ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الإثنين, 21 فبراير 2011 جميل الذيابي الحياة شكراً «فيسبوك». شكراً «تويتر». شكراً «يوتيوب».
شكراً لكل الإعلام الجديد بكل أدواته
ومحتوياته ومستخدميه، أنْ مكّن شعوباً
عربية تعيش بين حِِزم من الظلم
والمظالم، من أن يعبر شبابها عن حرقة
شيبانها، وتطرح مشاريعها، بلا خوف من
القبضات الأمنية والمواعين الحزبية
والآيديولوجية. شكراً للإعلام الجديد الذي أتاح للشعوب
إسقاط أنظمة وحكومات جثمت على صدورها
عقوداً طويلة. شكراً للإعلام الجديد
الذي أفزع حكومات لا تكترث بالإنسان
وترفض تبني الإصلاحات. شكراً لإعلام
مستقل ذي نبرة عالية ووتيرة سريعة يوثق
الصور ويشعل الأمل ويحرك الجماهير
لنفْض غبار أنظمة وحكومات اعتادت على
جلد الإنسان وتوسيع رقعة البيروقراطية
والأنانية والمحسوبية. شكراً «تويتر» على تلك الكلمات المختصرة
التي تأتي أشبه ب «لكمات» على صدور
حكومات غيّبت الشباب، وأجبرتها على
تبني الإصلاحات وتغيير الخطاب. شكراً «فيسبوك» لأنك جعلت من كان يتجاهل
قدرة الإعلام الجديد يسأل عنك، ويفتح
حساباً للتواصل مع أصدقائك، ويكتب على
جبين صفحاتك. شكراً لإعلام يعرّي الأنظمة الجامدة التي
ترفض التفاعل مع قضايا الشعوب
ومطالبها، ويمكّن الشباب من الاتفاق
على ثورات «وطنية» وصياغة خطاب إعلامي
جديد يختلف عن التقليدي «المُبجِّل»
لتلك الحكومات. شكراً للإعلام الجديد الذي مكَّن الشباب
العربي من تطوير أدواته وتداول
مشكلاته عبْر شبكات التواصل
الاجتماعي، ليكسر الحصار المفروض على
طاقاته وقدراته ليدشّن عالم التغيير. شكراً بوعزيزي. شكراً خالد سعيد، ورحم
الله كل الشهداء، لأنكم أشعلتم ثورة
حقيقية في عقول الشباب، وأعدتم ثورة
الإنسان وقدرته على مقاومة الظلم.
شكراً لأنكم منحتم الأمل لملايين
الشباب في كل بلاد ليسهم في صناعة
مستقبله وبناء وطنه واستعادة حقوقه. لم يهرب الشباب العربي من واقع الفقر
والبطالة والتهميش إلى مواقع التواصل
الاجتماعي إلا بعد سنوات من الإحباط
وفقدان الأمل، فمنحتهم جرأة التفكير
والتنسيق، والتعبير عن الآمال
والطموحات لينطلقوا نحو التغيير
وقيادة الثورات وإسقاط الحكومات. الإعلام الجديد غيّر واقع 30 عاماً في مصر
في 18 يوماً، وقبله غيّر نظام حكم استمر
23 عاماً في تونس في 22 يوماً، وتواجه
أقدم الحكام العرب معمّر القذافي
ثورات في بنغازي وطرابلس والبيضاء على
رغم سياسة القمع التي يطبقها، والرئيس
اليمني علي صالح يواجه هو الآخر ثورة
الشعب بالتعهدات ونفي التوريث،
والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يواجه
بدوره احتقان الشارع الجزائري يومياً،
وفي البحرين خرج نصف الشعب إلى الشوارع
ما بين مؤيد للحكومة ومتظاهر يطالب
بإقالتها. فيما سارع بعض القادة إلى
إجراء تغييرات وتعديلات سريعة لإطفاء
الاحتقان، وتلبية المطالب الشعبية كما
حدث في الأردن، عندما أقال العاهل
الأردني الملك عبدالله الثاني الحكومة
في أعقاب مظاهرات عارمة طالبت بإجراء
إصلاحات سياسية واقتصادية. وقدمت
الحكومة الكويتية حزمة من الدعم
المباشر للشعب الكويتي، فيما أعلن بعض
الزعماء تخليهم عن فكرة توريث الحكم. يبقى الفقر والبطالة والإحباط وغياب
مبادئ العدالة الاجتماعية وسوء توزيع
الثروات، المهددة للحكومات العربية،
فإذا لم تهتم بأوضاع الناس المعيشية
وبمستقبل الشباب، وتعمل على وضع
استراتيجيات توظف الطاقات الوطنية،
وتوفر فرص عمل تؤمّن لقمة العيش الكريم
والحرية والاستقلالية، فستبقى
الثورات الشعبية تحاصرها وتسقطها. لقد فشلت دول عربية في تحقيق التنمية
والديموقراطية والعدالة، ما جعل الغضب
الإلكتروني العربي يتمدد ك «شرارة»
تريد أن تصل إلى دول «الجمود»، لينقل
المواقف الشعبية عبر وسائل الإعلام
الجديد تصويراً وتدويناً وتعبيراً، من
دون أن تتمكّن الأجهزة القمعية أو
الرقابية من التدخل في محتواها أو
طريقة بثها أو كيفية دخولها إلى البيوت
والمجتمعات. في ظل يقظة الشباب العربي وتواصله «إلكترونياً»،
ورغبته الجامحة في تحقيق أحلامه داخل
بلاده، فإن تغيير خطاب الحكومات أو
الاستمرار في التعهد بالإصلاحات ونفي
التوريث، لا تكفي، ما لم تلمس الشعوب
تحقُّق تلك الوعود على أرض الواقع،
وبدء الحكومات في توسيع هامش المشاركة
الشعبية أو أنها «ستصفّر العداد»،
بعكس ما يتمنى الرئيس اليمني، وستخرج
الجماهير للشوارع والساحات رافعة شعار
«الشعب يريد تغيير النظام»! ======================== الثورة المصرية وتحديات
تعميقها الإثنين, 21 فبراير 2011 جميل مطر * الحياة كنت أتابع أخبار مؤتمر دافوس كعادتي في
مثل هذا التاريخ من كل عام عندما تداعى
الشباب في مصر إلى تنظيم مسيرات حددوا
25 كانون الثاني (يناير) موعداً لها.
كانت التقارير الصادرة من دافوس تكاد
تجمع على أن عدد المشاركين من رؤساء
الشركات العالمية الكبرى ورجال
الأعمال بلغ رقماً قياسياً، وأنه لم
يحدث من قبل في تاريخ مؤتمر دافوس أن
اجتمع هذا العدد (نحو 1400). ولم تتعدد
التفسيرات ولم يختلف المحللون
والمعلقون. كادوا يجمعون على أن السبب
الذي شجع هذا الحشد على الحضور هو شعور
هذه الطبقة من المديرين ورجال الأعمال
بأنهم يعيشون في مجتمعات غاضبة عليهم
أشد الغضب، وبعضهم استخدم تعبير “نعيش
في بيئة معادية”. لم تفاجئني هذه
التقارير. إذ سبقت وصولها بل وسبق عقد
دافوس هذا العام عقد عدد ملفت من
مؤتمرات رجال المصارف والاستثمار
وأسواق المال، وزاد عدد المشاركين في
المؤتمرات الدورية الشهيرة مثل «آسبن»
وصندوق كلينتون وصندوق النقد وغيرها.
وعلى مستوى أعلى انتظم عقد دول مجموعة
العشرين، ولم يأتِ هذا الانتظام على
حساب العقد الدوري لمجموعة الثماني.
كلها اجتمعت لتبحث عن علاج ناجع يوقف
تداعيات الأزمة المالية التي وقعت في
نهاية عام 2007 واستمرت تتفاعل في أشكال
شتى. لم تفلح المسكنات التي لجأ إليها
الرئيسان بوش وأوباما وغيرهما من قادة
الدول الرأسمالية. انتكس بعضها وتباطأ
تنفيذ البعض الآخر. ولا يستطيع أحد
إنكار حقيقة أن الشعوب صبرت طويلاً
وتسامحت كثيراً مع تراخي حكوماتها في
اتخاذ قرارات تضمن عدم تكرار وقوع
أزمات أخرى ووقف تداعيات الأزمة
الأخيرة. لم ينفعل الشعب الأميركي
بخاصة ولم يخرج في تظاهرات حاشدة ولم
يلجأ العاطلون من العمل إلى أساليب
الاحتجاج المعروفة، على رغم أن هذا
الشعب تحمل أكثر من غيره عبء فساد
شركات المال والمصارف وسوء إدارة
رهونات وقروض العقارات. كل ما فعل
الشعب الأميركي تعبيراً عن غضبه هو أنه
انتخب رئيساً جديداً للبلاد. لم يدرك
وقته أن الأزمة متغلغلة إلى قاع
المجتمع الأميركي ولا يحلّها تغيير
رئيس الجمهورية أو حزب حاكم. هكذا بدأ الغضب يسري في نسيج المجتمع
الأميركي ومجتمعات غربية أخرى ضد نخب
المال والاقتصاد والشركات العابرة
الجنسية، وبالتدريج وجدت نفسها منعزلة
فاحتشدت لاستعادة ما فقدت من مكانة
وثروة ونفوذ، ولتقاوم الحلول والبدائل
التي نوقشت بهدف وضع قواعد يحترمها
الجميع في المجتمع ووقف نزيف الثروات
وتضييق الفجوة في الدخول بين كبار
المسؤولين في المصارف والشركات
وملايين الموظفين وأصحاب المهن الأخرى.
ولمدة طويلة ساد القلق والتوتر
المجتمعات الرأسمالية كافة من دون
استثناء إلى حد دفع الجماهير في الكثير
من الدول الأوروبية إلى الخروج إلى
الشارع تعبيراً عن الغضب ورفضاً
للتقشف الذي يذهب عائده إلى سداد ديون
تسبب فيها سوء أداء النخبة المالية
والسياسية أو فسادها. خرجت التظاهرات
في فرنسا وفي دول في شرق أوروبا، ونشب
في اليونان ما يشبه الثورة، كشفت
جميعها عمق الأزمة الاجتماعية في دول
الغرب، وكان منطقياً أن يتوقع معلقون
في دول العالم النامي أن ينفجر التوتر
المكبوت في كثير من الدول التي ربطت
اقتصاداتها باقتصاد الدول الرأسمالية
وبمعظم العناصر التي حققت الأزمة
المالية العالمية. ولم تكن مصر بعيدة من هذه التوقعات، بل
كانت في صلبها. كان الحديث شائعاً عن
فساد عظيم ضرب طبقة رجال الأعمال، وعن
فساد أعظم ضرب الطبقة السياسية التي
وقعت في شباك مجموعات احتكرت قيادة
العمل في قطاعات إنتاجية بعينها،
وتصاهرت السلطتان السياسية والمالية،
وانتهى الأمر بهذه النخبة المالية
الحاكمة إلى ما انتهت إليه نسبة كبيرة
من النخب المماثلة في الغرب معزولة
ومكروهة، وعندها اختارت أن تعيش في
أحياء بعيدة من المدن، وأقامت الأسوار
العالية لحماية مجمعاتها السكنية
وجندت جماعات مسلحة كحرس خاص لحمايتها.
أثار هذا التطور في بداياته قلقاً
شديداً بين علماء الاجتماع المصريين
والمفكرين الوطنيين الذين تنبأوا
بحدوث قطيعة بين طبقات المجتمع المصري
وحذروا من تنامي الشعور بالعداء في
أوساط طبقات شعبية تعاني من ظروف
معيشية قاسية. قارنوا بين أسلوب حياة
الارستقراطية والطبقة الوسطى المصرية
في عقود سابقة وبين أسلوب حياة النخبة
الجديدة. لقد عاش سكان أحياء «غاردن
سيتي» أو الزمالك والمعادي حياة
طبيعية ومن دون أسوار، ولم يكلفوا
فرقاً مسلحة لحراستهم أو لاستخدامها
ضد الشعب كما حدث من جانب بعض رجال
الأعمال في ثورة “ميدان التحرير”. كشفت تصرفات هذه النخبة المالية الحاكمة
خلال الأعوام الأخيرة عن قصر نظر شديد
حين حاولت تقليد نخب مماثلة في دول
الغرب. ففي الغرب ارتفعت في أعقاب
الأزمة المالية العالمية أصوات تدعو
رجال المال إلى زيادة نسبة ما يتبرعون
به للأعمال الخيرية على أمل إرضاء
الطبقات التي طحنتها الأزمة. بمعنى
آخر، سعوا إلى تخفيف حدة التوتر في
المجتمع والغضب الشديد ضد الطبقة التي
تسببت في سقوط الأسواق وإفلاس البنوك
والشركات. الغريب في الأمر أن الكثيرين
في الغرب كما في مصر والدول الأخرى
نبهوا إلى خطورة عواقب هذه التصرفات،
فهي إن دلت على شيء إنما كانت تدل على
غباء، أو سوء فهم، لا يقل عن غباء أو
سوء فهم رئيس دولة في تونس أو في مصر
يعترف أنه لم يكن يفهم، وحين أتاه
الفهم كان القطار قد تحرك. لا أقول إن الثورة المصرية، وسابقتها
التونسية، واللاحقة من الثورات
العربية القادمة، نشبت أو ستنشب لأن في
ظل العولمة تزداد الفجوات الاجتماعية
اتساعاً، وتتصاعد عمليات النهب المنظم
وغير المنظم من جانب نخب جديدة نشأت
بسرعة ولم ينضج بعد وعيها البورجوازي،
ولا أستطيع أن أنكر دور الأزمة المالية
العالمية وتداعياتها، كما أني لا أنكر
دور ثورة المعلومات وثورة الاتصالات.
فكلتاهما أنجبت جيلاً من الشباب
استطاع ببراعة فائقة ووعي عميق التحلل
من قيود روابطه الأسرية والمجتمعية
وإعلان الثورة لتغيير منظومة أخلاق
شوهتها الطبقة السياسية الحاكمة،
وبناء منظومة أخلاق جديدة ومؤسسات
عصرية وحياة تخلو من الاستبداد
والتفرقة. كان في مصر من السلبيات
والمآخذ ما يكفي لنشوب ثورة، وقد نشبت
الثورة فعلاً على أيدي شبان من مصر.
وأستطيع أن أؤكد غياب توجيهات محددة أو
مساعدات مادية خارجية معتبرة. وفي
الوقت نفسه أعرف أن مؤثرات خارجية
كثيرة لعبت أدواراً في التحضير ثم في
التنفيذ وبعضها قد يلعب أدواراً مهمة
في تعميق الثورة وتوسيع أهدافها وأخرى
تلعب أدواراً في إيقاف المد الثوري أو
إبطائه. نعرف الآن ما فيه الكفاية عن
دور الأزمة المالية وعدوى الاستغلال
وتسرب أشكال متعددة من رأسمالية
متوحشة، ونعرف عن عداء متصاعد بين فئات
في المجتمع نقلتها إلى مصر تحالفات تحت
عنوان الحرب العالمية ضد الإرهاب
والحد من المد الإسلامي والخوف من
تنظيم «القاعدة». ونعرف الآثار
السلبية التي خلفها إعلام وسياسات
موجهة تحت عناوين من نوع حماية أمن
إسرائيل وخطورة سياسات المقاومة على
استقرار الحكومات المعتدلة في المنطقة. دليلنا على أهمية هذه المؤثرات الخارجية
هو ما حدث في بدايات ثورة 25 يناير عندما
وقعت حكومة واشنطن في حيرة من أمرها. لم
تعرف إن كان يجب أن تواصل تأييدها
استمرار حكم الاستبداد الذي أثبت
نفعاً هائلاً لها على امتداد ثلاثة
عقود، أو تنسجم مع مبادئها وتعلن
وقوفها مع الثوار من أجل الديموقراطية.
أذكر أن حين خرج الرئيس أوباما بتصريحه
الشهير عن أن مبارك كان دائماً
متعاوناً جداً في قضايا الشرق الأوسط
توقعت أن يقوم الشباب الثائر في “ميدان
التحرير” بتصعيد ثورتهم ضد مبارك
وتكثيف الجهود لاستعجال سقوطه. قال
بعضهم، إن قضايا الشرق الأوسط التي
أشار إليها أوباما باعتبارها نقاطاً
تحسب لنظام الرئيس مبارك هي نفسها التي
تعترض عليها وتقف ضدها ثورة 25 يناير.
هذه القضايا هي الاستقرار الإقليمي
بأي ثمن، والالتزام بالاقتصاد الحر
بصورته الراهنة، أي صورته الوحشية
والفاسدة، والمشاركة في الحرب ضد
الإرهاب، أي استمرار القمع والتعذيب
في السجون والمعتقلات المصرية لحساب
أميركا، ودعم أمن إسرائيل، أي التضحية
بمكانة مصر العربية والدولية وكبت
الحريات في مصر وتزييف الإرادة
الشعبية المصرية لمصلحة أميركا
وإسرائيل، وأخيراً حصار إيران والدخول
في مواجهة وعداء مع فصائل المقاومة
المسلحة كافة، أي إثارة الأحقاد بين
الدول والقوى الإسلامية لمصلحة
الهيمنة الأميركية. أخطأ أوباما عندما
امتدح مواقف مبارك من قضايا الشرق
الأوسط، كما أخطأ عندما تردد وتأخر في
إصدار الحكم المبدئي المناسب على
نظامه خلال حكمه وبعد نشوب الثورة،
وتعين عليه بعدها أن يتدخل مرات
متعاقبة لا تفصل بينها سوى ساعات
ببيانات وتصريحات هدفها إصلاح هذا
الخطأ. أخطأت واشنطن كذلك، وأخطأت معظم
حكومات أوروبا الغربية، حين رددت
جميعها كالببغاوات مطالب إسرائيل في
شأن حاجتها إلى الاطمئنان على أمنها.
كان هذا الترديد وما أعقبه من ضغوط
يحمل معنى أن هذه الثورة المصرية
وغيرها من ثورات العرب مطلوب منها
إخضاع مسيراتها وأهدافها وطموحاتها
لرغبات إسرائيل ومتطلبات أمنها. ما لم
يصل بعد إلى فهم عواصم كثيرة في
العالم، هو أن الثورة المصرية توقعت
أعداء محتملين لا يستهان بقوتهم وهم:
أولاً: جماعات وشركات ومصالح النهب
المنظم عابرة الجنسيات. ثانياً:
الأركان الرسمية للنظام الإقليمي
العربي. ثالثا: إسرائيل والدول الخاضعة
لإرهابها السياسي والإعلامي. * كاتب مصري ======================== ماذا تخسر سوريا في
عملية الاصلاح الديمقراطي ؟ جمال محمد تقي 2011-02-20 القدس العربي لا تصلح الشرعية الثورية كقاعدة مستديمة
لبناء الدول والنظم السياسية . انها حالة استثنائية انتقالية تنتهي
موجباتها الموضوعية ساعة تحقق اهدافها
التغييرية التي لا بد لها من ان تمهد
الطريق لحلول الشرعية الديمقراطية
محلها ، وعليه فان الشرعية
الديمقراطية هي القاعدة والثورية هي
الاستثناء ، اما في حالة الاجترار
الارادوي لهذا الاستثناء ، فستكون
النتيجة استمرار بنائي مشوه وانعزالي
، كونه انحدر ليكون خارج سياق
الشرعيتين معا ، الثورية والديمقراطية
، باعتبار الشرعية الديمقراطية وحدها
من يحرر اي عقد اجتماعي من كل اشكال
الاملاءات ، هذا العقد المتفق عليه
بالاقتراع الحر في دولة تكون السلطة
فيها متحركة بالتداول السلمي المكفول
بمؤسسات دولة المجتمع التي لا تتغير
الا بمبررات موضوعية وذاتية يصيغها
اطراف ذلك العقد "المواطنون كافراد
وهياكل المجتمع المدني " . ان اي دولة ما لاتبني عقيدتها الاسمية
والفعلية على اساس حقوق المواطنة
المتساوية والحرة هي دولة استبدادية ،
ولا تنتج الا سلطة متماهية معها ، سلطة
تخدم الاستبداد وقرينه الفساد ، سلطة
هي عادم من اكاسيد ثورة تشرنقت حد
الاختناق بالدولة . الاصل في الشرعية الثورية تسييل الارادة
الشعبية الحرة بآليات ديمقراطية لا
غبار عليها لتغذي بناء دولة الامة
الحاضنة الوحيدة للشرعية الشعبية
المتحققة بالانتقال من الحالة الطارئة
" الشرعية الثورية " الى الحالة
المستقرة والطبيعية " الشرعية
الديمقراطية " التي تؤمن نفسها
بالارادة الحرة للمصوتين بمعايير
الاقتراع المتكافيء والسري وباشراف
مؤسسات محايدة بين المتنافسين ، وعليه
فان اهداف الشرعية الثورية هي ازالة ما
يعيق تحقيق الشرعية الديمقراطية وان
كان الاسلوب المتبع فيها انقلابي ،
فالانقلابية هنا لتجاوز حالة تعثر
مستعصية في الطريق نحو الاستقرار
الشرعي للمجتمع في حكم ذاته بذاته ووفق
ارادة الاغلبية المطلقة فيه مع كفالة
تمتع الاقلية بذات الحقوق ! ان التهرب من التعامل مع حق المشاركة
الفردية والجماعية الحرة للمواطنين في
بناء دولتهم ونظام حكمهم ، يصب بخانة
الاستئثار والقمع والتمييز والاستلاب
، بمعزل عن القصدية من عدمها وبمعزل عن
التبريرات المستنسخة ، فكلما طالت
فترات الاستنساخ وازدادت التبريرات ،
كلما زادت طحالب وطفيليات التآكل
الثوري ذاته ، هذا اذا كان للثورة وجود
اصلا . الانظمة التي تستمد شرعيتها من الاليات
الديمقراطية لا تعاني من تناقض حرج في
وجهي سياستها الداخلي والخارجي ، هذا
التناقض الذي نلحظه صارخا في واقع
النظام في سوريا ، الذي يقدم نفسه
ممانعا ومقاوما لاستبداد وهيمنة
المتسلطين في العلاقات الدولية ، وهو
بذات الوقت يمارس وحتى النخاع كل اشكال
التسلط والعسف في العلاقات الوطنية ،
لا بد ان يحسم وقبل فوات الاوان ، لان
الشعوب قد تحتمل ما يمكن ان يحتمل فقط ،
وما زاد عن حد الاحتمال فسوف يرتد
بالضد من مسببيه ، وبالتالي سيجد الشعب
وسيلة ما يستطيع من خلالها تحقيق حلمه
الديمقراطي الذي سيجعله اكثر قدرة على
الممانعه والمقاومه الصلدة والفاعلة
للمحتلين والمستهترين باستقلاله
وسيادته . النظام في سوريا اليوم يعيش حالة مأزقية
لا ينجيه منها الا سعيه لتوحيد
معاييرعملته السياسية ، الا دمقرطة
نظامه وتحصين دولته بالشعب وطاقاته
الحرة وليس العكس ، اما استمرار الحال
على ما هوعليه الان ، حال مصادرة ارادة
الشعب واحتكار تمثيلها بشرعية لا
تناسبها ولا تستوجبها ، شرعية ممانعة
الصهاينة المحتلين واسيادهم
الامريكان ، سيجعله معزولا ومنبوذا من
شعبه ، وفريسة قاصية للمتربصين بمصالح
شعبه اقليميا ودوليا . اطلاق الحريات العامة واقامة حياة سياسية
مستندة للتعددية الحقيقية واجراء
مصالحة وطنية ، والتخلي عن نظام الحزب
الواحد ، اجراءات حتمية تفوز بها سوريا
على ذاتها المأزومة ، ويكسب بها حزب
البعث وقيادته الشابة الاحترام للذات
ومصداقية بين قوى الشعب الحية ، فما
الضير من رفع الحضرعن تنظيم الاخوان
المسلمين والتفاهم معهم على اسس وطنية
تعزز من اللحمة الشعبية في سوريا ؟ ما
الضير من الكف عن ملاحقة القوى والفئات
والنخب الوطنية والديمقراطية
المطالبة بحقوقها المشروعة بالتعبير
والتغيير والتحول من نظام يحتكر
السلطة الى نظام يؤمن ويمارس تداولها
سلميا وديمقراطيا ضمن عقد اجتماعي لا
يتناقض مع الثوابت الوطنية والقومية
بل يصونها ويترجم منها ما عجز النظام
حتى اللحظة على ترجمته وتنفيذه ؟ ربما المتضرر الاول والاخير من عملية
الاصلاح تلك هو الوليد غير الشرعي
لزواج السلطة والمال في الدولة
والمجتمع ، هو آفة متطفلة تآكل ولا
تشبع وليس لديها رحمة في نهش من يتصدى
لها ، انها لا تكتفي بقتل الحلم
الديمقراطي وحسب ، انما تدفع بالحلم
الوطني الى التهلكة ، مما يستدعي
الاسراع في فك عرى هذا التزاوج والتطهر
من نطفه السامة والقاتلة ! ان سوريا ستكون اقوى عودا واصلب ارادة
واكثر ثقة بنفسها وهي تسير بطريق
الاصلاح الديمقراطي وسوف لن تخسر
ساعتها الا تناقضات سياستها ومأزقية
حالتها . كاتب عراقي ======================== الإثنين, 21 شباط 2011 09:30
فهمي هويدي السبيل ثورة 25 يناير أحدثت مفارقة في الجامعات
المصرية، ذلك أنها أطاحت برأس النظام،
لكن جسمه بقي موجودا. أما في الجامعات فالوضع عكسي، إذ لا يزال
الرأس منسوبا إلى النظام السابق، في
حين أن الجسم المتمثل في أساتذتها صار
جزءا من الثورة، وهي المفارقة التي
كانت من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى
تأجيل استئناف الدراسة لمدة أسبوع بعد
انتهاء عطلة نصف السنة. وكان السبب غير المعلن لذلك أنهم لا
يزالون حائرين في كيفية التعامل مع
الوضع المستجد، ذلك أن رؤساء الجامعات
المنسوبين إلى النظام السابق كان
ولاؤهم له شرطا رئيسيا في اختيارهم،
أما نواب الرؤساء وعمداء الكليات
ووكلاؤها، فإنهم جميعا لم يكونوا
يعينون إلا بموافقة من الأجهزة
الأمنية. وعلمت من الدكتور محمد أبو الغار الأستاذ
بكلية الطب، وأحد مؤسسي حركة 9 مارس أنه
في الجامعات الإقليمية بوجه أخص، فإن
جهاز أمن الدولة يستدعي المرشحين
كعمداء أو وكلاء للكليات لإجراء
مقابلات شخصية معهم، وفي ضوء هذه
المقابلات يتم اختيار المرشح "المناسب"،
حيث جرى العرف على ترشيح ثلاثة أسماء
لكي يشغل أحدهم المنصب. أما في جامعتي القاهرة وعين شمس، فإن جهاز
أمن الدولة يكتفي بالموافقة على تعيين
العمداء، في حين أن وكلاء الكليات
يخضعون للاستجواب من قبل ضباط أمن
الدولة قبل تعيينهم، وقيل لي إن
الدكتورة زينب حسن أستاذة أصول
التربية بكلية بنات عين شمس فوجئت ذات
يوم باستدعائها إلى مقر مباحث أمن
الدولة في "لاظوغلى" لإبلاغها
بأنها ستعين عميدة لكلية التربية
النوعية، ولأنها أكاديمية مستقلة
ومحترمة، فقد استفزها العرض، واعتذرت
عن عدم قبول المنصب الذي يطمح إليه
كثيرون. النتيجة الطبيعية المترتبة على ما سبق أن
جميع المسئولين عن التعليم الجامعي في
مصر تحولوا إلى عيون وأذرع للأجهزة
الأمنية، إلا من رحم ربك بطبيعة الحال،
وكان ذلك وراء شيوع مصطلح "عمداء"
أمن الدولة، ولأن الحالة الأمنية
أصبحت أكثر ما يشغلهم وليس النشاط
الأكاديمي، فلم يكن مستغربا ولا
مفاجئا أن تخرج الجامعات المصرية من
تصنيف الجامعات المحترمة في العالم. هذه الخلفية تفسر القسوة المفرطة التي ظل
العمداء والوكلاء يتعاملون بها مع
الناشطين من الطلاب، خصوصا الذين
يشاركون في التظاهرات أو يشاركون في
الندوات التي تتناول الأوضاع
السياسية، أو حتى يحررون صحف الحائط
الجامعية، وهي تفسر أيضا اشتراك أولئك
العمداء ووكلاءهم في إفساد وتزوير
انتخابات الاتحادات الطلابية
ومحاباتهم لمرشحي الحزب الوطني. قبل ثورة 25 يناير تابعنا المشهد العبثي
الذي وقع في جامعة عين شمس، حينما ذهب
إليها بعض أساتذة مجموعة 9 مارس، لكي
يشرحوا للطلاب قرار المحكمة الذي قضى
ببطلان الحرس الجامعي، وحين استدعى
ضباط الحرس مجموعة من البلطجية للتحرش
بأولئك الأساتذة والاشتباك معهم، فإذا
بإدارة الجامعة أصدرت بيانا انحازت
فيه للبلطجية وأدانت سلوك الأساتذة! الخلفية ذاتها كانت وراء الفضيحة التي
اكتشفت أثناء اعتصام المتظاهرين في
ميدان التحرير، إذ تبين أن الحافلات
الخاصة بمستشفى قصر العيني استخدمت في
نقل البلطجية الذين هاجموا المعتصمين،
وهي الواقعة التي فوجئ بها بعض
الأساتذة، ومنهم من كتب مذكرة
بتفاصيلها قدمت إلى عميدة الكلية،
التي سارعت إلى نفيها وتهديد شهودها
إذا سربوا الخبر. من المفارقات المثيرة للانتباه في هذا
السياق أن مجموعة 9 مارس دعت إلى اجتماع
عقد بجامعة القاهرة لبحث الأوضاع
الراهنة، شهده نحو ثلاثة آلاف من أعضاء
هيئة التدريس، وحين تطرق الاجتماع إلى
أوضاعهم الخاصة، فإنهم توافقوا على
المطالبة بأن لا يقل الراتب الشهري
لأستاذ الجامعة عن 3 آلاف جنيه، وقرروا
تأجيل توجيه المطلب إلى الحكومة في
الوقت الراهن، تقديرا لظروفها، لكن
مجموعة أخرى من المسئولين الجامعيين
الذين ينتسبون إلى النظام السابق
وجهاز أمن الدولة، عقدوا مؤتمرا مضادا
في جامعة الأزهر، حضره 52 شخصا فقط،
وعلى سبيل المزايدة ولتأجيج المشاعر،
فإنهم طالبوا بأن يكون الراتب الشهري
للأستاذ 24 ألف جنيه! إن "الفلول"
ما زالت تضع العصي في الدواليب الدائرة. ======================== غازي العريضي (وزير الأشغال
العامة والنقل اللبناني) الاتحاد 21-2-2011 الرأي الاردنية ما جرى في تونس من تغيير مفاجئ أمر مهم.
وما جرى في مصر في السياق نفسه أمر أهم.
لكن الأهم هو النتيجة النهائية. هو مصر
ومستقبلها ودورها ووحدتها واقتصادها
وإنسانها وحرياتها ولقمة عيشها. ليس
ثمة شيء واضح حتى الآن. ما جرى في مصر عبّر عن عمق مشاعر الغضب
والقلق والاحتقان والفقر واليأس في
نفوس المصريين. لكنه عبّر في الوقت
ذاته عن بدء احتضار الحياة السياسية في
البلاد إلى حد لم نرَ فيه قوى سياسية أو
حركات أو أحزاباً منظمة فاعلة مؤثرة،
أفرزت هي بدورها ومن داخلها شخصيات ذات
وزن وأفق وعلاقات وحضور مع احترامنا
لكل الذين ساهموا في فورة أو ثورة
الشباب التي أطاحت بالنظام المصري. كان عنوان «الثورة «: «إسقاط النظام». حتى
الآن تم إسقاط الرئيس. أصيب النظام
بضربة كبيرة. لكنه لم يسقط سياسياً أو
إدارياً أو اقتصادياً. وليس معروفاً
حتى الآن إلى أين سيتجه. ولعب الإعلام
دوراً مهماً في هذه العملية والنظام
نفسه أصيب بالصدمة والذهول وعنصر
المفاجأة. مفاجأة الإعلام، مفاجأة حجم
الحركة الشعبية المناوئة له. ومفاجأة
سرعة وحجم التخلي العربي والعالمي عنه
لا سيما من أميركا وحلفائها. في العالم العربي، الكل خائف. بعد تونس
جاءت مصر. ثم تحركت اليمن ثم البحرين.
ثم ليبيا ويبدو أن الحبل على الجّرار.
أنظمة تتهاوى، قادة يجدون أنفسهم تحت
ضغط الشارع بكل فئاته وبقيادات شابة لا
تجربة ولا خبرة لديها. إنه الفقر، إنه القهر. إنها الحاجة إلى
لقمة العيش وإلى الحرية، إنه النظام
العالمي الجديد، إنها الثورة التقنية
والعلمية التي قصرّت المسافات بين
الشعوب فيما بعض الأنظمة المتهاوية
تريد تقييدها وفرض رقابات مختلفة على
وسائل الاتصال إضافة إلى المعوقات
الأخرى في طريق الشباب من أجل التغيير.
بدا الوضع وكأننا أمام تركيبة كرتونية
انهارت بسرعة. وهذا أمر بقدر ما هو إيجابي بقدر ما
يستوجب المراقبة والمواكبة والمتابعة
لمعرفة إلى أين سيصل، أو على أي شاطئ
سيرسو. الحركة التي تحصل بلا قيادة، وبلا تنظيم،
وبلا برنامج، وبلا مشروع، وبلا أفق.
وهذا أمر ليس عادياً، ونحن نعيش في
الشرق. واعتدنا على التأثر بالرمز. نحن أمام حالات لا رموز فيها حتى الآن،
ولابد من رمز يمسك بالمبادرة هنا وهناك
ولو على المستوى القطري. فالذين تقدموا من فوق لمواكبة تحرك
الشباب من تحت، أي الأمين العام
للجامعة العربية عمرو موسى أو محمد
البرادعي أو أحمد زويل، لهم دورهم
وموقعهم ولديهم كفاءاتهم، لكن الشارع
لم يتفاعل معهم. هم جاؤوا متأخرين.
بدؤوا وكأنهم يريدون استلحاق أنفسهم
أو ركوب الموجة بعد تزعزع حالة مبارك
ثم بعد رحيله. ولذلك فإن المرحلة
الانتقالية ستكون صعبة ومرحلة تأسيسية
ربما نشهد فيها تطورات وتحركات تنحو
نحو الفوضى في بعض جوانبها، ويجب
التحسب لمثل هذه الحالات ولا أدري إذا
كان لدى المتحركين القدرة على ذلك
والخبرة الكافية في التعاطي مع مثل هذه
الأوضاع. ولا بدّ من استثمار ما جرى
سريعاً على قاعدة المحافظة على الوحدة
الوطنية والإنجازات التي تحققت حتى
الآن كي لا يتم إجهاضه من قبل أي جهة أو
إفراغه من مضمونه. مصر مرتبطة باتفاقات كامب ديفيد مع
إسرائيل. وبالتزامات دولية خصوصاً مع
أميركا. في ما أعلن حتى الآن لا تغيير
في هذا الأمر بل تأكيد الالتزام به. فهل
تقبل قوى التغيير عدم التغيير هنا؟
ونحن لم نر شعاراً في التحركات يتناول
الصراع مع إسرائيل! هل تقدمت لقمة
العيش وحاجة الحرية على هذا الصراع؟
ولذلك أسبابه الموضوعية، ومن سيساعد
مصر قبل وضوح الصورة؟ وإذا طالعنا الأرقام التي أشير إليها في
وسائل الإعلام حول الفساد والهدر ونسب
الثروات المجموعة من قبل بعض أركان
النظام، لأدركنا حجم الكارثة. لأنه إذا
صحت المعلومات فهذا يعني أن عدداً
قليلاً، بل إن نفراً من المسؤولين جمع
عشرات أضعاف ما تتقاضاه مصر الثمانين
مليون إنسان من مساعدات من الولايات
المتحدة. مما يعني أنه لو أحسن استخدام
الثروة والمصالح وتم الابتعاد عن
الغرق في سياسات البنك الدولي وصندوق
النقد الدولي ونصائح أميركا وعالمها
أو نظامها العالمي الجديد، لكانت مصر
في وضع مختلف تماماً. اليوم من يعالج هذه المسألة إلى جانب
محاسبة المسؤولين عنها ضمن الأنظمة
والقوانين؟ اليوم بدأت تحركات عفوية طبيعية يطالب
أصحابها بزيادة الرواتب هنا وهناك.
تعطلت حركة الإنتاج، والآن من يقرر،
وكيف يكون القرار، وما هي انعكاساته؟ كل العالم يتطلع إلى مصر، وبعضه موجود
فيها، يراقب. وربما يتحرك وخصوصاً
أميركا وإسرائيل. لن يكون دعم سريع
لمصر قبل وضوح الصورة. خصوصاً وأن ثمة
تساؤلات كثيرة حول الجوار. ماذا عن رفح
ومعبرها؟ ماذا عن الأنفاق؟ ماذا عن
تمرير السلاح إلى الفلسطينيين؟ ماذا
عن التشابك بين القوى الفلسطينية وبعض
القوى التغييرية في مصر؟ ماذا عن الوضع
الداخلي؟ ماذا سيكون موقف القوى
السياسية؟ هل سنصل إلى برنامج الحد
الأدنى فيما بينها؟ ماذا سيكون موقف
الأقباط والبابا شنودة العربي أعلن
تأييده لمبارك رغم كل الملاحظات عليه
والمشاكل التي تعرض لها الأقباط في ظل
نظامه. لكن التأييد هذا لم يكن لمبارك
ونظامه على بياض، بل كان تعبيراً عن
خوف وقلق من البدائل على ما أعتقد! لا أدعي خبرة ومعرفة بالواقع الداخلي
المصري. وبالتالي لا أدعي إجابة على كل
الأسئلة المطروحة. ولذلك ينبغي
التعامل بهدوء مع ما جرى ورصد كل ما
سيجري لمعرفة اتجاه الريح. لكن ألمح ومنذ فترة غير قصيرة استهدافاً
لكل النظام العربي من داخله ومن خارجه
مستنداً إلى الترهّل الذي أصابه
والفضيحة التي تكشفت مؤخراً عن بنيانه
لكن العين عليه لفرطه وليس لإعادة
بنائه أو ليعود ويبني نفسه قوياً. ليست نظرية مؤامرة. فما جرى في مصر وتونس
وما يجري في العالم العربي مهم جداً
جداً ويعبّر في جزء منه عن تطلعات
البعض منذ زمن طويل لكن المهم معرفة
أبعاد المشهد جيداً. ======================== «فيتو» أميركي آخر لدعم
الإستيطان.. سلامة عكور الرأي الاردنية 21-2-2011 مرة أخرى تشهر واشنطن ال»فيتو» في مجلس
الامن الدولي ضد مشروع قرار عربي يدين
عمليات الاستيطان الاسرائيلية ويطالب
بوقفها باعتبارهاغير مشروعة.. وقد
انفردت إدارة الرئيس اوباما في إجهاض
مشروع القرار العربي بذريعة واهية
كالذرائع التي اعتادت التذرع بها في
الدفاع عن السياسة الاسرائيلية
العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وضد دول
الجوار العربية .. وهكذا تؤكد الولايات
المتحدة مرة اخرى أن دورها في عملية
السلام المزعومة مجند في خدمة اسرائيل
وخدمة سياستها العدوانية وأطماعها
التوسعية في المنطقة العربية ..وكذلك
مجند لتخدير الجانب الفلسطيني والعربي
وإلهائه ومشاغلته بعملية سلام وهمية
مخادعة تكسب اسرائيل خلالها الوقت
الكافي لإنجاز مشروعها الاستيطاني في
القدس الشرقية وضواحيها وفي الضفة
الغربية أيضا .. أحسب أنه آن الأوان ولو على نحو متأخر جدا
لمراجعة الرهان الفلسطيني والعربي على
الدور الأمريكي في تحقيق السلام
وإقامة الدولة الفلسطينيةعلى أرض
فلسطين .. حيث ثبت بالملموس وعلى امتداد
أربعة عقود أنه لا هدف للإدارات
الامريكية المتعاقبة سوى حماية
اسرائيل وأمنها وخداع الجانب
الفلسطيني والعربي عند اللزوم .. وأحسب
أنه لم يعد لدى القيادات الفلسطينية
والعربية «المعتدلة» أية مبرر
لاستئناف مفاوضات عدمية يضيع فيها
المزيد من الوقت والجهد..وما دام
الإدارة الآمريكية قد هددت القيادة
الفلسطينية بقطع المساعدات
الماليةعنها إذا ما قدمت مشروع القرار
العربي المتعلق بالإستيطان إلى مجلس
الأمن الدولي ,فإن ذلك يعني بالضرورة
أن المساعدات المالية الامريكية ليست
سوى عامل تطويق وتكبيل للجانب
الفلسطيني لكي يظل مسيرا لا مخيرا.. إن من حسن طالع القضية الفلسطينية أن
الرئيس مبارك الذي كان موظفا في خدمة
السياسة الامريكية الاسرائيلية في
المنطقة وكان يضطلع بدور متواطىء ضد
الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة قد
غيب إلى غير رجعة وأن الدور المصري بعد
اليوم لن يكون في خدمة الحلف الامريكي
الاسرائيلي وأطماعه الاستعمارية في
المنطقة .. وعلى القيادات الفلسطينية
في رام الله وفي غزة التقدم في اتجاه
بعضها بمنأى عن أي تأثير أو ضغط خارجي
إقليمي كان أو دوليا.. فلم يعد متسع أو
وقت للمفاوضات العدمية.. والمهمة الوطنية التي لها الآولوية على
أجندتها يجب أن تتحقق بوضع حد لهذا
الإنقسام المأساوي الخطير في الصف
الفلسطيني وبتحقيق الوحدة الوطنية
التي تقوم على برنامج وطني تتجسد فيه
جميع أشكال النضال ضد الاحتلال
الاسرائيلي وضد الوصاية الامريكية على
عملية سلام وهمي. ======================== هيكل يفجر قنبلة مدوية:
مبارك يدبر انقلابا من شرم الشيخ
للإنقضاض على الثورة المستقبل العربي وسط تضارب في التقارير حول صحته وثروته ،
خرج الكاتب الصحفي المصري الكبير محمد
حسنين هيكل على الملأ ليفجر مفاجأة
مدوية حول لغز إصرار الرئيس المصري
السابق حسني مبارك على البقاء في شرم
الشيخ ورفضه دعوات السفر للخارج . ففي مقابلة مع برنامج "مصر النهارده"
مساء السبت الموافق 19 فبراير ، كشف
هيكل عن عشرة مشاهد فيما يتعلق بثورة
شباب 25 يناير بعضها يبعث على التفاؤل
" الشباب والجماهير والجيش وإعجاب
عربي وعالمي واسع بما حدث وعنصر
المفاجأة " وبعضها الآخر يثير القلق
والارتياب "التحول السريع في
المواقف والاحتجاجات الفئوية ومظاهرة
التأييد لمبارك وتقنين الفساد ولغز
البقاء في شرم الشيخ ". ويبدو أن النقطة الأخيرة تحديدا هي كلمة
السر في هذا الصدد ، حيث أكد هيكل أن
خطة التأمين في الدول البوليسية التي
كانت قائمة في عهد مبارك كانت تقوم على
اختيار أماكن مفتوحة وبعيدة ولايستطيع
أحد أن يمسها بضرر ومن هنا جاء التركيز
على شرم الشيخ ، قائلا :" شرم الشيخ
بعيدة عن الأنظار وبعيدة عن تمركز
الجيش وقريبة من البحر والمطار والأهم
أنها قريبة من إسرائيل وبجوارها أيضا
قوة أمريكية في سيناء ". وتابع هيكل " مبارك لايزال يتلقى
اتصالات من كل مكان ، التليفونات لا
تتوقف بين القاهرة وشرم الشيخ ، نحن
أمام بؤرة خطر في شرم الشيخ لابد من
إزالتها لضمان نجاح الثورة ، بقاء
مبارك في شرم الشيخ ممكن أن يشكل مركزا
مناوئا للثورة ويؤدي إلى مشاكل ". واستطرد " ما حدش يقولي مبارك رجل كبير
في السن ولابد أن نكون كرماء معه وأدى
دورا في حرب أكتوبر ، نحن نتحدث عن
مسئوليات رئيس دولة ، موقع شرم الشيخ
يستغله أناس كثيرون ممن يرفضون تنحي
مبارك ، لا ننسى أيضا حديث مسئولين
إسرائيليين حول أن مبارك شريك
استراتيجي لإسرائيل ".
بل وفجر هيكل أيضا في هذا الصدد مفاجأة
مفادها أن بقاء مبارك في شرم الشيخ هو
أكثر ما يشجع "الثورة المضادة" ،
قائلا :" نحن أمام وضع مفاجيء ولذا
تراجع النظام القديم إلا أنه حينما
يتمالك أعصابه فإنه سيحاول الاستماتة
للبقاء والحفاظ على مكتسباته ". وفي نبرة بدا عليها الاستياء والغضب ، قال
هيكل :" هذا البلد ليس مدينا لأحد ،
الكل مدين له ، يوجد أشخاص أجدر بشرعية
نصر أكتوبر من مبارك مثل سعد الدين
الشاذلي وعبد المنعم رياض وآخرين ،
وبصفة عامة ، لا يصح أن يرتب أحد شرعية
على مشاركته في حرب أكتوبر ". مفاجأة "الضربة الجوية" ولم يكتف هيكل بما سبق، بل إنه فجر مفاجأة
جديدة مفادها أن الضربة الجوية لم تكن
الحاسمة في نصر أكتوبر ، قائلا: "الضربة
الجوية اقتصرت فقط على ضرب موقعين
صغيرين في سيناء للرد على النكسة ورفع
الروح المعنوية للجنود، وأنا شاهد
والسيدة جيهان السادات على ما جرى بين
الرئيس الراحل أنور السادات والفريق
أحمد إسماعيل في هذا الصدد، كان الأمر
أشبه بمباراة تنس، تذهب الطائرات
المصرية إلى شرقي القناة وتعود وهو
الأمر الذي رفع معنويات الجنود قبل
العبور". وبعد ذلك ، عاد هيكل للحديث مجددا عن
الثورة ، قائلا :" هناك تيار جارف
لابد أن تفهمه لكي توزع مياهه ، الأمور
لن تحل نفسها ، لابد أن نحلها ". وهنا سارع الإعلامي محمود سعد للتساؤل
" ما العمل ؟" ، وأجاب هيكل "
لابد أن نعرف أولا طبيعة ما حدث ، يجب
أن ندرك أن هناك ثورة وليست حركة
احتجاجية ، توصيف أننا أمام ثورة هو
أول خطوة للعلاج وعندها تبدأ المرحلة
الثانية وهي الانتقال من وضع قديم إلى
وضع آخر جديد ، وهناك بين المرحلتين
اللحظة الراهنة والتي تتطلب حكومة
قوية جدا تكون الأقوى من نوعها في
تاريخ مصر لمعالجة ما فسد في عهد مبارك
، أحمد شفيق مع احترامي له إلا أنه أكد
أكثر من مرة أنه من تلاميذ مبارك". وأمام ما سبق ، نبه هيكل إلى ضرورة أن يكون
التحقيق في الفساد بمعزل عن المستقبل،
قائلا "مع تغير الأوضاع ستظهر مطامع
من قبل البعض وسيسعى البعض الآخر
للانتقام وهنا مكمن الخطر، يجب أن يكون
هناك حسابا وليس استغلالا للوضع لأن
الفساد في عهد مبارك كان يتم وفق
القانون وتلك سابقة في التاريخ ". وتابع "في حال عدم اليقظة، سيبرر
كثيرون من رموز النظام السابق الفساد
بأنه تم وفق القوانين حيث كان يتم
تخصيص الأراضي مثلا بالقانون". بل وفجر هيكل مفاجأة جديدة في هذا الصدد
مفادها أن مبالغ هائلة وضعت تحت تصرف
رئاسة الجمهورية وفق القانون ، قائلا:
"حتى أرباح قناة السويس كانت تذهب
مباشرة إلى الرئاسة، ميزانية الرئاسة
كانت تتراوح سنويا بين 600 إلى 800 مليون
دولار سنويا، وهذا مبلغ خيالي لا يمكن
حسابه، لابد من لجنة تحقيق مستقلة
وحكومة قوية جدا لمواجهة ما فسد وهو
شنيع جدا". وفي رده على سؤال حول النظام السياسي
الأمثل لمصر في المرحلة المقبلة، قال
هيكل " النظام البرلماني بالطبع،
أنا اقترحت تأسيس مجلس أمناء الثورة
والدستور، ما يحدث حاليا يرهق المجلس
العسكري، أثق جدا في طارق البشري، لكن
لابد من دستور جديد ، لا أحد يتحجج
بالوقت، تلك لحظة مؤسسية ولذا يجب أن
يكون هناك خطة ورؤية للمستقبل ونظاما
واضحا ومحدد المعالم يقنع الناس بدلا
من رؤى هنا وهناك وجهات متفرقة، شباب
ثورة 25 يناير أفضل بكثير من الأجيال
السابقة ولذا لابد أن يكونوا في
الطليعة دائما".
أدلة إضافية ورغم أن تصريحات هيكل السابقة من شأنها أن
تثير غضب رموز النظام السابق
والمتعاطفين مع مبارك ، إلا أن هناك ما
يدعمها على أرض الواقع ، ففي 18 فبراير ،
نقلت صحيفة "الشروق" المصرية عن
مصدر قريب من دوائر الرئاسة والمجلس
العسكرى الأعلى القول إنه سمع عن اتصال
هاتفى أو أكثر جرى بين مبارك وشخصيات
مهمة فى إدارة شئون البلاد خلال الأيام
الماضية . كما أكد مصدر بمؤسسة الرئاسة أيضا أن طاقم
المعاونين لمبارك مازال يتحرك بين
القاهرة وشرم الشيخ جيئة وذهابا،
مشيرا إلى تنقلات وقعت صباح الأربعاء
الموافق 16 فبراير لتبديل الحراسات وما
إلى ذلك. وفي السياق ذاته، نشرت قناة "الجزيرة"
في 17 فبراير تقريرا حول شرم الشيخ جاء
فيه "رغم أنها جزء غال من أرض مصر
تكاد تكون لدى العامة كيانا منفصلا أو
حتى دولة أخرى لا يعرفون عنها شيئا إلا
حكايات تروى هي عندهم أشبه بالأساطير
مقارنة بالواقع الذي يعيشونه
ويعانونه، إنها شرم الشيخ ومنتجعاتها
التي قصدها الرئيس المصري السابق حسني
مبارك بعد إعلان نبأ تنحيه". وأضاف التقرير "تبعد شرم الشيخ عن
القاهرة العاصمة نحو 500 كيلومتر لكنها
تحولت في عهد مبارك إلى المقر شبه
الدائم له تذهب إليه الحكومة والوزراء
ولا يذهب هو إليهم إلا في المناسبات
النادرة، فالرجل آثر الهدوء والابتعاد
عن شعبه في الحالتين سنين الحكم
الطويلة وحتى سفر الخروج أو التنحي". واستطرد "ظلت العاصمة القاهرة المقر
شبه الدائم لسلفيه أنور السادات وجمال
عبد الناصر وحكوماتهما المتعاقبة
باستثناء بعض أيام الصيف في
الإسكندرية، والشتاء في أسوان، لكن
شرم الشيخ التي تتبع محافظة جنوب سيناء
وعادت إلى السيادة المصرية في
الثمانينيات بموجب معاهدة كامب ديفيد
أصبحت المقر شبه الدائم لمبارك". وأضاف التقرير " المنتجع ليس شعبيا
لاعتبارات كثيرة، لكنه أضحى المكان
المفضل لمبارك الذي يهوى رياضة أخرى لا
تحظي بشعبية، أو بمعرفة لدى قطاع كبير
من المصريين، وهي لعبة الإسكواش". حصانة طبيعية وفيما يبدو أنه
تأكيد لما ذكره هيكل ، قال التقرير :"
أكسب موقع شرم الشيخ البعيد عن الوادي
حصانة طبيعية تعززت بنقاط التفتيش
الأمنية الكثيفة والمشددة التي يتعين
على الذاهب إلى هناك المرور بها ويصل
عددها إلى عشر نقاط ، أما التركيبة
السكانية المصرية هناك فتكاد تقتصر
على عدد محدود من البدو، والعاملين في
المنتجعات والفنادق السياحية،
وجميعهم معروف بالاسم لدى الأجهزة
الأمنية، أما الأغلبية النسبية للسياح
الأجانب الذين يقصدونها فيأتون من
إسرائيل وروسيا إلى جانب بقية الدول
الأوروبية". واستطرد في هذا الصدد " منذ عودة سيناء
إلى مصر ظلت الصفة اللصيقة بشرم الشيخ،
أو شرم كما يفضل (الهاي كلاس) تسميتها،
أنها مكان منتجعات الصفوة، أو صفوة
الصفوة إلى جانب السياح الأجانب، أما
المصري البسيط الذي يصادف ذهابه إلى
هناك، فيرى نفسه غريب الوجه واليد
واللسان، بل والقيم أيضا ، منفذ العامة
في المعرفة عن شرم الشيخ ومنتجعاتها
المحرمة عليهم لاعتبارات كثيرة هو
لقطات سينمائية يسألون مباشرة بعد
مشاهدتها هل هذه حقا موجودة في مصر؟".
وأجاب التقرير "لكن أحد الحرفيين الذين
قدر لهم العمل نقاشا بأحد استراحات
مبارك هناك يلخص الدهشة بالقول : لو
الجنة بهذا الجمال فالجنة جميلة". ويبدو أن ما حدث بالفعل منذ إعلان تنحي
مبارك في 11 فبراير يدعم أيضا ما ذكره
هيكل وتقريري "الشروق" و"الجزيرة"،
فالأخبار الواردة من شرم الشيخ
والخاصة بحال الرئيس السابق هناك أشبه
بأخبار خارجية قادمة من دولة أخرى لا
يستطيع أحد التحقق من صحتها وما ينشر
عنها ولم يسجل حتى الآن أن تجرأت
كاميرات الإعلام المحلي على الذهاب
إلى هناك لتصوير ما اعتبره البعض "المنفى"
الاختياري المحلي ولو من بعيد. بل إنه ورغم التسريبات المنشورة في
الإعلام المحلي حول أن حالة مبارك
النفسية والصحية سيئة جدا وأنه يعاني
الاكتئاب والحزن، إلا أن هناك تقارير
متزايدة حول سفر العديد من رموز النظام
السابق إلى شرم الشيخ ، ولذا لم يكن
مستغربا أن يظهر القلق من احتمال وجود
"مؤامرة" يتم تدبيرها حاليا
للانقلاب على ثورة 25 يناير. وبصفة عامة وأيا كانت صحة ما سبق، فإن
ثورة 25 يناير مازالت في بداياتها ولذا
يجب على الجميع الحذر واليقظة
والالتفاف حول المجلس العسكري الذي
يحظى بالثقة والنزاهة والوطنية
الشديدة لإجهاض أية مؤامرة سواء
داخلية أو خارجية. ===================== لتحملنا أساطيلك يا
سيادة العقيد ياسر الزعاترة الدستور 21-2-2011 في واحدة من تجلياته الجديدة بعد ثورتي
مصر وتونس ، وحزنه اللافت على الرئيسين
المخلوعين ، دعا العقيد معمر القذافي
اللاجئين الفلسطينيين للاستفادة من
الثورات الشعبية في الدول العربية عن
طريق التجمع السلمي على حدود الدولة
العبرية "حتى تستسلم لمطالبهم".
وأوضح العقيد أن أساطيل من القوارب
يمكن أن تأخذ الفلسطينيين لينتظروا
على السواحل الفلسطينية ، معتبرا أن
ذلك ليس دعوة للحرب وإنما دعوة للسلام. يأتي ذلك وسط مسلسل من التصريحات
واللقاءات التي أخذ العقيد يدلي بها
ويعقدها منذ ثورة الشعب التونسي (وصل
به الحال حد المشاركة في مسيرات
لمؤيديه) ، والتي تشي بحجم القلق الذي
يساوره من انتقال العدوى إلى بلاده
التي تعتبر الأكثر قابلية للانفجار ،
هي التي تمتع بثروات هائلة يضيعها
العقيد بطرق بائسة يعرفها القاصي
والداني ، فيما يعاني الشعب الليبي من
القمع وغياب الحريات على نحو يتفوق على
أي بلد عربي آخر. نحمد الله أن ذلك كله لم يجد نفعا ، فها هي
ثورة الشعب الليبي تندلع بقوة ، وهذه
المرة صراحة من أجل تنحية العقيد عن
السلطة ، وليس مجرد الإصلاح كما كان
يحدث في السابق ، ما يشير إلى قناعة
أخذت تسود المجتمع الليبي مفادها أنه
لا مناص من تغيير النظام ، لا مجرد
الاكتفاء بعمليات ترقيع يتبناها نجل
العقيد (سيف الإسلام) الذي يجري تقديمه
بوصفه الخليفة القادم ، مع أن أوساطا
غربية أخذت تحدثت عن صراع في العائلة
حول المنصب. وفي حين يعتقد العقيد أن تصعيد آلة القمع
يمكن أن يؤدي إلى وأد الثورة ، فقد ثبت
أن وصفة من هذا النوع لن تؤدي إلا إلى
مزيد من الغليان ، حتى لو استخدم
قطاعات البلطجية وعناصر الأمن باللباس
المدني الذين يرفعون صوره ويهتفون
باسمه ، بينما يهاجمون المحتجين على
نحو همجي (استخدمت ضدهم الأسلحة
الثقيلة) أسفر عن عشرات القتلى ومئات
الجرحى حتى الآن. العقيد للتذكير هو أقدم الزعماء العرب
على الإطلاق ، بل ربما أقدم زعيم في
العالم بأسره ، إذ يحكم ليبيا منذ
العام 69 ، لكنه لم يقدم للشعب الليبي
خلالها غير الشعارات الثورية التي ما
لبثت أن ذهبت هباءً نهاية الألفية
الماضية إثر قراره القاضي بالخروج من
عوالم الإرهاب إلى دوائر العولمة
والرضا الغربي ، والتي دفع ثمنها من
ثروات الشعب الليبي مئات من المليارات
يصعب حصرها. ليس هذا موضوعنا ، لكن الكلام يجرّ بعضه
بعضا كما يقال ، فما يعنينا هنا هو
المقترح العظيم الذي تقدم به العقيد
لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ،
ممثلا في التجمع على حدود فلسطين حتى
السماح لهم بدخول بلادهم ، مع تسيير
أساطيل من القوارب التي تحملهم وتتجمع
على السواحل الفلسطينية حتى تفرض على
العدو إدخالهم إلى مدنهم وقراهم. والحق أننا إزاء مقترح مهم ومثير فكر فيه
كثيرون من قبل ، ونحن مع أن يجري تبنيه
من قبل الجامعة العربية ، بحيث يزحف
الفلسطينيون بالملايين من كل
الاتجاهات ، مع أساطيل من القوارب في
عرض البحر في وقت واحد ، وهنا سيكون على
العدو أن يبيدهم جميعا أو يسمح لهم
بالدخول. لكن هذا المقترح ليس دعوة للسلام ، بل هي
الحرب بعينها ، ما يعني حاجته إلى قرار
سياسي عربي على أعلى المستويات ، ونحن
نتمنى أن يبادر السيد العقيد إلى إعلان
الاستعداد لتمويل العملية من الألف
إلى لياء ، والأرجح أنها لن تكلفه
الكثير قياسا بما دفعه من أجل الخروج
من مربع الإرهاب أو دعم الإرهاب. ليست هذه سخرية من الفكرة ، لكنها سخرية
من تجاهل الظروف الموضوعية التي تحول
دون التنفيذ ، ولو توفر قرار عربي جريء
بتنفيذها والموافقة على زحف
الفلسطينيين من البحر والبر ، وفي وقت
واحد نحو فلسطين لكانت ملحمة رائعة
سيعجز العدو عن مواجهتها في ظل مراقبة
العالم أجمع لها. إنه شعب يريد العودة إلى وطنه وفق قرارات
ما يسمى الشرعية الدولية ، وليس من حق
أحد أن يمنعه من ذلك ، لكن المشكلة تكمن
في القرار الرسمي العربي الذي ينبغي أن
يُتخذ ولا تسمح به الإملاءات الخارجية.
وللعلم فلو دعم العرب خيار المقاومة
للشعب الفلسطيني بكل الوسائل لما كان
انتصار الفلسطينيين صعبا إلى حد كبير ،
لكنهم فعلوا العكس كما يعلم الجميع. نعلم أن العقيد لا يملك تبني فكرة كالتي
تحدث عنها ، ونتحدى أن يشرع في التنفيذ
من خلال حشد الوضع العربي في هذا
الاتجاه ، لكن النظام العربي الرسمي
الذي مرر المبادرة العربية التي تنص
على حل متفق عليه لقضية اللاجئين (يعني
بكل بساطة شطب ذلك الحق لأن أحدا في
الكيان الصهيوني لا يوافق عليه) ، هذا
النظام لا يمكن أن يؤيد خيارا ثوريا
كالذي تحدث عنه. لكن الامتحان هو
امتحان العقيد الذي وجه الدعوة ، وما
إذا كان سيشرع في تحويلها إلى مشروع
واقعي أم سيكون مصيرها مثل سائر
المواويل التي يغنيها أمام الجماهير
ثم ينساها بعد نهاية الجلسة؟،. ======================== الفيتو الامريكي على وقف
الاستيطان! عبدالله محمد القاق الدستور 21-2-2011 لم يكن مستبعدا ان تستخدم الولايات
المتحدة الامريكية حق النقض "الفيتو"
ضد مشروع قرار للمجموعة العربية في
مجلس الامن الدولي يدين الاستيطان
الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية
المحتلة وخاصة في مدينة القدس بسبب
مواقفها الداعمة لاسرائيل في مواصلة
الاستيطان واقامة الدولة اليهودية
وتأجيل مطالباتها بإقرار خريطة الطريق
ورفضها عقد مؤتمر ثان على غرار مؤتمر
انابوليس الذي عقد في واشنطن للضغط على
اسرائيل بالبدء بالمفاوضات مع
الفلسطينيين ، وعدم دعوتها لوقف
الحصار الجائر على اهالي قطاع غزة
ودعمها لاقامة الجدار العنصري. والاسطوانة معروفة لدى الادارة
الامريكية لاستخدامها مثل هذه
القرارات وهي ان "القرار الامريكي
اي الفيتو يمكن ان يسهم في عملية
السلام بالمنطقة.. وان هذا القرار لو تم
تنفيذه بعد ان صادق عليه الاعضاء
الاربعة عشر في مجلس الامن على حد قول
المندوبة الامريكية في الامم المتحدة
سوزان رايس يمكن ان يشجع الاطراف على
البقاء خارج المفاوضات". فالموقف الامريكي الذي ظهر واضحا ومؤيدا
لمواقف اسرائيل التي تستعد لبناء
مستوطنات جديدة طرحتها مؤخرا في ابو
غنيم وغيرها وهي تزيد على 1400 وحدة
سكنية من شأنه ان يفاقم الاوضاع على
الساحة الفلسطينية ويزيد من تدهور
حالة الفلسطينيين هناك خاصة وان هذه
اول مرة تمارس الولايات المتحدة
الامريكية حق النقض في مجلس الامن
الدولي منذ وصول باراك اوباما الى
البيت الابيض. وهذه الاجراءات الامريكية الجديدة
تستدعي من الدول العربية كافة وليس من
السلطة الفلسطينية الوقوف ولو من جانب
واحد ، لان هذه المواقف الامريكية
المنحازة لاسرائيل لا تخدم العملية
السلمية بل تشجع اسرائيل على
الاستمرار في الاستيطان والتهرب من
استحقاقات السلام ويزيد الموقف تعقيدا
في منطقة الشرق الاوسط لا سيما ان
اسرائيل تهدد لبنان باستباحة اراضيه
والاستيلاء على جزء منه. وهذا الفيتو الامريكي يهدف الى التأكيد
على ان المواقف الامريكية لا يمكن ان
تحقق للعرب ما يصبون اليه من اقامة
دولة فلسطينية او انهاء قضايا
اللاجئين او القدس او الحدود بل انها
تسهم في زيادة تعنت اعمال اسرائيل
الاستفزازية ضد الفلسطينيين والعرب
الامر الذي يحتاج الى اعادة تقويم
لعملية المفاوضات العبثية "التنازلية"
برمتها اثر هذا الفيتو الذي كشف بشكل
واضح ليس للشعب العربي بل للسلطة التي
تعتمد على المواقف الامريكية في
اعمالها وتحركاتها ان امريكا ليست
جادة في تحقيق السلام الدائم والعادل
في المنطقة خاصة وان اسرائيل رفضت
حوافز ومزايا كبيرة لايقاف الاستيطان
لمدة ثلاثة شهور فقط بغية تسهيل اجراء
مباحثات الجانبين الفلسطيني
والاسرائيلي ، وهذا واضح من ان مصداقية
امريكا تجاه الشعوب بالدعوة الى
الحرية والاستقرار وحق تقرير المصير
غير صحيحة وغير صادقة في توجهاتها وهي
حريصة بالفعل على تأييد اسرائيل ورفض
حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره
وحريته وهي التي طالما تتشدق عبر وزيرة
الخارجية كلنتون وقبلها رايس وكولن
باول ومادلين اولبرايت وكيسنجر بانها
مع حرية الشعوب والحقوق الفلسطينية
وضمان استقلالها وامنها. لقد تباهت اسرائيل بالقرار الامريكي لانه
جاء انتصارا لها في مجلس الامن الدولي
حيث طالبت بالاستئناف الفوري
للمفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين
بعد هذا القرار الامريكي الجائر داعية
الفلسطينيين للجلوس الى طاولة
المفاوضات بدون شروط مسبقة لانها كما
تدعي اسرائيل يمكن من خلال هذا "الفيتو"
دفع عملية السلام الى الامام لصالح
الطرفين ولخدمة قضية السلام والامن في
المنطقة وليس بالتوجه الى مجلس الامن. لقد ادركت الولايات المتحدة ان الشعوب
العربية مشغولة الآن في عملية الاصلاح
السياسي والاقتصادي والاجتماعي في
بلادها وان اي اجراء يتخذ حاليا لا
يمكن ان يؤثر على الموقف الامريكي الذي
يطالب بتحقيق هذه الاصلاحات ولو شكليا
وانها تعرف تماما انه لن تحقق الدول
العربية اي اجراء دون اللجوء الى
امريكا.. بغية الافادة من مواقفها على
مختلف الصعد بالرغم من انها تدرك ما
سيعكس هذا الاجراء الامريكي الجديد
على صورتها في العالم العربي. والواقع ان اسرائيل عملت منذ عام 1967 على
بناء وتوسيع المستوطنات سواء من حيث
البناء او توسيع الرقعة.. ونتيجة هذه
السياسة يعيش حوالي 450 الف مستوطن او
يزيد في مستوطنات الضفة الغربية وشرقي
القدس وغيرها وذلك بموجب خطة حكومة حزب
العمل "ألون" وزير خارجية اسرائيل
الاسبق والتي اوصت ببناء مستوطنات في
مناطق ذات اهمية امنية والتي فيها
كثافة سكانية فلسطينية قليلة بغية
الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية
لاقامة الدولة اليهودية وبعد مجيء حزب
الليكود الى الحكم في عام 1977 بدأت
الحكومة الاسرائيلية ببناء
المستوطنات في جميع انحاء الضفة وعلى
قمم الجبال وفي المناطق الواقعة غربي
رام الله - نابلس لاسباب امنية
وايديولوجية معا. فالعملية السلمية بين اسرائيل
والفلسطينيين لم يتم رهنها بعملية
الاستيطان في بادىء الامر حيث استمرت
اسرائيل في توسيع الاستيطان في عهد
حكومة رابين وبيرس 1992" - "6991
والحكومات المتعاقبة حيث بنيت الاف
الوحدات السكنية معا بغية التكاثر
السكاني للمستوطنين مما ادى الى
ازدياد عددهم بشكل كبير وملحوظ في
الضفة الغربية والقدس وضواحي سلوان
والى جانب المسجد الاقصى. وبالرغم من ان بناء المستوطنات يُعد خرقا
للقانون الدولي الانساني والذي تدركه
الولايات المتحدة الامريكية والذي ينص
على عدم تغيير القوانين والنظم اثناء
الحرب والاحتلال الا ان الولايات
المتحدة تجد الطرق والسبل الكفيلة
بتمرير مواقفها بدعم اسرائيل..
فالقانون الدولي الانساني يمنع الدولة
المحتلة من نقل مواطنيها الى المناطق
التي قامت باحتلالها وهو البند التاسع
والاربعين لاتفاقية جنيف الرابعة
بالاضافة الى ذلك فان اتفاقية انظمة
"هاج" تنص على منع الدولة المحتلة
من اجراء تغييرات دائمة في الاراضي
المحتلة باستثناء تغييرات ضرورية
لصالح السكان المحليين. ان بناء المستوطنات يمس بحقوق
الفلسطينيين بشكل مباشر وفقا لقانون
حقوق الانسان وحق المساواة والملكية
والحق للمستوى اللائق للحياة وحرية
التنقل للشعوب.. لان هذه المستوطنات
غير شرعية وغير انسانية لان
المستوطنين هم من القوات الامنية
والعسكرية الاسرائيلية والتي تؤثر على
المواطنين الفلسطينيين بتصرفاتهم
واستفزازاتهم والاستيلاء على بيوتهم
واراضيهم والحيلولة دون ممارسة حقوقهم
الطبيعية التي نصت عليها القوانين
الدولية. لقد قامت السلطات الاسرائيلية بتطبيق
معظم القوانين الاسرائيلية على
المستوطنات والمستوطنين وبذلك فقد
ضمتها عمليا لصالحها بالرغم من ان
الضفة الغربية كما تشير وتؤكد كل
القوانين ليست جزءا من اسرائيل
والقانون الساري بها هو القانون
الاردني ، وانطلاقا من هذه السياسة
العسكرية الاسرائيلية نشأت في الاراضي
العربية المحتلة سياسة الفصل المبني
على التمييز .. مما اكسب هذه الاجراءات
الاسرائيلية المدعومة امريكيا
واوروبيا وضعا قانونيا.. حيث يوجد
جهازان قضائيان منفصلان في نفس
المنطقة تحدد بموجبهما حقوق الفرد حسب
انتمائه القومي. لقد وضعت مصداقية الامم المتحدة ومجلس
الامن وامريكا امام امتحان جديد تجاه
العملية السلمية خاصة بعد الموقف
الامريكي الداعم لاسرائيل بالاستمرار
في بناء الاستيطان وسعي الرئيس اوباما
عبر اتصاله مع الرئيس الفلسطيني محمود
عباس الى عدم الموافقة على قرار
الادانة غير ان القيادة الفلسطينية
رفضت ذلك لكون المواقف الاسرائيلية
والامريكية ستسهم في ايجاد الشرخ بين
الفصائل الفلسطينية وهو ما ترفضه لانه
يزيد من قضم الاراضي ويؤسس لاقامة
الدولة اليهودية على الاراضي
الفلسطينية. فالموقف الامريكي الجديد هو انتصار
لاسرائيل واخفاق للجهود العربية التي
تتوقع من الولايات المتحدة ان تكون
حليفة لها في المستقبل لصالح اقامة
الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس
الشريف او احلال السلام الدائم
والعادل في المنطقة والذي طالما ردده
الرئيس الامريكي اوباما لارضاء
الامتين العربية والاسلامية في
القاهرة وتركيا وهو البعيد عن الانجاز
والتحقيق لا سيما وان الولايات
المتحدة عبر السنتين المتبقيتين
لولاية الرئيس الامريكي تنشغل
بالاعداد للانتخابات الرئاسية
والتشريعية الامر الذي سيكون اهتماما
الى الجانب الاسرائيلي اكثر واهم من
الجانب العربي لما يتمتع به اللوبي
الصهيوني في امريكا من قوة وقدرة على
الحركة ودعم عملية اوباما الانتخابية
اذا ما استمر في سياسته الداعمة
لاسرائيل!!. ======================== التحوّلات الاقتصادية العربية
المحتملة سابين عويس النهار 21-2-2011 يتعامل لبنان مع المشهد العربي وكأن لا
علاقة له بما يحدث هناك من اضطرابات او
انه في منأى عن اي ارتدادات سلبية
محتملة لها على المنطقة ككل، وخصوصا
اذا طالت فترة الاضطرابات تلك أو امتدت
لتشمل مزيداً من الدول. واذا كان لبنان منشغلا بهمومه الداخلية
وكل فريق سياسي فيه يجهد لانجاز
استحقاقه: الاكثرية الجديدة من أجل
تشكيل حكومة فيما القوى المتحولة
أقلية تجهد لتوفير الحوافز لجمهورها
لملء ساحة الحرية في 14 آذار المقبل،
فان الاستحقاقين لا يبرران غياب أي
متابعة للمشهد الاقليمي، ليس في
ابعاده السياسية وانما في الانعكاسات
الاقتصادية والمالية المترتبة عليه. فالمنطقة العربية لطالما شكلت صمام
الامان للاقتصاد اللبناني في أكثر من
مجال دعم مالي او استثماري او سياحي،
ان عبر التزام تنفيذ مشاريع انمائية
عبر الصناديق العربية او عبر
استثمارات القطاع الخاص في القطاع
العقاري والفندقي والسياحي، أو عبر
احتضان النسبة الاكبر من العمالة
اللبنانية الكفية والمتخصصة، مما وفّر
على مدى عقود تدفقات نقدية للأسر
اللبنانية المقيمة. من المبكر الحكم على مستقبل هذه الامور في
انتظار بلورة نتائج الحركات الشعبية
العربية وما ستؤول اليه، وخصوصا ان
غالبيتها، وعلى اهمية الشعارات
السياسية الاصلاحية التي اطلقتها، لم
تخل من العناوين الاقتصادية
والاجتماعية الاساسية المنادية
باصلاحات وبرامج تضمن فرص العمل
للشباب العربي بعدما بلغت البطالة
مستويات عالية، وهي تهدد اكثر من 20
مليون خارج الى سوق العمل بحلول سنة 2020.
ولا عجب ان يشكل هذا التحدي الموضوع
الابرز في القمة الاقتصادية العربية
المنعقدة في شرم الشيخ قبل ايام قليلة
من اندلاع ثورة مصر. ولبنان مدعو الى التبصر في احوال الدول
العربية وتطوراتها وقراءة التحولات
السياسية في الانظمة العربية وتأثيرها
على الانظمة الاقتصادية فيها لما لهذه
التحولات من تأثير مباشر على اقتصادات
هذه الدول. فثمة خبراء اقتصاد يتخوفون من احتمال
تراجع معدلات النمو الاقتصادية في
الدول العربية اذا طال أمد الازمة،
وخصوصا ان عدداً من هذه الدول لم يتعاف
بعد كليا من تداعيات الازمة المالية
العالمية. فالاقتصاد المصري يعول بشكل
كبير على عائدات السياحة وهي اليوم قد
ضّربت، وتفوق الخسائر ال 250 مليون
دولار اسبوعيا بسبب تراجع الحركة
السياحية. كما ان الاسواق المالية والبورصات
العربية اصيبت بتراجع في ظل ضبابية
الآفاق الاستثمارية المستقبلية. ويلاحظ من متابعة التجربة الثورية في
تونس ومصر ان المسار بدأ يتحول نحو
المطالب النقابية، إذ تشهد مصر حركة
احتجاجية واضرابات على خلفية مطالب
عمالية تعوق عودة العجلة الانتاجية
الى طبيعتها. اسئلة وهواجس وأمام المتغيرات في المنطقة، وازاء
الأخطار التي قد تنجم عن جراء التصعيد
السياسي وغياب أي وضوح في الرؤية
للآفاق المستقبلية، تعبّر اوساط
اقتصادية عن خشيتها ان يتأثر لبنان
سلباً، خلافا للانطباع لدى بعض
المتفائلين أن ثمة فرصة متاحة امام
قدرة لبنان على استقطاب الودائع
الهاربة الى ملاذ أكثر أماناً،
وخصوصاً بعد الانذار الاميركي المصرفي
الاخير، فضلا عن تعذر استقطاب الحركة
السياحية في ظل حال عدم الاستقرار
السياسي. ومن ابرز التحديات التي تواجه لبنان: - غياب وجود السلطة التنفيذية القادرة على
تحديد سياسات اقتصادية ومالية متجانسة
مطلوبة لمواجهة اي ازمة محتملة. فأزمة
البنزين مثلا لا تزال تراوح في انتظار
تأليف الحكومة لدرس تداعيات خفض الرسم
على الصفيحة على ايرادات الخزينة،
علما ان ثمة من يقول ان الرئيس المكلف
نجيب ميقاتي قد يكون ضد اللجوء الى مثل
هذا التدبير نظراً الى انعكاسه على
مالية الدولة. - أخطار تخلف لبنان عن الايفاء بالتزاماته
الدولية وعدم تطبيق القرارات الدولية
مع بدء العد العكسي لصدور القرار
الظني، وهو ما قد يعرض لبنان لضغوط
اقتصادية ومالية دولية لا بد من التحوط
لها. - تراجع لبنان عن الاجندة الدولية مع توجه
الانظار نحو الاحداث المتسارعة في
العالم العربي والتي جعلت وجهة
المساعدات الدولية تتجه نحو دول اخرى (
فالاتحاد الاوروبي قدم مساعدات الى
تونس فيما قدمت الادارة الاميركية
مساعدات الى مصر). وهذا يفترض على لبنان
المضي في انجاز تعهداته الاصلاحية من
اجل الحصول على الدعم الدولي الميسر
الذي أقر في مؤتمر باريس3، وقد بقي منه
نحو 3 مليارات دولار لم تسحب بعد. - تراجع التدفقات النقدية وتأثير ذلك على
دورها في خدمة الدين العام. - تراجع الحركة الاقتصادية في الشهر الاول
من السنة الجارية، وذلك في سياق تراجعي
بدأ منذ منتصف العام الماضي، مما يجعل
التوقعات بتحقيق معدلات نمو عالية
ضعيفا جدا. ومن شأن هذه الأخطار ان تزيد حدة اذا ما
شكلت حكومة من لون واحد غيبت الشركاء
السياسيين الآخرين عن الحكم وانشغلت
باهتمامات سياسية تغفل الملف
الاقتصادي والمالي وتكبل رئيس الحكومة
المكلف وتضيق هامش التحرك لديه. ولبنان بكل مكوناته السياسية مدعو الى
الاخذ بهذه الأخطار والتحديات في
الاعتبار والعودة الى قراءة متأنية في
ميثاق بيروت بعدما باتت الحظوظ
باللجوء الى الدعوة الى باريس 4 من رابع
المستحيلات ======================== عبد الرحمن الكواكبي السفير 21-2-2011 الاستبداد، أصلٌ لكل فساد... والمستبد لا
يخرج قط عن أنه خائن وخائف، محتاج
لعصابة تعينه وتحميه، فهو ووزراؤه
لصوص. والمستبد، لا يجهل ان الناس
أعداؤه لطلحه ولا يأمن على بابه إلى من
يثق به أنه أظلم منه للناس وأبعد منه عن
أعدائه (...) والنتيجة ان وزير المستبد،
هو وزير المستبد، لا وزير الأمة. (...) التمول القبيح يشتد كثيراً في رؤوس
الناس، في عهد الحكومات المستبدة، حيث
يسهل فيها تحصيل الثروة بالسرقة من بيت
المال (المال العمومي) وبالتعدي على
الحقوق العامة، وبغصب ما في أيدي
الضعفاء، ورأس مال ذلك، ان يترك
الانسان الدين والوجدان والحياء
جانباً وينحطّ في أخلاقه، إلى ملاءمة
المستبد الأعظم او أحد أعوانه وعماله،
ويظهر له أنه في الأخلاق من أمثاله
وعلى شاكلته (...) في شهادة الزور وخدمة
الشهوات والتجسس. وهكذا يحصل على
الثروة الطائلة. وهذا أعظم أبواب
الثروة، ويليه الاتجار بالدين ثم
الربا الفاحش». من «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» ======================== المستقبل - الاثنين 21 شباط 2011 العدد 3918 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد السمّاك إذا كان عبق ثورة الياسمين في تونس وصل
الى مصر وأطلق مشاعر التمرد الشعبي على
حكم الرئيس المصري حسني مبارك، فأي عبق
ينتظر مصر ليطلق أدبيات مرحلة ما بعد
حسني مبارك ؟ تكتسب الإجابة عن هذا السؤال أهمية
استثنائية، لأن مصر بعد مبارك ليست كما
كانت قبله، ومعه، فهي تلعب دوراً
مؤثراً في المعادلات السياسية
المتداخلة على الصعيد العربي العربي،
وعلى الصعيد العربي الاسرائيلي، وعلى
الصعيد العربي الإيراني، وكذلك على
الصعيد العربي الدولي وتحديداً
الأميركي. هناك علامات استفهام حول ما إذا كانت مصر
بعد مبارك سوف تتحول الى ما آلت اليه
إيران بعد الشاه محمد رضا بهلوي. أي
الانتقال من حارس للمصالح الأميركية
في المنطقة الى خصم لها. ومن متحالف مع
اسرائيل الى معاد لها. ومن متجاوز
للحقوق الفلسطينية الى متبنٍ لها. ومن
سيطرة الفرد الواحد، الى سيطرة الفرد
ولي الفقيه. وتنطلق علامات الاستفهام هذه من أن
المسافة بين الدولة والسلطة كانت شبه
معدومة أيام الشاه، والى حد كبير أيضاً
أيام الرئيس مبارك. فالدولة والسلطان
وجهان لحالة واحدة. لم يتغير الأمر في
إيران بعد الشاه، فهل يتغير في مصر بعد
مبارك ؟ إن الجواب عن هذا السؤال يتوقف على آلية
التغيير التي سوف تعتمدها الافرازات
السياسية للحركة الشعبية الانقلابية
على نظام الرئيس مبارك، وتالياً على
طبيعة النظام الذي سيقوم على أنقاض
النظام الذي طوت صفحاته أولاً
الاستقالات الجماعية لأركانه من
الدولة ومن والحزب.. وحتى من الحياة
العامة.. ومن ثم استقالة رئيس النظام
نفسه، الرئيس حسني مبارك. كذلك يتوقف الجواب على الدور الذي سيلعبه
الجيش المصري في الحياة السياسية بعد
الأشهر الستة الانتقالية التي حددها
بنفسه.. فهل يعود الى الواجهة من جديد،
أم انه يقتدي بما فعله الجيش التركي
الذي علمته سلسلة تجارب الانقلابات
العسكرية انه لا بد في نهاية الأمر من
انه "ما لقيصر لقيصر.. وما لله لله"،
أي ان يترك السياسة لأهلها، وللمجتمع
المدني.. وأن يتفرغ الجيش لمسؤولياته
الأمنية ؟ فإذا كان صحيحاً أن الحروب أخطر وأهم من
أن يترك أمر البتّ فيها الى العسكريين
وحدهم، فمن الأولى أن تكون السياسة أهم
وأخطر من أن يترك للعسكريين حرية
التدخل المباشر في شؤونها وشجونها
المتداخلة والمعقدة. لقد أدرك هذه الحقيقة الجنرال التركي
كنعان افرين الذي نأى نسبياً بالجيش عن
السياسة وترك الباب مفتوحاً أمام
الأحزاب السياسية لتتصارع على السلطة..
ثم توالى تراجع الجيش وتقدم الأحزاب
السياسية حتى أفِلَتْ النجوم العسكرية
ولم تعد تُرى الا على أكتاف الضباط
داخل الثكنات أو أثناء الاستعراضات
العسكرية. ولا شك في ان طموح تركيا
للانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وشروط
الاتحاد بوجوب قيام نظام حكم مدني
ديموقراطي سليم يحترم الحريات العامة،
ساهم في تسريع هذا التحول وفي تحقيقه.
إلا ان المهم هو ان النتائج كانت مهمة
للغاية. فتركيا اليوم التي يساوي عدد
سكانها عدد سكان مصر ( أي نحو 80 مليوناً
) تتمتع باقتصاد يبلغ أربعة أضعاف حجم
الاقتصاد المصري. ثم ان دور تركيا
السياسي في الشرق الأوسط، وفي شرق آسيا
والبلقان، وفي حلف شمال الأطلسي يجعل
منها دولة مهمة تتمتع باحترام دولي
كبير. وبالمقابل تبدو مصر منكمشة على
ذاتها عاجزة عن التحرك الفعال حتى في
السودان الذي انقسم على نفسه في غياب
أي دور لمصر وهي المعنية به
استراتيجياً على الصعيدين الأمني
والمائي. ولقد كانتا دولة واحدة أيام
محمد علي الكبير. ومشهورة الأغنية
الوطنية التي تقول "السودان لمصر..
ومصر للسودان". ولكن أين مصر اليوم
من السودان ؟. بل أين شمال السودان من
جنوبه؟. وهل كان ذلك كله ليحدث لو أن
مصر كانت حاضرة وفعالة، مثل الحضور
التركي الفعال في المنطقة ؟. عندما كان الرئيس مبارك يشكو من أن دولة
عربية خليجية قطر- تحاول أن تلعب دوراً
أكبر من حجمها، كان يتلقى اشارات ذكية
من دولة عربية خليجية أخرى الكويت- بأن
ذلك يعود اساساً الى إحجام الدولة
صاحبة الحجم الكبير مصر- عن اداء الدور
الكبير المتوقع منها. أدى غياب الدور المصري الى خلل في
العلاقات العربية العربية، والى
اقتحام تركي وإيراني للساحة العربية.
وأدى كذلك الى تصاعد في الغطرسة
الاسرائيلية بحيث تمكنت اسرائيل من أن
تلوي ذراع سياسة الرئيس الأميركي
باراك أوباما في الشرق الأوسط وأن
تحمله على التراجع عن الوعود التي
قطعها على نفسه وعلى ادارته بتحقيق حل
عادل وسريع للقضية الفلسطينية.. وذلك
من دون أن تخشى من رد فعل عربي عام أو
مصري خاص يسيء الى المصالح الأميركية
أو حتى الى المصالح الاسرائيلية. فقد بلغت السياسة المصرية في السنوات
الأخيرة من عهد الرئيس السابق مبارك
حالة من الترهل غابت فيها عن معالجة
قضايا الداخل الاجتماعية
والاقتصادية، فاستفحل الفقر والفساد
والرشوة. وغابت الدولة عن معالجة قضايا
الخارج السياسية والأمنية، فتوسعت
الانقسامات العربية العربية وتعطل
اداء جامعة الدول العربية، وأصبح كثير
من العرب يلهثون وراء مبادرات خارجية
لها حساباتها ولها أولوياتها التي
تتقدم على الحسابات وعلى الأولويات
العربية. ففي الوقت الذي تقف فيه إيران اليوم أمام
بوابة النادي النووي الدولي، وفي
الوقت الذي تقف فيه تركيا أمام بوابة
الاتحاد الأوروبي بحجم اقتصادي يساوي
نصف حجم الاقتصاد العربي مجتمعاً من
المحيط الى الخليج !! فان المجموعة
العربية تقف أمام علامة استفهام لا
تملك الإجابة عنها. لقد تسلم الرئيس مبارك الحكم في عام 1981
بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور
السادات. فأين مصر اليوم مما كانت عليه
في ذلك الوقت ؟ وتسلم الرئيس رجب طيب أردوغان الحكم في
تركيا في عام 2003 بانتخابات شعبية
مباشرة. فأين هي اليوم مما كانت عليه في
ذلك الوقت ؟ بالمقارنة لم يؤدِ نظام الرئيس مبارك الا
الى المزيد من السلطة المطلقة، مما ادى
الى الفساد المطلق، وهو الذي أشعل فتيل
الانتفاضة التي أطاحت به وبنظامه
السياسي. لقد نجح أردوغان في دفع مسيرة
الديموقراطية والانفتاح والتقدم
الاقتصادي قدماً الى الأمام حتى أصبحت
تركيا اليوم قوة مهابة في المنطقة وفي
العالم. من هنا العودة الى السؤال الأساس، وهو هل
تقتدي مصر بعد مبارك بالتجربة التركية
لتستعيد ذاتها، ولتجدد دورها ؟ فإذا
كانت تونس قدوة في الانتفاضة، فهل تكون
تركيا قدوة في النهضة ؟ لم تكن مصر مهمة لنفسها فقط. انها مهمة
للعالم العربي ولافريقيا، بل للعالم
الثالث كله أيضاً. وقد خَفَتَ نور هذا
الدور على غفلة من الحكم المصري سنة
بعد سنة وطوال العقود الثلاثة
الماضية، حتى تجرأ على مصر من كان
يهابها ويخشاها، بل حتى أصبحت مصر تخشى
على حصتها من مياه النيل !.. غير ان مصر ليست غنية بعدد سكانها فقط،
ولكنها غنية بطاقاتها الانسانية
وبثرواتها الطبيعية وبموقعها
الستراتيجي، وهي قادرة بهذا المخزون
الغني من الإمكانات أن تقف على رجليها
من جديد لتستأنف دورها القيادي في
العالمين العربي والاسلام. ======================== «الشعب يريد إسقاط
الدعم الأميركي للاستيطان» د. بثينة شعبان الرأي العام 21-2-2011 إن أغرب ما تشهده ثورات الحرية التي تعمّ
العالم العربي والتي تبرهن للعالم أن
العرب شعب حيّ يعشق الحرية، ومستعد
للكفاح والموت من أجلها، هو عودة
المحافظين الجدد، من تحت ركام جرائمهم
التي ارتكبوها ضد الإنسانية، لرفع
رؤوسهم الملطخة بعار الحروب،
والتعذيب، للادعاء بأنهم «كانوا على
حق»! فقد كتب «مفكر» الاحتلال والاستبداد
إليوت أبراهامز أكثر من مرة مدعياً «أن
التحول إلى الديموقراطية قد بدأ في
العراق» الذي تركوه مدمراً يحمل
الملايين من شعبه جراح الفتنة،
والانقسام، والمجازر، والدمار. وكتبت
كوندوليزا رايس لتستشهد بما قالته
وليس بما قامت به من دعم للاحتلال
الإسرائيلي، والحرب على العراق
ولبنان، والتعذيب في أبو غريب،
وتوزيعها القبل على الطغاة والفاسدين
من الحكام الذين دعموا حرب الطغاة
الإسرائيليين على لبنان، وغزة، بينما
كانت الطائرات الأميركية تورد
لإسرائيل ملايين القنابل العنقودية
التي مازالت تنشر الموت في أرض الجنوب،
كما شاركت رايس بصنع القرارات
الأميركية لاستمرار الاضطهاد
الإسرائيلي لملايين الفلسطينيين، وهي
التي ساهمت في تدمير الديموقراطية
الفلسطينية، واليوم لا يهتز لها رمش هي
وبناة سجون «غوانتانامو» و«أبو غريب»،
وممثلو الحرب على العراق وأفغانستان،
وداعمو أنظمة الاستبداد والفساد، بأن
يدّعوا أنهم كانوا مع «نشر
الديموقراطية في البلدان العربية»!
متناسين أن الثورة الديموقراطية
المنتشرة في الأرض العربية هي في العمق
رد صارخ على الاستباحة الأميركية
لحرية العرب في فلسطين، والعراق،
والدعم اللا محدود الذي يلقاه منهم ولا
يزال أبشع احتلال عنصري في تاريخ
البشرية على حساب كرامة وحرية شعب
فلسطين الذي تتم عمليات تطهيره عرقياً
من أرضه أمام نظرهم وبدعم الولايات
المتحدة منذ أكثر من ستين عاماً وحتى
اليوم. فقبل أيام فقط أعلنت السيدة
كلينتون، خلف رايس ووريثتها في العداء
لتحرر العرب من الاضطهاد الإسرائيلي،
«أن قرارات مجلس الأمن ليست السبيل
الصحيح للتقدم نحو تحقيق الحلّ القائم
على دولتين في النزاع الإسرائيلي -
الفلسطيني»، وفي اليوم التالي تكتشف
كلينتون أن هذا «الحل» الذي تروج له
يتمثل في استخدام «الفيتو» ضد صدور
قرار، مجرد قرار غير ملزم في مجلس
الأمن، لإدانة الاستيطان الإسرائيلي
والذي يعني قانونياً النهب الإسرائيلي
لأرض الشعب الفلسطيني، والذي هو
عملياً تطهير عرقي إسرائيلي رسمي
ومعلن لمدن وقرى وأحياء الفلسطينيين
لصالح مستعمرين يهود. لقد تشكّل وعي
ثوار الحرية العرب، في تونس ومصر
وفلسطين ولبنان وغيرها، في الأمس
واليوم وغداً أيضاً، في حملات التضامن
مع الكفاح الفلسطيني من أجل الخلاص من
العبودية الإسرائيلية، وفي الحركة
المناهضة للغزو الأميركي للعراق،
وأيضاً في مناهضة الحصار الإسرائيلي
الوحشي على غزة. على ساسة الولايات المتحدة أن يدركوا أن
هذه الثورات الحاليّة هي ثورات ضد
الدعم الغربي للاستبداد، والاحتلال،
والفساد، والتبعية، هذا الدعم الذي
بدأت أنظمته الموالية للغرب تتهاوى
اليوم تحت مطرقة قوى الحرية
والديموقراطية وحقوق الإنسان بأيدي
عربية خالصة وسيُفاجأ الغرب مرة أخرى
بإرادة، وتصميم، وقدرة الشعب العربي
على تغيير دفة مستقبله بعيداً عمّن
فرضوا الذلّ، والقهر، والاحتلال على
شعوبنا، وصدروا النظريات العنصرية
المعادية للعرب بأنهم «إرهابيون»، و«غير
مؤهلين للديموقراطية»، وأنهم «في حاجة
إلى مستبد ليحكمهم». يقول يانس هانس،
أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة
تورنتو، كندا: «فكرة أن العرب غير
صالحين لتقرير مصيرهم بأنفسهم تعود
إلى أصول نظام الدولة العربي بعد الحرب
العالمية الأولى. في ذلك الوقت تمّ صرف
النظر عن الطموحات العربية بالاستقلال
في أعقاب انهيار الإمبراطورية
العثمانية، من جانب الإمبرياليين
البريطانيين والفرنسيين، وتخلى
الرئيس الأميركي ودرو ويلسون عن هذه
الطموحات على نحو رخيص، إن إطلالة هذا
المفهوم العنصري البشع برأسه مرة أخرى
كقناع لحجب الأزمة والحفاظ على
الاستقرار، خلال هذه اللحظة العظيمة
للإنسانية المشتركة، يعطي «ساعة الصفر»
في القاهرة بعداً أكثر عالمية من مجرد
رحيل مبارك. هي ليست أقلّ من دعوة إلى
تفكيك البعد الكولونيالي
للديموقراطية» (جريدة «الأخبار»،
الخميس 17 فبراير 2011). هذا بالضبط هو
أهمية ما يحدث اليوم في عالمنا العربي،
إنه سقوط البعد الاستعماري للنظام
الرسمي والذي يتجاهل ما يجري في فلسطين
من قتل، وارتكاب جرائم بشعة ضد
الإنسانية في الوقت الذي كانت الإدارة
الأميركية تخطّ الفيتو رقم /39/ ضد العرب
للحيلولة دون مجرد إدانة للاستيطان
الإسرائيلي الذي يمثل العار الأبدي
الذي تحمله «الديموقراطيات» الغربية
مدى التاريخ. إن دماء الشهداء الأطفال والنساء والرجال
في فلسطين هي التي تزيد من شعلة الحرية
التي ترفعها هذه الثورات ضد ظلم الطغاة
المحليين اتقاداً، والغضب الشعبي
اليوم موجّه ضد أنظمة ما كان لها أن
تعيش كلّ هذه العقود لولا الدعم الغربي
اللا محدود لها في تدريب أجهزة القمع
على اضطهاد شعوبها، وفي زرع القواعد
العسكرية المهينة لكرامة العرب. وها هو الشباب العربي في مختلف أقطاره
يدفع الدماء والضحايا لتحرير نفسه من
القمع، والفساد اللذين تلازما مع
هيمنة النفوذ الأميركي. فالعرب لا
يعرفون من هذا النفوذ سوى وحشية حروبه،
ومجازر احتلاله، وإذلاله لكرامة
العرب، ولا يعرفون من هذا النفوذ سوى
دعمه للاستيطان اليهودي، والاضطهاد
الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، وحرمانه
طوال أكثر من ستين عاماً من الحرية
ومنع قيام دولته الوطنية. ولا يعرف
العرب من النفوذ الأميركي سوى «صداقة»
الولايات المتحدة لأنظمة معروفة
بخضوعها المُذل لإملاءات واشنطن ضد
شعوبها دعماً لجرائم إسرائيل وحروبها،
ولا يعرف العرب من هذا النفوذ سوى
النفاق الصارخ، وازدواجية المعايير:
فالشعوب الغربية تتمتع بالديموقراطية
والازدهار فيما النفوذ الأميركي يحرم
شعوبنا من نسيم الحرية بقوة السلاح
والقمع، ويفرضون الفقر على شعوبنا
بنهب ثرواته، وتبييض أموال أصدقائهم
من الطغاة الفاسدين، ويغضون النظر عن
استخدام الجمال والحمير والرصاص الحي
ضد شباب تواق للحرية فقط كي يستبقوا في
الحكم من يسكت عن جرائم إسرائيل. إن الفيتو الأميركي الأخير، مثل عشرات
الفيتوات الأميركية الأخرى المعادية
لحرية العرب، ساهمت في استمرار القمع
الإسرائيلي للشعب الفلسطيني،
واستيطان أرضه، وتهجير الملايين منه
ليعيشوا في مخيمات اللجوء منذ أكثر من
ستة عقود مظلمة بالصمت الغربي على
جرائم إسرائيل وتوسعها المتواصل على
حساب العرب، ولن يكون هذا الفيتو
الأخير، ما دامت الإرادة السياسية
الأميركية تخضع للعقيدة الصهيونية
لصالح دعم الاستبداد، والاضطهاد،
والاستيطان، والعنصرية في الشرق
الأوسط. بالنسبة لمئات الملايين من الأجيال
العربية فإنها لم تسمع وترى من
الولايات المتحدة سوى هذا الفيتو
اللعين موجهاً ضد حريتها، وملايين
الشباب اليوم قد رأوا هم أيضاً هذا
الفيتو مسلطاً على أبسط حقوق شعب
فلسطين، ولن يروه غير إشهار للعداء
الأميركي السافر لحرية العرب
والمكافحين من أجلها، كما لن يروا في
العداء الأميركي الصريح ضد القوى
العربية المقاومة للاحتلال،
والاستيطان، والاستبداد سوى حقيقته
البشعة مهما تعالت أبواق الدعاية
الغربية ضدها، ومهما صدرت من قرارات «دولية»
هي من صنع الولايات المتحدة وعدائها
لحرية العرب. لقد بزغ فجر الديموقراطية العربية الذي
تصنعه الجماهير العربية بدمائها،
وأيديها، ورؤاها الخاصة بها، وقد كانت
الجرائم الإسرائيلية، وحروبها ضد
العرب جذوة الثورة التي أشعلت البعد
المحلي لهذه الثورات. يجب ألا يتفاجأ
الغرب حين يهتف مئات الملايين من العرب
مستقبلاً من محيطهم إلى خليجهم «الشعب
يريد تطهير فلسطين من الاستيطان». ماذا سيقول اليوت أبراهامز، وكوندوليزا
رايس، وهيلاري كلينتون في تلك الساعة،
أسيدّعون أيضاً أن الدعم الأميركي
للاحتلال، والاستيطان هدفهما نجاح حل
الدولتين؟ الشباب العربي يصنع اليوم قدره بيده
وبدمائه، وهو يرفض الفتن العرقية،
والطائفية، والقطرية التي يزرعها
الأعداء، وهو عاكف على بناء مستقبل
عربي زاهر سيفاجئ من مازالوا يقبعون
خلف قواهم البطشية الغاشمة. هذا الشرق الأوسط الجديد ليس ما أرادته
كوندوليزا رايس والمحافظون الجدد
المعروفون بحبهم للحروب، والتعذيب،
والبطش بالعرب وسفك دمائهم، وبدعم
مطلق لإسرائيل والاستيطان بل سيكون من
صنع أبنائه، ولأجل مستقبل أبنائه فقط
كي يكونوا أحراراً أعزاء. المستشارة السياسية
والإعلامية في رئاسة الجمهورية
العربية السورية ======================== د. علي حرب التاريخ: 21 فبراير 2011 البيان من جديد، تفرض نفسها الأحداث التي تتسارع
وتتفاعل على الساحات العربية، سواء
للقراءة في مفاعيلها، أو للتعليق على
قراءات الآخرين في غير مسألة. الأولى؛ أن الثورة المصرية استقطبت تأييد
الجميع، إذ الكل رحبوا بها وامتدحوها
أو تبنّوها، بل هي جمعت تأييد الضدّين:
أميركا وإيران. هناك استثناءات،
فإسرائيل أعربت عن حذرها أو خشيتها،
وفي المقابل آثر بعض الدول العربية
الصمت من غير تعليق. ولكل أسبابه،
فالدولة العبرية تخشى من تغيير
المعادلة بينها وبين العرب. أما الدول
العربية فهي تخشى من العدوى بانتقال
الثورة إلى ملاعبها، لكي تقلب الأمور
وتغيّر قواعد اللعبة. الثانية؛ أن الثورة، كحدث كبير يزلزل
الأوضاع، إنما يغير في موازين القوى
بقدر ما يغير في الأفكار. من ذلك أن ما
جرى في مصر، وقبل ذلك في تونس، قد أحدث
تغييراً في مواقف الأحزاب الإسلامية
التي أبدت تراجعاً عن طرح شعارها حول
الحكومة الدينية (الإسلام هو الحل)،
وأعلنت تأييدها للحكومة المدنية. وفي
أي حال، فإن الثورة بوصفها صنيعة أجيال
جديدة، لا تلتزم بعقائد دينية قديمة أو
بأيديولوجيات شمولية حديثة، بيّنت أن
الأحزاب الإسلامية لم تكن على رأس
التظاهرات، بل شاركت بوصفها أحد
مكونات المجتمع لا أكثر. والأهم أن
الأحداث كشفت مدى المبالغة والتهويل،
في القول ان سقوط الدكتاتوريات سوف
يُفضي إلى مجيء الأصوليات. فهذه حيث
سيطرت أو حكمت، أخفقت في إدارة شؤون
البلاد والعباد، لأنها تتقن الارتداد
والانتقام أكثر مما تحسن أعمال
التحديث والإنماء، بدليل أنها لا تملك
عناوين مبتكرة، ولم تقدّم برامج جديدة
أو جذّابة للعمل الحضاري والبناء
الاجتماعي. الثالثة؛ أن أكثر ما يلفت في ردود الفعل
على سقوط النظام في مصر، هو تعليق
الرئيس الأميركي أوباما. فقد حيّا هذا
الأخير الشعب المصري الذي عبّر بثورته
عن روحه الخلاقة، وأثنى على شباب مصر
الذين أحدثوا هذا التحويل الكبير،
بقدراتهم ومواهبهم وتقنياتهم، فغيروا
بلدهم والعالم. من هنا كان قوله «لقد
ألهمنا المصريون»، تأكيداً على عالمية
الثورة. وبهذا فقد تصرّف أوباما، تجاه
المجريات، كسياسي يعيش زمنه المعولم،
يقرأ ويحلّل دلالات الحدث بأبعاده
ورهاناته، لكي يستخلص الدروس والعِبَر. الرابعة؛ أن الثورة المصرية، التي أتت
بعد أحداث طائفية في أرض الكنانة، كسرت
المنطق الطائفي، لأنها كانت جامعة.
ويؤمل أن يتعزّز هذا المنطق، بحيث
تشارك، في الثورة وما بعدها، الشخصيات
والفاعليات القبطية على قدم المساواة
مع سواهم. من هنا، وبالمقارنة، فإن
الحركات والتظاهرات الجارية في بلدان
أخرى، ولو كانت محقّة في مطالبها، لا
تشبه الثورة المصرية أو التونسية، إذ
هي ذات طابع فئوي وليست جامعة.
فالمطالب، التي تفرّق ولا تجمع، تشكّل
لغماً عندما تقتصر على فئة دون أخرى،
أو على طائفة دون سواها، سواء تعلّق
الأمر بالحرية أو بالعدالة أو
بالمقاومة أو بالحقيقة، أو بأي عنوان
آخر. وإذا كانت المجتمعات العربية
تتماهى بعضها مع بعض، فلأن ما تطرحه
الثورات والانتفاضات الجارية، هو عابر
للطوائف والمذاهب والأحزاب، بل للدول
والأوطان. الخامسة؛ أن الكثيرين ممن علقوا على
الثورة المصرية ورحبوا بها، في غير بلد
عربي، وبالأخص في لبنان، حاولوا
مصادرتها للحصول على شهادة حسن سلوك
سياسي أو أخلاقي، في حين هي تطالهم،
ولو بصورة رمزية، لأن ما رفعته من
المطالب المتعلقة بمحاربة الاستبداد،
وبالأخص الفساد، ليسوا براء منه، بل هم
من صناعه. ولو حصلت ثورات مشابهة في
العالم العربي، لَوُجِّه السؤال «من
أين لك هذا؟»، للكثيرين الذين يرحّبون
بثورة مصر أو تونس. فما عادت شعارات
المقاومة والممانعة تقنع الناس،
للتستّر على المظالم والمفاسد.
فالمجتمعات الحرة الديمقراطية، حيث
الفرد قوة فعالة بفكره وعمله، هي التي
تقاوم على الوجه الأفضل. أما أنظمة
الفساد والعبودية، فإنها تقتل روح
المقاومة وتدمر مصادر القوة والمَنَعة
لدى الشعوب والمجتمعات. السادسة؛ أن لكل عصر ثوراته، كما أن لكل
ثورة مفرداتها. من هنا لم تكن العناوين
البارزة في الثورات الجارية، لا
التحرير ولا المقاومة ولا مناهضة
الغزو الثقافي، وسواها من الشعارات
التي استهلكت، وباتت ذرائع للتستر على
الآفات في الداخل. لم يعد مقنعاً أو
مجدياً أن تصادر الحريات، أو أن يتوقف
تطوّر المجتمعات، أو أن تُرجأ الحياة
الحرة الكريمة، تحت شعار المقاومة
أولاً، أو في انتظار المعركة الفاصلة
مع الغرب. كذلك تتراجع التصورات
الفردوسية والطوباوية والخلاصية، كما
تتراجع نماذج الزعيم الأوحد والقائد
الملهم والبطل المنقذ، لكي تبرز نماذج
ومفاهيم جديدة أكثر تواضعاً، وأشدّ
التصاقاً بهموم الحياة اليومية،
الآنية، الملموسة، لجميع الناس. نحن
إزاء ثورات عابرة، بقدر ما هي متحرّرة
من القوالب الأيديولوجية، التي تختزل
الحياة وتستعبد الشعوب لكي تصادر
الحريات وتُفقر المجتمعات. حتى كلمة «تاريخ»
قد استهلكت وفقدت قوتها على التحريك
والإلهام، لأن الثورات السالفة التي
عمل أصحابها تحت مقولات «صنع التاريخ»،
أو الوعي التاريخي والطبقي، قد خربوا
الحاضر بقدر ما سدوا أبواب المستقبل.
ولذا نحن إزاء حركات وثورات جديدة، ذات
طابع مستقبلي، تنفتح معها الفرص
والأبواب لحياة عربية جديدة، يدار
فيها الحاضر، باستثمار مكتسبات
الماضي، من أجل المساهمة في رسم مستقبل
أفضل للبشرية جمعاء. السابعة، وتُخص المثقفين؛ ولا أراني أجلد
نفسي أو أظلم غيري، عندما أنتقد المثقف
وأعترف بأن جيلنا قد فشل في ما طرحه من
شعارات، لأنه فقد القدرة على التفكير
الحي والتخيّل الخلاق، أي ما به تجترح
إمكانات جديدة لحياة حرة، لائقة،
كريمة. هذا العجز عبّر عنه أحسن تعبير، الروائي
المصري صنع الله إبراهيم، بقوله
تعليقاً على الثورة الجارية في بلده: «حتى
في الحلم، لم أكن أتخيّل أن تكون هذه
الثورة ممكنة». نعم، كانت مستحيلة، بالنسبة له ولجيلنا،
بسبب مقولاتنا المتخشبة، وشعاراتنا
الفاقعة، وعقولنا المغلقة، ونماذجنا
البائدة في الفهم والتشخيص والمعالجة.
من هنا حدثت الثورة على يد قوى جديدة،
بعقولها وأفكارها ومفرداتها
وأدواتها، والرهان أن تُحدث تغييراً
يطال مختلف وجوه الحياة، بقدر ما يطال
المفاهيم والأساليب والمعايير
والأذواق. ======================== المصدر: صحيفة «موسكو تايمز»
الروسية التاريخ: 21 فبراير 2011 البيان تدور مناقشات محتدمة على شبكة الإنترنت
في روسيا، حول الأحداث الأخيرة في مصر،
بحيث أن المرء ربما يخطئ في الاعتقاد
أن مصر جارة لها جغرافيا. والبلدان
بينهما بالتأكيد الكثير من القواسم
المشتركة، فروسيا الحديثة، مثل مصر في
عهد الرئيس المصري السابق مبارك، هي
ديمقراطية زائفة، حيث يأتي الحكام
للسلطة إلى حد كبير، بفعل التلاعب
بنتائج الانتخابات، والسيطرة على
وسائل الإعلام والقضاة التابعين.
وأصاب الفساد روسيا مثل مصر، وربما
أكثر. وهناك جوانب تشابه كافية جعلت
المعلقين السياسيين الروس، يعتبرون
الأحداث في مصر أمراً قد يكون له تأثير
مباشر في مستقبل روسيا. على نحو متوقع، فإن خط المواجهة بين
المعلقين المتنازعين، يمتد على طول خط
الصدع في المواقف تجاه النظام الحاكم
في موسكو. وحتى آخر لحظة ممكنة، تمسك
أنصار النظام بمواقفهم تجاه مبارك،
وكتب المحافظ المعروف «ديمتري
أولشانسكي» (دي. أولشانسكي) يقول: «نرجو
من الله أن يمنحه الثبات حتى آخر لحظة.
وليس هناك شيء أسوأ من ذلك، لا شيء أفظع
من «الديمقراطية»، خاصة في دول مثل مصر
وباكستان وتركيا وروسيا». وحذر برنامج
حواري تلفزيوني استضاف فلاديمير
سولوفييف، من أن «هزيمة مبارك ربما
تعطي دفعة قوية للناشطين المحتجين (في
روسيا)». قدم رجل الدعاية السياسي الموالي
للكريملن «ماكسيم كونونينكو»،
المشورة الأكثر تطرفاً وقال: «وددت
شخصياً لو أن الرئيس مبارك أوقف هذه
الثورة الكريهة وأغرقها في الدم. فليكن
هناك الآلاف والعشرات ومئات الآلاف من
الضحايا.. فأي شخص يدعم الثورة ولو
بالكلمة، لا بد أن يتم القبض عليه
فوراً». على الجانب الآخر، قوبلت استقالة مبارك
بترحاب في معسكر المعارضة المؤيد
للديمقراطية في روسيا. وكتبت «ناتاليا
نوفوزيلوفا»، الصحافية والمدونة
الروسية، تقول: «لقد توقف القطار في
محطة القاهرة، والمحطة التالية هي
موسكو». وتوقع الناشط الديمقراطي
الشاب «رومان دوبروختوف» أنه «سيأتي
هذا اليوم قريباً إلى روسيا»، ثم وجه
النصح إلى رئيس الوزراء الروسي
فلاديمير بوتين قائلاً: «ابدأ في حزم
حقائبك يا فلاديمير!»، وأشار «دوبروختوف»
إلى أنه في مصر، كما هي الحال في روسيا،
لم تكن هناك معارضة كبيرة ونشطة. في حقيقة الأمر، حتى مجيء هذه الأحداث، لم
تشهد القاهرة هذا النوع من الاحتجاجات
التي أصبحت حدثاً عادياً في موسكو. لم
يكن اندلاع الثورة من مكان محدد، ذلك
أن الناس ببساطة كان لديهم ما يكفي من
الإرادة. لقد حطم السيناريو المصري
الأسطورة السابقة التي تسمعها ممن
يعارضون التغيير في روسيا، والتي تقول
إنه لا يوجد زعيم قوي، وليس هناك بديل
يمكن أن يتبعه الناس. أحد مدوني موقع «رانيت» الأكثر شعبية،
وهو «أنطون نوسيك»، حطم أسطورة أخرى هي
أسطورة أهمية الوسائل التقنية للاتصال
ودورها في الأحداث السياسية. وأشار «نوسيك»
إلى أنه، في المقام الأول، يعتبر
الاعتقاد السائد بأنه من المستحيل
إقدام السلطات على إغلاق الإنترنت،
اعتقاداً خاطئاً. ففي مصر صدرت الأوامر
من جانب الحكومة، لمزودي خدمات
الإنترنت بوقف الخدمات لمدة خمسة أيام. ويعتقد «نورسيك» أن هذا هو الدرس الأهم في
أحداث في مصر، وهو أن «إغلاق الانترنت
ليس له أي تأثير في المتظاهرين. فبعد
بضعة أيام من وقف شبكة الإنترنت، كان
هناك أكثر من مليون متظاهر في ميدان
التحرير وسط القاهرة». في نهاية المطاف، من غير المرجح أن
الأحداث في مصر سيكون لها تأثير مباشر
في روسيا، ولكن السيناريو الذي شهدته
القاهرة، يمكن أن ينفذ بشكل مشابه في
اليمن أو طهران أو موسكو. فالحرية في
العالم الافتراضي تقود إلى حرية
سياسية حقيقية، وهذا يمنح الأمل
لملايين الناس الذين يتوقون إلى أن
يكونوا أحراراً. ======================== الثورة المصرية...
واحتواء الهواجس الإسرائيلية تاريخ النشر: الإثنين 21 فبراير
2011 خالد دياب صحفي وكاتب مصري الاتحاد حقق ملايين المصريين ما اعتقد كثيرون أنه
بعيد الاحتمال: تحدوا رئيسهم وفازوا.
وبعد أن قضى مبارك ثلاثة عقود زعيماً
لا منافس له لمصر، كانت نهاية نظامه،
على نحو قابل للفهم، سبباً للاحتفالات
والنشوة في مصر وعبر العالم العربي.
وفي الوقت الذي ألهمت فيه الثورة
المصرية العرب العاديين في كل مكان،
قوبلت، إلى حد بعيد بالارتياب والخوف
في إسرائيل. ولكن مع بدء موجة أمل يرن صداها عبر
العالم العربي، فمن الخطأ الكبير أن
يبقى الوضع على حاله على الجبهة
العربية- الإسرائيلية. ويقلق الإسرائيليون من أنه بدلاً من
التبشير بفجر من الديمقراطية في
الجوار، فإن الثورة التي بدأت تنتشر هي
بمثابة خريف للعلمانية. وتركز
التشبيهات المحمومة على هاجس الدولة
الدينية، وتفترض أن جماعة "الإخوان
المسلمين" المصرية سوف تشكّل رأس
حربة لثورة مضادة وتقيم دعائم السيطرة
الثيوقراطية في البلاد. وعلى رغم أنني أكره الأثر الخانق لجماعة
"الإخوان المسلمين" على المجتمع
المصري، إلا أنني أشك أيضاً في هذا
السيناريو. ففي مصر لا توجد شخصية
ثورية دينية على شكل رئيس "طائفة".
وضمن من يمكن اعتبارهم الآن "واجهة"
للثورة المصرية محمد البرادعي، الفائز
بجائزة نوبل للسلام والدبلوماسي
الدولي المخضرم والعلماني الملتزم. وإضافة إلى ذلك فإن رجال الدين السنة في
مصر، الذين طالما كانوا تابعين
للسلطات العلمانية، غير منخرطين بشكل
عام في مجال العمل السياسي، أو المشاغل
والاهتمامات المتصلة به بكافة أشكالها
وأنواعها. وهم بالتأكيد لا يتمتعون
بنفس موقع التبجيل والتأثير التي
يتمتع به رجال الدين في مذاهب إسلامية
أخرى، الذين سرعان ما تسيّسوا بعد أن
ابتعدوا لمدة قرون عن شؤون العمل
السياسي، لتعقيدات وأسباب تاريخية
يضيق المجال عن التفصيل فيها هنا. وإضافة إلى ذلك فإن المشهد الإسلامي
المصري، بمختلف أطيافه، ليس فقط
قادماً حديثاً إلى الثورة، ولكنه مكون
أيضاً، إلى حد كبير من أناس عاديين
محافظين، يأتون من صفوف المهنيين
كالأطباء والمحامين والمهندسين، وليس
بالضرورة أن يكونوا مسيسين أصوليين،
أو متطرفين. كذلك فإن مصر تختلف كثيراً عن الدول
الأخرى التي شهدت قيام الدول الدينية
على خلفية ثورية، وذلك ببساطة شديدة
لأن الثورة المصرية تأتي الآن لتبني
على تراكم تاريخي من التحديث والإصلاح
في مصر، ذات العلاقات التحديثية وثيقة
الصلة مع الغرب، والتي ستبني تجربتها
الإصلاحية اليوم على ما لا يقل عن
قرنين من تجارب التحديث والعلمانية. تبرز المخاوف الإسرائيلية بالطبع، ليس من
احتمالات أن تصبح مصر دولة ثيوقراطية،
حيث إن الثيوقراطية الصديقة تعتبر،
حسب تصوّري، مقبولة من وجهة نظر
إسرائيلية، وإنما مكمن المخاوف هو ما
إذا كان النظام الجديد سيكون أكثر
عداءً لإسرائيل التي أصبحت تشعر
بالعزلة وانعدام الأمان، في الفضاء
الإقليمي المحيط بها. ربما تكون جماعة "الإخوان المسلمين"
في مصر ضمن الجماعات المعادية
لإسرائيل. إلا أن الشك وانعدام الثقة
والكره والخوف من إسرائيل تعتبر أيضاً
خطوطاً وديباجات سياسية ثابتة في
توجهات ومواقف جميع الأحزاب في مصر،
نتيجة للتعاطف المصري والعربي المشروع
مع مأساة الفلسطينيين، وبسبب تاريخ
العدوان والإهانة الذي راكمته إسرائيل
منذ وجودها في المنطقة، والذي يفيض
بمشاعر الغضب إزاءه وجدان شعوب العالم
العربي على اتساعه. وسيعني ذلك على الأرجح أن السلام المصري/
الإسرائيلي البارد سيصبح متجمداً.
ولكن على رغم هذا التوصيف غير المتفائل
فإن البراغماتية ستسود على الأرجح،
ومن غير المحتمل أن تخاطر أية حكومة
مصرية بالتراجع عن اتفاقية السلام،
حيث أثبت الجيش المصري من خلال بلاغ
واضح ومعلن أن مصر ستحترم جميع
الاتفاقيات الخارجية القائمة. وعلى عكس منطق المخاوف والتشاؤم كان على
إسرائيل أن تنظَر إلى الثورة المصرية
ليس كتهديد وإنما كفرصة. وهنا تحديداً يحتاج الإسرائيليون إلى أن
يدركوا أن الطريق إلى أمنهم يمر ليس
عبر القاهرة وإنما عبر القدس والضفة
الغربية وغزة. وكما أظهرت الأوراق
الفلسطينية -وهي الوثائق السرية
المسربة مؤخراً- بشكل لا لبس فيه أن
القيادة الفلسطينية قدمت تنازلات
محورية في المفاوضات، إضافة إلى عدم
تجاوب إسرائيل مع مبادرة السلام
العربية، وذلك بسبب أوهام العناد
الإسرائيلي المبنية على اعتقاد خاطئ
لدى الاحتلال مؤداه أن الجبروت
العسكري يمكن أن يكون بديلاً عن السلام.
فالسلطة المبنية على الظلم ومنطق
الغطرسة والقوة العمياء، كما اكتشفت
الآن بعض النظم العربية، تتهاوى في
نهاية المطاف. وفي نظري الشخصي أن لدى المصريين ما يبرر
تصرفهم بعد الثورة إذا حافظوا على
مسافة أمان من إسرائيل. ولكن يتعين
عليهم التوقف عن تجاهل الإسرائيليين
لأن ذلك يذكي نار الخوف الشعبي بأن
العرب لا يريدون السلام مع إسرائيل،
وإنما يريدون هزيمتها وتدميرها بأي
أسلوب متاح. والأسلوب الوحيد لإبعاد
هذه المخاوف وبناء الأرضية الشعبية
الضرورية للسلام هو الانخراط في حوار
مباشرين لمعالجة كافة الملفات
الخلافية على مستوى الجذور. تستطيع الثورة المصرية أن تفتح الطريق
لعهد من الحرية في الشرق الأوسط، ولكن
حتى يتسنى عمل ذلك يتعين على العرب
والإسرائيليين أن يحطّموا قيود
التاريخ والإجحاف الخوف. ينشر بترتيب مع خدمة "كومون
جراوند" ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |