ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
صراع
العقائد الإسرائيلية قبيل وأثناء
العدوان على غزّة المستقبل
- الاربعاء 5 كانون الثاني 2011 العدد
3874 - رأي و فكر - صفحة 19 رون
ين يشاي بعد
عدة أشهر، ربما سنة، قد ترسل الحكومة
الجيش الإسرائيلي إلى حملة "رصاص
مصهور2". وبحسب ما يقول مسؤولون كبار
في الجيش الإسرائيلي ووزراء حكومة،
وأعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية في
غلاف غزة، فإن السؤال لا يدور حول أصل
حصول الحملة بل حول توقيتها. في هذه
الأثناء يدور بين رئيس الحكومة السابق
إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود
باراك جدال متهور ومليء بالتشهير. إذا
وضعنا جانباً الجدال بينهما حول "الرصاص
المصهور" بعيداً عن العنصر الشخصي-
الحساس ورغبة الانتقام، سنكتشف أن
الأمر يتعلق بصدام واقعي وجوهري بين
مفهومين استراتيجيين في ما يتعلق بغزة:
"مفهوم أولمرت"، مفهوم الحد
الأقصى، الذي كان قائد المنطقة
الجنوبية آنذاك، يوآف غالنت، وعدد من
كبار القيادة يقفون إلى جانبه، و"مفهوم
باراك"، مفهوم الحد الأدنى، الذي
كان رئيس هيئة الأركان العامة
أشكنازي، وكثير من كبار هيئة الأركان
شركاء كاملين في صياغته المفهوم
وتطبيقه. وبحسب
مفهوم أولمرت - غالنت، كان ينبغي أن
يكون هدف عملية "الرصاص المصهور"
شاملاً، وكان يجب أن تكون فكرته
المُحكَمَة تقويض سلطة حماس في
القطاع، عبر معركة عسكرية متدحرجة. كما
كان من المفروض بالجيش الإسرائيلي أن
يحتل شمال ووسط القطاع ومحور فيلادلفي.
وعندما تتم السيطرة على هذه المناطق،
ستبقى قوات الجيش الإسرائيلي في
المنطقة لفترة زمنية محددة ما يسمح
للشاباك وللجيش الإسرائيلي باجتثاث
معظم قدرات إطلاق الصواريخ وقذائف
الهاون من المنطقة ومن أجل تدمير تشكيل
شبكة الأنفاق وتهريب الوسائل القتالية
من الحدود المصرية. في
الجهة المقابلة، كان مفهوم باراك
وأشكنازي، أقل طموحاً - واقعي بحسب
تعريفهما. هما بلورا "الرصاص
المصهور" كمعركة عسكرية هائلة
التأثير لكن محدودة الأهداف، المجال
والمدة من بدايتها. وقد اعتمد مخطط
العملية على أربع افتراضات أساسية وهي: أ- لا
يمكن القضاء على الإرهاب ونشاطه
بعملية واحدة، مهما كانت كبيرة وناجحة.
يمكن فقط قمعه تدريجياً، كما حدث في
الانتفاضة الثانية بعد عملية "السور
الواقي". لذلك يجب السعي، عبر عملية
"رصاص مصهور" وعمليات مماثلة تأتي
بعدها لصنع فترات طويلة من الردع
والتهدئة التي تسمح لسكان غلاف غزة
بترميم وبناء أنفسهم بعد ثمانية سنوات
من التعرض المستمر للضربات. وستستغل
إسرائيل فترات التهدئة لإتمام بناء
منظومة متعددة الطبقات لاعتراض صواريخ
وقذائف هاون وعرقلة عمليات التهريب
المتعاظمة للمنظمة وذلك بمساعدة مصر
وجهات دولية أخرى. ب-
بإمكان الجيش الإسرائيلي والشاباك
فعلاً تقويض سلطة حماس وبذلك يتم تقليص
الإرهاب الصادر من القطاع إلى حده
الأدنى، على الأقل لوقت محدد. لكن من
أجل ذلك سيضطر الجيش الإسرائيلي
لاحتلال معظم منطقة القطاع، بما فيها
مدينة غزة والمخيمات الفلسطينية التي
تحيط بها وكذلك محور فيلادلفي وربما
أيضاً رفح. لكن سيضطر الجيش الإسرائيلي
أيضاً للبقاء في المنطقة لوقت طويل،
ربما سنوات، وبقوات كبيرة - كي يستطيع
الشاباك والجيش الإسرائيلي اعتقال
معظم ناشطي المنظمة واكتشاف بناها
التحتية والبنى التحتية القتالية
للمنظمات الأخرى. طوال
تلك الفترة التي ستدوم ما بين نصف عام
إلى ثلاثة أعوام ستضطر إسرائيل للدخول
إلى الحلول مكان حماس وتحمّل مسؤولية
اقتصاد ورفاهية السكان. حتى قائد
المنطقة الجنوبية آنذاك، يوآف غالنت،
الذي دعم عملية كبيرة، قدّر أن الجيش
الإسرائيلي سيضطر للبقاء في المنطقة
من أجل ذلك لمدة تراوح بين نصف السنة
والسنة. ج-
تقويض سلطة حماس لن يضع حداً للإرهاب.
فبعد فترة قصيرة من الصدمة ستستيقظ
المنظمات الإرهابية وتقوم بجهود كبيرة
لإطلاق صواريخ نحو إسرائيل وكذلك المس
بجنود الجيش الإسرائيلي وإهراق دمائهم
وتهريب السلاح في الأنفاق. في الحقيقة
كما فعلوا قبل فك الارتباط حين مكث
الجيش الإسرائيلي في منطقة القطاع وفي
محور فيلادلفي. د- إن
احتكاك الجيش الإسرائيلي المستمر
بالسكان المدنيين سيؤدي للتنديد
بإسرائيل في الساحة الدولية وسيعمّق
عزلها السياسي. حملة
تلو أخرى استنتاج
باراك وأشكنازي كان أن عملية "الرصاص
المصهور" لا ينبغي لها أن تكون منذ
البداية موجهة لتقويض سلطة حماس في
القطاع، بل فقط لدفع المنظمة الى وقف
أو على الأقل تقليص إطلاق نيران
الصواريخ وقذائف الهاون من القطاع على
مستوطنات غلاف غزة ووقف عمليات -
السياج، وذلك بصورة كبيرة ولمدة طويلة
- سنوات إذا أمكن. وكان
من المفترض بالجيش الإسرائيلي أن يحقق
هذه الأهداف عبر سحق قوة حماس
العسكرية، المس بصورة قوة المنظمة في
الشارع الفلسطيني، تدمير شبكة الخنادق
وتعاظمها والمس القاتل ببنى السلطة
وإدارة حماس في القطاع. كان من المفترض
بكل هذه الأمور أن تشكّل تهديداً
حقيقياً لقدرة المنظمة وسيطرتها على
القطاع وكذلك تشكيل ردع فعّال طويل
المدى مقابل حماس. بعد
الخروج "يعزز" الجيش الإسرائيلي
الردع، عبر عمليات موضعية مؤلمة ضد
مراكز القوة والتعاظم للمنظمة، رداً
على أي تصعيد لإطلاق النار والعمليات
التخريبية من جانب حماس والمنظمات
الناشطة تحت رعايتها. كان من المفروض
بكل هذه الأمور أن تحقق الهدوء
لمستوطنات غلاف غزة ولإسرائيل لعدة
سنوات. وبحسب مفهوم باراك، في حال تم
خرق الهدوء بشكل خطير وتبين أن الردع
تبدد، يعود الجيش الإسرائيلي ليدخل
إلى القطاع في عملية كبيرة وسريعة على
شاكلة "الرصاص المصهور" بغية
تعزيز وإعادة الردع. وهكذا مرة تلو
الأخرى إلى أن يتلاشى الإرهاب من
القطاع بشكل تام. في
النقاشات الطويلة التي سبقت عملية "الرصاص
المصهور" نجح باراك وأشكنازي بإقناع
أولمرت والمجلس الوزاري المصغر بتبني
مفهومهما والصيغة المقلصة التي توصلا
إليها. أولمرت يدّعي أنه اضطر للتنازل،
لأنه لم يكن بمقدوره سياسياً وشخصياً،
خصوصاً بعد حرب لبنان الثانية، لم يكن
بمقدوره أن يأمر الجيش الإسرائيلي
بالعمل بما يتناقض مع رأي وزير الدفاع
ورئيس هيئة الأركان العامة. لذلك، قرر
المجلس الوزاري المصغر، أن عملية "الرصاص
المصهور" ستركز على "النطاق
الشمالي". أي على شمال القطاع الذي
يضم مدينة غزة والمخيمات الفلسطينية
الواقعة في ضواحيها. توصل
باراك وأشكنازي، إلى استنتاج مفاده أن
عملية "الرصاص المصهور" حققت
أهدافها بالكامل، بعد وقت قصير من بدء
المرحلة البرية - أقل من أسبوعين بعد
بدء العملية -. وبحسب تقدير باراك،
العملية الجوية وحدها شكّلت معظم
التأثير المطلوب لردع حماس. لذلك، قرر
هو ورئيس هيئة الأركان أشكنازي، بعد
تشاور مع قائد المنطقة الجنوبية
غالنت، عدم تجنيد 60 ألف عنصر احتياط،
بل فقط 20 ألفاً كان مطلوباً منهم إنهاء
العملية بمخططها الأساسي. أولمرت
ادّعى أن باراك اقترح عليه إخراج الجيش
الإسرائيلي من القطاع بعد 48 ساعة من
بدء العملية البرية، وبحسب كلامه بغية
منع حصول احتكاك زائد بين الجيش
الإسرائيلي والسكان المدنيين. رئيس
هيئة الأركان كان لديه رأي مماثل.
لذلك، بدأ باراك بالبحث عن طريقة
لإنهاء العملية بالشكل الذي يحدد
إنجازاتها؛ سواء ب"تسوية" مع حماس
عبر مصر أو بواسطة الإعلان عن وقف
النار استجابة لدعوة وزير الخارجية
الفرنسي، كوشنير، الذي اقترح وقف نار
إنسانياً لمدة 72 ساعة. أولمرت
ثار غضباً. فهو تلقى اتصالاً هاتفياً
من الرئيس الفرنسي، نيكولاي ساركوزي،
حثه فيه على القبول ب"اقتراح باراك"
ولذلك هو يدّعي أن وزير الدفاع هو من
بادر إلى "الطلب من كوشنير بتقديم
طلب "وقف نار إنساني" لمدة 72 ساعة،
حيث يصبح من الصعب بعدها استئناف توسيع
الحرب. إلى
ذلك يقول رئيس الحكومة السابق، إيهود
أولمرت لموقع يديعوت أحرونوت على شبكة
الانترنت: "كان واضحاً لي أن هذا
تفويت للفرصة". وأضاف إنه لو استمرت
العملية، لكانت سقطت سلطة حماس في غزة:
"لو استمرينا لعدة أسابيع، لكان
انهار القطاع ولكان بإمكاننا خلق واقع
مختلف تماماً عن الوضع في غزة والذي
كان ليسمح بإعادة القطاع إلى السلطة
الفلسطينية". أولمرت
يدعي أيضاً أن الثمن الذي كان الجيش
الإسرائيلي وإسرائيل سيدفعونه من
الخسائر، في الاقتصاد وفي الساحة
الدولية، لو كان تحقق مفهومه، لكان أقل
بكثير مما قدره باراك الذي حاول بحسب
كلامه "التهويل عليه" وعلى
الكابينت والحكومة من أجل تقصير أمد
العملية". هو نفسه، كي لا يقولوا إنه
يستغل إطالة العملية من أجل البقاء في
كرسيه ومن أجل تأجيل الانتخابات التي
كانت على الأبواب، اضطر إلى السير مع
المفهوم الباراكي. لكن في
الحقيقة، نتائج العملية أكدت تماماً
صحة مفهوم باراك-أشكنازي. فعملية "الرصاص
المصهور" حققت ردعاً فعالاً أمام
حماس وليس فقط تجاهها. القدرات التي
أظهرها الجيش الإسرائيلي في القطاع
محت بمدى كبير الانطباع السيئ الذي
تركته حرب لبنان الثانية. والأساس: ردع
حماس ومنح سكان غلاف غزة سنتين من
الهدوء النسبي وازدهار اقتصادي لا
مثيل له. ثمة
فرصة جيدة لاستمرار هذا الهدوء لفترة
زمنية ما، رغم حصول تصعيد هنا وهناك. كل
يوم يمر بهدوء هو ربح صاف لإسرائيل. في
مقابل ذلك، احتكاك قوات الجيش
الإسرائيلي مع السكان المدنيين في
القطاع، الذي كان في الإجمال قليلاً
خلال العملية، أسفر في الساحة الدولية
عن تقرير غولدستون وذيوله وأدى
بإسرائيل إلى مواجهة علنية مع تركيا. حتى لو
أمطرت حماس النقب بعشرات الصواريخ
وقذائف الهاون، من الصعب الافتراض أن
المجتمع الدولي سيسمح لإسرائيل بتنفيذ
بعض التحسينات في غزة بحسب رغبة أولمرت.
حتى مفهوم "رافعات الردع" الدنيا
لباراك قد يرتد علينا، في حين إسرائيل
تُصوّر في الساحة الدولية كرافضة
دائمة للسلام - وتركيا التي تظهر
حساسية كبيرة اتجاه الموضوع الغزاوي،
تهدد بأن تصبح عدواً معلناً. في ظل هذه
الظروف من الصعب رؤية إسرائيل تخرج إلى
نسخة جديدة من عملية "الرصاص
المصهور" في القطاع. حيث سيضطر كل من
نتنياهو، باراك والجيش الإسرائيلي
بإدارة غالنت لتوفير حل جديد وإبداعي
لهذه المعضلة. ===================== عمر
احرشان 2011-01-04 القدس
العربي لا
ينبغي أن ننظر إلى نهاية هذه السنة
وكأنها سنة عادية، وذلك لاعتبارات
عديدة، منها أنها تشكل نهاية عشرية
وبداية أخرى وهو ما يفتح المجال أمام
التقييم والمحاسبة والاستشراف
والبرمجة، وهذه هي أفضل طريقة حتى لا
تطغى الارتجالية والمزاجية.. أما
الاعتبار الآخر فيتمثل في تزامن نهاية
هذه السنة مع انتهاء المدة المخصصة
للعديد من الأوراش التي قُدمت خلالها
وعود كثيرة وبنيت عليها آمال واسعة،
وهذه مناسبة لتقديم الحساب حول ما أنجز
وما لم ينجز وأسباب ذلك، وجودة الإنجاز
وكلفته وآثاره على حياة المواطنين.
فأين نحن من هذه المنهجية؟ سنصاب
بالصدمة، إن تتبعنا هذا الأمر، لأن
النقاش العمومي مغيب حول مآل هذه
الأوراش وكأنه لا يعني المجتمع بكل
شرائحه، أو كأن هؤلاء المسؤولين غير
ملزمين بتقديم حصيلة ما وعدوا به، أو
كأن البلاد تفتقر إلى جهاز لمحاسبتهم
على ما خططوا له وما أنفقوه من المال
العام. وهذه نقيصة لم نتجاوزها رغم
عقود من الأخطاء والكوارث. أليس غريبا
أن نفتح أورشا كبرى ونأتي في النهاية
لنتحدث عن معدل بطالة مرتفع؟ ما جدوى
هذه الأوراش إن لم توفر فرص شغل وتنشط
الدورة الاقتصادية وترفع نسبة النمو
وتحسن مستوى عيش المواطنين؟ لقد
شاءت الأقدار أن نختم هذه السنة، كما
السنة الفارطة، بأحداث حول قضية
الصحراء، وهذا أمر يجب أن نتوقف عنده
كثيرا لنعي دلالاته وانعكاساته على
مستقبل البلاد. فقد عاش المغاربة في
كانون الاول/ديسمبر الماضي على
أعصابهم بسبب طريقة تدبير ملف أميناتو
حيدر، وما جرته على البلاد من تشويه
السمعة في المنتظم الدولي. وللأسف،
تكرر الأمر نفسه هذه السنة بعد تداعيات
أحداث مخيم 'اكديم إيزيك' بالعيون وما
أثارته من نقاش داخل المغرب وخارجه،
سواء في ما يخص التدبير السياسي للملف،
أو المعالجة الأمنية لتداعياته، أو
الأداء الدبلوماسي للخارجية
المغربية، أو مردودية الدبلوماسية
الموازية للأحزاب والبرلمان، أو طبيعة
المطالب الاجتماعية التي كانت السبب
المباشر لنشوء هذا المخيم أو سياسة
الكيل بمكيالين التي تتعاطى بها بعض
القوى الدولية مع هذا الملف أو طريقة
تدبير العلاقة مع دول الجوار. فهل
سننتظر حتى يتكرر الأمر في السنة
القادمة لنستوعب الرسالة؟ وماذا
أعددنا حتى نتجنب ذلك؟ أترك
الإجابة للأيام القادمة، وإن كان
الوضع لا يبشر بخير، خاصة حين نرى كيف
يتم الالتفاف على تحديد المسؤوليات،
وكيف يتم تحريف النقاش عن وجهته
السليمة ليحصر في تبادل التهم بين هذا
الحزب وذاك، والسعي إلى الاستثمار
السياسي والانتخابي لهذا الملف، هذه
معضلة حقيقية تهدد البلاد. والمعضلة
الثانية تتمثل في القفز على قضايا في
غاية الحساسية من دون تحديد
المسؤوليات، وخير مثال على ذلك شعار 'عشرة
ملايين سائح' الذي لم نصله إلا باحتساب
أعداد الجالية المغربية المقيمة
بالخارج ضمن خانة السياح، ولاحظنا كيف
مر الموضوع ببساطة وانتقلت الوزارة
المعنية إلى رؤية 2020 من دون تبرير هذا
الإخفاق وشرح أسبابه. هذه منهجية خاطئة
تعالج مشكلة بأخرى وتتستر على الثغرات
تفاديا للمحاسبة. لن نتقدم خطوة إلى
الأمام ما لم نفعّل مبدأ ربط السلطة
بالمسؤولية والمحاسبة. وإذا
انتقلنا إلى الشق الاجتماعي سنلاحظ أن
هذه السنة كشفت العجز الفظيع، يقدر
بمليارات الدراهم، الذي تتخبط فيه
صناديق التقاعد والذي يراد من
المواطنين دفع ثمنه على شكل اقتطاعات
أو سنوات عمل إضافية بعد سن الستين،
وسنتوقف حتما عند ارتفاع نسبة
البطالة، واختلالات نظام الدعم الذي
يستفيد منه الأغنياء قبل الفقراء،
وارتفاع كلفة المعيشة وتزايد حدة
الاحتجاجات ذات الصبغة الاجتماعية،
وتعثر الحوار الاجتماعي الذي أصبح مثل
حبوب التهدئة التي بدأت تتضاعف آثارها
الجانبية، وهذه كلها مقدمات منذرة
بتفجر الوضع وانتشار اليأس
واللامبالاة والجريمة والحقد.. وهذه
معضلة أخرى يجب حلها قبل حلول الكارثة،
لا قدر الله. وفي
الشق الحقوقي أبانت هذه السنة عن
تراجعات عن مجموعة من المكاسب وعن حنين
إلى سنوات الرصاص التي ظن البعض أنها
ذهبت إلى غير رجعة.. والسبب هو طغيان
العقلية الأمنية والمقاربة البوليسية
في معالجة قضايا سياسية وحسم الخلاف مع
المعارضين. ولا
ينسينا ما سبق تداعيات الأزمة
الاقتصادية العالمية على بلادنا، وقد
بدا تأثيرها واضحا على قانون مالية 2011،
الذي سيتحكم في السياسات العمومية
لأول سنة من العشرية القادمة. وقد
رأينا، للأسف، أن الحكومة اختارت الحل
الأسهل، وهو اقتراض مليار يورو بنسبة
فائدة 4.5 في المئة من الخارج لتلبية
الحاجيات التمويلية للخزينة بعد العجز
المسجل في ميزانية 2010، أي أن المغرب
سيؤدي حوالي 50 مليار سنتيم سنويا فائدة
عن هذا القرض طيلة العشرية القادمة،
التي هي مدة استحقاق هذا الدين.. ويضاف
هذا إلى قرض 700 مليون يورو سنة 2007 لسداد
دين نادي روما.. هذا من دون أن نتحدث عن
المديونية الداخلية التي بلغت مستويات
قياسية في هذه العشرية الأخيرة. وبهذا
ترهن هذه الحكومات مستقبل المغاربة
لأنها لا تكلف نفسها عناء البحث عن
حلول جديدة، فهي تتأرجح بين الاقتراض
من الداخل والخارج وبين بيع منشآت
عمومية للخواص والأجانب. وهما حلان
أحلاهما مر. والمثير
أكثر هو أن أوراشا إصلاحية تفتح بدون
وضع حيز زمني لإنهائها ومؤشرات لقياس
حجم التقدم في تحقيق أهدافها.. وفي
مقدمة هذه الأوراش قطاع العدل الذي شهد
هذه السنة النصيب الأوفر من
الاحتجاجات والانتقادات، وقطاع
الإعلام الذي لم يسفر الحوار الوطني
حوله طيلة السنة عن نتائج تنزله
المكانة التي يستحقها كسلطة رابعة
وموازية للسلطات الثلاث، هذا إن كنا
نتوفر فعلا على هذه السلطات، وهذا نقاش
آخر.. ولكن بالتأكيد لن تقوم لنا قائمة
إن لم نفتحه، اليوم قبل غد، حتى نحدد من
يسير البلاد ومن يقودها ومن يتحمل
مسؤولية النتائج المترتبة عن هذا
التدبير. سنودع
العشرية الأولى من هذه الألفية ونحن
مكبلون بإكراهات وقيود وضغوط،
وسنستقبل العشرية الثانية ونحن مثقلون
باليأس والعزوف والديون.. وهذه وحدها
تكفي لنخسر الرهان بالضربة القاضية
منذ الجولة الأولى. علينا
أن نفتح حوارا وطنيا صريحا من دون تخوف
من تبعاته، وان نحرص على الالتزام
بنتائجه وتفعيل توصياته وبدون إقصاء
أي رأي مخالف ما دام محركه هو مصلحة
البلاد. هذه هي طريقنا إلى ربح الرهان
لنكون أقوياء في عالم لا مكان فيه
للضعفاء، وفي محيط نتأكد يوما بعد آخر
أنه لا يشاطرنا كل قناعاتنا. '
كاتب مغربي ====================== السلاح
بدون ايديولوجية عسكرية لا يوفر قوة
رادعة د.
سعيد الشهابي 2011-01-04 القدس
العربي أثارت
الوثيقة الرسمية البريطانية التي رفعت
عنها السرية الاسبوع الماضي ان السفير
البريطاني لدى الكيان الاسرائيلي، جون
روبنسون، بعث في الرابع من أيار/ مايو
1980 برقية لوزارة الخارجية البريطانية
جاء فيها: 'اذا أصبحوا (الاسرائيليون)
عرضة للتدمير فانهم سيواصلون القتال
حتى النهاية هذه المرة. سيكونون
مستعدين لاستخدام سلاحهم الذري.' ليس
الموضوع هنا هو السلاح الذري، بل
المنطق الذي يحكم سياسات الكيانات
والدول، ودور القوة العسكرية في
الحفاظ على السلم او اثارة الحرب.
ويمكن القول ان الكيان الاسرائيلي هو
الذي بدأ كل الحروب التي حدثت مع العرب
منذ اكثر من ستين عاما في ما عدا حرب
اكتوبر 1973 التي كانت محدودة الاهداف،
ومؤطرة بالرغبة في امتلاك اوراق
للتفاوض السياسي وليس الحسم العسكري. ولا شك
ان الشعور الاسرائيلي بالتفوق العسكري
من اهم اسباب الحروب، لان الجانب الذي
يشعر انه لا يملك القوة الكافية لحسم
النزاع المسلح لصالحه لن يبدأ ذلك
النزاع. ينطبق هذا على الحكومات كما
يشمل المجموعات المسلحة. ويتوفر لدى
هذه المجموعات، بالاضافة لامكاناتها
المادية، الدافع الذاتي ل 'مواصلة
النضال' كعامل اضافي لا يقل أهمية عن
القوة المادية. فبينما يقاتل الجندي في
الجيوش النظامية على اساس 'الوظيفة'
فان المقاتل في الكيانات الايديولوجية
ينطلق على اساس 'الواجب' الذي يجعله
مستعدا للموت من اجل القضية التي يدافع
عنها. ولذلك ليس غريبا ان تسخر نسب
عالية من المدخولات الوطنية لموازنات
الدفاع، وتجديد الأسلحة بشكل مستمر.
وثمة نقطة جوهرية في هذا الجانب وهي ان
الشعور بالقوة ينطلق على اساسين:
اولهما امتلاك السلاح والعتاد، سواء
بالاستيراد من الخارج ام التصنيع
الذاتي، وثانيهما: توفر ارضية علمية
وطنية قادرة على تكييف ذلك السلاح مع
ظروف الحرب والسلام من جهة، ومع
امكانات 'العدو' في ما لو وقع النزاع
العسكري من جهة اخرى. فلا يكفي تكديس
الاسلحة المستوردة لجعل البلد قوة
عسكرية عتيدة، بل لا بد من توفر بنية
تحتية مؤسسة على تكنولوجيا حديثة
وارضية علمية وطنية راسخة. فالسلاح
وحده لا يكفي لغرس الثقة لدى السلطات
السياسية بالقدرة العسكرية الكافية
لحسم اي حرب خصوصا اذا كانت مع طرف
يمتلك العامل الثاني: البنية التحتية
التكنولوجية والعلمية. الكيان
الاسرائيلي لا يعتمد على السلاح
الامريكي المستورد فحسب، بل لديه
امكانات تصنيعية وعلمية تجعل قادته
السياسيين يشعرون بقدراتهم المادية في
مواجهة الجانب العربي. اما الدول
العربية فقد تمتلك من قطع السلاح
ارقاما خيالية تفوق ما لدى العدو
الاسرائيلي، ولكن ذلك لم يوفر
للقيادات السياسية الشعور بامكان كسب
الحرب مع الكيان الاسرائيلي. ولذلك
اكتفت الحكومات العربية بالتصريحات
والتهديدات الجوفاء، بينما عمد
الاسرائيليون لشن الحروب، الواحدة تلو
الاخرى، ضد العرب. ويمكن القول ان شعور
الصهاينة في السنوات الاخيرة بوجود
قوى مقاتلة من نوع آخر، غير ما اعتادته
من الجيوش العربية، جعلهم يعيدون
حساباتهم الاستراتيجية لمواجهة ما
تمثله هذه القوى من تحد حقيقي لم
يعهدوه من قبل. هذه
القوى المقاومة تستمد قوتها من ثلاثة
امور: اولها امتلاك المستوى الادنى من
السلاح المناسب لحرب غير تقليدية بين
طرفين غير متساويين ماديا، ثانيها:
تأسيس الموقف على منطلقات ايديولوجية
وعقيدة راسخة، وثالثها امتلاك قدرة
تكنولوجية وعلمية تدعم المقاتلين
والمخططين الاستراتيجيين. ولذلك فبرغم
ما تعتبره 'استفزازات' و'تهديدات' من
قبل المجموعات المقاتلة في لبنان
وغزة، فما تزال مترددة في اتخاذ قرار
الحرب. اما استهداف ايران فما يزال
خيارا بعيدا للاسباب نفسها. فايران
لم تعد معتمدة في تسلحها على الخارج،
بل اصبح واضحا ان لديها ايديولوجية
قتالية مختلفة، تأخذ بعين الاعتبار
عددا من الامور: اولها انعدام مصادر
السلاح الثقيل بسبب الحظر المفروض من
الدول الكبرى عليها، ثانيها: بعد
المسافات التي تفصلها عن الكيان
الاسرائيلي ثالثها: الفواصل الجغرافية
التي تحول دون استعمال الاسلحة
التقليدية خصوصا الطائرات، نظرا لما
يتطلبه ذلك من تعاون مطلوب (ولكن غير
مضمون) من الدول التي تفصلها عن الكيان
الاسرائيلي، رابعها: الاثمان الباهظة
للاسلحة المستوردة وعدم قدرة ايران
على ذلك. برغم ذلك فقد اصبح واضحا
للاسرائيليين ان استهداف ايران عسكريا
لن يكون مهمة بسيطة، بل سيكون رهانا
غير مضمون النتائج، وليس خاضعا
للحسابات التقليدية. العام
الجديد يطل على العالم والاجواء مهيأة
للمزيد من الحروب والاعتداءات. فالقوة
العسكرية اذا امتلكتها جهة غير
مسؤولة، تسلب العالم امنه، وتضرب
استقراره. وليس معلوما ما اذا كانت
سياسة 'توازن الرعب' التي كان يعبر عنها
أحيانا بمصطلح 'التوازن الاستراتيجي'
قد ساهمت في منع الحروب ام شجعت عليها.
صحيح ان الولايات المتحدة وروسيا
عبرتا عن ارتياحهما بعد توقيع اتفاقية
'ستارت' في مدينة براغ في الصيف الماضي
ولكن ما يزال السلاح النووي مصدر تهديد
لامن العالم، وعامل تشجيع للدول
الاخرى لامتلاكه ضمن مفهوم 'توازن
الرعب'. الاتفاقية نصت على تحديد عدد
الرؤوس النووية لدى كل منهما ب 1550 رأسا
خلال سبع سنوات، اي ما يعادل ثلثي
مخزون كل منهما. ولكن ما يزال هناك
مشوار طويل لتخليص العالم من شرور هذا
السلاح الذي اتضح انه لم يمنع السباق
الدموي بين القوى المتصارعة على
النفوذ في عالم اليوم. وما تزال 'الحرب
ضد الارهاب' تمثل واحدا من اكبر
التحديات التي تواجه هذا العالم
النووي، وتؤكد ان خفض عدد الرؤوس
النووية لدى الدول الكبرى ليس حلا
ناجعا للهواجس الامنية، ولا يمنع
احتمال حصول المنظمات التي تمارس
العنف مثل 'القاعدة' على السلاح النووي.
ولا شك ان استمرار الفشل الامريكي في
توفير قيادة سلمية للعالم، وعدم
قدرتها على حسم الحروب التي بدأتها
سواء ضد الارهاب ام في افغانستان
والعراق، ساهم في تعميق الشعور
بالاحباط من امكان القضاء على مصادر
اضطراب الامن الدولي، وكرس سباق
التسلح سواء بين الاطراف التقليدية (امريكا،
روسيا، الناتو، الصين ... الخ) ام مع
الدول التي ترفض الانخراط ضمن منظومة
النظام السياسي التقليدي التي تتزعمها
في الوقت الحاضر الولايات المتحدة
الامريكية، مثل ايران وكوريا الشمالية
وبعض دول امريكا اللاتينية مثل
فنزويلا، ام مع مجموعات العنف التي
تتوسع دائرتها وتأثيرها برغم
استهدافها باحدث وسائل التدمير
الحديثة خصوصا طائرات 'درون' التي توجه
نحو اهدافها بدون طيار. والسباق هذه
المرة ليس على نوع السلاح او حجمه، بل
حول خلق واقع جديد لكسر ارادة الطرف
الآخر. هذا ما يجري في افغانستان،
واليمن والصومال والشيشان. وقد طرحت
كوريا الشمالية في الشهور الاخيرة
بالونة اختبار عندما استهدفت مواقع
حدودية في كوريا الجنوبية، وكشفت
جانبا من قدراتها العسكرية من جهة
واستعدادها لاثبات وجودها العسكري
بالقوة لو اقتضى الامر من جهة اخرى.
وتخشى الولايات المتحدة ومعها حلف
الناتو من قيام محور سياسي - عسكري يضم
الصين وكوريا الشمالية وايران
وفنزويلا، يمتلك اسلحة تقليدية
ونووية، وقادر على اعادة الحيوية
لظاهرة السباق النووي واجواء الحرب
الباردة. ومن المؤكد ان السياسات
العسكرية الاسرائيلية تساعد على رسوخ
ظاهرة الاستقطاب الدولي هذه، نظرا
لوجود ارضية على مستوى العالم ترفض
سياسات الاملاء الامريكية وتسعى لخلق
عالم خال من أسلحة الدمار الشامل خصوصا
السلاح النووي. الامر المثير للقلق هذه
المرة غياب دور فاعل للامم المتحدة
التي تم تهميش دورها تدريجيا اما
بالتوقف عن دفع المستحقات المالية من
قبل الدول الاعضاء من جهة، او اخضاعها
للاملاءات الامريكية التي تتميز
بازدواجية المعايير والانتقائية
خصوصا في اطار الصراع العربي
الاسرائيلي. الوثيقة
السرية البريطانية التي كشف النقاب
عنها تؤكد امورا ثلاثة ذات أبعاد
استراتيجية: اولها ان الكيان
الاسرائيلي كان يمتلك اسلحة نووية منذ
اكثر من ثلاثين عاما، برغم انتهاجه
سياسة التعتيم الكامل على مشروعه
النووي، بعدم توقيع اتفاقية الحد من
انتشار الاسلحة النووية، ان بي تي،
ورفضه التعاون مع الوكالة الدولية
للطاقة الذرية وما يفرضه ذلك التعاون
من ضرورة السماح لمفتشي الوكالة
بمراقبة مشروعه النووي في صحراء النقب.
وهذا يعني ان مردخاي فعنونو، الفني
السابق بمفاعل ديمونا الاسرائيلي،
عندما اطلق جرس الانذار في مقابلته
التاريخية مع صحيفة 'صنداي تايمز'
البريطانية في 1986، انما كان مدفوعا
بالضغوط النفسية التي كان يعاني منها
وهو يرى التعتيم المطبق على المشروع
النووي الاسرائيلي. ولذلك دفع الثمن
باهظا، اذ ما يزال يتعرض للقمع
المتواصل ويتردد على السجن بين الحين
والآخر. ثانيها: ان الجانب الاسرائيلي
اعطى نفسه الحق في استعمال ما يشاء من
اسلحة في حالة المواجهة مع اي طرف
عربي، ولم يتردد في إطلاع حلفائه
الغربيين على نواياه العدوانية، خصوصا
في غياب اي موقف رادع منهم لسياساته
وتصرفاته. بل ان هؤلاء الحلفاء لم
يتخذوا مواقف انسانية مشرفة عندما شن
الحروب ضد الدول والمجموعات العربية.
هؤلاء الحلفاء هم الذين رفضوا الدعوة
لوقف اطلاق النار في العدوانين
الاخيرين ضد حزب الله اللبناني ومنظمة
حماس الفلسطينية، على امل ان جهوده
العسكرية سوف تحدث تغييرات استراتيجية
في المنطقة. ثالثها ان الكيان
الاسرائيلي، وفق هذه الوثيقة، يمثل
خطرا ليس على الدول العربية المجاورة
بل على الامن والاستقرار الدوليين،
لانه امتلك السلاح النووي وخالف بذلك
روح معاهدة ان بي تي، ويصر على
الاحتفاظ بقدرته على القيام بالضربة
الاولى في المفاصل التاريخية الحاسمة،
سواء بالحرب التقليدية مستعملا
الطائرات والصواريخ الامريكية، ام
بالحرب النووية التي امتلك اسبابها
برغم انف العالم. السفير البريطاني
الذي كان يخاطب وزارة خارجيته لم يطرح
ما يعتقده خطوات ضرورية لاحتواء الخطر
الاسرائيلي، بل كانت رسالته بمثابة
لفت النظر الى ما كان يعتبره 'حقائق'
على الارض يجدر بحكومته الاحاطة بها
لكي لا تفاجأ بما ليس في الحسبان. ماذا
يعني ذلك؟ ثمة امور عديدة يمكن
استنتاجها من هذا السجال. اولها ان
امتلاك القوة المادية لا يكفي الا اذا
كان مشفوعا بامكانات تصنيعية وتطويرية
اخرى. ثانيها: ان 'اسرائيل' هي التي بدأت
الحروب كلها تقريبا، وما تزال تهدد
العرب والمسلمين بالحرب والعدوان. فهي
التي دمرت المفاعل النووي العراقي (أوسيراك)
في العام 1981 مستغلة ظروف الحرب
العراقية الايرانية، ولم يصدر آنذاك
اي شجب دولي لذلك العدوان السافر. وهي
التي اجتاحت لبنان في 1982 وحاصرت عاصمة
عربية لمدة ثلاثة شهور، وهي التي شنت
العدوان تلو العدوان على اهداف في
لبنان وفلسطين والعراق وتونس (بالاضافة
لمصر وسوريا والاردن)، وهي التي تهدد
في الوقت الحاضر باستهداف ايران
عسكريا، ثالثها: ان استمرار الولايات
المتحدة في رسم سياساتها وعلاقاتها
الدولية على اسس القوة والتفوق
العسكري لا يخدم الامن والسلام
الدوليين. وقد اثبتت الوقائع عجز القوة
العسكرية عن حسم الخلافات الدولية
وحدها. وافغانستان تثبت ذلك. فبرغم ما
تشيعه واشنطن عن تحقيق انجازات عسكرية
واسعة في ذلك البلد، فقد اصبحت لديها
وحلفائها قناعة بعدم امكان حسم
المشكلة عسكريا، وضرورة طرح مسار
سياسي تشارك فيه حركة طالبان. وهذا
اقرار بان القوة العسكرية وحدها لا
تكفي ولا تحقق الحل الذي يؤدي الى
الاستقرار. فالامكانات العسكرية غير
المدعومة بايمان داخلي لدى الجنود بما
يفعلونه، فشلت في دحر مجموعات مقاتلة
لا تملك من ادوات القوة الا النزر
اليسير. وهذا الامر نفسه ينطبق على
الوضع في فلسطين المحتلة. فبعد ستين
عاما من الاحتلال، فما يزال الحل
السياسي مستعصيا، وقد فشلت كافة
محاولات تمرير حلول منحازة ضد الشعب
الفلسطيني. وفشلت واشنطن هي الاخرى في
تجميد بناء المستوطنات، فضلا عن وقفها
تماما. والاخطر من ذلك ان تكتفي السلطة
الفلسطينية بالمطالبة بالتجميد،
وتعتبر رفض التجميد ذلك مبررا لوقف
المفاوضات، ولا تصر على الغاء بناء
المستوطنات جملة وتفصيلا وازالة ما
بني منها على الاراضي التي احتلت عام
1967. ايا كان الامر فمطلوب اعادة النظر
في مشاريع الحل السياسي واعادة
صياغتها على ارضية امتلاك قوة مادية
رادعة، لاحتواء التهديدات
الاسرائيلية المتواصلة. مطلوب تحجيم
القدرات العسكرية الاسرائيلية كشرط
اساس لاستقرار المنطقة وامنها، وردع
الصهاينة عن شن اعتداءات جديدة سواء ضد
الفلسطينيين ام اللبنانيين ام
الايرانيين. ومطلوب، الى جانب ذلك،
امتلاك اسباب القوة وليس قطع السلاح
الباهظة الثمن فحسب، ومن ذلك تطوير
القدرات التصنيعية والعلمية. وقد
اثبتت تجارب العقود السابقة ان
ترسانات الاسلحة العملاقة لا توفر لدى
مالكيها قوة الموقف والثقة الكافية
بشرعية الموقف وضرورة الدفاع عنه. ان
ايديولوجية التسلح ضرورة لضمان القوة
الرادعة، وهذا ما لم يتوفر حتى الآن. '
كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن ====================== تفجير
الإسكندرية.. والأصابع الإسرائيلية فؤاد
حسين الرأي
الاردنية 5-1-2011 منذ
اللحظة الأولى لتفجير السيارة المفخخة
الذي وقع قبالة كنيسة القديسين في
الإسكندرية وأصابع الاتهام توجه لقوى
خارجية. من
أرادوا أن يوجهوا أصابع الاتهام الى
القاعدة، التي باتت مشجب الكثير من
العمليات التي لا علاقة لها بها، قالوا
إن العملية تمت بواسطة إنتحاري،
مستثمرين تبني القاعدة لعملية إقتحام
كنيسة سيدة النجاة ببغداد، وتهديدها
لأقباط مصر على خلفية قضية فتاتين
قبطيتين إعتنقتا الاسلام محتجزتين في
الاديرة. ومن يبحثون عن الحقيقة إكتفوا
بالاشارة الى الاصابع الخارجية دون
تحديد هويتها. علما أن أصابع خارجية قد
تعني التخطيط فقط، وقد تعني التخطيط
والتنفيذ. وبالعودة
الى تاريخ التفجيرات في مصر ثمة سؤال
مشروع يجب طرحه دائما وأبدا ما لم يثبت
خلافه، لماذا لا يتم البحث عن الأصابع
الإسرائيلية في التفجير خاصة وأن
القاعدة لم تعلن بعد مسؤوليتها عن
التفجير. ولو عدنا الى الخمسينيات من
القرن الماضي حين حدثت تفجيرات في
القاهرة سميت في ما بعد ب «فضيحة لافون»
نسبة الى لافون أحد وزراء إسرائيل الذي
أوعز الى الموساد بتفجير بعض المصالح
الأمريكية ليوقع ما بين نظام ثورة
يوليو وأمريكا. واستطاعت المخابرات
المصرية كشف خيوط العملية والمنفذين.
حينها اتصلت القاهرة بالسفارة
الأمريكية مبلغة إياها أنها تمتلك
الوثائق التي تثبت وقوف الموساد خلف
تلك التفجيرات فشددت أمريكا على أن لا
تعلن مصر ذلك، واتفق وقتها على نسبة
العملية إلى عدو مشترك. ولم تكن حينها
قد أعلنت إسرائيل أو الموساد أي شيء
يوحي بإهتمامه بضرب العلاقات المصرية
الأميركية، أما اليوم فنحن أمام
تصريحات علنية لقادة اسرائيليين تؤكد
إهتمامهم بالساحة المصرية وتحقيق
خروقات فيها، بل بالعمل على إشعال
الفتنة الطائفية في مصر. ولعل
التصريحات التي أدلى بها اللواء عاموس
يادلين الرئيس السابق للاستخبارات
الحربية الإسرائيلية «أمان» في 3 تشرين
الثاني الماضي تتطلب من كل عاقل أن يقف
برهة أمامها ويحللها. فخلال
مراسم تسليم مهامه للجنرال أفيف
كوخافى ، قال يادلين :» إن مصر هى
الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات
الحربية الإسرائيلية وإن العمل في مصر
تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979 «
مضيفا وفقا لصحيفة «كل العرب»
الإلكترونية التي يصدرها فلسطينيو ال
48: « لقد أحدثنا الاختراقات السياسية
والأمنية والاقتصادية والعسكرية في
أكثر من موقع ونجحنا فى تصعيد التوتر
والاحتقان الطائفي والاجتماعي لتوليد
بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة
إلى أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة
الاهتراء داخل البنية والمجتمع
والدولة المصرية لكي يعجز أى نظام يأتي
بعد حسني مبارك عن معالجة الانقسام
والتخلف والوهن المتفشي في مصر». وقدم
يادلين الذي كان أحد المرشحين لرئاسة
الموساد خلفاً للجنرال مائير داجان
صورة تفصيلية لعمل الاستخبارات
الحربية الإسرائيلية فى فترة رئاسته
داخل أراضى عدد من الدول العربية مثل
مصر والسودان وسوريا ولبنان لا يتسع
المقام لتفصيلها. ولو
قمنا بجردة سريعة لعدد الشبكات
الإسرائيلية التي تم كشفها في مصر وتم
الإعلان عنها لوجدنا قرابة ثلاثين
شبكة تجسس تم كشفها في آخر عشرين عاما،
وكلها تعمل لصالح إسرائيل إلا شبكة
واحدة تم كشفها تعمل لصالح الولايات
المتحدة، تبين ان 75% ممن يتم تجنيدهم في
هذه الشبكات التجسسية مصريو الجنسية
منذ قضية إبراهيم مصباح في 1990 إلى
القضية المثارة حالياً للمتهم طارق
حسن في 2010. وبعد
الا يحق أن نقف قليلا أمام سؤال
إمكانية ضلوع اصابع صهيونية وراء
تفجيرات كنيسة القديسين في
الإسكندرية، فقط للتنبه لما يحاك لمصر
بعد فصل جنوب السودان. ====================== تفاقم
الصراع بين أبو مازن ودحلان يضع فتح
على فوهة بركان وكالة
ميلاد 3/1/2011 رغم
تحذيرات إسرائيلية وجهات عربية ودولية
بعدم المساس بمحمد دحلان ومشروع
المستقبل القادم لأمريكا وإسرائيل على
أنقاض فتح وسلطتها الوطنية وإنكار
منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي
ووحيد... وهو المشروع الذي بدأ بتكريس
اقتطاع غزة وشعبها من دائرة الفعل في
دعم الشرعية الوطنية الفلسطينية
والمشروع الوطني الفلسطيني بشكل عام
لحساب جماعات ضالة منحها رابين كل
التسهيلات لإيجاد البديل لفتح و
المنظمة ودعمتها القوى التي تشكل
رصيداً لأمريكا عن علم أو جهل. ورغم
معرفة أبو مازن بالثمن الذي قد يدفعه
للإطاحة بدحلان إلا أن كرامته الشخصية
والوطنية دفعته إلى التشدد وعدم
الانصياع إلى النصائح والتحذيرات وبدأ
بعملية استقطاب للمقربين منه من أعضاء
اللجنة المركزية فيما واصل دحلان
التعبئة والحشد لكل المقربين منه
وانعكس ذلك في ثلاثة مسارات أو معسكرات
داخل اللجنة المركزية حسب مراقبين من
الدخل، فقد وضع أبو مازن في جيبه كل من:
الطيب عبدالرحيم وجبريل الرجوب ود.نبيل
شعث وحسين الشيخ وعزام الأحمد و د. محمد
اشتيه ونبيل أبو ردينة. واحتفظ
جيب الدحلان بكل من توفيق الطيراوي
وأبو ماهر غنيم ومحمد المدني وناصر
القدوة وسلطان أبو العنين ود. صائب
عريقات. أما
باقي أعضاء اللجنة المركزية وهم
المتمسكين بالتحقيق بجدية وشفافية وهم
سليم الزعنون وعباس زكي وعثمان أبو
غربية ومحمود العالول و د. زكريا الأغا
ود. جمال محيسن وصخر بسيسو، وكل
الدلائل تشير إلى أن المعسكر الثالث هو
المرجح للرئيس أبو مازن ولكن عبر آلية
مقبولة للإطاحة بالدحلان وإفراغ جيبه
من أتباعه بمقتضى القانون رغم مواقعهم
الهامة وتأثيراتهم على أكثر من صعيد
على سبيل المثال فأبو ماهر غنيم أمين
سر اللجنة المركزية ونائب الرئيس-
والطيراوي كمدير مخابرات فعلي
باستمراره رئيساً للأكاديمية الأمنية
ومفوضاً للتنظيمات الشعبية – وناصر
القوة كممثل سابق لفلسطين في الأمم
المتحدة ووزير خارجية ورئيس مؤسسة
عرفات القائد الشهيد- وسلطان أبو
العنين الرجل الأقوى لقيادة المؤسسة
الأمنية والعسكرية ولمكانته بين
اللاجئين في الخارج- فيما يأتي المدني
ودوره في أوساط فلسطيني الداخل
وتاريخه في القطاع الغربي، وقد كانوا
جميعاً في الاجتماع الذي قررت فيه
اللجنة المركزية تعليق حضور الدحلان
دون أن يمتلك أي منهم الشجاعة
الاعتراض، فيما تنحى أمين سر المركزية
أبو ماهر عن رئاسة لجنة التحقيق حيث
صدمته المفاجأة باعتباره أحد رجالات
الدحلان الذي أمن حضوره للداخل
واستضافه وقدم له المال والسكن وساعد
ولديه ماهر ومازن برتبة وزير لكل منهم
إثناء نفوذه على ديوان الموظفين العام. بناءاً
على سبق لن تكون المسألة صعبة في
المجلس الثوري بسبب اصطفاف المركزية
أولاً وللحقائق الدامغة بتورط
الدحلان، والتي هي بحوزة الرئيس أبو
مازن إلا إذا رمت إسرائيل بثقلها لصالح
الدحلان كما يروج المحسوبين عليه بأن
لديه قوة خارج الحسابات ستفاجئ الرئيس
وأنصاره. ======================
قمة
ساركوزي وأوباما والشرق الأوسط الاربعاء,
05 يناير 2011 رندة
تقي الدين الحياة هل
يثير الرئيس نيكولا ساركوزي مع الرئيس
باراك أوباما يوم الاثنين خلال
لقائهما في البيت الأبيض موضوع لبنان
وسورية وإيران ومسيرة السلام؟ بالطبع
هناك مواضيع مختلفة تهم الرئيس
الفرنسي في طليعتها إدارة العالم على
صعيد الأزمة الاقتصادية التي ما زالت
تجتاح أوروبا والغرب خصوصاً، وانه
يترأس مجموعة ال 20 ومجموعة الدول
الصناعية الثمانية. فساركوزي يهتم في
شكل كبير في إنجاح هذه الرئاسة
للمجموعتين كي تعطيه زخماً لترشيحه
المتوقع عام 2012 لولاية ثانية للرئاسة
في فرنسا. فساركوزي آتٍ لواشنطن ليقنع
أوباما بضرورة القيام بإصلاحات في
النظام الاقتصادي العالمي وهذه هي
أولويته في هذا اللقاء. إلا أنه أيضاً
يعوّل على دور لفرنسا على صعيد محادثات
السلام الإسرائيلية – السورية وأيضاً
على صعيد دفع محادثات السلام
الفلسطينية – الإسرائيلية. فباريس
أعلنت خيبة أملها من الفشل الأميركي في
دفع محادثات السلام بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، وقال ساركوزي أكثر من
مرة إن كل ثوابت السلام بين
الفلسطينيين والإسرائيليين معروفة
ولكن المشكلة في النهج الحالي. ويرغب
الرئيس الفرنسي في جمع مؤتمر واسع
تشارك فيه دول كبرى مهمة وتواكب عملية
السلام باستمرار للضغط على الأطراف. ومواضيع
البحث بين الرئيسين عديدة، فالأزمة في
ساحل العاج تشغلهما ولكن قضية الشرق
الأوسط وسورية وإيران ولبنان وتداعيات
المحكمة الدولية قد تكون بين المواضيع
التي ستثار في هذه القمة. فالإدارة
الأميركية غير راضية عن نهج الرئيس
ساركوزي في استقبال المعارضة
اللبنانية مثلما حدث مع العماد ميشال
عون. والإدارة الأميركية تختلف حول نهج
الانخراط مع سورية مع الحليف الفرنسي.
فصحيح أن الرئيس أوباما عيّن سفيره في
دمشق ملتفاً على الكونغرس في إطار
قراره بالانخراط لكن إدارته تعتبر أن
باريس هرولت في فتح أبوابها واسعة
لسورية وجعل علاقتها جيدة قبل الحصول
على تأكيد من الجانب السوري حول
استقرار لبنان وعدم تعطيل حلفاء سورية
في لبنان عمل الحكومة. وباريس ترى انه
لا يوجد تنسيق مع الإدارة الأميركية في
موضوعي لبنان وسورية لأن نهج كل من
فرنسا والولايات المتحدة يختلف في ما
يتعلق بالبلدين علماً انهما متفقان
على ضرورة استمرار المحكمة الدولية
الخاصة بلبنان وأن الإفلات من العقاب
غير مقبول لقاتلي الرئيس رفيق الحريري
مهما ضغطت المعارضة اللبنانية. ولا شك
في أن تداعيات المحكمة الدولية على
الوضع في لبنان وتأثير إيران على «حزب
الله» و «حماس» ستكون بين المواضيع
التي سيثيرها الرئيسان لدى تطرقهما
الى موضوع الشرق الأوسط. فباريس تريد
تجنيب لبنان اندلاعاً أمنياً أو
تأزماً للوضع فيه عندما يصدر القرار
الاتهامي الذي قد يكون في شباط (فبراير)
أو آذار (مارس) المقبل، وقد بدأت الجهود
الفرنسية مع استقبال الرئيس السوري
بشار الأسد في باريس عندما أكد ساركوزي
أن خياره هو الاستقرار في المنطقة وليس
الاضطراب. إلا أن هنالك لاعباً آخر على
الأرض اللبنانية وله أهمية كبرى من حيث
الأفعال المعطلة، وهو إيران التي أعلن
مرشدها أن المحكمة الدولية باطلة وغير
مقبولة. فعلى رغم أن لا أحد بإمكانه
التدخل في عمل المدعي العام الدولي
دانيال بلمار إلا أن محادثات أوباما –
ساركوزي يوم الاثنين المقبل في البيت
الأبيض ستكون مهمة بالنسبة الى الشرق
الأوسط ولن تكون حاسمة لأي موضوع نظراً
للاختلاف بين النهجين. ====================== موجة
تكاثر الكيانات وانقسامات الدول تفتت
العالم السياسي الاربعاء,
05 يناير 2011 فرنسوا
تويال * الحياة المقارنة
بين خريطة العالم السياسية في مطلع
القرن العشرين وبين خريطته في مطلع
القرن الواحد والعشرين تتكشف عن فرق
كبير: ففي أثناء القرن المنصرم حلت
حوالى 200 دولة ووحدة سياسية محل
الإمبراطورية المركبة والشاسعة التي
كان عددها القليل يملأ الأرض
ويتقاسمها. والتّفتت هذا حصل على دفعات
وفي صورة أمواج أعقب معظمها الحربين
العالميتين، ثم الاستقلالات الناجمة
عن طي السيطرة الاستعمارية على
أفريقيا وبلاد البحر الكاريبي والمحيط
الهادئ والعالم العربي. والموجة
الأخيرة، موقتاً، أسفرت عن تفكك
الكتلة السوفياتية، وظهور نحو 20 دولة
جديدة في شرق أوروبا وآسيا الوسطى. وليس
القرن العشرين فاتحة الوجهة هذه. فهي
تعود الى القرن التاسع عشر حين تصدّعت
الإمبراطوريتان الإسبانية
والبرتغالية في أميركا، وأدى تصدعهما
الى ظهور 23 دولة مستقلة، وشهود القرن
التاسع عشر في الوقت نفسه انضمام
كيانات إقليمية منفصلة ومستقلة بعضها
الى بعض. وأنشأت دولاً وطنية مجتمعة
مثل ألمانيا وإيطاليا. والانضواء
والجمع الإقليميان تجليا كذلك في صورة
التوسع الاستعماري الأوروبي، الفرنسي
والإنكليزي والروسي والهولندي
والبرتغالي، الى التوسع الياباني
والولاياتي المتحد الأميركي في منطقة
آسيا - المحيط الهادئ. وعلى هذا، فالقرن
العشرين لم يبتدئ تفتيت العالم بل عجل
فيه وفاقمه. وقد
يبدو التفتيت هذا الثمرة المحتومة
والطبيعية لنازع المجتمعات الإنسانية
الى الاضطلاع بهويتها، وتنظيم أحوالها
في ضوء الإقرار بهذه الهوية. واكتساب
الدولة يتيح للبلد الانخراط في مجتمع
الأمم أو المجتمع الدولي، وتتويج حكم
مواطني البلد نفسهم بأنفسهم، على ما
يقضي مجرى العالم المعاصر. ولكن هل
تصدر الدول القائمة عن هويات جماعية
وقديمة تنهض عليها، وعلى ركنها
الحقيقة السياسية التي تستقوي بها
الدولة الجديدة؟ والجواب عن السؤال
ليس ظاهر البداهة. فثمة
فئة من البلدان تعود هويتها الوطنية،
وشعور أهلها الوطني وعامل الهوية
القومي (الاثني) الديني (الطائفي) فيها
الى وقت قديم، وهي حصلت على استقلالها
في اعقاب كوارث ومصائب سياسية. وتدخل
في هذه الفئة بلدان شرق أوروبا غداة 1918،
مثل بلدان البلطيق وتشيكوسلوفاكيا
ويوغوسلافيا، أو غداة تصدع الاتحاد
السوفياتي وبعض الدول البلقانية
وتقسيم يوغوسلافيا وخروج سلوفينيا
وكرواتيا والبوسنة والهرسك منها.
وخرجت من الدولة السوفياتية شعوب
قديمة تتمتع ببنية متينة مثل أوكرانيا
وأرمينيا وجورجيا وآذربيجان
وجمهوريات آسيا الوسطى. والفئة
الثانية من البلدان تجمع وحدات سياسية
حازت الاستقلال في غلاف اقليمي تخلف عن
التقسيمات الاستعمارية. والحق أن هذه
التقسيمات نجمت عن تنافس
الإمبرياليات، أو عن تنافس الإدارات
داخل السيطرة الواحدة، وهي حال
افريقيا الغربية الفرنسية وافريقيا
الاستوائية الفرنسية. والتنافس
الداخلي أدى الى تحريك الحدود الاثنية
والقبلية وتغييرها. واستقرت الحدود
الإدارية، حين انحسار السيطرة
الاستعمارية، حدوداً قانونية دولية.
ومعظم هذه الحدود اختط في ضوء اعتبارات
اقتصادية أو جغرافية محضة. وأهمل
اختطاطه على هذا النحو الوقائع
الاثنية السكانية والروابط الجماعية
والتاريخية. وخلف ضعف تجانس الكيانات
والوحدات السياسية حين استقلالها،
مسألة وحدتها وتماسكها الوطنيين.
وتعاني هذه البلدان، اليوم، مشكلات
حدود داخلية وخارجية، ونزاعات بين
الأقوام المتفرقين. وخلاصة
الأمر في الفئتين هاتين أن ثمة بلداناً
ولدت في القرن العشرين سبقت الأمة،
وسبق الوجدان الوطني أو القومي حقيقة
وطنية، على مقادير متفاوتة من النجاح.
ويقود هذا الى التماس الأسباب التي أدت
الى العدد الكبير من الدول في أوائل
القرن العشرين ومنتصفه وأواخره. يُعلل
تكاثر الدول على أربعة وجوه. ويذهب
الوجه الأول الى ان النازع هذا هو ثمرة
تطور سياسي طبيعي. فالتاريخ يتبلور
تدريجاً هويات جماعية لا تلبث أن تتحرر
وتنشئ دولها. ويذهب الوجه الثاني الى
ان الظاهرة هذه هي وليدة المصادفة
التاريخية. والوقائع السياسية
والوطنية تقود الى تكاثر الدول وكان
ممكناً ألا تقود اليه. وما على المراقب
إلا تقرير هذه الوقائع. وينتخب الوجه
الثالث من العوامل الكثيرة المحتملة
أنانية بعض الجماعات الأوليغاركية،
ورفضها اقتسام الثروات. وهو يعزو الى
الرفض الاناني الانقسامات والنزعات
الانفصالية. ولا يعدم هذا الرأي
استشهاد أحوال معروفة مثل انحلال
الانتيل الانكليزية نتيجة رغبة
جامايكا الغنية في الاحتفاظ لسكانها
بعوائد ثرواتها، أو مثل ادارة سلطنة
بروناي الظهر للاتحاد الماليزي،
وإمارة قطر لاتحاد الإمارات العربية
في 1972، وسعي بيافرا النفطية في
الانفصال عن نيجيريا وكاتانغا الغنية
بالمناجم الانسحاب من الكونغو
البلجيكي المستقل. والامثلة على توسل
تكتل مصالح قوية (بعض الدول، الشركات
المتعددة الجنسية) بجماعة محلية الى
تحقيق مصالحه وسلخ الجماعات المحلية
عن كتلة سياسية تبلورت في عهد
الاستعمار، هذه الأمثلة لا تحصى عدداً. ويشدد
الوجه الرابع على دور القوى
الاقتصادية العالمية في تقاسم
الموارد، وتيسير الطرق الى بلوغها
بواسطة الأبنية السياسية المؤاتية.
ويستجيب انشاء كيان سياسي مستقل وقائم
بنفسه الحاجة الى تأمين مصادر أولية
حيوية، والى رعايتها، على ما هي حال
قطر والبحرين والكويت وغيرها. وقد
تستجيب كيانات دول أخرى الحاجة الى
تأمين موقع استراتيجي عسكري أو
اقتصادي بارز. وهذه حال سنغافورة
المطلة على المضائق الماليزية، أو
الأوروغواي المتحكمة في دالتا لا
بلاتا، أو بناما على رأس الممر المائي
الذي يحمل اسمها. وقد يدعو الهاجس
الأمني الى تقسيم بلد يثبت تقسيمه
نفوذاً مباشراً قائماً أو آتياً. ولعل
انفجار الصومال في العقد الأخير من
القرن العشرين، وهو يقع على طريق
النفط، و «بلقنة» الواجهة البحرية
اليوغوسلافية على الادرياتيك، مثلان
على هذا النهج. وتتوسل كتل القوى
الضالعة في التقطيع والتجزئة
بالنزاعات الوطنية والدينية والقومية
(الاثنية) الى بلوغ غاياتها. ويفترض وجه
التعليل هذا تعمد استراتيجيات مدركة
ومدروسة تفجير النزاعات، وتولي كتل
مصالح وطنية أو مركبة رسم
الاستراتيجيات وإنفاذها. ويلاحظ
بعض المراقبين، مثل هوبير فيدرين،
وزير الخارجية الفرنسي السابق، أن
تفتت العالم دولاً وكيانات سياسية
متكاثرة يرسخ الفرق بين بلدان غنية،
تتمتع بهوية متينة ومتماسكة وتتربع
على عرش السلطة (العالمية)، وبين اخرى
تقتصر على ظاهر الدولة وصورتها
الخاوية. وبلدان الفريق الثاني لا تملك
جيشاً فعلياً، ولا قوة اقتصادية
ومالية ولا ادارة فاعلة. فأورثت الحرب
الباردة، وفريقاها او معسكراها،
العولمة فرقين من نمط مختلف: الاول هو
الفريق الغالب والثاني هو المغلوب.
وقياساً على موارد دول مثل الولايات
المتحدة والصين وروسيا واليابان
وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا
واسبانيا والهند وربما البرازيل وكندا
وأوستراليا، لا شك في أن كفة البلدان
الاخرى خفيفة. ويؤدي
تفتت البلدان الى تفاقم ضعفها وعجزها،
على ما هو ظاهر للعيان. فهل السبب في
التفتت هو ارداة اخضاع متعمدة ومدركة
ام هو انتهاز فرصة متاحة حال اطلالتها؟
وقبل التصدي لمسألة المسؤولية عن
التفتت، ينبغي الانتباه الى أنه يصيب
القارات والنواحي الإقليمية من غير
استثناء، أولاً، وهو لم يبلغ مداه أو
نهاية مطافه، ثانياً. ففي أوروبا، لا
تسلم دول قوية ومتينة من فورة الحركات
والتيارات المحلية أو المناطقية، على
ما يُرى في اسبانيا (بلاد الباسك،
كاتالونيا) وبريطانيا (سكوتلندا،
إرلندا) وفرنسا (بلاد الباسك وبريطانيا)
وايطاليا (الشمال، الجنوب الصقلي
والسرديني). ويتوقع، بشرق أوروبا
وجنوبها، أن يستقل المونتينيغرو عن
صربيا، وأن تنشأ دولة ألبانية ثانية في
كوسوفو. ولا يبعد أن تتنازع اوكرانيا
كتلتان لا تشتركان في اللغة، وفي
المصالح، ولا في المعتقد. وقد
تقود الابنية الاجتماعية – الاثنية
الغالبة على بلدان افريقيا الحالية،
غداة الاستعمار، دولها الى الانفجار.
فالنزاعات الانفصالية والاستقلالية
قوية في جنوب افريقيا ونيجيريا
وأنغولا وزيمبابوي والسودان واثيوبيا.
وليس العالم العربي بمنأى عن هذه
النزعات. فالمغرب والجزائر يعانيان من
المسألة البربرية. ويغذي النفط في
منطقة سرت رغبات قوية في الاستحواذ على
العوائد. وتتخبط بلدان المشرق، لبنان
وسورية والعراق، في نزاعات اهلية قد
تؤدي بها الى الانفراط دويلات صغيرة.
وتدب في بلدان عربية موحدة، مثل اليمن،
صراعات تمتحن وحدتها امتحاناً عسيراً.
وبعض الدول القديمة، مثل إيران، تضج
بنزعات انفصالية، عربية (الاهواز)
وبلوشية (حول زهدان) وكردية. وفي الباب
نفسه، تندرج تركيا وباكستان والصين
والهند والفيليبين. فلا تأمن بلدان
مؤتلفة السكان من جماعات عرقية او
لغوية ودينية متفرقة، وقائمة في منطقة
غنية بالموارد الاستراتيجية، التعرض
لامتحان تماسكها لدى اندلاع ازمة
داخلية أو دولية عابرة أو عميقة. وحمل
انفراط عقد هذا العدد الكبير من
البلدان، او جواز انفراط عقدها في
اختتام احتدام نزاعاتها الداخلية على
خطة متعمدة تنفخ في فوضى مفتعلة لا
يستقيم في ميزان الملاحظة ولا في ميزان
المنطق. فالقوى المستعمرة بذلت جهدها
عشية الاستقلالات، في سبيل الحفاظ على
هياكل سياسية مركبة في افريقيا والبحر
الكاريبي والخليج، من غير أن تفلح.
وبادر المواطنون المحليون الى
الانفصال. فهم لم يقبلوا، في العالم
الثالث والعالم السوفياتي السابق،
بديلاً عن شكل الدولة – الأمة. فهذا
الشكل وحده، في حسبانهم، يتوج الحرية
السياسية، ويرعى تفتح الهويات
الجماعية المولودة من التاريخ.
فالسيادية العامة هي ثمرة الحق في
تقرير المصير، وإقراره غداة الحرب
الأولى. والحق ان هذا، بدوره، ورث
الحركات الوطنية التي ملأت القرن
التاسع عشر الأوروبي وأرست كيانات
الدول – الأمم على أنقاض
الإمبراطوريات المؤتلفة من شعوب
وأقوام كثيرة. وواتى تفتت العالم
أنانية الشعوب الصغيرة والضعيفة، على
نحو ما واتى مصالح الدول القوية،
الاقتصادية والسياسية، معاً. ولكن
المواتاة المزدوجة هذه ليست وليدة خطة
واحدة حاكت أيادي خفية، أو ينبغي القول
إن «عناية» هائلة قسمت الحظوظ قسمة
ظالمة رغب فيها المتخاصمون. *
باحث، عن «لو ديبا» الفرنسية، 5 - 8/2002،
إعداد منال نحاس ======================== انعطاف
العولمة في 2010 وانتقال الرأسمالية الاربعاء,
05 يناير 2011 نيكولا
بافيريز * الحياة لم
تشهد سنة 2010 خروج الولايات المتحدة
وأوروبا من الأزمة المالية، وهي آذنت
بانتقال الرأسمالية العالمية نحو
الشرق والجنوب. فالدول النامية ارتقت
قوى «صاعدة». وبلغ معدل نمو الدول هذه
6.5 في المئة، في وقت لم يتعد نمو الدول
المتقدمة عتبة ال1.5 في المئة. وانتقلت
الصناعة من دول منظمة التعاون
والتنمية إلى آسيا والجنوب. وبلغ الدين
العام في دول الشمال 90 في المئة من
الناتج المحلي، وتقلص في دول الجنوب
إلى 32 في المئة. وفي جعبة الدول هذه 80 في
المئة من الاحتياط النقدي. وصارت
الدول النامية صاحبة الكلمة الأخيرة
في شؤونها، سواء تناولت قراراتها رفع
حصة إسهامها في صندوق النقد الدولي
مروراً بمشاريع الإصلاح المالي
الدولية، وصولاً إلى المفاوضات
التجارية أو المناخية. وبدا أن الأزمات
ومشكلات التضخم المالي والبطالة نزحت
إلى دول الشمال، في وقت تميل دول
الجنوب إلى النمو والاستقرار. وتفوقت
الصين على اليابان، ونموه الاقتصادي
متعثر منذ 1990 إلى اليوم، وتربعت محله
ثاني قوة اقتصادية عالمية. ومعرض
شانغهاي الدولي هو واجهة الصين
التكنولوجية ومختبر مدنها المستقبلية.
والانتخابات في البرازيل وتداول
السلطة هما قرينة على أن النموذج
الصيني الاقتصادي – السياسي ليس عاماً
وجامعاً، وأن انطلاق الدول النامية
الاقتصادي ليس رهن مصادرة الحريات
والإحجام عن إرساء الديموقراطية.
والرياضة هي مرآة تغيرات العالم. ولم
يعد الغرب يحتكر استضافة مباريات كأس
العالم. وهذه نظمت في جنوب أفريقيا،
وستنظم في البرازيل وروسيا وقطر. ولم
تقوض الأزمة العولمة، بل رفعت وتيرتها
وغيرت وجهها. ويلوح في الأفق بروز دول
جديدة، منها اندونيسيا، والمكسيك،
وجنوب أفريقيا، وتركيا، اثر موجة بروز
الصين والهند والبرازيل والتنانين
الآسيوية (كوريا الجنوبية وتايوان
وسنغافورة). وبلغ النمو الاقتصادي
المرتفع في أميركا اللاتينية (6 في
المئة) وأفريقيا (5 في المئة). ونمو
الدول النامية يتذرر. والعولمة تعيد
رسم وجه الأقطاب الإقليمية. فعلى سبيل
المثال، ارتقت الصين منطقة تبادل
تجاري حر ومنطقة مالية محورها اليوان.
والعملة الصينية لم تعد عملة محلية
فحسب، وهي تتعولم. وبلغت قيمة
التبادلات باليوان400 مليون دولار،
يومياً. وتميل القوى النامية إلى توجيه
نموها نحو أسواقها الداخلية، في وقت
تعاظمت مديونية الأسر في الدول الثرية.
ولا يستهان بحجم حصة دول الجنوب من
الاستهلاك العالمي. فهي بلغت 34 في
المئة، بينما لم تتجاوز حصة الولايات
المتحدة من الاستهلاك هذا 27 في المئة.
والصين ارتقت أضخم سوق سيارات في
العالم. والحق
أن العولمة، وهي من بنات الغرب، أسهمت
في إفلات الرأسمالية من أيدي الغرب.
وقوضت الأزمة صدقية الولايات المتحدة.
فهي أفضت إلى تقويض أوالية ضبط الأسواق
وخسارة أميركا ريادتها الأسواق
والرأسمالية. ولحقت الولايات المتحدة
بركاب أوروبا، وبدا وكأنها انضمت إلى
العالم القديم. ولم يعد الأميركيون
يستسيغون المخاطر. وثقة الأميركيين في
قدرات بلدهم تنحسر، في وقت يخشون أفول
قوتهم وتراجعها أمام الصين. وتنزلق
أوروبا إلى أتون أزمة مردها إلى نمو
ضعيف وبطالة واسعة التفشي، وأزمة
الديون العامة وضعف المؤسسات
الأوروبية وتباين مشكلات اقتصادات
منطقة اليورو. ويعود
الفضل في بروز الدول النامية، وهو مرآة
تقدم اقتصادي واجتماعي وأخلاقي، إلى
العولمة. فالنمو الاقتصادي انتشل نحو
بليون نسمة من دوامة الفقر المدقع،
وأسهم في بروز طبقة وسطى جديدة. *
معلّق اقتصادي، عن «لوبوان» الفرنسية،
23-30/12/2010، إعداد منال نحاس ===================== عيدالمنعم
سعيد الشرق
الاوسط 5-1-2011 بدأ
عقد آخر من القرن الواحد والعشرين؛ ومع
بداية العام الجديد فإن الحساب الذي
اعتاد عليه الناس هو عما إذا كان
تغييرا قد حدث، ومدى عمقه بحيث يصبح
علامة من علامات السنين الفارقة بين
زمن وآخر. والحقيقة هي أن الزمن ليس
ساعات ودقائق وأياما وسنوات بقدر ما هو
تاريخ تجري فيه الأحداث من خلال صيرورة
مستمرة تمتد أصولها في الماضي وتجري
نتائجها في المستقبل. ولذا فإن العقد
الثاني ليس منفصلا عن العقد الأول، ولم
تكن بداية الألفية الثالثة خطا فاصلا
مع ما سبقها من ألف عام. خذ
مثلا أنه حدث انتقال من الحرب الباردة
إلى الحرب الساخنة في العقد الأخير من
القرن العشرين، فمع انتهاء الحرب
الباردة بتفكك وانهيار الاتحاد
السوفياتي وانفراد الولايات المتحدة
بقيادة النظام الدولي تصاعدت نزعة
التدخل الدولي بالقوة أو الاستخدام
القسري لها بدعوى الأغراض الإنسانية،
وهو ما وجد حالات تطبيقية له في العراق
في عام 1991، مرورا بالصومال في عام 1992،
ثم رواندا وهايتي في عام 1994، وانتهاء
بكوسوفو وتيمور الشرقية في عام 1999.
وعاد ذلك بقوة مع العقد الأول من القرن
الواحد والعشرين في عهد إدارة الرئيس
جورج دبليو بوش، حيث وعد منذ البداية
بزيادة حجم الإنفاق العسكري الأميركي.
ومع وقوع أحداث 11/9، تمثل مبدأ بوش في أن
الحرب على الإرهاب لها الأولوية في
السياسة الخارجية. وقد حدد بوش ملامح
مبدئه ضد الإرهاب في 20 سبتمبر (أيلول)
2001، حيث ذكر أن كل دولة في أي منطقة من
العالم عليها أن تتخذ قرارا سواء أن
تكون معنا أو تكون مع الإرهابيين. وأنه
من الآن فصاعدا فإن أي دولة تستمر في
توفير الحماية والمأمن للإرهاب سوف
تعتبر نظاما معاديا للولايات المتحدة.
ومن هنا، جاء القرار من داخل الإدارة
الأميركية وخارجها بضرورة إسقاط نظام
طالبان في أفغانستان (2001) ونظام صدام
حسين في العراق (2003). كما اتضح عودة
اللجوء إلى القوة العسكرية أثناء
المواجهة الروسية - الجورجية، التي
اندلعت إثر القصف الذي قامت به جورجيا
لأوسيتيا الجنوبية في 8 أغسطس (آب) 2008.
ورغم ما بدا حينذاك أنها أزمة إقليمية،
فإنها سرعان ما تطورت إلى أزمة دولية
بعد التصعيد الروسي ورغبتها في
استعادة مناطق النفوذ التقليدية لها
واستعدادها لدخول مواجهات مع الولايات
المتحدة. وفى الشرق الأوسط فإن إسرائيل
شنت حربين، واحدة في لبنان في صيف عام
2006؛ وبعد عام ونصف العام كانت تشن حربا
أخرى في غزة. تغير
آخر تمثل في عودة دور الدولة كفاعل
رئيسي في العلاقات الدولية، فلم يعد
ممكنا تجاوزها من المنظمات الدولية،
والشركات متعددة الجنسية، والمنظمات
غير الحكومية، فباتت الدولة لا يمكن
تجاوزها، وهو ما أدى إلى إعادة
الاعتبار لمنظور المدرسة الواقعية،
الذي يعتبر الدولة وحدة التحليل
الرئيسية في العلاقات الدولية وهي أهم
الفاعلين على الإطلاق. ولم تكن هذه
الأهمية راجعة إلى ضرورات الأمن
القومي كما هو معتاد، وإنما برزت
الحاجة إلى إيجاد صيغ أخرى للأمن، يكون
مجهزا للتعامل مع الأزمات الإقليمية،
والكوارث الطبيعية، وأزمة الغذاء
وأزمة الطاقة وأزمة التلوث البيئي،
وغيرها من الأزمات التي تؤثر على
الحياة المعيشية للبشر. كما أن الاتجاه
الرئيسي في أدبيات العلاقات الدولية
والقانون الدولي يتجه الآن إلى إعادة
تعريف السيادة الوطنية لكي لا تكون في
المقام الأول احتكارا للسلطة من جانب
الدولة، وإنما تتمثل في المسؤولية عن
حماية المواطنين، بواسطة الدولة أولا،
أو بواسطة الآخرين إذا فشلت هذه الدولة.
ويفتح هذا التفسير الباب على مصراعيه
لاستخدام ما يسمى حق التدخل الإنساني،
عن حسن أو سوء نية، ولم تستطع الأجندة
الدولية حسم هذا الموضوع حسما نهائيا
حتى الآن، بل من المتوقع أن يستمر
إدراجه كبند دائم النقاش لسنوات
قادمة، خاصة في ضوء عدم الأمن الذي
تشعر به الكثير من الدول، لا سيما مع
فشلها في القيام بوظائفها والاضطلاع
بأدوارها. ومن هنا، دخل مفهوم «الأمن
الإنساني» بنود الأجندة الدولية، لكي
ينافس - إن لم يحل محل - مفهوم الأمن
القومي. التغير
الثالث أبرز محورية العامل الثقافي في
العلاقات الدولية، مع ظهور طروحات «صدام
حضارات» أو صراع ثقافات، حيث توجد
مؤشرات محددة بشأن تنامي المشاعر
المتطرفة والعداء للآخر والميول
المضادة للعولمة على نطاق واسع يتم
التعبير عنها بالصور النمطية عن «العرب
والمسلمين الشرق أوسطيين» في العقل
الغربي عموما والأوروبي خصوصا،
وبالتالي تصبح ساحات المعارك الثقافية
والتصورية لا تقل أهمية عن ساحات
المعارك العسكرية والدبلوماسية. وثمة
مؤشرات تعبر عن ذلك مثل انفجار أزمة
الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية
والهولندية مع العالم العربي
والإسلامي، وأزمة المآذن في سويسرا
وبناء مسجد «مثير للجدل» في الولايات
المتحدة. بخلاف مشكلة الإرهاب، حيث
يوجد تيار في السياسة الأوروبية يتجه
حاليا نحو المساس بالإسلام كدين، مع
الحديث عن إرهاب المسلمين، خاصة في ظل
العمليات الدموية التي شهدتها مدريد
ولندن، والتحليلات التي تبعتها. ورغم
أن مشكلة الإرهاب يمكن أن تفتح مجالا
للحوار بين الحضارات والثقافات
المختلفة حول أفضل سبل التعامل مع هذه
المشكلة المعقدة، فإن التعميم
العشوائي والتصور النمطي الغالب على
الطرفين الغربي والعربي من شأنه أن
يقلل من فرص الحوار ويزيد من احتمالات
المواجهة بالقوة العسكرية، وفي ذلك ما
فيه من مخاطر على مستقبل الأمن
والاستقرار الدوليين وليس فقط على
مستقبل الحوار والتعاون بين الحضارات. التغير
الرابع ظهر في تصاعد أدوار تكنولوجيا
الاتصال والتقنيات الحديثة في السنوات
الأخيرة، في مجالات عدة ونواح مختلفة،
لحياة البشر في مختلف أنحاء المعمورة،
واختزلت الزمن والمسافة، لدرجة أنها
خلقت عالما بديلا أو افتراضيا موازيا
بدرجة ما إلى العالم الواقعي، وهو ما
جعل مجلة «التايم» الأميركية تختار «مارك
زوكربرغ» مؤسس موقع «فيس بوك» للتواصل
الاجتماعي شخصية العام 2010، وتعرف
المجلة شخصية العام بأنها «الشخص
الأكثر تأثيرا على مجريات أحداث العام
سلبا أو إيجابا». ووفقا لرؤية المجلة،
فإن «زوكربرغ أسهم من خلال الموقع
الشهير في تغيير حياة مئات ملايين
البشر عبر خلق نظام جديد لتبادل
المعلومات». فقد بلغ عدد مشتركي «فيس
بوك» 500 مليون مشترك يرتبطون ببعضهم.
وامتد هذا التطور إلى مجالات مختلفة،
ومنها الصحافة الإلكترونية التي باتت
تتربع على عرش الصحافة العالمية بل
هددت الصحافة الورقية، لأن الصحافة
الإلكترونية الحديثة تعتمد على تقديم
محتوى تحريري مختلف عبر العرض للقارئ
من خلال الوسائط، وقبل أن ينتهي العام
الأخير من العقد الأول كان موقع «ويكيليكس»
ينبئ بأن الدنيا لم تعد كما كانت. ====================== حملة
جديدة من العداء للإسلام في أميركا التاريخ:
05 يناير 2011 د.
منار الشوربجي البيان مع
مطلع عام جديد، يبدو أن على أمتنا
العربية والإسلامية أن تستعد لجولة
جديدة من جولات العداء للإسلام
والمسلمين قادمة من أميركا، ومصدرها
هذه المرة مجلس النواب. فالنائب
الجمهوري بيتر كينغ الذي سيتولى رئاسة
لجنة الأمن الوطني في مجلس النواب
الجديد، الذي يفتتح دورته اليوم (الأربعاء)،
كان قد أعلن مؤخراً أن أحد الموضوعات
التي تحتل قمة أولوياته، هو عقد جلسات
استماع تبحث في ما أسماه «التهديد الذي
يأتي من المساجد في أميركا». والنائب
بيتر كينغ معروف بمواقفه المعادية
للمسلمين، فهو من أنصار وضع المسلمين
الأميركيين تحت الرقابة المكثفة،
واختراق تجمعاتهم أمنياً بشكل دائم. لكن
بيتر كينغ لا يتحرك وحده في الواقع،
فهو جزء من آلة سياسية ضخمة، تعمل منذ
سنوات لجعل الإسلام ذاته، وليس
الإرهاب، العدو الأول للولايات
المتحدة الأميركية. فليست مصادفة أن
يرتفع العداء للمسلمين في أميركا
اليوم، بدرجة أعلى مما كان عليه الحال
بعد سنوات قليلة من أحداث سبتمبر. فهو
عداء تصنعه صنعاً قوى منظمة، تسعى بكل
قوتها لتلك النتيجة. ومن دون الانتباه
لما تقوم به هذه القوى، يبدو غريباً
للغاية مثلاً أن يقوم 70٪ من أبناء ولاية
أوكلاهوما، التي لا يزيد عدد سكانها
المسلمين على 1٪، بالتصويت
لصالح قانون جديد للولاية يحظر
الشريعة الإسلامية فيها! والقوى
التي تعمل بشكل منظم من أجل استعداء
الأميركي العادي على الإسلام
والمسلمين، هي خليط من المحافظين
الجدد وغلاة الصهاينة واليمين الأصولي
المسيحي. ولكل من تلك القوى أسبابها
الخاصة في صنع هذا العداء، لكنهم
جميعاً استغلوا تولي رئيس أسود لعائلة
أبيه جذور إسلامية، من أجل تأجيج البيض
المحافظين الذين يجدون في تنامي
التعددية العرقية والإثنية والدينية
الأميركية، خطراً على مقدراتهم. ورغم
أن تلك القوى جميعها لا تردد صراحة
أكذوبة إسلام أوباما، إلا أنها تسعى
لتغذيتها عبر تجنب نفيها، واستخدام
خطاب ملتبس يؤجج الشكوك بشأنها
ويجعلها تصب في هدفهم الرامي لإقناع
أكبر عدد من الأميركيين، بأن هناك
مؤامرة إسلامية تهدف للإطاحة بدستور
البلاد وتطبيق الشريعة بدلاً منه. ولا
تستهدف تلك القوى الجماعات الإرهابية
التي تنسب نفسها للإسلام، وإنما
تستهدف الإسلام نفسه. وبعد أن كانت
تستخدم عبارات ملفقة في عهد بوش من نوع
«الفاشية الإسلامية»، انتقلت اليوم
إلى نقطة أعلى، حيث صارت تستهدف صراحة
الشريعة الإسلامية ذاتها، باعتبارها «الخطر
الذي يهدد أميركا»! فمنذ
عدة شهور كان «مركز سياسات الأمن»، قد
أصدر تقريراً من 177
صفحة عنوانه «الشريعة: التهديد
لأميركا». والمركز المذكور هو أحد
معاقل المحافظين الجدد، ولعب دوراً
مهماً في الترويج لغزو العراق،
والدفاع عن التعذيب في السجون
الأميركية، وغيرهما من الجرائم التي
ارتكبها بوش الصغير. ورئيس المركز
فرانك جافني، هو واحد من أكثر الصهاينة
المتعصبين ضد العرب والمسلمين، وخطابه
ينضح بعداء مرضي لكل ما هو عربي أو
إسلامي. أما
التقرير نفسه فيعتبر أن «التهديد
الرئيسي في هذا العصر»، هو الشريعة
الإسلامية! ويزعم أن الخطر الذي يتهدد
أميركا لا يأتي فقط من الإرهابيين
الذين يحملون سلاحاً، وإنما من كل مسلم
يؤمن بالشريعة، لأن إيمانه بها معناه
أنه يؤمن «بالجهاد الحضاري»، الذي هو
في تعريف التقرير وكتبته، عبارة عن عمل
منظم وخفي يهدف لتقويض أميركا من
الداخل وهدم دستورها، والسعي لإقامة
الخلافة الإسلامية فيها وفرض الشريعة
عليها. والتقرير
في جمعه للمعلومات وطريقة عرضها، يمثل
حالة فريدة من التلفيق، وينطلق من
الهجوم على الشريعة لينتهي في توصياته
إلى مكارثية جديدة تمارس ضد المسلمين
الأميركيين، بل وربما المسلمين عموماً.
فهو يوصي الحكومة الأميركية بحظر أية
ممارسات مصدرها الشريعة، على الأرض
الأميركية. وهو يعطي مثلاً على تلك
الممارسات، بالزكاة التي يؤديها
المسلمون بناء على عقيدتهم الدينية.
كما يدعو التقرير إلى التفتيش في الكتب
عموماً والمدرسية منها خصوصاً،
وتنقيتها من أية إشارة إيجابية
للشريعة الإسلامية. بل ويطالب بحظر
توظيف أي أميركي يدين بالإسلام، في
وظيفة حكومية إذا كان يؤمن بالشريعة،
ومنع هجرة أي مسلم يؤمن بها إلى أميركا.
ويدعو التقرير صراحة إلى تشجيع
المسلمين على إدانة الشريعة. والتقرير
منذ أن صدر قبل شهور، تم الترويج له على
نطاق واسع، من جانب القوى المنظمة التي
تسعى لتأجيج العداء للإسلام، بل
استخدمت أطروحاته ومقولاته رموز
سياسية بارزة في خطبها العلنية. فرئيس
مجلس النواب الأميركي السابق نيوت
غينغريتش، ألقى خطاباً وقتها وصف
الشريعة بأنها «تهديد وجودي لاستمرار
الحرية في أميركا والعالم». وقال إن
أميركا تواجه خطراً داهماً يتهددها،
ويتمثل في «تسلل الشريعة» إليها
تمهيداً لفرضها. بعبارة
أخرى، فإن الحملة المنظمة التي تستهدف
الإسلام والمسلمين، ليست جديدة ولكنها
مستمرة، وتتم فيها كل يوم إضافة حجر
جديد إلى الجدار العدائي الذي يتم
تشييده ضد كل ما هو مسلم. الجديد في
الحقيقة هو أن هذه القوى، التي ظلت فقط
في مراكز الأبحاث والإعلام والساحة
العامة منذ خروج بوش الابن من الحكم،
قد وجدت اليوم واحداً من رجالها أي
النائب بيتر كينغ في موقع مهم في واحدة
من المؤسسات السياسية. وهو ما يعني أن
هذه القوى الآن تستطيع استخدام منبره
السياسي كرئيس للجنة مهمة في مجلس
النواب، لنقل الحملة إلى آفاق جديدة. السؤال
المهم في كل ذلك؛ ماذا سيكون يا ترى رد
فعل سفارات العرب والمسلمين في
أميركا، وهي تشاهد ذلك الهجوم على
الشريعة يخرج هذه المرة من قاعة مجلس
النواب الأميركي؟! ====================== خيار
أوباما لا يزال العقوبات... والحوار سركيس
نعوم النهار 5-1-2011 عن
سؤالي: ماذا يجب ان يفعل الرئيس
الاميركي باراك اوباما مع ايران
الاسلامية؟ وما هي اخطار الخيار
العسكري إذا اعتمده حيالها؟ اجاب
الباحثون الكبار في عدد من مراكز
الابحاث الاميركية، قالوا: ان سياسته
الايرانية حتى الآن كانت التدرج في
زيادة العقوبات الدولية وغير الدولية
عليها وذلك من خلال تحالف دولي ضعيف.
وكان الهدف منها اشاعة اجواء سلبية في
اوساط الشعب الايراني من شأنها
التشجيع على تغيير السياسات في الداخل.
وتحديداً إضعاف الرئيس محمود احمدي
نجاد، وتقوية اعدائه وخصومه الذين
يُفترض انهم اكثر اعتدالاً منه وأقل
ميلاً لمتابعة الملف النووي لبلاده
الى نهايته. وقد تجنَّب اوباما الى
الآن عملاً عسكرياً مباشراً ومكشوفاً
ضد ايران. ولذلك فان قراره اعتماد
الخيار العسكري معها يتطلب منه نقلة
واضحة في الموقف الاميركي الرسمي من
ايران ونظامها وملفها النووي، كما
يقتضي وجود مبرر قوي فعلاً لاستعمال
القوة العسكرية ضدها. والمبرر الاقوى
والبديهي هو الادعاء ان ايران صارت قاب
قوسين او ادنى من تصنيع سلاح نووي. لا
يهم اذا كان ذلك صحيحاً أم لا. أولاً،
لأن احداً لن يكون في وسعه تحدّي هذا
الادعاء أو التشكيك فيه بمعلومات
دقيقة وصحيحة. وثانياً، لأن صدقية
اوباما في تأكيده المبرر المذكور تبقى
من دون اي شك اكبر بكثير من صدقية سلفه
جورج بوش يوم برر حربه على عراق صدام
حسين عام 2003 باتهامه بامتلاك اسلحة
دمار شامل. علماً ان معطيات كثيرة في
حينه كانت تشكك في مبرر بوش هذا وكانت
صدقيتها كبيرة. لكن قرار الحرب على
العراق كان اتخذ لأسباب متنوعة. ومن
شأن ادعاء اوباما الديموقراطي قرب
ايران من انتاج سلاح نووي يتماشى مع
مواقف الجمهوريين في اميركا، في حين لن
يكون سهلاً على الديموقراطيين ان
يعارضوه في هذا الامر او ان يجادلوه في
صحة مبرره. انطلاقاً من ذلك يصبح
اوباما مضطراً الى استخدام القوة.
علماً ان قاعدته المباشرة قد تكون
مترددة حيال ذلك. اما القاعدة الشعبية
الاوسع فقد تكون اكثر حماسة له. ولن
يكون في وسع معارضيه الجمهوريين
معارضته على الاقل في المراحل الاولى
لعمله العسكري. ولن يكون في وسع احد
مناقشة مبرره للخيار العسكري ضد ايران
او اعتباره ادعاء كاذباً. ما هو
الخيار العسكري الذي يمكن ان تعتمده
اميركا اوباما مع ايران الاسلامية؟
وما هي امكانات نجاحه؟ يقول
الباحثون الكبار انفسهم في مراكز
الابحاث الاميركية، ان طريقة توزيع
ايران منشآتها النووية في كل انحاء
البلاد ووسائل حمايتها لها، تجعل من
المستحيل نجاح عمل عسكري قوامه عشرات
او مئات الغارات خلال يوم واحد في
تدمير المنشآت المذكورة. كما انه لا
يحرم ايران امكان الرد على الاعتداء
عليها. ولذلك فان تدمير هذه المنشآت او
على الاقل انزال اشد الاضرار بها بحيث
تتعطل مدة طويلة ويتعذر إصلاحها في
سرعة، يقتضي حرباً جوية طويلة، قد
تستمر اشهراً. وربما يقتضي الى ذلك
تسلُّل وحدات اميركية خاصة الى داخل
ايران من اجل اكمال مهمة التدمير في
حال كان جزئياً. كما يقتضي في الوقت
نفسه عملاً عسكرياً ضد القوات البحرية
الايرانية وذلك بغية حماية طرق امداد
النفط في منطقة الخليج. اذ ان ناقلات
النفط قد تتعرض لغارات جوية ولعمليات
تفجير بواسطة الغام أو بواسطة زوارق
صغيرة وسريعة. طبعاً لا ينهي هذا العمل
الطويل تحدي القوى التقليدية داخل
الجيش الايراني. لذلك يجب التركيز
عليها وضربها كي يضعف تأثيرها في
المنطقة. طبعاً، يضيف هؤلاء، لن يكون
ضرب ايران اجتياحاً برياً ولا حرباً
قصيرة. وسيقع نتيجته اميركيون اسرى لدى
ايران. وستقع ضحايا مدنية كثيرة تثير
ضجة لدى الرأي العام الدولي. ورغم
نجاحها في اضعاف النووية والعسكرية
الايرانيتين فانها قد تكتل الشعب من
جديد حول النظام الذي لا بد ان يُجسِّد
في حال الاعتداء عليه الامة والكيان
والوطن. الا ان ذلك على اهميته يحقق
مكاسب عدة خارج ايران منها تسهيل
انسحاب قوات اميركا من العراق، وتهدئة
مخاوف السعودية، ودفع الروس والصينيين
لأن يكونوا اكثر تعقلاً وحكمة. أما
أخطار هذا العمل العسكري ضد ايران
فكثيرة في رأي الباحثين الأميركيين
الكبار انفسهم. منها اطلاق ايران حملة
ارهابية ضد اميركا وحلفائها في العالم
كله. واقفال مضيق هرمز واغراق الاقتصاد
العالمي في ركود كبير. واعادة اطلاق
الحرب الأهلية في العراق. وظهور ان
ايران لم تكن قاب قوسين أو أدنى من
انتاج سلاح نووي. في اختصار، يضيف
هؤلاء، أن العملية العسكرية الضخمة
المشروحة اعلاه قد تنجح كما قد تتحول
فشلاً ذريعاً. في
النهاية يؤكد هؤلاء ان اوباما
المُحَارِب سيضطر الى تجميد كل
سياساته الداخلية، وسيحاول توظيف
نجاحاته الميدانية في الانتخابات
الرئاسية. ونجاحه في ذلك يتوقف على
نجاحه في الميدان العسكري. علماً ان
هذا التحليل المعلوماتي الواسع لا
يعني او لا يرمي الى القول ان اوباما
يُفكِّر في اعتماد الحل العسكري سواء
بالخطة المفصلة أعلاه او بخطة أخرى. بل
يرمي الى اظهار الخيارات التي بدأت
تواجهه بعد الانتخابات النصفية
الاخيرة التي خسرها جزئياً، وليس دفعه
الى تبني خيار واحد. هل
يختار اوباما الحرب مع ايران؟
العارفون والمتابعون في واشنطن يجمعون
كلهم، حتى الآن على الأقل، انه لن يعمل
ذلك. وانه لا يزال قادراً خلال آخر سنتي
ولايته على السعي لجعل سياسته القائمة
على تشديد العقوبات ومد اليد للحوار
تنجح مع قادة النظام الايراني. اما اذا
فشل في ذلك او اذا استدرجته ايران او
اسرائيل الى الخيار العسكري فإن كل شيء
يصبح متوقعاً. ======================== اسوسية
"إسرائيل" وما خفي بعد الذي تكشف آخر
تحديث:الأربعاء ,05/01/2011 عاطف
الغمري الخليج يبدو
أن ما كشفه إلقاء القبض في مصر على
الجاسوس الذي جنده “الموساد”، ليس
سوى بداية قصة طويلة، إذا صدق جوليان
أسانج مؤسس موقع ويكيليكس، في ما صرح
به عن نيته كشف برقيات سرية تتضمن
معلومات عن عملاء للموساد داخل دول
عربية، والمؤكد أن أقل القليل هو معروف
عن نشاطات عملاء الموساد في العالم
العربي، لأن المعلن منه يحمل مؤشرات
توحي بالكثير لكنها لا تقدم سوى القليل
من التفاصيل . ولعله
من المفيد أن أطرح هنا بعض هذه
المؤشرات: (1) كان
كارل كاميرون قد كلف من شبكة تلفزيون “فوكس
نيوز” الأمريكية، بمتابعة تحقيق
يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد
أحداث الحادي عشر من سبتمبر ،2001 مع 60 “إسرائيلياً”،
تم احتجازهم بعد اشتباه المكتب في أنهم
عملاء للموساد . كان لديه علم بما ينويه
أفراد تنظيم القاعدة الذين اختطفوا
الطائرات، وأنهم تتبعوهم من ألمانيا
إلى الولايات المتحدة, واستأجروا
شققاً تطل على الشقق التي سكنها
إرهابيو القاعدة بولاية فلوريدا، ثم
صدرت أوامر من إدارة بوش بإطلاق سراحهم
وترحيلهم فوراً إلى “إسرائيل” . وقال
كارل كاميرون في تقريره: إن تحقيقاً
أجرته وكالة فيدرالية أمريكية، اشتبهت
في تنظيم “إسرائيلي”، كان يمارس
عمليات في نيويورك، وميامي، ولاس
فيجاس، وفي مصر (في الشرق الأوسط)
ويشتبه في قيامه بتهريب كوكايين،
ومعاملات مالية غير مشروعة . (2)
أثناء حضوري خطاباً لنتنياهو في نادي
الصحافة القومي في واشنطن، وتغطية
المؤتمر ل”الأهرام”، تصادف أن جلست
في المقعد المجاور سيدة، لاحظت أنني
أكتب باللغة العربية ما يقوله نتنياهو
بالإنجليزية، فسألتني: من أنت؟ وعرفتها
بنفسي، فمدت يدها تصافحني وقالت بلغة
عربية سليمة إنها فلانة مسؤولة
تنظيمية في الإيباك (اللوبي اليهودي) .
سألتها أين تعلمت العربية، قالت إنها
كانت قد التحقت بجامعة القاهرة حيث
درست العربية . الملاحظة
التي استوقفتني هي أن مسؤولة على هذا
المستوى باللوبي اليهودي، جاءت تدرس
بالجامعة في مصر . وهل يقتصر اهتمامها
في مصر على الدراسة؟ وقد شاهدتها بعد
ذلك في موضع مسؤوليتها حيث كنت أغطي
المؤتمر السنوي للإيباك في واشنطن . ينبغي
أن نلاحظ أن تجسس “إسرائيل” على مصر
لن يتوقف، بل إنها مستمرة في التجسس
على الولايات المتحدة، أقرب أصدقائها
إليها، وسندها وحاميتها عسكرياً،
وسياسياً، واقتصادياً . وأذكر
أثناء عملي في واشنطن في فترة رئاسة
كلينتون، أن بلغنا من مصادر مسؤولة
اكتشاف أجهزة تنصت مع عملاء دول أجنبية
داخل البيت الأبيض، ثم علمنا من مسؤول
بالحكومة بشكل خاص أن هذه الدولة هي “إسرائيل”،
وإن لم يعلن ذلك . بل إن
قصة مونيكا لوينسكي، لم تكن بعيدة عن
هذا النشاط . وكشفت وقتها مجلات
أمريكية أن مونيكا وهي يهودية وأبوها
من المرتبطين بالليكود كانت تذهب كل
إجازة صيف إلى “إسرائيل”، ضمن مجموعة
شباب يهودي، يتلقى بعضهم ممن يتم
اختيارهم، تدريبات من الموساد . لا
يزال داخل سجون الولايات المتحدة
الأمريكي جوناثان بولارد، الذي ألقي
القبض عليه في الثمانينات، وحكم عليه
بالسجن المؤبد بعد اكتشاف قيامه،
أثناء عمله في البحرية الأمريكية
كمحلل للمخابرات، بسرقة حوالي ألف
وثيقة سرية، وسلمها ل”إسرائيل”، التي
باعت بعضها للصين . وتأكد أثناء
التحقيق معه، أن الوثائق التي سربها
تضر بالأمن القومي للولايات المتحدة . وفي
الأسبوع الماضي أعلن مكتب نتنياهو أنه
سيطلب من أوباما إطلاق سراح بولارد،
وهو الذي يعتبره نتنياهو بطلاً قومياً
“إسرائيلياً”، بعد منحه جنسية “إسرائيل”
عام 1995 . ومن المعروف أن هناك رفضاً
شديداً لإطلاق سراحه من رجال
المخابرات والقضاء في الولايات
المتحدة . كان
هناك تقرير مخابراتي أمريكي عقب أحداث
الحادي عشر من سبتمبر، يدافع عن لجوء “إسرائيل”
للتجسس، بالقول إن لديها شهوة طاغية
للمعلومات بدافع من نزعة غريزية
للبقاء . وكانت
روايات عديدة تتردد في صحف وكتب في
أوروبا، والولايات المتحدة، عن ممارسة
هذه النزعة في الدول العربية، على
اختلافها، تحت غطاء العمل في شركات
استثمارية، ومشروعات متنوعة . ولم يعد
سراً وهو ما كشفت عنه وسائل إعلام
أمريكية أن عملاء الموساد تدفقوا على
العراق في تيار الغزو عام ،2003 تحت ستار
العمل في مراكز بحوث، ومشروعات
مقاولات، وبالأخص ضمن شركات الخدمة
العسكرية، التي تعاقدت معها وزارة
الدفاع الأمريكية، بأعداد كبيرة، بغرض
دعم الجانب القتالي الذي تتولاه
القوات الأمريكية وليس خافياً هجمتهم
المنظمة على المتحف الوطني العراقي،
وسرقة مقتنيات أثرية منه ونقلها ل”إسرائيل”
. وبالرغم
من أن ما أعلن عنه أن التحقيقات مع
الجاسوس المصري، كشفت قيامه بأعمال
تضر بالأمن القومي لمصر، وعدد من الدول
العربية، من بينها سوريا، ولبنان، إلا
أن هذه المعلومات، هي مجرد حلقة في
دائرة أوسع لنشاط الموساد، في دول
عربية أخرى . ولم
يكن متوقعاً مع وجود معاهدة سلام مع “إسرائيل”،
أن يتوقف نشاطها التجسسي على مصر، وإلا
لكانت قد كفت يدها عن التجسس على
الولايات المتحدة، حاضنتها وحاميتها،
وإن ما تكشف عن جاسوسية “إسرائيل”، قد
يكون أقل خطورة بكثير مما خفي، لو أن
أسانج سيسرب بالفعل ما لديه من 3700
وثيقة عن “إسرائيل”، وبعضها يكشف عن
عملاء الموساد، داخل دول عربية . ===================== آخر
تحديث:الأربعاء ,05/01/2011 ميشيل
كيلو الخليج لا شك
في أن العالم سيبقى لفترة طويلة
مشغولاً بوثائق “ويكليلكس”، التي
تمثل فضيحة حقيقية للنظام الدولي، ليس
فقط لأنها كشفت الكثير من خباياه
وأسراره، أو لأنها ألقت أضواء على
استراتيجيات أطرافه المختلفة وعلى
حقيقة مواقفها من مشكلاته المتباينة،
أو بينت وجوهه المتناقضة المختلفة
كثيراً عن الصور الزاهية التي تقدمها
دوله في دعاياتها، بل كذلك لأنها ألقت
أضواء على أساليب اتخاذ القرار في
الدول الكبرى وغيرها من دول، وعلى نوع
الحكام الذين يديرون شؤون عالمنا،
بينما أظهرت ذلك القدر الكبير من الجهل
وعدم الاكتراث الذي يبدونه حيال مسائل
بالغة الحساسية يكلف حلها بطريقتهم
البشرية ملايين القتلى والجرحى
والمشردين، وألمحت إلى الهوة بين
أقوال وأفعال معظم قادة عالمنا، وخاصة
المغلوبين منهم على أمرهم، الذي يمدون
أيديهم من تحت الطاولة إلى خصومهم
الخارجيين، في حين تطلق دعاياتهم
صرخات تحد مدوية ضدهم، وتدّعي تبني
مواقف تعاكس تماماً ما يفعله هؤلاء في
الواقع، أو ما يريدون الوصول إليه من
أهداف، فكأن السياسة ليست تلك التي
يعلنون عنها ويتم إقناع البشر
العاديين بحججها ومسوغاتها، بل تلك
التي تتم بعيداً عن أعين الشعوب، في
عتمة علاقات غير مرئية يقيمها الزعماء
بعضهم مع بعض، ويحرصون على بقائها خارج
دائرة الضوء، كي لا يفتضح أمر سياساتهم
وتظهر على حقيقتها، أو تواجه بمقاومة
ومعاندة مواطنيهم، الذين هم ضحايا لها
. في هذه النقطة، أكدت الوثائق شكوك
الناس العاديين في كل مكان حيال سياسات
بلدانهم، وأوردت أدلة تبين الهوة بين
ما يقال وما يفعل، ودور المراوغة في
طمس الحقائق وتعمية الوقائع، وتظهر
طابع تقسيم العمل العام بين المراكز
صاحبة القرار، وخاصة منها الولايات
المتحدة الأمريكية، التي تقيم حاضنة
عامة يجب أن تعالج الأمور فيها قبل أن
تحل، فاستراتيجيتها هي نقطة العلام
التي يهتدي الجميع بمتطلباتها، وعليهم
أن لا يحيدوا عنها لأنها ترسم الطريق
التي عليهم سلوكها، وإلا خرجوا عن “الخط”
المقرر، وفوتوا على أنفسهم فرصة
الاعتراف بهامش المناورة الذي يساعدهم
على ممارسة “سياساتهم الحقيقية”، في
إطار السرية والمراوغة، وقول شيء وفعل
شيء . هل هذا جديد؟ إنه ليس جديداً، لكن
الوثائق تكشفه باعتباره الساحة التي
تصنع فيها السياسة، وليس وجهها
النقيض، كما كانت تروج دعايات النظم،
التي يراد لنا تصديقها وقبولها . إنها
إذن العلاقات الدولية على حقيقتها: من
دون قناع من كذب أو تزييف . وهي كذلك
علاقات دول الدرجة الثانية والثالثة
بعضها ببعض، التي تمكن القوى العظمى من
التلاعب فيها واختراقها . ولعله من
المهم أن يعرف الرجل العادي الآراء
الحقيقية لساسته في زملائهم، أي في من
يسمونهم غالباً “إخوتهم” من حكام
البلدان المجاورة أو التي تنتمي إلى
مجال وطني وقومي واحد كالبلدان
العربية، حيث يبدو بجلاء أن من يديرون
شؤونها ليسوا إخوة أو أصدقاء أو حتى
زملاء، بل هم أعداء يتعاملون بأعلى قدر
من الريبة والشكوك، فلا عجب إذا كانت
أدوارهم تلحق ضرراً فادحاً ببلدانهم
وبعلاقات المجتمعات العربية، وتخرب ما
تركه التاريخ فيها من روابط طبيعية
وموروثة وأدى استمرار سياساتهم إلى
انهيار أمتهم انهياراً مضطرداً . كم هي
مؤلمة معرفة نوايا ومواقف العرب
الرسميين حيال بعضهم، وكم هي شديدة
رغبتهم في تحقير وتقويض غيرهم، وكم
تفصح زلات اللسان عن حقيقة الأفكار
والمشاعر، والكلمات العابرة عمّا يكمن
وراءها من عواطف ورغبات، وكم تحمل
الألفاظ الواحدة مضامين متضاربة
ومدمرة . هنا أيضاً، نجد أنفسنا في
مواجهة عالمين متناقضين يتحدث أحدهما
لغة كلامية خشبية عن الأخوة والرابطة
العربية الجامعة والمصالح القومية
المشتركة، بينما لا يجد الآخر شيئاً
إيجابيا في الآخر، ويسعى عملياً
للقضاء عليه، في أول فرصة وبأي ثمن . تقول
القيم التي يقال إن النظام الدولي قام
عليها باحترام حقوق الإنسان وحق
الشعوب في تقرير مصيرها وحل النزاعات
الدولية سلمياً وعدم التدخل في شؤون
الآخرين وتساوي الدول أمام القانون
الدولي . . . الخ، ويفعل النظام العالمي
القائم عكس هذا تماماً، فحقوق الإنسان
ليست محترمة أو مصانة في أية سياسة،
والشعوب لا تقرر مصيرها بنفسها لأنها
ممنوعة من ذلك، والتدخل في شؤون
الآخرين هو الوضع السائد، وليس هناك
قانون دولي يستطيع جعل الدول متساوية
أمامه . في هذا السياق، تمثل الوثائق
كنزاً ثميناً لا ينضب له معين، وتقدم
أدلة وقرائن ووقائع لا حصر لها تبين أن
العالم غابة والنظام الدولي مجرد مسرح
للإجرام والعنف والاستغلال والنهب
والقوة والظلم، يبتلع الكبير فيها
الصغير من دون تردد أو رحمة . من هذا
الجانب، تمثل الوثائق فضيحة للنظام
الدولي، وتطرح ضرورة إقامة تطابق بينه
وبين القيم التي يتشدق باعتناقها
والعمل من أجلها، ويزعم أنها الدليل
الهادي الذي يوجه سياسات الممسكين
بأعنته، بينما يقول الواقع الذي
أوردته الوثائق إنه عكس ذلك تماماً،
فهو ليس ساحة تقيم الدول فيها علاقاتها
وتوازن مصالحها على أرضية مشتركة، بل
ميدان تسيطر عليه قوى قليلة تفرض
معاييرها الخاصة على من تجرهم إليه من
شعوب ودول، حيث تمسك بهم بقبضة حديدية
وتعرّف مصالحهم وحدود إراداتهم
والجوانب الرئيسة من أدوارهم، وتعتبر
أن هذا هو “النظام الدولي”، الذي
يفترض بالأمم المتحدة ومجلس الأمن
الدولي السهر على استمراره، ولعل خير
برهان على طبيعة هذا النظام ما قاله
مؤسس الموقع نفسه حول طريقة نشر وثائقه
في الصحافة الأمريكية والبريطانية،
التي أبرزت ما قيل في الوثائق عن إيران
وحجبت ما قيل عن “إسرائيل”، وحاولت
الإيحاء بأن سياسات تل أبيب لم تفعل
شيئاً يمكن مؤاخذتها عليه، وإلا لكانت
الوثائق كشفته وعممته، وصمتت عن فضيحة
حقيقية هي التفاهم الأمريكي/ “الإسرائيلي”
عام 2009 على الاستيطان، تفاهم تم قبل
خطاب أوباما في القاهرة وما قاله عن
إصرار أمريكا على إقامة دولة فلسطينية
خلال عام، ثم بينت الوثائق أنه ليس غير
كذب في كذب، وأن أمريكا تحدثت كلامياً
في اتجاه وذهبت عملياً في اتجاه آخر،
مناقض له تماماً، بموافقتها على
استمرار الاستيطان والاحتلال “الإسرائيليين”
. يبقى
أخيراً التأكيد على أن ما تضمنته
الوثائق يسهم في توضيح طابع عالمنا
السياسي وعلاقات دوله وقياداته
وشعوبه، وأن هذا ضروري جداً لاكتساب
وعي جديد يساعدنا جميعاً على تحديد
جديد لدورنا في عالم يضحك علينا نحن
الضعفاء والمغلوبين على أمرنا، فلا
مفر من أن نتعامل معه بكل جدية، إذا
أردنا للنظام الدولي أن يكون لنا
أيضاً، نظاماً ينشد خير الإنسانية،
ويعمل لصالح شعوبها، وليس نظاماً يعيش
من استغفالها والتلاعب بأقدارها . ====================== توتير
الساحات العربية تكتيك صهيوني تمهيدا
لحرب جديدة زياد
أبو غنيمة الدستور 5-1-2011 ناقلت
الفضائيات ووسائل الاعلام ما كشفته
وثيقة جديدة نشرها موقع ويكيليكس عن
مخطط صهيوني ينتظر ساعة الصفر لشن حرب
صاعقة على غزَّة وعلى لبنان يقول
الصهاينة ان حرب الرصاص المصبوب ستبدو
أمامها نزهة ، وتقول الوثيقة ان
الصهاينة كانوا ينوون شنَّ حربهم في
أواخر عام م2009 ولكنهم أخرُّوا التنفيذ
بانتظار أن تسنح الفرصة المواتية ، ولا
أظننا بحاجة الى أن نكون خبراء عسكريين
لندرك أن الصهاينة الذين يعترفون
بفشلهم في تحقيق أهدافهم المعلنة
لحربي لبنان وغزة "أنا أسمًّيها
هزيمة" لن يُقدموا على أية حرب أخرى
اذا لم يتأكدوا أنهم سيكونون قادرين
على تحقيق أهدافها ، فليس من صالح
الجيش الذي يزعم أنه جيش لا يقهر أن
يدخل حربا جديدة يعلن أن هدفها القضاء
على حماس وعلى حزب الله ثمَّ يخرج منها
دون أن يقضي على حماس وعلى حزب الله كما
حدث له في حربي لبنان وغزَّة ، ويبدو لي
والله أعلم أن أحد الأسباب لتأخير
الصهاينة لحربهم الجاهزةً خططها
بانتظار ساعة الصفر هو رغبتهم في
الانفراد بحماس وبحزب الله في وقت يكون
فيه العمق الاستراتيجي العربي
للمقاومة في شغل شاغل عنهم بفتن طائفية
وفتن مذهبية وفتن اقليمية وفتن عنصرية
وحركات انفصالية وعنف اجتماعي وحزازات
سياسية ، وهنا مربط الفرس كما يقول
مثلنا العربي ، فأنا أزعم بل أكاد أجزم
أن موساد الصهاينة ومخابرات حلفائهم
يقفون وراء كل حدث يؤزًّم الأوضاع في
بلادنا ، فهم وراء كل فتنة طائفية أو
مذهبية أو اقليمية أو عنصرية وهم وراء
كل حركة انفصالية وعنف اجتماعي
وحزازات سياسية ، لا أقول هذا من باب
التنظير ، ولكن افتحوا أطلس الوطن
العربي وسترون ذلك واقعا قائما تنشغل
به الفضائيات صباح مساء ، مصر
تتهدَّدها فتنة طائفية ، السودان على
وشك الانقسام ، لبنان فوق فوهة بركان
فتنة مُركبة طائفية مذهبية ، العراق
يغرق بدماء أبنائه وتكرَّس انقسامه
عمليا ، تونس يحرق الشباب أنفسهم من
الجوع والقهر ، وهكذا دواليك في بقية
بلدان العرب عنف اجتماعي يستشري
وخصومات سياسية تبدًّد الطاقات ،
وفساد وافساد يخرًّب البلاد ويفقر
العباد. هل سأل
أحدنا نفسه: من المستفيد من هذه الحال
المأساوية التي بات عليها حال بلادنا
العربية ، ومن الذي يسعده ويفرحه أن
تعيش معظم بلداننا العربية على فوهات
كل هذه البراكين حتى أصبحنا ننام
متوترين ونصحو متوترين ننتظر متى
يتفجر البركان ويقذف حممه؟ ، الصهاينة
وحلفاؤهم هم الذين يفرحهم ما نحن فيه
من أحوال مأساوية ، تسألون لماذا؟ ،
لأنهم نجحوا في تخطيطهم لاغراق العرب
في فتن ومشاكل ينشغلون بها ليسهل على
الصهاينة وحلفائهم الانفراد بحماس
وبحزب الله فيشنوا حربهم الموعودة على
غزة ولبنان ، ولا أظن أن أحدا يستطيع أن
يعرف متى سيفعلون ذلك قريبا ، ولكن
الذي أجزم به وأنا مطمئن أن الصهاينة
وحلفاءهم سيخرجون من حربهم القادمة
كما خرجوا من حربيهم السابقتين "تموز
لبنان 2006م" و"كانون الثاني غزة 2008م"
دون أن يحققوا حلمهم في القضاء على
المقاومة ، تقولون هذا كلام عاطفي لرفع
المعنويات ، وليس عيبا أن نرفع
المعنويات ولكنه في الحقيقة هو وعد
الله الذي لا يُخلف وعده: "كم من فئة
قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله". ====================== غضب
أمريكا الناعم على إسرائيل ! د.
عايدة النجار الدستور 5-1-2011 بتاريخ
الثاني من هذا الشهر الاول في السنة
الجديدة ، كشفت جريدة هآرتس
الاسرائيلية عن "غضب "مكبوت وعميق
لأمريكا على إيهود باراك وزير الحرب
الإسرائيلي والذي لم نلاحظه بشكل يوحي
أن أمريكا ستغير سياستها تجاه اسرائيل
العصيّة"على غضب أمريكا . باراك أغضب
أمريكا لأنه وعد ولم يوف ليكون"وسيطا
بينها وبين نتنياهو ". تصوروا وسيطا
، لأن أمريكا لم تستطع لليوم من اقناع
نتنياهو وحكومته للتقدم في عملية
السلام . لقد كانت الوساطة إذن كغيرها
من الوسطاء الامريكان غير فاعلة وربما
غير جادة لأن الوسيط الاسرائيلي لم
يحرك ساكنا لتجميد المستوطنات أو ربما
"لم يمون"على رئيس وزراء إسرائيل .
كان يراوغ ويخادع اوباما وهيلاري
كلنتون كما يراوغ الفلسطينيين والعالم
بأن اسرائيل تريد السلام . يقال:
إن أمريكا ستبدأ من جديد في التحركات
وهي متأكدة أن نتنياهو الذي لا يستجيب
لأحد ، وباراك الذي يخادع ، لن تسفر عن
أية نتائج ايجابية وستظل المحاولات
الجديدة والسابقة في مكانها ، مادامت
سياسة إسرائيل التوسعية والاستعمارية
بمواصلة بناء المستوطنات ثابتة وعنيدة
ووقحة . ولا بد أن هناك وسائل أكثر
فعالية في العلوم السياسية لحل
المشاكل العالقة والتي ليس لها مثيل في
العلاقات الدولية كالقضية الفلسطينية
. وإذا لم تتفكك حكومة نتنياهو"الائتلافية"مع
الاحزاب وأهمها حزب العمل وتحرك من"المعارضة"فان
الحال سيظل كما هو ولن يكون لأمريكا
وسيط اسرائيلي خاصة وقد خيّب باراك ظن
أمريكا به وبقدراته . وحتى لو وجدت
معارضة في إسرائيل فلن تحل القضية كما
يجب وحسب القوانين الشرعية وقرارات
الامم المتحدة ومنه القرار ات 242و338و194
وغيرها التي كانت في صالح الفلسطينيين
. والمضحك
والمعيب أيضا أن السنين تمضي
والتمثيلية تعاد ، والعالم الغربي
يتفرج على وهم إقامة الدولة
الفلسطينية. لقد وصل غضب الشعب
الفلسطيني أوجه اليوم خاصة ووضعهم
الاجتماعي يزداد سوءا كما أملهم في
العمل الدولي المفروض أن يكون المرجع
والوازع والنهائي لإعادة الأرض
الفلسطينية لأهلها العرب . لقد أنكر
العالم المتمدن الغربي الذي خلق
المعضلة الفلسطينية حق الشعب
الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية على
أرضه ، مثل هذا الغضب لن يهدأ وهو يقوم
بحرب تحرير وطنية هدفها استرجاع أرضه . أمريكا
غاضبة على ابنها المدلل ، ويشهد
التاريخ أناه الابن المدلل ولعلنا
نذكر ما تحتفظ به وثائق التاريخ ، بأن
أمريكا تحيزت للدولة الغاصبة منذ قبل
انشائها بالتعاون مع بريطانيا العجوز .ويسجل
التاريخ أنه بتاريخ14 أيار من عام 1948
أعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل ،
وكانت أمريكا أسرع الدول وأول من أعترف
بها وكان ذلك بعد 11 دقيقة فقط من قيامها
. ولعل أوباما المثقف يشعر بالخجل من
بلده امريكا التي استمرت بسياسة
التدليل والتسمين والسخاء بالمال
والدعم العسكري وبالدعم بجميع أشكاله .
وحيث إن صوت أوباما الذي أطلقه في
القاهرة لا يزال يرن في أسماعنا لإقامة
الدولة الفلسطينية الطبيعية والقابلة
للحياة والنمو كحق من حقوققه
الانسانية والدولية نقول لأوباما ، لا
تنفع سياسة أمريكا للان ، وما ينفع
فعلا هو ايقاف هذه المساعدات العسكرية
والاموال التي تقدمها لاسرائيل لتبني
المستوطنات . موقف أمريكا التاريخي
متحيز لأسرائيل ، ولا بد من تغيير هذه
السياسة التي تزيد المحتل دلالا . ولعل
صلابة الشعب الفلسطسني وايمانه
بمقاومة الاحتلال بكل الوسائل
المشروعة هي الانسب وليس إعادة
المحاولات الفاشلة السابقة من مفاوضات
مباشرة وغير مباشرة . الحل بيد أوباما
الذي يرأس اقوى بلد في العالم ، فهل
يفعل شيئا مختلفا في بداية هذا العام
الجديد غير العودة لمحاباة إسرائيل
ومواصلة السكوت عن جرائمها ضد
الفلسطينيين . ؟. ======================== الأربعاء,
05 كانون الثاني 2011 02:46 عصام
العريان السبيل فإن
المسؤول عنها هو النظام الحاكم. ويجب
وضعه وسياساته الخرقاء الحمقاء في قفص
الاتهام لمحاكمته، ليس فقط عن الدماء
التي سالت في الإسكندرية، ولا الأشلاء
التي تمزقت أمام كنيسة القديسين، بل عن
الوطن الذي يكاد يتمزق بسبب تحوله إلى
طوائف متصارعة، والفشل الذي أدَّى إلى
اختراق خارجي لمصر من أجهزة
استخباراتية، أو تنظيمات متطرفة
استطاعت رغم كل ما يتم إنفاقه على جهاز
الأمن المتضخم، أن تحقق هدفا عزيز
المنال وهو تمزيق النسيج الوطني وخلق
فتنة بين المسلمين والمسيحيين، وكذلك
يجب محاسبته عن الكارثة التي يمكن أن
تؤدي بشباب محبط يائس إلى الانتحار،
مسببا هذا الحجم من الضحايا وهذا
الجحيم من الغضب المنفلت، أو بيع نفسه
لقوى خارجية يتم استخدامه لكي يحقق
زعزعة استقرار زائف لم يتم على أسس
سليمة وليس له أي سند من الواقع.
استقرار هش يمكن أن ينهار تحت وطأة
أزمات لم تعد تختفي من حياتنا، كلما
تنفسنا الصعداء أو كدنا خنقتنا أزمة
جديدة، وكلما تعايشنا مع مشكلة دهمتنا
أخرى لتمسك بخناقنا، فلم يعد أمام
الشعب إلا رفع أكف الدعاء إلى الله أن
يتدخل برحمته ليخلصنا من سبب الأزمات
التي لا تنتهي ولا تنقضي. لقد
اختار المجرم الآثم توقيتا مريبا
لارتكاب جريمته، ليذكرنا بأن جريمة
مماثلة لا زالت في أروقة المحاكم بينما
الجناة الحقيقيون يسرحون ويمرحون،
هؤلاء الذين تسببوا بسياستهم في خلق
مناخ أشبه بغرف الغاز التي تنتظر أي
شرارة لإحراق الوطن. واختار
زمنا عجيبا، بعد أن أممّ سدنة النظام
آخر مؤسسة ينفس فيها الشعب بعضا من
غضبه، ويحاول أن يدق أجراس الإنذار
والتنبيه لعل عاقلا هنا أو هناك يعود
إلى الرشد، وعندما احتكر النظام مجلس
الشعب بتزوير الانتخابات، بعد أن أمم
المساجد واتحادات الطلاب ونوادي هيئات
التدريس بالجامعات والنقابات
العمالية، ومجلس الشورى والمجالس
المحلية. وجمد معظم النقابات المهنية،
وفرض الطوارئ ثلاثين سنة متصلة على
الشعب المسكين، إذا ببركان الغضب
ينفجر من الأخوة المسيحيين الذين
اضطرهم النظام وشجعهم على اعتماد
الكنيسة ملجأ وحيدا لهم، ومعبرا
منفردا عن مطالبهم التي تحولت إلى
مطالب طائفية وفئوية، لعل ذلك لأنهم
أيقنوا أن المطالب الشعبية والوطنية
قد تم سد كل المنافذ والنوافذ للمطالبة
بها. لا
يمكن تحميل الأمن مسؤولية تامة عن
الحادث -رغم التقصير الواضح والشديد-
لأن الأمن ينفذ السياسات التي يكلف
بها، وعندما يتم حشده لتزوير
الانتخابات فماذا يتبقى لديه لحماية
المواطنين. ولا
يمكن لأي عاقل أن يهمل دلالة الإدانات
الخارجية من الفاتيكان والدول
الأجنبية التي ترسل رسالة واضحة، وهي
أن النظام الفاسد المستبد عاجز عن
حماية المسيحيين، ونسي هؤلاء أنه عجز
عن حماية كل المصريين، وماذا يجدي الآن
رفض هذا التدخل المشؤوم في شأن داخلي،
بينما نترك الذين أتاحوا له القدرة على
التدخل بالكلام، تمهيدا للفعل في
شؤوننا الوطنية. ولا ننسى أن هذا هو
بداية الاحتلال لأوطاننا كما حدث من
قبل، وكما رأينا في أوطان أخرى حولنا. وإذا
امتد بصرنا إلى ما هو أبعد، سنرى أن
سلسلة الاعتداءات على الأخوة
المسيحيين انطلقت من العراق إلى مصر
إلى نيجيريا في أواسط أفريقيا، وأن
التدبير لهذه الاعتداءات الخطيرة لا
يمكن أن يكون محليا، ورغم اختلاف
الظروف في كل بلد عن غيره، إلا أن
الفاتيكان يتدخل ويعقد مؤتمر البحث
مشاكل مسيحيي الشرق الأوسط، ويدعو
بابا الفاتيكان الدول الأوربية صراحة
لحماية المسيحيين في بلادنا جميعا،
فالخطر لا يستهدف مصر وحدها، بل دولا
عربية عديدة لم يكن آخرها السودان. إلى
أين تقودنا سياسة النظام وفشله في
معالجة قضايا الأمن القومي؟ •
تهديد الوحدة الوطنية، وتمزيق النسيج
الاجتماعي لمصر، واستشراء الفتنة بين
المسلمين والمسيحيين، وتكريس
الطائفية، هذه ثمار مرة لسياسة النظام
التي قامت على الاستبداد السياسي
والفساد المالي والإداري والظلم
الاجتماعي، والتي أدت إلى إنهاء دور
المؤسسات المدنية والهيئات المجتمعية
التي حاولت تخفيف آثار تلك السياسات
الخطيرة، كل ذلك بينما يتبجح النظام
بالمواطنة كشعار والديمقراطية التي
ازدهرت وأينعت، فكان قطافها 97 في المئة
من مقاعد مجلس الشعب لحزب واحد. •
إهمال تأمين موارد مصر المائية من مياه
النيل وترك السودان لمصيره المحتوم
بانفصال الجنوب، وتأزم العلاقات مع
إثيوبيا وبعض دول حوض النيل أدى في
النهاية إلى مخاطر مائية شديدة الوطأة
في مرحلة يتنبأ المراقبون فيها
باندلاع حروب المياه في السنوات
القادمة. •
تفكيك المجتمع وتهديد الاستقرار
والتماسك بين فئات المجتمع، والإغداق
على نسبة لا تزيد على 10 في المئة بأموال
طائلة وخدمات متميزة، وترك 90 في المئة
من الشعب يعيش على الكفاف أو ما دون
الكفاف تحت مستوى خط الفقر وإهمال
المرافق والخدمات، وتمويل التعليم
والصحة من جيوب الناس مع سياسة ضرائبية
تقوم على الجباية في كل المجالات خاصة
من الطبقة الوسطى، دون تقديم مقابل
سياسي في انتخابات حرة، أو مقابل خدمي
في مجالات الصحة والتعليم والنقل
وبقية الخدمات. •
تحالف غير معلن مع العدو الصهيوني
لحماية أمنه وحدوده وتوفير الموارد
الطبيعية كالغاز ومواد البناء
لمستوطناته، وقتل العشرات الذين
يحاولون الهجرة عبر الخدود إليه. كل ذلك
أدى وسيؤدي بسبب إصرار النظام على
المضي في تلك السياسات إلى كوارث
متلاحقة ومصائب لن تتوقف. يجب أن
نعلق الجرس في رقبة المجرم الحقيقي،
وأن نقول بكل شجاعة، حتى ولو انتهت
التحقيقات إلى الإعلان عن اسم وانتماء
الذي فجر القنابل أمام كنيسة
القديسين، فإنكم تتحملون كامل
المسؤولية عن تلك الجريمة التي جرت في
حق الوطن كله وليس في حق الأخوة
المسيحيين. يجب أن
نعلن بكل وضوح أن سفينة الوطن أوشكت
على الغرق، وأن النظام الحاكم هو الذي
يخرقها من كل جوانبها. يجب أن
ينتبه الجميع إلى حجم الخطر وأن تتضافر
الجهود لإنقاذ مصر من سياسات حزب فقد
العقل والمنطق والضمير. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |