ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
كلمات فهمتها الشعوب ولم
يعها الحكام [25/01/2011] بقلم: د. توفيق الواعي اخوان اون لاين من العجيب أن حكامنا لا يعيشون في العصر
الحاضر وإنما يرزحون ويعيشون في
العصور الوسطى؛ حيث كان الحاكم يرث
الحكم عن أبيه، وهو لا يعرف من أمور
الدولة قليلاً ولا كثيرًا، سوى أنه
يتمتع بميراث أبيه ويتحصن ويأمر
الجلاوزة والجلادين الذين يؤيدونه في
تدعيم هذا الميراث، وإذا دعت الحاجة
يُشهر السيف ويعلن الجهاد ضد الطامعين
في الميراث؛ لأن ذلك ملك يستمر إلى
قيام الساعة، وإن ظلم وفرَّط في كل شيء
حتى حقوق الإنسان، وكانت العدالة رهن
أمره فإذا اعترض عليه أحد ينادي يا
جلاد اضرب عنقه وعند هذا يذهب الزنديق
إلى الجحيم. وقد أسست
الكنيسة في القرن الثالث عشر محاكم
التفتيش لاستئصال الهرطقة، وهكذا ما
زالت زعامات بعض الدول تعيش في جلباب
الأمس وتعتنق أفكار سوداوية ترود
الناس بها في هذه الحقبة المعاشة وإن
كان يتشدق البعض بالديمقراطية نفاقًا
وخداعًا، ويستبدلون كلمات حديثة
بالكلمات القديمة فنسمع عن توريث
الحكم وعن إلغاء الإرادات والتوجهات
الجماهيرية، وتصرف الحاكم في كل شيء،
مصداقاً لقول الفراعنة ﴿مَا
أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا
أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ
الرَّشَادِ﴾ (غافر: من الآية 29). أريد أن أقول وأذكر بعض السلطات الهائمة
على وجهها في التيه نحن في زمانٍ آخر
تخطَّى عصور القهر والظلم، وإن كانت
الشعوب قد تحمَّلت الكثير الكثير حتى
كادت أن تفقد نخوتها ورجولتها، وكما
قال غاندي في ذلك "ليس من الرجولة
السكوت على الظلم"، وقد عمَّ الظلم
البلاد وطمَّ حتى لفت أنظار العالم
وأطمعهم في مقدراتنا وبلادنا، وحصر
المظالم على المستقصي قد يطول ويطول،
ومن ذلك: جلب المسرطنات إلى البلاد ليزداد الفساد
ثراءً، المتاجرة في أرزاق الناس، ومنع
الحاجات الضرورية عنهم، وزيادة أسعار
السلع حتى يزداد الفقير فقرًا
والبائسُ بؤسًا، انتشار البطالة وفرض
الضرائب حتى على الفقراء والمعوذين،
وقد قالوا: لا تسأل الظالمين بل اسأل
الجائعين، ولا تجعل مصائر الناس في
أيدي العابثين المتسلطين، وقد قيل مَن
يسمح اليوم يمنع غدًا. هذا عدا تكميم الأفواه وكبت الحريات،
وقوانين الطوارئ والتعذيب والسجن
والقتل للمعتقلين والاستبداد السياسي
وانتشار الفساد وحماية المفسدين، وعدم
اعتبار أحكام القضاء أو الأخذ بها،
وتفصيل الدستور على مقاس السلطات
وهواها، بيع القطاع العام وانفلات
الأسعار، بيع الغاز للكيان الصهيوني
بأقل من سعر التكلفة، صداقة الكيان
ومحاربة ومضايقة ومحاصرة مَن يعاديه،
والائتمار بأمره، انتشار الغش والكذب
في كل أرجاء الحياة السياسية، بدءًا
بالانتخابات للمجالس التشريعية
والنقابات إلخ إلخ، والاستعانة
بالبلطجية وأرباب السوابق. هذا، والملاحظ أن هؤلاء المفرطين الذين
يعيشون في قرونٍ خوالف لم يجدوا من
النُّصَّاحِ مَن يرشدوهم أو يدلوهم
على الطريق المستقيم، وإن وجدوا فإنهم
يخصمون ويتهمون ويحبسون ويحاكمون
بأفظع التهم بل ويُقتَل الكثيرون
منهم، ولكن هل هذه الغفلة ودفن الرءوس
في الرمال منعت عنهم الزلازل وحفظتهم
من يومهم الذي يوعدون، ومن حساب
الشعوب، لا، وإذا ما أردنا أن نذكر
شيئًا من الأخطاء التي ما كانت تنطلي
على الصغار، فضلاً عن الحكام
ومستشاريهم: 1- عدم الاعتبار بمصارع الظالمين
والمفرطين في حقِّ الشعوب، فمثلاً:
الرئيس مبارك كان ضمن المنصة التي قُتل
فيها السادات، بل كان إلى جواره، ونوري
السعيد هرب، ولبس زي امرأةً فلحقوا به
وسحلوه في الشارع، وعبد الكريم قاسم
قُتل وضرب بالأحذية، وصدام حسين شنق
وأضاع شعبه، وشاوسسكو وامرأته نالا
جزاءهما العادل.. إلخ إلخ. 2- عدم السماح بالحريات، وقتل الآخر،
والاستهانة بأرواح الناس ومصادرة
أموالهم. 3- عدم إحساسهم بالشعوب وما تعانيه من فقر
وحاجة، والاستمتاع بثرواتهم وإنفاقها
في الفساد وعلى الأهواء والشهوات أمام
أعين الناس وأسماعهم. 4- احتضان المفسدين وإطلاق أيديهم في
مقدرات الأمة والأموال العامة والتحكم
في الأرزاق. 5- تطلعهم إلى تأبيد أنفسهم في الحكم،
والجنوح إلى توريث أبنائهم رغم أنف
الجميع مع توريث المظالم والفساد
المستشري في الأمة. 6- الاستقواء بالخارج لحمايتهم من ثورات
الشعوب ضدهم، وهم أعداء الأمة الذين لا
يريدون لها الخير أو الفلاح. 7- ركونهم إلى ثلةٍ من المنافقين
والمدَّاحين والمفسدين الذين يزينون
لهم الفساد ويساعدونهم عليه. وقد لاحظ
المراقبون في الأسبوع الماضي بث
التليفزيون التونسي تسجيلاً لشيخ
المدينة (عمدة العاصمة) حيَّا فيه ثورة
الشعب التونسي العظيم التي نجحت في
إزاحة الطاغية الأعظم ونقلت البلاد من
ظلمات الاستبداد إلى نور الحرية. وقبل ستة أسابيع فقط كان الرجل ذاته يتحدث
في برنامج (قهوة تركية) الذي يبثه
التليفزيون التركي الناطق بالعربية،
مشيدًا بالقائد العظيم الذي انتشل
تونس من ظلمة التخلف إلى نور الرقي
والتقدم والنهوض. لم يكن الرجل وحيدًا في ذلك، ولكنه كان
واحدًا في طابورٍ طويلٍ من المتحولين
الذين ظلوا طول السنوات التي خلت
يمجدون القائد العظيم (بن علي)
ويتقدمون مواكب التصفيق له، ثم صاروا
يتقدمون الآن مواكب التهليل للثورة،
ويعبرون عن اعتزازهم بما أنجزه الشعب
العظيم الذي أطاح بالطاغية الذي أذلَّ
البلاد والعباد. فهل الرئيس فلان وفلان.. إلخ! على استعدادٍ
لحزم حقائبهم والرحيل واحترام شعوبهم
واحترام العقل البشري في حرية التفكير
والعيش والتعبير أم أنهم أقل ذكاءً من
كلاب الحراسة التي تحرس قصورهم؟!!، إن
هؤلاء الحكام اليوم أعلنوا حالة
استنفار داخل أجهزة الأمن والمخابرات
التي يمتلكونها في قمع إرادة شعوبهم
استعدادًا لأي حالة ثوران شعبي عفوية
على غرار ما يحصل في تونس.. نعم حالة
استنفار سرية داخل قصورهم؛ خوفًا على
كراسيهم على خلفية ما جرى في تونس من
ثورةٍ شعبية حقيقية عارمة بعدما ذاق
هذا الشعب الذل والإهانات والجوع
والظلم والسجون والقتل والسلب والنهب
من قِبل الحكومة وأجهزة أمن الدولة
البوليسية. والأغرب من ذلك أن هؤلاء الرؤساء خرجوا
بتصريحاتٍ لتأييد ومساندة الشعب
التونسي يا لها من سخرية، حكام العرب
يدينون غيرهم وينتقدون غيرهم ويتناسون
أنهم أكثر بشاعةً وإجرامًا في الظلم. وبعد فهل ترى معي أن هذه المهازل ستسمر
طويلاً وستصمت الشعوب وتصبر الحوادث
والعصور والدهور على هؤلاء أكثر من
ذلك، أقول لا وألف لا.. ﴿وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ
يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية
227). ========================= إدموند ساندرز القدس المحتلة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.
سي. تي. إنترناشيونال" تاريخ النشر: الأربعاء 26 يناير
2011 الاتحاد رفض القادة الفلسطينيون ما نقلته قناة
"الجزيرة" من أنهم وافقوا عام 2008
على التنازل عن القدس الشرقية
المتنازع عليها بالإضافة إلى تقديم
تنازلات أخرى جوهرية في محاولة فاشلة
على ما يبدو لإقناع إسرائيل بمنحهم
الدولة المستقلة، وقد استندت القناة
الفضائية فيما أسمته بالوثائق
الفلسطينية على محضر جلسة اجتماع يعود
إلى 15 يناير 2008 شارك فيه كل من وزيرة
الخارجية الأميركية، كوندليزا رايس،
ونظيرتها الإسرائيلية، تسيبي ليفني،
وأحمد قريع، حيث نقل المحضر عن قريع
قوله: "نحن نقترح ضم إسرائيل لجميع
المستوطنات في القدس باستثناء مستوطنة
جبل أبو غنيم"، مضيفاً إنها "المرة
الأولى في التاريخ التي نقدم فيها هذا
الاقتراح، وقد رفضنا القيام بذلك في
كامب ديفيد". وفي حال تأكد صدق التنازل الفلسطيني فإنه
سيمثل اختراقاً حقيقياً لأحد المواضيع
الشائكة جداً في مباحثات السلام
بالشرق الأوسط، لا سيما وأن المواقف
الفلسطينية التقليدية معروفة
بإصرارها على تولي إدارة القدس
الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967،
فضلا ًعن إلحاحها أن تكون القدس عاصمة
الدولة الفلسطينية المرتقبة، وأضافت
الوثائق السرية التي كشفت عنها "الجزيرة"
استعداد المفاوضين الفلسطينيين
لتقسيم البلدة القديمة في القدس والحد
من رجوع اللاجئين الفلسطينيين
بالإشارة إلى عدد لا يتجاوز مائة ألف
لاجئ، هذا بالإضافة إلى الاعتراف
بإسرائيل كدولة يهودية، لكن الوثائق
أظهرت أيضاً تشدد المفاوض الفلسطيني
فيما يتعلق بالمستوطنات في الضفة
الغربية التي تمسك بضرورة إزالتها على
أن يشمل ذلك الكتل اليهودية الكبرى مثل
"معالي أدوميم" وأرييل"
وغيرهما. وفي رد على الوثائق المسربة التي بثتها"الجزيرة"
سارع القادة الفلسطينيون إلى نفي ما
جاء فيها معتبرين أن المعلومات التي
حملتها غير دقيقة، مشيرين إلى أن
الوثائق نفسها مزيفة ومُجتزأة من
سياقها العام، وأنها تعكس فقط ما جرى
في المفاوضات التمهيدية، ولا تحيل إلى
الموقف النهائي للمفاوض الفلسطيني،
مؤكدين على المبادئ الثابتة التي على
رأسها القدس الشرقية، وفي هذا الإطار
نعت كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب
عريقات، الوثائق الفلسطينية بأنها "حزمة
من الأكاذيب"، ففي برنامج إخباري
شارك فيه على قناة "الجزيرة" يوم
الأحد الماضي قال عريقات: "نحن لم
نتراجع عن مواقفنا المعروفة وثوابتنا
الوطنية، ولو قدمنا كل هذه التنازلات
بشأن اللاجئين والقدس الشرقية لماذا
لم تسارع إسرائيل إذن للتوقيع على
اتفاق معنا؟"كما اتهم عريقات
إسرائيل بالوقوف وراء تسريب الوثائق
في محاولة منها لإحراج السلطة
الفلسطينية، متسائلًا في الوقت نفسه
عن المغزى والغاية الحقيقيتين من
توقيت الكشف عن هذه الوثائق في حين
يخوض المفاوض الفلسطيني صراعاً مع
إسرائيل والولايات المتحدة في مجلس
الأمن والأمم المتحدة، حيث يتهيأ
الجانب الفلسطيني لطرح مقترح لإدانة
النشاط الاستيطاني لإسرائيل، أما في
حال كانت الوثائق دقيقة، فإنها ستؤكد
أن الفلسطينيين كانوا أكثر انفتاحاً
بشأن تقديم تنازلات مما توحي به
تصريحاتهم العلنية، أو مقارنة بما
يعلنه الإسرائيليون أنفسهم الذين
درجوا على تحميل الجانب الفلسطيني
مسؤولية فشل المفاوضات وتعثر عملية
السلام، لكن مثل هذه التنازلات ستعرض
السلطة الفلسطينية التي تدير العملية
التفاوضية مع إسرائيل إلى انتقادات
شديدة من قبل الرأي العام الفلسطيني،
لا سيما وأن استطلاعات الرأي تشير إلى
رفض الشعب الفلسطيني التنازل بشأن
القضايا الجوهرية مثل القدس الشرقية
وعودة اللاجئين. وقد سارعت حركة "حماس"، القوة
المنافسة للسلطة الفلسطينية في غزة،
إلى القفز على ما جاء في الوثائق
السرية التي كشفت عنها قناة "الجزيرة"
واتهمت السلطة ب"تصفية" القضية
الفلسطينية، ويذكر أن العرض المثير
الذي تقدم به المفاوض الفلسطيني إلى
إسرائيل جاء خلال جولة المفاوضات التي
أجريت عام 2008، واعتقد العديد من
المراقبين أنها أوشكت على التوصل إلى
اتفاق، وهي المفاوضات التي دائماً ما
كانت إسرائيل تلوم الجانب الفلسطيني
على فشلها، وإنْ كان المسؤولون
الأميركيون والفلسطينيون يرجعون
انهيارها إلى سقوط حكومة "أولمرت"،
والهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في
ديسمبر 2008. ========================= آخر تحديث:الأربعاء ,26/01/2011 ميشيل كيلو الخليج تقول وسائل الإعلام إن مؤتمر القمة
الاقتصادية العربية الثاني، في شرم
الشيخ المصرية، عقد تحت تأثير الحدث
التونسي، الذي كان موضوعاً تطرق إليه
عدد من المتحدثين، وعبر عن نفسه بأشكال
متنوعة، فمن متحدث عن الشباب
باعتبارهم كنز الأمة ورأسمال بلدانهم،
الذي لا يجوز التفريط فيه (الرئيس
المصري حسني مبارك)، إلى أمين عام
الجامعة العربية عمرو موسى، الذي قال
بصراحة إن ما كان قائماً في تونس من
أوضاع موجود في عالمنا العربي كله، وإن
ردود الفعل على ما جرى في تونس قد تتكرر
في أكثر من بلد ودولة، بينما أعلن أمير
الكويت عن تدابير غير مسبوقة في تاريخ
العلاقة بين السلطة والشعب هي منح
أربعة مليارات دولار للمواطنين وتوزيع
الطعام مجاناً على متوسطي وفقيري
الحال طيلة أربعة عشر شهراً . في هذه
الأثناء، تسابقت دول عربية عديدة على
إعلان تدابير وإجراءات ترفع الرواتب
وتخفض أسعار السلع الغذائية وتزيد بعض
المعونات التي تعوض عن غلاء بعض السلع
والمواد الاستهلاكية، كأن الحدث
التونسي لفت أنظارهم إن لم نقل خوفهم،
وأظهر أنه ليس فوق رأس أحد خيمة، كما
يقال، وأن ما جرى هناك يمكن أن يتكرر في
أكثر من مكان هنا، خاصة أن الشبه بين
نظام تونس ونظم عربية عديدة يكاد يكون
تاماً . إلى هذا، ربما كان ثمة توجه جديد أظهره
المؤتمر العتيد إلى المسألة
الاجتماعية في العالم العربي، حيث
يبدو أن هذه اكتسبت أهمية مفاجئة بعد
أحداث تونس، فبدا كأنها تكونت فجأة،
بين ليلة وضحاها، وأنها ليست مشكلة
قديمة ومزمنة ومتوترة، وأن الاعتراف
بأهميتها يبدو كأنه تعويض عن شيء غاب
عن الأنظار، تقرر الآن تداركه وإعطاؤه
أهمية خاصة ووضعه في مركز العمل والنظر
خلال الفترة القريبة المقبلة، بينما
يحدث أمران مهمان، يتصلان بأسس الوضع
الاقتصادي العربي، أولهما أن علاقات
العرب الاقتصادية لا تكفي لجعل
الاقتصاد العربي متشابكاً متداخلاً،
يشكل ساحة واحدة أو كياناً مترابطاً،
فالعرب منذ نهاية القرن التاسع عشر لا
يتبادلون في ما بينهم غير قرابة 7-8% من
تجارتهم الخارجية، بما يعني أن إعادة
إنتاج مصالحهم الاقتصادية لا تتم في
مجالهم القومي الخاص، وأن الاقتصاد لا
يؤدي أي دور يستحق الذكر في تقريب أو
توحيد العرب، وأن علاقاتهم الاقتصادية
الحقيقية توحدهم بالأحرى مع الخارج
غير العربي، رغم تشكيل لجان وعقد
مؤتمرات وتحالفات ومعاهدات رسمية عامة
وثنائية تتحدث بتبجح عن وحدة العرب
الاقتصادية والسوق العربية الموحدة .
وثانيهما أن نصيب العرب من التجارة
الدولية لا يتقدم بل يتراجع، وهو لا
يتجاوز اليوم، رغم النفط وغير النفط، 4%
من إجمالي التجارة العالمية، فالعرب
الذين لا يتفاعلون في ما بينهم، لا
يتفاعلون أيضاً مع العالم، إلا في أضيق
الحدود، فهم اليوم أمة لا تتكامل مع
نفسها وتعيش في الهامشية داخل العالم،
التي تزداد مع التقدم العاصف لدول
كثيرة في العالم، بعضها جيران لنا
كتركيا، التي تنتج ما يكاد يقارب مجمل
الإنتاج العربي من دون أن يكون لديها
مواد أولية ذات شأن، ولأن لديها مادة
فريدة في أهميتها هي العقل الذي يعمل
بطريقة صحيحة ويحسب لكل شيء حسابه،
والقيادة التي تعرف كيف تتخذ قرارات
صحيحة . لم يناقش المؤتمر هذه الحقائق المخيفة،
كما لم يناقش واقعة خطيرة تكاد تكون
غير قابلة للتصديق، هي أن الوطن العربي
بدد خلال خمسين عاماً ثلث موارده
الإجمالية على الفساد الذي نقل قسماً
هائلاً من أمواله إلى الخارج، أو ضيعها
في استهلاك فاجر، وأنفق الثلث الثاني
على أجهزة غير منتجة، في حين أنفق
الثلث الثالث على ما يسمى التنمية
والإدارة، التي خلفت وراءها نتائج
فظيعة، فلا هي نمّت بلدانها ولا هي
أقامت شروط تقدم مستدام فيها، ولا هي
حدثت المجتمعات في معظم الدول
العربية، على أقل تقدير، هذا إذا كانت
لم تعد إنتاج التخلف وتعمقه . مع ذلك
يحمل المؤتمر عنواناً اقتصادياً ويريد
نفسه مؤتمراً عن الاقتصاد . والآن، وكي لا نضيع وقتنا على مشاريع
وهمية يحب الساسة العرب الحديث عنها،
بلغ الكلام عنها حداً من المبالغة في
الستينات من القرن الماضي جعل بعض
القادة يعدون مواطنيهم في المدن
المزدحمة، التي لا يجدون فيها سيارة
عامة تقلهم إلى أعمالهم، بأنهم
سيتمكنون خلال أعوام قليلة من امتطاء
طائرات صغيرة حديثة، ستنطلق من مواقع
وميادين العاصمة . آنذاك، نشرت الصحف
مجسمات وصوراً لهذه الطائرات الوهمية
وهي تحلق في أجواء البلاد وداخلها
المواطن المسكين الذي ينتظر الحافلة
ساعات طويلة . فراراً من مثل هذه الأوهام، أقترح على
الزعماء العرب ما يلي: تأسيس شركة
طيران عربية مشتركة، تسهم جميع الدول
العربية بنسب معينة في أسهمها، تسمى
شركة “الطيران العربي”، على أن
يديرها ويعمل فيها أشخاص من بلدان
عربية مختلفة، ويكون لها فروع في جميع
الدول، ويمنح موظفوها وطياروها “جواز
سفر عربي” يصدر عن جامعة الدول
العربية، يصلح للانتقال والعمل في
بلدان العرب جميعها، من دون تأشيرات
دخول وخروج وتراخيص بالإقامة، على أن
تكون تكاليف السفر فيها مخفضة، وتحصر
عملها في الوطن العربي، وتحول أرباح
طائراتها ومطاراتها إلى رصيد عربي
مشترك وتستخدم لشراء مزيد من الطائرات
وبناء مزيد من المطارات وبعض الجامعات
التقنية ومعاهد الأبحاث العلمية في
مختلف أرجاء وطننا، ويكون لأساتذة
وطلاب هذه الجامعات بدورهم الجواز
العربي المشترك، الذي يجعل منهم
مواطنين قوميين من دون أن يسلبهم
جنسيات بلدانهم، ويعطيهم حق العيش
والعمل حيثما يريدون من وطنهم الكبير،
وهكذا دواليك . ما رأيكم بشركة ملاحية تنطبق عليها
الشروط نفسها، فتكون عربية وللعرب
جميعهم، وتركز خدماتها على ربط الوطن
العربي بعضه ببعض من خلال أسعار نقل
وشحن تفضيلية، شأنها في ذلك شأن شركة
الطيران، التي يجب أن تحصر عملها في
الدول العربية تسهيلاً للتواصل بين
بناتها وأبنائها، وللانتقال والتبادل
في ما بينها . أخيراً، ماذا كان يمنع القادة العرب من
تأسيس شركة نقل بري مشتركة، بشروط
شركتي الطيران والملاحة، تستخدم
أرباحها لتوسيع التواصل البري بين
الأقطار العربية، وبناء المزيد من
الطرق وزيادة التبادل التجاري العربي . هل غابت مثل هذه الأفكار عن القادة العرب؟
من قال إننا لا نستطيع بناء مؤسسات عمل
قومي في ظروفنا “القطرية” الراهنة،
تكون مؤسسات انتقال إلى تفاعل عربي
يزيد من تقارب العرب ووحدتهم، عبر
إقامة مصالح مشتركة لهم مصلحة فيها،
لكونها مستقلة عن خلافاتهم، ومربحة
لهم جميعاً، وتلعب دوراً مهماً في ردم
فوارق التقدم والتأخر بين بلدانهم، من
دون المرور بالسياسة وخلافاتها ووجع
الرأس الذي تسببه للعرب منذ عقود؟ هل نحلم ونسرح مع الخيال، اقتصادياً
وسياسياً، أم هذا ممكن التحقيق، إن
صدقت النيات وتوفرت الرغبة في إنجازه؟
أظن أن الجواب على هذا السؤال لا يحتاج
إلى تفكير كثير، فقط إن صدقت النيات
وتوفرت الرغبة . المشكلة أنها لم تصدق
وتتوفر إلى اليوم . من يدري، ربما صدقت
وتوفرت بعد تونس . =========================== المصدر: صحيفة «تلغراف»
البريطانية التاريخ: 26 يناير 2011 البيان وُجّهت تهمتان إلى رئيس الوزراء
البريطاني الأسبق توني بلير، خلال
ظهوره الثاني أمام لجنة التحقيق بشأن
الحرب في العراق. الأولى؛ تتعلق بموقفه
الخانع في العلاقات مع الرئيس
الأميركي السابق جورج بوش، واعداً على
نحو متهور بدعم بريطانيا للإطاحة
بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين،
قبل اتخاذ قرار بالحرب. أما الاتهام
الثاني؛ فهو أنه تجاهل بتعجرف،
المشورة القانونية من النائب العام
بيتر غولد سميث. كلا الاتهامين في غاية
الخطورة، ولم يقدم رئيس الوزراء
السابق أدلة يدافع بها عن نفسه، بشكل
مقنع. وقدم تم توجيه التهمة الأولى، بناء على
المذكرات التي بعث بها بلير إلى بوش في
الفترة التي سبقت الغزو عام 2003. وقد تم
حظر نشر تلك المذكرات مؤخراً من قبل
رئاسة الوزراء، ولكن جوهر المذكرات
تنامى إلى الأسماع. وفقاً لرواية بلير، فإن الرسالة التي تم
إيصالها إلى بوش هي: «يمكنك الاعتماد
علينا». بلير يقول إنه سعى إلى إضفاء
شرعية على ذلك، من خلال حثّ أميركا على
السعي من أجل استصدار قرار من الأمم
المتحدة، لضمان أن دعم بريطانيا يستند
إلى القانون الدولي. إلا أن ذلك قد تم
تقويضه، بسبب فشل الأمم المتحدة
لتأمين إجماع دولي في هذا الصدد. وجادل
بلير بالقول إن قرار الأمم المتحدة رقم
1441، كان كافياً لتبرير الحرب. وردا على الاتهام الثاني، قال بلير إنه
كان من المعقول تجاهل نصيحة اللورد
غولد سميث بأنه كانت هناك حاجة لقرار
ثانٍ لجعل الغزو قانونياً، لأنه كان
يعتقد أنه كان توجّهاً «ظرفياً». وما
يقصده هو أنه كان يشعر بأنه واثق من
قدرته على ترهيب النائب العام لتغيير
رأيه. كما نشر التحقيق أيضاً مذكرة من بلير إلى
رئيس الأركان البريطاني «جوناثان باول»،
تعود إلى إبريل من عام 2002، التي جادل
فيها قائلاً: «إن الفلسفة السياسية
التي تكترث بها دول أخرى، والتي من
شأنها تغيير الأنظمة، ينبغي أن تتسم
بالحماسة ضد صدام». تلخص هذه الجملة
حماقة موقف بلير بشأن العراق على نحو
تامّ، فقد كان حماسياً في الوقت الذي
كان ينبغي أن يلتزم الحذر. وتبقى
العواقب واضحة ليراها الجميع. قال المواطن البريطاني جون براون، الذي
لقي ابنه «نيكولاس براون» (34 عاما) الذي كان برتبة رقيب في
قوات الإنقاذ حتفه في شمال بغداد عام 2008،
إنه جلس يستمع إلى شهادة بلير وهو يشعر
بالاشمئزاز. وقال: «إن الأمر يشبه
شخصاً مثل آل كابوني أو جون غوتي، وهما
يدليان بشهادتهما في المحكمة، وهو
يعلم أنه اشترى ذمة القاضي وهيئة
المحلفين. كدتُ أشعر بالغثيان، فقد أدى
هذا الأمر إلى أن يشعر الجميع بالسأم،
لأن الرجل لم يبدِ أسفاً على الإطلاق.
وأضاف: »في رأيي، الطريقة الوحيدة التي
سيوقفون بها هذا الرجل هي ساحة القضاء،
واستجوابه من قبل المحامين. لا يعتبر
هذا التحقيق صارماً بما فيه الكفاية». أما «بيتر بريرلي»، الذي قتل ابنه شون (28 عاماً) في عام 2003، فقد أضاف: «لكي
يثبت أنه إنسان، يجب أن يبدي بعض الأسف.
إنني يحلو لي أن أصوره على أنه نوع من
أنواع الوحوش، لكنه لا يزال من البشر،
ويجب أن يؤثر ذلك عليه. فقد بدا عليه
القلق وتعرضه للضغط. فليس هذا ما
يستحقه». ======================== د. منار الشوربجي التاريخ: 26 يناير 2011 البيان لا أظن أن بإمكاني مع مرور الوقت، أن أنسى
مشهد المتحدث باسم الحكومة البريطانية
على شاشات الفضائيات، يوم اندلاع ثورة
أهلنا في تونس. ففي ذلك اليوم، شاهدت
الرجل في يوم واحد ثلاث مرات، تفصل بين
الواحدة والأخرى ساعات قليلة أو أقل.
وفي كل مرة، سئل فيها عن موقف حكومته
مما يجري في تونس، كان يصر رغم إلحاح
الإعلاميين، على جملة واحدة كان
يقولها وعلى وجهه علامات جمود لا
تخطئها العين، مؤداها أن الحكومة
البريطانية تدرس ما يحدث على نحو معمق،
وأنها سوف تعلن موقفها حين تنتهي من
دراستها. كان ذلك بعد رحيل بن علي
مباشرة، وقبل أن تتضح الصورة. ففي تلك
اللحظات الحاسمة، لم ينطق الرجل أبدا
بكلمة واحدة من كلام بلاده الدائم عن
الديمقراطية والحريات. ومشهد المتحدث باسم الحكومة البريطانية،
هو مجرد واحدة من تجليات الموقف الغربي
من قضية الديمقراطية. فهو موقف صارت له
هذه المرة حالة عربية معاصرة، لا يمكن
معها أن يظل البعض في عالمنا العربي
ينكرها، ويستمر في الرهان على الغرب
لتحقيق الديمقراطية في بلادنا. فتلك
أسطورة صنعتها الحكومات الغربية،
وصدقها البعض عندنا، إما من باب
السذاجة السياسية أو من باب المصالح
الخاصة. فالغرب الذي صدع رؤوسنا بالحديث عن
الديمقراطية في عالمنا العربي، هو
نفسه الذي أدار ظهره لها في تونس حتى
اضطر اضطرارا للاعتراف بها. والغرب
الذي لم يكف عن الترويج لأفكار تتهم
الثقافة الإسلامية بأنها معادية
للديمقراطية، وتعتبر شعوبنا ليست
مستعدة للحرية بسببها، اتضح أنه هو
الذي ليس مستعدا لظهور الديمقراطية في
بلادنا. وكانت نتيجة الامتحان التونسي
لكل الحكومات الغربية «لم ينجح أحد».
وهو أمر متوقع، ولكنه جدير بالتسجيل
حتى لا ينساه كل من يهمه الأمر في
عالمنا العربي. وقصة النظام التونسي مع الدعم الغربي
تستحق أن تروى، لأن فيها من الدروس ما
يستحق الإشارة. فنظام ابن علي كان طوال
قمعه الشرس للشعب التونسي، يحظى بدعم
غربي قوي وواسع النطاق. فهو، أولا، كان
ينفذ الروشتة البائسة لصندوق النقد
الدولي بحذافيرها، والتي كانت تعني
تطورا في المؤشرات العبثية للتحسن
الاقتصادي التي يتبناها الصندوق، ولكن
يصاحبها ازدياد في الفجوة بين الفقراء
والأغنياء، وارتفاع نسبة البطالة
والفقر. وتنفيذ روشتة الصندوق منح بن
علي دعما وثناء غربيا بلاحدود، حتى أن
بلاده وصفت «بالمعجزة التونسية». ونظام بن علي استخدم، ثانيا، منذ وصوله
للحكم، ما سمي بسياسة «تجفيف الينابيع»،
والتي لم تهدف فقط لاستئصال التيار
الإسلامي، وإنما استهدفت التدين ذاته.
وهي سياسة رغم ما انطوت عليه من قمع،
إلا أنها حظيت باستحسان غربي، بل ودعم
لتلك السياسة عبر تضييق الخناق على
المعارضين السياسيين التونسيين في
الخارج، وتقييد حركتهم وتنقلهم من بلد
أجنبي لآخر. وقد لعب نظام ابن علي، ثالثا، دور شرطي
المرور القوي الذي يساعد الغرب في منع
الهجرة من جنوب المتوسط إلى شماله.
وفضلا عن كل تلك الخدمات، فقد عمل نظام
ابن علي بشكل وثيق مع أجهزة الأمن
والاستخبارات الغربية، خصوصا بعد
أحداث سبتمبر، فمثل إحدى أهم حلقات ذلك
التعاون، في إطار شبكة واسعة تضم
إفريقيا ووسط آسيا والشرق الأوسط. لهذا كله، كان الدعم الغربي بلاحدود،
وأدارت الحكومات الغربية ظهرها للشعب
التونسي، وابتلعت ألسنتها بشأن
الديمقراطية وحقوق الإنسان. حتى حين
بدأت ملامح الثورة التونسية تلوح في
الأفق، كانت تلك الحكومات الغربية على
استعداد لدعم النظام ضد شعبه في السر.
فالكونغرس الأميركي كان منشغلا وقتها
باعتماد 12 مليون دولار لدعم الأمن
التونسي، بينما وافق مجلس الوزراء
الفرنسي على إرسال قوات أمن فرنسية
لدعم نظام بن علي، بل وتدريب قواته «على
القمع دون قتل»، أي والله! ولكن ما إن أدركت تلك الحكومات أن نظام بن
علي ينهار فعلا، حتى سحبت دعمها
بالمطلق، فرفضت فرنسا استقبال حليفها
القوي على أراضيها لاجئا، وبدأت
الحكومات الغربية الواحدة بعد الأخرى
تعلن تمجيدها لشعب تونس العظيم! وتحمل تلك الأحداث دروسا لكل من يهمه
الأمر. فالعلاقات الدولية تقوم على
المصالح، ولا شيء غيرها. والحكومات
الغربية ليست جمعيات خيرية توزع
العطايا على المحتاجين، فهي جاءت
للحكم بشكل ديمقراطي في بلادها لخدمة
مصالح شعوبها، لا مصالح الشعوب الأخرى.
ولا عيب في ذلك في حقيقة الأمر،
فمصالحنا نحن العرب لن يدافع عنها
غيرنا. والحكومات الغربية لن تغير مواقفها
بالمناسبة، بعد أن فضحتها ثورة تونس.
فهي ستظل تسعى لحماية مصالحها بأقل
تكلفة ممكنة، وبغض النظر عن الثمن الذي
يدفعه الآخرون. ولعل ما قالته نائبة
مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، هو
خير دليل على ذلك. فهي بعد أن أثنت على
التونسيين ووصفت ثورتهم بأنها «ساحرة»،
سعت لأن تحافظ على مصالح بلادها مع
حلفائها الباقين في مناصبهم، بالضبط
كما كانت تفعل حكومتها مع نظام بن علي
حين كان في منصبه. فهي رفضت أن «تستنتج»
مما جرى في تونس احتمال تكراره في دول
أخرى مجاورة، وقالت إن «لكل دولة
ظروفها». غير أن المفارقة الأهم على الإطلاق في
كلام المسؤولة الأميركية، هي أنها
كانت في سياق آخر قد قالت إن ما حدث في
تونس والسرعة التي انهار بها النظام،
مثلا مفاجأة لحكومتها. وهو درس آخر لمن
يهمه الأمر، يؤكد على عبثية الرهان على
قدرات الغرب الاستخباراتية على معرفة
ما يدور في بلادنا، فتلك أسطورة أخرى.
فأميركا فوجئت بأحداث تونس، كما فوجئت
بالثورة الإيرانية قبل أربعة عقود! ========================= الفقراء يحتاجون إلى
برامج تنمويه وليس لجمعيات خيرية! عادل ياسين : قاسيون 23/ 01/ 2011 في لقاءات عدة أجرتها الصحافة المرئية
والمكتوبة مع وزيرة العمل والشؤون
الاجتماعية حول مرسوم صندوق المعونة
الاجتماعية للأسر السورية الفقيرة
التي تحتاج إلى مساعدة، والمصنفة حسب
إحصاءات الحكومة بأنها تحت خط الفقر
وفقاً للمسح الذي أجرته الوزارة في
العام الفائت، حيث تجمهر الآلاف من
الفقراء أمام المراكز التي أعدتها
الوزارة لإحصاء عدد الأسر الفقيرة
التي تنوي (التصدق عليهم) وإنقاذهم من
الفقر والعوز الذي أصابهم، ورفع مستوى
تمثيلهم لخط الفقر الأدنى إلى خط الفقر
الأعلى وانتمائهم إليه، وأضعف الإيمان
إلى مابين الخطين، ليس هذا فقط بل
ستعمل الوزيرة وعبر أموال الصندوق من (تمكينهم)
أي تحويلهم إلى منتجين ومساهمين (حقيقيين)
في رفع مستوى معيشتهم من خلال مشاريع
إنتاجية تمهيداً لتخريج الدفعة الأولى
من الفقراء من آلية الاستفادة من
المعونة المقررة لهم، ودخول دفعة
جديدة تستحق الدعم والإعانة، وبهذه
الطريقة (طريقة تخريج الدفعات)، وخلال
أعوام قليلة تكون الوزارة قد قضت على
كل مظاهر الفقر (والفقراء)!! وبالعودة إلى ما قالته السيدة الوزيرة:
فإنها وجهت إتهاماً صريحاً للأسر
الفقيرة المنوي مساعدتها بأنها تستهلك
عوائد التنمية بسبب الإنجاب غير
العادي (يا لها من فعلة شنيعه) التي
يقدم عليها الفقراء، مما يؤدي إلى
تزايد كبير في نسب السكان، فحتى تجوز
الإعانة للأسرة الفقيرة لابد أن يكون
عدد الأولاد عندها ثلاثة وما دون، ومن
ينجب أكثر من ذلك فيكون (ذنبه على جنبه)
وهو محروم من الإعانة، وليتحمل شر
أعماله التي قام بها والتي تتعارض مع
شعار الحكومة في تحديد النسل
والإنجاب، حيث أن هذا الإنجاب
المتزايد يستهلك الموارد الشحيحة
المحدودة التي في حوزة الفريق الحكومي
الاقتصادي، مما يعني إرباكاً لهم
سيوقعهم في حيرة من أمرهم عن الكيفية
والطريقة التي ستؤمن بها الحكومة
الموارد الكافية والضرورية التي
ستصرفها على الفقراء لإنقاذهم من
فقرهم! إن الفقراء (الشريرين) لا يولون اهتماماً
للمساعي الحكومية وللجهود المبذولة
لتأمين ما يلزم من موارد لرفع مستوى
معيشتهم أو تحسين الرعاية الطبية
والتعليمية لأبنائهم. إن المطلوب من الأسر الفقيرة شيئ واحد فقط
(تحديد نسلهم) وعدم الإنجاب بالنسب
ذاتها وترك ما تبقى من أمور على
الحكومة التي ستتكفل بالقضاء على
الفقر ورفع مستواه من الحد الأدنى إلى
ما فوق الحد الأعلى. بهذا الكلام نشم رائحة فيها الكثير من (المالتوسيه)
التي تتهم الفقراء بتنغيص عيش
الأغنياء، بسبب تزايدهم وإنجاباتهم
الكثيرة، مما يؤدي إلى تزايد مطالبهم
وتكبير حصتهم التي يحرص الأغنياء
كثيراً على أن لا تكبر وتزيد، بل لابد
أن تتناقص لأن في ذلك زيادة لأرباحهم،
ومَركَزَةً لأموالهم. أيها السادة الوزراء، أيها السادة
الأغنياء، فقراء بلادنا لم يختاروا
فقرهم بأيديهم، ولم يذهبوا إليه
بأرجلهم وإرادتهم، وليس السبب إنجابهم
المتزايد الذي يستهلك عوائد التنمية
التي يجري التباكي عليها! قالت الوزيرة وبالحرف الواحد: (فلِكي تكون
لدى الآخرين معرفة بهذا الموضوع فأنتم
تعلمون أن الزيادة السكانية تستهلك من
عوائد التنمية، ومن ثم فإن الصندوق غير
مضطر لدعم ذلك الذي لا يعي أن الموارد
محدودة وأن عليه أن يحافظ عليها). أيها الفقراء الذين لا تعلمون بقوانين
الاقتصاد، ولكن تعلمون بحِسِّكم
العفوي وبتجربتكم الطويلة مع الفقر
والحرمان أن عوائد التنمية التي تتحدث
عنها الحكومة، وتتهمكم بأنكم من
يستحوذ على قسم منها، أن تلك العوائد
تذهب إلى مكان آخر، تذهب إلى جيوب
وأرصدة ال20% من السكان الذين يستحوذون
على /80%/ من الدخل الوطني,وللمعلوميه
خمسة افراد من الأسره الحاكمه في سوريا
يملكون مايملكه سبعة ملايين مواطن؟؟؟،
وإذا كان الأمر غير ذلك، فلماذا تتزايد
نسب الفقر والبطالة عاماً بعد عام
وباعتراف الحكومة ومكاتبها الإحصائية
التي تطلعنا كل فترة زمنية على نسب
جديدة للفقر والبطالة؟! إن النهب الكبير الذي التَهَم كل مقدرات
البلاد والعباد هو سبب فقركم. إن
السياسات الليبرالية التي جعلت كل شيء
مباحاً للأغنياء من أجل أن يكدسوا
الأرباح والأموال وعلى حساب حصصكم
الحقيقية من الدخل الوطني، هي سبب
فقركم. إن رفع الدعم الكلي والجزئي عن
حوامل الطاقة ومستلزمات الزراعة هو من
هجَّركم من أراضيكم الزراعية وزاد من
فقركم. إن الفقراء في وطننا لا يحتاجون لجمعيات
خيرية تتصدق عليهم كل ثلاثة اشهر، هم
يحتاجون إلى مشاريع تنموية واستثمارات
في الصناعة والزراعة تشغل جيش
العاطلين عن العمل، وتثبِّت الفلاحين
في أراضيهم وحقولهم كي يستمروا منتجين
(مليون ونصف مشرد من المناطق الزراعيه
هم متسولون في مدن-حلب -دمشق....، وليسوا
متسولين على أبواب وزارة العمل
والشؤون الاجتماعية. إن وطننا بحاجة إلى تنمية حقيقية في كل
أرجائه العامرة بالخيرات، ولا يحتاج
إلى جمعيات خيرية تتصدق عليه وتحط من
كرامته وتحوله إلى عبدٍ لتلك الجمعيات
(الصناديق)، متى شاءت تعطيه، ومتى شاءت
تحرمه اخيرا" أيها الشعب السوري ان الأوان
فالقضيه لم تكلف التونسين كثيرا"
تحركوا ماهذا الشعب السوري اللذي
عرفناه.....ودمتم . ======================== التقارب الكبير بين
أجنحة الاقتصاد العالمي لوموند ترجمة الأربعاء 26-1-2011م ترجمة: سراب الأسمر الثورة دخل متقارب ونمو متباعد، هذا هو الوضع
الاقتصادي اليوم. نشهد في أيامنا هذه انعكاساً لزمن الأجور
المختلفة التي ظهرت في القرن التاسع
عشر وبداية القرن العشرين. ففي ذلك
الوقت عرفت شعوب أوروبا الغربية
ازدهاراً أكثر من مستعمراتها السابقة
محققة بذلك منافع اقتصادية على كل
العالم. اليوم انقلب هذا الوضع أسرع
مما يبدو عليه، وهو محتم ومرغوب بآن
واحد وينجم عنه تحديات عالمية واسعة. في كتاب «الاختلاف الكبير» للكاتب كينيث
بومرانذ من جامعة كاليفورنيا، يعزو
الكاتب الاختلاف الكبير بين الصين
والغرب الى نهاية القرن الثامن عشر
والى القرن التاسع عشر. أنغيس ماديسون أقدم باحث في الاحصائيات(1926-2010)
أشار الى أن الانتاج البريطاني
والأميركي عام 1820 للفرد الواحد كان
بالتتالي أكبر ثلاثة اضعاف وضعفي
ماكان عليه في الصين. في منتصف القرن
العشرين كانت عوائد الفرد الفعلية قد
انخفضت في الصين والهند بالتتالي 5٪
و7٪ عن مستويات عوائد الفرد في
اميركا وفي عام1980 ظلت الأمور كما هي. هذا الاختلاف على وشك الانقلاب ويمكننا
القول: إنها الميزة الأكثر وضوحاً في
عالمنا. من المعطيات التي درسها ماديسون فإن نسبة
الانتاج الصيني للفرد الواحد مقارنة
بالانتاج الأميركي ارتفعت بين عامي
1980-2008 من 6٪ الى22٪ بينما ارتفعت في
الهند من 5٪ الى 10٪وحسب «مبادىء
معطيات الاقتصاد الكلي» لمؤتمر بورد
فإن النسبة ارتفعت من 3٪ الى 19٪ في
الصين ومن 3٪ الى 7٪ في الهند: وهذا
في الفترة الواقعة بين نهاية سنوات 1970و2009ورغم
اختلاف النسبية لكن التغيير النسبي
يظل نفسه. إن التقارب السريع في انتاجية الاقتصادات
الغربية المتقدمة لم تكن الوحيدة في
الفترة التي تلت الحرب العالمية
الثانية. فاليابان فتحت الباب وتبعتها
كوريا الجنوبية وتنينات صغيرة
اقتصادية آسيوية مثل هونغ كونغ،
سنغافورة وتايوان. هذا وكانت اليابان
قد بدأت بالتوجه نحو الصناعة منذ القرن
التاسع عشر وبنجاح واضح. فبعد هزيمتها عام 1945، كان لابد لها أن
تنطلق بعد التوقف بدءاً من مستوى يمثل
خمس الانتاج الاميركي للفرد، وفيما
بعد الى المستوى الذي وصلته الصين
اليوم، ثم ارتفع ليصل الى 70٪ من
الانتاج الأميركي في بداية سنوات1970. ووصل الى 90٪ من مستوى الانتاج الأميركي
خلال سنوات1990، لكن انفجرت الفقاعة
الاقتصادية وبدأ بتراجع جديد، أما
كوريا الجنوبية فبدأت بنمو10٪
مقارنة بالمستوى الاميركي في منتصف
سنوات 1960، لامست ال 50٪ عام 1997 قبل
الأزمة الآسيوية تماماً ووصلت الى 64٪
عام 2009. الأمر الذي لامثيل له في الوضع الحالي ليس
التقارب، لكن اتساع حجمه. لنتخيل أن
الصين سلكت الدرب الذي اتبعته اليابان
خلال سنوات 1950-1960. كانت لتسبقها بعشرين سنة نمو سريع ولبلغت
ال70٪ من مستوى الانتاج الأميركي عام
ال2030. في ذلك الوقت، قد يصل اقتصادها
الى ثلاثة اضعاف أكثر من الاقتصاد
الاميركي بالنسبة للقدرة الشرائية،
وقد يكون لها وزن اقتصادي أهم من
أميركا وأوروبا الغربية مجتمعتين .
نظراً الى نسبة النمو مؤخراً، قد يعادل
الاقتصاد الهندي 80٪ من المستوى
الاميركي لعام 2030، وصافي انتاجها
الوطني للفرد أقل من الخُمس. صافي الانتاج الوطني الفعلي للفرد في
الصين يعادل ماكان عليه الوضع في
اليابان في سنوات1960، والمستوى في
الهند يعادل ما كان عليه الوضع في
اليابان في بداية سنوات1950. كان قد لاحظ بن برنانكي( مدير احتياط
المالي الفيدرالي الاميركي) في تشرين
الثاني الماضي أنه خلال الفصل الثاني
لعام2010 كان مجموع الانتاج الفعلي
لاقتصادات الدول المنبثقة اكثر ب41٪
عما كان عليه بداية ال2005 (70٪ في
الصين و55٪ في الهند). خلال الوقت نفسه، لم يرتفع الانتاج في
الدول المتقدمة سوى 5٪ فيما لم يُشكل
«الركود الكبير» بالنسبة للدول
المنبثقة أكثر من هزة صغيرة على الطريق. يبنما شكل الركود كارثة بالنسبة للدول
ذوات العوائد المرتفعة. يبلغ مجموع سكان دول اوروبا الغربية،
الولايات المتحدة، كندا، استراليا
ونيوزيلاندا 11٪ من سكان العالم،
بينما يصل عدد سكان الصين والهند
وحدهما الى 37٪، والوضع الحالي للدول
الغربية هو نتيجة اختلاف كبير،
وسينتهي هذا الأمر مع حدوث التقارب
الكبير. بحال افترضنا استمرار التقارب، وإن لم
يكن على نفس الوتيرة التي عرفناها،
فالجواب على المتشككين بهذا الامر أنه
:لمَ لا؟ قوى تكنولوجيا كبرى وأسواق نشرت المعارف
في العالم أجمع. الشعب الصيني والهندي شعوب ديناميكية
أيضاً وأكثر نشاطاً من الغرب رغم فقرها. حتى وقت قريب، كان من الصعب التغلب على
العوائق السياسية والاجتماعية، لكن
ذلك لم يعد صحيحاً منذ عقود. لماذا عادت
للظهور؟ بالتأكيد، إذا كنا نريد استمرار النمو
لابد من القيام ببعض الإصلاحات، ولكن
من المحتمل أن يعمل النمو بحد ذاته على
تغيير المجتمعات والسياسات في المنحى
المرغوب. هناك احتمال كبير ألا تتمكن
الصين والهند تجاوز الانتاج الاميركي
للفرد الواحد، واليابان لم تصل بعد الى
هذا الحد. لكن كلا الدولتين تقدمت
اليوم. فلم لاتستطيعان الوصول الى نصف
مستوى الانتاجية الاميركية؟ بلا شك، هناك كوارث لايمكننا تجنبها، لكن
اللافت للنظر أن حروباً عالمية
وانهيارات تُوقف مؤقتاً صعود تلك
الدول التي أصبحت صناعية. إذا نحينا جانباً احتمال حدوث حرب نووية،
فليس هناك مايعيق صعود هذه الدول
المنبثقة وإن كان ببطء. إن الصين
والهند واسعتان بما يكفي لبسط
بضائعهما في أسواقهما الداخلية بحال
تطبيق الحماية التجارية، في الحقيقة
هما قوتان لايستهان بهما بحيث
تستطيعان دعم نمو دولِ منبثقة أخرى. خلال القرون الماضية، ماكان سابقاً مناطق
خارجية في اوروبا وفي أميركا أصبحت قلب
الاقتصاد العالمي. اليوم، الاقتصادات التي كانت في المناطق
الخارجية (خارج المركز) شكلت مجدداً
المركز. ========================= إفشال الوسطاء لمصلحة
سيناريو "الانقلاب" عبد الوهاب بدرخان النهار 26-1-2011 عندما أخرج السيد حسن نصرالله قضية
الاتهامات لعناصر من "حزب الله"،
وفجّرها علنا في حزيران الماضي، كان قد
حسم أمره بأن المسألة لا تعالج داخليا
وانما يجب استدعاء تدخل خارجي عربي
ودولي. ومنذ تلك اللحظة ارتسم الخيار
بين بقاء المحكمة الدولية والمضي في
اعداد القرار الاتهامي، وبين الانقلاب
على الحكومة والسلطة لنسف الارتباط
اللبناني الرسمي بالمحكمة. لم يكن
الامر قابلا للتحاور داخليا، ولا على
المستوى الثنائي الضيّق بين نصرالله
والرئيس سعد الحريري، أو في مجلس
الوزراء ولجنة الحوار إلا لعرض مطالب
"حزب الله" وشروطه، وبالتالي حمل
الآخرين على التسليم بها. لم يكن هذا الخيار معبّرا عن الحزب
باعتباره مستهدفا بمؤامرة اميركية –
اسرائيلية فحسب، وانما عن نقاش وتنسيق
مع سوريا وعن توحيد للمواقف والاهداف
معها، برعاية ايرانية لا بد منها. وعلى
هذه الخلفية نشأت المساعي السعودية –
السورية، ومنذ لحظتها الاولى فهم "فريق
14 آذار" انه سيدعى عاجلا أو آجلا الى
تنازلات قاسية لكنه أمل بأن تكون هناك
تسوية متوازنة تعوض تنازلاته بمكاسب
تعزز دور الدولة والمؤسسات. أما "فريق
8 آذار" فأشاع ان للدور السعودي
وظيفة واحدة هي تلبية مطالبه، فاذا كان
له نفوذ على المستوى الدولي، لا سيما
الاميركي، فما عليه سوى أن يستخدمه ل"انقاذ"
الحريري وفريقه من المصير الاسود الذي
ينتظرهما. وكل ما نقل عن المصادر
السورية، ولم يُنفَ، كان يغذي هذا
الاعتقاد، وكان ذلك مفهوما لأن دمشق لم
تبدل موقفها الرافض أساسا للمحكمة
الدولية حتى بعدما سرّب اليها ان
التحقيق لم يتوصل الى ما يدينها. أصبح واضحا الآن أن السعودية تحركت
بذهنية تصالحية، مبنية على استمرار
تقاربها مع سوريا، وكذلك على حرصها على
الاستقرار في لبنان، كما أنها عبرت
مرارا عن تطلعها الى أن أي تسوية يجب ان
تدعم مكانة الدولة ودورها لا أن تزيد
تسلط النهج الميليشيوي الذي ينخر في
أساس موقعها. لكن السعودية عوملت كما
لو انها استدرجت الى دور لا تريده،
وبعدما شرعت في مساعيها عوملت كما لو
أنها وقعت في فخ. في الوقت نسه بقي
الشريك السوري في المساعي متحررا من أي
التزامات، بل أوحى بأنه ضامن
الاستقرار في انتظار الحل وأن هذا كل
ما يمكن ان يتوقع منه. لكنه لم يمنع
نفسه من المساهمة في الضغوط التي كان
يمارسها "حزب الله" بل زاد عليها
"مذكرات التوقيف"، وشددها بوضع
عقبة "شهود الزور" لتعطيل مجلس
الوزراء. كل الخطوات التي قام بها ثنائي دمشق – "حزب
الله" خلال "المساعي" إياها،
كانت تمهد ل"الانقلاب" وليس
لتسوية. إذ لم يكن السوريون يجهلون
أنهم دفعوا المسعى السعودي الى أهداف
لا يمكن تحقيقها طالما انها تتعلق
بقبول اميركي لتفويض جديد لسوريا في
ادارة مباشرة للشأن اللبناني. واذا كان
لمثل هذا التفويض ان يحصل فلا بد ان يتم
اثر تفاهم مباشر بين دمشق وواشنطن،
وبعلم الرياض ومباركتها. ورغم التوصل
الى بنود مكتوبة للتسوية منذ منتصف شهر
آب الماضي، وابلاغ الحريري الملك
عبدالله موافقته عليها، إلا أن
التسوية جمدت. ولم يعد خافيا الآن انها
متوازنة، أي انها تتضمن التزامات
متبادلة بين الطرفين، لكن اعلام "حزب
الله" يحرص فقط على إظهار النقاط
الثلاث المتعلقة بقطع علاقة الحكومة
اللبنانية مع المحكمة الدولية. هناك من
يقول ان التسوية جمدت في درج نصرالله،
والاكثر واقعية انها جمدت بارادة دمشق
و"حزب الله". لماذا؟ في الفترة الاولى كان التجميد لاعطاء
الاتصالات السعودية فرصتها مع واشنطن،
وفهمت سوريا ان تلك الاتصالات لم تحدث
الاختراق الذي توقعته. في الفترة
التالية استغل سفر العاهل السعودي
للعلاج كتبرير للتجميد، وخلال ذلك زار
الرئيس بشار الاسد باريس لمقاصد عدة
أبرزها التأكد من آفاق الجهود
السعودية. وفي غضون ذلك بوشرت حملة
شديدة على سعد الحريري، وكانت دعوته
الى ايران جزءا منها لكي يسمع من
المرشد علي خامنئي رأيه الحاسم في
المحكمة الدولية، وبالتالي ليفهم ما
يجب عليه أن يفعله. ركزت الحملة على
تصوير الحريري بأنه يحرج الملك
عبدالله وقد يتسبب بافشاله، وأنه اذا
قدم التنازلات المطلوبة سيسجل له
الفضل في "انقاذ" المسعى السعودي.
وعندما صرح الحريري بأن التسوية جاهزة
وأنه قام بخطوة ولم يقم الطرف الآخر
بالمطلوب منه، قيل إنه ذاهب الى
نيويورك ليتلقى اللوم السعودي على ما
قاله وانه سيعود لينفذ ما تنتظره منه
سوريا و"حزب الله". ثم قيل إنه
استخدم لقاءه مع هيلاري كلينتون ثم مع
باراك أوباما، فضلا عن نيكولا
ساركوزي، للاستقواء على الضغط السعودي
الذي صورته دمشق و"حزب الله" بأنه
لمصلحتهما ضد الحريري وضد أميركا. ينبغي الكثير من السذاجة لتصديق كل ذلك.
فالحملة الشخصية على رئيس الوزراء رمت
الى استفراده واستضعافه لانتزاع تنازل
منه خارج سياق التسوية، وبالتالي
لحرقه سياسيا، أو ل"اغتياله سياسيا"
وفقا لتعبيره. ولكن، على سبيل
المصارحة، هل كانت التسوية
بالتزاماتها المتبادلة قابلة
للتنفيذ؟ نعم. وبمعزل عن رأي اميركا او
فرنسا او اسرائيل؟ نعم. وهل كانت
لمصلحة لبنان الدولة والمؤسسات؟ نعم...
في المقابل، هل كانت السعودية تطمح من
خلال هذه التسوية الى مصالح خاصة ونفوذ
زائد؟ لا. وهل كانت التسوية ستحقق
لسوريا وايران ما خططتا له باستدراج
المسعى السعودي؟ لا... فلا عجب اذا أن
ترفع الرياض يدها عن التسوية، ولا عجب
أن يخفق المسعى التركي - القطري لأنه
أريد توظيفه بالطريقة ذاتها، ولا عجب
أن يعطى الضوء الاخضر السوري –
الايراني للبدء ب"الانقلاب" عبر
التركيز على "الوسائل الديموقراطية"
بوطأة "سلاح المقاومة"، ثم عبر
تفعيل هذا السلاح في الداخل. وبذلك
تعوض دمشق "التفويض الدولي" الذي
لم تحصل عليه ب"تفويض ذاتي" وآخر
ايراني، استنادا الى أن القوى الدولية
سبق أن برهنت محدودية خياراتها. وأي
حكومة جديدة في لبنان، اذا لم تنفذ
تسوية متوازنة، ستؤسس لأزمة مقبلة
أكثر تعقيدا. ============================== «ثورة الياسمين» تقلق
العالم العربي الاربعاء, 26 يناير 2011 جيل كيبيل * * باحث في الشؤون الاسلامية
والعربية، عن «ليبراسيون» الفرنسية،
17/1/2011، اعداد حسام عيتاني الحياة للحركة التونسية خصوصية يتعين تحليلها
قبل التحول إلى البحث في الآثار التي
يمكن أن تتركها على غيرها من الدول
العربية. وحتى اليوم، شكلت الطبقة
المتوسطة المتعلمة والعلمانية، رافعة
الثورة التونسية. والحركة هذه مختلفة
اختلافاً كبيراً عن الاضطرابات التي
هزت الجزائر مطلع كانون الثاني (يناير)
حيث كانت المناوشات من فعل الشبان
المهمشين خصوصاً الذين هاجموا أولاً
المخازن بما هي رموز للطبقة المتوسطة،
لعجزهم عن الانقضاض على دولة قوية
للغاية. انطلقت الحركة في تونس بعدما ضحى بنفسه
شاب يحمل شهادة جامعية اضطر إلى بيع
الخضار والفاكهة، والذي وقع ضحية عنف
وفساد الشرطة. وهذا رمز يصلح لمجمل
العالم العربي حيث نستطيع العثور على
حالات مشابهة في كل ارجائه. لكن خصوصية
الحالة التونسية تكمن في واقع أن
الحركة تلك أدت إلى الأثر المعلوم. لقد
كانت الطبقة الوسطى قادرة على النزول
الى الشارع وإرغام بن علي على الرحيل.
مفهوم أن النصر هذا ما كان له ليتحقق،
او على الأقل بالسرعة التي حصل فيها،
لو لم يقف الجيش ضد الديكتاتور الذي
كان يحتقر الجيش ويعتمد على الشرطة قبل
كل شيء آخر. لقد وافق الحظ تونس لأنها ليست بلداً
نفطياً. فالطبقة الوسطى هي التي تنتج
ثروة البلاد، ما اتاح لها ان تبنى على
نحو مستقل. لكن الطبقة المتوسطة
المنتجة والحيوية هذه، راحت تشعر
بالسأم شيئاً فشيئاً من التعرض للنهب
على أيدي عائلة بن علي وعائلة زوجته.
ويتابع المواطنون في العديد من الدول
العربية، بما فيها دول الخليج، بشغف ما
يجري في تونس، لكن الطبقات الوسطى
والنخب المتعلمة هناك مقيدة بواقع
عيشها على الريع النفطي الموزع من قبل
الحكومات. في سورية، هناك الريع
اللبناني. في مصر، تعيش الطبقة الوسطى
خصوصاً من الوظائف الحكومية. لكن يبقى
أن الحركة هذه تحيي آمال الطبقات
المتعلمة وتوفر لها الشعور بالقدرة
للحاق بركب التاريخ. وبعد العام 1989
وسقوط جدار برلين، تقدمت الديموقراطية
قليلاً في كل الامكنة، باستثناء
العالم العربي. وجرى التعايش مع الاختلاف هذا كما لو انه
لعنة أو خصاء سياسي. واعتقد ان
الاهتمام بما يجري في تونس كبير خصوصاً
لأن الاسلاميين لا يؤدون، حتى الآن على
الاقل، دوراً مهماً في الاحداث. لكن كل
شيء يعتمد ايضاً على ما سيجري في
الاسابيع المقبلة وتحديداً في ما
يتعلق بقدرة السلطة الجديدة على وقف
العنف والحيلولة دون تحولها الى اعمال
عنف طبقي، اي عنف من المهمشين ضد
الطبقة الوسطى. وظاهر للعيان قلق الانظمة الاخرى في
المنطقة. ولا يكف الشبان عن الحديث عن
هذا الامر مطلقين نكات كثيرة من نوع ان
«الطائرة التي نقلت بن علي الهارب
متوقفة في شرم الشيخ لأخذ ركاب جدد».
والحديث عما اصاب نظام بن علي هو وسيلة
يلجأ الجميع اليها للحديث الفج عن
الفساد عن محاباة الاقارب عن الاضطهاد.
انهم يعيشون ما يبدو كثورة بالوكالة.
لكنني اعتقد انها يصعب ان تقع في مكان
آخر. ========================= تونس بين النموذجين
التركي والموريتاني الاربعاء, 26 يناير 2011 خليل العناني * الحياة فتحت الثورة التونسية «شهية» الشعوب
العربية تجاه الحرية والديموقراطية،
وتطاير رذاذ الثورة من الخليج إلى
المحيط، حتى بدت الصورة وكأن الموجة
الرابعة للتحول الديموقراطي على وشك
الانطلاق من المنطقة العربية. ولا أجد
مبرراً لحال «النشوة» التي أصابت
الجميع بفعل ما حدث في تونس، سوى أننا
– كشعوب عربية- قد فقدنا الثقة بأنفسنا
وبقدرتنا على تحقيق التغيير. قطعاً، لا يمكن التقليل من أهمية ما أنجزه
الشعب التونسي حين أطاح بديكتاتور لا
يختلف كثيراً عن أقرانه في أركان
المعمورة، بيد أن المبالغة في رد الفعل
قد تحجب كثيراً من العقلانية والرشد في
فهم ما حدث، وقد تضيع دروس «الثورة
التونسية» وسط غابة الانطباعات
السريعة التي يطلقها محللو الفضائيات
والانترنت من دون قراءة متأنية. وهنا يمكن القول بأن الحالة التونسية لا
تختلف كثيراً عن حالات أخرى مشابهة
وقعت في بلدان أميركا اللاتينية (الأرجنتين،
البرازيل، تشيلي، بيرو ..إلخ) وأوروبا
الشرقية (بولندا، المجر، رومانيا،
تشيكوسلوفاكيا ..إلخ) خلال الثمانينات
والتسعينات من القرن الماضي. وهي
جميعاً بلدان رزحت عقوداً تحت الحكم
الديكتاتوري تماماً مثلما هي الحال
الآن في العالم العربي. وفي جميع حالات التحول الديموقراطي،
ارتبط التحول بمجموعة من العوامل
والمتغيرات واختلفت درجته ونوعيته
وفقاً لظروف كل دولة. وهنا تمكن
التفرقة بين ثلاثة مداخل لفهم أسباب
وشكل التحول الديموقراطي: أولها
التحول الناتج من حدوث تغيّرات هيكلية
في البنية الاجتماعية (صراع الطبقات
والنفوذ) والثقافة السياسية (زيادة
الطلب على الحرية) والتنمية
الاقتصادية (ارتفاع أو انخفاض مستوى
الدخل الفردي) وهو ما حدث في البرازيل
وتشيلي وبولندا خلال النصف الثاني من
الثمانينات وأوائل التسعينات.
وثانيها، التحول الناجم عن الخيارات
الاستراتيجية للنخبة الحاكمة، وما
يتخللها من صراع بين المحافظين (الحرس
القديم) والإصلاحيين (الحرس الجديد) في
ما يخص حتمية إنجاز التحول
الديموقراطي، وذلك على غرار ما حدث في
رومانيا ومن قبلها إسبانيا والبرتغال
أواخر السبعينات من القرن الماضي. وهو
ما يحدث الآن بين بقايا النظام التونسي
القديم والوجوه السياسية الجديدة التي
تسعى لإعادة تشكيل النخبة السياسية في
البلاد. وثالثها، التحول المرتبط
بتغيرات العلاقة بين الدولة والمجتمع،
ومدى قدرة هذا الأخير على إجبار النظام
السياسي على إحداث تغييرات هيكلية في
بنية النظام السياسي وهيكله ورموزه،
وهو ما حدث أيضاً في تونس خلال ثورة 14
كانون الثاني (يناير). فلولا نضوج الوعي
لدى مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات
الحقوقية التونسية لما استغلت حادثة
الشاب الراحل محمد بوعزيزي في مدينة
سيدي بوزيد، ولما صمد الشعب في وجه
القمع الأمني للسلطات التونسية. وفي معظم حالات التحول الديموقراطي مرت
هذه البلدان بنفس المسار تقريباً وذلك
من خلال ثلاث مراحل باتت مستقرة
ومعروفة في أدبيات التحول
الديموقراطي، أولها مرحلة التخلص من
الديكتاتور وحاشيته. وثانيتها مرحلة
تفكيك مؤسسات النظام القديم. وثالثاً
مرحلة ترسيخ نظام سياسي جديد وفق قيم
وقواعد ديموقراطية يقبلها الجميع.
صحيح أن هذه المراحل لم تتم في شكل
ميكانيكي في جميع الحالات، وأحياناً
حدث تداخل بين المرحلتين الأولى
والثانية كما كانت الحال في تشيلي
ورومانيا، بيد أن النتيجة في النهاية
واحدة وهي حدوث قطيعة تامة مع النظام
القديم وتأسيس عهد سياسي جديد. كما أنه
في بعض البلدان لم تأخذ المراحل الثلاث
شكلاً تراتبياً، وإنما تم الانتقال من
الأولى إلى الثالثة كما كانت الحال في
تشيكوسلوفاكيا حيث تم القضاء سلمياً
على النظام القديم، وتبعه انشطار
البلد إلى نصفين، وإقامة نظام
ديموقراطي متماسك جديد في كليهما. وبالنظر الى الحالة التونسية يمكن القول
بأنها لا تزال تجاهد لإتمام المرحلة
الأولى من التحول الديموقراطي، وهي
مرحلة خطيرة وحساسة ليس فقط بسبب
التجذّر السلطوي للنظام السابق في
مؤسسات الدولة التونسية، وإنما أيضا
بسبب ضعف الأحزاب والقوى السياسية
التي يمكنها أن تملأ فراغ النظام
السابق. وإلى الآن لم يتم القضاء على
كافة رموز العهد القديم، بل الأنكى أن
يظل «الوزير الأول» محتفظاً بموقعه
بعد هروب الرئيس المخلوع، ولعل هذا ما
يفسر إصرار الحركة الشعبية التونسية
على إسقاط الحكومة الانتقالية التي تم
تشكيلها بعد هروب بن علي. وقد تحدث ردّة
وتضيع ثمار الثورة إذا ما استمرت
الأوضاع على ما هي عليه ولم يتم
الانتقال بسرعة نحو إجراءات حقيقية
لتغيير هيكل وبنية النظام القديم
وإرساء دعائم نظام ديموقراطي حقيقي.
وإذا كانت هذه المرحلة قد أنجزت أولى
مهماتها وهي إزاحة النظام القديم، فإن
المعضلة الأكبر تتمثل في كيفية ترسيخ
أعمدة النظام الجديد. لذا يصبح من السذاجة أن يعتقد البعض بأن
تونس قد أتمت الانتقال نحو
الديموقراطية لمجرد إزاحتها
للديكتاتور. كما أنه ليس بالضرورة أن
تكون هذه الإزاحة هي مقدمة لإقامة نظام
ديموقراطي حقيقي، بل قد تكون لاستبدال
ديكتاتور قديم بآخر جديد، تماماً
مثلما كانت الحال مع زين العابدين بن
علي بعد خلع الحبيب بورقيبة. ومن الخطأ
التسرع في إصدار حكم قاطع بأن الثورة
قد حققت أهدافها. وإذا كانت الخبرة العربية تضنّ علينا
بنماذج حقيقية للتحول الديموقراطي
يمكن القياس عليها من أجل توقّع ما قد
يحدث في الحالة التونسية، فإنه يمكن
القول بأن مستقبل تونس يبدو رابضاً بين
أحد نموذجين هما الموريتاني أو التركي.
الأول بما يحمله من تجربة سلبية رسّخت
فكرة «الاستثناء العربي» من
الديموقراطية. فكلنا يتذكر ما حدث عام
2005 حين قام العقيد علي ولد محمد فال
بانقلاب «أبيض» على حكم الرئيس السابق
معاوية ولد طايع. وقام، في سابقة
عربية، بتسليم السلطة إلى المدنيين.
حيث أُجريت بعدها انتخابات شهد الجميع
بنزاهتها وديموقراطيتها، فاز فيها
الرئيس الموريتاني السابق سيدي محمد
ولد الشيخ عبدالله عام 2007، ولكن بعد
أقل من عام عاد العسكر إلى السلطة بعد
الانقلاب الذي قام به الرئيس
الموريتاني الحالي محمد ولد عبد
العزيز في آب (أغسطس) 2008، ومعه عادت
موريتانيا مجدداً إلى قبضة العسكر وتم
إجهاض أول تجربة ديموقراطية ناشئة في
العالم العربي، وازدادت الشكوك في
قدرة العقل العربي على هضم متطلبات قيم
الحرية والديموقراطية. أما النموذج الثاني فهو النموذج التركي،
وهنا يعقد كثيرون آمالاً كبيرة على
إمكانية أن تسير تونس في الطريق
التركية وتقوم بترسيخ دولة ديموقراطية
تستوعب جميع التيارات والقوى السياسية
والفكرية. ولعل ثمة تشابهاً كبيراً بين
التجربتين التركية والتونسية
تاريخياً وسياسياً. فمن جهة أولى، حاول
الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة
استنساخ النموذج التركي في التحديث،
فقام بترسيخ العديد من مؤسسات وقيم
الدولة الحديثة وأهمها تقوية المجتمع
المدني وخلق حركة نسوية قوية، فضلاً عن
فرض العلمانية في شكل صارم في المجتمع
والمؤسسات العامة. ومن جهة ثانية،
أنجزت الحركة الإسلامية في تركيا
الكثير من شروط الاعتدال والتسييس
وتجاوزت العديد من المقولات
الكلاسيكية حول الدين والسياسة
ومنظومة الحريات العامة، وهو ما
يجعلها متقاربة في شكل نسبي مع طروحات
حزب «العدالة والتنمية» التركي. ومن
جهة ثالثة، مرّت تركيا، كما تونس،
بفترة من التوتر بين الإسلاميين
والعلمانيين، حُسم فيها الأمر باللجوء
إلى الشعب كي يقرر مصيره، وقد حسم
التونسيون أمرهم باتجاه ترسيخ دولة
القانون والحريات وتجنب الوقوع في فخ
الصراع الأهلي. وباعتقادي أن ثمة عوامل سوف تحدد الى أي
من النموذجين سوف تتجه تونس، أولها
طبيعة العلاقة بين الجيش ومؤسسة الحكم
في تونس. وهنا لا تزال الأمور غامضة،
وإن كانت تشي بعدم رغبة الجيش في تولي
السلطة في شكل مباشر. لذا فإن دور الجيش
قد يكون مقصوراً فقط على حماية الشرعية
الانتخابية وهو الأقرب، ولكن بشرط
وجود قدر عالٍ من الترفّع والنزاهة لدى
قياداته من جهة، والشفافية والمسؤولية
لدى النخبة المدنية من جهة أخرى.
والعامل الثاني هو قدرة النخبة
الجديدة على تغيير البنية المؤسسية
للنظام السياسي بحيث يتم وضع أسس نظام
تعددي ديموقراطي. والثالث، أن يرفع
الغرب يده عما يجري في تونس وأن يبتعد
عن اللعب على الخلافات الداخلية، وهو
ما يبدو أمراً غامضاً حتى الآن. * أكاديمي مصري - جامعة دورهام،
بريطانيا. ========================= فشل الأنظمة السلطوية
العلمانية العربية الاربعاء, 26 يناير 2011 مصطفى أكيول * * معلّق، عن «حرييت» التركية،
21/1/2011، إعداد منال نحاس الحياة «تداعى في تونس النموذج الاتاتوركي»، على
ما عنونت صحيفة «مسلم توركيش» الاسبوع
الماضي. فأصغر دولة في شمال أفريقيا
شهدت «ثورة الياسمين»، وأطاح شعبها
زين العابدين بن علي، خليفة
الديكتاتور السابق، حبيب بورقيبة الذي
حكم تونس منذ استقلالها عن المستعمر
الفرنسي، في 1957. وبورقيبة لم يخف
اعجابه بكمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية
التركية العلمانية. وفرضت الدولة التونسية «طريقة عيش حديثة»
على السكان. وانعقدت ثمار بعض سياسات
بورقيبة الاصلاحية التي حاكت اصلاحات
الثورة الكمالية. فتحسنت مكانة النساء
في المجتمع. وأثارت بعض السياسات الاخرى خلافات
ومناقشات. فبورقيبة أطلق حملة مناوئة
للصوم في رمضان جراء تعارضه مع متطلبات
الحداثة والحياة الحديثة، على زعمه. وحين ظهر بورقيبة على شاشة التلفزيون وهو
يشرب العصير في يوم رمضاني داعياً
الناس الى الاحتذاء به، أحدث شرخاً بين
الحداثة والتقوى. وانقض نظام بورقيبة - بن علي على المعارضة
السياسية وعلى حزب النهضة الاسلامي.
والحزب هذا، وعلى رأسه المفكر
الاسلامي خريج السوربون راشد الغنوشي،
هو أكثر الاحزاب الاسلامية ليبرالية
وديموقراطية في الشرق الاوسط. ولم ينج
حزب النهضة من الملاحقة. وفي 1981، اعتقل
الغنوشي وأنصاره. وحكم على الغنوشي
بالسجن 11 عاماً. وبعد الإفراج عنه في 1988
سلك الغنوشي طريق المنفى الى أوروبا. ونظام بورقيبة – بن علي هو «كمالي»
بامتياز. فهو أرسى ديكتاتورية علمانية
اكتسبت مشروعيتها من طابعها الحداثوي.
والديكتاتورية هذه همّشت المحافظين
وأهانت معتقداتهم وقمعت حرياتهم. ولا
يبعث على العجب تبادل الكماليين
الاتراك والتونسيين العلمانيين
الاعجاب. وفي ايران ما قبل الثورة الاسلامية،
استوحى الشاه النموذج الاتاتوركي،
وحظر المظاهر الاسلامية والطقوس
الاسلامية. وفي عهد الشاه الاول، رضا
شاه (1925-1941)، هاجم رجال الشرطة النساء
المحجبات، ونزعوا الحجاب والتشادور عن
رؤوسهن. وسُجن رجال الدين المعارضين،
وقتلوا. ولم يطل الامر قبل أن تبصر
النور أول المنظمات الارهابية
الاسلامية الحديثة، منظمة «فدائيي
الاسلام» لمواجهة الشاه والتصدي له.
وشأن ما حصل في ايران، لم يفض طي
الاستعمار في مصر وسورية والعراق الى
الديموقراطية بل الى ارساء أنظمة
سلطوية عنيفة. وهيمن على الدول هذه
ديكتاتوريون علمانيون رفعوا لواء
رسالة قومية اشتراكية، واعتقلوا
المعارضين السياسيين، ومنهم الاحزاب
الاسلامية، وعذبوهم وصفّوهم. فانزلقت
الاحزاب الاسلامية الى التطرف، وأعلنت
«الجهاد» على الحاكم الظالم وعلى
رعاته الغربيين. وحريّ بالغربيين ان يدركوا ان بروز
التطرف الاسلامي مرده الى سياق سياسي
حكومي ساهم في مخاض هؤلاء. وليس ما يميز
تركيا التزامها اصلاحات علمانية
أتاتوركية، على ما يقال. فعدد من دول
المنطقة خبِر تجارب مماثلة. ولكن تركيا
غردت خارج سرب دول الشرق الاوسط المسلم
في 1950، ونحت نحو نظام يقبل التعددية
الحزبية. وليس مرد مشكلة الانظمة العربية افتقارها
الى «اتاتوركها»، على ما هو شائع في
الغرب. فهذه الدول عرفت أمثال أتاتورك
الذين فرضوا التحديث فرضاً متعسفاً. وينقص المجتمعات العربية أمثال مندريس
وأوزال وأردوغان، وهؤلاء زعماء أتراك
منتخبون التزموا حداثة لم تدر الظهر
للحرية والديموقراطية واحترام
التقاليد. ولكن أي طريق ستسلك الدول
العربية بعد اطاحة الانظمة السلطوية؟
وليست ايران، وهي استبدلت نظاماً
علمانياً سلطوياً بنظام سلطوي اسلامي،
نموذجاً يحتذى، على خلاف النموذج
التركي. وهذا نموذج ارتقى من السلطوية
العلمانية الزمنية الى الديموقراطية. ==================== محمد كريشان 2011-01-25 القدس العربي ما حصل في تونس ثورة حقيقية على أكثر من
مستوى، من ذلك تلك اللقطة التي ما كان
لأي تونسي أن يتخيلها في يوم من الأيام:
الجنرال رشيد عمار رئيس أركان البر
يخاطب الجماهير المعتصمة أمام مقر
الحكومة وبمفردات لم تكن يوما متداولة
أبدا، ليقول لهم 'لا تضيعوا هذه الثورة
المجيدة' ومؤكدا لهم أن 'الجيش هو حامي
البلاد والعباد' وأن 'كل القوات
المسلحة صادقة لكي تصل بالسفينة إلى بر
الأمان'. كما طالب الجنرال الحشود بالتحلي بالصبر
لأشهر معدودات لا تتجاوز الستة لتتمتع
البلاد أخيرا بثمار التحول الديمقراطي
الحقيقي. ولم ينس، وهو الذي يكنّ له
التونسيون كل احترام لرفضه إطلاق
النار على المتظاهرين، من التنبيه من
أن 'الفراغ يولد الرعب والرعب يولد
الدكتاتورية'. بعبارة أخرى، قال
الجنرال للتونسيين عمليا عودوا إلى
أعمالكم ودراستكم واتركوا هذه الحكومة
ترتب في آجال محدد الأوضاع الانتقالية
بضمانة قطعية من الجيش. يأتي هذا في وقت لم تهدأ فيه بعد تحركات
الشارع التونسي، وإن كان بزخم أقل،
مطالبا بإسقاط الحكومة، مع أن ذلك لم
يتحول - إلى حد الآن على الأقل- إلى مطلب
شعبي جارف يلتف حوله الجميع. كما بدا
لافتا أن الرأي العام التونسي الذي لم
يتعود في تاريخه على تلك النوعية من
التحركات الشعبية والإضرابات
المفتوحة لم يعد يبدي حماسة في أن
تستمر الأوضاع على ما هي عليه خاصة مع
شعوره بأن إسقاط الدكتاتورية وهروب
رمزها يعد مكسبا كبيرا يحتاج إلى تثمير
أوضح. ومن هنا تأتي تصريحات الجنرال
عمار كنوع من الطمأنة للجميع بأن
الثورة لن تضيع وبأن ذلك يقتضي تعاطيا
مختلفا مع الحكومة رغم هناتها
ونقائصها درءا للفراغ، كما يخشى
كثيرون. وفضلا عن غياب عنصر الثقة الذي جعل الناس
هنا شكاكين دائما في التحركات
الرسمية، يوجد أمران أساسيان زادا من
صعوبة الأوضاع، أولهما غياب شخصيات
سياسية كبرى قادرة على توجيه دفة
الأمور والتحكم في انفعالات الشارع
وتحركاته، وثانيهما أن الإعلام الوطني
غير قادر على التأثير في صياغة مزاج
الناس ومواقفهم. الأول نتاج طبيعي
لتصحر الحياة السياسية لأكثر من عقدين
بسبب الاستبداد والفساد والثاني نتيجة
منطقية للطابع الدعائي الهزيل الذي
صبغ هذا الإعلام طوال نفس الفترة.
وعندما يتداخل العنصران نسجل غياب
قدرة كثير من الأطراف السياسية على
التواصل مع القواعد الشعبية عبر
الإعلام الوطني أو الدولي بهدف تكييف
تحركاتها أو توجيهها نحو أهداف سياسية
واضحة المعالم. كل ذلك أيضا يبدو
مفهوما بالقياس مع غياب أي تجربة
سياسية حقيقية في البلاد إذ لم يوجد
طوال ثلاثة وعشرين عاما أي نوع من
الحراك الحقيقي على هذا الصعيد. ومع تسجيل نوع من التراجع الآن في قوة
اندفاع الناس للاحتجاج في الشارع إلا
أن ذلك لا يقلل من شيء من أهمية استمرار
بعض التحركات لإبقاء الفريق الحاكم
الجديد تحت حد أدنى من الضغط الدافع
للتغيير. لكن ذلك لا يمنع ، كما يرى كثيرون في تونس،
من الحذر من طبيعة بعض التحركات كتلك
التي يقودها اتحاد النقابات الذي تلام
قيادته على ما يوصف بالتواطؤ مع الحكم
السابق في وقت نراه اليوم يصعد أكثر من
المطلوب. كثيرون يعتقدون أنه لا تناقض
بين ضرورة العودة إلى العمل والدراسة
في بلد قدرة تحمله للأوضاع المعلقة
محدودة وأهمية الإبقاء على جذوة
الثورة مشتعلة للدفع بورشات الإصلاح
السياسي إلى الأمام. هذه المرحلة الانتقالية تبدو حاسمة في
تحديد مستقبل تونس والمطلوب فيها كثير
من الانتباه والحذر دون تراخ مبالغ فيه
أو مزايدة غير محسوبة، كلاهما خطير.
أما الضمانة الأقوى على الإطلاق
فتبقى، أولا وأخيرا، في تيقظ الناس
الدائم ونضجهم وعدم استعدادهم لتفويت
الفرصة التاريخية التي أتاحتها هذه
الثورة لجعل البلد أخيرا على سكة
الإصلاح الديمقراطي الحقيقي ولو على
مراحل. المهم أن تكون مراحل صادقة
وثابتة وغير قابلة للانتكاس. ========================= محمد خرّوب الرأي الاردنية القدس العربي 26-1-2011 لا نقصد الجنرال زين العابدين بن علي
بالتأكيد, فالرئيس التونسي ذهب الى
عزلته الابدية, وهو فقد كل امل
باسترداد ولو جزء يسير من مستقبله
السياسي, بعد أن أدركته لعنة التاريخ
وغابت عنه وعن بطانته الفاسدة، الفطنة
والحكمة, ولم يعنه سؤال العدالة ولا
يهمه صناعة التاريخ, بقدر ما هم (هو
والبطانة) مهووسون بصناعة الثروة
وبناء القصور وامتلاك الطائرات
والمنتجعات والارصدة, وخصوصاً أنه لم
يعرف يوماً فضيلة استخلاص الدروس
والعبر, مما كان اضاء عليه «التونسي»
الخالد.. ابن خلدون.. لن يكون بن علي الجنرال الاخير الذي يبحث
عن ملجأ قلّما يجده بسهولة, بعد أن يكون
قد خسر الحكم والصولجان, لكن جنرال
عجالة اليوم هو برويز مشرف حاكم
باكستان العسكري طوال سبع سنوات 2001-2008,
بعد أن قاد انقلاباً عسكرياً على حكومة
منتخبة, صدف أن كان رئيسها نواز شريف,
الذي أجبره-أو أجبرته-الوساطة
العربية، الى اختيار منفى كشرط لعدم
ادخاله السجن أو حتى تعليقه على خشبة
الاعدام, كما فعل الجنرال ضياء الحق
عندما انقلب على رئيس حكومته المنتخب
ذو الفقار علي بوتو, وكي يتخلص من
شعبيته و«يجتث» أي مستقبل سياسي لهذه
الشخصية الكاريزمية, التي سعت جاهدة
لطي صفحة الهيمنة العسكرية على المشهد
الباكستاني والمتواصلة دون انقطاع
تقريباً, عبر تجذير العمل الديمقراطي
المؤسسي واخضاع المؤسسة العسكرية
لسلطة وقرار المستوى السياسي المنتخب,
لكن المخابرات الاميركية كانت
بالمرصاد, لأن باكستان «ساحة» ممنوع
عليها الاستقلال أو الابتعاد عن لعبة
الامم والمحاور الدائرة-في ذلك الوقت
كما الان-في تلك المنطقة الاستراتيجية
الأهم في العالم, وبخاصة أن الصراع بين
القوى العظمى-الحالية وتلك الصاعدة-مرشح
للانتقال هناك, على ما تؤشر إليه كل
المعطيات والدلالات, ما بالك أن ضياء
الحق جاء في فترة احتدام الحرب الباردة,
كانت نذر استدراج الاتحاد السوفياتي
وإنهاكه قد لاحت في الأفق, ناهيك عن ان
الجرح الفيتنامي ما يزال «طازجاً» في
الجسد الاميركي, ما يعني أن الحاجة
باتت ماسة لدعوة جنرالات باكستان الى
المشهد الجديد, الذي ستكون ساحته
افغانستان وبقصد تحجيم الهند وكسر (أو
خلخلة) تحالفها الاستراتيجي مع موسكو.. اذا الجنرال برويز مشرف الذي «أُجبر» على
الاستقالة في اطار صفقة (وبوساطة عربية
أيضاً كما حدث مع نواز شريف الذي انقلب
عليه), كان من ضمنها عدم ملاحقته بتهم
الفساد والعبث بالدستور والتنكيل
بمؤسسة القضاء, وخصوصاً اقالة رئيس
محكمة العدل العليا الذي رفض الاعتراف
بشرعية قراراته, يستعد الان للعودة الى
بلاده على «صهوة» حزب يزعم أنه سيؤسسه
بقصد الانخراط في العمل السياسي
والتنافس «السلمي» للوصول الى السلطة.. ليس مهماً ما اذا كان الجنرال سيجد فرصة
لاعادة الاعتبار لشخصه, بعد أن كشف
الباكستانيون بشاعة الحكم العسكري
واثاره المدمرة على بلادهم, التي
تسودها الفوضى وتتهددها الانقسامات
العرقية والطائفية والمذهبية وتزكم
رائحة فساد الطبقة السياسية، الأنوف,
على نحو يسمح للاميركيين و«الاطالسة»
باستباحتها ومواصلة قصف حدودها
والمناطق المتاخمة لها مع افغانستان,
وقتل المزيد من المدنيين تحت مزاعم
الحرب على الارهاب ومطاردة افراد
القاعدة وطالبان, حتى باتت مناطق
القبائل ووزيرستان وكأنها ساحة تدريب
لقوات الاحتلال الاميركي الاطلسي,
واللافت هنا أن الجنرال مشرف الذي كان
يبدو كأنه الرجل القوي في البلاد (كما
يوصف رهط الديكتاتوريين الذين سرعان
ما ينكشف جبنهم وهشاشة انظمتهم كما
رأينا مع زين العابدين بن علي وقبله
شاهنشاه ايران).. ما اردنا قوله، هو أن الجنرال الذي اعلن
من لندن قبل اربعة اشهر عن اشهار حزب
سياسي ينوي قيادته في باكستان, بعد أن
اعتذر من الشعب الباكستاني على
أخطائه، مع التذكير بأنه بذل جهداً
كبيراً للبقاء في موقعه الذي واصل
الاهتزاز عندما (مَثُلَ) امام المؤتمر
اليهودي الاميركي في نيويورك, معترفا
بأهمية اقامة علاقات دبلوماسية مع
اسرائيل من البوابة المعروفة أو
اليافطة التي حملها كثيرون, بعد انهيار
الاتحاد السوفياتي وخصوصاً بعد اتفاق
اوسلو, أو قل منذ بدء مسيرة مؤتمر مدريد
في آواخر العام 1991 ومفادها الرغبة في «الاسهام»
بالتوصل الى حل للقضية الفلسطينية,
فأقيمت-كما هو معروف-العلاقات
الدبلوماسية, وازدادت عمقاً حدود
التحالف، فيما «القضية» لم تُحل و«دولة»
الشعب الفلسطيني لم تقم. الجنرال مشرف الذي اعترف في مقابلة مع
صحيفة الشرق الاوسط اللندنية يوم اول
من امس الاثنين، بأن رفيق الحريري ارسل
له ثلاث سيارات مصفحة لحمايته بعد ان
تعرض (الجنرال) لعملية اغتيال، يبدي «أسفه»
لأن الشعب التونسي كان «ضد رئيسه» وهو
ايضاً اضاف «.. لا يمكنني القول كيف
اداء الرئيس».. هكذا هي لغة الطغاة وخطابهم الكريه، فهم
لا يتعلمون ولا ينسون، حتى وهم يعيشون
بين جدران العزلة والمتاهة ويلاحقهم
غضب الناس ولعنة التاريخ. ========================= هجرة اليهود السوفييت..
رؤية مبتسرة * هنري كسينجر (وزير خارجية الولايات المتحدة
الأميركية من1973 1977) «تريبيون ميديا سيرفس» الرأي الاردنية 26-1-2011 بالنسبة لشخص مثلي، فقد العديد من أعضاء
أسرته، وعددا كبيراً من الأفراد الذين
تربّى معهم، في المحرقة (الهولوكوست)،
فإنه يؤلمني أشد الألم أن أرى ملاحظات
أدليت بها، وقد انتزعت عن سياقها
الأصلي، وفُسِر معناها على عكس
المقصود، بل وعلى العكس تماما من
قناعاتي التي تكونت بشكل عميق في غمار
تلك الأحداث الرهيبة. بداية أود القول إن الإشارة إلى أفران
الغاز ليست لها مكان في الخطاب
السياسي، لذلك أود التعبير عن أسفي،
على أنني قد أدليت بملاحظة عن تلك
الأفران، منذ ما يقرب من 37 عاماً. في عموده بتاريخ 21 ديسمبر الماضي،
المعنون « فيما وراء واقعية كسينجر»،
استخدم «مايكل جيرسون» تعليقات قلتها
أثناء محادثة لم تستغرق سوى دقيقة
واحدة مع ريتشارد نيكسون، وذلك كي يعقد
مقارنة بين انعدام الحساسية
الأخلاقية، التي يتسم من يطلق عليهم «واقعيو
السياسة الخارجية»، وبين الرؤية
الإنسانية الأوسع نطاقا التي يتسم بها
منتقدوهم (وهو واحد منهم بالطبع). ما كتبه «جيرسون» على لساني، يتجاوز في
أهميته بكثير مجرد تعليق يرِد ضمن عمود
بإحدى صفحات الرأي، ذلك أن السياق له
أهمية كبيرة عند الحديث عن أمر بخطورة
موضوع الهجرة اليهودية من الاتحاد
السوفييتي. ف»جيرسون» يقدم الموضوع، كما لو أن
الحديث عن الهجرة قد جاء في نطاق نقاش
عام مجرد بين هؤلاء الذين حاولوا تخفيف
التوترات بين العملاقين الكبيرين،
وبين الداعين إلى المواجهة
الإيديولوجية بينهما، تلك المواجهة
التي كان «الواقعيون» راغبين من
خلالها آنذاك، في التضحية بالهجرة
اليهودية على مذبح «سياسة الوفاق» بين
الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. بيد أن ما حدث كان على النقيض تماماً من
ذلك. فتلك الهجرة تمت في الأساس بسبب جهود»الواقعيين»
الذين كانوا موجودين في البيت الأبيض؛
لأن الهجرة اليهودية من الاتحاد
السوفييتي، لم تكن في أي وقت موضوعاً
من الموضوعات المطروحة من قبل أي إدارة
كسياسة أميركية رسمية. وهذا الأمر لم يكن راجعاً لانعدام
الحساسية الأخلاقية، وإنما للأزمات
المتفاقمة التي فرضت على الإدارة
الأميركية آنذاك أولويات مختلفة. ففي عام 1969 قمنا بإدخال هذا الموضوع في «القناة
الرئاسية» كموضع إنساني في الأساس،
لأن تقديرنا إبان تلك الفترة أن أي
مواجهة مع الاتحاد السوفييتي في
السياسة الخارجية ستقود إلى رفض
الهجرة اليهودية إلى إسرائيل من قبل
الزعماء السوفييت، وهو ما كان يعني
تفاقم التوتر في العلاقات بين
الدولتين. ونتيجة لذلك النهج الذي اتبعناه، ازداد
عدد اليهود المهاجرين من الاتحاد
السوفييتي إلى إسرائيل من 700 مهاجر
سنوياً عام 1969 إلى ما يقرب من 40 ألف
مهاجر سنوياً عام 1972؛ كما وصل إجمالي
عدد المهاجرين في الولاية الأولى
للرئيس ريتشارد نيكسون فقط إلى ما يقرب
من 100 ألف مهاجر. وللمحافظة على هذا التدفق من خلال
الدبلوماسية الهادئة، فإننا لم نلجأ
أبداً لاستخدام هذه الأرقام لتحقيق
غايات سياسية. وهذا الموضوع–هجرة اليهود- لم يخرج للعلن
إلا كنتيجة لنجاح سياستنا في الشرق
الأوسط وقيام مصر بطرد المستشارين
السوفييت من أراضيها. ولاسترداد علاقاته بمصر في ذلك الوقت،
قام الاتحاد السوفييتي بفرض ضريبة على
الهجرة اليهودية. وكرد فعل على ذلك، سعى السيناتور «هنري
جاكسون» الذي كنت ولا
أزال أحمل له
قدراً كبيراً من الاحترام، لرفع تلك
الضريبة من خلال تقديم مقترح بإجراء
تعديل دستوري أطلق عليه في ذلك الوقت
تعديل « جاكسون- فانيك». بيد أن قناعتنا في ذلك الوقت كانت هي أن
استمرارنا في مسار الدبلوماسية
الهادئة، من أجل تشجيع الهجرة
اليهودية لإسرائيل، هو المسار الأكثر
حكمة. وعندما تم رفع الضريبة بفضل دبلوماسيتنا
الهادئة، كان إصرار «جاكسون» و»فانيك»
على مواصلة السعي من أجل الموافقة على
تعديلهما وإكسابه الصفة الدستورية–وهو
ما تم في نهاية المطاف وكان سبباً في
التأزم الذي حدث آنذاك. والمناقشة المشار إليها في بداية المقال
تمت، ليس بسبب تصريح أدليت به في ذلك
الوقت، وإنما كنتيجة لحقيقة أن الرئيس
كان قد طلب منى أن اقترب من
السيناتورين المذكورين، وأشرح لهما
لماذا كان النهج الذي اتبعاه غير حكيم. وقد حاولت من خلال الإجابة التي قدمتها
على طلب الرئيس، أن ألخص السياق بشكل
مختزل لأقصى حد، وهو اختزال كان لا بد
أن تبدو تلك الإجابة عند قراءتها في
إطاره بعد ذلك التاريخ ب37 عاما»مسيئة». والسبب أن تلك الإجابة كانت موجهة لرئيس
تبنى هذه القضية، ولم يستخدمها أبداً
لأغراض سياسية، وذلك حتى يحافظ على
إطارها الإنساني الذي يجب ألا تخرج عنه. معنى ذلك باختصار أن التعليق الذي وجهته
للرئيس نيكسون، بأن الهجرة لا يجب أن
تكون موضوعاً من موضوعات السياسة
الخارجية، يجب أن يتم النظر إليه ضمن
هذا السياق، وليس خارجه. كما أن هذه المناقشة بأكملها، يجب أن تفهم
على أنها استغرقت 15 دقيقة، وأنها تمت
أثناء اجتماع بين الرئيس نيكسون
ورئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا
مائير، لم يحضره أحد آنذاك سوايَ،
إضافة إلى السفير الإسرائيلي في
واشنطن–ورئيس وزراء إسرائيل فيما بعد–إسحاق
رابين. لقد أثبتت الأحداث بعد ذلك أن حكمنا على
الأمور كان صائباً، حيث هبطت الهجرة
اليهودية لإسرائيل بمقدار الثلث عن
أعلى مستوى كانت قد وصلت إليه، ولم
تستأنف بعد ذلك على مستوى كبير سوى بعد
عشرين عاماً–كما يعترف جيرسون نفسه. (حدث
هذا أثناء انهيار الاتحاد السوفييتي). يعزو جيرسون انهيار الاتحاد السوفييتي–جزئياً–إلى
تعديل جاكسون–فانيك.. لكن الحقيقة هي
أن هذا التعديل لم يلعب دوراً ذا شأن في
هذا السقوط، الذي كان نتاجاً للتمدد
الإمبراطوري الزائد، والإدارة
الاقتصادية الرديئة، واستمرار «الجمهوريين»
في حكم أميركا، وصولاً إلى العهد «الريجاني». «جيرسون» يسخر من سياسة الوفاق بين
الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي
في بداية سبعينيات القرن الماضي وينظر
إليها كما لو كانت نوعاً من التفريط
الأخلاقي. كم هي قصيرة الذاكرة! «جيرسون» ينسى أن
المناقشة موضوع البحث، قد حدثت في
الأول من مارس 1973 بينما كانت حرب
فيتنام قد انتهت تواً، ولم يكن أسرى
الحرب قد عادوا بعد إلى الوطن. لقد طبقنا في ذلك الوقت استراتيجية
عالمية فعالة، حيث انفتحنا على الصين،
وأجرينا حواراً واسع النطاق مع
الاتحاد السوفييتي، وحققنا تقدماً
كبيراً في علاقاتنا بمصر، كما حققنا
نجاحاً مشهوداً في موضوع الهجرة. ومن أجل مواصلة هذه السياسة، تمت تلك
المناقشة في المكتب البيضاوي بالبيت
الأبيض، وفي هذا السياق على وجه
التحديد، يجب أن يتم النظر إليها. ========================== ليبرمان .. وخريطة
الدولة الفلسطينية!! عبدالله محمد القاق الدستور 26-1-2011 في غفلة من الزمن أضحى المتطرف والفاشي
ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلية
يقترح حدوداً ومساحات جديدة للدولة
الفلسطينية التي اغتصبتها اسرائيل
عنوة وزوراً ، وبمساعد اميركية
وبريطانية حيث قضمت اكثر من سبعين في
المائة من اراضي فلسطين التاريخية ولم
يبق منها الا النزر اليسير خاصة في
مدينة القدس وأكنافها. هذه الخطة الجديدة التي أعلن عنها
ليبرمان ، وايده فيها عدد من اعضاء
الكنيست تُمثل انتهاكاً جديداً
للقرارات الدولية. وتؤكد أن اسرائيل لا
تسعى الى تحقيق السلام الدائم والعادل
، او بمتطلبات العملية السلمية ، وهذا
يعني ان اسرائيل ترغب في ترحيل ازماتها
الداخليه ومشكلاتها بالحديث عن هذا
المخطط الذي يجيء في وقت تشهد فيه
المرحلة الحالية حراكاً دولياً من أجل
الاعتراف بدولة فلسطين في الامم
المتحدة ، بل ان هذا المقترح يُعتبر
"محاولة يائسة" من اسرائيل ي
محاولة لفك عزلتها بعد حربها على غزة
وفشل مشروعها لاحتلال القطاع وسعيها
لاستمرار الاستيطان والتسوية
والتهويد وارتكاب الجرائم ضد الشعب
الفلسطيني. وهذا المقترح الاسرائيلي
الذي يهدف الى اقامة دولة فلسطينية "مؤقتة"
يشير ليبرمان فيه الى انه يمكن من
خلاله استئناف المفاوضات السلمية
وربما يتم التوصل الى اتفاقات بشان نقل
اراض اضافية للدولة الفلسطينية لانه
كما تقول جريدة هآرتس الاسرائيلية يتم
في ضوء اتفاقية اوسلو الموقعة عام 1993
بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي
منحت الفلسطينيين حكماً ذاتياً ،
يُسيطر الفلسطينيون على اكثر بقليل من
40 في المائة من الضفة الغربية. فهذه الخطط الجديدة التي عبر عنها
ليبرمان زعيم حزب "اسرائيل بيتنا"
القومي المتشدد الذي يعتبر اكبر شريك
في الائتلاف الحاكم مع حزب الليكود
القومي بزعامة رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو يهدف الى سلخ جزء جديد من
اراضي الضفة والقدس الشريف ويجيء "مفاجأة"
بعد تقرير اللجنة الاسرائيلية لتقصي
حقائق احداث فاقلة السفن الدولية
ومنها سفينة "مرمة" والتي اقدمت
قوات البحرية الاسرائيلية على
الاستيلاء على السفينة وقتل تسعة عشر
من دعاة السلام ورفع الحصار عن القطاع
والتي جرت في الحادي والثلاثين من شهر
ايار عام 2010 في المياه الدولية والتي
ادانتها الدول كافة لكونها أسفرت عن
اعتراض القافلة التي تحمل مدنيين غير
مسلحين والتي مثل اسرائيل في هذا
الاعتداء المفرط ضد اسطول المساعدات
المتوجه الى غزة عن قتل الابرياء ،
وبدأت لجنة "تيركل" اسرائيل
باعتبار ان جنودها تصرفوا بصورة "مدروسة
ومهنية" وهو ما رفضته تركيا والدول
العربية والاسلامية والاوروبية ايضا
حيث أكدت النائب حنين الزعبي التي
شاركت في قافلة شريان الحياة ان هذا
التقرير المنحاز لصالح اسرائيل لا
يمكنه "أن يُغير صورة اسرائيل كونها
تنتهك القانون ولا تؤمن بالاعراف
والقرارات الدولية بشكل متواصل". ولعل أهمية هذا المخطط الاسرائيلي ، جاء
بعد ان نشرت قناة الجزيرة تفاصيل عن
المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية
والتي اكدت من خلالها ان الجانب
المفاوض الفلسطيني ادى تنازلات كبيرة
في المفاوضات سواء لجهة مدينة القدس او
بالنسبة للاجئين ، مما اثار لاستنكار
البالغ والكبير لهذا الموقف الفلسطيني
الذي يُغاير كل التوقعات ويحيد عن
المبادئ والثوابت الفلسطينية يالتي
رسمها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر
عرفات في مفاوضاته مع القادة
الاسرائيليين والتي كانت تؤكد ان لا
تنازل عن الاراضي الفلسطينية في مدينة
القدس وضرورة عودة اللاجئين من
المنافي والشتات ، هذه التنازلات
الجديدة في تقديري كانت جزءاً من
اللقاء الفلسطيني الذي تم في سويسرا
بين السيد ياسر عبدربه امين سر اللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
ويوسي بيلين احد المسؤولين
الاسرائيليين عن ملف السلام والذي
حضرت فعاليات هذا اللقاء حيث اشتمل على
تنازلات ملحوظة بشأن حق اللاجئين
الفلسطينيين بالعودة والتعويض ، وهم
الذي يزيد عددهم عن ستة ملايين لاجئ في
المنافي والشتات. اعتقد ان ما نشرته "قناة الجزيرة" عن
هذه التنازلات التي أبداها
الفلسطينيون للاسرائيليين خلال هذه
المفاوضات في شان القدس والمسجد
الاقصى وقضايا جوهرية اخرى كقضية
اللاجئين والحدود والتنسيق الامني من
خلال نشرها مئات من المحاضر للمفاوضات
التي جرت خلال السنوات الأخيرة بين
السلطة والفلسطينيين وهي التي تزيد
عددها عن (1600) وثيقة خلال السنوات العشر
الماضية من المفاوضات والتي اظهرت
التنازل عن حارة اليهود وجزء من حارة
الارمن ، هي التي شجعت ليبرمان لتقديم
هذا المقترح لانه يجيء في ضوء ما تمت
تسميته بالافكار "الخلاقة" التي
تساعد الطرفين من أجل تقديم الرؤى
والمقترحات بشأن اقامة الدولة
الفلسطينية. وهذا المقترح لم يات للاسف الا بعدما
اشارت اليه الوثائق ان الدكتور صائب
عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين
أبدى مرونة غير مسبوقة عندما قدم
تصوراً خاصة بملف البلدة القديمة في
القدس ، حيث أبدى استعداده عن التنازل
عن أجزاء واسعة من البلدة القديمة
وأبقى أمر السيادة على المسجد الاقصى ،
الى مفاوضات لاحقة ، وبالرغم من نفي
الدكتور عريقات هذه الوثائق ، الا ان
القناة الواسعة الانتشار اصرت على
حقيقة هذه الوثائق التي وزعت على
العديد من الدول العربية للاطلاع
عليها واودعت بعضها في الجامعة
العربية، اقترح ليبرمان يجب رفضه بصورة قاطعة لانه
يشمل العديد من التنازلات الفلسطينية
للشعب الفلسطيني عن الاراضي ، ويحاول
ضم بعض أجزاء الضفة الى اسرائيل وتهجير
العدد الآخر ، وهذا يأتي في اطار سياسة
توسعية شوفينية هدفها الاجهاض على
قرارات الشرعية الدولية باقامة الدولة
الفلسطينية القابلة للحياة وعاصمتها
القدس الشريف ، وايجاد الذرائع
الاسرائيلية في شأن عدم السماح
للاجئين الفلسطينيين بالعودة الى
ديارهم ، وكذلك نشر الذعر والخوف في
نفوس الفلسطينيين في الضفة والقطاع
ومدينة القدس بان اجراءات اسرائيلية
كثيرة قادمة اذا لم يوافق الفلسطينيون
على اقتراحات اسرائيل الرامية لاقامة
"دولة ليبرمان" التي تعتبر
انتهاكاً للقرارات الدولية ، وبمثابة
انتقاص لحقوق الشعب الفلسطيني
وتنازلاً كبيراً على الثوابت
الفلسطينية وحقوق هذا الشعب الذي مضى
عليه (62) عاماً يرزح تحت الاحتلال
الاسرائيلي البغيض،. ========================= سورية.. النيات الطيبة
وحدها لا تكفي عادل الطريفي الشرق الاوسط 26-1-2011 في مطلع 2005، زار الرئيس بشار الأسد
الرياض، والتقى المسؤولين السعوديين.
وفور عودته إلى دمشق ألقى في 4 مارس (آذار)
خطابا أمام مجلس الشعب السوري أعلن
خلاله انسحاب سورية من لبنان، قائلا: «وبإنهاء
هذا الإجراء تكون سورية قد أوفت
بالتزاماتها حيال اتفاق الطائف ونفذت
مقتضيات القرار 1559». لقد كان الرئيس الأسد محقا، فقد وفت سورية
بالتزامها، فما الذي يريده الآخرون من
دمشق؟ ولماذا لا يزالون يأملون من دمشق
أن تقوم بأكثر مما قامت به؟.. تلك هي
المشكلة التي عجز الكثير من الدول
الإقليمية والدولية عن فهمها، وهو أن
سورية لا تستطيع أن تقدم أكثر مما
قدمت، ولهذا فإن العتب يقع على عاتق
الذين تصوروا أن دمشق بإمكانها أن تقدم
شيئا في الملف اللبناني. لم تكن سورية لتخرج من لبنان لولا القرار
1559، ولولا تضافر المجتمع الدولي على
تحقيقه، ولعل أزمة لبنان الراهنة لا
يمكن حسمها بغير استكمال تطبيق بنود
ذلك القرار. لقد أضاعت القوى الدولية
والإقليمية وقتها في موضوع تأليف
حكومة توافق، وتحقيق استقرار نسبي في
لبنان، ولكن ما كان ينقص لبنان هو
استكمال مفاعيل ذلك القرار الدولي.
المحكمة الدولية المكلفة بالنظر في
موضوع اغتيال الحريري مهمة وشرعية. بيد
أن تحقيق ذلك قد لا يتم إلا بالانتهاء
من القرار 1559. لقد تضمن القرار ثلاثة
بنود: جلاء القوات الأجنبية عن كامل
الأراضي اللبنانية، نزع السلاح من
الأحزاب والمجموعات، وبسط الحكومة
سيادتها على كامل التراب اللبناني. وباستثناء انسحاب القوات السورية، لم
يتبق إلا نزع سلاح حزب الله وغيره من
الفصائل المسلحة، وأن تضطلع الحكومة
اللبنانية ببسط سيادتها على باقي
الأراضي اللبنانية. هذه هي النقاط
الرئيسية التي كان يجب الحوار حولها،
وليست تلك المطالب المؤقتة والهامشية
التي نجح السوريون والإيرانيون في
إلهاء جهود الدبلوماسية الدولية دون
الوصول إلى نتائج ذات قيمة ملموسة على
الأرض. لأكثر من عامين، قررت فرنسا، والسعودية،
والولايات المتحدة وبعض الدول
الإقليمية، إجراء حوار مع سورية،
وقامت بالانفتاح ومحاولة نسيان
التصريحات السابقة، وحدث بالفعل أن تم
تجاوز بعض النقاط المعطلة للحوار. فقد
بذل السعوديون جهدا في دفع أصدقائهم في
لبنان نحو المصالحة مع دمشق، وقادت
فرنسا حملة دولية لإقناع الآخرين بأنه
بالإمكان التأثير على التحالف السوري -
الإيراني إيجابيا. أما الولايات
المتحدة، فقد أعادت تسمية سفيرها
هناك، وشهدت العاصمة السورية توافد
أعضاء من الكونغرس وممثلي الدبلوماسية
الأميركية. ماذا كانت النتيجة؟ في الحقيقة لا نعرف. لقد حجت عشرات الوفود
العربية والأجنبية إلى ديوان الرئاسة
السوري، وحضرت جلسات مطولة - قال بعض
الدبلوماسيين إنها تمتد لساعات - بصحبة
الرئيس السوري، الذي كان ينجح دائما في
تزويد ضيوفه بدروس تاريخية مميزة عن
المنطقة، وهو تقليد استمده الرئيس
الابن من أبيه، حيث يذكر هنري كيسنجر
في مذكراته أنه ذهب للقاء الرئيس حافظ
لقياس سقف المطالب السورية قبل قمة
جنيف – ديسمبر (كانون الأول) 1973 - وفوجئ
بالرئيس يلقي عليه محاضرة عن التاريخ
السياسي للمنطقة امتدت لعدة ساعات. كان
ذلك اللقاء الأول بين الطرفين، وقد سمى
كيسنجر ذلك «درس الأسد الأول». بعد
أعوام كتب هنري كيسنجر شارحا
دبلوماسية الأسد المثيرة للانتباه،
حيث إن الرئيس كان يعمد إلى إجراء لقاء
خاص دون مساعديه إذا كان يريد أن يفاوض
حقا، ولكنه سيعمد إلى جمع أكبر عدد من
مستشاريه ومساعديه إذا كان يريد تأكيد
الموقف السوري المعلن، وذلك عبر إلقاء
درس تاريخي غني بالمعلومات والقصص (سنوات
الجيشان - 1982). المفارقة، هو أن تلك الوفود على الرغم من
تكرار زياراتها لم تتعلم شيئا. لقد
نشطت سورية بشكل مكثف في المحور السوري
- الإيراني، ودفعت بشكل متزايد نحو دعم
حلفائها والحركات والتنظيمات
المرتبطة بهذا المحور دون كلل. وطوال
العامين الماضيين لم تقدم سورية على أي
تنازل، ولم تسهم في الضغط على حلفائها،
ولم تبرم أي اتفاق ذي قيمة مع أي من
الدول التي سعت إلى الحوار معها. كل ما
قامت به دمشق هو الترويج لمبادرات تصب
في مصلحة حلفائها، وتسريب معلومات
مغلوطة إلى صحافة «المقاومة» عن كل
جولة حوار تقوم بها. يكفي فقط مراجعة ملفي العراق، ولبنان،
حيث استطاع المحور السوري - الإيراني
أن يفرض مرشحيه لرئاسة الوزراء في
العراق، ورئاسة الوزراء في لبنان، على
الرغم من أن الطرف الآخر يملك الأكثرية.
لقد جرى تفريغ المكاسب السياسية لدى
تلك الأطراف، وتم إضاعة الوقت في حوار
لم يثمر إلا المزيد من التشويش. لأكثر من ثلاثة عقود، ومجموعة من الخبراء
الأجانب والعرب يقولون إن حل مشكلة
لبنان، أو فلسطين، أو كسر شوكة
التنظيمات الراديكالية، أو حتى دفع
سورية للتخلي عن حليفتها إيران هو في
تقديم عرض لسورية لا يمكنها رفضه، أي
عرض يتجاوز كل ما تجنيه سورية من وراء
تدخلها في لبنان أو بين الفصائل
الفلسطينية، أو من وراء التحالف مع
طهران. البعض كان يقول إن من شأن انسحاب
إسرائيلي من الجولان أن يقوم بذلك،
وراهن البعض على أن سورية لن تقبل
بالانسحاب من أراضيها، ما لم يتضمن ذلك
انسحابا من مزارع شبعا، وحلا مقبولا
لدولة فلسطينية مستقلة على أراضي 1968.
آخرون، جادلوا بأن من شأن الاعتراف
بدور سوري إقليمي أكبر ومراعاة مصالح
سورية في لبنان أن يدفع بسورية نحو
الاعتدال في سياستها الخارجية. لكن
نتيجة ثلاثة عقود من الحوار مع سورية
لم تفلح في تحقيق نتائج ثورية، وإذا
كانت هناك من دروس ملموسة من سياسة
الانفتاح على سورية في العامين
الأخيرين، فهي أنها لا تحقق إلا المزيد
من التعقيد في تلك الملفات. دبلوماسية «المقاومة» ليست شعارا فقط،
كما يتوهم زوار سورية، بل هي سياسة -
ناجحة نسبية - مكنت سورية من التعايش في
محيط إقليمي وطائفي قلق، ولهذا فإن
منهج «المقاومة» ليست لافتة ترفعها
الدولة، كما تفعل دول أخرى، بل هي جزء
من مشروعية الدولة، ولهذا فإن التفريط
بها - أي بالمقاومة - ليس واردا، لأن
الدول لا تعبث بشرعيتها. ويوم أن توجد
سورية، التي لا تقوم على «المقاومة» -
خطابا، ومنهجا، وتحالفا - فهي سورية
أخرى لم نشهدها بعد. في حوار جرى بين الرئيس فورد ووزير
خارجيته في المكتب البيضاوي - 19 فبراير
(شباط) 1975 - بعد جولة للأخير في الشرق
الأوسط، سأل فورد: «ماذا عن الأسد؟»،
أجاب كيسنجر: «لقد سألته ماذا يريد؟
فقال لي: أريد كل شيء. فقلت: وماذا ستقدم
في المقابل؟ فقال: النية الطيبة». ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |