقادت إليه، مما يستدعي إبراز المشاكل والأزمات التي كانت الحركة العربية تخفيها أو تمر عليها مرور الكرام، إذ لا يمكن التحدث عن مفهوم معاصر للعروبة إلا إذا اشترط عليه أن يشهد تحولاً كيفياً يمتلك من خلاله بعض السمات، ويحيط نفسه بمجموعة قرائن تجعل من العروبة مقولة مقبولة من جماهير العرب ونخبها، بما عليها أن تشكل في طياتها من مخزون يحوي قدراً من التحرر والديمقراطية والتنوع. فبين عروبة الخمسينيات من القرن العشرين وعروبة اليوم نصف قرن استُهلكت خلاله القيم الشمولية، وبرزت فيه الديمقراطية مفهوماً يستعاض به عن العصبوية الموحِّدة والمكوِّنة للدول والمجتمعات، وأظهرت التعددية قدرتها على أن تكون فعل انسجام ودافعاً محركاً للوحدة الوطنية تحت رعاية الدولة والمؤسسات، ولم يعد الصراع مع أعداء الأمة يشكل وحده دافعاً كافياً لإرادة التوحد، بل باتت شروط الوحدة أكثر تعقيداً.

فعلى العروبة اليوم أن تفعّل التثاقف الحضاري وأن تميّز بين القيم الغربية كجزء من القيم الإنسانية العامة، وبين التدخل الغربي كمشروع سيطرة استعمارية على مصادر الثروة، وأن تكون مشروعاً تنموياً اقتصادياً واجتماعياً ومشروعاً علمياً تكنولوجياً، ومشروع حرية في مجالات الإعلام والثقافة والفكر، وعليها حماية واحتضان المجتمع المدني. إنّ الإشكاليات السابقة تفرض علينا أن نعيد طرح قضايا العروبة، خاصة الوحدة والتجزئة، على نحو جديد، منطلقين من أنّ مسألة إنجاز الدولة الوطنية الحديثة هي جوهر تلك القضايا. ومن هنا تبدو أهمية تجديد الخطاب النهضوي العربي على قاعدة: انّ الدولة الوطنية/القطرية الديمقراطية تشكل أساس دولة الأمة الحديثة.

لقد أظهر الاحتلال الأمريكي للعراق معضلة بنيوية في العلاقات العربية  العربية، وفي موقع المنطقة العربية داخل النظام الدولي. هذه المعضلة جوهرها أننا نجمع بين مركزية موقعنا وهشاشة قدراتنا، مما يجعل منطقتنا عرضة للتأثيرات الخارجية المستمرة، فالتدخل الخارجي ما كان ليكون بهذه الوتيرة ولا بهذا العمق لو كانت منطقتنا هامشية، غير ذات أهمية، والتدخل الخارجي ما كان ليكون بهذه الوتيرة ولا بهذا العمق لو كانت لشعوبنا وحكوماتنا القدرة على درء التدخلات الخارجية.

إنّ العروبة بحاجة إلى صياغة سياسية جديدة معاصرة وواعية لواقع العرب، كما لظروف العالم والتحولات الخطيرة التي غيّرته وستغيّره أكثر، لكنّ الخروج من العروبة أو عليها ليس حلاً أو ضماناً للنجاة، إنّ كل دولة حاولت الخروج عليها خسرت وحدتها الداخلية، بداية، قبل أن تخسر قيمتها العربية والدولية.

لقد اختلف الزمان، والعروبة تواجه اليوم تحديات هي الأخطر منذ انطلاق دعوتها كبشارة للوعي بالذات والانطلاق على طريق بناء الغد الموعود للشعوب العربية المقهورة بالاحتلال الأجنبي والقمع الداخلي والفقر والتأخر. وهكذا، لسنا بحاجة لشعارات من أجل التعاطي المجدي مع التحديات الكبيرة المطروحة على أمتنا العربية، بل الارتقاء إلى مستوى التحديات، بما يخدم مصالح الأمة ويضمن حقوقها الأساسية في السيادة والحرية والاستقلال والتقدم. ولكي تتحول العروبة من مشروع تعاطف قومي، يعبّر كل طرف فيه عن إرادة توحده ووحدة همومه وانشغالاته مع الآخر، إلى مشروع عملي يؤمل منه أن يتحول إلى واقع متحقق في المستقبل، ليس على الأقطار العربية المختلفة إلا أن تصلح أوضاعها وتنمّي قدراتها المادية والبشرية، لكي تشكل كل منها أنموذجاً للآخر.

إنّ مشروع النهضة العربية كان ولا يزال في حاجة إلى فكر الأنوار والحداثة، وكذلك استيعاب التحولات والتغيّرات التي تطرأ على الساحتين العربية والدولية، مما يستوجب الاعتراف بالخصوصيات القطرية، في إطار التنوع ضمن إطار الرابطة العربية، مع إمكانية تحويل هذا التنوع إلى عنصر غنى للثوابت الضرورية لتطور الرابطة العربية. ومن أجل ذلك، تبدو الديمقراطية في رأس أولويات التجديد العربي، فالأمر يستدعي مقولات جديدة: المجتمع المدني، الديمقراطية، الدولة الحديثة، المواطنة. وتبدو أهمية ذلك إذا أدركنا أنّ العالم العربي المعاصر، بشكل عام، لا يملك لغة سياسية حديثة، منظمة وممأسسة، في بناه السياسية والثقافية، إذ بقي خارج تسلسل وتاريخ الأحداث، فالماضي مازال ملقى على هامش الحاضر، بل يهدد المستقبل.

إنّ انخراط العرب في العالم المعاصر يتطلب منهم البحث عن مضمون جديد لحركتهم التحررية، بما يؤهلهم ل 'التكيّف الإيجابي' مع معطيات هذا العالم، وبالتالي الانخراط في مقتضيات التحولات العميقة للعلاقات الدولية، بما يقلل من الخسائر التي عليهم أن يدفعوها نتيجة فواتهم التاريخي، لريثما تتوفر شروط عامة للتحرر في المستقبل. فالعرب ليسوا المبدأ والمركز والغاية والنهاية، هم أمة من جملة أمم وثقافات، لا يمكن أن ينعزلوا عن تأثيرات وتطورات العالم الذي يعيشون فيه. ومن سياقات ما قدمته، يبدو أنه لا يجوز القفز عن واقع الدولة القطرية تحت أي عنوان، بما فيه الطموح المشروع إلى دولة عربية اتحادية. إنّ المشكلة الأهم المطروحة أمام الحركة العربية المعاصرة هي بناء الدولة الوطنية الحديثة، وما يتفرع عنها من أدوات مفاهيمية تنتمي إلى المجال التداولي المعاصر: الأمة، المجتمع المدني، المواطنة، الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعاقد الاجتماعي، الشرعية الدستورية والقانونية، التنوير، العقلانية، العلمانية.

لعلنا بذلك نفتح من جديد باب التاريخ وندق أبواب المستقبل وننهض لإطلاق خطاب عربي عصري، عناوينه في توجهاته ومضامينه وفي تجديدنا له، يحتمل دائما التأويل والتعديل لصالح شعوبنا العربية. إنها إعادة قراءة واجبة، ليس فقط في تجديد هذا الخطاب وإنما في تجديد العقل العربي المدعو إلى خوض مغامرة المستقبل بأدوات جديدة وأفق مفتوح وحوار دائم على المصالح والأهداف والممكن والمستحيل.

' كاتب وباحث سوري مقيم في تونس

=======================

خطة اوباما «2011» *

يوسي بيلين - «اسرائيل اليوم»

الدستور

3-1-2011

سنضطر في السنة القادمة الى ملاقاة تحديات صعبة ، فالولايات المتحدة ستترك العراق ، وايران ستزيد تأثيرها في العراق ، ويصعب ان نصدق ان نعد العراق جزءا من الدول العربية المعتدلة ، كذلك سيبدأ الجيش الامريكي الخروج من افغانستان لكنه لن يكون خروجا كاملا ، وان كان تقسيم افغانستان بين المناطق التي تسيطر عليها طالبان وبين المناطق الاخرى سيكون واردا ، قد يكون هذا الحل الاقل سوءا لهذه الدولة البائسة.

 

سيجرى في جنوب السودان في مطلع كانون الثاني استفتاء للشعب نتائجه متوقعة مسبقا ، فهناك اكثرية كبيرة للانفصال عن الشمال لكن يصعب ان نصدق أن يمكنهم الشمال من ذلك ، فاذا رفض الشمال الاعتراف بنتائج استفتاء الشعب فقد تنشب هناك حرب اخرى مرة اخرى.

 

ولبنان ينتظر قرار المدعي العام من قبل الامم المتحدة بخصوص المسؤولية عن قتل رفيق الحريري. وفي اللحظة التي سيبت فيها القرار ومع فرض ان يتناول ناسا مركزيين في منظمة حزب الله ، قد تنشب مواجهة عنيفة شمالينا خطرها الرئيس هو سيطرة حزب الله على لبنان. لا ينقصنا الا هذا.

 

والصراع على استعمال مياه النيل اخذ يزداد حدة ، فهناك سبع دول تستعملها لكن لمصر والسودان حقا في 85 في المائة من الماء (بحسب اتفاق استعماري بريطاني من سنة )1929 والدول الخمس الاخرى تثور على تأبيده ، وبالتالي فشتاءا قحطا قد يطور الخلاف الى مجابهة.

 

وستواصل ايران جهودها الذرية بهدف االتوصل الى وضع يكون فيه اعداد القنبلة في متناول اليد ، ولن تنتج قنبلة حتى لو كانت قادرة على ذلك وحتى لو لم تحبط جهودها ، وستطلب الولايات المتحدة الاستمرار بالعقوبات على ايران بل وتشديدها ، ويصعب أن نصدق ان الصين التي يزداد جوعها للنفط سنة بعد اخرى ستكون مستعدة للمشاركة في ذلك ، ويصعب ان نصدق ان يتم عمل عنيف موجه الى ايران.

 

واوروبا تواجه تفاقما في الازمة الاقتصادية ، وفي هذا الوضع تأخذ قدرتها السياسية بالضعف ولن تشغل دورا مركزيا في الساحة الدولية ، وستستمر الدول الاربع البرازيل وروسيا والهند والصين باثارة اهتمام المستثمرين في العالم وتستمر على النمو لكن لا احتمال ان تصبح قادرة على اخذ زمام قيادة العالم. وتستطيع الولايات المتحدة ان تطمئن فستظل في 2011 ايضا القوة العظمى الوحيدة في العالم.

 

وماذا عنا؟ ، من المعقول افتراض ان الائتلاف الحالي لن يبقى خلال السنة القادمة ، فالخلافات فيه أخذت تزداد ، ويبدو أن عدم التقدم السياسي سيفضي الى اعتزال العمل ، أما تقدم كهذا او ذاك فسيفضي الى ترك اسرائيل بيتنا ، وسيجهد نتنياهو في اظهار وهم تقدم سياسي لكنه سيرفض رفضا قويا بسط خطة مفصلة منه ، وهو يعلم جيدا ان كل خطة سيعرضها لن تحظى بتأييد امريكي او بغيره ، في حين ان خطة ابي مازن هي خطة كلينتون من سنة 2000 بالتقريب والتي قبلها العالم كله ، وستعترف دول اخرى بالدولة الفلسطينية في حدود ,67 فبعد كل شيء لا يتطلب منها ذلك جهدا كبيرا جدا ويمكنها من وهم التدخل السياسي.

 

فهل سيقرر اوباما بعد فشل الفصل السياسي الحالي بيننا وبين الفلسطينيين ان يعرض خطة منه كما المحت هيلاري كلينتون الى ذلك؟ ، هذا محتمل الى حد ما ، وهل ستقرب خطته السلام؟ ، هذا احتمال منخفض جدا.

 

وهل سيحاول بعد أن تنشر خطته ان يفضي الى تحقيق الفصل الثاني من خريطة الطريق أي دولة فلسطينية في حدود مؤقتة؟ يبدو هذا.

=====================

5 أحداث ضد العرب تدحض ديمقراطية إسرائيل

 الدستور

3-1-2011

تساءلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية عما إذا كانت إسرائيل ديمقراطية. فسردت خمسة أحداث أقدمت عليها الجماعات الدينية المتطرفة بحق العرب عام 2010 تدحض فكرة الديمقراطية.

 

تحذير اليهوديات: في أواخر كانون الأول الماضي كتبت زوجات حاخامات إسرائيليين بارزين رسالة يحذرن فيها الفتيات اليهوديات من إقامة علاقات اجتماعية مع الشباب العرب ، وحتى من العمل في الأماكن التي يخدم فيها العرب. وتنص الرسالة على أن "حياتك لن تعود إلى سابق عهدها ، وما تلقينه من اهتمام العربي سيتحول إلى لعنة وإذلال وضرب".

 

منع تأجير: وفي أوائل الشهر المنصرم أيضا وقعت مجموعة من الحاخامات في مختلف أرجاء إسرائيل على حكم ديني يحظر على اليهود تأجير أو بيع المنازل العقارية للعرب. وتقول الصحيفة إن الحاخامات يعتقدون أن الحظر نابع من الحظر المذكور في التوراة بشأن التعاملات بالأراضي مع الأجانب الذين يعيشون في إسرائيل. ويقول الحكم إن "أسلوب حياتهم يختلف عن أسلوبنا ، ومنهم من يضطهدنا". وتشير كريستيان ساينس مونيتور إلى أن هذا الحكم يعكس النفور المتنامي بين اليهود والعرب ، والتطرف المتنامي في أوساط قادة إسرائيل المتدينين الذين يتحدون المؤسسات العلمانية الحكومية.

 

صفد: دعا رئيس الحاخامات شموئيل إلياهو الإسرائيليين في البلدة إلى عدم بيع أو تأجير العقارات للطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعة المحلية ، وقد تحول الطلب لاحقا إلى حكم ديني في شكله الرسمي. وحسب الحكم الديني ، فإن الحاخامات يصرون على أن الحكم لا يعزز التمييز بقدر ما يحمي "قبضة اليهود على المدينة".

 

الولاء: وفي تشرين الأول الماضي ، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على مشروع قرار يشترط الولاء لإسرائيل على غير اليهود الذين يرغبون في الحصول على الجنسية الإسرائيلية. وتقول الصحيفة إن قسم الولاء كان موجودا كما هو الحال في الدول الأخرى ، ولكن التغيير طرأ على إضافة "دولة يهودية وديمقراطية". ورغم أن هذا المشروع -يقول البعض - ليس له تأثير كبير بحكم أن القليل من غير اليهود يسعى للحصول على الجنسية ، فإنه يبقى رمزا لنزع الشرعية عن المواطنين الإسرائيليين من أصل عربي.

 

حظر كتاب: وفي مطلع هذا الخريف ، أبلغت وزارة التعليم الإسرائيلية أحد مديري المدارس الثانوية بمنع استخدام كتاب تاريخ مدرسي يشرح الروايتين الفلسطينية والإسرائيلية عن حرب ,1948 فحسب الإسرائيليين ، فإن تلك الحرب هي حرب استقلال ونكبة بالنسبة للفلسطينيين. وبينما يرى الإسرائيليون أن الفلسطينيين غادروا منازلهم طوعا ، يقول الفلسطينيون إنهم غادروها كرها ، والكتاب يذكر الروايتين.

===================

لماذا استسلمت واشنطن لتل أبيب ؟

د. عبد الحميد مسلم المجالي

الدستور

3-1-2011

غير مسبوق هذا الاستسلام الاميركي لاسرائيل في عهد ادارة اوباما، الذي ملأ أيدي العرب والمسلمين خواتم اميركية عندما جاء الى السلطة، وجعلهم ينامون على الوهم بان عصرا جديدا ايجابيا قد بدا في علاقة الولايات المتحدة بالصراع. فبقدر ما اشاع اوباما هذه الاوهام وبالسرعة ذاتها، ها هو يشيع الان قدرا غير مسبوق ايضا من الاحباط والتشاؤم. فقد وصل النزاع في عهده الى طريق مسدود ومظلم لم يصل اليه في أي عهد اميركي اخر، جمهوري اوديمقراطي !.

 

كيف يدير هذا الرئيس سياسة اميركا الخارجية ؟ وكيف يرى العلاقة الاستراتيجية بين بلاده واسرائيل ؟. لقد تصرف الرؤساء الاميركيون منذ انشاء اسرائيل على انه رغم وجود هذه العلاقة الاستراتيجية، فان هناك مناطق عازلة كانت تفصل دائما بين مصالح الولايات المتحدة وبين مصالح اسرائيل، وبين رؤية واشنطن للصراع، وبين رؤية اسرائيل، حتى لو اقتربت هذه المصالح والرؤى في كثير من التفاصيل والعموميات.

 

لواشنطن في المنطقة ما ليس لاسرائيل. لواشنطن علاقة يجب المحافظة عليها مع عالم عربي يمتد بمساحة اربعة عشرمليون كيلو متر مربع، تتوسط العالم على مفترقات جغرافية استراتيجية، ولها ايضا علاقة مع النفط واشياء اخرى تمتد الى الاقتصاد والسياسة والثقافة والنفوذ في اطار صراعها او منافستها للقوى الاقليمية والدولية الاخرى. وما لاسرائيل قد يقترب احيانا مع ما لواشنطن، ولكنه لايتطابق معه تطابقا كاملا، ومساحة عدم التطابق هذه هي التي كانت تضطر واشنطن الى الضغط على اسرائيل احيانا ومنعها من الاستمرار في الكثير من سياساتها ومواقفها وتطلعاتها في الحرب والسلام. وعندما ذهب العرب الى واشنطن وسلموها مفاتيح الصراع، فانهم راهنوا على تصرف الولايات المتحدة وحركتها في المنطقة العازلة بين مصالحها ومصالح اسرائيل حتى لو كانت هذه المنطقة ضيقة كخرم الابرة.

 

وعندما جاء اوباما الى السلطة، قال العرب ان المنطقة العازلة بين الاميركيين والاسرائيليين ستتسع، وان هناك ارادة وفهما جديدين لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، توفرا بعد حماقات قام بها بوش الابن وادت الى ما ادت اليه من ضرر لاميركا ولمصالحها في المنطقة. وبعد مباشرة اوباما وادارته العمل، تبين ان هذا الفهم وما تبعه من سلوك، كانا من الهشاشة والضعف الى الحد الذي انقض عليهما نتنياهو في لمح البصر، وحولهما الى سراب او الى دقيق تذروه الرياح. وهاهو اوباما وادارته يقفان عاجزين امام اسرائيل دون أي اعتبار ليس لمصالح العرب وتطلعاتهم، بل لمصالح اميركا التي قالت ان اقامة السلام في الشرق الاوسط مصلحة اميركية حيوية !.

 

تقول اميركا ان الاستيطان عقبة امام السلام وغير شرعي، وعندما تقول السلطة الفلسطينية انها ستذهب الى مجلس الامن ليقول في الاستيطان ما تقوله واشنطن، ترفض الادارة الاميركية هذا التوجه وتحذر من عواقبه، أي انها تهدد باستخدام الفيتو، رغم ان هناك قرارات سابقة من مجلس الامن وافقت عليها الولايات المتحدة وتندد بالاستيطان.!

 

مواقف أميركية تدعو إلى الغرابة والدهشة، وتحتاج إلى مزيد من الدراسة لمعرفة أسباب هذا الانهيار الأميركي غير المتوقع أمام إسرائيل وبهذه السرعة التي انقطع فيها النفس الأميركي بعد سباق للمسافات القصيرة. فهل ضعف أوباما في الداخل قابله ضعف أميركي أمام إسرائيل؟ وهل رغبة أوباما في التجديد لرئاسته وضعته في حضن إسرائيل راجياً وطالباً الطاعة؟ ام ان مجمل ادارة اوباما ومستشاريه هم انصاراسرائيل واحبابها ويضعون مصلحتها قبل مصلحة اميركا ؟.ربما هذا كله او بعضه. فالاجوبة على هذه الاسئلة وغيرها قد تزيل بعض الغموض عن هذا المدهش والغريب في مواقف واشنطن، التي لم تكن بهذا الغموض والدهشة في أي عهد اميركي اخر !. وفي ضوء ما يحدث، فان على الجانب العربي التوصل الى استنتاجات واحكام حول مستقبل ما تسمى بعملية السلام خلال العامين القادمين على الاقل.!

==================

أفغانستان.. مخاطر الوضع الإنساني

السير سيريل تاونسيند (سياسي

بريطاني من حزب المحافظين)

الاتحاد الإماراتية

الرأي الاردنية

3-1-2011

في وسط كل هذا الزخم من التقارير الإخبارية التي تبثها الصحافة ومختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، والتي تبين أنها ليست سوى ترويج للدعاية الرسمية، فإن من الواجب أن يبقي المرء عينيه مفتوحتين أمام تقييم نزيه ومحايد لما يجري في دولة تسودها النزاعات والانقسامات الداخلية وممارسات الفساد مثل أفغانستان. فمنذ عام 1979 ظلت الجمعية الدولية للصليب الأحمر تقدم خدماتها الإنسانية للشعب الأفغاني، ويزيد عدد موظفيها اليوم هناك على1750 موظفاً. ويعمل فرع المنظمة في أفغانستان تحت قيادة ريتو ستوكر، وهي منظمة تحظى باحترام دولي وتلتزم الاستقامة والحياد السياسي في عملها. وقبل أيام فحسب عقد ستوكر مؤتمراً صحفياً حذر فيه الصحافيين الحاضرين بقوله: «إن الدافع وراء تنظيمنا لهذا المؤتمر الصحفي هو الرغبة في التعبير عن تزايد قلقنا من عام جديد قادم من القتال، سوف تكون له عواقبه الكارثية على أعداد متزايدة من المواطنين الأفغان في مختلف أنحاء هذه الدولة». واستطرد ستوكر قائلاً «إن انتشار الجماعات المسلحة بات يحد كثيراً من قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول للمحتاجين إلى هذه المساعدات. وبالنسبة لجميعة الصليب الأحمر، فإن قدرتها على الوصول إلى هؤلاء لم تكن أسوأ مما هي عليه الآن بالمقارنة مع فترة الثلاثين عاماً الماضية».

وتعتقد جمعية الصليب الأحمر أن عدد القتلى بين المدنيين قد ارتفع كثيراً جراء تزايد موجة العنف في أفغانستان. وفي المقابل تدهور مستوى الرعاية الطبية المقدمة لآلاف عديدة من المواطنين. كما أرغم اشتداد القتال الدائر الآن هناك أعداداً متزايدة من الأسر على ترك بيوتها وأماكن إقامتها، حيث تجاوز عدد المشردين أي إحصاءات سابقة منذ عام 2001.

وفي التوقيت نفسه الذي عقدت فيه جمعية الصليب الأحمر الدولية مؤتمرها الصحفي، بعث أربعون من خبراء المنظمات الإنسانية الدولية برسالة مفتوحة قوية لأوباما. وشملت قائمة الخبراء هذه، عمال الغوث الميدانيين، وكتاباً وأكاديميين، إضافة إلى رئيس القسم السياسي بالسفارة البريطانية في كابول سابقاً. وورد في تلك الرسالة ما يلي: «إن ما كان مفترضاً فيه أن يكون استراتيجية تهدف إلى خدمة المجتمعات في الأساس، قد تحول الآن إلى حملة عسكرية شاملة تحصد أرواح المواطنين المدنيين وتدمر ممتلكاتهم. وحتى الآن لم تنجح هذه الحملة العسكرية سوى في معالجة أعراض المرض، دون إيجاد علاج ناجع له. وسواء رضيتم أم أبيتم، فإن طالبان سوف يكون لها حضور بعيد المدى في المشهد السياسي الأفغاني. ولذلك فنحن بحاجة الآن لإيجاد وسيلة للتفاوض معها بغية التوصل إلى تسوية دبلوماسية للمشكلة».

وبمحض الصدفة أصدر أوباما تقريراً عن مراجعته الجديدة للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان في شهر ديسمبر المنصرم، وهو أول تقييم من نوعه منذ التقييم السابق الذي تم قبل عام تقريباً. وقد حوى تقرير التقييم الأخير جوانب إيجابية عديدة، غير أني صدمت لبعض التحذيرات التي حواها. ومن رأي بعض المراقبين لسياسات واشنطن أن إدارة أوباما منقسمة على نفسها إلى حد ما بشأن أفغانستان. فعلى سبيل المثال، يطالب نائب الرئيس بايدن بشن حملة أوسع لمكافحة الإرهاب ضد عناصر ومقاتلي تنظيم «القاعدة» في باكستان، بينما يُعد وزيرا الخارجية والدفاع، كلينتون وجيتس، من أقوى مؤيدي استراتيجية زيادة عدد القوات، وتوسيع نطاق الحملة العسكرية الجارية في أفغانستان.

وبالطبع فإن هناك غموضاً تاماً فيما يتعلق بدور تنظيم «القاعدة» والمواقع التي يختبئ فيها قادته وتنطلق منها عملياته. ولنذكر هنا أن إزالة التنظيم من أفغانستان عقب الاجتياح الأميركي لهذه الدولة بمشاركة قوات حلف «الناتو» في عام 2001، كان المبرر الرئيسي لشن الحملة العسكرية الدولية ضد أفغانستان في الأساس. ويسود الآن اعتقاد دولي واسع بأن تنظيم «القاعدة» يعمل إلى درجة كبيرة خارج أفغانستان، وأن قيادته لا تزال تختبئ في وزيرستان الشمالية في باكستان، وأن التنظيم يبحث له عن معاقل جديدة يدير منها عملياته في كل من الصومال واليمن وغيرهما. كما لاحظ المراقبون تردد الجيش الباكستاني أو تمنعه عن شن حملة عسكرية واسعة النطاق في وزيرستان الشمالية. وقد شملت التحذيرات التي حواها التقييم الرئاسي الأخير للاستراتيجية الأفغانية، قول أوباما إن تنظيم «القاعدة» لا يزال يحافظ على معاقله، وإن المكاسب العسكرية والأمنية التي تحققت ضد المتطرفين في أفغانستان، لا تزال هشة وقابلة للانتكاس في أي وقت.

بيد أن أكبر مغامرة تورط فيها أوباما هي إرساله تعزيزات عسكرية قوامها 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، بينما أرسلت أوروبا تعزيزات مشابهة بلغ عدد أفرادها 6 آلاف جندي. وفي اعتقادي أن أوباما قد أصاب في اتخاذه ذلك القرار، خاصةً وأن جنرالاته العسكريين قد طالبوه بذلك حتى يكون الالتزام الأميركي تجاه أفغانستان «مستداماً وكبيراً» على حد وصفهم. ولا يزال الوقت مبكراً لإصدار أي أحكام نهائية على مصير هذه الاستراتيجية، والتي حققت بعض المكاسب الأمنية العسكرية خلال الفترة القصيرة الماضية. بيد أن الأوضاع هناك لا يبدو أنها تسير في الاتجاه الصحيح الآن.

ولعل أحد الأسباب الرئيسية التي تفسر عدم إحراز تقدم عسكري يذكر في أفغانستان، تسرّع أوباما في إعلانه العام الماضي عن أمل بدء انسحاب قواته بحلول موسم صيف العام الحالي. ولم تكن تفصل بين الإعلان والموعد المتوقع لبدء انسحاب القوات الأميركية سوى 18 شهراً فحسب. وهذه مدة قصيرة جداً، خاصةً إذا علمنا أن عامل الوقت ظل دائماً لصالح المتمردين من فلول «طالبان» وتنظيم «القاعدة»، إضافة إلى القبائل المتمردة على السلطة المركزية في كابول. والمتوقع أن ينتظر المتمردون بدء الانسحاب العسكري الأميركي، وهم واثقون تمام الثقة من أن النصر سوف يكون حليفهم في نهاية المطاف. ولا يأمل المتمردون في فرض سيطرتهم على منطقة معينة أو تحقيق نصر عسكري على قوات المارينز، بل إن النصر بالنسبة لهؤلاء يعني مجرد إرغام القوات الدولية الغازية على الانسحاب.

=================

سر انكفاء الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط

المستقبل - الاثنين 3 كانون الثاني 2011

العدد 3872 - رأي و فكر - صفحة 19

محمد السمّاك

ماذا يعني أن يتحول الكونغرس الأميركي من مجلس تسيطر عليه أكثرية من الحزب الديمقراطي، كما كان عليه الأمر في مطلع عهد الرئيس باراك أوباما، الى أكثرية من الحزب الجمهوري كما أصبح اليوم وكما كان عليه الأمر في عهد الرئيس السابق جورج بوش.

الانتخابات الأخيرة ادت الى هذا التغيير، فما هي النتائج التي سوف تترتب على ذلك. وكيف ستكون انعكاساتها على الشرق الأوسط وقضاياه؟

للإجابة عن هذا السؤال، لا بد من مقارنة سلوك الكونغرس في عهديْ بيل كلنتون وجورج بوش.

في عهد الرئيس كلنتون كان الكونغرس يخضع لسيطرة الحزب الجمهوري. في ذلك الوقت ارتكب كلنتون خطأين فادحين. كان الخطأ الأول أخلاقياً، إذ مارس الجنس في مكتبه في البيت الأبيض مع الموظفة اليهودية مونيكا لوينسكي. أما الخطأ الثاني فكان معنوياً، إذ كذب على الكونغرس وعلى الرأي العام الأميركي عندما أنكر ارتكاب الخطأ الأول.

وفي عهد الرئيس بوش، كان الكونغرس يخضع لسيطرة أكثرية الحزب الديمقراطي. وفي ذلك الوقت ارتكب بوش خطأين فادحين ايضاً. الخطأ الأول كان غزو العراق رغم معارضة الأمم المتحدة، أما الخطأ الثاني فكان الكذب على الكونغرس وعلى الرأي العام الاميركي وشعوب العالم كلها عندما أعلن ان النظام العراقي السابق كان يملك أسلحة دمار شامل، وانه يطور سلاحاً نووياً يستطيع معه أن يضرب حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، وأن يزود حليفه تنظيم القاعدة بأسلحة كيماوية وجرثومية مدمرة.

اقتصرت أضرار كذبة كلنتون على فضيحة أخلاقية محدودة، سرعان ما غفرتها له زوجته هيلاري كلنتون التي تتبوأ الآن منصب وزيرة الخارجية. ومع ذلك فان الكونغرس بأكثريته الجمهورية اصرّ على محاسبته وادانته والتشهير به.

أما أضرار كذبة بوش فقد أدت الى مقتل أكثر من مليون عراقي وأكثر من أربعة آلاف جندي أميركي. كما أدّت الى تدمير العراق حجراً وبشراً والى استدراج القاعدة من تورا بورا في أفغانستان الى دجلة والفرات. ومع ذلك فان الكونغس الاميركي بأكثريته الديمقراطية لم يحاسب بوش ولم يدنه ولم يشهّر به. فقد تولى هذه المهمة الرأي العام الأميركي الذي ذهب في رد فعله على الرئيس بوش وسياسته الى انتخاب رئيس أسود للبيت الأبيض.

فهل كانت قضية لوينسكي أكثر أهمية للكونغرس من جرائم الحرب ومن الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها القوات الاميركية في العراق؟ من سجن أبو غريب الى معتقل غوانتانامو؟ ألم يكن مستغرباً أن يحاكم رئيس لارتكابه عملاً فردياً لا أخلاقياً وأن يتم تجاوز الأخطاء والجرائم الكبيرة والمتواصلة التي ارتكبها الرئيس الآخر؟

لقد اعترف الرئيس جورج بوش في كتابه الذي نشر مؤخراً "نقاط القرار" بأنه ارتكب العديد من الأخطاء. من اجتياح العراق الى طريقة التعامل مع اعصار كاترينا الذي ضرب ولاية لويزيانا بأكثرية سكانها من السود. فاجتياح العراق يتهمه بأنه مجرم حرب. وإهمال لويزيانا يتهمه بالعنصرية. وكان يكفي كل من التهمتين لمحاكمته أمام الكونغرس. وهو ما لم يحدث. فالرئيس السابق لم يبقَ خارج أي مساءلة فقط، ولكنه يحتفل الآن بانتصار الحزب الجمهوري في الانتخابات الأخيرة، والذي كان يمثل مبادئه وأفكاره عندما كان في البيت الأبيض. ذلك ان الحزب الجمهوري كان يقف وراء الحربين اللتين شنهما الرئيس بوش على أفغانستان والعراق تارة باسم الله، وتارة باسم القضاء على الارهاب.

وقد كرست نتائج الانتخابات الأخيرة استعادة اليمين الديني المتطرف لمواقعه في الكونغرس تمهيداً للانقضاض على البيت الأبيض من جديد.

لم يُسأل ولم يُحاسب الرئيس بوش أمام الكونغرس عن أسباب توريط الولايات المتحدة في أي من الحربين على العراق وعلى أفغانستان، أو في الحرب الفاشلة على الارهاب، ولا حتى عن أسباب الانهيار المالي الذي توج به نهاية ثماني سنوات قضاها في السلطة. بينما حوسب كلنتون وحوكم لارتكابه عملاً فردياً غير أخلاقي مع الموظفة اليهودية. فهل كان هذا الفعل الفردي أخطر من كل الأخطاء الجماعية التي ارتكبها الرئيس بوش حتى "لا يُسأل عن الكحل في عينيه"؟؟

تعني عودة الحزب الجمهوري الى الكونغرس عودة هذه الروح وما تجسده من سياسات بدأت تظهر ارهاصاتها من خلال المواقف الاسرائيلية. فقد عطلت اسرائيل مبادرة الرئيس باراك أوباما للتسوية السياسية مع السلطة الفلسطينية. ورفضت وقف أو تجميد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأطلقت مشروع تهويد القدس على أوسع نطاق، تهجيراً للفلسطينيين المسلمين والمسيحيين، وتدميراً لبيوتهم، ومصادرة لعقاراتهم وحتى لمقابر أجدادهم. بل أن فلسطينيي 1948 الذين يعانون من التمييز العنصري الديني، بدأوا يشعرون بأن عملية الترانسفير لم تعد بعيدة. وان الحكومة الاسرائيلية الحالية عازمة على تنفيذها وعلى اختلاق المبررات (؟) لها؟ فيهودية الدولة تعني بالنسبة لاسرائيل منع التعامل مع العرب بيعاً وشراءً. وعدم مساكنتهم بيعاً أو تأجيراً، تماماً كما كان يفعل العنصريون في جنوب افريقيا.. وقبل ذلك في جنوب الولايات المتحدة. وقد ارتفعت في اسرائيل أصوات من حاخامات وسياسيين تطالب على سبيل الاحتياط بتجميع فلسطينيي 1948 في معسكرات اعتقال عامة على النحو الذي فعلته الولايات المتحدة مع مواطنيها الذين يتحدرون من أصول يابانية عندما نشبت الحرب الأميركية اليابانية في إطار الحرب العالمية الثانية.

وبذلك فانه بدلاً من عودة اللاجئين الفلسطينيين، يجري العمل على تهجير من تبقى منهم في وطنهم السليب. وستجد هذه السياسة الاسرائيلية غطاء بل ودعماً لها في الحزب الجمهوري العائد الى الكونغرس.

ومن يدري فان الرئيس أوباما نفسه قد يجد نفسه في قفص اتهام هذا الكونغرس على خلفية المبادرات التي أطلقها باتجاه العالم الاسلامي (خطاب جامعة القاهرة) أو حتى على خلفية التغييرات التي أدخلها على النظام الاجتماعي الصحي الأميركي.

لقد كشفت المواقف الأخيرة لادارة الرئيس أوباما من القضية الفلسطينية كيف أن الرئيس الذي كان جريئاً بإعلان تعاطفه مع الحقوق الوطنية والانسانية للشعب الفلسطيني، قد تراجع الآن تحت ضغط رد الفعل الصهيوني المعاكس، والذي يتمثل في خسارة الانتخابات الأخيرة لمصلحة الحزب الجمهوري.

كان فوز أوباما يوحي بأن صفحة أميركية جديدة أكثر اشراقاً أو اقل سوداوية قد فتحت في ملف المبادرات الأميركية في الشرق الأوسط. فاذا بالوقائع المستجدة تثبت بان ذلك لم يكن أكثر من حلم " ليلة صيف"!!

======================

هل تسقط الديموقراطية الأوروبية؟

ميشيل كيلو

السفير

3-1-2011

لا أعتقد أنه مر أسبوع خلال نصف القرن المنصرم دون أن يتنبأ عربي ما بقرب سقوط، أو بسقوط الديموقراطية في أوروبا والعالم.

هذه النبوءة المفعمة بالرغبة ليست جديدة، فقد كنا، نحن أبناء الحركة الشيوعية العربية نعتقد بصدق ونزاهة، أن النظام الديموقراطي القائم في أوروبا طبقي وفئوي، وتالياً ظالم وغير شرعي، وأنه سيزول (ويجب أن يزول) بانتصار النظام الاشتراكي، القائم على عدالة ومساواة من نمط جديد إنسانياً ومطلق. وكان خصومنا في الحركة القومية العربية في صيغتها الحزبية/ ما قبل الناصرية يعتبرون الديموقراطية نظاماً استعمارياً سيزول حتماً بفضل، أو في أبعد تقدير بعد انتصار الوحدة العربية، التي ستعيد العرب إلى حالتهم الطبيعية، وستمكنهم من العيش في نظام يتفق مع فطرتهم، ليس للأجنبي فيه أي نصيب: شيوعياً كان أم رأسمالياً. بينما اعتبرها خصومنا الآخرون في الأحزاب الإسلامية شورى زائفة / كاذبة، دنيوية ومحكومة بالاندثار، ستهزم حتماً أمام الشورى الصحيحة، التي هي حكم الله في الأرض، الذي يغني عن حكم البشر.

بهذه المواقف الرافضة، اشتركت المدارس الثلاث في سمة رئيسة هي أنها ركزت جميعها على عيوب ومثالب وكفر الديموقراطية، التي اعتبرت برجوازية في العقل الشيوعي، واستعمارية في العقل القومي، وكافرة في العقل الإسلامي. بصفاتها هذه، لم يجد أحد من أتباع هذه التيارات والمدارس حاجة إلى دراستها كما هي، كنظام يمكن أن يكون مستقلاً عن المواضعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخاصة بقيامه هناك في أوروبا، ولم ير أحد دور الإنسان وحقوقه، وإسهام الحركة الاجتماعية والقومية المقرر والحاسم في تعيينه وتحديد هويته وخصائصه العامة والمحلية، وتقرير الفوارق بين أشكال تحققه من بلد لآخر، ومن تجربة مجتمعية لأخرى.

لم ير أتباع المدارس الثلاث صلة النظام الديموقراطي بالحراك التاريخي الجديد الذي أبرز موقع الإنسان المركزي في الشأن العام وما نجم بالمقابل عنه، ولم يفطن لمعنى ظهور المواطنة في لحظة تاريخية محددة جلبت كتلاً بشرية هائلة إلى المدن، ارتبطت بظهور واقع جديد هو «المجتمع المدني»، الذي أتاح لها ممارسة دور غير مسبوق تاريخياً، حامله كائناً أنتجه تقدّم العقل، وتغير الواقع، هو الإنسان باعتباره اسم نوع يستحيل تعريفه طبقياً، أو قومياً، أو دينياً فقط، يتعيّن بخصوصية رئيسة تحدد هويته، تتخطى أية صفة طبقية أو قومية أو دينية هي حريته، التي تتجاوز مواضعاته الملموسة، ولا تتعيّن بدلالتها، يتساوى الإنسان/ الفرد من خلالها مع بقية أفراد النوع البشري، بينما صفاته الثانوية كانتمائه الطبقي والقومي والديني تتصل بحالاته الخاصة والضيقة، فهي لا تعينه رغم أهميتها في وجوده الملموس، بينما يبطل تعريفه من خلالها مبدأ وواقع المساواة بين البشر وتالياً مبدأ العدالة.

بغياب الإنسان كمبدأ أعلى عن رؤى ووعي هذه التيارات، وغيابه عن أحزابها وبرامجها، تحول البشر في نظرتها إلى أعداد وأرقام، وغاب الفرد لمصلحة الجماعة، التي سرعان ما صارت جماعتنا، حزبنا. وفبرك كل تيار «إنساناً» مسخاً على صورة أيديولوجيته ومثالها، فصار هناك «البروليتاري»، و«العربي»، و«المؤمن»، ولم يرتق أي من هؤلاء إلى مرتبة الإنسان وحسب، الذي يتعين بحريته، لأنه كما وصفه أرسطو «ذات حرية وجديرة بالحرية بغض النظر عن تعيناتها الموضوعية»: انتماؤها الطبقي والقومي والديني.

بسبب مواقف التيارات الثلاثة المختلف في المظهر والواحد في الجوهر، تعاظمت المسافة التي فصلتها عن الديموقراطية، وتوطن فيها جميعها نزوع طاغ إلى الاستبداد جعل تشابهها جوهرياً، رغم خلافاتها الكلامية والعرضية. في بنية كهذه، كان من المنطقي أن تختلف التيارات الثلاثة على نقطة/ جوهر: أي تيار منها سيقطع الطريق على الديموقراطية: الضعيفة التوطن والبرانية التاريخ في مجتمعاتنا، الغريبة عن أحزابنا، الساقطة حكماً في أول انقلاب، والتي لا مخرج لها من أزمتها الكونية القاتلة، بشهادة التيارات الثلاثة؟

لم ير هؤلاء الديموقراطية خارج حقل السياسة المباشر، وبعيداً عن الأيديولوجية التي رسم بواسطتها سياساته عموما. وأضيف أن التيارات الثلاثة اكتفت بنبذها ففوّتت على نفسها فرصة التعرف عليها وفهمهما وتطوير موقف نقدي منها، مثلما فوّتت سياسويتها (رحم الله ياسين الحافظ!) عليها فرص ممارسة سياسة عليا يكون حاملها الإنسان، واحتجزت تطورها في مدارات حالت بينها وبين تلمس نظام إنساني يقوم على حرية وحقوق الإنسان والمواطن، وساقتها على دروب قتلت السعي إلى نظام كهذا في فكرها وممارساتها، فكان من الحتمي أن تذهب وتأخذ بلدانها إلى النظام الوحيد الذي حملته في أحشائها: نظام الاستبداد، الذي انفلت من عقاله بمجرد وصول أي منها إلى السلطة، وأكل بين من أكلهم من علموه أن السياسة لا تعرف كائناً اسمه الإنسان، ولا تتعامل معه باعتباره ركيزة الشأن العام، وأن تابعه الحزبي هو نقيض المواطن، الذي يجب أن يعامل كعدو، لأنه لا يستطيع العيش إلا كإنسان، أي دون حرية.

واليوم، وبعد أن بأن المؤدى العملي لفهم ورهانات وسياسة التيارات الثلاثة: الشيوعي والقومي والإسلامي، نقرأ من حين لآخر مقالات تتحدّث عن قرب انهيار الديموقراطية في البلدان المتقدمة وخاصة الأوروبية منها. ويستشهد الأذكياء من كتاب هذه المقالات بما يتخذ في هذه البلدان من تدابير تقيد حرية الأفراد، ليقولوا بالشماتة التي يتقنها أنصار الاستبداد: إن الديموقراطية تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن تبين أنها ليست نظاماً قابلاً للعيش، وأن مسيرتها لم تذهب نحو المزيد من الحرية والمشاركة، بل إلى مزيد من التقييد والغلبة السلطوية.

كتب ماركس في دراساته عن المجتمع البرجوازي نقداً تناوله من زاويتين رئيستين:

- عجزه الواقعي عن إقامة شروط تحفظ حرية الإنسان كذات حرة، لكونه يقيم على صعيد «المواضعات» الملموسة شروطاً تناقض هويته هذه. والنتيجة عند ماركس ليست الانتقاص من قيمة الحرية بل إلغاء المواضعات، التي تقيدها وتتجلى في الانتقاص منها من جهة وفي استغلال الإنسان رأسمالياً من جهة أخرى.

من سيلغي هذه المواضعات؟ إنها في رأي ماركس «التشاركية المدنية» (أي الشيوعية الإنسانية)، التي ستزيل من واقع الإنسان أي قسر خارجي يقيد حريته وحقوقه كمواطن يكثف في ذاته الحرة البشر جميعاً وتالياً الإنسانية، وستطيح بشروط خضوعه لأي نظام، سياسياً كان أم نظام حاجات، عبر إلحاق عمومية حياة الإنسان بجزئية هذا النظام: اقتصادية كانت هذه أم اجتماعية أم سياسية أم ثقافية.

وقد انتقد ماركس الثورة الفرنسية لأنها أعطت المواطن باعتباره إنساناً مشخصاً حقوقاً منقوصة، والإنسان باعتباره مواطناً مجرداً حقوقاً مقدسة لا تنتهك، ورأى أنه كان عليها إعطاء المواطن، الإنسان المشخص، الحقوق المقدسة التي لا تنتهك. هذه الرؤية، التي كثيراً ما اعتبرت طوباوية ونظر إليها باعتبارها جزءاً من نظام لا يقبل التحقيق، تتصل بإشكالية الإنسان كذات حرة، التي ليست ولا يمكن أن تكون طوباوية، لاندراجها، عند ماركس، في مشروع رهانه تحرير الإنسان المشخص والواقعي في العالم المشخص والواقعي، بفضل شروط تزيل عنه الاستغلال وترفع عنه أي قسر خارجي وتحرر إرادته إلى الدرجة التي تجعله حامل حريته: حالته الطبيعية الجديدة المتجاوزة لأية سياسة أو نظام، التي تمكنه من استعادة نفسه كذات تتعين بحريتها ولا تتعين بانتماءات ثانوية كالمنبت الاجتماعي أو الأصل القومي أو المعتقد الديني.

- ضرورة اختراق سطح الديموقراطية السياسي إلى عمقها ما قبل السياسي: الإنساني/ ما بعد الطبيعي، الذي يفسرها دون أن تفسره، خاصة إن اقتصرت النظرة إليها على جانب واحد من جوانبها بما هو نظام ينتمي إلى بنية فوقية.

رأت الماركسية العربية الديموقراطية من منظور سياسوي/ طبقوي ضيق وما دون إنساني وتشاركي، حصر النظر إليها في إطار الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية، فلم ينطلق منها إلى دراسة منطويات النظام الإنساني، كما يتظاهر في تاريخنا وواقعنا وتضمره رغم النواقص التي تشوبها، واعتبر رأيه السياسي فيها كافياً وافياً، يستنفد حقيقتها بوصفها جوهر نظام استغلال رأسمالي، غير إنساني، من البداهة بمكان أن أي بديل له سيحقق إنسانية الإنسان. بينما ضاع العقل القومي في متاهات غير عقلانية/ غير تاريخية، وغرق في بدوية صحراوية وإحيائية استعارت نظرية الكلس العربي من نظرية الكلس الآري، في حين اعتبر العقل الإسٍلامي المسألة برمّتها خارج أي بحث، سواء من جانب الإنسان، المعرف بصورة نهائية بوصفه «عبد الله»، أم من الجانب الإلهي، المختص وحده بتقديم التعريفات الماهوية، وخاصة تلك التي لا يدركها عقل بشري عاجز عن إدراك ذاته.

والغريب، أن من يتحدثون عن أزمة الديموقراطية الأوروبية لا يعلمون أنها لم تقصر في رؤية عيوبها ونواقصها، حتى أن أحد كبار المحافظين المدافعين عنها، ونستون تشرشل، اعتبرها «أحسن الأنظمة السيئة»، وقال غيره إنها ولادة مشكلات وكذلك حلول، وليست نظاماً ربانياً أو مقدساً لا عيب ولا نقص فيه، وإن أهم مزاياها لا تكمن في خلوّها من مشاكل صعبة ومستعصية، بل في قدرتها على إنتاجها ضمن حدود مقبولة سياسياً وإنسانياً، وعلى تطوير وسائل التصدّي لها والتعايش أو التفاعل معها بطرق لا يموت فيها الذئب ولا يفني الغنم.

إنها باختصار أفضل نظام لإدارة أزمات مجتمع في حالة نمو، بينما الاستبداد هو، بالمقابل، أفضل نظام لإدارة موت المجتمع احتجز نموه. والغريب أن من يبشرون بموتها لا يرونها إلا بالمنظار السياسي/ السياسوي، ولا يتخطون سطح السياسة إلى المجتمع والتاريخ، حيث الإنسان يفسر بمجتمعيته ظواهر السياسة، التي لا تستطيع بمفردها تفسيره.

هل من الحتمي أن نكرّر في بلداننا تجربة الديموقراطية الأوروبية؟ أية ديموقراطية نريد؟ إلى حديث مقبل...

=======================

هل تنقذ السياسة الخارجية عهد اوباما؟

سركيس نعوم

النهار

3-1-2011

- 1 -

مراكز الابحاث الاميركية ذات التأثير الفاعل في السياسات الرسمية للولايات المتحدة منشغلة منذ انتهاء الانتخابات النصفية في تشرين الثاني الماضي التي خسرها حزب الرئيس باراك اوباما أي الحزب الديموقراطي - هذه المراكز منشغلة في محاولة لمعرفة النهج الذي سيسلكه الأخير في النصف الثاني من ولايته، واذا كان سيختلف عن نهجه في السنتين الأوليين منها اعترافاً منه بالوقائع الجديدة المعارضة له، والساعية من دون كلل لاحباطه وتالياً منعه من البقاء ولاية ثانية في البيت الابيض. وفي اطار تحليلها للوضع الداخلي في اميركا والأوضاع الدولية المعقدة، وفي مقدمها اوضاع الشرق الأوسط الكبير بعربه المسلمين ومسلميه غير العرب، توصلت المراكز المذكورة الى تحليل يشير الى ان امام اوباما خيارات ثلاثة عليه ان يعتمد واحداً منها لكي ينهي ولايته الاولى بنجاح، ولكي يعزز آماله في تجديدها بعدما شعر هو وكثيرون من انصاره ان حجم هذه الآمال قد ضمر الى حد كبير، على الأقل الآن.

ما هي هذه الخيارات الثلاثة؟

الأول، هو استمرار اوباما في السعي بل في الضغط لتنفيذ سياسته الداخلية بكل برامجها المثير بعضها للجدل والإعتراض عند الحزب الجمهوري المعارض وربما عند قسم من المستقلين داخل المجتمع الاميركي، وذلك رغم اقتناعه بأنها أو على الاقل بأن معظمها لن يمر في الكونغرس وخصوصاً بعدما صارت الغالبية في مجلس النواب في يد معارضيه. لكن اذا تحسن الوضع الداخلي على نحو ملموس وخصوصاً في المجال الاقتصادي فإن وضعه الشعبي قد يتحسن. كما قد تتحسن حظوظه في الفوز بولاية ثانية. اما اذا لم يتحقق التحسن المذكور فإن وضعه المشار اليه سيزداد ضعفاً وسيفيد ذلك الجمهوريين قطعاً.

الخيار الثاني، هو تخلّي اوباما عن "اجندته" او برامجه الداخلية ومبادرته الى التعاون مع الجمهوريين المعارضين له في الكونغرس بمجلسيه وبذلك فإنه قد ينجح في تنفيذ مشروعات داخلية عدة ولكن معدلة واحياناً على نحو جذري. كما قد ينجح في اقناع الناخبين الاميركيين بانه صار في الوسط أو ربما انه عاد الى الوسط. وهذا أمر يريحهم الى حد كبير.

طبعاً للخيارين المذكورين سيئات وحسنات بالنسبة الى أوباما، وخصوصاً ان كلاً منهما يتطلب منه اتخاذ قرار استراتيجي. لكنه يستطيع التخلص من كل ذلك بالانتقال الى الخيار الثالث، وهو تخلّيه عن التركيز على السياسة الداخلية لمصلحة التركيز على السياسة الخارجية. ومؤسسو الولايات المتحدة وواضعو دستورها اوجدوا نظاماً يمكن رئيس الجمهورية من تحقيق انجازات داخلية فقط عندما يكون وضعه قوياً داخل الكونغرس بمجلسيه اي عندما تكون لديه الغالبية فيهما. لكنهم افسحوا في المجال له للعمل في حرية أو في قوة وبمعزل عن الكونغرس الى حد معقول في مجال السياسة الخارجية. والتطورات التي حصلت منذ تأسيس دولة اميركا قوَّت السلطة الخارجية لرئيسها. وتعطي مراكز الابحاث الاميركية المشار اليها مثلاً على هذا الأمر هو نجاح رونالد ريغان في ولايته الاولى في تعويض اخفاقاته في الداخل بانتهاجه سياسة خارجية متشددة حيال الاتحاد السوفياتي. وقد ساعده ذلك في تجديد هذه الولاية عام 1984 بهزيمة مرشح الحزب الديموقراطي والتر مونديل. ومن اسباب نجاحه كان اقتناع الشعب الاميركي بالتهديد السوفياتي وتحبيذه سياسة قوية حياله.

هل يعتمد اوباما الخيار الثالث اي التركيز على السياسة الخارجية مع كل الاخطار الامنية والعسكرية التي قد ترتبها عليه وعلى بلاده؟

يعتقد باحثون كبار في مراكز الابحاث الاميركية نفسها ان تحوّل باراك اوباما رئيس "سياسة خارجية" فقط اذا جاز التعبير على هذا النحو تواجهه مشكلتان. الأولى، ان اميركا بشعبها ورأيها العام وغالبية سياسييها والقيادات تُركِّز اليوم على قضايا الداخل. فاذا ركّز هو على قضايا السياسة الخارجية مع استمرار عدم تحسُّن الاقتصاد الاميركي يكون يغامر بخسارة معركة تجديد ولايته الرئاسية. اما اذا نجح في قضايا خارجية مهمة واقناع الناخبين أو غالبيتهم بان عدم تحسُّن اقتصاد بلادهم انما يتحمل مسؤوليته الجمهوريون المعارضون فإنه ربما يضمن ولاية ثانية. لكن هذه خطة أو مناورة محفوفة بصعوبات كثيرة. أما المشكلة الثانية فهي ان رئاسته وقبلها حملته الانتخابية الرئاسية روَّجتا لمبدأ عام يؤمن به اوباما هو التكيُّف مع المشكلات الخارجية والسعي الى التوصل الى تسويات لها وليس مواجهتها مباشرة بالوسائل العسكرية، ولكن مع استثناء وحيد هو افغانستان التي تعهَّد حسم ما يجري فيها بالقوة العسكرية طبعاً بعد زيادة عدد جنود بلاده فيها. وقد نفذ هذه الزيادة وإن من دون نتائج حاسمة الى الآن. ولا مجال لنجاح في هذه البلاد الا بالتفاوض مع "طالبان" العدو. ولا يبدو ذلك متاحاً الآن. علماً ان اي تسوية "معها" سيصورها معارضوه الجمهوريون تراجعاً لا انتصاراً كما قد يحاول التأكيد. واذا كان هدفه هو الظهور قوياً في موضوع الأمن القومي واستعادة الوسط أو العودة اليه فإن افغانستان لا توفر فرصة لتحقيق ذلك له. كما ان افتعال مشكلات مع باكستان "المؤيدة" ل"طالبان" افغانستان قد لا توفر له الفرصة نفسها. لأن كل ما يفعله سيظهر كأنه تكيَّف مع الواقع الخارجي السيئ لأميركا ومحاولة للتوصل الى تسوية بل الى مخرج لا يحفظ مصالح اميركا وكرامتها وهيبتها.

ما هي السياسة الخارجية التي يمكن ان تفيد الرئيس باراك اوباما وتساعده على البقاء ولاية ثانية في البيت الابيض في حال تركيزه عليها ونجاحه في معالجتها سواء كلياً أو جزئياً؟

=====================

نتنياهو ...سياسة التخويف

بقلم: عكيفا الدار‏

هآرتس

ترجمة

الأثنين3-1-2011م

ترجمة: ريما الرفاعي

الثورة

فزاعة جديدة يطالعنا بها نتنياهو ومجموعته تضاف إلى رصيدنا من سلة الخوف التي راكموها في نفوسنا خلال عقود. إنهم اللاجئون الافارقة الذين يهددون انجازاتنا بالغرق بل والمس بوجودنا.

سلة الخوف تتوسع. ايران تهدد بإبادتنا، ولكن العالم وقف معنا في حريق الكرمل. خوفاً من أنه حال انسحابنا من الضفة الغربية، سوف تطلق صواريخ على الطائرات في مطار بن غوريون. وخوف من أن رفض الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل بأنها دولة يهودية، يستهدف إغراق إسرائيل باللاجئين العرب ونزع أجزاء من الجليل والنقب. وخوفاً من أن الداعين إلى إبادة إسرائيل شرعوا بهجوم لنزع الشرعية عن وجودها في حدود 1948.‏

 

هذا ملف سيناريوهات الرعب من مدرسة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاكثر تخويفاً للناس في تاريخ إسرائيل. في الظهيرة يشكو نتنياهو من الفلسطينيين الذين يرفضون الحديث معه عن نابلس والخليل، وفي المساء يخيف الجمهور من أنهم يتآمرون لانتزاع كرمئيل وبئر السبع. في الصباح تلتقط الصور لنتنياهو مع طيارين أتراك جاؤوا لإطفاء النار في الكرمل، وفي المساء يفرض الرعب بتلميحه بأن العالم مرة اخرى يقف جانبا حين يتعرض اليهود لخطر الابادة.‏

 

والقاسم المشترك لكل رسائل الخوف التي يبثها رئيس الوزراء هو: ليس مهماً ما يفعله اليهود ولكن المهم أن الاغيار يكرهوننا. حتى لو أعطينا العرب شاطئ تل أبيب، فإنهم لن يتركونا حتى يلقوا بنا في البحر. في العام 1996 دفعت حملة التخويف من الإرهاب الفلسطيني والخطر من أن يقسم شمعون بيريز القدس. وفي ظل غياب العمليات الفلسطينية وفي الوقت الذي يغفو فيه بيريز في مقر الرئاسة، فإن نتنياهو يخترع لنا مخاوف جديدة.‏

 

لقد كتب الحاخام ابراهام اسحق هكوهين كوك قبل أكثر من مئة عام أن الخوف المبالغ فيه هو مصدر كل ضعف، ويعبر عن تراجع مادي واخلاقي وعقلي. وهو يشل قدرة الإنسان على التفكير والحركة والوصول إلى بر الامان، فلا يحرك ساكناً كي يحقق خلاصه.‏

 

ويقدم كتاب جديد «موانع السلام»، من اصدار معهد القدس للبحوث الإسرائيلية، شرعية بحثية لهذا التشخيص الذي قدمه الراعي الروحاني للصهيونية الدينية نمرود روزلر من مركز سويسرا لبحوث النزاعات في الجامعة العبرية، حيث يشير إلى أن الخوف يبقي على النزاعات ويفاقمها ويمنع تسويتها لأنه يحدث وهماً فكرياً تجاه النزاع وتجاه الطرف الاخر ويخلق جمودا معرفيا وميلا للامتناع عن المخاطر ويؤدي إلى تبرير الامر الواقع.‏

 

لا شك ان رئيس الوزراء يدرك الثمن الباهظ الذي تتسبب فيه السياسة القائمة بل وما يمكن ان يترتب عليها مستقبلا بشأن إسرائيل. ولكن يسيطر عليه الخوف من القرارات الصعبة، التي تنطوي على مخاطر اضطرارية، والخوف من أن يؤدي تجميد الاستيطان إلى أزمة حكومية أكبر لديه من الخوف من أن يؤدي تجميد المفاوضات إلى ضعضعة مكانة إسرائيل الدولية.‏

 

لقد أثبت الخوف نفسه كأداة سياسية ناجعة لا مثيل لها. وقد وجد البروفيسور آشر اريان، مؤسس جدول الديمقراطية، الذي توفي قبل بضعة اشهر، إنه كلما كان فهم التهديد من جانب العرب أقوى ينخفض الاستعداد للشروع في مفاوضات معهم والتنازل عن المناطق. كما وجد اريان صلة وثيقة بين المستويات العالية من الخوف وبين المواقف المتشددة. وقد وجدت هذه الاستنتاجات صداها في نتائج الانتخابات الاخيرة وفي استطلاعات الرأي العام.‏

 

بدوره، يحاول اليسار الإسرائيلي دون نجاح كبير، إخافة الجمهور من أن البديل عن صنع السلام ليس الجلوس في المقهى، بل تعاظم خطر الحرب وفقدان الهوية اليهودية للدولة. لو كان نتنياهو يعرض خطة سلام شجاعة وواقعية، لكان بوسعه أن يستغل التجربة الكبيرة التي راكمها في تسويق الرعب والخوف.‏

 

وبدلاً من التحذير من المخاطر الكامنة في استمرار النزاع، يحبذ نتنياهو تغذية الخوف البدائي من الآخر. وبدلاً من التحذير من خطر تعميق عزلة إسرائيل الدولية، فإنه يعمق رعب الجمهور من المجهول.‏

 

إن «الخائف يميل إلى كره الاخرين، والكاره يكون أكثر استعدادا للاقدام على القتل». هذا ما قاله الزعيم الجنوب افريقي نلسون مانديلا. ونتنياهو يزرع الخوف، ونحن نحصد الكراهية، وأطفالنا سيظلون يقتلون ويُقتلون.‏

===================

يحدث فى السودان الآن

فهمي هويدي

صحيفة الشروق الجديد المصريه

23 ديسمبر 2010

.ليس واضحا ولا مفهوما الهدف من الزيارة التى قام بها للخرطوم الرئيسان حسنى مبارك ومعمر القذافى، ومعهما الرئيس الموريتانى محمد ولد عبدالعزيز. ذلك اننا إذا استبعدنا ان يكون الهدف هو الحفاظ على وحدة السودان.

وهو الأمر الذى لم يعد واردا الآن، فلا يبقى أمامنا سوى مباركة اتمام الانفصال والدعوة إلى التسريح بإحسان، إذا استخدمنا المصطلح القرآنى الذى يحث عن ايقاع الطلاق مع الحفاظ على كرامة الطرفين وتقليل الخسائر قدر الامكان.

 

وإذا كان الأمر كذلك، فللمرء أن يتساءل لماذا لم يتحرك أحد خلال الفترة السابقة للدفاع عن وحدة السودان،

ولماذا جاء التحرك لمباركة الانفصال؟

وما هى حقيقة الدور الذى قام به العقيد القذافى فى تأجيج الصراعات التى تفتك بالسودان، خصوصا فى دارفور؟

 وبماذا يفسر استقبال جوبا، عاصمة الجنوب، لقادة فصائل التمرد فى دارفور فى نفس الوقت الذى كان وفد الرؤساء مجتمعا فى الخرطوم مع الرئيس البشير ونائبه سلفاكير؟

 وما هى حصة الولايات المتحدة وإسرائيل فى الجنوب المستقل؟

 وما هى طبيعة وحدود الأضرار التى يمكن أن تلحق بمصر جراء ذلك؟

وبماذا تفسر أن الولايات المتحدة بعد ان تكللت جهود مبعوثها إلى السودان بالنجاح النسبى الذى يفترض أن يؤدى إلى الانفصال، فإنها عمدت إلى تعيين مبعوث آخر لدارفور؟

 

حين كان الرئيس مبارك وصاحباه فى الخرطوم كانت تتفاعل على الأرض العوامل التالية:

 

وصل إلى جوبا عاصمة الجنوب حشد كبير من الخبراء الإسرائيليين فى مختلف المجالات من الزراعة والتعدين والاقتصاد إلى الفنون والسياحة والإدارة. وقدر عددهم بنحو ألف خبير تقاطروا خلال الأسابيع الأخيرة.

أقامت إسرائيل جسرا جويا لنقل السلاح والعتاد فى تل أبيب إلى بانجيه عاصمة أفريقيا الوسطى. ومنها تحمل على الشاحنات إلى جوبا.

سارعت أديس أبابا إلى انشاء بنك إثيوبى جنوبى فى جوبا، واستنفرت قواتها للتدخل لتثبيت الانفصال إذا لزم الأمر، فى الوقت الذى أوفدت فيه مجموعة من المستشارين للعمل إلى جانب السلطة فى الوضع المستجد.

أوغندا استنفرت قواتها فى الوقت ذاته لصالح الانفصال، وعقد الرئيس موسيفينى سلسلة من الاجتماعات فى عنتيبى مع مجموعتين احداهما تمثل السلطة فى الجنوب، والأخرى تمثل جماعات التمرد فى دارفور.

استقبلت إسرائيل خمسة آلاف عنصر من المتمردين فى دارفور لتدريبهم عسكريا، بعدما أقامت فصائل التمرد تحالفا للتنسيق فيما بينها، استعدادا للتعامل مع المرحلة التى تعقب الانفصال.

هذه بعض المعلومات التى حصلتها من مصادر على صلة بمتابعة المشهد السودانى، وهى تعنى أن القادم بعد الانفصال سيكون أخطر وأبعد أثرا مما نتصور. وانه عند الحد الأدنى  وهذا كلامهم  فإن الجنوب سيتحول إلى قاعدة عسكرية إسرائيلية.

وان هذا النموذج يراد له أن يتكدر فى دارفور. التى تستعد الآن للانتقال إلى تمثل النموذج الجنوبى وتعيين مبعوث أمريكى للتعامل مع ملف دارفور إشارة واضحة إلى ذلك.

ناقشت الأمر مع أحد أبرز الخبراء السودانيين فوجدته مؤيدا لذلك الاستنتاج. وأدهشنى قوله ان الأمر لو توقف عند ذلك الحد فإن السودان لن يتضرر كثيرا، وان قطاعات عريضة من السودانيين أصبحت على استعداد للقبول بالوضع الذى سيستجد إذا تم الانفصال، وان هناك من بات يقول ان العلاقات بين الشمال والجنوب فى الوضع المستجد ربما صارت أفضل مما كانت عليه فى السابق.

أما الأمر الأخطر والذى ييستحق انتباهنا حقا فهو أن مصر ستكون المتضرر الأكبر مما سيحدث، لأن وجود القاعدة الإسرائيلية سيظل عنصرا ضاغطا عليها دائما. ثم ان الدولة المستجدة ستكون لها كلمة فيما يخص المياه، وبالتالى فإنه من الناحية الاستراتيجية فإن انفصال الجنوب سيعد انقلابا فى الخرائط الاستراتيجية،

 ليس واضحا أن مصر مكترثة به ناهيك عن ان تكون متحسبة له.

ليس لدى تعليق على هذا الكلام، ولكنى لدى أسئلة متعددة بخصوصه، لا أعرف إلى من أوجهها، فضلا عن اننى لم أعد واثقا من صواب الرؤية الاستراتيجية المصرية، حتى صرت اتشكك أحيانا فى ان هناك رؤية أساسا. واتمام الزيارة الرئاسية وسط التحولات الخطيرة الحاصلة فى الجنوب أبلغ دليل على ذلك.

===================

الأوطان والإعلام

بثينة شعبان

الرأي العام

3-1-2011

كانت صورة الأوطان في الماضي تعتمد على ما تقدمه سواعد وعقول أبنائها لها في البناء والتطوير ومن معارف وعلوم وفنون، وكانت هذه الصورة نتيجة طبيعية للانجازات التي يضيفها هذا العمل الدائر فيها ومن أجلها وللشعوب الأخرى أيضاً. ولكن منذ تحكم قوى معروفة بتطرفها اليميني المحافظ بالثورة الإعلامية في العالم أخذت عوامل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والالكتروني تلعب دوراً فاعلاً في تشكيل هذه الصورة عن الأوطان سلباً أو إيجاباً، وأصبحت المصالح والسياسات والايديولوجيات المتطرفة هذه تشكل، بشكلٍ منافٍ للحقيقة، والواقع صورة بلدان وأنظمة عديدة. وقد تفاقمت هذه الإشكالية بعد الثورة المعلوماتية بحيث أصبح من المتعذر في الكثير من الأحيان فرز الغث من السمين أو التوصل الى حقيقة الواقع الفعلي وتمييزها عن الصورة المصطنعة عمداً لهذا الواقع، والتي تشكل انزياحاً عنه، ومساراً مناقضاً لتوجهاته. وفي هذه الحال أخذت هذه الجهات المتطرفة في الغرب التي أدركت دور الإعلام باحتكاره مستخدمة المال «مثلاً: 60 في المئة من الإعلام البريطاني يملكه شخص واحد». ولذلك أيضاً تحول الإعلام مراراً في السنوات الأخيرة الى أداة لمخططات الحرب والعدوان والتعذيب وتزييف الحقائق وتبرير جرائم الطغاة. ولذلك أيضاً فإن صورة العرب أصبحت من صنع خصومهم بينما صورة اسرائيل في الإعلام الغربي بقيت «واحة الديموقراطية»، وهي التي تشنّ الحروب وتمارس الإبادة والتطهير العرقيين ضدّ شعب فلسطين.

ولعلّ العالم العربي على اختلاف أمصاره ومراحل تقدمه يقدم أنموذجاً لضحية عصر الإعلام وتكنتولوجيا المعلومات رغم امتلاكه أعلى نسبة من الفضائيات في العالم قياساً لعدد سكانه، ذلك أن عدد الفضائيات لا يعني وجود استراتيجية ولا ينبئ بالنتيجة عن ارتباط هذه الفضائيات بقضايا أوطانها وتقديم هذه القضايا محلياً وعالمياً بالشكل اللائق والمفيد. بل إن المشكلة تجاوزت هذا الحدّ لدرجة ان متابعي وسائل الاعلام العربية لا يتمكنون في النتيجة من التوصل إلى تقييم حقيقي لقضاياهم المصيرية، ولدورهم المتوقع أو المطلوب في دعم هذه القضايا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر ها هي الذكرى الثانية للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة تمرّ ومازال ضحايا ذلك العدوان دون منازل تأويهم بسبب الحصار الإسرائيلي الظالم المستمر عليهم، ومع ذلك لم تنشغل وسائل الإعلام العربية بهذه الذكرى ولم تفنّد الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة والخليل والنقب واللدّ ونابلس، وذلك رغم تنامي مساندة أحرار العالم لقضية الشعب الفلسطيني وتعددّ الجهود من تركيا الى اوروبا الى آسيا الى أميركا الجنوبية لمحاولة كسر هذا الحصار العنصري الذي يفرضه جنرالات اسرائيل على المدنيين العزّل. وفي هذا الإطار فقد شكل وصول سفينة «مافي مرمرة» إلى ميناء اسطنبول حدثاً فلسطينياً بامتياز فقد زحفت اسطنبول لملاقاة سفينة شهداء الحرية، وكانت أعلام فلسطين ترفرف في كلّ اتجاه، وألقى مطران القدس في المنفى، المطران هيلاريون كبوتشي، خطبة حركت ضمائر الحشود حين أكد على إصراره على رؤية القدس قبل مماته ورددوا وراءه عبارة الله أكبر عشرات المرات في مشهد سقطت فيه كلّ الفوراق الدينية على طريق السعي من اجل الحرية والكرامة لأهل فلسطين. كلّ هذا المشهد لم تأتِ على نقله فضائية عربية واحدة رغم أنه يمثل الإخاء الإسلامي - المسيحي التاريخي ويقدّم أنموذجاً رائعاً للعمل المشترك بين الأديان ضدّ الاحتلال والظلم، ومن أجل العيش الحر الكريم والمشترك. ويكتسب مثل هذا الحدث أهمية إضافية في وقت يشنّ فيه أعداء العرب هجمات ضد المسيحيين في العراق ومصر، وتتسارع الخطى باتجاه تقسيم السودان على أساس الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، فيما هجرّ الكيان الصهيوني مسيحيي فلسطين، وقد غطته في ذلك وسائل الإعلام الغربية التي يملكها متطرفون موالون للكيان الصهيوني الذي يلعب، دون شكّ، دوراً فاعلاً فيما يحدث للمسيحيين في كل أقطار الشرق من اعتداءات ومحاولات تهجير. فلماذا الآن وبعد 1400 عام من العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين تقع هذه الاعتداءات؟ لم يتغير شيء في الشرق الأوسط سوى إنشاء هذا الكيان الذي جلب للمنطقة التعصب الديني والعنصرية والحرب والاغتيال. ويظهر الاختراق الإسرائيلي لوسائل الإعلام من استبدال التركيز على الأحداث التي تذكر بجرائم حرب «الرصاص المسكوب» وعلى ضحايا تلك الحرب والحصار المستمر بالبحث عن جذور الخلاف بين سياسيين فلسطينيين يتنافسون على سلطة تحت الاحتلال، والغوص في دولة جنوب السودان القادمة وعلاقتها المحتملة مع الكيان الصهيوني، وما الى هنالك من قضايا تزيد من فرقة العرب وانقسامهم وتفرش الأرض رمالاً متحركة لتغوص أقدامهم فيها فلا يجدون ضوءاً أو مخرجاً مما يعانون.

لقد تلازم وصول سفينة « مافي مرمرة» الى اسطنبول مع تمجيد الشهادة من أجل فلسطين، شهادة أحرار العالم هذه المرة وليس فقط شهادة الفلسطينيين والعرب، وهذه خطوة مهمة ومتقدمة بعد أن بادرت إيران أيضاً في القرن الماضي إلى إغلاق سفارة الكيان الصهيوني وافتتاح سفارة لفلسطين وبعد أن أخذ عدد متزايد من دول أميركا الجنوبية أخيراً بالاعتراف بدولة فلسطين. كما ترافق هذا الحدث مع إعلان موعد انطلاق أسطول الحرية -2- في 31 مايو المقبل في الذكرى الأولى للمجزرة الصهيونية التي ارتكبتها مجموعة ليبرمان وباراك نتنياهو ضد المدنيين العزل الذين كانوا يحملون على سفن اسطول الحرية الغذاء والدواء والمقاعد المتحركة لمعوقي الحرب في غزة. كما أقام النشطاء الاسبان الذين كانوا على متن «مافي مرمرة» نصباً تذكارياً تخليداً لذكرى شهداء أسطول الحرية العزل التسعة الذين قتلهم الجنود الإسرائيليون بدم بارد خلال الهجوم على السفينة في قلب المياه الدولية وهي في طريقها لكسر الحصار عن غزة. كما يخطط الناشطون الاسبان لإرسال سفينتين محملتين بالمساعدات والناشطين لكسر الحصار عن غزة ضمن أسطول المساعدات في ربيع 2011. كما تزامنت هذه الذكرى لانطلاق قافلة آسيا -1- التي تنظمها الحملة الآسيوية لكسر الحصار عن غزة وتضمّ 120 متضامناً من 15 بلداً آسيوياً والتي انطلقت من ميناء اللاذقية - سورية - يوم السبت 2011/1/1.

كلّ هذه الأخبار والأفعال التي تلقي ضوءاً على دعم أحرار العالم المتسارع لحقّ شعب فلسطين بالخلاص من العبودية الاسرائيلية لم تجد المساحة التي تستحقها على الشاشات ووسائل الإعلام لا العالمية، «وهذا مفهوم بفعل احتكار المال الاسرائيلي لملكية وسائل الإعلام الغربية»، بل ولا العربية أيضاً، فالبرامج الأخيرة ركزت على خوف اسرائيل من تزايد عدد السكان العرب في فلسطين وهي صورة الرعب الصهيونية التي تستخدم من قبل زعماء الكيان لتشجيع يهود العالم الى الهجرة إلى اسرائيل ليتحولوا مستوطنين مجرمين ويقتلون ويهجّرون السكان الأصليين. وهي صورة بحدّ ذاتها تعكس العقيدة العنصرية الصهيونية التي تنكر على الفلسطينيين حقّ العيش الطبيعي على أرضهم ضمن ثقافتهم وعاداتهم وطموحاتهم. كما أن هذه الصورة الإعلامية تغفل حقيقة مهمة ألا وهي نوع الحياة التي يعيشها العرب الأصليون هناك مقارنة بنوع حياة المستوطنين، إذ ان القضية لا تنحصر بالعدد، بل أيضاً بمقدرات هؤلاء السكان من علم وتقنية وإنتاج علمي وثقافي وحضاري والذي يحرم منه العرب جميعاً وهو حكر على القوى الاستعمارية الاسرائيلية. إذا كانت كلّ هذه الجرائم وغيرها كثير، ليس أقلها إجبار السكان الأصليين على هدم منازلهم أو دفع أجرة الهدم، لا تظهر كما تستحق أن تظهر في الإعلام العربي لتصل ضمائر الأجيال العربية كلها، فكيف يمكن لنا أن نطالب بالاستحقاق الأساسي وهو أن تصل كل جرائم الاحتلال الى ضمائر وعقول وقلوب العالم برمته؟ وحينذلك سنكتشف أن غالبية أبناء العالم هم من الأحرار الذين لا يقبلون أن يهدم بيت أو تشرّد أسرة أو تقتلع شجرة زيتون أو يعتقل طفل أو أمرأة دون وجه حق. المطلوب اليوم وغداً وبعد غد، ليس فقط أن يكون الإعلام العربي حاملاً لقضاياه، بل أن يحمل هذه القضايا أيضاً الى ضمائر أحرار العالم. هل يعجز العرب اليوم عن إطلاق قناة عربية واحدة، بدل كل هذه القنوات التي تبث الفرقة، والفتنة، والتفاهة، كي تصيغ وتنشر أخبارها بضمير عمّا يتعرض له العرب اليوم في فلسطين والعراق والسودان والصومال من قهر وترويج طائفي؟

لقد صمد أهل فلسطين صموداً اسطورياً طوال أكثر من ثلاثة وستين عاماً أمام أعتى قوة عدوانية شهدتها البشرية، وهم لا يبخلون على تراب فلسطين بدمائهم ومستقبلهم، أو لا يستحقون منا جميعاً، من كلّ العرب، أن ننقل قصة كفاحهم الحقيقية من أجل العدالة والحرية الى جميع أحرار الأرض؟ إن هذا الأمر سهل ومتاح ولا يحتاج إلا إلى الإرادة والإيمان الفعلي بهذه الأوطان ومستقبلها.

==================

الناتو والعلاقات الملتوية مع روسيا

المصدر: صحيفة «نيزافيسمايا» الروسية

التاريخ: 03 يناير 2011

البيان

كشف بعض المراسلات الدبلوماسية الأميركية التي نشرها موقع «ويكيليكس»، عن قيام حلف الناتو بوضع خطة مفصلة للدفاع عن جمهوريات البلطيق من هجوم محتمل مصدره روسيا. وجاء في المراسلات أنه في حال وقوع عدوان روسي ضد دول البلطيق، فسيتم نقل نحو 10 فرق عسكرية إلى المنطقة، من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وبولندا. كما ستصل سفن عسكرية بريطانية وأميركية إلى الموانئ الشمالية لبولندا وألمانيا. وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية التي نقلت هذه المعلومات، أن وزراء دفاع دول الناتو أقروا الخطة بالحروف الأولى يوم 22 يناير 2010، كما أقرته قمة الحلف في لشبونة يومي 19 و20 نوفمبر الماضي، خلف الأبواب المغلقة!

 

في الواقع أن مثل هذه المعلومات لم تكن خافية تماماً على الجانب الروسي، ولكن نشرها للعلن وتحديد التواريخ والأماكن، يفرض واقعاً جديداً ويضع حلف الناتو في حرج شديد أمام روسيا التي يسعى للتقارب معها، ويطلب منها التعاون معه في أفغانستان وفي أماكن أخرى من العالم.

 

وقد جاءت ردود الفعل الروسية قوية وحادة، حيث قال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن موسكو تنتظر من حلف الناتو رداً حول الوثائق السرية التي نشرها موقع «ويكيليكس»، والتي كشفت عن خطط الحلف السرية للدفاع عن جمهوريات البلطيق من هجوم روسي محتمل.

 

وقال لافروف: «طبعاً ثارت أسئلة بعد أن كشفت تسريبات «ويكيليكس» عن وجود خطة سرية لحلف الناتو للدفاع عن بلدان البلطيق ضد روسيا، وقد وجهنا هذه الأسئلة إلى الحلف وننتظر رداً».

 

وشدد وزير الخارجية الروسي على أن موسكو مهتمة بهذه التسريبات لسببين؛ أولهما أن الحلف وضع هذه الخطط في ديسمبر من عام 2009، أي في الوقت الذي انعقد فيه اجتماع مجلس روسيا  الناتو، وهو الأول منذ نشوب الأزمة في العلاقات بين الطرفين بعد حرب القوقاز في أغسطس 2008. أما السبب الثاني، فهو إقرار هذه الوثيقة السرية في قمة الناتو الأخيرة في لشبونة، في نوفمبر الماضي، أي متزامنا مع قمة روسيا  الناتو، حيث صادق الرئيس الروسي دميتري مدفيديف وزعماء دول الناتو على حزمة اتفاقيات ثنائية هامة. وأعاد لافروف إلى الأذهان أن هذه الاتفاقيات أكدت على أن كلا الطرفين لا يشكلان خطرا على بعضهما، ويسعيان للتعاون الاستراتيجي الحقيقي.

 

ويقول لافروف: «وبهذا ثار سؤال: متى كان الناتو صادقا؟ عندما اتفقنا بشكل معلن على تعزيز الشراكة، أم عندما اتفقت الدول الأعضاء خلف الأبواب المغلقة على أشياء مختلفة بعض الشيء؟!».

 

من جانبه قال ممثل روسيا لدى حلف الناتو، دميتري روغوزين، في مقابلة صحافية، إن «الديبلوماسيين الغربيين الذين صاغوا هذه الخطة ووافقوا عليها يجب أن يشعروا بالخجل، إذ كيف يعتبرون روسيا شريكاً استراتيجياً، وفي الوقت نفسه يضعون خططاً دفاعية لمواجهتها؟».

 

ويقول رغوزين في حديث للصحافيين في بروكسل: «لدينا فهم دقيق لما يجري علنا، ولما يتم خلف الكواليس أيضاً. المسألة تكمن في أمر آخر، هو أنهم وقعوا في الحفرة على مرأى من الجميع. وما يهمنا هو كيف سيتصرفون لتنظيف ما تلطخ نتيجة ذلك، أي لاستعادة سمعتهم»!

=================

معضلة العالم في الأزمة الكورية

جويل برينكلي

التاريخ: 03 يناير 2011

البيان

لا توجد أي دولة أخرى تطرح مشكلة بالغة الخطورة على العالم اليوم، كتلك التي تطرحها كوريا الشمالية، وفي الوقت الراهن يمكن للسلوك المشين من جانب كوريا الشمالية، أن يجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى. وكما قال الرئيس الصيني «هو جينتاو»، فإن «التوترات» في شبه الجزيرة الكورية يمكن أن تنفلت «خارج نطاق السيطرة». يعتبر معظم الناس كوريا الشمالية بلداً متقلباً ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته، ولكن في الواقع، يتبع تصرفها عادة نمطاً ثابتاً، إذا أخذت في الاعتبار أكبر احتياجين لها. فهي تطالب بأن تتم معاملتها باحترام، وتشتهي المعونة الوفيرة.

 

انظروا إلى ما حدث في الفترة التي سبقت إطلاق كوريا الشمالية النار على جزيرة يونبيونغ التابعة لكوريا الجنوبية. ففي وقت سابق من شهر نوفمبر الماضي، أفاد تقرير للأمم المتحدة أن كوريا الشمالية بحاجة ماسة إلى المعونة الغذائية، حيث يعاني نصف الأطفال هناك من من سوء التغذية، وبعضهم بالفعل يتضور حتى الموت جوعاً. ومن الواضح أن قادة كوريا الشمالية لا يعبأون كثيراً بالأمر، ولكن إذا كان الناس يتضورون جوعاً، فإن «القائد العظيم» كيم يونغ إيل وأتباعه، يحتمل أنهم لا يحصلون على كل ما يريدونه أيضاً. في الأسابيع الأخيرة، انطلق «كيم يونغ إل» مرتين إلى بكين لطلب مساعدة إضافية، وعاد في المرتين خالي الوفاض. ومع تفاقم اليأس، طلبت «بيونغ يانغ» من كوريا الجنوبية استئناف الرحلات عبر الحدود إلى جبل «كومغانغ»، وهو منتجع مفضل تابع لكوريا الشمالية. وفي الماضي أنفق الزوار من كوريا الجنوبية ملايين الدولارات هناك، وهي العملة الأجنبية التي تحتاجها كوريا الشمالية أمسّ الاحتياج. لكن كوريا الجنوبية رفضت.

 

وقتها أخبرت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية بأنها سوف تسمح بزيارات لجمع شمل الأسر، في حال قدمت هذه الأخيرة 300 ألف طن من الأسمدة (نتيجة النقص الشديد في الإمدادات) و500 ألف طن من الأرز، ومرة أخرى رفضت كوريا الجنوبية.

 

ماذا يمكن أن تفعل كوريا الشمالية بعد ذلك؟ ما من أحد كان يظهر لها الاحترام، وما من أحد كان يعرض المساعدة، لذا فقد فتح العسكريون النيران. بعد ذلك، أبدى العالم الاهتمام فجأة مرة أخرى، وفي البداية التزموا بالنص. وحث الجميع الصين، الحليف الوحيد لكوريا الشمالية، من أجل كبح جماح جارتها. ووجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما نداءه أخيراً. رفضت الصين، كالعادة، وبدلاً من ذلك دعت الولايات المتحدة دولاً أخرى إلى بكين لإجراء محادثات، وهو على وجه الدقة ما كانت تريده كوريا الشمالية. وعلى طاولة المحادثات، يمكن للكوريين الشماليين المطالبة مجدداً بمساعدة سخية، مقابل وعد بعدم شن مزيد من الهجمات.

 

هذه المرة كانت مختلفة، فقد رفضت الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية الحضور، فهم الآن يدركون اللعبة. وعندما ظهر مسؤول من كوريا الشمالية في المحادثات أخيراً، لم يكن هناك أي شخص آخر.

 

ما الذي يحدث بعد ذلك؟ توقعوا هجوماً أقوى وأكثر فتكاً. وفي وقت سابق من هذا العام، أغرقت كوريا الشمالية سفينة حربية تابعة لكوريا الجنوبية، مما أسفر عن مصرع 46 بحاراً من طاقمها. وفي نوفمبر الماضي فتحت كوريا الشمالية نيرانها على تلك الجزيرة، مما أسفر عن مصرع أربعة أشخاص. وقال «بروس بينيت»، وهو محلل بارز في شؤون كوريا الشمالية في مؤسسة «راند»: «لم تحصل بيونغ يانغ على ما تريد، ومن المحتمل أن تلك الهجمات ليست إلا بداية ؟ستفزازات كورية شمالية مماثلة، خلال العام الجديد أو نحو ذلك».

 

يمكن أن يطرح ذلك مشكلات أخطر من أي وقت مضى، فحكومة كوريا الجنوبية تتألم أشد الألم جرّاء الهجوم الأخير، وأجبر وزير الدفاع على الاستقالة، ويصف ساسة المعارضة الحزب الحاكم بأنه ضعيف ومتذبذب. لذا فإن كوريا الشمالية تقوم بمناورات بالذخيرة الحية قبالة السواحل الكورية، وتهدد بغارات جوية إذا عاودت كوريا الشمالية الهجوم مرة أخرى.

 

وبالنسبة لقادة كوريا الشمالية، حسبما قال لي «بينيت»، فإنه لا يوجد شيء يلمّع صورتهم على نحو فعال، كمهاجمة كوريا الجنوبية. فمن يدري ما الذي قد يفعلونه إذا ردت كوريا الجنوبية بقسوة على أي استفزاز مستقبلاً؟ تمتلك كوريا الشمالية أكثر من 5 آلاف صاروخ متوسط المدى موجهة إلى سيؤول. وأخيراً، أعلنت الحكومة أنها أضافت أكثر من 100 صاروخ. وبمقدورهم تدمير المدينة.

 

بوسعنا أن نأمل ألا تكون كوريا الشمالية شديدة الحماقة، وإنني على ثقة أن «كيم» يعرف أنه إذا استخدم أحد أسلحته النووية، «فإننا سوف نحول كوريا الشمالية إلى ساحة لوقوف المركبات»، على نحو ما قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة «كوندوليزا رايس». وإنني أشك أن الصورة مختلفة إلى حد كبير الآن. ولكن لا تنسوا أن معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لا تزال سارية، وتحتفظ الولايات المتحدة بقوة عسكرية قوامها 28,500 جندي هناك، مقرها في مركز القيادة في منطقة تانغو، في عمق أحد الجبال إلى الجنوب من سيؤول، وهي منطقة على استعداد للحرب في أي لحظة. وعلى الأرجح، لن يتعين على الضباط في مركز قيادة تانغو أبداً إطلاق شرارة الحرب، ولكن الأمر المثير للقلق بشكل أكبر هو معرفة إن كان «كيم»، السكير والمريض، يهيمن على القرار، ويبدو العالم عاجزاً عن منعه. واعتماداً على ما يقرر القيام به، فإنه يمكن أن يزج بنا جميعاً في غمار صراع رهيب لا أحد يريده.

=================

التعويذة الجديدة

بول كروغمان

* خدمة «نيويورك تايمز»

الشرق الاوسط

3-1-2011

لا يخرج النفاق أبدا عن نمطه، لكن على الرغم من ذلك كان عام 2010 ذا طابع خاص، فقد كان سنة الكلام الخادع عن الميزانية.. سنة حاول فيها مشعلو الحرائق التنكر في زي رجال إطفاء، ومن تظاهروا بالسعي لخفض العجز في الميزانية في الوقت الذي يبذلون فيه قصارى جهدهم لزيادته.

أنا لا أعني بذلك السياسيين فقط. هل لاحظت التحول في آراء الكثير من المعلقين السياسيين والأشخاص الجادين عندما أعلن عن اتفاق أوباما - ماكونيل لخفض الضرائب؟ في السابق كان العجز شرا مستطيرا، ومن ثم كنا بحاجة إلى التقشف المالي حالا وفورا وعاجلا، ناهيك عن وضع الاقتصاد. في اليوم التالي كانت التخفيضات الضريبية الممولة بالديون والبالغة قيمتها 800 مليار دولار، مع احتمال خضوعها للزيادة في المستقبل، أعظم انتصار للتعاون بين الحزبين منذ اختراع شرائح الخبز.

بيد أن السياسيين وحدهم - نعم، وأعني بشكل كبير الجمهوريين – هو الذين تولوا قيادة جبهة النفاق هذه.

في النصف الأول من عام 2010 كانت الخطب الحماسية التي تشجب الدين الفيدرالي أحد أعراف الحزب الجمهوري. وكانت المخاوف بشأن العجز السبب المعلن لمعارضة الجمهوريين لتمديد إعانات البطالة أو أي مقترح آخر يساعد الأميركيين على مسايرة هذه المصاعب الاقتصادية.

لكن النبرة تبدلت خلال صيف العام الماضي، مع اقتراب انتهاء التخفيضات الضريبية على الأثرياء التي أقرها بوش. وقد رُشح أفضل عنوان لذلك العام ما جاء في صحيفة «رول كول» في 18 يوليو (تموز) «ماكونيل يفند الإنفاق على المديونية ويحث على مزيد من التخفيضات الضريبية».

كيف تمكن قادة الجمهوريين من التوفيق بين قلقهم العميق إزاء العجز في الميزانية والدفاع عن التخفيضات الضريبية.. أهي عودة إلى اقتصادات الدجل والشعوذة القديمة؟ كلا، بل كانت أمرا جديدا وسيئا.

وللتدليل على ذلك، كانت هناك دعاوى متجددة بأن التخفيضات الضريبية ستؤدي إلى دخل أعلى، لكن عام 2010 شهد ظهور مستوى جديد وربما أكثر عمقا من التفكير السحري، يتمثل في الاعتقاد بأن العجز في الميزانية الذي أحدثته تخفيضات الضرائب لا يهم. فعلى سبيل المثال، أعلن السيناتور جون كايل، عن ولاية أريزونا - الذي أدان طريقة إدارة الرئيس أوباما لعجز الميزانية - أنه «لا ينبغي عليك أبدا أن تطلب الدفع مقابل قرار مترو بخفض معدلات الضرائب على الأميركيين».

إنه موقف بسيط يدعو للسخرية. ففي النهاية، إذا لم يتوجب عليك تعويض تكلفة التخفيضات الضريبية، فلماذا لا تلغي الضرائب ككل؟ لكن الطريف أنه على الرغم من أن هذا النوع من التفكير السحري غير سارٍ في الولايات المتحدة، فإنه أصبح جزءا من القواعد التي تحكم التشريع في مجلس النواب.

وكما أشار مركز أولويات السياسة والميزانية، فإن أغلبية مجلس النواب القادمة تخطط لإدخال تغييرات في قواعد تسديد الديون حال ظهورها - القواعد التي يفترض أن تطبق وضع ميزانية مسؤولة - والتي تطبق مبدأ كايل بفاعلية. سينبغي تعويض الزيادة في الإنفاق، لكن خسائر الدخل جراء التخفيضات الضريبة لن نتمكن من تعويضها. أضف إلى ذلك أن زيادات الدخل حتى وإن جاءت من إلغاء المنافذ القانونية للضريبة فلن يفلح ذلك أيضا، فأي زيادة في الإنفاق ينبغي تعويضها عبر خفض الإنفاق في مكان آخر، وهو ما لن تستطيع الضرائب الإضافية تقديمه.

ومن ثم إذا كانت الضرائب غير مهمة، فهل الأغلبية الجديدة في المجلس تملك خطة واقعية لخفض الإنفاق؟ بطبيعة الحال، لا. فالجمهوريون يقولون إنهم يرغبون في خفض الإنفاق بنحو 100 مليار دولار، وهو ما يعتبر رقما ضئيلا للغاية مقارنة بميزانية فيدرالية يبلغ حجمها 3.6 تريليون دولار. لكنهم يقولون إن الدفاع والصحة والضمان الاجتماعي - وجميعها تحصل على نسبة كبيرة من الميزانية - غير مطروحة على الطاولة، ومن ثم فهم يتحدثون عن خفض 20 في المائة مما تبقى، والذي يضم أشياء مثل إدارة النظام القضائي وتشغيل مراكز السيطرة والأمراض والوقاية، ولم يقدموا تفاصيل بشأن المناطق التي سيشملها التخفيض.

كيف سينتهي هذا كله؟ لقد استشرفت المستقبل، وهو على جزيرة لونغ آيلاند حيث نشأت.

فمقاطعة ناساو - جزء من لونغ آيلاند يتاخم مدينة نيويورك مباشرة - واحدة من أكثر المقاطعات ثراء في أميركا، ومعدلات البطالة فيها أدنى من المعدل الوطني، ومن ثم ينبغي أن تبحر في العاصفة الاقتصادية أفضل من غالبية الأماكن.

لكن قبل عام، في واحد من الانتصارات الأولى الرئيسية لحركة حفل الشاي، انتخبت المقاطعة مسؤولا تنفيذيا جديدا تبنى في حملته الانتخابية خفض العجز، ووعد بخفض العجز وموازنة الميزانية. وبالفعل أقر التخفيضات الضريبية، لكن خفض الإنفاق لم يحدث، والآن تواجه المقاطعة أزمة مالية.

اليوم تمتلك الحكومة الفيدرالية قدرا كبيرا من المرونة أكثر من حكومة المقاطعة، فهي ليست بحاجة، ولا ينبغي لها موازنة ميزانيتها كل عام. لقد كان العجز في الميزانية العامين الماضيين أمرا جيدا ساعد في دعم الاقتصاد في أعقاب الأزمة المالية التي وقعت في 2008.

لكن مقاطعة ناساو أظهرت كيف يمكن لحكومة مسؤولة أن تتداعى بسهولة في هذه البلاد، في الوقت الذي يؤمن فيه أحد أحزابنا الرئيسية بسحر الميزانية. فكل ما يحتاجه الحزب ليروج لفكره مجموعة من الناخبين الساخطين الذين لا يعلمون ما الذي يقف على المحك، وما أكثرهم في الولايات المتحدة. لقد تحولنا اليوم إلى دولة أشبه بجمهورية الموز.

==================

أردوغان نجح في الإبقاء على جدول الأعمال متخما خلال 2010

محمد على بيراند

الشرق الاوسط

3-1-2011

يوضح استطلاع الرأي الذي أجرته مجلة «تايم» عن «رجل العام» أن رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي احتل المنصب الثاني في تصويت القراء. وتعد هذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث التي يقترب فيها رئيس وزراء تركي من القمة في استطلاع رأي عالمي. قد لا تعجبنا بعض سياسات أردوغان، لكننا لا نستطيع أن ننكر أنه تمكن من إحداث تغيير في تركيا وجذب انتباه العالم.

لقد أثبت أردوغان هذا، خاصة التغيير الذي حدث في 2010؛ فقد تمكن منذ اليوم الأول من الإبقاء على جدول أعمال متخما لعام كامل. وحدثت تطورات لا يمكن أن تنسى في 2010 وهي كما يلي:

- كان عام 2010 للقوات المسلحة التركية بمثابة تأكيد على نقطة تحول. وقد كان اجتماع المجلس وقضية «عملية باليوز» أو «المطرقة» نقطة تحول بالفعل. ولأول مرة يمثل أفراد من الجيش التركي أما محكمة مدنية بتهمة التخطيط لانقلاب. كذلك فقد الجيش التركي خلال ذلك العام فاعليته في مجال السياسة وأصبح صامتا.

- في الوقت الذي استمرت فيه الأزمة المالية في أنحاء العالم خاصة بعد أزمة اليورو التي بدأت في اليونان، تماسكت تركيا، وهو الأمر الذي فاجأ الجميع. فقد أصبحت تركيا من أكثر الدول التي يتم الحديث عنها. ففي حين أطلق الناس نكاتا عن عبارة رئيس الوزراء التركي «لن تكون لنا صلة بهذه الأزمة»، سخر أردوغان من هؤلاء الناس خلال عام 2010.

- لفتت تركيا الأنظار بسياستها الخارجية تجاه إسرائيل وإيران. وواجهت تركيا رد فعل واشنطن، في حين قالت دول منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية: «ينبغي على المرء الانتباه إلى ما تقوله تركيا» وإن أردوغان «قائد يجب أن تكون العلاقة معه جيدة».

- من أكثر الانتقادات التي وجهت إلى أردوغان انتشارا كان الافتقار إلى الديمقراطية، واندفاعه، وعدم تقبله النقد، واتجاه تركيا نحو المحافظة.

ووضع كمال كليغدار أوغلو بصمته على حزب الشعب الجمهوري، فقد كان كمال أوغلو أحد الذين كان لهم تأثير كبير في 2010. ففي العام نفسه تم عقد جمعيتين عامتين وتولى رئاسة حزب الشعب الجمهوري بكل ما في الكلمة من معنى، منهيا عهد دنيز بايكال. وتلقى الزعيم الجديد للحزب ترحيبا حارا في الداخل والخارج؛ مما رفع سقف التوقعات نتيجة عدم وجود حزب معارضة آخر بفاعلية حزب الشعب الجمهوري. وأدى انتشار شائعات الانشقاق في صفوف حزب الحركة القومية إلى التحول في اتجاه حزب الشعب الجمهوري بقيادة كليغدار أوغلو.

بحسب آخر التقديرات؛ إذا تمكن حزب الشعب الجمهوري من زيادة عدد الأصوات الحاصل عليها من النسبة التي تتراوح بين 20 و25 في المائة إلى نسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة، فلن يتمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على أغلبية الأصوات وسيتحقق توازن في البلاد. لكن يشعر الناس بعدم الارتياح نتيجة احتمال حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة تصل إلى 45 في المائة. ويرى المراقبون، الذين يعتقدون في قدرة حزب العدالة والتنمية على تغيير النظام، أنه في حال تولي حزب العدالة والتنمية السلطة للمرة الثالثة بحصوله على الأغلبية، سيكون كليغدار أوغلو هو الأمل الوحيد الباقي. أما إذا تمكن كليغدار أوغلو من الحصول على 30 في المائة من الأصوات في الانتخابات المقبلة، فسيعد هذا أكبر مفاجأة وسيغير مسار السياسة في تركيا.

لقد اتخذ أوجلان مبادرة. وكان عبد الله أوجلان من أكثر الشخصيات التي تصدرت الأحاديث من حيث تحقيق التميز والتأثير على جدول أعمال 2010. لقد كان أوجلان يوما زعيما لحزب العمال الكردستاني المحظور وكانت كلمته تصل إلى كل سكان المنطقة، لكن العام الذي يسبق 2010 كان مختلفا بالنسبة إليه.

ويبدو أن أنقره تريد لأوجلان أن يستمر في لعب دوره القيادي كزعيم لحزب العمال الكردستاني لتجنب الاقتتال الداخلي، حيث تسمح أنقره له بذلك من دون تخطي حدود إيمرالي. وعندما يتم النظر إلى الأمر من الخارج، يتكون لدى المرء انطباع بأن الجمهورية التركية تبحث عن حل للقضية الكردية بالتعاون مع أوجلان.

وقد أعد أوجلان خريطة طريق لحل هذه القضية وأثر في السياسات الرئيسية لحزب السلام والديمقراطية الكردي وأحدث بعض التغييرات من خلال إرسال رسائل عند الضرورة.

تبنى حزب العمال الكردستاني الخطة التي تقدم بها أوجلان من إيمرالي من دون أي شروط ومن دون مخالفة له. وتم تكميم أفواه من تخطوا حدودهم، فالزعيم زعيم حتى وإن كان بعيدا. الأهم من ذلك هو تعبير المواطنين الأتراك من ذوي الأصول الكردية عن قبول خطة أوجلان بلا أي شروط.

لقد ترك أوجلان بصمته على عام 2010، حيث اقترح في البداية «وقف إطلاق النار حتى انتهاء الانتخابات» وهو ما تمت الموافقة عليه. ثم أعلن عن اقتراحات خاصة بقضيتي الحكم الذاتي واعتماد اللغتين الكردية والتركية. إذا كانت الخطوة الأولى المهمة وهي «المبادرة الديمقراطية» تم اتخاذها في العام السابق على 2010، فقد اتخذت الخطوة الثانية في إيمرالي عام 2010.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ