ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الانفجار العظيم..
العودة إلى المستقبل العرب اليوم 12-2-2011 من يتنازل عن الحلم الذي أصبح بين ايدينا,
وقد استيقظ يداعب خيالاتنا ?! صحيح نحن
أمام نظام فقد شرعيته ولا يريد أن يرحل,
ويحاول بمخزون من الدهاء والحيلة
والمراوغة والخبث, أن يحاصر شرعية
الثورة الشعبية بالباطل والالهاء
السياسي.. لكنها تبقى محاولة النفس
الأخير من نظام انتهى وقته الأصلي منذ
سنوات, وتعلق بالوقت الإضافي, ويتمسك
الآن بالوقت الضائع, في محاولة لقمع
الحلم المقدس الذي بدت ملامحه أمامنا.. نحن أمام لحظة مبهرة, يكتب فيها شباب مصر
التاريخ الحي الذي يجري أمامنا, ويسجل
غروب نظام منزوع الشرعية, وشروق شرعية
جديدة في مصر, تجسد حلم العودة إلى
المستقبل, بعد سنوات طوال شهدت عدوانا
نفسيا على الشعب المصري باغتصاب حقوقه
في الاختيار بين الرفض والقبول, وأن
عليه الإذعان للواقع, وطاعة أولي الأمر
قهرا, وما تراه الطبقة التي تمسك
بالسلطة والثروة معا, تدير اسوأ وأخطر
ما يمكن تصورة من عمليات النهب والسرقة
وبيع أصول وطن يعيش أبناؤه تحت سطوة
القمع والفقر والبطالة, ويستجدي حقوقه
المشروعة في زمن لا يعرف إلا منافذ
الوساطة والمحسوبية, وبعد أن أهدرت
تماما العدالة الاجتماعية, وتوحشت
ممارسات الفساد في حضن السلطة.. لقد قلنا مرارا, على امتداد سنوات ماضية
وقال كثيرون إن من يريد أن يكون منصفا
مع الواقع, فإنه لا يستطيع أن ينكر أن
مصر تقف على أبواب أزمة خطيرة لا بد من
تداركها, وإلا فإنها ستؤدي إلى عواقب
وخيمة, وأن مصر مقبلة على توترات إذا لم
نعالج أسبابها بيقظة فإنها قد تصل إلى
ما هو أكثر من توترات, وأن أبعد
الاحتمالات عن التصور هي أقربها إلى
الوقوع, لأن أسوأ ما يمكن أن يواجه
مجتمعا هو أن يجد أمامه ظروفا قاسية,
ولا يجد أمامه إلا خيارا واحدا.. إلا
طريقا واحدا للتصرف لا بديل له.. وأن
معظم المشاهد العنيفة في دول عديدة
تحركت لمثل هذه الأسباب ( الأحرار 2007/5/22
- 2009/9/12 ) لكن صحف المعارضة وغيرها من
المستقلة كانت متهمة بالتهويل وتأليب
الرأي العام, عكس صحف النشرات
والإعلانات الحكومية!! . ولكن لم نتوقع أن تكون المشاهد العنيفة
الكبرى, بهذه الصورة غير المسبوقة في
تاريخ مصر.. الانفجار العظيم بثورة
شعبية تدفع أمامها بشرعية الملايين
وبمشروعية ما تطالب به, وأن تتحرك بقوة
العاصفة الشعبية إلى آفاق المستقبل
الذي نحلم به.. وكان الحلم بعيدا جدا!!
وقد سبق للفقيه الدستوري والمفكر
الكبير الدكتورأحمد كمال أبو المجد
أمام جلسة الاستماع بمجلس الشورى ( 2005 )
أن حذر بأننا نعيش في زمن الشك وفقدان
الثقة تماما, بأن الإصلاحات السياسية
التي تتم ما هي إلا للديكور, وأن إغفال
جانب العدالة الاجتماعية من شأنه فتح
المجال أمام انفلات سطوة وسلطان رأس
المال, وإهدار حقوق الفقراء, وقد يؤدي
إلى ثورة, خاصة أن ساكني القصور لا
يعرفون ما يحدث في القبور, وأن المارد
الشعبي قد يخرج من القمقم, ولن تجدي
سياسة اللجوء للأمن والشرطة!! . وخرج المارد الشعبي من القمقم, حين تحرك
شباب من أنبل ما أنجبته مصر, فجروا
ثورتهم دون استجداء قوى سياسية منظمة
معارضة كانت قد عجزت عن رؤية ضرورات
التغير الشامل, وبعد أن إنكسرت أمام
النظام في لعبة الصفقات والمصالح
الشخصية الضيقة, تلهث وراء رضا أو فتات
ما تجود به السلطة عليهم!! ولم تستند
ثورة الشباب إلى شعارات حزبية أو كلمات
نشطاء سياسيين, ولا حتى مساندة منظمات
المجتمع المدني ( وعدم الثقة هنا كانت
في محلها وتكشف عن وعي بمصالح الدكاكين
السياسية ) وكان تحركهم ذاتيا وبحيوية
دماء الشباب, والخوف على مستقبلهم,
وكانت لديهم القدرة على تحريك الشعب
المصري على مسار ثورتهم, واستعادة روح
مصر الوطنية الجامعة.. صحيح أن أسوأ ما في مصر, من تحالف السلطة
والمال والأمن, ومن بقايا نظام مشروخ
ومجروح وفاقد للشرعية, يحاول بشراسة
ودفاعا عن بقايا نفوذ وسطوة, أن يقتل
أنبل ما في مصر من ثورة الشباب الشعبية..
لكن الأسوأ والأخطر في اللحظة الراهنة,
هم "بهلونات السيرك " داخل ساحات
الدكاكين الحزبية والتيارات السياسية,
من سارقي الفرح, والذين يحيدون اللعب
على الحبال, ويبحثون الآن عن التعديل
وليس التغيير, ويتحدثون عن مخرج آمن من
الأزمة, وكأن ما تمثله شرعية الثورة
مجرد فعل عشوائي غاضب!! الذين يلعبون
بكلمات الفراغ السياسي والدستوري,
والحوار مع نظام تطالب الثورة برحيله,
وكأن ما يحدث في هذه اللحظة الفارقة في
تاريخ مصر, مجرد حركات احتجاجية وليست
ثورة شعبية, وهم يجهلون وبغباء مستحكم
أن للثورة شرعيتها وأن مطالبها مشروعة!!
ثم أي فراغ يتحدثون عنه? وأي تعديل
لدستور مهلهل يتم عرضه على برلمان باطل
بالتزوير, وكما يريدون لحل الأزمة كما
يقولون?!! وكيف يمكن تعديل الدستور
الحالي في ظل افتقاد النظام الحاكم
للشرعية الشعبية, وبطلان انعقاد مجلس
الشعب بسبب الأحكام القضائية ضد
أعضائه?! سارقو الفرح من " بهلونات السيرك
السياسي في مصر " ربما يجهلون أن
ثورة الضباط الأحرار1952 على سبيل
المثال والتي خلعت في يومين ملكا يملك
ويحكم, وجمدت على الساحة أحزاباً
سياسية كبرى كان لها دور وتأثير, ومع
ذلك لم يحدث لا فراغ سياسي ولا فراغ
دستوري, بعد تشكيل حكومة تدير شؤون
البلاد, وتعطيل دستور 1923 واستحداث
دستور مؤقت من 14 مادة سرى على
المواطنين لمدة عامين حتى تم سن
الدستور الجديد عام 1956. لا يمكن ولا أتصور أن ينجح أحد بالسطو على
شرعية الثورة الشعبية, وعلينا أن نمسك
بالحلم الذي تحقق وأن تبدأ مرحلة جديدة
ومختلفة برجالها ودوافعها وطموحاتها
ومناخها السياسي الطاهر.. ويبقى الحلم
الوطني دائما هو الرؤية المستقبلية
لأصحابه. ==================== تاريخ النشر: السبت 12 فبراير 2011 د.شفيق الغبرا الاتحاد في العام الماضي ازدت معرفة بالفروقات
المتزايدة بين أغنياء وفقراء مصر. جاء
ذلك من خلال عدة رحلات ولقاءات مع
أصدقاء في مصر، أذهب في المساء إلى أحد
المطاعم الفاخرة فأرى عالماً ساحراً.
أسير في النهار وسط الناس فأشعر بالبؤس
يطوق أزقة المدينة وشوارعها. أثناء إقامتي في القاهرة في كانون الثاني
الماضي تحدثت مع الكثير من الناس، أصدق
الأحاديث كانت مع سائقي التاكسي. سمعت
قصصاً كثيرة، وكادت كل قصة أن تكون
متطابقة مع الأخرى. وفي مارس الماضي التقيت في العاصمة
الأميركية عدداً من المثقفين من أعضاء
"الحزب الوطني" الحاكم أثناء
مؤتمر في الولايات المتحدة، حملت
إليهم أسئلتي ومخاوفي عمّا رأيت في
مصر، ولكني فوجئت بالردود. أحدهم قال:
"أنت لا تعرف الشعب المصري فهو هادئ
بهدوء النيل". أما الثاني فأكد "إذا
أردت أن تفهم مصر فالسلطة الحقيقية
للجيش وليست للشعب”. قلت لأصدقائي: "لكني
أرى تغيراً في المزاج، الشعوب تتحرك في
لحظة لا يعرف أحد موعدها. مصر في الطريق
إلى شيء كبير إذا لم تبدأوا إصلاحاً
حقيقياً، بل ربما فاتتكم اللحظة لهذا
الإصلاح ". بعد الحديث أخذني أحد الشبان جانباً ممن
سمعوا النقاش وتساؤلاتي. كان أصغر سناً
من البقية ويمتهن الصحافة، ونحن في
العاصمة الأميركية ولسنا في مصر. ثم
قال لي: "مصر في الطريق إلى انفجار". حُكمت مصر منذ اغتيال الرئيس السادات عام
1981 بواسطة قانون الطوارئ وشهدت ضموراً
كبيراً في دورها الإقليمي. ويلاحظ أن
عدد رجال الأمن في مصر عند اغتيال
الرئيس السادات لم يتجاوز مئتي ألف،
بينما كان الجيش في أوج قوته مليوناً
ونصف المليون. الآن عدد قوات الأمن
مليون ونصف المليون. هذا دليل أنه في ظل
السلام مع إسرائيل برز عدو جديد:
المعارضة. ووصلت الأوضاع إلى الحافة في
مصر عندما وقعت انتخابات مجلس الشعب
والشورى التي شابها الكثير من التزوير
مؤخراً. وعندما تقع الثورات الكبرى من شاكلة
التونسية والآن المصرية، عبر هدير
الملايين، يكون المجتمع كمن أصيب
بالحمى ووصلت حرارته وتصبب العرق من
جسده إلى حدها الأقصى. والثورات لا تقع
إلا في المجتمعات القوية ذات الاعتداد
بالذات والطامحة للمستقبل. إن التحولات الكبرى في التاريخ لا تهدأ
إلا بعد أن تحقق تحولاً نوعياً كبيراً،
فالتعيينات التي تمت في الأيام
الأخيرة، بما فيها تعيين الرموز
الأكثر نزاهة في النظام، كما حصل مع
تعيين نائب الرئيس عمر سليمان، لا يغير
من حدة الثورة وعمق التحولات التي تحدث
في كل ساعة. إن إصرار المتظاهرين على مطالبهم للبدء
بالتحولات السياسية يحمل معاني كثيرة
حول طبيعة التغير الذي يقع في مصر،
وبينما تبرز آراء وسطية بين القوى
المعارضة، إلا أن الغلبة عادة في حركات
كهذه هي للرأي القاطع. وهناك شعور
منتشر بين النشطاء خاصة بعد الهجمات
العنيفة عليهم بأن التوقف قبل تحقيق
المطالب الرئيسية سوف يعرضهم
للانتقام، لهذا بالتحديد باتت
المواجهة في مصر معركة كسر عظم. المعارضة المصرية والقوى الجديدة التي
سيفرزها الشارع المصري ستتحاور مع
المؤسسة العسكرية الوطنية، لكن الشارع
لن يقبل بأقل من العمل على إدارة مرحلة
انتقالية يتشكل فيها دستور جديد ويُحل
إبانها مجلس الشعب والشورى ويُرفع
قانون الطوارئ، ولن يقبل المصريون
بأقل من انتخابات رئاسية جديدة وحريات
حقيقية وتداول شامل على السلطة. هذه
لحظة الحقيقة في مصر. سيبقى الجيش أساسياً في حفظ وحدة مصر،
وهذا سيدفعه نحو لعب دور مختلف في
المرحلة المقبلة. سيكون دوره تمهيداً،
ولو بعد حين، لخروج العسكريين من
التدخل المباشر في السياسة، إلا إذا
انتخب أحدهم في انتخابات حرة مفتوحة
مرجعيتها الشعب وأصواته. ما يقع اليوم
هو مجرد بداية لديموقراطية حقيقية،
تتطور مع الوقت، في أكبر وأهم بلد
عربي، ولهذا الأمر أبعاد ونتائج على
مستقبل الدول العربية. وسيكون هناك أيضاً خاسرون في منطقة الشرق
الأوسط ممّا يقع في مصر، إسرائيل تعيش
توتراً واضحاً من جراء ما هو حاصل.
ستكون مصر القادمة أكثر استقلالية،
وأكثر التزاماً بالقضايا العربية ،
أما الولايات المتحدة فربما تعي لأول
مرة أن الشعوب العربية ستعبر عن نفسها
في المرحلة المقبلة وستحمل للسلطة
تيارات لا تعاديها بالمطلق، ولكن لا
تتبعها في الوقت نفسه. ستكون روح
الاستقلالية العربية أساسية في
التيارات القادمة لقيادة العالم
العربي. قد يكون التغيير في مصر مقدمة
لتغير في النظرة الأميركية إلى العالم
العربي في الوقت نفسه. رياح مصر ستهب على العالم العربي حاملة
معها جيلاً عربياً جديداً يبحث عن
المكانة والحياة الآمنة الحرة
والمشاركة في بناء دول مدنية
ديموقراطية. جيل "الفيسبوك"
والإنترنت والعولمة والحريات
والمشاركة يدق على أبواب جميع الدول
العربية. الحدث التونسي والآن المصري
سيمهد للإصلاح الصادق والشامل من قبل
الأجنحة المتنورة والأقل تورطاً في
الفساد في الأنظمة الحاكمة العربية،
وفشل الطريق الإصلاحي وفشل المتنورين
في تحقيق نتائج سيمهد لثورات جديدة
ستضر أنظمة سياسية ترفض المشاركة. ينشر بترتيب مع "مشروع منبر
الحرية" ==================== آخر تحديث:السبت ,12/02/2011 عبد الزهرة الركابي الخليج عندما كان يُقال، إن الآلية الشعبية
قادرة على التغيير والإصلاح في معرض
تناول النظام السياسي العربي، بمعزل
عن الأحزاب الايديولوجية المعارضة
سواء كانت علمانية أو ثيو قراطية،
يواجه هذا بطروحات مقابلة وقاسية
الحدة، على أن مثل هذا القول، هو من
قبيل الخيال والأحلام التي ما عادت لها
سوق رائجة . وهذه الطروحات تنطلق من أن الشعب أو
الجمهور لا يتحمل المسؤولية في الحكم،
حتى يكون بمقدوره إحداث التغيير أو
القيام بعملية الإصلاح السياسي،
بالإضافة الى إنه أعزل من القوة
المنفذة التي غدت حكراً على السلطة، بل
إن الجمهور العربي خفت حماسته ولم يعد
الشارع مكتظاً بنزوله في الأحداث
والمناسبات التي تتطلب حضوره الى
الشارع للتعبير عن احتجاجه وتنديده
بشأن الصراع العربي - “الإسرائيلي”،
وهو أمر يعزى إلى إحباطه ويأسه من
السياسات القائمة، التي كان أداؤها
عاجزاً عن مجاراة هذا الصراع حرباً أو
سلماً . وتناست هذه الطروحات، أن المفاعيل التي
تحاجج بها، إنما هي من تداعيات اليأس
والإحباط أيضاً، وهي بالتالي لا تقدم
بديلاً عن آلية الشارع أو الجمهور أو
الشعب، بقدر ما هي تدعو إلى الانكفاء
والتقوقع والانزواء والنكوص، بذرائع
تصب في خواتيمها، بأن الجمهور لا تترتب
عليه المسؤولية، وإنما تقع المسؤولية
على السلطة، بيد أن هذه الطروحات لم
تقد إلى الآلية التي تأخذ بيدنا إلى
التغيير أو الإصلاح المطلوبين في ظل
العقم المزمن لهذه النظم، وأيضاً في ظل
ظروف تشي بشكل سافر عن عجز ونكوص النظم
القائمة في أداء مهامها على الصعد
المرحلية والاستراتيجية والداخلية
والخارجية، مع أن ادعاء الديمقراطية
بات تكاذباً مصاحباً للمظاهر الزائفة
التي تروجها هذه النظم . لا شك، أن أي تغيير يأتي عن طريق
الانقلابات، إنما هو عملية إبدال
أشخاص بأشخاص آخرين، أو مجيء نظام بديل
لنظام آخر، وكلا النظامين لا يختلفان
إلا بالشكل، بينما المراد في أي عملية
تغيير، هو تغيير النظام بشكل شامل أو
على الأقل القيام بعملية إصلاح جذرية،
ولا نعتقد أن مثل هذه الانقلابات ذات
نفس تغييري أو إصلاحي مثلما أثبتت
التجارب والوقائع والأحداث . والسؤال هنا، كيف فاجأنا الشارع العربي
بأخذ زمام المبادرة في التغيير، على
الرغم من كل العوامل القاهرة، لا سيما
أن الطروحات الآنفة استبعدت مثل هذه
الآلية، بعدما تشدقت بجملة من الذرائع
والاستحالات؟ تكمن الإجابة عن السؤال في معطيات
ومستجدات إقليمية وعالمية ومحلية،
بالإضافة إلى جمود النظم السياسية
القائمة وعدم إدراكها أو تنبهها لهذه
المعطيات والمستجدات، وكأن ما يدور في
العالم، ليس له اتصال أو تواصل مع حدود
الدول القائمة فيها هذه النظم، في
تغافل عن التطور التقني والإلكتروني
في ما يخص الاتصالات والفضائيات
وآليات التأثير الأخرى ضمن منظومة هذا
التطور، حيث أصبحت الجماهير الشعبية
في المنطقة العربية، بمقدورها الاتصال
والاطلاع على تجارب الشعوب الأخرى عبر
الإنترنت والفضائيات التلفازية . وهذا الاتصال والاطلاع أصبحا من أكبر
المحفزات لدى هذه الجماهير، للقيام
بمبادرة التغيير، من خلال المسيرات
والتظاهرات والاعتصامات، واستعدادها
للتضحية بالأرواح والدماء، حتى تحقيق
ما تصبو إليه، على نحو جذري وشامل، ومن
منطلق أن عملية التغيير والإصلاح
أصبحت ضرورة لا بد منها، نظراً
للمتغيرات والمستجدات المرتبطة بحاجة
داخلية، وأخرى لها صلة بالتحولات
العالمية التي هيأت الأجواء للمبادرة
الشعبية، كي تكون آلية للتغيير
والإصلاح المنشودين في أكثر من بلد في
المنطقة . إن المأزق الذي تواجهه السياسات السائدة
في منطقتنا، يتمثل في عدم الاكتراث
بأهمية الزمن، وبالتالي لم تعد تأبه
بالمتغيّر الزمني بمختلف ظروفه، بعدما
تغافلت عن دوره في التأثير وبلورة
المتطلبات، وهي من كل هذا، تعمد إلى
الإصرار على استخدام أدوات وآليات
فاقدة الصلاحية في زمننا هذا، يضاف إلى
ذلك عدم صدقية وجدية القائمين على هذه
السياسات في إيجاد عملية سياسية
تعددية مناسبة ومقبولة، تتلاءم مع
ظروف هذا البلد أو ذاك . وعلى كل حال، إن الشعوب التي تبنت آلية
النزول إلى الشارع بهدف التغيير
والإصلاح، لم ترُم الوصول الى تحقيق
يوتوبيا (المدينة الفاضلة)، وإنما سعت
وتسعى إلى مستوى إنساني وحضاري، يتكئ
بقوة على الإيمان، وذلك باحترام حقوق
الفرد في الكرامة والعيش الحر، تحت سقف
نظام سياسي يؤمن بالتعددية وبحرية
التعبير والفكر والإعلام والعقيدة،
وبحق الانتخاب ومزاولة التوجه السياسي
من دون ضغط وإكراه، عبر نظام يقوم على
أسس التعامل العادل لكل أفراد الشعب
والنظرة المتساوية، تحت حماية القانون
الصادر بتشريع يحظى بموافقة أغلبية
الشعب إن لم تكن بمجموعه . إن نزول الشعوب إلى الشارع، كان عملية
استئصال للسياسات المتهالكة، مثلما
كان يجسد عملية تغيير وإصلاح شاملة
وجذرية لا بد منها . ==================== مجدي شندي التاريخ: 12 فبراير 2011 البيان مصر أمام جيل مختلف.. فهم اللعبة من
بدايتها على النحو الصحيح.. عرف مبكراً
نوع النخبة السياسية التي فتح عينيه
عليها، فتعامل بسلبية مع السياسة
وأحزابها الورقية، وتركها خراباً،
لأنه كان يدرك ببصيرته أن البناء فوق
مستنقع نوع من السفه، كان على حق وكنا
على خطأ. هذا الجيل يتفجر وطنية وحماسة، كثيراً ما
نعته جيلنا باللامبالاة والسطحية،
لكنه كان في حقيقة الأمر أكثر منا عمقا
ووعيا بمتطلبات عصره، هو يدرك ما له
وما عليه، لا يمنح لأحد فرصة ركوب
موجته، ولا فرض وصاية عليه، وبينما ظل
كثيرون يراهنون على بطل مخلص، ظل بطله
المخلص بطلا جمعيا نابعا من الوعي
العام والضمير العام، وكان على حق وكنا
على خطأ. ليس جيلا عبثيا كما اتهمه بعضنا، بل يعرف
جيدا أين يضع قدمه، وكيف يعبر عن رأيه
وبأعلى صوت ممكن دون أن تمتد يده
لإتلاف شيء أو ترويع أحد، يتعامل بحنان
ورقة مع الناس والأشياء، حتى أولئك
الذين يقفون على الناحية الأخرى منه
ويمسكون بالهراوات وقنابل الغاز
لقمعه، وببصيرة نافذة يرى أنهم مثله
مغلوبون على أمرهم، لا تصح معاداتهم
وإن مارسوا قهره، ومرة ثالثة كنا على
خطأ وكان على حق. ضابط أمن تلهب مشاعره هتافات المتظاهرين
فينضم إليهم، فيرفعه المتظاهرون فوق
الأعناق، ويخرج مسدسه «الميري» ويطلق
النار في الهواء ابتهاجاً بأنه وجد
ذاته وسط الجموع، وخرج من محبسه وراء
خوذته وزيه ومهامه الرسمية التي تملي
عليه أن يقف في وجه إرادة الناس،
وكثيرون غيره ينفذون الأوامر وقلوبهم
تقطر أسى، لاعنين وظيفتهم التي تريد
وضعهم موضع الجلاد، بينما هم ضحايا
وأكثر. متظاهر يواجه وحده سيارة خراطيم المياه
ويحاول تعطيلها للحفاظ على تجمع في أحد
الميادين دون أن يخلخله شيء، وشباب
يحملون كراتين المياه والوجبات
الخفيفة بقدر ما سمحت به حافظة نقودهم
ليوزعوها على المعتصمين في ميدان
التحرير وسط القاهرة، لا يربطهم بمن
يوزعون عليهم الماء والطعام شيء إلا
الحلم الواحد والهتاف الواحد، القوي
يرأف بالضعيف، والرجال يحيطون
بالفتيات والنساء لحمايتهن من أي تعرض
لمهانة، المتحرشون الذين ملأوا وسائل
الإعلام بضجيجهم اختفوا تماما،
فالأنثى ليست فريسة على أي نحو، وإنما
أم أو أخت أو ابنه، تجد من يحدب عليها
لتعود إلى بيتها في الرابعة صباحاً دون
أن تخدش مسمعها كلمة أو إشارة نابية. هذه مصر التي نعرف، والتي ظللنا نعشق، رغم
التراب الذي أهيل عليها، والتي كان
الرهان أنها ستنفض ذات يوم قريب غبارها
لتعود بهية جميلة في كامل رونقها
وزينتها، فالاحتجاج ليس معناه
التخريب، وإنما الحفاظ على الممتلكات
العامة وصونها، والمطالبة بالتغيير
تنتهي بتغيير كل ما هو سيئ وفاسد، أما
الذين ظلوا محافظين على نقائهم وطهارة
يدهم وطهارة عقولهم فيظلون فوق
الرؤوس، بل هناك دعوات إلى أن يشاركوا
في التغيير ويكونوا جزءًا منه، فالهدم
ليس الغاية، وإنما تصحيح عيوب هذا
البناء الوطني، الذي بدلاً من أن يكون
شامخاً، تصاغرت به أهواء ومصالح وجهل
مطبق. الذين أساؤوا لمصر لو كانوا يعرفون
قيمتها ما أساؤوا أبداً إليها، وربما
تشملهم قاعدة العذر بالجهل، هذا إن ثبت
حسن نيتهم في ما اتخذوا من قرارات،
وبدلوا من سياسات، جعلت العملاق
المصري يغفو تاركاً دوره نهباً لمن
يستحق دوراً ومن لا يستحق. ==================== أحكام العصر وتداعيات
المستقبل... طلال عوكل التاريخ: 12 فبراير 2011 البيان بين أزمة النظام وأزمة دولة، تتعرض
المنطقة العربية إلى رياح عاصفة تحمل
في طياتها، وفي دوافعها واستهدافاتها،
سمات عصر العولمة وثورة تكنولوجيا
الاتصالات. قوة هذه الرياح العاصفة،
تتناسب طردياً مع درجات الثبات النسبي
الطويل لبعض أنظمة الحكم التي تميزت
بالاعتماد على أجهزة قمعية تفوق في
أعداد المنتسبين لها، أعداد الجيوش
الرسمية. بعض النظم تجاهلت حقوق الملايين
المطالبين بلقمة العيش والشباب
الباحثين عن العمل والكرامة وتعميق
روح الانتماء والمواطنة. قبل اندلاع
شرارة الانتفاضة الشعبية في تونس،
كانت مؤشرات الأزمة، مع ملاحظة
التفاوت، ظاهرة للعيان في أكثر من بلد
عربي، يعاني بعضها من أزمات متفاقمة
تطال وجود الدولة ككينونة جيو سياسية
واجتماعية تاريخية مثلما هو حال
العراق، والسودان والصومال وإلى حد ما
اليمن، وهي دول تعاني من مخاطر التفكك
انطلاقاً من عوامل داخلية تتصل
بتراكيبها الاجتماعية وبعوامل خارجية
دافعة ومشجعة. يمكن للبعض أن يحيل ذلك إلى ما يمكن
اعتباره مؤامرة الشرق الأوسط الجديد،
الذي تبنته هدفاً، الإدارة الأميركية
السابقة، التي تحدثت وزيرة خارجيتها
آنذاك كوندوليزا رايس عن الفوضى
الخلاقة، بين الفوضى الخلاقة، التي
تعتمد استثارة عوامل وصراعات داخلية،
تستهدف إصلاح أنظمة الحكم، نحو مزيد من
الديمقراطية والليبرالية، واقتصاد
السوق، والمشاركة السياسية، وبين
الفوضى المدمرة التي تستهدف تفكيك
الدولة القطرية، وإعادة رسم خارطة
المنطقة، على أساس تقسيم الممكن من
المقسم، تتبدى الأهداف
والاستراتيجيات الأميركية
والإسرائيلية إزاء المنطقة، وهي واضحة
كل الوضوح. هكذا ينبغي أن نمعن النظر في أقوال وزيرة
الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون
التي تحدثت مؤخراً عن العاصفة التي تهب
على المنطقة، وهكذا أيضاً ينبغي النظر
إلى ما تحدثت عنه بعض الأوساط الغربية،
بشأن أحداث كبرى ستقع في المنطقة
العربية بعد منتصف هذا الشهر، فبراير
الجاري. ما يجري في مصر منذ ثلاثة أسابيع، لم يعد
ولا يمكن النظر إليه على أنه حدث مصري،
فمصر هي الدولة العربية الأكبر،
والأكثر عراقة، والأكثر تأثيراً على
المحيط. إن مصر هي مركز وقلب الوطن
العربي، وهي دينامو نهوض المشروع
القومي العربي، كما أنها يمكن أن تكون
مقبرة هذا المشروع، ولذلك من المنطقي
جداً أن تصل تداعيات الزلزال الذي
تتعرض له، إلى دائرة تتجاوز حدود
المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط
بأكملها. يحق للمواطن العربي، وليس المصري فقط أن
يتابع باهتمام ولحظة بلحظة مجريات
الحدث في مصر، فهو بوعيه الفطري يدرك
تماماً أن ما يجري هناك يمس حاضره
ومستقبله أياً كان مكان وجوده،
والجنسية العربية التي ينتمي إليها.
مجريات الأحداث في مصر تدق بقوة أجراس
الإنذار لدى العديد من دول المنطقة
التي تتماثل الأوضاع فيها مع الوضع في
مصر عشية ثورة الغضب في الخامس
والعشرين من يناير الماضي، لكن بعض
الأنظمة العربية المعنية التي ينتابها
قلق عميق، لم تدرك مدى التغير المطلوب
القادم. جديد الثورة الشعبية في مصر يكمن في
اعتمادها على الشباب الذي يتمتع
بالحيوية والوعي والراديكالية، وليس
على الأحزاب السياسية التقليدية التي
أكل عليها الدهر وشرب. في مصر يبدي
الشباب صبراً وإصراراً على المواصلة
لتحقيق الأهداف الجذرية التي خرجوا من
أجل تحقيقها، ويبدي هؤلاء إصراراً
يفوق إصرار الأحزاب السياسية بكل
تلاوينها وانتماءاتها. الأحزاب السياسية في مصر استجابت كلها
تقريباً وتباعاً، لدعوات الحوار التي
أطلقها أركان الحكم في مصر، وارتضت
بحلول توافقية تضمن تغييراً جزئياً
ولكنه تغيير مهم، غير أنها لم تنجح في
أن تفرض استجابتها وقبولها على النواة
الصلبة من الشباب الذين أطلقوا الحالة
الشعبية، وما زالوا يتمسكون بشعاراتهم
الأولى التي لا تقبل بديلاً عن تغيير
النظام. الدرس هنا، وفي تونس قبل ذلك يشير إلى
حقيقة عصرية، وهي أن اندلاع الثورة
والخروج للتغيير، ليس مرهوناً بوجود
حزب منظم مهما طال تاريخه وتصلبت صفوفه
التنظيمية والإيديولوجية، فالمبادرون
الذين التحقت الأحزاب بهم لم يكونوا
حزباً وإنما نظمتهم الدافعية للتغيير،
عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي
تتيحها أدوات العصر. وكلما استمر الحدث، ومن الواضح أنه
يتواصل لفترة مقبلة، كلما وفر ذلك فرصة
للشباب لتنظيم صفوفهم وتنظيم حركتهم،
وكلما وفر ذلك أيضاً فرصة أكبر لتوسيع
دائرة التأثير والتداعيات على مساحة
أكبر خارج مصر. لقد أربكت مجريات الحدث في مصر الآخرين
وأصابتهم بالفزع، ما أدى ببعض الأنظمة
للتطوع ببعض الإصلاحات أو الإجراءات
لاسترضاء شعوبها واحتواء غضبها. ليس هذا وحسب، فعلى الرغم من أن لا الشباب
المبادرون، ولا الأحزاب السياسية في
مصر وقبلها في تونس، رفعوا شعارات
سياسية ذات طبيعة قومية أو تحررية، بما
يتصل بكامب ديفيد والصراع العربي ــ
الإسرائيلي والعلاقات مع الولايات
المتحدة، ودول الغرب الرأسمالي، نقول
رغم غياب هذا البعد الاستراتيجي، إلا
أن هذه الدوائر كلها تتحسب لما سيأتي
في لاحق الأيام ارتباطاً بالمحطة التي
سترسو عليها وعندها عملية التغيير
التي لم تعد قابلة للانكفاء. إن ما يقوم به شباب مصر وعمالها وفلاحيها
وفقراؤها من شأنه أن يغير وجه المنطقة،
وأن يعصف بالكثير من الاستراتيجيات
والمصالح والخيارات. لعل من المنطقي أن نلاحظ القلق الشديد
الذي ينتاب المسئولين والساسة
الإسرائيليين الذين خيم الحدث المصري
وتداعياته على مناقشاتهم السنوية في
مؤتمر هرتسيليا الذي يشكل أهم المحطات
الدراسية التي تقرر استراتيجيات دولة
إسرائيل. إسرائيل التي تعبر عن
ارتياحها للأوضاع في مصر والمنطقة
العربية قبل الخامس والعشرين من
يناير، أظهرت عدم رضا عن المواقف
الأميركية التي كانت تطالب بالانتقال
الفوري للسلطة في مصر، وكانت ترغب في
قمع المفاوضات، فالهم الأول لها
والأخير هو حماية كامب ديفيد، واحتفاظ
مصر بدورها العربي والإقليمي. ==================== المستقبل - السبت 12 شباط 2011 العدد 3910 - رأي و فكر - صفحة 19 عفيف رزق وأخيراً، هل هبّت الرياح لتحرّك المياه
العربية الراكدة المغطاة بطبقة من
الغبار الداكن والكثيف، والتي تتوالد
فيها مختلف أنواع عمليات الفساد
والقمع.. وحتى العهر السياسي؟ هل نحن
أمام فرصة سانحة لنستعيد تاريخاً
مزدهراً ومفخرة لكل مَن انتمى إلى هذه
الامة وإلى هذه النمطقة، والذي كنا قد
افتقدناه منذ زمن طويل عندما دخلنا نفق
"أهل الكهف"..؟ هل نحن أمام مرحلة
تاريخية مباركة يحاسب كل مَن لا
يستغلها بشكل جيد ونافع انسجاماً مع
مقولة "ان الزمن لا يرحم"..؟ انها
بعض الأسئلة والتساؤلات حول ما جرى في
تونس منذ أسابيع قليلة، وحول ما يجري
في قاهرة المعز وأرض الكنانة مصر منذ
أيام. في البداية، يقتضي الواجب الحفاظ على
الموضوعية لدى محاولة الاجابة على هذه
التساؤلات، إذ ان الموضوعية ضرورية
لأنها الكفيلة لتفسير الوقائع
والأحداث الجارية والتي، من الممكن ان
تجري على ساحات وفي شوارع كثير من
البلدان العربية، التي لم تعرف سوى
اللامبالاة بما حدث في كثير من بقاع
العالم. في أوائل تسعينيات القرن
الماضي انهارت المنظومة الاشتراكية،
وزالت الثنائية القطبية التي استمرت
طيلة الحرب الباردة، وحلت محلها
الاحادية القطبية بزعامة الولايات
المتحدة الأميركية، وقبل استقرار اسس
ومبادئ النظام الدولي الجديد، كانت
التغييرات العميقة تدق باب البنى
السياسية وهيكليات أنظمة دول أوروبا
الشرقية والوسطى، التي كانت تدور في
فلك الاتحاد السوفياتي، فانتشرت
الديموقراطية في الأنظمة السياسية
وعمت ظاهرة التعددية الحزبية وسادت
حرية التعبير في مجتمعات هذه الدول،
وهذا ما جرى ايضاً في كثير من بلدان
اميركا الجنوبية، وإذا كانت الدول
الاولى انتفضت على الهيمنة السوفياتية
ومن بعدها الروسية، فإنّ الدول
الثانية انتفضت على هيمنة جارها
الكبير الولايات المتحدة الأميركية.
إذا ما تجاوزنا تقييم هذه التغييرات
والنتائج التي أسفرت عنها، فإنّ
الموضوعية توجب القول انها كانت عميقة
وجذرية، رغم ذلك بقيت أنظمة منطقة
الشرق الاوسط، وخصوصاً الأنظمة
العربية، تغط في سبات عميق، كأن هذه
الاحداث حصلت في كوكب آخر، لا بل فإنّ
هذه الأنظمة شددت قبضتها على
المجتمعات والافراد لتتلاقى، في مرحلة
لاحقة، مع رغبة الولايات المتحدة، بعد
تفجيرات الحادي عشر من أيلول 2001، في
تبني المفهوم الجديد وهو "الحرب على
الإرهاب"، فعرفت المنطقة تخبطاً
شديداً، ومع ذلك لم ينتج أي تغيير، حتى
انه وعندما دعا المحافظون في البيت
الأبيض إلى نشر الديموقراطية في بلدان
المنطقة جبهت هذه الدعوة برد فعل سلبية
ان على مستوى الافراد والمجتمعات، وان
على مستوى الأنظمة الرسمية لاعتبارات
عديدة منها ان الدعاة لا يحترمون أبسط
مبادئ النظام الجديد الذي ينادي به
كاحترام حقوق الانسان وحرية المعقد،
طبقاً لمفهوم الخطاب الرسمي الأميركي
الذي كان يقول: "من ليس معنا فهو ضدنا"،
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن هؤلاء
الدعاة أنفسهم كانوا وما زالوا من أشد
المؤيدين والمنحازين علناً وبوقاحة
للكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين
والذي لا يتورع عن ارتكاب أبشع انواع
القتل والتهجير والتمييز بحق أصحاب
الأرض الأصليين، وما لهذه القضية من
اهمية وموقع لدى الدول العربية
افراداً ومجتمعات وحكومات. في هذا المناخ، الضاغط داخلياً والمتغير
خارجياً، اتت ثورة تونس وبعدها ثورة
مصر، وإذا كان من المبكر الحديث بعمق
عن خلفيات وآثار ونتائج لما جرى على
هاتين الساحتين فإننا نستطيع استعراض
أهم وقائع هاتين الثورتين: أولاً: ان ما جرى ويجري يمكن تصنيفه في
خانة الانتفاضات أو الثورات الشعبية
التي حدثت بعيداً عن الانتماءات
الحزبية، مما يعني ان الاحزاب
العربية، العلمانية والدينية،
المحافظة أو الثورية تفاجأت بما حدث،
فهي كانت متعايشة مع النظام الرسمي،
الجمهوري أو الملكي، وأهدافها العريضة
كانت تتمحور حول الحصول على بعض
المقاعد النيابية هنا أو هناك او بعض
المناصب الحكومية فقط، ولم تتطرق لا
إلى إلغاء النظام ولا إلى استبدال
الطبقة الحاكمة كما فعلت الثورة في
تونس وكما تنادي الثورة المصرية.. ثانياً: ان المحرك الاساسي والفاعل في
انطلاق هاتين الثورتين هو عنصر
الشباب، الذي لا يتجاوز عمره الفترة
الزمنية التي قضاها الحاكم في السلطة،
من ميزات هذه الفئة العمرية، إلى جانب
الحماس والاندفاع، استخدام (للتواصل
وللدعوات) لغة العصر بامتياز أي
التكنولوجيا الحديثة المتطورة:
انترنت، هاتف محمول، رسائل الكترونية..
ونزلت إلى الشارع متسلحة بهذه الوسائل
غير آبهة بأدوات النظام القمعية وهي
مهمشة مع مطالبها من هذا الأخير ومن
الاحزاب، فكأن مكافحة البطالة واحترام
الحرية بمعناها الواسع والحياة
الكريمة ومحاربة الفساد.. قضايا لا تهم
هذا الفريق أو ذاك.. ثالثاً: لا يشك أحد في ان ما حدث سيكون
مدار تحليل ودراسة واستنتاج لكل علماء
السياسة والمنظرين من زوايا عديدة
أهمها هؤلاء الشباب لم تكن لديهم قيادة
موحدة مع انهم أعداد ضخمة ولم يقدموا
على ارتكاب أعمال مخلة بالنظام العام،
ثم ما هي النتائج التي سيجنيها هؤلاء
الشباب، هل يحققون كل مطالبهم فوراً،
أم سيكون التحقيق على مراحل.. أم ماذا؟
وأخيراً ما هو دور الأحزاب وقياداتها
بعد أن التحقوا بهذه الثورات؟! ==================== الاجتماع في دار الفتوى
يؤكد على الوحدة ويرفض مشروع
الشرذمة والتفتيت.. حسان القطب السبت 12 شباط 2011 المصدر: موقع بيروت أوبزرفر الاجتماع في دار الفتوى يؤكد على الوحدة
ويرفض مشروع الشرذمة والتفتيت.. بهدف السيطرة على لبنان والإمساك بالسلطة
فيه، تقوم إيران وسوريا، بدعم حزب الله
وحركة أمل وهما أدواتهما على الساحة
اللبنانية بالعمل على شرذمة وتفتيت
كافة الطوائف والقوى السياسية
اللبنانية إلى شرائح وقوى ومجموعات
وقيادات متناحرة ومتصارعة فيما بينها..
هذه القوى المستولدة والهجينة في
سعيها لتحقيق حضورها على الساحة
المحلية تقوم بالتحالف مع تلك القوى
المدعومة إقليمياً، ولإثبات ولائها
تمارس هذه المجموعات واجب التصدي لكل
من يعارض ويرفض الهيمنة السورية وسلطة
ولاية الفقيه الإيرانية عل لبنان،
بإطلاق النعوت والصفات والاتهامات
وحتى الفتاوى في بعض الأحيان لإرهاب
تلك القوى وإقصائها عن الساحة
السياسية والعمالة والتخوين أهم سلاح،
إضافةً إلى التلطي خلف شعار حماية
المقاومة وسلاحها..... لذا نلاحظ أن أشد التصاريح تهجماً،
وأخطرها بل وأكثرها خروجاً على
اللياقات الأدبية والسياسية
والأخلاقية والاجتماعية هي التي
يصدرها ويطلقها حلفاء هذه القوى
الميليشيوية، بل حتى أن بعضها يتجاوز
منطق التاريخ والواقع السياسي
والاجتماعي، وذلك حين ينادي بعضهم في
المظاهرات والاعتصامات برفض التوريث
في جمهورية مصر، ويتجاهل سوريا، وهو
نفسه الذي يتحدث بصلافة، من أهم صفاته
أنه وريث سياسي.. وعندما يتحدث بعضهم عن
استخدام الدين كأداة تحريضية، نسأل
لماذا يصدر بعض المعممين دون وجه حق
فتاوى تفيد بتحريم المحكمة الدولية
ومن يتعامل معها وهم لا يملكون من
العلم الشرعي شيئاً ولكنهم يفرضون
أنفسهم بقوة الأمر الواقع على دار
الفتاوى وعلى جمهور اللبنانيين
والمسلمين بوجه الخصوص، وهل المحكمة
الدولية محكمة دينية لإدخال هذا
العامل في مواجهتها، ومن الذي يستغل
العامل الديني بشكل رخيص وممجوج في
صراع سياسي بين فريقين أحدهم يسعى
لتغييب مشروع الدولة وتكوين دويلته
الخاصة ضمن مؤسسات الدولة، وأخر يسعى
لوقف منطق وأسلوب الاغتيال السياسي
والعبثي وتثبيت دعائم مؤسسات الدولة
وتوحيد قواها وتفعيل دورها..ومن الذي
يعطي بعض هؤلاء الحق، بل قل من يؤمن
لهؤلاء الوسائل الإعلامية المتنوعة
التي تروج لتصريحاتهم وبياناتهم حين
تصدح مهاجمةً دار الفتوى أو
البطريركية المارونية أو سواهما من
المراجع الدينية..وكذلك المراجع
السياسية وغيرها ولكن بأسلوب لا علاقة
له بالمواقف السياسية ولا بالأداء
السياسي.. حتى أن بعضهم يدخل الوضع
الفلسطيني والقضية الفلسطينية في هذا
البازار، فإذا كان حزب الله ونبيه بري
ومن يتبعهما حريصين على القضية
الفلسطينية إلى هذا الحد.. فليصدر نبيه
بري اعتذاراً علنياً عن دوره في حصار
وحرب المخيمات الفلسطينية ولذوي
الضحايا الفلسطينيين الذي سقطوا نتيجة
سياسات ميليشياته، خلال عقد
الثمانينات من القرن الماضي، وليعلن
نبيه بري وحسن نصرالله التبرؤ، بل
وإدانة فرق الموت العراقية التي عاثت
فساداً وقتلاً بالشعب الفلسطيني
اللاجئ غصباً إلى أرض العراق، وذلك عقب
الاحتلال الأميركي لبلاد ما بين
النهرين.. وإذا كان عنوان المعركة
السياسية هو الصراع مع إسرائيل، ليطلق
نبيه بري وحسن نصرالله بياناً واضحاً
يطالبون فيه أمير قطر بقطع علاقة
إمارته بدولة إسرائيل وإغلاق مكتب
العلاقات الخاص بالدولتين ووقف
استقبال المبعوثين الإسرائيليين على
أرض الإمارة بدل مدحه وشكره وتجاهل
علاقاته مع إسرائيل، والانتقال إلى
إدانة سواه من الدول العربية ورؤسائها..
وليطالبوا سوريا بوقف المفاوضات
السرية مع إسرائيل التي تدور على
الأراضي التركية وعبر غيرها من
الوسطاء.. إنها السياسة الكيدية
والاستعلائية التي يتبعها هذا الفريق
في كل ممارساته، فهو الذي يطالب
بالمشاركة والتوافق حين يخسر، ويصر
على ممارسة سياسة الجبر والقهر حين
يستطيع... ويمعن في العمل على تفتيت
القوى السياسية والدينية لإضعافها
خدمةً لمشروع الهيمنة الذي يمارسه منذ
عقدين ونيف من الزمن لصالح سوريا
وإيران.. حتى أن وزير خارجية أمل وحزب
الله علي الشامي الذي لاحظ وبسرعة
زيارة السفيرة الأميركية إلى زحلة .. لم
يلحظ مطلقاً زيارات السفير الإيراني
لوزارات ومؤسسات إعلامية واجتماعية
ومشاركته في احتفالات تمجد الثورة
الإيرانية وبطشها بالشعب الإيراني
المظلوم والمقهور والممنوع حتى من
التظاهر تأييداً للشعب التونسي
والمصري... من هنا جاء اجتماع دار الفتوى الذي ضم
كافة القوى الممثلة للطائفة السنية
الدينية والسياسية في لبنان ليؤكد على
ثوابت أساسية وطنية أهمها تعزيز العيش
المشترك بين مختلف مكونات المجتمع
اللبناني تحت سقف اتفاق الطائف،
وتثبيت السلم الأهلي الذي ترعاه القوى
الأمنية الشرعية وليس الميليشيات..
وتحقيق العدالة وعدم التخلي عن
المحكمة الدولية لأنها الأداة الوحيدة
الصالحة للجم المجرمين ومعاقبتهم على
جرائمهم واستهتارهم باستقرار لبنان
ريثما يكون في لبنان هيئات قضائية قوية
وقادرة على ممارسة دورها بحرية ودون
ضغط.. وتضمن بيان اللقاء الإشارة بل
التحذير من ممارسة السياسات الكيدية
التي قد تدفع أكثرية اللبنانيين
للشعور بالغبن والاستضعاف من قبل
القوى المسلحة بسلاح غير شرعي وما قد
يؤدي إليه هذا الأمر من تباين وتناقض
وصراع بين المكونات اللبنانية قد يؤدي
إلى ما لا تحمد عقباه.. لذا يتمنى كل
اللبنانيين، أو على الأقل معظمهم، أن
تتداعى كافة المكونات اللبنانية لعقد
اجتماعات مماثلة ومشتركة تضم مختلف
هذه المكونات والأطياف للمطالبة ببناء
مؤسسات الدولة كافة، وجمع السلاح غير
الشرعي، وبسط سلطة القوى الأمنية على
مختلف الأراضي اللبنانية.. وتحقيق
العدالة.. والمساواة..لكل اللبنانيين
دون استثناء تحت سقف القضاء وبرعاية
المؤسسات الأمنية..لنعيش في وطن مستقر
وآمن.. كما يجب أن يدرك هؤلاء، أن سياسة
الضغط والترهيب والقوة والهيمنة لن
تجدي نفعاً، وما جرى في مصر وقبلها في
تونس، وما سوف نشهده لاحقاً في بعض
عواصم الأنظمة الديكتاتورية
والشمولية، يجب أن يكون درساً لهم
وللجميع... ================= تركي الدخيل الوطن- الاثنين 7/2/2011 "إذا تنحيتُ عن السلطة فسيأتي الإخوان
المسلمون"، هذه هي رؤية الرئيس
المصري للحالة السياسية والاجتماعية
المصرية. نسي الرئيس أن الإخوان اتفقنا
أو اختلفنا معهم هم جزء من الشعب وصل
تمثيلهم في مجلس الشعب إلى 88 نائباً،
يعني هم جزء من النسيج الاجتماعي ولا
يمكن استئصالهم، وإذا وصل الإخوان إلى
السلطة سيجربهم الشعب وفي حال فشلهم
يأتي الله بقومٍ آخرين من خلال رؤية
شعب ينتقد ويعترض ولديه آلية ومنهجية
سياسية لتصحيح الأخطاء باستمرار. الرئيس الذي سيأتي بعد رحيل مبارك في
سبتمبر بنهاية ولايته، أو قريباً عبر
استقالته لن يمكث على الكرسي طويلاً
كما مكث الرئيس، فقد انتهى عصرات
الرئاسة الأبدية، كما أشار عبدالرحمن
الراشد، وتداول السلطة السلمي
والتعديلات الدستورية التي ستتم ستحقق
حماية الكرسي من الاحتكار، وهذه
الإصلاحات هي صمام الأمان
للديموقراطية المصرية، وفي حال وصل
الإخوان ثم فشلوا بإمكان الشعب أن يعرف
تلك التجربة وأن يبني على أساسها
تغييراً من خلال الوسائل الديموقراطية
والانتخابية. فزاعة الإسلاميين أو الإخوان استخدمت من
قبل بعض الأنظمة لترهيب الغرب ولكسب
صوت الشعب، وإبقاء قوانين الطوارئ
والمبالغة في تضخيم أخطار بعض
التنظيمات الإسلامية أساءت إلى
الإصلاح الاجتماعي والسياسي وساهمت في
تأخيره وربما تأجيله إلى وقتٍ غير
مسمى، كما حدث في مصر أو تونس أو
الجزائر أو سورية. بل لعلي أضيف أن هذه
السياسة زادت شعبية الإخوان عندما
قدمتهم في دور الضحية، وهم كذلك
أحياناً، وكلنا يعرف أن المعارضة تجيد
الانتقاد، لكنها إذا انتقلت إلى خانة
السلطة، كثيراً ما تضرب أخماساً
بأسداس. إذا كان الإخوان سيصلون إلى السلطة
مستفيدين من التجربة الإسلامية
التركية عبر الانفتاح والاهتمام
بالحوار والتمسك بحقوق المرأة، وفتح
المجال للحريات الشخصية والانفتاح على
العصر والعالم فسيكونون بالتأكيد أفضل
من الأنظمة التي تقمع الشعوب تحت فزاعة
حماية الأوطان من الإسلاميين، ثم لا
يصلحون ولا هم يصدقون. هذه هي المشكلة
أيها السادة، المجتمع المصري مجتمع
متدين بالتأكيد لن يقبل بأتاتورك
يحكمه، سينتخب من يمثله من صميم ثقافته
ومن صميم انفتاحه. آن أوان التخفيف من استخدام الإسلاميين
أو الإخوان كفزاعة يراد منها فرض
قوانين الطوارئ، أو تأخير الإصلاح،
ووأد المبادرات الديموقراطية، لتقف
تلك المبالغات المملة والتي أضحت غير
مجدية في ملة المجتمعات والشعوب، وإذا
كان التنظيم شيوعياً أو إسلامياً أو
علمانياً أو أياً كان اتجاهه ملتزماً
بالطرق الديموقراطية وبالقانون، ولم
يقدم نفسه على أنه الحق المطلق، ولم
يدخل مجال العنف والإرهاب والقتل فإنه
جزء من الحركة السياسية في المجتمع..
هذه رؤيتي.. والعلم عند الله. ================ نهاية "القاعدة"
وعودة الإسلام الوسطي جمال خاشقجي الوطن السعودية 5/2/2010 ارتكبت أمريكا وفرنسا جريمة أخرى في حق
العرب والمسلمين عندما أعطتا الضوء
الأخضر للانقلاب، الذي ولد كارثتين،
أولاهما جزائريا بدخول البلد في حمام
دم، والثانية ولادة القاعدة التي كانت
الجزائر أولى الساحات التي جَربت
وطَورت فيها فكرها الجهادي السلفي
المتطرف عندما توجه وزير الدفاع المصري ظهر أمس
إلى المعتصمين في ميدان التحرير كان من
جملة مطالبه "التصالحية" أن
أقنعوا مرشد الإخوان بالحوار مع
النظام في اعتراف غير مسبوق بالجماعة
التي همشها النظام المصري طوال عقود،
صورة جلية تنبئ بالقادم في مصر
والمنطقة. صورة أخرى من تونس ففي الأحد الماضي عاد
زعيم حركة النهضة التونسي الإسلامي
المعتدل راشد الغنوشي إلى بلاده بعد
نفي استمر 22 عاما. تلك السنوات الطويلة سقطت من عمر
التاريخ، ليس للغنوشي فقط، وإنما
للمنطقة بأكملها، بعدما وئد أول تحرك
شعبي عربي نحو الحرية والديموقراطية،
من ثورة "باب الواد" وشباب
الجزائر العاطل، تلك الثورة التي تم
تناسيها وحان الوقت أن يعاد لها
الاعتبار. سنوات ضاعت، منذ التسعينيات، ضيعتها
أنظمة شمولية قمعية دخلت في حلف غير
مقدس مع التطرف الإسلامي، تراجع فيها
الاقتصاد والإبداع وازدهر خلالها
الفساد والقهر مع التطرف والتكفير. لم تهمش خلالها حركة الإسلام السياسي
المعتدل فقط، بل كل القوى السياسية
الوسطية التي كان يمكن أن تمثل الطبقة
الوسطى في العالم العربي، تلك الطبقة
التي تآكلت هي الأخرى، فعاش غالبها
قسرا في الفقر، وقليلها تسلق إلى الغنى
الفاحش عبر نظام فاسد. لم يبقَ على الساحة سوى أنظمة شمولية
مستبدة، وإسلاميون متطرفون، رغم أن
الاثنين يكرهان بعضهما ويتربصان
ببعضهما، إلا أن وجود هؤلاء كان يبرر
وجود أولئك. اليوم نشهد سقوط الاستبداد، ومعه ستسقط
القاعدة والتطرف وتتآكل هي الأخرى مع
فقهها المنحرف، بعدما تختفي أسباب
وجودها. قبل أكثر من 22 عاما، أجريت حوارا مطولا مع
راشد الغنوشي، كان مستعدا للمشاركة
كوطني تونسي في التغيير الذي يقوده
الرئيس الجديد، لم يطرح فكرة الدولة
الإسلامية، كان مسلما عصريا مثل بلده،
الغريب أن الحركة الإسلامية التونسية
في ذلك الوقت كانت الأكثر تقدمية من
غيرها، لم يكن ينافسها سوى حسن الترابي
في السودان بطروحاته الجريئة، ما زلت
أحتفظ بأعداد من مجلة "15/21" للصديق
صلاح الدين الجورشي والتي تجرأت بطرح
مفهوم اليسار الإسلامي. اصطحبني الشيخ الغنوشي بعد الحوار إلى
عشاء في منزل أحد أنصاره، كانت "فيلا"
أنيقة، صاحبها ميسور الحال، بخلاف
شيخه الذي كان يسكن منزلا بسيطا، ويقود
سيارة فرنسية تعمل بالغاز، كانت أول
مرة أرى سيارة مثلها، كان الوقت ربيعا،
وكذلك تونس هي الأخرى تمر بربيع
للحرية، ورئيسها المخلوع زين العابدين
بن علي في أيام حكمه الأولى، جل حديثه
عن الحرية والعدالة الاجتماعية
والتغيير بعد سنوات الحبيب بورقيبة
مؤسس تونس الحديثة الذي شرعن للطبقية
الثقافية في بلاده وربما المغرب
العربي، وأقصد بها ازدراء الطبقة
المثقفة "المفرنسة" والحاكمة
لغيرهم من "العامة المحليين"
والتي حملها معه زين العابدين طوال
سنوات حكمه. أعتقد أن بورقيبة كان أكثر
صفاقة مع التونسيين، إذ إن الرجل حمل
تعليميا دينيا فكان يتجرأ على الفتوى
في مسائل محسومة شرعا، بشكل مستفز،
ولكن لم يكن أحد يجرؤ على الرد عليه فهو
كان الحاكم الأوحد. حرية تونس لم تكن من داخلها فقط، كانت
هناك نسمات حرية أشد تهب عليها من
الجزائر المجاورة، والتي فاقتها في
ربيعها الديموقراطي، في أكتوبر 88 خرج
الجزائريون في مظاهرات شبيهة بما حصل
في تونس قبل أسابيع ومصر هذه الأيام،
يخطيء من يقول إن ثورة الياسمين هي أول
ثورة شعبية عربية، لقد سبقتها ثورة "باب
الواد" الجزائرية. بعد سقوط مئات القتلى، استجاب لها الرئيس
الأسبق الشاذلي بن جديد، ووافق على
دستور جديد، وتعددية سياسية، وأطلق
حرية التعبير في الإعلام والمساجد،
فأصبحت الجزائر حرة وبسرعة فاجأت و"أزعجت"
الجميع، شكل ذلك ضغطا على تونس وغيرها
فتدرجت هي الأخرى في أبواب الحرية. جرت أول انتخابات بلدية حرة في الجزائر،
ففاز فيها حزب حديث التأسيس اسمه "الجبهة
الإسلامية للإنقاذ"، زعيمه كان مجرد
معلّم، بدون خلفية سياسة، أو مركز قوى،
زين العابدين أيضا سمح للنهضة
بالمشاركة في الانتخابات البلدية، لم
تحقق فيها النهضة غير 20% من الأصوات
ولكن كانت كافية لدق أجراس الإنذار لدى
زين العابدين. بدأ الضغط على القوى الجديدة في البلدين،
فاضطر الغنوشي للهجرة إلى الجزائر "الحرة"،
زاد الضغط أكثر في الجزائر بعد
الانتخابات النيابية التي اكتسحها في
دورتها الأولى الإسلاميون، بدا واضحا
أنه لو جرت الجولة الثانية فإنها ستحكم
الجزائر، ولأول مرة منذ استقلال
الجزائر هُددت مصالح العسكر الذين
حكموها وتقاسموا رزقها، من قبل قوى
شعبية منتخبة، وما زلت مؤمنا أن رد فعل
العسكر كان سيكون بنفس العنف والرفض
حتى لو كان المنتصر الشيوعيون، لم
يكونوا يدافعون عن وطن وإنما عن غنيمة. كان الانقلاب هو الحل، ارتكبت أمريكا
وفرنسا جريمة أخرى في حق العرب
والمسلمين عندما أعطتا الضوء الأخضر
للانقلاب، الذي ولد كارثتين، أولاهما
جزائريا بدخول البلد في حمام دم قضى
على نحو 150 ألف مواطن وتعطلت التنمية
وقدرات البلاد حتى اليوم، والثانية
ولادة القاعدة التي كانت الجزائر أولى
الساحات التي جَربت وطَورت فيها فكرها
الجهادي السلفي المتطرف، ومن هناك مضت
تضرب عقول وأفئدة مسلمين يائسين
غاضبين. كانت لغة القاعدة بسيطة، الديموقراطية
ليست كفراً فقط بل خدعة كبرى، لن يُسمح
للشعب والإسلام أن يصل للسلطة عبرها،
ولا حل إلا بالجهاد. في ميدان التحرير بمصر وشارع الحبيب
بورقيبة بتونس سقط الاثنان، الأنظمة
الشمولية المستبدة، والقاعدة، الشعب
يستطيع أن ينتصر دون تكفير واستباحة
دم، لم يرفع تونسي أو مصري صورة بن لادن
أو أيمن الظواهري، لم يكفروا حتى مبارك
أو بن علي، لم يهاجموا كنائس أو فتاة
سافرة، حرص الإسلاميون في البلدين أن
يكونوا شركاء في الوطن، لم يرفعوا
شعاراتهم أو يزعموا ريادة أو زعامة. صلى المصريون والتوانسة في الشوارع لله
بحريتهم في خشوع وصدق، كانت صلاة عبادة
وليس موقفا سياسيا، عادت ببركتها
الحياة إلى الاعتدال والوسطية والخضوع
لإرادة الله ثم الشعب. ================== جيمس زغبي السفير 12-2-2011 عندما يجد السياسيون الأميركيون أنفسهم
مضطرين إلى مناقشة أمر من أمور الشرق
الأوسط فإن تعليقاتهم في معظم الحالات
غالباً ما تظهر جهلاً فاضحاً
بالحقائق، وتأثراً بالمنفعة السياسية
لا بالواقع، أو لنقلْ حتى غباءً
مطلقاً، بكل بساطة. ولعل تعليقات
مسؤولي الإدارة عن الأحداث الجارية
الآن في مصر تعد دليلا واضحاً على ذلك.
فمعظم تلك التعليقات التي كانت تصدر عن
منظورين: المنظور الحزبي ومنظور
الولاء لإسرائيل، جاءت إما غريبة، أو
خطيرة. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، قالت «إيلينا
روس - ليتنين» رئيسة لجنة العلاقات
الخارجية بمجلس النواب الأميركي (جمهورية):
«إن السيد مبارك يجب أن يعد العدة
لإجراء انتخابات شرعية حرة، معترف بها
دوليّاً... وإن الولايات المتحدة يجب أن
تستفيد من أخطائها الماضية وتدعم
عملية تشمل مرشحين يستوفون الشروط
الأساسية لزعماء الدول المسؤولة،
ويشجبون الإرهاب، ويلتزمون بحكم
القانون، ويعترفون باتفاقية السلام مع
إسرائيل». وباختصار شديدة فإن النائبة
«ليتنين» تريد مرشحين يستيجيبون
لمعاييرنا، وليس لمعاييرهم. ومع ذلك فإن ما قالته رئيسة لجنة العلاقات
الخارجية يبدو أفضل بكثير من ذلك
الهراء ذي الصبغة الحزبية الواضحة
الصادر عن رئيس مجلس النواب الأميركي
الأسبق نيويت غينغريش (جمهوري). فغنغريش الذي يقال إنه أحد الطامحين في
الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة عن
حزبه يبدو ضحلاً بشكل لا يطاق، وغير
متسق في رأيه، بشأن معظم قضايا الشرق
الأوسط. فقد قال عن الوضع في مصر: «هناك
احتمال كبير لأن تنضم مصر خلال أسابيع
للبنان، وغزة، وأن تنضم لكافة الأشياء
التي يمكن أن تشكل خطورة استثنائية
علينا». وانتقد غنغريش الرئيس أوباما «لسذاجته،
ولأنه ذهب إلى القاهرة ليلقي خطابه
الشهير الذي قال فيه إننا جميعاً يجب
أن نكون أصدقاء لأنه ليس هناك فرق
بيننا... حسناً. أنا أعتقد - والكلام
لغنغريش - أن هناك فرقاً كبيراً بيننا
وبين الإخوان المسلمين». وكي يظهر غنغريش أن الإدارة الأميركية
ليس لديها دليل أو موجه إرشادي تستند
إليه للعمل، وأن لديه هو مثل هذا
الدليل وجه النصيحة التالية لأوباما: «ادرسْ
ريغان وكارتر.. ثم افعل ما فعله ريغان
وتجنب ما فعله كارتر». ولم يقتصر الأمر على مثل هذه التصريحات
الغريبة والخطرة، بل إن الحاكم السابق
لولاية إركنسو والمتقدم السابق لترشيح
انتخابات الرئاسة عن الحزب «الجمهوري»
عام 2008 «مايك هاكابي» استغل مناسبة
الأحداث في مصر ليقوم برحلته الخامسة
عشرة إلى إسرائيل، حيث أدلى بتصريح قال
فيه بنبرة أسيفة «إن إسرائيل تشعر
بالوحدة... وهي لا تستطيع الاعتماد على
الولايات المتحدة لأنها لا تثق بأنها
ستقف بجانبها»! أما النائبان «شيلي بيركلي» و«أنتوني
واينر» (ديموقراطيان) فقد عبرا عن
قلقهما من الديموقراطيات العربية،
لماذا؟ لأن إسرائيل قد رأت من قبل، كما
قال بيركلي: «كيف أن تجربة ديموقراطية
يمكن أن تأتي إلى السلطة بأعداء لها»،
أما «واينر» فقد قال: «إن الحاصل هو أن
الديموقراطية التي نعرفها،
والديموقراطية على النحو الذي تطبق به
في العالم العربي، أمران مختلفان أشد
ما يكون الاختلاف» . أما عضو الكونغرس «جيسي جاكسون» الذي
حاول أن يبدو ذكيّاً، ومهتمّاً
بالشؤون الدفاعية (وأخفق في ذلك
إخفاقاً يدعو للرثاء) فقد تنطع هو
أيضاً ليقول: «لا يمكن السماح بأي حال
من الأحوال بسقوط التقنية الأميركية
التي قدمناها لهم - يقصد المصريين - في
أيدي الإخوان المسلمين، أو حلفاء
الدول المارقة في المنطقة». وهناك عدد آخر من أعضاء الكونغرس ركزوا
على التهديد الذي يمكن أن تمثله
الأحداث الحالية في مصر على حرية
الملاحة في قناة السويس، وبالتالي على
أسعار النفط، واستغلوا الظرف للضغط
على الرئيس الأميركي لتجديد محاولتهم
تمرير مشروع قانون الطاقة في الكونغرس.
أما الشيء المقلق في هذا السياق فهو كون
القادة السياسيين الأميركيين، كما كان
يحدث دائماً خلال العقود القليلة
الماضية، أتيحت لهم فرصة لمعرفة
المزيد عن العالم العربي، ولكنهم
أخفقوا في الاستفادة منها، ونظروا إلى
أحداث تونس ومصر على أنها تمثل إما
تهديداً لإسرائيل، أو فرصة يمكن
للولايات المتحدة استغلالها لضرب
القوى المناوئة لها، بينما كان الواقع
مختلفاً عن ذلك تماماً. والواقع هو أن الاحتجاجات المصرية كانت
مسألة مصرية داخلية، وتتعلق بمصر في
المقام الأول، ولم يكن هناك أحد من
المجتمعين في ميدان التحرير ينتظر
مباركة من «غينغريش»، أو حتى من أوباما.
وينبغي ألا أنسى أيضاً ذلك المذيع
التلفزيوني السخيف، الذي أجرى لقاءً
مع متحدث باسم «الإخوان المسلمين»
وحاول قدر استطاعته أن يجبره على أن
يقول إن الجماعة تعترف بالدولة
اليهودية... ولا شك أن ما فعله هذا
المذيع لا يمكن وصفه بشيء سوى السخافة
الشديدة، وذلك لشدة خروجه عن موضوع
الأحداث. ==================== علي حماده النهار 12-2-2011 مع تنحي الرئيس حسني مبارك عن الرئاسة
بدأت مرحلة جديدة ليس على صعيد مصر
وحدها بل على صعيد المنطقة بأسرها.
فالثورة الشبابية التي ما لبثت كل
القوى الحية في البلاد ان انضمت اليها
حتى صارت ثورة عارمة اخذت في دربها
بنية النظام بأسره، ففرضت معادلة
جديدة على القوى الضامنة للامن القومي
اي الجيش، بحيث ما عاد ممكنا ان يبقى
على ولائه للرئيس السابق حسني مبارك في
ظل قرار واضح وصريح بعدم الاصطدام
بالشعب وفقا لمسار تاريخي انتهجه
الجيش منذ ولادته وما شذّ عنه يوما. فلم
يحصل ان اطلق الجيش النار على الشعب. لقد كانت الشعارات التي امتلأت بها ساحات
المدن المصرية ومدونات الشباب شعارات
مدنية مطلبية اجتماعية تتعلق بالحقوق
السياسية المدنية والانسانية
للمواطنين. ولم نر اي حراك مطلبي جدي
لشعارات ايديولوجية او ثورية بما
يلامس السياسة الخارجية، وهذا
بالتحديد هو العنصر اللافت. فقد قامت
ثورة ضد الديكتاتوية والمافيوية
الحاكمة والفساد والقمع المخابراتي.
وكان الاسلام الثوري غائبا تماماً
كغياب العروبة الثورية المنبثقة من
خطاب ستينيات القرن الماضي. وكانت
معضلة التوريث عنصراً مستقطباً
للاعتراض الشعبي بحيث انها شكلت منذ
بضع سنوات محركا اساسيا من محركات
المجتمع المدني الاعتراضي. ومما تقدم يمكن القول ان ثورة مصر انهت
النموذج الايراني للثورات حيث الانسان
في خدمة الايديولوجيا. وانهت النموذج
البعثي في ما تبقى منه حيث الانسان في
خدمة الانظمة. وشكّلت نموذجاً عربياً
سوف ينعكس شئنا ام ابينا على كل الرقعة
العربية. فالثورة حصلت في اكبر دولة
عربية، وسنية. والعنصر الاسلامي
السياسي لم يكن محركها ولا حاول ان
يتصدرها، ولا حتى ان يركب موجة تحولت
الى مدّ هائل ذابت فيه الخصوصيات
والاجندات الخاصة. بعد ثورة مصر 2011 لن يعود العالم العربي
كما كان. ولن تعود الانظمة العربية او
حتى الاسلامية قادرة على الاستمرار
طويلا في حكم الشعوب بقوة الخوف
والترهيب تحت شعارات ثورية او "قومجية"
انتهت صلاحيتها في عقول الناس وقلوبهم.
ومن هنا علينا ان نراقب بلداناً عربية
واسلامية من الخليج الى المحيط "معتدلة"
و"غير معتدلة" على حد سواء.
فترددات ثورة مصر سوف تسمع بعيداً
بعيداً ولزمن طويل بعد ان تعود وتهدأ
في مصر نفسها. لقد ثبت ان المجتمع المدني عندما يكسر
حاجز الخوف بإمكانه ان يقلب المعادلات
ويفرض التغيير. وما احوج الشعوب
العربية الى التغيير الحاسم لأوضاعها
المأسوية. سقط حسني مبارك في مصر فارتفع منسوب القلق
في أروقة الأنظمة من طهران الى نواكشوط! فمن التالي؟ ==================== خوف إسرائيل وأميركا من
"ثورة مصر" في محله ؟ سركيس نعوم النهار 12-2-2011 أثار خوف بنيامين نتنياهو من الأثر
السلبي الذي لا بد ان يرتِّبه خروج
الرئيس المصري حسني مبارك من السلطة
جراء الثورة الشعبية عليه، اولاً، على
معاهدة السلام الاسرائيلية –
المصرية، وثانياً، على الاستقرار في
المنطقة، اثار سخرية عدد من الباحثين
اليهود الاميركيين الكبار، وتحديداً
الذين منهم اتصفوا بالواقعية
والاعتدال، والذين سعوا لاقناع
الاسرائيليين على تنوعهم
والفلسطينيين على تنوعهم، كما دول
عربية عدة، بالعمل الجاد لاقامة دولة
فلسطينية تعيش بأمان وسيادة واستقلال
الى جانب دولة اسرائيل. فهؤلاء يلمسون
تحوّلاً متصاعداً للشرق الاوسط
العربي، ويشعرون ان العودة عنه لم تعد
ممكنة، ويعرفون ان تأثيراته على
المصالح الحيوية والاستراتيجية
الاميركية في الشرق الاوسط، كما على
عملية السلام بين الفلسطينيين
واسرائيل، ستكون كبيرة الى درجة ان
احداً لا يستطيع منذ الآن تقدير حجمها
ومداها وابعادها وأشكالها. وهؤلاء
يوافقون اسرائيل عندما تشعر بالخوف من
مساهمة ما يجري في مصر واستطراداً في
المنطقة في تعاظم نفوذ "الاخوان
المسلمين" المصريين، وفي استعادة
حركة "حماس" الفلسطينية زخمها
المقاوم الذي ضعف كثيراً بعد سيطرتها
على غزة واضطرارها الى "مهادنة"
اسرائيل خوفاً من عملية عسكرية ثانية
ضدها في امارتها الغزاوية. كما
يوافقونها عندما تعبِّر عن اعتقادها
ان ثورة مصر وتداعياتها قد تقضي على
الامل، وإن ضعيفاً، في إحياء مسيرة
السلام على المسار الفلسطيني –
الاسرائيلي. لكن الباحثين اليهود
الاميركيين يعرفون في الوقت نفسه ان
الخوف الاسرائيلي من الانعكاسات
السلبية لثورة مصر على السلام مع
الفلسطينيين ليس في محله. ذلك ان
نتنياهو وحكومته مقتنعان بأنهما
تفوّقا على رئيس اميركا باراك اوباما
في مواجهتهما له اثناء مطالبته اياهما
بالاستمرار في تجميد الاستيطان في
الضفة الغربية تسهيلاً للتسوية. فضلاً
عن انهما مقتنعان ايضاً بأن في
إمكانهما الآن الاستمرار في "إلتهام"
الضفة الغربية من دون ان يخشيا اي عقاب
من احد، وفي الوقت نفسه الاستمرار في
تجاهل المصالح الاميركية، ومعها
القانون الدولي وكل اتفاقات وقف
الاستيطان التي وقعتها اسرائيل في
السابق والتي تضمنت ايضاً تعهداً
بازالة المستوطنات العشوائية.
انطلاقاً من ذلك يعتقد الباحثون
اليهود الاميركيون انفسهم ان الهدف
الفعلي لاسرائيل الاستعمارية هو تأسيس
نفوذ دائم غير قابل للنقض او للضرب في
كل فلسطين من خلال المستوطنات. وهذا
امر كان واضحاً منذ البداية، لكن
الكثيرين تعمَّدوا عدم رؤيته. ما هي الاسباب التي جعلت اسرائيل،
وخصوصاً منذ احتلالها الضفة الغربية
وغزة قبل 44 عاماً، تستخف بالغضب العربي
الشعبي والغضب العربي الرسمي اللذين
تم التعبير عنهما بحرب رسمية شبه ناجحة
عام 1973، وبمقاومة فلسطينية واخرى
لبنانية نجحت في انهاء اسرائيل
احتلالها اجزاء من لبنان عامي 1978 و1982؟ الاسباب كثيرة يجيب الباحثون اليهود
الاميركيون الكبار انفسهم. إلا ان
ابرزها كان اقتناع اسرائيل بأن
الانظمة العربية الشمولية المتسلِّطة
المعتمدة ومن زمان على حماية اميركا
لها ستبقى ناجحة في ضبط غضب شعوبها على
اسرائيل والغرب. وهذا الاعتماد القريب
من الاذعان كان له الفضل الاول في
استقرار السلام الذي وقّعته مصر
والاردن مع اسرائيل. كما كان له الفضل
في ولادة ما سمي مبادرة السلام العربية
عام 2002 في بيروت، التي تعهَّد فيها
الملوك والرؤساء العرب الاعتراف
باسرائيل والتطبيع الكامل معها اذا
توصلت والفلسطينيين الى تسوية دائمة
وشاملة. الا ان صدقية اميركا التي
طالما افادت عرب الانظمة واسرائيلييها
بدأت في الاهتراء والتآكل قبل
الانتفاضات الشعبية التي بدأت في
العالم العربي. واسباب ذلك كثيرة آخرها
تراجع اوباما امام نتنياهو. علماً ان
النيَّة التي كانت ربما متوافرة عند
عدد من الانظمة العربية المهمة
للتعاون مع الحليفة والحامية اميركا
ومع اسرائيل لمواجهة ايران الاسلامية
المتعاظمة قوتها في الشرق الاوسط، قد
تضعف بعد سقوط مبارك وبسببه. وعلى
العكس من ذلك فان النفوذ الايراني
سيزداد ويقوى في حال كهذه، فضلاً عن ان
عداء الانظمة العربية لايران قد لا
تشاركها اياه شعوبها او بعضها. والسبب
الاساسي لذلك هو تصدي ايران لاسرائيل
بنجاح وقيادتها المواجهة ضدها. وهذه
مهمة كانت للعرب اساساً وتخلُّوا عنها. في اي حال يعتقد الباحثون اليهود
الاميركيون اياهم ان التغييرات
الثورية العربية الجارية قد تشكل
خطراً وجودياً على اسرائيل. إلا ان ذلك
يتوقف في الدرجة الاولى على طريقة
تعاطيها معها. ومع نتنياهو في الحكم لا
يبدو ان هذه الطريقة قد تجنِّب اسرائيل
الاخطار. ذلك انه وحكومته اثبتا "بحكمتهما"
ان الصهيونيين قد يكونون عنصريين،
علماً ان الصهيونية اساساً ليست
عنصرية (في نظر اليهود والاميركيين).
وقد تجلت هذه الحكمة في الوقوف عملياً
ضد اقامة الدولة الفلسطينية وفي اقامة
دولة تمييز او فصل عنصري في كل فلسطين
مماثلة لدولة جنوب افريقيا سابقا.
طبعاً يعرف هؤلاء ان سلام مصر واسرائيل
الغى او اضعف كثيراً خيار حرب عربية
نظامية ضد اسرائيل. لكنهم يعرفون في
الوقت نفسه ان تغيراً جذرياً لمصر قد
يعرِّض وضعها ومركزها الاستراتيجيين
للخطر. كما انه قد يعرِّض سلام اسرائيل
والاردن للخطر بل للزوال اذا الغت "مصر
الجديدة" سلامها معها. فهل "مصر
الجديدة" في هذا الوارد؟ وقبل ذلك هل
ستقوم "مصر الجديدة"؟ وهل ستكون
جديدة في الداخل اي نامية بثبات وقوة
وديموقراطية جدية ومُحارِبة للفساد؟
ام جديدة مع الخارج فقط اي مع اسرائيل
واميركا؟ ام في الداخل ومع الخارج في
آن واحد؟ لا اجوبة عن ذلك حتى الآن. فمخاض التغيير
لا يزال مستمراً. والولادة لم تحصل بعد. ==================== بعد أن سقط منطق الرهان
على الوقت! حسين الرواشدة الدستور 12-2-2011 اسوأ ما يمكن ان تفعله الحكومات هو
المراهنة على الوقت لامتصاص غضب الناس
، أو استيعاب حراكهم أو الالتفاف على
مطالبهم ، واسوأ ما يمكن ان تفعله في
التعامل مع "ملف" الاصلاح
والتغيير هو "المماطلة"
والانتظار وتكرار استخدام ادوات
الماضي ، ابتداء من الدعوة الى "حوار
وطني" او تشكيل لجان او اعتماد منطق
"التقسيط" والجرعات ، فالمراهنة
على الوقت - اولا - وصفة ثبت فشلها ،
وسلام "الوقت" اصبح بيد الناس لا
بيد الحكومات ، وكلما تأخرنا في
التقاطه او استباقه خسرنا اكثر ،
ودفعنا اكثر ، وتصاعدت مطالب الناس
اكثر ، أما اعتماد منطق "المماطلة"
والتسويف فأعتقد انه اصبح ضد طبيعة
المرحلة ، وضد مستلزمات مصارحة الناس
وتلبية احتياجاتهم ، وضد ابجديات "الرشد"
التي تقتضيها ادارة شؤون المجتمع
وتدبير احواله. لا خيار الآن امام الحكومات سوى "الانصات"
لمطالب الشعوب ، وتنفيذها ، ولا بديل
امامها سوى النزول - التنازل ان شئنا -
عن كل ما ألفناه من مناهج وادوات
واعتماد ما يطرحونه من حلول ووصفات ،
فقد مل الناس من كثرة الوعود ، وفقدوا
ثقتهم بها ، وتحملوا بما يكفي انتظارا
لساعة الفرج ، وحين دقت ساعة التغيير
وخرج مارده من القمقم ، لم يعد امام أحد
من خيار ، او بديل سوى "العودة"
الى الشارع ، هذا الذي عرف الناس
طريقهم اليه ، فهو الآمر الناهي ، واذا
كان من الحكمة ان نستبق غضبه فان بوسع
حكوماتنا ان تتحرك لتحقيق ما يريده ،
وان تستعجل بالاجابة على اسئلته
المعلقة ، وان تتجاوز كل ما جرته في
الماضي من اساليب وادوات "لترضيته"
أو استيعاب اصواته الى اساليب جديدة
تتناسب مع هذه المرحلة ، بكل ما فيها من
مستجدات وتحديات. بصراحة اكثر ، لقد قبل الناس في السنوات
الماضية منطق الحكومات في التعامل مع
قضاياهم ومطالباتهم ، وان كانوا غير
مقتنعين بهذا المنطق ، قابلوا الوعود
بالانتظار ، والتسويف بالصبر ،
والتقسيط بالتجمل ، وغياب الثقة
بالخوف والتجمل ، وانسداد الابواب
بالتعويل على الامل ، لكن هذه
الاعتبارات الآن سقطت ، بعد ان اكتشف
الناس ان المشكلة فيهم لا في حكوماتهم
، فبوسعهم ان ينتزعوا حقوقهم بدل ان
يستجدوها ، وبوسعهم ان يحاسبوها بدل ان
تحاسبهم ، وبوسعهم ان يقدموا "وصفات"
حلولهم بدل ان تظل تدور في اروقة
اللجان والمؤتمرات دون ان تفضي الى
نتيجة. الآن ، تغيرت المعادلة ، وانقلبت اصول
اللعبة ، فقد اصبح أمر "التغيير"
بيد الناس بعد ان كان بيد الحكومات فقط
، واصبح خيار الاصلاح فريضة واجبة بعد
ان كان مباحاً أو مندوباً ، واستعادت
المجتمعات عافيتها بنفسها بعد ان كانت
"العافية" منحة حكومية ، وحسبنا -
في مثل هذه الحالة - ان نتعلم من تجارب
غيرنا وان نقرأ بوضوح ما يصلنا من
رسائل ، فقد فات الوقت الذي كنا نعتمد
فيه على التأجيل والانتظار ، وعلى طلاء
الجدران بدل اعادة بنائها ، وجاءت
اللحظة التي يفترض فيها ان نعتذر عن
اخطائنا ، ونصحح مسارنا ، ونلتقي فيها
على كلمة سواء ، لا غالب ولا مغلوب. ==================== اليمين الأوروبي
والانقلاب على التعددية الثقافية سامح المحاريق الرأي الاردنية 12-2-2011 تباينت المواقف الاجتماعية تجاه تصريحات
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون
التي أتت لتعلن نهاية التعدد الثقافي
كسياسة عامة في بريطانيا تم على أساسها
استيعاب جاليات إسلامية وعربية كبيرة،
والبديل الذي طرحه كاميرون هو الإصرار
على تطبيق القيم البريطانية
الليبرالية الغربية، وتوجه كاميرون
أيضا لينتقد سياسة التعدد في ألمانيا
الشريك الأكبر في الاتحاد الأوروبي،
وهذه الخطوة تمثل بوضوح مزاج اليمين في
أوروبا وتستغل الظروف الاقتصادية
القائمة التي تجعل المواطن العادي
ينظر إلى هذه الجاليات كعالة تستهلك
جانبا من المخصصات الحكومية التي يجب
أن تنصرف لأوجه أكثر جدوى من إقناع
المهاجرين على الاندماج في المجتمعات
الأوروبية. كاميرون كغيره من الساسة الأوروبيين لم
يفوّت الفرصة ليدلي برأيه حول الإسلام
والتطرف، ولم يتحدث صراحة عن أهدافه
السياسية التي تمثل قطاعا من اليمين
الذي يعيش على أوهام المركزية
الأوروبية واليد العليا التي يمثلها
الإنسان الأوروبي المتحضر بالضرورة
قياسا بالآخرين، وغير ذلك مما يصلح
كإعلان نوايا لجماعات حليقي الرؤوس
وليس لرأس السياسة البريطانية، فجزء
كبير من حالة الرفاه الاجتماعي
القائمة في بلاده يعود أساسا
لاستغلالها الطويل لموارد الدول التي
خضعت للاستعمار، وبريطانيا وغيرها من
الدول الأوروبية لا يمكن أن تخلي طرفها
من المسؤولية التاريخية والأخلاقية
التي خلفتها الحقبة الاستعمارية. ملايين المهاجرين في أوروبا رحلوا من
بلادهم التي أفقرت نتيجة استنزاف
القوى الاستعمارية لمواردها لعقود
طويلة والرحيل بعد أن أصبحت تكلفة بقاء
الاستعمار أعلى من العائد الاقتصادي
المتحقق، بالإضافة إلى أنها تركت
وكلاء محليين متمثلة في طبقات
المستفيدين من العلاقة مع الغرب
وشركاته، عملت أيضا على تكريس التبعية
الاقتصادية والسياسية للغرب، وفتحت
أبواب البلاد النامية أمام تغول
وأنانية رأس المال الغربي الذي يبحث عن
مزيد من الأرباح يتحقق من إلقاء الفتات
لعمالة هذه الشعوب بعد أن يحصل على
مزايا كبيرة ليس أقلها الإعفاءات
الضريبية والجمركية لصناعاته التي
تشبه حقيبة السفر. ليس من حق كاميرون ولا غيره أن ينسحب من
التعدد الثقافي كمبدأ قائم في الدول
الأوروبية، لأن ذلك سيسقط حججهم في
المطالبة بالتعايش والسلام في بلدان
مثل زيمبابوي التي حظي فيها
الأوروبيون بوضعية مميزة حتى وقت
متأخر نسبيا، كما أنهم يفترضون أن
قيمهم تتسم بالصحة المطلقة من حيث
المبدأ مقابل القيم الأخرى التي
يعدونها أقل كفاءة وأهلية للجماعات
الإنسانية، وهذا افتراض خاطئ من
الناحية المنطقية، فالقيم السائدة يجب
أن تكون خلاصة جدل اجتماعي يقوم على
الممارسة وليس تبادل النظريات أو
الاعتقاد بالتفوق الذاتي، وليست
الليبرالية الغربية سوى طرح بين
مجموعة أخرى من الطروحات في عالم
السياسة والتنظيم، بافتراض أن هدفي
السياسي والمنظم هو تحقيق المصالح
العامة للجماعة الإنسانية. علم الاقتصاد يبنى على افتراض ساذج بأن من
يتخذون القرارات يتسمون بالرشد ولديهم
معلومات كافية لاتخاذ القرارات
السليمة، والسياسة الغربية تفترض أمرا
مشابها بتقديرها أن الأفراد يستطيعون
في كل وقت وكل مكان أن يختاروا بصورة
صحيحة، علما بأن هذه القيم لا تستطيع
في حد ذاتها أن تصنع شيئا على مستوى
التقدم والاستقرار، ولو الأمر كذلك
لكانت القيم القائمة في الثقافة
اليابانية أكثر جدوى للتطبيق والتصدير
قياسا بما حققته من منجزات على أرض
الواقع. ==================== سلطان الحطاب الرأي الاردنية 12-2-2011 ذاب جليد الأحكام العرفية في مصر وبان بعض
ما تحته ومازال الذوبان مستمرا بفعل
أنفاس الشعب التي تقطعت عبر ثلاثين سنة
من حكم العسكر وان بدا المظهر مدنيا
فمصر مجتمع يحكمه العسكريون كما في
كتاب انور عبد الملك منذ ثورة عام 1952. ما تريده الولايات المتحدة التي تباينت
مواقفها من النظام في مصر هي بين بداية
الثورة في 25/1/2011 وما هي عليه اليوم بعد
(17) يوما هي ان تبقى تمسك ولو بخيط في
تطورات الاحداث حتى لا يفلت هذا الخيط
وحتى نستطيع المواكبة ومعرفة الى اين
تتجه الامور في مصر الحليف الهام
للولايات المتحدة وصاحبة الضمانات
لابقاء سلام ولو بارد مع اسرائيل
باستمرار اتفاقيات كامب ديفيد وما
ترتب عليها من علاقات سياسية
واقتصادية مترجمة بالغاز وقواعد سيناء
العسكرية والتعاون الامني والانذار
المبكر والحرب على الارهاب ومكونات
اخرى عديدة يعرف المصريون بعضها ولا
يعرفون بعضها الاخر الذي غطته احكام
الطوارئ وقبضه الامن وطغيان المال
الذي يشتري الكثير بما في ذلك مجموعات
البلطجية التي استعملت الابل والخيول
كتعبير اسود عما وصلت اليه العقلية
الامنية واذ لا يمكن الإعتماد على
الغرب في حماية الأنظمة الأمنية من
شعوبها..ولذا فإن الغرب في القضية
المصرية راح يكيل بأكثر من مكيال..فهو
داعم للنظام المصري ما دام لم ينكشف
ولم تتعر أوراق القمع فيه وهو تردد إذا
ما بدأ مشوار التغيير..وهو ضد النظام
القائم إذا ما شعر أنه سيسقط..ولكن ما
يهم الولايات المتحدة من مصر أشياء
ابرزها بقاء الساحة المصرية فناء
خلفياً للمصالح الإسرائيلية وجبهة
حامية من أي تغييرات يمكن أن تصيب
اسرائيل، فقد ظلت مصر مكبلة امام
التحولات الخطيرة في القضية
الفلسطينية وخاصة العدوان على غزة
وحصارها ونسب عملية تفجير كنيسة
القديسين لتنظيم فلسطيني مفتعل كشفت
الحقائق ان الداخلية المصرية وراء
التفجير وفبركة الإتهام. ما زال الثلج يذوب وما زالت الحقائق تتكشف
وما زالت الصور المبثوثة عبر وسائل
الإعلام العالمية تشير إلى فواجع لم
يكن النظام يحسب في أي يوم من الأيام أن
تكشف سوء حجم التعذيب أو الأموال
المنهوبة أو الإتفاقيات المخفية التي
بينت كيف يباع الغاز إلى اسرائيل وبأي
ثمن ولصالح من يعود مردوده. والسؤال الذي يحير المراقب الذي تهمه مصر
وأهلها واستقرارها ومستقبلها ونقلها
ودورها العربي هو لماذا لم يكن متاحاً
التغيير والإصلاح قبل وقوع الثورة
وتردي الوضع إلى ما وصل إليه من حالة
تضرب الاقتصاد والإجتماع الآن..؟
ولماذا لم يدرك النظام عبر ثلاثين سنة
خطورة ما يجري من تحت أقدامه وخطورة ما
يسببه أعوانه والمستفيدون من مصالحهم
المباشرة من نتائج..؟ ولماذا لم يأخذ
السلام مصر إلى الاستقرار
والديموقراطية بعد ان أنهت معركتها
كما قيل؟ ولماذا يصمت المصريون في زمن
السلام على عدم توفر حقوقهم الأساسية
بعد ان صمتوا في زمن الحرب تحت شعار لا
صوت يعلو فوق صوت المعركة..ليجدوا أنه
مطلوب منهم ان يستمروا صامتين تحت شعار
لا صوت يعلو فوق صوت «النهبمالية»...
المدمجة بالأمن المركزي وانحيازات
العسكر. وسؤال آخر لماذا يمتد التصحر الديموقراطي
عبر عالمنا العربي من أقصاه إلى أقصاه؟
وهو التصحر الذي يلتهم كل شيء ويحول
الثروات إلى أرصدة لفئات محدودة
تحولها للخارج وربما يستفيد العالم
الخارجي وبنوكه وشركاته منها أكثر مما
تستفيد المجتمعات العربية؟. لماذا يبقى ما يقارب الـ 60% من مواطني
العالم العربي أُميين وأكثر من هذه
النسبة بلا كهرباء وبلا مساكن مناسبة
ولا حتى ماء شرب صحية؟..ولماذا تظل نسب
الفقر هي الأعلى؟..لماذا تغييب عالمنا
العربي عن الدور والفعل والمشاركة؟. لماذا هناك انتخابات نزيهة ولو نسبياً
وتداول سلطة في كل أطراف الأرض بما في
ذلك افريقيا وحتى السنغال ولا يكون ذلك
في منطقتنا حيث الحضارات القديمة
ومهابط الأديان..؟ لماذا كل هذا التصحر
الذي يجعل «المدام كلينتون» تبشر فيه
بالمطر وقدوم الخصب فقد نفتح الآذان
على تدخلات جديدة وكأنها منقذة وتكتشف
أن الديموقراطية التي قاوم العرب
قدومها من الخارج ولم يستزرعوها في
الداخل أو يسمحوا لها عن التعبير عن
نفسها..بدأت تدق أبوابهم ليقولوا أنهم
غير مستعدين لها وأنهم ما زالوا بملابس
النوم ولم تشرق الشمس بعد وأنهم لا
يريدون ان يداهمهم أحد في غرفة الجلوس..لماذا..نقولها
في العالم العربي بمرارة ونحاول أن
نقدم نموذجاً مغايراً قبل نشوب
الحريق؟!. ==================== مستقبل البقاء الامريكي
بالعراق تطبيق للنموذج الصهيوني هيفاء زنكنة 2011-02-11 القدس العربي أصدرت لجنة
العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ
الامريكي، بتاريخ 31 كانون الثاني/
يناير 2011، تقريرا بعنوان 'العراق:
الانتقال من المهمة العسكرية الى
الجهد المدني'. يناقش التقرير المهم
خيارات الإدارة الامريكية في
استمرارية الوجود العسكري
والدبلوماسي في العراق ومدى امكانية
وتكلفة تحقيق الانتقال من العسكري الى
المدني. وهي النقلة المفترض انجازها
بعد الانسحاب العسكري الكامل وفق
الاتفاقية الامنية، وتنفيذا لما وعد
به الرئيس الامريكي باراك اوباما
الشعب الامريكي حول الانسحاب الكلي في
شهر تشرين الأول/ اكتوبر 2011. يتناول التقرير الوضع الحالي في العراق،
وسيناريوهات التواجد العسكري
الامريكي بعد نهاية هذا العام،
ومبادرة الانتقال من الإدارة العسكرية
الى 'الإدارة المدنية' لهذا التواجد،
وتقسيم المسؤوليات، وحساب الميزانية
اللازمة، والعلاقات الاقليمية. يشير التقرير، بداية، الى ان الفصل
الأخير من جهود الادارة الامريكية،
بعد انسحاب القوات من العراق، سيكتبه
مدنيون. وهذا هو، بالتحديد، فحوى
التقرير في تناول خيارات نقل مركز
السلطة الامريكية من العسكري (وزارة
الدفاع - البنتاغون) الى المدني (وزارة
الخارجية)، مع طرح تساؤلات عما اذا كان
الاستلام المدني لإدارة المصالح
الامريكية هو الحل الافضل ومدى
امكانية تحقيقه، آخذين بنظر الاعتبار،
عدد الدبلوماسيين وحجم البعثة المدنية
والحاجة الى الحماية الامنية، ونوعية
المهام في حالة التعرض الى هجوم مسلح
مثلا، بالاضافة الى التكلفة المالية
وواقعية توفير الاماكن وتعاون
واستعداد الحكومة العراقية وجهازها
الأمني والعسكري. يتناول التقرير، بداية، الوضع العراقي
ليقدم ما يعتبره اخبارا 'مشجعة كثيرة:
هناك تحسن في الوضع الامني بالمقارنة
مع عامي 2006 و2007، هناك، اخيرا، حكومة
دائمة على الرغم من أن المفاوضات
لتشكيل هذه الحكومة امتدت طوال عام 2010،
الا ان القادة العراقيين ابدوا
التزامهم بالعملية السياسية'. ولكن التقرير سرعان ما ينتقل للتحذير من
ان 'التقدم لا يزال هشا، وان الوضع غير
مستقر والامن غير مستتب في كل المناطق،
وان الوضع قابل للانفجار'، محددا
الجهات المسؤولة عن عدم الاستقرار
الأمني بانها ' تنظيم القاعدة في
العراق وغيره من الجماعات الإرهابية
الرامية إلى تأجيج العنف والاقتتال
الطائفي'، متغافلا عن حقيقة مهمة وهي
ان القاعدة لم تكن موجودة في العراق
قبل الاحتلال الانجلو امريكي له وكذلك
'الاقتتال الطائفي'، وليد سياسة فرق
تسد الاستعمارية. ويصف التقرير الوضع
السياسي، مؤكدا بأن 'القضايا السياسية
الأساسية لا تزال دون حل، من قوانين
النفط والغاز، الى كركوك وغيرها من
الحدود الداخلية المتنازع عليها، الى
طبيعة الفيدرالية العراقية'. وهي، كما
هو معروف، 'قضايا' ولدت على يد الاحتلال.
اما الوضع الاقتصادي فإن 'العراق لديه
القدرة على أن يصبح دولة غنية، الا انه
سيبقى يواجه صعوبات مالية حتى عام 2014،على
الأقل، عندما تتحقق الزيادة في إنتاج
النفط'. ولعل الجزء الأهم في التقرير هو تأكيد
موقف الادارة الامريكية، بأنه مهما
كانت السيناريوهات المطروحة حول ابقاء
قوة عسكرية في العراق مختلفة فإنها
ستبقى بالتأكيد في إطار تطلق عليه
ادارة الاحتلال إسم 'مكتب التعاون
الأمني' واصفة عمل القوات بأنها 'ستكون
مسؤولة عن تعزيز العلاقة الدفاعية
الثنائية عن طريق تسهيل المساعدة
الأمنية'. ويشبه مكتب التعاون الأمني 'لجنة
التنسيق الأمني' المشتركة بين السلطة
الفلسطينية برئاسة أبو مازن وسلطة
الاحتلال الصهيوني. وكما يذكر الدكتور
حيدر عيد، الاكاديمي من جامعة الأقصى
في غزة، فإن تسمية لجان التنسيق الأمني
هي المصطلح اللفظي الجديد لما كان يعرف
سابقا بالعملاء . اما بالنسبة الى السياسة الامريكية
فيعتبر التقرير ان 'الانتقال، في السنة
المقبلة، من الوجود العسكري إلى
المدني مهمة حاسمة بالنسبة لمصالح
الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وسيكون اختبارا لديمومة التقدم المحرز
في السنوات الأخيرة. وسيكون مؤشرا على
التزام الولايات المتحدة بالشراكة
الثنائية. وسوف يكون ذا تأثير مهم على
مكانة العراق في الهيكلة الأمنية
الإقليمية'. فما هي طبيعة الانتقال وما هي صورة
المستقبل القريب لحضور المحتل 'المدني'
وبعثته الدبلوماسية في أكبر سفارة في
العالم ذات المطار الخاص لنقل
الموظفين والمستخدمين؟ يخبرنا التقرير بانه 'من المفترض، وفق
الاتفاقية الامنية، ان يتم سحب
الخمسين الف عسكري امريكي، ويتم تسليم
المهام الى بعثة دبلوماسية، من
المتوقع ان تتألف، في الوقت الراهن، من
17 ألف شخص في 15 مواقع مختلفة، بما في
ذلك ثلاث قواعد جوية، وثلاثة مراكز
تدريب للشرطة وقنصليتان في البصرة
واربيل وفرعان في كركوك والموصل،
وخمسة مواقع للتعاون الأمني. ستتطلب كل
قنصلية حوالي 1400 شخص لحماية 120 موظفا
تنفيذيا بينما ستتطلب المكاتب الفرعية
حوالي 600 شخص لحماية 30 موظفا. اي ان كل
موظف امريكي سيحتاج 20 متعاقدا أمنيا (المرتزقة)'.
واشار التقرير، بدون تفصيل، الى وجود 75
ألفا من المرتزقة أو 'المتعاقدين
الأمنيين' الناشطين، حاليا، على مختلف
المستويات من العمليات القتالية
الخاصة الى تجميع المعلومات والترجمة
والتعذيب. ما الذي سيحل بهم؟ تحت أي
غطاء سيواصلون نشاطاتهم الاجرامية؟
ولم يتعرض الى فرق العمليات السرية
الخاصة، سواء تلك التابعة لـ 'السي آي
ايه'، أو لوزارة الدفاع. هذه الاسئلة، نفسها، تبقى معلقة أيضا
بالنسبة للعراقيين في غياب وجود حكومة
وطنية ذات سيادة. ويكرر التقرير المرة
تلو المرة بأن تحقيق النقلة من العسكري
الى المدني سيتطلب توفير حماية
استثنائية ومكلفة لأفراد ادارتها
الباقية، وان الاوضاع لا تسير، حقا،
كما كانوا يأملون ويشتهون عند غزوهم
العراق. وان السؤال الرئيسي الذي يواجه الادارة
الامريكية هو 'انه ما دامت سياسة
محاربة التمرد وبناء الدولة، عنصرا
جوهريا في سياسة امريكا الخارجية، كيف
تتمكن وزارة الخارجية من العمل بشكل
فاعل في ظروف أمنية صعبة بلا دعم من
القوات المسلحة الامريكية؟'. جوابا على هذا السؤال، قدم التقرير ثلاثة
سيناريوهات: ينص الاول على الانسحاب
الكلي للقوات الامريكية باستثناء مكتب
عسكري لقوات محددة تعمل ضمن مبنى
السفارة. وان كان تعريض الدبلوماسيين
للخطر، بسبب عدم امكانية توفير
الحماية، قد يدفع الولايات المتحدة
الى تقليص عدد بعثتها ايضا باعتبارها
خطة طموحة اكثر مما يجب. ينص الثاني على
ابقاء قوة عسكرية محدودة تعمل مع
السفارة ولكن تحت اسم مكتب التعاون
الامني مع القوات الامنية العراقية
مما يقلل من تكاليف حماية البعثة ويقلل
من الخلاف حول توزيع الصلاحيات بين
وزارة الدفاع والخارجية الامريكية.
ويطرح الثالث فكرة التفاوض مع حكومة
المالكي حول توقيع اتفاقية أمنية
جديدة تنص على بقاء القوات العسكرية
وتعاونها مع القوات العراقية لمحاربة '
التمرد' وتعزيز القدرة القتالية على
الرغم من ان هذا السيناريو سيؤدي
لانهيار الثقة بوعود اوباما وتعزيز
صورة امريكا كبلد يريد استمرار
الاحتلال. وعما اذا كانت حكومة المالكي
ستوافق او لا، يشير التقرير الى انه
وبالرغم 'من تلميحات الحكومة بانها لا
تريد اعادة التفاوض بشأن بنود
الاتفاقية الامنية الا ان الباب لا
يزال مفتوحا لتمديد التواجد العسكري
لفترة محددة'. ويتوقع التقرير ان تكلفة
تمكين البعثة الجديدة من تحقيق القدرة
التشغيلية الكاملة ستبلغ من 20 30 مليار
دولار امريكي، على مدى خمس سنوات. يطغى على التقرير، على الرغم من محاولته
تقديم بعض الاخبار المشجعة، القلق
ازاء استمرار المقاومة العراقية في
توجيه الضربات الى قوات ومصالح
الاحتلال (بلغ معدل القتلى المعلن عنهم
من قواتهم لعام 2010 خمسة جنود شهريا) كما
ينضح التقرير بعدم الاطمئنان الى قدرة
قوات الامن العراقية والتخوف من ردة
فعل الرأي العام الامريكي تجاه ادارة
اوباما التي تعاني من مشاكل سياسية
وازمة اقتصادية كبيرة، يرى الكثير من
الامريكيين ان جذورها تبرعمت نتيجة
تكلفة احتلال العراق الباهظة. ان لكل من الخيارات الأمريكية ما يقابلها
من خيارات عراقية سواء من قوى المقاومة
العراقية المسلحة أم من قوى المقاومة
السلمية، وكلها تصب باتجاه تحرير
العراق والمطالبة بالتعويضات لقاء ما
لحق البلد وسكانه من قتل وتدمير وتشرد
وتثبيت حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا،
وبناء مجتمع مدني تكافلي سليم. ان
سيناريوهات الادارة الامريكية
الجديدة ستفشل، كما فشلت سابقاتها،
لانها تتجاهل حقيقة تاريخية بسيطة وهي
ان مقاومة الشعب العراقي ستستمر حتى
رحيل آخر جندي ومستشار ومرتزق ومستخدم
أجنبي. ' كاتبة من العراق ==================== ثورة الحرية في مصر:
دروس'مستفادة من التاريخ د. عمر عاشور 2011-02-11 القدس العربي 'يدوسوا علينا
بالدبابات أحسن ما نعيش عبيد عند مبارك...
أنا مش ماشي من هنا'، جملة قالها صديق
لي، قبل أن يتمدد سريعاً أمام إحدى
دبابات الجيش، بعد ان سرت شائعة حول
قرب اقتحامها لميدان التحرير، لتجهز
على قلب الحركة الديمقراطية في مصر.
هذه الشائعات لم تأت من فراغ، فتعامل
نظام مبارك مع الأزمة في البداية اقتصر
على اجراءات القمع، التي اشتملت على
هجمات عنيفة من قبل قوات الأمن
المركزي، واختطاف وتعذيب من قبل جهاز
أمن الدولة، واستخدام التكتيك المعروف
في الانتخابات، وهو الاستعانة بما
يسمى 'البلطجية'. هؤلاء هم خليط من رجال
أمن بلباس مدني، وأرباب السوابق
الجنائية، ومأجورين معروفين
بممارستهم العنف. ولزيادة التنكيل
الممنهج بشعب مصر، تم الإفراج وتسهيل
خروج 17 ألفاً من المجرمين المدانين في
السجون دفعة واحدة.'ويهدف هذا التكتيك
لتحويل الوضع من ثورة لأجل
الديمقراطية إلى عنفٍ عشوائي يضطر فيه
المواطنون للعودة لبيوتهم للدفاع عن
عائلاتهم، ثم نزل الجيش وأصدر البيان
الشهير الذي أكد فيه أنه لن يستخدم
العنف ضد المحتجين، كما أكد شرعية
مطالبهم. تغير هذا الموقف ببيان آخر
أصدره الجيش وطالب فيه المحتجين
بالعودة إلى بيوتهم، لأن مطالبهم
ستلبى. أما على الأرض فكانت التهديدات
من قبل بعض القيادات العسكرية قائمة في
بعض الأحيان. فقائد المنطقة العسكرية
المركزية تحدث مع المحتجين في الخامس
من شباط/ فبراير، وأخبرهم بأن هناك
طرقا أخرى للتعامل معهم، ثم أشار إلى
الدبابات. قوبل تلميحه برفض عاصف من
المحتجين، واضطر للخروج سريعا من
الميدان. موقف هذا القائد اختلف كثيراً
عن مواقف الضباط الأصغر، فقد تعاطف
الكثيرون منهم مع المحتجين، وأكد
بعضهم أن الجيش هو جيش مصر وشعبها لا
جيش النظام المستولي عليها. اعتمد نظام مبارك على عصاتين غليظتين:
الأمن المركزي وقوات الجيش، كسر
الأولى شباب مصر بدون عنف، واختارت
الثانية الحياد السلبي. وتحول النظام
إلى تكتيكات 'الجزرة' التي تبدأ بوعود
براقة بمعاشات وعلاوات مجزية، ودعم
للسلع الأساسية، مع تقديم أكباش فداء،
وإقالة عدد من أسوأ وجوه النظام. فأقيل
جمال مبارك وأحمد عز وصفوت الشريف،
وكلهم من قيادات الحزب الوطني، وممن
يعتبرهم الشعب المصري رموز الفساد. كما
أعلن التلفزيون الرسمي، المسيطر عليه
من قبل النظام، تحويل وزير الداخلية
السابق اللواء حبيب العادلي للنيابة
العسكرية، إلا أن تقارير مستقلة نفت
هذا. واستمر تكتيك 'الجزرة' وسياسة
الوعود البراقة، ومنها أن يقود حسني
مبارك عملية التحول الديمقراطي
والفترة الانتقالية قبل أن يتنحى في
ايلول/ سبتمبر2011. ولكن انعدام الثقة في وعود النظام ومن
يترأسه، منعت أغلبية المصريين من
تصديق وعود مبارك، فبغض النظر عن
الرغبة والقدرة على تنفيذ تلك الوعود،
وهما تقريباً منعدمتان، تاريخ مبارك
الطويل في الالتفاف على الوعود ونقضها
لا يشجع على الثقة به. فقائمة العهود
المنقوضة تبدأ من1981 عندما أعلن مبارك
أنه جاء لفترة رئاسية واحدة، ليدعم
الاستقرار في مصر بعد اغتيال الرئيس
السادات، ثم تحولت الفترة الواحدة إلى
ست فترات لم تستقر مصر خلالها كثيراً،
وعندما استقرت لم يكن مصدر الاستقرار
العدالة الاجتماعية أو ارتفاع مستوى
المعيشة أو التمثيل السياسي الموسع،
كما في بقية دول العالم الحر، وانما
مصدره إرهاب الدولة والقمع المنظم
وعصي الأمن المركزي. أما في 2005 فقد
مبارك وعد بإنهاء قانون الطوارئ، وبعد
ست سنوات لازال القانون حياً وحامياً
للنظام، وازداد عنف الشرطة وشراستها
وصارت نموذجاً لمقولة اللورد اكتون
الشهيرة: 'القوة تفسد والقوة المطلقة
تفسد تماماً'. كَذِب الطغاة، ونتائجه الكارثية موثقة
جيداً في تاريخ مصر الحديث. فبين تموز /يوليو
1952 وتشرين الاول/ أكتوبر 1954 استطاع
المقدم جمال عبد الناصر أن يحول النظام
السياسي في مصر من نظام شبه ديمقراطي
إلى ديكتاتـــــورية عسكرية. كانت سياسة عبد الناصر ممنهجة، ومن أبرز
نتائجها منع الأحزاب السياسية، وحل
البرلمان المنتخب، واعتقال وتعذيب
السياسيين المعارضين، وفتح النار على
مظاهــــراتٍ سلمية، وإعدام قيادات
عمالية مضربة. لم يحتمل المصريون هذا
الظلم، وفي 28 شباط/فبراير 1954 حاصر ما
يقرب من مليون مصري عبد الناصر في قصر
عابدين. واشتملت مطالبهم على اعادة
الحكم المدني وعودة العسكر إلى
الثكنات والإفراج عن كافة المعتقلين
السياسيين، ورفع الحظر عن الحياة السياسية. وكان عبد
الناصر محاصراً ومضغوطاً، فوعد
بالإصلاحات وأقسم على احترام الوعد
وتعهد باجراء انتخابات حرة في حزيران/يونيو
1954 (أي بعد أربعة أشهر). وعلى هذا الأساس
الواهي (وعود بالإصلاح) أقنع عبدالقادر
عودة ـ أحد قادة الإخوان ـ المحتجين
بالانصراف. ودفع المصريون ثمن هذه
الخطيئة 57 سنة من حريتهم، وكرامتهم،
وقوت أولادهم وأحفادهم. والسيد عودة لم
يكن خائناً، ولكنه كان أصغر كثيراً من
مستوى حدثٍ فيصليّ في تاريخ مصر الحديث.
تم اعتقال الرجل في نفس الليلة التي
أنقذ الديكتاتورية وأطال عمرها، من
دون قصد، وتم اعدامه بعد ذلك في كانون
الثاني/يناير 1955. والدروس المستفادة من هذه الحركة هي في
غاية الأهمية في الوقت الحالي. فأمامنا
ثلاثة عوامل حاسمة لقضية التحول
الديمقراطي في مصر: استمرارية وتوسيع التظاهر في ميدان
التحرير، وميادين أخرى في القاهرة
وكذلك المدن الأخرى. ضغوط المجتمع الدولي على النظام القمعي
ليقبل بالديمقراطية. دعم ـ أو على الأقل حياد ـ الجيش المصري العامل الأول والثاني موجودان بقوة،
ولذلك تراجع مبارك من خطبته الأولى (التي
تجاهل فيها المحتجين واستخف بمطالبهم)
إلى حوار الـABC الذي قال فيه انه 'تعب من
الرئاسة'، ليعطي نفسه مخرجاً إن اضطر
للخروج. وفضل أن يذكر ذلك لكريستيان
أمانبور، لا لملايين المحتجين الذين
يطالبون برحيله منذ 12 يوماً. ولكن
خلاصة الأمر أن مبارك متشبث بالسلطة،
ولذلك يجب أن تستمر الضغوط لإنقاذها من
براثنه. فعلى جانب المحتجين صار تنظيم
الصفوف وتوحيد المطالب حتمياً لإنجاح
الثورة، وكذلك التحضير لحكومة خبراء (لا
سياسيين) موازية، تهدف بالأساس إلى
إعداد البلاد لانتخابات حرة ونزيهة
تحت إشراف دولي. ومن ناحيته قدم
المجتمع الدولي الدعم اللفظي فقط
لثورة الحرية، وقد حان الآن وقت
الأفعال لا الأقوال. فلا يمكن أن يُقتل
مئات المصريين ويُصاب الآلاف منهم
بسبب سياسة العنف الممنهج لنظام
مبارك، ولا تتم ملاحقة قادة هذا النظام
قضائياً في الداخل والخارج. فالكثير من
عمليات قتل المصريين العزل، وإطلاق
الرصاص من سيارات الإسعاف المختطفة،
ومحاولات دهس المصريين من قبل سيارات
الشرطة صورت ورآها العالم كله، ليكون
شاهداً على مستوى القمع وعلى إجرام من
استولوا على الدولة المصرية ومقدراتها
بسلاح العنف. أما العامل الحاسم الأخير فهو الجيش ـ
الذي يتأثر بالطبع بحجم المشاركة في
الثورة وصمود ونضوج وشجاعة مناضليها،
كما يتأثر أيضاً بمواقف المجتمع
الدولي. ولكن في نهاية الأمر لم يتخل
الملك فاروق ـ هو يبدو للمصريين الآن
في رقة ونقاء الأم تيريزا عندما يقارن
بمبارك ـ عن العرش إلا عندما وجه
العقيد عبد المنعم عبد الرؤوف (المعروف
'بمنعم الأسد' بين زملائه) مدفع دبابته
صوب قصر رأس التين في الاسكندرية،
وأجبر فاروق على التنازل عن العرش.
كانت الحركة قاسية، ولكنها أنقذت مصر
من حمام دم. فقد كلف تغيير 1952 مصر
قتيلاً واحداً بسبب تخلي فاروق عن
العرش سريعاً. أما في2011 عندما صار
التغيير السياسي في معظم دول العالم
مجرد مسألة انتخاب سلمي في الصندوق،
دفع المئات من شباب مصر أرواحهم
والكثير من دمائهم لأجل الديمقراطية
والحرية وانهاء الديكتاتورية.
والمسؤول الأول الأخير عن إزهاق هذه
الأرواح الطاهرة هو حسني مبارك ونظامه.
محاضر في العلوم السياسية
ومدير برنامج الدراسات العليا في
سياسة الشرق الأوسط في جامعة إكستر
البريطانية ==================== الجمعة, 11 فبراير 2011 الياس حرفوش الحياة إذا كانت إدارة باراك أوباما ترمي من وراء
مواقفها المتأرجحة حيال الانتفاضة
المصرية الى كسب ود المتظاهرين في
ميدان التحرير والمصفقين لهم في
الشوارع العربية وعلى شاشات
الفضائيات، فإنها فشلت في تحقيق هذا
الهدف بلا منازع. شباب مصر المتظاهرون
هم من المؤمنين حقاً بقضية
الديموقراطية، والمطالبين بقطع
الطريق على الفساد والحكم السيء في
بلدهم، لكن الأكيد أن المصفقين لهم
وخطباء الفضائيات «الثورية» لا يعيرون
بالاً لشعارات الدفاع عن الديموقراطية
والحريات، التي تقول إدارة أوباما
أنها الشعارات التي تسيّر قراراتها
ونصائحها الإصلاحية للحكومة المصرية.
فآخر هموم هؤلاء هو الحفاظ على
الديموقراطية والحريات، لأنها ستكون
أول ضحايا حكمهم في مصر وغيرها، لو
أتيح لهم الوصول الى الحكم في هذه
البلدان. وأكبر دليل على ذلك هو ما
يفعله هؤلاء حيث يحكمون اليوم. وقد
يكون مفيداً أن تأخذ إدارة أوباما
درساً من الطريقة التي تُحكم بها الدول
التي تدافع أنظمتها عن الانتفاضة في
مصر، أو الطريقة التي يصل بها حلفاء
هذه الأنظمة الى الحكم في العالم
العربي، عن طريق الانقلاب على نتائج
العمليات الديموقراطية والاستخفاف
بها، وهو ما حصل مع تشكيل الحكومة
العراقية، وما شهدناه مؤخراً من خلال
الانقلاب الذي وصف بـ «الدستوري» على
الحكومة اللبنانية، والذي تم من خلال
الاستقواء على الدولة وأحزابها
ومؤسساتها. من المهم أن تقف إدارة
أوباما أمام كل ذلك لتستفيد منه في رسم
سياسة أكثر حكمة حيال الأزمة المصرية
الحالية. من السذاجة أن تعتبر الإدارة الأميركية
أن موقفها الإيجابي من الانتفاضة
القائمة في مصر سيسهم في تلميع صورتها
في العالم العربي. ذلك أن المراقبين
لما يجري في مصر لا يفصلون نتائجه عن
المواجهة القائمة في المنطقة. فإذا كان
صحيحاً أن البعد الداخلي لا يزال هو
الطاغي الى الآن على الانتفاضة
المصرية، فان الصحيح أيضاً أن استثمار
التغيير الذي سوف يحصل في قيادة الحكم
سيبقى متوقفاً على النتائج التي ستسفر
عنها المواجهة القائمة في مصر بين
أجهزة الحكم والمعارضين، وهي نتائج لا
تزال بالغة الغموض في هذه المرحلة. من السذاجة أيضاً أن تتعامل الإدارة
الأميركية مع انتفاضة الشباب في مصر
مثلما تعاملت إدارة جورج بوش الأب مع
الانتفاضات التي انقضّت على الأنظمة
الدكتاتورية والشيوعية في أوروبا
الشرقية في مطلع العقد الأخير من القرن
الماضي. بمعنى أن تعتبر أن ما يجري في
مصر هو مقدمة لنشوء الحالة
الديموقراطية المؤمّلة في المنطقة
العربية. فلا البديل الديموقراطي جاهز
لتسلم الحكم في بلدان هذه المنطقة، مع
وجود البدائل ذات الصفة التوتاليتارية
بطابعها الديني، أو الصفة المدنية
بلباس عسكري، كما يبدو اتجاه الأمور في
مصر، ولا الثقافة الديموقراطية هي
الثقافة التي احتضنت دول أوروبا
الشرقية. الى ذلك هناك قدر كبير من الاستخفاف بذكاء
وذاكرة الشارع العربي عندما تتصدى
إدارة أوباما، بانتقائية مفرطة في
الكذب، للدفاع عن حقوق الإنسان في دول
عربية، في الوقت الذي تحمي فيه
الانتهاكات المفرطة لهذه الحقوق ضد
الشعب الفلسطيني، وتعلن عجزها عن
حماية متطلبات الشرعية الدولية، وما
تفرضه من التزامات على القوة
الإسرائيلية التي تحتل الأراضي
الفلسطينية. الاستخفاف بالذكاء العربي
يصل أيضاً الى عدم ممانعة إدارة أوباما
في المحافظة على «حوارها النووي» مع
النظام الإيراني، على رغم مآثره
المعروفة في قمع معارضيه، منذ
الانتخابات الرئاسية الأخيرة الى
اليوم، ومحاولتها استمالة أنظمة أخرى
عن طريق إعادة السفراء الى عواصمها، مع
أن هذه الأنظمة غير معروفة باحترام
مبادئ الحريات والحقوق الإنسانية. هذه الازدواجية في سياسة الإدارة
الأميركية تثير أسئلة كثيرة حول
دوافعها وراء الموقف الذي يزعم حماية
انتفاضة الشباب المصري. فشباب مصر لم
يكن بحاجة الى دعم واشنطن. بل على العكس
يسعى قادته الى التبرؤ من مثل هذا
الدعم، لأنهم يعتبرونه عبئاً سياسياً
عليهم، لا هدف منه سوى محاولة تبييض
صفحة أميركا في الشارع العربي. لكن كل
ما يفعله دعم كهذا هو أنه يكشف سياسة
إدارة أوباما التي تتراوح بين السذاجة
والمراوغة، ويدفع أصدقاء أميركا في
المنطقة الى الحذر حيال أهدافها
وسياساتها. ==================== الخطوة التالية..
انتخابات موثوق بها جيمي كارتر الشرق الاوسط 12-2-2011 حتى في هذه اللحظة، بعد الإعلان الدرامي
للقوات المسلحة، لا يزال الجميع
عاجزين عن التنبؤ بالنتيجة النهائية
التي ستتمخض عنها الدراما المصرية،
لكن هناك صورة جلية عن الموقف القائم
والخيارات القليلة الواضحة بخصوص
المستقبل. يرغب غالبية المصريين في وضع نهاية
للاضطرابات العامة واستعادة الحقوق
الإنسانية الأساسية والنقل السلمي
للسلطة لحكومة تحمل طابعا تمثيليا
أكبر. والواضح أن كلا الجانبين يقبل، على
الصعيد المعلن على الأقل، بأفكار تدور
حول إجراء بعض التعديلات الدستورية
وتخفيف حدة القمع الحكومي وإقرار نظام
انتخابي أكثر تنافسية للاستعداد
لاختيار القادة السياسيين
المستقبليين لمصر. ولا تزال هناك إصلاحات أخرى مطلوبة،
وينبغي التفاوض بشأنها بين الحكومة
التي عينها الرئيس حسني مبارك وزعماء
المعارضة. ويجب تحديد موعد معقول لعقد
الانتخابات، وتعديل الدستور إذا لزم
الأمر، وتشكيل لجنة مستقلة للإشراف
على العملية. وينبغي توفير مساحة جديدة
من الحرية لوسائل الإعلام الإخبارية
والسماح بالتجمعات العامة السلمية
وكذلك تكوين أحزاب معارضة. قبل قبول هذه المقترحات الإصلاحية
المحددة وتنفيذها، يجب أن تتم تسوية
بعض القضايا التي تحمل طابعا عاما أكبر.
والتساؤل الذي يفرض نفسه الآن: هل
ستلقى المطالب الأساسية للأصوات
المتعارضة فيما يخص الحرية
والديمقراطية قبولا؟ كانت هناك مؤشرات تصدر، بصورة مباشرة أو
غير مباشرة، عن الرئيس مبارك حول أن أي
تعديلات في الدستور ستكون محدودة،
وأنه من السابق لأوانه رفع حالة
الطوارئ التي فرضت قيودا على حرية
التجمع والتعبير عن الآراء طوال 30
عاما، وأن المصريين غير مهيئين ثقافيا
للديمقراطية وأن مثل هذه المقترحات
تأتي «من الخارج»، وأن المظاهرات
المشتعلة في ميدان التحرير ومناطق
أخرى سيسمح بها لفترة محدودة. والتساؤل الآن: ما الذي يمكن فعله؟ المؤكد
أن للمجتمع الدولي مصالح كبرى في ضمان
أن يتم انتقال مصر نحو نظام جديد على
نحو منظم وسلمي، وأن تمثل الحكومة
الجديدة إرادة الشعب المصري، وأن
تتميز بالديمقراطية والعلمانية
والشفافية وأن تظل على سلام مع جيرانها
وأن تكبح جماح الفساد. من المهم
للغاية، على سبيل المثال، الالتزام
باتفاقية السلام التي أبرمتها مصر عام
1979 مع إسرائيل، وأن تبقى المؤسسة
العسكرية قوية، لكن مع اتخاذها خطوة
كبرى باتجاه الابتعاد عن الهيمنة على
الحكومة. وسعيا لتهدئة المخاوف المشروعة بشأن
إنجاز الوعود السياسية التي تسمح
بإجراء انتخابات نزيهة وعادلة، مع
ضرورة السماح لمراقبين محليين ودوليين
بمراقبة العملية برمتها. الملاحظ أن
السنوات الأخيرة شهدت تغييرات كبرى
على صعيد قبول المشاركة الدولية في مثل
هذه الفترات السياسية الوطنية
الانتقالية، خاصة في الدول التي تحاول
التغلب على إرث من الحكم الاستبدادي أو
التعافي من حرب أهلية. من جهته، نشط «مركز كارتر» في مراقبة 82
عملية انتخاب في مناطق تمر بفترات
اضطراب أو انتقال، بينها العملية
السياسية التي أسهمت في تحقيق تحول
سلمي في إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة،
بعد حكم استبدادي طويل إلى نظام
ديمقراطي حقيقي. وستمثل مصر اختبارا
مهما لهذا التوجه الذي سبق تجريبه، لكن
لا يمكنها المضي قدما في هذا الاتجاه
إلا إذا وافق المصريون على وجود أجنبي
حر لمراقبة وتقدير ما إذا كانت العملية
السياسية المحلية تنفذ الالتزامات
المصرية الحالية المتعلقة بالقوانين
والمواثيق الدولية. وقد أزيلت بالفعل واحدة من العقبات
الانتخابية الكبرى في مصر، رئيس مصري
قوي ينظم نتائج الانتخابات ويرفض
الإذعان لقرار غير مقبول من جانب
الناخبين. ونظرا لأن أيا من مبارك
ونجله لن يترشحا في الانتخابات، فإننا
لن نعاين تكرارا لما حدث في ساحل العاج
مع تمسك الرئيس المهزوم بالسلطة. وبإمكان المجتمع الدولي عرض قائمة واضحة
من الخطوات لعقد انتخابات موثوق بها
هذا العام لبناء نظام ديمقراطي، كما أن
على الولايات المتحدة وحلفائها واجبا
لاحترام حق جميع الأطراف المشروعة
للتنافس في الانتخابات، ومنها تلك
التي تنتقد السياسة الأميركية،
واحترام النتائج ما دام يمكن لمسؤولين
مصريين تأكيد صحتها ويقر صحتها
مراقبون محليون وأجانب باعتبارها
تتوافق مع المعايير الدولية. * الرئيس الـ39 للولايات المتحدة
والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2002 ==================== الخطوة التالية
للمعارضة المصرية محمد البرادعي الشرق الاوسط 12-2-2011 القاهرة - في فترة شبابي التي قضيتها في
القاهرة كنا نعبر عن آرائنا السياسية
سرا إن استطعنا أصلا، وفقط أمام من نثق
بهم من أصدقاء. لقد كنا نعيش في جو من
الخوف والقمع. وحسب ما أتذكر كنت أشعر
بالغضب عند رؤيتي بؤس المصريين الذين
يبذلون جهودا كبيرة حتى يتمكنوا من
الحصول على ثمن الطعام وإيجاد مأوى
والحصول على رعاية صحية. لقد كنت أرى
كيف يدمر الفقر والقمع القيم ويقتل
الكرامة وتقدير الذات والأمل. بعد ذلك بنحو نصف القرن، لم يحصل المصريون
على الحريات إلى حد كبير. فمصر أرض
مكتبة الإسكندرية والثقافة وصاحبة
الإسهامات في الرياضيات والطب والعلوم
تأخرت، حيث يعيش ما يزيد على 40 في
المائة من المصريين بأقل من دولارين في
اليوم، بينما تبلغ نسبة من يجهلون
القراءة والكتابة 30 في المائة. كذلك
أدرجت مصر على قائمة الدول الفاشلة
المتأخرة. لقد عاش المجتمع المصري خلال 30 عاما تحت
حكم حسني مبارك بموجب قانون الطوارئ
البغيض، الذي حرم الناس من حقوقهم
الأساسية، بما فيها حق التجمع، وتم
اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين
السياسيين بموجبه. ورأى بعض حلفاء هذا
النظام المعادي للرخاء من الدول
الغربية أنه «مستقر»، ويوفر موقعا
مناسبا لأدائها، لكنه في واقع الأمر لم
يكن سوى قنبلة موقوتة ومطية للتطرف. لكن تغير المجتمع المصري بوجه من الأوجه
خلال السنوات الأخيرة، فقد نما لدى
الشباب المصريين، الذين يطلون على
العالم من نافذة الإنترنت، حس أكبر
بالحرية والفرص التي يفتقدونها ممن هم
أكبر سنا. لقد وجدوا في المواقع
الإلكترونية الاجتماعية في العالم
الافتراضي وسيلة لتبادل الأفكار لا
تخضع للقيود المفروضة على حرية التجمع. لقد شاهد العالم شجاعتهم وإصرارهم وعزمهم
خلال الأسابيع الأخيرة، لكن
الديمقراطية ليست قضية خطرت ببالهم
فقط يوم 25 يناير (كانون الثاني). فقد
كانوا يحشدون أنفسهم ويمهدون للتغيير
الذي يرونه حتميا، يدفعهم إيمان
بالقيم الديمقراطية والتطلع إلى
مستقبل أفضل. لقد مثلت الثورة التونسية التي بعثت
برسالة نفسية مفادها «نعم نستطيع»
نقطة تحول. هؤلاء القادة الشباب هم
مستقبل مصر، فهم أذكياء وعلى وعي كبير
بما هو على المحك، ويساورهم قلق بالغ
من وعود لم تنفذ في السابق، ولا يقبلون
بأقل من إسقاط النظام القديم. لقد شعرت
بالضآلة أمام شجاعتهم وعزمهم. لقد صدق الكثيرون، خاصة في الغرب، ما
يروجه نظام مبارك من أن مصر
الديمقراطية ستغرق في الفوضى أو ستصبح
دولة دينية، وأنها ستلغي اتفاقية
السلام مع إسرائيل وتتخذ موقفا معاديا
للغرب. لكن المصريين، ومنهم الجدات
المرتديات الحجاب اللائي واتتهم
الجرأة للذهاب إلى ميدان التحرير، في
ظل وجود دبابات الجيش والشباب المبتهج
الذي خاطر بحياته لتذوق طعم الحرية
لأول مرة، والذي لا يسهل خداعه. لقد قضت الولايات المتحدة وحلفاؤها قسما
كبيرا من السنوات العشر الأخيرة،
ودفعت مئات المليارات من الدولارات
وضحت بعدد لا يحصى من الأرواح في حروب
من أجل نشر الديمقراطية في العراق
وأفغانستان. والآن بعد أن تمكن الشباب
في القاهرة، الذين لا يحملون أي أسلحة
سوى الـ«فيس بوك» وما يؤمنون به من
معتقدات، من تشجيع الملايين على
النزول إلى الشارع للمطالبة
بديمقراطية حقيقية في مصر، أصبح من
السخافة الاستمرار في دعم نظام فقد ثقة
شعبه فيه. لن تصبر مصر إلى الأبد على صورة كارتونية
لقائد شاهدناه على شاشة التلفاز مساء
أمس، أصم لا يسمع صوت الشعب يتشبث بشكل
جنوني بسلطة لم يعد يملكها. ما يجب فعله هو انتقال سلمي ومنظم للسلطة
حتى يتسنى تطبيق الحماس الثوري من خلال
خطوات ملموسة نحو مصر جديدة قائمة على
الحرية والعدالة الاجتماعية. سيضمن
القادة الجدد حقوق كل المصريين
وسيحتاجون إلى حل البرلمان الحالي،
الذي لم يعد ممثلا للشعب وإلغاء
الدستور الذي أضحى وسيلة للقمع، ليحل
محله برلمان مؤقت وتشكيل مجلس رئاسي
يتكون من ثلاثة أشخاص وحكومة وحدة
وطنية انتقالية. ينبغي على المجلس الرئاسي أن يضم ممثلين
للجيش تجسيدا لتقاسم السلطة اللازم
لضمان الاستمرارية والاستقرار خلال
هذه المرحلة الانتقالية الحرجة. ينبغي
أن تكون وظيفة المجلس الرئاسي
والحكومة المؤقتة خلال هذه الفترة
تطبيق العملية التي ستنقل مصر إلى مصاف
الدول الديمقراطية الحرة. ويتضمن هذا
صياغة دستور ديمقراطي يطرح للاستفتاء
والاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية
وبرلمانية حرة ونزيهة في غضون عام. نحن نشهد بزوغ فجر مصر جديدة. فدولة مصر
الحرة والديمقراطية التي تتمتع
بالسلام الداخلي والسلام مع دول
الجوار ستكون حصن الاستقرار في الشرق
الأوسط وشريكا قويا في المجتمع الدولي.
ويمثل الميلاد الجديد لمصر أملا في عهد
جديد لا ينظر فيه إلى العالم العربي
والثقافة الإسلامية والشرق الأوسط من
منظور الحرب والتطرف، بل كمساهمين في
تقدم المسيرة الإنسانية، مسلحين
بالتقدم العلمي والتكنولوجيا وأغنياء
بما يمتلكونه من تنوع ثقافي وفني توحده
القيم الإنسانية العالمية. ليس هناك ما
نخشاه إلا شبح الماضي القمعي. *المدير السابق للوكالة
الدولية للطاقة الذرية ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |