ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الأنشطة غير الشرعية
تمتص منها مليارات الدولارات مصر... وأولوية مكافحة الفساد تاريخ النشر: الإثنين 14 فبراير
2011 سودرسان راجفان الاتحاد القاهرة تقاسم كل المصريين تقريباً شعوراً واحداً
وهم يبدؤون عهداً جديداً يوم السبت
الماضي، إنه شعور مفاده: من أجل التقدم
إلى الأمام، يجب أن يستعيد البلد
الأموال والممتلكات المهمة التي يُزعم
أن عناصر في النظام السابق، أو
المحيطين به، قد حصلوا عليها على نحو
غير مشروع خلال السنوات الماضية. وفي هذا الإطار، قال محمد طارق، 20 عاماً،
وهو طالب في كلية الطب كان يرتدي سترة
كتب عليها "النصر لمصر": "أموالنا
قد نُهبت"، مضيفاً: "إذا استطاع
الرئيس المقبل استعادة تلك الأموال،
فإنه سيُظهر أنه ليس مثل النظام القديم.
كما أن من شأن ذلك أن يعيد لمصر كرامتها
ويجلب للحكومة الاحترام". المشاعر السائدة بين عشرات الآلاف من
الناس الذين تقاطروا على ميدان
التحرير يوم السبت الماضي من أجل
الاحتفال بالانتصار الذي حققوه يُبرز
إلى أي مدى سيحدد مصيرُ مبارك مستقبلَ
ثورتهم والقدرة على علاج الجروح التي
مازالت متقرحة جراء عقود من التجاوزات. فبعض المتظاهرين قالوا إن مبارك ينبغي
مساءلته على بعض التجاوزات. بينما قال
آخرون إنهم يفضلون تركه يعيش حياة
هادئة في مصر. ولطالما كانت ثروة المقربين من النظام
المصري، مصدر استياء في بلد يعاني من
ارتفاع معدلات البطالة، والفقر
المدقع، وارتفاع الأسعار، واعتقاد
جماعي بأن الأشخاص الذين لديهم علاقات
قوية بهذا النظام وحزبه الحاكم فقط
يمكنهم النجاح مالياً. وفي هذه الأثناء، يتعهد زعماء المعارضة
بالدفع في اتجاه تحقيق كامل وشامل في
التعاملات. وبالنسبة لبعض الأشخاص الذين تم
استجوابهم يوم السبت، يمثل تعقب ما
يقال إنه ثروة للنظام السابق وشركائه
وإعادتها إلى مصر أولويةً ملحة لا تقل
أهمية عن رؤية حكومة ديمقراطية مدنية
تحل محل المجلس العسكري الحالي الذي
تولى إدارة شؤون البلاد. وفي هذا الإطار، قال محمد فتوح، 29 عاماً،
الذي يعمل في قطاع السياحة: "إذا
استطعنا استعادة بعض المليارات التي
تم الاستيلاء عليها، فإنني سأكون
راضياً بما حققته ثورتنا". وإذا كان الرئيس الزائيري موبوتو سيسي
سيكو، والرئيس الفلبيني فيرديناند
ماركوس، والرئيس التونسي زين العابدين
بن علي مؤخرا، قد فروا جميعاً إلى
المنفى، مما صعَّب استعادة ثرواتهم،
فإن مبارك بالمقابل تعهد، في الوقت
الراهن على الأقل، بالبقاء في مصر، مما
يتيح فرصة فريدة لإصلاح وتقويم أخطاء
الماضي، مثلما يقول كثير من المصريين
في حوارات معهم. وفي هذا السياق، يرى أحمد سيف، 26 عاماً،
وهو موظف في أحد البنوك، أن مبارك ساهم
مساهمة كبيرة في بناء مصر وتحويلها إلى
دولة حديثة وقوة إقليمية، رغم القمع
والاستياء اللذين أنتجهما حكمه إذ
يقول: "إنه رجل متقدم في السن اليوم؛
وينبغي أن يبقى هنا". وتوقف لحظة ثم أضاف سبباً آخر: "ثم إنه
إذا غادر البلاد، فإننا لن نسترجع
أموالنا أبداً". والواقع أن قلة قليلة فقط تعرف حجم ثروة
مبارك. فبعض الشائعات، التي انتشرت على
شبكة الإنترنت، تذكر أرقاماً متضاربة
حول هذه الثروة. هذا بينما يقول محللون متخصصون في شؤون
الشرق الأوسط وتقارير إخبارية في
وسائل الإعلام الناطقة بالعربية إن
مبارك وعائلته حافظا على معظم ثروتهم
في ممتلكات عقارية تمتد من الساحل
المصري على البحر الأحمر إلى لندن ولوس
أنجلوس ونيويورك، وفي حسابات مصرفية. ويذكر أيضأ أن عدداً من المتظاهرين
احتجوا مؤخراً على النظام في حي
بيلجرافيا الراقي جنوب غرب لندن، حيث
يصل ثمن العقارات هناك إلى 20 مليون
دولار. ويقول بعض المحللين إن عائلة مبارك ربما
تكون استفادت من عدد من الصفقات
التجارية المبرمة بين الحكومة
ومستثمرين وشركات أجنبية حين كان
مبارك رئيساً للبلاد، أو أن ثروته تعود
ربما إلى الفترة التي سبقت توليه
المنصب الرئاسي. غير أن مبارك كان
مسؤولاً عن شؤون مصر لفترة طويلة جداً
لدرجة يصعب معها تحديد الأشياء التي قد
يكون حصل عليها من خلال الدولة،
والأشياء التي اكتسبها على نحو خاص. ومن ناحية أخرى، وحسب كارلي كورشيو،
الخبيرة الاقتصادية في منظمة "النزاهة
لمالية العالمية" غير الربحية التي
تتعقب التسربات المالية غير الشرعية،
فإن الأنشطة المالية غير الشرعية
والفساد يمتصان أكثر من 6 مليارات
دولار من خزائن مصر كل عام. ويتوقع أن
تكون مصر قد خسرت ما بين 2000 و2008 ما يصل
إلى 57.2 مليار دولار، هذا علماً بأن
العديد من المصريين يكسبون نحو
دولارين في اليوم. "انظر إلى فقرهم"، تقول نسرين أشرف،
22 عاماً، التي كانت تحمل العلم الوطني
مشيرةً إلى مجموعة من الفقراء
الجالسين على بطانيات متسخة: "ثمة
الكثير من الفقراء لماذا؟ لماذا؟". وتقول نسرين إنها لم تعرف طيلة حياتها
رئيساً آخر غير مبارك؛ ولكنها وعلى
غرار كثير من الشبان والشابات الذين تم
استجوابهم ما زالت تكن له نوعاً من
الاحترام إذ تقول: "لقد كان مثل
والدي وأنا أحبه، ولكنني لا أريده أن
يعود". ثم أضافت: " أريده أن يشعر بما يشعر به
المصريون". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز
سيرفس» =============================== آخر تحديث:الاثنين ,14/02/2011 حياة الحويك عطية الخليج ثلاث مرات حاول العرب العبور إلى العصر
الصناعي، وثلاث مرات كسر الغرب هذا
الحلم، هذا ما كتبه وزير الدفاع
الفرنسي الأسبق جان بيير شفينمان في
الكتاب الذي فسر به احتجاجه على حرب
الخليج عام 1991 . المرة الأولى، يقول الوزير المفكر، كانت
مع محمد علي في مصر، والمرة الثانية مع
جمال عبدالناصر في مصر، والمرة
الثالثة في العراق . بنظرة تاريخية واسعة العدسة، نرى أن كسر
المشروع الأول المصري، كان بداية
مرحلة تدهور ظلت تتدحرج، حتى هب الشعب
المصري وقال لفاروق كفى . وكذلك فإن كسر
المشروع المصري الثاني كان بداية
مرحلة تدهور ظلت تتدحرج حتى هب الشعب
المصري وقال للنظام السابق “كفى” . الدلالة المهمة في المثالين، هي أن
المشروع ليس كما يحب المؤرخون أن
يكتبوا مشروع أفراد، حتى لو حمله أفراد
. المشروع في حقيقته هو مرحلة من مراحل
نضوج أمة ما واستعدادها للعبور من عصر
إلى عصر . ولذلك فإن اشتداد التآمر
الخارجي عليها، قد ينجح في تأخير
يقظتها ولو كثيراً لكن حيوية الشعب لا
تلبث أن تستعيد زخمها وتنهض من كبوتها،
لتستأنف مسارها التاريخي، خاصة عندما
يكون الزخم هو ذاك المختزن من سبعة
آلاف عام من الحضارة الاستثنائية
المتراكمة الطبقات والمتعددة الإبداع
. لا نقول ذلك من باب الشعر أو الحلم، حتى
ولو كان الحلم هو أساس كل تطور وكل
إبداع، وإنما من باب وعي عقلاني علمي
بالحقيقة التاريخية . ومن هنا فإن
الدلالة الكبرى التي تحملها الثورة
المصرية الحالية، هي الإيمان بقدرة
الشعب تلك التي ظنها الكثيرون قد
اندثرت . وهي رسالة تحملها مصر للعالم،
لكنها تحملها لعالمها العربي بشكل خاص
. فمنذ بداية النظام العالمي الجديد،
أي منذ انهيار جدار برلين وسقوط الكتلة
الاشتراكية وتربع الولايات المتحدة
الأمريكية على عرش العالم بكل ما يعنيه
ذلك من نفوذ للصهيونية، رفع الكثيرون
أيديهم وأنزلوا رؤوسهم وصرخوا “لا حول
ولا قوة إلا بالله” . وإذ جاء سقوط
العراق ليعمق ذلك الإحباط، أصبح الجو
السائد أن التغيير بات مستحيلاً اللهم
ذلك الذي كان يتحدث إلينا عنه المبعوث
الأمريكي بلكنة معوجة متنقلاً من بلد
عربي الى آخر . بدا أن الشعوب قد شلت، وخرست، وكنا نصرخ
باستمرار أن الهزيمة الحقيقية هي
هزيمة الأمل، وانتصار العدو هو انتصار
اليأس . وكنا نتهم بأننا أصحاب خطاب عفا
عليه الزمن، لكن الشعوب على صورته
ومثاله تمهل ولا تهمل . والمؤمنون بذلك
هم الذين يؤمنون بأن قوة الشعوب تأتي
من روحها ومن طاقتها لا من القوى
الخارجية التي تدعمها أو تحاربها،
وهذه هي الرسالة التي حملتها إلينا مصر
. صحيح أن تونس سبقت، وأن لبنان سبق، لكن
ليس لأي من التجربتين خصوصية مصر،
أولاً لأن مصر هي دولة الاقتراح العربي
على حد تعبير نادر فرجاني وليس سواها
من يستطيع أن يشكل نموذجاً محركاً
لتغيير العالم العربي كله . وثانياً
لأن تركيبة مصر بما تضمه من أعراق
وأديان هي مصدر الدرس الكبير للوحدة
الوطنية الذي يجب أن يتعلمه الجميع،
ففي ثورتها توحدت الأعراق والأديان
باسم واحد: مصري، وتم الحراك في ميدان
التحرير وفي كل الميادين باسم واحد:
شعب مصر . وهذا ما لا تقدمه التجربة
التونسية، لغياب التعددية في البلاد
وما تفتقده التجربة اللبنانية لهيمنة
العنوان الطائفي والمذهبي على الحراك
الشعبي . مصر قدمت الاقتراح والتطبيق، وعلينا
الالتقاط من دون أن يعني ذلك عدم الحذر
مما قد يلي، وربما شكل خطوة إلى
الوراء، عبر حكم عسكري أو حلول وسطى
براغماتية لكن أياً يكن ذلك فإن
الرسالة قد عبرت، ولا راد لقضائها . =============================== آخر تحديث:الاثنين ,14/02/2011 عبدالله السويجي عصر يوم الجمعة، تنحى رئيس جمهورية مصر
العربية محمد حسني مبارك عن الحكم،
وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة
إدارة شؤون البلاد، وقبلها بشهر
تقريباً، خرج الرئيس التونسي زين
العابدين بن علي من بلاده تاركاً إدارة
البلاد للصف الثاني من حكومته تمهيداً
لإجراء الانتخابات، وتعم اليمن
احتجاجات، بعضها يطالب بتغيير النظام،
والبعض الآخر يطالب بإصلاحات سياسية،
وحاولت مظاهرات أخرى الخروج في
السودان إلا أنها لم تنجح، فهو مشغول
الآن بانفصال جزئه الجنوبي من البلاد،
واستطاعت الاحتجاجات في الأردن أن
تطيح حكومة الرفاعي، وهناك دعوات أخرى
لتغيير أنظمة في بلدان مختلفة من الوطن
العربي، ولاسيما تلك البلدان التي
سميت بالجمهوريات الملكية، التي ضاع
فيها الدستور بين الجمهورية والملكية
بسبب التوريث . الشباب هم القاسم المشترك في كل تلك
الحركات الاحتجاجية، ومعظمهم لم ير في
حياته أكثر من رئيس واحد في السلطة،
وغالبيتهم تعيش في مجتمعات حققت
انفتاحاً على الغرب سياسياً
واقتصادياً واجتماعياً، حتى ظن الرأي
العام العربي أن الجيل الجديد ليس له
علاقة بالسياسة، وهو منهمك بالإنترنت
والحياة الاستهلاكية والأغاني
الهابطة، فإذا به بين ليلة وضحاها،
يتحرك مطالباً بحقوق سياسية واقتصادية
واجتماعية وحياتية بشكل عام، وسلاحه
التجمع والتظاهر واحتلال الشوارع،
واشتبك مع قوات الأمن والشرطة، وسقط
منه قتلى وجرحى . الجيش في الحالات كلها ظل على الحياد،
وتحرك في اللحظة الحاسمة لينهي الوضع
لصالح الشباب، الذين انضمت إليهم
أجيال مختلفة من الرجال والنساء، وظل
الجيش يحتفظ بصورته الإيجابية وقوته
وتأييد الشعب له . ففي تونس، استقبل
الناس الجيش بالورود وصعدوا على
الدبابات وعانقوا الجنود، وفي مصر
كذلك حصل نفس المشهد، بل سمح الجيش
لبعض المتظاهرين أن يكتب على دباباته
شعارات مناوئة للنظام والحكومة،
واستوعب الغضب، وهو أمر يجب التوقف
عنده من الباحثين، فالجيش العربي ظلت
أيديه نظيفة من دم الشعب، وظل إلى جانب
المتظاهرين . وتختلف أهمية كل دولة عن الأخرى،
استناداً إلى قربها من الحدود
الفلسطينية، حيث يحتل الكيان الصهيوني
فلسطين، لأن أي تحرك على الحدود يعني
تهديد هذا الكيان، الذي بلا شك، يعيش
حالة من الارتباك والحيرة، ويضع
سيناريوهات مختلفة، وتشكل مصر أهمية
استثنائية لهذا الكيان، كونها ترتبط
بمعاهدات سلام معه، وأي تغيير في
النظام قد يهدد هذه الاتفاقيات، وإن
رعتها دول كبرى، لكن الغريب في الأمر،
أن دولة مثل الولايات المتحدة، التي
كانت مساندة للرئيس مبارك، وتقدم له
مساعدات سنوية بما يزيد على ملياري
دولار، كانت أول دولة تدير ظهرها له،
وتدعوه لإجراءات سريعة، بل دعته كي
ينقل السلطة سلمياً، أي أن يتنحى عن
الحكم، فلماذا تطمئن أمريكا إلى أن
النظام الذي سيخلف مبارك لن يكون على
عداء مع الكيان الصهيوني، أو على عداء
معها؟ وهل هي مطمئنة بشأن اتفاقيات
السلام الموقعة بين الطرفين؟ الإجابة
سترد عليها الأيام القادمة، وقد تكون
مفاجئة للبعض . إن السؤال الأهم من كل ما سبق هو: لماذا
ينتفض الشباب ومن ورائهم الشعب بعد
سنوات طويلة من الصمت؟ وفي الواقع أن
الشعارات والتصريحات الصادرة عن
المعارضة تتحدث عن الفساد والغلاء
وحرية الرأي والسجون، واحتكار الحكم
والتوريث، وعدم التوزيع العادل لثروة
الشعب، وزيادة نسبة الفقر بين الناس،
واستحواذ قلة قليلة على فرص التجارة
والربح في البلاد، والبعض يتحدث عن
العلاقات الخارجية غير الصحيحة، والتي
أدت إلى عزلة بعض الدول عن محيطها
العربي، وإلى تكريس صورة ليست إيجابية
للنظام . ثمة تغييرات سريعة تتعرض لها المنطقة
العربية، وقالت هيلاري كلينتون، وزيرة
الخارجية الأمريكية أنه لا توجد دولة
في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي المنطقة
العربية بشكل خاص بمأمن من التغييرات،
محاولة الترويج لدور ما تلعبه أمريكا،
أو أنها تقف وراء هذه التغييرات، في
محاولة لتجيير حركة الشعب لصالحها،
والظهور بمظهر أنها لا تزال تتمتع بدور
فعال في رسم سياسات العديد من الدول في
العالم العربي والعالم أجمع، على
الرغم من أن جريدة “الغارديان”
البريطانية كتبت خلال الأسبوع الماضي
أن أمريكا تعيش وهماً يجب أن تتخلص منه
وهو أنها لا تزال تمسك بخيوط الحكم في
العالم، رغم اعترافها أنها فوجئت بما
حدث في مصر، وكذلك في تونس، وهو أمر
طبيعي حين يتعلق الأمر بثورة شبابية
جماهيرية، وليست ثورة معارضة ظاهرة
للعيان . وستؤثر هذه التغييرات على مستقبل المنطقة
أمنياً واجتماعياً واقتصادياً، ومن
المبكر الحكم على الوجه الذي سترتديه
الحكومات، فالخريطة السياسية في الوطن
العربي ليست كما كانت أيام عبدالناصر
في مصر وهواري بومدين في الجزائر،
الخريطة السياسية الآن أكثر تعددية،
مع إضافة الحركات الإسلامية التي
ستسعى إلى أن يكون لها موطئ قدم في أي
تغيير، على الرغم من أنها عبرت عن عدم
طمعها برئاسة الدولة، ولكنها بالتأكيد
طامعة بالبرلمانات ومجالس الشعب
والحكومة، وهذا قد يتعارض مع جيل
الشباب الذي يحلم بدولة ديمقراطية
مبنية على حرية الرأي وضمن مفهوم:
الدين لله والوطن للجميع . لقد تحسست بعض الدول العربية الخطر،
واتخذت إجراءات سريعة وفورية، مثل
زيادة الرواتب، واستحداث فرص العمل،
والتوقف عن زيادة بعض الأسعار، وفتح
المواقع الإلكترونية، وتصرفت بعض
الدول عكس ذلك، فقامت بحظر المواقع
الإلكترونية ولا سيما (الفيس بوك
وتويتر) بل وحذرت الأهالي من
استخدامها، ولكن هذه الإجراءات،
بسلبياتها وإيجابياتها لن تجدي نفعاً
إلا إذا تم إصلاح جذري وأهمه تحقيق
العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد،
وتطبيق القانون، واستقلالية القضاء،
وهي أمور متراكمة في معظم الدول
العربية، وتحتاج إلى وقت، لكن الوقت لم
يفت أبداً، إلا أنه يحتاج إلى ثقافة
مركزة وموجهة، تغير الخطابات السائدة
في المجتمع . =============================== المصدر: صحيفة «غادريان»
البريطانية التاريخ: 14 فبراير 2011 البيان يراقب المسؤولون السودانيون بقلق، موجة
الاحتجاجات الطلابية في أنحاء الشمال
السوداني، والمستوحاة غالباً من
الاحتجاجات المصرية والتونسية. لكن
تعامل الرئيس السوداني عمر البشير
بشكل تصالحي مع أكثر القضايا الحاسمة
التي تواجه البلاد حاليا، والمتمثلة
في انفصال جنوب السودان كدولة مستقلة،
عزز شعبيته وموقفه في الداخل والخارج. في أحدث واقعة شهدها السودان على هذا
الصعيد، تم تفريق حوالي 200 طالب في ولاية سنار، من قبل
الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع
والهراوات، خلال الاحتجاجات التي جرت
مؤخراً، بسبب ارتفاع أسعار المواد
الغذائية والمطالبة بالحقوق المدنية.
وقامت شرطة مكافحة الشغب بقمع نحو عشر
تظاهرات مماثلة، والتي أخذت شكل
تظاهرات محدودة خلال الأيام الماضية.
ولكن خلافا لما حدث في القاهرة، فقد
أخفقت الاحتجاجات في الحصول على الدعم
من السكان على نطاق أوسع. وبرز قلق
الحكومة إزاء زيادة التوتر والتحريض
من قبل طرفي الطيف المعارض، من خلال
اعتقال عشرة صحافيين يعملون لدى صحيفة
«الميدان» التابعة للحزب الشيوعي
السوداني قبل الاحتجاجات. وقد جاء ذلك
بعد اعتقال حسن الترابي وغيره من
الكوادر القيادية. وأدانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» استخدام
الخرطوم «للقوة المفرطة» لإسكات
معارضيها، وقالت في بيان لها إنه «يتعين
على حكومة الخرطوم الحفاظ على الحقوق
المنصوص عليها في الدستور، بدلاً من
قمع الحريات الأساسية بعنف، والسماح
بحرية التعبير السياسي، والسماح
للصحافيين بحرية نقل الأحداث». وينفي المسؤولون السودانيون الإفراط في
الرد، ويصرون على أن السودان يحتفظ
بنظام سياسي قوي متعدد الأحزاب. وتعكس الإجراءات التي اتخذها الرئيس
السوداني، مخاوف بشأن حالة عدم
الاستقرار التي تؤثر على معظم أنحاء
البلاد، بأكثر مما تعكس قلقاً على وضعه
السياسي. وقد ظهرت التوترات الناشئة عن
عملية الانفصال، في ولاية أعالي النيل
السودانية، حيث حرضت حركة تمرد عسكري،
ميليشيات جنوبية تابعة للقوات المسلحة
الشمالية ضد رفاقهم السابقين. وأشارت
التقارير إلى أن 50 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم
في قتال بالدبابات والرشاشات الثقيلة،
في ملكال عاصمة الولاية، وغيرها من
المدن. إن الانفجار المفاجئ للعنف، أبرز بشكل
غير مباشر كيف يمكن للجنوب، الذي يعج
بالأسلحة بعد عقود من الحرب الأهلية
وبقدر قليل من المؤسسات أو البنية
التحتية، أن يبرهن على أنه من الصعب
حكمه، وعلى أنه جار خطير. وخلال زيارته
لجوبا مؤخرا، شعر «جيمس شتاينبرغ»،
نائب وزير الخارجية الأميركي، بأنه
مجبر على حث قادة «الحركة الشعبية» على
تنفيذ نظام التعددية الحزبية، وضمان
حرية وسائل الإعلام، بدلاً من إقامة
دولة الأمر الواقع ذات الحزب الواحد. وقد شهدت الآونة الأخيرة تجدد القتال بين
فصائل المتمردين في شمال دارفور، على
الرغم من الوجود المكثف لقوات حفظ
السلام التابعة للأمم المتحدة هناك.
فالقلق البالغ بشأن الاقتصاد
السوداني، نتيجة ارتفاع أسعار السلع
الأساسية واستمرار غياب اتفاق بشأن
تقاسم عائدات النفط مع الحكومة، قد
ضاعف هموم الحكومة. لكن في الوقت الذي كان يمكن أن تستغل هذه
القضايا وغيرها كذريعة للعرقلة في ما
يتعلق باستقلال الجنوب، قاوم البشير
الإغراء، وقال في حديث له في
التليفزيون الرسمي، قبيل الإعلان عن
النتائج النهائية للاستفتاء الذي جرى
الشهر الماضي، إن الخرطوم «ترحب وتقبل»
بالتصويت الساحق من أجل استقلال
الجنوب، وستتعاون مع جارتها الجديدة،
على الرغم من عدم اليقين في ما يتعلق
بما هو آتٍ. =============================== بقلم: د. عصام العريان أسقط الشعب النظام، بدأ عهد جديد، نمر
الآن بمرحلة الانتقال أو التحول
الديمقراطي إلى نظام ديمقراطي جديد
نيابي الأمة فيه مصدر السلطات، السلطة
فيه ليست فرعونية ولا مؤبدة،
الانتخابات الحرة النزيهة هي التي
تحقق تداول السلطة يبن الأحزاب والقوى
السياسية. استيقظ المصريون
ليلة 11 فبراير 2011 (ذكرى استشهاد الإمام
الشهيد حسن البنا 1929م) على صباح جديد
يوم 12/2، وجدوا نظامًا استبداديًّا
فاسدًا مفسدًا انهار فجأة بعد 18 يومًا
من الثورات والفوران، وصدق الله
العظيم: ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا
عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ
عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ
الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ
أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي
الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)﴾ (سبأ). اتفق المصريون
جميعًا على هدف واحد وأنجزوه بعون الله
تعالى، دون مساعدة من أية قوى أخرى إلا
قوة الله التي نفخت فيهم من روح الله،
أسقطوا النظام، وتمثل ذلك في تنحي
مبارك لأول مرة في تاريخ مصر. تتباين اليوم
آراء المصريين حول المرحلة
الانتقالية، وهذا لا يزعج أحدًا لأن
الهدف النهائي الذي يتفق عليه كل
المصريين هو بناء نظام ديمقراطي جديد
لا إقصاء لأحد فيه، ولا سيطرة لهيئة أو
مؤسسة ولا حزب، الشعب فيه هو الضمان
الحقيقي لعدم تكرار ما حدث من قبل،
والجيش فيه ضامن لعدم الانقلاب على
الدستور كم حدث من مبارك وابنه وعصابته
التي ظهرت جرائمها الآن للعيان،
والرأي العام فيه حر لا تحجب عنه أية
معلومة والحوار فيه متكافئ بين الجميع
في إعلام حر ملك للجميع، والدولة فيه
هي دولة القانون والدستور وليست دولة
القرار الواحد، والحقوق فيه متساوية
بين كل المواطنين في الواجبات. وفي خضم
الاحتفالات الصاخبة التي نشكر فيها
الله عز وجل على فضله ونعمته لا ننسى
فيها أمرين: الأول: شهداء
الثورة وجرحاها الذين ضخوا بدمائهم
فكانت هي ثمن النصر ﴿وَيَتَّخِذَ
مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ (آل عمران: من
الآية 140). هؤلاء يجب علينا
أن نتداعى جميعًا لدعم أسرهم والوفاء
لهم وتذكرهم على الدوام. الثاني: التفكير الهادئ والسريع حول
المرحلة الانتقالية، واضعين نصب
أعيننا الهدف النهائي للوصول إلى بر
الأمان، عهد جديد ونظام ديمقراطي حر
على أسس متينة راسخة. لقد تسبب مبارك
طوال حكمه وعند رحيله بانعدام
المسئولية تمامًا، وأراد طوال حكمه
وأثناء الثورة وعند تنحيه أن يحدث فوضى
عارمة يستحق عليها المساءلة. ظل طوال 30 عامًا
لا يعين نائبًا للرئيس، ويرفض تحديد
مدة حكمة بدورتين، وقال إنه سيظل معنا
إلى آخر نفس يتردد وقلب ينبض. وحاول طوال العشر سنوات الأخيرة أن يورّث
البلاد لأولاده الواحد بعد الآخر
باستماتة شديدة. وعندما ثار المصريون في 25/1/2011م نفذ وزير
داخليته بأوامر خطة موضوعة سلفًا
لإحداث الفوضى في البلاد بإخراج آلاف
المساجين الجنائيين من الزنازين،
وتدمير جهاز الشرطة ومقراته لتغرق
البلاد في العنف والعنف المضاد،
وعندما قرر الرحيل بعد محاولات
للالتفاف على مطالب الجماهير استجدى
عطف القادة العسكريين ليبقى إلى آخر
رمق في السلطة فكان خروجه على الدستور
ليضع البلاد في مأزق دستوري، ولم
يستخدم أية مادة من مواد الدستور
القائم، ولم يستجب لطلب المعارضة
بإلغاء حالة الطوارئ وحل البرلمان. هنا بدأت الاجتهادات تتوالى بين مسارين
وقد انهارت شرعية النظام بعد تآكلها
على مدار عقود وسنوات وبدأنا نعد
البلاد لشرعية جديدة يضعها الشعب. والسؤال الملّح:
هل نهمل الدستور القائم تمامًا وفق
إعلانات دستورية أو دستور مؤقت أو بدون
دستور؟ (هذا ما حدث بعد حركة الجيش عام
1952م) أم نسترشد بالمبادئ والأسس
والمواد الدستورية القائمة في الدستور
1971م والتي لم يشملها الانقلاب
الدستوري عام 2007م؟ إن القائلين
بإهمال الدستور تمامًا يتغافلون عن
نقطة خطيرة وهي أن الجيش لم يقم
بانقلاب عسكري ليتسلم السلطة، وإنما
تسلمها ليدير البلاد في المرحلة
الانتقالية وفق القواعد الدستورية ما
أمكن ذلك وعلى القوى السياسية أن
تتعاون معه على الانتقال السلمي
والسلس إلى الديمقراطية وتعود السلطة
إلى الشعب. لقد ساند الشعب
المصري الجيش خلال قرن مضى مرتين في
حركة وثورة عرابي، وحركة 1952، واليوم
جاء الدور على جيش مصر العظيم الذي حرص
عبد الناصر والسادات ومبارك على
إبعاده تمامًا عن السياسة حتى لا تتكرر
في مصر مأساة الانقلابات العسكرية
التي ما زالت تجري في بلادنا العربية. ماذا قال الجيش حتى الآن في بياناته
الأربعة حتى كتابة هذا المقال؟ في البيان الأول
كان النص واضحًا: (انعقد الخميس 11/2
المجلس الأعلى للقوات المسلحة)
تأكيدًا وتأييدًا لمطالب الشعب
المشروعة، كان الانعقاد برئاسة السيد
المشير محمد حسين طنطاوي ودون حضور
الرئيس مبارك وباكتمال القواد جميعًا
دون غياب لأحد كما يبدو لنا. إذن كان هذا اعترافًا بالثورة التي
أعلنتها الملايين، وأعطى الجيش الرئيس
مبارك فرصة لمعالجة الأمور. في البيان الثاني: 11/2 الجمعة وبعد خطاب
الرئيس الذي فوّض فيه اختصاصاته
لنائبه السيد عمر سليمان الذي جاء
متأخرًا كالعادة، أعلن الجيش ضمان
تنفيذ تعهدات الرئيس، وانتظر ليرى رد
الفعل الشعبي الذي جاء عارمًا غاضبًا
محبطًا ولم يتعاطف أحد مع مبارك كما
حدث مع خطابه الأول الذي بددته مجزرة
الجمل والحصان يوم الأربعاء الدامي 2/2
والذي تصدى له الأبطال الشباب بصدور
عارية، وسقط عشرات الشهداء وآلاف
الجرحى برصاص القناصة وزجاجات
المولوتوف والحجارة. تعهّد الجيش هذه
المرة بالتزامات واضحة هي: 1) إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف
الحالية. 2) الفصل في الطعون الانتخابية وما يلي في
شأنها من إجراءات. 3) إجراء الانتخابات التشريعية. 4) الالتزام بالتعديلات التشريعية
اللازمة. 5) إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفق
التعديلات الدستورية. كما أكدّ
الالتزام السابق برعاية مطالب الشعب
المشروعة ومتابعة تنفيذها في
التوقيتات المحدّدة حتى يتم الانتقال
السلمي للسلطة، وصولاً إلى المجتمع
الحر. كما تعهد بعد
الملاحقة الأمنية للشرفاء الذين رفضوا
الفساد وطالبوا بالإصلاح. وطالب المواطنين
بضرورة انتظام العمل بمرافق الدولة. نحن إذن أمام
مشروع جدول زمني وترتيب للإجراءات
المطلوبة خلال مرحلة الانتقال،
وتعهدات واضحة لبقية المطالب المشروعة
اقتصاديًّا واجتماعيًّا. الذي غاب عن هذا البيان- وعلله لعدم حسم
الأمور وبسبب بقاء الرئيس وتفويض
الاختصاصات لنائبه، هو الموقف من
البرلمان المزور بمجلسي الشعب والشورى
وكأن المطلوب هو تصحيح وضع البرلمان
فقط دون حله ليقوم بإجراء التعديلات
الدستورية وفق البيان الذي أعلن السيد
عمر سليمان الذي لم يتخل عن خطته التي
تسبق فيها الانتخابات الرئاسية تلك
التشريعية، وهو ما يضع البلاد من جديد
في قبضة رجل واحد دون مجلس تشريعي
منتخب يمثل كافة التيارات. إلا أن ما يلفت
الانتباه أيضًا ذلك الترتيب الزمني
الذي يمهد لما بعده من بيانات وإجراءات
وهو تقديم الانتخابات التشريعية على
تلك الرئاسية. وهو ما يوحي بأن
الجيش (المجلس الأعلى للقوات المسلحة)
لديه خبراء وفقهاء دستوريون يقدمون له
البدائل لمرحلة الانتقال الديمقراطي. وكذلك أن الحديث
عن التعديلات التشريعية جاء بعد إجراء
الانتخابات التشريعية ليقوم بها
برلمان حر منتخب وليس برلمانًا مزورًا
يبصم ويوافق مكرهًا على ما يقدمه له
الممسك بمقاليد السلطة (وكما كان الحال
من قبل). انتظر الجيش رد فعل الشعب على خطاب
الرئيس، وظل على ولائه للشرعية
الدستورية التي تجعل رئيس البلاد
ونائبه في السلطة رغم أنف الشعب. هنا جاء
الانفجار الملاييني الكبير في يوم
الجمعة الأخير (جمعة التحدي) وظهر
واضحًا للعيان أن الرئيس ونائبه لم يعد
لهما مكان، بعد أن أحبط الرئيس ونائبه
آمال الشعب في تحقيق الأهداف العظيمة،
وكأن المطلوب من وجهة نظرهما فقط
إصلاحات جزئية تسكّن الأوضاع وأن
الشعب سينسى بعد حين. هنا جاء البيان الثالث: (الجمعة 11/2) بعد أن
رضخ مبارك وأعلن نائبه عمر سليمان خبر
تنحيه وتكليفه للمجلس الأعلى للقوات
المسلحة بإدارة شئون البلاد دون
استناد إلى المواد المعروفة سلفًا وهي
(74) أو (82) أو (84). وكان بيان الجيش
مقتضبًا إلا أن أهم ما يلفت الانتباه
فيه التالي: - جسامة التكليف وخطورته أمام المطالب
الشعبية. - التغييرات المطلوبة جذرية. - أن المجلس يتدارس الأمر وسيصدر فيما بعد
بيانات تحدد الخطوات والإجراءات
والتدابير. - والأهم والأخطر: أنه ليس بديلاً عن
الشرعية التي يرتضيها الشعب. - تحية وتقدير للرئيس تحمل معنى ضمان
سلامته الشخصية وعدم ملاحقته. - تحية أكبر وأعظم لشهداء الثورة ومعها
تحية عسكرية تحمل دلالات خطيرة وهامة. والسؤال ما هو
الأساس الدستوري الذي استند إليه
المجلس الأعلى للقوات المسلحة لأنه لم
يقم بانقلاب لتسليم السلطة ولكنه تم
استدعاؤه في لحظة وصفها بالتاريخية
الفارقة؟ القوات المسلحة يحدد الدستور مهامها في
المواد (180) و (182). تقول المادة (180): الدولة وحدها هي التي
تنشئ القوات المسلحة، وهي ملك للشعب
مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها
وأمنها (فقرة أولى). والمادة (182) ينشأ مجلس يسمى "مجلس
الدفاع الوطني" ويتولى رئيس
الجمهورية رئاسته ويختص بالنظر في
الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد
وسلامتها (فقرة أولى وثانية). وهنا نعتقد أن الجيش لم يلغ الدستور بل
ويعمل وفقًا لمقتضاه، وبالتالي فهو
أمام خطوات وإجراءات وتدابير لا بد من
الاسترشاد بالدستور القائم للعمل بها
وإلا حدث فراغ دستوري ونكون أمام
انقلاب عسكري لم يقم به الجيش ولا يرغب
في القيام به. وقد قال ذلك البيان بوضوح: أنه ليس بديلاً
عن الشرعية التي يرتضيها الشعب وبذلك
فإن الشرعية القائمة والتي يستخدمها
الجيش صلاحياته في إدارة شئون البلاد
من الرئيس المخلوع في غياب نائب الرئيس
الذي لم يعد له وجود شرعي في ظل بطلان
انتخابات مجلس الشعب الذي صدرت بحقه
أحكام وصمته بالبطلان والانعدام فليس
هناك رئيس لمجلس الشعب يتولى الرئاسة
مؤقتًا، يبقى اختيار وحيد وهو وفق نص
المادة (84): أن يتولى رئيس المحكمة
الدستورية العليا الرئاسة المؤقتة
للبلاد في مرحلة انتقالية يتم فيها
خطوات وإجراءات وتدابير يقوم بها
الجيش نفسه. ما الضمان لسلامة الانتقال السلمي للسلطة
إلى شرعية جديدة يرتضيها الشعب في ظل
هذه الأوضاع؟ الضمان الأول هو رعاية الله لهذا الشعب
العظيم الذي قدّم الشهداء في ثورة
عظيمة، الضمان الثاني هو الشعب نفسه
الذي حطّم جدار الخوف وثار ولم يعد أحد
قادر على إرهابه وتخويفه خاصة بعد
انهيار جهاز أمن الدولة الذي بث الرعب
في نفوس المواطنين وأفسد كل مجالات
الحياة. الضمان الثالث
هو الجيش الذي يؤكد في بياناته أنه ليس
بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب
وأوفى بتعهداته حتى الآن. الضمان الرابع
هو حوار حر متكافئ بين الخبراء
والفقهاء الدستوريين والقوى السياسية
التي أجمعت على التغيير وعليها أن
تتوافق حول المرحلة الانتقالية حتى
تنتقل إلى التنافس في ظل مناخ ديمقراطي
يكفل حرية تكوين الأحزاب والحق في
التغيير، هذا وقت التضامن والوحدة
والتكاتف وليس التنافس والتناحر. وجاء البيان الرابع 12/2 أكدّ فيه الجيش على: 1) إعادة ترتيب أولويات الدولة على نحو
يحقق المطالب المشروعة، وهنا نلحظ
المرونة في التعبير، فالتقديم
والتأخير إذا كان لمصلحة الشعب فلا
يضر، وذلك لرفع التعارض بين الوارد
بالبيان رقم (2) الذي كان للتعهد بتنفيذ
خطة الرئيس ونائبه حيث أكدّ البيان على
الالتزام بما جاء في البيانات
السابقة، وقد نشأ وضع جديد يحتاج إلى
مرونة. 2) التأكيد على أن سيادة القانون ليست مجرد
ضمانة لحرية الفرد ولكنها الأساس
الوحيد (لاحظ الوحيد) لمشروعية السلطة. وهذ يعني عدّة أمور: - الالتزام بنصوص الدستور التي تحدد ترتيب
أولويات من يتولى سلطة البلاد. - الالتزام بأحكام القضاء التي قضت ببطلان
وانعدام مجلس الشعب الحالى ومجلس
الشورى. ومفاد ذلك أن
يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا
مسئولية البلاد. 3) الشعب عليه أن يتحمل مسئوليته لدفع
عملية الاقتصاد إلى الأمام مقابل تعهد
الجيش بنقل السلطة إليه (ثانيًا). 4) تغيير صفة
الحكومة إلى حكومة تسيير أعمال، بمعنى
إقالة ضمنية للحكومة وانتهاء
مشروعيتها لحين اختيار حكومة جديدة (فقرة
ثالثة). 5) التطلع لضمان الانتقال السلمي للسلطة
وحدّد ملامح النظام الجديد في: - نظام ديمقراطي حر. - سلطة مدنية (ليس هناك انقلاب عسكري). - منتخبة للحكم (انتخابات حرة). 6) الالتزام بكافة الالتزامات والمعاهدات
الإقليمية والدولية، عملاً بمدأ
قانوني دولي مستقر هو الوفاء
بالمعاهدات رغم تغيير الحكومات. 7) العودة إلى شعار "الشرطة في خدمة
الشعب" بما يعني تغيير دور جهاز
الشرطة في العهد الجديد. نحن أمام تطورات هامة وخطيرة وأؤكد على
ضرورة أن تلتفت قوى المعارضة والنخبة
ومعها الشباب الثائر إلى دقة الألفاظ
وما تحمله من دلالات وإلى أهمية أن
يتوحد الشعب خلف مطالبه المشروعة،
لضمان تنفيذها في جدول زمني محدد لا بد
أن يأتي في بيانات قادمة. كل التحية للشعب العظيم الذي ثار وللجيش
العظيم الذي حرس الثورة حتى الآن. ========================== ليستر براون مفكر أميركي ومؤسس «معهد سياسة
الأرض» التاريخ: 14 فبراير 2011 البيان في أوائل شهر يناير الماضي، أفاد تقرير
لمنظمة الزراعة والأغذية التابعة
للأمم المتحدة «فاو»، أن مؤشر أسعار
الغذاء بلغ أعلى مستوى له في تاريخ
المنظمة، خلال شهر ديسمبر 2010،
متجاوزاً الرقم القياسي السابق في
ارتفاع سعر الغذاء خلال عامي 2007 ؟ 2008. والأمر الأكثر إثارة للقلق، أنه في
الثالث من فبراير الجاري، أعلنت «فاو»
أن الرقم القياسي لأسعار الغذاء في
ديسمبر الماضي، تم تجاوزه في يناير 2011، حيث قفزت الأسعار بمعدل 3٪
أخرى. هل سيستمر هذا الارتفاع في أسعار الغذاء
خلال الشهور المقبلة؟ في الغالب، سوف
نرى المزيد من الارتفاعات التي سوف
تودي بالعالم إلى منطقة مجهولة في
العلاقة بين أسعار الغذاء والاستقرار
السياسي. يعتمد كل شيء الآن على حصاد العام الحالي،
إذ سوف يتطلب تخفيض أسعار الغذاء إلى
مستوى مريح بصورة أكبر، حصاداً وفيراً
من الحبوب، بكميات أكثر من الحصاد
القياسي لعام 2008
الذي صاحب حالة الركود الاقتصادي، لكي
يُنهي القفزة في أسعار الحبوب في موسم 2007 ؟ 2008. فإذا كان العالم لديه حصاد ضعيف هذا
العام، فسوف ترتفع أسعار الغذاء إلى
مستويات لم تكن متصورة في السابق، بل
سوف تتضاعف، وتنتشر حالة من عدم
الاستقرار السياسي، وتسقط الحكومات،
فالعالم الآن يفصله موسم حصاد واحد، عن
الفوضى في أسواق الحبوب العالمية. على المدى الأبعد، سوف يصبح التوسع في
إنتاج الغذاء بشكل متسارع، أكثر
صعوبة، في الوقت الذي تنفجر فقاعات
الغذاء المعتمدة على الإفراط في ضخ
المياه الجوفية، وتقلص محاصيل الحبوب
في الكثير من الدول، في الوقت نفسه،
فإن ارتفاع وتيرة التقلبات في الأحوال
المناخية، بما في ذلك المزيد من الظروف
الجوية والأكثر تطرفاً وتكراراً، من
شأنه أن يجعل مسألة التوسع في الإنتاج
الغذائي أكثر اضطراباً. لقد عمدت 18
دولة إلى مضاعفة حجم إنتاجها من الغذاء
على مدار العقود الماضية، من خلال
الإفراط في ضخ المياه الجوفية لري
محاصيلها، ومن بين هذه الدول؛ الصين
والهند والولايات المتحدة، وهي الدول
التي تعتبر أكبر المنتجين للحبوب في
العالم. وعندما تنفجر فقاعات الغذاء المعتمد على
زيادة ضخ المياه في بعض الدول، فسوف
يؤدي ذلك إلى تقليل الإنتاج بشكل
مأساوي، وفي دول أخرى ربما يؤدي ذلك
إلى تباطؤ النمو في الانتاج، ففي
السعودية، التي كان لديها اكتفاء ذاتي
من القمح لما يزيد على عشرين عاماً،
ينهار إنتاج القمح، ويحتمل أن يتلاشى
كليةً في غضون عام أو نحو ذلك، في الوقت
الذي تنضب موارد البلاد من المياه
الجوفية. ففي سوريا والعراق، مثلا، تتقلص محاصيل
الحبوب بشكل بطيء حيث تجف آبار الري،
وتعتبر اليمن حالة سلة مائية، حيث
تنخفض مستويات المياه الجوفية على
امتداد البلاد، وتوشك آبار المياه على
الجفاف، هذه الفقاعات الغذائية، تجعل
الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط،
أول منطقة جغرافية يدفع نضوب المياه
الجوفية فيها إلى انكماش محاصيل
الحبوب. وفي الوقت الذي تعتبر هذه التراجعات في
إنتاج الحبوب في منطقة الشرق الأوسط
مأساوية، فإن أكبر فقاعات الغذاء
نتيجة المياه توجد في الهند والصين،
وتشير دراسة من البنك الدولي، إلى أن 175
مليون شخص في الهند يتغذون على الحبوب
التي تتم زراعتها بالضخ الجائر
للمياه، وفي الصين يغذي الضخ الجائر 130 مليون شخص، فانتشار مشكلة نقص المياه
في كلتا الدولتين العملاقتين من حيث
عدد السكان، يصعب من مسألة التوسع في
إمداداتهما من الغذاء. بعيداً عن مشكلة جفاف آبار الري، يضطر
المزارعون إلى أن يكافحوا مع التغير
المناخي، ويشير تقدير تقييمي لخبراء
المحاصيل، إلى أنه مع كل درجة مئوية
ارتفاعاً في درجة الحرارة خلال موسم
النمو، ينخفض إنتاج الحبوب بمقدار 10٪، لذلك فليس من المستغرب
أن درجات الحرارة المحرقة في مناطق غرب
روسيا خلال الصيف الماضي، أدت إلى
انكماش حصاد الحبوب بنحو 40٪. من ناحية الطلب في المعادلة الغذائية،
هناك الآن ثلاثة مصادر للنمو، المصدر
الأول هو النمو السكاني، إذ سوف يحضر
إلى مائدة العشاء كل ليلة، 219 ألف شخص لم يكونوا موجودين
منذ ليلة سابقة، والكثيرون منهم
يحملون أطباقاً فارغة، المصدر الثاني
هو ارتفاع الوفرة من الأغذية، فهناك ما
يقرب من ثلاثة مليارات شخص الآن
يحاولون ارتقاء سلم السلسلة الغذائية،
من خلال استهلاك اللحوم والألبان
والبيض ذات التركيز العالي من الحبوب،
أما المصدر الثالث، فيتمثل في
المقادير الهائلة من الحبوب التي يتم
تحويلها إلى زيوت، وأهمها الإيثانول،
لاستخدامها كوقود للسيارات، هناك ما
يقرب من 120 مليون طن من حصاد الولايات
المتحدة من الحبوب البالغ 400
مليون طن خلال 2010، يتم توريدها إلى معامل
تقطير الإيثانول. وفي عالم يعاني من الجوع بصورة متزايدة،
فإن تحويل الحبوب إلى الوقود ليس
بالطريق الذي ينبغي السير فيه، لقد آن
الأوان لإلغاء الدعم الذي يقدم لعملية
تحويل الحبوب وغيرها من المحاصيل، إلى
وقود للسيارات، وإذا استطاع الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي دفع مجموعة
العشرين إلى التركيز على أسعار
الغذاء، وليس فقط أعراضه، فإن أسعار
الغذاء يمكن تثبيتها عند مستوى أكثر
مدعاة للارتياح. =============================== اليوم الثامن عشر: مصر
حرّة عربيّة د. بثينة شعبان الرأي العام 14-2-2011 كأن تونس الخضراء الهادئة قد قُدّر لها أن
تكون الشرارة التي تفجّر الحدث الأهم
في تاريخ العرب الحديث، وكأن محمد
البوعزيزي الذي حرق نفسه احتجاجاً على
إهانة كرامته الشخصية، قد أشعل فتيل
استعادة الكرامة العربية. ولكن عندما
تكون مصر في قلب الحدث، فإنه هنا سيكون
مختلفاً عن أي حدث آخر شهدته بلدان
عربية عديدة خلال العقود الماضية.
السبب الأول هو أن الحدث هنا تصنعه
جماهير أم الدنيا، وهم صنّاع العبور،
وبناة الأهرام، ومفجّرو ثورات التحرير
العربية من الاستعمار. والسبب الثاني
هو أن مصر التي أخرجها، قسراً، طاغية
من الصراع العربي الإسرائيلي، طوال
عقود ثلاث ثقيلة بعار تواطؤ طاغية آخر
مع العدو، أضعف إخراجها العرب بشكل
أصابهم الهوان والذل وهم يرون الغرب
يسلّح إسرائيل بالغطرسة، والتعنت،
ويسلّح أنظمة الاستسلام بالدكتاتورية
والقمع والاستبداد، وفي ظلام المهانة
القومية هذا انتعشت الصهيونية. يقول
نتنياهو: «استمتعنا بثلاثين عاما من
الهدوء والطمأنينة». هاجمت خلالها
إسرائيل لبنان وفلسطين يومياً، وشنّت
عليهما عدة حروب، بالإضافة إلى
تماديها في التنصّل من السلام وتوسيع
الاستيطان، وتزايد خلالها تطرّف
قادتها. والسبب الثالث، هو أن مصر طيلة هذه العقود
كانت تقيّد شعبها وتستفزّه يومياً،
عندما يرونها الحليف الأول للغرب
وإسرائيل، ولذلك ظل الغرب « الحرّ
الديمقراطي» طوال ثماني عشر يوماً
عاجزاً عن دعم ثورة الحرية
والديمقراطية التي يدّعون تأييدها في
بلدان أخرى. والسبب الآخر هو أن مسار
الديموقراطية العربية التي أرادها بوش
وجلاّدوه وجنرالاته مساراً ملطخاً
بعار الاحتلال الأجنبي، أصبح الآن
مساراً مزيناً بانتصار إرادة الجماهير
على الطغاة والقمع. كل هذه الأسباب
درجت على أن تضع الشعب العربي في آخر
حسابات الطغاة المحليين، وعبر
الأطلسي، حيث لم يتوقع أحد ثورة هذا
الشعب، ولذلك يعبّرون عن صدمتهم من حجم
التضحيات والشهداء الذين قدمهم هذا
الشعب العظيم بسخاء، والذين أضاءوا
طريق الحرية والانتصار إلى أن تحققت
مطالبه بالحرية والكرامة. واللافت للعرب جميعاً، وربما للعالم،
أمران اثنان: أولهما، موقف الشعب
العربي من المحيط إلى الخليج المتضامن
مع ثوّار ميدان التحرير وكفاحه
المشرّف من أجل الحرية والكرامة،
مقارنة مع موقف الولايات المتحدة
والغرب عموماً، وإسرائيل بشكل خاص، ضد
هذا الكفاح. لقد برهن تفاعل العرب مع
ثورة الحرية، أن اتفاقية سايكس بيكو لا
قيمة لها في قلوب وضمائر العرب، وأن
التوق العربي للحرية في ظلّ العروبة
السمحة مازال يجيش في قلب وروح كلّ
عربي. وهذا هو العنصر الأول الذي حاولت إسرائيل
وحلفاؤها في الغرب طوال عقود طمسه من
وجدان، ومناهج، وأحاديث، وسياسات
العرب جميعاً، محاولة بدلاً من ذلك مرة
بعد أخرى، بثّ الفرقة والفتنة وتعزيز
الحدود الفاصلة لتكون بديلاً عن
القواسم الرابطة بين العرب، إلى درجة
أن مراكز الأبحاث الغربية تسألنا
لماذا نتحدث عن فلسطين ونحن سوريون، أو
مصريون، أو لبنانيون، غير مدركين أن
أواصر التاريخ، والثقافة، والدين،
واللغة، والكفاح المشترك، عابرة لتلك
الحدود المصطنعة التي رسمها
المستعمرون لنا، واليوم برهنت أنها
عابرة لعقود من الاحتلال الفكري،
والتدمير الوجداني، وحملات التشويه
المنظمة التي يقوم بها الكيان
الصهيوني للحطّ من قدر العرب في
المنطقة والعالم. أما موقف الولايات المتحدة والغرب برمته
وإسرائيل من ثورة الحرية في الوطن
العربي، فهو الموقف الذي يجب أن يحدّد
مستقبل العلاقات العربية العربية من
جهة، والعلاقات العربية الغربية من
جهة أخرى. وسوف أعكف فوراً على شرح
الأسباب. أقل ما يقال في الموقف
الأميركي، هو أنه كان متردداً،
ومتناقضاً، ومشتتاً، ومتواطئاً مع
إسرائيل لحقن نظام مبارك بالحياة
وبشكل لا يليق بدولة عظمى تدّعي الدفاع
عن الحرية، وتشنّ الحروب لنشر
الديمقراطية. والسبب في ذلك هو ربما،
حال الصدمة والارتباك الذي أصيبت به
الإدارة الأميركية نتيجة هذه المفاجأة
التي فجّرها الشعب العربي في تونس
أولاً، ثم في مصر، والتي تشكّل
استهلالاً يليق بقرن جديد، وحقبة
تاريخية يصنع العرب فيها التاريخ ولا
يسجلونه فقط. وأقلّ ما يقال في الموقف
الأميركي أيضاً، والغرب عموماً، هو
أنه متناقض مع كلّ قيم الديمقراطية،
والحرية، وحقوق الإنسان، التي مازالوا
يوهمون العالم أنهم يلتزمون بها، أو
أنها ذات قيمة في سياساتهم وخططهم
الاستراتيجية. فقد سقطت آخر ورقة توت
من هذا النفاق الغربي، والذي دفع الشعب
العربي أثماناً له منذ قيام الكيان
الصهيوني في منتصف القرن الماضي. وأيقن
كلّ عربي اليوم، أنّ المحرك الأساسي
لسياسات الغرب في الشرق الأوسط، هو
قيام إسرائيل بفرض هيمنتها على العرب،
بهدف الاستيلاء على أرضهم، وسحق
طموحات العرب بالحرية، والكرامة،
والديمقراطية. والغربيون مستعدون من
أجل ذلك أن يغضوا النظر عن قتل وتعذيب
آلاف العرب في غوانتانامو، وأبو غريب،
وسجونهم السرية، وأيضاً أمام شاشات
التلفاز في ميدان التحرير. ولا يعني
لهم مئات الشهداء والعرب من أجل
الحرية، وآلاف الجرحى شيئاً، بل المهم
بالنسبة لهم هو استمرار استيطان
اليهود لكامل فلسطين وحرمان شعبها
العربي من الحرية، لا بل قد يكون
البلاء الذي ابتلي به المتظاهرون في
الشوارع وسقوط هؤلاء الشباب والشابات
شهداء، من تخطيط هذه الدوائر الموالية
للصهيونية العالمية. وأصبح العرب
يعلمون علم اليقين اليوم، أن الغرب
يوالي بعض الحكام العرب بقدر ما يوالون
إسرائيل، وأن الأنظمة العربية تنال
رضى الغرب بقدر ما تنال رضى إسرائيل،
وأن قرابة أربعمئة مليون عربي لا يعنون
شيئاً لأوباما، وأشتون وغيرهم من
السياسيين الغربيين الذين أصبحوا
صمّاً بكماً فجأة، وهم الذين كانوا
سليطي اللسان على إيران أحمدي نجاد. الهدف الأساسي من كل سياسات الغرب في
المنطقة هو إسرائيل، ومن ثم مصالحهم في
النفط، ونهب موارد شعوبنا عبر الأموال
التي يبيّضها الفاسدون من الحكام في
مصارفهم وشركاتهم واقتصادياتهم. كما
اتضح للجميع اليوم أن المنظار الذي يرى
به الغرب العربيّ، هو المنظار
الإسرائيلي، وهو الذي أعلنته غولدا
مائير «العربي الجيد هو العربي
المدفون ثلاثة أمتار تحت الأرض». ومن
هنا يمكن لنا استذكار أن انحطاط العرب،
ورداءة حياتهم، قد تناسبت طرداً مع
قيام إسرائيل وتوسعها المضطرد في
النصف الثاني من القرن العشرين، وقد
كان الكيان الصهيوني رأس الحربة في
تشويه صورة العرب ووصمهم بالإرهاب بعد
أحداث الحادي عشر من أيلول، وكان
الكيان أيضاً رأس الحربة في التجييش
على شنّ الحرب الأميركية على العراق،
وشنّ حروبها على لبنان وغزة تحت حماية
أوروبا والولايات المتحدة. إن أناساً مثل اليوت ابراهامز، وهو من
عتاة المحافطين الجدد، قد قفز إلى
الساحة ليثبت أن سياسات بوش كانت
صحيحة، وأن بوش هو الذي سأل عن شعوب
الشرق الأوسط، وما إذا كانوا غير
قابلين للعيش بحريّة، وما إذا كانوا
محكومين بثقافتهم وتاريخهم للعيش في
ظل الاستبداد (مقتبساً هذا من خطاب
للرئيس بوش في تشرين الثاني 2003).
والجواب المصري اليوم، هو أن الشعب
العربي يعلّم العالم كيف يكافح من أجل
الحريّة، ولكن ليس على طريقة بوش
الإجرامية، حيث تم قتل مليون إنسان من
أجل سواد عيون إسرائيل. فقد نشط
المحافظون الجدد ليبرهنوا أنهم كانوا
محقّين في دعوتهم للحرية
والديموقراطية، أي في شنّ الحروب على
دولنا، وسرقة آثارنا، ونهب نفطنا،
وتدمير أمننا باسم الحريّة
والديمقراطية، فيما هم حماة الطغاة. والجواب الذي يقدّمه الشعب العربي في مصر
اليوم لأنصار أوباما وبوش، هو كفاكم
سجالاً، فالشعب العربي اليوم يتوق
للحرية التي هي من صنعه هو، وبطريقته
هو، ولأسبابه التاريخية والاجتماعية
والمستقبلية هو، ولا ثقة اليوم
بصداقات كاذبة، وعناوين وهمية،
وادّعاء باحتضان « القيم الغربية»،
فقد تبيّن «الرشد من الغيّ»، ولن
تتمكّن أي قوة في العالم من خداع العرب
مرة أخرى. إن ربيع الحريّة الذي حلّ على شوارعنا
العربية، هو الحدث الأعظم في تاريخ
العرب منذ ثورات التحرير الشعبية التي
وضعت حداً للاستعمار الغربي وأنظمته
العميلة، لأن التحرير اليوم هو لإرادة
العرب النابع من الإيمان بأن عصر الذلّ
قد ولّى، وأن فجر العزّة والكرامة
والحريّة قد أشرق، وأيّ مكان أنسب لهذه
الإشراقة من ميادين أمّ الدنيا. إن ردود الفعل الغربية تدلّ على أن الغرب
لم يستوعب الصدمة بعد، وهذا أمر طبيعي،
لأن هذه الصدمة يجب أن تنقله من اعتبار
العرب إرهابيين، إلى الاعتراف أن
العرب بناة حضارة، وأصحاب قيم، وأنهم
يأبون الضيم، ويعشقون الحريّة،
ويموتون بكرامة من أجل الديمقراطية،
وأن العروبة هي العنصر الجامع لهم، وهي
المحرّك لوجدانهم، ولن تستطيع قوة
انتزاعها منهم. *المستشارة السياسية
والإعلامية في رئاسة الجمهورية
العربية السورية =============================== عودة «الفيسبوك» إلى
سورية ... شكراً تونس ومصر الرأي العام زين الشامي 14-2-2011 لا يمكن فصل قرار السلطات السورية القاضي
بانهاء حجب موقع التواصل الاجتماعي
العالمي «فيسبوك» إضافة إلى موقع «يوتيوب»
لصور الفيديو التشاركية، بمعزل عن
تطورات الأحداث الأخيرة في كل من تونس
ومصر. لقد جعلت الثورة التونسية
ولاحقاً الاحتجاجات في مصر، جميع
الأنظمة العربية تحسب حساباً للشارع
العربي وتسعى لاستمالة الشباب الذين
اثبتت الأحداث أنهم القوة الأكبر
والفئة الأكثر احتجاجاً وغضباً على
الأوضاع المتردية في الدول العربية،
نقصد أوضاع الحريات وتلك الأوضاع
الاقتصادية المزرية التي يعيشون تحت
وطأتها. تكمن أهمية موقع التواصل الاجتماعي
العالمي «فيسبوك» في أنه كان الأداة
ووسيلة التواصل المنظمة التي استخدمها
الشباب في مصر حين قرروا البدء في
احتجاجاتهم، فمن خلال هذا الموقع
انشأوا العديد من المجموعات التي تدعو
الى التظاهر، ومن خلاله حددوا يوم
الخامس والعشرين من شهر يناير كموعد
للبداية، كما انهم اختاروا ميدان
التحرير وسط العاصمة القاهرة كمكان
لبدء تلك التحركات. وكان ملفتاً أن هذه المجموعات استطاعت ان
تجمع نحو 80 ألف عضو خلال فترة قصيرة،
طبعاً كان كل ذلك يجري تحت أنظار وسمع
القوات الأمنية المصرية، لكنها بصراحة
لم تعره ادنى اهتمام، وقال مسؤولون
مصريون ان ذلك «مجرد لعب عيال» ووصفووا
الشباب المنظم لتلك الاحتجاجات ب «عيال
الفيسبوك»، لكنهم صعقوا يوم الخامس
والعشرين من يناير الماضي حين خرج
عشرات الآلاف من المصريين إلى الشوارع
وميدان التحرير للاحتجاج والتظاهر
مطالبين بإسقاط النظام المصري. نعم لقد فعلها «عيال الفيسبوك» واستطاعوا
حشد قوة شعبية لم تستطع كل الأحزاب
السياسية وقوى المعارضة التقليدية أن
تحشدها عبر أعوام وعقود طويلة من العمل
السياسي المعارض ضد النظام المصري. ليس
هذا فحسب، لقد التحقت فيما بعد هذه
القوى والأحزاب «العريقة» بعيال
الفيسبوك والشباب الذين قادوا كل فئات
المجتمع المصري وراءهم. كان هذا يحصل
للمرة الأولى في التاريخ العربي. نعم ما حصل كان تاريخياً بكل معنى الكلمة،
فللمرة الأولى تلعب مواقع التواصل
الاجتماعي دوراً تحريضياً واحتجاجياً
سياسياً وتنظيمياً وتنجح في ذلك، وهي
المرة الأولى التي يتسلم فيها الشباب
زمام المبادرة ويقودوا الاحتجاجات.
لقد تابعت مقابلات عدة على محطة «سي ان
ان» الإخبارية الأميركية مع شبان
مصريين داخل بيوتهم، وكان ملفتاً
وعظيماً أن اولئك الشبان كانوا مثقفين
من الناحية السياسية ويتكلمون لغة
عصرية ويؤمنون بأهدافهم وقضيتهم، وفوق
ذلك كانوا يتكلمون عن الأعمال
التطوعية وكيفية توزيع العمل والمهمات
فيما بينهم وكانوا يتحدثون بلغة
انكليزية طليقة تفهم ثقافة الآخر
وتعرف كيف تخاطبه. اولئك الشبان كانت
أعمارهم تتراوح بين العشرين والخامسة
والعشرين فقط. حتى الشاب وائل غنيم، مدير التسويق لشركة
غوغل في الشرق الاوسط وشمال افريقيا،
وهو الذي ساهم في انشاء العديد من تلك
المجموعات على «الفيسبوك» تحدث بلغة
سياسية ناضجة وأفضل بكثير من
السياسيين التقليديين، حين نبههم إلى
التوقف عن الاختلاف والتطلع إلى
المكاسب الخاصة، لقد قال حرفياً في
اليوم الأول لخروجه من السجن مخاطباً
اولئك السياسيين «ليس الآن وقت تقسيم
الكعكة»، في إشارة منه إلى ضرورة
الاستمرار في التظاهر والاحتجاج وعدم
نسيان هذه الأولوية قبل تحقيق كل مطالب
المحتجين. وعودة إلى قرار السلطات السورية رفع
الحجب عن «الفيسبوك» فلابد من
الاعتراف أن ذلك لم يكن ليتم لولا رغبة
السلطات السورية في تخفيف الاحتقان
الموجود عند الكثير من الشباب
السوريين، كما أنه ما كان ليتم لولا
هامش المطالبة بالحريات الذي وسعته
الثورة التونسية وما جرى في مصر لاحقاً. صحيح أن التبرير لهذه الخطوة كان أن
السوريين أثبتوا أنهم «يستطيعون
مواجهة كل المحاولات الرامية إلى
اختراقهم والتآمر على وحدتهم حين
افشلوا الدعوات الخارجية ليوم غضب
سوري» لكن ذلك ما هو إلا تبريراً
للخطوة، فنحن نعرف جميعاً أن السلطات
تريد أن تعطي إيحاءات بأنها واثقة من
نفسها كثيراً بعكس كل الدول العربية
ولا تخشى مثل هذه المواقع. لكن لو كان
ذلك دقيقاً، فلما كان الموقع محجوباً
طوال الأعوام الخمسة السابقة؟ فائدة «الفيسبوك» وغيره في دول مثل سورية
ومصر، أنه يقاوم ويتحدى قانون الطوارئ
الذي يمنع الناس من التعبير ومن التجمع
والاحتجاج، كما أنه يقدم إمكانية
للتنظيم والتنسيق فيما بينهم، هذا عدا
عن أنه موقع خلق في الأصل للتواصل بين
الأصدقاء والأقارب. كاتب سوري =============================== كلوفيس مقصود السفير 14-2-2011 نبدأ بما هو بديهي. ثورة 25 يناير كانت
وستبقى ملهمة مثل سابقتها ثورة تونس.
تندرج ثورتا مصر وتونس أيضا كونهما
انبثقتا من الشعب ولم تكونا بمثابة
انقلاب استولد نتائج ثورية كما في ثورة
23 يوليو 1952. الأهم فى الحالتين أن
الاستجابة كانت محتضنة بشكل تلقائي
على المستوى العربي بأكمله، ما يؤكد
حقيقة ثابتة أن الوحدة العربية على
مستوى الشعوب تتبنى، وبالتالى تحتضن
بشكل فوري، ما تنتجه هذه الانتفاضات
والثورات. بمعنى آخر، إن ما حصل بين 25 يناير و11
فبراير 2011 يعتبره الكثير من شرائح
جماهير الوطن العربي تعبيرا صادقا
ودافئا عن مسؤوليتها بغرض حمايتها
وترسيخ ثقافتها، كونها تعتبر أن
النجاح الذي حصل، هو بمثابة استقواء
متبادل بين المنجز الثوري في مصر
واستقواء مصر الثورة بصدقية وفعالية
وجدية احتمالات ضمائر التغيير الجذري
في سائر أقطار الأمة العربية، وإن بنسب
متفاوتة. ولعل أول دليل على تبادلية
الاستقواء ما حصل في تونس، مما سرع
ثورة الشباب في مصر. وما أشار إليه
الشعور العام بأن الكرامة ليست مجرد
توصيف أخلاقي ومناقبي فحسب، بل فعل
قادر على الصيرورة، حيث تتوضح قوميا
ووطنيا للعيان مركزية مصر فى حال
وأحوال الأمة العربية. من هذا المنظور عندما يسقط نظام شمولي في
مصر كما حصل يوم السبت الماضي، يتم
فقدان متدرج لمناعة أنظمة مماثلة
عربيا، ولعل الإنجاز الأهم الذى حققته
«ثورة الشباب» عربيا، بقصد أو بغير قصد
مباشر لا يكمن في توظيف آليات الاتصال
الحديثة بهدف التنظيم والتعبئة وتسريع
معرفة مضامين الأهداف الفورية وتمرحل
البرامج الإصلاحية والتنموية فقط،
إنما في منهجية التعامل مع المراحل
الانتقالية بدقة والتزام حاسم بوضوح
الأهداف التي أكدت شرعية الثورة وما
يجب أن تترافق مع مؤسسات سليمة
ومستقيمة في أدائها، خاصة أن على قيادة
الثورة أن تبقى في حالة استنفار خاصة
في جعل مثاليتها قادرة على إدارة
التعقيدات القائمة والموروثة، حتى
تبقى نجاعة سلوكها بمنأى عن أن تتحول
التباينات إلى تناقضات. لذا لا مفر
للثورة من أن تحقق توأمة الالتزام مع
الصبر الثوري الذى يجعل البدائل مدخلا
للقرارات المصيرية. ولعل بعض الأولويات المطلوب معالجتها
والتعامل معها فورا، هو تكليف مؤقت
لأعضاء الحكومة القائمة «تصريف
الأعمال» وإن بصفة مؤقتة والنفاذ إلى
مدلولات الالتزام ب«الاتفاقات»
القائمة. هذا لا يعني أننا لا ندرك
أسباب هذه «التطمينات» إلا أن هذا لا
يحول دون قلق يساور العديد من ملتزمي
أهداف الثورة الملهمة والواعدة. كانت ظافرة فعلا، لأنها جاءت بعد عقود من
الإحباط، وتآكل الحقوق الوطنية
والتنموية والاجتماعية وحرمان الشعب
المصري من حقوقه ومن حاجاته الأساسية.
إن استعادة مصر دورها المحوري والرائد
إثر ما أفرزته اتفاقيات كامب ديفيد هو
المدخل لا لجعل المستحيل السائد ممكنا
فقط بل لتمكين الأمة العربية بعد عودة
مصر إلى دورها كمرجعية موثوقة وإلى
استقامة قومية وعروبة سياساتها توفر
البوصلة التي تخرجنا من حالة الإحباط
والاستقالة، وبالتالي تدخلنا فى إطار
حيوية التمكين الذي رافق ثورة 25 يناير،
وبالتالي استعادة القدرة على تقرير
مصيرنا وصناعة مستقبلنا، ومستقبل
فلسطين التي هي مسؤولية عربية عندما
تتوافر البوصلة. نشر بالتزامن مع جريدة «الشروق» المصرية =============================== علي عبدالعال أون إسلام 13/2/2011 بات الجيش المصري الآن الحاكم وحده في
البلاد التي تعد حركة الإخوان
المسلمين أكبر القوى السياسية المنظمة
فيها. ومنذ إعلان اللواء عمر سليمان، أن الأمور
بعد تنحي مبارك آلت إلى المجلس الأعلى
للقوات المسلحة حرصت الجماعة على
إيجاد حالة من الدفيء تغلف العلاقة
بينها وبين هذا الحاكم الجديد وربما
تأكيدها بناء على رسائل الترحيب
والإشادة التي أخرجتها منذ عملية
الانتشار العسكري التي بدأتها القوات
المسلحة ليل الجمعة 28 يناير. وفي صبيحة أول يوم شهد المصريون شمسه بدون
مبارك (السبت 12/2/2011) قال الإخوان
المسلمون في بيان رسمي "أنهم حريصون
على الجيش المصري البطل ودعمه وتقويته
وسلامته من أي مغامرات غير محسوبة؛ حتى
يظل درع الأمة وحصنها الحصين ضد أي
عدوان خارجي". لم يتلق الإخوان ردًا للتحية من قبل
الجيش، الذي يفرض عليه وضعه الرسمي أن
يقف بعيدا عن مسارات الحياة السياسية
وقواها المدنية. وفي ظل مخاوف الخارج
وبعض قوى الداخل التي لم يتأكد بعد إن
كان الجيش من بينها حرص الإخوان في
بيانهم التأكيد على أنهم حريصون على
الأمن القومي، والوحدة الوطنية في
البلاد، وأنهم ليسوا طلاب سلطة، ولذلك
فهم "لن يرشحوا أحدًا منهم لمنصب
الرئاسة، ولن يسعوا إلى الحصول على
أغلبية في البرلمان". أعادت هذه الأجواء تلك التي كانت شبيهة
لها في أعقاب حركة الجيش يوم 23 يوليو 1952
التي أنهت الحكم الملكي وسادتها أجواء
من الود بين تنظيم الضباط الأحرار
وجماعة الإخوان المسلمين، الهيئة
المدنية الوحيدة التي كانت تعلم بموعد
قيام الثورة، والقوة الشعبية التي كان
يعتمد عليها ضباط الجيش في تأمين
الدولة ومواجهة الإنجليز، حتى أعلن
هؤلاء الضباط في (17/1/1953) حل كل الأحزاب
السياسية باستثناء حركة الإخوان
المسلمين. إلا أن هذه العلاقة لم تدم طويلا بعدما
رأى مجلس قيادة الثورة في الإخوان خطرا
على سلطاته وتوجهاته فانقلب الود إلى
أحكام من السجن والإعدام بحق قادة
الجماعة. وبعد انقضاء ما يقارب الستة عقود ها هو
الجيش يعود ليسيطر على السلطة في مصر،
ويتدبر وحده تسيير أمور الدولة للمرة
الثانية. لكن اختلفت الأوضاع كثيرا بين
ثورة الجيش 1952 وثورة الشعب عام 2011 من
حيث الجو العام المهيمن على كلا
الحدثين، فالأولى قامت لإنهاء الحكم
الملكي الذي ضعف ولم يكن بحجم التحديات
بالرغم من الجو الديمقراطي في هذه
الفترة، والثانية قامت بالأساس لإنهاء
حالة احتكار السلطة وما صاحبها من فساد
واستبداد. جماعة "الإخوان المسلمين" التي لا
يعرف بعد إن كانت ستظل محظورة في مصر أم
ستتحول إلى القانونية عما قريب تتطلع
إلى أن يقوم الجيش بدور الحارس الأمين
على تلك الثورة التي شاركوا فيها،
وأيضا على مكتسباتها، وهو ما عبر عنه
عدد من قادة الحركة منهم د.عصام
العريان الذي تمنى ضمن تصريحات له أن
يوفى الجيش بعهده ويستمر في تفاعله
وتعامله مع الثورة كما بدأ. مطالبا
القوات المسلحة بأن يكونوا على أعلى
درجة من المسئولية في الانتقال السلمي
للسلطة في أسرع وقت. لكن من جهته، لم يحدد المجلس الأعلى
للقوات المسلحة جدولا زمنيا لانتقال
السلطة إلى قوى المجتمع المدنية إلا
أنه أعلن تطلعه إلى هذا الانتقال
السلمي "الذي يسمح بتولي سلطة مدنية
منتخبة لبناء الدولة الديمقراطية
الحديثة". وفي إطار المخاوف والمخاوف المتبادلة،
هدد بعض قادة الاحتجاجات بعودة
الانتفاضة بشكل أكبر مما كانت عليه إذا
لم يحقق الجيش مطالب الثورة، وهي هواجس
شملت كافة القوى التي شاركت في
التظاهرات ومن بينها جماعة الإخوان
المسلمين. ففي أعقاب حديث بعض المسؤولين السابقين
عن إمكانية انقلاب الجيش على الأوضاع،
قبل ساعات من رحيل مبارك، عبر د.عصام
العريان عن مخاوفه من تحول موقف الجيش،
قائلا "يبدو كأنه انقلاب عسكري...
اشعر بالقلق". لكنه أستدرك فيما بعد
بالقول إن أي تعليق رسمي من الجماعة
سيعتمد على النتيجة النهائية. صحفي مصري =========================== إلى الرئيس ميقاتي في ذكرى
الرئيس الحريري نايلة تويني النهار 14-2-2011 الثورة التي لا تكتمل ترتد على أصحابها.
وهذا ما حصل في لبنان عام 2005. دخلت على
الخط الحسابات السياسية ومراعاة هذا
وذاك، من الافراد والدول، فأجهضت "انتفاضة
الاستقلال الثاني" وهي ما اصطلح على
تسميتها لاحقا "ثورة الأرز". سقط
من سقط، ودونت اسماؤهم في سجل الخلود
للشهداء، شهداء كل الوطن، رغم تهليل
البعض لموتهم او لمقتلهم لا فرق، وكأني
بهذا البعض يحتكر الشهادة ويحجبها عن
غيره. لماذا أكتب اليوم؟ لأني راقبت وتابعت ملياً ثورة المصريين،
وفرحت لانتصار ارادة الشعب. الناس،
الفقراء، المحرومين، الجائعين ربما،
وبالتأكيد المظلومين. ولئن قال البعض هنا، ان لبنانيين، وخصوصا
في قوى 14 آذار، أسفوا لسقوط الرئيس
حسني مبارك "حليفهم"، فإن هذا لا
يلغي أبداً ايمان هذه القوى بالناس،
هؤلاء أنفسهم الذين نزلوا الى ساحة
الحرية في 14 آذار 2005، وساهموا في اخراج
المحتل السوري آنذاك، وبدلوا ما
بدلوا، وصنعوا تاريخاً جديداً، زال
بعض آثاره بسبب عدم اكتمال الثورة، او
بالاحرى عدم مضي أهلها حتى النهاية،
بسبب سقوط البعض في اغراء السلطة
والمكاسب، وتشتت البعض الآخر، وضعف
آخرين وخوفهم، ومراعاة لمصالح بعض
الخارج من جماعة رابعة، مما أعاد عقارب
الساعة الى الوراء. لماذا هذا الكلام اليوم بالذات في 14 شباط،
ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق
الحريري؟ أولاً، لأن الرئيس الشهيد لعب الدور
الابرز ربما في تاريخ لبنان ما بعد
الحرب، حرب الآخرين على ارضنا. بل ان
هذه المرحلة من التاريخ ارتبطت به
برباط وثيق، اذ شكل محوراً أساسياً في
السياسة والاقتصاد والاجتماع.
وبالتالي لم يكن ممكناً حصره في طائفة
او حزب او تيار او جماعة، خصوصا بعدما
استشهد. وبات تذكّره واجباً، حتى من
الذين كرهوه وأهانوه وتطاولوا عليه،
وقد أفادوا من ماله وثرواته وسلطته،
وابتزوه ايضا في مراحل كما سمعنا من
نجله الرئيس سعد الحريري في الاحاديث
المسجلة التي بثتها قناة "الجديد". ثانياً، لأن الرئيس الحريري كان مفجر
ثورة الأرز، التي ارسى دعائمها كثيرون
ومهدوا لها وفي طليعتهم جبران تويني
بجرأته وقلمه ومواقفه ونهاره، وسمير
قصير بكتاباته ومقالاته، وبيار الجميل
بصموده الصخري في بيروت، رغم مضايقات
سلطة الوصاية وأجهزتها اللبنانية
التابعة، وغيرهم ومثلهم كثيرون. ثالثاً، لأننا امام استحقاقات، ابرزها
المحكمة، وهي على الابواب، وهي
ضرورية، بل ملحة، لا للانتقام من دولة
"شقيقة" او من حزب "الهي" او
من اي جهة اخرى، لأننا لا نعرف حتى
الساعة هوية المجرم، ولسنا هواة ثأر
وانتقام، ولم نتربّ على ذلك، بل نحن
طلاب عدالة، بل العدالة، التي تكشف عن
حقيقة ما، ننتظرها بفارغ صبر، ولو بعد
سنوات. رابعاً، ان "الحقيقة التي ينادي بها
"تيار المستقبل" وقد احتكرها
عندما رفعها شعاراً، هي مطلب مشترك لدى
الجميع، او هكذا يجب ان تكون لدى كل
الفرقاء. فالحقيقة وحدها تحمينا،
وتمنع الاستمرار في مسلسل الاجرام،
وهي وحدها تحررنا من خوفنا، ومن
تخيلاتنا ربما، وتحرر سوريا ومعها "حزب
الله" اذا كانا بريئين من دماء
الصديقين، وتحرر القضاء اللبناني من
مستنقع لا يقدر على الخروج منه سليماً.
هي الحقيقة التي يجب الامتناع عن
محاولة اسقاطها باكراً، لان الفعل ان
حصل، سيشكل إدانة ليس للمجرم حتماً،
وإنما لكل متهم اياً يكن، وستظل الشبهة
تلاحقه على مدى الاجيال. خامساً، لان ذكرى الرئيس الحريري هي ذكرى
كل شهداء الوطن، او هكذا يجب ان تكون في
هذه المرحلة، فالراحل لم ينتمِ الى "تيار
المستقبل"، بل دافع عن المقاومة،
وفرض اتفاق نيسان عام 1996، وساهم دولياً
في فرض الانسحاب الاسرائيلي، وربما في
ولادة القرار 1559 الذي ارغم السوريين
على الانسحاب بعد 30 سنة "وصاية"،
وأعاد لبنان الى الخريطة الدولية
فاعلاً لا مفعولاً به، كما حصل منذ
قيام "الثورة الفلسطينية" على
أرضه. ولماذا الكلام اليوم والى الرئيس نجيب
ميقاتي تحديداً ومباشرة؟ 1 – لأنك بعد رئيس الجمهورية، المؤتمن على
إنتاج دور جديد للبنان في المرحلة
المصيرية التي تمرّ بها المنطقة
العربية، في ظل ثورات وتحركات
ومتغيرات داهمة، قد تصيب الحلفاء
والأعداء معا، وسترخي بظلالها حكماً
علينا. من هنا تبدو المسؤولية أكبر. 2 – لأنك الأقدر، بسبب بعدك من ناحية
القربى، على ايفاء الشهداء، كل
الشهداء، حقوقهم التي لم يقدر "أولياء
الدم" على المحافظة عليها، بسبب
انتماء عائلي وتداخل الخاص بالعام،
وبذلك تكون رئيس حكومة كل لبنان، لا
رئيس قوى 8 آذار فقط. 3 – لأنك قادر من موقعك الوسطي، على إعادة
الاعتبار الى موقع الرئاسة الاولى
التي تتلقى كل صباح مزيداً من العيارات
الكلامية والضربات ومحاولات إضعافها،
كما انك جدير بإعادة الثقة الى طائفتك
السنية الكريمة بعد ما اصابها من وهن.
والكلام هنا لا يرتبط بما صدر عن
اجتماع دار الافتاء، وقد كنتَ في
عداده، لكنه يسلط الضوء على واقع لا
يمكن تجاوزه، وهو الشعور بالقلق
والتخوف والتوجس لدى ابناء طائفتك.
وهذا الشعور اختبرته طوائف اخرى وهو
مدمّر لهذا الكيان القائم على اتفاق
الطوائف في ما بينها. 4 – لأنك الأعرف بالعلاقات الدولية، فأنت
رجل أعمال ناجح، وتقدّر جيداً أهمية
إقامة أفضل العلاقات مع المجتمع
الدولي، وأنت الأقدر على النهوض
بالاقتصاد من دون عقوبات تفرض علينا،
ومقاطعة لبلدنا، وأنت تعلم جيداً ان
الاقتصاد الجيد هو مفتاح الاستمرار
وهذا الازدهار يحتاج الى الاستثمارات
والسياح وتدفق الاموال، وهذه كلها لا
يأتي بها شتامون عبر الاعلام، يوجهون
الاهانات لكل رموز المجتمع الدولي،
ولك الحق في إبعاد "الاستفزازيين"
عن تشكيلتك المقبلة. دولة الرئيس المكلّف. لن نقول لك ان دماء شهداء ثورة الأرز
أمانة في عنقك، فقد سقط غيرهم بالمئات
والآلاف، وهم جميعاً شهداء للوطن،
وأمانة في أعناقنا جميعاً، حتى لا
تتحوّل شهادتهم ميتة رخيصة. ولا نريد، كما يتردد في بعض المنابر، من
مأجورين في السياسة والاعلام، ان ندمر
البلد من أجل شهدائنا، لا وألف لا،
لكننا نريد ان نحفظ لكل اهالي الشهداء
بلدا يليق بالدماء التي سفكت، وبلداً
قادراً على منع استمرار مسلسل الاجرام
الطويل. دولة الرئيس المكلّف، أنت مؤتمن على مقررات طاولة الحوار
الوطني وقد اتفق عليها كل اطراف الصراع
في لبنان، ومنها: - معالجة ملف السلاح غير الشرعي، من دون
المسّ بالمقاومة، تلك التي تقاوم في
الجنوب، حيث هناك اراض محتلة، لا
المقاومة في شوارع العاصمة. - معالجة ملف السلاح الفلسطيني وخصوصا
خارج المخيمات، حيث ميليشيات فالتة في
طول البلاد وعرضها، وعمقها ممتد عبر
الجبال الى سوريا. - المحكمة الدولية الخاصة من اجل لبنان،
وهي وان هددت البعض، تبقى بوابة الى
الحقيقة والاستقرار ومنع الاجرام
وكلنا معك ضدها اذا كانت منحازة وغير
مدعمة بالوثائق والأدلة. - التوازنات في بلد التركيبة التعايشية،
فلا إمكان للمسّ بها، وان استقوى البعض
بسلاح او مال او عديد، لان لبنان يفقد
هويته ورسالته ودوره، فلا يستحق بعد
اسمه. دولة الرئيس المكلّف، هلا بدأت من هنا، ولتعلن حكومتك التزامها
مقررات الحوار الوطني، لا الانقلاب
الذي يحاول ان يجرك اليه ازلام سوريا
في لبنان، ومشتهو السلطة،
والميليشيويون الجدد، والشتامون عبر
المنابر، وهؤلاء كلهم يحاصرونك لا
لانجاحك حتماً، بل لتحقيق رغباتهم
وشهواتهم. فهل تقدر يا دولة الرئيس على الافلات
منهم، ومن خصومهم، فتنتصر للبنان فقط؟ =============================== الترشيحات التالية بعد
تونس ومصر ياسر الزعاترة الدستور 14-2-2011 يتساءل كثير من الناس في العالم العربي عن
الدول التالية التي ستكون مرشحة
لتكرار ما حدث في تونس ومصر ، وتأتي
الإجابة أحيانا على سبيل التحليل ،
وأحيانا على سبيل الأمنيات ، وهنا
يختلف المتسائلون بحسب جنسياتهم ،
وأحيانا بحسب مواقفهم السياسية ، ولا
يستثنى من ذلك الكتاب الذي يخلطون
بدورهم التحليل بالأمنيات. ما ينبغي أن يلفت الانتباه ابتداءً هو تلك
التنازلات التي قدمتها بعض الأنظمة
للشعوب ، والتي لم يكن الكثيرون
يتصورنها قبل أسابيع ، أعني قبل الثورة
التونسية ، وفي مقدمتها التنازلات
التي قدمها النظام اليمني للمعارضة ،
فضلا عن عدد من التغييرات أو الإصلاحات
، وربما المنح التي قدمت للناس في عدد
من الدول ، فضلا عن وعود في أخرى تتراوح
من حيث القيمة والأهمية. في هذا السياق ، ومن دون أن ننكر إمكانية
خلطنا التحليل بالأمنيات ، نرى أن
اليمن قد يكون في مقدمة المرشحين ، وفي
ظني فهو كان مرشحا للتغيير الجذري ،
وليس الترقيعي ، قبل تونس ومصر ، إذ
أننا إزاء نظام وضع البلاد برسم
التقسيم ، فيما أفقر العباد بسبب
الفساد الذي يعد الأسوأ بين دول العالم
أجمع ، وليس الدول العربية فقط. والحق أن وعود الرئيس بعدم التمديد ولا
التوريث لا ينبغي أن تؤخذ على محمل
الجد من قبل قوى المعارضة ، إذ سبق
للرئيس أن وعد بأنه لن يترشح للرئاسة ،
ثم عاد وترشح ، وأتذكر هنا رهانين مع
بعض الأصدقاء تعلق الأول بوعد الرئيس
اليمني بأنه لن يترشح ، ووعد نجل
الرئيس الليبي بأنه سيترك السياسة ،
وفي الحالتين كسبت الرهان ، مستغربا
وجود من يصدق وعودا من هذا النوع ، أقله
قبل ثورة تونس ، وتاليا مصر. الآن ، وفي ظل الأوضاع الراهنة يبدو من
الصعب الجزم بصدق الوعد من كذبه ، إذ
سيعتمد ذلك ابتداء على الحراك الشعبي
الداخلي ، ومن ثم مجمل الظروف المحلية
والإقليمية والدولية ، لكن ما ينبغي أن
يقال هو أن ترك النظام يتغير من تلقاء
نفسه ، وعبر ذات الآليات التي سار
عليها لعقود إنما يعني أن من سيخلف
الرئيس لن يعدو أن يكون نسخة منه ، فيما
سيبقى الحزب الحاكم هو ذاته الذي يهيمن
على كل شيء في البلاد ، ما يعني أن من
الأفضل لقوى المعارضة أن تواصل
إصرارها على التغيير الشامل مهما كانت
الوعود ، وهي قادرة على ذلك إذا كسرت
حاجز التردد والخوف ، وفي مقدمتها
الإخوان. الدولة الثانية المرشحة للتغيير هي ليبيا.
وهنا حاول النظام خلال الأسابيع
الأخيرة (إضافة إلى تصريحات تثير
السخرية) تقديم بعض الرشاوى للناس من
أجل شراء سكوتهم ، وهي رشاوى لا تعدو أن
تكون سببا للإدانة وليس سببا للسكوت ،
لأن الأموال التي تدفع ليست من تعب
العقيد ولا عائلته ، بل هي أموال البلد
التي ضاع أكثرها في مغامرات لم يستفد
منها الشعب الليبي. في ليبيا مصائب تجعل من عدم خروج الناس
إلى الشوارع بعد تونس ومصر أمرا بالغ
الغرابة ، فهنا ثمة دولة تملك من
الثروات ما ينبغي أن يمنح مواطنيها
وضعا اقتصاديا يوازي نظراءهم في أغنى
الدول الأوروبية ، الأمر الذي لا يحدث
، حيث تهيمن فئة محدودة على السلطة
والثروة ويعيش الناس في أوضاع صعبة ،
أو قطاع لا بأس به منهم في أقل تقدير.
أما الذي لا يقل أهمية فيتمثل في غياب
العدالة والحرية والتعددية ، وملامح
التوريث الظاهرة للعيان. في السابق كان النظام يبيع على الناس
الثورية والقومية والتحرر ، أما بعد أن
دفع كل تلك الأثمان الباهظة من أجل
الخروج من تلك الدوائر وشطب اسمه من
ملفات الإرهاب ، فلم يعد ثمة مبرر
لسكوت الناس على الحال الذي يعيشون فيه. الأرجح في ضوء ذلك أن يبدأ الناس بحراك ما
خلال المرحلة المقبلة ، اللهم إلا إذا
كانت هناك جملة من الإصلاحات التي تنفس
الاحتقان ، الأمر الذي لا يبدو متوقعا
إلى حد كبير. بعد هاتين الدولتين ، هناك دول أخرى تدخل
قائمة الترشيح ، ومن بينها الجزائر
التي تعيش البؤس رغم ثروتها الهائلة ،
ولعل مخاوف عنف التسعينيات هي التي
تحول دون انفجار سريع. ويبقى أن الحراك
الشعبي من أجل إصلاح حقيقي وليس تغيير
جذري سيشمل العديد من الدول ، من بينها
دولة نفطية كبيرة ، مع العلم أن عدم
الاستجابة لدعوات الإصلاح قد يدفع
الناس نحو تبني مطلب التغيير الجذري. =============================== هل تذهب مصر إلى
الديموقراطية أم إلى الفوضى؟ سلطان الحطاب الرأي الاردنية 14-2-2011 مازالت مصر في غرفة الانعاش بعد عملية
القلب المفتوح، والخشية من هذه
المضاعفات أو انتكاس المريض. ويبدو ان
كل طرف...الثوار من جهة...والمجلس
العسكري من جهة اخرى يخشيان الأمر
ويحاول كل طرف ان يقرأ رسائله...
فالثوار الذين ما زال بعضهم معتصما
ويمسك بخط الثورة ويحاول الاحتفاظ
بزخمها يخشى ان يحتوي العسكر
بتصريحاتهم المعبر عنها في بيانات
المجلس زخم الثورة والتوقف عند وعود لم
يوضع لها سقف زمني وبالتالي الالتفاف
على بعض المطالب او تأجيلها الى ان
يتمكن الجيش من استعادة زمام الامور
خاصة وانه حدد خطوطاً له ابرزها
الالتزام بالمعاهدات في الاتفاقيات
الدولية وهو تصريح هدفه طمأنة اسرائيل
والولايات المتحدة على استمرار التزام
العهد الجديد الذي مازال يمثله العسكر
(المجلس العسكري) بمعاهدة كامب ديفيد
والتزامات اخرى ثنائية ودولية وذلك
لتجنب موقف امريكي واسرائيلي معاد
يترتب عليه خطوات عملية. اما من جهة
الثوار فإن برنامجهم الذي ناضلوا من
اجله والذي مازال قائما هو الدخول الى
خطوات التغيير بشكل سريع وفاعل تغادر
فيه مصر تماما العهد السابق وتطوي صفحة
مبارك ونظامه الذي مازال ماثلا في
السلطة عبر اكثر من تعبير. الثوار يريدون كما جاء في بيانهم الأول
باسم ائتلاف قوة الغضب جملة من المطالب
الفورية..إلغاء حالة الطوارئ..والإفراج
عن المعتقلين السياسيين..إلغاء
الدستور القائم وتعديلاته..حل مجلس
الشعب والشورى والمجالس المحلية..انشاء
حكم رئاسي وانتقالي يضم خمسة أعضاء
بينهم شخصية عسكرية وأربعة رموز مدنية
على أن لا يحق لاي عضو منهم الترشح لأول
انتخابات قادمة..وأيضاً تشكيل حكومة
كفاءات وطنية مستقلة تهيء لإجراء
انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة
الإنتقالية في مدة لا تزيد عن تسعة
أشهر ولا يحق لهم الترشح لأول انتخابات
رئاسية او برلمانية..وجملة مطالب أخرى
منها اطلاق حرية تكوين الأحزاب على أسس
مدنية واطلاق حرية الإعلام وتداول
المعلومات وحرية التنظيم النقابي
والغاء كل المحاكم العسكرية
والاستثنائية وكل الأحكام التي صدرت
بحق مدنيين خلال هذه المحاكم.. الخارطة واضحة في مطالب الثوار ولكن إلى
أي مدى يستطيع المجلس العسكري المحكوم
بجملة ارتباطات أن يسير بهذه المطالب
للأمام وبسرعة..أين يتقدم العسكر وأين
يقفون؟..أين تسمح الولايات المتحدة؟
واين تتحفظ؟ وإلى أي مدى تصمت اسرائيل؟
ومتى تبدي ردود الفعل؟..هل يبدأ المجلس
العسكري في التنفيذ أم سيفرغ جهده في
فض الاعتصامات وازالة الحواجز وتنظيف
الميدان ومراقبة استمرار الشعلة
ومعرفة سقف المطالب وإلى أين ستفضي؟
وما إذا كان فيها خلاص نهائي من دور
العسكر الذي استمر منذ عام 1952؟..وهل
سيؤدي الإبطاء والتأجيل وعدم وضع سقف
زمني أو الدخول في صدامات وتضييق على
المحتجين إلى ضرورة ردود الفعل عند
الثوار وتغيرها؟.. وهل سيدفع الجيش؟..(بعض
قياداته على الأقل) أو بعض القوى
الخفية من بقايا النظام الذي لم يتغير
فيه الكثير سوى رحيل مبارك الذي لا
يعرف إن كان غادر مصر ام أنه ما زال على
أرضها إلى صدامات مع الثوار؟..وهل تشكل
هذه الصدامات بداية مؤلمة تقود إلى
الفوضى والاشتعال الذي تتربص به قوى
عديدة اذ لم يخف نتنياهو رئيس الوزراء
الاسرائيلي بداية نشوب الثورة حين لم
يزل مبارك في الحكم توقعاته بأن مصر
ستذهب إلى الفوضى التي لن تخرج منها
لعشر سنوات.. هل يحدث هذا السيناريو المرعب؟..هل سنكون
امام واقع شبيه بالواقع العراقي في
أعقاب سقوط النظام في بغداد؟.. هل تدخل اسرائيل على الخط لتجهض مؤشر
الثورة الصاعد وتعكر المياه التي
حافظت الاحتجاجات السلمية وبعض قطاعات
الجيش على صفائها حتى الآن؟..وهل تفتعل
هذه القوى مشاكل داخلية كالاعتداء على
الكنائس؟..ونسف خط الغاز إلى اسرائيل؟..هل
تعيد اسرائيل احتلال سيناء احتياطاً
بعد أن مهدت بالقول أن الخطر بعد نظام
مبارك سيأتي منها؟ وقد تذهب حد الإدعاء
أن الجيش المصري غير قادر على الاحتفاظ
بما كانت عليه..خاصة وان اسرائيل ستبدأ
تروج عن جنوب لها يشبه شمالها..إلى نشوء
قوى متطرفة في جنوبها تشبه حزب الله في
شمالها ليسمح لها ذلك بالتدخل.. الجرح المصري ما زال فاغراً ويخشى عليه من
التلوث فالثورة الوليدة لها أعداء كثر
ومتربصون ولا يجوز تعريض مطالبها لزمن
طويل إذ لا بد من الحسم قبل الاحتواء
والإجهاض لأن استبدال مبارك بالجيش
وإعادة إنتاج الوضع السابق نفسه بشكل
جديد هو إعادة إنتاج وإحياء للنظام
أكثر منه التغيير وتحقيق المكاسب
للمصريين.. =============================== الإعلام الإلكتروني
وصناعةالثورة د.عثمان الزياني 2011-02-13 القدس العربي الإعلام
الإلكتروني هو الإعلام الذي يقوم
بتوظيف مختلف الوسائل الالكترونية
وعلى رأسها الانترنت، ويتمتع بمجموعة
من الميزات الايجابية وهي سهولة
الوصول إليه ويسر إحداثه وتحديثه كما
يتميز بفضاءات رحبة للتعبير
الحر،ويمتلك مقومات التخزين
المعلومياتي . فالإعلام الإلكتروني في العصر الراهن
أصبح واجهة إخبارية بامتيازو بنجاعة
منقطعة النظير ، فرضته التحولات
المتسارعة و تطورات ثورة المعلوميات
التي زادت من وثيرة المتابعة وسياقات
المواكبة للوقائع و الأحداث ، و ليس
تطاولا إن قلنا أن المواقع الإخبارية
الالكترونية على الأنترنيت باتت تقوم
بوظائف إحلالية لما كان يقوم به
الإعلام التقليدي من صحف و مجلات و
منشورات وبنوع من الفعالية ، ويختلف
الإعلام الجديد عن الإعلام التقليدي
بخصيصة التفاعلية, والذي يكون بشكل
مباشرا، ويمنح عنصر التفاعلية للزائر
إمكانية التحاور والتخاطب المباشرين
مع مصممي الموقع و تقديم آرائه
وتصوراته بخصوص قضايا مجتمعية مختلفة
و بشكل مباشر من خلال الموقع, وكذلك
المشاركة في منتديات الحوار بين
المستخدمين, والمحادثة من خلال غرف
الدردشة حول مواضيع تعنى بما هو سياسي
واقتصادي واجتماعي وثقافي،مما ينتج
عنه تبادل كم هائل من المعلومات . فمع الثورة المعلوماتية والأنترنيتية في
العصر الراهن تغيرت معالم وبناءات
الثورات المدنية،فلم تعد تنطلق وتستمد
أصولها ومرجعيتها من الكتب الخضراء أو
الحمراء ولم تعد تحتاج إلى تشكيلات أو
لجان تنسيقية سرية أو تأطير إيديولوجي
أو مذهبي أو أفكار سياسية،فهي ثورات
تتحرك بأزرار الكومبيوتر لتمتد
شراراتها إلى كل البيوت دون حواجز،
فيكفي للمرء أن يبحر في المواقع
الاجتماعية التواصلية ليشفي غليله
ويستنهض هممه ليتوجه إلى الشارع
للتعبير عما يختلج كينونته من معاناة
وحرمان وركوب مسارات الاحتجاج والثورة
على النظام ،ولا شك أن مايحدث في الدول
العربية وعلى رأسها طبعا تونس ،مصر،
الجزائر...، يبين حجم تأثير استعمالات
الأنترنت والمواقع الالكترونية
المختلفة في تعبئة الشعوب وثورانها ضد
أنظمتها، فتشكلت لدى جل هذه الأنظمة
التسلطية "فوبيا الفايسبوك أو تويتر"مما
جعل العديد منها يقوم بإجراءات
احترازية ،حيث طال المنع أو التعطيل
لهذه المواقع كما هو الشأن في سوريا
واليمن والأردن.....،إلا أن ميزة
الإعلام الالكتروني أنه يستفيد من
التطور التقني المستمر حيث غالبا ما
يتم تجاوز المنع بفعل استعمال ما يصطلح
عليه نظام "بروكسي" وأيضا معظم
المواقع الاجتماعية تعرف تواصلا
عالميا يندرج ضمنه أفراد يمتلكون من
المهارة ما يشفع لهم بتقديم المساعدات
وابتكار برامج لفتح كل المواقع
الاجتماعية وهذا ما حصل في كل من تونس
ومصر وإذا كانت الثورات فيما مضى تتم عبر
موجبات التخطيط والتدبير المسبق من
حيث الزمان والمكان ،وبشكل منظم
ومنتظم وتستأثر النخب بإدارتها
وتدبيرها،فإن الإعلام الالكتروني
أحدث تبديلات محورية وجوهرية سواء على
مستوى التشكل والصيرورة والأهداف
الغائية،حيث أسس لمرحلة جديدة وتبلور
نمط جديد من الثورات يخضع لنوع من
العفوية وهي تشكل مصدر قوتها، يقودها
شباب الانترنت الذي اكتسب هذا الأمر
بفعل "التثاقف السياسي الإلكتروني"
في ظل مجتمع افتراضي تفاعلي لا يعرف
الحدود الجغرافية والجمركية،فالكل
يعبر وينشط وعليه ينجلي وعي بالحقوق
وحرية التعبير وضرورة الثورة للتغيير
والتحرر والإنعتاق. من كان يدرك أن تقوم تكنولوجيا
المعلوميات والاتصال بدور محوري في
استنهاض الوعي السياسي للشعب التونسي،
وتشحذ الهمم وتحقق تعبئة شاملة لمختلف
الشرائح المجتمعية لتنتفض وتثور ضد
نظام بنعلي، إنها الحقيقة الماثلة
والمؤثثة لسياقات تشكل الانتفاضة
التونسية ضد الاستبداد والطغيان
والاستعباد والقهر ،والدال على ذلك أن
فئات عريضة من الشعب التونسي يصطلح
عليها "ثورة الفايسبوك" بدل "ثورة
الياسمين" ،نظرا لما لعبته العديد
من المواقع الالكترونية في إيجاد
بنيات تواصلية استطاعت أن تنسج مخيالا
اجتماعيا /جماعيا جمع الداخل والخارج
التونسيين ،حيث تناقلت المعلومات
وبعثت الحركية والدينامية في المجتمع
التونسي واستنبتت الحراك الاجتماعي
والسياسي ،وشكلت مثيرات ومنبهات
للذهنية وحركت الدوافع والاتجاهات نحو
التمرد عن الوضع القائم وكشف المستور
،وتكسير مقومات الإنتظارية القاتلة
التي رهنت الفعل السياسي الشعبي لردح
من الزمن. فعلى مدار زمنية الانتفاضة والغليان
الشعبي ظلت العديد من المواقع على
الانترنيت فضاءات رحبة للتعبير وتفريغ
المكبوتات العدائية الكامنة والظاهرة
ضد "نظام بنعلي"، لتنتج سلطة
المعلومة ودورانيتها جبهة شعبية واسعة
الجامع بينها الرغبة اللامحدودة
والجارفة في الإطاحة بالرئيس وكل رموز
نظامه الفاسد. إن التواصل الالكتروني واستثماره الجيد
من طرف المدونين والعديد من المواطنين
والذين استطاعوا الإفلات من الرقابة
الأمنية المطبقة التي ينهجها النظام
التونسي السابق آلت إلى كسب تأييد
وتعاطف الملايين من المواطنين عبر
المعمور وفي ظرف وجيز تبلور تضامن
الكتروني عالمي منقطع النظير واستطاع
أن يستفز مشاعر العديد من الدول وجملة
من الهيئات الحكومية وغير الحكومية
خصوصا المشتغلة في مجال حقوق الإنسان،
فارتفعت أصوات التنديد والشجب للآلة
البوليسية في بداياتها. فالمواقع الالكترونية استطاعت أن تفك
طلاسم البنية المعقدة للسلطة في عهد
زين العابدين وتقديم حقائق صادمة حول
حجم الفساد المستشري في صفوف الطبقة
الحاكمة، والتركيز على حجم الثروة
التي راكمتها "عائلة الطرابلسي"
عن طريق النهب والسلب ،وهي كلها تحصيل
حاصل لما نشره موقع ويكيليكس حيث اعتبر
العديد من المتتبعين أن" نظام بنعلي"
كان أول ضحايا "وثائق ويكيليكس"
والبقية آتية لا محالة،كما إن"
الفيسبوك" تجاوز الخطاب السياسي
لأحزاب المعارضة، وقفز بالانتفاضة إلى
مرحلة متقدمة أنضجت الثورة،على أساس
أن معظم المواقع الالكترونية نقلت
الثورة من العالم الافتراضي إلى
التجسيد الواقعي الميداني وبسرعة
فائقة غير منتظرة. وهذه الثورة الالكترونية التي يشكل شباب
"الفايسبوك"و"تويتر"عمادها،انطلقت
شرارتها في مصر حيث تعبئ الكل من خلال
التواصل الالكتروني وعلى الشاكلة
التونسية للبدء في الانتفاضة للخروج
إلى الفضاء العمومي للاحتجاج والتعبير
عن رحيل الرئيس، والتعبير عن ضرورة
إحداث تغييرات جذرية على المنظومة
الدستورية والقانونية ،والتأسيس
لنظام ديمقراطي خال من بذور الاستبداد
والطغيان،على الرغم من تشديد الرقابة
الأمنية التي ينهجها النظام المصري
حيث بلغ الأمر إلى حد قطع الانترنت
والاتصالات وخدمات الرسائل القصيرة
لأنه مدرك تمام الإدراك حجم تأثيراتها
في التعبئة الشعبية. وإذا كانت ميزة الإعلام الالكتروني
وفضائله كثيرة من حيث أنه لا يعرف
الحدود والقيود الجغرافية والعرقية
فقد شكلت قاعدة للتواصل بين الشباب
المصري والشباب التونسي رغبة في
التنسيق من اجل اطلاع الشباب المصري
الغاضب على مختلف الطرق والوسائل
الممكنة لمواجهة الآلة القمعية
البوليسية (العربات المصفحة،الصعقات
الكهربائية...)،وبالتالي استنساخ
التجربة التونسية بميزاتها التي حققت
أهدافها وغاياتها ،وباعتبار أن هذه
الشبكات الاجتماعية الالكترونية تشكل
قوة دفع حقيقية وعامل شحن للفعل
الارادوي الشعبي في الانتفاضة
والاحتجاج والتظاهر. ففي سابق عهد الانتفاضة كانت تنشط العديد
من المواقع الالكترونية المصرية خاصة
المدونين الذين شكلوا فعليا معارضة
حقيقية لنظام مبارك ،من خلال كشف
العديد من الحقائق التي تعنى بالفساد
وانتهاكات حقوق الإنسان وممارسات
التعذيب في أقسام الشرطة، وحجم الفقر
الذي يحيا فيه غالبية المواطنين
،ومشاكل البطالة التي ضاق بها الشباب
ذرعا ،وكان يتم بث مقاطع فيديو مسجلة
على الانترنت خاصة باستعمال تقنية "اليوتيوب"والتي
تبين في كثير من الأحيان حجم الذل
والهوان الذي تقبع فيه فئات عريضة من
الشعب المصري الذي يكابد يوميا رعونة
العيش . ومن بين ايجابيات هذه المواقع الاجتماعية
التفاعلية هي أنها مكنت قطاعات واسعة
من العالم من إمكانيات التتبع
والمواكبة الآنية لكل الأحداث
والتطورات الحاصلة في انتفاضة مصر
وبنوع من الدقة والتفاصيل،فهناك تقنية
"الهاتشتاغ"،وهو عبارة عن مبدأ
للتواصل بين أعضاء المجتمع الافتراضي
للتويتر ،وقد استعملت في تجميع مختلف
الأحداث والأخبار المتداولة على
المستوى الميداني ،ومتابعة التطورات
أول بأول رغم كل سياسات المنع والحجب
التي نهجها النظام المصري،فالشباب
المصري استطاع بفضل الهاتشتاغ تجاوز
"البلاكاوت"الذي مارسه النظام
المصري في قطع الانترنت ومنع العديد من
المواقع الاجتماعية،وقد لعب مبدأ "الهاتشتاغ"دورا
محوريا في جلب التضامن الولي
والمساندين لثورة مصر. إن الإعلام الالكتروني أضحى معادلة
محورية لا يمكن الاستهانة بها أو
تجاهلها في التغيير السياسي ،واستطاع
أن يفرض نفسه على حساب الإعلام
التقليدي ،وغدت وظيفته ابلغ منه،بفعل
مميزاته الكثيرة والفعالة كما انه
احدث تغييرات جذرية على مستوى البنيات
المجتمعية ويساهم بكثافة في التنشئة
الاجتماعية والسياسية،لكنها تنشئة من
نوع خاص عابرة للحدود وليس لها جنسية
آو انتماء جغرافي محدد،فهل سيساهم
الإعلام الالكتروني في تعميم الثورة
وتدويلها ضد كل الأنظمة التسلطية
والاستبدادية؟ أستاذ جامعي،الكلية المتعددة التخصصات
،الرشيدية،المغرب =============================== هل تصبح ثورة مصر (ثورة
فرنسية للعرب) بخصوصية عربية؟ أيمن خالد 2011-02-13 القدس العربي أعتقد أن النتائج السياسية للثورة في مصر
لن تكون بحجم الحلول السياسية
الموجودة، بمعنى أنها ستتجاوز منطق
التفكير بالإصلاحات، نحو مفاعيل
ثورية، قابلة لصناعة وتثبيت منطق
الرقابة والردع على الدولة في آن معا،
بغض النظر عن أي قوة وأي شخصية قادمة
لحكم مصر، فنحن في ميدان التحرير، نشهد
نهاية عصر الرجل الأوحد، الذي يحتكر
السلطة، والفكرة، والمعرفة،
والمعلومة، ليصبح الإنسان العادي
والسياسي، يمتلكان نفس القدر من
المعلومة، وهذا يعني أن دور القائد
السياسي خرج من دور التفرد القروسطي
العجيب، إلى دور الإداري الذي يدير
الشؤون المتفق عليها، ضمن عقد اجتماعي
هو الدستور الجديد. كثيرون يستعجلون الثورة المصرية، على
طريقة تونس، أو على طريقة الحسم الذي
قامت به حركة حماس في غزة، وهذه صورة لا
تنطبق على مصر، لأن مفاعيل الثورات
السريعة لها خصوصية معينة، فنحن في مصر
بحاجة إلى اشهر من الوقوف في الطرقات،
والتظاهر والاحتجاجات بثورات ناعمة
وهادئة، ولو دفعنا دماً كل يوم، لان
الثورة السريعة في بلد كبير سوف تتيح
بقاء جذور النظام الذي تستعر جذوته
بأشكال ومواقع متعددة، على نار الفساد
التي امتدت طويلاً، غير أن طول عمر
الثورة، سيلقي بظلال اليأس على
المرجفين، وسيبتلعون الرعب، الذي يصبح
خط الدفاع الأول للثورة، فالجرأة على
نمط النظام السابق، لا ينهي عهد
العبودية فحسب، لكنه يعيد لنا موقعاً
افتقدناه منذ قرون طويلة، ويعيد تصحيح
أخطاء ألف سنة، غرقنا فيها وراء
السلالات الحاكمة، التي أنتجت رجالاً
شرفاء وأنتجت كثيراً من الفاسدين. كما أن هذا النظام خلال هذه الفترة من
المخاض، سيستمر بالمزيد من أخطائه
التي لا يستطيع احد أن يغفرها له، وهذا
يُحدث قطيعة أبدية ليس معه فحسب، ولكن
مع كامل القوى التي يستند اليها،
فالجرأة على النظام هي جرأة على واقع
تاريخي استمر مئات السنين، والحاكم
القادم، لن يكون أمام جيش من
المتفرجين، ولكنه أمام جمهور، يعيش
بشكل يومي حركة الناس، من السياسة إلى
رغيف الخبز اليومي، وما سبق وأشرنا له،
منطق الرقابة والردع، فالشفافية،
والوضوح، ستسقط حساب السنوات الطويلة
من عمر الغرف المغلقة، عندما كان الملك
وأعوانه يجلسون ويفكرون فحسب، فالقادم
هو منطق الخروج الجماعي من حياة القطيع. لا نريد من القوى الإسلامية أن تورط نفسها
بطرح برامج لا تناسب المرحلة، وعليها
التقاط اللحظة التاريخية والتعامل
وفقها، فالنبي صلى الله عليه وسلم،
عندما بدأ بالدعوة الإسلامية، أرسل
أصحابه إلى أرض الحبشة، وقال (إن بأرض
الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده) ثم
أرسلهم بعد ذلك إلى المدينة المنورة،
وبالنظر إلى هذه الهجرة نلمس أهم قاعدة
أسست لقيام الدولة، وهي قاعدة العدل،
التي كانت في الحبشة، وقاعدة الحرية،
التي اتسمت بها المدينة، ثم جاءت بيعة
العقبة التي وضعت أول لبنة في العقد
الاجتماعي الذي بنيت عليه الدولة في ما
بعد، وباختصار، إن أساس الدولة هو منطق
العدل والحرية، وفي حين كان يهمنا خلال
مئات السنين الماضية منطق الحفاظ على
الدولة، لم نكن نراعي القيمة الأساس
للدولة، وهي العدل والحرية، وهو ما جعل
الوهن يترك هذه الأمة سبية بين الأمم. وبينما التقطت الثورة الفرنسية فكرة
العدل والحرية وصنعت معجزة التحرر،
نحن لا نزال بعد أكثر من 1400عام على
ولادة هذه الفكرة، التي نبعت في
بلادنا، لا نزال نفكر ونرى، أن الزعيم
أولاً، وبعده تبدأ قيمة البشر، ونصنع
فضائيات، وننشد للزعماء، ونبني جيشاً
من الذين يجيدون الكذب لإقناع الناس
البسطاء، أن الحياة بدون - الزعيم هي
المستحيل بعينه. ثورة مصر، هي الأكثر قدرة على إرساء نظام
ليبرالي، لم يكن بالإمكان تحقيقه عبر
أي بنية حزبية، وهو نظام ستبنيه
المعلومة والمعرفة التي يشترك فيها
السياسي والمواطن، ولم يعد القائد
معجزة زمانه، ولم يعد يستطيع ممارسة
أمرين، القمع والتضليل، فعندما يتساوى
القائد والمواطن في فهم المعلومة، سوف
ينشأ عقد اجتماعي فريد من نوعه. هو
اتفاق على الحكم وفق أسلوب يفوق حتى
العدالة الاجتماعية في الدول
المتقدمة، فنحن على طريق ثورة عالمية
أهم من الثورة الفرنسية، لا يستطيع أي
متآمر أن يغير مسارها، فنحن تحرسنا
المعلومة، والمكاشفة وبقية تفاصيل عصر
العولمة. هذه العدوى، سوف تدخل مختلف الدول
العربية، وسوف يجد الزعماء الذين
يقفون في وجه حرية الكلمة والإعلام
والتعبير، أنهم يضعون أصابعهم في
آذانهم، ولن يفيدهم الصمم عند دوي
العاصفة. أكثر ما يضحكنا طابور الإعلاميين الذين
يكذبون على شاشات الفضائيات العربية
ويطبلون لاستمرار العصر المستحيل..
إنهم يتحدثون مع أناس من كوكب آخر. كاتب فلسطيني =============================== الإثنين, 14 فبراير 2011 بصيرة الداود * الحياة حوارٌ تاريخي فلسفي في كتاب الباحث
بودبوس بعنوان «الفوضوية» دار بين
برودون الذي عاش من 1809-1865، وصديق له عاش
عام 1840، فيسأله عن أي شكل من أشكال
الحكومة يفضل هل هو جمهوري؟ فيجيب
صديقه: نعم ولكن كلمة جمهوري لا تعني
شيئاً بالنسبة إلي سوى أنها تعني الشيء
العام الذي يرغب الكل فيه. ثم يسأله تحت
أي شكل من أشكال الحكومة يمكن أن نكون
جمهوريين والملوك أنفسهم جمهوريون،
فهل تعني أنك إنسان ديموقراطي؟ من تكون
أنت يا صديقي؟ فيجيب «أنا فوضوي». الفوضوية على النقيض تماماً مما يتبادر
إلى الذهن البشري لأول وهلة، هي ليست
غياب النظام، ولا الغوغائية
اللامسؤولة، إنها ببساطة شديدة تلك
الحالة التي يصل إليها المجتمع، وقد
تطور حتى يستغني عن أي تنظيم خارجي
مفروض. هي حالة تحلُّ فيها الأخلاق محل
القانون والبوليس والسجون. قد تكون
مأساة لكنها ضرورية في كل وقت وزمان من
أجل أن تخدش وجه عالم قاتم يغشاه
الاستلاب والنفي. هي مصطلح اللاسلطة
وعدم النظام بسبب غياب السلطة
المنظمة، ورفض أي تنظيم دولي ينسب
دولاً مفروضة على الفرد من أعلى، هي
تظهر عندما يختفي الإقناع والترغيب
ويحل محله القسر والإكراه، لتعلن عن
رفض للسلطة وسيطرة الإنسان على أخيه
الإنسان الذي سيرفض بدوره الدولة
كاملة، وينخرط في مسار الفوضوية، كما
سيرفض كل النظريات الدستورية تحت
طائلة مسميّات معارضة. الفوضوية بداية لتمرد عصياني يوجه ضد
السلطة القائمة، ثم يؤدي إلى انقلاب
حركي رافض للسلطة وهادف إلى الحلول
مكانها، ثم تبدأ بالمطالبة بالإصلاح
الذي يمثل مرحلة جديدة على طريق الثورة
بمعناها الحقيقي. ما حدث في تونس ومصر تعبير لهذا المعنى،
وإن تفاوت شكل الثورة ومراحلها ما بين
تونس ومصر، لكن مسألة المطالبة
بالإصلاح تبقى هي الأساس الذي طغى على
مراحل هاتين الثورتين. والواقع أن ما
غاب عن أذهان الثائرين في مسألة
المطالبة بتعجيل الإصلاحات هو أن
عملية الإصلاح في العالمين العربي
والإسلامي تبقى أسسها مستمدة من مصادر
التشريع الأساسية وهي كتاب الله وسنة
نبيه، لذلك ستظل مسألة المطالبة
بالإصلاحات تمثل في رأيي رد فعل على
تراجع الإسلام كدين داخل المجتمع
العربي بصفة خاصة، نتيجة للانحطاط
والتردي الفكري والثقافي والسياسي
والاجتماعي. لذلك يخطئ كثيراً من يتوهم
من الأحزاب التي تتخذ من الإسلام
شعاراً لها في عالمنا العربي، عندما
تتصور أن بإمكانها تقديم إصلاحات
لأبناء المجتمع العربي سياسية
واجتماعية واقتصادية شاملة تحت مسميات
إسلامية، إذ كيف يتحقق لها ذلك والدين
الإسلامي في المجتمع العربي يتراجع
إلى الوراء بسبب علمائه وفقهائه؟ كما
أنها كأحزاب دينية لا تسعى في حقيقة
الأمر إلا لتحقيق أهداف سياسية
واقتصادية واجتماعية خاصة بها، حتى
وإن كان ذلك بمجهود الآخرين وليس
بمجهودها هي! إن الثورات التي اندلعت في تونس ومصر لم
تقم على أساس المطالبة بإعادة إحياء
الوعي الديني للمجتمعين التونسي
والمصري، وصولاً إلى تمكينه من إدراك
المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد
الأمة بالتمزق والاندثار، وإنما قامت
من أجل تحقيق أهداف ومطامح خاصة بها
مثل المطالبة بالحرية، وحرية التعبير
والمساواة والعدالة الاجتماعية،
وتحقيق مبادئ حقوق الإنسان، وتغيير
سياسي للنظام الحاكم، والمطالبة برحيل
رأس النظام، فهي إذاً ذات أهداف محددة
داخل حدودها وخاصة بمجتمعها، وليست
ذات أهداف عامة وشاملة، بحيث تكسب
الثورة مفهوماً واسعاً يمكن معه القول
بأن الإسلام أعيد إحياؤه من جديد. لا أعلم إذا كان شباب 25 يناير في مصر ومن
قبلهم الشباب في تونس لديهم وعي كاف
بمفهوم الثورة التحررية في التاريخ،
أو أن ما قاموا به كان رد فعل ورفضاً
للفساد والظلم والطغيان في مجتمعهما
فقط، إذ إن ما قاموا به أحدث تفجيراً
وهزة عنيفة لما هو معروف عن طابع
الثورات في التاريخ الرافضة لواقع
معين، لكنهم لم يعطوا انطباعاً
حقيقياً عن تمكنهم من إظهار قدرة
الثورة التحررية على الفعل من خلال
اتصالها العميق به وانفصالها الكلي
عنه، أو توظيف الثوار لمعرفتهم
العميقة بمعنى الثورة بهدف تدميرها
إلى الأبد بعد انفجارها! هزة الثورات هي بداية تحول الحياة
الإنسانية من الإحساس بالوجود لتحقيق
الذات إلى المغامرة بالموت، ولهزتها
أثارٌ عميقة تنعكس على علاقة الإنسان
بواقعه، فتجعله يدرك في النهاية مدى
اغترابه عن ذلك الواقع، وفقدانه
لاتساقه الفكري والنفسي ولأهدافه
أيضاً، وتصل به إلى مرحلة جدلية تلتقي
فيها كل معرفته الذاتية باختياره
الموضوعي، فيقبل بواقعه الذي فرضه هو
بنفسه، ويجهد ويجتهد من أجل تجاوزه في
الوقت نفسه. التاريخ يحدثنا كثيراً عن العديد من دعاة
الثورة الذين بدأوا ثواراً وانتهوا
أمام ترددهم أو هروبهم من نتائج
مشاريعهم الثورية، مستسلمين لذلك
الواقع الذي أرادوا الثورة من أجله،
وأحياناً ينقلبون مضادين لمبدأ الثورة
ذاته، بعد أن تنتهي نشوتها ثم يصدمون
بنتائجها. الثورة الحقيقية هي انتقال نوعي وكلي
بالوعي الفردي والجماعي على حد سواء ضد
الاستبداد الكائن، والانتقال
بالإنسان إلى واقع ثوري وطني يجب أن
يكون عليه، بحيث يدفن كل القديم في
الجديد بهدف تحقيق المبادئ، ولا يترك
مجالاً للتركيب بينهما كما يقول في ذلك
المؤرخ الفيلسوف هيغل. إن عهود الثورات
الفكرية كانت دائماً هي المتقدمة في
التاريخ على غيرها من العهود السياسية
والاجتماعية الأخرى، لأنها تنتقل
بالشعوب من مرحلة التقبل السلبي
للواقع المرير إلى مرحلة العمل على
تغييره إلى واقع أفضل، ومن مرحلة
الاحتمال السلبي إلى مرحلة التحمل
الإيجابي. لا أظن أن ما ذكرته دار في خلد شباب 14
يناير في تونس، ولا في ذهن شباب 25 يناير
2011 في مصر، فمن الواضح أن كلتا
الثورتين قامتا بعفوية من أجل تحقيق
أهدافهما، ولهذا فمن الظلم التاريخي
أن تضيع مكتسبات هاتين الثورتين
الشبابيتين ويتم استغلالها سياسياً،
إذ إن من العدالة التاريخية أن يجني
الشباب ثمار غرسهم، فهم من سيصنع
مستقبل التاريخ بعد أن سطروه بدمائهم.
فلتخلُ الساحة لهم وليبتعد كل
الانتهازيين وذوو المصالح الخاصة ممن
يطلق عليهم مسمى أحزاب معارضة بمختلف
أيديولوجياتها، كي يواصل الشباب مسيرة
ثورتهم، ويتحاوروا بشكل إنساني وحضاري
مع السياسة القائمة الآن وفي المستقبل
في تونس ومصر، حتى يتمكنوا من الإمساك
بزمام الأمور عندما يحين الوقت. =============================== أين اختفى «الحزب
الحاكم» في تونس؟ آمال موسى الشرق الاوسط 14-2-2011 منذ تاريخ الثورة الشعبية في تونس يوم 14
يناير (كانون الثاني) الماضي، سجلت عدة
مفارقات، لعل من أهمها: اختفاء الحزب
الحاكم، وهو اختفاء تزامن مع مغادرة
الرئيس السابق للبلاد وانتهى بقرار
وزير الداخلية الحالي بتجميد أنشطته
والشروع قضائيا في مسألة حله بسبب ما
يروج من أخبار عن تورطه في أحداث شغب
وعنف ضد الثورة. طبعا الاختفاء قد يبدو مفهوما باعتبار
علاقة التلازم بين الدولة والحزب وأن
الرئيس السابق قد كان هو نفسه رئيس «التجمع
الدستوري الديمقراطي»، غير أن هناك
حقيقة أخرى، هي التي حتمت الاستغراب من
ظاهرة الاختفاء هذه، وهي أن هذا الحزب
لطالما تباهى بأن لديه أكثر من مليوني
منخرط، أي قرابة ربع سكان تونس. فأين ذهب منخرطو الحزب الحاكم سابقا؟ أما المواقف من «التجمع الدستوري
الديمقراطي» فقد انقسمت إلى موقفين:
موقف يكاد يكون الغالب، وهو الداعي إلى
اجتثاثه على غرار حزب البعث العراقي
وحله بشكل نهائي، وهو الموقف الذي مارس
ضغطا شديدا على الحكومة المؤقتة، التي
اضطرت إلى القيام بتعديلات شملت عناصر
تنتمي سياسيا إلى الحزب الحاكم؛ حيث
وُصفت بأنها من رموز النظام السابق. في حين اكتفى الموقف الثاني بقرار
الحكومة المؤقتة القاضي بالفصل بين
الدولة والأحزاب واسترجاع ممتلكات «التجمع
الدستوري الديمقراطي» إلى الدولة ومن
ثمة القبول به كلاعب في الحياة
السياسية، شأنه في ذلك شأن الأحزاب
الأخرى. إذن المواقف على اختلافها النسبي ترمي
إلى نزع امتيازات الحزب الحاكم سابقا
وقضم أظافره وتجفيف مصادر قوته. وهو
موقف من اليسير تفهمه بحكم تبعية «التجمع»
المفرطة للرئيس السابق الذي حوله، حسب
اعتراف بعض قياداته، إلى حزب تقتصر
مهمته الأولى والأخيرة على التعبئة
للانتخابات البلدية والتشريعية
والرئاسية. وأمام الأداء الواهن ل«التجمع الدستوري
الديمقراطي» طيلة العقدين الأخيرين،
فإن فئات عريضة من الشعب التونسي ونخبه
أصبحت رافضة وممتعضة منه بشكل
راديكالي، يتجاهل تاريخ الحزب
وعراقته؛ إذ يعود أصله بالبلاد
التونسية إلى «الحزب الحر الدستوري
التونسي»، الذي تأسس على يد المصلح
الكبير عبد العزيز الثعالبي في مارس (آذار)
1920، وهو حزب قام بتأطير الحركة
الوطنية، ولأنه أول حزب بالبلاد
التونسية فقد تضمنت أطروحاته أهم
مضامين كتاب «تونس الشهيدة» لمؤلفه
الثعالبي، المتمثلة في إرساء نظام
دستوري والفصل بين السلطات الثلاث
وضمان الحريات والمساواة، من دون أن
ننسى أنه الحزب الذي نادى بإجبارية
التعليم قبل نحو 90 سنة وارتبط تأسيسه
بمجهودات أعلام مثل صالح فرحات ومحيي
الدين القليبي وأحمد توفيق المدني
وأحمد الصافي وأحمد السقا وعلي كاهية
وحمودة المنستيري والحبيب زويتن. وبعد
«الحزب الحر الدستوري» ظهر «الحزب
الحر الدستوري الجديد» عام 1934 الذي
أسسه الحبيب بورقيبة ومحمود الماطري.
وهذه المعطيات التاريخية كلها تؤكد
عراقة هذا الحزب، وإن ظهر في السنوات
الأخيرة كحزب دعاية، الشيء الذي قد
يشرع وصف أدائه بالتأزم الذي أدى بدوره
إلى بروز حالة من الاحتقان الشديدة ضده. لذلك نطرح السؤال التالي: لماذا اختار
الحزب الحاكم الاختفاء؟ وهل من مؤشرات
تدل على حراك في داخله من أجل التدارك؟ إن شعور قيادات التجمع ومنخرطيه البارزين
بأنهم أكباش فداء جعلهم، وإن اختفوا
على مستوى الشارع السياسي والشعبي،
يسعون إلى تمرير مجموعة من الرسائل
الرمزية، أهمها: رفت الرئيس السابق بن
علي من «التجمع»، وكذلك أعضاء الديوان
السياسي. كما أن هناك أخبارا تشير إلى
أن السيد الهادي البكوش، وهو أول وزير
أول بعد انقلاب 1987، قد اتصل بالسيد
مصطفى الفيلالي، الذي سبق له أن ترأس
الحزب، وذلك بهدف لملمة «التجمع»
وبعثه من جديد، وقد وافق الفيلالي في
البداية ثم تراجع فتحول الحديث إلى
المناضل القديم محمد شاكر كي يقوم
بالمهمة العويصة. كان «التجمع الدستوري الديمقراطي» يستعد
للقيام بها، تتمثل في تغيير اسمه
واستعادة تسميته القديمة وأيضا تغيير
المقر وطرد المتورطين في قضايا فساد
وبطش باسم الحزب. أما الأمين العام
السابق السيد محمد الغرياني فقد اعتبر
التزامهم الصمت والهدوء يستند إلى
حكمة تجاوز أي تصادم مع الشعب.. ذلك أن
تعالي الأصوات المنادية بحل الحزب
والقضاء عليه قد أفزع التجمعيين وقض
مضاجعهم ليقينهم أن المخيل الاجتماعي
التونسي قد تغلغلت فيه فكرة أن بن علي
هو «التجمع» و«التجمع» هو بن علي. وهو
ربما ما يفسر لنا نسبيا الأسباب
الرئيسية للاختفاء من مدار الأحداث في
مرحلة ما بعد الثورة. من جهة أخرى، نرى أن دعوة السيد كمال
مرجان، وزير الخارجية السابق، الذي
كان عضوا في الديوان السياسي ل«التجمع»،
إلى نية بعث حزب جديد ذي توجه جمهوري
وليبرالي اجتماعي، قد زادت من حيرة
المراقبين، خصوصا أن كمال مرجان قال
إنه يفكر في الترشح للرئاسة. فهل الحزب الجديد الذي يتحدث عنه كمال
مرجان ويقول إنه مفتوح لجميع
الدستوريين الشرفاء هو حزب جديد جملة
وتفصيلا، أم أن المقصود به التجمع
الدستوري الديمقراطي الذي تم تجميد
نشاطه كخطوة أولى في مسار حله النهائي؟ ========================== ما يمكن أن تتعلمه
أميركا من مصر نيكولاس كريستوف الشرق الاوسط 14-2-2011 إنه يوم جديد في العالم العربي، ونأمل أن
يكون كذلك في العلاقات الأميركية مع
العالم العربي. في الواقع، كانت الولايات المتحدة في
موقع متأخر ليس داخل تونس ومصر فقط
خلال الأسابيع القليلة الماضية، ولكن
داخل منطقة الشرق الأوسط بالكامل على
مدار عقود. لقد دعمنا شخصيات استبدادية
فاسدة شريطة المحافظة على تدفق النفط
وعدم تبني نهج عدواني إزاء إسرائيل.
وخلال الشهر الماضي، كنا نبدو في بعض
الأحيان لا صلة لنا بشباب المنطقة كما
كان حال بن علي ومبارك. ومع الاعتراف
بأن صياغة السياسة الخارجية أصعب
بمقدار 1000 مرة مما يبدو، اسمحوا لي
باقتراح أربعة دروس نستفيدها من
أخطائنا: 1) لنتوقف عن التعامل مع الأصولية
الإسلامية كفزاعة، والسماح لها بدفع
السياسة الخارجية الأميركية، إذ إن
الخوف الأميركي من التأسلم ألحق ضررا
يماثل ما أوقعته الأصولية الإسلامية
نفسها. لقد دفع ذلك الولايات المتحدة إلى غض
الطرف عن الغزو الإثيوبي للصومال عام
2006، الذي كان كارثيا للصوماليين،
وأفرز المزيد من التطرف الإسلامي هناك.
وفي مصر، جعلتنا هواجسنا من التأسلم
نعاني من نوع من الشلل، ووضعتنا على
الجانب الخاطئ من التاريخ. نضع أنفسنا في مشاكل عندما نتصرف وكأن
الديمقراطية مناسبة للولايات المتحدة
وإسرائيل، ولكنها ليست مناسبة للعالم
العربي. وقد تعاملنا مع العالم العربي
لفترة طويلة وكأنه مجرد حقل نفط. ويعتقد عدد كبير جدا من الأميركيين بفكرة
نمطية ترى دولا عربية غير مناسبة
للديمقراطية، أو أن المنتفعين من حكم
الشعب سيكونون متطرفين مثل أسامة بن
لادن. لقد قضى التونسيون والمصريون على
هذه الفكرة النمطية، وسيكون الخاسر
الأكبر تنظيم «القاعدة». لا نعلم ما
يكمن في المستقبل داخل مصر، وتوجد
احتمالية كبيرة بأن يحاول هؤلاء
الموجودون في السلطة المحافظة على نهج
مبارك من دون مبارك، ولكن برهن
المصريون بالفعل على قوة عدم استخدام
العنف بصورة تقضي على أي كلام عن
التطرف. وسيكون من الرائع أن نرى ما إذا
كان المزيد من الفلسطينيين سيؤمنون
بالاحتجاجات الجماعية غير العنيفة
داخل الضفة الغربية كاستراتيجية
لمواجهة المستوطنات الإسرائيلية غير
القانونية وعمليات الاستيلاء على
الأرضي. 2) نحن في حاجة إلى استخبارات أفضل، ليست
من نوع تلك الاستخبارات التي نستقيها
من اعتراض مكالمات رئيس مع خليلته ولكن
عبر التواصل مع من ليسوا في السلطة. في
أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، كان
هناك تحليل مؤلم تناول سبب عدم انتباه
الهيئات الاستخباراتية للكثير من
الإشارات، وأعتقد أننا في حاجة إلى نفس
الأمر اليوم. وبصراحة، داخل المجتمع الصحافي عانينا من
نفس نوع القصور، حيث لم ننقل بصورة
مناسبة حالة الغضب تجاه حسني مبارك.
تذكرنا مصر بعدم التمسك بالكلام عن
استقرار أي مكان يشهد حالة من السكون. 3) غيرت تقنيات جديدة من آليات الثورة،
وجعل موقعا «فيسبوك» و«تويتر» التواصل
أسهل بالنسبة للمعارضة. وتعني أجهزة
التليفون الجوالة أن وحشية الحكومة
يحتمل أن ينتهي بها المطاف على موقع «يوتيوب»،
وهو ما يرفع من تكلفة القمع. وتجعل
المحكمة الجنائية الدولية
الديكتاتوريين يفكرون جيدا قبل أمر
الجنود بإطلاق النيران. وربما تكون التقنية الأكثر أهمية - وهذا
أمر صعب على شخص مثلي - هي التلفزيون.
وقد كسرت قنوات تلفزيونية فضائية
عربية مثل قناة «الجزيرة» الاحتكار
الحكومي للمعلومات داخل مصر. غالبا ما
يسخر أميركيون من «الجزيرة» (لا توجد
خدمتها بالإنجليزية إلا على القليل من
النظم الكابلية)، ولكنها لعبت دورا
كبيرا في الترويج للديمقراطية داخل
العالم العربي أكثر مما قامت به
الولايات المتحدة. ويجب أن نستثمر المزيد في هذه التقنيات
المعلوماتية، والوسيلة المثلى من أجل
إحداث تغييرات داخل إيران وكوريا
الشمالية وكوبا ستشمل برامج وأجهزة
تليفونات محمولة وخوادم بروكسي للتغلب
على عوائق الإنترنت. ويخصص الكونغرس
مبالغ صغيرة من أجل تعزيز حرية
الإنترنت في العالم، وربما تكون هذه
المبادرة وسيلة أكثر تأثيرا في ترسانة
السياسة الخارجية. 4) لنرتق إلى مستوى قيمنا. لقد تبنينا نهجا
سياسيا داخل منطقة الشرق الأوسط لم
يحقق لنا النجاح. وقد كانت كوندوليزا
رايس محقة عندما قالت في مصر عام 2005: «على
مدار 60 عاما سعت دولتي، الولايات
المتحدة، من أجل تحقيق الاستقرار على
حساب الديمقراطية داخل هذه المنطقة،
هنا في الشرق الأوسط، ولم نحقق لا هذا
ولا ذلك». لا أعرف الدولة التي ستلي مصر. ولكننا
نعرف أنه داخل أماكن كثيرة يوجد شعور
متجذر بعدم الرضا ورغبة في مشاركة
سياسية أكبر. ودرس التاريخ من 1848 إلى 1989
أن الانتفاضات تنتشر وترتد من دولة إلى
أخرى. وفي المرة المقبلة، يجب ألا نجلس
على مقعد المتفرج. بعد مرحلة غاب فيها الحسم، تحدث أوباما
يوم الجمعة عقب رحيل مبارك. ودعم
بصراحة سلطة الشعب، وأوضح أن المصريين
هم من سيحدد المستقبل. ولنأمل أن تكون
هذه بداية جديدة لمصر وللسياسة
الخارجية الأميركية إزاء العالم
العربي، إن شاء الله. * خدمة «نيويورك تايمز» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |