ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
العرب اليوم د.حسن طوالبة 2011-02-01 حان للحكام العرب أن يتعظوا ويتدبروا
أمرهم قبل يوم الحساب . لقد أقصت الثورة التونسية الرئيس زين
العابدين بن علي, وحققت مرحلة مهمة على
طريق انجاز الثورة,التي تحقق مطالب
الشعب في الإصلاح الاقتصادي والسياسي,
أما الثورة المصرية فما زالت في
مرحلتها الأولى وقت كتابة هذه السطور,
حيث أجبرت الرئيس المصري أن يقيل
الحكومة ويعين نائبا لرئيس الجمهورية,
ويكلف الفريق احمد شفيق لتشكيل
الحكومة. إن من ابرز الدروس الأولية المستفادة من
الثورتين ما يأتي: 1- درس الأحزاب الحاكمة, لا شك أن حزب
التجمع الدستوري في تونس, له تاريخ
نضالي معروف, أثناء مقاومة الاستعمار
الفرنسي, وله تاريخ مهم أثناء
الاستقلال, وبدأ الحزب ينحرف بالتدريج
بعد أن تسلم الحكم في البلاد, وصار له
أزلام ومريدون ومندسون وانتهازيون
هدفهم التسلق عبر المواقع الحزبية
لنيل اكبر قدر من المكاسب المادية
والجاه السياسي,وبهذا تحول الحزب الحر
الدستوري المناضل إلى حزب حاكم بيده
المال والسلطة, وصار هم قيادات الحزب
جمع المال والعيش في قصور فارعة,
ويركبون السيارات الحديثة والطائرات
السريعة, لتوصلهم إلى منتجعاتهم في
بلدان أوروبا, ولم يعد للشعب مكان في
تفكيرهم واهتماماتهم اليومية.. قيل أن حزب التجمع الدستوري يضم في صفوفه
أكثر من 3 ملايين عضو, وهذا عائد لما
يسمى بالكسب الكمي لا الكسب النوعي,
وعندما يتضخم العدد الحزبي يصبح عبئا
على الحزب من حيث التنظيم والقيام
بالمهمات اليومية والمهمات
الإستراتيجية. أما في مصر فحزب التجمع الحاكم ليس له
تاريخ نضالي مميز قبل ثورة 1952 ، ولا
بعدها, وإنما هو حزب سلطوي منذ الأساس,
ولا غرابة أن ينضم إليه الملايين من
أبناء مصر لنيل مكسب مادي أو وظيفي في
السلطة المدنية أو العسكرية, وهذا الكم
الهائل تلاشى في أول امتحان على الأرض,
ولو كنت مسؤولا عن هذا الحزب لفصلت
جميع القيادات العليا والدنيا, لأنهم
لم يتمكنوا من حماية مقرهم الحزبي, ولم
يجدوا من يدافع عن المقر الحزبي من
أبناء الشعب, وهذا يعني انفصالهم عن
الشعب. 2- الفراغ السياسي أثناء الثورة وبعدها,
وهذا الفراغ عائد إلى بطش الأنظمة
المتسلطة في تونس ومصر, حيث تمت محاصرة
الأحزاب الوطنية والقومية واليسارية
والدينية, أضف إلى ذلك عدم إيمان
الأحزاب الآنف ذكرها بلغة الحوار
الحضاري بحيث لم تشكل هذه الأحزاب
قيادة ميدانية وسياسية يمكنها ملء
الفراغ عندما تحين الفرصة, ولهذا السبب
سادت الفوضى في كلا البلدين, واستغل
قطاع الطرق الحالة المائعة في الشارع
وعاثوا فسادا بسرقة المحلات التجارية
بدعوى أنها تخص أقارب الرئيس أو من
حاشيته. معظم الأنظمة العربية حاربت الأحزاب
اليسارية والقومية, فيما منحت الأحزاب
الدينية فرصة الكسب الجماهيري على
حساب الأحزاب المحظورة. واليوم صارت
الأحزاب الدينية في خانة الإرهاب
وتحارب من قبل الغرب ومن الولايات
المتحدة بالذات, وشكل عدم التوازن في
التعامل مع الأحزاب خللا في سلطة
الدولة القطرية على الأحزاب, ولم تتمكن
الأنظمة من ان تتحرر من هيمنة الإدارة
الأمريكية التي اعتبرت الأحزاب
الدينية أحزابا إرهابية. 3- تحرص الأحزاب والأنظمة على كسب الشباب,
لما في الشباب من حيوية وقدرة على تحمل
المصاعب, وأهليتهم لاستيعاب التطور
العلمي والتقني, والانسجام مع مستجدات
العصر, وهذا التوجه صائب بكل المقاييس
العلمية والنفسية لكن المشكلة أن
الأحزاب ومنظمات الشباب الحكومية
تعتمد الكسب العشوائي والكمي, ولا
تعتمد الكسب النوعي, أي كسب الشباب
الذين لديهم الاستعداد للعمل والتضحية,
والقدرة على الإبداع والقيادة
الشبابية. وإذا نظرنا إلى قواعد الأحزاب ومنظمات
الشباب الحكومية, هي في معظمها منقادة
وليست قائدة, فالمسؤول الشبابي لا بد
أن يكون شابا يتفاعل مع الشباب بروح
وثابة فيها القدرة على التعامل مع
تقنيات العصر. في ثورتي تونس ومصر كان الشباب هم القادة,
هم الذين قدموا أنفسهم وبذلوا دماءهم
من اجل إنجاح الثورة, لكن الشباب لم يكن
لهم تنظيم مسبق, بل كانت وسائل الاتصال
الحديثة هي العامل المهم في التواصل
وإدامة زخم الثورة. من هذه التجربة بات من الخطأ حصر الشباب
في اطر ضيقة تحرمهم حقهم الإنساني في
الانتماء إلى الأحزاب والى الجمعيات
الاجتماعية والسياسية. 4- لم تعد الأحزاب التقليدية هي التي تقود
الشارع العربي, بل صارت ذيلية لحركة
الشارع, تحاول أن تأخذ دورها قبل فوات
الأوان, وحتى لا نظلم الأحزاب, فان شيوع
هذه الحالة سببها الأنظمة الرسمية
التي حجمت دور الأحزاب, وحاربت قيادات
الأحزاب في رزقهم وتشريدهم خارج
أوطانهم, وصار الحزبي مثل الثور الأجرب
يخاف الناس العدوى منه. المهم أننا لا
بد أن نعترف أن قيادة الشارع باتت
للشباب ولا بد من إتاحة المجال أمامهم
لتنظيم أنفسهم ما دام الحس الوطني
يتدفق منهم باتجاه الخير والإصلاح,
بدلا من أن ينحرفوا باتجاهات خاطئة,
تعود بالضرر عليهم وعلى الأوطان
ومصالح العباد. إن هذه بعض الدروس التي يمكن أن يستفيد
منها بعض الحكام الذين ينتظرون دورهم
في حساب الجماهير, لأنهم مارسوا الحكم
المستبد والظلم, وساد الفساد في أركان
حكمهم, أليس هذا الدرس كفيلا بالحكام
المعنيين أن يتدبروا أمرهم قبل يوم
الحساب?. =================== آخر تحديث:الثلاثاء ,01/02/2011 خليل حسين الخليج بطبيعة الحال لم تكن جولة مفاوضات
إسطنبول بين إيران ومجموعة الست لتصل
إلى خروق في جدار المواقف المتصلبة بين
الطرفين، فالكعكة الصفراء بالنسبة إلى
طهران كانت خارج إطار جدول المفاوضات
قبل انطلاقها بتصريحات إيرانية واضحة،
معتبرة أن هذه القضية بالذات مكانها
الوكالة الدولية للطاقة الذرية في
جنيف وليس في إسطنبول، على قاعدة أن
هذه الخطوة من التخصيب بالتحديد، هي
مشمولة بالحقوق القانونية المفترضة
للدول الموقعة على بروتوكول الوكالة،
كما أن كامل هذه الدورة من الوجهة
التقنية هي برعاية الوكالة وتحت نظرها
الدائم، وبالتالي أرادت طهران قبل
المفاوضات أن ترفض تقديم أي تنازل، ولو
بالشكل، على حساب حقوقها دون مقابل
يذكر من الطرف الآخر . وبصرف النظر عن طبيعة هذا الحق الإيراني
من عدمه، فإن الموقف الغربي بشكل عام
وبالتحديد الأمريكي،انطلق من سلة
العروض التي قدمتها مجموعة الثلاث
الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا عام ،2009
القاضي بتسليم طهران 1200 كلغ من
اليورانيوم الضعيف التخصيب إلى روسيا
مقابل مدِّها باليورانيوم المطلوب
لتشغيل مفاعل طبي، بمعنى أن واشنطن
تعلم سلفاً أن هذا المقترح لن يكون
كافياً في مفاوضات إسطنبول لإعادة
جدولة المفاوضات العديمة الثقة بين
الطرفين أصلاً، علاوة على ذلك إن
واشنطن تدرك سلفاً برفضها أيضاً
للمقترح الإيراني في مايو/أيار 2010
القاضي بإيداع هذه الكمية في أنقرة
مقابل الحصول على ما تريده لتشغيل
مفاعل البحث الطبي، أمراً سيؤدي
بالتأكيد إلى حائط مسدود وسيؤدي
بالتالي إلى جر جميع الأطراف إلى إعادة
شراء الوقت من جديد، وهو الأمر الذي
سيشكل بيئة رابحة لطهران، وهو الهدف
الذي تبحث عنه في هذه المرحلة أيضاً . جانب آخر من آلية المفاوضات وموضوعاتها
متعلق أيضاً بالمسار الإيراني لإدارة
المفاوضات، حيث تمَّ التركيز أيضاً
على جانب مهم عملياً لكن لا يمكن
الوصول من خلاله إلى نتائج محددة،وهو
مناقشة نزع الأسلحة غير التقليدية في
الشرق الأوسط وبالتحديد “الإسرائيلية”،
وهو الأمر الذي لم ولن يلقى آذاناً
أمريكية أو غربية صاغية، وبالتالي
خطوة إضافية باتجاه تقطيع الوقت . إذاً، كلا الطرفين الإيراني والغربي
انطلق بجولة مفاوضات يعرفان سلفاً
سقفها ونتائجها وتداعياتها، وكل على
طريقته أدرك سلفاً كيف يمكن تخطيها،
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد
هذه الجولة،هل أغلقت الأبواب أم أن ثمة
معطيات موجودة ستعيد الطرفين إلى
طاولة المفاوضات مجدداً؟ واقع الأمر،
رغم القلق الغربي و”الإسرائيلي”
المتنامي بشكل سريع من طبيعة البرنامج
وأهدافه، أنه ثمة سياق أمريكي واضح
باتجاه أخذ المزيد من الوقت لحسم
خياراتها، بخاصة أن مجموعة من العوامل
المتصلة بالوضع الأمريكي في أفغانستان
والعراق وأيضاً في لبنان وغيرها من
ملفات منطقة الشرق الأوسط، تجعلها
تنحو باتجاه العودة إلى سياسات إدارة
الأزمات واحتوائها، بهدف الوصول إلى
نقاط تكون قادرة فيها على الحسم
لمصلحتها، ولمصلحة حلفائها في الدرجة
الثانية . في المقابل، هل ظروف المنطقة حالياً
ومستقبلها تنحو باتجاه الوضع القابل
للاستثمار أمريكياً؟ من الواضح من
مجمل الملفات التي تتخبط فيها الإدارة
الأمريكية حالياً ومن المتوقع
مستقبلاً، أنها تجعلها عاجزة عن صناعة
الظروف القابلة للبناء عليها
واستثمارها، وبالتالي إن المراهنة على
الوقت وشرائه لن تكون مفيد من الوجهة
الأمريكية وأيضاً لحلفائها في
المنطقة، بل ربما إن السير في هذا
الاتجاه ستستفيد منه “إسرائيل”
تحديداً لتوجيه ضربة عسكرية إلى مجمل
البرنامج الإيراني، رغم أجواء التطمين
الغربي و”الإسرائيلي” أيضاً بأن
البرنامج النووي أعيد سنوات إلى
الوراء بفضل فيروس “ستانسكت” . في مطلق الأحوال، ثمة إشارات أمريكية
وغربية واضحة أطلقت بعيد انتهاء
المفاوضات، مفادها أن خطوط التواصل
الغربية مفتوحة أمام طهران للعودة إلى
طاولة المفاوضات، ما يشكل إشارة قوية
أيضاً أن لا حسم بين الطرفين في الوقت
المنظور، بل إن سلسلة قادمة من الشد
والجذب قادمة على المنطقة من خلال
ملفاتها المفتوحة على كل الاحتمالات
لترجمتها في أطر تفاوضية جديدة . عقد ونصف من الزمن والعقوبات الاقتصادية
الغربية مفروضة على طهران، بدءاً من
قانون داماتو الأمريكي وانتهاءً
بسلسلة القرارات الدولية، جميعها لم
تثن إيران عن برنامجها، فهل سيحتاج
الطرفان إلى قرن ونصف من المفاوضات
القادمة لتقتنع الولايات المتحدة بأن
من حق الدول أن تمضي نحو التقدم
التكنولوجي بما يفيد شعوبها، وأن من حق
هذه الدول مطالبة واشنطن بالكف عن
التعامل بازدواجية فاضحة عندما يتعلق
الأمر ب”إسرائيل”، بالتأكيد إنها
أسئلة مشروعة ينبغي التعامل معها
بجدية في وقت ما زالت فيه أمريكا
متمسّكة بالتحول السياسي تجاه القضايا
والملفات المتشابهة . =================== آخر تحديث:الثلاثاء ,01/02/2011 حسن مدن الخليج من يعود للدراسات الاستشرافية التي قامت
بها جهات بحث عربية رصينة عن مستقبل
العالم العربي سيُدرك أن عدد العقول
العربية التي حذرت من مغبة التطورات
التي نعيشها اليوم ليس قليلاً . بل ربما نندهش لو وجدنا أن ما جرى توقعه لا
في خطوطه العريضة فقط، وإنما أيضاً في
الكثير من التفاصيل يحدث اليوم على
الأرض وربما بالحذافير، ومن أراد أن
يتحقق من هذا القول فعليه بالعودة الى
إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية،
وبالأخص الى تلك التي اشتغلت عليها فرق
بحث من مختلف البلدان العربية، في
المغرب والمشرق، لاستشراف ما كان
يُوصف بالمستقبل العربي . الذي كان مستقبلاً لحظة وضع تلك الدراسات
لم يعد كذلك، فها هو بات حاضراً نعيشه
جميعاً، وتعيشه معنا، على الأخص،
ملايين من الشباب العرب الذين كانوا
أطفالاً أو الذين لم يُولدوا حين بحث
هؤلاء المستشرفون السيناريوهات
المتوقعة لتطور الأوضاع في بلداننا . وهذه السيناريوهات جميعها انطلقت من
الشعور بأن جذور الأزمة راسخة في بنية
النظام الرسمي العربي، حين حذرته إن لم
يتصدَ لمعالجتها، فإن الأمور سائرة
نحو انفجارات اجتماعية كبرى، ونحو
تفكك كيانات، ونحو أشكال من النزاعات
المذهبية والطائفية وسواها . ها نحن اليوم شهود على الانفجارات
الاجتماعية الكبرى التي لم يُقررها
حزب أو جماعة أو حتى مجموعة أحزاب أو
قوى، وإنما جرت بالإرادة العفوية
للناس، وللشباب في المقدمة، الذين
قرروا أن يمسكوا مصيرهم بأنفسهم من دون
وصاية عليهم من أحد . ربما لا يعرف هؤلاء الشبان بالضبط ما الذي
يتوجب عليهم فعله بعد الخطوة أو
الخطوات الأولى، ولكنهم، رغم ذلك،
كانوا مُصرّين على أن يُقدموا على هذه
الخطوة، فمن دونها لن يستقيم أي سؤال
عن ماهية الخطوة التالية، ومن دونها،
أيضاً، ستظل الأوضاع على ما هي عليه،
ربما عشر سنوات أو عشرين أخرى، وربما
أكثر . للتغيير قوانينه وميقاته، وهذا التغيير
يُصنع اليوم في الشوارع العربية
بأشكال وأساليب غير مسبوقة، جديدة من
نوعها، على الأقل في بعض أوجه التعبئة
التي تتخذها، حتى إن انتظمت في نهاية
المطاف في التجمهر في الشوارع
والميادين العامة . حتى الآن ما زال النظام الرسمي العربي
يتعامل مع الظواهر الجديدة بالأشكال
العتيقة، في إشارة الى أنه لا يريد أن
يستوعب أن المياه الجارية في الأنهار
لم تعد نفسها، لأن النهر الواحد لا
يمكن وُلوجه مرتين . =================== وثائق الجزيرة ومسار
عملية السلام التاريخ: 01 فبراير 2011 البيان في الآونة الأخيرة، ساد اعتقاد راسخ بأن
عملية السلام في الشرق الأوسط قد ماتت
وانتهت وتم إبطالها. وقد تعزز هذا
الاعتقاد من خلال نشر قناة الجزيرة 1600 وثيقة، يقال إنها تصف تفاصيل
ما دار في المفاوضات الإسرائيلية
الفلسطينية عام 2008. كما تجاهل الرئيس
الأميركي باراك أوباما، بالكامل،
عملية السلام الفلسطينية في خطابه
الأخير عن حالة الاتحاد. والحجج التي تدعي أن عملية السلام ماتت،
تأتي من كل مكان، فالبعض يجادلون بأن
السلطة الفلسطينية، التي تحكم أجزاء
من الضفة الغربية، غير فعالة أو غير
مشروعة. ويقول آخرون إن عدم التكافؤ في
القوة بين إسرائيل والفلسطينيين، هو
ببساطة كبير جداً لدرجة يصعب معها
التوصل إلى تسوية حقيقية. ويزعم البعض
أن الصراع مدفوع بنوع من التحريض
المعادي للإسرائيليين، أو بالعنصرية
الإسرائيلية. والحجج الأخرى هي أكثر
تحديداً، إذ يشعر بعض المحللين بأن
المشكلة الحقيقية، تكمن في أن منظمة
التحرير الفلسطينية سقطت في فخ سعي
إدارة أوباما لتجميد الاستيطان، الذي
حال دون إجراء مفاوضات مباشرة مع
إسرائيل. ولا تزال هناك حجة أخرى تشير
إلى أن غزة، التي ليس لها مستقبل مستقل
عن بقية فلسطين، خاضعة لحركة حماس،
وتبرز عجز منظمة التحرير عن تقديم
اتفاق حول الوضع النهائي للشعب
الفلسطيني. لقد أشار العديد من المراقبين إلى أن رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،
الذي يأتي على قمة الائتلاف الحاكم
ويتسم بالمجادلة والتعنت، لم يقدم
الكثير من الثقة في فرص التسوية ولو
بشكل مؤقت، لا سيما في ظل مواصلة
المستوطنين الإسرائيليين البناء في
القدس الشرقية والضفة الغربية. هناك
عناصر كبيرة من الحقيقة تنطوي عليها
هذه الملاحظات، ولكن هناك اتجاهات
أخرى تثلج الصدر، وقد تبددت دون أن
يلاحظها أحد. وهناك بالفعل خطوات تستحق
الثناء يمكن للجانبين الإسرائيلي
والفلسطيني اتخاذها، بشكل منفصل وفي
آن واحد، ويطلق عليها الأحادية
المشتركة، من شأنها أن تساعد في إحياء
عملية السلام. ونحن نميل إلى النسيان،
وسط موجة من التعليقات حول التحريض
والعداء الفلسطيني الإسرائيلي، بأننا
شهدنا في الآونة الأخيرة تحولات مذهلة
في مواقف الطرفين تجاه الحاجة للتوصل
إلى تسوية. وتواصل حكومة السلطة
الفلسطينية بقيادة الرئيس الفلسطيني
محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض،
جهودها من أجل المضي قدماً في برنامج
بارز لبناء الدولة، يتسم بالابتكار في
العمل ضد العنف والتحريض. وفي إسرائيل، بات التحول مذهلاً، فقد أيد
رئيس الوزراء وزعيم حزب الليكود
نتانياهو، علناً، قيام دولة فلسطينية
مستقلة، رغم أنه من كان في السابق
وصياً على مبدأ التوسع الإقليمي، فيما
يدرك غالبية أعضاء الكنيست الإسرائيلي
بوضوح ضرورة وجود حل الدولتين. وبأسلوب
يتسم بالهدوء، حث نتانياهو على قدر
أكبر من تطبيع الحياة في الضفة الغربية.
فخلال فترة ولايته، تباطأت وتيرة
النمو في المستوطنات، خاصة عند مقارنة
ذلك مع الحكومات السابقة التي كان
يقودها حزب العمال الإسرائيلي، خلال
سنوات عملية أوسلو للسلام. فقد سمح
برفع العلم الفلسطيني في مقر إقامته
الخاص خلال اجتماع رسمي مع عباس،
ويستخدم الآن المصطلح الدبلوماسي «الضفة
الغربية»، بدلا من المصطلح التوراتي «يهودا
والسامرة». ولكن التغيير على الجانب الفلسطيني كان
الأبرز، فلا تزال غزة، بطبيعة الحال،
تمثل مشكلة مستعصية على الحل، إلا أن
الضفة الغربية تحولت في الآونة
الأخيرة إلى مسرح للتطورات المذهلة
التي لا يمكن إنكارها. فقد استعادت
قوات الأمن التابعة للسلطة
الفلسطينية، النظام في المدن التي
سادت فيها الفوضى في السابق مثل جنين
ونابلس. ودفع الهدوء إلى الاستثمار
وتحسين مستوى معيشة مئات الألوف من
الفلسطينيين. =================== الفيسبوك وتقنيات ثورة
الإعلام الجديد علي بدوان التاريخ: 01 فبراير 2011 البيان جاء انتصار الانتفاضة التونسية محمولاً
على عدة روافع وأسانيد أساسية، ساعدت
على انتصارها وفوزها بإنهاء وخلع
النظام السابق وفرار رأسه القيادي
الأول، ويتقدم تلك الروافع الإعلام
الجديد، وثورة الاتصالات وتقنياتها
المختلفة، التي جعلت من الحدث التونسي
حدثاً نوعياً وملفتاً لشعوب العالم،
ودفعت به ليقرع كل أبواب المعمورة لحظة
بلحظة. ففي الحدث التونسي، مثّلت وسائل الإعلام
والاتصال المتطورة، سلاحاً هاماً في
يد المنتفضين من عامة الشعب، وجعلت كل
مواطن صحافيا متجولا، ومع تقدّم مسار
الأحداث أخذ دور تقنيات الإعلام
الجديدة ومنها ال«الفيسبوك»، يتّسع
شيئا فشيئا حتى تحوّل إلى وكالة أنباء
مباشرة، سهّلت تواصل المتظاهرين مع
بعضهم البعض، وقرّبت المسافات بين ما
يحدث في مختلف الجهات التونسية، كما
اختصرت آلاف الأميال التي تفصل تونس عن
أطراف العالم، حتى أصبح بإمكان
المواطن التونسي نقل الحدث بالكلمة
المكتوبة أو المسموعة، وبالصوت
والصورة، إلى كل أصقاع الأرض، ولم
يستطع النظام المخلوع أن يواجه كل تلك
التقنيات بالأساليب التي دأبت عليها
الأنظمة الديكتاتورية في محاصرة هبات
الشعوب وسحقها بالدبابات وإخمادها،
ومنع وصول صوتها إلى خارج دائرة الحدث،
حتى في البلد ذاته. كانت تقنيات الإعلام ووسائل الاتصال
المتطورة مثل «يوتيوب» و«ديلي موشن»
وفي المقدّمة تقنية ال«فيسبوك»، التي
أبدع شبان تونس المنتفضون في
استثمارها، سلاحاً فعالاً في اختراق
الحصار الإعلامي وفي تنفيذ أمرين: أولهما، التواصل بين المنتفضين أنفسهم،
وفي تحركاتهم في الشارع، وفي تبادل
المعلومات والخبرات السريعة، وفي نشر
أسماء المعتقلين والشهداء والجرحى،
وفي العمل على خلق حالة احتقان شعبي ضد
نظام بن علي، وتشجّيع الناس على النزول
للشارع وكسر حاجز «عمار 404»،
وهو الاسم الذي ابتدعه التونسيون
ليرمزوا به إلى الرقابة التي كانت
مفروضة على العشرات من المواقع
والمدونات الالكترونية. ومن هنا بات
موقعا «تويتر» و«فيسبوك»، أداتين
رئيسيتين لحشد الناس والإعلان عن
أماكن التجمعات ومواعيدها.. الخ. وثانيهما، في الاتصال مع العالم الخارجي،
ونقل صورة الحدث التونسي لوسائل
الإعلام ولمنظمات حقوق الإنسان
وللمهتمين وللرأي العام الدولي بشكل
عام أولاً بأول، ليجعل منهم ومن ثورتهم
وانتفاضتهم ثورة عابرة للحدود. وساعد
على ذلك وجود نسبة مرتفعة من التونسيين
مستعملي الانترنت، والتي تشير بعض
التقديرات إلى أنها تصل نحو 3,6
ملايين مواطن، بنسبة تعادل 36٪ من
مواطني تونس، إضافة لوجود مليون ونصف
المليون من المشتركين في «الفيسبوك»،
وهي نسبة متقدمة جدا مقارنة ببقية
الدول الإفريقية والعربية، وحتى الدول
الأوروبية المتوسطية. هذا الوعي المعلوماتي أدى إلى إشعال ثورة
سلمية نموذجية، عصفت بعرش نظام بن علي،
وإلى توليد تغيير سلمي وحضاري في تونس،
دون اللجوء لدبابات وانقلابات عسكرية
أو سفك مرعب للدماء. وعليه، فإن ثورة الإعلام الجديد، التي
يقودها الآن شبان محترفون من بين جموع
المنتفضين ضد الأنظمة الديكتاتورية
والتسلطية في العالم، باتت تقض مضاجع
تلك الأنظمة، التي أصبحت هي وتقنيات
الفيسبوك، وأداة الانترنت بشكل عام،
على تضاد وعداء مستديم، فقد انتهى
اليوم الذي كانت فيه تلك الأنظمة
تستفرد وتفتك بشعوبها، دون أن ينتبه
إليها أحد من العالم، أو أي من مؤسسات
حقوق الإنسان. إن ثورة الانترنت وتقنياتها، تشكل الآن
مصدر إلهام لشعوب العالم، وللساعين
نحو حرية شعوبهم وخلاصها من أنظمة
القمع والفساد، فقد تراجعت تقديرات
البعض التي طالما كرروها، بشأن مثالب
وتأثيرات تلك التقنيات على العادات
والتقاليد والقيم في المجتمعات (وهو
أمر يمكن أن يقع)، ليبرز الوجه
الإيجابي الآخر لتلك التقنيات، وهو
الوجه الحضاري الذي يساعد ويعمل على
تحرير الشعوب وعلى خلاصها من القمع
والفساد، وعلى رقيها وصعودها العلمي. إن ثورة وسائل الاتصال والإعلام المتطورة
وتقنياتها المتجددة كل يوم، ومنها
ثورة الفيسبوك وشبكات التواصل
الاجتماعي، أصبحت في الدول البوليسية
ملجأ للتواصل الاجتماعي بوصفه ملاذاً
آمناً، يمكّن الناس في تلك الدول من
التواصل ومن تبادل الخبرات والتأسيس
لأعمال هامة، من خلال التعبير عن
آرائهم بحرية. كما أن العديد من حركات
المعارضة في أكثر من بلد عربي وغير
عربي، ظهرت ونمت بشكل ملحوظ على «الفيسبوك»
في مناطق وبلاد تتعرض فيها حقوق
الإنسان للقمع والاضطهاد، وفي بلاد
يستشري فيها أخطبوط الفساد. إننا الآن، وأمام ثورة الإعلام الجديد
وشبان الانترنت، نحن أمام ظاهرة ستكون
لها انعكاساتها على العالم العربي
بشكل غير مسبوق، حيث ستحول العالم
الافتراضي على الحاسوب وعلى الشاشة
الصغيرة للهاتف الجوال المحمول، من
عالم وهمي لا يأخذ على محمل الجد حركة
الناس واحتجاجاتهم، إلى عالم حقيقي له
مفاعيله على الساحة السياسية وعلى أرض
الواقع، ليصبح الشباب الناشط على
الانترنت وتقنياته المختلفة، قوة
مؤثرة وفاعلة على الأرض، وفي تقرير
مصير الأحداث وسيرها. ثورة الاتصالات الجديدة المتمثلة
بالانترنت وتقنياته، وخصوصاً تقنية
الفيسبوك والتويتر والشبكات
الاجتماعية للتواصل، ستدفع في نهاية
المطاف، الأنظمة القمعية التي أصيبت
بالهلع، لمراجعة حساباتها وإعادة
النظر في الإمكانات الكامنة لدى أجيال
الشباب، كما سيدفع الكثير من الأنظمة
إلى البحث عن أفضل السبل لمواجهة هذا
العامل الهام الآخذ في التبلور،
والقابل للتطور بشكل متسارع وغير
مسبوق، كما أثبتت وقائع انتفاضة الشعب
التونسي، حيث أعطى نشطاء العالم
الافتراضي (نشطاء عالم ثورة الاتصالات
وتقنياتها) مصداقية كبيرة في أدائهم
ونقلهم لصورة الحدث إلى العالم، وفي
عملهم على أرض الواقع في نقل حركة كل
الناس إلى دائرة الفعل والتأثير،
وأصبحوا بلا شك قوى صاعدة ومؤثرة جديرة
بالاهتمام والملاحظة. =================== اضطرابات مصر
وتأثيراتها السلبية على إسرائيل المستقبل - الثلاثاء 1 شباط 2011 العدد 3900 - رأي و فكر - صفحة 19 ألوف بن سقوط نظام حسني مبارك في مصر يضع إسرائيل
في ضائقة إستراتيجية: تبقى بدون أصدقاء
تقريبا في الشرق الأوسط. فالتحالف مع
تركيا انهار في العام الماضي، ومن
الآن، ستجد إسرائيل صعوبة في الاعتماد
على مصر التي تمزقها الصراعات
الداخلية. كما أن عزلة إسرائيل
المتزايدة في المنطقة وضعف الولايات
المتحدة الظاهر سوف يضطر إسرائيل إلى
البحث عن مخرج والسعي خلف حلفاء جدد. منذ الخمسينيات تعتمد السياسة الخارجية
الإسرائيلية على تحالفات إقليمية وفرت
لإسرائيل عمقا إستراتيجيا. الشريك
الأول كان فرنسا، التي كانت تسيطر
حينها على شمال أفريقيا في حينه، وقدمت
لإسرائيل الأسلحة المتطورة والقدرات
النووية. وبعد حملة " قاديش" (العدوان
على سيناء سنة 1956) أقام دافيد بن غوريون
"حلف الضواحي" مع الدول غير
العربية في المنطقة، إيران وتركيا
وأثيوبيا. وتحول شاه إيران إلى الحليف
الأساسي لإسرائيل، وزودها بالنفط وعقد
صفقات شراء أسلحة منها. كما أن جيشي
إيران وإسرائيل وأجهزتهما
الاستخبارية تدربا سوية، ونظما عمليات
مشتركة ضد مصر الناصرية، التي اعتبرت
في حينه التهديد الأساسي لإسرائيل
وللأنظمة العربية المؤيدة للغرب. وفي منتصف السبعينيات حصل تحول: سقط شاه
إيران، وقامت في إيران الجمهورية
الإسلامية، التي تدير منذ قيامها
سياسة حادة مناهضة لإسرائيل، وفي
العام ذاته خرجت مصر من دائرة
المواجهة، ووقعت على اتفاقية سلام مع
إسرائيل، ووقفت إلى جانب السعودية على
رأس المعسكر المتحالف مع الولايات
المتحدة. الرئيس المصري مبارك الذي ورث اتفاق
السلام من أنور السادات الذي قتل، حافظ
على تعاون علني بارد مع إسرائيل، ورفض
زيارتها، باستثناء مشاركته في جنازة
اسحاق رابين، وبطّأ كثيرا عملية
التطبيع، وظلت اتصالات الجيش
الإسرائيلي والمصري على مستويات
منخفضة، وبدون تبادل ملحقين عسكريين
وبدون تدريبات مشتركة. في المقابل كان
الرأي العام المصري والإعلام المصري
معاديا لإسرائيل مع تصريحات معادية
للسامية، بينما انحصرت العلاقات
المدنية بين حفنة من اليساريين ورجال
الأعمال. لكن على الرغم من ذلك كله، بقي "السلام
البارد" مع مصر، ولا يزال، أهم حليف
استراتيجي لإسرائيل في الشرق الأوسط.
حيث ضمن ذلك حدود إسرائيل الجنوبية،
والتي استطاعت أن تركز جهودها على
الجبهة الشمالية والضفة الغربية وقطاع
غزة. كما أزيل بذلك في العام 1985 خطر
الحرب الشاملة على نحو ما حصل في حرب
الأيام الستة 67 ، وحرب الغفران 73، حيث
انعكس ذلك في تخفيض ميزانية الأمن
وتمتعت إسرائيل بنمو اقتصادي. استلم مبارك منصبه في زمن حكومة مناحيم
بيغين، واستلم مقابله في إسرائيل 8
رؤساء حكومة ، كان لمبارك علاقات وثيقة
مع إثنين منهما، اسحاق رابين وبنيامين
نتانياهو، اللذين أكثرا من التشاور
معه في الخطوات السياسية. وفي السنتين
الأخيرتين، وعلى الرغم من الجمود
السياسي والعداء تجاه نتانياهو في
العالم العربي، استضاف مبارك نتانياهو
في القاهرة وشرم الشيخ عدة مرات،
بادعاء أنه لكليهما مخاوف مشتركة من
تعزز قوة إيران وتصاعد قوة الحركات
الإسلامية، والقلق المشترك من ضعف
وابتعاد الولايات المتحدة برئاسة
باراك أوباما. الآن، بينما يصارع مبارك لإنقاذ نظامه،
بقي لإسرائيل حليفان استراتيجيان في
المنطقة: الأردن والسلطة الفلسطينية.
كلاهما يحمي الجبهة الشرقية لإسرائيل
ويعملان على إحباط العمليات وكبح حماس.
لكن العلاقات مع الطرفين مركبة: ففيما
التعاون الأمني وثيق وليس مكشوفا، فإن
العلاقات بين القادة سيئة، حيث أن
الملك عبد الله الثاني يرفض لقاء
نتانياهو، والرئيس محمود عباس يدير
معركة دبلوماسية دولية ضد حكومة
اليمين الإسرائيلية، وعليه فمن الصعب
أن تحل الأردن والسلطة الفلسطينية
مكان مصر مبارك في خارطة المصالح
الإسرائيلية. في مثل هذا الوضع سيتعين على إسرائيل أن
تبحث عن حلفاء جدد- والمرشحة الطبيعية
هي سورية التي تسعى إلى استغلال ضعف
مصر لأخذ مكانها كدولة رائدة في
المنطقة. إن الصور من تونس والقاهرة
تثير بالطبع القلق لدى الرئيس السوري
بشار الأسد والمقربين منه، على الرغم
من الانجاز الذي حققه من خلال السيطرة
مجددا على لبنان. وبقدر ما يغرق العالم
العربي بأمواج الغضب والمظاهرات
الحاشدة، بقدر ما تتزايد مصلحة الأسد
ونتانياهو للدخول في صفقة تحافظ على ما
تبقى من النظام الإقليمي القديم. =================== هل تنجح الثورة التونسية
في بناء الدولة المدنية؟ المستقبل - الثلاثاء 1 شباط 2011 العدد 3900 - رأي و فكر - صفحة 19 توفيق المديني() لم تكن الثورة الشعبية التي أطاحت حكم بن
علي البوليسي مُؤطرةً من قبل الأحزاب
والحركات الأيديولوجية المعروفة، بل
إن القوة التي لعبت فيها دور المحرك
الرئيس هي الحركة الشبابية التي وظفت
ثورة وسائل الاتصالات الحديثة، في
عملية التعبئة و الحشد للمظاهرات التي
عمت معظم المدن التونسية، لا سيما طلاب
الجامعات و الخريجين الجامعيين
العاطلين عن العمل، بسبب البطالة
الضاغطة التي يعاني منها الآلاف من
الشباب ذوي المؤهلات العلمية، وتعاظم
الإحساس بالظلم الاجتماعي الناجم من
حالة الفساد التي عرفتها تونس
واستئثار حفنة قليلة من المستفيدين من
النظام السابق بجزء هام من الاقتصاد
الوطني في قطاعات متنوّعة مثل البنوك
والصناعة والعقارات. في سيرورة النضال تحولت هذه
الانتفاضةالاحتجاجية إلى ثورة شعبية
وشبابية، هي ثورة مدنية لا عسكرية ولا
دينية، حتى عندما حاولت بعض الجهات
الركوب على الثورة أزاحتها الجماهير(حالة
الدكتور المنصف المرزوقي). وكانت
الشعارات التي رفعتها هذه الثورة
مبنية على مطالب مشروعة واتسمت بأكبر
قدر من السهولة والراديكالية، حيث
تركّزت حول القطيعة مع رموز النظام
السابق، الذين كانوا يقبعون في حكومة
الوحدة الوطنية التي يترأسها السيد
محمد العنوشي. لكن السؤال الذي يطرحه المحللون في تونس
والعالم العربي، وحتى في الغرب، هل إن
هذه الثورة الشعبية في تونس، تملك
مشروعاً سياسيا ومجتمعياً لإقامة نظام
ديمقراطي جديد في تونس؟ ومع من؟ بداية لابد من التأكيد على أن هذه الثورة
الشعبية التي كان البعد الاجتماعي هو
محركها الرئيس، أبصرت النور من الريف
التونسي، وتحديداً من المحافظات
المحرومة والمهمشة تاريخيا التي تقع
في الوسط الغربي (سيدي بوزيد والقصرين)
باعتبارها كانت تمثل تاريخيا مركز
القبائل العربية (الهمامة والفراشيش
وماجر)، التي أطاحت البربر في القرن
الحادي عشر، وفجرت ثورة شعبية قادها
علي بن غذاهم ضد مخزن الحاكم "الباي"،
في عام،1864. هذا الأمر مفهوم، لأن النخبة السياسية -
الإدارية المسيطرة على مجموع الدولة-
الحزب الواحد بقيادة الحبيب بورقيبه،
والتي نقلت تونس من حكم القبائل إلى
الدولة الحديثة، لم تكن نخبة ثورية
بالمعنى الدقيق للكلمة، ولم تتحرر هي
أيضا من منبت "عصبيتها" الساحلية،
إذ ركزت التنمية في المناطق الساحلية
مثل المنستير وسوسة والمهدية، وأهملت
العديد من المحافظات. إنها الخاصية
التي تتميز بها تونس المنقسمة
مناطقياً، والخاضعة لقانون التطور
اللامتكافىء على صعيد التنمية، وعلى
صعيد التوزيع غير العادل لفوائد النمو
والتنمية. بيد أن تطورالانتفاضة الشعبية وتحولها من
الريف إلى المدينة، و بالتالي تحولها
إلى ثورة سياسية مدنية أطاحت بحكم بن
علي البوليسي، وجعل مضمونها الحقيقي
في الوقت الحاضر هو الحرية و الكرامة،
يعود إلى عوامل رئيسية ثلاثة : الأول، انحياز الاتحاد العام التونسي
للشغل إلى جانب الانتفاضة- باعتباره
القوة الشعبية المنظمة في تونس منذ عهد
الاستعمار- التي دمجت منذ ذلك الوقت
العمل النقابي بالعمل السياسي الوطني،
وتجاوزت بنضالاتها الشعبية الوطنية
حدود نضالات الاحزاب السياسية
المعارضة، وعملت إلى لعب دور الحزب
المعارض للحزب الدستوري في فترة
الاستقلال، خصوصاً لجهة الاضطلاع
بمهام تتجاوز ما وراء المطالب
النقابية إلى إعادة صهر سوسيولوجي
للمجتمع . فالاتحاد العام التونسي للشغل هو الذي
يصنع الرؤساء في تونس، وهو الذي يحسم
كفة صراع الأجنحة داخل النظام التونسي
لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، وهو الوحيد
القادر على التصادم مع الدولة كما حدث
في الانتفاضة العمالية في 26 كانون
الثاني 1978، وهو الحاضن الاجتماعي لكل
أطياف المعارضة التونسية من أقصى
اليسار إلى الإسلاميين مرورا
بالقوميين. وإذا كانت قيادته الحالية
في عهد الرئيس عبد السلام جراد قد
انساقت مع بن علي، فإن هياكله وقواعده
لم تكن كذلك. الثاني : قدرة نخب المجتمع المدني
التونسي، العديدة و المتنوعة،
والطبقات الوسطى و الفقيرة التي تم
تهميشها، على النشاط
السياسي،والمشاركة في الشأن العام،
وإنتاج السياسة في صلب المجتمع،لا
سيما أن هذه النخب متشبعة بثقافة
المواطنة (المساواة في الحقوق
والواجبات) وتستند إلى الموروث
الاصلاحي التونسي الذي كان يتسم به "
التونسي الفتى" منذ عهد خير الدين
التونسي الذي كان يهدف إلى بناء دولة
مدنية حديثة منذ أن أقر أول دستور عربي
عصري في العالم الإسلامي سنة 1861، سمي
في ذلك الوقت بدستور عهد الأمان الذي
قوض سلطة الباي، وأصبحت تونس عبارة عن
دولة ملكية دستورية، إذ أن مجلس الشورى
الأعلى هو الذي يصدق على إجراءات
الحكومة قبل تنفيذها، فضلاً عن أن
السلطة الفعلية قد أصبحت في أيدي رئيس
الحكومة، أو الوزير الأول حسب المصطلح
الفرنسي. الثالث:الجيش التونسي،الذي كان مهمشاً في
عهد الدولة البولسية، والذي لا يتجاوز
تعداده 50000عسكريا، بينما يتجاوز تعداد
أجهزة الأمن 250000، فضلاً عن أن
الامتيازات المالية والعقارية،
والقيام بالدورات في الولايات المتحدة
وفرنسا، كانت تذهب كلها إلى ضباط
الأمن، الأمر الذي ولّد نقمة داخلية في
المؤسسة العسكرية ضد حكم بن علي، نتاج
الغبن الذي كانت تشعر به. وبعد أن فشل
بن علي في خطابه الثاني الذي ألقاه
مساء يوم 14 كانون ثاني 2011في تهدئة حركة
الشارع، أصر في لقاء مع قائد الجيش
الجنرال رشيد عمار على تعهد الجيش لدور
أكثر فعالية في قمع الانتفاضة، أو أن
يقوم قائد الأركان بتقديم استقالته.
وقد أدّى رفض قائد الأركان مطالب بن
علي، إلى أن يدرك بن علي أن لعبته قد
انتهت، بعد أن انهارت قدرته على إدارة
جهاز الدولة وآماله في احتواء
الانتفاضة الشعبية، الأمر الذي اضطره
بالتالي إلى مغادرة البلاد، بدون
الإعلان الرسمي عن التخلي عن الحكم، في
يوم 14 يناير/ كانون ثاني2011. من هنا نقول أن نقطة الانطلاق الرئيسية في
هذه الثورة الشعبية هي الحرية، و العمل
على أساس بناء الدولة المدنية، أي
الدولة الوطنية الديمقراطية، التي
تستحق هذه الصفة، بوصفها تجسيداً
للعقلانية والحرية. لكن الثورة في تونس
بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع زين
العابدين بن علي، ظل يشقها تياران : الأول وتقوده بعض الأحزاب اليسارية التي
كانت محظورة في السابق وبعض المجموعات
القومية الصغيرة المتحالفة مع الاتحاد
العام التونسي للشغل، حيث تمثلت
استراتيجية هذا التيار في قضم الحكومة
الانتقالية، والسير بهذه الثورة إلى
الأمام نحو إسقاط حكومة رئيس الوزراء
محمد الغنوشي الحالية أو أي حكومة تضم
رموز النظام السابق، وحل حزب التجمع
الدستوري الديمقراطي (الحاكم سابقا)
ومصادرة مقراته وأملاكه وأرصدته
المالية باعتبارها من أموال الشعب (..)
وحل مجلسي النواب والمستشارين (..)
وتفكيك البنية السياسية للنظام السابق
والإعداد لانتخاب مجلس تأسيسي في أجل
لا يتجاوز سنة من أجل صياغة دستور
ديمقراطي جديد ووضع منظومة قانونية
جديدة لتأطير الحياة العامة تضمن
الحقوق السياسية والاقتصادية
والثقافية للشعب.. ويرفض هذا التيار الواسع الأطياف أن يكون
الهدف من تمسكه ومعه الشارع التونسي
بإسقاط حكومة محمد الغنوشي، هو الدفع
بتونس إلى حالة من الفراغ السياسي
المجهول المآلات، مشّددة على أن
الخيار بين الحكومة أو العنف والفوضى،
أو بين الحكومة والإسلاميين، هو خطاب
لتخويف الشعب التونسي. لكن هذا التيار
يخطىء عندما يدعو إلى حلّ حزب التجمع
الدستوري الديمقراطي (الحاكم سابقا)،
لا سيما بعد أن أقرت الحكومة المؤقتة
فصل هذا الحزب عن كل مؤسسات الدولة،
وصادرت ممتلكاته،لأنه في مثل هذه
الحالة سيتحول إلى حزب عادي مثل باقي
الأحزاب السياسية، ولأنه لا يجوز
لأحزاب المعارضة التي تناضل في سبيل
بناء ديمقراطية حقيقية، وعانت من
سياسة الإقصاء والإلغاء في عهد الدولة
البولسية، أن تمارس سياسة إلغاء
وإقصاء معكوسة. فمعالجة الخطأ
التاريخي لا تتم بارتكاب خطأ مماثل. أما التيار الثاني، فهو يضم، المعارضة
اليسارية المعتدلة، مثل الحزب
الديمقراطي التقدمي، وحركة التجديد(الحزب
الشيوعي سابقا)، ويرى أن تونس دخلت في
مرحلة جديدة، تكتنفها تحديات هائلة،
لجهة بناء ديمقراطية حقيقية. وهذا
يتطلب من مختلف أطياف المعارضة
التونسية مساعدة الشعب التونسي لتحقيق
طموحاته في الديمقراطية والعدالة
الاجتماعية من أجل بناء نظام ديمقراطي
جديد، هذا مع احترام السيادة التونسية.
ويعتقد هذا التيار أن من يسعى في الوقت
الحاضر لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية
التي ستعمل خلال فترة زمنية محددة على
تحقيق المطالب السياسية وفق برنامج
أساسه مطلب الحرية الذي ينادي به الشعب
التونسي، بحجة رفض التعاون مع التجمع
الدستوري (الحزب الحاكم سابقا)، إنما
يسعى إلى دفع تونس باتجاه الفوضى التي
تمهد الطريق أمام العنف الذي لا يخدم
مصالح البلاد وأهداف الثورة. ذلك أن
التحركات الشعبية الحالية التي تفتقد
إلى قيادة سياسية، وتدفع إلى المواجهة
مع الحكومة سيمهد الطريق لتدخل الجيش
للسيطرة على الوضع في البلاد ما يعني
انتكاسة لهذه الثورة الشعبية. وتتخوف
في تونس المعارضة التي تشارك في
الحكومة الانتقالية، من ان يؤدي اخراج
التجمعين نهائيا، وغلبة سيطرة اليسار
عليها، إلى انتقال المنظومة الأمنية
والعسكرية)، إلى دعم تشكيل حكومة
تكنوقراطية، تمارس من خلالها السيطرة
على البلاد. في ظل دخول تونس مرحلة جديدة من المخاض
العسير لولادة نظام ديمقراطي جديد،
استطاعت الثورة التونسية بوساطة
التحركات الاحتجاجية والاعتصامات،
والإضرابات المضبوطة والمتنقلة، أن
تحقق نجاحات جديدة تمثلت في إخراج ما
تبقى من شخصيات التجمع الدستوري في
المؤسسات الحكومية، والفصل بين الدولة
والأحزاب، والإعلان عن تقديم مشروع
قانون العفو التشريعي العام إلى
البرلمان الذي يشمل مساجين الحركة
الإسلامية، وعودة الأحزاب التي كانت
محلّ تتبع ومضايقة أو غير معترف بها
إلى النشاط بحرية ولا سيما عندما عادت
ثلاث منظمات إلى صيغها الشرعية: جمعية
القضاة، ونقابة الصحفيين، والرابطة
التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان،
إضافة إلى الاعتراف بجميع الأحزاب
المحظورة بما فيها حركة النهضة التي
يرأسها الشيخ راشد الغنوشي، وحزب
العمال الشيوعي التونسي، وحزب المؤتمر
من أجل الجمهورية، وحزب العمل الوطني
الديمقراطي . وترافق مع كل ذلك إعلان رئيس الوزراء محمد
الغنوشي تشكيلة جديدة للحكومة
الانتقالية استبعد منها وزراء فريق بن
علي عن الحقائب السيادية (الخارجية
والداخلية والدفاع والمال)، مذعناً
بذلك لضغوط التونسيين الذين كثفوا
احتجاجاتهم مطالبين بإقالة رموز الحرس
القديم.وجاء في البيان الصادرعن
الاتحاد التونسي العام للشغل (المركزية
النقابية) الذي اضطلع بدور بارز في
تأطير الانتفاضة الشعبية التي أطاحت
بن علي في 14 كانون الثاني، أن الاتحاد
لن يشارك في الحكومة، وأن الهيئة
الإدارية الوطنية (للمركزية النقابية)
قبلت بإبقاء عضوين من حكومة الائتلاف
الوطنية وهما محمد النوري الجويني (وزير
التخطيط والتعاون) ومحمد عفيف شلبي (وزير
الصناعة والتكنولوجيا) إضافة إلى رئيس
الوزراء محمد الغنوشي. إذا كان الشعب التونسي لم يكتف لغاية الآن
بإصلاحات على الواجهة، ويرفض استمرار
الذين تعاونوا مع النظام السابق لعقود
من الزمن، والمعارضة الحقيقية لا تملك
اليوم القاعدة الاجتماعية و قادتها
كان في أغلبهم في المنفى،فإن تفكيك
منظومة الاستبداد والفساد وإرساء نظام
ديمقراطي يتطلب استقرار الوضع في
البلاد، و التوجه نحو بناء الدولة
المدنية. ويتطلب بناء الدولة المدنية هذه،أن تطلق
الحكومة الحالية حواراً وطنياً واسعاً
طال انتظاره حول قوانين الدولة
الوطنية الحديثة، وأن تدعو كل مكونات
المجتمع المدني إلى عقد مؤتمرات
استثنائية لكي تنبع هيئات ممثلة
ومنتخبة ديمقراطياً، من الاتحاد العام
التونسي إلى الأحزاب السياسية
والمنظمات بكل أنواعها، علماً أن
النظام البوليسي السابق لم يكن يسمح
بهذه المؤتمرات حتى في مستوى جمعيات
مهنية وحتى على مستوى الحزب الحاكم كان
مستوليا على الجمعيات المدنية. و لما كانت مهمة الحكومة الانتقالية
محددة في الانتقال بالبلاد إلى
الديموقراطية من خلال إجراء
الانتخابات الحرة بإشراف لجنة مستقلة
وبحضور مراقبين دوليين لضمان شفافيتها
ونزاهتها، فإنها مطالبة بتفعيل لجنة
تعديل الدستور حتى تتم هذه الانتخابات
الحرّة الرئاسية والبرلمانية، وفيما
بعد يتكفل البرلمان الذي سينبثق عن هذه
الانتخابات، بتعديل مواد الدستور أو
إرساء دستور جديد للجمهورية يضبط
قواعد ممارسة السلطة لجهة تقليص
صلاحيات رئيس الجمهورية، وضمان الحقوق
والحريات، ذلك أن ميزة الدستور
الديمقراطي أنه يضمن الحقوق والحريات
وينزلها منزلة الأحكام الخاصة بتنظيم
السلطة والعلاقة بين المؤسسات عبر
إفراده أحكاما خاصة بها، وتنصيصه على
الوسائل الكفيلة بصيانة ممارستها
وجعلها في منأى عن تعسف السلطة وشطط
ممارسيها، وإرساء دعائم الحكم
الدستوري و دولة الحق و القانون. ففي دولة الحق والقانون تعتبر الرقابة
القضائية( (controle
judiciareوسيلة أساسية لحماية دولة
القانون، وضمان تحققها. كما أن تقوية
استقلالية السلطة القضائية من شأنها
صيانة دولة القانون و فرض احترامها. ولا يستقيم بناء الدولة المدنية إلا
بتحقيق استقلالية السلطة القضائية،
التي تفسح في المجال للقضاء الدستوري
ليكون متمتعا ً كما هو الحال في الدول
الديمقراطية العريقة، بمكانة مركزية،
والإقرار بمبدأ التداول السلمي
للسلطة، تلك العملية التي تسمح للشيء
بحلول بديل محله، ويجعل الشخص يعقب
نظيره في المسؤولية، والإدارة،
والقيادة. () كاتب من تونس مقيم في دمشق =================== راشد فايد النهار 31-1-2011 يشبّه الكاتب البريطاني ديزموند ستيوارت
الشعب المصري بنهر النيل، الذي هو "سلس
المسار، هادئ، غزير، يثور في الوقت
اللازم ليفيض الطمى على ضفافه حاملاً
الخير لأهله". لم يخطئ الكاتب في هذا الوصف الذي ضمنه
كتابه المشهور عن مصر بعنوان "تاريخ
الشرق الأوسط – معبد جانوس" وفيه
يعرض اوضاعها منذ افتتاح قناة السويس
عام 1868 الذي ارتبط بتقديم اوبرا عايدة
الى ما بعد ثورة 23 يوليو 1952، اي منذ زمن
الخديوي اسماعيل الى زمن جمال عبد
الناصر الذي أمم القناة نفسها. مات ديزموند ستيوارت في القاهرة مسموماً،
وحامت الاقاويل حول فرضية جريمة فردية
وراء مقتله. كان ذلك في العام 1981، أي
قبل ثلاثين سنةً. عمر الكتاب يفوق هذا الرقم، لكن دقة
ملاحظة صاحبه ازدادت صدقاً مع الأيام
والوقائع. كانت ثورة يوليو انقلاباً عسكرياً محضاً،
لكن قيادته، بمبادراتها السياسية
والاقتصادية والاجتماعية، أعطته سمة
الثورة، خصوصاً أن الشعب حضنها بعد "برقيات"
تململ وجهها الى النظام الملكي، وكان
حريق القاهرة الشهير في كانون الثاني
1952، احد ابرز مفاصلها، برغم تضارب
المعلومات حول مفتعله، وهو ما ابقاه
الى اليوم، لغزاّ يغذي تكهنات تشير الى
المحتلين البريطانيين، حينها، كما الى
حزب " مصر الفتاة" و"الاخوان
المسلمين". كان حريق القاهرة الشرارة التي عجّلت في
ثورة "الضباط الاحرار" قبل 58
عاماً بالتمام والكمال، منها 30 عاماً
تحت قيادة الرئيس الحالي حسني مبارك،
فيما "حريق" الجوع للغذاء
والديموقراطية كان شرارة ثورة حقيقية
اليوم. قد يكون ل"ثورة الياسمين" التونسية
راية السبق، زمنياً، لكن الاثنتين،
ليستا وحيدتين في هذا العالم العربي:
فرسائل التململ انطلقت ايضاً في
الجزائر والأردن والسودان وليبيا
واليمن، فيما ينشغل بال أنظمة في دول
عربية أخرى باقتراب قرع هذه الموجة
أبوابها. يوم انهار جدار برلين في 9 تشرين الثاني 1989،
فتح الباب للديموقراطية الى أوروبا
الشرقية، فاهتز التوازن الدولي،
وتوجهت أنظار الباحثين السياسيين
الدوليين الى العالم العربي، جار
أوروبا الأقرب، حيث جدار "حالة
الطوارئ" يحجب الديموقراطية عن
شعوبه، ويسدّ جوعهم بشعارات حفظ
النظام، ورشى المصالح للطبقات النافذة
التي تحول العائلة والأخوال والأعمام
"والقطط السمان" الى قبيلة تتمسك
بالنظام، وتطعم الفتات لطبقة أدنى
تُشكل زنار أمان لها، بحيث يصبح الشعب
فئتين : واحدة تستحق الحياة، والأخرى
مسموح لها بالموت. من بين أبرز ما يجمع بين ثورتي تونس ومصر
إصرار جماهير البلدين على جذريّة
التغيير، ورفض أي حل وسط مع النظام في
كل منهما، أي إسقاط "الديموقراطية
التجميلية" التي غطّت، وتغطي العالم
العربي خصوصاً والعالم الثالث عموماً،
حكومات غير كفية يديرها القائد الأوحد
والحزب الغارق في الفساد، والمراقبة
المخابراتية، وأزمة اقتصادية متفاقمة
الخطورة . ما تقوله الثورتان، ومثيلاتهما الآتيات
في دول أخرى، أن ادعاء مواجهة التشدد
الإسلامي لم يعُد يُطعم خبزاً لأنظمة
تعاني شعوبها ركودا سياسيا واقتصاديا
مزمنا، ولا سيما أن دور الأحزاب
الإسلامية ليس طليعياً وقيادياً في
الحالتين، على الأقل، حتى اليوم. وما وشت به، أيضاً، الثورتان، أنّ
الرابطة القومية لا تزال حيّة بين
الشعوب من جهة، وبين الأنظمة من جهة
أخرى، الأولى أيقظها ما يجري، الا أنّ
صمتها آن آوان نهايته، والثانية بادرت
الى توزيع " الأنعام " على
مواطنيها استباقاً لما قد تأتي. وفي
المقابل تزداد الدعوات الدولية، لا
سيما الأميركية والاوروبية، الى
الخروج من المواجهة، في مصر وتونس،
بإصلاحات ديموقراطية، وذلك ليس غيرة
على المنطقة بل هو حفظ للمصالح
الاستراتيجية للقوى الكبرى. فما يجري
ليس أقل من إعادة صياغة النظام العربي
الذي أفَلت صيغته القديمة فيما
الجديدة قيد الولادة بمشاركة من شعوبه
يفترض ان تكون فاعلة ومقررة . =================== الشيخ الغنوشي في حضن
حاضرته الخضراء من جديد ياسر الزعاترة الدستور 31-1-2011 لم يفاجئنا استقبال الآلاف للشيخ راشد
الغنوشي في مطار تونس يوم الأحد ،
فالرجل ليس مجرد معارض سياسي جاء من
الخارج بعد رحلة نفي طويلة ، بل هو
الرمز والعالم والمفكر الذي يعرفه
الناس ، ليس في تونس وحدها ، وإنما في
العالم العربي والإسلامي أيضا. طوال 22 عاما في المنفى ، ظل الشيخ متشبثا
ببوصلة الأمل بأن يختم أيامه في البلاد
التي منحها عمره وشبابه ، وظل وفيا
لهويتها وقيمها الأصيلة ، ودفع من أجل
حريتها وكرامتها سنوات طويلة من السجن
والتعذيب ، وتاليا النفي ، وها هي تونس
التي أحب ، تفجر انتفاضتها الأجمل ،
وهو الذي بقي يبشر بزمن الانتفاضات على
الظلم في كل مكان ، لاسيما في فلسطين
التي أحبها وعاش قضيتها كما لم يفعل أي
رمز إسلامي آخر. عندما كان بعض الغربيين يسألونه عن رأيه
في قرارات ما يسمى الشرعية الدولية
والاعتراف بالكيان الصهيوني كثمن
لمجاملة حركته ومظالمها ، لم يكن
يتلعثم كما يفعل إسلاميون كثيرون من
أجل إرضاء الغرب ، بل كان يقولها صريحة
، إن هذه الأرض من بحرها لنهرها ملك
للعرب والمسلمين ، ولا سيادة لليهود
على شبر منها. كان الطاغية يكرهه شخصيا ، ويقول ذلك
بالفم الملآن ، ومن أجل هذا أراد بعض
الصغار أن يجعلوا من إزاحته عن قيادة
النهضة مفتاحا للتصالح مع النظام ، مع
أن الأخير لم يمنح أيا منهم أكثر من
عودة فردية ذليلة. استقبله الآلاف ليقولوا: إن النهضة لم تمت
، وإنها بشيوخها وشبابها لا تزال هنا ،
حاضرة بقوة ، إذ كيف تغيب حركة قدمت
أجمل رجالها قرابين من أجل حرية تونس
وكرامة أهلها وتثبيت هويتها وانتمائها
إلى أمتها ودينها ، بينما كان الطاغية
يسعى إلى تشكيلها على نحو آخر من خلال
سياسة "تجفيف الينابيع".. ينابيع
التدين بالطبع ، ومن خلال سياسة خارجية
تخدم الغرب والكيان الصهيوني. في تونس ، خرجت جحافل الشباب في استقبال
الشيخ ، ومن ورائهم وقف حشد من أجمل
الرجال الذي قضى بعضهم أكثر من عشرين
عاما في السجون دون أن يذلوا أمام
جبروت الطاغية. كان هناك الصادق شورو ،
علي العريض ، حمادي الجبالي ، الحبيب
اللوز ، العجمي الوريمي ، وآخرون لا
تحضرنا أسماؤهم ، لكن الله يعرفهم
وجماهير تونس تعرفهم أيضا ، وستعرفهم
أكثر خلال المرحلة المقبلة حين يتسع
فضاء الحريات وتبدأ المرحلة الجديدة. عاد الشيخ ، لا ليكون رئيسا ولا وزيرا ولا
نائبا ، فمن بين أحبته الذي سار معهم
رحلة النضال ، والرجال الذين رباهم على
حب تونس وحب الإسلام ، من بين هؤلاء ثمة
قادة يمكنهم قيادة المرحلة ، بل عاد
ليكون مع تونس ومع أحبته في رحلة
التأكيد على أهداف ثورة الياسمين التي
انطلقت من أجل تونس حرة كريمة تنتمي
إلى أمتها ، ولا يسرق عرق أبنائها
الفاسدون والمأجورون. طوال مرحلة النفي ، لم يكن الشيخ بعيدا عن
تونس ، بل كان لها ومعها يتلمس جراحها
التي كان الطاغية يعمقها يوما إثر يوم
، كما كان مع أمته ، مع فلسطين ومع
العراق ومع كل الجراح النازفة ، تجده
في كل مناسبة يخطب وينظّر ، تماما كما
استفاد من رحلته في الكتابة حول قضايا
الإسلام ، وكانت الحرية هي هاجسه
الدائم ، فكتب سفره الأجمل "الحريات
العامة في الدولة الإسلامية". هو اليوم يريد دولة الحرية. الدولة التي
يختار الناس فيها طبيعة النظام
والدستور الذي يحكمهم ، والذي لا يشكّ
الشيخ في أنه دستور يستند إلى مرجعية
الإسلام بروحه الوسطية المنحازة إلى
حرية الإنسان وكرامته. الإسلام
بمقاصده المعروفة ، والتي طالما تحدث
عنها الشيخ ونّظر لها (حفظ الدين
والنفس والعقل والنسل والمال). شخصيا ، عرفت الشيخ راشد عن قرب ، فوجدته
رجلا رائعا ونبيلا ، فيه الحكمة والعلم
والتقى والزهد ، وهو لذلك كله سيبقى من
الرموز الفاعلة في ميدان الدفاع عن
قضايا الأمة في كل مكان ، إلى جانب دوره
في بناء تونس جديدة عنوانها الحرية
والكرامة. =================== ميشيل كيلو 2011-01-31 القدس العربي زودنا الحدث
التونسي بتجربة ميدانية مهمة حول
الإشكالية التي لطالما تجادلنا
كمثقفين عرب حولها : إشكالية العلاقة
بين الغرب والديمقراطية. وللعلم، فإن
مفهوم الغرب لا يعني هنا، كما في
الاقتصاد، مجمل الدول الصناعية
والمتطورة، بل يقتصر على الدول
الأوروبية والولايات المتحدة
الأميركية وكندا وأستراليا: الدول
الملقبة، أو التي تلقب نفسها،
بالديمقراطية الليبرالية والتمثيلية،
ويقال إنها محكومة برلمانيا ويسود
فيها نظام سلطة يقوم على التداول. هذه الدول، التي تود أن نعتقد أنها تضع
الديمقراطية في مكان لا تبلغه أية
ناحية أخرى من نواحي الحياة
الإنسانية، تخضع الديمقراطية، كمفهوم
وكواقع، لاعتبارات سياسية تنطلق من
مصالحها، التي تحمل طابعا كونيا لا
يتفق ومصالح القسم الأعظم من البشرية،
وغالبا ما يكون على حسابها أو ضدها.
بسبب هذا الواقع، نجد فهمهما للمبدأ
الديمقراطي محكوما، في الممارسة
العملية، بتحقيق مصالحها، المتعارضة
معه في معظم الحالات والمناطق، لكنها
لا تنفك تستخدمه أداة لابتزاز خصومها،
مهما كانوا ديمقراطيين، في حين
تتجاهله تماما أو بدرجات متفاوتة،
عندما تكون مصالحها مؤمنة. في الحالة
الأخيرة، التي تتصل غالبا بدول
حكوماتها استبدادية - أو مفرطة في
استبداديتها -، نجد الغرب يتحدث عن
الاستقرار وأهميته وحيويته، ويعتبره
مقدمة لا غنى عنها لأي تقدم، بما في ذلك
الديموقراطي منه!. على أن الاستقرار لا
يعني هنا امتناع الحكومات عن قمع
مواطنيها، أو التركيز على التقدم
الاقتصادي والاجتماعي، أو الأخذ بتطور
سياسي متوازن ومفتوح، بل له معنى واحد
هو ما أسمته مخرجة تونسية موهوبة 'صمت
القبور': أن لا يتذمر المواطنون من
حكوماتهم، أو يعترضوا عليها أو يفعلوا
ما يزعجها، أو يتذكروا أن لهم مصالح
خاصة، أو يطالبوا بعمل أو حرية أو...
ديموقراطية. ومن يتمسك بالاستقرار يتمسك عمليا
باستمرار الوضع القائم، ويرفض بالتالي
تهديده بأي حال من الأحوال أو شكل من
الأشكال، أو دخول عناصر أو قوى جديدة
إليه قد تزعزعه أو تؤثر في توازناته،
ويزداد الرفض والتمسك بالأمر القائم،
إذا كان الداخل على الخط قوة كالشعب لا
يملك أحد مفاتيح التحكم فيها أو يعرف
تضاريسها أو مداخلها ومخارجها. لا عجب
أن مفهوم الاستقرار كان موجها حتى الآن
بكل بساطة ضد الشعوب في بلداننا، وأنه
في جميع أحواله وترجماته في صالح النظم
القائمة، التي كثيرا ما تنتهج سياسات
تؤدي إلى زعزعة استقرار مجتمعاتها،
فلا يبقى لهذه أي خيار غير الرد عليها
وزعزعة استقرارها: بالاحتجاج على
سياساتها، وأشخاصها، ومواقفها،
وظلمها. ذلك يجعل للاستقرار في نظر
الغرب معنى العداء للشعوب ومطالبها
وطموحاتها، في أي بلد تؤمن سلطاته
مصالحه، علما بأن الشعب هو في كلاميات
الغرب السياسية حامل المشروع والمبدأ
الديمقراطي الرئيس إن لم يكن الوحيد!،
فلا عجب إن كانت أحداث تونس قد كشفت هذه
الازدواجية، وبينت كم هي رجعية سياسات
الغرب ومعادية للديمقراطية في البلدان
التي يضمن نظامها، وأخص بالذكر هنا
السياسة الفرنسية، كما يجسدها ويعبر
عنها الرئيس نيكولا ساركوزي، وكان
يعبر عنها بدوره رئيس فرنسا السابق جاك
شيراك، الذي زار إلى أفريقيا بعد سقوط
نظام الحزب الواحد في دول المعسكر
الاشتراكية السابق ليقول في خطبة
شهيرة خلال لقاء ضمه إلى زعماء بلدان
القارة السوداء الفرانكوفونية: أنتم
يناسبكم نظام الحزب الواحد ولا
يناسبكم التعدد الحزبي، لأنه سيحرك
تناقضات مجتمعاتكم، وسيتسبب في حروب
أهلية عندكم. أقول لا عجب أن تعرض وزير
خارجية باريس العون الأمني على نظام بن
علي في بداية الحركة الشعبية ضده، وأن
يتحدث ساركوزي نفسه عن الاستقرار في
تونس ويؤكد على أهميته، ويعرض على قائد
نظامها زين العابدين بن علي العون
المادي، بعد أن دعمه معنويا وأعلن وقوف
فرنسا إلى جانبه ضد شعبه، بينما راقبت
بقية 'الدول الديمقراطية' الغربية
الحدث بخوف، لاعتقادها أنه عارض عابر،
وأن الأمن التونسي سيتكفل بقمعه،
وسيعيد الشعب إلى بيت الطاعة الرئاسي،
خاصة بعد أن وصف صاحبه المحتجين
والمتظاهرين بالمجانين، وقال عن أول
من أحرق نفسه احتجاجا على الظلم،
الشهيد محمد البوعزيزي، بعد أن عاده في
المستشفى: إن هذا كان معروفا باهتزاز
وضعف الشخصية، وأنذر في أول خطبة
متلفزة له الشعب بأنه لن يتسامح معه،
وكرر الجملة أكثر من مرة، مما أوهم
ساسة الغرب بأنهم أمام واحدة من حركات
الجوع العادية، التي لن تلبث أن تتراجع
أو تخبو أو تقمع، ليعود الاستقرار
بعدها إلى سابق عهده، وتتواصل
العلاقات المميزة مع مستبدي تونس،
الذين سيفهمون بلا شك حرج موقف الغرب،
وسيتفهمون حتما كلمات التعاطف الكاذب
مع ضحايا الأحداث، وسيفرحون بالكلمات
الأخرى التي تحذر هؤلاء من التدخل في
حياة بلادهم العامة، لأنه عاقبته
ستكون خطيرة، بالنظر إلى 'حق نظامها
الشرعي في حماية نفسه وشعبه من
المتطرفين'!. أخيرا، لو فشل الشعب
التونسي، لكان الغرب قال له وهو يهز
سبابته، كما فعل بن علي في خطبته
الأولى - لا تكررها وإلا!. اختلف الموقف الأمريكي عن الفرنسي،
باختلاف مصالح البلدين وعمق روابطهما
مع النظام. قال الأمريكيون بعد أيام من
بداية الاحتجاجات: إنهم معجبون بشجاعة
الشعب التونسي. ولم يقولوا لزين
العابدين ما سبق لهم أن قالوه لشاه
إيران عام 1978: عليك أن تغادر بلادك!. ثم
بالأمس القريب، جاء فيلتمان، المشرف
على المنطقة العربية في وزارة
الخارجية الأمريكية، إلى تونس العاصمة
ليتدارس الوضع مع حكومتها، التي لم
تتوقف أو تنقطع التظاهرات الشعبية
ضدها، لكنها تتمسك بالسلطة رغم حركة
الاحتجاج والرفض العامة، في موقف يثير
الكثير من الريبة، ويوحي بأن ما تغير
في تونس هو الرئيس والدائرة القريبة
منه وليس النظام بمجمله، وأن النسق
السياسي الذي كان شريكا في الحكم مصمم
على الدفاع عنه، أو على كبح الحركة
الشعبية وحرمانها من ثمار الانتصار،
ومنعها من إقامة نظام يقطع تماما مع
النظام القديم، ويأخذ البلاد إلى حال
من الحريات والديمقراطية هو أول نظام
يقوم في الوطن العربي بقوة الشعب
المباشرة وبمبادرته. ولعله مما يثير الضحك والريبة أن رئيس
وزراء تونس يبرر تمسكه بالسلطة بحجة
واهية هي رغبته في خدمة الثورة خلال
مرحلة الانتقال! كأن هذه مرحلة انتقال
يراد له أن يكون محتجزا وناقصا، وليست
مرحلة انتقال كامل يجب أن يخلص البلد
من نظام الاستبداد والحزب الواحد؛
انتقال تام وتاريخي إلى نظام بديل يقوم
على أسس وركائز وقوى تجعله نقيض نظم
الاستبداد، فلا يجوز أن يقبل الشعب
خلاله أية حلول وسط أو تسويات مع ممثلي
النظام القديم، ولا بد من أن يقتلعه من
جذوره، وإلا التف هؤلاء عليه وقوضوه من
الداخل، بمعونة الدول الغربية، التي
لا تريد نظم حريات وديمقراطية في وطن
عربي يسكنه شعب يمتلك خبرة هائلة في
بناء الحضارة والدول، يمسك بأكثر
مناطق العالم حيوية من الناحية
الجغرافية / الإستراتيجية، وبثروات
وموارد لا حصر لها، سيلعب، في حال تحرر
وتوحد، أخطر الأدوار في إعادة تأسيس
النظام العالمي والتوازنات الدولية
وبناء عالم جديد. ومما يثير الشك
والريبة أن الغرب، الخائف على
الاستقرار ومن الديمقراطية، بدأ يطالب
التونسيين بالهدوء، ويلفت أنظارهم إلى
ما يسميه مخاطر فراغ السلطة، إذا هم
تخلصوا من رجال العهد القديم، فكأنه
يراهن مع هؤلاء على تحويل انتفاضة
الشعب من ثورة على نظام إلى تمرد على
رئيس وأسرته، ومن حركة ديمقراطية تريد
تأسيس تونس مختلفة، شعبية ومدنية، إلى
حركة مطالبة برفع الرواتب والأجور
وتحسين الأحوال المعيشية وحسب، بغض
النظر عن طبيعة النظام!. كان الغرب يزعم
أنه يخاف التغيير لأنه سيأتي حتما
بالإسلاميين إلى السلطة، وكان يزعم أن
الديمقراطية لن تنجح بسبب هؤلاء، وأنه
لا مجال بالتالي لتحقيقها ضد الأمر
القائم، أو حتى للنضال من أجل إسقاطه،
لأن إسقاطه سيعني عمليا تسليم السلطة
إلى الإسلام السياسي، أيا كانت الجهة
التي ناضلت ومهما كانت درجة علمانيتها
وتقدميتها ومدنيتها. الاحتجاج على
الأمر القائم لا يفيد في المحصلة
النهائية غير الإسلام السياسي، أي
التطرف والعنف ومعاداة الديمقراطية
والديمقراطيين، فلا بد أن يتعقل
الديموقراطيون ويقلعوا عن خدمة التطرف
الإسلامي من حيث لا يعلمون أو يريدون.
هذا هو منطق الغرب وهذه هي نظرته
المضمرة إلى الأمور عندنا. واليوم،
قوضت تونس هذه الأوهام من أساسها،
وبينت أن تبني الغرب نظرة نظم
الاستبداد إلى مجتمعاتها كان خطأ
فادحا، وأن خطر الإسلاميين ليس بالحجم
الذي تتوهمه سياسات الغرب، فهم ليسوا
خيارات مجتمعاتنا حتى يكونوا كلمتها
النهائية، وليسوا من حرك الأحداث
التونسية أو أطلقها أو تصدرها أو مثل
القوة الرئيسية فيها، رغم مزاعم نظام
بن علي وغيره، التي بالغت كثيرا في
خطرهم الداهم وقوتهم الكاسحة، وقالت
إنهم البديل الوحيد للأمر القائم. وللعلم، فإن قدرات الإسلاميين مرتبطة
بتوطد الاستبداد، وترسيخ سياساته،
الأمنية منها خاصة، ونجاحه في تهميش
شعوبه وتجويعها واحتقارها وتخوينها،
وفصلها عن التراث الفكري والسياسي
الديمقراطي والعلماني، وأن الشارع لم
يكن للإسلاميين في تونس، وهو ليس لهم
في غيرها بالضرورة، ليس لأن النظم التي
ولدتهم ورعتهم وأتاحت لهم جميع مقومات
النمو من أبنية تحتية ووسائل إعلام
وحريات، والتي تمعن في توليدهم،
تضبطهم بواسطة القمع، بل لأن مشكلات
المجتمعات العربية الراهنة تتخطى أي
منظور مذهبي أو ديني، ولأن الشعب الذي
وحده الاستبداد لن تفرقه الحرية
والديمقراطية، أو تضعه بعضه في مواجهة
بعضه الآخر، أو تدفعه إلى خوض حروب
أهلية داخلية، خاصة وأن الحرية هي
الحاضنة التي ستخرجه من الاحتجاز
السياسي والاجتماعي الاستبدادي
والقمعي، وستتيح له خيارات وسبلا
مفتوحة على شتى الاحتمالات، لا شك في
أنها ستتيح للإسلاميين حق التعبير عن
رؤاهم والطموح إلى تحقيق أفكارهم،
لكنها لن تمنع غيرهم، بالمقابل، من
العمل في سبيل ما يسعى إليه ومن إقناع
الشعب بأحقيته، فالحرية ساحة متنوعة
الممكنات، يفسح إحرازها المجال واسعا
أمام انخراط سائر القوى الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية والثقافية في
الصراع من أجل المجتمع الذي تريده،
بينما تقوم ممارسة الديمقراطية على
التنافس السلمي والحوار والندية
والفرص المفتوحة والمتكافئة، ولا تقوم
على القمع والقتل والإرهاب، أو على
الرؤية الواحدة والحزب الواحد والحاكم
الأبدي الوحيد!. هل سيغير الغرب مواقفه بعد تونس؟. هذا
مستبعد، لكن مواقفه لم تعد مهمة على
أية حال، بعد أن أثبتت ثورة تونس أن
عصرا عربيا جديدا يولد مباشرة من رحم
الشعب، وأن من كنس الاستبداد ونظامه
قادر على فرض رؤيته ونهجه، الديمقراطي
تحديدا، على الغرب ونظمه المنافقة! ' كاتب وسياسي من سورية =================== د . محمد صالح المسفر 2011-01-31 القدس العربي (1) ما أن اقترب الشعب التونسي الثائر على
الظلم والطغيان وجور الحاكم ورهطه من
تحقيق أهدافه النهائية في إقامة حكم
صالح بعيدا عن بيروقراطية النظام
المنحل حتى فاجأتنا الجزيرة بكشف
المستور في تعاون السلطة في رام الله
مع الكيان الإسرائيلي على مستقبل
الشعب والأرض في فلسطين ولاجئي الشتات.
وثائق 'كشف المستور' لم تكتمل فصولها
على شاشات التلفزة العربية والدولية
نظرا للمفاجأة التي فاجأنا بها شعب مصر
العظيم إنها ثورته الباسلة في وضح
النهار تطالب برحيل نظام الفساد
والمحسوبية والتزوير والاستبداد
والإثراء غير المشروع . إن غضب الشعب المصري العظيم ضد حكامه
وعملائهم، الفاسدين والمفسدين، أحدث
زلزالا سياسيا واجتماعيا في كل أرجاء
المعمورة، الإدارة الأمريكية انشغلت
بما يجري في مصر الكنانة وأصدرت بيانات
متلاحقة كان آخرها ما يوحي على لسان
الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته
بالإنذار النهائي لرأس النظام في شرم
الشيخ بالرحيل عن قمة هرم السلطة
استجابة لإرادة الشعب المصري، وتوالت
الإنذارات والنصائح 'لفرعون مصر' من
قبل ألمانيا وفرنسا وغيرهما بان هذا
النظام القائم في شرم الشيخ انتهت
صلاحيته وعليه أن يرحل. مظاهرات
التأييد الشعبية لثورة الشعب المصري
العظيم امتدت من أمريكا إلى لندن
وباريس وبرلين واسطنبول وبيروت وتونس
والدوحة وأماكن أخرى من عواصم الدنيا،
تطالب في الاستمرار في المسيرات
والمظاهرات السلمية في جميع أنحاء مصر
وخاصة بعد أن أراق هذا النظام وزبانيته
دماء الأبرياء في الشوارع حتى يتم
الخلاص من الظالمين والفجار الذين
حكموا هذا الشعب الأرض، كم كنت أتمنى
أن أرى أبو الغيط وزير خارجية شرم
الشيخ المقال بعد أن اجتاحت ثورة الشعب
المصري الحبيب كل مدن وقرى وأرياف مصر
تطالب برحيل رأس النظام لكي اذكره
بقوله 'إن انتقال عدوى ثورة الشعب
التونسي إلى مصر كلام فارغ' واسمع منه
ما سيقول بعد أن أطاحوا به . ( 2 ) نعرف جميعنا أن الدول لها جيش وطني يحمي
حدودها من كل عدو متربص، ونعرف أن لها
قوات امن تحافظ على امن الوطن والمواطن
من أي عبث قد يحدث، نعرف أن للدول جهاز
مخابرات وجهاز مباحث عامة الأول يهتم
بما يأتي من الخارج والثاني يهتم بما
يحدث في الداخل من عبث وملاحقة
المجرمين وتجار المخدرات ومهربي
الأموال واللصوص، لكن تعلمنا من أحداث
تونس ومصر وصنعاء أن معظم الحكام
الظالمين لهم جيوش سرية تتكون من 'البلطجية'
ومن بين رجال الأمن وحراس القصور الذين
سرعان ما يخلعون زيهم العسكري ويندسون
بين المواطنين الثوار لكي يبثوا بينهم
الرعب والخوف، بين صفوف الجماهير
الغاضبة على تلك الأنظمة الفاسدة. حدث
ذلك في تونس وحدث أيضا في مصر يوم جمعة
الغضب الوطني . ( 3 ) لكن سرعان ما تنبه الشعب الثائر في تونس
والقاهرة لتلك العصابة المجرمة وراح
يلاحقهم ويقبض عليهم ويسلمهم لجهات
الاختصاص. لقد شكل الثوار لجانا شعبية
لإدارة المرور وحماية المؤسسات العامة
والمحلات التجارية والأحياء السكنية
من عبث جيوش النظام السرية بعد أن فر
امن النظام من غضب الشعب إنها ظاهرة
تستحق التقدير . لقد ضرب الجيش التونسي والجيش المصري
أروع الأمثال في الانضباط العسكري
وتنفيذ عقيدته العسكرية بأنه جيش
الشعب للشعب لا عليه. لم يطلق الجيشان
طلقة واحدة ضد أي مواطن يعلن عن رفضه
لبقاء النظام الفاسد في سدة الحكم،
نريد أن تعمم تلك العقيدة الأخلاقية
الراقية بين جيوش الأنظمة العربية،
نريد جيوشنا أن توجه قوتها وعنفها على
أي عدو عبر الحدود لا حماية لحكام
ظالمين مستبدين مفسدين. نريد رجال
الأمن في كل أرجاء الوطن العربي أن
يصطفوا إلى جانب الشعب لا إلى جانب
السلطان الجائر. لقد شاهدنا في سماء القاهرة أن النظام
الذي يترنح تحت زئير شعب الكنانة أمر
طياريه مستخدما طائرات (اف 15، 16)
الحربية لترعب المواطنين في ميادين
تجمع الثوار في كل المدن المصرية، إنها
كانت تحلق على ارتفاعات منخفضة لإثارة
الرعب بين الناس، وراح يسلط طائراته
الحوامة (هليكوبتر العسكرية) فوق رؤوس
المواطنين انه أسلوب الجيش الإسرائيلي
لا أسلوب جيش مصر العظيم ، وعليه فإننا
نهيب بكل طياري مصر العسكريين بعدم
ترويع أهلهم وابنائهم وإخوانهم
المتظاهرين في كل أرجاء مصر مطالبين
بالإصلاح ومحاربة الفساد وإنها دور
الظالمين في سدة الحكم. آخر القول: نناشد كل قوى الامن في كل الدول
الظالمين حكامها ان يخافوا الله في
تعاملهم مع مطالب الشعب في الحرية
والعدالة والمساواة، لا تضربوا لا
تقتلوا اخوانكم في الدين والوطن من اجل
حماية حاكم ظالم، واعلموا ان العاقبة
للمتقين. =================== النظم العربية... وكشف
المستور! الثلاثاء, 01 فبراير 2011 مصطفى الفقي * الحياة لم يعد هناك سرٌ في هذا العالم. السماوات
مفتوحة والفضائيات تملأ الدنيا صياحاً
وضجيجاً حتى أصبحت الخصوصية جزءاً من
ذكريات المجتمعات وماضي الدول، وأنا
أظن أن حفظ الأسرار أصبح عملية موقتة،
إذ أن النهاية تكون دائماً للإفصاح
والشفافية والعلانية والولاء للحق
والحقيقة. ولا شك في أن التقدم
التكنولوجي وثورة المعلومات وتقنيات
الاتصال الحديث وتقدم أجهزة الرصد
والتصنت قد أضحت كلها أدوات عصرية
للتعامل مع الخبر والتقاط المعلومة،
لذلك فإن الحديث عن السرية الكاملة
والوثائق المحصنة والمعلومات
المحفوظة والأخبار التي يجري حجبها
أصبحت كلها في ذمة التاريخ، بل إن ما
نشهده في السنوات الأخيرة هو تأكيد
لحالة جديدة من الانفتاح الإعلامي
وسرعة تداول المعلومات وانتشار
الأخبار حتى تساءل البعض: هل هذه نعمة
أم نقمة على إنسان العصر؟ فما أحوجنا
في عالمنا العربي أن نتلمس الوصول إلى
أساليب حديثة للتعامل مع هذه الحقائق
الجديدة التي أفرزتها تكنولوجيا
اليوم، ولعلنا نقتحم هذا الموضوع من
خلال المحاور التالية: أولاً: إن الولاء - كل الولاء - أصبح موجهاً
الى المواطن العادي في أصغر قرية من
أبعد دولة في العالم اليوم. وواقع
الأمر أن الفلسفة الأصلية للإعلام هي
أنه يتجه بولائه الكامل للمستهلك
الحقيقي للمعلومة والمنتظر الأساسي
للخبر من خلال المواطن العادي قبل سواه.
لذلك فإن الكاتب الصحافي الأمين
والإعلامي الرشيد إنما يضع في اعتباره
دائماً أن الخدمة موجهة لذلك المواطن
بالدرجة الأولى وليست موجهة للحكام أو
المسؤولين، لأنه مندوب البسطاء
والمهمشين قبل أن يكون مبعوثاً للساسة
أو أصحاب النفوذ ومالكي الثروة أو
حائزي السلطة. تلك هي الفلسفة الأصلية
التي يقوم عليها الإعلام المستنير
والذي يلعب دوراً ضخماً في حياة البشر. ثانياً: لم يترك التقدم العلمي والتفوق
التكنولوجي مساحةً أمام سرية
المعلومات أو إخفاء الحقائق، لذلك فإن
ازدواجية الشخصية العربية أحياناً
أصبحت موضع اهتمام ومثار جدل، فنحن أمة
نقول غالباً ما لا نفعل ونفعل دائماً
ما لا نقول! لذلك فإن كشف المستور
وأساليب الإفصاح الجديدة وأدواتها
الحديثة ستضع كثيراً من المسؤولين
العرب في وضع غير مريح، لأنهم سيكتشفون
أن الأسرار عارية وأن ما يقال في «الكواليس»
أصبح يعلن مباشرة على «المسرح»، ولا شك
في أن التطورات التي طرأت على
تكنولوجيا المعلومات أصبحت تلزم جميع
الأطراف بالصدق لأن كل شيءٍ يجري الكشف
عنه ولو بعد حين. إننا أمام نقلةٍ نوعية
غير مسبوقة في وسائل الاتصال وطرق نشر
المعلومات. ثالثاً: إننا نعيش جميعاً أصداء ما أحدثه
موقع «ويكيليكس» الإلكتروني وما نجم
عنه من دويٍ هائل في الأوساط الدولية
المختلفة حتى تردد أخيراً أن وراء
انتفاضة الشعب التونسي الباسل بعض ما
جاء من هذا الموقع حول النظام السابق
هناك، بل إنني أظن
واعياً أن
ما نشره ذلك الموقع حتى الآن قد أحدث
اضطراباً في العلاقات الدولية
والإقليمية وصنع أزمة شك واضحة بين بعض
الأطراف المتصارعة في عالم اليوم. إنني
أزعم أن نمط الديبلوماسية العالمية
بعد قصة «ويكيليكس» يختلف عمّا كان
قبله. رابعاً: لقد وقف الفلسطينيون على أطراف
أصابعهم في الأسابيع الماضية وهم
يتابعون ذلك الكم الكبير من المعلومات
حول التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي،
والتي نشرتها قناة «الجزيرة» في
محاولة منها لإدانة حركة «فتح»
وقادتها بل ومنظمة التحرير الفلسطينية
ذاتها، وبغض النظر عن صدقية ما جرى
نشره إلا أنه يمثل ضربة قوية لصدقية
الطرف الفلسطيني المفاوض ويفتح باباً
للتجريح في ظل الانشقاق الفلسطيني
القائم. خامساً: قد يتصور البعض أن زيادة حجم «المعلوم»
في ظل الانفتاح الإعلامي المعاصر يعني
بالضرورة انحسار مساحة «المجهول» في
ذات الوقت وواقع الأمر يدل على غير
ذلك، إذ ما زلت أتذكر محاضرة لي كنت
ألقيتها منذ سنوات في دار الأوبرا
المصرية خلال لقاء فكريٍ جامع احتشد
فيه عدد كبير من أهل الرأي وأرباب
المعرفة، وأتذكر ليلتها أن المفكر
الإسلامي الكبير محمد عمارة قد أجرى
مداخلة للتعليق على هذه النقطة
تحديداً، موضحاً أن زيادة حجم المعلوم
تعني تلقائياً زيادة حجم المجهول
أيضاً، فكلما عرف الإنسان جديداً أدرك
أن ما يجهله أكبر بكثير مما كان يتوهم،
فكلما عرف الإنسان أكثر شعر بجهله على
نحو أوضح! سادساً: إننا نتساءل ومعنا
جمهرة كبيرة من أصحاب الرأي وذوي
المعرفة عمّن
يقفون وراء حالة الإفصاح الدولية التي
طرأت في الشهور الأخيرة فنحن لا نظن
أنها نوع من فرط الشفافية أو يقظة
الضمير أو نوبة من «الأخلاق الحميدة»
أصابت المجتمع الدولي، بل إننا نظن
أنها عملية موجهة تقف وراءها عقول
واعية بما تفعل لأنها تستهدف ما تريد
وكأنهم يقولون للعالم: إننا لا يخفى
علينا سر ولا تغيب عنا معلومة، وأن
جدران حجراتكم المغلقة لن تحمي
أسراركم بعد اليوم، فأنتم مكشوفون لنا
ولن يكون هناك في الخفاء ما يغيب عنا،
لذلك فإنني لا أستبعد أن يكون وراء هذه
المجموعات جهاز استخبارات قوي لدولة
مثل الولايات المتحدة الأميركية بل
ربما إسرائيل أيضاً، إذ أن حجم الوقيعة
بين «فتح» و «حماس» قد بدأ يزداد بعد
تسريب معلومات عن مفاوضات جماعة محمود
عباس مع الجانب الإسرائيلي، فبدأت
الهوة تتسع والتراشق يزداد. سابعاً: إننا لا نشك لحظة في أن «كشف
المستور» دولياً بوجه عام وعربياً
بوجه خاص، إنما هو رسالة يجري توجيهها
لتحريك الأمور بل وخلق الاضطرابات
وإثارة البلبلة بين صفوف الجماهير في
محاولة لاقتلاع بعض النظم أو هز الثقة
في بعضها الآخر بل وربما لاستبدالها
بأنظمة جديدة يرون فيها بديلاً أفضل من
زوايا مختلفة، ونحن لا نأخذ الأمر
ببساطة كما لا نتناوله سطحياً بل نحسب
أن وراءه الكثير وسيكشف المستقبل عن
الدوافع الحقيقية لهذه المواقف
الخبيثة والمبادرات الغريبة مع
إيماننا المطلق بحق المواطن العادي في
أن يعرف كل شيءٍ عن سياسة بلاده
وتصرفات ساسته واستشراف مستقبل
الأجيال القادمة. هذه بعض الرؤى حول موضوع بدأ يطرح نفسه
بشدة على الساحتين الدولية والإقليمية
بل وينذر بحدوث انشقاقات داخل الدول
وتصدعاتٍ بين الجماهير، لأن ما يجري
يبدو مخططاً له لتحقيق أهداف معينة،
وأود أن ألفت النظر هنا الى أننا لسنا
ضد الشفافية والإفصاح والبوح بكل ما هو
كامن في الصدور شريطة أن يكشف ذلك عن
أنواع العفن في بعض العقول ويدل على «السوس»
الذي ينخر في عظام المجتمع الدولي.
ولكن الأمر لا يبدو كذلك فهناك دوافع
مختلفة وتوجهات متعددة توحي بغير ذلك.
إننا مع حق الجماهير في المعرفة ومع
المواطن العادي في تطلعه للتعرف الى ما
يدور حوله أو يحاك له ولكننا نبدي
حذرنا الشديد من مواقف غير مفهومة
ودوافع غامضة لا نستطيع أن نصل منها
إلى مصلحة الشعوب أو تحقيق الأمن
القومي للدول والغايات النهائية للأمم. * كاتب مصري =================== الثلاثاء, 01 فبراير 2011 جهاد الخازن الحياة تلتقي أحداث تونس مع الأحداث التالية في
مصر في أن ثورة شعبية عصفت بكل من
البلدين، غير أن الثورة نجحت في تونس
لأن انقلاباً عسكرياً رافقها بتأييد
قيادة الجيش الشارعَ ضد الرئيس، أما في
مصر فالجيش لا يزال يؤيد الرئيس حسني
مبارك الذي سيبقى ما استمر التأييد. الرئيس مبارك عيّن عسكرياً نائباً له،
وعسكرياً آخر رئيساً للوزراء. ولا يمكن
فصل القرارين عن محاولة الرئيس كسب
ولاء الجيش، أو تقديمه أهمية هذا
الولاء على ثورة الشارع على حكمه. بعض مشاكل الرئيس من صنع يديه فهو كان
يستطيع مكافحة الفساد، بل جعل مكافحته
شعاراً يلتف الناس حوله، والفقير يرى
مظاهر البذخ فوقه، وهو لا يعرف من أين
سيأتي قوت يومه أو غده. والرئيس كان
يستطيع أن يطلق الحريات المدنية، بدل
الاستمرار في العمل بقانون الطوارئ
منذ 1981، أي على امتداد ثلاثة عقود
متتالية. ونقول «غلطة الشاطر بألف»، وكانت غلطة
الرئيس مبارك الانتخابات النيابية
الأخيرة، فعدم فوز الإخوان المسلمين
بأية مقاعد لا يعني سوى أن الانتخابات
مزورة، وفي حين أنني شخصياً لا أريد أن
يحكمني شيخ الأزهر أو بابا
الإسكندرية، فإنني فوجئت بنتائج
الانتخابات وكتبت أن من غير المقعول أن
يعجز مرشحو الإخوان المسلمين عن
انتزاع مقاعد كثيرة. هذه الخسارة ذكّرتني بكلام ينسب الى
الرئيس ليندون جونسون، فهو ثبت ج إدغار
هوفر رئيساً لمكتب التحقيقات
الفيديرالي (إف بي آي) رغم سوء سمعته
والشك في قانونية بعض تصرفاته، وقال
جونسون رداً على المنتقدين: «من الأفضل
أن يكون (هوفر) داخل الخيمة ويبوّل الى
الخارج، بدل ان يكون خارج الخيمة
ويبوّل الى الداخل». الإخوان المسلمون قبلوا ان يخوضوا
الانتخابات الأخيرة التي قاطعتها
أحزاب عدة، ولو أنهم فازوا بمقاعد
لكانوا أقل حدة في المعارضة، أو نشاطاً
في تحريك الشارع ضد الرئيس والحكومة. هذه الحكومة كانت ناجحة في العمل الذي
شُكلت من أجله، وهو التركيز على
الاقتصاد، إلا أنها دفعت ثمن أخطاء
الحكم، وأخشى الآن في الفوضى القائمة
أن تضيع الإنجازات الوحيدة للنظام في
السنوات الأخيرة، فرأس المال الأجنبي
قد يهرب خوفاً، والاستثمارات الأجنبية
المتوقّعة ستتوقف إذا لم يعد
الاستقرار بسرعة، والبورصة ستخسر،
وحركة البناء ستنتكس، وقد تتبعها
إفلاسات للشركات والأفراد. وإذا كان كل ما سبق لا يكفي فهناك التدخل
الأميركي السافر في الشؤون الداخلية
لمصر، فمنذ بدء الاضطرابات وأنا أسمع
تصريحات مصدرها واشنطن تقول للرئيس ما
يجب أن يفعل أو لا يفعل، مع طلبات
للإصلاح كأن الطالب ناخب مصري، ومع هذا
كله حديث عن قطع المعونة السنوية لمصر
أو خفضها. أولاً المعونة ليست لمصر، وإنما هي
لإسرائيل لتبقى مصر في عملية السلام،
وثانياً إذا كان حسني مبارك يواجه
مشاكل، فإن سبب نصفها على الأقل يعود
الى ان شعبه يراه في حلف مع أميركا وهو
لا يثق بالسياسة الأميركية، حتى مع
وجود رئيس معتدل من نوع باراك أوباما،
وثالثاً، فالدفاع الأميركي عن الرئيس
مبارك يؤذيه عند غالبية شعبه للسبب
الوارد في النقطة السابقة. نقرأ ان الذي ينسى درس التاريخ محكوم عليه
بإعادته، وإذا نسي الأميركيون درس
ايران سنة 1979، فهم سيواجهون مثله في
مصر سنة 2011، لأن أي نظام سيخلف نظام
حسني مبارك سيكون بعيداً عن السياسة
الأميركية ان لم يكن معادياً لها، وفي
حين انني لا أتوقع أن يحكم رجال الدين،
أو الإسلاميون من نوع الإخوان
المسلمين، مصر، فإنني أخطأت في
السابق، وربما أكون مخطئاً مرة أخرى،
وإذا حكمت الجماعات الدينية في مصر فهي
ستكون على عداء مكشوف مع الولايات
المتحدة وإسرائيل. أسجل هذا الاحتمال من دون أن أرجحه، وإنما
أرجح أن يكون الدور الأكبر في ادارة
البلاد مع الرئيس حسني مبارك أو من
دونه للقوات المسلحة المصرية، فهي
الجناح الأكثر قدرة وفاعلية وتماسكاً
في مؤسسة الحكم، ومدير مكتب «الحياة»
ومساعدوه كانوا في افتتاح البرلمان
الأسبق عندما غاب الرئيس عن الوعي 20
دقيقة، ورأوا بأم العين أن جميع
الاتصالات الخارجية والواردة في
العشرين دقيقة تلك كانت مع المشير حسين
طنطاوي، وزير الدفاع، ولا أحد غيره. هذه القوات المسلحة تظل ضمانة لحاضر مصر
ومستقبلها. =================== عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 1-2-2011 أي فجر سيشرق على مصر، هل تكون انتفاضة
يلتسين في روسيا، أو تحولات الصين
السياسية، أم ثورة آية الله الخميني في
إيران؟ الوقت سيجيب عن هذه التساؤلات المهمة،
وبعيدا عن المراهنات يمكن أن نقول:
الاحتمالات كلها ممكنة، مع اعتقادي أن
الثالث، أي الثورة الشاملة على غرار
إيران بات شبه مستبعد. فالنظام،
وتحديدا القطاع العسكري، تمكن من
الانتشار والإمساك بالمفاصل الأساسية
للبلاد. ولو افترضنا أن الأيام المقبلة
برهنت العكس وتهاوت الأركان بما فيها
القوة العسكرية، وتغير النظام فإننا
أمام مصر مختلفة تماما، تشابه حقا
إيران في ثورتها عام 79. وهذا السيناريو
البعيد الاحتمال تماما مرهون بدوره
بأن التغيير يحدث داخل القيادة
العسكرية وليس من خلالها، أعني أن
قيادتها الحالية تفقد السيطرة. أمر لم
أسمع أحدا تخيله بعد، لهذا يكاد يكون
أمرا مستحيلا. الحقيقة إن القوات المسلحة هائلة،
والقوات التي نزلت إلى شوارع القاهرة
لم تكن الجيش، بل لواء رئاسي واحد. أيضا
النظام المصري كبير رغم الانهيار
السريع لأجهزة الأمن، والذي فاجأ
الجميع، وأعتقد أنه فاجأ القيادة
المصرية نفسها. فهو يملك واحدا من أكبر
الجيوش الأمنية في العالم، مليون
وأربعمائة ألف فرد. وربما من حسن حظ
الجميع أن الأمن المصري انسحب وترك
الساحة لأن هذا حال دون الصدام وحقن
الدماء. ظهر أن الرئيس حسني مبارك ليس مثل الرئيس
التونسي زين العابدين بن علي الذي هرب
فورا، لكن الأزمة مستمرة، وتطورات
الأيام السبعة الماضية تجعلنا أمام
احتمالين كليهما يعني بقاء النظام مع
تغيير في رأسه أو في سلوكه. وهناك
احتمال رابع، وهو أن قصر عابدين
سيستأنف أعماله لاحقا كالمعتاد، وهذا
أمر مستحيل اليوم ولا يستحق حتى نقاشه
هنا. ورغم الحرائق والنهب والسلب والغضب، فأنا
متفائل كثيرا من أن مصر في الحالتين
الأخريين ستخرج من الأزمة أقوى من أي
يوم مضى. إنه تعافي الرجل المريض، وهذا
له ثمنه الباهض بالتأكيد. أعني
الاحتمالين الوسط. فالاحتمال الذي
يتنبأ بأن القيادة المصرية، ومعنى
كلمة القيادة هنا المدنية والعسكرية
والقوى السياسية المرتبطة بالحكم،
ستستطيع التوصل إلى حل وسط بتغيير
قيادي بالتراضي. أعني نصف التغيير،
بمعنى أن الرئيس يقبل بنهاية رئاسته
بصيغة معقولة ومحترمة تؤمن انتقالا
دون تصدع النظام الكامل، وسيفسح
المجال لدخول الكثيرين داخل المظلة
نفسها. وهناك سيناريو التغيير الناعم الذي يقود
إلى تغيير السلوك الرئاسي لا الرئيس.
وفي الحالتين مصر ستخرج أقوى سياسيا،
لأن الجميع في الداخل والخارج سيعتبره
انتصارا، وعليه أن يتعامل مع مصر
الجديدة، ستكون مصر أقوى داخليا. مشكلة
مصر لم تكن قط خارجية، فسياسة مبارك
الخارجية لم تتورط في مغامرات كبيرة،
لا حروب ولا مشاريع سياسية أجنبية
مكلفة كما كان يحدث في عهد عبد الناصر،
مواقف أعطت مصر بعدا دوليا مهما، وأي
قيادة تبقى أو تأتي لن تغير في سياستها
هذه. ويبقى التغيير داخليا، وهنا توجد
مساحة هائلة ستكون محل جدال ونقاش لكن
لا يستطيع المصريون هذه المرة الشكوى
من التوريث أو التنفيع، فقد كان درس
الجمعة بليغا. =================== لبنان: الاغتيال الثاني
للراحل الحريري غسان الإمام الشرق الاوسط 1-2-2011 الإخراج سوري. الإنتاج والتنفيذ ل«حزب
الله» الإيراني. المطلوب طربوش سنّي. اعتذر عمر كرامي. فقد
كان الدور غير مناسب لرجل اغتيل شقيقه (رشيد)
في ظروف مماثلة لاغتيال رفيق الحريري. كان البديل جاهزا: سني. ديمقراطي من
هارفارد، كي لا تعترض أميركا عليه.
نجيب ميقاتي ليس بطربوش. لكن الإغراء
كبير. تَمَّ تخجيله بدعم ترشيحه.
المطلوب منه أن يترأس حكومة «الانقلاب»
الدستوري الذي أطاح بحكومة سعد
الحريري، وبأكثريته النيابية. للحكومة الميقاتية مهمة واحدة: إرضاء «حزب
الله» باستقالة لبنان من محكمة
الحريري الدولية. يا للتوقيت الميقاتي
غير المناسب! فقد كان حكومته الأولى هي
التي أمرت باتخاذ الإجراءات القضائية
الأولى لملاحقة قتلة الحريري. المطلوب
اليوم أن تبصم حكومته الجديدة إجراءات
تعطيل العدالة الدولية. إجراءات هي
بمثابة الاغتيال الثاني للراحل
الحريري. في سورية ولبنان، مثل شعبي يقول: «ذهبت
السكرة وجاءت الفكرة». زار ميقاتي دمشق.
جدّد قديم الهوى مع الجارة. قبل بالدور.
ثم قرأ السيناريو. فأصيب بالتردد!
المخرج والمنتج يستعجلان تطويبه رئيسا
للحكومة، قبل 14 شباط (فبراير)، الذكرى
السنوية السادسة للاغتيال، وقبل صدور
القرار الظني الدولي المرجح أن يتهم
رجال «حزب الله» بتصريف الخصم القديم. ميقاتي لا يعترض على الانقلاب. فقد كانت
الإجراءات الانقلابية دستورية. لكن
يستصعب الدور والمهمة. بات يقول: لا
انسحاب من المحكمة، إلا بوفاق سياسي (شبه
مستحيل) بين أكثرية حزب الله (الانقلابية)
والأكثرية الحريرية التي باتت أقلية. لا شك أن ميقاتي استفاد من هشاشة تماسك
الأكثرية الحريرية. واستفاد من
المزاجية الشعبية السنية المتقلبة،
خصوصا في طرابلس موطن ميقاتي وحليفه
البارز محمد الصفدي، حيث تركز الهمس ضد
حكومة سعد الحريري، بالزعم بأنها تقدم
صراعها من أجل العدالة، على قضايا
الحياة اليومية، وفي مقدمتها غلاء
الأسعار الفاحش. والبطالة المتحكمة في
أمل الأجيال الجديدة. حرفة ميقاتي جعلته يطرح شعارا «وفاقيا»
لحكومته. كان رد الحريري: لا عودة
للتجربة الحكومية الوفاقية. فقد استغل
حزب الله وحلفاؤه امتياز «الثلث
المعطل» لإسقاط الحكومة. ولا مشاركة
حريرية في الحكومة الميقاتية، إلا إذا
تعهد رئيسها، سلفا، بعدم الاستقالة من
المحكمة. «فيتو» الحريري الذي قد يتبعه فيتو
حلفائه، سيضطر ميقاتي إلى تحييد
حكومته سياسيا، بتشكيل حكومة بيروقراط
/ تكنوقراط. ستكون على الأرجح مؤقتة.
وضعيفة سياسيا. هذه الحكومة من السهل
الضغط عليها، لتمرير قرار الانسحاب من
المحكمة الدولية، في البرلمان، ببركة
ومساعدة نبيه بري حامل أختام القبة
البرلمانية. اضطرت السعودية إلى الانسحاب من الجهد
المشترك مع سورية، للوصول إلى تسوية
متوازنة في لبنان. فلا يموت الذئب
بملاحقة المحكمة الدولية له. ولا يفنى
غَنَمُ الأكثرية الحريرية. ولا تتعطل
العدالة الدولية، بعدما تثبت استحالة
إلغاء شرعيتها ومهمتها، حتى ولو انسحب
لبنان منها. باتت صناعة السينما حرفة سورية بامتياز.
لكنها أثارت شكوك السعودية. ففيها كان
الإخراج الثنائي المشترك للتسوية
جاريا في مساره، كان هناك مسار سوري
آخر استهدف سحب نواب وحلفاء من
الأكثرية الحريرية المدعومة سعوديا. ربما وجدت سورية في اختصار الأكثرية
الحريرية حائلا يمنع «حزب الله» من
تقويض اللعبة الديمقراطية اللبنانية
بقوة السلاح. غير أن استقلالية الدور
السوري، في هذا المجال بالذات، من دون
استشارة الشريك السعودي، هو الذي حفز
القيادة السعودية، إلى الاستقالة من
الدور الثنائي. على أية حال، الانسحاب
السعودي لم يعطل الدور السوري. بل إلى
الآن، لم يُلْغ العلاقة الايجابية مع
سورية، وإن طبعها بطابع بالغ الصعوبة
في لبنان. وهكذا، فسورية تعود اليوم إلى لعب دور
عربي نافذ ومتفرد في لبنان. المغامرة
كبيرة، بحيث تهدد نجاح سورية في الخروج
من العزلة التي فُرضت عليها، بعد
اتهامها الأولي باغتيال الحريري. هناك
خياران أمام أميركا وأوروبا في
التعامل مع الظهور السوري المتجدد في
لبنان والمنطقة: إدارة أوباما راغبة في
الحوار. وإن كانت عاجزة عن فرض انسحاب
إسرائيلي من الجولان، يُعفي سورية من
مسايرة إيران وحزب الله في لبنان
والمنطقة. أما فرنسا فقد اقترحت لجنة حكماء دولية،
كمظلة واقية لاستقلالية لبنان.
فَوَّضَتْ تركيا وقطر الاقتراح
الفرنسي لصالح الاحتكار السوري
المتجدد في لبنان. ولعل قبول أميركا
وأوروبا، بدستورية الحكومة
الميقاتية، موقوت بقدرة سورية على لجم
حليفها حزب الله، عن استكمال هيمنته
على النظام اللبناني. هل هناك علاقة للأحداث اللبنانية بأزمة
النظام الجمهوري العربي؟ تبلغ الصلافة
ب«حزب الله» إلى درجة شَنِّهِ حملة
شعواء على النظام العربي في محنته
الراهنة. ينسى الحزب، الذي يشبِّه زحفه
للهيمنة على النظام اللبناني
بالانتفاضة التونسية، أنه هو نفسه
امتداد خارجي لنظام إيراني. نظام «قمع»
انتفاضة إيرانية شعبية واسعة، بإهراق
الدم. بالإعدام. بالاعتقال، للتجديد
لراعيه نجاد، وإسباغ معصومية الفقيه
على تزييف الانتخابات. بل يمكن اعتبار انتفاضة الشارع السني
اللبناني ضد «نظام» حزب الله الذي يجري
فرضه على الديمقراطية اللبنانية،
بمثابة جزء لا يتجزأ من انتفاضة الطبقة
الشعبية العربية الجديدة الراغبة في
حياة أفضل. إذا كانت هذه الطبقة الشبابية تدخل في
مواجهة مع النظام الجمهوري العربي
الذي لم يعرف باكرا، مع الأسف، كيف
يكتشفها. ويحتضنها كقاعدة شعبية له،
فهي أيضا تكشف، لأول مرة منذ رواج
تنظيمات الإسلام السياسي، عن رفضها
للشعارات الغيبية، وللحلول الجاهزة
التي تطرحها هذه التنظيمات. الطبقة الشعبية الجديدة لا يمكن لها أن
تستمر في السباحة في فراغ يؤدي بها إلى
الفوضى والعنف. كما بدا في بعض سلوكيات
الانتفاضتين التونسية والمصرية. لا بد
لها من أن تصوغ خطها. أن تشكل قيادة لها.
أن تحتل موقعها المستقل في الحراك
الاجتماعي. لتحقيق ذلك، لا بد من تسييس هذه الطبقة
الاجتماعية الشابة (ثلثا المجتمعات
العربية دون الثلاثين من العمر)،
لبلورة نهج خاص بها. يحفظ لها براءة
عذريتها. ويؤكد دورها السلمي في
المجتمع. ويمنع محاولات استيعابها
واحتوائها، سواء من ليبرالية البرادعي
المغتربة، أو من الحركات الغنوشية.
والإخوانية التي أثبتت عدم قدرة
قياداتها العجوزة عن تكييف منطلقاتها
مع العصر، هذا العجز الذي أدى إلى
اختفاء اللحى في الشارع الشبابي
الملتهب. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |