ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
طاهر العدوان 2011-02-09 العرب اليوم في احدى برقيات ويكيليكس, تعود الى عام 2008
، ان قادة اسرائيل يفضلون ان يخلف عمر
سليمان الرئيس مبارك عندما تنتهي
ولايته الحالية (في ايلول من العام
الحالي). اما في النيويورك تايمز, يوم
امس, فقد جاء ان عمر سليمان متمسك بان
يبقى مبارك في السلطة الى آخر رئاسته.
كما انه يرى ان مصر ليست مستعدة بعد
للديمقراطية, كما انه يعارض الغاء
قانون الطوارئ. ومنذ ان اصبح الرجل, نائبا للرئيس وممثل
السلطة بمواجهة الثورة الشعبية. لا
تنقطع التغطيات الاعلامية والصحافية
عنه, من علاقاته القوية بمشروع السي. اي
ايه خلال عهد بوش بفتح معتقلات خارج
غوانتنامو بما في ذلك قضية الشيخ عمر
في ايطاليا, الذي سلمته امريكا لعمر
سليمان ثم تبين فيما بعد ان ليست له
علاقة بالقاعدة وهو ما اثار ضجة سياسية
واعلامية في روما, الى تقديمه (دلائل)
قبل الحرب على العراق بان صدام يملك
اسلحة نووية. بعض المراقبين يرون ان اخلاص نائب الرئيس
ومدير المخابرات السابق لمبارك هو
الذي يعرقل جميع المحاولات الدولية
للتسريع بخطوات نقل السلطة في مصر
تمهيدا لاعادة الاستقرار وتلبية مطالب
الثورة الشعبية المستمرة منذ اسبوعين.
لكن اخرين يعتقدون بان عمر سليمان هو
المعارض رقم (1) لتنحي مبارك, لانه
يُعتبر ومنذ توليه منصب مدير
المخابرات في 1993 العمود الاساسي لنظام
الرئيس المصري. وبالتالي فمن مصلحته
قبل مصلحة رئيسه, الالتفاف على الثورة
وقيادة الازمة نحو مسارات تتعدد فيها
الخيارات, ويُمنح فيها الفرصة للحفاظ
على جوهر النظام القائم. يعتقد هؤلاء, ان تمسك عمر سليمان بالشرعية
الدستورية اثناء جولة المفاوضات التي
عقدت مع الاخوان المسلمين وحزب الوفد
تمثل في حالة الاتفاق عليها مع ممثلي
الثورة. الجسر الذي يعود بالاوضاع الى
الوراء, لان الانتقال السلمي للسلطة,
وفق الدستور الحالي, تعني التحكم
بالمرحلة الانتقالية, ووضع العثرات
القانونية امام اي تغيير يستهدف اجراء
انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة,
وقد يُرحِّل مسألة الانتخابات الى
جدول زمني طويل, تكون فيه (شرعية نظام
مبارك) التي يساندها الجيش قد استعادت
ما انهار من مؤسسات امنية في بداية
الثورة الحالية. ما نجح فيه عمر سليمان حتى الان, انه لا
يزال في الواجهة يمسك بقوة بالمؤسسات
العسكرية والامنية والاعلامية.. الخ.
وهو لا يزال ايضا بعيدا عن انتباه شباب
الثورة, الذين يركزون كل مطالبهم على
رحيل مبارك, وهو ما يجعل مسألة التغيير
في ساحة الانتظار حتى الوقت الذي
ستتحول فيه المسيرات والمظاهرات الى
عامل ضغط جدي على النظام وممثله عمر
سليمان للاستجابة الى المطالب برحيل
الرئيس والدخول في مرحلة انتقالية
ترأسها حكومة انقاذ وطني وليس نائب
الرئيس. قبل يومين قدم محمد حسنين هيكل اقتراحا
بان يتولى الجيش ادارة الازمة
والانتقال الى تشكيل جمعية دستورية
وحكومة انتقالية تُجْري انتخابات حرة
بعد رحيل مبارك, مثل هذا الاقتراح بات
مستبعدا مع تزايد البراهين يوما بعد
آخر, بان الجيش هو بالفعل تحت سيطرة
سليمان. ========================= ألمانيا وفرنسا... خطة
لإنقاذ «اليورو» مايكل برينباوم ميونيخ تاريخ النشر: الأربعاء 09 فبراير
2011 الاتحاد في الوقت الراهن، يقوم زعيمان أوروبيان
كبيران، بمساندة الخطط الرامية لدفع
الدول التي تستخدم "اليورو" لتبني
سياسات في مجال معاشات تقاعد،
والرعاية الصحية، وسياسات أخرى، تكون
مماثلة للسياسات التي يتبعانها في
بلديهما، وذلك في إطار جهد يهدف للحفظ
على توازن ميزانياتهم، وجعل الاقتصاد
الإقليمي أكثر استقراراً، مما هو عليه
في الوقت الراهن. في البداية تصدرت المستشارة الألمانية"
أنجيلا ميركل" هذا الجهد، وفي قمة
بروكسل لقادة الدول الأوروبية التي
عقدت مؤخراً، انضم إليها أيضاً الرئيس
الفرنسي. وكانت الظروف الاقتصادية المتباينة
تبايناً كبيراً في دول منطقة "اليورو"
البالغ عددها سبع عشرة دولة، قد دفعت
الدول الأكثر ثراءً، مثل ألمانيا إلى
المسارعة لإنقاذ دول المنطقة المثقلة
بالديون مثل اليونان وإيرلندا. ونظرا لأن الحاجة قد تستدعى اعتماد حزم
إنقاذ مالية للبرتغال وإسبانيا أيضاً
هذا العام، فإن ميركل أصرت على تأكيد
أن أي مساعدة تقدمها بلادها في
المستقبل، سوف تكون مرتبطة بشروط
أهمها ضرورة وجود قدر أكبر من التنسيق
في مجال الإنفاق والميزانيات بين
الدول التي تستخدم العملة الموحدة. التفاصيل المتعلقة بذلك لم يتم تحديدها
بعد، ولكن المسؤولين الألمان يقولون
إنهم يريدون استلام المقترحات
المتعلقة بذلك بنهاية مارس المقبل.
وإذا ما أُمكن الاتفاق على سياسات
الميزانيات، فذلك يمكن أن يمهد الطريق
أمام دعم ألماني مهم، لتوسيع نطاق
صندوق الطوارئ القائم، وهي خطوة يطالب
بها المستثمرون، والمحللون
الخارجيون، والمؤسسات المالية
الدولية الكبرى مثل صندوق النقد
الدولي على سبيل المثال لا الحصر.
بموجب هذه الخطة، سوف يكون مطلوباً من
دول منطقة اليورو، التنازل عن قدر من
سيادتها فيما يتعلق برسم سياسات
الضرائب، والميزانية، وغيرها من
السياسات، للاتحاد الأوروبي، وهناك
احتمال لأن يُمارس على هذه الدول ضغط
لإبقاء عجوزاتها المالية في نسق يتفق
مع النموذج الألماني. ويقول العديد من الاقتصاديين، إن تلك
الخطوة سوف تساعد منطقة "اليورو"
على العمل بطريقة أكثر تماسكاً وعلى
التصدي للأزمات المالية. وكانت
المستشارة الألمانية قد قالت في تصريح
لها مؤخراً: "يجب علينا تعديل
هياكلنا المالية بحيث نتأكد من أننا
جميعاً نمضي في نفس الاتجاه". ومضمون
مقترح ميركل ومداه، يمثلان تحولاً ذا
شأن في موقف ميركل التي ينظر إلى
بلادها باعتبارها المركز الاقتصادي
لأوروبا. وفي بداية الأزمة، اتبعت المستشارة
مقاربة حذرة، حيث لم تكن تعالج سوى
مشكلة واحدة هي المشكلة المباشرة التي
بين يديها قبل أن تنتقل للمشكلة التي
بعدها. وهكذا فإنها تعاملت مع المشكلة
الألمانية أولاً ثم المشكلة
الأيرلندية بعد ذلك. ولكن المسؤولين الحكوميين الألمان،
أشاروا في أحاديثهم أيضاً إلى شعور
متنامٍ يسود حالياً مؤداه أن التعاون
الأوسع نطاقاً بين الدول التي تتعامل
باليورو، يعد أمراً في غاية الأهمية
لضمان استقرار العملة وثقة الأسواق
المالية بها. والمقترح المشار إليه،
يزيد من التوقعات المتعلقة بإقدام
المزيد من الدول على رفع سن التقاعد
ليكون متماشياً مع سن التقاعد في
ألمانيا(67 عاماً)، وصدور القرار الخاص
بذلك من بروكسل، وليس من عواصم تلك
الدول. وتريد المستشارة الألمانية من
دول مجموعة "اليورو"، العمل على
كبح ديونها الدستورية، كما تفعل
ألمانيا، وذلك من خلال الحد من قدرتها
على إنفاق مقادير من الأموال تفوق
كثيراً ما تحصل عليه. "فيما وراء هذه الأزمة، تكمن حقيقة
مؤداها أنه ليس هناك إندماج حقيقي في
الاتحاد الأوروبي" هذا ما يقوله "جين
بيساني فيري"مدير
مركز"بروجيل" وهو مركز أبحاث
اقتصادي يتخذ من بروكسل مقراً له.. الذي
يضيف لما سبق قوله إن خطة ميركل"
تسير بالفعل في الاتجاه الصحيح". وفي مقال تحليلي، قال"كارستن بريزسكي"
المسؤول الاقتصادي الرفيع في بنك "آي.إن.جيه"
في بروكسل:"هذا الاتفاق يبدو، عند
النظرة الأولى على الأقل، كمحاولة
لجعل منطقة اليورو "أكثر تقيداً
بالطابع الألماني". وأعرب بريزسكي
عن شكه في رغبة بعض الدول في المضي
قدماً نحو إجراء تغييرات على سياساتها
الاجتماعية. والشيء الذي لا يمكن إنكاره هنا أن
ألمانيا تتمتع بنفوذ كبير في منطقة "اليورو"،
وأن الخطة الشاملة هي الثمن الذي
ستتقاضاه ألمانيا مقابل موافقتها على
إنشاء صندوق بقيمة 598 مليار دولار يطلق
عليه اسم" جهاز الاستقرار المالي
الاقتصادي الأوروبي". ومن المعتقد
أن يصل الحجم الفعلي لهذا الصندوق ما
يقرب من 340 مليار دولار، وهو حجم يخشى
المستثمرون أن يكون غير كافٍ لمقابلة
احتياجات البرتغال وإسبانيا إذا دعت
الظروف لتقديم حزمة إنقاذ لأحدهما أو
كليهما. في الشهر الماضي، دعا مسؤولو منطقة "اليورو"
إلى زيادة الحجم المالي للصندوق إلى 598
مليار وربما أكثر من ذلك. وكانت ميركل
قد قالت إنها لا ترغب في السماح لصندوق
حزم الإنقاذ المالي بشراء السندات
السيادية في السوق المفتوحة، وهو رأي
يتعارض مع رأي قادة الاتحاد الأوروبي
ومسؤولي صندوق النقد الدولي الذين
يفضلون شراء تلك السندات. وقال"أولي ريهن" مفوض الاتحاد
الأوروبي للشؤون الاقتصادية
والمالية، في مقابلة أجريت معه إن
المناقشات حول الاستراتيجية
الاقتصادية لمنطقة "اليورو"، "لا
تزال جارية وأن هناك تقدماً قد تحقق في
هذا الشأن". ولم يكشف"ريهن" عن رأيه حول الموقف
الألماني - الفرنسي، ولكنه قال:"أنا
واثق من تحقق محصلة إيجابية في خاتمة
المطاف، تتضمن ضوابط مالية كجزء من
الصفقة الكلية". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن
بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» ========================= آخر تحديث:الأربعاء ,09/02/2011 جوزيف ستيجلتيز الخليج إن العالم أجمع يحتفل بالثورة
الديمقراطية في تونس، والتي أطلقت
سلسلة من الأحداث في أماكن أخرى من
المنطقة وخاصة في مصر وهي الأحداث التي
أدت إلى عواقب لا حدود لها . إن أعين
العالم موجهة الآن نحو هذا البلد
الصغير الذي لا يتجاوز تعداد سكانه
العشرة ملايين، لكي يتعلم من الدروس
التي قدمتها تجربته الأخيرة، ولكي يرى
ما إذا كان الشبان الصغار الذين نجحوا
في الإطاحة بحاكم مستبد فاسد قادرين
على خلق ديمقراطية مستقرة وعاملة . ولنبدأ أولاً بالدروس . كبداية، لا يكفي
أن توفر الحكومات قدراً معقولاً من
النمو . فقد سجل الناتج المحلي
الإجمالي في تونس نمواً سنوياً بلغ 5%
على مدى الأعوام العشرين الماضية،
وكثيراً ما كنا نستشهد بتونس التي
تتباهى بواحد من أفضل الاقتصادات
أداءً، وبشكل خاص داخل المنطقة . ولا يكفي أيضاً أن تتبع الحكومات توجهات
الأسواق المالية الدولية وهو ما قد
يؤدي إلى تصنيفات طيبة للسندات وقد
يرضي المستثمرين الدوليين، ولكنه لا
يعني خلق الوظائف وفرص العمل ولا يعني
أن مستويات المعيشة في ارتفاع بالنسبة
لأغلب المواطنين . والواقع أن قابلية
أسواق السندات ووكالات التصنيف للوقوع
في الخطأ كانت جلية أثناء الفترة التي
سبقت الأزمة في عام 2008 . وكونها تنظر
الآن بنوع من الكراهية إلى تحرك تونس
في اتجاه الديمقراطية بعد الحكم
المستبد لا يصب في مصلحتها ولا ينبغي
لهذا الموقف أن يُنسى أبداً . وحتى توفير التعليم الجيد قد لا يكون
كافياً . ففي مختلف أنحاء العالم،
تناضل البلدان من أجل خلق فرص العمل
الكافية للداخلين الجدد إلى سوق العمل
. ولكن ارتفاع مستويات البطالة
واستشراء الفساد من شأنه أن يخلق
مزيجاً قابلاً للاشتعال . وتظهر
الدراسات الاقتصادية أن المهم حقاً
لأداء أي بلد يتلخص في المساواة واللعب
النظيف . إذا كان هؤلاء من ذوي الصلات السياسية هم
من يحصلون على الوظائف في عالم من فرص
العمل الشحيحة، وإذا كان المسؤولون
الحكوميون يكدسون تلالاً من المال في
عالم يتسم بالثروة المحدودة، فإن
النظام لابد وأن يولد قدراً عظيماً من
الغضب إزاء مثل هذه الفوارق وإزاء
مرتكبي هذه “الجرائم” . إن الغضب من
المصرفيين في الغرب يشكل نسخة مخففة من
نفس المطلب الأساسي المتمثل في
العدالة الاقتصادية الذي رأينا من
يطالب به أولاً في تونس، ثم في مختلف
أنحاء المنطقة . على الرغم من استقامة فكرة الديمقراطية
وكما أظهرت تجربة تونس أنها أفضل
كثيراً من أي بديل آخر فيتعين علينا أن
نتذكر فشل هؤلاء الذين يزعمون أنهم
حُماتها، وأن الديمقراطية الحقيقية
ليست مجرد انتخابات دورية، حتى ولو
أجريت بكل نزاهة . فالديمقراطية في
الولايات المتحدة على سبيل المثال
كانت مصحوبة باتساع فجوة التفاوت، حتى
أن الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط
من المجتمع تتلقى الآن نحو ربع الدخل
الوطني مع قدر أعظم من التفاوت وعدم
المساواة في توزيع الثروة . والواقع أن أغلب الأمريكيين أصبحوا اليوم
في حال أسوأ مما كانوا عليه قبل عقد من
الزمان، حيث تذهب كل مكاسب النمو
الاقتصادي تقريباً إلى الشريحة العليا
من توزيع الدخل والثروة . والفساد على
الطريقة الأمريكية قد يسفر عن هدايا
قيمتها تريليون دولار تقدم إلى شركات
الأدوية، وشراء الانتخابات بتبرعات
هائلة للحملات الانتخابية، وتخفيضات
ضريبية يستفيد منها أصحاب الملايين،
في حين يتم خفض الإنفاق على الرعاية
الطبية المقدمة للفقراء . فضلاً عن ذلك فإن الديمقراطية في العديد
من البلدان كانت مصحوبة بصراع مدني،
وتحزب طائفي، وحكومات مختلة وظيفياً .
وفي هذا السياق، لابد وأن نعترف بأن
تونس تبدأ بخطوات إيجابية: حس التماسك
الوطني الناشئ عن النجاح في الإطاحة
بدكتاتور مكروه على نطاق واسع . ويتعين
على تونس أن تناضل من أجل الحفاظ على
هذا الشعور بالتماسك، وهو ما يتطلب
الالتزام بالشفافية، والتسامح،
والشمولية على الصعيدين السياسي
والاقتصادي . إن حس اللعب النظيف يتطلب القدرة على
إدلاء المرء برأيه، وهو ما لا يتسنى
إنجازه إلا من خلال الحوار العام .
والجميع يؤكدون أهمية حكم القانون،
ولكن من الأهمية بمكان أن نعرف أي نوع
من حكم القانون لابد وأن يترسخ .
فالقوانين من الممكن أن تستخدم لضمان
العدالة والفرص والتسامح، أو قد تستغل
للحفاظ على عدم المساواة وتعزيز سلطة
ونفوذ النُخَب . قد لا تكون تونس قادرة على منع أصحاب
المصالح الخاصة من الاستيلاء على
الحكومة، ولكن في ظل غياب التمويل
العام للحملات الانتخابية والقيود
التي لابد وأن تفرض على جماعات الضغط
والأبواب الدوارة بين القطاعين العام
والخاص، فلن يكون استيلاء أصحاب
المصالح الخاصة على الحكومة ممكناً
فحسب، بل إنه يصبح في حكم المؤكد . إن
الالتزام بمزادات الخصخصة الشفافة،
والعطاءات التنافسية المتصلة بتدبير
الموارد، من شأنه أن يقلص من نطاق
السلوكيات الاستغلالية والاحتكارية . هناك العديد من التدابير الموازِنة التي
يمكن تنفيذها بإتقان: إن الحكومة التي
تتمتع بسلطات أقوى مما ينبغي قد تنتهك
حقوق المواطنين، ولكن الحكومة الأضعف
مما ينبغي لن تكون قادرة على القيام
بالعمل الجماعي المطلوب لخلق مجتمع
مزدهر وشمولي ولن تتمكن من منع أصحاب
المصالح الخاصة الأقوياء من افتراس
الضعفاء والعزل . لقد أظهرت أمريكا
اللاتينية وجود العديد من المشاكل
فيما يتصل بالحدود الزمنية لشغل
المناصب السياسية، ولكن ترك الأمر بلا
حدود زمنية قد يكون أسوأ . لذا فلابد وأن تتسم الدساتير بالمرونة .
والواقع أن تكريس بدع السياسات
الاقتصادية، وهو ما تجسد فيما فعله
الاتحاد الأوروبي بتركيز مصرفه
المركزي بقدر كبير من ضيق الأفق على
التضخم، كان خطأ واضحاً . ولكن هناك بعض
الحقوق، سواء سياسية (حرية الدين
والخطاب والصحافة) أو اقتصادية، التي
لابد وأن تتمتع بضمانات مطلقة . وهناك
منطقة طيبة تستطيع منها المناقشة في
تونس أن تنطلق، وتتمثل هذه المنطقة في
تقرير المدى الذي يتعين على البلاد أن
تذهب إليه، فيما وراء الحقوق المنصوص
عليها في الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، في كتابة دستورها الجديد . إن تونس تنطلق من بداية جيدة إلى حد مذهل .
فقد عمل شعبها بقدر كبير من العزيمة من
أجل تشكيل حكومة مؤقتة، كما تبرع
تونسيون موهوبون من ذوي الإنجازات، في
فترة وجيزة للغاية، لخدمة بلادهم في
هذا المنعطف الحرج . ولسوف يتولى
التونسيون أنفسهم تأسيس النظام
الجديد، وهو النظام القادر على العمل
بمثابة منارة للهيئة التي قد تكون
عليها الديمقراطية الناجحة في القرن
الحادي والعشرين . ومن جانبه، فإن المجتمع الدولي، الذي
كثيراً ما ساند الأنظمة الاستبدادية
باسم الاستقرار (أو انطلاقاً من مبدأ
مفاده أن “عدو عدوي هو صديقي”) يتحمل
مسؤولية واضحة عن تقديم كل ما تحتاج
إليه تونس من مساعدات في الأشهر
والأعوام المقبلة . حائز على جائزة نوبل في
الاقتصاد، وأستاذ بجامعة كولومبيا
والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت
سنديكيت” ======================== آخر تحديث:الأربعاء ,09/02/2011 فيصل جلول الخليج يشكو الرأي العام العربي من معظم أنظمته
ليس لأسباب داخلية بحتة متصلة بإدارة
الحكم وتكميم الأفواه وتزوير
الانتخابات وانتشار الفساد . . الخ،
وإنما أيضاً لأنها تمثل إرادة شعوبها
ولا ترد على الإهانات التي تتعرض لها
الأمة العربية منذ وقت طويل . لا بل تقف
بالتضاد مع حركات المقاومة العربية
التي ترغب في الرد على الإهانة باللحم
الحي في ميدان القتال . بكلام آخر نقول
إن بعض الأنظمة العربية تدفع ثمن
علاقاتها الوثيقة بالغرب والولايات
المتحدة الأمريكية التي ما انفكت في كل
العهود وفي كل الظروف تحمي الكيان
الصهيوني وتطلق يده في تدمير لبنان
مرات عديدة وفي إهانة السلطة وسلب
الأراضي الفلسطينية وإهانة الجامعة
العربية التي قالت مراراً إنها سترد
بسحب مبادرة السلام عن الطاولة، إلا
أنها لم تفعل بسبب الضغوط الأمريكية
بخاصة والغربية عموما وهذه الضغوط
كانت وربما ستبقى إلى حين أقوى وأهم
بالنسبة لجامعتنا من الرأي العام
العربي وشعوره المتراكم بالذل
وبالإحباط وانعدام الثقة بالجامعة
ومعظم أعضائها . وإذا كان الترابط بين رفض معظم الأنظمة
ورفض السياسات الغربية في العالم
العربي وثيقاً فهذا يعني أن التحركات
الشعبية العربية هذه الأيام لن تكتفي
بتغيير النظام والإتيان بآخر مشابه . والراجح أن المصفقين في الغرب ل “ربيع”
العالم العربي لا يقرون بهذه الحقيقة
وتستهويهم المقارنات والقياس على
المركزية الأوروبية ويعتقدون أن ما
يحدث عندنا لا بد أن يكون تابعاً لما
حدث في أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار
برلين ومادامت الأنظمة الشيوعية قد
انهارت بعد الجدار، فالعرب تأخروا في
تهديم أنظمتهم للحاق بهذا الحدث
التاريخي، وبالتالي التعبير عن
الإيمان القاطع بدين “الديمقراطية”
وبكتابها المقدس . وإن عم ربيع العرب
وإيمانهم ب “الجديد”، فهذا يعني أنهم
صاروا على الصورة التي يحب الغرب أن
يراها في عالمهم ومعها لن يكونوا خطرين
بل جديرين بالطاعة والرضوخ . وما يعزز هذا التصور أن الغرب طوى صفحة
تدمير العراق كأن شيئاً لم يكن وأن
الولايات المتحدة التي ترغب في الرحيل
عن بلاد الرافدين وهي تعلم علم اليقين
أن الخراب الذي خلفته قد لا يستقر على
الحالة الراهنة، وأن المسخرة
الديمقراطية التي استقرت في هذا البلد
الأساسي في المنظومة العربية لا تحمي
أحداً فيه ولا تضمن مصيراً لأحد، ما
يعني أن فصلاً أو فصولاً من العنف قد
تلي رحيل المحتل الذي يدرك ما يفعل ولا
يخجل من حمل حلفائه على الاحتراب حتى
ينهاروا جميعاً أو يسيطر طرف منهم على
الآخرين ويفوز بتغطية المحتل وعطفه
ومساعدته، علماً أن أحداً لا يستطيع
التأكد من فعالية هذا السيناريو ولا
يستطيع أن يضمن شيئاً لواشنطن في
العراق . يبقى أن رحيل المحتل على الرغم
من كل ما يترتب عليه يظل الخيار الأفضل
للعراقيين الأحرار وأصحاب الحق الحصري
في تقرير مصيرهم . يفضي ما سبق إلى القول إن الولايات
المتحدة لم تتعلم شيئاً من تجربتها
العراقية، فهي تتحدث يومياً عما يتوجب
على هذا المسؤول أو ذاك أن يفعل “فوراً”
لا بل تدخل في التفاصيل وأحياناً تصل
إلى حد التنطح لتسمية الوزراء
والمديرين والسواقين وكأن البلدان
العربية مستباحة لها تستخدم فيها
اللغة المباشرة “على فلان أن يفعل كذا
وعلى علان أن يقول كذا، وعلى زيد أن
يستقيل، وعلى عمرو أن يصلح شؤونه، وعلى
هذا الحاكم أن يحترم الصحافة وعلى ذاك
أن يحترم النساء” . أغلب الظن أن هذه اللغة المصاغة بفعل
الأمر وافعل التفضيل تسيء ليس فقط إلى
المعنيين وإنما إلى واشنطن نفسها التي
حاول أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري
المعين أن ينبهها إلى أن الدولة في
بلاده معمرة منذ آلاف السنين، في حين
لا يزيد عمر الدولة الأمريكية على
قرنين وأن من الأفضل لها أن تكف عن
إرسال “النصائح الأوامر” عبر البث
المباشر . قد يفاجئ العرب المنتفضون واشنطن، كما
فوجئت في العراق وبالتالي قد يتبين
للأمريكيين والصهاينة أنهم جزء لا
يتجزأ من المأساة التي عاشها ويعيشها
العالم العربي وقد تأتي المفاجأة على
حين غرة ومن دون أن تتوقعها مراكز
أبحاثهم ودراساتهم التي لا تكف عن
استشراف المستقبل وتحديد مصائر الأمم
في غير الوجهة التي تقررها الأمم في
لحظة ثورية أو خلال تمرد عام أو عصيان
مدني . ما من شك أن العرب المنتفضين هذه الأيام
يصفون حسابهم على طريقة “خيرنا منا
وشرنا منا” وهم يفعلون ذلك ليس من أجل
الخبز وحده، تماماً كما فعل العراقيون
الذين لقنوا المحتل درساً قاسياً في
عدم الخضوع والدفاع عن الكرامة
الوطنية، وقد يعيد المنتفضون اليوم
الكرة بطريقة غير مباشرة إذ يشترطون في
حكامهم الجدد صفة الكرامة قبل الخبز
على غرار الشعار التونسي “خبز وماء
وعميل أمريكا لا” . ======================== استفتاء الجنوب
والعقوبات على السودان الاربعاء, 09 فبراير 2011 رندة تقي الدين الحياة نتائج الاستفتاء السوداني التي ستؤدي
بسيلفا كير الى ترؤس دولة جديدة مستقلة
في السودان بعد 9 تموز (يوليو) تطرح
مجدداً أسئلة حول أخلاقية السياسة
الدولية وسياسات الدول الغربية الكبرى
مثل الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي. فاليوم تلمّح الإدارة الأميركية انها
ستسعى الى رفع العقوبات الأميركية عن
السودان، كما نسمع انه إذا تم كل شيء
على ما يرام بين السودان والجمهورية
الجنوبية الجديدة فسيسعى الاتحاد
الافريقي الى الطلب من مجلس الأمن
تعليق ملاحقة عمر البشير من قبل
المحكمة الدولية الجنائية، وان الدول
الكبرى الاعضاء في مجلس الأمن ستبحث
ذلك. فهذه الدول تقول انه ينبغي مساعدة
جنوب السودان على النهوض، وأيضاً
شماله الذي يعاني الفقر والبؤس. ها نحن نشهد مساراً جديداً سيبدأ بعد
استقلال جنوب السودان إذا استمرت
الأمور مثلما جرى في الاستفتاء.
فالبشير سينقذ نفسه بحجة ان استقلال
الجنوب سيحتم على الدول الكبرى
والنافذة مساعدة الجنوب والشمال كي
ينجح استقلال هذا البلد الكبير
والشاسع. كم كان العالم الافريقي والعربي بغنى عن
دولة جديدة لو أدرك نظام البشيرمن
البداية ان حربه مع الجنوب عقيمة كما
كل الحروب، تقتل أبناء شعبه وتحرم
البلد من ظروف كريمة لحياة الشعب
وتفقره. فلو كانت هناك محاسبة
وديموقراطية حقيقية منذ البداية في
السودان على جميع أراضيه لكان الشعب
اختار مصيره في الشمال والجنوب من دون
حرب والمزيد من الفقر والبؤس. وكان
تقاسم الثروة على أسس شرعية
ديموقراطية مثلما سيحصل الآن بعد
تقسيم السودان الى دولتين. فالكل في الغرب، من فرنسا الى الولايات
المتحدة الى الاتحاد الأوروبي، حيّا
عملية الاستفتاء وموافقة البشير على
نتائجها. فقد فهم الرئيس السوداني ان
المخرج له هو القبول بذلك كي يحظى
بالعفو الأميركي. فعلى غرار ما فعل القذافي عندما دفع
أموالاً مقابل بقاء نظامه بعد تفجير
طائرات كانت تقل مدنيين أميركيين
وفرنسيين وأفارقة، ها هو نظام البشير
الذي ليست لديه أموال للدفع بل
تنازلات، يدفع الثمن للخروج من العزلة
الدولية. فينبغي ان تكون ثورة الشباب في مصر درساً
كبيراً للجار السوداني لأن المسامحة
الدولية وحدها لا تحل مشكلة السودان.
فالمطلوب من السودان ان يستمع ايضاً
الى ما يريده شعبه في الشمال من حريات
وانفتاح وحياة كريمة افضل من ظروفه
الحالية. إن مسار استقلال جنوب السودان في 9 تموز
سيشهد تزايد اهتمام الشركات النفطية
العالمية بالعمل في الجنوب، علماً ان
ما تقوله هذه الشركات ان كميات النفط
ليست بضخامة تجعل من جنوب السودان
بلداً نفطياً كبيراً، ولكن على الأقل
ستمكّن السودان من الحصول على عائدات
افضل مما هي حالياً. وفي الوقت نفسه على
الشمال والجنوب ان يتفقا لتقاسم هذه
الثروات لأن معظم النفط السوداني
موجود في الجنوب، ولكن ليس بالإمكان
تصديره حالياً إلا عبر الأنبوب الذي
ينقله الى مرفأ سودان في الشمال،
والأنبوب يمر عبر الشمال، وإذا أرادت
الجمهورية الجنوبية الجديدة تجاوز هذا
الأنبوب فعليها ان تبني خط نقل جديداً
الى كينيا وهذا يأخذ وقتاً طويلاً قبل
ان يُنفّذ. وبعد الخلافات حول ثروة النفط بين الشمال
والجنوب بإمكان الدولتين المستقلتين
ان تتفاهما على تقاسم الثروة وتشريع
الاتفاق في حين انه لو تم ذلك سابقاً
لكان أوفر للشعب السوداني بأسره. فالآن
هناك شركات عدة كانت أخذت رخص تنقيب في
جنوب السودان وكانت أوقفت العمل بسبب
عدم الاستقرار والوقع الأمني بين
الجنوب والشمال، فهناك «توتال»
الفرنسية التي تملك منطقة تنقيب كانت
تعمل فيها شركة «ماراتون» الأميركية
واضطرت للخروج منها بسبب العقوبات.
وكانت «قطر للبترول» مهتمة بالدخول
بدلاً منها وكان رئيس حكومة قطر بحث
ذلك مع رئيس شركة «توتال» في باريس منذ
حوالى سنة. والآن بدأ عصر جديد للبشير
ولجمهورية جنوب السودان بعد حروب شرسة
أفقدت هذا الشعب ثرواته وضيّعت فرص
تحسين حياته بسبب خلافات سياسية وُضع
حد لها برغبة البشير في الخروج من
العزلة الدولية! ======================== من طهران الى القاهرة:
المسار الثوري المتواصل د. سعيد الشهابي 2011-02-08 القدس العربي الجميع كان
حاضرا في ثورة مصر، من خلال الاهتمام
والمتابعة اليومية لما يجري في
شوارعها خصوصا ميدان التحرير، بؤرة
الصراع والمؤشر على ما يجري ميدانيا
وتوازن القوى بين الثوار ونظام حسني
مبارك. امريكا حضرت من خلال تصريحات اوباما
وكلينتون، الاتحاد الاوروبي بتصريحات
كثيرة امن من الممثلة العليا لسياسة
الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي 'كاثرين
أشتون' او من زعماء دوله، مجتمعين او كل
بمفرده. اما 'اسرائيل' فحضرت على محورين:
تصريحات مسؤوليها ضد الثورة، وعملهم
الحثيث من وراء الكواليس مع القوى
الكبرى لحثها على حماية نظام مبارك، او
مع نظام مبارك على الصعيدين الامني
والعسكري. ومن بين الدول العربية تميزت دولتان
بحضورهما من خلال وسيلتي اعلامهما: قطر
من خلال قناة 'الجزيرة' التي اصطفت مع
الثورة، والسعودية من خلال قناة 'العربية'
التي اتخذت موقفا مع النظام وضد الثوار.
ولكن الغائب الحاضر كان الجمهورية
الاسلامية الايرانية، التي كان حضورها
معنويا، وليس ماديا. وفيما تستعد ايران
للاحتفاء بالذكرى الثانية والثلاثين
لانتصار ثورتها ضد نظام الشاه، تبدو،
برغم غيابها المادي، المستفيد الاكبر
مما حصل في تونس وما يجري في مصر، وهي
ليست استفادة مادية بل معنوية وسياسية
وايديولوجية. ويبدو ان الساسة الايرانيين لعبوا
اوراقهم هذه المرة ببراعة. فلم يظهروا
بوضوح في الصورة لمنع الاستقطاب في
اوساط الدول الغربية لغير صالح حركة
التغيير. مع ذلك فلم يستطع القادة
الايرانيون اخفاء مشاعرهم ومواقفهم
السياسية بشكل كامل. فقد وقفوا في
اعلامهم وعبر تصريحات مسؤوليهم مع
حركة الشارع، وسعوا بين الحين والآخر
لتوجيه الانظار الى ان التغيير الجاري
امر طبيعي ونتيجة منطقية، وان متأخرة،
لما جرى في 1979 عندما انتصرت اول ثورة
شعبية كاسحة في العصر الحديث، على واحد
من اعتى الانظمة السياسية واقوى اعمدة
السياسة الامريكية في منطقة الشرق
الاوسط. وبعيدا عن الجوانب الظاهرة في المواقف
السياسية والاعلامية خلال الشهرين
الماضيين، اي منذ ان اقدم الشهيد
التونسي محمد بوعزيزي على احراق نفسه
احتجاجا على ظروفه المعيشية ومنعه من
الاستمرار في عمله، فقد احدثت تطورات
تونس ومصر انقلابا في التوازنات
السياسية والايديولوجية في المنطقة
العربية، ومن المرجح ان يؤدي ذلك الى
تغير في موازين القوى في المستقبل غير
البعيد. فدخول الشعوب على خط التغيير
كان امرا مستبعدا من حسابات الدول
الكبرى، نظرا لما حدث خلال العقود
الثلاثة منذ الثورة الاسلامية في
ايران من تخدير الشعوب وتهميشها
واستبعادها من ساحة الصراع والفعل. فقد
تعمق التدخل الامريكي في المنطقة،
سياسيا وعسكريا وثقافيا وامنيا، وادت
طروحات 'العولمة' والولوج الى العالم
الرقمي 'السايبر' وتعمق ظاهرة
الاستهلاك الى تعطيل دور الشباب
وابعادهم عن المسرح السياسي. يضاف الى
ذلك ظهور ظاهرتين سلبيتين ساهمتا في
تهميش الثورات الشعبية السلمية:
اولاهما التوجه نحو العنف والارهاب،
الامر الذي اضعف وهج الخيارات الثورية
ذات الطابع السلمي او المقاومة
المدنية، ودفع بالشباب المتحمس الى
ميادين القتال غير الموجه، فانتشرت
ثقافة الانتحار والقتل العبثي، وحدثت
حالة من الرعب في قلوب الجماهير التي
ترددت في دعم هذه الظواهر. وثانيهما: اشغال الرأي العام بقضايا
الخلافات الفقهية بين المسلمين وترويج
المذهبية والطائفية التي احتلت حيزا
ماديا ونفسيا في المجتمعات العربية.
وهذان الامران لا يستقيمان مع الحالة
الثورية التي تلهب حماس الجماهير
وترفع مستواها لتحمل مسؤولياتها في
امتلاك الوعي واحداث التغيير. الثورة
الاسلامية التي حدثت في ايران كانت
وقتها حدثا متميزا ومرعبا لقوى
الاستبداد والهيمنة والاحتلال، وبذلت
كافة الجهود لمنع تكرارها في الدول
العربية المجاورة. ففيما كانت الحروب
التي سبقت تلك الثورة تدور بين الدول
العربية و العدو الصهيوني، اصبحت
الحروب اللاحقة تدور رحاها بين الدول
العربية والاسلامية نفسها، ابتداء
بالحرب العراقية الايرانية،
مرورا بحرب الكويت والحرب الاهلية في
الجزائر والحرب الافغانية وازمات
الصومال ولبنان واليمن. فكان لذلك
الوضع انعكاسات سلبية على الامن
والاستقرار الاقليميين، وحائلا دون
تفعيل دور الجماهير في التغيير،
ومعوقا امام الثورات الشعبية لاصلاح
اوضاع البلدان العربية التي ازدادت
سوءا. حدثت ثورة تونس بشكل عفوي، وهذا طابع
الثورات الشعبية، وحققت جانبا كبيرا
من اهدافها، وان كانت عناصر النظام
السابق ما تزال متشبثة بمواقعها في
الحكم. وبعودة رموز المعارضة المنفيين
وفي مقدمتهم الشيخ راشد الغنوشي، زعيم
حركة النهضة، بدا الوضع مهيأ لاصلاح
جذري برغم محاولات الدول الغربية
خصوصا الولايات المتحدة التحكم في ما
ستؤدي اليه تلك الاصلاحات، خصوصا في
مدى ما سيتحقق للتيارات الاسلامية من
حضور في النظام السياسي الجديد. وبرغم
المخاض العسير في مصر فقد اصبح محسوما
لغير صالح انظمة الاستبداد. واصبحت
الدول العربية الاخرى مهيأة لثورات
مماثلة. ولا يبدو ان الخطوة التي
اتخذها ملك الاردن بحل الحكومة وتشكيل
حكومة اخرى كافية لاخماد الهيجان
الشعبي ضد النظام. وتواجه الحكومة
اليمنية اوضاعا محتقنة تتخللها
التظاهرات والمطالبات باحداث تغيير
جذري في النظام. ويواجه الرئيس علي عبد
الله صالح الذي قضى في الحكم 34 عاما،
تحديات من محاور اربعة: محور الجنوب
الذي كانت لديه دولة حتى قيام الوحدة
قبل اكثر من عشرين عاما، ومحور الشمال
الذي خاض فيه الحوثيون معارك ضارية مع
حكم الرئيس صالح، والمحور الداخلي
المحتقن بسبب الاوضاع المعيشية ومحور
تنظيم القاعدة الذي يتعمق وجوده على
الاراضي اليمنية. وهناك توترات مشابهة
في الجزائر التي اجهضت محاولات
التغيير فيها بعد اجهاض الانتخابات
البرلمانية قبل عشرين عاما تقريبا (1992)،
والتي شهدت حربا اهلية حصدت ارواح اكثر
من 150 الفا. والبحرين هي الاخرى شهدت احتقانا شديدا
بعد حدوث 'ثورة' دعا اليها الشباب في 14
شباط/فبراير، الذكرى العاشرة للتصويت
على الميثاق الوطني، والتاسعة لالغاء
الدستور التعاقدي. وتنظر الولايات
المتحدة الى هذه التحركات بقلق بالغ،
فلكل من هذه البلدان خصوصياتها
وعلاقاتها الخاصة بالولايات المتحدة.
فالاردن محور حساس ملاصق لفلسطين
المحتلة وله علاقات دبلوماسية مع
الكيان الاسرائيلي، وتخشى واشنطن من
ان يؤدي تغيير النظام فيه الى الغاء
تلك العلاقات. وتعتبر واشنطن اليمن 'شريكا
في الحرب ضد الارهاب' ويتمتع بموقع
استراتيجي مهم، اذ يطل على باب المندب
وهو واحد من اهم الممرات الحيوية للنفط
المتوجه الى اوروبا. اما البحرين فهي
قاعدة الاسطول الخامس الذي انطلقت
منها في السابق عمليات عسكرية ضد ايران
والعراق. هذه الابعاد الاستراتيجية تمثل ضغوطا
كبيرة على الغرب وهو يتأمل الموقف
المطلوب من الثورات التي تجتاح هذه
الدول. وعلى الزعماء الاوروبيين ان يدركوا خطأ
سياساتهم السابقة التي اصبح عليهم ان
يتعاملوا مع نتائجها السلبية الوخيمة.
فقد دعموا الاستبداد والديكتاتورية
عقودا متواصلة خصوصا بعد ثورة ايران في
1979، والتفوا على مطالب شعوبها العادلة
وأغمضوا اعينهم عن ابشع انتهاكات حقوق
الانسان، ومصادرة الحريات العامة
والفساد المستشري في تلك الانظمة التي
تمادت في الظلم وملأت سجونها
بالأبرياء المطالبين بحقوقهم
المشروعة. وبالاضافة لذلك، وقفوا مع
الاحتلال الاسرائيلي بشكل مخز طوال
هذه العقود وتخلوا عن التزاماتهم
الانسانية تجاه الشعب الفلسطيني وحقه
في تحرير اراضيه. وبذلك يتحمل الغربيون
جانبا غير قليل من المسؤولية ازاء
معاناة الشعوب والنشطاء السياسيين
والمدافعين عن حقوق الانسان. فعندما
استشهد الشاب المصري خالد سعيد في
الصيف الماضي على ايدي عناصر قوات
الامن التابعة لجهاز حسني مبارك،
التزمت واشنطن ولندن والاتحاد
الاوروبي بالصمت، ولم تتخذ اجراءات او
مواقف فاعلة ضد التعذيب والانتهاكات.
وبدلا من التصدي للاستفزازات
الاسرائيلية خصوصا رفض تل أبيب
الالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي
على مدى الاربعين عاما الماضية، او
الغاء سياسة الاستيطان وبناء
المستوطنات، أصر هؤلاء الغربيون على
مشاريع سلام ليس لها نصيب من النجاح
بسبب تجاهلها حقوق اهل فلسطين. ومن
الناحية العملية وقف هؤلاء مع العدوان
الاسرائيلي على لبنان في 2006 وغزة قبل
عامين، ورفضوا الدعوات المتكررة لوقف
اطلاق النار، ظنا منهم ان الصهاينة سوف
يقضون على المقاومين للاحتلال. هذا
الغرب الذي بدأ بعض رموزه يتحدث عن 'حقوق
الشعب المصري' انما يسعى لتحديد خسائره
السياسية والاستراتيجية بالالتفاف
على مطالب الجماهير وتخفيف الضرر
بالتخلص من شخص الزعيم مع الابقاء على
نظامه، كما حدث في تونس. وعلى الجانب
الآخر، وقفت ايران طوال العقود
الثلاثة الماضية مع قوى المقاومة في
لبنان وفلسطين، ورفضت الاعتراف حتى
الآن بالاحتلال الاسرائيلي. فكيف لا
يكون لطهران نفوذ في اوساط الشعوب
والحركات المقاومة؟ من هنا لم يتردد مرشد الثورة، السيد علي
خامنئي في خطابه الجمعة الماضية عن دعم
نضال الشعوب العربية لنيل حريتها
وحقوقها، برغم ما لذلك الدعم من
انعكاسات دبلوماسية. خامنئي حذر الثائرين من اليأس وشجعهم على
الاستمرار في طريق الثورة ضد الانظمة
الاستبدادية، والاعتماد على النفس
وعدم الثقة في الدول الغربية التي تدعم
الانظمة باستمرار، وعندما تقترب هذه
الانظمة من السقوط تظهر شيئا من
التعاطف مع ضحاياها الثائرين. وربما لم
يستسغ البعض طرح السيد خامنئي لتأكيده
على البعد الاسلامي للثورة المصرية،
لاعتقاده بان ذلك سوف يجعل مهمة
التغيير صعبة لان الغربيين سوف يتخذون
ذلك ذريعة لدعم نظام مبارك. ولكن السيد
خامنئي يدرك ايضا ان الغربيين حددوا
مواقفهم وكرر مسؤولوهم بشكل واضح
عبارات ضد التيار الاسلامي خصوصا
الاخوان المسلمين، وهو موقف ثابت لدى
الغربيين. الواضح ان الغرب (واسرائيل)
يراهن على انظمة القمع والديكتاتورية
لحماية مصالحه وهيمنته على المنطقة
واحتلاله اراضي العرب والمسلمين. اما
ايران فترى ان مصالحها رهن بوجود انظمة
تمثل شعوبها وان الانظمة الشبيهة
بنظام الشاه لا تستطيع تطوير
مجتمعاتها، بل تمارس الفساد وتهدف
للهيمنة وتسعى لاستعباد البشر. ايران
ترى مصلحتها في الابتعاد عن الغربيين،
خصوصا الولايات المتحدة الامريكية،
وترفض الاعتراف ب 'اسرائيل' وتدعم قوى
المقاومة علنا في فلسطين ولبنان،
وبالتالي فالهوى العام للثورة لا
ينسجم مع الانظمة المهرولة للتطبيع مع
الكيان الاسرائيلي. ايران تعلم ان
استهداف مشروعها النووي جاء من قبل
الغربيين و'اسرائيل' وزعماء بعض دول
الخليج، لان ذلك المشروع لا يخضع
لاملاءات الدول الداعمة للكيان
الاسرائيلي، ولذلك اصبح مستهدفا بشكل
مباشر. طهران تدرك ان ذلك المشروع سوف
يستهدف عسكريا بعد ان فشل الاستهداف
الاليكتروني العام الماضي في شل حركته.
فقد نجم عن الهجوم عليه بفيروس Stuxnet مشاكل تشغيلية عديدة، تغلب المهندسون
الايرانيون على اغلبها، ولكنها اجلت
المشروع عامين حسب بعض المصادر. واصبحت
مقتنعة، بعد الكشف عن الوثائق
الامريكية على صفحات موقع ويكيليكس،
ان حكومتي السعودية والبحرين شجعتا
الامريكيين على استهداف المشروع
عسكريا، ولكنها جمدت رد فعلها في الوقت
الحاضر لمنع تعمق التصدع في الصف
الاسلامي. وربما الدرس الاهم الذي تسعى الجمهورية
الاسلامية الايرانية لترويجه بعد
تجربتي تونس ومصر، ان الشعوب قادرة على
التغيير، وان التغيير الذي يأتي عن ذلك
الطريق افضل من اي تغيير يتحقق عبر
وسائط وتدخلات اجنبية. فالمشاعر
الفطرية لدى الجماهير اصدق من
التصريحات الدبلوماسية التي كثيرا ما
تنطوي على مجاملات ظاهرية لا تنسجم مع
النوايا. كما اظهرت تلك التطورات ان
التغيير يتحقق بالثورة الشعبية، برغم
الاحتياطات الامنية التي تفرضها
الانظمة لحماية نفسها من غضب الجماهير.
اما العنف والاعمال الارهابية فلم
تحقق اي تغيير سياسي يذكر. والجزائر
خير دليل على ذلك، فقد قتل اكثر من 150
الفا من الجزائريين ولم يتغير النظام،
بينما استشهد في الثورة التونسية ما لا
يزيد على 150 شخصا وكان ذلك كافيا لاسقاط
حكم بن علي. وبرغم تصاعد اعداد الشهداء
في مصر فان اعدادهم لن تتجاوز كثيرا ما
وصلت اليه حتى الآن، وقد حدثت تغيرات
كثيرة في الحكم. ان طريق المقاومة
المدنية عندما تتعمق ظلامة الشعوب
كفيل باسقاط اعتى الانظمة القمعية
التي لا تحميها اساليب القمع
والاضطهاد والعقاب الجماعي والتعذيب.
بل ان غرف التعذيب اذا كثرت تحولت الى
ممرات سالكة نحو التغيير السياسي. ' كاتب وصحافي بحريني يقيم في
لندن ========================= سورية... التغيير إلى «التشييع» الحياة الاربعاء, 09 فبراير 2011 عبدالرحمن الخطيب نشرت صحيفة «وول ستريت»، بتاريخ 31 - 1 - 2011،
حواراً مع الرئيس السوري بشار الأسد
قال فيه: «إن ما حصل في تونس ومصر لن
يطال سورية؛ لأن سورية دولة مستقرة،
وسياسة نظامها مرتبطة بشكل وثيق جداً
بمعتقدات الشعب ومصالحه، لأن الناس لا
تعيش على المصالح، بل يعتاشون على
المعتقدات، وأن هناك نوعاً مختلفاً من
التغييرات حصلت وتحصل في سورية». إن ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد يعدّ
منطقياً من زوايا عدة. فما حصل في تونس
ومصر من المؤكد أنه لن يتكرر في سورية،
بسبب الخوف الذي يتعشش في قلب المواطن
السوري من الخروج في أي مظاهرة مناوئة
للحكم. فهو استوعب الدروس التي تلقاها
خلال نصف قرن. أما ارتباط الحكم السوري
بمعتقدات الشعب بشكل وثيق جداً، فهو
صحيح أيضاً؛ لأن الشعب السوري وصل إلى
مرحلة أنه أضحى خالياً من أي معتقد. أما
من ناحية التغيير الذي تكلم عنه الرئيس
الأسد في أنه حصل ويحصل، فهو تحويل
معتقدات الشعب السوري إلى المذهب
الشيعي. إن تاريخ الصراع الطائفي في سورية يرجع
إلى أكثر من نصف قرن مضى. فبعد
الاستقلال تسلمت الحكم طبقة برجوازية
سنية، أمثال شكري القوتلي، الذي أمر
بإعدام سليمان المرشد، أحد زعماء
الطائفة العلوية عام 1947. ثم جاء بعده
أديب الشيشكلي الذي أوعز إلى اغتيال
محمد ناصر أحد كبار الضباط العلويين؛
ما جعل أكبر الضباط العلويين، آنذاك،
غسان الجديد يثأر للطائفة العلوية،
فيُقدم، هو وبديع مخلوف، خال الرئيس
الراحل حافظ الأسد، على اغتيال العقيد
عدنان المالكي. في عام 1966 كان الرئيس حافظ الأسد أحد قادة
الانقلاب على أمين الحافظ، آخر رئيس
سني في سورية. ونُفي ميشيل عفلق، ومعه
ابن حي الميدان الدمشقي السني صلاح
البيطار؛ لإلغاء دور الأحزاب في الحكم
في المستقبل نهائياً. وفي عام 1971 أصبح
حافظ الأسد رئيساً لسورية، بعد إزاحة
صديقيه وابني طائفته صلاح الجديد
ومحمد عمران. بتاريخ «17/7/ 1998» صرح الرئيس حافظ الأسد
لرئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان
أنه لا يعدّ ابنه بشاراً للخلافة على
الرئاسة. ولكن في الحقيقة سبق هذا
التصريح بأسبوع واحد فقط تسريح كبار
الضباط السنّة، منهم رئيس الأركان
حكمت الشهابي، ومدير المخابرات العامة
بشير النجار. وفي عام 1999 تم تعيين طبيب
العيون بشار الأسد ضابطاً برتبة عقيد،
وعضواً في القيادة القطرية لحزب البعث.
وبعد وفاة الرئيس حافظ الأسد تم ترفيعه
إلى رتبة فريق، وعيّن قائداً عاماً
للقوات المسلحة. وتم تعديل القانون رقم
9 الذي يقضي بتعديل الدستور لخفض سن
المرشح للرئاسة ليكون 34 عاماً. بعد تسلم الرئيس بشار الأسد السلطة، وعلى
رغم انتخابه أميناً عاماً لحزب البعث،
أدرك يقيناً أن المؤسسة الحزبية، التي
تحوي 850 ألف عضو عامل فيها، لا تأثير
لها في دعم حكمه؛ لهذا عمد مباشرة إلى
إزاحة عدد كبير من الضباط العلويين،
الذين كان يعتقد أنهم يشكلون خطراً على
سلطته. وعلى رغم السمعة الحسنة التي اكتسبتها
سورية أمام الغرب، في أنها استطاعت
القضاء على التيار الديني في سورية،
التي منها تدمير مدينة حماة، ومقتل
عشرات الألوف من المدنيين. إلا أن
الرئيس بشار الأسد حاول في بداية حكمه
إرضاء التيار السني، متتبعاً خُطى
والده الراحل، حين أعلن تحوله إلى
المذهب السني أثناء زيارته لمدينة
حماة، في بداية تسلمه الحكم. إذ أعاد
الابن الاعتبار للتيار السني، عن طريق
استكمال فتح بعض الكليات الشرعية في
الجامعات السورية، ودعم بعض المدارس
الدينية التي افتتحها والده، ومنح بعض
المشايخ، أمثال الشيخ رمضان البوطي،
بعض النفوذ. والحقيقة التي ربما تخفى على بعض الناس،
أن سورية كانت تدعم الشباب المجاهدين
المتجهين إلى العراق بعد الاحتلال
الأميركي لها. إضافة إلى الدعم المستمر
للحركات الجهادية الإسلامية السنية،
التي منها حركة حماس. كما تبين،
لاحقاً، أن سبعة أشخاص من كبار قادة
القاعدة المتهمين في أحداث 11 أيلول (سبتمبر)
كانوا سوريين. بل إن أسامة بن لادن نفسه
ترعرع في صغره مع والدته، علياء
إبراهيم غانم، سورية الأصل، في قرية
جبريون التي تبعد عن محافظة اللاذقية 25
كلم. ونشرت الصحف أن المخابرات
الأميركية التقطت مكالمة هاتفية بين
أسامة بن لادن وبين رقم هاتف في سورية،
قبل أحداث 11 سبتمبر بساعات قليلة. كل
ذلك ليس حباً في أهل السنّة، ولكن
نكاية في دول الغرب المعادية لسورية. في مقابل هذا التأييد المتواضع لبعض
الحركات الإسلامية السنّية، كان هناك
دعم كبير للحركات الإسلامية الشيعية،
كحركة أمل، وحزب الله. بل وداخل سورية
أيضاً، إذ إن تشييع أهل السنّة بدأ منذ
الثورة الإيرانية عام 1979. ففي عام 1981
بدأ جميل الأسد، عم الرئيس بشار الأسد،
في تشكيل النواة الأولى لجمعية سميت ب
«جمعية الإمام علي»؛ لتكون رديفاً
مسانداً لحزب البعث وشبيبة الثورة،
ولكن القصد الحقيقي منها كان تشييع
الشباب السنّي. إذ تم توفير أماكن وشقق
لهذا الغرض، وجلب إليها منظرون من
الطائفة العلوية. ونشرت كتيبات صغيرة
تدعم هذا التوجه، الذي كان منها كتيب
بعنوان «المسار». بتاريخ 22 - 4 - 2001 حذرت دراسة للمعهد الدولي
للدراسات السورية من زيادة الحوزات
العلمية في سورية، ومن التشيع بوجهيه
الديني والسياسي، الذي كان المقصود
منه استكمال حلقة المحور السوري
الإيراني الشيعي. وذُكر في الدراسة أنه
تم احتلال الشيعة للمقامات السنية في
السيدة زينب، وعمار بن ياسر، والسيدة
رقية، وحجر بن عدي، وتأسيس مراكز تبشير
شيعي فيها. وأنه بين عامي 2001 و2006 أنشئت
في قرية السيدة زينب 12 حوزة علمية،
وثلاث كليات للتعليم الشيعي. كما ذكرت
الدراسة أن معدل التشييع بين أهل السنة
وصل إلى 300 فرد سنوياً. وزادت هذه
النسبة كثيراً نتيجة محاولات الإعلام
السوري إقناع الشعب بأن حزب الله قد
انتصر في معركته الأخيرة مع إسرائيل في
لبنان. الحقيقة أن التشييع في عهد الرئيس بشار
الأسد أصبح سياسياً أكثر منه دينياً.
وأن التغيير الذي حصل منذ استلامه
الحكم في سورية لم يتجاوز هذا التغيير.
ويبقى أن أذكّر أن أحمد أبو الغيط،
وزير خارجية مصر، قال عقب ثورة تونس: إن
القول بأن ثورة تونس سوف تمتد إلى مصر
كلام فارغ. * باحث في الشؤون الإسلامية. ====================== محمد كريشان 2011-02-08 القدس العربي 'التحول
الديمقراطي في تونس يواجه عراقيل شتى'...
هكذا يمكن أن يقول باحث سياسي ببرودة
أعصاب أكاديمية، وبلغة نضالية يمكن
لأي شاب تونسي ساهم في ثورة بلاده
المجيدة أن يقول اليوم بأن هذه الثورة 'تتعرض
لعمليات التفاف وإجهاض عديدة'. وبين
هذا وذاك يمكن القول بحرص كبير على
انتقاء المفردات وتجنب أي تهوين أو
مبالغة أن المرحلة الانتقالية في تونس
لا تبدو سهلة بالمرة وبأن الوضع
السياسي الحالي في البلاد يحمل الكثير
من المؤشرات المتضاربة التي تدعو إلى
بعض الحيرة وكثير من القلق. من السذاجة توقع أن يكون الانتقال من حكم
بوليسي فاسد استمر ثلاثة وعشرين عاما
إلى حكم ديمقراطي عملية سهلة أو سريعة،
خاصة وأنه لم يمض شهر بعد على هروب بن
علي من البلاد، لكنه من الاستخفاف عدم
الانتباه من الآن إلى بعض المقدمات
التي قد يكون بعضها مبشرا ببعض الخير
وبعضها الآخر منذرا بقليل أو كثير من
الشرور. هنا لا بد أن نعترف من البداية
أن المرحلة الحالية في تونس ليست مرحلة
نظام جديد قام على أنقاض نظام سابق بل
هي مرحلة تقاسم سلطة ما زالت محصورة في
حكومة تضم عناصر من النظام السابق وبعض
أحزاب المعارضة القانونية إلى جانب
شخصيات بارزة من المجتمع المدني. هذه
المرحلة يفترض أن تستمر إلى غاية إجراء
انتخابات رئاسية وبرلمانية تفرز قوى
سياسية جديدة هي من ستتولى في نهاية
المطاف عملية الانتقال الديمقراطي
الحقيقي في البلاد. هكذا سارت الأمور
في كثير من دول أوروبا الشرقية السابقة
بعد سقوط دكتاتورياتها وهكذا سارت في
بعض دول أمريكا الجنوبية كالأرجنتين
دون أن ننسى دولا استمرت فيها المراحل
الانتقالية لسنوات كالتشيلي. إدراك أين نحن الآن لا يعني بأي حال من
الأحوال ترك الأمور تسير على هواها في
انتظار بروز شرعيات جديدة تفرزها
صناديق الاقتراع. التحذير من الآن لبعض
الأخطاء أو العثرات أو المنزلقات كفيل
لوحده بالتنبيه إلى أن الشعب التونسي
الثائر وقواه الشبابية الحية ليسوا في
وارد تفويت لا كبيرة ولا صغيرة من أجل
إشعار الجميع بأن من هبّ لإسقاط
الدكتاتورية بصدور عارية لن يكون
بالسلبية أو حسن النية التي تفتح
المجال لاستمرار نفس الممارسات
السابقة. أكثر ما لفت الانتباه في الأيام الماضية
في تونس أن قطاعات واسعة من أجهزة
النظام السابق ترفض الاعتراف بأن
عهدها قد ولى وانقضى. أول هذه الأجهزة
جهاز الأمن الرهيب الذي أسسه بن علي
واستحق به عن جدارة لقب الدولة
البوليسية، فهذا الجهاز يحتاج بسرعة
شديدة إلى تفكيك وإعادة تركيب جديدة
وإلا ستكون تونس كمن أجرى عملية جراحية
نسي فيها الطبيب المقص في الأمعاء. ثاني هذه الأجهزة التجمع الدستوري
الديمقراطي الحاكم سابقا فهذا الحزب
الأخطبوطي هو تجمع لكل الانتهازيين
والوصوليين والفاسدين في البلاد، إلا
من رحم ربك، وبالتالي فبقاؤه وعدم
محاسبة المتورطين منه سيكون أشبه
بالإبقاء على آلة حادة أخرى في بطن ذات
المريض. أما قطاع الإعلام، أحد أدوات
النظام السابق الأكثر تدجيلا وتخلفا،
فتحوله بين يوم وليلة إلى إعلام حر
جريء أدى اختلاط بين الصحافي المهني
النزيه التواق إلى الحرية بالانتهازي
المتلون. هذا القطاع يحتاج إلى غربلة
صارمة تطيح بكل الرموز والأقلام
المهترئة خاصة أن التعيينات الأخيرة
على رأس المؤسسات الإعلامية الكبرى
ضمت أسماء لا تبعث على الارتياح بالمرة.
ومن بواعث القلق أيضا قائمة التعيينات
الأخيرة في سلك الولاة (المحافظين)
وتصريحات وزير الخارجية التونسي غير
الموفقة بالمرة في فرنسا وتغزله
بمواقف نظيرته الفرنسية من تونس مع
أنها لا تستحق ذلك أبدا وتحوم حولها
شكوك مختلفة. لا بد من الآن من التحذير
من كل هذا وغيره كثير.... قبل فوات
الأوان. ========================= لكن.. ما هو المشروع
الوطني الفلسطيني؟ محمد خرّوب الرأي الاردنية 9-2-2011 فيما تتشكل خلايا أزمة, في معظم العواصم
الاقليمية والدولية بهدف متابعة وقائع
وتداعيات ثورة الغضب التي فجرها شباب
مصر والتي لم تُحسم خياراتها بعد,
وفيما تستعد دول عديدة لاعادة قراءة
ملفات وقضايا عديدة مرشحة لعاصفة من
التغيرات, إن لجهة التحالفات أو
الاصطفافات أو المكانة التي ستكون
عليها, بعد أن بات مؤكداً وأياً كانت
الشخصية التي ستقود مصر في المرحلة
الانتقالية الوشيكة, أن مصر بعد الخامس
والعشرين من يناير لن تكون ما قبلها,
سواء ما خص الصراع الفلسطيني
الاسرائيلي والتواطؤ الذي كان عليه
نظام مبارك (الآيل للسقوط) مع الكيان
الصهيوني, أم التحالف الاستراتيجي
الذي عقده مع الولايات المتحدة, والذي
ينهض في الاساس على معاداة كل ما هو
رافض أو معارض أو مقاوم أو حتى ناقد
للسياسة الاميركية المعادية لكل ما هو
عربي وفلسطيني, والساعي بلا كلل لتوفير
كل انواع الاسناد للتفوق الاسرائيلي
على العرب, ليس فقط في الاحتلال الطويل
لاراضيهم, وانما ايضاً في افشال كل
محاولات الخروج من دائرة القتل
والتنكيل, التي احكمتها اسرائيل على
الشعب الفلسطيني بمساعدة انظمة
الاستبداد العربية, التي يشكل نظام
مبارك ابرز تجلياتها ممارسة وحضوراً
ودوراً.. طالت المقدمة على نحو غير مقصود, وإن كانت
تصب في صالح التحليل الذي يراد منه
الاضاءة على حال الارتباك بل الضياع,
التي تعيشها السلطة الفلسطينية, بعد أن
اصابتها تسريبات «الجزيرة» بالهلع
وبعد أن «أقعدت» ثورة الغضب, دبلوماسية
«السفر الطائر» أو «الدبلوماسية
السندبادية» التي يمارسها رئيس السلطة
وأركانها, والتي لم تثمر شيئاً ملموساً
اللهم الا إذا كانت البيانات «الخشبية»
التي تزدحم بالكلام الذي لا يقول شيئاً,
هي غاية المراد, رغم ان الراحل ياسر
عرفات الذي تتواضع دبلوماسية «السفر
الطائر» التي انتهجها أمام ملايين
الكيلومترات «الجوية» التي قطعها خلفه
محمود عباس, بعد أن كانت الدائرة
المحيطة بالاخير تركز انتقاداتها على
سفر عرفات الدائم, فاكتشفوا - أو هم
يعرفون - أنها «عدة شغل» لمن يريد البحث
عن السراب.. فامعنوا فيها وتوغلوا.. المهم.. جديد كبير المفاوضين (لا تخطئوا.. كبير)
الفلسطينيين صاحب نظرية الحياة
مفاوضات التي (ولأمانته واخلاصه
لفلسفته ووجهة نظره), وضعها بين دفتي
كتاب كي يكون مرجعاً لمن يريد أن
يستزيد, رغم أن من يقرأه لا يكتشف
جديداً, بل إنه يندم لإضاعة وقته على
ثرثرة أو كلام عادي كهذا, نقول: جديد
صائب عريقات ليس اتهامه دولة قطر
وأميرها الشيخ حمد بن خليفة بأنهما
يستثمران في شركات اسرائيلية عالمية
لها مصانع بالمستوطنات بالضفة الغربية,
وليس في «تريثه» عن اخراج الوثائق التي
يزعم أنها تثبت ذلك و»تهديده» بأن
الوقت سوف يحين في المستقبل (...) لكشف
هذه الوثائق - بل في أن هذه المعلومات
ومواقف السلطة ازاء الاثار التي
تركتها تسريبات قناة الجزيرة, وكل ما
افاض به عريقات وما تحدث فيه, جاءت من
خلال ندوة سياسية نظمتها وزارة
الاعلام الفلسطينية وجامعة النجاح
الوطنية ومجلس الطلبة فيها, تحت عنوان
«تداعيات الحملة الاعلامية على
المشروع الوطني الفلسطيني».. هنا يجب التوقف والتأمل في «اللعبة» التي
تديرها السلطة الفلسطينية, ومحاولاتها
المحمومة لابعاد الانظار عن حقيقة
التفريط والتنازلات التي قدمتها
للمحتل الاسرائيلي, والتي شكّلت طعنة
نجلاء في «ظهر» المشروع الوطني
الفلسطيني, ولمّا «انكشف المستور»
اطلقوا قنابل تصريحاتهم الصوتية
والدخانية كمحاولة (لم يكتب لها النجاح
بالطبع) للظهور بمظهر الضحايا,
والايحاء بأن ثمة مؤامرة تقف خلف هذا
الكشف المدوّي الذي سُجّل نجاحاً
إعلامياً باهراً - للجزيرة - وفي الآن
ذاته قدّم خدمة عظيمة لانقاذ المشروع
الوطني الفلسطيني, الذي بات عرضة
للمزايدات والمناقصات التي تَبْرَعُ
فيها (سلالة اوسلو), والتي لم تمتلك
الشجاعة حتى الان للاعتذار ومصارحة
شعبها, بأنها رغم سبعة عشر عاماً من
التفاوض العبثي لم تنجح في احراز أي
تقدم يذكر, سواء لانهاء الاحتلال أم
لدفع المستعمرين الاسرائيليين
للاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب
الفلسطيني, ويبقى السؤال قائما.. أي
مشروع وطني فلسطيني هذا الذي يتحدث عنه
عريقات؟ ثمة حاجة اذاً لتذكير الرجل - الذي نحسب
أنه لا ينسى - بطبيعة وماهية هذا
المشروع, سواء ذلك «القديم» الذي انطوى
عليه ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية,
الذي تعرّض الى تغييرات والغاء لبعض
مواده في الاجتماع الطارئ (وغير
الدستوري كما ينبغي التذكير) الذي عقد
في غزة بحضور الرئيس الاميركي الاسبق
بيل كلينتون, أم تلك «المشاريع» التي
دأبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية على تبنيها وتغييرها,
وإعادة انتاجها في كل مرحلة أو عندما
تواجه حكومة اسرائيلية جديدة أو تسعى
لنيل رضى الادارة الاميركية, جمهورية
كانت أم ديمقراطية. من الصعوبة بمكان, الزعم أن هناك مشروعاً
وطنياً فلسطينياً ترعاه السلطة
الوطنية الفلسطينية الحالية, تماماً
وبالدرجة ذاتها فإن هذه السلطة لا يحق
لها رفع عقيرتها والجأر بالشكوى, بأن
المشروع الوطني الفلسطيني يتعرض لهجمة
إعلامية أو سياسية أو حملة تشويه, فقط
لأن هناك من امتلك الوثائق أو الجرأة
لكشف حجم التنازلات التي تقدمها
لاسرائيل, أو على الاقل للاضاءة على
تواضع وتهافت جدول الاعمال الذي تقيمه
مع اسرائيل, فيما يوليها بعض الشعب
الفلسطيني ثقته أو يعترف بأنها سلطة
الأمر الواقع.. هل يتكرم علينا كبير المفاوضين بمزيد من
التفصيل عن المشروع الوطني, الذي يعكف
هو وسلطته على الدفاع عنه أمام صلف
الاحتلال, غطرسته واحتلاله؟ ======================== الصراع والسلطة ونهاية
التاريخ! د. سليمان البدور الرأي الاردنية 9-2-2011 لماذا تتحارب الشعوب ويقتتل الناس
ويتصارع الإخوة في الوطن الواحد
والمدينة الواحدة والبيت الواحد؟!،
هذا ما فسَّره عالم الاجتماع «ماسلو» (Maslow)، في نظريته القيمة حول
الحاجات الإنسانية، فعندما يُترك
البشر على فطرتهم الأولى، يتعاركون في
البداية لتأمين حاجاتهم الفسيولوجية،
ومن ثم الأمنية والاجتماعية
والاعتبارية، فإذا ما حصلوا على
كفايتهم منها انتقلوا إلى الحاجة
الذاتيه (Egoism)، وهي السيطرة على الآخرين وامتلاك ما
لديهم، غريزة بدائية، إن لم تهذَّب
حضارياً، لا يقوى الفرد على الخلاص
منها، حتى لو دفع حياته ثمناً لها،
وتأسيسا على هذه الغريزة الجنونية بنى
الفيلسوف الألماني العظيم «هيجل» (Hegel)
نظريته التاريخية في العبد والسيد،
ورأى أن السيد كان مستعداً للموت بغية
إشباع رغبته في السلطة والسيادة، أما
العبد فقد آثر السلامة والرغبة في
البقاء حياً فدفع حريته ثمناً
لسلامته، وإن ظل في داخله مغتاظاً
حاقداً توَّاقاً للفكاك من نير
عبوديته، وهكذا نشأت الطبقات الظالمة
والمظلومة بدءاً من عصور الجهل
الرعوية وانتهاء بعصور الإقطاع
الأوروبية، لكن الصراع البشري واصل
احتدامه، وبقيت نيرانه مؤججة لا يخبو
لها أوار ولا يهدأ لها شرار، وإن خمدت
من حين لآخر انصياعاً لغلبة القوة
وخضوعاً لمنطقها وشروطها الموضوعية،
وقد خاضت الديمقراطيات الغربية صراعات
عنيفة على صعيد الداخل الوطني والخارج
الدولي، وأثبتت التجربة التاريخية
لمسيرة المجتمعات البشرية،
بمستوياتها المتفاوتة، بأن سلامة
الإنسانية وأمنها الفردي والجمعي، لا
يتحققان إلا بالسيطرة على نزعة
الاستبداد والتسلط والجشع لدى
الأفراد، ووضع السقوف الكابحة لجماحها
في ميدان السياسة خاصة، مع ترك
التفوُّق والنبوغ فيها وفي غيرها من
مجالات الحياة، لمعيار التنافس الشريف
المستند إلى تكافؤ الفرص والكفاءة
العلمية والعملية، وهي الركائز
الأساسية للديمقراطيات الغربية، بعد
أن أسقطت شعوبها، منذ عصر النهضة
الأوروبي، جميع الصيغ الأخرى الناظمة
للعلاقات السياسية في مجتمعاتها. في تسعينيات القرن الماضي، أصدر المفكر
الأميركي «فرنسيس فوكوياما» كتابه
الشهير «نهاية التاريخ» بعد سقوط
الاتحاد السوفيتي ونظامه الشمولي، وقد
اعتبر «فوكوياما» أن الصراع بين القوى
العظمى في العالم قد انتهى، بما يعنيه
ذلك من نهاية للتاريخ وانتصار
للديمقراطية كصيغة لنظام الحكم في
العالم وتوقف الحروب بنوعيها الباردة
والساخنة، لكنه تراجع عن ذلك محبطاً
بعد تدمير برجي نيويورك عام 2001م والغزو
الأميركي للعراق وأفغانستان، وإذا كان
التاريخ لم ينته بعد وفقاً للتوقيت
الفوكويامي، إلا أن استمراره سيبقى
محدوداً ومرهوناً بانسحاب الأنظمة
الشمولية جميعها، وسيادة الديمقراطية
الانتخابية التي تعتمد الهوية الوطنية
وليس الدينية أو العرقية أو الفئوية من
أي نوع، فقد أصبح هذا الكوكب الذي نعيش
عليه حرَّاً وقرية صغيرة جداً!. ======================== التطورات المصرية..
إعادة ترتيب لأولويات أوباما جون هيوز (مساعد وزير الخارجية في إدارة ريجان) «كريستيان ساينس مونيتور» الرأي الاردنية 9-2-2011 يريد الرئيس الأميركي التركيز خلال العام
الجاري على خلق الوظائف وتوسيع
الاقتصاد الأميركي؛ غير أن عدداً من
التغيرات التي تحدث في الخارج قد تجعل
هاتفه لا يكف عن الرنين ليلاً. فقد غيَّر تفجر القوى المؤيدة
للديمقراطية في تونس، والمنعطف
الدراماتيكي للأحداث في مصر، المشهدَ
السياسي في العالم العربي؛ وباتت حالة
من القلق تسود أرجاء المنطقة، وامتد
نطاقها من الجزائر إلى ليبيا، ومن
سوريا إلى اليمن، وحتى شمال السودان
المسلم. ولكن لا أحد يستطيع أن يكون
واثقاً من النتيجة: كيف سيؤثر ذلك على
حياة ملايين المسلمين، أو على عملية
السلام مع إسرائيل، وأيضاً على
المصالح الاستراتيجية للولايات
المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. واللافت أن لا أحد استطاع التنبؤ بمثل هذا
الرد الدراماتيكي السريع على التحذير
الذي كانت وزيرة الخارجية الأميركية
أطلقته في قطر أوائل الشهر الماضي من
أن الدول العربية ستواجه خطر «الغرق في
الرمال» إنْ هي لم تقم بمحاربة الفساد،
وتبادر إلى تسريع وتيرة إصلاحاتها
السياسية والاقتصادية البطيئة. واليوم، بات يتعين على إدارة أوباما أن
تتعاطى مع تغيرات فجائية بوتيرة ربما
لم تكن تتوقعها، والتوفيق بين رغبتها
في الدفع بالمبادئ الديمقراطية،
والقلق من صعود قوى التطرف الديني. إن أحد أبرز المبادئ الأميركية يتمثل في
كون الحريات، التي تمثل حجر الزاوية
بالنسبة لسبب الوجود الأميركي، ليست
أشياء مثالية، وإنما حقوق أساسية لكل
البشر. وقد أكد أوباما، وهو الحائز على
جائزة نوبل للسلام، على هذه النقطة
خلال لقائه مع الرئيس الصيني الزائر هو
جينتاو، خاصة وأن لدى الصين «جياوبو»،
الفائز بجائزة نوبل هذه السنة، والذي
لا يزال داخل السجن. وقد اعترف «هو»
بأنه «مازال ثمة الكثير الذي ينبغي
القيام به في الصين بخصوص حقوق الإنسان». لكن اللافت أن وسائل الإعلام الصينية، لم
تهتم بهذا التصريح. وبالمثل، فعندما
دعم رئيس الوزراء الصيني وين جياباو
مفهومَ حرية التعبير في حوار مع قناة «سي.
إن. إن» خلال زيارته للولايات المتحدة
العام الماضي، فإن تصريحاته بدورها لم
تسلم من مقص الرقيب في وسائل الإعلام
الصينية. وعلى الرغم من أن الأنظمة والإيديولوجيات
التي لا تهتم بالديمقراطية قد لا تسقط
مثل مكعبات الدومينو في العالم العربي
أو الدول التي مايزال يحكمها شيوعيون
مثل الصين، فإن التاريخ يشير إلى أنها
محكوم عليها بعدم الاستمرار؛ وذلك
بفضل انفجار التكنولوجيا الحديثة،
الذي بات يتيح للمحتجين بالملايين
إمكانية التنسيق بينهم عبر الهواتف
المتحركة والبريد الإلكتروني ومواقع
اجتماعية مثل «تويتر» و»فيسبوك». غير أن ما قد يعقب مثل هذه الدول التي لم
تتحرر بعد قد لا تكون الديمقراطية
مثلما يعرفها الأميركيون، وإنما
الحرية التي يتطلع إليها كل الرجال
والنساء – حتى وإن لم يسبق لهم أن
عرفوها من قبل. وبالتالي، فثمة تغيرات كارثية قد تواجه
أوباما في العالم العربي أو الصين (التي
يمكن أن تشهد مشاكل اقتصادية خطيرة
مرتبطة بالتضخم، أمام ارتفاع توقعات
العمال، ناهيك عن تغير في القيادة
الشيوعية)؛ ذلك أن الحكومات هشة في
باكستان والعراق وأفغانستان؛ ولبنان
يوجد في حالة تقلب سياسي؛ وجنوب
السودان الفقير، الذي انفصل عن
الخرطوم، بدأ يخطو خطواته الأولى نحو
بناء الدولة في منطقة تسعى «القاعدة»
إلى استغلالها. وفي هذه الأثناء، يجب إقناع كوريا
الشمالية بمزايا وفوائد دولة مدنية لا
تشكل تهديداً لجيرانها. كما يجب ردع
قوة إقليمية في الشرق الأوسط، تسعى إلى
الهيمنة على المنطقة العربية وتشكك في
حق إسرائيل في الوجود، ومنعها من تطوير
أسلحة نووية. هذا في وقت تبدو فيه كوبا
على شفا مرحلة ما بعد عهد كاسترو،
مرحلة لم تتضح بعد ملامحها. باختصار، يمكن القول إن 2011 يمكن أن تكون
سنة تغير عالمي مهم. ومما لا شك فيه أن الصين أصبحت قوة
اقتصادية كبيرة وأضحت تمثل قوة عسكرية
صاعدة لديها إمكانيات تجعلها قادرة
على استعراض القوة في مناطق بعيدة عن
حدودها، غير أن الزعامة والرد
والانخراط الأميركي في مثل هذا التغير
العالمي كلها أمور تظل بالغة الأهمية. وبناء على ما تقدم، فالمطلوب من أوباما
ووزيرة خارجيته انتهاج دبلوماسية
قادرة على استيعاب تلك التغيرات
بمهارة. ومن المعلوم أنه بعد اندلاع الثورة التي
شهدتها تونس، قام الرئيس الأميركي
بتوجيه رسالة دعم للمتظاهرين المحتجين. أما في حالة مصر، فإن المكالمة الهاتفية
التي أجراها مع مبارك كانت مختلفة ربما
وأخذت في عين الاعتبار الحاجة إلى
الإصلاح، والقلق من أن تقوم قوى متطرفة
دينية باستغلال الوضع لصالحها. ويمكن القول إن السياسة الداخلية ستستحوذ
على جل اهتمام أوباما خلال هذه السنة
التي تسبق الانتخابات ربما؛ غير أنه
يجدر به أن يكون مستعداً لتلك
المكالمات التي قد ترد عليه ليلاً من
عدد من العواصم عبر العالم. ======================== سيناريوهات المرحلة
وسؤال المستقبل عبد المجيد جرادات الدستور 9-2-2011 أشارت السيدة هيلاري كلينتون ، وزيرة
الخارجية الأميركية في إحدى تصريحاتها
الأخيرةً ، بأن منطقة الشرق الأوسط ،
ستشهد خلال المرحلة المقبلة المزيد من
التوترات ، وفي هذه الأثناء ، نشرت
العديد من الصحف العالمية والعربية
تفصيلات عن أرصدة كبار المسؤولين في
الجمهورية التونسية وجمهورية مصر
العربية ، وبتقديرات أولية ، نلمح أن
أرقام هذه الأرصدة ، تفوق المديونية
المسجلة على الدولتين المعنيتين . حظي موضوع"ثروة السلطة"بالكثير من
المتابعات والتحليلات منذ منتصف عقد
الثمانينيات من القرن الماضي ، وقد
نوقش بمنهجية تلتقي مع الاهداف
الإستراتيجية العليا للدول المانحة ،
ومن الواضح بأن الجهات المعنية بهذا
الأمر ، قد وضعت جملة تصورات وفقا
لإعتبارات كل دولة ، على سبيل المثال ،
فقد ارتأت اليابان وبحكم حرصها على
ديمومة تواجد منتجاتها الصناعية
والتكنولوجية في الأسواق العالمية ،
أن تنفذ ما تقرره من مساعدات خارجية
للدول محدودة الموارد تحت إشرافها ، في
حين رسمت الدول العظمى "سيناريو"
جديدا ، تحاول من خلاله التغطية على
تحيزها لإسرائيل وما فعلته في العراق
وأفغانستان ، بحيث توثق التعديات على
المال العام من قبل المؤتمنين على
مصالح شعوبهم ، وتبرمج ذلك بطريقة
تمكنها من التحكم بسلوك جميع الأطراف
في الوقت الذي يناسبها. ماهو الثابت والمتغير في سياسات الدول
العظمى والصناعية تجاه العالم العربي
؟ ، وهل سيتم الإفصاح فعليًا ، بعد أن
تستقر الأحوال ، عن ثروات المسؤولين
كما تناقلتها وسائل الإعلام ؟ وكيف
يمكن التقاط الرسائل التي تسهم بتصويب
الأوضاع بأقل قدر ممكن من الإيذاء ؟ : ترتكز السياسة الخارجية للدول العظمى على
مبدأين ، أولهما ، أنها تدعم الحلفاء
والأصدقاء شريطة ألا يتقاطع السلوك
العام بين رعايا الدول المستهدفة مع
السياسات المرسومة لهذه الدول على
المدى المنظور ، أما المبدأ الثاني ،
فهو يتلخص بالمهمة التي تقوم بها دوائر
صنع القرار محليا ، فإن حققت إنسجاما
نسبيا بين شرائح المجتمع ، فهذا يعني
أنها تسير في الإتجاه الصحيح ، وبعكس
ذلك ، تبرز الحاجة للبحث عن البدائل ،
لكن المشكلة هنا تكمن بإحتمالات حدوث"الفوضى"والتي
كثيرًا ما تتسب بإحداث الفتن الداخلية
، وما تأتي به من نتائج تؤثر في سياقها
العام على الجانب المشرق لمنظومة
القيم الإجتماعية. وصفت أحداث تونس ، بأنها"القطرة التي
أفاضت الكأس"، وهي عبارة ستحظى
بدراسات متأنية من قبل أهل الفكر
وخبراء السياسة في الولايات المتحدة
والدول الأوربية ، أما ما يتم في
العاصمة المصرية خلال هذه الأيام ، فهو
يخضع لمعالجات تتسم بحكمة الأمناء من
أبناء الشعب المصري على مستقبل بلدهم ،
والمؤمل هو أن تفوت الفرصة على أية
اختراقات من الجانب الإسرائيلي ،
خصوصا وأن"نتنياهو" يقول: بإن
إسرائيل ستكون مستقرة أكثر من غيرها في
ظل تطورات تتداخل فيها لعبة السياسة مع
الأطماع الاقتصادية ، ويشتد التنافس
بين من يحرص على حيوية دوره في المنطقة
، واخر ، يعزف أوتاره على أوجاع الذين
عصفت بهم رياح العولمة والأسواق الحرة. ========================= حياة الحويك عطية الدستور 9-2-2011 خطوط عديدة ينشط عليها كل الذين يخافون من
التغيير في مصر او يرفضونه. وكلها
تلتقي عند نقطة واحدة ، الاعتقاد
الحاسم باستحالة العودة الى الوراء ،
وفق ما قاله باراك اوباما. لكن المضي
الى الامام يترك اكثر من سؤال حول هذا
الامام ، وما يرسم له من خطوط. الواضح
فقط هو تلك الخطوط التي يرسمها الشباب
المعتصمون في ميدان التحرير. اما ما
تعمل على رسمه دوائر حسني مبارك ، او
دوائر النظام بدون حسني مبارك ، ودوائر
السياسة الاميركية والاوروبية
والاسرائيلية ، فهو عبارة عن محاولات
التفاف تتعدد وجوهها واساليبها ، دون
ان تختلف اهدافها. ولعل الواضح فيها هو
ما جسدته عبارتان: واحدة لرئيس مركز
دراسات جامعة بن غوريون ، في اليوم
الاول للثورة ، والثاني ما قالته
انجيلا ميركل في اليوم العاشر.
الاسرائيلي قال ببساطة: نحن لا تهمنا
الديمقراطية والاقتصاد في مصر ، ما
يهمنا هو السياسة الخارجية. اما ميركل
فقد قالت: نخشى انه كلما طالت الامور
كلما تجهت الى ما لا نحب. وما لا يحبه الغرب لهذا العالم العربي ،
وخاصة للدولة الاكبر فيه ، كثير: اوله
بالطبع ما يتعلق بتعلق بالسياسة
الخارجية التي تحدث عنها الاسرائيلي ،
اي ان تتحول سياسات الدولة المصرية عن
التحاقها المذل باسرائيل. وثانيه هو
تخلي الدولة الكبرى عن تبعيتها المذلة
للغرب وتحديدا للسياسة الاميركية في
المنطقة. اما غير المحبوب اطلاقا ،
فامر يرتبط عضويا بهذين التخوفين وهو
ارساء ديمقراطية حقيقية في مصر او في
اي دولة عربية ، لان الديمقراطية
الحقيقية تعني في ابسط تطبيقاتها ،
وصول الغالبية الى الى الحكم ، ولا
يجهل اي مركز دراسات اميركي او غربي ان
اغلبية مواطني مصر وغيرها من الدول
العربية لا يتمنون شيئا اكثر من التخلي
عن هذه التبعية التي اذلتهم كثيرا. وفي
مصر تحديدا ، قد لا يكون موضوع هذا الذل
السياسي ، اضعف المحركات التي فجرت
الثورة ، لان الامر يتعلق اولا
بالكرامة الوطنية والقومية التي تعود
المصريون على ان تكون بلادهم رائدتهما
، ولان جميع الواعين يعرفون انه لولا
انتهاك هذه الكرامة لما جاعت مصر ،
ولما امتص الفساد دمها ولما انغرست
اظافر القمع والتخلف في لحمها. لما
باعت غازها لاسرائيل بخسارة اربعة
مليارات دولار سنويا ، لما قضت على
زراعاتها لتحول "الفلاح المكتفي"
الى متسول مساعدات اجنبية ، لما فقدت
امنها الغذائي ، لما فقدت امنها المائي
وزعامتها لمنظمة دول حوض النيل ، لما
فقدت موقعها العربي بعد ان تآمرت على
العراق ، وامسكت بيدها تشد الحبل على
عنق غزة. الى اخر ما تكره المسبحة مما
هو معروف. فما لا تحبه ميركل ، والغرب معها ، هو ان
يتغير كل هذا وان تعود مصر الى قوتها
وموقعها الطبيعي. وبما ان الانتصار على
هؤلاء الذين يملأون الشوارع بات
مستحيلا ، فانه من الافضل الالتفاف
عليهم. التفاف رآه الغرب اولا بالتضحية
بحسني مبارك شخصيا ، في سبيل الابقاء
على نظامه ، وترضية المتظاهرين بحفنة
من الاصلاحات ، التي تنفس الاحتقان
لكنها لا تشكل خطر الوصول الى المحظور.
لذا رأينا هيلاري كلينتون تطلب منه
الرحيل. لكن الذي كلن يفهم الوضع اكثر ، ويخافه
اكثر هو الانتلجنسيا الاسرائيلية ،
ولذلك تحركت قوى الديبلوماسية
الاسرائيلية ، وقوى اللوبيهات
الصهيونية في العالم كله ، في حملة
واحدة حامية لاقناع المسؤولين
الاميركيين والغربيين بان اللعب
بالنار ممنوع لانه غير مضمون النتائج ،
وعليه خرج علينا باراك اوباما ليقول ان
مبارك وحده يعرف ماذا عليه ان يفعل..
وما اعلان ذلك من على شاشة فوكس نيوز
تحديدا الا الدلالة الابلغ على مصدر
التحول. غير ان كل النشاط الخارجي لا يحسم ما يمكن
ان يحسمه الصمود الداخلي ، ومن هنا
امسك اللاعبون بدائرة من الاوراق التي
راحوا يلعبونها واحدة تلو الاخرى ، وما
يزالون. ولم تكن اخرها مفاوضات الامس
مع الاخوان المسلمين. فثمة اوراق كثيرة
ستطرح على الطاولة ، وستكون اقواها
واخرها ، اذا ما فشلت كلها ورقة الجيش.
ورقة لا يجوز استبعادها ضمن سياقين:
الاول خطة اميركية اسرائيلية مزمنة
بتوريط الجيوش العربية في صراعات
الداخل وابعادها عن صراعات الحدود.
والثاني ، ما لا يعمله احد من اختراقات
يمكن ان تكون قد تحققت خلال اعوام
التنسيق الامني ، والدورات الطويلة مع
اسرائيل والولايات المتحدة. خطوط كثيرة لا بد ان يصبح الخط الموازي
لها جميعا ، خط تبلور قيادة واضحة
للثورة ، قادرة على صيانة الصمود وعدم
السماح بتآكل الجماهير المحتجة ، وعلى
استشراف المستقبل والتخطيط الواعي
للعلاقة مع عنصر الوقت. ======================== المستقبل - الاربعاء 9 شباط 2011 العدد 3908 - رأي و فكر - صفحة 19 خيرالله خيرالله سيبقى الشرق الاوسط ومعه العالم منشغلا
بالحدث المصري فترة لا بأس بها. فقد طغى
هذا الحدث على كل ما عداه. صارت الازمة
التي يمر بها لبنان جراء الانقلاب الذي
تعرض له، وهو انقلاب بكل معنى الكلمة
حوّل الاكثرية النيابية الى اقلّية
بقدرة قادر في ظرف اقلّ من اسبوع، الى
مجرد حادث عرضي. ليس لبنان وحده الذي
صار حدثا ثانويا. فجأة، غابت تونس عن
الاخبار. باستثناء ان الرئيس زين
العابدين بن علي صار خارج السلطة وان
هناك تجميدا لحسابات افراد العائلة في
المصارف الاوروبية، بدا وكأن تونس لم
تعد تهمّ سوى التونسيين، في حين انه
كان للثورة الشعبية التي شهدها البلد
تاثير مباشر على مصر. ليس صحيحا ان هناك
فوارق كبيرة بين مصر وتونس. على العكس
من ذلك، هناك قواسم مشتركة عدة بين
الثورتين الشعبيتين على الرغم من ان
عدد سكان مصر يزيد على اربعة وثمانين
مليون نسمة فيما عدد سكان تونس في حدود
العشرة ملايين. يمكن البحث عن الفوارق
مثلما انه يمكن البحث عن القواسم
المشتركة. الاكيد ان الاهمية
الاستراتيجية لمصر لا تقارن باهمية
تونس، خصوصا ان مصر، وهي اكبر دولة
عربية كانت السباقة الى توقيع معاهدة
سلام مع اسرائيل في العام 1979، اضافة
الى انها تتحكم بقناة السويس وانها
دولة عربية وافريقية في آن... هناك ثلاثة عوامل مهمة تجمع بين مصر وتونس.
وقد لعبت العوامل الثلاثة دورا مهما في
اندلاع الثورتين وادخال مصر ومعها
المنطقة مرحلة جديدة. مصر تغيّرت شئنا
ام ابينا، اكمل الرئيس حسني مبارك
ولايته او لم يكملها. هناك مصر اخرى،
سيتوجب على اي رئيس جديد فيها التعاطي
مع مشاكلها الداخلية تفاديا لانهيار
كبير تتسبب به الفروقات الاجتماعية
والنمو السكاني واستمرار العمل ببرامج
تعليمية لا تشجع سوى على التطرف. هناك
اجيال مصرية تنشأ في ظل الفقر والعوز
والمدارس التي تخرّج ارهابيين لااكثر
ولا اقلّ. لعلّ العامل الاول الذي يجمع بين مصر
وتونس هو جيل الشباب الذي اشعل شرارة
الثورة. في الحالين، لعب شبان مستنيرون
دورا في قيام تظاهرات شعبية واجهتها
السلطة بالقمع معتقدة ان سقوط بضعة
قتلى كفيل بعودة المتظاهرين الى
منازلهم. على العكس من ذلك، دفع القمع
مزيدا من الشبان الى النزول الى الشارع.
استفاد الشبان في مصر وتونس من وسائل
الاتصال والتواصل الحديثة، خصوصا
الانترنت، لمتابعة تحركهم. شرّعوا
الابواب امام انضمام فئات اخرى اليهم.
بين هذه الفئات الاسلاميون الذين
سيعملون من دون شك على استغلال الوضع
في مرحلة لاحقة وعلى استيعاب الثورة
الشعبية وتوجيهها بالطريقة التي تخدم
طموحاتهم. هل ينجح اسلاميو تونس ومصر
في ذلك؟ في الحالين هناك علامة استفهام
كبيرة تشكل بدورها قاسما مشتركا آخر
بين الثورتين. قد يكون العامل الثاني الذي يجمع بين
الثورتين طبقة الفاسدين التي نشأت
حديثا في البلدين. هناك ما يزيد على
خمسين مليارديرا في مصر. معظم هؤلاء من
حديثي النعمة الذين سمحت لهم السلطة
باستباحة كل شيء بما في ذلك مساحات
شاسعة من الاراضي والاستيلاء على
الاستثمارات المربحة. هؤلاء هم الذين
يسعون حاليا الى تشكيل ميليشيات تهاجم
المتظاهرين في ميدان التحرير وغيره.
لدى هؤلاء مصلحة في عرقلة اي تطور
سياسي يحصل في مصر. المسألة بالنسبة
اليهم مسألة حياة او موت. لذلك انشأوا
فرق "جنجويد" خاصة بهم على
الطريقة السودانية. استخدم "جنجويد
مصر" الجمال والخيول في مهاجمة
المتظاهرين. خلقوا من دون شك واقعا
جديدا، لكنهم لن يتمكنوا في نهاية
المطاف من اعادة عقارب الساعة الى خلف.
لعب الاغنياء الجدد في مصر دورا اساسيا
في تأليب الرأي العام على الحكم القائم
وفي جعل القوات المسلحة تتخذ موقفا
متضامنا مع المطالب الشعبية التي
وصفها ناطق عسكري بأنها "مشروعة". وفي تونس، كانت الشكوى عارمة، حتى في
الاوساط الحزبية النافذة، من رجال
الاعمال المرتبطين بالاسرة، اسرة
السيدة ليلى طرابلسي زوجة الرئيس بن
علي. لم يكن مسموحا باقامة اي مشروع
كبير في البلد من دون المرور بهؤلاء
الذين كانو يصرون على تقاسم الحصص مع
المستثمرين في غياب القضاء المستقل! اما العامل الثالث الذي يجمع بين
الثورتين فهو موقف الجيش في كل من تونس
ومصر. كان الجيش وراء اقصاء زين
العابدين بن علي والانتهاء من حكم
العائلة. وكان الجيش وراء فرض تعيين
نائب لرئيس الجمهورية في مصر بعدما رفض
الرئيس مبارك ذلك طوال ثلاثين عاما. في
الحالين حولت المؤسسة العسكرية نفسها
الى ضامن للسلم الاهلي ولعملية
الانتقال الى مرحلة جديدة. لم يعد مكان
لا في تونس ولا في مصر لرئيس للجمهورية
يبقى في موقعه مدى الحياة. في كل من تونس ومصر، لم يفرض الجيش الامن،
او لنقل حدا ادنى من الامن الا بعد
حصوله على تنازلات معينة. اكدت المؤسسة
العسكرية انها صاحبة الكلمة الفصل
خصوصا بعد تفكك المؤسسة الامنية التي
انشأها زين العابدين في تونس وانهيار
الاجهزة التابعة لوزارة الداخلية في
مصر. تبقى تونس تونس ومصر مصر. تبقى هناك فوارق
كبيرة بين البلدين، خصوصا ان الفقر في
مصر لا يمكن مقارنته بالفقر في تونس
حيث نجح بن علي بتوسيع الطبقة المتوسطة.
ولكن يبقى ايضا ان الثورتين ليستا
نهاية الثورات. انهما مجرد بداية
لمسلسل الاحداث التي تبدو السنة 2011
حبلى لها! ========================= المصدر: صحيفة «أوبزرفر»
البريطانية التاريخ: 09 فبراير 2011 البيان فشل الغرب في رؤية الموقف في الشرق الأوسط
كما يراه المواطنون، وغابت عنه
المؤشرات على أن الناس في أماكن متفرقة
من منطقة الشرق الأوسط، بلغوا حداً
فاصلاً. لماذا يفشل الدبلوماسيون
وصنّاع القرار والمحللون
والأكاديميون، في رؤية وفهم
الاضطرابات الشعبية المتزايدة في
الدول المعنية؟ يبدو أن الأسباب التي
كنا نظن بموجبها استحالة وقوع ثورة،
كانت غير صحيحة، وتم تضليل رصدنا
لعوامل التغيير، وبات فهمنا لكيفية
حدوث تعبئة جماعية ضيقاً للغاية. إننا
بحاجة لأساليب جديدة لاستيعاب ما يجري
على أرض الواقع، من خلال عيون الناس في
هذه البلدان. في الوقت الذي ركّز صناع
القرار والمحللون على دور الشرطة في
التعامل مع المؤسسات والكيانات
الرسمية، من وسائل إعلام وأحزاب
سياسية، فإن مدى ونطاق مراقبة أمن
الدولة للمواطنين العاديين، جرى
تجاهله كلية على وجه التقريب. فقد
أوجدت الأجهزة المعنية مستويات لا
يمكن تحملها من الخوف والذعر وعدم
الثقة التي سيطرت على المواطنين في هذه
البلدان. ومن خلال التركيز على الجهات
المؤسسية الرسمية الفاعلة، فقد فشلنا
في «رؤية الأمور مثل المواطنين»،
وغابت عنا التجارب التي واجهها
المواطنون يوما بعد آخر. لقد حاول المواطنون التكيف مع العيش مع
الأجهزة الرسمية، ولكن مع الحرمان
الاقتصادي المتزايد، والاستفزازات
التي أثارها تزوير أوراق الانتخابات،
وعدم وجود خيارات أخرى، فإن نقطة
انهيارهم بدا بوضوح أنها آخذة في
الاقتراب. تشير التقديرات الاقتصادية الرسمية،
التي قاسها المجتمع الدولي بمعايير
النمو الاقتصادي، إلى أن الدول
المعنية تجابه الأزمات الاقتصادية،
ولكن على أرض الواقع كانت القصة مختلفة
جداً. في اليمن، كما في عدد غيرها من
دول المنطقة، وضمن البحوث التي أجراها
معهد دراسات التنمية عن تأثير الأزمات
الاقتصادية على الفقراء، كشفت مقابلات
أجريت مع أسر في العاصمة صنعاء، في
إبريل من العام الماضي، عن المدى الذي
وصلت إليه الحرب في الشمال، والتضخم
وتضاؤل الفرص الاقتصادية في التأثير
سلباً على قدرتهم على الصمود. وكان
الفقراء مدركين تماما لماذا كان يحدث
هذا، وهو غض الحكومة الطرف عن معاناة
الشعب. يُبرز الفهم الحالي للعملية
الديمقراطية، ثلاث مجموعات يعتقد أنها
ذات تأثير في تحدي الأنظمة
الاستبدادية، وهي الأحزاب السياسية،
والحركة الإسلامية، وجمعيات حقوق
الإنسان ومنظمات المجتمع المدني
الأخرى. وباختصار، انصب التركيز على
الجهات المؤسسية الفاعلة ذات المستوى
العالي، التي تعمل في المجال الرسمي
العام. لم تحفز أحزاب المعارضة أو تنظم أو تقُد
حركات المواطنين الذين خرجوا إلى
الشوارع في دول في المنطقة. فقد كانوا
في عداد الغائبين تقريباً عن مسرح
الأحداث في بداية الأمر. أما بالنسبة
لجماعات حقوق الإنسان، فقد كان دورها
في حشد المواطنين أو تعبئتهم ضئيلاً،
وغير موجود تقريبا. أثبتت منظمات حقوق
الإنسان، مثل بعض الناشطين في الأحزاب
السياسية، أن لها دورا أساسيا في فضح
انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الأنظمة
القائمة. ولكن التمويل الأجنبي لتعزيز
الديمقراطية، أدى إلى أن تصبح هذه
المنظمات على نحو متزايد مهنية في
طبيعتها، وفي بعض الحالات إلى تجريدها
من الطابع السياسي كذلك. واتجه صانعو
القرار وعلماء في الغرب إلى منظمات
التنمية وحقوق الإنسان، للانخراط في
حياة سياسية مثيرة للجدل، ولكن من خلال
عملية غاب عنها النشاط العضوي. وإجمالاً، فإن المنظور التحليلي الغربي
لم يمكننا من رؤية الأحداث كمواطنين،
وإدراك أن الناس قد تغلبوا على حواجز
الخوف ووصلوا إلى نقطة اللاعودة. غير
أن الوقت لم ينقضِ بعد، ولا يزال
بمقدور الغرب فهم ما يجري في الشرق
الأوسط، واتخاذ المواقف الصحيحة
تجاهه، وفقاً للقيم التي يعنّ تمسكه
بها. ========================= عبد المنعم سعيد الشرق الاوسط 9-2-2011 لا أدري هل ستنتهي الأزمة المصرية، وقت
نشر هذا المقال، ولكن العلامات
والإشارات مساء يوم السبت الخامس من
فبراير (شباط) الحالي كانت أن الحالة قد
تعدت أقسى لحظاتها ودخلت مرحلة
التسوية. وربما يكون مبكرا أن نتأمل في
التجربة كلها، فلا يزال التاريخ يصنع
بأشكال جديدة؛ ومن الجائز أن يكون من
حق المصريين الثورة ولو لمرة واحدة كل
قرن. ومنذ أيام نقل فريد زكريا الكاتب في مجلة
«التايم» الأميركية ما كتبه فؤاد عجمي
عام 1995 عن أن مصر لها سجل ملحوظ من
الاستقرار السياسي، وعلى مدى قرنين من
الزمان حكم مصر نظامان: الملكية التي
أسسها محمد علي الكبير عام 1805؛
والجمهورية التي أسسها جمال عبد
الناصر. وبالمقارنة فإن فرنسا مرت
بثورة عظمى، وإمبراطوريتين، وخمس
جمهوريات وشبه نظام فاشي خلال نفس
المرحلة. لقد جاء عصر ثورة مصرية إذن بعد وقت طويل،
وبات على المصريين التعامل مع أوضاع
جديدة معقدة ومركبة. وكما يحدث عادة
فإن الأوقات الصعبة تعني أمورا كثيرة
من بينها أن تأتي النصائح من كل حدب
وصوب، ومن الأصدقاء والحلفاء وغيرهم.
وفي الحقيقة فإن المصريين كانوا في
حاجة إلى النصح سواء كانوا في الحكم أو
في المعارضة، لأن في مثل هذه اللحظات
تكون الحركة بين المبالغة والملاينة،
التفاخر والتواضع، تحتاج إلى رؤوس
عاقلة، وقلوب باردة. طرف واحد في العلاقات الدولية كلها بدا لي
أنه ليس الطرف الصحيح الذي من حقه
إعطاء الدروس لمصر والمصريين وهو
الولايات المتحدة الأميركية التي
احتلت بلادا بأكملها من أجل إصلاحها
وتدريبها على الديمقراطية الحقة،
وكانت النتيجة كما نعرف في أفغانستان
والعراق. صحيح ورثت إدارة الرئيس
الأميركي باراك أوباما أعباء ثقيلة
خلفتها السياسة اليمينية المتشددة
التي انتهجتها الإدارة الجمهورية
السابقة، لكن اللافت في هذا الإطار، هو
أن الإدارة الديمقراطية الحالية لم
تفشل فحسب في معالجة معظم التداعيات
السلبية التي أنتجتها هذه السياسات
الخاطئة، وإنما راكمت عليها أخطاء
جديدة في كثير من الملفات، أدت في
النهاية إلى ظهور اتجاهات جديدة بدأت
تتحدث عن «أفول» القوة العظمى الوحيدة
الموجودة على الساحة الدولية، لصالح
نظام دولي جديد متعدد الأقطاب لا سيما
في ظل تطلع العديد من القوى العالمية
إلى منافسة الولايات المتحدة
الأميركية على الصعيد العالمي، وبروز
توقعات متشائمة بشأن مستقبل الاقتصاد
الأميركي، وما يمكن أن يتمخض عن المناخ
السياسي السائد حاليا داخل الولايات
المتحدة الذي بدأ يشهد ظواهر جديدة لم
يعتدها المجتمع الأميركي. فعلى الصعيد الخارجي، تتعدد الملفات التي
ارتكبت فيها الإدارة الأميركية أخطاء
بالجملة. ففي الملف العراقي، ورغم نجاح
الإدارة الأميركية في خفض عدد قواتها
العسكرية وإنهاء العمليات القتالية في
عام 2010، فإن ذلك لم ينعكس كثيرا على
تدعيم حالة الاستقرار على المستويين
السياسي والأمني. فعلى المستوى
السياسي ما زالت الخلافات والصراعات
بين القوى السياسية العراقية التي
سببت دوما شللا في إدارة شؤون الدولة
سمة أساسية في المشهد السياسي
العراقي، وهو ما بدا جليا في أزمة
التشكيلة الحكومية التي استمرت أكثر
من سبعة أشهر بعد إجراء الانتخابات
التشريعية في مارس (آذار) 2010، وانتهت
بالتوافق على احتفاظ نوري المالكي
بمنصبه كرئيس للحكومة. وعلى المستوى
الأمني ما زالت مناطق مختلفة من العراق
تشهد بين الحين والآخر عمليات
انتحارية تخلف عددا كبيرا من القتلى
والجرحى رغم الترتيبات والاستعدادات
الأمنية القائمة، والتعاون الأمني بين
القوات الأميركية والسلطات العراقية. فضلا عن ذلك ظهرت بعض المشكلات الخاصة
بعمليات إعادة الإعمار. فقد عجزت وزارة
الدفاع الأميركية عن توضيح كيف أنفقت
2.6 مليار دولار من الأموال المخصصة
للحكومة العراقية نتيجة لوجود تراخ في
عملية الرقابة وحفظ السجلات. وخلال
مراجعة حسابات ما يصل إلى 9.1 مليار
دولار من عائدات النفط في العراق، أشار
المفتش العام الأميركي المسؤول عن
أعمال إعادة الإعمار في العراق إلى أن
معظم المؤسسات العسكرية الأميركية
التي كلفت بصرف أموال على مشاريع إعادة
الإعمار لم تلتزم بالقواعد التي
وضعتها الولايات المتحدة الخاصة
بكيفية متابعة هذه الأموال وإنفاقها.
كما أشار التقرير الذي أعده المفتش إلى
وجود تراخ من جانب بعض المسؤولين
الأميركيين الذين عزفوا عن فتح حسابات
مصرفية ل8.7 مليار دولار تابعة لصندوق
تنمية العراق، وذلك حسب القواعد التي
تفرضها وزارة الخزانة، وهو ما أدى إلى
ظهور مشكلات في عملية الرقابة وجعل
الأموال عرضة لاستخدامات غير مناسبة
ولخسائر غير متوقعة. واللافت في الحالة العراقية أيضا، هو أن
الإدارة الأميركية لم تنجح فحسب في
معالجة الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن
إبان غزو العراق عام 2003، وأهمها قرار
حل الجيش العراقي وتنفيذ عملية اجتثاث
حزب البعث بشكل عشوائي، وإنما فشلت
أيضا في محاصرة، أو على الأقل تحييد
دور إيران في المشهد العراقي، بل على
العكس، تمكنت إيران من استثمار
الأخطاء الأميركية الفادحة في العراق،
لتكريس نفوذها ودورها في العراق،
خصوصا لجهة تمكين حلفائها من السيطرة
على مقاليد السلطة. وفي الملف الأفغاني، ورغم الجهود الحثيثة
التي ما زالت تبذلها الإدارة
الأميركية لحسم هذا الملف من خلال ضخ
مزيد من الموارد العسكرية في الحرب
الدائرة هناك، لا سيما بعد خفض القوات
في العراق، ورغم إجراء مراجعة
للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان
وباكستان، فإن ذلك لا ينفي أن ثمة بعض
الأخطاء ارتكبتها الإدارة أدت إلى
حدوث تطورات سلبية مثل التصاعد
الملحوظ في دور حركة طالبان التي نجحت
في السيطرة على عدد من المناطق
الأفغانية خصوصا في الجنوب، وظهور
خلافات بين الرئيس الأفغاني حامد
كرزاي والإدارة الأميركية، وتصاعد دور
ونفوذ إيران أيضا داخل أفغانستان،
وتوسع نفوذ تنظيم القاعدة لا سيما في
المناطق الحدودية بين باكستان
وأفغانستان والمناطق القبلية. كما
أثرت العمليات القتالية والسياسة
الأميركية في المنطقة بالسلب على
العلاقات بين الولايات المتحدة
وباكستان. المسألة إذن أن الولايات المتحدة هي آخر
الدول التي يمكنها إبداء النصح لمصر،
ليس فقط بسبب فشلها في مناطق محددة
يمكن إضافة أمور كثيرة لها، ولكن لأن
النظام الأميركي فيه من العناصر
الداخلية المؤثرة على الحكم والتقدير
من جانب الإدارة الأميركية ما يدفع
للقول إنه نادرا ما يكون ذلك واقعا إلى
جانب الحكمة حتى فيما يتعلق بحماية
المصالح الأميركية نفسها. ولا يكون ذلك
مرتبطا فقط بالاضطراب الذي تولده
جماعات المصالح، وإنما يضاف إليها ما
يسمى بمراكز التفكير التي نادرا ما
تكون قادرة على تقديم النصح الصحيح
للرئيس الأميركي. النتيجة كما رأينا
كانت كمية من النصائح التي كانت تكفي
لضياع مصر كلها! ======================== ما بعد سياسة «مدعوم
أميركيا» الخارجية إدوارد شوماخر ماتوس الشرق الاوسط 9-2-2011 «مدعوم من أميركا» سمعنا هذه العبارة مرة
بعد أخرى من صحافيين وسياسيين ومحللين
سياسيين. إنها مثل نعت يحمل نبرة ماكرة
ومغرورة في إشارة إلى حكومات وأحداث في
دول العالم الثالث، وكأن الدعم
الأميركي بصورة أو بأخرى العنصر
الحاسم في أي مشكلة فاصلة. وحتى يوم الثلاثاء (الأسبوع الماضي)،
عندما طلب الرئيس باراك أوباما، بحسب
ما ورد، من الرئيس المصري حسني مبارك
أن يتنحى عن منصبه، كانت هذه العبارة
ملاصقة للرئيس المصري، فقد كان يوصف
بأنه حليف «مدعوم من أميركا». وقد
قرأنا عن الحكومات المدعومة من أميركا
في الأردن وتونس. وفي العام الماضي،
كان هذا الوصف مرتبطا بحكومات داخل
هندوراس وكولومبيا. هذه الفكرة ليست خاطئة من الناحية الفنية
- وقد أشرت إلى برامج أو سياسيين
مدعومين من الولايات المتحدة - ولكن
المعنى الكامن وراء هذه العبارة
كتعريف مختصر هو معنى عفا عليه الزمن
يعود إلى فترة الحرب الباردة يبالغ في
نفوذنا ويمزج بصورة خاطئة في الأغلب
بين علاقاتنا، وما نوافق عليه. كما
يفرض إطارا أميركيا خطيرا لأحداث في
العالم الثالث؛ سواء بالنسبة للسياسة
الأميركية أو بالنسبة للدول المتأثرة. وما تظهره الأحداث التي تتكشف داخل مصر،
مثلما أظهرت الأحداث في الكثير من
أزمات العالم الثالث منذ أواخر فترة
الحرب الباردة، هو أنه بعيدا عن الغزو
العسكري، فإن النفوذ الأميركي محدود
ودائما ما يكون غير ذي صلة. لقد ضمنت نحو ملياري دولار سنويا في صورة
مساعدات منذ 1979 لنا تجاوب الجيش المصري
ومبارك، الحليف المفترض لخمسة رؤساء
أميركيين منذ توليه منصب الرئاسة في
1981. ولكن الاستعداد لتلقي مطالب من
الرؤساء الأميركيين أمر قد ولى حتى
الآن، فالقادة المصريون سيقررون ما
سيقومون به اعتمادا على مصالحهم
الخاصة، وليست مصالحنا. ويمكن النظر
إلى استعدادهم لإثارة أعمال عنف داخل
الشوارع. في هذه الأثناء، يتحدث أميركيون في
اليسار واليمين وكأن نجاح أو فشل
الديمقراطية داخل مصر ودول أخرى في
العالم الثالث يعتمد علينا. ويبدو
الأمر وكأن شعوب هذه الدول أطفال،
وأننا ما زلنا قادة «التكتل». وفي صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع
الحالي، أعرب الكاتب المحافظ ديفيد
بروكس عن شعور بالأسف لأن «الولايات
المتحدة دائما تتعامل مع الأشياء
بصورة خاطئة»، وقال إننا نطأ على «كرامة»
المصريين. وفي الوقت نفسه اتهمت
الليبرالية مورين داود الإدارة بالسعي
إلى «وقف نمو غير منضبط للديمقراطية
داخل العالم العربي». وربما تُطرح تساؤلات عن طبيعة الاحتجاجات
التي تحدث. وفي القاهرة لم يكن هناك مَن
يهتف «تسقط أميركا». وبدا واضحا
للمصريين أن أوباما، من خلال دفعه
مبارك إلى التنحي علنا، ليس هو العدو. ويفهم معظم المواطنين داخل الدول النامية
- الآسيوية والأفريقية والعربية
والأميركية اللاتينية - الأساليب
الدبلوماسية، وأن الحكومة تمثل الدولة
وأن العلاقة لا تعني الموافقة.
والأميركيون هم المهووسون بتصريحات
قديمة و«شفافية» في كل شيء. وعلاوة على ذلك، فإنه من بين الأخطار
الكبرى في إطارنا الداخلي أن
الصحافيين والمحللين الأجانب يوجهون
انتقادات ويكررون المبالغة في تأثيرنا
ويرفعون التوقعات والانتقاد في الخارج.
وفي الأغلب تقوم «الجزيرة» بذلك، وترى
مؤامرات أميركية في كل مكان. ويعكس ذلك
النفوذ العالمي للصحافة الأميركية
وواشنطن كمركز إعلامي أكثر مما يعكس من
حقائق. ولا يعني ذلك أن الولايات المتحدة ليس لها
تأثير أو أنها لم ترتكب أخطاء في
موافقة استبداديين علنا، لا سيما خلال
الحرب الباردة، فقد دعمنا عددا من
المجالس العسكرية التي تولت مقاليد
الأمور في أعقاب ثورات داخل أميركا
اللاتينية وأرسلنا المارينز أكثر من
مرة. ولكن في معظم الحالات، كانت تعتبر
المخاطر وجودية: حياة أو موت مع
الاتحاد السوفياتي. وفي الوقت الحالي، أي من الدول النامية
ليست من بين «حلفاء» الولايات
المتحدة؟ كوبا وإيران وبورما. يعد هوغو شافيز داخل
فنزويلا مصدر ألم، ولكن هذه الدولة من
أكبر شركائنا في المجال النفطي. وبصورة
أخرى، لا توجد سوى حفنة صغيرة من الدول
لا تحظى ب«دعم من أميركا» بصورة أو
بأخرى. ويشير ذلك كله إلى شيئين. أولا: يجب على
الصحافيين والمحللين، إلى جانب دراسة
الزاوية الأميركية، وضع إطار جديد
لتحليلهم للأحداث داخل دول العالم
الثالث للتركيز على لاعبين محليين
ودوافع محلية. ثانيا: يجب على واضعي
السياسات أن يتحلوا بالذكاء الكافي في
تصريحاتهم للفصل بين علاقة مع حكومة
والموافقة السياسية لما تقوم به. وتعد مصر نموذجا جيدا؛ ففي الأسبوع
الماضي، أبدت الإدارة الأميركية
والقيادة الجمهورية ضبطا للنفس بصورة
ملحوظة في التعليقات دعما للإرادة
الشعبية المشروعة داخل مصر من دون
إثارة فوضى. ونتيجة لذلك، فإن الحكومة
الأميركية لا تواجه خطر أن تكون «على
الجانب الخطأ من التاريخ» مثلما يخشى
كثير من التقارير الإخبارية. الآن هذا هو الخبر، ولكن النجاح الأكبر
الذي نأمله سيكون الخاص بمصر. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |